You are on page 1of 7

‫الرابعة – جغرافيا احملور ‪ 1‬الدّرس ‪ 3‬اجملال العاملي ‪ :‬التفاوت يف التقدم والرتكيبة‬

‫املقدّمة‪ :‬يتّسم املجال العاملي برتكيبة ثنائية ومتفاوتة اقتصاديا واجتماعيا نتيجة عوامل متداخلة‪ ،‬وذلك رغم مُحاوالت الح ّد من هذا التّباين‪.‬‬
‫فما هي مظاهر هذا التّفاوت وما هي عوامله؟ وما هي مختلف مكوّنات املجال العاملي؟‬

‫‪ https://gannouchi.blogspot.com   prof.gannouchi@gmail.com‬‬

‫األستاذ علي عزّوز القنّوشي‬


‫تخطيط الدّرس‬
‫‪ .1‬مظاهر التّفاوت يف التقدّم بني بلدان العالم وعوامله‬
‫أ‪ -‬مظاهر التّفاوت يف التقدّم بني بلدان العالم‬
‫ب‪ -‬عوامل التفاوت يف التقدّم بني بلدان العالم‬
‫‪ .2‬تركيبة املجال العاملي‪ :‬تركيبة ثنائية‬
‫أ‪ -‬الشمال‪ :‬مركز النظام‪-‬العالم‬
‫ب‪ -‬الجنوب‪ :‬أطراف النظام‪-‬العام‬

‫‪ )1‬مظاهر التّفاوت يف التقدّم بني بلدان العالم وعوامله‬


‫أ‪ -‬مظاهر التّفاوت يف التقدّم‬
‫ّ‬
‫مؤّشات القوّة والنفوذ‬ ‫‪ ‬مظاهر التفاوت يف التقدّم االقتصادي‪ :‬تباين‬
‫ّ‬
‫املؤّشات االقتصادية بني البلدان املتقدمة والبلدان النامية سنة ‪2019‬‬ ‫[‪ ]1‬تفاوت بعض‬
‫‪100%‬‬
‫‪90%‬‬
‫‪28,4‬‬
‫‪44,9‬‬ ‫‪41,14‬‬ ‫‪40,4‬‬ ‫‪80%‬‬
‫‪50,02‬‬ ‫‪48,36‬‬ ‫‪47,94‬‬
‫‪70%‬‬
‫‪75,67‬‬ ‫‪60%‬‬
‫‪82,16‬‬
‫‪50%‬‬
‫‪40%‬‬
‫‪71,6‬‬
‫‪55,1‬‬ ‫‪58,86‬‬ ‫‪59,6‬‬ ‫‪30%‬‬
‫‪49,98‬‬ ‫‪51,64‬‬ ‫‪52,06‬‬
‫‪20%‬‬
‫‪24,33‬‬ ‫‪10%‬‬
‫‪17,84‬‬
‫‪0%‬‬

‫البلدان املتقدمة‬ ‫البلدان النامية‬

‫مصادر مختلفة‬
‫‪ ‬تفاوت القوّة االنتاجية‬
‫‪ ‬تُسيطر البلدان املتقدّمة عىل االقتصاد العاملي بفضل ضخامة قوّتها اإلنتاجية‪:‬‬
‫توفر أكثر من ‪ ‬القيمة املضافة الصناعية العاملية (‪ %52,8‬سنة ‪[)2019‬مقابل الـ ‪ ‬سنة ‪ ])%78,3( 1990‬رغم تراجع نصيب الصناعة التحويلية‬ ‫فهي ال تزال ّ‬
‫من الناتج الداخيل الخام للدول املتقدّمة من الـ ‪ )%20,9( ‬سنة ‪ 1990‬إىل الـ ‪ )%13,9( ‬سنة ‪.2019‬‬
‫وتمثّل الصناعات ذات القيمة املضافة العالية (مثل صناعة املنتجات االلكرتونية والسيارات) ‪ ‬قيمة اإلنتاج الصناعي التحوييل يف البلدان املتقدمة (‪ %50,3‬سنة‬
‫الصناعات الجوفضائية وصناعة األسلحة (‪.)%95‬‬ ‫‪.)2017‬وتُسيطر دول الشمال سيطرة شبه مطلقة عىل ّ‬
‫كما تُؤ ّمن أكثر من ‪ ‬اإلنتاج العاملي للقمح (‪ %51,64‬خالل مواسم ‪.)2019-2017‬‬
‫الصناعة* حيث أصبحت الخدمات العالية ركيزة‬ ‫وأصبحت املُجتمعات املتقدّمة ُمثَوْ َلثَة )‪[ (Tertiarisée‬نسبة للقطاع الثالث أي الخدمات]‪ ،‬ودخلت طور ما بعد ّ‬
‫اقتصادها من حيث استقطابها لـ ‪ ‬النّشيطني (‪ )%74,1‬ومن حيث مُساهمتها يف تكوين ‪ ‬الناتج الداخيل الخام (‪ %76,5‬سنة ‪ )2019‬بالدّول املتقدّمة‪.‬‬
‫الصناعي‪ :‬مرحلة متقدّمة من مراحل تطوّ ر املجتمعات واالقتصادات تتميّز بأهميّة وأوّ لية الخدمات‬ ‫[‪ * ]2‬املجتمع ما بعد ّ‬
‫حصتي القطاعني األوّ ل والثّاني‪.‬‬
‫(أو اإلنتاج الالمادي) يف بُنية النّشيطني والنّاتج الدّاخيل الخام‪ ،‬مقابل تراجع ّ‬

‫[‪ ]3‬تطوّر بعض مؤّشات التفاوت يف القوة اإلنتاجية بني الدول املتقدمة والنامية (‪)2019-1990‬‬
‫الدول النامية‬ ‫الدول املتقدمة‬ ‫املؤّشات‬
‫‪2019‬‬ ‫‪1990‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪1990‬‬
‫‪8,2‬‬ ‫‪14,6‬‬ ‫‪1,3‬‬ ‫‪2,5‬‬ ‫مساهة الفالحة يف الناتج الداخيل الخام (‪)%‬‬
‫‪32,1‬‬ ‫‪52,8‬‬ ‫‪4,8‬‬ ‫‪9,5‬‬ ‫مساهمة الفالحة يف التشغيل (‪)%‬‬
‫‪21,8‬‬ ‫‪18,4‬‬ ‫‪13,9‬‬ ‫‪20,9‬‬ ‫مساهمة الصناعة التحويلية يف الناتج الداخيل الخام (‪)%‬‬
‫‪17,5‬‬ ‫‪12,4‬‬ ‫‪13,2‬‬ ‫‪21,7‬‬ ‫مساهمة الصناعة التحويلية يف التشغيل (‪)%‬‬
‫‪47,2‬‬ ‫‪21,7‬‬ ‫‪52,8‬‬ ‫‪78,3‬‬ ‫املساهمة يف القيمة املضافة الصناعية التحويلية العاملية (‪)%‬‬
‫‪**39,6‬‬ ‫‪33,6‬‬ ‫‪**50,3‬‬ ‫‪46,3‬‬ ‫نصيب الصناعات ذات القيمة املضافة العالية يف الـ ق م ص* (‪)%‬‬
‫‪55,7‬‬ ‫‪49,0‬‬ ‫‪76,0‬‬ ‫‪66,3‬‬ ‫مساهة الخدمات يف الناتج الداخيل الخام (‪)%‬‬
‫‪44,8‬‬ ‫‪26,1‬‬ ‫‪74,1‬‬ ‫‪60,4‬‬ ‫مساهمة الخدمات يف التشغيل (‪)%‬‬
‫** سنة ‪2017‬‬ ‫* القيمة املضافة الصناعية (أي ما يعادل قيمة اإلنتاج الصناعي)‬
‫مصادر البيانات‪ :‬األمم املتحدة )‪ ،(UN‬البنك العاملي )‪ ،(WB‬منظمة األمم املتحدة للتنمية الصناعية )‪ ،(UNIDO‬مؤتمر األمم املتحدة للتجارة والتنمية (‪)UNCTAD‬‬

