You are on page 1of 7

‫أة عصماني‬ ‫السداسي الخامس تخصص القانون العام‬ ‫سلسلة محاضرات في قانون العالقات الدولية‬

‫خامسا ـ ـ مصادر القانون الدبلوماسي‬ ‫املحاضرة السادسة‬


‫والقانون القنصلي‬
‫احملور الثاين‪ :‬مفهوم القانون الدبلوماسي‬
‫والقانون القنصلي‬

‫خامسا ـ ـ مصادر القانون الدبلوماسي والقانون القنصلي‪:‬‬

‫ال خترج مصادر القانون الدبلوماسي والقانون القنصلي عن مصادر القانون الدويل اليت ح ّددهتا‬
‫أحكام املادة ‪ 38‬من النظام األساسي حملكمة العدل الدولية ابعتبار القانونني من فروع القانون الدويل‬
‫العام‪.‬‬

‫نصت املادة ‪ 38‬من النظام األساسي حملكمة العدل الدولية على ما يلي‪1- ":‬وظيفة‬
‫احملكمة أن تفصل يف املنازعات اليت ترفع إليها وفقا ألحكام القانون الدويل‪ ،‬وهي تطبق يف هذا‬
‫الشأن‪:‬‬

‫(أ) االتفاقات الدولية العامة واخلاصة اليت تضع قواعد معرتفا هبا صراحة من جانب الدول املتنازعة‪.‬‬

‫(ب) العادات الدولية املرعية املعتربة مبثابة قانون دل عليه تواتر االستعمال‪.‬‬

‫(ج) مبادئ القانون العامة اليت أقرهتا األمم املتمدنة‪.‬‬

‫(د) أحكام احملاكم ومذاهب كبار املؤلفني يف القانون العام يف خمتلف األمم‪ ،‬ويعترب هذا أو ذاك‬
‫مصدرا احتياطيا لقواعد القانون وذلك مع مراعاة أحكام املادة ‪.59‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ 2‬ـ ال يرتتب على النص املتقدم ذكره أي إخالل مبا للمحكمة من سلطة الفصل يف القضية وفقا‬
‫ملبادئ العدل واإلنصاف مىت وافق أطراف الدعوى على ذلك‪".‬‬

‫بناء عليه تتح ّدد مصادر القانون الدبلوماسي والقانون القنصلي يف املصادر التالية‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ املصادر األصلية‪ :‬تتمثل املصادر األصلية فيما يلي‪:‬‬

‫أ ـ االتفاقيات الدولية‪:‬‬

‫تنظم العالقات الدبلوماسية والعالقات القنصلية اتفاقيات متعددة واتفاقيات ثنائية‬

‫أ‪ - 1.‬االتفاقيات املتعددة (اجلماعية)‪ :‬هي معاهدات تربم بني جمموعة من الدول موضوعها‬
‫تنظيم املسائل املتصلة بربط العالقات الدبلوماسية والعالقات القنصلية وهتدف إىل إنشاء امتيازات‬
‫وتقرير حصاانت للبعثات الدبلوماسية والبعثات القنصلية‪.‬‬

‫وهناك من املعاهدات املتعددة اليت هتدف إىل تدوين قواعد قانونية ذات أصل عريف أو تقنني‬
‫سلوكيات اعتادت الدول على السري مبقتضاها ولكن العرف قد تباطأ يف إنشائها أو هتدف إىل وضع‬
‫قواعد قانونية بشكل دائم وذلك قصد تنظيم عالقات دولية عامة وهو ما يصطلح عليه ابملعاهدات‬
‫الشارعة‪.‬‬

‫لعبت املعاهدات الشارعة دورا يف جمال تنظيم العالقات الدبلوماسية والقنصلية ويف الكشف عن‬
‫حصاانت وامتيازات البعثات الدبلوماسية والقنصلية‪ .‬حيث متكنت اجلمعية العامة هليئة األمم املتحدة‬
‫من إبرام اتفاقيتني‪:‬‬

‫‪ -‬االتفاقية األوىل اتفاقية فينا للعالقات الدبلوماسية لعام ‪.1961‬‬


‫‪1963‬‬ ‫‪ -‬االتفاقية الثانية اتفاقية فينا للعالقات القنصلية لعام‬

‫االتفاقيتان مها مثرة جهود طويلة للجنة القانون الدويل اليت أنشأت عام ‪ 1949‬وجنحت يف‬
‫إعداد مشروع تقنني شامل للقواعد العرفية اخلاصة ابلعالقات الدبلوماسية والقنصلية بعد أن فشلت‬

