Professional Documents
Culture Documents
4 5980855806378115582
4 5980855806378115582
مادة الحسبة
كلية الدعوة واالحتساب
المستوى الخامس
الدكتور :خالد بن راشد العبدان
إعداد /الباحثة
اضر ِ ِ
ات﴾ ﴿ف ْه ِر ُ
س ال ُْم َح َ َ
1
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
المحاضرة األولى
أركاف اغبسبة -1 :ا﵀تسب -2 ،وا﵀تسب عليو -3 ،وا﵀تسب فيو -4 ،واالحتساب ذاتو.
الركن األوؿ :وىو ا﵀تسب فبل ىبفى على اعبميع أف تعريف ا﵀تسب
لغة ىو" :طالب األجر" أو "اؼبنكر" بكسر الكاؼ.،
أمرا باؼبعروؼ وهنيًا عن اؼبنكر
أما ُب االصطبلح " :موظف ـبتص من قبل الدولة يقوـ دبراقبة أفعاؿ األفراد وتصرفاهتم؛ لصبغها بالصبغة اإلسبلمية ً
وفقاً ألحكاـ الشرع وقواعده "
أيضا ا﵀تسب الوايل ،ويتبُت ذلك ُب عدة أمور:
وىناؾ فرؽ بُت ا﵀تسب الرظبي وا﵀تسب اؼبتطوع ويسمى ا﵀تسب الرظبي ً
األوؿ :أف االحتساب فرض متعُت على الوايل؛ ألنو موىل بذلك من قبل اإلماـ ،أما اؼبتطوع فاألمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر ُب حقو واجب
كفائي إذا قاـ بو من يكفي سقط عنو ،وإف مل يوجد آمر تعُت عليو.
والثاين :من الفروؽ بُت ا﵀تسب الرظبي وا﵀تسب اؼبتطوع :أف ىذه اؼبهمة بالنسبة للمحتسب الوايل هبب أف تكوف شغلو الشاغل ،فبل هبوز لو أف
يشتغل عنها بأموره اػباصة ويضعها ُب الدرجة الثانية ،بل عليو أف هبعلها البادئة على كل األمور اػباصة والعامة ،بينما هبوز للمتطوع أف يشتغل عنها
بأموره وحاجاتو ومصاغبو؛ ألف ىذا األمر ُب حقو واجب كفائي.
الثالث :من أعظم أعماؿ وايل اغبسبة أنو منصوب من قبل اغباكم لبلستعداء إليو؛ يعٍت طلب اإلنكار منو فيما هبب إنكاره من اؼبنكرات الظاىرة،
أما اؼبتطوع فليس من شأنو ذلك.
الرابع :أف وايل اغبسبة إذا بلغتو الشكوى أو االستعداء وجب عليو أف هبيب من استعداه لرفع الظلم ،أو دفع وقوعو ،خببلؼ اؼبتطوع فليس ذلك
واجبًا عليو.
اػبامس :أف وايل اغبسبة لو أف يبحث ويفحص عن اؼبنكرات الظاىرة؛ ليصل إىل إنكارىا ،وما يًتؾ من معروؼ ليأمر بإقامتو ،وليس على اؼبتطوع
حبث أو رب ٍر ،بل يشرع ُب حقو االحتساب فيما يراه بطريق الصدفة.
السادس :أف لوايل اغبسبة أف يتخذ األعواف والنواب يساعدونو فيما يعز عليو القياـ بو دبفرده؛ ألنو بازباذىم أقوى وأقدر وأقبح ،وليس ؼبتطوع أف
يندب لذلك أعوانًا.
وصوال إىل ربقيق مهمتو أف يعزر دبا يرى من لوـ أو تعنيف أو حبس أو ضرب من يقًتؼ منكراً ظاىراً ،وذلك حبسب ما
السابع :هبوز لوايل اغبسبة ً
ىبوؿ لو من الصبلحيات من قبل ويل األمر ُب حُت أف اؼبتطوع ليس لو ذلك.
الثامن :هبوز أف يقدر لوايل اغبسبة رزؽ من بيت اؼباؿ على حسبتو ولتفرغو ؽبذه اؼبهمة وإعطاءىا جل أوقاتو ،أما اؼبتطوع فبل هبوز لو أف يرتزؽ على
احتسابو.
التاسع :من حق وايل اغبسبة أف هبتهد رأيو فيما يتعلق دبا يقضي بو العرؼ ،وتوجيو التقاليد اؼبألوفة واؼبعتربة ُب نظر الشرع ،كاؼبقاعد ُب األسواؽ
والطرقات وكبو ذلك فبا تقضي مراعاتو إىل عدـ اإلضرار باؼبارة وأرباب اؼبصاحل ،فيقر أو ينكر ما أداه إليو اجتهاده وليس ىذا للمتطوع .شروط
ا﵀تسب ،وىي ضرباف أي نوعاف:
نوع من الشروط متفق عليها ،ونوع من الشروط ـبتلف فيها.
فأما اؼبتفق عليها فمنها:اإلسبلـ ،والتكليف ،واغبرية ،والذكورية ،والعلم بأحكاـ الشرع ،والعلم باؼبنكرات الظاىرة ،والقوة والصرامة ُب الدين.
الشرط األوؿ :وىو اإلسبلـ فبل ىبفى عليكم أنو ال هبوز أف يتوىل اغبسبة كافر؛ ألف ىذه الوالية نصرة للدين والكافر ليس من أىلها ألنو عدو للدين
ُت َسبِ ًيبل ﴾ .ِِ ِ ِ
وجاحد ألصلو ،وألهنا ضرب من الوالية وال والية لكافر على مسلم ،فقد قاؿ ا﵁ تعاىل َ ﴿ :ولَن َْهب َع َل اللَّػوُ ل ْل َكاف ِر َ
ين َعلَى الْ ُم ْؤمن َ
2
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
الشرط الثاين :الذكورية ،فبل هبوز أف تلي اؼبرأة حسبة بلد ،ألهنا والية من الواليات ،واؼبرأة ال تتوىل شيئاً منها لقوؿ الرسوؿ ( لن يفلح قوـ ولوا
أمرىم امرأة ) وألف اؼبرأة ال يتأتى منها أف تربز إىل آّالس ،وال أف زبالط الرجاؿ ،وال تفاوضهم مفاوضة النظَت للنظَت ،كما ال يتصور منها الغلظة
واؽبيبة والقوة اليت ىي من أبرز ظبات ا﵀تسبُت.
وقد ذكر الكتاين أف عمر بن اػبطاب وىل الشفاء األنصارية حسبة أحد األسواؽ ،ولكن ىذه القصة كذّٔا ابن العريب ُب تفسَته فقاؿ " :وقد
روي عن عمر أنو قدـ امرأة على حسبة السوؽ ولن يصح وال يلتفت إليو فهو من دسائس اؼببتدعة ُب األحاديث ".
وابن حزـ – رضبو ا﵁ – حينما ذكرىا ُب ا﵀لى مل يسندىا على خبلؼ صنيعو ،وىذا يدؿ على عدـ صحتها ،ومن الناحية اؼبوضوعية فهي غَت
سليمة ؼبخالفة اغبديث ( لن يفلح قوـ ولوا أمرىم امرأة ) وألف عمر – – عرؼ بشدة غَتتو وىو صاحب فكرة اغبجاب ُب اإلسبلـ فيبعد أف
الشرط يفعل ذلك وقد ألزـ النساء بأف يسَتوا على جوانب الطريق فكيف يويل امرأة والية تدعوىا إىل االختبلط مع الرجاؿ ومزاضبتهم؟
الثالث:التكليف إذ أف غَت اؼبكلف ال يتوجو إليو أمر وال هني وال وبسن تصريف نفسو فكيف يوىل تصريف أمور اؼبسلمُت ُب أسواقهم ومبيعاهتم
وأعماؽبم؟
الشرط الرابع :أف يكوف عاؼبا بأحكاـ الشرع فيما يأمر بو وفيما ينهى عنو؛ ألف اؼبقياس ُب اغبسن والقبح ىو ما ورد عن الشارع وال مدخل للعقوؿ
ً
ُب ذلك إال بنور من كتاب ا﵁ وسنة نبيو ، واعباىل بأحكاـ اإلسبلـ هبره جهلو إىل ربسُت الشيء وىو قبيح ُب نظر الشرع ،وتقبيح الشيء وىو
حسن ُب نظر الشرع وىذا خطأ عظيم ومصيبة كبَتة .إذا وقعت من الدنباء والسوقة فإذا وقعت من شخص نصبو اغباكم إلقامة شرع ا﵁ وضبل
خطرا وأكرب مصيبةً بل كاف أمراً يُنبئ عن غربة الدين.
الناس عليو كاف ذلك أعظم ً
حرا؛ ألف العبد وقتو لسيده يستهلكو ُب خدمتو ،وتربية مالو ،وقضاء حوائجو ،فبل يبقى بعد ذلك وقت يكفي للنظر ُب
الشرط اػبامس :أف يكوف ً
أىبل لتوليتو ىذا اؼبنصب اػبطَت؛ لنقصو بالرؽ حيث يغض من
أمر ىذه الوالية ،السيما وىي ربتاج إىل جهد كبَت وتفرغ كاملٍ ،ب إف العبد ليس ً
شأنو عند عامة الناس فبل يهابونو كما يهابوف اغبر ،مع ما وبتمل من تسلط سيده عليو ومنعو من مزاولة عملو كما ينبغي ،أو ضبلو على التساىل ُب
حقوؽ البعض ،والشدة ُب حقوؽ اآلخرين ،لغرض شخصي أو عداوة قائمة ،وكما ال هبوز أف يتوىل الرقيق القضاء فبل هبوز أف يتوىل اغبسبة ،ألف
الشرط السادس :أف شبها بو..
نوعا منو وؽبا ً
فيها ً
يكوف ذا رأي وصرامة وقوة ُب الدين ،وذلك ألف اغبسبة تقوـ على الغلظة والشدة مع سرعة الفصل ،وال يقوـ بذلك إال من كاف ذا رأي صائب
وعقل راجح وحزـ سديد ،وسبسك شديد بتعاليم الشريعة ،وتطبيق تاـ ألوامر ا﵁ ونواىيو ال يفرؽ بُت صغَت وكبَت ،وقريب وبعيد ،وأمَت وحقَت ،وغٍت
وفقَت ،وأسود وأضبر وإمبا هبري أحكاـ ا﵁ على الكل وال فرؽ ،وإال تطاوؿ العصاة ،وظهر الفساد ،واستفحل اػبطر ،وصعب األمر وذلك ألف
النفوس اؼبريضة ال ترعوي إال ربت قوارع العقوبة وسياط العذاب ،و ا﵁ ليزع بالسلطاف ما ال يزع بالقرآف.
فكثَتا ما
الشرط السابع :أف يكوف عاؼبًا باؼبنكرات الظاىرة ،ذا معرفة بأساليب الفسقة وطرؽ فسقهم ،وحبيل الغشاشُت واؼبدلسُت وضروب مكرىمً ،
كثَتا ما يقع الناس فريسة ألرباب الغش واػبداع ،فيأكلوف أمواؽبم بالباطل بصورة
يعمد اؼبفسدوف إىل تغيَت أظباء األشياء مع بقاء اغبقيقة واؼباىية ،و ً
تبعا لتغَت شكلو أو اظبو أو ألنو مل يره من قبل بينما ىو من
حبلال طيبًا ً
زبفى على غالب الناس ،وأعظم من ذلك قد يرى اإلنساف الشيء فيحسبو ً
ساذجا فإف ذلك فبا يفسح آّاؿ للمفسدين ُب
جاىبل أو ً
اػببائث ،فإذا كاف الوايل عارفًا بذلك ُسهل عليو تعقب آّرمُت ومعاقبتهم ،أما إذا كاف ً
األرض أف يعلنوا فسادىم وعلى مرأى من ا﵀تسب ومسمع منو .
الشرط الثاين :االجتهاد وىناؾ شرطاف ـبتلف فيهما :الشرط األوؿ :العدالة
الشرط األوؿ :العدالة .و كاف لبعض العلماء فيها قوالف:
عدال.
القوؿ األوؿ :وفبن قاؿ بو اؼباوردي الشافعي ،وأبو يعلى الفراء من اغبنابلة يشًتط ُب وايل اغبسبة أف يكوف ً
عدال بل يرى جواز إسناد اغبسبة إىل الفاسق.
والقوؿ الثاين :قاؿ الغزايل والقرطيب وغَتنبا أنو ال يشًتط ُب وايل اغبسبة أف يكوف ً
3
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
4
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
بينما يوجد من ذبتمع فيهم الصفات اؼبطلوبة مع اقًتافهم بعض الصغائر ،فهؤالء وال شك أوىل بذلك لتحقيق اؼبصلحة اؼبرجوة من وراء ىذه الوالية،
وردبا يكوف اغباكم ُب البلدة أو وايل الشرطة قد أسندت إليو اغبسبة إضافة إىل عملو ،فهل كبكم بأنو ال هبوز ذلك وبعدـ أىليتو للحسبة ولبلي البلد
من األمر القهري باؼبعروؼ والنهي اغباسم عن اؼبنكر.
وشهد أبو أضبد عن الرجلُت يكوناف أمَتين ُب الغزو ،أحدنبا قوي فاجر واآلخر صاحل ضعيف مع أيهما يغزي؟ فقاؿ :أما الفاجر القوي فقوتو
للمسلمُت وفجوره على نفسو ،وأما الصاحل الضعيف فصبلحو لنفسو وضعفو على اؼبسلمُت فيغزي مع القوي الفاجر ".
أحدا مع
وال يعزب عن أذىاننا أف اغباكم ال بد لو أف يبحث عن األصلح فاألصلح فبن يرجى منهم القياـ ّٔذه الوالية على وجو اؼبطلوب ،فبل يويل ً
وجود كفء أصلح منو لكونو قد طلب الوالية أو سبق بالطلب أو ألجل والء أو صداقة أو موافقة ُب بلد أو مذىب أو لطريقة أو عبنس أو منفعة
من اؼبنافع أو لضغن ُب قلبو على األحق أو لعداوة بينهما ،فإف فعل ذلك فقد خاف ا﵁ ورسولو واؼبؤمنُت .روى اإلماـ أضبد ُب إسناده عن يزيد بن أيب
سفياف قاؿ (:قاؿ أيب بكر – حُت بعث يب إىل الشاـ :يا يزيد إف لك قرابة عسيت أف تؤثرىم باإلمارة ،وذلك أكرب ما أخاؼ عليك ،فإف رسوؿ
عدال حىت يدخلو جهنم .ومن أعطى
أحدا ؿباباةً فعليو لعنة ا﵁ ،ال يقبل ا﵁ منو صرفًا وال ً
ا﵁ قاؿ :من ويل من أمر اؼبسلمُت شيئًا فأمر عليهم ً
أحدا ضبى ا﵁ فقد انتهك ُب ضبى ا﵁ شيئًا بغَت حقو فعليو لعنة ا﵁ ،أو قاؿ :تربأت منو ذمة ا﵁ ).
ً
رجبل ؼبودة أو قرابةً بينهما فقد خاف ا﵁ ورسولو واؼبسلمُت )
وروي عن عمر بن اػبطاب – – أنو قاؿ ( :من ويل من أمر اؼبسلمُت شيئًا فوىل ً
وإذا وصل األمر النعداـ من يصلح للوالية فعلى اغباكم أف ىبتار األمثل فاألمثل وإذا فعل ذلك بعد االجتهاد والتحري فقد برأت ذمتو إذ إنو ال يبكن
ف اللَّػوُ نػَ ْف ًسا إَِّال ُو ْس َع َها ﴾ ويقوؿ ﴿فَاتػَّ ُقوا اللَّػوَ َما ْ
استَطَ ْعتُ ْم ﴾ . إال ذلك وا﵁ تعاىل يقوؿ َ ﴿ :ال يُ َكلّْ ُ
الشرط الثاين :ىو االجتهاد
ؾبتهدا ُب أحكاـ الشريعة ليجتهد رأيو فيما يعن لو فبا ىو ـبتلف فيو ،وهبوز لو على ىذا أف وبمل الناس
حيث ذكروا أنو هبب أف يكوف وايل اغبسبة ً
على رأيو واجتهاده فيما اختلف فيو الفقهاء من اؼبنكرات وذىب آخروف إىل أنو ال يُشًتط ذلك بل يكفي فيو أف يكوف عارفًا باؼبنكرات وما شرع
فيها من أحكاـ مع إؼبامو دبا تعارؼ عليو الناس ُب شئوهنم وأحواؽبم وقيمة ىذه األعراؼ ُب نظر الشرع ،وعلى ىذا فليس لو أف وبمل الناس على
رأيو واجتهاده فيما اختلف فيو ،وىذا ىو الظاىر؛ ألف االجتهاد حق فبا كاف أىل لو من الكافة ،وضبلهم على مذىب معُت فيو حرماف ؽبم من ىذا
آداب اغبق.
ا﵀تسب:
مثبل أعلى وقدوة حسنة للناس ؼبا يتمتع بو من
فبجانب الشروط اؼباضية يستحب لوايل اغبسبة أف يتأدب باآلداب العالية واألخبلؽ الرفيعة وأف يكوف ً
مركز عظيم وما أسند إليو من أعماؿ شريفة ،ولتكوف دعوتو مقبولة مثمرة مؤدية الغرض اؼبقصود منها ومن ىذه اآلداب :
األوؿ :أف يقصد بعملو وجو ا﵁ وابتغاء مرضاتو وىذا ىو اإلخبلص فبل يبايل ُب سبيل إقامة اؼبعروؼ وإزالة اؼبنكر بغض الناس وسخطهم عليو
أو رضاىم عنو وإعجأّم بو فإف ا﵁ تعاىل ال يقبل من األعماؿ إال ما أريد بو وجهو وحده كما ُب الصحيح عن النيب ( )قاؿ ( :قاؿ ا﵁ تبارؾ
عمبل أشرؾ فيو معي غَتي تركتو وشركو ) ويقوؿ الرسوؿ ( ( : )من أرضى الناس بسخط ا﵁ وكلو
وتعاىل :أنا أغٌت الشركاء عن الشرؾ ،من عمل ً
ا﵁ إىل الناس ،ومن أسخط الناس برضا ا﵁ كفاه ا﵁ مؤنة الناس ).كما هبب أف يقطع طمعو من الناس و رغبتو فيما عندىم من ماؿ أو جاه ليكوف
معتدال فيميز األشياء على حقيقتها بدوف أي اعتبار آخر وبذلك يرتفع عن مداىنة العصاة وفباألهتم ؼبا يرجوه من معروفهم أو ؼبا قد
ؾبردا ً
نظره ً
أسد وه إليو من نعمة ومن طمع أف تكوف قلوب الناس راضية عليو وألسنتهم بالثناء عليو مطلقة مل تتيسر لو اغبسبة ،ومن مل يقطع الطمع من اػبلق مل
يقدر على اغبسبة .قاؿ كعب األحبار أليب مسلم اػبوالين " :كيف منزلتك بُت قومك؟ قاؿ حسنة ،قاؿ :إف التوراة تقوؿ إف الرجل إذا أمر
باؼبعروؼ وهنى عن اؼبنكر ساءت منزلتو عند قومو ،قاؿ أبو مسلم :صدقت التوراة وكذب أبو مسلم" ومثل ذلك أف يرتفع بنفسو عن اػبصومات
الشخصية اليت تقع بينو وبُت الناس فبل يستغل مركزه وسلطتو ُب النيل من خصومو ومعارضيو ُب أموره اػباصة فإف ذلك سوء ُب النية وخبث ُب الطبع
5
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
وينبئ عن ضعف اإليباف؛ حيث جعل األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر مطية لو وبقق بواسطتها أغراضو والرسوؿ ( )يقوؿ ( إمبا األعماؿ بالنيات
وإمبا لكل امرئ ما نوى ،فمن كانت ىجرتو ﵁ ورسولو فهجرتو ﵁ ورسولو ،ومن كانت ىجرتو لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرتو إىل ما ىاجر إليو
)
عامبل دبا يأمر بو الناس منتهيًا عن ما ينهاىم عنو ،فقد ذـ ا﵁ اليهود حُت أمروا الناس بالرب واػبَت مع عدـ فعلهم لو حيث األدب الثاين :أف يكوف ً
نس ْو َف أَن ُف َس ُك ْم َوأَنتُ ْم تَػْتػلُو َف الْكِتَاب أَفَ َبل تَػ ْع ِقلُو َف ﴾ قاؿ أىل التأويل اؼبخاطب ُب ىذه اآلية ىم علماء اليهود ،قاؿ قاؿ ﴿ :أَتَأْمرو َف الن ِ ِ
َّاس بالْ ّْرب َوتَ َ
َ ُُ
ابن عباس -رضي ا﵁ عنهما " : -كاف يهود اؼبدينة يقوؿ الرجل منهم لصهره ولذي قرابتو وؼبن بينو وبينهم رضاع من اؼبسلمُت أثبت على الذي أنت
ؿبمدا ( " )فإف أمره حق" فكانوا يأمروف الناس بذلك وال يفعلونو .وعن ابن عباس – رضي ا﵁ عنهما –
عليو وما يأمرؾ بو ىذا الرجل يريد بذلك ً
كاف األحبار يأمروف مقلديهم وأتباعهم باتباع التوراة وكانوا ىبالفوهنا ُب جحدىم صفة ؿبمد ( ،)وقاؿ ابن جرج" :كاف األحبار وبثوف على
ـبربا عن شعيب – عليو السبلـ -حُت دعا قومو إىل عبادة ا﵁ وهناىم عن خبس اؼبكاييل واؼبوازين الصدقة ويبخلوف " واؼبعٌت متقارب .وقاؿ ا﵁ تعاىل ً
يد إَِّال ِْ اؿ يا قَػوِـ أَرأَيػتم إِف ُكنت علَى بػيّْػن ٍة ّْمن َّرّْيب ورزقٍَِت ِمْنو ِرزقًا حسنا وما أُ ِريد أَ ْف أ ِ
استَطَ ْعت
ص َبل َح َما ْ
اإل ْ ُخال َف ُك ْم إِ َ ٰىل َما أَنْػ َها ُك ْم َعْنو إِ ْف أُ ِر ُ
َ ََ ُ ُ ْ َََ ُ َ ٰ ََ ﴿ قَ َ َ ْ َ ُْ ْ
يب ﴾وروى مسلم ُب صحيحو عن أسامة بن زيد – رضي ا﵁ عنهما – أنو قاؿ ظبعت رسوؿ ا﵁ () وما تَػوفِ ِيقي إَِّال بِاللَّػو علَي ِو تَػوَّك ْل ِ ِ ِ
ت َوإلَْيو أُن ُ َْ َ ُ ََ ْ
يقوؿ (:يؤتى بالرجل يوـ القيامة فيلقى ُب النار فتندلق أقتاب بطنو (واالقتاب ىي األمعاء)؛ فيدور ّٔا كما يدور اغبمار بالرحى فيجتمع إليو أىل
النار فيقولوف يافبلف مالك أمل تكن تأمر باؼبعروؼ وتنهى عن اؼبنكر؟ فيقوؿ :بلى كنت آمر باؼبعروؼ وال آتيو وأهنى عن اؼبنكر وآتيو).وإمبا كاف
ذلك ألنو كاؼبستهُت حبرمات ا﵁ تعاىل اؼبستخف بأحكاموٍ ،ب إف أمره غَته دبا ال يأسبر بو وإنكاره ما ال يرتدع عنو مستقبح ،وُب الغالب يكوف ذلك
ّٓانُت وإف ىم :إف ً
قوما يأمروف بالذي ال يفعلوف سببًا ُب إغراء الناس بعدـ االمتثاؿ ،بل إىل توجيو السخرية منو واللوـ لو واإلنكار عليو وُب ذلك يقوؿ القائل
وقاؿ أبو العبلء اؼبعري : مل يكونوا يصػػرعوف
وأوصى بعض السلف فقاؿ ( :إذا أراد أحدكم أف يأمر باؼبعروؼ فليوطن نفسو على الصرب ،وليثق بالثواب من ا﵁ تعاىل؛ فمن وثق بالثواب من ا﵁
مل هبد مس األذى ).
األدب اػبامس :أف يكوف صادؽ الكلمة ،يعٍت ما يقوؿ ،بأال يطلق الكلمات والتوعدات جزافًا ،دوف نظر وتدبر ،فإذا جاء التطبيق زبلف العمل عن
القوؿ؛ ألنو بذلك يسقط قدره عند الناس ،ويهوف خطره على العصاة ،ولو توعد أو هتدد مل يلتفتوا إليو ومل يسمعوا كلمتو ،وُب ىذا سقوط ىيبتو،
وجرأة الناس عليو وعلى أعوانو ،وتشجيع ؽبم على تعدي حدود ا﵁ ،وفتح ّٓاؿ الشفاعات ُب حق اؼبسرفُت وطلب العفو عنهم ،وىو أمر ؿبرـ ولو
األدب عواقبو الوخيمة وأبعاده اػبطَتة.
السادس :أف يكوف حسن اػبلق ،فيتحلى بلُت اعبانب ،وطبلقة الوجو ،وطيب الكلمة؛ ألنو إذا كاف كذلك سهل عليو النفوذ إىل قلوب العامة
ليحملهم على امتثاؿ أمره ،واجتناب هنيو ،وقبوؿ دعوتو ،وقد ضرب الرسوؿ ( )أعظم األمثاؿ ُب حسن خلقو ولُت جانبو وصبيل منطقو عن
يوما غباجة ،فقلت وا﵁ ال أذىب ،وُب نفسي أف أذىب ؼبا أمرين بو نيب ا﵁
أنس قاؿ ( :كاف رسوؿ ا﵁ ( )أحسن الناس خل ًقا ،فأرسلٍت ً
( ،)فخرجت حىت أمر على صبياف وىم يلعبوف ،فإذا رسوؿ ا﵁ ( )قد قبض بقفاي من ورائي قاؿ :فنظرت إليو وىو يضحك فقاؿ :يا أنيس
أذىبت حيث أمرتك؟ قاؿ :قلت نعم أنا أذىب يا رسوؿ ا﵁ ،قاؿ أنس :وا﵁ لقد خدمتو تسع سنُت ما علمتو قد قاؿ لشيء صنعتو ؼبا فعلت كذا
ِ ِ
وكذا؟ أو لشيء تركتو ىبل فعلت كذا وكذا ) ولنا ُب رسوؿ ا﵁ ( )أعظم قدوة ،وأعلى مثل كما قاؿ تعاىل ﴿ :قَ ْد َكا َف لَ ُك ْم ُِب َر ُسوؿ اللَّػو أ ْ
ُس َوةٌ
َح َسنَةٌ لّْ َمن َكا َف يػَْر ُجو اللَّػوَ َوالْيَػ ْوَـ ْاآل ِخَر َوذَ َكَر اللَّػوَ َكثِ ًَتا﴾
األدب السابع :أف يكوف مواظبًا على سنن الرسوؿ ( )من قص الشارب ،ونظافة الثياب ،وتقليم األظافر ،والتعطر بالطيب ،وبعبارة أخرى أف
مقبوال مرغوبًا فيو .حكي
يكوف ُمتحليًا باؼبستحبات الشرعية زيادة على أدائو للواجبات والفرائض .فإف ذلك يضفي عليو الوقار والنور ،فبا هبعل قولو ً
رجبل حضر عند السلطاف ؿبمود بن سبكتكُت يطلب اغبسبة ؼبدينة غزنة ،فنظر السلطاف فرأى شاربو قد غطى فاه من طولو ،وأذيالو تسحب
أف ً
على األرض ،فقاؿ لو يا شيخ ،اذىب فاحتسب على نفسك ٍب عد واطلب اغبسبة على الناس.
ومن اآلداب اؼبهمة ُب حق ا﵀تسب األناة والتثبت ،وعدـ األخذ بالظنوف؛ وقد حث القرآف الكرًن على التبُت وأخذ اغبيطة قبل الشروع ُب عملية
ِ ٍ ِ ِ َّ ِ
قاؿ ابن ين َآمنُوا إِف َجاءَ ُك ْم فَاس ٌق بِنَبَإٍ فَػتَبَػيَّػنُوا أَف تُصيبُوا قَػ ْوًما ِبَ َهالَة فَػتُ ْ
صبِ ُحوا َعلَ ٰى َما فَػ َعلْتُ ْم نادمُت ﴾ اإلنكار ،قاؿ ا﵁ تعاىل ﴿ يَا أَيػُّ َها الذ َ
كثَت – رضبو ا﵁ – ( يأمر ا﵁ تعاىل بالتثبت ُب خرب الفاسق؛ ليحتاط لو لئبل وبكم بقولو ،فيكوف ُب نفس األمر كاذبًا أو ـبطئًا ،وقد هنى ا﵁
ظاىرا للعياف يسوغ االحتساب عليو ،أما أف يهتم ا﵀تسب باإلنكار
عن اتباع سبيل اؼبفسدين ).إف التثبت والتأكد من ربقق وجود اؼبنكر ووقوعو ً
على منكر مل يقع بعد ،أو يظن وجوده ،فإف ىذا يُوقع ُب أضرار وـباطر كثَتة ،بل قد يًتتب عليو وقوع مفاسد كثَتة ،وقد جاءت الشريعة ِبلب
اؼبصاحل ودرء اؼبفاسد ،وعلى ىذا اؼبعٌت التزـ فاروؽ اإلسبلـ عمر بن اػبطاب دبا أشيع عن اؼبغَتة بن شعبة فقد ذكر اغبافظ بن كثَت – رضبو
ا﵁ – قصة عجيبة ملخصها أف امرأة كاف يقاؿ ؽبا أـ صبيل بنت األفقم من نساء بٍت عامر بن صعصعة ويقاؿ من نساء بٍت ىبلؿ ،و كاف زوجها
من ثقيف قد تُوُب عنها ،و كانت تغشى نساء األمراء واألشراؼ ،وكانت تدخل على بيت اؼبغَتة بن شعبة وىو أمَت البصرة ،وكانت دار اؼبغَتة ذباه
دار أيب بكرة ،وكاف بينهما الطريق ،وكاف ُب دار أيب بكرة كوة تشرؼ على كوة ُب دار اؼبغَتة ،وكاف ال يزاؿ بُت اؼبغَتة وبُت أيب بكرة شنئاف ،فبينما
أيب بك رة ُب داره وعنده صباعة يتحدثوف ُب العلية ،إذ فتحت الريح باب الكوة ،فقاـ أبو بكرة ليغلقها ،فإذا كوة اؼبغَتة مفتوحة ،وإذا ىو على صدر
امرأة وبُت رجليها ،وىو هبامعها ،فقاؿ أبو بكرة ألصحابو تعالوا فانظروا إىل أمَتكم يزين بأـ صبيل ،فقاموا فنظروا إليو وىو هبامع تلك اؼبرأة ،فقالوا أليب
بكرة ومن أين قلت أهنا أـ صبيل ،وكاف رأسانبا إىل اعبانب اآلخر ،فقاؿ انتظروا ،فلما فرغا قامت اؼبرأة ،فقاؿ أبو بكرة ىذه أـ صبيل ،فعرفوىا فيما
أمَتا على
يظنوف ،فلما خرج اؼبغَتة وقد اغتسل ليصلي بالناس منعو أبو بكرة أف يتقدـ وكتبوا إىل عمر ُ ب ذلك فوىل عمر أبا موسى األشعري ً
ائرا ،وال جاء إال أمَتاٍ ،ب قدـ أبو موسى على الناس وناوؿ
تاجرا وال ز ً
البصرة وعزؿ اؼبغَتة ،فسار اىل البصرةفقاؿ اؼبغَتة :وا﵁ ما جاء أبو موسى ً
أمَتا ،فسلم ما ُب يديك والعجل " وكتب ألىل
اؼبغَتة كتابًا من عمر ىو أوجزكتاب فيو " :أما بعد ،فإنو قد بلغٍت نبأ عظيم ،فبعثت أبا موسى ً
7
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
البصرة " إين قد وليت عليكم أبو موسى ،ليأخذ من قويكم لضعيفكم ،وليقاتل بكم عدوكم ،وليدفع عن دينكم ،وليجيب لكم شيئكم ٍب ليقسمو
بينكم " وارربل اؼبغَتة والذين شهدوا عليو وىم أيب بكرة ،ونافع بن كلدة ،وزياد بن أمية ،وشيبة بُت معبد البجلي ،فلما قدموا على عمر صبع
بينهم وبُت اؼبغَتة .فقاؿ اؼبغَتة :سل ىؤالء كيف رأوين مستقبلهم أـ مستدبرىم؟ وكيف رأوا اؼبرأة وعرفوىا؟ فإف كانوا مستقبلي فكيف مل يستًتوا ،أو
مستدبري فكيف استحلوا النظر إىل منزيل وامرأٌب ،وا﵁ ما أتيت إال امرأٌب وكانت تشبهها ،فبدأ عمر بأيب بكرة فشهد عليو بأنو رآه بُت رجلي أـ
صبيل وىو يدخلو وىبرجو كاؼبيل ُب اؼبكحلة ،قاؿ كيف رأيتهما ،قاؿ مستدبرنبا ،قاؿ فكيف استدلت رأسها ،قاؿ :رباملتٍ ،ب دعا شبلة بن معبد
فشهد دبثل ذلك ،فقاؿ استقبلتهما أـ استدبرهتما؟ قاؿ استقبلتهما ،وشهد نافع مثل شهادة أيب بكرة ،ومل يشهد زياد دبثل شهادهتم وقاؿ :رأيتو
شديدا ،قاؿ ىل رأيتو كاؼبيل ُب اؼبكحلة؟ قاؿ :ال ،قاؿ
جالسا بُت رجلي امرأة فرأيت قدمُت ـبضوبتُت ىبفقاف وأستُت مكشوفتُت ،وظبعت حفزانًا ً
ً
كرب عند ذلك ثبلثًاٍ ،ب أمر بالثبلثة فجلدوا اغبد وىو يقرأ قولو تعاىل ﴿ :
ىل تعرؼ اؼبرأة؟ قاؿ :ال لكن أشبهها ،قاؿ فتنحى ،وروي أف عمر َّ
ند اللَّ ِػو ُى ُم الكذبوف﴾ .فقاؿ اؼبغَتة أشهد أـ أعبد؟ فقاؿ عمر :اسكت ،أسكت لَّوَال جاءوا علَي ِو بِأَربػع ِة شهداء ۚ فَِإ ْذ َمل يأْتوا بِالش ِ
ك عِ َ
ُّه َداء فَأُولَػٰئِ َ
َ ْ َُ ْ َ ُ َ ْ َْ َ ُ َ َ َ
ا﵁ فاؾ ،وا﵁ لو سبت الشهادة لرصبناؾ بأحجارؾ".ويربز من ىذه القصة أو اغبادثة ؾبموعة كبَتة من الدروس والفوائد ،ولعل من أنبها ىو التثبت
والتأكد والتبُت وعدـ العجلة ُب األمر حىت ال وبدث خطأ أو زلل وعلى ىذا جاء التوجيو النبوي الكرًن عن عبد ا﵁ اؼبزين أف النيب ( )قاؿ (
السمت اغبسن والتؤدة واالقتصاد جزء من أربعة وعشرين جزءًا من النبوة ) وعن عبد ا﵁ بن عباس – رضي ا﵁ عنهما – قاؿ :قاؿ رسوؿ ا﵁
( ()اؽبدي الصاحل ،والسمت الصاحل ،واالقتصاد جزء من طبسة وعشرين جزءًا من النبوة ) فعدـ األخذ بالظنوف والتثبت واألناة منهج سوي ينبغي
عناية ا﵀تسب بو حىت يسلم على نفسو ودينو وعبلقتو مع اآلخرين ،والسبلمة مطلب نفيس ال يعدلو شيء.
لقد األدب األخَت الرفق ،والرفق ُب اللغة " ضد العنف " وُب االصطبلح " لُت اعبانب ُب القوؿ والفعل واألخذ باألسهل وىو ضد العنف "
اعا من
كاف الرفق من صفات األنبياء والرسل عليهم الصبلة والسبلـ حينما كانوا ينكروف على أقوامهم سوء صنيعهم ،وقد استخدموا معهم أنو ً
األساليب ُب التغيَت حىت جاء التوجيو الرباين الكرًن لنيب ا﵁ موسى عليو الصبلة والسبلـ حينما يريد أف يدعو فرعوف ذلك الذي طغى وسلك سبل
ِ
ُب الغواية والفساد أف يتحلى مع أخيو ىاروف – عليو الصبلة والسبلـ – بلُت القوؿ والرفق وعدـ العجلة ﴿ :ا ْذ َىبَا إِ َ ٰىل ف ْر َع ْو َف إِنَّوُ طَغَى فَػ ُق َوال لَوُ
ولقد سلك قَػ ْوًال لَّيّْػنًا لَّ َعلَّوُ يػَتَ َذ َّكُر أ َْو َىبْ َشى ﴾ .
نبينا ؿبمد صلى ا﵁ عليو وسلم جانب الرفق ُب التغيَت مع من ينكر عليهم صنيع أعماؽبم الذين كاف وبتسب عليهم سواء من اليهود أو من اؼبشركُت
أـ من اؼبسلمُت .عن عائشة – رضي ا﵁ عنها – قالت ( :دخل رىط من اليهود على الرسوؿ ( )فقالوا :الساـ عليكم ،قالت عائشة :
مهبل يا عائشة ،إف ا﵁ وبب الرفق ُب األمر كلو ،فقلت :يا رسوؿ ا﵁ ،أومل تسمع ففهمتها ،فقلت :وعليكم الساـ واللعنة ،فقاؿ رسوؿ ا﵁ (ً : )
ت بَِر ُج ٍل ِم ْن بٌَِت َحنِي َفةَ يػُ َق ُ ِ ٍ
اؿ لَوُ َِّب َ خْيبلً قبَ َل َْقبد ،فَ َجاءَ ْ ث النِ ُّ ما قالوا؟ قاؿ رسوؿ ا﵁ ( :)قد قلت وعليكم ).وعن أيب ىريرة قاؿ :بػَ َع َ
اؿ عِْن ِدى َخْيػٌر يَا ُؿبَ َّم ُد ،إِ ْف تَػ ْقتُػ ْل ٌِت تَػ ْقتُ ْل اؿ « َما عِْن َد َؾ يَا ُشبَ َامةُ » .فَػ َق َ ِ ِِ ٍِ
ُشبَ َامةُ بْ ُن أُثَ ٍاؿ ،فَػَربَطُوهُ بِ َسا ِريَة م ْن َس َوا ِرى الْ َم ْسجد ،فَ َخَر َج إِلَْيو النِ ُّ
َِّب فَػ َق َ
ت
اؿ َما قُػ ْل ُ اؿ لَوُ « َما ِعْن َد َؾ يَا ُشبَ َامةُ » .قَ َ ت .فًتؾ َح َّىت َكا َف الْغَ ُد ٍُبَّ قَ َ ِ ِ
اؿ فَ َس ْل مْنوُ َما شْئ َ ت تُِر ُ
يد الْ َم َ ِ ِ ِ
َذا َدٍـ َ ،وإِ ْف تُػْنع ْم تُػْنع ْم َعلَى َشاك ٍر َ ،وإِ ْف ُكْن َ
اؿ « :أَطْلِ ُقوا ُشبَ َامةَ » ، ك .فَػ َق َ ت لَ َ
اؿ « ما ِعْند َؾ يا ُشبَامةُ » .فَػ َق َ ِ ِ
اؿ عْندى َما قُػ ْل ُ
ِ ِ
ك إ ْف تُػْنع ْم تػُْنع ْم َعلَى َشاك ٍر .فَػتَػَرَكوُ َح َّىت َكا َف بػَ ْع َد الْغَد ،فَػ َق َ َ َ َ َ
لَ َ ِ ِ ِ
وؿ اللَّ ِو ،يَا ُؿبَ َّم ُد َواللَّ ِو َما َكا َف َف ُؿبَ َّم ًدا َر ُس ُاؿ أَ ْش َه ُد أَ ْف الَ إِلَوَ إِالَّ اللَّوُ َ ،وأَ ْش َه ُد أ َّ يب ِم َن الْ َم ْس ِج ِد فَا ْغتَ َس َل ٍُبَّ َد َخ َل الْ َم ْس ِج َد فَػ َق َ فَانْطَلَ َق إِ َىل َلبْ ٍل قَ ِر ٍ
ِ ىل ،واللَّ ِو ما َكا َف ِمن ِدي ٍن أَبػغض إِ ََّ ِ ِِ
بَح َّ كأَ َصبَ َح دينُ َ ك ،فَأ ْ ىل ِم ْن دينِ َ َْ َ ْ ب الْ ُو ُجوه إ ََّ َ َ َح َّ كأَ َصبَ َح َو ْج ُه َ
ك ،فَػ َق ْد أ ْ ىل ِم ْن َو ْج ِه َ ض إِ ََّ ض َو ْجوٌ أَبْػغَ َ َعلَى األ َْر ِ
يد الْ ُع ْمَرَة ،فَ َما َذا تَػَرى؟ فَػبَشََّرهُ َخ َذتٌِْت َوأَنَا أُِر ُكأَ ىل َ ،وإِ َّف َخْيػلَ َ ب الْبِبلَ ِد إِ َََّح َّ َصبَ َح بػَلَ ُد َؾ أ َ
ىل ،واللَّ ِو ما َكا َف ِمن بػلَ ٍد أَبػغض إِ ََّ ِ ِ
ىل م ْن بػَلَد َؾ ،فَأ ْ ْ َ َْ ُ ِ
الدّْي ِن إ ََّ َ َ
وؿ اللَّ ِو َ ، والَ َواللَّ ِو الَ يَأْتِي ُك ْم ِم َن اؿ :الَوا﵁ ،ولَكِن أَسلَمت مع ُؿبَ َّم ٍد رس ِ ت .قَ َ ِ وؿ اللَّ ِو َ وأ ََمَرهُ أَ ْف يػَ ْعتَ ِمَر ،فَػلَ َّما قَ ِد َـ َم َّكةَ قَ َ
َُ َ ْ ْ ْ ُ ََ صبَػ ْو َ
اؿ لَوُ قَائ ٌل َ َر ُس ُ
ِ ِ ٍ ِ
وعن أيب ىريرة – – قاؿ ( :باؿ أعرايب ُب اؼبسجد ،فقاـ الناس ليقعوا َِّب ) الْيَ َم َامة َحبَّةُ حْنطَة َح َّىت يَأْذَ َف ف َيها النِ ُّ
فيو ،فقاؿ النيب ( : )دعوه وأريقوا على بولو ذنوبًا من ماء ،فإمبا بعثتم ميسرين ومل تبعثوا معسرين ) .وعن معاوية بن اغبكم قاؿ (بػَْيػنَا أَنَا
8
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
ْل أ ُّْميَ ْاه َما َشأْنُ ُك ْم تَػْنظُُرو َف إِ ََّ وؿ اللَّ ِو إِ ْذ عطَس رجل ِمن الْ َقوِـ فَػ ُق ْلت يػر َضبك اللَّو ،فَػرم ِاين الْ َقوـ بِأَب ِ أُصلّْي مع رس ِ
يل فَ َج َعلُوا ت َوا ثُك َ صا ِرى ْم ،فَػ ُق ْل ُ
ُْ ْ َ ُ َْ ُ َ ُ َ َ َ َ َُ ٌ ْ ْ َ ََ َُ
ت فَػلَ َّما صلَّى رس ُ ِ ص ّْمتُونٍَِت لَ ِك ٍّْت َس َك ُّ ِِ ِ ِ
َح َس َن وؿ اللَّو فَبِأَِيب ُى َو َوأ ُّْمي َما َرأَيْ ُ
ت ُم َعلّْ ًما قَػْبػلَوُ َوَال بػَ ْع َدهُ أ ْ َ َُ ض ِربُو َف بأَيْدي ِه ْم َعلَى أَفْ َخاذى ْم فَػلَ َّما َرأَيْػتُػ ُه ْم يُ َيَ ْ
َّاس إَِّمبَا ىو التَّسبِيح والتَّ ْكبَِت وقِراءةُ الْ ُقر ِ ِ ِ ِ اؿ إِ َّف َى ِذهِ َّ ِ تَػعلِ ِ
يما مْنوُ فَػ َواللَّو َما َك َهَرِين َوَال َ
آف) وقد صلُ ُح ف َيها َش ْيءٌ م ْن َك َبلـ الن ِ ُ َ ْ ُ َ ُ َ َ َ ْ الص َبلةَ َال يَ ْ ضَربٍَِت َوَال َشتَ َم ٍِت قَ َ ْ ً
حث النيب الكرًن ( )اؼبسلمُت عامة ويدخل ُب ذلك ا﵀تسبوف من باب أوىل ،حث على الرفق ُب صبيع األمور ،ومن ذلك امنا عائشة ))أف
النيب ( )قاؿ ( :إف ا﵁ رفيق وبب الرفق ،ويعطي على الرفق ما ال يعطي على العنف ،وما ال يعطي على ما سواه ) وعن جرير بن عبد ا﵁ –
رضي ا﵁ عنهما – عن النيب ( )قاؿ (:من ُوبرـ الرفقُ ،وبرـ اػبَت ) وعن عائشة – رضي ا﵁ عنها – عن النيب ( )قاؿ ( :إف الرفق ال يكوف
ُب شيء إال زانو ،وال ينزع من شيء إال شانو ) وعن عائشة – رضي ا﵁ عنها -قالت :ظبعت رسوؿ ا﵁ ( )يقوؿ ( :اللهم من ويل من أمر
أميت شيئًا فشق عليهم فاشقق عليو ،ومن ويل من أمر أميت شيئًا فرفق ّٔم فارفق بو ).