‫‪ 1‬من ‪7‬‬
‫الرابعة – جغرافيا احملور ‪ 1‬الدّرس ‪ 3‬اجملال العاملي‪ :‬التفاوت يف التقدم والرتكيبة‬
‫وتوفر ‪ ‬الناتج الناتج الداخيل الخام (‪ %8,2‬سنة ‪.)2019‬‬ ‫شغل ‪ ‬النشيطني (‪ّ )%32,1‬‬ ‫‪ ‬ويف املقابل‪ ،‬ظ ّلت الفالحة النّشاط االقتصادي ا ُملهيمن يف أغلب البلدان النّامية حيث ال تزال تُ ّ‬
‫حصتها من القيمة املضافة الصناعية العاملية إىل حوايل الـ‪%47,2( ‬‬ ‫ولنئ نما اإلنتاج املعميل للدول النامية حيث أصبح يؤمّ ن ‪ ‬ناتجها الداخيل الخام (‪ %21,8‬سنة ‪ ،)2019‬وتضاعفت ّ‬
‫طن فروع الرشكات عرب القطرية للبلدان املتقدّمة بها‪ ،‬ولم ينجم عن تنمية صناعية ذاتية بالبلدان النامية‪.‬‬ ‫سنة ‪[ )2019‬مقابل الـ ‪ ‬سنة ‪])%21,7( 1990‬؛ فقد ارتبط ذلك بتو ّ‬
‫أمّ ا قطاع الخدمات فتغلب عليه األنشطة غري املهيكلة‪.‬‬
‫جراء (نتيجة) تباين قدراتهما اإلنتاجية‪.‬‬ ‫‪ ‬وتختلف درجة النفوذ العاملي بني جزئي العالم ّ‬
‫‪ ‬اختالف درجة النفوذ العاملي‬
‫يتجىل التّفاوت يف التقدّم بني بلدان العالم من خالل تباين نفوذها العاملي‪:‬‬‫ّ‬
‫ّ‬
‫أهلت القوّة اإلنتاجية البلدان املتقدّمة المتالك طاقة تصديرية ضخمة وظفتها لبسط نفوذها عىل األسواق العامليّة‪.‬‬ ‫‪ّ ‬‬
‫وم ّكنتها ومن امتالك عمالت قويّة (الدّوالر األمريكي واليورو األوروبي واليان الياباني) ومن االستئثار بـ ‪ %95‬من مدّخرات ّ‬
‫الّصف لدى البنوك املركزيّة يف العالم‪.‬‬
‫وتتح ّكم يف أدفاق القروض والعمليات املالية وتحديد أسعار املُنتجات يف العالم بفضل بورصاتها وبنوكها‪.‬‬
‫الشمال موطن ‪ ‬الرشكات عرب القطرية الـ ‪ 100‬األوىل يف (‪ %86‬سنة ‪ )2019‬وهو ما يسمح لها‬ ‫‪ ‬ورغم بروز بعض الرشكات عرب القطرية املنتمية إىل البلدان النامية؛ ال تزال بلدان ّ‬
‫ظمات العاملية دفاعا عن مصالحها‪.‬‬ ‫بالتأثري يف اإلنتاج العاملي وبفرض وجهة نظرها عىل املن ّ‬
‫‪ ‬تباين القدرة عىل التّح ّكم يف التّكنولوجيا‬
‫أضحى التح ّكم يف التكنولوجيا (التّقانة) من أه ّم عوامل القوّة والنفوذ‪:‬‬
‫ّ‬
‫املخصصة لهذه األنشطة (‪.)%66,48‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ ‬تستأثر البلدان املتقدّمة بأكثر من ‪ ‬الباحثني يف العالم (‪ %57,65‬سنة ‪ )2015‬وبـ‪ ‬إجمايل النّفقات‬
‫وتربز استفادة البلدان املتقدّمة من عمليات االبتكار والتجديد من خالل استحواذها عىل حوايل ‪ ‬براءات االخرتاع املسجّ لة يف العالم (‪ %46,8‬سنة ‪.)2018‬‬
‫‪ ‬ورغم ارتفاع نصيبها من عدد براءات االخرتاع املسج ّلة إىل أكثر من الـ ‪ %53,2( ‬سنة ‪[ )2018‬مقابل الـ ‪ ‬سنة ‪]2007‬؛ تظ ّل مساهمة دول العالم النامي يف نفقات البحث والتطوير‬
‫ضعيفة وال تزيد عىل ‪ ‬النفقات العاملية (‪ ،)%33,52‬وال تض ّم سوى أق ّل من ‪ ‬عدد الباحثني يف العالم (‪( )%42,35‬سنة ‪ .)2015‬وهو ما أفىض إىل ضعف قدرتها وعجزها عن تدارك‬
‫تأخرها التكنولوجي واقتّصت عىل التّوريد والتّبعيّة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫‪ ‬ويقرتن التّفاوت االقتصادي بني بلدان العالم بتفاوت يف مستويات التنمية البرشية‪.‬‬
‫‪ ‬مظاهر التّفاوت يف التقدّم االجتماعي‪ :‬تفاوت مستويات التّنمية البرشية‬
‫‪ ‬تفاوت مستوى الثروة‪ :‬عالم تسوده الالمساواة‬
‫الشمال حيث أق ّل من ‪ ‬س ّكان العالم (‪ %17,84‬سنة ‪ )2019‬بأكثر من ‪ ‬الناتج الداخيل الخام العاملي (‪.)%59,6‬‬ ‫‪ ‬يستأثر ّ‬
‫يتوفر لدول الجنوب حيث أكثر من ‪ ‬س ّكان العالم (‪ )%82,16‬سوى أق ّل من ‪ ‬الثروة العاملية (‪ .)%40,4‬ويعيش ‪ 689‬مليون نسمة أي حوايل ‪ ‬س ّكان العالم النامي‬ ‫‪ ‬يف املقابل‪ ،‬ال ّ‬
‫ط الدويل للفقر‪ .‬وترتفع هذه النّسبة إىل حوايل الـ‪ ‬يف افريقيا جنوب الصحّ راء‬ ‫يف فقر ُمد َْقع (‪ %10,96‬سنة ‪ )2017‬بدخل يومي يق ّل عن دوالرين )‪ (1,90$‬وفق التعريف الجديد للخ ّ‬
‫(‪ %40,2‬سنة ‪ )2018‬حيث يرت ّكز حوايل ‪ ‬فقراء العالم (‪.1)%62,51‬‬
‫[‪ ]4‬خريطة معدّالت الفقر يف العالم (‪ %‬من مجموع الس ّكان سنة ‪)2017‬‬