‫‪2‬‬
‫عصبة األمم يف الفرتة ما بني ‪ 1925‬إىل ‪ 1928‬من أجل جعل موضوع العالقات الدبلوماسية من بني‬
‫املسائل اليت ميكن حبثها بقصد تدوينها وتقنينها يف املؤمتر الذي انعقد يف الهاي عام ‪.1930‬‬

‫يذكر أن املعاهدتني قد كشفتا عن قواعد سبق أن استقرت عن طريق العرف الدويل لتضفي عليها‬
‫االتفاقيتان صفة الوضوح والدقة كما وضعت قواعد قانونية هتدف إىل تنظيم العالقات الدبلوماسية‬
‫والقنصلية بشكل دائم ومت ّكنت من حسم العديد من اخلالفات بشأهنا‪.‬‬

‫وقد كانت هناك حماوالت إلقرار بعض قواعد التمثيل الدبلوماسي والقنصلي ترجع إىل القرن ‪17‬‬
‫وتتمثل يف‪:‬‬

‫واليت أقرت قاعدة تبادل البعثات الدبلوماسية الدائمة‪ :‬فبعد‬ ‫‪1648‬‬ ‫معاهدة وستفاليا لعام‬
‫االنتقال إىل مرحلة الدبلوماسية الدائمة منذ القرن ‪ 15‬برزت احلاجة لتقنني القواعد الناظمة للعالقات‬
‫الدبلوماسية فكانت معاهدة وستفاليا اليت أخذت مببدأ التوازن األورويب أقرت تبادل البعثات‬
‫الدبلوماسية الدائمة‪.‬‬

‫اتفاقية فينا لعام ‪ :1815‬أبرمت يف إطار مؤمتر فينا وقد وضعت هذه االتفاقية أول نظام لرتتيب‬
‫املبعوثني الدبلوماسيني وحتديد أسبقيتهم فرتبت السفراء ومبعوثي البااب يف الدرجة األوىل والوزراء‬
‫واملفوضني ومن يف حكمهم يف الدرجة الثانية والقائمني ابألعمال يف الدرجة الثالثة‬

‫بروتوكول اكس الشبيل ‪ Aix la chapelle‬عام ‪ :1818‬أعقب مؤمتر فينا مؤمتر اكس‬
‫الشبيل الذي أسفر عن إبرام بروتوكول قضى إبضافة درجة رابعة هي درجة السفراء املقيمني لتأيت بعد‬
‫درجة الوزراء املفوضني وتسبق القائم ابألعمال‪.‬‬

‫تشكل اتفاقية فينا لعام ‪ 1815‬وبروتوكول اكس الشبيل ‪ 1818‬تقنني جزئي للقواعد الدبلوماسية‬
‫ابعتبارمها نظمتا مسألة األسبقية بني أعضاء البعثة إضافة إىل األحكام خلاصة برؤساء البعثات‬
‫الدبلوماسية‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫أما عن العالقات القنصلية فتم إبرام اتفاقية مجاعية اإلقليمية‪ :‬هي اتفاقية هافاان للمبعوثني‬
‫القنصليني اليت عقدت يف ‪ 20‬فرباير ‪ 1928‬بني الدول األمريكية أهم هاته االتفاقيات وأتلفت من‬
‫ديباجة و ‪ 25‬مادة‪.‬‬

‫بعد إنشاء هيئة األمم املتحدة أشرفت اجلمعية العامة هليئة األمم املتحدة على إبرام االتفاقيات‬
‫التالية‪:‬‬

‫املتعلقة ابلعالقات الدبلوماسية انضمت اجلزائر إىل اتفاقية فينا للعالقات‬ ‫‪1961‬‬ ‫اتفاقية فينا لعام‬
‫الدبلوماسية عام مبوجب املرسوم الرائسي رقم ‪ 84-64‬يف ‪ 02‬مارس ‪.1964‬‬

‫انضمت اجلزائر إىل اتفاقية فينا للعالقات القنصلية‬ ‫‪1963‬‬ ‫اتفاقية فينا للعالقات القنصلية لعام‬
‫بتاريخ ‪ 02‬مارس ‪.1964‬‬

