Professional Documents
Culture Documents
تمهيد:
تعتمد كل من األنتروبولوجيا ()Anthropologie
واإلثنولوجيا ( )Ethnologieعلى البحث اإلثنوغرافي
( )Ethnographiqueالتوثيقي والمخبري بشكل خاص،
على أساس أن هذا البحث العلمي هو دراسة حقلية
( )fieldworkعملية تطبيقية بامتياز ،تمد اإلثنولوجي
( )Ethnologueبمادة إثنوغرافية دسمة وعميقة وجادة لبناء
نظرياته العلمية ،وطرح فروضه وإشكاالته المختلفة والمتنوعة
في دراسة الشعوب القديمة من جهة ،أو البحث في العادات
واألعراف الغريبة لجماعة معينة ومحددة ،في زمان ومكان
معينين.
ومنه ،كان لزاما على الباحثين في المجال العلمي ،عدم القبول
باألبحاث النظرية المكتبية اإلنشائية والذاتية المرتبطة بنقل
الروايات المأثورة عن الرحالة ،والمبشرين ،واإلداريين،
والجغرافيين ،والعسكريين ،والمستشرقين ،واإلخباريين ،دون
النزول إلى الميدان المخبري الواقعي ،أو االحتكاك بالحقل
التجريبي لمعاينة الظواهر اإلثنولوجية ومراقبتها وتسجيلها
وتدوينها وتوصيفها .ومن ثم ،يصعب الحديث عن اإلثنولوجيا
واألنتروبولوجيا بشكل علمي دقيق ومركز ،دون استحضار
اإلثنوغرافيا باعتبارها علما تخصصيا يستند إلى األبحاث
المونوغرافية الوصفية ،والحفرية ،واالستكشافية ،والتنقيبية،
واالستقصائية ،والتجميعية .
.1تعريف اإلثنوغرافيا:
اإلثنوغرافيا ( )L’ethnographieهي دراسة
وصفية ألنشطة جماعة إنسانية معينة ،سواء أكانت جماعة
بدائية تقليدية أم جماعة معاصرة ومتمدنة ،بالتركيز على بنيات
القرابة ،و التقنيات المادية ،و المعتقدات الدينية ،والتنظيم
المجتمعي ،وتعد أيضا منهجية استكشافية تطبيقية في البحث
العلمي في مجالي اإلثنولوجيا واألنتروبولوجيا االجتماعية
والثقافية .وتوظف كذلك في علم االجتماع كما عند مدرسة
شيكاغو.
ومن هنا ،فاإلثنوغرافيا هي دراسة ميدانية وتحليلية للعادات
والقيم والتقاليد واألعراف لجماعات سكانية محددة .وقد
ارتبطت هذه المنهجية ،قديما ،بدراسة الشعوب البدائية .ومن
هنا ،فاإلثنوغرافيا -حسب حسين فهيم هي الدراسة الوصفية
ألسلوب الحياة ومجموعة التقاليد،والعادات والقيم ،واألدوات
والفنون ،والمأثورات الشعبية لدى جماعة معينة ،أو مجتمع
معين ،خالل فترة زمنية محددة.
إذن ،تهتم اإلثنوغرافيا ،أو علم األجناس البشرية ،بدراسة
الشعوب البدائية باعتبارها تمثل الطفولة األولى للمجتمع
الحديث المعقد ،فنظرا لضيق حجم هذه الشعوب من الناحية
الكمية والعددية ،ونظرا لبعدها عن المؤثرات الخارجية ،والبطء
الذي يتجلى في تطورها ،تقدم للباحثين صورة عن تحكم
الضمير الجمعي ،وسيطرته المطلقة على ضمائر األفراد ،حيث
نجد شخصية الفرد تذوب في شخصية الجماعة .و الشك أن
المقارنة بينها وبين الشعوب المتحضرة تقدم لعالم االجتماع
مجاال خصبا لمعرفة العوامل التي يخضع لها نشوء الظواهر
االجتماعية وتكونها.