‫®‬

‫املصدر‪ :‬البنك العاملي (أكتوبر ‪)2020‬‬


‫تباين القدرة عىل تأمني الحاجيات األساسية للس ّكان‬ ‫‪‬‬
‫[‪ ]5‬تفاوت بعض املؤّشات الرتبوية والصحية بني مناطق العالم املتقدّم والنامي (سنة ‪)2019‬‬
‫العالم النامي‬ ‫العالم املتقدم‬
‫‪101‬‬ ‫‪102‬‬ ‫نسبة التمدرس باملرحلة االبتدائية (‪)%‬‬
‫‪72‬‬ ‫‪104‬‬ ‫نسبة التمدرس باملرحلة الثانوية (‪)%‬‬
‫‪16‬‬ ‫>‪1‬‬ ‫معدّل األمية (‪)%‬‬
‫‪70,7‬‬ ‫‪79,2‬‬ ‫أمل الحياة عند الوالدة (سنة)‬
‫‪32‬‬ ‫‪4‬‬ ‫وفيات األطفال (باأللف)‬
‫املصدر‪ :‬األمم املتحدة‪ ،‬البنك العاملي (‪)2020‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪World Bank, Poverty and Shared Prosperity 2020:Reversals of Fortune. (World Bank, Washington, DC, 2020), p. 55‬‬
‫‪2‬‬
‫الرابعة – جغرافيا احملور ‪ 1‬الدّرس ‪ 3‬اجملال العاملي‪ :‬التفاوت يف التقدم والرتكيبة‬
‫بينما تتم ّكن الدّول املتقدّمة من تأمني الحاجيات األساسية لس ّكانها؛ تعجز أغلب البلدان النامية عن ذلك‪:‬‬
‫‪ ‬الغذاء‪ :‬يعاني ‪ 690‬مليون شخص أي حوايل ‪ ‬س ّكان العالم النّامي من نقص التغذية (‪ %10,71‬سنة ‪ .)2019‬وترتفع نسبة ناقيص التغذية إىل ‪ ‬سكان افريقيا جنوب ّ‬
‫الصحراء‬ ‫ّ‬
‫(‪ )%22‬وإىل حوايل ‪ ‬س ّكان جنوب آسيا (‪ .)%13,4‬وهو ما يرتتّب عنه تردّي الوضع الصحّ ي‪.‬‬
‫‪ ‬الصحّ ة‪ :‬تبلغ نسبة وفيات األطفال (دون س ّن الخامسة) يف العالم النامي ‪( ‰32‬سنة ‪ .)2019‬وهي ‪ 8‬أضعاف ما هي عليه بالبلدان املتقدّمة (‪ .)‰4‬وبينما يقّص أمل الحياة يف دول‬
‫الجنوب إىل حوايل ‪ 71‬سنة (منها ‪ 62,4‬سنة يف ظ ّل صحّ ة جيّدة)؛ يمت ّد (يطول) أمل الحياة يف دول الشمال إىل حوايل ‪ 80‬سنة (منها ‪ 69‬سنة يف ظ ّل صحّ ة جيّدة) (سنة ‪.)2019‬‬
‫‪ ‬التّعليم‪ :‬لنئ ارتفعت نسبة التّمدرس يف أغلب بلدان العالم؛ ال يزال ‪ 258‬مليون طفل خارج مقاعد الدّراسة (سنة ‪ .)2018‬ويُعاني حوايل ‪ ‬س ّكان العالم النامي من األميّة (‪ %16‬سنة‬
‫‪ )2019‬بينما انخرطت دول ّ‬
‫الشمال يف مجتمع املعرفة واالعالم‪.‬‬
‫‪ ‬ويختزل ّ‬
‫مؤّش التنمية البرشية واقع التفاوت يف التقدّم االقتصادي واالجتماعي بني بلدان العالم‪.‬‬
‫مؤّش التنمية البرشية بني بلدان العالم‬ ‫ّ‬ ‫‪ ‬تفاوت‬
‫ّ‬ ‫ُجسد ّ‬
‫مؤّش التنمية البرشيّة* حدّة الفوارق بني بلدان العالم‪.‬‬ ‫ي ّ‬
‫ّ‬
‫مؤّش التّنمية البرشية هو دليل مر ّكب يقيس ير ّكز عىل األبعاد األساسية الثالثة للتنمية البرشية‪ ،‬وهي‪ :‬القدرة عىل عيش حياة مديدة وصحيّة‪ ،‬وتُقاس بالعمر املتوقع عند الوالدة؛ والقدرة عىل‬ ‫[‪* ]6‬‬
‫ّ‬
‫املتوقع لسنوات الدّراسة؛ والقدرة عىل تحقيق مستوى معييش الئق‪ ،‬وتُقاس بنصيب الفرد من الدخل القومي اإلجمايل‪.‬‬ ‫ّ‬
‫بمتوسط سنوات الدّراسة والعدد‬ ‫اكتساب املعرفة‪ ،‬وتُقاس‬
‫متوسط قيمة اإلنجازات املُ ّ‬
‫حققة يف األبعاد الثالثة ضمن مقياس يرتاوح بني ‪ 0‬و ‪ ،1‬حيث القيمة العليا تعني األداء األفضل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ولتسهيل املقارنة‪ ،‬يجمع‬
‫املصدر‪ :‬برنامج األمم املتحدة اإلنمائي‪ ،‬مكتب تقرير التنمية البرشية‪ ،‬أدلّة التنمية البرشية ومؤّشاتها‪ ،‬التحديث اإلحصائي لعام ‪2018‬‬

‫املؤّش إىل ‪ 4‬مجموعات‪ ،‬وهي كاآلتي (وفق بيانات سنة ‪:)2019‬‬ ‫صنّف برنامج األمم املتحدة اإلنمائي ‪ 189‬بلدا من مجموع بلدان العالم الـ ‪ 197‬وفق هذا ّ‬
‫مؤّش تنمية برشية عال جدّا (مرتفع جدّا) تعادل قيمته أو تزيد عىل ‪ .0,800‬وتض ّم ‪ 62‬بلدا تع ّد ‪ ‬س ّكان العالم (‪ )%20,08‬من البلدان املتقدّمة‬ ‫ّ‬ ‫‪ )1( ‬مجموعة البلدان ذات‬
‫وبعض البلدان يف طور االنتقال االقتصادي (أبرزها روسيا) وعدد من دول الجنوب مثل هونغ كونغ وسنغافورة وكوريا الجنوبية والشييل واألرجنتني وبعض الدول النفطية مثل االمارات‬
‫وقطر والسعودية والبحرين‪ .‬وظ ّلت النّرويج تتصدّر هذه املجموعة تلتها سويرسا ث ّم إيرلندة التي سجلت أرسع تقدّم يف املؤّش بـ‪ 13‬مرتبة منذ سنة ‪ .2013‬بينما تراجعت الواليات‬
‫املتحدة األمريكية إىل املرتبة ‪[ 15‬مقارنة باملرتبة الثامنة سنة ‪.]2012‬‬
‫مؤّش تنمية برشية عال (مرتفع) ترتاوح قيمته بني ‪ 0,700‬و ‪ .0,799‬وتض ّم ‪ 54‬بلدا تع ّد حوايل ‪ ‬س ّكان العالم (‪ )%37,45‬وتتصدّرها ترينداد‬ ‫ّ‬ ‫‪ )2( ‬مجموعة البلدان ذات‬
‫وتوباغو ورصبيا‪ .‬وتتكوّن من دول آسياوية (أصبحت الصني من بينها ) وبعض بلدان أوروبا الرشقية (يف طور االنتقال االقتصادي) وبعض البلدان الصناعية الجديدة والصاعدة (مثل‬
‫‪1‬‬