وقاؿ سفياف الثوري – رضبو ا﵁ : -ال يأمر باؼبعروؼ وينهى عن اؼبنكر إال من كانت فيو ثبلث خصاؿ :
(رفيق دبا يأمر ،رفيق دبا ينهى ،عدؿ دبا يأمر ،عدؿ دبا ينهى ،عامل دبا يأمر ،عامل دبا ينهى ) قاؿ حنبل إنو ظبع أبا عبد ا﵁ أي اإلماـ أضبد ابن حنبل
رجبل عرؼ بالفسق فبل حرمة لو
– رضبو ا﵁ – يقوؿ ( :الناس ؿبتاجوف إىل مداراة ورفق ُب األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر وببل غلظة ،إال ً
).وسئل اإلماـ أضبد بن حنبل – رضبو ا﵁ – عن األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر فقاؿ ( :كاف أصحاب عبد ا﵁ بن مسعود إذا مروا بقوـ
مهبل رضبكم ا﵁ )
مهبل رضبكم ا﵁ً ،
يروف منهم ما يكرىوف يقولوف ً :
وقاؿ ابن تيمية – رضبو ا﵁ : -فبل بد من ىذه الثبلثة العلم والرفق والصرب ،العلم قبل األمر والنهي ،والرفق معو ،والصرب بعده ،وإف كاف كل من
الثبلثة ال بد أف يكوف مستصحبًا ُب ىذه األحواؿ.
حليما فيما
فقيها فيما ينهى عنو ،رفي ًقا فيما يأمر بو ،رفي ًقا فيما ينهى عنوً ،
فقيها فيما يأمر بوً ،
وقاؿ بعض السلف :ال يأمر باؼبعروؼ إال من كاف ً
حليما فيما ينهى عنو .فبالرفق تساس الطباع ،ويعرؼ مكمن الداء ،ويراجع صاحب اؼبنكر أموره ،ويعرؼ مكمن الداء ويعطى الدواء،
يأمر بوً ،
وتستقيم األنفس على اػبَت ،وتقبل دعوة اػبَت ،واحتساب ا﵀تسب ،وال شك أف الدواء ؽبذا كلو ىو بلسم الرفق.
المحاضرة الرابعة
الركن الثاين من أركاف اغبسبة وىو ا﵀تسب عليو،
وا﵀تسب عليو :ىو اؼبنكر عليو قبيح عملو ،أو من يوجو إليو األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر،
منكرا
ويشًتط فيو :أف يكوف إنسانًا فبل حسبة على غَت اآلدمي؛ ألف اغبسبة تقوـ على إنكار اؼبنكر حبق ا﵁ ،وال يكوف ىذا إال إذا يكوف الفعل ً
بالنسبة للذي صدر منو ،وىذا يكوف من اآلدمي فقط فبل يوصف فعل البهيمة باؼبعروؼ أو اؼبنكر.
ترويضا لو على التزاـ أوامر ا﵁
وال يشًتط فيو أف يكوف مكل ًفا ،فإذا شرب الصيب اػبمر منع واحتسب عليو ،وإف كاف قبل البلوغ أو التمييز ،وذلك ً
واجتناب زواجره ،وقد أوجب ا﵁ علينا أف نأمر أبناءنا بالصبلة ،إذا بلغوا سبع سنُت وأف نضرّٔم عليها إذا بلغوا عشرا قاؿ رسوؿ ا﵁ (( : )مروا
أبناءكم بالصبلة وىم أبناء سبع سنُت ،واضربوىم عليها وىم أبناء عشر ،وفرقوا بينهم ُب اؼبضاجع) فلو أراد ؾبنو ٌف الزىن ،أو إتياف ّٔيمة وجب منعو
وازباذ ما يكفل سبلمتو من ىذه الفاحشة ،مع سقوط التكليف عنو.
وللمحتسب عليو أصناؼ عدة ،من ىذه األصناؼ:
عامة الناس :حيث إف عامة الناس ىم السواد األكثر ُب األمة ،والذي وبسن للمحتسب العناية بتوجيههم وتقدًن النصح ؽبم ،حىت وبافظ ا﵀تسب
ومعلوـ األدلة الشرعية من القرآف الكرًن والسنة النبوية اؼبطهرة ُب مشروعية االحتساب لعامة الناس
ٌ مع غَته على سفينة آّتمع من الغرؽ واؽببلؾ،
وتقدًن النصيحة ؽبم ،ووبسن با﵀تسب أف هبعل نبو استصبلح اآلخرين ،وؿببة اػبَت للغَت ،وأف يتودد ويتقرب إىل ا﵁ باحتسابو .قاؿ قتادة – رضبو
ا﵁ – ( كاف ىرـ ابن حياف – رضبو ا﵁ – يقوؿ :ما أقبل عبد بقلبو إىل ا﵁ إال أقبل ا﵁ بقلوب اؼبؤمنُت عليو حىت يرزقو ودىم) والنصيحة لعامة
9
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
اؼبسلمُت تكوف بإرشادىم إىل مصاغبهم ،وتعليمهم أمور دينهم ودنياىم ،وسًت عوراهتم ،وسد خبلهتم ،ونصرهتم على أعدائهم ،والذب عنهم،
ومن وؾبانبة الغش واغبسد ؽبم ،وأف وبب ؽبم ما وبب لنفسو ،ويكره ؽبم ما يكره لنفسو ،وما شابو ذلك.
أنواع نصحهم دفع األذى واؼبكروه عنهم ،وإيثار فقَتىم ،وتعليم جاىلهم ،ورد من زاغ منهم عن اغبق ُب قوؿ أو عمل بالتلطف ُب ردىم إىل حق،
قاؿ اغبسن والرفق ّٔم ُب األمر باؼبعروؼ ،والنهي عن اؼبنكر ،وؿببة إزالة فسادىم ،ولو حبصوؿ ضرر للمحتسب ُب دنياه.
البصري – رضبو ا﵁ – قاؿ بعض أصحاب النيب ( )أف رسوؿ ا﵁ ( )قاؿ ( :والذي نفسي بيده ،وإف شئتم ألقسمن لكم با﵁ إف أحب عباد
ا﵁ إىل ا﵁ الذين وبببوف ا﵁ ُب عباده ،ووبببوف عباد ا﵁ إىل ا﵁ ،ويسعوف لؤلخذ بالنصيحة ) .وقاؿ ابن علية ُب قوؿ أيب بكر األزري ( ما فاؽ أبو
بكر أصحاب ؿبمد ( )بصوـ وال صبلة ولكن بشيء كاف ُب قلبو ،قاؿ الذي كاف ُب قلبو؛ اغبب ﵁ والنصيحة ُب خلقو ) .وقاؿ الفضيل
ابن عياض – رضبو ا﵁ – ( ما أدرؾ عندنا ما أدرؾ بكثرة الصبلة والصياـ ،وإمبا أدرؾ ما عندنا بسخاء األنفس ،وسبلمة الصدور ،والنصح لؤلمة).
وسئل عبد ا﵁ بن مبارؾ – رضبو ا﵁ – ( أي األعماؿ أفضل؟ قاؿ :النصح ﵁ ).
كثَتا من األمور يفعل منها الكثَت من الناس خبلؼ األمر الشرعي ،وينتشر ذلك بينهم ،ويقتدي كثَت من الناس ّٔم ُب
وينبغي أف يدرؾ ا﵀تسب إف ً
وفعبل ،وال يثبطو عن ذلك وحدتو وقلة الرفيق ،وقد قاؿ النووي – رضبو ا﵁ – (ال يغًت
قوال ً
فعلهم ،والذي يتعُت على ا﵀تسب ـبالفتهم ُب ذلك ً
اإلنساف بكثرة الفاعلُت ؽبذا األمر الذي هنينا عنو ) وقاؿ الفضيل – رضبو ا﵁ – ( ال تستوحش طرؽ اؽبدى لقلة أىلها ،وال تغًت بكثرة اؽبالكُت )
وينبغي أف ينظر ا﵀تسب إىل احتسابو وىو يتعامل مع ا﵀تسب عليو نظرة اؼبودة والرضبة والشفقة ،وأف يبتثل ّٔذه النصوص الشرعية وغَتىا ،عن أيب
ىريرة – – عن رسوؿ ا﵁ ( )قاؿ ( :اؼبؤمن مرآة أخيو ،واؼبؤمن أخو اؼبؤمن يكف عليو ضيعتو ووبوطو من ورائو ).
دائما قوؿ سفياف الثوري – رضبو ا﵁ – إذ يقوؿ ( :اؼباؿ داء ىذه األمة،
كما ينبغي للمحتسب أف يستشعر أنو من ضبلة مَتاث النبوة ،وأف يتذكر ً
والعامل طبيب ىذه األمة ،فإذا جر العامل الداء لنفسو فمن يربئ الناس ).
احدا أو أفر ًادا معدودين يبكن
فردا و ً
واؼبشروع ُب االحتساب على عامة الناس أف ينظر إىل حجم اؼبنكر ونوعو فإذا كاف فاعل اؼبنكر أو تارؾ اؼبعروؼ ً
حصرىم وإجراء خطوات اغبسبة الشرعية معهم ،كاف األوىل أف وبتسب وينكر على كل فرد بعينو وعلى حدة ،وُب سر بُت ا﵀تسب وا﵀تسب عليو؛
ألف ُب ذلك خشية ﵁ أكثر ،واحتماؿ استجابة من ىذا ا﵀تسب عليو ،وإقبلع عن اؼبنكر أرجى ،وألف ُب ذلك عدـ تشهَت ؼبعُت بعينو ،فإف مل
يتيسر االحتساب على ىذا الشكل ،احتسب على مؤل لكن بغَت ربديد أحد بعينو ولكن على غرار (ما باؿ أقواـ) ،وقاؿ ابن ازد رضبو ا﵁ ( :كاف
سرا ،حىت قاؿ بعضهم إذا ما وعظ أحدكم أخاه فيما بينو وبينو فهي نصيحة ،ومن وعظو على رؤوس الناس
السلف إذا أرادوا نصيحة أحد نصحوه ً
فإمبا وخبو ) وقاؿ فاروؽ بن إياد – رضبو ا﵁ – ( :اؼبؤمن يسًت وينصح ،والفاجر يهتك ويعَت ) وقالت أـ الدرداء – رضي ا﵁ عنها – ( من وعظ
وإذا كاف اؼبنكر متفشيًا ُب أفراد سرا فقد زانو ،ومن وعظو عبلنية فقد شانو ).
أخاه ً
كثَتين ُب آّتمع ،ففي ىذه اغباؿ يسلك ا﵀تسب اإلنكار العلٍت اؼبؤدب،الذي ال يشهر فيو ب ٍ
أحد بعينو بل على غرار ما باؿ أقواـ يأتوف بكذا
وكذا ،أو ما باؿ أقواـ يًتكوف كذا وكذا ،ويذكرىم ويرغبهم وىبوفهم من ا﵁ ،ووبثهم على مبلزمة التقوى وؾبانبة طريق الردى ،ولقد سلك رسوؿ
ا﵁ ( )ىذا اؼبسلك ُب عبلج اؼبنكرات واألخطاء والتجاوزات العامة ،فمن ذلك ما رواه أنس بن مالك قاؿ النيب ( ( )ما باؿ أقواـ يرفعوف
أبصارىم إىل السماء ُب صبلهتم ،واشتد قولو ُب ذلك حىت قاؿ :لينتهُت عن ذلك قوـ أو لتخطفن أبصارىم ) .ومن ذلك ما رواه جابر بن عبد ا﵁
رجبل من األنصار ،فقاؿ األنصاري ياؿ األنصار ،وقاؿ اؼبهاجر ياؿ اؼبهاجرين،
– رضي ا﵁ عنهما – قاؿ ( كنا ُب غزاة فكسع رجل من اؼبهاجرين ً
رجبل من األنصار ،فقاؿ دعوىا فإهنا فسمع ذلك رسوؿ ا﵁ ( )فقاؿ :ما باؿ دعوى اعباىلية ،فقالوا يا رسوؿ ا﵁ ،كسع رجل من اؼبهاجرين ً
ِ وؿ اللَّ ِو شيئا تَػر َّخ ِ
َّيب -- ص ف ِيو َوتَػنَػَّزهَ َعْنوُ ال َق ْوٌـ ،فَػبَػلَ َغ َذل َ
ك النِ َّ َ ًْ َ َ صنَ َع َر ُس ُ منتنو ) .ومن ذلك ما روتو عائشة – رضي ا﵁ عنها – قالت َ ( :
اؿ أَقْػو ٍاـ يػتػنػَّزىو َف ع ِن الش ِ
ُّى ْم لَوُ َخ ْشيوَ) أخرجو مسلم .ومن ذلك ما رواه أنس َشد َُصنَػعُوُ؟ فَػ َواللَّ ِو إِ ّْين أ َْعلَ ُم ُه ْم بِاللَّ ِو َوأ َ
َّيء أ ْ
ْ اؿَ " :ما بَ ُ َ ََ َ ُ َ فَ َح ِم َد اللَّوَ ٍُبَّ قَ َ
نفرا من أصحاب رسوؿ ا﵁ سألوا أزواج رسوؿ ا﵁ عن عملو ُب السر؟ فقاؿ بعضهم :ال أتزوج النساء ،وقاؿ بعضهم :ال آكل اللحم ،
أف ً
11
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
وقاؿ بعضهم :ال أناـ على فراش ،فبلغ ذلك النيب ، فقاؿ" :ما باؿ أقواـ يقوؿ أحدىم كذا وكذا؟! لكٍت أصوـ وأفطر ،وأناـ وأقوـ ،وآكل اللحم،
وأتزوج النساء ،فمن رغب عن سنيت فليس مٍت).ومن ذلك ما رواه أبو سعيد اػبدري قاؿ ( :ظبعت رسوؿ ا﵁ ( )يقوؿ على اؼبنرب :ما باؿ
أقواـ تقوؿ إف رحم رسوؿ ا﵁ ( )ال تنفع يوـ القيامة ،وا﵁ إف رضبي ؼبوصولة ُب الدنيا واآلخرة ،وإين أيها الناس فرط لكم على اغبوض ).
ومن ذلك ما روتو عائشة – رضي ا﵁ عنها – أف بريرة جاءت عائشة تستعينها ُب كتابتها ومل تكن قضت من كتابتها شيئًا ،فقالت ؽبا عائشة –رضي
ا﵁ عنها -ارجعي إىل أىلك فإف أحبوا أف أقضي عنك كتابتك ويكوف والؤؾ يل فعلت ،فذكرت ذلك ألىلها فأبوا ،وقالوا إف شاءت أف ربتسب
عليك فلتفعل ويكوف لنا والؤؾ ،فذكرت ذلك للرسوؿ ( )فقاؿ ؽبا رسوؿ ا﵁ : ابتاعي فاعتقي فإمبا الوالء ؼبن أعتق ٍب قاـ رسوؿ ا﵁ ()
فقاؿ :ما باؿ أناس يشًتطوف شروطًا ليست ُب كتاب ا﵁ ،من اشًتط شرطًا ليس ُب كتاب ا﵁ فليس لو ،وإف شرطو مئة مرة ،شرط ا﵁ أحق وأوثق )
الصنف الثاين وىم العلماء .إف الشريعة اإلسبلمية تبُت أف اػبطأ والنقص واعبهالة تعتلي البشر على ـبتلف أشكاؽبم وألواهنم وفئاهتم وأزماهنم .قاؿ
مانعا لغَته
مانعا لصاحبو من اػبطأ ،وال ً
أنس بن مالك – – قاؿ رسوؿ ا﵁ ( ( : )كل بٍت آدـ خطاء وخَت اػبطاءين التوابوف ) .والعلم ليس ً
من االحتساب عليو فالعامل ىناؾ من ىو أعلم منو ،كما إف ىناؾ من انتفع بعلمو واتقى ،ومن اغًت بعلمو؛ فجهل واستعلى ،فاالحتساب على
العلماء حقيقة واحتياجهم إليو واضح والعصمة غَت ثابتة ألحد من البشر سوى من عصمهم ا﵁ تعاىل عن الوقوع ُب اػبطأ من األنبياء والرسل
صلوات ا﵁ وسبلمو عليهم.
والعلماء درجات ومنازؿ ولقد أخذ ا﵁ العهد واؼبيثاؽ على العلماء أف يبينوا ما وبتاجو غَتىم من بياف ،وأف وبملوا دين ا﵁ إىل الناس ،وىذا ما
سار عليو علماؤنا األجبلء كل منهم يساعد اآلخر فيما وبتاج إليو من جهة ،ويسدده ُب جوانب النقص اليت عنده من جهة أخرى ،ويبُت لو وجو
كثَتا إذا ما سيقت لو األخبار الواردة ُب تلك اؼبعصية اليت يقًتفها ،فإف ذلك اجدى وأقبع ُب
اغبق إذا ما خفيت عنو ،وإف العامل ا﵀تسب عليو يتأثر ً
التأثَت .ومن ذلك إنكار أـ اؼبؤمنُت عائشة – رضي ا﵁ عنها – على مسروؽ -رضبو ا﵁ – فعن عامر قاؿ أتى مسروؽ فقاؿ يا أـ اؼبؤمنُت ىل رأى
ؿبمدا ( )قد رأى ربو
ؿبمد ( )ربو ،قالت سبحاف ا﵁ لقد قف شعري ؼبا قلت ،أين أنت من ثبلث من حدثكهن فقد كذب ،من حدثك أف ً
فقد كذبٍ ،ب قرأت "ال تدركو األبصار وىو يدرؾ األبصار" ،وما كاف من بشر إال يكلمو ا﵁ إال وحيًا أو من وراء حجاب ،ومن أخربؾ دبا ُب غد
ؿبمدا ( )قد كتم فقد كذب ٍب قرأت "يا أيها
فقد كذب ٍب قرأت " إف ا﵁ عنده علم الساعة وينزؿ الغيث ويعلم ما ُب األرحاـ" ،ومن أخربؾ أف ً
الرسوؿ بلغ ما أنزؿ إليك من ربك" ولكنو رأى جربيل ُب صورتو مرتُت).
ومن ذلك إنكار أـ سلمة – رضي ا﵁ عنها – على أيب ىريرة – – عن عبد ا﵁ بن شداد قاؿ ظبعت أبا ىريرة وبدث مرواف قاؿ ( :توضؤوا
فبا مست النار ،قاؿ :فأرسل مرواف إىل أـ سلمة -رضي ا﵁ عنها -فسأؽبا فقالت هنص(يعٍت أخذ اللحم بأطراؼ االسناف) النيب ( )عندي كت ًفا
ٍب خرج إىل الصبلة ومل يبس ماء).
ومن ذلك إنكار أـ سلمة على ظبرة بن جندب – رضي ا﵁ عنهما – عن األزدية قالت ( :حضيت فدخلت على أـ سلمة رضي ا﵁ عنها فقلت:
يا أـ اؼبؤمنُت ،إف ظبرة بن جندب يأمر النساء بقضاء صبلة ا﵀يض ،فقالت أـ سلمة :ال يقضُت ،كانت امرأة من نساء النيب ( )تقعد ُب النفاس
أربعُت ليلة ال يأمرىا النيب ( )بقضاء صبلة النفاس ) واإلنكار على العلماء ال يقلل من قيمتهم أو مكانتهم.
صبيعا – عن أيب بكر قاؿ ( ظبعت أبا ىريرة يقص يقوؿ ُب قصصو من
ومن ذلك إنكار عائشة وأـ سلمة على أيب ىريرة – رضي ا﵁ عنهم ً
أدركو الفجر جنبًا فبل يصم ،فذكرت ذلك لعبد الرضبن بن اغبارث فأنكر ذلك ،فانطلق عبد الرضبن وانطلقت معو حىت دخلنا على عائشة وأـ سلمة
– رضي ا﵁ عنهما – فسأؽبما عبد الرضبن عن ذلك فقالت كلتانبا :كاف النيب ( )يصبح جنبًا من غَت ُحلم ٍب يصوـ ،قاؿ فانطلقنا حىت دخلنا
على مرواف فقاؿ لو ذلك عبد الرضبن ،فقاؿ مرواف عزمت عليك إال ما ذىبت إىل أيب ىريرة فرددت عليو ما يقوؿ ،قاؿ :فجئنا أيب ىريرة وأبو
بكر حاضر ذلك كلو ،فذكر عبد الرضبن فقاؿ أبو ىريرة أنبا قالتاه لك،قاؿ نعم ،قاؿ نبا أعلمٍ ،ب رد أبو ىريرة ما كاف يقوؿ ُب ذلك إىل
الفضل بن العباس ،فقاؿ أبو ىريرة ظبعت ذلك من الفضل ومل أظبعو من النيب ( )قاؿ فرجع أبو ىريرة فيما كاف يقوؿ ُب ذلك).
11
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
وقد دعا اغبجاج بن يوسف الثقفي فقهاء البصرة وفقهاء الكوفة ،وكاف بينهم اغبسن البصري – رضبو ا﵁ – وقد كاف آخر من دخل ،مرحبًا بأيب
سعيد ىلم إيلٍ ،ب دعا بكرسي فوضع إىل جنب سريره فقعد عليو ،فجعل اغبجاج يذاكرىم ويسأؽبمٍ ،ب ذكر عليِّا بن أيب طالب وناؿ منو فوافقو
اعبالسوف مقاربة لو ،وفرقا من شره واغبسن ساكت عاض على إّٔامو ،فقاؿ اغبجاج :يا أبا سعيد مايل أراؾ ساكتًا ،فقاؿ ما عسيت أف أقوؿ ،قاؿ
ِ
وؿ َعلَْي ُك ْم َش ِه ً
يدا َوَما َج َع ْلنَا الر ُس ُ ك َج َعلْنَا ُك ْم أ َُّمةً َو َسطًا لّْتَ ُكونُوا ُش َه َداءَ َعلَى الن ِ
َّاس َويَ ُكو َف َّ أخربين برأيكُ،ب أيب تراب ظبعت ا﵁ يقوؿ ﴿ َوَك َذل َ
يع إِيبَانَ ُك ْم ِ ِ َّ ِ وؿ ِفبَّن ين َقلِب َعلَى َع ِقبػْيو ۚوإِف َكانَ ْ ِ ِ نت َعلَْيػ َها إَِّال لِنَػ ْعلَ َم َمن يػَتَّبِ ُع َّ ِ
الْقْبػلَةَ الَِّيت ُك َ
ين َى َدى اللَّػوُ َوَما َكا َف اللَّػوُ ليُض َ
ت لَ َكب ََتةً إَّال َعلَى الذ َ َ َ الر ُس َ َ ُ
َّاس لَرء ٌ ِ ِ َّ ِ
يم ﴾ .فعلي بن أيب طالب فبن ىدى ا﵁ ،ومن أىل اإليباف ،فأقوؿ ابن عم النيب ( ،)وختنو على ابنتو ،وأحب وؼ َّرح ٌ ۚ إ َّف اللػوَ بالن ِ َ ُ
الناس إليو ،وصاحب سوابق مباركة سبقت لو من ا﵁ ال تستطيع أنت وال أحد من الناس أف وبظرىا عليو ،وال وبوؿ بينو وبينها ،وأقوؿ إف كانت
قوال أعدؿ من ىذا .فعبس وجو اغبجاج وتغَت وقاـ مغضبًا ،فدخل بيتًا خلفو وخرج للقوـ ،قاؿ عامر
لعلي ىنات فا﵁ حسبو ،وا﵁ ما أجد فيو ً
جالسا معهم فأخذت بيد اغبسن -رضبو ا﵁ -فقلت يا أبا سعيد ،أغضبت األمَت ،وأوغرت صدره ،فقاؿ :إليك يا عامر
السعدي رضبو ا﵁ ،وكاف ً
يقوؿ الناس عامر الشعيب عامل أىل الكوفة ،أتيت شيطانًا من شياطُت اإلنس تكلمو ّٔواه ،وتقاربو ُب رأيو ،ووبك يا عامر ىبل اتقيت ا﵁ ،إف سئلت
فصدقت أو سكت فسلمت ،قاؿ عامر :يا أبا سعيد ،قد قلتها وأنا أعلم ما فيها ،قاؿ اغبسن فذلك أعلن باغبجة عليك وأشد بالتبعة.
وكما تقرر ساب ًقا أف العلماء بشر ،هبوز منهم الصواب واػبطأ ،وكل يؤخذ من قولو ويرد إال اؼبصطفى ( .)وال كرب ُب االحتساب على العلماء،
فاالحتساب تلطف معهم ،وإظهار وجو اغبق فيما أعوز بعضهم فهمو ،أو زبلفوا عن تطبيقو وربقيقو ،ولكن بأسلوب مؤدب ،فبل تعنيف ،وال
تشهَت ،وال تنقص من قيمة ومكانة ىذا العامل ،أو التعايل عليو وعلى مكانتو ،وال بأس من آّادلة واستظهار األدلة باغبسٌتْ ﴿ ،ادعُ إِ َىل َسبِ ِيل َربّْ َ
ك
ِ ِ اغبِكْم ِة والْموعِظَِة ْ ِ
َح َس ُن ﴾ وليكن دافع ا﵀تسب ىو الرغبة فيما عند ا﵁ تعاىل وليست الرغبة ُب إظهار الشماتة ّٔذا اغبَ َسنَة َو َجاد ْؽبُم بِالَِّيت ى َي أ ْ ب ْ َ َ َْ
ِ
العامل ،والبد للمحتسب أف يتذكر أف ُب استصبلح العامل ورجوعو فيما قصر عنو أو مل يبلغ وصولو أف ُب ذلك اػبَت كل خَت؛ ألنو يقتدي بو ،وقد
يقلد فيما ذىب إليو.
المحاضرة الخامسة
صنف الوالدين؛ االحتساب على الوالدين،
أف اغباجة إليو ماسة من صبيع الناس ،وال ىبلو أحد من االحتياج إىل التعرؼ على مشروعية االحتساب على الوالدين ودرجاتو وآدابو.
إف فبا ُوبَت اؼبرء اؼبسلم أف يرى أبويو أو أحدنبا يًتكاف ما أمر ا﵁ تعاىل ورسولو ( )بفعلو ،أو يفعبلف ما هنى ا﵁ ورسولو عنو ،وقد ال
يدري كيف يتصرؼ ُب مثل ىذه اغبالة ،ىل يتقدـ فيأمرنبا باؼبعروؼ الذي تركاه ،وينهاىم عن اؼبنكر الذي فعبله ،أـ يًتكهما وشأهنما؟ ىبشى إف
قاـ باألمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر أف يغضبا فيغضب ا﵁ لغضبهما ،وإف تركهما وما نبا عليو من معصية اػبالق ، ىباؼ من حلوؿ
نظرا إىل ذلك؛
ً سخط ا﵁ تعاىل وعذابو عليو وعليهما بسبب ترؾ االحتساب وارتكأّما اؼبعصية.
ىل للولد أف يأمر فإف البحث أو اغبديث ُب ىذه اغبلقات حوؿ موضوع االحتساب على الوالدين سيكوف على النحو التايل بإذف ا﵁ :
أبويو باؼبعروؼ الذي تركاه وينهانبا عن اؼبنكر الذي فعبله؟
ما الدرجات اليت يستخدمها عند أمرنبا باؼبعروؼ وهنيهما عن اؼبنكر؟
نستعرض ما اآلداب اليت ال بد من مراعاهتا عند أمرنبا باؼبعروؼ وهنيهما عن اؼبنكر؟
بعض النصوص واألدلو الواردة ُب مشروعية االحتساب على الوالدين ،سواءً كانت داللة مباشرة أو استنباطًا من ىذا الدليل ،فهناؾ عدة أدلة نقلية
(أ) وعقلية تدؿ على شرعية االحتساب على الوالدين ،وفق العناوين أو اؼبوضوعات التالية-:
النصوص الدالة على شرعية االحتساب تشمل االحتساب على اعبميع( .ب) النصوص الدالة على فرضية االحتساب على األقارب( .ج ) قياـ
12
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
(ىػ) احتساب عبد خليل الرضبن إبراىيم عليو الصبلة والسبلـ باالحتساب على أبيو ( .د ) قياـ رسوؿ ا﵁ ( )باالحتساب على أعمامو.
ا﵁ بن عبد ا﵁ بن أيب على أبيو.
(و) احتساب سامل بن عبد ا﵁ – رضي ا﵁ عنهما – على أبيو تأخَته الصبلة ُب السفر.
(ز) تذكَت النيب ( )عند نسيانو ،يدؿ على مشروعية االحتساب على الوالدين.
(ؾ) (ح) عظم حق الوالدين يقضي االىتماـ البالغ باالحتساب عليهما( .ط) احتساب اؼبرء على الوالدين فبا يقوي احتسابو على اآلخرين.
منزلة األبوين ُب األسرة تقضي العناية الفائقة باالحتساب عليهما.
ىذه ىي األدلة أو استعراض ؽبا على وجو اإلصباؿ أما التفصيل ُب ىذه العناصر فسيكوف على النحو التايل -:
(أ) النصوص الدالة على شرعية االحتساب :تشمل االحتساب على اعبميع
فبا يدؿ على مشروعية االحتساب على الوالدين ،أف النصوص تدؿ على شرعية االحتساب تشمل صبيع أصناؼ الناس ،دبا فيهم األبواف ،فعلى سبيل
َّاس تَأْمرو َف بِالْمعر ِ
وؼ َوتَػْنػ َه ْو َف َع ِن الْ ُمن َك ِر َوتُػ ْؤِمنُو َف بِاللَّ ِػو ﴾ . اؼبثاؿ قاؿ تعاىلُ ﴿ :كنتم خيػر أ َُّم ٍة أُخ ِرج ِ
َ ُْ ت للن ِ ُ ُ ْ َ ْ ُ ْ ََْ
فبُت الرب أف ىذه األمة أخرجت لنفع الناس ،ونفعها إياىم بأمرىم باؼبعروؼ وهنيهم عن اؼبنكر .قاؿ شيخ اإلسبلـ ابن تيمية – رضبو ا﵁ " :بُت
ا﵁ أف ىذه األمة خَت األمم للناس ،فهم أنفعهم ؽبم ،وأعظمهم إحسانًا إليهم؛ ألهنم كل خَت ونفع للناس بأمرىم باؼبعروؼ وهنيهم عن
أناسا دوف آخرين ينفعهم أفراد ىذه األمة ،فهم ينفعوف آبائهم وأمهاهتم بأمرىم باؼبعروؼ وهنيهم عن اؼبنكر ،كما
اؼبنكر".ومل ىبصص اؼبوىل ً
ينفعوف غَتىم .وىكذا شرط النيب ( )على جرير بن عبد ا﵁ النصح لكل مسلم حُت جاء يبايعو ،فقد روى اإلماـ البخاري عن جرير بن عبد
ا﵁ قاؿ " :أما بعد فإين أتيت النيب ( )قلت أبايعك على اإلسبلـ ،فاشًتط علي والنصح لكل مسلم فبايعتو على ذلك".وفبا ال شك فيو أف
األبوين اؼبسلمُت يدخبلف ُب من شرط ؽبم النيب ( )النصح وقت اؼببايعة ،ومن النصح ؽبما األمر باؼبعروؼ إذا تركاه ،وهنيهم عن اؼبنكر إذا فعبله،
أيضا من
يقوؿ اإلماـ النووي – رضبو ا﵁ – " :وقد تطابق على وجوب األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر الكتاب والسنة وإصباع األمة" .وىي ً
النصيحة اليت ىي الدين ،فيأمر األبواف باؼبعروؼ وينهياف عن اؼبنكر ،كما يؤمر وينهى غَتنبا دبوجب حديث جرير. ويدؿ على شرعية االحتساب
على الوالدين كذلك ما أخرب بو النيب الكرًن ()فقد روى اإلماـ مسلم عن سبيم الداري أف النيب ( )قاؿ ( :الدين النصيحة ،قلنا ؼبن؟ قاؿ:
﵁ ولكتابو ولرسولو وألئمة اؼبسلمُت وعامتهم ).
فاألبواف اؼبسلماف داخبلف فيمن هبب النصح ؽبما على من أراد أف يكوف من أىل الدين ،ومن النصح ؽبما كما مر سال ًفا أمرنبا باؼبعروؼ وهنيهما
أيضا ما أمر بو النيب من تغيَت اؼبنكر حيثما وجد ،كل على قدر استطاعتو ،فقد روى
عن اؼبنكر ،وفبا يدؿ على مشروعية االحتساب على األبوين ً
منكرا فليغَته بيده ،فإف مل يستطع فبلسانو ،فإف مل
اإلماـ مسلم عن أيب سعيد اػبدري قاؿ ( ظبعت رسوؿ ا﵁ ( )يقوؿ :من رأى منكم ً
أصبل ،فيشمل كل من فعل
يستطع فبقلبو ،وذلك أضعف اإليباف) ففي ىذا اغبديث الشريف مل ىبصص النيب ( )صاحب منكر بل مل يذكره ً
نصوصا أخرى كثَتة تدؿ على مشولية االحتساب على اعبميع دبا فيهم األبواف ،ومل يرد ما يدؿ
ً منكرا ،سواءً كاف أحد األبوين أـ غَتنبا ،كما إف ىناؾ
ً
(ب)النصوص الدالة على فرضية على استثنائهما من احتسأّما ،بل ورد ما يؤكد على القياـ باالحتساب عليهما.
االحتساب على األقارب.
إىل جانب النصوص العامة الدالة على مشروعية االحتساب على اعبميع ،وردت نصوص تدؿ على مشروعية االحتساب بل على فرضية االحتساب
على األقارب ،وفبا ال شك فيو أف أقرب أقارب اؼبرء أبواه ،ومن تلك النصوص ما يلي:
ِ
-1قولو تعاىل َ ﴿ :وأَنذ ْر َع ِش ََتتَ َ
ك ْاألَقْػَربِ َ
ُت﴾ ،ففي ىذه اآلية الكريبة أمر ا﵁ تعاىل نبيو الكرًن ( )بأف يقوـ بإنذار عشَتتو األقربُت ،والعشَتة -
كما قاؿ االماـ الراغب األصفهاين -صار اظبًا لكل صباعة من أقارب الرجل الذين يتكثر ّٔم .وقد خصصهم ا﵁ تعاىل بالذكر لشدة االىتماـ ّٔم،
13
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
14
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
باؼبعروؼ ،والنهي عن اؼبنكر ،والقياـ بالقسط ،يدخل فيو الشهادة بالعدؿ واغبكم بو ،وكذلك الفتوى ،وأف قوؿ اغبق ال يًتؾ وجوبو لعدو أو
لصديق ،وال هبوز اتباع اؽبوى".
المحاضرة السادسة
(ج )قياـ خليل الرضبن إبراىيم عليو السبلـ باالحتساب على أبيو
فبا يدؿ على مشروعية االحتساب على األبوين ما أخرب ا﵁ عن قياـ خليلو إبراىيم باالحتساب على أبيو آزر وقد ورد ذكر ىذا ُب عدة
سور من القرآف الكرًن ومنها ما يلي :
ت ِمل تَػعب ُد ما َال يسمع وَال يػب ِ ِ اب إِبػر ِاىيم إِنَّو َكا َف ِصدّْي ًقا نَّبِيِّا إِ ْذ قَ َ ِ ِ ِ
صُر َوَال يػُ ْغ ٍِت اؿ ألَبِيو يَا أَبَ َ ْ ُ َ َ ْ َ ُ َ ُْ ( )1فقد جاء ُب سورة مرًن َ ﴿ :واذْ ُك ْر ُِب الْكتَ ِ ْ َ َ ُ
ت َال تَػعب ِد الشَّيطَا َف إِ َّف الشَّيطَا َف َكا َف لِ َّلر ْضبػ ِن ع ِ ك فَاتَّبِع ٍِت أَى ِد َؾ ِصراطًا س ِويِّا يا أَب ِ ِ ِ ِ ِ
صيِّا َ َ ْ ُْ ْ َ َ َ َ نك َشْيئًا يَا أَبَت إِ ّْين قَ ْد َجاءَِين م َن الْع ْل ِم َما َملْ يَأْت َ ْ ْ َع َ
ِ ِ ِ اف ولِيِّا قَ َ ِ ِ
َّك َو ْاى ُج ْرِين يم لَئِن َّملْ تَنتَ ِو َأل َْر ُصبَن َ
َنت َع ْن آؽبَِيت يَا إبْػَراى ُ
بأ َ اؿ أ ََراغ ٌ
ِ
الر ْضبَػ ِن فَػتَ ُكو َف للشَّْيطَ َ
اب ّْم َن َّك َع َذ ٌ اؼ أَف يبََ َّس َ
َخ ُ ِ
يَا أَبَت إِ ّْين أ َ
وف اللَّ ِػو َوأ َْد ُعو َرّْيب َع َسى أََّال أَ ُكو َف بِ ُد َع ِاء َرّْيب َش ِقيِّا ك رّْيب إِنَّو َكا َف ِيب ح ِفيِّا وأ َْعتَ ِزلُ ُكم وما تَ ْدعو َف ِمن د ِ
ُ ْ ََ ُ َ َ َستَػ ْغفُر لَ َ َ ُ
اؿ س َبلـ علَيك سأ ِ
َمليِّا قَ َ َ ٌ َ ْ َ َ ْ
ِ
﴾ فبُت أف إبراىيم هنى أباه عن عبادة غَت ا﵁ الذي ال يسمع وال يبصر وال يغٍت عنو شيئاً ،وقد جعل ا﵁ تعاىل لنا أسوة ُب خليلو إبراىيم
يم َحنِي ًفا َوَما َكا َف ِم َن ، وأمر نبينا الكرًن صلوات ريب وسبلمو عليو وإيانا باتباع ملتو ،قاؿ ٍ ﴿ :بَّ أَوحيػنا إِلَي ِ ِ ِ َّ ِ ِ
ك أَف اتَّب ْع ملةَ إبْػَراى َْ ََْ ْ َ
يم َحنِي ًفا ﴾ .فبل شك أف على أفراد اؼبسلمُت أف يقوموا باالحتساب على اآلباء ،إف كاف َّ ِ ِ َّ ِ ِ ِ
ص َد َؽ اللػوُ فَاتَّب ُعوا ملةَ إبْػَراى َ
﴿قل َُت﴾ وقاؿ تعاىل ْ الْ ُم ْش ِرك َ
ىناؾ ما يقتضي ذلك ،متأسُت ُب ذلك دبن أمروا ُب اتباع ملتو .
ض َبل ٍؿ ُّمبِ ٍ ِ ِ اؿ إِبػر ِاى ِ ِ
ُت ﴾ .فأخرب ا﵁ تعاىل عن إبراىيم ك ُِب َ يم ألَبِيو َآزَر أَتَػتَّخ ُذ أ ْ
َصنَ ًاما آؽبَةً إِ ّْين أ ََر َاؾ َوقَػ ْوَم َ ( )2ورد ُب سورة األنعاـ قولو ِ :
﴿وإذ قَ َ ْ َ ُ
َ
أصناما آؽبة ،مفعوالف لتتخذ واستفهاـ فيو معٌت ُ ب ىذه اآلية أنو أنكر على أبيو آزر عبادة األصناـ .قاؿ اإلماـ القرطيب -رضبو ا﵁ ( : -أتتخذ ً
ض َبل ٍؿ ُّمبِ ٍ
ُت اإلنكار ) ومل يقتصر إبراىيم على اإلنكار بل بُت علة اإلنكار كما جاء فيما ذكره ا﵁ تعاىل من قولو ألبيو ﴿ إِ ّْين أ ََرا َؾ َوقَػ ْوَم َ
ك ُِب َ
﴾ .يقوؿ القاضي أبو السعود –رضبو ا﵁– إين أراؾ وقومك ُب ضبلؿ مبُت اعبملة تعليل لئلنكار والتوبيخ ،وقاؿ العبلمة ابن حياف األندلسي –رضبو
ا﵁– مبينًا داللة اآلية الكريبة :وفيو دليل على اإلنكار على من أمر اإلنساف بإكرامو إذا مل يكن على طريقة مستقيمة وعلى البداءة دبن يقرب من
ِ
ُت ﴾ . اإلنساف كما قاؿ ﴿ َوأَنذ ْر َع ِش ََتتَ َ
ك ْاألَقْػَربِ َ
نقبل عن بعض مفسري الزيدية ( :شبرة اآلية الداللة على وجوب النصيحة ُب الدين السيما لؤلقارب ) فإف من كاف أقرب فهو وذكر العبلمة القاظبي ً
ُت﴾ وقاؿ تعاىل ﴿ :قُوا أَن ُف َس ُك ْم َوأ َْىلِي ُك ْم نَ ًارا﴾ وقاؿ ( : ابدأ دبن تعوؿ ) وؽبذا بدأ بعلي وخدهبة
ك ْاألَقْػَربِ َ
ِ
أىم وؽبذا قاؿ تعاىل ﴿ َوأَنذ ْر َع ِش ََتتَ َ
وزيد – رضي ا﵁ عنهم – وكانوا معو ُب الدار فآمنوا وسبقوا ٍب بسائر قريش ٍب بالعرب ٍب باؼبوايل وبدأ إبراىيم بأبيو وقومو .وقاؿ الشيخ ؿبمد
بُت أضبد العدوي مبينًا ما يستفاد من إنكار إبراىيم على أبيو " :يرينا ا﵁ تعاىل أف نيب ا﵁ رأى أباه وقومو يعبدوف األصناـ ،فأنكر عليهم ،ومل
سبنعو األبوة من ذلك اإلنكار لَتينا أنو مل يكن من األدب مع اآلباء تركهم وما ىم فيو من باطل تأدبًا معهم وإلف كاف ذلك العمل مغضبًا لآلباء،
فهو مغضب للرب وحق ا﵁ تعاىل فوؽ حق اآلباء ).
