‫مقدمة‬

‫المبحث االول‪ :‬لمحة عن خير الدين التونسي‬

‫المطلب االول‪ :‬مولده و نشأته‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تقلده المناصب‬
‫المبحث الثاني‪ :‬االصالحات التونسية في عهد خير الدين باشا‬
‫المطلب االول‪ :‬االصالحات السياسية‬
‫المطلب الثاني‪ :‬االصالحات االقتصادية‬
‫المطلب الثالث‪ :‬االصالحات الثقافية‬
‫خاتمة‬
 ‫مقدمة‪:‬‬

‫ال ت ذكر نهض تنا الحديث ة إال وي ذكر خ ير ال دين التونس ي‪ ،‬رائ دا من رواده ا ‪ ‬وعلم ا من‬
‫أعالمه ا‪ ،‬وق د تض من كتاب ه "أقوم المس))الك في معرف)ة أح)وال الممال)ك " برنامج ا إص الحيا‬
‫يخ تزل مجم وع م ا س عى النهض ويون الع رب إلى تحقيق ه في الق رن التاس ع عش ر‪ ،‬وتم يز‬
‫خير الدين بأنه لم يكن من مفكري النهضة فحسب‪ ،‬بل كان أيضا رجل سياسة ونفوذ تولى‬
‫مناص ب خط يرة أهمه ا‪ :‬منص ب ال وزير األك بر بت ونس والص در األعظم بعاص مة الخالف ة‬
‫العثماني ة في إس طنبول‪ ،‬فس خر حيات ه ووظ ف مناص به لخدم ة األه داف ال تي س طرها في‬
‫كتاب ه الم ذكور‪ ،‬وق د ذاع ص يته ش رقا وغرب ا ‪ ‬وس اح في البل دان‪ ،‬والتقى بعظم اء عص ره‪،‬‬
‫وتقلب في المناصب‬

‫لمحة عن خير الدين التونسي‪:‬‬

‫‪ -1‬مول))ده و نش))أته ‪ :‬ينتس ب خ ير ال دين التونس ي إلى قبيل ة أباضة ببالد الش ركس الكائن ة ب الجنوب الش رقي من جب ال‬
‫القوقاز "منطقة حدودية بين أوروبا و آسيا " ولقد اختلف أغلب المؤرخين في تحديد سنة ميالد خير الدين التونسي‪ ،‬حيث‬
‫ذك ر في كت اب الأعالم لزركلي الج زء الث اني أن ه ول د س نة (‪1225‬ه ‪1810 -‬م) بينم ا في كت اب محمد محفوظ ت راجم‬
‫(‪)1‬‬
‫المؤلفين التونسيين الجزء الثاني ذكر أنه ولد سنة (‪1238‬ه‪1830-‬م)‬
‫وفي القديم عرف الشراكسة في العالم اإلسالمي ‪ ،‬وهم قبائل بدوية تسكن البقعة الشمالية الغربية في بحر قزوين‬
‫وجزءا من ساحل البحر األسود‪ ،‬وكان عددهم كبيرا فلما احتلت روسيا أخيرا بالدهم تفرق كثير منهم في تركيا وآسيا‬
‫الصغرى و قد انتشر اإلسالم بينهم وكاد يعمهم من نحو ثالثة قرون‪ ،‬وفي الشراكسة فضائل بدوية من الشجاعة والكرم‬
‫ويمتازون بالنظافة والجمال(‪.)2‬‬
‫أسر خير الدين وهو طفل على غارة ‪ ،‬فافتيد إلى إسطنبول لي يباع في سوق الرقيق‪ ،‬وعند وصوله إلى إسطنبول‬
‫بيع إلى نقيب اإلشراف تحسين بك بن محمد الكبرى الذي اتخذه رفيقا وأخا البنه الوحيد في الدراسة‪ ،‬حيث أشرف على‬
‫تعليمهما في المنزل بمبادئ العلوم اإلسالمية و مبادئ اللغة الفرنسية‪.‬‬
‫ع اش خ ير ال دين في إس طنبول م دة س بع عش رة س نة‪ ،‬وفي ي وم من األي ام ت وفي رفيق ه أي االبن الوحي د لس يده‪ ،‬فلم‬
‫يتحمل األب هذه الصدمة بوجود رفيق ابنه وحده فأضطر إلى بيعه في سوق العبيد ‪ ،‬حيث اشتراه أحد األعيان التونسيين‬
‫إلهدائه عند رجوعه إلى تونس للمشير أحمد باي األول(‪ )3‬في سنة ‪1837‬م واستعمله في خدمته وألحقه بمدرسة ب)اردو‬
‫الحربية‪ ،‬ثم بمدرس ة ص))غار المماليك وبع دما تعلم اللغ ة العربي ة وأتقن معارف ه الديني ة انخ رط في س لك مدرس ة الض باط‬
‫حديثة العهد‪ ،‬فأظهر من آيات الذكاء واالجتهاد والموهبة ما أثار اندهاش أساتذته وإ عجاب الباي به حتى صار يتابعه‬
‫عن كثب يذكر "محمد بيرم الخامس" توغله في حب العدل والميل إلى القوانين والشورى حتى كان أول ناشر لمفاخرها‬
‫في قطرنا بتأليفه " أقوم المسالك "(‪.)4‬‬
‫تقل)ده المناص))ب‪ :‬تقل د خ ير ال دين التونس ي مناص ب س امية آخره ا ال وزارة حيث تمكن بفطنت ه من لفت انتب اه أحم د باش ا‬
‫إليه‪ ،‬فقرر إلحاقه بحاشيته الخاصة دون أن يفصله عن سلك الجيش (‪.)5‬‬
‫أصبح أمير أالي ثم أمير لواء الخيالة وكلفه كذلك بالدفاع عن الدولة التونسية في قضية "محمود بن عياد" الذي فر‬
‫بأموال ه إلى ب اريس بع د أن اغتص بها من الش عب حيث ذك ر أحمد ابن أبي الض)ياف في كتاب ه " إتح)اف أه)ل الزم)ان" أن ه‬
‫س مع من الب اي ق ائال " واهلل ل و أن إبن عي اد رد إلي م ا أمنت ه علي ه من األوام ر والرس وم المالي ة‪ ،‬وطلب االس تعفاء من‬
‫الخدمة‪  ‬وسكنى أي مملكة شاء كنت أكتب له مكتوبا في براءة ‪....‬لكن المقدر كانت ال محال "(‪.)6‬‬
‫االصالحات التونسية في عهد خير الدين باشا‪:‬‬
‫االصالحات السياسية‪:‬‬