‫املكسيك والربازيل وجنوب افريقيا) وبقيّة البلدان النفطية يف العالم النامي (باستثناء العراق)‪ .‬وانضمّ ت تونس إىل هذه املجموعة منذ سنة ‪[ 2009‬وهي تحت ّل املرتبة ‪.]91‬‬
‫متوسط تراوح قيمته بني ‪ 0,550‬و‪ .0,699‬وتض ّم ‪ 36‬بلدا أكثر من ‪ ‬س ّكان العالم (‪ )%29,42‬معظمها آسياوية (أبرزها الهند)‬ ‫ّ‬ ‫مؤّش تنمية برشية‬ ‫ّ‬ ‫‪ )3( ‬مجموعة البلدان ذات‬
‫ومن أمريكا الالتينية (مثل السلفادور) وافريقيا (مثل املغرب وكينيا)‪.‬‬
‫مؤّش تنمية برشية ضعيف وضعيف جدّا (منخفض) تق ّل قيمته عن ‪ .0,550‬وتتكوّن من ‪ 38‬بلدا تع ّد ‪ ‬س ّكان العالم (‪ )%12,1‬يف افريقيا جنوب‬ ‫ّ‬ ‫‪ )4( ‬مجموعة البلدان ذات‬
‫الصحراء أساسا (مثل بلدان الساحل االفريقي) التي ينتمي أغلبها إىل البلدان األق ّل تقدّما ومنها النيجر التي حافظت عىل املرتبة األخرية [املرتبة ‪.]189‬‬
‫ب‪ -‬عوامل التّفاوت يف التقدّم‬
‫الصناعية والتكنولوجية (العوامل التّاريخية)؛ يُعزى التّفاوت يف التقدّم عموما إىل تضافر‬ ‫الرتكيز عىل مسؤولية االستعمار أو عىل أسبقيّة البلدان املتقدّمة يف تحقيق الثّورات ّ‬ ‫لنئ آثر البعض ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عوامل اقتصادية وأخرى برشيّة يتصل بعضها بالرتابط بني الشمال والجنوب وبعضها اآلخر بالوضع الذاتي لهذه البلدان‬
‫‪ ‬العوامل االقتصادية‬
‫ّ‬
‫‪ ‬الهيمنة االقتصاديّة والتبعيّة‬
‫طم) استعمار الشمال التّوازنات والبنى التقليدية يف دول الجنوب وجعلها يف تبعية له اقتصاديا وتكنولوجيا وسياسيا وثقافيا‪.‬‬ ‫‪ ‬قوّض (ح ّ‬
‫ّ‬
‫الصناعية إىل تطوّ ر غري متكافئ لبلدان العالم أحرزت ضمنه دول الشمال تقدّما بينما ظلت دول الجنوب خاضعة يف معظمها للهيمنة املعيقة للتنمية* فيها‪.‬‬ ‫ّ‬
‫توسع الرأسمالية عقب الثورة ّ‬ ‫‪ ‬وأدّى ّ‬
‫‪ ‬وأسهم االنفتاح عىل االستثمار األجنبي املباّش منذ ثمانينات القرن املايض يف تكريس هيمنة الدّول املتقدّمة عرب سيطرة ّشكاتها عرب القطريّة عىل اقتصاديات البلدان النّامية‪.‬‬
‫الشمال‪.‬‬‫طي صعوباتها م ّما عمّ ق الفارق الذي يفصلها عن دول ّ‬ ‫‪ ‬ولم تفلح العديد من دول الجنوب يف االندماج بالعوملة وتخ ّ‬
‫[‪ * ]7‬التنمية‪ :‬مسار يُفيض (يؤدّي) إىل بلوغ بلد ما مرحلة التقدّم االقتصادي واالجتماعي‪ .‬ويشرتط ّ‬
‫تحقق التّنمية نموّا اقتصاديا مرتفعا ومتواصال يقرتن بتحوّل هيكيل يف بُنية االقتصاد واملجتمع‬
‫أن للتّنمية بُعدا ثقافيّا ومجاليّا وكذلك سياسيّا‪.‬‬
‫وبقدرة عىل تلبية حاجيات الس ّكان األساسيّة يف ميادين التّعليم والصحّ ة والغذاء‪ ،‬كما ّ‬
‫عاملي غري متكافئ للعمل‪ :‬تقسي ٌم جائ ٌر‬
‫ٌّ‬ ‫‪ ‬تقسي ٌم‬
‫استفادت البلدان املتقدّمة من التّقسيم العاملي القديم للعمل (او التّقليدي) قبل ّ‬
‫السبعينات ومن التقسيم العاملي الجديد للعمل منذ منتصف ّ‬
‫السبعينات من القرن املايض‪.‬‬
‫[‪ ]8‬تطوّر التّقسيم العاملي للعمل‬
‫®‬

‫‪ 1‬ظلت الصني ضمن البلدان ذات مؤّش التنمية البرشية املتوسط إىل غاية سنة ‪ 2012‬وأصبحت تصنف ضمن البلدان ذات مؤّش التنمية البرشية املرتفع (العايل) منذ سنة ‪2013‬‬
‫‪3‬‬
‫الرابعة – جغرافيا احملور ‪ 1‬الدّرس ‪ 3‬اجملال العاملي‪ :‬التفاوت يف التقدم والرتكيبة‬
‫اختصت دول الجنوب يف تصدير املواد األوّليّة البخسة األثمان‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الصناعية الثّمينة‪ ،‬بينما‬
‫الشمال ضمن التّقسيم العاملي التقليدي للعمل بإنتاج وتصدير املُنتجات ّ‬ ‫‪ ‬فقد استأثرت دول ّ‬
‫الصناعية ذات القيمة املضافة العالية‪ ،‬بينما تخ ّلت للبلدان النّامية عن انتاج وتصدير‬ ‫واحتكرت الدّول املتقدّمة ضمن التقسيم العاملي الجديد للعمل إنتاج وتصدير الخدمات واملنتجات ّ‬
‫والضعيفة‪.‬‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املتوسطة‬ ‫املُنتجات ذات القيمة املضافة‬
‫الساندة؛ ظ ّلت البلدان النّامية النّفطية والبلدان األق ّل‬
‫‪ ‬ولنئ تم ّكنت بعض دول الجنوب من تطوير صادراتها من املنتجات املعملية والخدمات ذات القيمة املضافة العالية يف إطار املقاولة ّ‬
‫تقدّما مكتفية بتصدير املواد األوّلية الطاقية واملنجمية والفالحية‪.‬‬
‫الصناعية‪ ،‬تأثّرت أغلب بلدان الجنوب بتدهور ّشوط التّبادل ممّ ا زاد يف هشاشة اقتصادها‬ ‫‪ ‬ونظرا إىل تزامن انخفاض أسعار املواد األولية عىل املدى الطويل مع ارتفاع أسعار املنتجات ّ‬
‫تحسن مستوى التّنمية بها‪.‬‬‫وحال دون ّ‬
‫فإن سوء التّصّ ف يف تلك العائدات‬ ‫ّ‬
‫تحسنت ّشوط التبادل منذ سنة ‪ 2003‬نتيجة ارتفاع أسعار املواد األوليّة ممّ ا ضمن لعديد البلدان النامية املصدّرة للنفط واملعادن عائدات ضخمة؛ ّ‬ ‫ولنئ ّ‬
‫الضامن للتنمية‪ ،‬قبل أن تعود أسعار تلك املواد إىل االنخفاض‪.‬‬ ‫فوّ ت فرصة تحقيق النم ّو ّ‬
‫‪ ‬مأزق مديونية بلدان الجنوب‪ :‬عب ٌء مٌ عرق ٌل للتنمية‬
‫يعترب التّداين من أه ّم عوائق التنمية يف بلدان الجنوب‪.‬‬
‫[‪ ]9‬تطوّر مؤّشات الدّين الخارجي ببلدان الجنوب (‪( )2022 – 1980‬بالقيمة الجارية للدوالر وبالـ‪)%‬‬
‫‪2020‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2000‬‬ ‫‪1990‬‬ ‫‪1980‬‬
‫‪8,687‬‬ ‫‪4,360‬‬ ‫‪2,010‬‬ ‫‪1,181‬‬ ‫‪0,468‬‬ ‫القيمة الجملية للدين الخارجي (ترليون دوالر)‬
‫‪29,1‬‬ ‫‪22,4‬‬ ‫‪36,0‬‬ ‫‪34,7‬‬ ‫‪20,8‬‬ ‫نسبة الدّين من الناتج الداخيل الخام (‪)%‬‬
‫‪122,5‬‬ ‫‪81,1‬‬ ‫‪150,2‬‬ ‫‪199,8‬‬ ‫‪--‬‬ ‫السلع والخدمات (‪)%‬‬ ‫نسبة الدّين من صادرات ّ‬
‫‪1.181‬‬ ‫‪513,1‬‬ ‫‪317,6‬‬ ‫‪126,5‬‬ ‫‪70,6‬‬ ‫القيمة الجملية لخدمة الدّين (مليار دوالر)‬
‫‪16,6‬‬ ‫‪9,7‬‬ ‫‪23,7‬‬ ‫‪22,3‬‬ ‫‪--‬‬ ‫نسبة خدمة الدين من الصادرات (‪)%‬‬
‫املصدر‪ :‬البنك العاملي ‪ ،‬احصائيات املديونية العاملية ‪ )--( 2022‬بيانات غري متاحة‬
‫توختها دول الجنوب يف إطار التّجارب التنموية التي انتهجتها منذ ستينات القرن املايض لتمويل مشاريعها االقتصادية واالجتماعية باالقرتان مع ّ‬
‫توفر‬ ‫‪ ‬أدّت سياسة االقرتاض التي ّ‬
‫رؤوس األموال يف البلدان املانحة‪ ،‬إىل تفاقم معظلة الدّين باألقطار النّامية‪ .‬فقد تضاعف حجم دينها الخارجي أكثر من ‪ 100‬مرة منذ ‪ 1970‬إىل ‪ 8‬ترليون دوالر (‪ 8,687‬ترليون دوالر سنة ‪)2020‬‬
‫‪ ‬وعمّ ق انفتاح الدّول النامية عىل االستثمر األجنبي املباّش تبعيّتها املالية للدّول املتقدّمة‪.‬‬
‫طى قيمة عائدات صادرات دول الجنوب من السلع والخدمات (‪ %122,5‬سنة ‪ 2020‬مقابل ‪ %199,8‬سنة‬ ‫حصته بمقدار النصف (‪)‬؛ تظ ّل قيمة الدّين الخارجي تتخ ّ‬ ‫‪ ‬ولنئ تراجعت ّ‬
‫يضطرها لقبول برامج اإلصالح‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ .)1990‬وال تزال خدمة الدّين (‪ 1,181‬ترليون دوالر سنة ‪ )2020‬تستنزف اقتصاد هذه البلدان حيث تمثل ‪ ‬قيمة صادراتها (‪ %16,6‬سنة ‪ ،)2020‬ممّ ا‬
‫املؤسسات املانحة وال سيما صندوق النقد الدّويل‪.‬‬ ‫الهيكيل التي تفرضها ّ‬
‫‪ ‬العوامل البرشية‬
‫ُفرس بعض‬‫الرصيد البرشي بني بلدان العالم أن ي ّ‬‫بلغت الدول املتقدمة مرحلة النضج الدّيمغرايف بينما تم ّر معظم البلدان النامية بمرحلة االنتقال الدّيمغرايف‪ .‬ومن شأن تباين خصوصيات ّ‬
‫جوانب التّفاوت يف درجات تقدّمها‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ ‬الوضع الدّيمغرايف‪ :‬غري مُعيق للتّنمية يف الشمال ومُكبّل لها يف الجنوب‬