15
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
كلمة أحاج لك ّٔا عند ا﵁ فقاال لو :أترغب عن ملة عبد اؼبطلب؟ فأعاد عليو النيب فأعادا فكاف آخر ما قاؿ ىو على ملة عبد اؼبطلب وأىب أف
يقوؿ ال الو إال ا﵁ فقاؿ النيب :ألستغفرف لك ما مل أنو عنك) وقد جاء النهي عن االستغفار للمشركُت ُب سورة التوبة.
ثالثًا :مرض العباس بن عبد اؼبطلب فتمٌت اؼبوت فاحتسب عليو النيب حيث هناه عن ذلك ،فقد روى اإلماماف أضبد وأبو يعلى عن أـ الفضل بن
عباس – رضي ا﵁ عنهم – قالت ( :دخل رسوؿ ا﵁ على عمو وىو شاكن يتمٌت اؼبوت للذي ىو فيو من مرضو؛ فضرب رسوؿ ا﵁ بيده
خَتا يكوف ذلك فهو خَت لك ،وإف تبق تستأنس تعتب من شيء
على صدر عباس ٍب قاؿ :ال تتمن اؼبوت يا عم رسوؿ ا﵁ فإنك إف تبق ذبد ً
يكوف ذلك خَت لك ) ومراد اغبديث أف النيب هنى عمو العباس بن عبد اؼبطلب عن سبٍت اؼبوت مبينًا حكمة ىذا النهي
أيب على أبيو -:
(ىػ)احتساب عبد ا﵁ – – ابن عبد ا﵁ بن ّ
وفبا يدؿ على مشروعية االحتساب على الوالدين ما قاـ بو عبد ا﵁ – – بن عبد ا﵁ بن أيب بن سلوؿ باإلنكار على أبيو الذي أساء األدب مع
رسوؿ ا﵁ فقد روى اإلماـ الًتمذي عن عمرو بن دينار أنو ظبع جابر بن عبد ا﵁ – – وىو يقوؿ ( كنا ُب غزاة فكسع رجل من اؼبهاجرين
رجبل من األنصار - ،ومعٌت كسع أي ضرب دبره بيده أو بصدر قدميو ،-فقاؿ اؼبهاجري :يا للمهاجرين ،وقاؿ األنصاري يا لؤلنصار ،فسمع ذلك
ً
رجبل من األنصار ،فقاؿ النيب دعوىا فإهنا منتنة) وُب قوؿ الرسوؿ
رجبل من اؼبهاجرين قد كسع ً
النيب فقاؿ :ما باؿ دعوى اعباىلية ،قالوا ً
ما باؿ دعوى اعباىلية أي ما شأهنا ،وىو ُب اغبقيقة منع وإنكار لقوؿ يا لفبلف وكبوه ،قاؿ (:فسمع ذلك عبد ا﵁ بن أيب بن سلوؿ فقاؿ أوقد
فعلوىا؟ ،لئن رجعنا إىل اؼبدينة ليخرجن األعز منها األذؿ فقاؿ عمر – – يا رسوؿ ا﵁ دعٍت أضرب عنق ىذا اؼبنافق ،فقاؿ النيب : دعو فبل
ؿبمدا يقتل أصحابو )
يقوؿ الناس أف ً
وقاؿ عمرو بن دينار فقاؿ لو ابن عبد ا﵁ بن عبد ا﵁ ( :وا﵁ ال تنقلب (أي ال ترجع) حىت تقر أنك الذليل ورسوؿ ا﵁ العزيز ففعل ) وُب رواية
أف عبد ا﵁ – – ابن عبد ا﵁ بن أيب استأذف النيب ُ ب قتل أبيو بسبب إساءتو األدب معو لكنو مل يأذف لو وقاؿ :ال بل بُر أباؾ وأحسن
صحبتو ) واػببلصة أف عبد ا﵁ – – بن عبد ا﵁ بن أيب بن سلوؿ أنكر على والده ؼبا أساء األدب مع النيب ومل ينكر عليو النيب احتسابو
ذلك على أبيو.
(و) احتساب سامل بن عبد ا﵁ – رضي ا﵁ عنهما – على أبيو تأخَته الصبلة ُب السفر :
ما ثبت من احتساب سامل بن عبد ا﵁ بن عمر – رضي ا﵁ عنهم – على أبيو تأخَته صبلة اؼبغرب فقد روى اإلماـ البخاري عن سامل قاؿ ( :أخر
بن عمر رضي ا﵁ عنهما اؼبغرب وكاف استصرخ على امرأتو صفية بنت أيب عبيد ومعٌت استصرخ أي أخرب دبوت زوجتو صفية بنت أيب عبيد وىي
أخت ـبتار الثقفي وىو من الصراخ وأصلو االستغاثة بصوت مرتفع وكاف ذلك ُب طريق مكة ،قاؿ :فقلت لو الصبل َة ،بالنصب على اإلغراء ،أي
الصبلة حضرت ،قاؿ :الصبلةُ وهبوز الرفع على االبتداء أي الصبلة حضرت وهبوز الرفع على اػبربية أي ىذه الصبلة أي وقت الصبلة ،فقلت لو:
الصبلة ،فقاؿ :سر ،فقلت :الصبلة ،فقاؿ :سر ،حىت سار ميلُت أو ثبلثة ٍب نزؿ فصلى ٍب قاؿ ىكذا رأيت النيب يصلي إذا أعجلو السَت .لقد
كاف سامل – رضبو ا﵁ تعاىل – يظن أف أوقات الصلوات تراعى ُب السفر كمراعاهتا ُب اغبضر فلما رأى أف أباه قد أخر صبلة اؼبغرب عن وقتها
احتسب عليو ،وذكر إياه أف وقتها قد حضر وأف عليو أف يؤديها ُب وقتها ومل يقف سامل باحتسابو على والده عند تنبيهو مرة واحدة بل ذكره مرتُت.
وقاؿ ابن حجر – رضبو ا﵁ – تعلي ًقا على قوؿ سامل – رضبو ا﵁ تعاىل – فقلت لو الصبلة على قولو فيو ما كانوا عليو من مراعاة أوقات العبادة ومل
يستنكر عبد ا﵁ بن عمر – رضي ا﵁ عنهما – أصل احتساب ابنو سامل عليو ،بل َّبُت أف مستند تأخَته ُب السفر تأخَت النيب إياىا ُب السفر.
(ز)تذكَت النيب عند نسيانو يدؿ على مشروعية االحتساب على الوالدين:
فبا يدؿ على مشروعية االحتساب على الوالدين ما دلت عليو عدة نصوص من مشروعية تذكَت النيب وسبلمو عليو إذا سها أو نسي ومن تلك
النصوص ما يلي:
16
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
أوال :روى اإلماماف أبا داوود وابن حبانة عن اؼبسور بن يزيد اؼبالكي أف رسوؿ ا﵁ قاؿ ( شهدت رسوؿ ا﵁ يقرأ ُب الصبلة وترؾ شيئًا مل
ً
يقرأه ،فقاؿ رجل :يا رسوؿ ا﵁ ،قد تركت آية كذا وكذا ،فقاؿ رسوؿ ا﵁ :ىبل ذكرتنيها ،وُب رواية قاؿ :ظننت أهنا قد نسخت ،قاؿ :فإهنا مل
تنسخ ) ففي ىذا اغبديث الشريف مل يقتصر النيب على إقرار وتنبيو الصحايب إياه على تركو إياه آية أثناء القراءة ُب الصبلة فحسب ،بل حرص
النيب على تنبيهو إذا نسي ُب وقتو.
ثانيًا :وقد روى اإلماماف أبو داوود وابن حباف عن عبد ا﵁ بن عمر رضي ا﵁ عنهما أف النيب صلى صبلة فقرأ فيها فلبس عليو ،أي التبس
واختلط عليو ومنو قوؿ تعاىل ( ولبسنا عليهم ما يلبسوف ) وُب بعض النسخ بضم البلـ وتشديد اؼبوحدة مكسورة ،وقاؿ اؼبنذري لبس بالتخفيف ،أي
مع ضم البلـ وكسر اؼبوحدة ،قاؿ فلبس عليو فلما انصرؼ قاؿ أليب – – أصليت معنا؟ قاؿ :نعم ،قاؿ :ما منعك؟ .ففي ىذا اغبديث
الشريف بُت النيب أليب بن كعب – – أنو كاف عليو تذكَته عندما لبس عليو ُب القراءة ،قاؿ ابن اػبطايب – رضبو ا﵁ -قلت ":معقوؿ
أنو أراد بو ما منعك أف تفتح علي إذ رأيتٍت قد لبس علي؟".
ثالثًا :وروى اإلماـ البخاري عن أيب ىريرة – قاؿ ( :صلى النيب الظهر ركعتُت ،فقيل قد صليت ركعتُت ،فصلى ركعتُت ٍب سلمٍ ،ب سجد
سجدتُت ) وفبا يدؿ عليو اغبديث الشريف أف النيب قد نسي ُب الصبلة فنبو على نسيانو ،فأخذ بالتنبيو صلوات ريب وسبلمو عليو.
ابعا :وروى ابن حباف من حديث عبد ا﵁ بن سبلـ – – قصة زيد بن سعنة وفبا جاء فيها أنو أخذ دبجامع قميص النيب وأغلظ لو القوؿ،
رً
طالبًا ما كاف ُب ذمة النيب قبل حلوؿ األجل بيوـ أو بيومُت أو يومُت أو ثبلثة ،وشاىد ذلك عمر بن اػبطاب – – فنظر إليو غاضبًا :أي
عدو ا﵁ أتقوؿ لرسوؿ ا﵁ ما أظبع وتفعل بو ما أرى؟ فلوال والذي بعث باغبق لوال ما أحاذر فوتو ( والفوت ىو السبق ) لضربت بسيفي ىذا
عنقك ،ورسوؿ ا﵁ ينظر ُب سكوف وتؤدة ٍب قاؿ :إنا كنا أحوج إىل غَت ىذا منك يا عمر أف تأمرين حبسن األداء وتأمره حبسن اتباعو – أي
طلب الدين.
وفبا قبد ُب ىذا اغبديث الشريف أف النيب أمر عمر بن اػبطاب – – بأف يأمره حبسن األداء فإذا كاف النيب وىو سيد األولُت واآلخرين
تنبيها ينبهو على النسياف ُب الصبلة ،ويأمر بأف يؤمر حبسن األداء فلما ال
وبث على تنبيهو إذا نسي ويأمر بتذكَته إذا التبس عليو ُب القراءة ،ويقبل ً
يذكر من ىو دونو إذا نسي ،وينبو إذا سها ،وؼبا ال يؤمر من ىو دونو باؼبعروؼ إذا تركو وينهى عن اؼبنكر إذا فعلو ،فإذا كاف التأدب مع النيب
اليبنع من تنبيهو وتذكَته إذا سها أو نسي فكيف يبنع االحتساب على غَته كائنًا من كاف؛ ألف صبيع من سواه دبا فيهم الوالداف دونو ُب اؼبنزلة ،وىذا
قد ترجم اإلماـ ابن حباف اغبديث السابق الذي فيو أمر النيب عمر بن اػبطاب – – بأف يأمره حبسن األداء بقولو :ذكر االستحباب للمرء
أف يأمر باؼبعروؼ من ىو فوقو ومثلو ودونو ُب الدين والدنيا ،إذا كاف قصده فيو النصيحة دوف التعيَت.
المحاضرة السابعة
(ح)عظم حق األبوين الذي يقتضي االىتماـ البالغ باالحتساب عليهما
حيث أف االحتساب ؼبصلحة من يؤمر باؼبعروؼ أو ينهى عن اؼبنكر ،وذلك ألف تارؾ اؼبعروؼ أو فاعل اؼبنكر يعرض نفسو لسخط ا﵁ تعاىل
وعذابو ،حيث ترؾ ما أمر بو ا﵁ تعاىل أو رسولو فعلو أو فعل ما هنى ا﵁ تعاىل أو رسولو عن فعلو ،ويأمر ا﵀تسب باؼبعروؼ الذي تركو وينهاه عن
اؼبنكر الذي فعلو ،كي يسلم من غضب ا﵁ تعاىل وعقابو.
قاؿ اإلماـ الغزايل – رضبو ا﵁ تعاىل – ُب تعريف اغبسبة " :اغبسبة عبارة عن اؼبنع عن منكر ُب حق ا﵁ صيانة للممنوع عن مقارفة اؼبنكر" ،فبُت
رضبو ا﵁ تعاىل أف ىدؼ ا﵀تسب من وراء احتسابو وقاية من يبنعو عن ارتكاب اؼبنكر ،فخبلصة الكبلـ أف األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر ؼبنفعة
من يؤمر باؼبعروؼ وينهى عن اؼبنكر ،وحق من تراعى مصاغبهم وأوالىم األبواف ؼبا ؽبما من حق عظيم على األوالد ،وفبا يدؿ على ىذا ما رواه
اإلماـ البخاري -رضبو ا﵁– عن أيب ىريرة قاؿ ( :جاء رجل إىل رسوؿ ا﵁ فقاؿ :يا رسوؿ ا﵁ ،من أحق الناس حبسن صحابيت؟ قاؿ :أمك،
17
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
قاؿٍ :ب من؟ قاؿ :أمك ،قاؿٍ :ب من؟ قاؿ أمك ،قاؿ ٍب من؟ قاؿ :أبوؾ ) ويدؿ على ىذا كذلك ما رواه األئمة أضبد والبخاري وابن ماجة واغباكم
عن اؼبقداـ بن معدي كرب : أف رسوؿ ا﵁ قاؿ ( :إف ا﵁ يوصيكم بأمهاتكم ثبلثًا ،إف ا﵁ يوصيكم بآبائكم ،إف ا﵁ يوصيكم باألقرب
فاألقرب ) .وىذا يقتضي أف يكوف االىتماـ بأمر الوالدين باألمر باؼبعروؼ الذي تركاه ،وهنيهما من اؼبنكر الذي فعبله ،أكثر وأشد وأعظم من
غَتنبا،
يقوؿ الشيخ عمر السناين – رضبو ا﵁ – مبينًا لضرورة االحتساب على األبوين " -:واعلم أف األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر ال يسقط حبق األبوة
واألمومة؛ ألف النصوص مطلقة ،وألف ُب األمر باؼبعروؼ ،والنهي عن اؼبنكر اؼبنفعة للمأمور واؼبنهي ،واألب واألـ أحق أف يوصل الولد إليهما اؼبنفعة،
وقاؿ الشيخ العدوي مبينًا حكمة شرعية االحتساب على األب " :إف األب قد أحسن إىل ولده اإلحساف كلو بًتبيتو واإلنعاـ عليو ،فقد كاف من
البلئق مكافأتو على ذلك اإلحساف ،وإف أكرب اإلحساف لؤلب دعوتو إىل ما فيو سعادتو وإنقاذه من النار".
مثاال إلدراؾ ضرورة االحتساب على الوالدين وأنبيتو ،ىناؾ حريق ُب غرفة األبوين وتكاد النار سبسهما بل ربرقهما وتأكلهما ،وولدنبا
ولنضرب ً
جالسا ُب غرفتو تارًكا أبويو تأكلهما النار قد
جالس ُب غرفة أخرى من اؼبنزؿ ،ماذا هبب على الولد ذباه أبويو ُب ىذه اغبالة؟ ىل الولد الذي يبقى ً
أدى حق األـ اليت ضبلتو وىنًا على وىن وأرضعتو حولُت كاملُت ،وآثرتو على نفسها ُب الشدائد والكرب؟ ىل أدى مثل ىذا الولد حق والده الذي
بارا بأبويو؟ كبل ورب الكعبة ،فالوالداف اللذاف
يتحمل اؼبشاؽ لكسب ما يوفر لو بو ما وبتاجو ،ويتجشم الصعوبات لًتبيتو؟ ىل يعد مثل ىذا الولد ً
يًتكاف ما فرض ا﵁ تعاىل عليهما ،ويفعبلف ما حرمو ا﵁ تعاىل عليهما يقًتباف من نار جهنم اليت فضلت على النار الدنيا بتسعة وتسعُت جزءًا كلهن
مثل حرىا ،فماذا ينبغي أف يكوف موقف ولد بار ذباه مثل ىذين األبوين.
(ط)احتساب اؼبرء على األبوين يقوي احتسابو على اآلخرين:
إف االحتساب على األبوين أمثل للطعن فيمن أمر الناس باؼبعروؼ وهناىم عن اؼبنكر ،وال ننسى أف الناس يراقبوف من يأمرىم باؼبعروؼ وينهاىم عن
اؼبنكر ،فإذا وجدوه يأمر أبويو دبا يأمرىم بو ،وينهانبا عن ما ينهاىم عنو قوي احتسابو لديهم ،والتفت الطعن عنو حيث مل يفرؽ بُت القريب والبعيد
ُب احتسابو ،وقد أشار إىل ىذا علماء األمة –رضبهم ا﵁ تعاىل–فعلى سبيل اؼبثاؿ قاؿ اإلماـ الرازي ُب تفسَت قولو تعاىل ﴿ :فَ َبل تَ ْدعُ َم َع اللَّ ِػو إِلَػٰ ًها
ِ
ُت َ وأَنذ ْر َع ِش ََتتَ َ
ك ْاألَقْػَربِ َ
ُت﴾ ِ
آخَر فَػتَ ُكو َف م َن الْ ُم َع َّذبِ َ
َ
أوال ٍب باألقرب فاألقرب،
بدأ ا﵁ بالرسوؿ فتوعده إف دعا مع ا﵁ إؽبًا آخر ٍب دعاه بدعوة األقرب فاألقرب ،وذلك ألنو إف تشدد على نفسو ً
وقاؿ الشيخ ؿبمد مل يكن ألحد طعن البتة ،وكاف قولو أنفع وكبلمو أقبح.
العدوي مبينًا حكمة دعوة إبراىيم عليو السبلـ ألبيو ومن فوائد دعوة إبراىيم -عليو السبلـ -ألبيو أف يقيم اغبجة على قومو حىت ال يقولوا ؼباذا يدع
أقاربو ُب ضبلؽبم ويدعونا ،أليس من البلئق أف يفرؽ بُت قريب وبعيد إذا كاف ما يقولو ح ًقا ،فلكي تنقطع أعذارىم دعا أباه إىل عبادة ا﵁ وحدهٍ ،ب
دعا قوموٍ ،ب أضاؼ الشيخ العدوي قولو ":ولردبا كاف ىذا السر ُب تكليف نبينا ؿبمد بإنذار عشَتتو األقربُت قبل إنذار قومو ،وقد صدع باألمر
وأخذ هبمعهم وىبوفهم من ا﵁ ،ويريهم أنو ال يغٍت عنهم من عذاب ا﵁ شيئًا إذا ىم خالفوه" وأخذ يقوؿ ( :يا عباس بن عبد اؼبطلب ال أغٍت عنك
من ا﵁ شيئا ،يا صفية عمة رسوؿ ا﵁ ال أغٍت عنك من ا﵁ شيئًا ،ويا فاطمة بنت ؿبمد سليٍت ما شئت من مايل ال أغٍت عنك من ا﵁ شيئًا)
وىكذا ؼبا أعلن رسوؿ ا﵁ ُ ب خطبتو بوادي ُعرنة ُب حجة الوداع إبطاؿ أعماؿ اعباىلية بدأ بإبطاؿ ما كاف ىبص أقاربو وعمو العباس بن عبد
اؼبطلب فقد روى اإلماـ مسلم عن جابر قاؿ :فقد أتى رسوؿ ا﵁ بطن الوادي ،وىو وادي ُعرنة ،فخطب الناس فقاؿ( :إِ َّف ِد َماءَ ُك ْم
اىلِيَّ ِة
اعب ِ ِ وأَموالَ ُكم حراـ علَي ُكم َكحرم ِة يػوِم ُكم ىذا ُب َشه ِرُكم ىذا ُب بػلَ ِد ُكم ىذا ،أال ُك ُّل َشي ٍء من أَم ِر ْ ِ ِ ِ
وعَ ،ود َماءُ َْ
ض ٌت قَ َد َم َّي َم ْو ُاعبَاىليَّة َْرب َ ْ ْ َ ْ ْ ْ َ ْ َ ْ ََ ٌ َ ْ ْ ُ َْ َْ ْ
ث كاف مستػر ِضعاً ُب ب ٍِت سع ٍد فَػ َقتػلَْتو ى َذيل ،وِربا ْ ِ ِ ِ اغبا ِر ِ ِ ِ
َض ُع ِربَانَا
ضوعٌَ ،وأ ََّو ُؿ ِرباً أ َ
اعبَاىليَّة َم ْو ُ َ َْ َ ُ ُ ٌْ َ َ ُ َْْ وعةٌَ ،وإِ َّف أ ََّو َؿ َدٍـ أ َ
َض ُع من د َمائنَا َد ُـ ابن َربِ َيعةَ بن َْ ض َ َم ْو ُ
ضوعٌ ُكلُّوُ).وقبد ُب ىذه اػبطبة أف أوؿ أعماؿ اعباىلية اليت أبطلها رسوؿ ا﵁ ما كاف متعل ًقا بعمو العباس – اس بن عبد الْمطَّلِ ِ
ب فإنو َم ْو ُ ِربَا َعبَّ ِ
ُ
رضي ا﵁ عنو -قاؿ اإلماـ النووي –رضبو ا﵁ -تعلي ًقا على قولو ( أال كل شيء فإنو موضوع كلو ) ُ :ب ىذه اعبملة إبطاؿ ألفعاؿ اعباىلية
18
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
ووضعها اليت مل يتصل ّٔا قبض ،وأنو ال قصاص ُب قتلها ،وأف اإلماـ وغَته من يأمر دبعروؼ أو ينهى عن منكر ينبغي أف يبدأ بنفسو وأىلو فهو
أقرب إىل قبوؿ قولو.
(ؾ)أف منزلة األبوين ُب األسرة تقتضي العناية الفائقة باالحتساب عليهما،
أثرا على من دوهنم من اتباعهم ُب اإلقباؿ على اػبَت واإلعراض عنو ولذا كاف األنبياء والرسل السابقوف وسيدىم
فبا ال شك فيو أف ألصحاب اؼبنزلة ً
نبينا وعليهم يهتموف بدعوة الرؤساء والزعماء والكبار ،وإف لؤلبوين ُب األسرة مكانة ال تنكر ،فكما ُب فعلهما اؼبعروؼ وتركهما اؼبنكر دعوة قوية
صامتة ألفراد األسرة لفعل اؼبعروؼ وترؾ اؼبنكر ،وىكذا فإف ُب تركهم اؼبعروؼ وفعلهم اؼبنكر حثًا قويًا ؽبم على ترؾ اؼبعروؼ وإتياف اؼبنكر .
ويدؿ ىذا كذلك على ما توصلت إليو بعض الدراسات أف من أسباب تعاطي الشباب للمخدرات تعاطي آبائهم للمخدرات ،وتعاطي أمهاهتم
اؼبهدئات ،وأف ىذا يقتضي أف يكوف االىتماـ بأمر الوالدين باؼبعروؼ الذي تركاه ،وهنيهما عن اؼبنكر الذي فعبله أكثر حىت ال يرتكب أفراد األسرة
اآلخروف اؼبخالفات الشرعية متأثرين ّٔما.
درجات االحتساب على الوالدين وآدابو :
ىناؾ درجات لبلحتساب فهل للولد أف وبتسب على والديو ُب صبيع تلك الدرجات أـ ُب بعضها دوف غَتىا؟
وما اآلداب اليت ال بد من مراعاهتا عند االحتساب عليهما؟
األوؿ :التعريف والنهي بالوعظ والنصح بالتخويف من ا﵁ تعاىل. سيكوف اغبديث ُب ىذا اؼبوضوع من خبلؿ عناصر ثبلثة :
نكرا ُمتعل ًقا باألبوين باليد.
الثالث :ىل للولد أف يغَت ُم ً الثاين :ىل للولد أف وبتسب على الوالدين بالتعنيف.
أما التعريف والنهي بالوعظ والنصح بالتخويف من ا﵁ تعاىل فللولد أف وبتسب على أبويو بدرجة التعريف ،واؼبراد بالتعريف اإلخبار بأف ما تُرؾ كاف
هبب أو ينبغي فعلو ،وأف ما فُعل هبب أو ينبغي تركو .وللولد كذلك أف وبتسب على والديو بالنهي بالوعظ والنصح بالتخويف من ا﵁ ،واؼبراد ّٔذه
الدرجة األمر باؼبعروؼ الذي تُرؾ أوالنهي عن اؼبنكر الذي فُعل ،ببياف ما يًتتب على ـبالفة للشرع من حرماف وخسراف ُب الدنيا واآلخرة ،وتعرض
العاصي لغضب ا﵁ تعاىل وسخطو ونقمتو وعقابو .
من آداب االحتساب ؽباتُت الدرجتُت على الوالدين أف يكوف بلطف ولُت ورفق من غَت عنف وال غضب وفبا يدؿ على ىذا :
أوال :أف األصل ُب االحتساب على الناس أف يكوف بلطف ولُت ورفق وال يعدؿ عنو إىل الشدة والقسوة إال ُب أحواؿ استثنائية ،وإذا كاف كذلك مع
ً
ضى عامة الناس فيكوف مع األبوين من باب أوىل؛ لعظم حقهما على الولد كما جاء ُب الكتاب والسنة ،ومن ذلك ما جاء ُب قولو تعاىل َ ﴿ :وقَ َ
ُؼ َوَال تَػْنػ َه ْرُنبَا َوقُل َّؽبَُما قَػ ْوًال َك ِريبًا ﴾.وفبا جاء ُب َح ُد ُنبَا أ َْو كِ َبل ُنبَا فَ َبل تَػ ُقل َّؽبَُما أ ٍّ ك أََّال تَػعب ُدوا إَِّال إِيَّاه وبِالْوالِ َدي ِن إِحسانًا إِ َّما يػبػلُغَ َّن ِع َ ِ
ند َؾ الْكبَػَر أ َ َْ َُ َ ْ َْ ُْ َربُّ َ
ك إِ ََّ ِ ِِ ِ ِِ ِ
يل الْ َمصَتُ َ وإِف َج َ
اى َد َاؾ َعلَى أَف ُت أ َِف ا ْش ُك ْر ِيل َول َوال َديْ َ صالُوُ ُِب َع َام ْ ِ نسا َف ب َوال َديْو َضبَلَْتوُ أ ُُّموُ َوْىنًا َعلَى َوْى ٍن َوف َ قولو تعاىلَ ﴿ :وَو َّ ِ
صْيػنَا ْاإل َ
يل َم ْرِج ُع ُك ْم فَأُنػَبّْئُ ُكم ِدبَا ُكنتُ ْم تَػ ْع َملُو َف ﴾ .
يل ٍُبَّ إِ ََّ
اب إِ ََّ
يل َم ْن أَنَ َ ِ ِ
الدنْػيَا َم ْعُروفًا َواتَّب ْع َسب َ
ك بِِو عِ ْلم فَ َبل تُ ِطعهما وص ِ
احْبػ ُه َما ُِب ُّ ُْ َ َ َ ٌ س لَ َ ِ ِ
تُ ْشرَؾ يب َما لَْي َ
ثانيًا :جعل ا﵁ تعاىل لنا أسوة حسنة ُب خليلو إبراىيم عليو الصبلة والسبلـ ،وأمر نبينا الكرًن ُ ب اتباع ملتو فقد قاؿ عز من قائل ﴿ ٍبَّ أ َْو َحْيػنَا
يم َحنِي ًفا ﴾ فعلينا أف نتأسى خبليل الرضبن َّ ِ ِ َّ ِ ِ ك أ َِف اتَّبِع ِملَّةَ إِبػر ِاى ِ
ص َد َؽ اللو فَاتَّب ُعوا ملةَ إبْػَراى َ يم َحني ًفا ﴾ ،وأمرنا ّٔذا كذلك حيث قاؿ ﴿ قُ ْل َ َْ َ ْ إِلَْي َ
إبراىيم عليو -الصبلة والسبلـُ -ب احتسابو على أبيو حيث قاـ بو بلطف ورفق وإظهار الشفقة والرضبة عليو كما جاء ُب قولو تعاىل ﴿ َواذْ ُك ْر ُِب
ت إِ ّْين قَ ْد َجاءَِين ِم َننك َشيئًا يا أَب ِ ِ ِ ِ اب إِبػر ِاىيم إِنَّو َكا َف ِصدّْي ًقا نَّبِيِّا إِ ْذ قَ َ ِ ِ ِ
َ َ اؿ ألَبِيو يَا أَبَت ملَ تَػ ْعبُ ُد َما َال يَ ْس َم ُع َوَال يػُْبصُر َوَال يػُ ْغ ٍِت َع َ ْ الْكتَ ِ ْ َ َ ُ
ِ ِ ِ ِ
اب
ك َع َذ ٌ اؼ أَف يبََ َّس َ
َخ ُ ِ ِ ِ
ك فَاتَّبِ ْع ٍِت أ َْىد َؾ صَراطًا َس ِويِّا يَا أَبَت َال تَػ ْعبُد الشَّْيطَا َف إِ َّف الشَّْيطَا َف َكا َف ل َّلر ْضبَػ ِن َعصيِّا يَا أَبَت إِ ّْين أ َ الْعِْل ِم َما َملْ يَأْتِ َ
اؿ س َبلـ علَيك سأ ِ ِ ِ ِ ِ اف ولِيِّا قَ َ ِ ِ
ك َّك َو ْاى ُج ْرِين َمليِّا قَ َ َ ٌ َ ْ َ َ ْ
َستَػ ْغفُر لَ َ يم لَئِن َّملْ تَنتَ ِو َأل َْر ُصبَن َ
َنت َع ْن آؽبَِيت يَا إبْػَراى ُ
بأ َ
اؿ أ ََراغ ٌ
ِ
الر ْضبَػ ِن فَػتَ ُكو َف للشَّْيطَ َّْم َن َّ
َرّْيب إِنَّوُ َكا َف ِيب َح ِفيِّا ﴾ .
ذبلى رفق إبراىيم ُب احتسابو على أبيو ُب عدة أوجو منها ما يلي -:
19
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
مذكرا والده برابطة األبوة اليت ىي من أقوى الروابط واليت من شأهنا أف ذبعل كبل الطرفُت جد
الوجو األوؿ :أنو صدر كل نصيحة بقولو يا أبت ً
حريص على مصلحة صاحبو.
الوجو الثاين :طلب من والده أف يتدبر ُب فعلو ،حيث كاف يعبد ما ال يسمع وال يبصر وال يغٍت عنو شيئا.
الوجو الثالث :مل يصف والده باعبهل اؼبفرط ،ومل يصف نفسو بالعلم الفائق ،بل بُت بأدب أف معو طائفو من العلم ليس مع أبيو منو شيء.
الوجو الرابع :أخرب أباه أف إعراضو عن توحيد ا﵁ تعاىل بالعبادة ليس إال بسبب اتباعو الشيطاف الذي ىو عدو لو.
الوجو اػبامس :مل يقل ألبيو إف عذاب ا﵁ تعاىل الحق لو الصق بو بل أخرب بأدب رفيع أنو ىبشى أف يصيبو عذاب من الرضبن وُب ىذا يقوؿ
الزـبشري " :انظر عندما أراد أف ينصح أباه ويعظو فيما كاف متورطًا فيو من اػبطأ العظيم واالرتكاب الشنيع ،من الغباوة اليت ليس بعدىا غباوة،
كيف رتب الكبلـ معو ُب أحسن اتساؽ ،وساقو أرشق مساؽ مع استعماؿ آّاملة واللطف والرفق واللُت واألدب اعبميل واػبلق اغبسن ،وذلك أنو
أوال العلة ُب خطأه ٍب ثٌت بدعوتو إىل اغبق مًتف ًقا بو متلط ًفا؛ فلم يسم أباه باعبهل اؼبفرط وال نفسو بالعلم الفائق ،ولكنو قاؿ إف معي
طلب منو ً
طائفة من العلم وشيئًا منو ليس معك ،وذلك علم الدارس على الطريق السوي فبل تستنكف ،وىب إين وإياؾ ُب مسَت وعندي معرفة باؽبداية دونك
فاتبعٍت أقبك من أف تضل وتتيوٍ ،ب ثلث بتثبيطو وهنيو عما كاف عليو ألف الشيطاف الذي مل يستعص على ربك الرضبن الذي صبيع ما عندؾ من نعم
من عنده ىو عدوؾ الذي ال يريد بك إىل كل ىبلؾ وخزي ونكاؿ وعدو أبيك آدـ عليو السبلـ وأبناء جنسك كلهم وىو الذي ورطك ُب ىذه
الضبللة وأمرؾ ّٔا وزينها لكٍ ،ب ربع بتخويفو سوء العاقبة وفبا قد هبره إليو من ضبلؿ التبعة والوباؿ ومل ىبل ذلك من حسن األدب حيث مل يصرح
بأف العقاب الحق لو وأف العذاب الصق بو ولكنو قاؿ :أخاؼ أف يبسك عذاب ،وذكر اػبوؼ واؼبس ونكر العذاب وصدر كل نصيحة من نصائحو
توسبل إليو واستعطافًا".
األربعة بقولو "ياأبت" ً
ثالثا :يدؿ كذلك على أف االحتساب على الوالدين يكوف بلُت ورفق ما قبده من لطف ورأفة من احتساب النيب على عميو أيب طالب والعباس
فقد خاطب النيب عمو أبا طالب عند أمره إياه بأف يقوؿ ال إلو إال ا﵁ بقولو ( يا عم قل ال إلو إال ا﵁ كلمة أشهد لك ّٔا عند ا﵁ ) وصدر
مذكرا إياه بالرابطة اليت تربطو معو ،وما زبرب بو ىذه الرابطة أف ال يأمره إال دبا فيو سعادتو العاجلة واآلجلة،
النيب خطابو عمو أيب طالب بقولو يا عم ً
قائبل ( :ال تتمن اؼبوت يا عم رسوؿ ا﵁ ) .إىل آخر اغبديث.
وىكذا ؼبا هنى النيب الكرًن عمو العباس عن سبٍت اؼبوت ً
المحاضرة الثامنة
اؼبسألة اؼبتعلقة باالحتساب على الوالدين بالتعنيف.
فهل للولد أف وبتسب على والديو بالتعنيف؟
كثَتا من العلماء صرحوا أنو ليس للولد أف وبتسب على أبويو بالتعنيف ،فعلى سبيل اؼبثاؿ قاؿ اإلماـ الغزايل –رضبو ا﵁– " :وليس لو -أي
قبد أف ً
الولد -اغبسبة بالسب والتعنيف والتهديد وال دبباشرة الضرب".
وأثار اإلماـ الغزايل بنفسو سؤ ًاال على كبلمو ىذا حيث قاؿ" :فإف قيل من أين قلتم ليس لو اغبسبة بالتعنيف والضرب واإلرىاؽ إىل ترؾ الباطل،
خاصا فيما ال يتعلق
عاما من غَت زبصيص ،وأما النهي عن التأفيف واإليذاء فقد ورد ً
واألمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر ُب الكتاب والسنة ،ورد ً
بارتكاب اؼبنكرات؟ ٍب أجاب اإلماـ الغزايل –رضبو ا﵁ – بنفسو عن ىذا السؤاؿ بقولو فنقوؿ :قد ورد ُب حق األب على اػبصوص ما يوجب
حدا وليس لو أف يباشر إقامة اغبد عليو ،بل ال يباشر قتل أبيو الكافر بل
االستثناء على العموـ ،إذ ال خبلؼ أف اعببلد ليس لو أف يقتل أباه ُب الزنا ً
لو قطع يده مل يلزمو قصاص ،ومل يكن لو أف يؤذيو ُب مقابلتو وقد ورد ُب ذلك أخبار وثبت بعضها باإلصباع.
فإذا مل هبز لو إيذاؤه بعقوبة ىي حق على جناية سابقة فبل هبوز لو إيذاؤه بعقوبة ىي منع عن جناية مستقبلة متوقعة بل أوىل ) وقاؿ بعض العلماء
فأما الوالداف فليس للولد عليهما إال التعريف ٍب النهي بالوعظ والنصح وليس لو أف يعنفهما أو يهددنبا أو يضرّٔما ،وقاؿ بعضهم وليس للولد مقابلة
21
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
والده بالتخويف ،وال بالتهديد وال بالضرب وال بالسب وال بالتعنيف وال بتخشُت الكبلـ وذلك ألف الوالد لو على ولده حق عظيم وقد قرف ا﵁ حقو
ك أََّال تَػ ْعبُ ُدوا إَِّال إِيَّاهُ َوبِالْ َوالِ َديْ ِن إِ ْح َسانًا ﴾.
ضى َربُّ َ
﴿وقَ َ
حبق الوالدين ُب قولو تعاىلَ :
ك بِِو ِعلْ ٌم فَ َبل
س لَ َ ِ ِ
اى َد َاؾ َعلَى أَف تُ ْشرَؾ يب َما لَْي َ ﴿وإِف َج َ وأمر باإلحساف إىل الوالدين وإف كانا كافرين مع عدـ طاعتهما ُب الشرؾ ،قاؿ تعاىلَ :
ِ ِ تُ ِطعهما وص ِ
احْبػ ُه َما ُِب ُّ
اب ﴾. يل َم ْن أَنَ َ الدنْػيَا َم ْعُروفًا َواتَّب ْع َسب َ ُْ َ َ َ
ض َبل ٍؿ ُّمبِ ٍ ِ ِ اؿ إِبػر ِاى ِ ِ
ُت﴾ أف ك ُِب َ يم ألَبِيو َآزَر أَتَػتَّخ ُذ أ ْ
َصنَ ًاما آؽبَةً إِ ّْين أ ََر َاؾ َوقَػ ْوَم َ ﴿وإ ْذ قَ َ ْ َ ُ
وعلى خبلؼ ىذا ذكر بعض اؼبفسرين ُب تفسَت قولو تعاىل ِ :
َ
خليل الرضبن إبراىيم ،احتسب على أبيو آزر بالتعنيف فعلى سبيل اؼبثاؿ قاؿ اإلماـ الرازي" :لعلو أصر -آزر -على كفره ،فؤلجل اإلصرار
استحق ذلك التغليظ وا﵁ أعلم".
وقاؿ نظاـ الدين النيسابوري " :والتغليظ من إبراىيم إمبا كاف ألجل إصرار أبيو على الكفر " وقاؿ اغبافظ ابن كثَت رضبو ا﵁ " :واؼبقصود أف
ض َبل ٍؿ ُّمبِ ٍ
ُت﴾" واعبملة تعليل إبراىيم وعظ أباه ُب عبادة األصناـ وزجره عنها فلم ينتو" وقاؿ أبو السعود ُب قولو تعاىل ﴿ :إِ ّْين أ ََر َاؾ َوقَػ ْوَم َ
ك ُِب َ
ونقل العبلمة لئلنكار والتوبيخ".
القاظبي عن بعض مفسري الزيدية قولو " :وتدؿ ىذه اآلية على أف النصيحة ُب الدين والذـ والتوبيخ ألجلو ليس من العقوؽ واؽبجرة ".وقاؿ الشيخ
أصناما آؽبة استفهاـ استنكار وتوبيخ ،والظاىر أف ا﵀كي ُب ىذه اآلية موقف من مواقف إبراىيم مع أبيو ابن عاشور :االستفهاـ ُب أتتخذ ً
وىو موقف غلظة فيتعُت أنو عندما كاف أبوه قد أظهر تصلبًا ُب الشرؾ وىو ما كاف بعد أف قاؿ لو أبوه ﴿ :لَئِ ْن َملْ تَػْنتَ ِو َأل َْر ُصبَن َ
َّك﴾ وىو غَت اؼبوقف
ك َشْيئًا ﴾ اآليات ُب سورة مرًن. ت ِمل تَػعب ُد ما َال يسمع وَال يػب ِ
صُر َوَال يػُ ْغ ٍِت َعْن َ ِ
الذي خاطبو فيو بقولو ﴿ يَا أَبَ َ ْ ُ َ َ ْ َ ُ َ ُْ
أيضا " :ومباشرتو إياه ّٔذا القوؿ الغليظ كانت ُب بعض ؾبادالتو ألبيو بعد أف تقدـ لو بالدعوة بالرفق كما حكى عنو ا﵁ ُب وقاؿ الشيخ ابن عاشور ً
ك َرّْيب إِنَّوُ َكا َف ِيب َح ِفيِّا ﴾، ت إِ ّْين قَ ْد جاءِين ِمن الْعِْل ِم ما َمل يأْتِك فَاتَّبِع ٍِت أَى ِد َؾ ِصراطًا س ِويِّا﴾ إىل قولو تعاىل ﴿سأ ِ
َستَػ ْغفُر لَ َ
َ ْ َ َ َ َْ َ ْ ْ ََ َ
موضع آخر ﴿ يا أَب ِ
َ َ
فلما رأى تصميمو على الكفر سلك معو الغلظة استقصاءً ألساليب اؼبوعظة لعل بعضها يكوف أقبح ُب نفس أبيو من بعض ،فإف للنفوس مسالك
ِ ِ ْم ِة َوالْ َم ْوعِظَِة ْ ك بِ ِْ
َح َس ُن﴾ وقاؿ اغبَ َسنة َو َجاد ْؽبُم بِالَِّيت ى َي أ ْ اغبك َ ع إِ َ ٰىل َسبِ ِيل َربّْ َ
﴿اد ُ
وّٓاؿ أنظارىا ميادين متفاوتة ولذلك قاؿ ا﵁ تعاىل لرسولو ْ :
﴿وا ْغلُ ْظ َعلَْي ِه ْم﴾ فحكى ا﵁ تعاىل عن إبراىيم ُ ب ىذه اآلية بعض مواقفو مع أبيو ،وليس ُب ذلك ما يناُب الرب بو؛ ألف لو ُب موضع آخر َ :
آّاىرة باغبق دوف سب وال اعتداء ال تناُب الرب.
وعلى خبلؼ ما ذىب إليو ىؤالء اؼبفسروف يرى الشيخ ؿبمد رشيد –رضبو ا﵁ -أنو ال توجد غلظة ُب احتساب إبراىيم على والده فقد قاؿ
–رضبو ا﵁ تعاىل " :-فالتعبَت عنها بالضبلؿ ليس فيو سب وال جفاء وال غلظة كما زعم من استشكلو من الولد للوالد ،وقابلو بأمر ا﵁ تعاىل ؼبوسى
قوال لينا ،وأجاب عنو أنو حسن للمصلحة كالشدة ُب تربية األوالد أحيانًا ،فالصواب أف التعبَت بالضبلؿ
وىاروف -عليهما السبلـ -أف يقوال لفرعوف ً
ض ِّاال فَػ َه َدى﴾ وكاقولك عمن تراه منحرفًا عن الطريق اغبسي " إف الطريق
﴿وَو َج َد َؾ َ
البُت ىنا بياف للواقع باللفظ الذي يدؿ عليو لغةً كقولو تعاىل َ :
من ىنا؛ فأنت حائد أو ضاؿ عنو" إضافة إىل ذلك يستدؿ باالحتساب بالتعنيف على الوالدين باحتساب عبد ا﵁ – – ابن عبد ا﵁ بن أيب بن
خبلصة اآلراء ُب ىذه اؼبسألة سلوؿ على أبيو حيث قاؿ لو " :وا﵁ ال تنقلب حىت تقر أنك الذليل ورسوؿ ا﵁ العزيز".