‫‪ )(1‬خير الدين التونسي ‪ ،‬مذكرات خير الدين باشا ‪ ،‬تح تع ‪ :‬محمد سنوسي ‪ ،‬بيت الحكمة ‪،‬ص ‪.20‬‬
‫‪)(2‬أحمد أمين ‪ ،‬زعماء اإلصالح في العصر الحديث ‪ ،‬دار الكتاب ‪،‬دط‪ ،‬العربي ‪ ،‬بيروت ‪،‬لبنان ‪ ،‬ص ص ‪.148-147‬‬
‫‪ )(3‬سهام شابي‪ ،‬الفكر اإلصالحي لخير الدين التونس)ي (‪1889-1810‬م)‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماستر جامعة الوادي‪،‬‬
‫‪، 2014- 2013‬ص‪.03‬‬
‫‪ )(4‬محم د ب يرم الخ امس‪ ،‬ص))فوة اإلعتب))ار بمس))تودع األمص))ار و األقط))ار‪ ،‬مج‪،1‬ج‪ ،2‬دار ص ادر ‪ ،‬ب يروت لبن ان‪ ،‬ص‬
‫‪.87‬‬
‫‪ )(5‬سهام شابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.05‬‬
‫‪)(6‬أحم د إبن ابي الض ياف‪ ،‬إتح ))اف أه ))ل الزم ))ان بأخب ))ار مل ))وك ت ))ونس وعه ))د األم ))ان ‪،‬ج‪ ،4‬تح‪ :‬لجن ة وزارة الش ؤون‬
‫الثقافية ‪ ،‬دار العربية ‪ ،‬تونس ‪ ،‬ص ‪.156‬‬
‫لق د حث خ ير ال دين التونس ي على األخ ذ ببعض التنظيم ات السياس ية في أوروب ا ال تي حققت نجاح ا حض ريا ومكان ة‬
‫سياسية‪:‬‬
‫الحرية‪ :‬إن لفظ الحرية يطلق في معنيين إحداهما يسمى الحرية الشخصية وهو اطالق تطرف االنسان في ذاته وكسبه‬
‫مع أمنه على نفسه وعرضه وماله ومساواته ألبناء جنسه المعنى الثاني هو الحرية السياسية وهي تطلب الرعايا التداخل‬
‫في السياسات الملكية فيما هو االصلح للمملكة(‪.)7‬‬
‫ويأتي حديث خير الدين التونسي في الدعامة الثانية في بناء الدولة الحديثة ونعني بها الحرية‪ ،‬ويذهب في ذلك‬
‫إلى الق ول ب أن ثم ة ش يئين م رتبطين بالحري ة األول واألهم ه و نق ل نظم الحري ة األوروبي ة إلى الم واطن المس لم‪ ،‬الح اكم‬
‫والمحكوم وترغيبه فيها والثاني وهو الوسيلة محاولة بيان وإ يضاح أن كل هذه النظم وما يتصل بها من مفاهيم قد وجد‬
‫في االس الم مقاب ل في الش ريعة‪ ،‬ولكنه ا لم تطب ق إال ن ادرا(‪ ،)8‬ويفص ل خ ير ال دين التونس ي في تحقي ق الحري ة السياس ية‬
‫فيقول "ولما كان اعطاء الحرية بهذا المعنى لسائر األهالي مظنة لتشتيت اآلراء وحصول الهرج‪ ،‬عدل منه كون األهلي‬
‫ينتخبون طائفة من أهل المعرفة والمروءة تسمى عند األوروبيين بمجلس النواب‬
‫العامة‪ ،‬وعندنا بأهل الحل والعقد وإ ن لم يكون منتخبين من األهالي‬