‫[‪ ]10‬تفاوت بعض املؤّشات الديمغرافية بني مناطق العالم املتقدّم والنامي (‪)%‬‬
‫العالم النامي‬ ‫العالم املتقدم‬
‫‪2020‬‬ ‫‪1950‬‬ ‫‪2020‬‬ ‫‪1950‬‬
‫‪1,31‬‬ ‫‪2,06‬‬ ‫‪0,04‬‬ ‫‪1,18‬‬ ‫معدّل النم ّو ال ّ‬
‫طبيعي للس ّكان‬
‫‪27,3‬‬ ‫‪37,5‬‬ ‫‪16,4‬‬ ‫‪27,4‬‬ ‫نسبة الس ّكان دون ‪ 15‬سنة‬
‫‪65,3‬‬ ‫‪58,7‬‬ ‫‪64,3‬‬ ‫‪64,9‬‬ ‫نسبة الس ّكان من ‪ 15‬إىل ‪ 64‬سنة‬
‫‪7,4‬‬ ‫‪3,8‬‬ ‫‪19,3‬‬ ‫‪7,7‬‬ ‫نسبة الس ّكان أكثر من ‪ 64‬سنة‬
‫‪104,1‬‬ ‫‪150,8‬‬ ‫‪87,5‬‬ ‫‪109,3‬‬ ‫نسبة االعالة‬
‫املصدر‪ :‬األمم املتحدة‪ ،‬شعبة الس ّكان (‪)2020‬‬

‫الرسيع عامال مُساعدا عىل التنمية يف دول الشمال‪.‬‬ ‫‪ ‬تزامن االنفجار الدّيمغرايف بالبلدان املتقدّمة مع الثورة الصناعية وحاجة املصانع لليد العاملة‪ ،‬فش ّكل النم ّو الس ّكاني ّ‬
‫هرم (النّضج الدّيمغرايف)؛ فإنّها تُعوّل عىل سوق داخلية ضخمة (مثل االتحاد األوروبي) وقدرة استهالكية عالية (بفضل ارتفاع الدخل الفردي)‬ ‫ولنئ بلغت الدول املتقدّمة حاليا مرحلة التّ ّ‬
‫تعززها القدرة عىل استقطاب األدمغة والهجرة الوافدة لتغطية الفتور الدّيمغرايف‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وانتاجية عالية ويد عاملة ماهرة‬
‫‪ ‬توازن بني نسق نم ّو الس ّكان ونم ّو اإلنتاج يف البلدان النّامية‪.‬‬
‫‪ ‬يف املقابل‪ ،‬تشكو أغلب البلدان النامية من النم ّو الرسيع للس ّكان (مرحلة االنتقال الدّيمغرايف) الذي لم يواكبه نم ّو اقتصادي منتظم‪.‬‬
‫وفر النمو الدّيمغرايف يدا عاملة وفرية وبخسة ساهمت يف انخفاض كلفة اإلنتاج ويف استقطاب الرشكات عرب القطرية؛ إال ّ أنّه فرض ضغطا عىل مواردها املالية التي استوجب توظيفها‬ ‫ولنئ ّ‬
‫للمجال االجتماعي (الصحة والتعليم والسكن ‪ )...‬عوضا عن استثمارها يف األنشطة اإلنتاجية‪.‬‬
‫الرصيد البرشي‬ ‫‪ ‬تباين مزايا ّ‬
‫‪ ‬تتمتّع الدول املتقدمة بدخل فردي مرتفع (الناتج الداخيل الخام للفرد) حيث قدّر (سنة ‪ )2019‬بـ ‪ 44.651‬دوالر (بمعادل القوة الرشائية بدوالر ‪ ،)2017‬ممّ ا ساهم يف تأسيس سوق‬
‫استهالكية داخلية نشيطة تمثّل احدى دعائم القوّة اإلنتاجية لدول ّ‬
‫الشمال‪.‬‬
‫ّ‬
‫وتستفيد الدّول املتقدّمة من يد عاملة وطنية عالية التأهيل‪ .‬وتنتهج سياسات هجرية انتقائية توفر من خاللها الكفاءات (األدمغة) واليد العاملة املاهرة والعادية لتغطية العجز يف بعض‬
‫االختصاصات املهنية‪.‬‬
‫‪ ‬يف املقابل‪ ،‬تشكو أغلب البلدان النامية من ضعف الدخل الفردي الذي ال يتعدّى ‪ ‬الدخل الفردي بدول الشمال (‪ 10.750‬دوالر سنة ‪ .)2019‬وتعاني دول الجنوب من انتشار الفقر‬
‫السوق االستهالكية الداخلية‪ .‬ويعرقل تدهور األوضاع الصحيّة وتدنّي مستوى التّعليم جهود‬ ‫يفرس ضعف ّ‬ ‫بسبب فشل التجارب التنموية يف تحقيق النم ّو والتوزيع العادل للثروة‪ ،‬ممّ ا ّ‬
‫التّنمية بدول الجنوب‪.‬‬
‫املؤهلة والكفاءات (األدمغة) تبعيّة الدّول النّامية تكنولوجيا لدول ّ‬
‫الشمال‪.‬‬ ‫وتكرس هجرة اليد العاملة ّ‬ ‫ّ‬
‫تأخرها‪ ،‬كما تط ّلبت ّ‬
‫تدخل املن ّظمات الدّولية ملعاضدة جهود هذه البلدان لجرس (تقليص) الهوّ ة التي تفصلها عن دول الشمال‪.‬‬ ‫‪ ‬فرضت وضعية التخ ّلف عىل بلدان الجنوب رضورة البحث عن ُسبل تدارك ّ‬

‫‪4‬‬
‫الرابعة – جغرافيا احملور ‪ 1‬الدّرس ‪ 3‬اجملال العاملي‪ :‬التفاوت يف التقدم والرتكيبة‬
‫‪ )2‬تركيبة املجال العاملي‪ :‬تركيبة ثنائية‬
‫الرتكيبة تمثّل دول ّ‬
‫الشمال مركزه الذي يتح ّكم يف اقتصاد النّظام‪-‬العالم؛ بينما تش ّكل دول الجنوب أطرافه‪.‬‬ ‫أفىض عدم التّكافؤ بني أجزاء العالم إىل تش ّكل مجال عاملي ثُنائي ّ‬
‫الرتكيبة الثّنائية بتجانس داخل جزئي املجال العاملي‪.‬‬
‫وال تقرتن هذه ّ‬
‫[‪ ]11‬البنية الثنائية للمجال العاملي‬