‫اتفاقية فينا املتعلقة ابلبعثات اخلاصة املعتمدة عام ‪.1969‬‬

‫اتفاقية حول الوقاية من املخالفات املرتكبة ضد املتمتعني حبماية دولية مبا فيهم األعوان‬
‫الدبلوماسيني وقمعها املربمة عام ‪.11973‬‬

‫اتفاقية حول متثيل الدول يف عالقاهتا مع املنظمات الدولية املعتمدة عام ‪.1975‬‬

‫وخبصوص االتفاقيات اإلقليمية والثنائية فقد نصت املادة ‪ 73‬من اتفاقية فينا للعالقات القنصلية‬
‫على ما يلي‪ ":‬ليس يف هذه االتفاقية ما حيول دون عقد اتفاقيات بني الدول كتأكيد أو إكمال أو‬
‫تطوير أحكامها أو توسيع حقل تطبيقها"‪ .‬حيث أبرمت االتفاقية األوربية حول الوظائف القنصلية‬
‫املعقودة يف ابريس يف ‪ 11‬ديسمرب ‪ 1967‬تعاجل الوظائف القنصلية‪.‬‬

‫ومل تتضمن اتفاقية فينا للعالقات الدبلوماسية مثل هذا النص ولكن هذا ال مينع من إبرام اتفاقيات‬
‫إقليمية أو ثنائية تتصل بتنظيم العالقات الدولية طاملا انه ال يوجد نص صريح مينع ذلك‪.‬‬

‫انضمت اجلزائر إليها مبوجب املرسوم الرائسي رقم ‪ 289-96‬يف ‪.1996/09/02‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪4‬‬
‫أ‪ 2.‬ـ ـ االتفاقيات الثنائية‪:‬‬

‫يف احلاالت اليت يقصد هبا تعديل األحكام العامة للعالقات الدولية فان االتفاقيات الثنائية تلعب‬
‫دورا هاما وملحوظا يف إنشاء قواعد قانونية ذات صلة ابلعالقات الدبلوماسية والقنصلية‪ ،‬إذ يقتصر‬
‫دورها على تقرير تبادل التمثيل الدبلوماسي بني الدولتني أو يكون الغرض منها رفع درجة التمثيل‬
‫الدبلوماسي القائم بينها وقد يقصد من االتفاق االعرتاف للممثل الدبلوماسي أو القنصل بقدر من‬
‫احلصاانت واالمتيازات اكرب من القدر الذي تنص عليه القواعد العامة يف االتفاقيات الشارعة‪.‬‬

‫ومن بني االتفاقيات الثنائية اليت أبرمتها اجلزائر اتفاقية مع تونس املتعلقة ابلعالقات الدبلوماسية‬
‫والقنصلية بتاريخ ‪ 1963/07/26‬ونفذت ابجلزائر مبوجب املرسوم رقم ‪ 450-63‬يف ‪.1963/11/14‬‬
‫االتفاقية املربمة بني اجلزائر واملغرب وهي االتفاقية الدبلوماسية القنصلية املربمة يف ‪ 15‬مارس ‪1963‬‬
‫دخلت حيز النفاذ مبوجب املرسوم الرائسي رقم ‪ 116-63‬املؤرخ يف ‪ 17‬ابريل ‪.1963‬‬

‫كما ينبغي اإلشارة إىل أمهية االتفاقيات اليت تربمها املنظمات الدولية خبصوص تقرير حصاانت‬
‫مقراهتا وموظفيها وتعرف ابتفاقيات املقر حيث تعد مرجعا هاما لدراسة احلصاانت واالمتيازات‬
‫الدبلوماسية ابلنسبة للمنظمات الدولية‪.‬‬

‫بناء عليه تكون االتفاقيات الدولية من املصادر األصلية لتنظيم قواعد العالقات الدبلوماسية‬
‫والقنصلية إىل جانب مصادر أخرى كالعرف الدويل‪.‬‬

‫ب ـ ـ العرف الدويل‪:‬‬

‫حىت وقت قريب كانت القواعد اليت حتكم العالقات الدبلوماسية والقنصلية قواعد يف جمملها عرفية‬
‫إضافة إىل التقاليد القائمة بني الدول‪ ،‬وتصدر القاعدة العرفية عن عدد من املواقف تسمى السوابق مث‬
‫يصبح هذا السلوك قاعدة معرتف هبا نتيجة حاجة اجملتمع الدويل إلعماهلا وااللتزام أبحكامها‪.‬‬