‫هك ذا يح رص خ ير ال دين التونس ي على أن النظم الدس تورية األوروبي ة يوج د ببعض ها م ا ه و مع روف ل دى فقه اء‬
‫المس لمين من اعتم اد آراء أه ل المعرف ة وأه ل الح ل والعق د في ش ؤون الدول ة‪ ،‬ويض يف إلى ذل ك التنك ير في ه ذا المق ام‬
‫بواجب األمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو مفروض الكفاية "وفرض الكفاية إذ قام به البعض سقط الطلب عن‬
‫الباقيين‪ ،‬وإ ذا تعينت للقيام به جماعة صار فرض عين عليهم بالخصوص"‬
‫وبقي وراء ذلك للعامة شيء آخر يسمى الحرية المطبعة وهو أن ال يمنع أحد منهم أن يكتب ما يظهر له من‬
‫المص الح في الكتب والجنراالت ال تي تطلع عليه ا العام ة أو يع رض ذلك على الدولة والمجالس ول و تضمن االع تراض‬
‫على سيرتها وفي هذا المقدار افترقت الممالك األوروبية‪ ،‬فمنهم من نالت من األول فتمت له الحرية المطلقة ومنهم من‬
‫ن الت بش روط المل وك بس بب تبي ان أح وال الممال ك وغاي ات الرعاي ا ومنهم من ال ين ازع المل وك إال لقص د تبي ان للدول ة‬
‫انحرافها في مواضع لجلب المنفعة للبالد‪ ،‬وعند ذلك يقدم الملك الحرية المطلقة لرعاياه‬
‫إن الحري ة تعت بر ش رطا للتم دن فق د أدرك الطهط اوي من معرفت ه المباش رة بالت اريخ الفرنس ي واألوربي أن "س))عة‬
‫دائ)رة الت))دمن" في تل ك ال دول انم ا نش أت من الحري ة وخاص ة حري ة التعب ير وحري ة النش ر‪ ،‬فق د س مح مل وك أمم أوروب ا‬
‫للعلماء وأصحاب المعارف بتدوين الكتب الشرعية والحكمية "رأي الفلسفية" وأشترط على أن ال تؤدي الحرية السياسية‬
‫إلى تفرقة شمل األمة أو إلى تفتيت الدولة وإ ضعافها أمام القوى األوروبية‪ ،‬بل أن يعمل جميع الرعايا على الحفاظ على‬
‫مص الح الدول ة وتقويته ا‪ ،‬مم ا جع ل ص وت خ ير ال دين التونس ي من األص وات التغريبي ة القليل ة ال تي لم ته دف من وراء‬
‫شعارات الحرية إلى اضعاف الدولة العثمانية تمهيدا للقضاء عليها بل إلى تقويتها‬
‫وأقدم األوروبيون إلى وضع قوانين لتسيير شؤون الدولة كما ذكر خير الدين التونسي في كتابه وهم‪ :‬قانون يبين‬
‫الحقوق بين الدولة والرعية‪ ،‬وهو يوضع ما للدولة وما عليها‪ ،‬والقانون الثاني هو حقوق األهالي فيما بينهم وهي حرية‬
‫العامة الكافلة بضمانة حقوقهم‪ ،‬ومنها تعيين أصول تصرفات الدولة جمهورية أو وراثية كتنفيذ القوانين الحكيمة وإ دارة‬
‫السياسة الداخلية والخارجية(‪.)9‬‬