‫الشمال‪ :‬مركز النّظام‪-‬العالم‬ ‫أ‪ّ -‬‬


‫املحركة لالقتصاد العاملي‪ ،‬والبلدان يف طور االنتقال االقتصادي‪ ،‬والبلدان املتقدّمة األخرى األق ّل نفوذا‪.‬‬‫ّ‬ ‫األقطاب‬ ‫وهي‬ ‫‪،‬‬ ‫الوث‬‫ّ‬ ‫ث‬‫ال‬ ‫بلدان‬ ‫مال‬ ‫ّ‬
‫الش‬ ‫يض ّم‬
‫‪ ‬الثالوث‪ :‬األقطاب املتح ّكمة يف املجال العاملي‬‫ّ‬
‫‪ ‬ثالوث يجمع بني القوّة االقتصادية والنفوذ العاملي‬
‫للسيطرة عىل االقتصاد العاملي‪.‬‬‫أهلته ّ‬‫يرت ّكب الث ّالوث من الواليات املتحدة األمريكية (و‪.‬م‪.‬أ) ودول االتّحاد األوروبي واليابان‪ .‬وهي تمتلك ك ّل دعائم القوّة التي ّ‬

‫[‪ ]12‬مكانة الثالوث يف العالم (سنة ‪( )2019‬بالـ ‪)%‬‬

‫‪97,43‬‬
‫‪87,1‬‬
‫‪63,04‬‬
‫‪61,41‬‬
‫‪47,94‬‬
‫‪45,88‬‬

‫‪49,6‬‬
‫‪32,62‬‬
‫‪12,57‬‬

‫* سنة ‪2016‬‬ ‫مصادر مختلفة‬


‫‪ ‬قوّة إنتاجية وتجارية‪ :‬رغم تواضع وزنها البرشي (‪ ‬س ّكان العالم) (‪ %12,57‬سنة ‪)2019‬؛ ّ‬
‫تحقق دول الثّالوث حوايل ‪ ‬الناتج الداخيل الخام العاملي (ن‪.‬د‪.‬خ‪.‬ع) (‪ %47,94‬سنة‬
‫‪ )2019‬وحوايل ‪ ‬القيمة املضافة الصناعية (‪ %42,09‬سنة ‪ )2017‬وحوايل ‪ ‬صادرات املنتجات املعملية يف العالم (‪ %49,6‬سنة ‪ )2019‬وحوايل ‪ ‬صادرات السلع والخدمات (‪%45,88‬‬
‫الرشكات عرب القطرية الكربى يف العالم وتحتكر ‪ ‬القيمة االجمالية لرسملتها يف البورصات العاملية (‪ %71,97‬سنة ‪.)2015‬‬ ‫سنة ‪ .1)2019‬وتض ّم ‪ّ ‬‬
‫‪ ‬قوّة نقدية ومالية‪ :‬من خالل عمالتها (الدّوالر واليورو واليان) التي تمثّل أكثر من ‪ ‬حتياطي الّصف يف العالم (‪ %87,1‬سنة ‪ ،)2019‬ومن خالل بورصاتها (نيويورك‪ ،‬شيكاغو‪،‬‬
‫الصادر (‪ %61,41‬سنة ‪ )2019‬وحوايل ‪ ‬أدفاق االستثمار األجنبي‬ ‫ويتجسد نفوذها املايل يف استئثارها بحوايل ‪ ‬أدفاق االستثمار األجنبي املباّش ّ‬ ‫ّ‬ ‫لندن‪ ،‬باريس‪ ،‬فرانكفورت‪ ،‬طوكيو)‪.‬‬
‫املباّش الوارد (‪ %45,9‬سنة ‪.)2019‬‬
‫‪ ‬قوّة علميّة‪ :‬عرب تأمني ‪ ‬نفقات البحث والتطوير يف العالم (‪ %63,04‬سنة ‪ )2016‬ممّ ا مكنّها من االستحواذ عىل ‪ ‬براءات االخرتاع يف العالم (‪ %32,6‬سنة ‪ )2019‬واحتكار إنتاج‬
‫التكنولوجيا العالية وجوائز نوبل (‪ %97,43‬إىل غاية سنة ‪.)2018‬‬
‫ْ‬
‫العسكريني يف العالم (باستثناء اليابان)‪.‬‬ ‫ّ‬
‫‪ ‬قوّة عسكريّة‪ :‬حيث م ّكنتها نفقاتها العسكرية املتنامية من امتالك مقوّمات الحضور والتدخل‬
‫‪ ‬نفوذ جغراسيايس ولغوي‪ :‬يستند إىل اإلرث االستعماري لبعض القوى األوروبية (مثل فرنسا واململكة املتّحدة)‪ ،‬وإىل القوّ ة االقتصادية والعسكرية واالشعاع الثقايف والنمط االستهالكي‬
‫ظمات الدّولية من خالل عضويتها الدّائمة يف مجلس األمن وامتالكها ح ّق النّقض ضمنه (باستثناء اليابان) والوزن الذي‬ ‫ويتجسد هذا النّفوذ يف التأثري عىل قرارات املن ّ‬
‫ّ‬ ‫(بالنسبة إىل الو‪.‬م‪.‬أ)‪.‬‬
‫اكتسبته من خالل حجم حصصها يف ميزانياتها (مثل صندوق النقد الدويل والبنك العاملي ومنظمة التجارة العاملية‪.)...‬‬
‫ْ‬
‫العامليني‪.‬‬ ‫لكن بلدان الثّالوث تتفاوت يف القوّة والنفوذ‬
‫‪ّ ‬‬
‫ّ‬
‫‪ ‬أقطاب اقتصادية قويّة ومتفاوتة النفوذ‬
‫‪ ‬الواليات املتحدة األمريكية‪ :‬قوّة عُ ظمى ذات نفوذ عاملي‬
‫ّ‬
‫الو‪.‬م‪.‬أ قوّة عُ ظمى بفضل‪  :‬دعائمها البرشية والهيكلية واملجالية والتنظيمية وقدرتها عىل التجديد واملنافسة‬
‫‪ ‬قوّتها اإلنتاجية واملالية التي ي ّ‬
‫ُجسدها الدّوالر كعملة احتياط تبادل يف العالم‪.‬‬
‫‪ ‬أكرب اقتصاد يف العالم (‪ 21,545‬ترليون دوالر سنة ‪ )2019‬أي ‪ ‬الناتج الداخيل الخام العاملي (‪.)%24,57‬‬