وىي مسألة االحتساب على الوالدين بالتعنيف.أف ىناؾ رأيُت ُب مسألة االحتساب بالتعنيف على الوالدين :األوؿ :عدـ جواز االحتساب
أما خبلصة أدلة من يرى عدـ والثاين :جواز االحتساب بالتعنيف على الوالدين ُب بعض األحواؿ. بالتعينف على الوالدين.
جواز االحتساب بالتعنيف على الوالدين ،فمنها ما يلي :
( )1ال هبوز للولد إيذاء الوالد بعقوبة ىي حق على جناية سابقة ،فليس لو أف يباشر إقامة اغبد على أبيو وال يقاد الوالد بالولد فكيف وبوز لو أف
يؤذيو باالحتساب عليو بالتعنيف ،وىي عقوبة للمنع عن اعبناية اؼبستقبلة اؼبتوقعة وىذا خبلصة ما استدؿ بو اإلماـ الغزايل –رضبو ا﵁.
( )2للوالد حق عظيم على ولده ،كما دلت عليو النصوص ،ومن مقتضيات ىذا اغبق أال ُوبتسب عليو بالتعنيف من قبل ولده.
21
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
ىل للولد أف وبتسب على والده بالتعنيف؟ لعل الصواب وا﵁ أعلم ،أنو ال بد من مراعاة التفصيل التايل عند االحتساب على الوالدين -:
أوال :أف األصل ُب االحتساب االبتعاد عن التعنيف حىت مع عامة الناس ،ومع األبوين من باب أوىل ،فبل يبدأ معهما ُب االحتساب إال بالتعريف
ً
والنهي بالوعظ والنصح والتخويف با﵁ تعاىل ،وكل ذلك برفق ولُت ولطف وأدب وتواضع.
ثانيًا :وُب حالة عدـ استجابة الوالدين لبلحتساب دبا سبق ذكره ،ىل للولد أف يلجأ إىل التعنيف؟ ،فيو تفصيل -:
( )1إف كاف األبواف من الكفار ،وكاف اؼبنكر اؼبقصود االحتساب عليو شرًكا أو سبَّا للنيب فلو أف وبتسب عليو بالتعنيف كما فعل خليل الرضبن
إبراىيم وعبد ا﵁ ابن عبد ا﵁ بن أيب.
جدا.
( )2إف كاف مسلمُت وكاف اؼبنكر اؼبراد اإلنكار عليو غَت الشرؾ والسب لنيب فلعل اللجوء إىل االحتساب بالتعنيف يكوف ُب نطاؽ ضيق ً
ثالثًا :إنو من اؼبعروؼ من آداب االحتساب على الناس كما ذكر اإلماـ الغزايل –رضبو ا﵁" -أال ينطق إال بالصدؽ وأال يسًتسل فيو؛ فيطلق لسانو
الطويل دبا ال وبتاج إليو بل يقتصر على قدر اغباجة " ،فمراعاة ىذا األدب عند اللجوء إىل االحتساب بالتعنيف على الوالدين من باب أوىل،
جدا.
وبعناية فائقة ً
ابعا :هبب على الولد مراعاة ما يًتتب على احتسابو بالتعنيف ،فإف كاف الذي يفوت من اؼبصاحل أو وبصل من اؼبفاسد أكثر مل يكن لو أف وبتسب
رً
ؿبرما.
بالتعنيف بل يكوف ً
22
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
يقوؿ شيخ اإلسبلـ ابن تيمية –رضبو ا﵁ -مبينًا القاعدة اليت تتبع ُب األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر " :إف األمر والنهي وإف كاف ُمتضمنًا
مأمورا بو بل يكوف
لتحصيل مصلحة ودفع مفسدة ،فينظر ُب اؼبعارض لو ،فإف كاف الذي يفوت من اؼبصاحل أو وبصل من اؼبفاسد أكثر مل يكن ً
ؿبرما إذا كانت مفسدتو أكثر من مصلحتو" .
ً
المحاضرة التاسعة
ىل للولد أف يغَت اؼبنكر اؼبتعلق باألبوين باليد؟
أثار اإلماـ أبو حامد الغزايل –رضبو ا﵁ – ىذا السؤاؿ ٍب أجاب عنو فقاؿ" :وىل للولد اغبسبة بالرتبة الثالثة ،تغيَت اؼبنكر باليد ،حيث تؤدي إىل
أذى الوالد وسخطو ".
بارا
من اؼبعلوـ أف الوالد إذا كاف أبًا أو ًأما يتأذى من قبل تغيَت اؼبنكر الواقع فيو باليد من قبل ولده؛ ألنو يرى أف ولده ىذا الواجب عليو أف يكوف ً
حتما أف تغيَت اؼبنكر الواقع فيو باليد ىو إساءة وأذية للوالد أو الوالدة.
بوالديو ،وأف يرفق ّٔما ،وأف يكوف لينًا ُب التعامل معهما ،ويرى الوالد ً
فالغزايل رضبو ا﵁ أثار ىذا السؤاؿ " ىل للولد اغبسبة من الرتبة الثالثة؟ تغيَت اؼبنكر باليد ،حبيث تؤدي إىل أذى الوالد وسخطو" .ىذا فيو نظر ،وىو
من أف يكسر عوده ،ويريق طبره ،ووبل خيوطو عن ثيابو اؼبنسوجة من اغبرير ،ويرد إىل اؼببلؾ ما هبد ُب بيتو من اؼباؿ اغبراـ الذي غصبو أو سرقو أو
أخذه عن غصب من ضريبة اؼبسلمُت إذا كاف صاحبو معينًا ،ويبطل الصور اؼبنقوشة على حيطانو ،واؼبنقورة على خشب بيتو ،ويكسر أواين الذىب
والفضة ،فإف فعلو ُب ىذه األمور ليس يتعلق بذات األب خببلؼ الضرب والسب.
ىنا هبب التنبو إىل ىذا اؼبلحظ الدقيق ،وىو أف فعلو ُب اإلنكار باليد ُب ىذه األمور ليس يتعلق بذات األب ،وال بشخصو ،خببلؼ الضرب والسب
فهو يتعلق بذاتو وشخصو ،ولكن الوالد يتأذى بو ويسخط بسببو ،وىذا ما أوردناه ُب بداية اغبديث .إال أف فعل الولد حق من حيث إنو ينكر على
اقعا وسخط األب منشأه حبو للباطل واغبراـ ،واألظهر ُب القياس أنو يثبت للولد ذلك ،ما زاؿ
منكرا و ً
والده باليد ُب مثل ىذه األمثلة؛ ألنو ينكر ً
موصوال للغزايل –رضبو ا﵁" :-واألوىل ُب القياس أنو يثبت للولد ذلك ،أي اإلنكار أو االحتساب باليد ،بل يلزمو أف يفعل ذلك".
ً اغبديث
ونستفيد فبا ذكره اإلماـ الغزايل –رضبو ا﵁ -أف للولد أف وبتسب على أبيو بتغيَت اؼبنكر اؼبتعلق بأبيو حىت ولو تأذى بذلك أبوه وسخط بسببو ،ومل
يقف اإلماـ الغزايل عند ذلك ،بل يرى أف ىذا يلزـ الولد أف يفعلو ،ولكن مع ىذا ذكر اإلماـ الغزايل بعد كبلمو السابق ما يدؿ على النظر إىل قبح
اؼبنكر اؼبتعلق بالوالد ،وإىل ما يًتتب على تغيَت الولد إياه باليد.
فاحشا وسخطو عليو قريبًا ،كإراقة
فقد قاؿ -رضبو ا﵁ تعاىل" :-وال يبعد أف ينظر فيو إىل قبح اؼبنكر ،وإىل مقدار األذى والسخط فإف كاف اؼبنكر ً
شديدا كما لو كانت لو آنية من بلور أو زجاج على صورة حيواف وُب كسرىا
طبر من ال يشتد غضبو؛ فذلك ظاىر ،وإذا كاف اؼبنكر قريبًا والسخط ً
خسراف ماؿ كثَت فهذا فبا يشتد فيو الغضب ،وال ذبري ىذه اؼبعصية ؾبرى اػبمر وغَته فهذا كلو ؾباؿ النظر" .إ ًذا قضية االحتساب على الوالدين
نظرا شرعيًا وأف ينظر فيها إيل حاؿ اؼبنكر و حاؿ الوالد ُب استقباؿ ىذا اإلنكار أو ىذا االحتساب أو ىذا التغيَت.
باليد هبب أف ينظر فيها ً
ىذا وقد أثار اإلماـ أضبد بن ؿبمد اؼبقدسي –رضبو ا﵁ -سؤ ًاال حوؿ شرعية احتساب الولد على الوالد ،والعبد على السيد ،والزوجة على الزوج،
والرعية على الوايلٍ ،ب أجاب عنو بنفسو فقد قاؿ –رضبو ا﵁ تعاىل " : -فإف قيل ىل تثبت اغبسبة للولد على الوالد ،والعبد على السيد ،والزوجة
على الزوج ،والرعية على الوايل؟ قلنا- :واغبديث للمقدسي -رضبو ا﵁ -أصل الوالية ثابت للكل ،وقد رتبنا للحسبة طبسة مراتب ،فتأٌب اغبسبة
بالتعريفٍ ،ب بالوعظ والنصح واللطف ،ولو من الرتبة اػبامسة أف يكسر العود ويريق اػبمر وكبو ذلك ،وىذا الًتتيب ينبغي أف هبري ُب العبد
والزوجة،و أما الرعية مع السلطاف فاألمر فيو أشد من الولد فليس معو إال التعريف والنصح" .هبب أف نتنبو ؽبذه اؼبقالة أو ىذه العبارة ألف فيها ضبطًا
شرعيِّا.
ونستدؿ فبا قالو أضبد بن ؿبمد اؼبقدسي – رضبو ا﵁ تعاىل – أف للولد أف يغَت اؼبنكر اؼبتعلق بوالده باليد ،وقاؿ بعض العلماء" :وللولد تغيَت اؼبنكر
على والده إف مل وبصل بسبب ذلك مفسدة أكرب ،أو ضرر عليو ُب نفسو أو مالو أو أىلو" ،وذلك ألف حق ا﵁ تعاىل مقدـ على حق الوالد ،وال
23
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
طاعة ؼبخلوؽ ُب معصية اػبالق ،فالولد يغَت اؼبنكر على والده بيده مع القدرة وعدـ اؼبفسدة ،ومع ذلك -وانتبهوا بارؾ ا﵁ فيكم -يستعمل معو
التلطف ُب اػبطاب ،والًتحم عليو ،والدعاء لو ،وبياف ضرر اؼبعصية حىت يهدأ والده ويسكن إليو ،ويعلم أف قصد ابنو ؿبض النصح لو ،والشفقة عليو
والغَتة ﵁ وؿبارمو.
وفبا نستفيده من ىذا الكبلـ ألحد العلماء اؼبعاصرين ما يلي -:
- 1للولد تغيَت اؼبنكر على والده بيده إذا مل وبصل بسبب ذلك مفسدة أكرب أو ضرر عليو ُب نفسو أو مالو أو أىلو ،ويستعمل الولد ُب تغيَت
اؼبنكر على والده اللُت والرفق ،ويدعو لوالده،ويبُت لو ضرر اؼبعصية عليو،كي يتيقن أف الولد ال يقصد من وراء احتسابو إالالنصح لو.
- 2وفبا يدؿ على شرعية تغيَت الولد للمنكر اؼبتعلق بالوالد باليد ما أخرب ا﵁ تعاىل عن كسر إبراىيم األصناـ اليت كاف يعبدىا والده وقومو.
اؿ لَ َق ْد ُكنتُ ْم أَنتُ ْم َوآبَا ُؤُك ْم ُِب ِِ ِ اؿ ِألَبِ ِيو وقَػ ْوِم ِو َما َى ِػذهِ التَّماثِ َّ
يل ال ِيت أَنتُ ْم َؽبَا َعاك ُفو َف قَالُوا َو َج ْدنَا آبَاءَنَا َؽبَا َعابد َ
ين قَ َ َ ُ َ قاؿ عز من قائل ﴿ :إ ْذ قَ َ
ِِ ِ ات و ْاألَر ِ َّ ِ ب َّ ِ ُت قَالُوا أ َِجْئتػنَا بِا ْغب ّْق أَـ أَنت ِمن َّ ِ ض َبل ٍؿ ُّمبِ ٍ
ين ض الذي فَطََرُى َّن َوأَنَا َعلَى ذَل ُكم ّْم َن الشَّاىد َ الس َم َاو َ ْ اؿ بَل َّربُّ ُك ْم َر ُُّت قَ َ البلعبِ َ َ َ ْ َ َ َ
ين فَ َج َعلَ ُه ْم ُج َذاذًا إَِّال َكبِ ًَتا َّؽبُ ْم لَ َعلَّ ُه ْم إِلَْي ِو يػَْرِجعُو َف﴾.إذف ىذه اآليات العظيمة من سورة األنبياء وفيها ُّ ِ
َصنَ َام ُكم بػَ ْع َد أَف تػُ َولوا ُم ْدب ِر َ َوتَاللَّ ِػو َألَكِ َ
يد َّف أ ْ
قصة تكسَت إبراىيم عليو السبلـ األصناـ.
ين﴾ " ٍب انتقل إبراىيم -عليو السبلـ -من ُّ ِ
َصنَ َام ُكم بػَ ْع َد أَف تُػ َولوا ُم ْدب ِر َ ﴿وتَاللَّ ِػو َألَكِ َ
يد َّف أ ْ قاؿ الشيخ ابن عاشور – رضبو ا﵁ – ُب تفسَت قولو تعاىلَ :
كدا عزمو على القسم ،إ ًذا هبب أف نتنبو ين﴾ مؤ ً ُّ ِ
َصنَ َام ُكم بػَ ْع َد أَف تُػ َولوا ُم ْدب ِر َ
يد َّف أ ْ ﴿وتَاللَّ ِػو َألَكِ َ
تغيَت اؼبنكر بالقوؿ إىل تغيَته باليد معلنًا عزمو بقولو َ
ونستعد ؽبذه اؼبعلومة ،أو مراعاة ىذه األمور اليت ستأٌب معنا ،فنقوؿ ُب ضوء ما سلف ذكره للولد تغيَت اؼبنكر اؼبتعلق للوالد باليد ،ولكن ال بد من
أوال :يبدأ الولد ببياف شناعة اؼبنكر اؼبراد إزالتو ،وما يًتتب على ذلك من تعرض الوالد لغضب ا﵁ وسخطو ونقمتو ،وكل
مراعاة ما يلي ً -:
ذلك بلطف ورفق ولُت وتواضع وأدب صبيل ،وينبغي أف يتجلى ُب كبلـ الولد وتصرفاتو أنو ال يقصد من وراء احتسابو إال النصح ؼبن تربطو معو رابطة
األبوة ،وليتأسى ُب ذلك خبليل الرضبن إبراىيم الذي بدأ مع أبيو بياف شناعة عبادة األصناـ ،بلطف ورفق ولُت وأدب صبيل وخلق حسن قبل
الشروع ُب كسرىا.
إ ًذا إبراىيم مل يشرع ُب تكسَت األصناـ اليت يعبدىا أبوه وقومو إىل بعد أف استنفد األساليب اؼبناسبة والدرجات اؼبناسبة لتغيَت اؼبنكر ،فلما مل هبد
معهم اللطف والرفق واللُت شرع ُب تكسَت األصناـ وتغيَت اؼبنكر بيده.
ثانيًا :من آداب التغيَت باليد مع عامة الناس كما ذكر اإلماـ الغزايل –رضبو ا﵁" -أف يقتصر ُب طريق التغيَت على القدر ا﵀تاج إليو ومراعاة األدب
عند تغيَت اؼبنكر اؼبتعلق بالوالد ألزـ وأوجب وآكد".
ثالثًا :هبب على الولد مراعاة ما يًتتب على التغيَت باليد ،فإف كاف الذي يًتتب عليو من اؼبفسدة أعظم من اؼبصلحة ،مل يكن لو التغيَت باليد بل قد
ؿبرما ،ولو ُب ىذا أسوة حسنة ُب رسوؿ ا﵁ حيث ترؾ اإلنكار على بعض اؼبنكرات خوفًا فبا يًتتب عليو من مفاسد عظيمة وأوصى بذلك
يكوف ً
أمتو .
ومن الشواىد الدالة على ذلك ما يلي:
( )1ترؾ النيب قتل عبد ا﵁ بن أيب رغم استحقاقو خوفًا من نفور الناس من اإلسبلـ.
( )2ترؾ النيب قتل الذي أساء األدب معو ُب جعرانو خوفًا من نفور الناس من اإلسبلـ.
( )3ترؾ النيب قتل عبد ا﵁ بن ذي اػبويصرة الذي أساء األدب معو خوفًا من نفور الناس من اإلسبلـ.
( )4هني النيب عن إقامة اغبد على السارؽ ُب الغزو خشية غباقو بالعدو.
( )5ترؾ النيب إعادة بناء الكعبة على ما كاف عليو قبل عهد قريش خشية نفورىم من اإلسبلـ.
( )6ترؾ النيب األعرايب يبوؿ ُب اؼبسجد حىت فرغ منو.
24
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
( )7غض النيب الطرؼ عن مشاركة امرأة أىل بيت ُب النياحة قبل اؼببايعة .الحظوا قبل اؼببايعة.
( )8منع النيب عن اػبروج عن األئمة الذين يؤخروف الصبلة عن وقتها ؼباذا منعهم؟ ؼبا يًتتب على ذلك من اؼبفسدة العظيمة اليت ال يقارف ّٔا
اؼبصلحة.
( )9أمر النيب بالصرب على األمراء الذين يرى عندىم اؼبعصية مع ضرورية كراىيتها .يعٍت كراىية تلك اؼبعصية ال تعٍت عدـ الصرب على ىؤالء
األمراء.
وقد أكد علماء األمة على ذلك قاؿ الشيخ اإلسبلـ ابن تيمية –رضبو ا﵁" :-وإذا كاف األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر من أعظم الواجبات أو
اؼبستحبات ،ال بد أف تكوف اؼبصلحة فيها راجحة على اؼبفسدة ،إذ ّٔذا بُعثت الرسل ،ونزلت الكتب ،وا﵁ ال وبب الفساد ،فحيث كانت مفسدة
األمر والنهي أعظم ،مل يكن فبا أمر ا﵁ بو ،وإف كاف قد ترؾ واجب وفعل ؿبرـ".
وقاؿ اإلماـ ابن القيم -رضبو ا﵁" :-فإذا كاف إنكار اؼبنكر يستلزـ ما ىو أنكر منو وأبغض إىل ا﵁ ورسولو فإنو ال يسوغ إنكاره وإف كاف ا﵁
يبغضو ويبقت أىلو" .وىذا كاإلنكار على اؼبلوؾ والوالة باػبروج عليهم ،فإنو أساس كل فتنة وشر إىل آخر الدىر.وىذا كبلـ صبيل لطيف هبب أف
منكرا باليد كاف لو مفسدة أعظم فليس لو أف يقدـ على ذلك وا﵁ أعلم
يتوقف عنده طالب العلم .فخبلصة القوؿ إذا استلزـ األمر تغيَت الولد ً
بالصواب.وننبو أف ما ذكر للوالد فهو للوالده كذلك حيث يقاس أمرىا على الوالد وا﵁ تعاىل أعلم.
المحاضرة العاشرة
الركن الثالث من أركاف اغبسبة وىو ا﵀تسب فيو:
منكرا فعل.
وىو ما يقع فيو اغبسبة سواء كاف معروفًا ترؾ أو ً
يشًتط إلنكار الشيء توفر شروط أربعة -:
منكرا ،تنفر منو
أمرا ً
منكرا ،أي يكوف ؿبظور الوقوع ُب الشرع ،بأف حرمو الشارع أو كرىو أو رآه اؼبؤمنوف ً
منكرا ،ومعٌت كونو ً
األوؿ :أف يكوف ً
نفوسهم ،وتضيق بو صدورىم ،ؼبخالفتو لعمومات الشرع ،وإف مل ينو عنو الدين بدليل خاص بو.
فبل يلزـ أف يكوف ىناؾ دليل خاص ّٔذا اؼبنكر حىت نقوؿ إف ىذا منكر ،كأف يبشي الرجل عاري الصدر والظهر ُب الطرقات واألسواؽ ،أو يطيل
شعوره بطريقة غَت مباحة ،كما يكوف ُب تقليد الكفار ومن حذا حذوىم ،أو تقليد النساء والتشبو ّٔن ،أو يلبس ما ضاؽ من الثياب ،أو ما وصف
اعبلد لرقتو وعدـ سًته ،وإمبا قلنا ُب معٌت لفظ اؼبنكر أف يكوف ؿبظور الوقوع ُب الشرع ،وعدلنا عن لفظ اؼبعصية؛ ألف اؼبنكر أعم من اؼبعصية؛ إذ أف
من رأى صبيًا أو ؾبنونًا يشرب اػبمر ،فعليو أف يريق طبره ويبنعو ،وإف مل يكن الصيب أو آّنوف مكل ًفا ،وكذا لو رأى ؾبنونًا يزين دبجنونة أو ّٔيمة فعليو
أف يبنعو ولو وقع ذلك ُب خلوة وىذا ال يسمى معصية ُب حق الصيب أو آّنوف إذ أف اؼبعصية ال توجد إال بوجود عاص ّٔا ،بل وجودىا بدونو ؿباؿ.
منكرا يعم الصغائر والكبائر ،فبل ىبتص باألخَتة فقط ،ليست اؼبنكرات اليت تنكر ىي ما كاف من الكبائر فقط ولكن حىت الصغائر
واشًتاط كونو ً
فاؼبنكرات تعم الصغائر والكبائر.
الثاين :أف يكوف اؼبنكر قد وجد وربقق ،فبل هبوز لوايل اغبسبة أف يذىب كل مذىب ُب الظن السيئ ويطلق لنفسو العناف ُب أف يتهم أي شخص
قائما أو تكوف آثاره باقية ،كما إذا وجد
ُب أنو سوؼ يفعل ىذا أو ذاؾ ،فيزجره أو يؤدبو ّٓرد التهمة آّردة عن القرائن بل ال بد أف يكوف اؼبنكر ً
السكر فهذه عبلمة على أنو قد شرب اػبمر أو قرينة لذلك.
شخصا يتمايل من ُّ
ً
25
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
وقد يقوؿ قائل أف احتسابو على العاصي إباف ارتكابو اؼبعصية أمر متصور ،ولكن كيف وبتسب عليو وقد فرغ من فعلتو؟ ونقوؿ لو أف احتسابو ُب
مثل ىذا يكوف بإيصالو إىل القضاء واإلدعاء عليو دبا فعل ،واؼبطالبة بإصدار ما يستحقو من حد ،وظهور بوادر التصميم على فعل اؼبعصية يأخذ
رجبل يكثر الوقوؼ ُب األسواؽ اليت يكثر فيها النساء بدوف حاجة كبيع أو شراء أو
حكم اإلصرار عليها ُب وجوب اإلنكار عليو ،فلو وجد الوايل ً
عمل؛ فإنو هبب عليو اإلنكار على ىذا اؼبريب ووعظو ومعاقبتو على اؼبعاودة ،وال هبوز لو أف يًتكو وشأنو ،حبجة أنو مل يفعل شيئًا بعد؛ ألف وقوفو
ّٔذه الصورة وسيلة يغلب على الظن حصوؿ اؼبكروه من ورائها ،إذ أنو موقف ريبة وهتمة ،وؽبذا اؼبعٌت منع عمر بن اػبطاب الصبياف أف هبتمعوا
دبن كاف يتهم بالفاحشة .إذًا من كاف يتصور أو يتوقع منو أو أف أفعالو أو تصرفاتو تنبئ أنو يبكن أف يقع ُب اؼبنكر أو يًتبص للوقوع ُب منكر أو
معصية؛ فإنو يؤخذ على يديو وال يًتؾ وشأنو.
ظاىرا للوايل بغَت ذبسس ،فقد هنى ا﵁ تعاىل عن التجسس فقاؿ َ ﴿ :وَال َذبَ َّس ُسوا ﴾ وعن عبد الرضبن بن عوؼ قاؿ :
الثالث :أف يكوف اؼبنكر ً
( خرجت مع عمر ليلة ُب اؼبدينة فبينما كبن مبشي إذ ظهر لنا سراج ،فانطلقنا نؤمو ،فلما دنونا منو إذا باب مغلق على قوـ ؽبم أصوات ولغط،
فأخذ عمر بيدي وقاؿ أتدري بيت من ىذا؟ قلت :ال ،قاؿ ىذا بيت ربيعة بن أمية بن خلف ،وىم اآلف شرب ،فما ترى؟ قلت :أرى أنا قد أتينا ما
هنانا ا﵁ عنو ،قاؿ ا﵁ تعاىل َ ﴿ :وَال َذبَ َّس ُسوا ﴾ فرجع عمر – – وتركهم".
إ ًذا ىذه واقعة ،وىذا شاىد على عدـ ذبسس الوايل ،وإمبا وبكم أو ينكر اؼبنكر الظاىر بغَت ذبسس .فبل هبوز للمحتسب أف يتتبع األبواب فيسمع ما
يصدر من داخلها من أصوات ،أو يسخر أنفو ليشم ما ينبعث من ىذه الدار أو تلك ،أو يقف باؼبرصاد لكل من مشى ُب الشارع ـبفيًا ربت ردائو
شيئًا من األشياء ،فيفاجئو ليعرؼ ما معو؛ ألف ىذا تعنت وتكلف ،حيث إنو مل ينبٍت على أمارة أو قرينة سابقو تدعو إىل ذلك ،وإمبا كاف ىذا
الصنيع من قبيل االبتداء واالرذباؿ.
أيضا يبنع من الدخوؿ ُب نيات الناس ،أوالتجسس عليهم ،أو تتبع عوراهتم أو إفسادىم؛ ألف من تتبع عورات اؼبسلمُت
كثَتا ،و ً
إ ًذا ىذا يريح ا﵀تسب ً
مستًتا بسًت
أفسدىم ،أو كاد أف يفسدىم ،وأيضا ىذا يكثر من شيوع الفاحشة ومن ظهورىا أو حىت التساىل ّٔا ،والتجرؤ على فعلها ،فما داـ اؼبرء ً
ا﵁ فإف ا﵀تسب ال يبحث عن اؼبنكرات اليت مل تظهر لو.
بطبيعة اغباؿ ىذا إف مل تكن ىناؾ قرائن وأمارات وإمبا كاف صاحب اؼبعصية أو اؼبنكر ـبفيًا معصيتو أو منكره أو أنو قد أسدؿ سًته أو أغلق عليو
بابو ،ومل تكن ىناؾ قرائن أو إمارات فإف ا﵀تسب ال يتتبعو ألف ىذا أمر تعم بو البلوى ويكثر بسببو اإلشكاالت.
أما إذا وجدت القرائن أو اإلمارات كما لو ظهرت روائح اػبمر تزكم األنوؼ دبجرد العبور حوؿ مصدرىا ،أو ارتفعت أصوات السكارى بالسباب
والشتائم ،وأحس الناس من حوؽبم بتدافعم وتشاجرىم ،أو ظبعت األصوات اؼباجنة ،وأصوات اؼببلىي فاضحة تشق السكوف ،أو أبرز اإلنساف ما
معو من اؼبنكر بأف ضبلو بدوف ساتر ،أو بساتر رقيق ،فإف ىذه الدواعي واغبالة ىذه تسوغ لوايل اغبسبة أف يتخذ اإلجراء البلزـ.
ولو قامت القرائن على وجود ؾبرمُت هبتمعوف ذبمعات مشبوىة ،وىبشى منهم على اؼبسلمُت ُب أمر من أمورىم أو كثر وقوع السرقة ،أو وقوع شرب
دوا
اػبمر ،أو تعاطي الناس للمخدرات ،أو ظهر التزييف ،وكثر النصب واالحتياؿ ،أو وقعت حوادث االغتياؿ ،أو كاف وايل أمر اؼبسلمُت ىبشى ع ً
ؽبم داخل ببلدىم ،كجواسيس العدو والعاملُت ؼبصلحتو ،كاؼبثبطُت واؼبرجفُت وكبوىم ،وكاػبارجُت على صباعة اؼبسلمُت واؼبؤوين ؽبم ،أو احتاج ويل
األمر إىل أخبار أعداء اؼبسلمُت ليحذر من تصرفاهتم وكيدىم ،جاز التجسس وربري األخبار وصبع اؼبعلومات ،حفاظًا على اؼبصلحة العامة للببلد
والعباد.
وكذلك اغباؿ فيمن ىبطط لعمليات إرىابية ،أو تفجَتية ُب الببلد ،ويريد العبث بأمن الببلد ومقدراهتا ،واالعتداء على فبتلكاهتا العامة ،فبل شك أف
اغبرص على تتبع ىؤالء ،والتحري حوؽبم ،من أعظم النصح لويل أمر اؼبسلمُت.
وال هبوز السكوت عليهم أو مداىنتهم أو عدـ االىتماـ بشأهنم ،وقد كاف اؼبنافقوف ُب عصر النبوة يعملوف لليهود واؼبشركُت ويأخذوف أخبار النيب
ض ُعوا ِخ َبللَ ُك ْم يػَْبػغُونَ ُك ُم الْ ِفْتػنَةَ َوفِي ُك ْم َظبَّاعُو َف َؽبُ ْم ِ
ويوصلوهنا إليهم ويدؿ على ذلك قولو تعاىل ﴿ :لَ ْو َخَر ُجوا في ُكم َّما َز ُادوُك ْم إَِّال َخبَ ًاال َوَأل َْو َ
26
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
ِِ ِ
يم بِالظَّالم َ
ُت﴾ فرأى النيب أف يتخذ لو عيونًا من اؼبسلمُت ليعملوا لو بإزاء جواسيس األعداء ،فيقوـ بالسر بإحباط مؤامراهتم وينقلوف إليو َواللَّػوُ َعل ٌ
أخبارىم.وكاف عمر بُت اػبطاب يعس بنفسو ُب الليل أثناء خبلفتو ،وُب ليلة ظبع امرأة تنشد -:
وأرقٍت أال خليل أالعبو. تطاوؿ ىذا الليل واسود جانبو
لزعزع من ىذا السرير جوانبو. فوا﵁ لوال ا﵁ أين أراقبو
وأكرـ بعلي أف تناؿ مراكبػو. ولكن عقلي واغبياء يكفٍت
فسأؿ عنها فقيل ىذه فبلنة ،زوجها غائب ُب سبيل ا﵁ ،فأرسل إليها امرأة تكوف معها وبعث إىل زوجها فأقفلو ،أي طلب أف يرجع زوجهاٍ ،ب دخل
على حفصة فقاؿ ؽبا: :يا بنية كم تصرب اؼبرأة عن زوجها ،فقالت :سبحاف ا﵁ أمثلك يسأؿ مثلي عن ىذا ،لوال أين أريد النظر للمسلمُت ما سألتك،
شهرا راجعُت".
شهرا ويقيموف أربعة أشهر ،ويسَتوف ً
قالت طبسة أشهر ،ستة أشهر ،فوقت للناس ُب مغازيهم ستة أشهر ،يسَتوف ً
ومن وقائع تفقده لرعيتو ُب الليل ،ما وقع منو مع ياسر بن حجاج وابن عمو أيب ذئب ،ؼبا خشي على النساء من االفتتاف ّٔما.
أيضا التحقيق مع آّرمُت وسؤاؽبم عن من اشًتؾ معهم ُب فسادىم ،ليتم القضاء على معاقلهم وأوكارىم بسهولة وسرعة؛ ألف
ومن التجسس اعبائز ً
سؤاؿ ىؤالء يؤدي إىل معلومات واضحة وكثَتة ومقرونة بوقائع يسوقها آّرـ ُب إدالئو بأقوالو واعًتافاتو ،وُب ىذا زجر للمسيء ،ودفع لسد غَته،
وليعلم كل مسلم بأنو وإف مل يقع مباشرةً ،فسيكوف ىناؾ من قرنائو من ىبرب بسَتتو ربت وطأة التحقيق ،وبذلك يندحر الشر وينحسر ظلو ،وأما
اآلية الكريبة ﴿ َوَال َذبَ َّس ُسوا ﴾ فبل تدؿ على ربرًن التجسس بإطبلؽ ،ولكن تنهى عن التجسس اؼببٍت على التهمة آّردة على أية قرينة أو دوف أي
داع لذلك ،وتزجر عن ّٔت اؼبسلمُت ابتداءً ،ولعلو لقصد الرغبة ُب السًت ُب مسائل األعراض ،أما إذا كاف ٍب سبب قائم من أمارة أو قرينة فبل بأس
بذلك ،بل قد يكوف واجبًا إذا ما ترتب عليو وقف الفساد عن اؼبسلمُت.
منكرا معلوـ بغَت خبلؼ يعتد بو ،فكل ما ىو ُب ؿبل االجتهاد فبل حسبة فيو ،فليس للشافعي أف ينكر على حنفي عقد
الرابع :أف يكوف كونو ً
النكاح ببل ويل ،وليس للحنفي أف ينكر على الشافعي أكلو الضب والسبع ،وذلك ألف آراء اؼبذاىب اؼبعتربة على اختبلفها مستمدة من أصوؿ الدين
ودالئلو ،وأساس اػببلؼ فيها ىو الرأي ،وليس الرأي حبجة على رأي آخر .ومناط األحكاـ ىو غلبة الظن ،وذلك ىو أساس التكليف ،والظٍت
أيضا فإف ؿباولة أحدنبا إقناع اآلخر ىي ضبلو على ترؾ ما يعتقده ،وما هبب عليو فعلو ،فإف فعل فقد أخطأ،
ىبتلف باختبلؼ آّتهدين والناظرين ،و ً
ٍب ىو أثرة ُب التفكَت ،وقد يكوف من نتائج ىذا فتنة أعظم من اؼبعروؼ اؼبراد إقامتو ،أما إذا كانت اؼبسألة خبلؼ ال يعتد بو وال اعتبار لو ،لظهور
ـبالفة الكتاب ،أو السنة الصحيحة ـبالفة بينة ال شك فيها ،كإنكار بعث األجساـ ،وإنكار حدوث العامل ،والقوؿ خبلق القرآف ،واعتقاد عدـ نسخ
اإلسبلـ ؼبا سبقو من الشرائع ،والقوؿ بإباحة نكاح اؼبتعة ،وجواز ربا الفضل ،فإف مثل ىذه الشبو والضبلالت ال سبنع تدخل وايل اغبسبة ُب إزالة
منيعا وبتموف بو ُب إظهار
اؼبنكر وحسمو ،ألننا إف تركنا اؼببتدعُت وآراءىم الستشرى اػبطر ،وظهرت الفتنة ،ووجد اؼبفسدوف واؼبلحدوف حصنًا ً
فسقهم وفجورىم وإغبادىم.
وإذا تقرر ىذا فالنهي عن اؼبنكر ينقسم إىل ثبلثة أقساـ:
القسم األوؿ :ما كاف من حقوؽ ا﵁ تعاىل وىو على ثبلثة أضرب:
الضرب الثالث :ما يتعلق با﵀ظورات من األعماؿ الضرب األوؿ :منها ما يتعلق بالعبادات ،والضرب الثاين :ما يتعلق باؼبعامبلت اؼبنكرة
الضرب األوؿ :ما يتعلق حبقوؽ العبادات،كما أف يرى الوايل من يقصد إىل ـبالفة ىيئاهتا الشرعية ،كاعبهر ُب صبلة اإلسرار ،وكاإلسرار ُب صبلة
أذكارا غَت مسنونة،أو أخل ِبسده أو بثوبو أو موضع صبلتو ،أو علم أنو يًتؾ الغسل من اعبنابة،أنكرعليو ما يتحقق من
اعبهر،أو الزيادة ُب اآلذاف ً
يضا أو
ذلك ،وال يأخذه دبجرد التهمة والظن فلو رأى إنسانًا يأكل ُب هنار رمضاف ،مل يقدـ على تأديبو إال بعد سؤالو عن سبب إفطاره ،فردبا كاف مر ً
مسافرا فحينها يأمره بإخفاء أكلو لئبل يعرض نفسو للتهمة أو كي ال يقتدي بو اعبهاؿ والسفهاء.ومن ىذا القبيل تعرض اؼبتسولُت ؼبسألة الناس
ً
وطلب الصدقة ،مع علم الوايل بغناىم دباؿ أو عمل أو قدرهتم عليو ،وجلدىم على الكسب فيأمرىم بالبحث عن الرزؽ اغببلؿ ،ويؤدّٔم على
27
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
28
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
ولو مل يستعديو أحد ألف ىذه وما أشبههما كالصيادلة واؼبهندسُت قد يعظم ّٔم الضرر ُب أوساط الناس مع عدـ رفع دعوى ضد واحد منهم بصفة
رظبية تواكل من أصحاب اغبقوؽ مع ما ؽبؤالء من مكانة مرموقة ُب أوساط آّتمعات النامية.
القسم الثالث :ما كاف مشًتكا بُت اغبقُت:
وىذا كاؼبنع من اإلشراؼ على منازؿ الناس ،ومن فتح النوافذ على دار اعبار ومن تعلية أىل الذمة بناء مساكنهم على بيوت اؼبسلمُت ،ولوايل اغبسبة
صبيعا ،وينظر ُب مقاعد
أف يبنع أرباب السفن من ضبل ما ال تسعو وىباؼ منو غرقها ،وأف هبربىم على وضع حائل ،بُت النساء والرجاؿ إذا ركبوا ً
األسواؽ فيقر منها ما ال ضرر فيها على اؼبارة ويبنع ما ضر ّٔم ،ولو أف يبنع البناء ُب طرقات اؼبسلمُت ،وإخراج ؾباري اؼبياه والبالوعات إذا أضرت
باؼبسلمُت ،ومثل ذلك منعو خصاء اآلدمي والبهائم الكبَتة وتأديبو من يرتكب شيئا من ذلك ،ىذا حديث عن شروط اؼبنكر اؼبوجب للحسبة ،وأنواع
اؼبنكرات.
درجات اإلنكار:
كل منكر موجود أو معروؼ معدود وبوـ حولو ظروؼ ودواع وأحواؿ بعضها يرجع إىل الشخص اآلمر وبعضها إىل اؼبأمور وبعضها إىل آّتمع،
ويتكوف من ىذه األشياء أو بعضها جو ما وبتم على اآلمر باؼبعروؼ والناىي عن اؼبنكر أف يراعيو ليجعل أمره أو هنيو ُب إطار يبلئم ىذا اعبو مع
إتيانو باؼبقصود بدوف مفسدة راجحة أو مساوية.
ومراعاة ؽبذا كاف لبلحتساب درجات زبتلف شدة وضعفا ينتقي منها ا﵀تسب ما يبلئم اغبالة الراىنة مع إتيانو باؼبقصود من وراء االحتساب وىذه
الدرجات ليست ثابتة لكل أحد وإمبا بعضها يثبت ؼبن يأمر باؼبعروؼ أو ينهى عن اؼبنكر ُمتطوعا بذلك ُب سبيل ا﵁ وابتغاء ثوابو بينما تثبت كلها
لديواف اغبسبة اؼبعُت من قبل ويل أمر اؼبسلمُت ،وإذا كاف األمر كذلك فمعرفة كل منهما ؽبذه الدرجات ضرورية ،ليعرؼ اؼبتطوع ما لو منها وما ليس
فدرجات اإلنكار بالنسبة لو ،وليعرؼ الوالة ىذه الدرجات لئبل يضعوا السوط ُب مكاف الوعظ أو العكس وإذا استقر ىذا،
للمتطوع أربعة:
ْم ِة ك بِ ِْ
اغبك َ ﴿ادعُ إِ َ ٰىل َسبِ ِيل َربّْ َ
األوىل :التعريف ،وىو توضيح وتبيُت حكم ا﵁ ورسولو ُ ب ىذا الفعل أو ذاؾ بلطف ولُت ،كما قاؿ تعاىلْ :
ِ ِ ِ ِِ ِ ِ والْمو ِعظَِة ْ ِ ِ
ين﴾
ض َّل َعن َسبيلو َوُى َو أ َْعلَ ُم بالْ ُم ْهتَد َ
ك ُى َو أ َْعلَ ُم دبَن َ اغبَ َسنَة َو َجاد ْؽبُم بِالَِّيت ى َي أ ْ
َح َس ُن إِ َّف َربَّ َ َ َْ
فإف كاف منكرا بُت لفاعلو ما ورد ُب ذمو بدوف بذاءة ُب لساف كرمي الفاعل باعبهل أو إغبلظ لو ُب القوؿ ألنو ردبا غضب من كبلـ الواعظ فأصر
عنادا وعباجة ،وقد ضرب الرسوؿ ُ ب ىذا آّاؿ أروع األمثاؿ فكاف يعلم اعباىلُت بلطف عظيم ولُت ُب القوؿ ،عن معاوية بن اغبكم السلمي
ً
قاؿ :بينا أنا أصلي مع رسوؿ ا﵁ ،إذ عطس رجل من القوـ ،فقلت يرضبك ا﵁ فرماين القوـ بأبصارىم فقلت :وا ثكل أمياه ،ما شأنكم
تنظروف إيل ،فجعلوا يضربوف بأيديهم على أفخاذىم فلما رأيتهم يصمتونٍت لكٍت سكت ،فلما صلى رسوؿ ا﵁ فبأيب ىو وأمي ما رأيت معلما
قبلو وال بعده أحسن تعليما منو ،فوا﵁ ما كهرين وال ضربٍت وال شتمٍت ،قاؿ :إف ىذه الصبلة ال يصلح فيها شيء من كبلـ الناس إمبا ىو التسبيح
والتكبَت وقراءة القرآف) أو كما قاؿ ،ولنا ُب رسوؿ ا﵁ اؼبثل األعلى والقدوة اغبسنة ،وإف كاف معروفًا مًتوًكا َّبُت فضلو وعظم أجره ،وحث
على فعلو وشحذ نبم السامعُت حىت يهبوا لبلمتثاؿ.