‫‪)(7‬خير الدين التونسي‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪.74‬‬

‫‪)(8‬‬
‫روبير شنيرب‪ ،‬تاريخ الحضارات العام "ت‪ "19‬مج‪ ،6‬اشراف‪ :‬موريس كوزيه‪ ،‬تر‪ :‬يوسف أسعد منشورات‬
‫عويدات‪ ،‬ط‪ ،2‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،1987 ،‬ص ص‪.185-184‬‬
‫‪ )(9‬خير الدين التونسي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.82‬‬
‫وأما مسؤولية الوزراء فمعناهما أن يكونوا تحت احتساب مجلس الوكالء مباشرة كما هو موجود في سائر الممالك‬
‫وتحدث خير الدين التونسي في‬ ‫ماع دا الدولة الفرنسية اليوم‪ ،‬ف إن وزراءها مس ؤولون للملك وهو مس ؤول للمجلس‬
‫كتابه على نظام الوزارة في فرنسا والتي تتكون من عشرة وزراء‪ ،‬كل منهم يتصرف فيما وكل إليه منهما وزارة الدولة‬
‫ووزير األحكام والديانة‪ ،‬لقد سعى خير الدين التونسي إلى تطبيق نظام الدول األوروبية على البالد التونسية عندما كان‬
‫(‪)10‬‬
‫وزيرا مباشرا في سنة ‪1873‬م‪.‬‬
‫االصالحات االقتصادية‪:‬‬
‫ومن األمور التي دعى إليها خير الدين التونسي هو التطلع واالقتباس من الوضع االقتصادي االوروبي الذي ك ان‬
‫تحت مس مى الحري ة‪ ،‬حيث ذك ر في كتاب ه إن أهم م ا اجتن اه االوروب يين من الحري ة ه و تس هيل المواص الت ب الطرق‬
‫الحديدية وتعاضد الجمعيات المتجرية واإلقبال على تعلم الحرف والصنائع(‪.)11‬‬
‫وفي نظره كان نشاط االقتصاد االوروبي نتيجة للنظم السياسية التي ضمنت لمواطني االقطار االوروبية الحريات‬
‫العامة والخاصة وجعلتهم في مأمن من الظلم والعسف‪ ،‬وحمت أشخاصهم وأموالهم‬
‫أ‪ -‬الش))ركات الرأس))مالية‪ :‬وج ود التعاض د بين الجمعي ات والش ركات أدى إلى زي ادة في ال ربح من العم ل المنف رد‪ ،‬حيث‬
‫يق ول خ ير ال دين في كتاب ه‪" :‬ك ثرت الجمعي ات في أوروب ا في س ائر المع امالت المدني ة والمتجري ة وغيرهم ا‪ ،‬وتك اثرت‬
‫الخ دمات ب را وبح را وك ثرت مج امع العل وم وجمعي ات المحس نين للض عفاء والمس اكين‪ ،‬وتك رر التع اون من اس تخراج‬
‫المع ادن وص نع ِ‬
‫الخْل ْج ومج اري المي اه ال تي تص عد به ا الس فن إلى الجب ال ثم ت نزل‪ ،‬وط رق الحدي د إلى غ ير ذل ك من‬
‫المهامات التي لم تكن تحدث لوال تلك الجمعيات"‬
‫ومن الجمعي ات الض خمة ال تي‪ ‬ال يمكن لألف راد تحقيقه ا ي ذكر خ ير ال دين "ش))ق خليج الس))ويس"‪ ،‬والطري ق الجدي د‬
‫الج امع بين المحيطين األطلنطي واله ادي في أمريك ا‪ ،‬وثقب جب ل "األلب" بين فرنس ا وايطالي ا‪ ،‬ومن بين المؤسس ات ال تي‬
‫كان لها أثر عظيم يذكر خير الدين بصورة خاصة "كمبانية الهند" التي تملكت بها انجلترا مستعمرة تصل مساحتها إلى‬
‫ثالثة ماليين وخمسمائة ألف متر مربع‬
‫ب‪ -‬البنك‪ :‬ذكر خير الدين التونسي بنك فرنسا في سنة ‪1800‬م الذي كان رأس ثالثين مليون فرنك متجمعة من ثالثين‬
‫ألف سهم‪ ،‬حتى أضحى سنة ‪1830‬م به ثالثمائة وخمسون مليون فرنك(‪.)12‬‬