‫وإذا كان القانون الدبلوماسي والقنصلي ولفرتة طويلة قانونني عرفني فان هذا الوضع بدأ يتغري‬
‫تدرجييا وذلك منذ اتفاقية فينا ‪ 1815‬وبروتوكول اكس الشبيل ‪ 1818‬فكانت هناك مبادرات لتدوين‬
‫القانون الدبلوماسي فكانت البداية بضبط التسلسل اهلرمي ألعضاء السك الدبلوماسي‪ ،‬وبعد التوقيع‬

‫‪5‬‬
‫على اتفاقييت فينا للعالقات الدبلوماسية والقنصلية أصبح كل من القانون الدبلوماسي والقنصلي‬
‫قانونني مدونني ذا أصل عريف‪ ،‬وهذا ال يعين إقصاء دور العرف كمصدر أساسي من مصادر القانون‬
‫الدبلوماسي والقنصلي‪ .‬وهو ما أقرته ديباجة اتفاقية فينا لعام ‪ 1961‬جاء فيها"‪...‬وإذ تؤكد ضرورة‬
‫استمرار قاعد القانون الدبلوماسي العريف يف تنظيم املسائل اليت تنظما صراحة أحكام هذه االتفاقية"‬
‫ويذكر أن اتفاقية ‪ 1963‬للعالقات القنصلية واتفاقية البعثات اخلاصة لسنة ‪ 1969‬تبنت نفس الصياغة‬
‫يف ديباجتها‪.‬‬

‫ج ـ املبادئ العامة للقانون‪:‬‬

‫تواجه الدول يف إطار ربط عالقاهتا الدبلوماسية والقنصلية مسائل ال جتد هلا حال يف أحكام‬
‫االتفاقيات ذات الصلة وكذا القواعد العرفية الدولية فيلجأ إىل االعتماد على املبادئ العامة‬
‫للقانون املبنية على فكرة العدالة واإلنصاف‪ ،‬من بني أهم تلك املبادئ‪ :‬مبدأ املساواة يف السيادة‬
‫بني الدول‪ ،‬مبدأ عدم التدخل يف الشؤون الداخلية للدول‪ ،‬مبدأ حل املنازعات الدولية ابلطرق‬
‫السلمية‪ ،‬مبدأ حسن النية يف تنفيذ االلتزامات الدولية‪ ،‬مبدأ املعاملة ابملثل إىل غري ذلك من‬
‫املبادئ املقررة واملعمول هبا يف القانون الدويل‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ املصادر االحتياطية‪ :‬تتمثل املصادر االحتياطية أو ما يصطلح عليه أيضا ابملصادر التفسريية يف‬
‫األيت‪:‬‬

‫أ ـ أحكام احملاكم‬

‫تش ّكل أحكام احملاكم خاصة تلك الصادرة عن حمكمة العدل الدولية أو هيئات التحكيم‬
‫الدولية مصدرا تفسرياي للقانون الدبلوماسي والقنصلي فللدولة عرض منازعاهتا املتصلة بعالقاهتا مع‬
‫دولة أخرى أمام حمكمة العدل الدولية أو هيئة التحكيم الدولية كما وللمحكمة أن تصدر أراء‬
‫استشارية تفسر فيها قواعد العالقات الدولية الدبلوماسية أو القنصلية فتحدد اجلهة اليت خرقت‬
‫االلتزام الدويل وتقرر التعويض على الدولة اليت تسببت يف إحلاق ضرر ابلدولة األخرى‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫ب ـ مذاهب كبار املؤلفني‪:‬‬

‫تش ّكل آراء ومواقف فقهاء القانون الدويل مصدرا تفسرياي ألحكام وقواعد القانون‬
‫الدبلوماسي والقنصلي وقد ساهم فقهاء القانون الدويل آبرائهم ومواقفهم يف توضيح األحكام الغامضة‬
‫وتطوير القواعد الناظمة للوظيفة الدبلوماسية والقنصلية‪.‬‬

‫إن قواعد العالقات الدبلوماسية والقنصلية املقررة سواء يف االتفاقيات الدولية أو األعراف‬
‫الدولية تبقى قابلة للتطور تبعا لتطور العالقات الدولية خاصة يف ظل التطور التكنولوجي والتقين‬
‫احلايل‪.‬‬

‫‪7‬‬

You might also like