الثانية :الوعظ والتخويف من ا﵁ تعاىل ويكوف ذلك ؼبن فعل اؼبنكر أو ترؾ اؼبعروؼ عاؼبا بتحرًن األوؿ ومشروعية الثاين ،وهبب أف يوجو إليو الكبلـ
برضبة ورفق من غَت غضب ،ويشعر ا﵀تسب فاعل اؼبعصية أو تارؾ اؼبشروع بشفقتو عليو من عذاب ا﵁ ُب الدنيا واآلخرة ،وأال يبدر من الواعظ
اعتزاز بنفسو وصبلحو واستحقار للفاعل فإف ذلك قد يكوف لو أثر سيئ يؤثرُب ربصيل اؼبقصود ،فإذا رأى إنساف قد عق والديو أتى إليو وبُت إليو
َح ُد ُنبَا ك أََّال تَػعب ُدوا إَِّال إِيَّاه وبِالْوالِ َدي ِن إِحسانًا ۚ إِ َّما يػبػلُغَ َّن ِع َ ِ
ند َؾ الْكبَػَر أ َ َْ َُ َ ْ َْ ُْ ض ٰى َربُّ َ
﴿وقَ َ
خطر عقوؽ الوالدين ُب الدنيا واآلخرة وذكره بقوؿ ا﵁ َ :
صغِ ًَتا﴾ وحبديث الر ْضبَِة َوقُل َّر ّْ
الذ ّْؿ ِم َن َّ ُؼ وَال تَػْنػهرُنبا وقُل َّؽبما قَػوًال َك ِريبا و ِ
ب ْارضبَْ ُه َما َك َما َربػَّيَ ِاين َ اح ُّ
ض َؽبَُما َجنَ َ اخف ْ َ ْ أ َْو كِ َبل ُنبَا فَ َبل تَػ ُقل َّؽبَُما أ ٍّ َ َ ْ َ َ َُ ْ ً
نفيع بن اغبارث قاؿ :قاؿ رسوؿ ا﵁ ( : أال أنبئكم بأكرب الكبائر ثبلثا ،قلنا بلى يا رسوؿ ا﵁ ،قاؿ :اإلشراؾ با﵁ وعقوؽ الوالدين وكاف
29
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
31
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
وىذه الدرجات السبع ُب اإلنكار تستعمل على التدريج ،فعلى ا﵀تسب مراعاة ذلك فبل يستعمل الضرب واغببس بدوف أف يكلم مرتكب الذنب ،أو
ينصحو أو يهدده وال يستمر على النصح والتعريف وال شيء وراء ذلك؛ فإف ىذين طرفا نقيض بل عليو أف يستعمل ىذه الدرجات استعماال مبنيِّا
على دراسة اؼبوقف وشواىد اغباؿ ،ويضع لكل حالة ما يناسبها.
منكرا فليغَته بيده فإف مل يستطع فبلسانو ،فإف مل يستطع فبقلبو وذلك أضعف اإليباف ) فهذا اؼبقصود بو اؼبتطوع
وأما قولو ( :من رأى منكم ً
وذلك فيما إذا كاف ىناؾ شخص يفعل معصية ما ،وىو يعلم أنو نصح وعلم وبُت لو فلم يسمع واستمر على عصيانو أو ظهر منو التحدي والعناد
والتصميم على التثبت دبعصيتو فإف اآلمر باؼبعروؼ والناىي عن اؼبنكر ينظر فإف استطاع أف يغَت ىذا اؼبنكر بيده فهو أحسن وأفضل ،وإف كاف ال
يستطيع ػبوؼ فتنة بُت اؼبسلمُت أو خوؼ ضرر على نفسو أو مالو أو أىلو فإنو حينئذ ينكر بلسانو فيظهر عدـ رضاه عن ىذا الفعل حىت ال يتصور
أحد أنو راض عن ذلك ،وإلعبلـ اعباىل والصغَت بأف ىذا الفعل ال هبوز حىت ال يدرجا عليو ويألفاه ويعتقدا إباحتو ،وإف مل يستطع اإلنكار باللساف
أنكر بالقلب ليعلم ا﵁ أنو كاره ؽبذا اؼبنكر وضائق بو صدره فتربأ ذمتو ،وليس معٌت اغبديث أف اآلمر باؼبعروؼ دبجرد أف يرى اؼبنكر يغَته بيده بدوف
أي كبلـ أو تعريف أو تبيُت؛ ألف اغبديث يدعو ابتداء إىل تغيَت اؼبنكر ومعلوـ أف التغيَت باليد ال يكوف مطلوبا إال بعد العجز عن تغيَته باإلرشاد
والوعظ.
أما وايل اغبسبة وىو ا﵀تسب الرظبي فبل يتصور فيو عدـ استطاعتو التغيَت باليد ،وال يتصور إىل نزولو إىل اإلنكار باللساف ٍب إىل اإلنكار بالقلب؛ ألف
والية اغبسبة قائمة على القوة والقهر والسلطة ،فالقدرة موجودة لدى الوايل وبإمكانو التغيَت باليد والضرب واغببس وغَتنبا ،من أنواع التعزير كما ىو
معروؼ ومذكور ُب كتب اغبسبة.
ولو فرضنا أف اؼبنكر صادر من أناس ؽبم قيمتهم ُب آّتمع بأف كانوا من الوجهاء والكبار ُب الدولة أو اؼبقربُت لدى أويل األمر ،فإف اإلنكار عليهم
يكوف بالرفع للقضاء أو إىل وايل اؼبظامل للتحقيق ُب اؼبوضوع وإيقاؼ ىؤالء اؼبتمردين عند حدودىم ،فالقدرة لدى الوايل على اغبسبة موجودة ،وتربز
آثارىا بأساليب متفاوتة.
المحاضرة الثانية عشرة
التعريف ببعض كتب اغبسبة:
نبدأ بكتاب األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر أليب حامد الغزايل رضبو ا﵁ تعاىل ،وىو مستل من كتابو الكبَت "إحياء علوـ الدين" ،قاؿ فيو وىو
الكتاب التاسع من ربع العادات الثاين من كتب إحياء علوـ الدين ،ابتدأ اؼبؤلف كتابو بالبسملة فقاؿ :بسم ا﵁ الرضبن الرحيم ،اغبمد ﵁ الذي ال
تستفتح الكتب إال حبمده وال تستمنح النعم إال بواسطة كرمو ورفده والصبلة على سيد األنبياء ؿبمد رسولو وعبده وعلى آلو الطيبُت وأصحابو
الطاىرين من بعده ،أما بعد فإف األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر ىو القطب األعظم ُب الدين وىو اؼبهمة اليت ابتعث ا﵁ لو النبيُت أصبعُت ،ولو
طوي بساطو وأنبل علمو وعملو لتعطلت النبوة واضمحلت الديانة وعمت الفًتة وفشت الضبللة وشاعت اعبهالة واستشرى الفساد واتسع اػبرؽ
وخربت الببلد وىلك العباد ومل يشعر باؽببلؾ إال يوـ التناد".
وذكر ُب اؼبقدمة األبواب األربعة اليت ربدث فيها عن األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر وألنبية ىذا الكتاب سيأخذ منا حلقات متعددة بتوفيق ا﵁
نظرا ألف معظم اؼبفردات والعناصر اليت باؼبنهج ربدث عنها ىذا الكتاب القيم اؼبفيد فهو على اختصاره إال أنو صبع موضوعات عديدة ومنها
تعاىل ً
ما يتعلق بأركاف اغبسبة فاؼبؤلف -رضبو ا﵁ -جعل ىذا الكتاب ُب أربعة أبواب:
الباب األوؿ ُب وجوب األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر وفضيلتو والباب الثاين ُب أركانو وشروطو،
والباب الرابع ُب أمر األمراء والسبلطُت باؼبعروؼ وهنيهم عن اؼبنكر ، والباب الثالث ُب ؾباريو وبياف اؼبنكرات اؼبألوفة ُب العادات
فتحدث ُب الباب األوؿ عن وجوب األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر وفضيلتو واؼبذمة ُب إنبالو وإضاعتو ،ويدؿ على ذلك بعد إصباع األمة عليو
وإشارات العقوؿ السليمة إليو اآليات واألخبار واآلثار ،وذكر صبلة من اآليات ُب وجوب األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر ومنها قولو تعاىل:
31
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
ك ُى ُم الْ ُم ْفلِ ُحو َف﴾ ففي اآلية بياف اإلهباب ،فإف قولو ِ
اػبََِْت َويَأْ ُمُرو َف بِالْ َم ْعُروؼ َويػَْنػ َه ْو َف َع ِن الْ ُمن َك ِر ۚ َوأُولَػٰئِ َ
﴿ولْتَ ُكن ّْمن ُك ْم أ َُّمةٌ يَ ْد ُعو َف إِ َىل ْ
َ
ك ُى ُم الْ ُم ْفلِ ُحو َف﴾ وفيو بياف أنو فرض كفاية ال فرض
﴿وأُولَػٰئِ َ
تعاىل( َولْتَ ُكن) أمر وظاىر األمر اإلهباب وفيو بياف أف الفبلح منوط بو إذ حضر ،وقاؿَ :
﴿ولْتَ ُكن ّْمن ُك ْم أ َُّمةٌ﴾ فإذف مهما قاـ بو واحد
عُت ،وأنو إذا قاـ بو أمة سقط الفرض عن اآلخرين ،إذ مل يقل كونوا كلكم آمرين باؼبعروؼ ،بل قاؿَ :
أو صباعة سقط اغبرج عن اآلخرين ،واختص الفبلح بالقائمُت بو اؼبباشرين ،وإف تقاعد عنو اػبلق أصبعُت ،عم اغبرج كافة القادرين عليو ال ؿبالة،
وؼ َويػَْنػ َه ْو َف َع ِن الْ ُمن َك ِر﴾ فقد نعت اؼبؤمنُت بأهنم يأمروف باؼبعروؼ ض ۚ يأْمرو َف بِالْمعر ِ ِ ِ ِ
َ ُْ ض ُه ْم أ َْوليَاءُ بػَ ْع ٍ َ ُ ُ ات بػَ ْع ُ ﴿والْ ُم ْؤمنُو َف َوالْ ُم ْؤمنَ ُ
وقاؿ تعاىلَ :
ين َك َفُروا ِ َّ ِ
وينهوف عن اؼبنكر فالذي ىجر األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر خارج عن ىؤالء اؼبؤمنُت اؼبنعوتُت ُب ىذه اآلية ،وقاؿ تعاىل ﴿ :لُع َن الذ َ
س َما َكانُوا يػَ ْف َعلُو َف ِ ٍ اف داوود و ِعيسى اب ِن مرًَن ۚ ٰذَلِ َ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
اى ْو َف َعن ُّمن َكر فَػ َعلُوهُ لَبْئ َصوا َّوَكانُوا يػَ ْعتَ ُدو َف َ كانُوا َال يػَتَػنَ َ
ك دبَا َع َ يل َعلَ ٰى ل َس َ ُ َ َ َ ْ َ ْ َ من بٍَت إ ْسَرائ َ
َّاس تَأْمرو َف بِالْمعر ِ ﴾.وىذا غاية التشديد إذ علل استحقاقهم للعنة بًتكهم النهي عن اؼبنكر وقاؿ ُ ﴿ :كنتم خيػر أ َُّم ٍة أُخ ِرج ِ
وؼ َوتَػْنػ َه ْو َف َع ِن َ ُْ ت لل ن ِ ُ ُ ْ َ ْ ُ ْ ََْ
ين إِف َّ ِ
الْ ُمن َك ِر﴾ وىذا يدؿ على فضيلة األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر إذ بُت أهنم كانوا بو خَت امة أخرجت للناس ،وقاؿ تعاىل تعليقا﴿ :الذ َ
الزَكاةَ وأَمروا بِالْمعر ِ
وؼ َونػَ َه ْوا َع ِن الْ ُمن َك ِر ﴾ فقرف ذلك بالصبلة والزكاة ُب نعت الصاغبُت واؼبؤمنُت ،وقاؿ َ َُ َ ُْ
الص َبلةَ َوآتَػ ُوا َّ
ض أَقَ ُاموا َّ َّم َّكن ُ
َّاى ْم ُِب ْاأل َْر ِ
ض إَِّال قَلِ ًيبل ّْفبَّ ْن أَقبَْيػنَا ِمْنػ ُه ْم ﴾ ،فبُت أنو أىلك صبيعهم إال قليبل منهم وف ِمن قَػْبلِ ُك ْم أُولُو بَِقيَّ ٍة يػَْنػ َه ْو َف َع ِن الْ َف َس ِاد ُِب ْاأل َْر ِتعاىل﴿ :فَػلَوَال َكا َف ِمن الْ ُقر ِ
َ ُ ْ
َّاس ۚ ومن يػ ْفعل ٰذَلِ َ ِ ٍ ﴿ال خيػر ُِب َكثِ ٍَت ّْمن َّْقبواىم إَِّال من أَمر بِ ٍ
ك ابْتغَاءَ ُت الن ِ َ َ َ َ ْ ص َدقَة أ َْو َم ْعُروؼ أ َْو إِ ْ
ص َبل ٍح بػَ ْ َ َ ُ ْ َ ْ ََ َ ََْ
كانوا ينهوف عن الفساد وقاؿ تعاىلَّ :
يما﴾ ِ ات اللَّ ِػو فَسو َ ِ ِ مرض ِ
َجًرا َعظ ً ؼ نػُ ْؤتيو أ ْ َْ َْ َ
وأما األخبار فمنها ما روي عن أيب بكر الصديق ،أنو قاؿ ُب خطبة خطبها :أيها الناس ،إنكم تقرءوف ىذه اآلية وتأولوهنا على خبلؼ تأويلها
ض َّل إِ َذا ْاىتَ َديْػتُ ْم﴾ وإين ظبعت رسوؿ ا﵁ عليو وسلم يقوؿ( :ما من قوـ عملوا باؼبعاصي َّ ِ
ضُّرُكم َّمن َ ين َآمنُوا َعلَْي ُك ْم أَن ُف َس ُك ْم ۚ َال يَ ُ ﴿يَا أَيػُّ َها الذ َ
وفيهم من يقدر أف ينكر عليهم ،فلم يفعل إال يوشك ا﵁ أف يعمهم ا﵁ بعذاب من عنده) كذلك ما ورد عن عقوبة ترؾ األمر باؼبعروؼ والنهي عن
صوا َّوَكانُوا اف داوود وعِيسى اب ِن مرًَن ۚ ٰذَلِ َ ِ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ َّ ِ
ك دبَا َع َ يل َعلَ ٰى ل َس َ ُ َ َ َ ْ َ ْ َ
ين َك َفُروا من بٍَت إ ْسَرائ َ اؼبنكر ،وىذا قد بينو ا﵁ تعاىل ُب كتابو الكرًن ﴿ لُع َن الذ َ
س َما َكانُوا يػَ ْف َعلُو َف﴾ ِ ٍ
اى ْو َف َعن ُّمن َكر فَػ َعلُوهُ ۚ لَبْئ َ
يػَ ْعتَ ُدو َف َ كانُوا َال يػَتَػنَ َ
أما عن فضيلة األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر فهذه من الوضوح واألنبية دبكاف ،وبينها رضبو ا﵁ تعاىل ُب ىذا الكتاب وذكر أيضا بعض اآلثار
الدالة على وجوب األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر فقاؿ":وأما اآلثار فقد قاؿ أبو الدرداء ( : لتأمرف باؼبعروؼ ولتنهوف عن اؼبنكر أو ليسلطن
ا﵁ عليكم سلطانا ظاؼبا ال هبل كبَتكم وال يرحم صغَتكم ،ويدعو عليو خياركم ،فبل يستجاب ؽبم ،وتستنصروف فبل تنصروف ،وتستغفروف فبل يغفر
لكم).وقاؿ ببلؿ بن سعد :إف اؼبعصية إذا أخفيت مل تضر إال صاحبها ،فإف أعلنت ومل تغَت أضرت بالعامة.
ننتقل بعد ذلك إىل حديثو رضبو ا﵁ عن أركاف األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر وشروطو قاؿ الغزايل-رضبو ا﵁( :-الباب الثاين ُب أركاف األمر
باؼبعروؼ وشروطو :اعلم أف األركاف ُب اغبسبة اليت ىي عبارة شاملة لؤلمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر أربعة :ا﵀تسب ،وا﵀تسب عليو ،وا﵀تسب
فيو ،ونفس االحتساب ،فهذه أربعة أركاف ولكل واحد منها شروط)
وذكر الركن األوؿ :وىو ا﵀تسب ،وقاؿ :شروط ا﵀تسب وىو أف يكوف مكلفا مسلما قادرا ،فيخرج منو آّنوف والصيب والكافر والعاجز ،ويدخل فيو
أحاد الرعايا وإف مل يكونوا مأذونُت ،ويدخل فيو الفاسق والرقيق واؼبرأة.
أما الشرط األوؿ ىو التكليف فبل ىبفى منو اشًتاطو ،فإف غَت اؼبكلف ال يلزمو أمر ،وما ذكرناه وأردنا بو شرط الوجوب ،فأما إذا كاف الفعل وجوازه
فبل يستدعي إال العقل ،حىت إف الصيب اؼبراىق ُب البلوغ اؼبميز وإف مل يكن مكلفا فلو إنكار اؼبنكر ولو أف يريق اػبمر ويكسر اؼببلىي ،وإذا فعل
ذلك ناؿ ثوابًا ،ومل يكن ألحد منعو من حيث إنو ليس مكلفا فإف ىذه قربة وىو من أىلها كالصبلة واإلمامة وسائر القربات ،وليس حكمو حكم
الواليات حىت يشًتط فيو التكليف.
32
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
وأما الشرط الثاين :وىو اإليباف فبل ىبفى وجو اشًتاطو؛ ألف اغبسبة نصرة للدين فكيف يكوف من أىل األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر وىو من ىو
جاىل ألصل الدين وعدو لو.
َّاس بِالِْ ّْرب
وأما الشرط الثالث فهو العدالة ،فقد اعترب قوـ وقالوا ليس للفاسق أف وبتسب ،واستدلوا فيو ببعض األدلة مثل قولو تعاىل﴿ :أَتَأْ ُمُرو َف الن َ
ند اللَّ ِػو أَف تَػ ُقولُوا َما َال تَػ ْف َعلُو َف﴾ وقد روي عن رسوؿ ا﵁ أنو قاؿ( :مررت ليلة أسري يب بقوـ
نس ْو َف أَن ُف َس ُك ْم﴾ وقولو تعاىلَ ﴿ :كبُػَر َم ْقتًا ِع َ
َوتَ َ
تقرض شفاىهم دبقاريض من نار ،فقلت :من أنتم ،فقالوا :كنا نأمر باػبَت وال نأتيو وننهى عن الشر ونأتيو) .قاؿ وروي أف ا﵁ تعاىل أوحى إىل
عيسى عظ نفسك ،فإف اتعظت فعظ الناس وإال فاستحي مٍت ،وفبا استدلوا من طريق القياس بأف ىداية الغَت فرع من االىتداء ،وكذلك تقوًن
الغَت فرع من االستقامة ،واإلصبلح زكاة عن نصاب الصبلح ،فمن ليس بصاحل ُب نفسو فكيف يصلح غَته ،ومىت يستقيم الظل والعود أعوج.
قاؿ رضبو ا﵁ وكل ما ذكروه خياالت وإمبا اغبق أف للفاسق أف وبتسب وبرىانو أف نقوؿ :ىل يشًتط لبلحتساب إذ ال عصمة للصحابة فضبل عن
من دوهنم واألنبياء عليهم السبلـ قد اختلف ُب عصمتهم عن اػبطايا ،والقرآف العزيز داؿ على نسبة آدـ عليو السبلـ للمعصية وكذا صباعة من
األنبياء؟ ولذلك قاؿ سعيد بن جبَت رضبو ا﵁ :إف مل يأمر باؼبعروؼ ومل ينو عن اؼبنكر إال من ال يكوف فيو شيء مل يأمر أحد بشيء؛ فأعجب مالكا
ذلك من سعيد بن جبَت ،وإف زعموا أف ذلك ال يفًتض عن الصغائر حىت هبوز لبلبس اغبرير أف يبنع من الزنا وشرب اػبمر فنقوؿ ُب حسبة الفاسق،
وىل لشارب اػبمر أف يغزو الكفار ووبتسب عليهم باؼبنع من الكفر فإف قالوا :ال ،خرقوا اإلصباع إذ جنود اؼبسلمُت مل تزؿ مشتملة على الرب
والفاجر وشارب اػبمر وظامل األيتاـ ومل يبنعوا من الغزو ال ُب عصر رسوؿ ا﵁ وال بعده ،وتكلم بكبلـ فيو تفصيل ُب ىذه اؼبسألة.
أوال ،وكبن نقوؿ كما
أما عن كيفية احتساب الفاسق فقاؿ :الثابت أف اغبسبة تارة تكوف بالنهي بالوعظ وتارة بالقهر ،وال ينجح وعظ من ال يتعظ ً
قاؿ الغزايل -رضبو ا﵁ -يقوؿ :كبن نقوؿ من علم أف قولو ال يقبل باغبسبة لعلم الناس بفسقو فليس عليو اغبسبة بالوعظ ،إذ ال فائدة ُب وعظو،
فالفسق يؤثر ُب إسقاط فائدة كبلموٍ ،ب إذا سقطت فائدة كبلمو ،سقط وجوب الكبلـ ،فأما إذا كانت اغبسبة باؼبنع فاؼبراد منو القهر ،وسباـ القهر أف
يكوف بالفعل وباغبجة صبيعا ،وإذا كاف فاسقا فإف قهر بالفعل فقد قهر باغبجة ،إذ يتوجو عليو أف يقاؿ لو فأنت ؼبا تقدـ عليو ،فتنظر اتباع عن قهره
بالفعل عن كونو مقهورا باغبجة ،وىذا ال ىبرج الفعل عن كونو حقِّا.
وأما قولو تعاىلِ :
﴿ملَ تَػ ُقولُو َف َما َال تَػ ْف َعلُو َف﴾ فقاؿ اؼبراد بو الوعد الكاذب ،وقولو ﴿ تَػْن َسو َف أَنْػ ُف َس ُكم﴾إنكار من حيث إهنم نسوا أنفسهم ،ال من
حيث إهنم أمروا غَتىم ،ولكن ذكر أمر الغَت استدالال بو على علمهم ،وتأكيد اغبجة عليهم.
أتى دبسألة أخرى :فقاؿ ىل وبتسب الكافر على اؼبسلم ،قاؿ :فإف قيل :فليجز للكافر الذمي أف وبتسب على اؼبسلم إذا رآه يزين ،ألف قوؿ (ال
مباحا أو واجبًا ،قلنا الكافر إف منع اؼبسلم بفعلو فهو تسلط عليو ،فيمنع من
تزف) حق ُب نفسو ،فمحاؿ أف يكوف حر ًاما عليو ،بل ينبغي أف يكوف ً
حيث إنو تسلط ،وما جعل ا﵁ للكافرين على اؼبؤمنُت سبيبل.
وأما قولو (ال تزف) فليس دبحرـ عليو من حيث إنو هنى عن الزىن ولكن من حيث إنو إظهار االحتكاـ على اؼبسلم ،أو إذالؿ اؼبسلم ُب االحتكاـ
عليو ،والفاسق يستحق اإلذالؿ ولكن ال من الكافر الذي ىو األوىل بالذؿ منو ،فهذا وجو منعنا إياه من اغبسبة،وإال فلسنا نقوؿ إف الكافر يعاقب
بسبب قوؿ (ال تزف) من حيث إنو هني ،بل نقوؿ إنو إذ مل يقل (ال تزين) يعاقب عليو،إذارأينا خطاب الكافر بفروع الدين.
وذكر أيضا مراتب اغبسبة فقاؿُ :ب أهنا طبس مراتب ،كما سيأٌب -إف شاء ا﵁ُ -ب درجات االحتساب ،قاؿ أوؽبا التعريف ،والثاين الوعظ بالكبلـ
اللطيف ،والثالث السب والتعنيف ولست أعٍت بالسب الفحش ،بأف يقوؿ يا جاىل يا أضبق أال زباؼ ا﵁ وما هبري ىذا آّرى ،قاؿ الرابع اؼبنع
بالقهر بطريق اؼبباشرة ككسر اؼببلىي وإراقة اػبمر واختطاؼ الثوب اغبرير من البسو واستبلب الثوب اؼبغصوب منو ورده على صاحبو ،واػبامسة
التخويف والتهديد بالضرب ،ومباشرة الضرب لو حىت يبتنع عما ىو عليو.
33
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
ٍب تكلم رضبو ا﵁ على موضوع اغبسبة على الوالد ،قاؿ فإف قيل :فتثبت والية اغبسبة للولد والعبد على اؼبوىل والزوجة على الزوج ،والتلميذ على
األستاذ ،والرعية على الواىل مطلقا ،كما يثبت للوالد على الولد ،والسيد على العبد ،والزوج على الزوجة ،واألستاذ على التلميذ ،والشرطة على الرعية،
أو بينهما فرؽ.
قاؿ رضبو ا﵁ :فاعلم أف الذي نراه أنو يثبت أصل الوالية ولكن بينو فرؽ ُب التفصيل ،ولنقل ذلك ُب الولد مع الوالد ،فنقوؿ قد رتبنا اغبسبة طبس
مراتب ،وىناؾ اغبسبة بالرتبتُت األوليُت ،ونبا التعريف ٍب الوعظ والنصح باللطف ،وليس لو اغبسبة بالسب والتعنيف والتهديد وال مباشرة الضرب،
ونبا الرتبتاف األخَتتاف ،وىل لو اغبسبة بالرتبة الثالثة حيث تؤدي إىل أذى الوالد وسخطو قاؿ ىذا فيو نظر.
وىو بأف يكسر مثبل عوده ويريق طبره ويأخذ اػبيوط عن ثيابو اؼبنسوجة من اغبرير ،ويرد إىل اؼببلؾ ما هبده ُب بيتو من اؼباؿ اغبراـ الذي غصبو أو
سرقو أو أخذه عن إضرار قصدا من ضريبة اؼبسلمُت ،إذا كاف صاحبو معينا ،إىل آخر ىذه األمور ،قاؿ فإف فعلو ُب ىذه األمور ليس يتعلق بذات
األب خببلؼ الضرب والسب ،اإلنكار على الوالد باليد ال يتعلق بذات األب خببلؼ الضرب والسب الذي يتعلق بذات األب ،قاؿ ولكن الوالد
يتأذى بو ويسخط بسببو إال أف فعل الولد حق ،وسخط األب منشأه حب الباطل واغبراـ ،واألظهر ُب القياس أنو يثبت للولد ذلك بل يلزمو أف
يفعل ذلك وال يبعد أف ينظر فيو إىل قبح اؼبنكر وإىل مقدار األذى والسخط ،فإف كاف اؼبنكر فاحشا وسخطو عليو قريبا كإراقة طبر من ال يشتد
غضبو فذلك ظاىر ،وإف كاف اؼبنكر قريبا والسخط شديدا كما لو كانت لو آنية من بلور أو زجاج على صورة حيواف وُب كسرىا خسراف ماؿ كثَت
فهذا فبا يشتد فيو الغضب وليس فيو معصية مثل اػبمر وغَته فهذا كلو ؾباؿ النظر
قاؿ رضبو ا﵁ أيضا ُب ىذه اؼبسألة ُب مسألة االحتساب على الوالد فإف قيل :فمن أين قلتم ليس لو اغبسبة بالتعنيف والضرب واإلرىاؽ إىل ترؾ
الباطل ،واألمر باؼبعروؼ ُب الكتاب والسنة ورد عاما من غَت زبصيص ،أما النهي عن التأفيف واإليذاء فقد ورد وىو خاص ُب ما ال يتعلق بارتكاب
اؼبنكرات؟ فنقوؿ قد ورد ُب حق األب اػبصوص ما يوجب االستثناء للعموـ إذ ال خبلؼ ُب أف اعببلد ليس لو أف يقتل أباه ُب الزنا حدا ،وال لو أف
يباشر إقامة اغبد عليو بل ال يباشر قتل أبيو الكافر ،بل لو قطع يده مل يلزمو قصاص ومل يكن لو أف يؤذيو ُب مقابلتو ،وقد ورد ُب ذلك أخبار وثبت
بعضها باإلصباع ،فإذا مل هبز لو إيذاؤه بعقوبة ىي حق على جناية سابقة ،فبل هبوز لو إيذاؤه بعقوبة ىي منع عن جناية مستقبلة متوقعة كاألوىل،
وىذا الًتتيب ينبغي أف هبري ُب العبد والزوجة مع السيد والزوج؛ فهما قريباف من الولد ُب لزوـ اغبق ،وإف كاف ملك اليمُت آكد من ملك النكاح.
وربدث أيضا وأختم بذلك عن أف العامي ينبغي لو أال وبتسب إال ُب اعبليات اؼبعلومة كشرب اػبمر والزنا وترؾ الصبلة وأما ما يعلم كونو معصية
باإلضافة إىل ما يطيف بو من األفعاؿ ويفتقر فيو إىل اجتهاد ُب العامي ،إف خاض فيو كاف ما يفسده أكثر فبا يصلحو ،وعن ىذا يتأكد ظن من ال
يثبت والية اغبسبة إال بتعيُت الوايل إذ ردبا ينتدب ؽبا من ليس أىبل ؽبا؛ لقصور معرفتو أو قصور ديانتو؛ فيؤدي ذلك إىل وجوه من اػبلل .
المحاضرة الثالثة عشرة
كتاب األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر أليب حامد الغزايل -رضبو ا﵁ تعاىل -وقد تطرؽ إىل موضوعات كثَتة ُب اغبسبة وإىل مسائل عدة منها
مسألة ما حكم اغبسبة ُب حالة الظن؟ قاؿ :فإف قيل :وحيث أطلقتم العلم بأف يصيبو مكروه أو أنو ال تفيده حسبتو فلو كاف بدؿ العلم ظن فما
حكمو؟ قلنا :الظن الغالب ُب ىذه األبواب دبعٌت العلم وإمبا يظهر الفرؽ عند تعارض الظن والعلم إذ يرجح العلم اليقيٍت على الظن ويفرؽ بُت العلم
قطعا أنو ال يفيد فإف كاف غالب ظنو أنو ال يفيد ولكن وبتمل أف يفيد وىو
والظن ُب مواضع أخرى ،وىو أنو يسقط وجوب اغبسبة عنو حيث علم ً
مع ذلك ال يتوقع مكروىا فقد اختلفوا ُب وجوبو واألظهر وجوبو إذ ال إضرار فيو وجدواه متوقعة إىل آخر ما ربدث بو حوؿ ىذه اؼبسألة وتراجع ُب
ىذا الكتاب القيم.
وكذلك أيضا تكلم عن االعتداؿ بُت اعبنب والتهور ُب اغبسبة قاؿ :فإف قيل فاؼبتوقع للمكروه ىبتلف باعبنب واعبرأة فاعبباف الضعيف القلب يرى
البعيد قريبا حىت كأنو يشاىده ويرتاع منو واؼبتهور الشجاع يبعد وقوع اؼبكروه بو حبكم ما جبل عليو من حسن األمل حىت إنو ال يصدؽ بو إال بعد
وقوعو فعلى ماذا يعوؿ وتكلم عن ىذه اؼبسألة بإيضاح.
34
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
وكذلك قاؿ فإف قيل :فاؼبكروه اؼبتوقع ما حده ،فإف اإلنساف قد يكره كلمة وقد يكره ضربة وقد يكره طوؿ لساف ا﵀تسب عليو ُب حقو بالغيبة وما
من شخص يؤمر باؼبعروؼ إال يتوقع منو نوع من األذى وقد يكوف أف يسعى بو إىل سلطاف أو يقدح فيو ُب ؾبلس ليتضرر بقدحو فيو ،فما حد
اؼبكروه الذي يسقط الوجوب أو يسقط الوجوب بو قلنا :ىذا فيو نظر غامض وصورتو منتشرة ومزاريو كثَتة ولكننا قبتهد ُب ضم نشره وحصر أقسامو
فنقوؿ :اؼبكروه نقيض اؼبطلوب ومطالب اػبلق ُب الدنيا ترجع إىل أربعة أمور:
-3وأما ُب اؼباؿ فالثروة -4 ،وأما ُب قلوب الناس فقياـ اعباه. - 1وأما ُب النفس فالعلم -2وأما ُب البدف فالصحة والسبلمة
وربدث بالتفصيل عن ىذه اؼبسألة وما يتعلق إذا أصابو مكروه أو خاؼ فوات شيء مطلوب لو أو خاؼ الضرر عليو إىل آخر ىذه اؼبسائل.
وننتقل إىل اغبديث عن الركن الثاين للحسبة وىو ما فيو اغبسبة واؼبقصود الشروط الواجب توافرىا ُب تغيَت اؼبنكر
اقعا أو حىت
يعٍت ما الشروط اليت هبب أف تتوفر ُب تغيَت اؼبنكر؟ ،إذا الركن الثاين ىو ا﵀تسب فيو أي اؼبنكر الذي وبتسب عليو سواء كاف منكرا و ً
معروفًا ترؾ .قاؿ :ىو كل منكر موجود ُب اغباؿ ظاىر للمحتسب بغَت ذبسس معلوـ كونو منكرا بغَت اجتهاد ،فهذه أربعة شروط فلنبحث عنها:
الشرط األوؿ :كونو منكرا ،ونعٍت بو أف يكوف ؿبذور الوقوع ُب الشرع ،وعدلنا عن لفظ اؼبعصية إىل ىذا ألف اؼبنكر أعم من اؼبعصية قاؿ :من رأى
صبيًا أو ؾبنونًا يشرب اػبمر فعليو أف يريق طبره ويبنعو ،وكذا إف رأى ؾبنونا يزين دبجنونة أو ّٔيمة فعليو أف يبنعو منها وليس ذلك لتفاحش صورة
الفعل وظهوره بُت الناس ،بل لو صادؼ ىذه اؼبنكر ُب خلوة لوجب اؼبنع منو ،وىذا ال يسمى معصية ُب حق آّنوف إذ معصية ال عاصي ّٔا ؿباؿ،
فلفظ اؼبنكر أدؿ و أعم عليو من لفظ اؼبعصية.
الشرط الثاين :أف يكوف موجودا ُب اغباؿ وىو احًتاز أيضا عن اغبسبة على من فرغ من شرب اػبمر ،فإف ذلك ليس إىل اآلحاد وقد ينقلب اؼبنكر
وىو احًتاز عما سيوجد ُب ثاين اغباؿ ،كمن يعلم بقرينة حاؿ أنو عازـ على الشرب ُب ليلتو فبل حسبة عليو إال بالوعظ ،وإف أنكر عزمو عليو؛ مل
هبز وعظو فإف فيو إساءة ظن باؼبسلم وردبا صدؽ ُب قولو إىل آخره
الشرط الثالث :أف يكوف اؼبنكر ظاىرا للمحتسب بغَت ذبسس فكل من سًت معصية ُب داره وأغلق بابو ال هبوز أف يتجسس عليو وقد هنى ا﵁ تعاىل
عنو.
أيضا أثار مسألة فقاؿ :فإف قلت :فما حد الظهور واالستتار؟ فاعلم أف من أغلق باب داره وتسًت حبيطانو فبل هبوز الدخوؿ عليو بغَت إذنو لتعرؼ
اؼبعصية إال أف يظهر ُب الدار ظهور يعرفو من ىو خارج الدار ،كأصوات اؼبزامَت واألوتار إذا ارتفعت حبيث هباوز ذلك حيطاف الدار ،فمن ظبع ذلك
فلو دخوؿ الدار وكسر اؼببلىي ،وكذا إذا ارتفعت أصوات السكارى بالكلمات اؼبألوفة بينهم حبيث يسمعها أىل الشوارع فهذا إظهار موجب
للحسبة ،وبينا أيضا فيما يتعلق عند اغبديث عن ىذا الشرط أف لو ضوابط وال بد من العناية بفقو إنكار اؼبنكر وعدـ ترتب منكر أعظم من ذلك.
الشرط الرابع :وىو كونو منكرا معلوما بغَت اجتهاد ،فكل ما ىو ُب ؿبل االجتهاد فبل حسبة وبينا ذلك عند اغبديث عن ىذا الشرط بالتفصيل.
منكرا ،وأقل ما يكفي ُب ذلك أف يكوف إنسانًا وال
فبنوعا منو ُب حقو ً
قاؿ :الركن الثالث ا﵀تسب عليو ،وقالوا :شرطو أف يكوف بصفة يكوف الفعل ً
يشًتط كونو مكلفا إذ بينا أف الصيب لو شرب اػبمر منع منو واحتسب عليو و إف كاف قبل البلوغ وال يشًتط كونو فبيزا إذ بينا أف آّنوف لو كاف يزين
دبجنونة أو ّٔيمة أو يأٌب ّٔيمة منعو منو ،نقوؿ :نعم ،من األفعاؿ ما ال يكوف منكرا ُب حق آّنوف كًتؾ الصبلة والصوـ وغَته ولكن لسنا نلتفت إىل
اختبلؼ التفاصيل فإف ذلك أيضا فبا ىبتلف فيو اؼبقيم واؼبسافر واؼبريض والصحيح.
ٍب تطرؽ إىل مسألة مهمة وىي نفس االحتساب قاؿ :ولو درجات وآداب أما الدرجات فأوؽبا التعرؼ ٍب التعريف ٍب النهي ٍب الوعظ والنصح ٍب
السب والتعنيف ٍب التغيَت باليد ٍب التهديد بالضرب ٍب إيقاع الضرب وربقيقو ٍب شهر السبلح ٍب االستظهار فيو باألعواف وصبع اعبنود ،قاؿ:
أما الدرجة األوىل وىي التعرؼ ونعٍت طلب اؼبعرفة ِبرياف اؼبنكر وذلك منهي عنو وىو التجسس الذي ذكرناه فبل ينبغي أف يسًتؽ السمع على دار
غَته ليسمع صوت األوتار ،وال أف يستنشق ليدرؾ رائحة اػبمر ،وال أف يبس ما ُب ثوبو ليعرؼ شكل اؼبزمار ،وال أف يستخرب من جَتانو ليخربوه دبا
هبري ُب داره؛ نعم لو أخربه عدالف ابتداء من غَت استخبار بأف فبلنا يشرب اػبمر ُب داره ،أو بأف ُب داره طبر أعده للشرب فلو إذ ذاؾ أف يدخل
35
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
داره وال يلزـ االستئذاف ،ويكوف زبطى ملكو للدخوؿ للتوصل لدفع منكر ككسر رأسو بالضرب للمنع مهما احتاج إليو .وإف أخربه عدالف أو عدؿ
واحد وباعبملة كل من تقبل روايتو وىي شهادتو ففي جواز اؽبجوـ على داره بقوؽبم فيو نظر واحتماؿ واألوىل أف يبتنع ألف لو حقا ُب أال يتخطى داره
إال بإذنو وال يسقط حق اؼبثل عما ثبت عليو حقو إال بشاىدين فهذا أوىل ما هبعل مردا فيو.
وأيضا ذكرنا أف ما يتعلق بأمر الواليات ووالية اغبسبة على وجو اػبصوص معروؼ فيها النظر للمصلحة واؼبفسدة وال بد أف نبُت ىنا أف فيو نظرا
للمصلحة واؼبفسدة وكذلك مراعاة األمور الرظبية والًتتيبات اإلدارية وأيضا مراعاة الصبلحيات اؼبخولة للمحتسب وعدـ اعتداء تلك الصبلحيات
واألنظمة واإلجراءات اؼبتبعة والتعليمات الواردة ُب ذلك ،حىت ال وبصل من وراء ذلك مفسدة ،أو إخبلؿ بالنظاـ أو اعتداء على حقوؽ الغَت أو حىت
على اعبهات األخرى ،قاؿ :الدرجة الثانية التعريف فإف اؼبنكر قد يقدـ عليو اؼبقدـ ِبهلو وإذا عرؼ أنو منكر تركو ،كمن يصلي وال وبسن الركوع
والسجود فيعلم أف ذلك عبهلو ألف ىذه ليست بصبلة ولو رضي بأال يكوف مصليا لًتؾ أصل الصبلة ،فيجب تعريفو باللطف من غَت عنف وذلك
ألف من التعريف نسبة إىل اعبهل واغبمق والتجهيل إيذاء وقلما يرضى اإلنساف بأف ينسب إىل اعبهل بأمور السيما بالشرع.
وأيضا يراعى كذلك اإلنساف ال يولد عاؼبا ،ولقد كنا جاىلُت أيضا بأمور الصبلة فعلمنا العلماء ،وال بد أف نتلطف بو ليحصل التعريف من غَت
إيذاء.
أما الدرجة الثالثة فهي النهي بالوعظ والنصح والتخويف با﵁ تعاىل ،وذلك فيمن يقدـ على األمر وىو عامل بكونو منكرا أو فيمن أصر عليو بعد أف
عرؼ كونو منكرا كالذي يواظب على الشرب أو على الظلم أو على اغتياب اؼبسلمُت ٍب هبري ؾبراه فينبغي أف يوعظ وىبوؼ با﵁ تعاىل وتورد عليو
األخبار الواردة بالوعيد ُب ذلك وربكى لو سَتة السلف وعبادة اؼبتقُت ،وكل ذلك بشفقة ولطف من غَت عنف وغضب بل ينظر إليو نظر اؼبًتحم
عليو ويرى إقدامو على اؼبعصية مصيبة على نفسو إذ اؼبسلمُت كنفس واحدة.
وىا ىنا آفة عظيمة ينبغي أف يتوقاىا فإهنا مهلكة وىي أف العامل يرى عند التعريف عز نفسو بالعلم وذؿ غَته باعبهل ،فردبا يقصد بالتعريف اإلذالؿ
وإظهار التمييز بشرؼ العلم وإذالؿ صاحبو بالنسبة إىل خسة اعبهل ،فإف كاف الباعث ىذا فهذا اؼبنكر أقبح ُب نفسو من اؼبنكر الذي يعًتض عليو،
وىذا تنبيو مهم ردبا مل نتطرؽ لو عند اغبديث عن ىذه الدرجة فينبغي أف يكوف ؿبل عناية واىتماـ.
قاؿ رضبو ا﵁ :ومثاؿ ىذا ا﵀تسب مثاؿ من ىبلص غَته من النار بإحراؽ نفسو وىو غاية ُب اعبهل وىذه مذلة عظيمة وغائلة ىائلة وغرور من
الشيطاف ،يتدىل حبب لو كل إنساف إال من عرفو ا﵁ عيوب نفسو وفتح بصَتتو بنور ىدايتو ،فإف ُب االحتكاـ على الغَت لذة للنفس عظيمة من وجهُت؛
أحدنبا من جهة دالة العلم ،واآلخر من جهة دالة االحتكاـ والسلطنة ،وذلك يرجع إىل الرياء وطلب اعباه وىو الشهوة اػبفية الداعية إىل الشرؾ
اػبفي،
الدرجة الرابعة السب والتعنيف بالقوؿ الغليظ اػبشن ،وذلك يعدؿ إليو عند العجز عن اؼبنع باللطف وظهور مبادئ اإلصرار واالستهزاء بالوعظ
ُؼ لَّ ُكم ولِما تَػعب ُدو َف ِمن د ِ
وف ا﵁ِ أَفَبلَ تَػ ْع ِقلُو َف﴾ ولسنا أعٍت بالسب والفحش ما فيو النسبة إىل الزنا ُ والنصح ،وذلك مثل قوؿ إبراىيم ﴿ :أ ٍّ ْ َ َ ْ ُ
ومقدماتو وال الكذب؛ بل أف ىباطبو دبا فيو فبا ال يعد من صبلة الفحش :كقولو :يا فاسق ،أو يا أضبق ،يا جاىل ،أال زباؼ ا﵁؟ فإف كل فاسق فهو
أضبق وجاىل ولوال ضبقو ؼبا عصى ا﵁ تعاىل ،بل كل من ليس بكيس فهو أضبق،
قاؿ :ومن ىذه الرتبة أدباف -1 :أال يقدـ عليها إال عند الضرورة والعجز عن اللطف ،و -2أال ينطق إال بالصدؽ وال يسًتسل فيو فيطلق لسانو
الطويل دبا ال وبتاج إليو بل يقتصر على قدر اغباجة فإف علم خطابو ّٔذه الكلمات الزاجرة ال تزجره فبل ينبغي أف يطلقو بل يقتصر على إظهار
غضبو واالستحقار لو واالزدراء ﵀لو ألجل معصيتو ،وإف علم أنو لو تكلم ،وىذا ىو ما ينبغي أف يكوف عليو ا﵀تسب عند استخدامو ؽبذه الدرجة
بأف يراعي ىذين األدبُت.