‫كما ظهرت التأميمات التي تتصل بالقرض الطويل األجل وهي‪ :‬التأمين البحري التأمين ضد الحريق‪ ،‬والتأمين في‬
‫الحياة‪ ،‬حيث أمنت خمسة وثمانون شركة باثنين وعشرون مليار‪ ،‬مما أدى إلى تقدم الرأسمالية‪ ،‬كما برزت المصارف‬
‫المالية في الدول األوروبية كمصرف انجلترا وفرنسا‬
‫ج‪ -‬المع ))ارض الثقافي ))ة‪ :‬يتم في هات ه المع ارض ع رض منتوج ات الدول ة من مختل ف المجالت الص ناعية والفالحي ة‬
‫واألدبي ة‪ ،‬ويحض ر مل وك ال دول إلى هات ه المع ارض والعلم اء والطبق ة الفنية ففي س نة ‪1851‬م جمعت لن دن س بعة عش ر‬
‫ال ف ع ارض في قص ر "البل))ور" وفي س نة ‪1855‬م أقيم بب اريس مع رض في قص ر‪ ،‬كم ا أق امت فيين ا ‪1873‬م معرض ا‬
‫ثقافيا‪ ،‬وفي عام ‪1876‬م أقيم معرض بفيالدلفيا التي جعلت منه احتفاال بالذكرة المئوية لالستقالل األمريكي‪ ،‬كما اقيمت‬
‫(‪)13‬‬
‫عدة معارض في مدن كسدني وأمستردام وبرشلونة وبروكسل‬
‫االصالحات الثقافية‪:‬‬
‫‪)(10‬‬
‫أحمد أمين ‪ ،‬زعماء اإلصالح في العصر الحديث ‪ ،‬دار الكتاب ‪،‬دط‪ ،‬العربي ‪ ،‬بيروت ‪،‬لبنان ‪ ،‬ص ص ‪-147‬‬
‫‪.148‬‬
‫‪ )(11‬خير الدين التونسي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.88‬‬
‫‪  )(12‬سهام شابي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،.‬ص ‪.43‬‬
‫‪ )(13‬خير الدين التونسي‪ ،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ص ‪.81-80‬‬
‫دعى خ ير ال دين التونس ي إلى االقتب اس من الحض ارة األوروبي ة م اهو ص الح لح ال المس لمين‪ ،‬ورأى أن هن اك‬
‫أمورا يجب االقتباس منها بينما هناك أمور غير صالحة لحال المسلمين‪ ،‬وبذلك بين أسباب التمدن أن يستمد منها العرب‬
‫للوصول إلى غاية التحضر أولها المعارف والعلوم‪.‬‬
‫أ‪ -‬المعارف والعلوم‪ ):‬يستهل خير الدين بإعطاء فكرة حول المع ارف واالختراعات في الدول األوروبية‪ ،‬حيث يخبرنا‬
‫أن الملك شارلمان الذي كان أشهر ملك ظهر بأوروبا من وقت سقوط الدولة الرومانية إلى س قوط دولة اإلغريق وهو‬
‫الذي أدخل العلوم واألعمال للملكة وكان يفني غالب أوقاته في قراءة العلوم‬
‫وذك ر فرنس ا بع د غي اب ملكه ا‪ ،‬حيث ش هدت الع ودة إلى حي اة الكه ف والظالم وفي ه ذه الم دة ك انت موطن ا ألق دام‬
‫البرابرة‪ ،‬ثم أخذ علم الفلسفة في النمو‪ ،‬وظهر حزب الفرسان الذين اشتهروا باسم الكوفاليير وهم جماعة تحالفوا على أن‬
‫يحاربوا في اهلل للمدافعة عن حرية النسوة والمستضعفين‬
‫وفي الق رن ‪14‬م ذك ر خ ير ال دين مجموع ة من العلم اء أح دثوا تغي يرا في مس ار العلم أمث ال‪ :‬دان ))تي وغيوت ))و‬
‫وجين ))ابوي وبوكاش ))يو في مج االت مختلف ة في الكتاب ة التاريخي ة واألدب والفن‪ ،‬وأهم ح دث ظه ر في الق رن ‪15‬م تم‬
‫اختراع المطبعة على يد غوتنبرغ(‪ ،)14‬وتعتبر جماعة الميدش)ي "‪ "medicic‬من أكبر العائالت السياسية االيطالية والتي‬
‫يع ود إليه ا الفض ل في ازده ار العل وم باإلض افة إلى مجموع ة من األدب اء والش عراء مث ل أريوس))ت ‪ airoste‬وتاس))و ‪la‬‬