‫‪ 1‬باعتبار املبادالت بني دول االتحاد األوروبي‪.‬‬


‫‪5‬‬
‫الرابعة – جغرافيا احملور ‪ 1‬الدّرس ‪ 3‬اجملال العاملي‪ :‬التفاوت يف التقدم والرتكيبة‬
‫وتأخر روسيا التي خلفته يف تجاوز صعوبات مرحلة االنتقال االقتصادي‪ ،‬ويف ظ ّل قصور‬ ‫ّ‬ ‫السوفياتي سنة ‪1991‬‬ ‫أهلها نفوذها الجغراسيايس لالنفراد بزعامة العالم بعد تف ّكك االتّحاد ّ‬ ‫‪ّ ‬‬
‫النفوذ السيايس والعسكري لقطبي الثالوث اآلخريْن‪.‬‬
‫‪ ‬تم ّكنت الو‪.‬م‪.‬أ من إرساء نظام عاملي ليربايل يخدم مصالحها‪.‬‬
‫‪ ‬االتّحاد األوروبي‪ :‬تكتّل اقتصادي قويّ‬
‫االتّحاد األوروبي تكتّل اقتصادي قويّ بصدد التش ّكل بفضل‪:‬‬
‫ّ‬
‫التوسع املتعاقبة منذ سنة ‪ 6( 1957‬أقطار) حيث أصبح االتحاد يض ّم ‪ 27‬بلدا (أي دون اعتبار اململكة املتحدة التي ق ّررت عرب االستفتاء االنسحاب من االتحاد)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ ‬عمليّات‬
‫‪ّ ‬‬
‫تحسن فعالية سياساته املشرتكة‪.‬‬
‫‪ ‬دعائم برشية وتنظيمية جعلت منه أكرب سوق موحّ دة‪.‬‬
‫‪ ‬زيادة الطاقة اإلنتاجية وقوّة تجارته الخارجية‪.‬‬
‫‪‬أكثر من ‪ ‬الناتج الداخيل الخام العاملي (‪ %17,68‬سنة ‪.)2019‬‬
‫أن عدم اكتمال مقوّمات القوّة والوحدة املالية (حيث ال تض ّم منطقة اليورو سوى ‪ 18‬بلدا)‪ ،‬واختالف مصالح الدّول األعضاء حاال دون تحقيق سياسة خارجية ودفاعية موحّ دة‬ ‫‪ ‬غري ّ‬
‫ممّ ا أفقد االتّحاد األوروبي مقوّمات القوّة والنفوذ الجغراسيايس عىل ّ‬
‫الصعيد العاملي‪.‬‬
‫والسادسة عامليا)؛ بينما يظ ّل دور أملانيا محدودا يف تسيري شؤون العالم والتأثري فيه سياسيا (لفقدانها‬
‫متوسطتني (الخامسة ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتربز ضمن االتّحاد اململكة املتحدة وفرنسا كقوّ تني‬
‫السيايس يف منظمّ ة األمم املتّحدة) رغم أنّها قوّة اقتصادية عاملية كربى ّ‬
‫(الرابعة عامليا)‪ ،‬عىل غرار اليابان‪.‬‬ ‫العضوية الدّائمة يف مجلس األمن‪ ،‬أه ّم أجهزة القرار ّ‬
‫‪ ‬اليابان‪ :‬قوّة اقتصاديّة عامليّة كربى‬
‫ارتقى اليابان إىل مرتبة القوّة االقتصادية العاملية بفضل‪:‬‬
‫الصناعي ونجاعة تنظيمه االقتصادي والبحث والتطوير‪.‬‬ ‫‪ ‬نموه ّ‬
‫‪ ‬فقد غزت منتجاته الصناعية واستثماراته ومصانعه أرجاء العالم بما يف ذلك قطبي الثالوث اآلخرين‪ .‬ولليابان تأثري اقتصادي كبري يف محيطه اآلسيوي‪.‬‬
‫والصني‪ .‬كما ينعدم نفوذه الجغراسيايس لعدم فاعليته يف مجلس األمن (لفقدانه العضوية‬ ‫ّ‬ ‫لكنّه تراجع إىل ثالث أكرب اقتصاد يف العالم (‪ %5,81‬من ن‪.‬د‪.‬خ‪.‬ع سنة ‪ )2019‬بعد الو‪.‬م‪.‬أ‬
‫الدّائمة يف مجلس األمن) ولعدم امتالكه القوّة العسكريّة‪.‬‬
‫‪ ‬البلدان املتقدّمة األخرى‬
‫‪ ‬البلدان يف طور االنتقال االقتصادي‬
‫تتكوّن من ‪ 18‬بلدا من األقطار االشرتاكية سابقا يف أوروبا الرشقية والوسطى غري األعضاء يف االتحاد األوروبي (مثل ألبانيا ورصبيا) ومن مجموعة البلدان املستقلة التي‬
‫وتحقق ‪ %2,76‬من ن‪.‬د‪.‬خ‪.‬ع (سنة ‪.)2019‬‬ ‫ّ‬ ‫السوفياتي (‪ 9‬بلدان أبرزها روسيا وكازاخستان وأوكرانيا ‪ .)...‬وهي تض ّم ‪ %4,04‬من س ّكان العالم‬ ‫انبثقت عن تف ّكك االتّحاد ّ‬
‫ُفرس تردّي أوضاعها وضعف مُساهمتها يف االقتصاد العاملي‪.‬‬ ‫‪ ‬تم ّر منذ تسعينات القرن املايض بمرحلة انتقال من االقتصاد االشرتاكي إىل اقتصاد السوق ممّ ا ي ّ‬
‫‪ ‬لكنّها شهدت منذ بداية القرن الحادي والعرشين انتعاشة اقتصادية واستقطبت االستثمارات األجنبيّة‪ ،‬وأصبح بعضها يُصنف ضمن البلدان ّ‬
‫الصاعدة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫السوفياتي وهي تتوق إىل منافسة الواليات املتحدة‬ ‫‪ ‬تربز روسيا ضمن هذه البلدان كقوّ ة عاملية بصدد التحوّل تسعى إىل استعادة النفوذ الجغراسيايس الذي اكتسبه سلفها االتّحاد ّ‬
‫األمريكية عىل زعامة العالم‪ .‬لكنها تحتل املرتبة ‪ 11‬ضمن أكرب اقتصاديات العالم بأق ّل من ‪ %2‬من من الناتج الداخيل الخام العاملي (‪ %1,94‬سنة ‪.)2019‬‬
‫‪ ‬بقية األقطار املتقدّمة‬
‫وهي بلدان أوروبا الغربية غري األعضاء يف االتّحاد األوروبي (مثل سويرسا والنرويج وإسنلندة) وكذلك كندا وأسرتاليا وزيلندة الجديدة‪.‬‬
‫بمؤّش تنمية برشية عال وبدورها املتميّز يف اإلنتاج والتّجارة العامليني‪.‬‬‫ّ‬ ‫‪ ‬تتميّز‬
‫‪ ‬استندت سويرسا إىل قوّة جهازها املّصيف لتتحوّل إىل قطب مايل ها ّم‬
‫الشمالية (التي تجمعهما باملكسيك) لتطوير‬ ‫‪ ‬استفادت كندا من مواردها الطبيعية والبرشية (التي دعّ متها الهجرة الوافدة) ومن ارتباطها بالو‪.‬م‪.‬أ ضمن منطقة التّبادل الح ّر ألمريكا ّ‬
‫قوّتها اإلنتاجية والتّصديريّة والتحوّل إىل عاّش أكرب اقتصاد يف العالم‪.‬‬
‫‪ ‬تضطلع أسرتاليا بدور القوّة اإلقليميّة يف جنوب املحيط الهادئ بفضل قوّتها االقتصاديّة وموقعها االسرتاتيجي‪.‬‬
‫ب‪ -‬الجنوب‪ :‬أطراف النّظام‪-‬العالم‬
‫فقدت البلدان النّامية التّجانس الذي كان يميّزها يف ستّينات القرن املايض‪ ،‬حيث ازدادت تمايزا نتيجة تفاوت ما أحرزه بعضها من نم ّو اقتصادي ومن مستويات تنمية برشيّة‪ ،‬حيث يمكن‬
‫أن نميّز بني أربعة أصناف بينها‪:‬‬
‫الصناعية الجديدة‬‫‪ ‬البُلدان ّ‬
‫تتكون من التنّينات (كوريا الجنوبية وتايوان وهونغ كونغ وسنغافورة) والنمور اآلسيوية (أندونيسيا وماليزيا وتايلندة والفلبني)‪ ،‬ومن الربازيل واملكسيك‪.‬‬
‫ّ‬
‫الحاث عىل التّصدير الذي انتهجته‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬تم ّكنت من إرساء قاعدة صناعيّة متنوّعة وذات قدرة تنافسيّة بفضل نموذج التّصنيع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ل نموّا اقتصاديا مرتفعا أثمر تحسنا يف ظروف عيش سكانها‪.‬‬ ‫وتسجّ‬ ‫ّ‬
‫املتوسطة والعالية‬ ‫‪ ‬نجحت يف االندماج بالعوملة وأصبحت تصدّر منتجات التكنولوجيا‬
‫‪ ‬تُعترب كوريا الجنوبيّة األكثر تأهيال لالنتماء إىل البلدان املتقدّمة‪( 1‬املرتبة ‪ 12‬عامليا بـ‪ %1,9‬من ن‪.‬د‪.‬خ‪.‬ع)‪ .‬ويربز الربازيل كقوّة إقليميّة بأمريكا الالتينية وتاسع أكرب‬
‫اقتصاد يف العالم (بـ ‪ %2,07‬من ن‪.‬د‪.‬خ‪.‬ع سنة ‪.)2019‬‬
‫‪ ‬لكن ظ ّلت أغلب بلدان املجموعة بلدانا نامية تشكو التبعية االقتصادية والفوارق االجتماعية واملجالية‪.‬‬
‫‪ ‬البلدان النّفطية‬
‫وهي ‪ 21‬بلدا منتجا ومصدّرا لسوائل املحروقات (النفط والغاز) ‪ .‬تض ّم ‪ ‬س ّكان العالم (‪ %10,95‬سنة ‪ )2019‬وتؤمن حوايل ‪ %6‬من ن‪.‬د‪.‬خ‪.‬ع (‪ %5,67‬سنة ‪.)2019‬‬
‫‪2‬‬