الدرجة اػبامسة التغيَت باليد وذلك ككسر اؼببلىي وإراقة اػبمر وخلع اغبرير من رأسو وعن بدنو ومنعو من اعبلوس عليو ودفعو عن اعبلوس على ماؿ
الغَت وإخراجو من الدار اؼبغصوبة باعبر برجلو وإخراجو من اؼبسجد إذا كاف جالسا وىو جنب وما هبري ؾبراه ويتصور ذلك ُب بعض اؼبعاصي دوف
36
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
بعض ،فأما معاصي اللساف والقلب فبل يقدر على مباشرة تغيَتىا وكذلك كل معصية تقتصر على نفس العاصي وجوارحو الباطنة وُب ىذه الدرجة
أدباف أيضا:
-1أال يباشر بيده التغيَت ما مل يعجز عن تكليف ا﵀تسب عليو ذلك فإذا أمكنو أف يكلفو اؼبشي اػبروج عن األرض اؼبغصوبة واؼبسجد فبل ينبغي
أف يدفعو أو هبره وإذا قدر على أف يكلفو إراقة اػبمر وكسر اؼببلىي وحل دروز ثوب اغبريري فبل ينبغي أف يباشر ذلك بنفسو فإف الوقوؼ على حد
الكسر لو عسر فإذا مل يتعاط بنفسو ذلك كفى االجتهاد فيو وتواله من ال حجر عليو ُب فعلو.
-2أف يقتصر ُب طريق التغيَت على القدر ا﵀تاج إليو وىو أال يأخذ بلحيتو ُب اإلخراج والهبره برجلو إذا قدر على جره بيده فإف زيادة األذى فيو
مستغٌت عنو وأال يبزقو باغبرير بل وبل دروزه فقط وال وبرؽ اؼببلىي والصليب الذي أظهره النصارى بل يبطل صبلحيتو بالكسر ،إىل آخر ىذه األمور.
الدرجة السادسة التهديد والتخويف كقولو :دع عنك ىذا أو ألكسرف رأسك أو ألضربن رقبتك أو آلمرنك بو وما أشبهو ،وىذا ينبغي أف يقدـ على
ربقيق الضرب إذا أمكن تقديبو ،واألدب ُب ىذه الرتبة أال يهدده بوعيد ال هبوز لو ربقيقو كقولو ألىدمن دارؾ أو ألضربن ولدؾ ألسبُت زوجتك وما
هبري ؾبراه ،بل ذلك لو قالو عن عزـ فهو حراـ ،وإف قالو من غَت عزـ فهو كذب.
فصل ُب ىذه اؼبسألة واستطرد فيها،
وأيضا َّ
الدرجة السابعة مباشرة الضرب بالرجل واليد وغَت ذلك فبا ليس فيو شهر سبلح ،وذلك جائز لآلحاد بشرط الضرورة واالقتصار على قدر اغباجة ُب
الدفع ،فإذا اندفع اؼبنكر فينبغي أف يكف أو القاضي قد يرىق من ثبت عليو اغبق ألداء اغبق باغببس ،فإف أصر ا﵀بوس وعلم القاضي قدرتو على
أداء اغبق وكونو معاندا ،فلو أف يلزمو األداء بالضرب على التدريج كما وبتاج إليو.
الدرجة الثامنة أال يقدر عليو بنفسو ووبتاج فيو إىل أعواف يشهروف السبلح ،وردبا يستمد الفاسق أيضا بأعوانو ويؤدي ذلك إىل أف يتقابل الصفاف
ويتقاتبل فهذا قد ظهر االختبلؼ ُب اغباجة إىل إذف اإلماـ فقاؿ :ال يستقل أحد الرعية بذلك ألنو يؤدي إىل ربريك الفنت وىيجاف الفساد وخراب
الببلد .وال شك أف ىذه الدرجة ينبغي اغبذر عند استخدامها والتأدب باآلداب الشرعية ُب ذلك ومراعاة ما نص عليو فيها أىل العلم وما فصلوا ُب
ىذه اؼبسألة.
صبيع ٍب تطرؽ رضبو ا﵁ تعاىل إىل آداب ا﵀تسب وقاؿ :قد ذكرنا تفاصيل اآلداب ُب أحد الدرجات ونذكر اآلف صبلها ومصادرىا فنقوؿ:
آداب ا﵀تسب مصدرىا ثبلث صفات ُب ا﵀تسب :العلم والورع وحسن اػبلق،
أما العلم فليعلم مواقع اغبسبة وحدودىا وؾباريها وموانعها ليقتصر على حد الشرع فيو،
شرعا ولكن وبملو
والورع لَتدعو عن ـبالفة معلومة فما كل من علم عمل بعلمو فمن اؼبمكن أف يعلم أنو مسرؼ ُب اغبسبة وزاد عن اغبد اؼبأذوف فيو ً
عليو غرض من األغراض وليكن كبلمو ووعظو مقبوال فإف الفاسق يهزأ بو إذا احتسب ويورث ذلك جرأة عليو،
وأما حسن اػبلق فليتمكن بو من اللطف والرفق وىو أصل الباب وأساس و ،والعلم والورع ال يكفياف فيو فإف الغضب إذا ىاج مل يكف ؾبرد العلم
والورع ُب قمعو ما مل يكن ُب الطبع قبولو حبسن اػبلق وعلى التحقيق فبل يتم الورع إال مع حسن اػبلق والقدرة على ضبط الشهوة والغضب وبو
يصرب ا﵀تسب على ما أصابو ُب دين ا﵁ وإال فإذا أصيب عرضو أو مالو أو نفسو بشتم أو ضرب نسي اغبسبة وغفل عن دين ا﵁ واشتغل بنفسو بل
ردبا يقدـ عليو ابتداء لطلب اعباه واالسم ،فهذه الصفات الثبلث ّٔا تصَت اغبسبة من القربات ؤّا تندفع اؼبنكرات وإف فقدت مل يندفع اؼبنكر ،بل
عددا من األدلة حوؿ حسن اػبلق
ردبا كانت اغبسبة أيضا منكرة ّٓاوزة حد الشرع فيها ودؿ على ىذه اآلداب عدد من األدلة وساؽ رضبو ا﵁ ً
والعناية باآلداب الشرعية عند القياـ باالحتساب ،وإ ًذا ا﵀تسب ال يأمر باؼبعروؼ وال ينهى عن اؼبنكر إال إذا كاف رفي ًقا فيما يأمر بو رفي ًقا فيما ينهى
فقيها فيما ينهى عنو ،وىذا يدؿ على أنو ال يشًتط أف يكوف فق ًيها مطل ًقا بل
فقيها فيما يأمر بو ً
حليما فيما ينهى عنوً ،
حليما فيما يأمر بوً ،
عنو ً
فيما يأمر بو وينهى عنو وكذا اغبلم.قاؿ اغبسن البصري رضبو ا﵁ :إذا كنت فبن يأمر باؼبعروؼ فكن من آخذ الناس بو وإال ىلكت ،وقد قيل:
وأنت منسوب إىل مثلو ال تلم اؼبرء على فعلو
37
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
38
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
الناس وربط الدواب على الطريق حبيث يضيق الطريق ،ويُنجس آّتازين منكر هبب منعو إال بقدر حاجة النزوؿ والركوب؛ وىذا ألف الشوارع ألجلها
أيضا كذلك مثل بأمثلة وىي كثَتة وموجودة ُب ذلك الزمن.قاؿ كذلك طرح القمامة على جواد الطرؽ وتبديد قشور
ُب العادة دوف سائر اغباجات ،و ً
مثيبل حىت ُب
البطيخ أو رش اؼباء حبيث ىبشى منو التزلق والتعثر كل ذلك من اؼبنكرات ،وىذه اؼبنكرات وإف كانت قد وقعت ُب زمن مضى إال أف ؽبا ً
زمننا ىذا فالواجب االحتساب على ذلك كلو وعدـ التساىل بو
أيضا تطرؽ إىل منكرات اغبمامات:
ً
قاؿ :منها الصورة اليت تكوف على باب اغبماـ أو داخل اغبماـ هبب إزالتها على كل من يدخلها إف قدر ،وكذلك قاؿ كشف العورات والنظر إليها،
ومن صبلتها كشف الدالؾ؛ عن الفخذ وما ربت السرة لتنحية الوسخ ،بل من صبلتها إدخاؿ اليد ربت اإلزار فإف مس عورة الغَت حراـ كالنظر إليها،
أيضا أمثلة تقع حىت ُب زمننا اؼبعاصر ُب بعض اؼبراكز اليت يكوف فيها التدليك وكبو ذلك ،أو منها االنبطاح على الوجو
قاؿ :ومنها االنبطاح وىذه ً
ؿبظورا إذا مل ىبشى من حركة الشهوة ،وكذلك كشف العورة
بُت يدي الدالؾ لتغميز األفخاد واألعجاز فهذا مكروه إف كاف مع حائل ،وال يكوف ً
ل لحجاـ الذمي من الفواحش؛ فإف اؼبرأة ال هبوز ؽبا أف تكشف بدهنا للذمية ُب اغبماـ فكيف هبوز ؽبا كشف العورات للرجاؿ؟ إىل غَت ذلك من
اؼبنكرات اؼبتعلقة باغبماـ وىذه بعض األمثلة.
أيضا أف يكوف ُب الضيافة مبتدع يتكلم ُب بدعتو ،فيجوز
أيضا ربدث عن منكرات الضيافة:وذكر صبلة من ىذه اؼبنكرات :قاؿ :ومنها ً
كذلك ً
اغبضور ؼبن يقدر على الرد عليو على عزـ الرد فإف كاف ال يقدر عليو مل هبز فإف كاف اؼببتدع ال يتكلم ببدعتو فيجوز اغبضور مع إظهار الكراىة عليو
واإلعراض عنو ،وإف كاف فيها مضحك باغبكايات وأنواع النوادر فإف كاف يضحك بالفحش والكذب ال هبوز اغبضور وعند اغبضور هبب اإلنكار
عليو ،وإف كاف ذلك دبزح ال كذب فيو وال فحش فهو مباح أعٍت ما يقل منو ،فأما ازباذه صنعة وعادة فليس مباح وكل كذب ال ىبفى أنو كذب وال
مثبل طلبتك اليوـ مائة مرة وأعدت عليك الكبلـ ألف مرة ،وما هبري ؾبراه فبا يُعلم أنو
يُقصد بو التلبيس فليس باعبملة من اؼبنكرات كقوؿ إنساف ً
ليس يقصد بو التحقيق فذلك ال يقدح ُب العدالة وال ترد الشهادة بو.
وىو يتكلم عن أشياء حىت تقع ُب وقتنا اؼبعاصر واألمثلة اليت ذكرىا تقع حىت ُب بعض ؾبالس بعض الناس
قاؿ :ومنها اإلسراؼ ُب الطعاـ فهو منكر فيو اإلضاعة واآلخر اإلسراؼ فاإلضاعة تفويت ماؿ ببل فائدة يعتد ّٔا كإحراؽ الثوب وسبزيقو ،وىدـ البناء
شرعا فصارت كاؼبعدومة ،قاؿ :وأما اإلسراؼ فقد يطلق
من غَت غرض ،وكذلك صرؼ اؼباؿ إىل النائحة واؼبطرب وُب أنواع الفساد ألهنا فوائد ؿبرمة ً
إ ًذا اإلسراؼ نوعاف -1: إلرادة صرؼ اؼباؿ إىل النائحة واؼبطرب واؼبنكرات وقد يطلق على الصرؼ إىل اؼبباحات ُب جنسها ولكن مع اؼببالغة.
أيضا ذكر أف
قد يكوف صرؼ ماؿ ُب منكرات -2 ،وقد يكوف صرؼ إىل اؼبباحات لكن ذلك يكوف معو مبالغة فبا يضيع معو اؼباؿ ُب غَت فائدةً ،
مثبل ومعو عيالو وأوالده وال معيشة ؽبم سواه فأنفق اعبميع ُب وليمة فهو اؼببالغة زبتلف باإلضافة إىل األحواؿ فنقوؿ :من مل يبلك إال مائة دينار ً
وما َْؿب ُس ًورا﴾ نزؿ ىذا ُب رجل باؼبدينة قسم صبيع مالو ومل يبق شيئًا لعيالو فطُولب ِ
﴿وَال تَػْب ُسطْ َها ُك َّل الْبَ ْسط فَػتَػ ْق ُع َد َملُ ً
مسرؼ هبب منعو قاؿ ا﵁ َ :
بالنفقة فلم يقدر على شيء ،إ ًذا اإلسبلـ يعتٍت بأمر النفقة على األىل واألوالد؛ ألف والدىم ىو الذي يعوؽبم ،و(كفى باؼبرء إشبًا أف يضيع من
ين إِ َذا أَنْػ َف ُقوا َملْ يُ ْس ِرفُوا َوَملْ يػَ ْقتُػُروا﴾ َّ ِ ِِ ِ ِ ِ ِ
ين َكانُوا إ ْخ َوا َف الشَّيَاطُت﴾وكذلك قاؿ َ ﴿ :والذ َ يقوت) وقاؿ تعاىلَ ﴿ :وَال تُػبَ ّْذ ْر تَػْبذ ًيرا إ َّف الْ ُمبَ ّْذر َ
.فمن يسرؼ ىذا اإلسراؼ يُن َكر عليو وهبب على القاضي أف وبجر عليو ،إال إذا كاف الرجل وحده وكاف لو قوة ُب التوكل صادقة فلو أف ينفق صبيع
مالو ُب أبواب الرب؛ يعٍت من كاف وحده وليس لو أوالد وليس لو عياؿ يُنفق عليهم فهذا لو أمر آخر أو من كاف لو عياؿ كاف عاجزا عن التوكل
ماال كثَت ليس
أيضا إسراؼ ؿبرـ وفعل ذلك إما لو ً
فليس لو أف يتصدؽ ِبميع مالو ،وكذلك لو صرؼ صبيع مالو لنقوش حيطانو وتزيُت بنيانو فهذا ً
حبراـ؛ ألف التزيُت لؤلغراض الصحيحة ،إ ًذا الغزايل -رضبو ا﵁ تعايل -يفرؽ بُت صاحب اؼباؿ الكثَت فيما يتعلق بالتزيُت وإنفاؽ اؼباؿ فيو ،وبُت من
ليس عنده إال ماؿ قليل ال يكفي إال لو ولعيالو.
39
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
أيضا إىل اؼبنكرات العامة قاؿ :اعلم أف كل قاعد ُب بيتو أينما كاف فليس خاليًا ُب ىذا الزماف عن منكر من حيث التقاعد عند إرشاد
ٍب تطرؽ ً
الناس وتعليمهم وضبلهم على اؼبعروؼ ،فأكثر الناس جاىلوف بالشرع ُب شروط الصبلة ُب الببلد فكيف ُب القرى والبوادي؟ ومن نصحو -رضبو ا﵁-
قاؿ :واجب أف يكوف ُب مسجد أو ؿبلة من البلد فقيو يعلم الناس دينهم ،وكذا ُب كل قرية واجب على كل فقيو فرغ من فرض عينو وتفرغ لفرض
الكفاية أف ىبرج إىل من هباور بلده من أىل السواد ومن العرب واألكراد وغَتىم ويعلمهم دينهم وكذا فرائض شرعهم ،ويستصحب مع نفسو ز ًادا
يأكلو وال يأكل من أطعمتهم فإف أكثرىا مغصوب ،وىو يتكلم عن أمور تقع ُب وقتو أو ُب زمنو اؼبعاصر ،فقاؿ :لئلنساف أف يقعد ُب بيتو وال ىبرج
إىل اؼبسجد؛ ألنو يرى الناس ال وبسنوا الصبلة بل إذا علم ذلك وجب عليو اػبروج للتعليم والنهي ،وكذا كل من يتيقن أف ُب السوؽ منكر هبري
على الدواـ أو ُب وقت بعينو ىو قادر على تغيَته فبل هبوز لو أف يسقط ذلك عن نفسو بالقعود ُب البيت بل يلزمو اػبروج ،فإف كاف ال يقدر على
تغيَت اعبميع وىو ؿبًتز عن مشاىدتو ويقدر على البعض لزمو اػبروج؛ ألنو إذا كاف ألجل تغيَت ما يقدر عليو فبل يضره مشاىدة ماال يقدر عليو،
وإمبا يبنع اغبضور ؼبشاىدة اؼبنكر من غَت غرض صحيح فحق على كل مسلم أف يبدأ بنفسو فيصلحها باؼبواظبة على الفرائض وترؾ ا﵀رماتٍ ،ب
يُعلم ذلك أىل بيتوٍ ،ب يتعدى بعد ذلك بعد الفراغ منهم إىل جَتانوٍ ،ب إىل أىل ؿبلتوٍ ،ب إىل أىل بلده ،وىكذا إىل أقصى العامل .فهذا حديث أليب
حامد الغزايل -رضبو ا﵁ تعاىل -عن بعض اؼبنكرات اليت تقع من بعض الناس ربدث عنها وأسهب باغبديث عنها حيث قاؿ ُب اؼبنكرات اؼبألوفة ُب
العادات وذكر صبلة منها ُب بعض اؼبواضع من ذلك منكرات اؼبساجد ،وكذلك منكرات األسواؽ ،ومنكرات الشوارع ،ومنكرات اغبمامات،
كثَتا من
أيضا ذكر ً
ومنكرات الضيافة وربدث عنها بإسهاب وبُت فيها بيانًا شرعيًا ،وأتى باألدلة الشرعية من الكتاب والسنة وأقواؿ أىل العلم ،و ً
األمثلة اليت تقع ُب زمنو اؼبعاصر ،وكثَت من ىذه األمثلة يقع ما يشبهها ُب زمننا إ ًذا كاف يتحدث عن زمنو ذلك الوقت ويقع كثَت منها أو ما يشبهها
ُب وقتنا اؼبعاصر سواء كانت ُب اؼبساجد أو ُب األسواؽ أو فيما يتعلق بالضيافة واإلسراؼ أو ُب اؼبنكرات العامةٍ ،ب ختم كتابو -رضبو ا﵁ تعاىل-
بالباب الرابع ُب أمر األمراء والشياطُت وهنيهم عن اؼبنكر وأتى باألدلة على ذلك وذكر صبلة فبا ربدث عنو أىل العلم ،وما حصل من االحتساب
بعض األئمة على بعض اػبلفاء ُب زمن مضى وبعض األمراء والواجب كبو األمراء والسبلطُت ُب أمرىم باؼبعروؼ وهنيهم عن اؼبنكر ،وهبب على
أمرا باؼبعروؼ أو هنيًا عن اؼبنكر،
ا﵀تسب أف يكوف رفي ًقا ُب ىذا األمر ،وأف يتأدب باآلداب الشرعية عند قيامو باالحتساب على األمراء والسبلطُت ً
أيضا من عظمو ا﵁ تعاىل؛ إلجبلؿ ا﵁ تعاىل تعظيم السلطاف فكل سلطاف مكنو ا﵁ تعاىل ُب األرض فيجب على الرعية أف يعظموه
وأف يعظم ً
أيضا هبب
ويعرفوا قدره ،وأال ىبرج عن اآلداب الشرعية ُب أمره باؼبعروؼ أو هنيو عن اؼبنكر؛ ألف بصبلح الوايل واألمَت تصلح الرعية وتصلح األمور ،و ً
سرا فإف من منهج أىل السنة و اعبماعة أف يُنصحأف يكوف األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر باآلداب الشرعية ومن ذلك أمره أو هنيو ونصيحتو ً
أيضا أف يكوف متأدبًا باآلداب الشرعية وُب ىذا من اػبَت
أيضا يُبعد أو يُزيل اؽبيبة اليت للوايل عند الناس ،و ً
سرا وال يبدي لو عبلنية وال ً
الوايل أو األمَت ً
أيضا من جانب آخر اإلخبلؿ باآلداب الشرعية فيما يتعلق بنصح األئمة واغبكاـ يًتتب عليو مفاسد عظيمة ال
للناس ما ال يعلمو إال ا﵁ تعاىل ،و ً
زبفى على كل عاقل .إ ًذا ىذا ىو كتاب اإلماـ الغزايل "األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر" وقد ربدثنا عنو ُب حلقات عديدة وعرفنا بو ُب ىذا اؼبقرر
وىو كتاب يقع ُب تسعُت صفحة تقريبًا ،وقد قسمو اؼبؤلف إىل أربعة أبواب .الباب األوؿُ :ب وجوب األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر
وفضيلتو.والباب الثاينُ :ب أركانو وشروطو.والباب الثالثُ :ب ؾباريو وبياف اؼبنكرات اؼبألوفة ُب العادات.والباب الرابعُ :ب أمر األمراء والسبلطُت
باؼبعروؼ وهنيهم عن اؼبنكر.
المحاضرة الخامسة عشرة
الكتاب الثاين :كتاب (هناية الرتبة ُب طلب اغبسبة) لعبد الرضبن بن نصر الشيزري .وترجع أنبية ىذا الكتاب بالقياس إىل غَته من الكتب اليت ألفت
ُب اغبسبة لعدة ميزات منها:
41
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
أف مؤلفو أسبق اؼبؤلفُت ُب موضوع اغبسبة من الناحية العملية ُب الشرؽ اإلسبلمي ،إذ عاش ُب القرف السادس اؽبجري ومل يتناوؿ ذلك اؼبوضوع قبلو
إال أفراد قبلئل مثل اؼباوردي اؼبتوَب سنة أربعمائة وطبسُت ىجريو ُب كتاب (األحكاـ السلطانية) والغزايل اؼبتوَب سنة طبسمائة وطبسة ُب كتاب (إحياء
علوـ الدين) وىو ما ربدثنا عنو ُب اغبلقات السابقة وكبلنبا تغلب على كتابتهما الصفات الفقهية البحتة.
ومنها أف ىذا الكتاب صار فيما بعد أساسا ؼبا كتبو ابن اإلخوة وابن بساـ وغَتنبا ُب اغبسبة ،أما ابن اإلخوة اؼبتوَب سنة تسع وعشرين وسبعمائة
للهجرة فإنو ألف كتابو اؼبسمى (معامل القربة ُب أحكاـ اغبسبة) ُب سبعُت بابا وقد دلت اؼبقارنة على وجود تشابو كبَت بينو وبُت كتاب الشيزري ،وأما
كتاب (هناية الرتبة ُب طلب اغبسبة) البن بساـ وىو يتطابق ُب عنوانو مع كتاب الشيزري،وابن بساـ عاش ُب مصر ُب القرف الثامن اؽبجري فيبدو
كذلك أف معظمو منقوؿ من كتاب الشيزري إذ إنو فضبل عن اتفاقو مع كتاب الشيزري ُب العنواف فإف مقدمتهما واحدة وذلك باعًتاؼ ابن بساـ
نفسو ،بل يبدو أف ابن بساـ أخذ تأليف الشيزري فنسبو إىل نفسو عنوانا ومتنا بعد أف أضاؼ إليو أبوابا متعددة فبا جعلها تبلغ أربعة عشر ومائة
باب ،على حُت أف كتاب الشيزري ُب أربعُت بابا فقط ،ولقد حدا ىذا التشابو اؼبادي بالدكتور برناور إىل القوؿ بأف ىذه الكتب الثبلثة –كتاب
هناية الرتبة للشيزري وكتاب هناية الرتبة البن بساـ ،ومعامل القربة البن اإلخوة -قاؿ :ليست إال كتابا واحدا تناولو مؤلفوف ـبتلفوف بزيادات وتعديبلت
حبسب الببلد واألزمنة اليت عاشوا فيها أي أف كتاب الشيزري أصل لكتايب ابن اإلخوة وابن بساـ ،أو ألحدنبا على األقل وذلك ألسبقيتو الزمنية
والتفاؽ الكتابُت اؼبتأخرين معو إىل درجة كبَتة ُب اؼبوضوعات واألبواب والفصوؿ وُب عرضها أيضا.
وٍب ميزة أخرى ؽبذا الكتاب أي كتاب هناية الرتبة ُب طلب اغبسبة للشيزري سبيزه ُب الواقع عن صبيع الكتب اليت وضعت ُب اغبسبة وىي اإلسهاب ُب
شرح غشوش العقاقَت ووصف فروع الطب اؼبختلفة ٍب االىتماـ دبراقبة أىل الذمة وحركات الباطنية وردبا كانت علة ىذا االىتماـ أف عصر اؼبؤلف وىو
فضبل عن مصر ،ونشبت
القرف السادس اؽبجري ،كاف عصر إحياء السنة وقد زبللتو اؼبنازعات بُت السنة والشيعة ُب كثَت من جهات العامل اإلسبلمي ً
اغبروب الصليبية ُب أثنائو فأصبح ىبشى من فباألة الذميُت ُب ببلد اإلسبلمية للصليبيُت سيما أف أرباب اغبرؼ والصنائع كاف أكثرىم من أىل الذمة،
على أف الذي يدعو إىل االلتفات ىنا أف أمور الباطنية وحركاهتا كانت داخلة ُب أعماؿ ا﵀تسب وتلك مسألة ذات أنبية ُب البحث ُب أصل اغبسبة
ونشأهتا ُب الدولة اإلسبلمية.
ويضاؼ إىل ذلك ميزة ال تقل عما سبق ،وىي كثرة النسخ اػبطية اؼبوجودة من ىذا الكتاب؛ إذ يبلغ عددىا أربع عشرة نسخة ،أما اؼبؤلف فقد
اضطربت صبيع ـبطوطات الكتاب ُب ذكر اظبو ولقبو وكنيتو ومذىبو ،وأصحها صبيعا نسبة اؼبؤلف إىل شيزر لوردىا ُب أكثر من نسخة واحدة ،وألف
اؼبؤلف بدأ كتابو باؼبوازين واؼبثاقيل باإلشارة إىل شيزر قبل غَتىا من مدف الشاـ والببلد األخرى ،وقد مات الشيزري حوايل سنة تسع وشبانُت وطبسمائة
للهجرة ،وىي السنة اليت توُب فيها صبلح الدين األيويب ،وللشيزري عدا كتاب هناية الرتبة ُب طلب اغبسبة كتب أخرى ليس اؼبقاـ مقاـ حديث عنها.
نبدأ باؼبقدمة ؽبذا الكتاب حىت ندخل ُب صلبو ومضمونو على بينة وبصَتة؛ قاؿ" :بسم ا﵁ الرضبن الرحيم ،وبو ثقيت قاؿ الشيخ اإلماـ األوجد العامل
ؿبمدا
عبد الرضبن بن نصر بن عبد ا﵁ أضبد ا﵁ على ما أنعم وأستعينو فيما ألزـ وأشهد أف ال إلو إال ا﵁ وحده ال شريك لو العلي األعظم وأشهد أف ً
عبده ورسولو النيب األكرـ صلى ا﵁ على آلو وأصحابو وسلم ،وبعد فقد سألٍت من استند ؼبنصب اغبسبة وقيد للنظر ُب مصاحل الرعية وكشف
أصبع لو ـبتصرا كافيًا ُب سلوؾ منهج اغبسبة على الوجو اؼبشروع ليكوف عمادا لسياستو وقوما لرياستو فأجبت إىل
أحواؿ السوقة وأمور اؼبتعيشُت أف َ
ملتمسو ذاىبًا إىل اإلجازة ال إىل اإلطالة وضمنتو طرفا من األخبار وطرزتو حبكايات وأثار ونبهت فيو على غش اؼبتعيشُت ُب اؼببيعات وتدليس أرباب
الصناعات وكشف سرىم اؼبدفوف وىتك سًتىم اؼبصوف راجيًا بذلك ثواب اؼبنعم ليوـ اغبساب واقتصرت فيو على ذكر اغبرؼ اؼبشهورة دوف غَتىا
ؼبسيس اغباجة إليها وجعلتو أربعُت بابًا ،وبتذي ا﵀تسب على مثاؽبا وينسج على منواؽبا وظبيتو هناية الرتبة ُب طلب اغبسبة وما توفيقي إال با﵁ عليو
توكلت وإليو أنيب.
سردا الباب األوؿ:فيما هبب على ا﵀تسب من شروط اغبسبة ووجوه مستحباهتا ،والباب الثاين ُب النظر ُب األسواؽ
وىذه األبواب األربعوف ً
والطرقات ،الباب الثالث ُب معرفة القناطَت واألرطاؿ واؼبثاقيل والدراىم ،والباب الرابع ُب معرفة اؼبوازين واؼبكايل وعيار األرطاؿ واؼبثاقيل ،والباب
41
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
اػبامس ُب اغبسبة على اغببوبُت والدقاقُت ،والسادس ُب اغبسبة على اػببازين والسابع ُب اغبسبة على الفرانيُت ،والثامن ُب اغبسبة على صناع الزالبية
والتاسع ُب اغبسبة على القصابُت واعبزارين والعاشر ُب اغبسبة على الشوايُت ،والباب اغبادي عشر ُب اغبسبة على الرواسيُت ،والباب الثاين عشر ُب
اغبسبة على قبلئي السمك ،إىل آخر ىذه األبواب مثل الصيادلة واغباكة واػبياطُت ،والصيارفة والصاغة والنحاسُت ،واغبدادين ومؤديب الصبياف،
وختم أيضا بالباب التاسع والثبلثُت والباب األربعُت باغبسبة على أىل الذمة والباب األربعُت فيما يشتمل على صبل وتفاصيل ُب أمور اغبسبة.
وبدأ اؼبؤلف كتابو بالباب األوؿ فيما هبب على ا﵀تسب من شروط اغبسبة ولزوـ مستحباهتا وقد مر معنا ذلك ُب أوؿ اؼبنهج أو ُب اغبلقات األوىل،
وإصبلحا بُت الناس وجب أف
ً أمرا باؼبعروؼ وهنيًا عن اؼبنكر
ونتعرؼ على ما ذكره الشيزري -رضبو ا﵁ُ -ب ىذا اؼبوضوع :قاؿ :ؼبا كانت اغبسبة ً
فقيها عارفًا بأحكاـ الشريعة ليعلم ما يأمر بو وينهى عنو فإف اغبسن ما حسنو الشرع والقبيح ما قبحو الشرع وال مدخل للعقوؿ ُب
يكوف ا﵀تسب ً
معرفة اؼبعروؼ واؼبنكر إال بكتاب ا﵁ وسنة نبيو ورب جاىل يستحسن بعقلو ما قبحو الشرع فَتتكب ا﵀ظور وىو غَت عامل بو ،وؽبذا اؼبعٌت
كاف (طلب العلم فريضة على كل مسلم) كما قاؿ النيب ٍ ،ب قاؿ :فصل :وأوؿ ما هبب على ا﵀تسب أف يعمل دبا يعلم وال يكوف قولو ـبالفا
َّاس بِالِْ ّْرب َوتَػْن َس ْو َف أَنْػ ُف َس ُك ْم ﴾ وروى أنس بن مالك أف النيب قاؿ( :رأيت لفعلو ،فقد قاؿ ا﵁ ُ ب ذـ علماء بٍت إسرائيل﴿ :أَتَأْ ُمُرو َف الن َ
رجاال تقرض شفاىهم دبقاريض فقلت :من ىؤالء يا جربيل؟ قاؿ :ىؤالء خطباء أمتك الذين يأمروف الناس بالرب وينسوف أنفسهم) وقاؿ ليلة أسري يب ً
ا﵁ ـبربا عن شعيب ؼبا هنى قومو عن خبس اؼبوازين ونقص اؼبكايل﴿ :وما أُ ِريد أَ ْف أ ِ
يد إِالَّ ا ِإل ْ
صبلَ َح َما ُخال َف ُك ْم إِ َىل َما أَنْػ َها ُك ْم َعْنوُ إِ ْف أُِر ُ
َ ََ ُ
ت﴾.استَطَ ْع ُ
ْ
قاؿ :فصل وهبب على ا﵀تسب أف يقصد بقولو وفعلو وجو ا﵁ تعاىل وطلب مرضاتو خالص النية ال يشوبو ُب طويتو رياء وال مراء ويستند ُب رياستو
وجبلال ومبادرتو إىل قبوؿ قولو
ً منافسة اػبلق ،ومفاخرة أبناء اعبنس لينشر ا﵁ تعاىل عليو رداء القبوؿ وعلم التوفيق ،ويقذؼ لو ُب القلوب مهابة
بالسمع والطاعة ،فقد قاؿ النيب ( :من أرضى ا﵁ بسخط الناس كفاه شرىم ،ومن أرض الناس بسخط ا﵁ وكلو إليهم ،ومن أحسن فيما بينو وبُت
ا﵁ أحسن ا﵁ فيما بينو وبُت الناس ،ومن أصلح سريرتو أصلح ا﵁ عبلنيتو ومن عمل آلخرتو كفاه ا﵁ أمر دنياه).
وأيضا ذكر فصبل وينبغي للمحتسب أف يكوف مواظبا على سنن رسوؿ ا﵁ من قص الشارب ونتف اإلبط وحلق العانة وتقليم األظفار ونظافة
الثياب وتقصَتىا والتعطر باؼبسك وكبوه وصبيع سنن الشرع ومستحباتو ىذا مع القياـ بالفرائض والواجبات؛ فإف ذلك أزيد ُب توقَته وأنفى للطعن ُب
دينو.
قاؿ :فصل وليكن من ظبتو الرفق ولُت القوؿ وطبلقة الوجو وسهولة األخبلؽ عند أمره للناس وهنيو فإف ذلك أبلغ ُب استمالة القلوب وحصوؿ
ِ نت فَظِّا َغلِي َ ِِ
ضوا ِم ْن َح ْول َ
ك﴾ .وليكن متأنيًا غَت مبادر إىل العقوبة ظ الْ َق ْل ِ
ب الَنْػ َف ُّ نت َؽبُ ْم َولَ ْو ُك َ
ٍ
اؼبقصود قاؿ ا﵁ لنبيو ﴿ :فَبِ َما َر ْضبَة ّْم َن ا﵁ ل َ
وال يؤاخذ أحد بأوؿ ذنب يصدر منو وال يعاقب ألوؿ زلة تبدو ألف العصمة ُب اػبلقة مفقودة فيما سوى األنبياء صلوات ا﵁ وسبلمو عليهم أصبعُت.
قاؿ :وإذا عثر دبن نقص اؼبكياؿ أو خبس اؼبيزاف أو غش بضاعة أو صناعة دبا يأٌب نصو ُب أبوابو من أنواع الغشوش استتابو عن معصيتو ووعظو
وخوفو وأنذره العقوبة والتعزير فإف عاد إىل فعلو عزره على حسب ما يليق بو من التعزير على قدر اعبناية وال يبلغ بو اغبد ،قاؿ :ومن الشروط ُب فصل
آخر للمحتسب أف يكوف عفي ًفا عن أمواؿ الناس متورعا عن قبوؿ ىدية من اؼبتعيشُت وأرباب الصناعات فإف ذلك رشوة وقد قاؿ النيب ( :لعن ا﵁
الراشي واؼبرتشي) وألف التعفف عن ذلك أصوف لعرضو وأقوـ ؽبيبتو ،ويلزـ ا﵀تسب غلمانو وأعوانو دبا التزمو من ىذه الشروط ،فإف أكثر ما تتطرؽ
أحدا منهم أخذ رشوة أوقبل ىدية صرفو عنو لتنتفي عنو الظنوف وتنجلي عنو الشبهات.
التهمة للمحتسب من غلمانو وأعوانو فإف علم أف ً
ٍب ذكر الباب الثاين :النظر ُب األسواؽ والطرقات وربدث عن صبلة من ما وبصل من بعض الناس ُب طرقاهتم وأسواقهم وما هبب على ا﵀تسب كبو
ذلك ،قاؿ :وهبعل ألىل كل صنعة منهم سوقًا ىبتص ّٔم وتعرؼ صناعتهم فيو فإف ذلك القتصادىم أرفق ولصنائعهم أنفق ،وربدث عما ينبغي أف
يكوف قاؿ أيضا ُب فصل :وؼبا مل تدخل اإلحاطة ُب أفعاؿ السوقة ربت وسع ا﵀تسب ،جاز لو أف هبعل ألىل كل صنعة عري ًفا من صاحل أىلها خبَتا
بصناعتهم بصَتا بغشوشهم وتدليساهتم ،مشهورا بالثقة واألمانة يكوف مشرفا على أحواؽبم ويطالعو بأخبارىم وما هبلب إىل سوقهم من السلع
42
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
والبضائع وما تستقر عليو من األسعار وغَت ذلك من األسباب اليت يلزـ ا﵀تسب معرفتها؛ فهذا ال شك أنو أدعى لضبط األمور وحسن اإلشراؼ
على األسواؽ.
قاؿ :أيضا وال هبوز للمحتسب تسعَت البضائع على أربأّا وال أف يلزمهم بيعها بسعر معلوـ ألف السعر غبل على عهد رسوؿ ا﵁ فقالوا :يا
أحدا
رسوؿ ا﵁ ،سعر لنا ،فقاؿ ( :إف ا﵁ ىو اؼبسعر ،وإين ألرجو أف ألقى ا﵁ وليس أحد يطالبٍت دبظلمة ُب نفس وال ماؿ) ،وإذا رأى ا﵀تسب ً
إجبارا؛ ألف االحتكار حراـ ،واؼبنع
قد احتكر الطعاـ من سائر األقوات وىو أف يشًتي ذلك ُب وقت الرخاء ويًتبص بو الغبلء فيزداد شبنو ألزمو بيعو ً
من فعل حراـ واجب ،قاؿ :وأما الطرقات ودروب ا﵀بلت؛ فبل هبوز ألحد إخراج جدار داره وال دكانو فيها إىل اؼبمر اؼبعهود ،وكذلك كل ما فيو أذية
وإضرار على السالكُت كاؼبيازيب الظاىرة ُب اغبيطاف ُب زمن الشتاء وؾباري األوساخ اػبارجية من الدور ُب زمن الصيف إىل وسط الطريق ،قاؿ :وال
هبوز التطلع على اعبَتاف من السطوحات ،والنوافذ ،وال أف هبلس الرجاؿ ُب طرقات النساء من غَت حاجة [وكذلك النساء ال هبلسن على أبواب
رجبل أجنبيِّا مع امرأة أجنبية يتحدثاف ُب موضع خلوة ،فإنو أشد
بيوهتن ُب طرقات الرجاؿ] .فمن فعل شيئا من ذلك عزره ا﵀تسب ،سيما إذا رأى ً
للتهمة ُب حقها ،وا﵁ أعلم .بل أشد للتهمة ُب حقهما صبيعا.
ٍب ذكر الباب الثالث ُ:ب معرفة القناطَت واألرطاؿ واؼبثاقيل والدراىم ،وكذلك الباب الرابعُ :ب معرفة اؼبكاييل واؼبوازين وعيار األرطاؿ واؼبثاقيل ،وقاؿ:
ينبغي للمحتسب أف هبدد النظر ُب اؼبكاييل ويراعي ما يطففوف بو اؼبكياؿ ،ألف كثَتا فبن يبيع ويشًتي ويكيل للناس فإهنم يقعوف ُب شيء من الغش
والتدليس وا﵀تسب هبب عليو أف يكوف دقيقا ُب أموره ،ويتحدث أيضا ُب الباب السادس عن اغبسبة على اػببازين وما هبب عليو أف يكوف عليو
اػبباز ،ومن ذلك قاؿ :ال يعجن العجاف بقدميو وال بركبتيو وال دبرفقيو ألف ُب ذلك مهانة للطعاـ ،وردبا قطر ُب العجُت شيء من عرؽ إبطيو وبدنو،
ملثما ألنو ردبا عطس أو تكلم فقطر شيء من بصاقو أو ـباطو ُب العجُت.
ويكوف ً
أيضا يتحدث عنها اؼبؤلف والعلماء ُب اغبسبة للتأكيد على وجوب نظافة اػبباز والعجاف حىت ال يضر باؼبشًتين ،قالوا :ووبلق شعر
وىذه أمور ً
ذراعيو لئبل يسقط منو شيء ُب العجُت ،وىكذا فبا ذكره أىل اغبسبة ُب ذلك ،وأيضا ما وبصل من بعض اػببازين من الغش سواء ُب الدقيق أو ُب
العجُت أو ُب غَت ذلك ينبو ا﵀تسبوف عليو وكذلك اغبسبة على الفرانُت ربدث عنو ُب الباب السابع ٍب الثامن وتكلم أيضا عن اغبسبة على بعض
الصناع وأيضا تكلم ُب الباب التاسع ُب اغبسبة على اعبزارين والقصابُت ،وىذا الباب فبا سبس اغباجة إليو ُب كل زماف.
عاقبل يذكر اسم ا﵁ على الذبيحة وأف يستقبل القبلة وأف ينحر اإلبل معقولة ويذبح البقر
مسلما بالغًا ً
وقاؿ رضبو ا﵁ :يستحب أف يكوف اعبزار ً
جرا عني ًفا ،وال يذبح بسكُت كالة ،ألف ذلك
والغنم مضجعة على اعبنب األيسر فجميع ذلك وردت بو السنة عن النيب ،وال هبر الشاة برجلها ِّ
تعذيب للحيواف ،وقد هنى رسوؿ ا﵁ عن تعذيب اغبيواف ،وقاؿ ( :إذا قتلتم فأحسنوا القتلة ،وإذا ذحبتم فأحسنوا الذحبة ،وليحد أحدكم شفرتو
ولَتح ذبيحتو) ،أو يلزمو ُب الذبح أف يقطع للودجُت واؼبرئ واغبلقوـ وال يشرع ُب السلخ بعد الذبح حىت تربد الشاة وىبرج منها الروح ،ألف عمر بن
اػبطاب أمر مناديًا ينادي ُب اؼبدينة ال تسلخ شاة مذبوحة حىت تربد ،وذبوز الذكاة بكل شيء إال السن ،والظفر فإف رسوؿ ا﵁ هنى عن
الذكاة ّٔما وينهى ا﵀تسب عن نفخ غبم الشاة بعد السلخ وىذه بعض األمور اليت تقع من اعبزارين.وقاؿ :وأما القصابوف فيمنعهم ا﵀تسب من
إخراج توايل اللحم من حد مصاطب حوانيتهم بل تكوف متمكنة ُب الدخوؿ عند حد اؼبصطبة والركنُت لئبل تبلصقها ثياب الناس فيتضرروف ّٔا
ويأمرىم أف يفردوا غبوـ اؼباعز عن غبوـ الضآف إىل آخر ذلك من اؼبنكرات أو األمور اليت يقع فيها بعض القصابُت.
