Professional Documents
Culture Documents
الحكم-بـالتباس-الملفوظ- بين-الذاتية-والموضوعية PDF
الحكم-بـالتباس-الملفوظ- بين-الذاتية-والموضوعية PDF
Modern Books' World
2019
1
61
89
126
142
168
181
208
الحكم بـ"التباس الملفوظ" بين الذاتية والموضوعية
1
د .كمال الزيتوني
1
أستاذ في المعهد العالي للغات بتونس.
142
-و رابعها أن يكون منشؤه راجعا إلى العقد اللغوي نفسه بمكوّنيـْه األساسيين
المعجمي واإلعرابي.3
واالحتماالن األخيران هما اللذان سيقبالن –الحقا -دراسة شبه موضوعية.
143
وفي األدب المسرحي الحديث اشتهر األديب التونسي محمود المسعدي
( )2004-1811بصياغته لبعض الملفوظات الطلسمية في مسرحيته "السُ ّد"
خصوصا في سياقات التحاور واإلنشاد بين اآللهة وسَدَنتها ،مثل :
7
-3هلـْهبا هلهبا سـُبّحت صاهبـّاء
فكل ما هو من الطالسم سيُ َعدّ التباسا ذاتيا خارجا عن العقد اللغوي العادي،
فيكون لذلك مستعصيا على الدراسة الموضوعية النحوية أو غيرها.
8
-4كقراءتهم ( من شرّ ما خلق ) بتنوين "شرّ"،
-2وقراءتهم "أسَاءَ" بدل "أشَاءُ" في اآلية ( قال عذابي أصيب
9
به من أشاء )
144
ومما يبعث على االسترابة أن يعلم عن الناقل حرص على الدنيا وتهافت على
االتصال بالملوك ونيل المكانة والحظوة عندهم ،فإنّ من كان بهذه الصفة لم
يؤمن عليه التغيير والتبديل واالفتعال والكذب حرصا على مكسب يحصل
10
عليه
ثم إن قوما من اليهود وغيرهم لما رأوا اإلسالم قد ظهر وعمّ ورأوا أنه ال
سبيل إلى مناصبته رجعوا إلى الحيلة فتظاهروا باإلسالم ولما اطمأنّ الناس
11
إليهم ولّدوا األحاديث والمقاالت وفرّقوا الناس فرقا
ففيما سبق – عن البطليوسي – نماذج ثالث عما سمّيناه بذاتية الحكم
بااللتباس ،وهي مطبقة على اتجاهات محدّدة في تفسير نصوص الوحي،
لكنها في الواقع إحدى النزعات العامة في تفسير الملفوظات وتحليلها ،ويمكن
تسميتها بنزعة إسقاط االلتباس على هذه الملفوظات لغرض أو آلخر في نفس
المتلقّي.
أما المنهج البديل الذي اقترحه البطليوسي في سبيل وصف التباسات
نصوص الوحي أو غيرها من النصوص فيقوم على النظر في خصائص
اللسان العربي ذاته ،وما يتيحه من مظاهر اشتراك مختلفة ،وقدْ عبّر عن
ذلك في المقدّمة ثم فصّله في متن كتابه قائال « إني لما رأيت الناس قد
أفرطوا في التأليف في أشياء معروفة وأساليب مألوفة يغني بعضها عن
بعض صرفت خاطري إلى وضع كتاب في أساليب الخالف الواقع بين األمّة
قليل النظير نافع للجمهور ،ويتعلق من اللسان العربي بأقوى سبب ويخبر
المتأمّل بأن الطريقة الفقهية مفتقرة إلى علم األدب مؤسسة على أصول كالم
العرب» .12وعند التفصيل أرجع المصنف ظاهرة تعدد الوجوه في
نصوص الوحي إلى منابع أهمها ثالثة وهي « :إن الخالف عرض ألهل
ملتنا من ثمانية أوجه كل ضرب من الخالف متولّد منها متفرّع عنها :أحدها
االشتراك في موضوع اللفظة المفردة ،والثاني االشتراك في أحوالها التي
9نفسه ص.128
( 10نفسه ص .) 121
( 11نفسه ص .) 122
12البطليوسي 1891 ،ص ) 28-29
145
تعرض لها من إعراب وغيره ،والثالث اشتراك يوجبه تركيب األلفاظ وبناء
بعضها على بعض .13» ...فبهذا المنهج أعاد هذا اللغوي األندلسي دراسة
ظاهرة االلتباس في الملفوظات إلى إطارها األصلي وهو البحث في مكونات
اللسان وأبنيته.