‫ظمة األقطار املصدّرة للن ّفط (األوبك) وأبرزها أندونيسيا واململكة العربية السعودية‬ ‫وينتمي أغلبها إىل من ّ‬
‫وفر لها عائدات مالية هامّ ة‪ ،‬لكنّها تراجعت بمقدار الـ‪ ‬منذ‬ ‫وفر دول األوبك أكثر من ‪ ‬اإلنتاج العاملي من النفط (‪ %37,5‬سنة ‪ )2019‬وتؤمّ ن ‪ ‬صادراته العاملية (‪ )%49,7‬ممّ ا ّ‬ ‫‪ ‬تُ ّ‬
‫سنة ‪ .2013‬فقد تق ّلصت من ترليون دوالر (‪ 1,097‬ترليون دوالر سنة ‪ )2013‬إىل ‪ 0,564‬ترليون دوالر (سنة ‪.)2019‬‬
‫مؤّش تنمية برشية عال نسبيا وتأمني دخل فردي مرتفع يصل إىل ‪ 23.139‬دوالر‪/‬فرد باململكة العربية السعودية (‪.)2019‬‬ ‫‪ ‬موّلت العائدات النفطية عملية التنمية ممّ ا م ّكنها من بلوغ ّ‬
‫ظفت الجانب األكرب منها يف إنجاز مشاريع خدميّة واستهالكية‪ .‬وتتأثّر هذه البلدان بتق ّلبات ّ‬
‫السوق النّفطية وتظ ّل يف تبعيّة ألسواق‬ ‫‪ ‬لم تتم ّكن هذه العائدات من تحقيق التنمية إذ و ّ‬
‫استهالك املحروقات ببلدان ّ‬
‫الشمال‪.‬‬

‫‪ 1‬أصبحت كوريا الجنوبية عضوا يف منظمة التعاون والتنمية االقتصادية )‪ (OCDE‬منذ ‪ .1996‬وهي منظمة تض ّم ‪ 35‬عضوا من الدول املتقدمة والصاعدة (مثل الشييل‪ ،‬إرسائيل وتركيا)‪.‬‬
‫‪ 2‬وفق تصنيف مؤتمر األمم املتحدة للتجارة والتنمية (األونكتاد) للمجموعات االقتصادية (باستثناء روسيا) مع إضافة أندونيسيا‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫الرابعة – جغرافيا احملور ‪ 1‬الدّرس ‪ 3‬اجملال العاملي‪ :‬التفاوت يف التقدم والرتكيبة‬
‫املتوسطة النم ّو)‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫متوسط (أو‬ ‫ّ‬
‫مؤّش تنمية برشيّة‬ ‫‪ ‬البلدان النّامية ذات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تض ّم أغلب بلدان الجنوب التي أحرزت مستوى تنمية برشية وحققت دخال فرديّا يجعالنها تحتل موقعا وسطا بني البلدان الغنيّة والبلدان األقل تقدّما‬
‫الصاعدة التي نجحت يف‬ ‫وتحقق ‪ ‬الناتج الداخيل الخام العاملي (‪ %25,22‬سنة ‪ .)2019‬وينتمي بعضها إىل فئة البلدان ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ ‬وهي تض ّم حوايل ‪ ‬س ّكان العالم (‪ %41,6‬سنة ‪)2019‬‬
‫االستفادة من العوملة (مثل الصني والهند وجنوب افريقيا)‪.‬‬
‫الصني‪ 1‬ضمن هذه املجموعة كثاني قوّة اقتصادية يف العالم منذ سنة ‪ 2010‬بـ ‪ ‬الناتج الداخيل الخام العاملي (‪ %16,23‬سنة ‪ )2019‬اكتسحت ُمنتجاتها دول العالم بفضل‬ ‫‪ ‬تربز ّ‬
‫تحقيقها ‪ ‬القيمة املضافة الصناعية يف العالم (‪ %24,9‬سنة ‪ )2018‬وتأمينها ‪ ‬الصادرات العاملية للسلع (‪ %13,73‬سنة ‪ )2019‬وتدعّ م اشعاعها خارج اقليمها الجغرايف (يف إفريقيا‬
‫مثال)‪ .‬وهي قوّة عامليّة بصدد التّش ّكل بفضل عضويتها الدّائمة يف مجلس األمن‪.‬‬
‫‪ ‬ولكن تظ ّل الهند (خامس أكرب اقتصاد يف العالم سنة ‪ )2019‬و ّ‬
‫الصني قوّ تان إقليميتان يف آسيا‪.‬‬
‫‪ ‬وتمتلك جمهورية افريقيا الجنوبية مقوّمات القوة اإلقليمية يف افريقيا بفضل مكانتها االقتصادية (املرتبة ‪ 38‬عامليا سنة ‪ )2019‬والعسكرية والسياسية يف القارة إىل جانب‬
‫نيجرييا بفضل مواردها النفطية (املرتبة ‪ 27‬عامليا)‪.‬‬
‫‪ ‬البلدان األق ّل تقدّما‬
‫وعددها ‪ 49‬بلدا منها ‪ 34‬دولة افريقية جنوب الصحراء (وأبرزها دول الساحل االفريقي الـ‪.)9‬‬
‫الصادرات العاملية للسلع (سنة ‪.)2019‬‬ ‫تحقق سوى ‪ %1,28‬من الناتج الداخيل الخام العاملي و‪ %1‬من قيمة ّ‬ ‫‪ ‬تض ّم حوايل ‪ ‬س ّكان العالم (‪ )%13,4‬ولكنّها ال ّ‬
‫تتجىل يف ضعف الدّخل الفردي (‪ 1069‬دوالر‪/‬فرد سنة ‪ ،)2019‬وانتشار الفقر‪ ،‬ونقص التغذية‪ ،‬وانتشار األمراض الوبائية‪ ،‬واألميّة‪ ،‬وهشاشة االقتصاد‬ ‫ّ‬ ‫‪ ‬تتّسم بحصيلة تنموية ضعيفة‬
‫وارتفاع نسبة التداين‪.‬‬
‫ُ‬
‫حصلت عىل ‪ ‬إجمايل املساعدة العمومية من أجل التنمية (‪ %33,06‬سنة ‪ )2019‬وتحظى باألولوية ضمن برامج مكافحة الفقر وتخفيف عبء الدّين‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪‬ت ّ‬
‫لكن البلدان األق ّل تقدّما تشكو من تذبذب معدّالت النم ّو االقتصادي الرتباطه بتق ّلب أسعار املواد األولية التي تهيمن عىل صادراتها‪ ،‬ومن ظروف معيقة للتنمية أهمّ ها املديونية ورداءة‬ ‫‪ّ ‬‬
‫البنى التحتية وتعدّد الحروب ّ‬
‫والّصاعات العرقية‪.‬‬

‫الخاتمة‬
‫تجذّرت ثنائية املجال العاملي يف ظ ّل حركة عوملة تدعم عدم التكافؤ بني شمال يزداد قوّة ونفوذا بقيادة ثالوث مُتح ّكم يف االقتصاد العاملي‪ ،‬وجنوب ينشد التّنمية وتتمايز بلدانه تبَعا ا لقدرتها‬
‫عىل مُجاراة العوملة‪.‬‬

‫مكوّ نات املجال العاملي‬

‫‪ 1‬ال زال برنامج مادة الجغرافيا يُدرج الصني ضمن هذه املجموعة رغم أنها فارقتها إىل الصنف األعىل (مجموعة البلدان ذات مؤّش تنمية برشية عال) منذ سنة ‪.2013‬‬
‫‪OCDE, Geographical Distribution of Financial Flows to Developing Countries 20 20, p.170‬‬ ‫‪ 2‬باعتبار جميع مصادر املساعدة من أجل التنمية‬
‫‪7‬‬

You might also like