المحاضرة السادسة عشرة
التعريف بكتاب هناية الرتبة ُب طلب اغبسبة للشيزري رضبو ا﵁ ربدث على الطباخُت واالحتساب عليهم بقولو :يُؤمروف بتغطية أوانيهم وحفظها من
الذباب وىواـ األرض بعد غسلها باؼباء اغبار واألشناف ،وأال يطبخوا غبوـ اؼباعز مع غبوـ الضآف ،وال غبوـ اإلبل مع غبوـ البقر؛ لئبل يأكلها ناقو من
أيضا ما يتعلق باغبسبة على اؽبرائسيُت ُب الباب الرابع عشر ،و اغبسبة على النقانقيُت وكذلك اغبسبة على
اؼبرض فتكوف سببًا لنفسو ،وكذلك ً
اغبلوانيُت وىذه عدد من اؼبأكوالت وال زالت ُب عصرنا اغباضر مستمرة.
43
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
وقاؿ رضبو ا﵁ ُب اغبسبة على اغبلوانيُت :إف اغبلوى أنواع كثَتة وأجناس ـبتلفة ال يبكن ضبطها بصفة وال عيار ،أخبلطها على قدر أنواعها ،قاؿ:
وينبغي أف تكوف اغبلوى تامة النضج غَت نيئة ،وال ؿبًتقة وال تربح اؼبذبة ُب يده يطرد عنها الذباب ،وىذا من عنايتهم بنظافة اؼبأكوالت اليت تقدـ
للناس أو لطالبيها ،قاؿ :ويعترب ا﵀تسب عليهم ما يغشوف بو اغبلوى فإنو كثَت ،فمن ذلك أهنم يبزجوف عسل النحل برب الكرـ ،والرب كما وضح
أيضا قاؿ :ومن اغبلوى ما يغش بالدقيق والنشا ودقيق األرز ودقيق العدس ،إىل آخر ما
ىنا عصارة الثمرة بعد طبخها حىت تصبح غليظة ،وكذلك ً
ربدث بو عن أنواع الغش ُب اغبلوى.
أوال ٍب
وكذلك ربدث ُب الباب السابع عشر عن اغبسبة على الصيادلة وقاؿ رضبو ا﵁ :تدليس ىذا الباب والذي بعده يعٍت ما يتعلق بالصيادلة ً
يتعلق بالعطارين ،قاؿ :تدليس ىذا الباب والذي بعده كثَت ال يبكن حصر معرفتو على التماـ ،ما يتعلق بالتدليس ُب أعماؿ الصيادلة أو ُب عمل
العطارين ،قاؿ :ال يبكن حصر معرفتها على التماـ ،فرحم ا﵁ من نظر فيو وعرؼ استخراج غشوشو فكتبها ُب حواشيها تقربًا إىل ا﵁ تعاىل فهي أبر
على اػبلق من غَتىا؛ ألف العقاقَت واألشربة ـبتلفة الطبائع واألمزجة والتداوي على قدر أمزجتها.
قاؿ :فالواجب على الصيادلة أف يراقبوا ا﵁ ُ ب ذلك ،وينبغي للمحتسب أف ىبوفهم وينذرىم العقوبة والتعزير ويعترب عليهم عقاقَتىم ُب كل
أسبوع ،وأتى بأمثلة عديدة تتعلق بالغش عند الصيادلة وال شك أف ىذا من النصح للمسلمُت ،قاؿ :وقد أعرضت عن أشياء كثَتة ُب ىذا الباب مل
أذكرىا ػبفي غشها والمتزاجها بالعقاقَت؛ ـبافة أف يتعلمها من ال دين لو فيدلس ّٔا على اؼبسلمُت ،وإمبا ذكرت ُب ىذا الباب وُب غَته ما قد اشتهر
أيضا اغبسبة على العطارين ،قاؿ:
غشو بُت الناس ويتعاطاه كثَت منهم وأمسكت عن أشياء غَت مشهورة ،وىذا فيو ؿبافظة على صحة الناس ،و ً
ضا الختبلؼ أجناس الطيب وأنواعو وذبانس العقاقَت الطبية وتقارّٔا ُب الرائحة وسأذكر من ذلك ما اشتهر غشو
غشوش العطر كثَتة ـبتلفة أي ً
وصنعتو وأعرض عما خفي غشو وصنعتو وال يتعاطاه كثَت منهم.
وبُت كيف يعرؼ ا﵀تسب غشها وسائر غشوش النوافج ،أف يفتحها ا﵀تسب ويلثمها كاؼبتحثر الشيء فإف طلع إىل فيو للمسك حدة كالنار فهو
فحو ال غش فيو ،وإف كاف بالضد فهو مغشوش إىل آخر ما ذكره فيما يتعلق باالحتساب على العطارين.
أيضا :منهم من يغش الزعفراف الشعر بصدور الدجاج وغبوـ البقر ووضح ىنا ُب النسخة أف الزعفراف الشعر شجر يبتاز زغبو ببياض يسَت وكاف
وقاؿ ً
يستخدـ بعد سحقو ُب الصباغة.
أيضا ربدث ُب الباب التاسع عشر عن اغبسبة على
أيضا :ومنهم من يغش العود اؽبندي ،ومنهم من يغش دىن األلباف إىل آخره ،وكذلك ً
وقاؿ ً
طبعا ال يتيسر لنا أف نذكر أو أف نقرأ كل ما كتبو لكن التعريف باألبواب واؼبسائل اليت ربدث عنها الشيزري -رضبو ا﵁ تعاىلُ -ب ىذا
الشرابيُت ً ،
الكتاب ،ومن أراد االستزادة فليطالع ىذا الكتاب القيم اؼبفيد .ومفرد الشرابيُت الشرايب وىم صناع األشربة وىي األدوية السائلو على اختبلفها فهذه
أيضا ربدث عنها رضبو ا﵁ تعاىل.
ً
تغَتا فليس لصاحبو أف
حامضا لتطاوؿ اؼبدة عليو وم ً
ً وفبا ذكره ُب ذلك :وينبغي أف يعترب ا﵀تسب عليهم األشربة ُب رأس كل شهر ،فما وجد فيو
يعيده إىل الطبخ ثانيا لفساد مزاجها واكبراؼ طبعها ،سوى شراب الورد وشراب البنفسج فإف تغَتنبا يكوف سر ًيعا وردنبا إىل الطبخ يزيدنبا قوة وبقاء
ونفعا إىل اؼبعدة.
ً
أيضا ربدث ُب الباب العشرين عن اغبسبة على السمانُت :ومفرده ظباف وىم بائعو السمن ،وقد يعترب ا﵀تسب عليهم اؼبكايل واؼبوازين واألرطاؿ،
و ً
أيضا يعترب ا﵀تسب عليهم اؼبخلل على اختبلؼ أجناسو إىل آخر ما ربدث بو وحىت ىناؾ مصطلحات ال ندركها كبن ُب وقتنا اغباضر أو ردبا ال
و ً
يعرفها إال اؼبتخصصوف.
أيضا تكلم ُب الباب اغبادي والعشرين عن االحتساب أو اغبسبة على البزازين وىم بائعو الثياب ،قاؿ :وال ينبغي أف يتجر ُب البز إال من عرؼ
و ً
أحكاـ البيع وعقود اؼبعامبلت وما وبلو لو منها وما وبرـ عليو وإال وقع ُب الشبهات وارتكب ا﵀ظورات؛ وقد قاؿ عمر بن اػبطاب :ال يتجر ُب
سوقنا إال من تفقو ُب دينو وإال أكل الربا شاء أو أىب ،قاؿ رضبو ا﵁ :وقد رأيت ُب ىذا الزماف أكثر باعة البز ُب األسواؽ يفعلوف ُب بيعاهتم ما ال
44
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
وبل عملو فبا سنذكره إف شاء ا﵁ تعاىل .فمن ذلك النجش :وىو أف يزيد الرجل ُب شبن السلعة وال يريد الشراء ليغر غَته ،وىذا حراـ ،ألف النيب
هني عن بيع النجش؛ روى أبو ىريرة أف النيب قاؿ( :ال تناجشوا وال تباغضوا وال رباسدوا وال تدابروا وكونوا عباد ا﵁ إخوانًا) وال يزيد ُب
السلعة أكثر فبا تساوي ليغر ّٔا الناس فيكوف حر ًاما ،ومن ذلك البيع على بيع أخيو وىو أف يشًتي الرجل السلعة بثمن معلوـ بشرط اػبيار فيقوؿ لو
خَتا منها ،واػبيار اصطبلح فقهي يستعمل ُب البيع ولو حاالت ليس اؼبقاـ مقاـ التفصيل فيها ،فيقوؿ :ردىا وأنا أبيعك
رجل آخر ردىا وأنا أبيعك ً
أيضا حراـ؛ ألف النيب قاؿ( :ال يبيع الرجل على بيع أخيو).
خَتا منها ّٔذا الثمن أو مثلها بدوف ىذا الثمن ،فهذا الفعل ً
ومنهم من يسوـ على سوـ أخيو وىو أف يشًتي سلعة من رجل فيقوؿ لو رجل آخر :أف أعطيك أجود منها ّٔذا الثمن أو مثلها بدوف ىذا الثمن ٍب
أيضا حراـ لقولو ( :ال يسوـ الرجل على سوـ أخيو) .إىل آخر ذلك من اؼبسائل اليت يقع فيها الغش
يعرض عليو السلعة فَتاىا اؼبشًتي وىذا ً
والتدليس وما هنى عنو الشرع.
أيضا ذكر ُب فصل يتعلق باغبسبة على البزازين قاؿ :ويعترب ا﵀تسب عليهم صدؽ القوؿ ُب أخبار الشراء ومقدار رأس اؼباؿ ُب بيع اؼبراحبة فإف
كذلك ً
أكثرىم يفعلوف ما ال هبوز ،فمن ذلك أف أحدىم يشًتي سلعة بثمن معلوـ إىل أجل معلوـ ٍب ىبرب برأس اؼباؿ ُب بيع اؼبراحبة وىذا ال هبوز؛ ألف
األجل يقابلو قسط من الثمن إىل آخر ما ربدث بو وىذا فبا نؤكد على الرجوع إليو ُب كتب اغبسبة السيما ُب ىذا الكتاب القيم.
أيضا تكلم ُب الباب الثاين والعشرين ُب اغبسبة على الداللُت واؼبنادين ،والداللوف صبع دالؿ وىو الشخص الذي يتوسط بُت البائع واؼبشًتي ،وأفرد
و ً
خاصا فبا يساعد على تصوير اؼبعامبلت التجارية بالببلد اإلسبلمية أو ُب العصور الوسطى ،فقاؿ :ينبغي أف
اؼبؤلف ؽبذه الفئة ومعها فئة اؼبنادين بابًا ً
خيارا ثقات الذين ىم الداللُت واؼبنادين ،من أىل الدين واألمانة وصدؽ القوؿ ،؛ ألهنم يتسلموف بضائع الناس ويقلدوهنم األمانة ُب بيعها،
يكونوا أ ً
وال ينبغي ألحد منهم أف يزيد ُب السلعة من نفسو وال يكوف شري ًكا للبزاز وال يشًتيها لنفسو ،وال يقبض شبن السلعة من غَت أف يوكلو صاحبها ُب
قماشا ،وقاؿ
القبض إىل آخر ما ربدث بو عن ىذا اؼبوضوع .وكذلك ربدث عن اغبسبة على اغباكة ،واغباكة صبع حائك وىو الذي ينسج الغزؿ ً
أيضا على نصف الثوب،
رضبو ا﵁ :هبب على ا﵀تسب أف يأمرىم باجادة عمل الشقة ،والشقة قطعة من النسيج وخاصة نسيج الكتاف وتطلق ً
يأمرىم حبسن عمل الشقة وصفاقتها وهناية طوؽبا اؼبتعارؼ ّٔا وعرضها ودقة غزؽبا ،إىل آخر ما ربدث بو عن اؼبوضوع.
وكذلك اغبسبة على اػبياطُت فقاؿ :يؤمروف ِبودة التفصيل وحسن فتح اعبيب وسعة التخاريص ،والتخاريص صبع زبريصة وىو ما زيد ُب عرض
الثوب ربت كميو ،واعتداؿ الكمُت واألطراؼ واستواء الذيل إىل آخر ما ربدث بو عن ذلك قاؿ :ومن ذلك ويعترب ا﵀تسب عليهم ما يسرقونو من
امتعت الناس؛ ألنو نبو رضبو ا﵁ على بعض األمور اليت قد ربصل من بعض اػبياطُت وكبوىم ُب عدـ األمانة مع زبائنهم أو الذين يًتددوف عليهم
لعمل اػبياطة أو ػبياطة ثياب ؽبم ،قاؿ :فيعترب ا﵀تسب عليهم ما يسرقونو من أمتعة الناس فمنهم من إذا خاط ثوبًا حر ًيرا وكبوه حشاه وقت كفو
اسا ،ويسرؽ بقدره من الثوب إذا كاف موزونًا عليو ويبنعهم أف يباطلوا الناس خبياطة أمتعتهم باستمرارىم بالًتدد إليهم وحبس األمتعة عنهم.
رمبل وأشر ً
ً
أيضا الباب اػبامس والعشرين اغبسبة على القطانُت وىم الذين يقوموف بندؼ القطن ويقابلو ُب العصر اغباضر اؼبنجد ،قاؿ :ال ىبلطوف جديد
ٍب ً
مكررا حىت تطَت منو القشرة السوداء واغبب اؼبكسور؛ ألنو إذا بقي فيو اغبب ظهر ُب
القطن بقديبو وال أضبره بأبيضو وينبغي أف يندؼ القطن ندفًا ً
وزنو إىل آخر ما ربدث عنو قاؿ :وينهاىم ا﵀تسب أف هبلسوا النسواف على أبواب حوانيتهم؛ النتظار فراغ الندؼ وينهاىم عن اغبديث معهن ،وال
يضعوف القطن بعد ندفو ُب مواضع ندية فإف ذلك يزيد ُب وزنو فإذا جف نقص ،وىذا تدليس يفعلو الكل كما ذكره اؼبؤلف رضبو ا﵁ قاؿ :فيمنعهم
ا﵀تسب من فعلو وا﵁ أعلم.
وكذلك ربدث عن اغبسبة عن الكتانيُت ُب الباب السادس والعشرين وقاؿ :الكتاف –قاؿ ا﵀قق أو اؼبعلق -نبات تصنع من خيوط أليافو اؼببلبس،
واشتهرت مصر بزراعتو وصناعتو من قدًن الزماف.
45
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
أيضا ُب الباب الثامن والعشرين اغبسبة على الصباغُت ،قاؿ :أكثر صباغي اغبرير األضبر
أيضا اغبسبة على اغبرريُتُ ،ب الباب السابع والعشرين و ً
و ً
عوضا عن الفوة وقاؿ :الفوة نبات عروقو ضبراء ،وكانت تلك العروؽ تستخدـ ُب الصباغة كما
وغَته من الغزؿ والثياب يصبغوهنا ُب حوانيتهم باغبنة ً
ذكر ذلك اؼبعلق قاؿ :تستخدـ ُب الصباغة.
قاؿ :وأكثر الصباغُت إذا كاف ُب أياـ اؼبواسم واألعياد وغَتىا من األفراح يغَتوف ثياب الناس ويكروهنا باألجرة ؼبن يلبسها ذلك اليوـ ويتزين ّٔا ،وىذه
أيضا يتفطن لو كل
أيضا ينبغي أف يتفطن لو ا﵀تسب و ً
خيانة وعدواف فيمنعهم ا﵀تسب من فعلو ويعترب عليهم ما يفعلونو ويغشونو بو الصبغ ،وىذا ً
أحد دبا يتعلق بالتعامل مع أصحاب اغبرؼ حىت ال ىبدع أو ىبونو صاحب العمل ،وُب الباب التاسع والعشرين ربدث عن اغبسبة على األساكفة،
جاىبل بالشريعة غَت
وتكلم أيضا عن اغبسبة على الصيارؼ وقاؿ :التعايش بالصرؼ خطر على دين متعاطية بل ال بقاء للدين معو إذا كاف الصَتُب ً
عامل بأحكاـ الربا فالواجب أال يتعاطاه أحد إال بعد معرفتو بالشرع؛ إذ ذبنب الوقوع ُب ا﵀ظور من أبوابو وعلى ا﵀تسب أف يتفقد سوقهم ويتجسس
عليهم فإف عثر على من رابا أو فعل ُب الصرؼ ما ال هبوز ُب الشريعة عزره وأقامو من السوؽ ،ىذا بعد أف يعرفهم بأصوؿ مسائل الريب ،ومر معنا أف
من درجات االحتساب التعريف فبعد أف يعرفهم بأصوؿ مسائل الربا وأنو ال هبوز ألحد أف يبيع الذىب بالذىب والفضة بالفضة إال مثبل دبثل يدا
بيد ،إىل آخر ما ربدث فيو عن اغبسبة على الصيارؼ.
وقاؿ ُب ختاـ ىذا الباب فعلى ا﵀تسب أف يعترب عليهم صبيع ما ذكرناه وما مل نذكره من ىذا الباب؛ ألف اؼبؤلف -رضبو ا﵁ -وغَته من اؼبؤلفُت يذكر
أمثلة وال يستقصوف صبيع األمثلة و األمثلة اليت تتعلق بالغش والتدليس ال حد ؽبا وال حصر؛ وألهنا تتنوع بتغَت األزماف واألماكن.
وكذلك ُب الباب اغبادي والثبلثُت ربدث عن اغبسبة على الصاغة وقاؿ :هبب أال يبيعوا أواين الذىب والفضة واغبلي اؼبصوغة إال بغَت جنسها ليحل
فيها التفاضل ،وإف باعها الصائغ ِبنسها حرـ فيو التفاضل والنسا والتفرؽ قبل القبض ؼبا ذكرناه ُب باب الصرؼ ،وختم ىذا الباب بقولو :فيجب
على كل مسلم مراقبة ا﵁ وإف عثر ا﵀تسب بأحد يفعل ىذا غرره وأشهره كما سبق بيانو ُب موضعو ،والبد من القياـ بشرع ا﵁ تعاىل وااللتزاـ دبا
أمر ا﵁ تعاىل بو ورسولو ،وربدث ُب الباب الثاين والثبلثُت عن اغبسبة على النحاسيُت واغبدادين ،وُب الباب الثالث والثبلثُت اغبسبة على
أيضا بُت خطر ىذه اؼبهنة وىذا الفن أو ىذا العلم وقاؿ :البيطرة علم جليل سطرتو الفبلسفة ُب
البياطرة ،وربدث حبديث مهم ُب ىذا اؼبوضوع ،و ً
عبلجا من أمراض اآلدميُت؛ ألف الدواب ليس ؽبا نطق تعرب بو عما ذبد من اؼبرض واألمل وإمبا
كتبهم ووضعوا فيها تصانيف كثَتة وىي أصعب ً
يستدؿ على عللها باعبس والنظر فيفتقر البيطار إىل حذؽ وبصَتة بعلل الدواب وعبلجها ،فبل يتعاطى البيطرة إال من لو دين يصده على التهجم
أيضا :فصل وينبغي للبيطار أف ينظر إىل رسغ
على الدواب بفصد أو قطع أو كي وما أشبو ذلك بغَت ـبربة فيؤدي إىل ىبلؾ الدابة أو عطبها ،وقاؿ ً
خبَتا بعلل الدواب ودبا ربتاجو إليو وما
أيضا أف يكوف البيطار ً
الدابة ويعترب حافرىا قبل تقليمو إىل آخر ما ذكر ُب الرفق بالدابة واغبيواف وقاؿ :ينبغي ً
وبدث فيها من العيوب فَتجع الناس إليو إذا اختلفوا ُب عيب الدابة ،وقد ذكر بعض اغبكماء ُب كتاب البيطرة أف علل الدواب ثبلشبائة وعشروف علة
وذكر صبلة منها رضبو ا﵁ تعاىل.
دائما ،ومنها مامل يصر عيبًا
ٍب ختم فقاؿ :ويفتقر البيطار إىل ربصيل معرفة عبلجو وسبب حدوث ىذه العلل فمنها ما إذا حدث ُب الدابة صار عيبًا ً
دائما.
ً
المحاضرة السابعة عشرة
فصبل فقاؿ :ينبغي أف يأمره ا﵀تسب بغسل اغبماـ وكنسها
أيضا ُب الباب اػبامس والثبلثُت ربدث عن :اغبسبة عن اغبمامات وقوامتها ،وذكر ً
و ً
أيضا
وتنظيفها باؼباء الطاىر غَت ماء الغسالة أو الغسالة يفعلوف ذلك مر ًارا ُب اليوـ ويدلكوف الببلط بأشياء خشنة إىل آخر ما ربدث بو رضبو ا﵁.و ً
أحدا قد كشف عورتو عزره على كشفها؛ ألف كشف العورة حراـٍ ،ب
قاؿ ويلزـ ا﵀تسب أف يتفقد اغبماـ ُب كل يوـ مر ًارا ويعترب ما قد رأيناه وإف رأى ً
ربدث ُب الباب السادس والثبلثُت عن اغبسبة على الفصادين واغبجامُت وقاؿ رضبو ا﵁ :ال يتصدى للفصد إال من اشتهرت دبعرفتو بتشريح األعضاء
46
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
والعروؽ والعضل والشرايُت ،وأحاط دبعرفة تركيبها وكيفيتها؛ لئبل يقع اؼببضع ُب عرؽ غَت مقصود أو ُب عضلة أو شرياف ،فيؤدي إىل زمانة العضو
وىبلؾ اؼبفصود.
فكثَت ىلك من ذلك ،وقاؿ :باعبملة فينبغي للمحتسب أف يأخذ عليهم العهد واؼبيثاؽ أال يُفصدوا ُب عشرة أمزجة وليحذروا فيها حذرا إال بعد
مشاورة األطباء ،وذكر منها :قاؿ :ىي ُب السن القاصر عن الرابعة عشر وُب سن الشيخوخة وُب األبداف الشديدة القضافة وُب األبداف الشديدة
أيضا ذكر أف الفصد لو وقتاف :وقت اختيار ،ووقت اضطرار وفصل القوؿ ُب ذلك ،من أراده فليطالعو ُب الكتاب نفسو.
السمن إىل آخر ذلك ،و ً
خطرا
يضا ربدث رضبو ا﵁ تعاىل و أطاؿ ُب اغبديث-عن ىذا اؼبوضوع ،وفصل فيو وفيما يتعلق باغبجامة وقاؿ :اغبجامة عظيمة اؼبنفعة وىي أقل ً
وأ ً
أيضا ذكر اغبكماء أف اغبجامة تكره ُب أوؿ
خبَتا بالصناعة فيخف يده ُب الشروط ويستعجل ،و ً
من الفصادة ،وينبغي أف يكوف اغبجاـ خفي ًفا رشيقا ً
الشهر وُب آخره؛ ألف األخبلط ُب أوؿ الشهر ال تكوف قد ربركت وال ىاجت وُب آخره تكوف قد نقصت فبل تفيد اغبجامة شيئًا ،وإمبا تستحب
اغبجامة وسط الشهر إذا تكامل النور ُب جرـ القمر؛ ألف األخبلط تكوف ىائجة واألدمغة تكوف زائدة ُب األقحاؼ ،والقحف العظم الذي فوؽ
أيضا عن منافع اغبجامةٍ ،ب ربدث رضبو ا﵁ ُب الباب
الدماغ من اعبمجمة ،قالوا :أفضل أوقات اغبجامة الساعة الثانية والثالثة من النهار ،وربدث ً
السابع والثبلثُت عن اغبسبة على األطباء ،والكحالُت ،وآّربين ،واعبرائحيُت وقاؿ :الطب علم نظري وعملي أباحت الشريعة علمو وعملو ؼبا فيو من
حفظ الصحة ودفع العلل واألمراض عن ىذه البنية الشريفة ،والطبيب ىو العارؼ بًتكيب البدف ومزاج األعضاء ،واألمراض اغبادثة فيها وأسبأّا
وأعراضها وعبلماهتا واألدوية النافعة فيها.
فمن مل يكن كذلك فبل وبل لو مداوة اؼبرضى وال هبوز لو اإلقداـ على عبلج ىباطر فيو وال يتعرض إىل ما مل وبكم علمو من صبيع ما ذكرناه ،قاؿ
أيضا ربدث عن الكحالُت وما هبب ُب
أيضا :وينبغي للطبيب أف يكوف عنده صبيع آالت الطب على الكماؿ وذكر ىذه اآلالت أو صبلة منها ،و ً
ً
اغبسبة عليهم ،وكذلك أيضا عن آّربين وقاؿ :ال وبل ألحد أف يتصدى للجرب إال بعد أف وبكم معرفة اؼبقالة السادسة فبا ىو معروؼ لدى أىل
االختصاص ،وكذلك اغبسبة على واعبرائحيُت.
ٍب ربدث عن اغبسبة على مؤدب الصبياف ،وىذا من أىم اؼبباحث وأىم األبواب ُب ىذا الكتاب؛ ألف اغباجة ماسة إليو عند كثَت فبن يبارسوف
أيضا ،ذلك ُب الباب الثالث والثبلثُت ربدث عن اغبسبة على مؤدب الصبياف قاؿ :ال هبوز ؽبم
التعليم ،والتوجيو ،والًتبية ،وكذلك حىت للوالدين ً
تعليم اػبط للصبياف ُب اؼبساجد؛ ألف النيب أمر بتنزيو اؼبساجد من الصبياف وآّانُت؛ ألهنم يسودوف حيطاهنا وينجسوف أرضها؛ إذ ال وبًتزوف من
أيضا ُب فصل :وأوؿ ما ينبغي للمؤدب أف يعلم الصيب
البوؿ وسائر النجاسات بل يتخذوف للتعليم حوانيت ُب الدروب وأطراؼ األسواؽ ،وقاؿ ً
السور القصار من القرآف بعد حذقو دبعرفة اغبروؼ وضبطها بالشكل ويدرجو بذلك حىت يألفو طبعوٍ ،ب يعرفو عقائد أىل السنة واعبماعةٍ ،ب أصوؿ
اغبساب وما يستحسن من اؼبراسبلت واألشعار دوف سخيفها ومسًتذؽبا.
نظرا ،ومن كاف عمره فوؽ سبع سنُت أمره اؼبؤدب
وُب الرواح يأمره اؼبؤدب بتجويد اػبط على اؼبثاؿ ويكلفهم عرض ما أمبله عليهم حفظًا غائبًا ال ً
بالصبلة ُب صباعة؛ ألف النيب قاؿ( :علموا صبيانكم الصبلة لسبع واضربوىم علي تركها لعشر) ويأمرىم اؼبؤدب برب الوالدين ،واالنقياد ألمرىم
بالسمع والطاعة ،والسبلـ عليهما وتقبيل أيديهما عند الدخوؿ إليهما ،ويضرّٔم على إساءة األدب والفحش من الكبلـ وغَت ذلك من األفعاؿ
أيضا قاؿ ُب فصل ال ينبغي للمؤدب أف يستخدـ أحد
اػبارجة عن قوؿ الشرع ،وذكر صبلة من بعض األمور اليت فيها خروج عن قانوف الشرع ،و ً
الصبياف ُب حوائجو وأشغالو اليت فيها عار على آبائهم كنقل الزبل ،وضبل اغبجارة وغَت ذلك ،وال يرسلو إىل داره وىي خالية لئبل تتطرؽ إليو التهمة،
متأىبل ألنو
وال يرسل صبيًا مع امرأة ليكتب ؽبا كتابًا وال غَت ذلك؛ فإف صباعة الفساؽ وبتالوف على الصبياف بذلك ،ويكوف السائق ؽبم أمينًا ثقة ً
يتسلم الصبياف ُب الغدو والرواح وينفرد ّٔم ُب األماكن اػبالية ويدخل على النسواف فيلزـ أف يكوف كذلك ،وال يعلم مؤدب اػبط امرأة وال جارية؛
شرا ،وإىل آخر ما ربدث بو رضبو ا﵁ تعاىل.
ألف ذلك فبا يزيد اؼبرأة ً
47
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
أيضا ربدث ُب الباب التاسع والثبلثُت عن اغبسبة على أىل الذمة ،وُب الباب األربعُت وىو الباب األخَت ربدث عن صبل وتفاصيل ُب أمور
ٍب ً
اغبسبة ،قاؿ رضبو ا﵁ :الباب األربعوف يشتمل على صبل وتفاصيل ُب أمور اغبسبة وقاؿ رضبو ا﵁ :قد ذكرنا ىذا الكتاب للحسبة على أرباب الصنائع
اؼبشهورة ومن كشف غشوشهم وتدليسهم ما فيو الكفاية للمحتسب ،وأصل يقيس عليو ما عداه فبا مل نذكره ،وسأذكر ُب ىذا الباب تفاصيل صبل
قد تقدمت ُب ىذا الكتاب ،وأذكر ما يلزـ ا﵀تسب فعلو من أمور اغبسبة لصاحل الرعية غَت ما ذكرناه.
ضا عن
وربدث عن ازباذ السوط الذي ال بالغليظ شديد وال بالرقيق اللُت ،بل يكوف بُت سوطُت حىت ال يؤمل اعبسم وال ىبشى منو غائلة ،وربدث أي ً
أيضا ربدث عن التعزير فقاؿ :التعزيز على قدر أحواؿ الناس وقدر اعبناية فمن الناس
إقامة اغبد على الزانية والزاين سواء كاف ؿبصنًا أـ غَت ؿبصن ،و ً
من يكوف تعزيره بالقوؿ والتوبيخ ،ومنهم من يضرب بالسوط وال يبلغ بو أدىن اغبد ،ومنهم من يضرب بالدرة ويلبس الطرطور ومعروؼ عندىم ويركب
رجبل حامل طبر أو يلعب دبلهاة أو معزفة كالعود والطنبور واؼبزمار عزره
على صبل أو ضبار ،وىذه األمور كانت معروفة ُب وقتهم ،وإذا رأى ا﵀تسب ً
رجبل أجنبيًا مع امرأة أجنبية ُب خلوة أو طريق ويلزـ ا﵀تسب
على حسب ما يراه من اؼبصلحة ُب حقو بعد إراقة اػبمر وكسر اؼبلهاة ،وكذلك إف رأى ً
منفردا بامرأة ويكلمها ُب غَت
أف يتفقد اؼبواضع اليت ذبتمع فيها النسواف مثل سوؽ الغزؿ والكتاف وأبواب اغبمامات النساء وغَت ذلك فإف رأى شابًا ً
معاملة ُب البيع والشراء وينظر اليها عزره ومنعو من الوقوؼ ىناؾ ،فكثَت من الشباب أو الشباف اؼبفسدين يقفوف ُب ىذه اؼبواضع وليس ؽبم حاجة إال
التبلعب على النسواف ،وىذا وبصل حىت ُب عصرنا ىذا.
ٍب يتفقد ا﵀تسب ؾبالس الوعاظ فبل يدع الرجاؿ ىبتلطوف بالنساء وهبعل بينهم ستارة فإذا انفض آّلس خرج الرجاؿ وذىبوا ُب طريق ٍب زبرج النساء
ويذىنب ُب طريق آخرٍ ،ب إذا وقف الشباب ُب طريقهن لغَت حاجة عزره ا﵀تسبٍ ،ب يتفقد اؼبأًب واؼبقابر فإذا ظبع نادبة أو نائحة عزرىا ومنعها،
ويبنع ا﵀تسب النساء من زيارة القبور؛ ألف النيب قاؿ( :لعن ا﵁ زورات القبور) .وإذا خرجت جنازة أمر ا﵀تسب النساء أف يتأخرف عن الرجاؿ وال
ىبتلطن ّٔم ويبنعهن من كشف رؤوسهن ووجوىهن خلف اؼبيت ،ويأمر منادي أف ينادي ُب البلد باؼبنع من ذلك ،واألوىل أف يبنعهن من تشيع
اعبنازة ،ومىت ظبع ا﵀تسب امرأة عاىرة أو مغنية استتأّا عن معصيتها فإف عادت عزرىا ونفاىا من البلد وكذلك يصنع باؼبخنثُت واؼبرداف اؼبشهورين
بالفساد مع الرجاؿ.
أيضا من
وال شك أف ىذه أمور مشروعة ومهمة ومنكرات تقع ،ويتحدث عن واجب ا﵀تسب ُب الشرع ُب االحتساب على ىذه األمور ولكن البد ً
مراعاة الضوابط ومراعاة األنظمة اؼبرعية وما يكوف من التعليمات واللوائح واألنظمة اؼبرعية ُب ىذا الزماف؛ ألف األمور قد جدت وصار ىناؾ
بصَتا ّٔا وأف يطبقها وفق ما جاءت ،وأال
صبلحيات وتوزعت األمور على بعض اعبهات وىناؾ لوائح وإجراءات هبب على ا﵀تسب أف يكوف ً
يتجاوز الصبلحيات اؼبمنوحة لو بدعوى أنو يقرأ ُب كتب اغبسبة شيئًا من ذلك ،وال شك أف العلماء يتحدثوف حديثًا علميًا ويؤصلوف للمسائل
أيضا يزيد على ذلك دبعرفة األنظمة اؼبرعية؛ حىت ال
ويتحدثوف عن ما ىو واقع ُب زماهنم وعلى ا﵀تسب أف يتعلم العلم الشرعي ويتعلم كيف يطبقو و ً
يتجاوزىا ووبصل اػبلل ُب تطبيق ىذه األوامر الشرعية أو األنظمة اؼبرعية.
وكذلك قاؿ رضبو ا﵁ :يشرؼ ا﵀تسب على اعبوامع واؼبساجد ،ويأمر من يقوـ عليها بكنسها كل يوـ وتنظيفها من األوساخ ونفض حصرىا من
أيضا بأمر الوالة واألمراء باؼبعروؼ فيأمرىم
أيضا ما يتعلق ً
الغبار ومسح حيطاهنا وغسل قناديلها إىل آخر ذلك فبا ذبب العناية بو ُب اؼبساجد ،كذلك ً
باؼبعروؼ وينهاىم عن اؼبنكر حبسب ما يتيسر لو ،وحبسب مكانتو عند الوالة واألمراء ،وعند وعظو وتذكَته يأمرىم بالشفقة على الرعية واإلحساف
ِ نت فَظِّا َغلِي َ
ك﴾ .أيضا تكلم عن فصل ،وقاؿ :وما سوى ذلك ضوا ِم ْن َح ْول َ ظ الْ َق ْل ِ
ب الَنْػ َف ُّ ﴿ولَ ْو ُك َ
إليهم ،وهبب أف يكوف ُب كل األحواؿ لينًا رفي ًقا َ
من أرباب اغبرؼ اؼبذكورة والصنائع اؼبشهورة ُب كتايب ىذا فبل ىبفى على ا﵀تسب كيفية اغبسبة عليهم والتطرؽ إىل كشف تدليسهم فإف ذلك سهل
يُعرؼ باؼبشاىدة والعياف مثل اغبسبة على البقالُت وباعة اػبضروات فإنو يأمرىم ببيع البقوؿ مغسولة من السرجُت ،ومنقاة من اغبشيش والطاقات
اؼبصفرة ،ويأمرىم بقطع شغف أصوؿ اػبس والفجل ،وينهاىم عن غسل البصل والثوـ الرطبُت فإف اؼباء يزيدىم زفرة ونتونة وإذا بات ُب دكاكينهم
شيء من ذلك فبل ىبلطوهنم بالطري اؼبقطوع ُب اليوـ إىل آخر ذلك من األمور اليت تتعلق بالباعة.
48
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
أصوال وقواعد
قاؿ :ولو شرعت أف أذكر صبيع ما ينبغي للمحتسب أف يفعلو من أمور اغبسبة لطاؿ الكتاب ومل يقع عليو حصر ،ولكٍت قد وضعت ً
ؿبظورا ووجب على
يقيس عليها ا﵀تسب ما هبانسها ،ولعمري إف الضابط ُب أمور اغبسبة ىو الشرع اؼبطهر فكل ما هنت الشريعة عنو يكوف ً
فقيها عاؼبا بأحكاـ ا﵀تسب إزالتو ومنعو من فعلو ،وما أباحتو الشريعة أقره على ما ىو عليو؛ وؽبذا ذكرنا ُب أوؿ الكتاب أنو هبب أف يكوف ا﵀تسب
ً ً
جاىبل اختلفت عليو األمور ووقع ُب ا﵀ظور ،ونسأؿ ا﵁ العوف والعصمة والتوفيق وىو حسبنا ونعم الوكيل.
الشريعة ،ومىت كاف ا﵀تسب ً
متطوعا
ً جهدا ُب بياف أمور ومسائل مهمة وبتاجها ا﵀تسب سواء كاف ؿبتسبًا رظبيًا أو ؿبتسبًا
وال شك أف اؼبؤلف -رضبو ا﵁ تعاىل -قد بذلك ً
وكذلك وبتاجها طالب العلم الشرعي وطالب العلم الذي يتخصص ُب علم الدعوة واغبسبة وبتاج إىل أف يقرأ ىذه الكتب الرصينة ،الكتب القيمة
أيضا األنظمة اؼبرعية وعدـ أخذ األمور حرفيًااليت ألفها اؼبتقدموف وبعبارات رصينة وقوية ،لكننا نؤكد على أنو هبب مراعاة اؼبصاحل الشرعية ،ومراعاة ً
أو أف ا﵀تسب أو أف طالب العلم يأخذ ىذه اؼبسائل ويطبقها تطبي ًقا حرفيًا دوف أف ينظر إىل األمور الشرعية واألنظمة اؼبرعية؛ ألف مراعاة اؼبفاسد
واؼبصاحل ومراعاة األنظمة من أىم ما يكوف ومن أىم ما جاء بو الشرع اؼبطهر.
المحاضرة الثامنة عشرة
الكتاب الثالث :كتاب( تنبيو الغافلُت عن أعماؿ اعباىلُت وربذير السالكُت من أفعاؿ اؽبالكُت) لئلماـ ؿبيي الدين أيب زكريا أضبد بن إبراىيم بن
النحاس الدمشقي اؼبتوَب سنة أربع عشرة وشبامبائة للهجرة ،وىذا ىو الكتاب بُت أيديكم لتتعرفوا عليو وعلى حجمو ،ويقع ىذا الكتاب ُب طبسمائة
ـبتصرا والشك؛ ألف اغبلقات الثبلث ال يبكننا معها
ً واثنُت وطبسُت صفحة فهو كتاب كبَت حوى مسائل كثَتة تتعلق باغبسبة ،وسيكوف التعريف بو
أف نستوعب صبيع ما كتبو وذكره اؼبؤلف ُب كتابو ىذا ،الكتاب القيم.
أما اؼبؤلف عند حديثو عن الكتاب وتعريفو بو فقد قدـ مقدمة بدأىا بالبسملة واالستعانة با﵁ تعاىل واغبمد لو سبحانو ٍب قاؿ بعد أف صلى وسلم
على النيب ؿبمد قاؿ :أما بعد :ففي صحيح مسلم عن سبيم الداري أف النيب قاؿ( :الدين النصيحة) ثبلثًا ،قلنا :ؼبن يا رسوؿ ا﵁؟ قاؿ:
(﵁ ولكتابو ولرسولو وألئمة اؼبسلمُت وعامتهم) ٍب قاؿ رضبو ا﵁ :وؼبا رأيت ركن األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر قد وىى جانبو ،وكثر ؾبانبو ،وعزت
على األكثرين مطالبو ،فعز طالبو وتوعرت بعد الشموخ مسالكو واستوحش سالكو واندثرت معامل السنة ورظبها ،ومل يبق من حقائقها إال اظبها إىل أف
نصحا ألمثايل من أىل العصياف ،ومن حالو كحايل ُب الغفلة والنسياف وبياف عبمل ذلك من مشوؿ قاؿَّ :
فأف يل أف أعلق أوراقًا ُب ىذا الشأف ً
وربذيرا الرتكاب ما ىو جدير بسوء اؼبآب ،وظبيتو تنبيو الغافلُت عن أعماؿ اعباىلُت وربذير السالكُت من أفعاؿ اؽبالكُت ،ورتبتو على سبعة
ً اإلهباب
أبواب.
وآمل من اؼبستمعُت أف يركزوا على ىذه األبواب ويدركوىا؛ ألف التعريف سيكوف حوؿ ىذه األبواب السبعة ،قاؿ:
الباب األوؿُ :ب فضل األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر وبياف أنو فرض كفاية وشروط اؼبنكر واؼبنكر ويشتمل على فصوؿ ومسائل،
الباب الثاينُ :ب كيفية اإلنكار ودرجاتو ويشتمل على فصوؿ ومسائل،
الباب الثالثُ :ب الًتىيب من ترؾ ما أوجب ا﵁ تعاىل من األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر وذكر بعض ما ورد من التغليظ ُب ذلك والتشديد،
وذكر األحواؿ اليت يسقط فيها الوجوب ويبقى االستحباب ويشتمل على فصوؿ ومسائل،
الباب الرابعُ :ب إٍب من أمر دبعروؼ ومل يفعلو أو هنى عن منكر وىو يفعلو،
الباب اػبامسُ :ب ذكر صبل من الكبائر والصغائر عصمنا ا﵁ منها،
الباب السادسُ :ب ذكر أمور هنى النيب عنها ،
الباب السابعُ :ب ذكر صبل من اؼبنكرات والبدع ا﵀دثات،
قاؿ :وإىل ا﵁ تعاىل أمد كف الضراعة واالبتهاؿ أال هبعلو حجة علي يوـ قياـ الساعة وظهور األىواؿ ،إىل آخر ما ذكر ،حىت قاؿ :واعتمادي ُب
اؼبآؿ على من ىو كاُب من توكل عليو وىو حسيب ونعم الوكيل.
49
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
بدأ اؼبؤلف كما ذكر ُب اؼبقدمة :بالباب األوؿ ُب فضل األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر ،وبياف أنو فرض كفاية وشروط اؼبنكر واؼبنكر ،اؼبنِكر :ىو
ُ
اػب َِت ويأْمرو َف بِالْمعر ِ
وؼ َويػَْنػ َه ْو َف َع ِن ِ
َ ُْ ﴿ولْتَ ُكن ّْمْن ُك ْم أ َُّمةٌ يَ ْد ُعو َف إ َىل َْْ َ َ ُ ُ
ا﵀تسب واؼبُنَكر ىو ا﵀تسب فيو ،ويستند على فصوؿ ووسائل قاؿ ا﵁ تعاىلَ :
نصَر َّف ا﵁ُ َمن يَ ُ
نصُرهُ
ِ ِ ِ ِ ِ ت لِلن ِ
َّاس تَ ُأمُرو َف بالْ َم ْعُروؼ َوتَػْنػ َه ْو َف َع ِن الْ ُمْن َك ِر َوتُػ ْؤمنُو َف با﵁﴾ وقاؿ تعاىلَ :
﴿ولَيَ ُ ُخ ِر َج ْ
ٍ
الْ ُمْن َك ِر﴾ وقاؿ تعاىلُ ﴿ :كنْتُ ْم َخْيػَر أ َُّمة أ ْ
وؼ َونػَ َه ْوا َع ِن الْ ُمْن َك ِر َو﵁ِ َعاقِبَةُ األ ُُموِر﴾ .واآليات ُب األمر الزَكاةَ وأَمروا بِالْمعر ِ
َ َُ َ ُْ
الصبلَةَ َوآتَػ ُوا َّ ين إِف َّم َّكن ُ
َّاى ْم ُِب األ َْر ِ
ض أَقَ ُاموا َّ َّ ِ إِ َّف ا﵁َ لَ َق ِو ّّ
ي َع ِز ٌيز الذ َ
باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر كثَتة.