‫‪ tasse‬ومكيافلي ‪ ma chiavel‬وك ذلك شكس بير في انج ترا وغاليلو‪ ،‬أم ا في الفلس فة فاش تهر به ا الفيلس وف فرنس)يس‬
‫ب))اكون باإلض افة ك ذلك إلى اخ تراع اآلل))ة البخاري))ة واس تعمالها في الس فن واالرتف اع في الج و بالب الون واس تعمال الغ از‬
‫لإلسراج واختراع االرتال السائرة على السكك الحديدية واختراع التلغراف ‪.‬‬
‫ب‪ -‬التعليم‪ :‬تحدث خ ير ال دين عن التعليم في فرنس ا وأجاب ه بحس ن التنظيم في أط وار التعليم به ا‪ ،‬حيث ذك ر‪" :‬رأين ا أن‬
‫نبين تراتيبها الناجحة لقياس عليها بقية الممالك إلقتداء بعضهم ببعض" ‪ ،‬ينقسم التعليم عن الفرنسيين إلى ابتدائي وثانوي‬
‫والعالي حيث يبتدئون بتعليم االنسان القراءة في كتب كبيرة الحروف لترسم صورها في ذهنه‬
‫باإلض افة ك ذلك إلى علم االخالق وأص ول الديان ة والق راءة والكتاب ة والمف ردات اللغوي ة وأص ول الحس اب وال وزن‬
‫والكيل وأصول التاريخ والجغرافيا‪ ،‬ومبادئ الفالحة والصناعات وقانون حفظ الصحة وأصول المساحة ورسم األرض‬
‫والتصوير وكيفية تقوية االعصاب بالحركات الرياضية‬
‫أم ا الطبق ة المتوس طة وه و التعليم الث انوي وال تي ينتق ل إليه ا بع د تحص يل م ايجب تحص يله من المع ارف األولي ة‬
‫"االبتدائي"‪ ،‬فهي علم اللغات القديمة وعلم البيان والمنطق والفلسفة والعلوم الرياضية والطبيعية‪.‬‬
‫ج‪ -‬المدارس األوروبية‪  :‬ذكر خير الدين المدارس المنتشرة في الممالك األوروبية بكثرة وخاصة فرنسا التي بها خمس‬
‫أكاديميات نذكر منها‪:‬‬
‫أكاديمية فرنسا وظيفتها االعتناء باللغة وتحرير أوضاعها‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أكاديمية الخطوط القديمة ويدرس فيها العلوم األدبية وعلم اآلثار‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أكاديمية العلوم الطبيعية والهندسية يدرس فيها سائر أنواع العلوم‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أكاديمية البوزار يتم فيها دراسة االبنية والنقش والتصوير والموسيقى‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫(‪)15‬‬
‫أكاديمية السياسة وتهذيب االخالق يتم فيها تعليم العلوم الفلسفية واألحكام والحقوق‬ ‫‪-5‬‬

‫‪)(14‬‬
‫خير الدين التونسي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪)(15‬سهام شابي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،.‬ص ‪59‬‬
 ‫خاتمة‪:‬‬

‫قد كان خير الدين ذا طاقة فكرية ووطنية وإ صالحية جعلته من أعالم القرن التاسع‬
‫عش ر‪ ،‬ووض عته على رأس المص لحين الع رب والمس لمين في ف ترة ك انت تم وج بالتقلب ات‬
‫العالمية الخطيرة‪.‬‬

‫تميز خير الدين التونسي عن غيره من رجال النهضة في القرن التاسع عشر أنه‬ ‫‪-‬‬
‫جمع بين شخصية المفكر ورجل سياسة األمر الذي جعله صاحب تجرب ة فريدة بين‬
‫مختل ف التج ارب ال تي خاض ها غ يره من رج ال االص الح في البالد العربي ة‬
‫واالسالمية‪.‬‬