ناسا قالوا :يا رسوؿ ا﵁ ذىب أىل الدثور باألجور ،يصلوف كما نصلي ،ويصوموف كما نصوـ،
وُب صحيح مسلم وغَته عن أيب ىريرة أف ً
ويتصدقوف بفضوؿ أمواؽبم ،قاؿ( :أو ليس قد جعل ا﵁ لكم ما تتصدقوف بو؛ إف بكل تسبيحة صدقة ،وبكل تكبَتة صدقة ،وكل ربميدة صدقة،
وكل هتليلة صدقة ،وأمر باؼبعروؼ صدقة ،وهني عن اؼبنكر صدقة) ،وُب صحيح بالبخاري وجامع الًتمذي عن النعماف بن بشَت -رضي ا﵁ عنهما-
قاؿ :قاؿ رسوؿ ا﵁ ( :مثل القائم على حدود ا﵁ والواقع فيها كمثل قوـ استهموا على سفينة فصار بعضهم أعبلىا وبعضهم أسفلها ،فكاف
صبيعا
الذين ُب أسفلها إذا استقوا من اؼباء مروا على من فوقهم ،فقالوا :لو أنا خرقنا ُب نصيبنا خرقًا فلم نؤذ من فوقنا ،فإف يًتكوىم وما أرادوا ىلكوا ً
صبيعا) فانظر كيف كاف األخذ على أيدي اؼبفسدين واإلنكار عليهم أو منعهم فبا أردوا سببًا لنجاهتم أصبعُت.
وإف أخذوا على أيديهم قبوا وقبوا ً
منكرا فليغَته بيده ،فإف مل يستطع فبلسانو ،فإف مل يستطع
ومعلوـ حديث أيب سعيد اػبُدري قاؿ :ظبعت رسوؿ ا﵁ يقوؿ( :من رأى منكم ً
فبقلبو وذلك أضعف اإليباف) ،.وأتى بأدلة كثَتة حوؿ األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر.
ٍب ختم بفائدة فقاؿ :تقدـ قريبًا أف األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر فرض كفاية ،وقد قاؿ النووي -رضبو ا﵁ُ -ب زوائد الروضة للقائم بفرض
الكفاية مزية على القائم بفرض العُت من حيث أنو أسقط اغبرج عن نفسو وعن اؼبسلمُتٍ ،ب أتى بفصل فيما يشًتط لوجوب األمر باؼبعروؼ والنهي
عن اؼبنكر ،فقاؿ :يشًتط ُب وجوب األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر اإلسبلـ والتكليف واالستطاعة وىذه الشروط متفق عليها ،واختلف ُب العدالة
وإذف اإلماـ أو من أذف اإلماـ على ما سيأٌب إف شاء ا﵁.
أيضا حديث عن ذلك ُب
﴿والَ َذبَ َّس ُسوا﴾ وأتى دبا يتعلق بالتجسس ،وسبق ً
ٍب ذكر ُب الباب الثاين كيفية اإلنكار ودرجاتو ،وبدأىا بقولو تعاىلَ :
أيضا أتى بفصل لطيف وقاؿ :فصل من أقدـ على منكر جاىبل أنو منكر ولو علم أنو منكر رجع عنو هبب أف يعلم بلطف
ؿباضرات سبقت ،لكنو ً
رجبل مسيئًا ُب
ورفق وسياسة ،وإف علم أنو إذا ظبع الكبلـ لغَته فهم ورجع عن فعلو فينبغي أف ىباطب غَته فبن ال يشق عليو ويسمعو ،فلو رأى ً
صبلتو عبهلو ويعلم من حالو أنو لو علم أف ىذه الصبلة كعدمها مل يرض من نفسو ترؾ الصبلة ،قاؿ :فصل فإذا كاف الفاعل يقدـ على الفعل مع
علمو أنو منكر أو بعد تعريفو أنو منكر كالذي يواظب على الغيبة أو أكل اؼبكس أو الربا أو الرشوة مع علمو أنو حراـ ولكن ال يعلم رتبة ربريبو وال ما
جاء فيو من الوعيد والتهديد فهذا ينبغي أف يوعظ وىبوؼ باألخبار الواردة ُب تلك اؼبعصية ويدرج الكبلـ معو تدرهبا بشفقة ويسر من غَت تعنيف
وال غضب وال ازدراء ،إىل آخر ما قالو رضبو ا﵁.
ٍب قاؿ :فصل فإف مل يرجع بالوعظ والنصح والتذكَت وعلم إصراره على اؼبعصية واالستهزاء وقلة اؼبباالة والتصريح بعدـ الرجوع فيغلظ لو الكبلـ
وىبشن عليو لكن من غَت فُحش ،وأتى دبسائل عديدة تتعلق باإلنكار على صاحب اؼبعصية إىل أف وصل إىل االستعانة باألعواف وشهر السبلح فبا
صببل آخر فبا جاء ُب ىذا الكتاب القيم فبا مل يتم التطرؽ
سبق اغبديث عنو ُب درجات إنكار اؼبنكر ،وال داعي إىل اغبديث عن ذلك ،ونستعرض ً
إليو ُب ؿباضرات سبقت ُب ىذا اؼبقرر.
أيضا أتى بفصل فيما يتعلق بأف للولد أف يأمر الوالد وينهاه بالوعظ والنصح مع الرفق والتلطف بالكبلـ ،وليس لو مقابلة التهديد والضرب وال بالسب
ً
صل ُب ىذه اؼبسألة وقد سبق اغبديث عنها كما ال ىبفى عليكم،
وزبشُت الكبلـ ،وفَ َّ
الباب الثالث ُب الًتىيب وترؾ ما أوجب ا﵁ تعاىل من األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر ،وذكر بعض ما ورد ُب ذلك من التغليظ والتشديد وذكر
ك ِدبَا ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ َّ ِ
يسى ابْ ِن َم ْرًَنَ ذَل َ
يل َعلَى ل َساف َد ُاوَد َوع َ
ين َك َفُروا من بٍَت إ ْسَرائ َ
األحواؿ اليت يسقط فيها الوجوب ويبقى االستحباب قاؿ ا﵁ تعاىل﴿ :لُع َن الذ َ
51
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
س َما َكانُوا يػَ ْف َعلُو َف﴾ .وىذا غاية التشديد وهناية التهديد ؼبن ترؾ األمر باؼبعروؼ والنهي عن ِ ٍ
اى ْو َف َعن ُّمن َكر فَػ َعلُوهُ لَبْئ َ
ص ْوا َوَكانُوا يػَ ْعتَ ُدو َف َكانُوا الَ يػَتَػنَ َ
َع َ
اؼبنكر ،إذ بُت سبحانو أف السبب ُب لعنهم ىو ترؾ التناىي عن اؼبنكر وبُت أف ذلك عصياف منهم واعتداء وأف ذلك بئس الفعل فاعتربوا يا أويل
﴿وتَػ َع َاونُوا َعلَى الْربّْ َوالتَّػ ْق َوى َوالَ تَػ َع َاونُوا َعلَى ا ِإل ٍِْب َوالْ ُع ْد َو ِاف﴾ والشك أف من رأى أخاه على منكر ومل ينهو فقد أعانو عليو
األلباب وقاؿ تعاىلَ :
بالتخلية بينو وبُت ذلك اؼبنكر وعدـ االعًتاض عليو ،وليس ىذا من الدين ُب شيء؛ إذ ال يؤمن الرجل حىت وبب ألخيو ما وبب لنفسو ،وإمبا الدين
النصيحة ومن رأى إنسانًا يهوي ُب النار ومل ينصحو فإف إشبو عليو ،إىل آخر ما ربدث بو حوؿ ىذا اؼبوضوع.
موصوال عن األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر واألدلة الدالة على ذلك قاؿ :تنبيو قد تكوف
ً ٍب تطرؽ -رضبو ا﵁ تعاىل -إىل اغبديث وما زاؿ اغبديث
كثرة رؤية اؼبنكرات مقاـ ارتكأّا ُب سلب القلب نور التمييز واإلنكار؛ ألف اؼبنكرات إذا كثر على القلب ورودىا وتكرر ُب العُت شهودىا ذىبت
عظمتها من القلوب شيئًا فشيئًا إىل أف يراىا اإلنساف فبل ىبطر ببالو أهنا منكرات ،وال يبيز بفكره أهنا معاصي دبا ذكروىا من تأليف القلب ؽباٍ ،ب
أتى بفصل فقاؿ :فصل وخرج الًتمذي وحسنو عن أيب سعيد اػبدري قاؿ :قاؿ رسوؿ ا﵁ ( :ال يبنعن رجل ىيبة الناس أف يقوؿ حبق إذا
علمو) قلت-والكبلـ البن النحاس رضبو ا﵁ :-وىذا اغبديث فيو اغبض على اإلقداـ والشجاعة ُب األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر ،وأف يعلم
أجبل أخره ا﵁ ،ولن يبنع رزقًا قدره ا﵁ فبل يلتفت إىل ما يلقيو الشيطاف من زبذيلو وقولو :ال تتعرض ؽبذا
اإلنساف يقينًا أف األمر والنهي لن يقدـ ً
وطبعا اؼبسألة ؽبا تفصيل فيما يتعلق إذا
نقَتاً ،
فتيبل وال ينقصاف ً
يضربوؾ ويقتلوؾ وكبو ذلك فإف الضرر وإف قل والنفع وإف جل مقدراف إذ ال يزيداف ً
خشي على نفسو من الضرر واألذى واغبكم الشرعي ُب االحتساب لكن القاعدة أنو ال يبنع اإلنساف ىيبة الناس واػبوؼ منهم ُب أف يقوـ
باالحتساب عليهم.
أيضا أتى دبسألة فقاؿ :فصل إذا علم أف كبلمو ال ينفع وال يفيد قاؿ الغزايل :ال هبب عليو اإلنكار لعدـ الفائدة ولكن يستحب إلظهار شعائر
و ً
اإلسبلـ وتذكَت الناس بالدين ،فإف كاف غالب ظنو أنو ال يفيد ،ولكن وبتمل أنو يفيد وىو مع ذلك ال يتوقع مكروىا فقد اختلفوا ُب وجوبو وإف
أظهروا وجوبو إىل آخر ما ربدث بو الغزايل رضبو ا﵁ ،ولعل ذلك قد مر معنا ساب ًقا.
َّاس بِالِْ ّْرب َوتَػْن َس ْو َف أَنْػ ُف َس ُك ْم َوأَنْػتُ ْم
ٍب أتى بالباب الرابعُ :ب إٍب من أمر دبعروؼ ومل يفعلو ،أو هنى عن منكر وىو يفعلو قاؿ ا﵁ تعاىل﴿ :أَتَأْ ُمُرو َف الن َ
ند ا﵁ِ أَف تَػ ُقولُوا َما الَ تَػ ْف َعلُو َف﴾ .وُب ِ َّ ِ ِ
ين َآمنُوا ملَ تَػ ُقولُو َف َما الَ تَػ ْف َعلُو َف َ كبُػَر َم ْقتًا ِع َ
اب أَفَبلَ تَػ ْعقلُو َف﴾ .وقاؿ سبحانو﴿ :يَا أَيػُّ َها الذ َ
ِ
تَػْتػلُو َف الْكتَ َ
الصحيحُت عن أسامة بن زيد قاؿ :ظبعت رسوؿ ا﵁ يقوؿُ ( :هباء بالرجل يوـ القيامة فيلقى ُب النار فتندلق أقتاب بطنو فيدور ّٔا كما يدور
اغبمار ُب الرحى فيجتمع عليو أىل النار فيقولوا :يا فبلف ،مالك؟ أمل تكن تأمرنا باؼبعروؼ وتنهانا عن اؼبنكر؟ فيقوؿ :بلى ،كنت آمركم باؼبعروؼ وال
آتيو ،وأهناكم عن اؼبنكر وآتيو) ،وقولو تندلق أي زبرج ،واالندالؽ خروج الشيء من مكانو ،يريد خروج أمعائو من جوفو ،واألقتاب األمعاء ،والشك
آمرا باؼبعروؼ وال يأتيو أو ناىيًا عن اؼبنكر ويأتيو.
أف ىذا أمر ىباؼ منو كل مسلم ىبشى منو على نفسو أف يكوف ً
ٍب ذكر -رضبو ا﵁ تعاىل -الباب اػبامس ُب ذكر صبلة من الكبائر والصغائر ،وىذا الباب أطاؿ فيو اؼبؤلف -رضبو ا﵁ -كثَتا وقاؿ :اعلم وفقنا ا﵁
فعبل حىت
وإياؾ الجتناب مناىيو واجتبلب مراضيو ،والوقوؼ مع حدود السنة الغراء ،واغبفظ من ارتكاب البدع واألىواء أنو ال هبوز للمرء أف ينكر ً
يعلم أف منكر ،وقد سبق معنا أف من شروط ا﵀تسب العلم باؼبنكرات الظاىرة ،قاؿ :ال هبوز للمرء أف ينكر فع ًبل حىت يعلم أف منكر وال يشًتط ُب
اؼبنكر أف يكوف عاؼبا بغَته من األحكاـ فرأيت للمتعُت إفراد باب لذكر صبل من الكبائر والصغائر ،و أردفو ببابا ـبتصرا فيما هنى عنو هنيا يقرب
ً
التحرًن والكراىة ٍب أردفو بباب فيو ذكر صبل للمنكرات واؼبألوفات والبدع وا﵀دثات كل ذلك على سبيل اإلهباز واالختصار ،وردبا أشَت ُب بعضها
إىل طرؽ من األدلة النبوية؛ ليكوف عدة للمنكر دبا استشكل عليو من الزجر والًتىيب وا﵁ أسأؿ اؽبداية وبو أستعُت.
قاؿ رضبو ا﵁ :اعلم أف العلماء اختلفوا ُب حد الكبَتة وسبييزىا عن الصغَتة فجاء عن ابن عباس -رضي ا﵁ عنهما -أف كل شيء هنى ا﵁ عنو فهو
كبَتة ،وحكى القاضي عياض ىذا عن ا﵀ققُت؛ ألف كل ـبالفة فهي بالنسبة إىل إجبلؿ ا﵁ تعاىل كبَتة ،وضعف الغزايل ُب اإلحياء ىذا القوؿ،
51
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
وذىب صباىَت العلماء إىل انقساـ اؼبعاصي إىل كبائر وصغائر وىو الصحيح لقولو تعاىل﴿ :إِف َْذبتَنِبُوا َكبَائَِر َما تػُْنػ َه ْو َف َعْنوُ نُ َكف ّْْر َعْن ُك ْم َسيّْئَاتِ ُك ْم
َونُ ْد ِخ ْل ُكم ُّم ْد َخبلً َك ِريبًا﴾ .ولقولو ( :الصلوات اػبمس واعبمعة إىل اعبمعة كفارة ؼبا بينهن ما مل تغش الكبائر) .
وُب معناه أحاديث كثَتةٍ ،ب اختلف ىؤالء ُب ضبط الكبائر وحدىا؛ لتتميز عن الصغَتة ،روى ابن عباس رضي ا﵁ عنهما الكبائر كل ذنب ختمو ا﵁
بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب ،وعن ابن عباس معناه وقيل :إف كل ما أوجب ا﵁ عليو النار ُب اآلخرة واغبد ُب الدنيا ،وقيل :إنو ىو كل ذنب
أوعد ا﵁ عليو النار قالو اغبسن وسعيد وابن الزبَت وؾباىد والضحاؾ ،وُب رواية حكى القاضي حسُت واغبليمي قاؿ :حد الكبَتة ىو كل ؿبرـ بعينو
منهي عنو ؼبعٌت ُب نفسو فتعاطيو كبَتة وتعاطيو على وجو هبمع وجهُت أو وجوه من التحرًن؛ ليكوف فاحشة والفاحشة أعظم من الزىن ومثالو أف الزىن
كبَتة فإذا زىن حبليلة جاره يكوف فاحشة ولذلك عدىا النيب من أكرب الكبائر.
المحاضرة التاسعة عشرة
حد الصغَتة فبا كتبو ابن النحاس ُب كتابو تنبيو الغافلُت.قاؿ :والصغَتة حدىا تعاطي ما تنقص رتبتو عن رتبة اؼبنصوص عليو ،أو تعاطيو على وجو
اؼبنصوص عليو وال يستوُب معٌت اؼبنصوص عليو فيكوف صغَتة ،فتعاطيو على وجو هبمع وجهُت أو وجوه ُب التحرًن يكوف كبَتة ومثل لذلك أمثلة،
قاؿ :وقاؿ النووي ُب الروضة ُب حد الكبَتة أوجو:
األوؿ :أهنا اؼبعصية اؼبوجبة للحد
الثاين :أهنا ما غبق صاحبها وعيد شديد بنص كتاب أو سنة وىذا أكثر ما وجد ؽبم وىو إىل ترجيح األوؿ أميل ،لكن الثاين أوثق ؼبا ذكروه عند
تفصيل الكبائر،
الثالث :كل فعل نص الكتاب على ربريبو أو وجب ُب جنسو حد من قتل أو غَته كًتؾ فريضة ذبب على الفور ،والكذب ُب الشهادة والرواية على
ما ذكروه انتهى.
وقاؿ ابن النحاس -رضبو ا﵁ :-واعلم أف الصغائر ال مطمع ُب حصرىا ،أما الكبائر فاػببلؼ ُب حصرىا منتشر جدا ،وىي على كبَتة وأكرب منها،
جبل سأؿ ابن عباس -رضي ا﵁
وؽبذا جاء ؼ اغبديث( :إف من أكرب الكبائر كذا ،وإف من الكبائر كذا) كما سيأٌب ،وقد روى سعيد بن جبَت أف ر ً
عنهما :-كم الكبائر؟ أسبع؟ فقاؿ :ىي إىل سبعمائة أقرب منها إىل سبع ،غَت أنو ال كبَتة مع استغفار وال صغَتة مع إصرار ،ومعناه أف الصغَتة إذا
أصر اؼبرء عليها صارت كبَتة ،وسيأٌب الكبلـ ُب حد اإلصرار إف شاء ا﵁ تعاىل كما ذكر ابن النحاس رضبو ا﵁.
قاؿ :وىا أنا أذكر لك من الكبائر ما ذكره الرافعي ،والنووي ،وابن الرفعة وغَتىم ،وأتى ِبملة كبَتة من الكبائر وربدث عنها -رضبو ا﵁ تعاىل ،-وقد
أتى ِبملة من الكبائر ،وأتى بشيء من األدلة عليها فقاؿ :فمنها الشرؾ با﵁ وىو أعظمها قاؿ ا﵁ تعاىل﴿ :إِنَّوُ َمن يُ ْش ِرْؾ بِا﵁ِ فَػ َق ْد َحَّرَـ ا﵁ُ َعلَْي ِو
ِ ِ اعبنَّةَ ومأْواه النَّار﴾ .ومنها قتل النفس اليت حرـ ا﵁ بغَت حق لقولو تعاىل﴿ :ومن يػ ْقتل مؤِمنا ُّمتػع ّْمدا فَجزاؤه جهن ِ ِ
ب ا﵁ُ َعلَْيو َولَ َعنَوُ َّم َخال ًدا ف َيها َو َغض َ َ َ َ ُ ْ ُ ْ ً َ َ ً ََ ُُ َ َ ُ َْ َ َ َ ُ ُ
ِ
دما حر ًاما) يما﴾ .وُب صحيح البخاري عن ابن عمر قاؿ :قاؿ رسوؿ ا﵁ ( :لن يزاؿ اؼبرء ُب فسحة من دينو ما مل يصب ً َوأ ََع َّد لَوُ َع َذابًا َعظ ً
وُب صحيح مسلم عن عبد ا﵁ بن عمرو رضي ا﵁ عنهما قاؿ :قاؿ رسوؿ ا﵁ ( :لزواؿ الدنيا أىوف على ا﵁ من قتل رجل مسلم).وبسن التنبيو
إىل خطورة قتل النفس اليت حرـ ا﵁ بغَت حق وإىل التساىل الذي وبصل ُب ىذا العصر من بعض الذين يتشددوف أو يكفروف أو يفجروف أو يغلوف
ُب الدين فإهنم يقعوف ُب منكرات عظيمة ومن أعظمها قتل النفس اليت حرـ ا﵁ تعاىل ،والشك أف الواجب اغبذر من ذلك ،وىذه النفس اؼبعصومة
طبعا بضوابط النفس بالنفس والتارؾ لدينو اؼبفارؽ للجماعة ،قاؿ( :ال وبل دـ امرئ مسلم إال بإحدى
ىي النفس اؼبسلمة كما جاء ُب اغبديثً ،
أيضا فبا وبصل التساىل فيو،
أيضا ال هبوز قتل اؼبعاىدين اؼبستأمنُت فهذا ً
ثبلث :النفس بالنفس ،والثيب الزاين ،والتارؾ لدينو اؼبفارؽ للجماعة) ،و ً
والواجب اغبذر كل اغبذر من الوقوع ُب ىذا اؼبنكر العظيم الشنيع فبا انتشر ُب ىذا الزمن لؤلسف الشديد.
الزىن إِنَّو َكا َف فَ ِ
اح َشةً َو َساءَ َسبِيبلً﴾ .وُب الصحيحُت عن أيب ىريرة أف رسوؿ ا﵁ ﴿والَ تَػ ْقَربُوا ّْ َ ُ
قاؿ رضبو ا﵁ تعاىل :ومنها الزنا ،قاؿ ا﵁ تعاىلَ :
قاؿ( :ال يزين الزاين حُت يزين وىو مؤمن)ٍ ،ب أتى دبسألة تتعلق بالزىن ،قاؿ :واعلم أف زىن الشيخ أقبح وأفحش وأعظم عند ا﵁ من زىن الشاب؛
52
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
53
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
54
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
كذكر شيئا ُب خلقو كقولك :سيئ اػبلق ،متكرب ،أضبق ،إىل آخره ،كل ىذه ،قاؿ :فكل ىذا وأشباه وإف كنت صادقًا؛ فأنت بو مغتاب وعاص
لربك وآكل غبم أخيك.
أيضا ربدث عن الغيبة كما أهنا تكوف باللساف كذلك قد تكوف بالتعريض ،والتعريض ُب بعض األمور يكوف كالتصريح قاؿ رضبو ا﵁ :تنبيو ،واعلم أنو
و ً
كما وبرـ عليك أف ربدث غَتؾ دبساوئ اإلنساف ،كذلك وبرـ عليك أف ربدث نفسك بذلك وتسيء الظن بو ،ويفضل اػبواطر وحديث النفس
نفورا مل يعهده وتستثقلو وتنفر عن مراعاتو وتفقده وإكرامو واالىتماـ بذلك وإمبا ا﵀رـ عقد الظن ،وعبلمتو أف يتغَت القلب عما كاف عليو ،وينفر عنو ً
﴿اجتَنِبُوا َكثِ ًَتا ّْم َن الظَّ ّْن﴾ وقاؿ ( :إياكم والظن فإف الظن أكذب
بشأنو فهذه كلها من عبلمات عقد الظن وربقيقو وىو حراـ ،قاؿ ا﵁ تعاىلْ :
أيضا عدـ االستنزاه من البوؿ ،وقد بوب البخاري -رضبو ا﵁ُ -ب صحيحو بابًا من اغبديث).قاؿ :ومنها البهت وىو ذكرؾ أخاؾ دبا ليس فيو.و ً
الكبائر أال يستًت من بولو ،وعن أيب ىريرة قاؿ :قاؿ رسوؿ ا﵁ ( :أكثر عذاب القرب من البوؿ).
المحاضرة العشرون
نقلنا صبلة من الكبائر فبا نقلو ابن النحاس ُب كتاب تنبيو الغافلُت ،قاؿ رضبو ا﵁ تعاىل :ومنها إتياف الرجل زوجتو ُب دبرىا.وأف يقتل اإلنساف نفسو
ك َعلَى ا﵁ِ يَ ِس ًَتا﴾ ِ ؼ نُ ِ ِ
صل ِيو نَ ًارا َوَكا َف ذَل َ
ك ُع ْد َوانًا َوظُْل ًما فَ َس ْو َ ْ يما َ وَمن يػَ ْف َع ْل ذَل َ ِ ِ ِ
﴿والَ تَػ ْقتُػلُوا أَنْػ ُف َس ُك ْم إ َّف ا﵁َ َكا َف ب ُك ْم َرح ً
عمدا ،قاؿَ :
ً
عاما) ،ومنها الرياءمعاىدا بغَت حق مل يرح رائحة اعبنة ،وإنو ال هبد روبها من مسَتة أربعُت ً ً .ومنها :قتل الذمي بغَت حق ،لقولو ( :من قتل
ين َآمنُوا الَ يَ ْس َخ ْر قَػ ْوٌـ ّْمن قَػ ْوٍـ﴾ َّ ِ
بالعبادات.ومنها السخرية واالستهزاء باؼبسلم ،قاؿ ا﵁ تعاىل﴿ :يَا أَيػُّ َها الذ َ
أيضا صبلة كبَتة من اؼبنكرات أو من الكبائر اليت جاء فيها وعيد قاؿ:ومنها أف يستدين الدين ال يريد وفاءه ،إذ ىو من أكل أمواؿ الناس وذكر ً
بالباطل.ومنها أيضا أف وبلل اؼبرأة لغَته أو ربلل لو.وأيضا ترؾ اعبمعة بغَت عذر ليصلي وحده.وكذلك من الكبائر اليت ذكرىا اؼبؤلف -رضبو ا﵁
تعاىل -أف وبدث دبدينة النيب حدثًا أو يأوي ؿبدثًا.وكذلك إفشاء أحد الزوجُت سر اآلخر ،لقولو ( :من شر الناس منزلة عند ا﵁ يوـ القيامة
الرجل يفضي إىل امرأتو وتفضي إليو ٍب ينشر أحدنبا سر صاحبو).
قاؿ :ومنها إفساد اؼبرأة على زوجها والعبد على سيده .قاؿ :ومنها لبس الرجاؿ اغبرير وأتى بفروع أخرى.
قاؿ :واستعماؿ أواين الذىب والفضة للرجاؿ والنساء ُب األكل والشرب واإلدىاف واالكتحاؿ ،إىل آخر الكبائر اليت ذكرىا وأتى بأدلتها رضبو ا﵁
تعاىل ُب ىذا الكتاب،وأيضا ذكر اؼبضارة ُب الوصية وىو أف يقصد حرماف الوارث أو تنقصيو بوصية أو إقراره وكبوه دبا عنده من بغض أو حقد
أيضا ازباذ اؼبساجد على القبور وإيقاد اؼبصابيح عليها والسرج.
عليو.ومنها ً
ٍب أتى بفصل قاؿُ :ب ذكر صبلة من الصغائر وقدـ لذلك دبقدمة فقاؿ :اعلم أنو كما هبب اجتناب الكبائر اؼبوبقات هبب اجتناب الصغائر
ا﵀قرات؛ ألف الصغَتة الواحدة مىت أصر عليها العبد صارت من الكبائر فالصغائر إذا اجتمعن أىلكن يوـ تبلى السرائر ،وُب الصحيحُت عن أيب ىريرة
أنو ظبع رسوؿ ا﵁ يقوؿ( :ما هنيتكم عنو فاجتنبوه وما أمرتكم بو فأتوا منو ما استطعتم) وروى أضبد بإسناد رجالو من رجاؿ الصحيح عن
سهل بن سعد أف رسوؿ ا﵁ قاؿ( :إياكم وؿبقرات الذنوب فإمبا مثل ؿبقرات الذنوب كمثل قوـ نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود
حىت صبعوا ما أنضجوا بو خبزىم وإف ؿبقرات الذنوب مىت يؤخذ ّٔا صاحبو هتلكو).
وذكر صبلة من الصغائر ،وقد ال يناسب التفصيل فيها واالستطراد ُب اغبديث عنها ،وأنا أحض اعبميع طبلبا وطالبات على الرجوع إىل ىذا الكتاب
واإلفادة فبا فيو ،واإلطبلع على الكنوز اليت دوهنا وذكرىا ابن النحاس رضبو ا﵁ تعاىل ُب ىذا الكتاب ،ولو ذكرنا صبلة من الصغائر لطاؿ بنا اغبديث،
أيضا أف يعلم أنو هبب عدـ االستهانة بذنوب الصغائر واؼبرء ينظر إىل عظمة من عصاه وال ينظر إىل صغر اؼبعصية ،على كل حاؿ أنا
وينبغي ً
أدعو إىل الرجوع إىل ىذا الكتاب للتعرؼ على ما ذكره رضبو ا﵁ تعاىل من الصغائر.ذكر لعلنا مبثل لبعض األمثلة ،قاؿ :ومنها خضاب الرجل واؼبرأة
شعرنبا بالسواد.
تطوعا وزوجها حاضر من غَت أف تستأذنو.ومنها أف يتناجي اثناف دوف الثالث.ومنها ابتداء الكافر بالسبلـ.
وصوـ اؼبرأة ً
55
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
وسب األموات لغَت مصلحة ،ؼبا رواه البخاري عن عائشة -رضي ا﵁ عنها -قالت :قاؿ رسوؿ ا﵁ ( :ال تسبوا األموات فإهنم قد أفضوا إىل ما
طبعا أنقل ما ذكره اؼبؤلف رضبو ا﵁ تعاىل من الصغائر أو من الذنوب الصغائر.
أيضا ،وىذا ً
قدموا).وكذلك أف تتطيب اؼبرأة عند خروجها من بيتها و ً
ونأٌب إىل الباب السادس وىي ُب ذكر أمور هنى عنها النيب :وقد قاؿ رضبو ا﵁ ُب ىذا :قد تقدـ ُب الكبائر والصغائر صبلة فبا هنى عنو ،وىا أنا
قوما الصغائر
أذكر ُب ىذا الباب صبلة صاغبة على سبيل اإلهباز؛ ألف كل فعل هنى عنو فهو دائر بُت الكراىة والتحرًن وىو األغلب وقد خص ً
﴿وَما آتَا ُك ُم
با﵀رمات وىو أكثر فبا تقدـ ذكره ،والذي يسكن إليو القلب أف كل من أتى فعبل هنى عنو النيب فقد أتى معصية لقولو تعاىلَ :
وؿ فَ ُخ ُذوهُ َوَما نػَ َها ُك ْم َعْنوُ فَانْػتَػ ُهوا﴾ فإذا اقًتف بنهيو لعن أوعيد شديد فهو كبَتة وإال فهو صغَتة ،وكما أف القسم األوؿ يشتمل على كبَتة وأكرب
الر ُس ُ
َّ
منها كذلك القسم الثاين يشتمل على صغَتة وأصغر منها ،ىذا ما ظهر يل وا﵁ أعلم ،والكبلـ للمؤلف.قاؿ :فاعلم وفقنا ا﵁ وإياؾ أف النيب هنى
عن من استيقظ من نومو من غمس يده ُب اإلناء قبل غسلهما ثبلثا ،وهنى عن قضاء اغباجة ربت شجرة مثمرة ،أو ُب جحر أو مهب ريح أو ماء
أيضا هنى عن االلتفات ُب الصبلة ُب
راكد أو ُب اؼبغتسل أو ُب طريق الناس وظلهم ،وهنى عن اإلسراؼ ُب ماء الطهارة وإف كاف على جنب هنر ،و ً
صبلة من األحاديث منها قولو ألنس( :يا بٍت إياؾ وااللتفات ُب الصبلة فإف االلتفات ُب الصبلة ىلكة) رواه الًتمذي وحسنو .وهنى عن وضع
أيضا هنى عن السدؿ ُب الصبلة قاؿ أبو عبيدة :والسدؿ ُب الصبلة
اليد على اػباصرة ُب الصبلة ،وهنى عن رفع البصر ُب الصبلة إىل السماء ،و ً
أيضا ذكر رضبو ا﵁ تعاىل صبلة فبا جاء النهي عنو ،فبا هنى عنو هنى
إسباؿ الرجل ثوبو من غَت أف يضم جانبيو بُت يديو فإف ضمو فليس بسدؿ ،و ً
عن أف يصلى ويقرأ وىو نعساف ،وهنى من استيقظ من الليل وعزمو الصبلة أف يأكل أو يشرب قبل أف تفرغ هنمتو من صبلتو ،وهنى أف يصلي الوتر
كاؼبغرب ثبلثا من غَت فصل ،وهنى عن سب الريح وعن سب الديك ،وهنى عن الذبح عند القرب وعن ذبصيص القرب وأف يكتب عليو وأف يبٌت عليو،
صوما قبلو ،وهنى عن إطالة الوقوؼ على الدابة من غَت حاجة ،وهنى عن
وهنى عن إنشاء الصوـ بعد النصف من شعباف إال أف يوافق عادة أو ً
الغضب وأكد فيو النهي ،ومعلوـ حديث أيب ىريرة عندما قاؿ النيب للرجل الذي قاؿ :أوصٍت ،قاؿ( :ال تغضب) فردد مر ًارا قاؿ( :ال
تغضب).
أيضا هنى عن بيع الطعاـ اؼببيع قبل قبضو ،وكذلك جاء النهي
ٍب أيضا أتى بفصل فقاؿ :فصل وهنى النيب عن بيع الغرر ،وذكر فيو مسائل كثَتة ،و ً
أيضا
فاسدا فسد العقد ُب األصح وعلى تفصيل ىذا وفروعو كتب الفقوٍ ،ب ً
عن بيع السبلح ألىل اغبرب ،وهنى عن بيع وشرط ،فإف كاف الشرط ً
أتى بفصل آخر وقاؿ :وذكر اإلماـ العارؼ أبو عبد ا﵁ ؿبمد بن على الًتمذي اغبكيم ُب كتاب صبعو ُب اؼبناىي أشياء مل يذكرىا فيما تقدـ وبعضها
غريب ،وأتى بشيء من اليت ذكرىا وبعضها غريب ،فمن ذلك أف هنى أف تقطع النخلة اغباملة ،وهنى عن اػبلف بالبندؽ ،إىل آخره ،الشك أنو قاؿ
بعضها وبعضها غريب؛ واؼبرجع وال الشك ُب األمر والنهي ىو ما جاء ُب كتاب ا﵁ وثبت عن النيب .
أيضا هنى أف يظهر اإلنساف الشماتة ألخيو وقاؿ :ال تظهر
أيضا :قاؿ :هنى أف يتعاطى السيف مسلوال وقاؿ :ليغمده ٍب يناولو ،و ً
من اؼبنهيات ً
الشماتة ألخيك فَتضبو ا﵁ ويبتليك ،وهني أف يقوؿ اإلنساف :ما شاء ا﵁ وشاء فبلف؛ بل يقوؿ ما شاء ا﵁ ٍب شاء فبلف ،أو يقوؿ –وىو أعظمها
وأجلها وأمشلها :-ما شاء ا﵁ وحده.
أيضا هنى عن سبٍت لقاء العدو ،وعن التداوي باػبمر ،وهنى عن اعبلوس إىل القبور والصبلة إليها ،وهنى أف يسأؿ اإلنساف اإلمارة وُب معناه القضاء
و ً
وغَته من اؼبناصب ،وهنى أف يقضي القاضي وىو غضباف ،وهنى أف ينظر اإلنساف إىل من فوقو ُب الدنيا لئبل يزدري نعمة ا﵁ عليو ،وأمر أف ينظر إىل
أيضا هنى أف يشرب اإلنساف واحدة كشرب
من ىو دونو ليعرؼ نعمة ا﵁ عنده ،وهنى عن التبتل وىو ترؾ النكاح ،وهنى عن أخذ ضالة اإلبل ،و ً
البعَت وقاؿ( :ولكن اشربوا مثٌت وثبلث فإذا شربتهم فسموا وإذا فرغتم فاضبدوا) .إىل غَت ذلك فبا ورد النهي عنو عن ؿبمد .
وختم الكتاب بالباب السابع ُب ذكر صبل من اؼبنكرات والبدع ا﵀دثات ،قاؿ :ثبت ُب الصحيحُت من حديث عائشة -رضي ا﵁ عنها -أف رسوؿ
عمبل ليس عليو أمرنا فهو رد).
ا﵁ قاؿ( :من أحدث ُب أمرنا ىذا ما ليس منو فهو رد) وُب رواية ؼبسلم (من عمل ً
قاؿ ابن عبد السبلـ رضبو ا﵁ :البدعة على ثبلثة أضرب:
56
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
مباحا كالتوسع ُب اؼبشرب واؼبأكل واؼببلبس واؼبناكح ،فبل بأس بشيء من ذلك.
األوؿ :ما كاف ً
أيضا لو حكم ،وليس فبا جاء النهي عنو.
الثاين :ما كاف حسنًا وىو مبتدع موافق لقواعد الشريعة غَت ـبالف لشيء منها فهذا ً
ملتزما ؼبخالفة الشرع ،ومن ذلك صبلة الرغائب؛ فإهنا موضوعة على رسوؿ ا﵁ وكذب عليو ،إىل آخر ما جاء
الثالث :ما كاف ـبال ًفا للشرع أو ً
اغبديث حوؿ البدع وعن أنواعها.
قاؿ :فصل ُب ذكر بعض ما يشاىد ُب اؼبساجد من البدع واؼبنكرات؛ وىناؾ حديث حوؿ توقي البصاؽ فيو أي ُب اؼبسجد وأكل الثوـ والبصل
وغَتىا فبا لو رائحة كريهة ،وكذ لك ال ينزىونو عن تعمد إخراج الريح فيو وكثرة اللغط؛ يعٍت أف بعض اعبهاؿ وبعض الناس ُب بعض األزمنة وبعض
األماكن تقع منهم بعض ىذه اؼبخالفات أو بعض ىذه اؼبشاىد اليت ىي منهي عنها أو ال تليق ببيوت ا﵁ تعاىل ،وبعض جهاؽبم ال يتوقى اعبلوس
فيو وىو جنب كأنو بيتو.
ضا كذلك فبا ذكره -رضبو ا﵁ تعاىلُ -ب ىذا الباب قاؿ :ومنها ما يفعلو بعض اؼبتكربين إذا صلى ال يصلي ُب صفو أحد ،وإف صلى ُب صفو
أي ً
أحد فيبعد عنو حبيث يبقى بينو وبينو فرجة تسع صباعة وىذه بدعة زبالف السنة؛ ألف السنة الًتاص ُب الصف فإف كاف ذلك بأمره حراـ عليو؛ إذ
ليس للمرء من اؼبسجد إال موضع قيامو ،ويكفي أف فاعل ذلك قاطع للصف ،ومنها ما يفعلو بعضهم إذا جاء إىل مكانو اؼبعتاد الصبلة فيو أو إىل
أحدا قد سبقو فإما أف يقيمو ىو أو يقيمو من معو من اؼبماليك أو اػبدـ ،وذلك حراـ ال هبوز؛ ألنو قد
اؼبكاف الذي يبيل إىل نفسو فوجد فيو ً
استحق اؼبكاف الذي جلس فيو بسبقو ،وقد هني النيب أف يقيم الرجل أخاه من مكانو ٍب هبلس فيو.
أيضا من البدع اليت نقلها اؼبؤلف -رضبو ا﵁ تعاىلُ -ب ىذا الكتاب قاؿ رضبو ا﵁ تعاىل:
أيضا أال يتخطى رقاب الناس وأال يلوث اؼبسجد بقدمو ،و ً
و ً
ما يفعلو بعض اػبطباء من اإلشارة باليد وااللتفات ُب اػبطبة الثانية واؼببالغة ُب اإلسراع فيها والدؽ ُب درج اؼبنرب ُب الصعود ،أيضا قاؿ ما اعتاده
كثَت من اعبُهاؿ إذا قاؿ اػبطيب اغبمد ﵁ سياف ُب اػبطبة الثانية باشو أيديهم ووضعوىا على رؤوسهم حىت أنو ردبا يسمع بوش أيديهم من خارج
اؼبسجد.
فصبل
أيضا ذكر ً
حذرا من الوقوع ُب البدع واؼبنكرات ،وأف يتعلم دين ا﵁ تعاىل ويتفقو فيوٍ ،ب ً
أيضا على اؼبسلم وعلى طالب العلم أف يكوف ً
وينبغي ً
أيضا وما فيو أذية للناس سواء من اعبَتاف أو اؼبارة بشيء من أنواع األذية فكل ذلك
ُب ذكر ما يشاىد ُب األسواؽ والشوارع من البدع واؼبنكراتً ،
هبب اغبذر منو وعدـ الوقوع فيو؛ ألف اإلنساف ال يرضى أف يؤذيو أحد فكذلك هبب عليو أف يعتٍت بعدـ إيذاء اإلنساف حىت ولو ُب شوارعهم،
يضا قد يكوف فيو إسراؼ ُب استعماؿ اؼباء
الشك أف إلقاء القمامة أماـ بيوت الناس أو جرياف اؼباء من البيت فبا قد يضر باعبَتاف أو يؤذيهم ،وفيو أ ً
فيجب أف وبذر اؼبسلم من الوقوع ُب ذلك.
أيضا فبا يتعلق بالطرقات جلوس البائعُت ببضائعهم ُب الطرؽ والشوارع ،وُب أبواب اؼبساجد واعبوامع وذلك كلو ال هبوز ؼبا فيو من تضييق الطريق
قاؿ ً
اؼبشًتكة بُت اؼبسلمُت وىم غاصبوف للمكاف الذي جلسوا فيو ،وهبب على كل قادر منعهم من ذلك وإزعاجهم من ىذا اؼبكاف ،وكل من اشًتى
منهم فقد أعاهنم على ظلمهم ورغبهم فيو وشاركهم ُب اإلٍب ،والكبلـ للمؤلف رضبو ا﵁ ،إذ لو امتنع الناس من الشراء منهم المتنعوا من فعلهم ،وعلم
كل واحد أف ذلك ال هبوز.
ومنها ما ي فعلو بعض الطوافُت كبياع الكتاف واللنب والزيت اغبار من أف يبيع اؼبرأة بعد أف يدخل إليها إىل موضع ال يرانبا فيو من يبر ُب الطريق أو
يدخل إليها إىل دىليز البيت ،وىذا منكر هبب منعهما منو؛ ألف اػبلوة باألجنبية حراـ باإلصباع عليو وعليها.
أيضا ذكر بعض منكرات اغبجاج ،وأيضا ذكر شيء فبا يقع ُب النكاح من البدع واؼبنكرات،
وذكر صبلة من األمور واؼبنكرات اليت تقع ُب الشوارع ،و ً
وأمور قد وقعت ُب عهدىم وقد يقع شيء منها ُب عصرنا اغباضر من ىذه األمور اليت ذكرىا ،قاؿ :منها إف بعض الرجاؿ يعتزؿ امرأتو إذا حاضت
ويناـ وحده وىذه بدعة مكروىة ـبالفة السنة ،قالت عائشة -رضي ا﵁ عنها :-كنا رسوؿ ا﵁ يصلي بالليل وأنا إىل جنبو وأنا حائض وعلي مرط
وعليو بعضو وىذا من حسن خلقو مع أىلو.
57
منتدى االنتساب المطور بالتعاون مع مكتبة نبراس ملخص الحسبة دعوة مستوى رابع 1341ىـ1341/ىـ
58