الحاصل في هذه الفقرة التمهيدية األولى أن رصد االطراد في الظاهرة
المدروسة يقتضي أوال أن نفترض وجود حد أدنى من التعاون واإلخالص
من جهتي الباث والمتلقي ،بمقتضاهما يستبعدان ذاتيّـتيهما ويلتزمان بعقد
المواضعات الجماعية ،فهذا العقد هو الضامن لموضوعية األحكام بااللتباس
أو بغيره.
سبق البن السيد البطليوسي أن حدّد المنشأ الحقيقي لاللتباس أثناء تحليل
الملفوظات بافتراض وجود مستويين أساسيين في ذلك التحليل هما:
-مستوى تحليل اللفظة المفردة سواء من حيث أحوالها التصريفية
المتغيرة أو من حيث موضوعها المعجمي شبه الثابت.
14
-ومستوى تحليل األلفاظ المركّبة المبني بعضها على البعض اآلخر
ونقدّر أن المصنف ال يقصد في المستوى األول احتمال استعمال األلفاظ
مفردة وفي انعزال كامل عن سياق مركّبي ما ،لكنه يقصد أن االلتباس في
نصوص الوحي قد يقتصر على اللفظة المفردة دون سياقها المركبي المباشر.
وفي كل الحاالت فإن ذيـْنك المستويين قد حدّدا لنا – من زاوية المواضعة –
مفهوما محوريا هو مفهوم "المعنى" :فهذا المعنى لن يخرج -من زاوية
المواضعة -عن أن يكون إما معنى اللفظ المفرد و إما معنى اللفظ المركّب.
نجد ذاك التمييز بين المعنى اإلفرادي والمعنى التركيبي في كتاب "مغني
اللبيب" أيضا تحت مصطلحات مختلفة :فقد استعمل ابن هشام (121 -هـ)
مصطلحي الصناعة والمعنى في معرض تنبيهه على « الجهة األولى التي
146
يدخل االعتراض على المُـعرب منها » 15وقصده من " المُعرب" هنا هو
"محلل الملفوظ" الذي قد يقع في خطأ ،وهو « أن يراعي ما يقتضيه ظاهر
الصناعة وال يراعي المعنى » (ص ،)202وليس المقصود باصطالح
"الصناعة" سوى قياسات تركيب الملفوظات ،وليس المقصود باصطالح
"المعنى" سوى المعاني المعجمية للمفردات المكونة للملفوظات المزمع
تحليلها ،وتشهد على صحة هذا التأويل أمور عديدة نوردها فيما يلي
مختصرة:
فقد شرح ابن هشام قصده من ذلك التنبيه في السياق الالحق بقوله « أول
واجب على المعرّب هو أن يفهم معنى ما يعربه مفردا أو مركبا ،ولهذا ال
يجوز إعراب فواتح السور ألنها من المتشابه الذي استأثر اهلل بعلمه »
(ص )202فاإلفراد والتركيب يحيالن في الشاهد على مسمى القياسات
التركيبية ،وهي قياسات صناعية بمعنى أنها مندرجة في مواضعات اللسان
العربي ،وال مجال لالجتهاد في استعمالها سواء من جهة المتكلم أو من جهة
السامع ،أما معنى فواتح السور مثال فالمقصود منه بوضوح هو المعنى
المعجمي ،وهو -في حالة هذه الفواتح -مندرج في باب المتشابه.
وكل أمثلة ابن هشام وشواهده في هذا الفصل مندرجة في سياق شرح
التعارض بين المقتضى الصناعي والمقتضى المعجمي في تحليل
الملفوظات ،من ذلك أن إخفاق بعض المحللين في شرح الكلمات التالية:
16
ِ "-2نعْم وكاللة وحَـقـَلّــد"
قد أدى بهم إلى إساءة تحليل سياقاتها وتحريفها .ويندرج في نفس الباب ما
يسمى بـ" التضمين" « وهو أن يدل بكلمة واحدة على معنى كلمتين » ،وقد
أورد لها ابن هشام شواهد عديدة من القرآن والشعر يجمع بينها أنها « متى
بني فيها على ظاهر اللفظ ولم ينظر في موجب المعنى حصل الفساد »
(ص.) 201
147
هذا الخطأ في التحليل يوازيه خطأ آخر هو عكسه وهو «أن يراعي المُعْرب
معنى صحيحا وال ينظر في صحته في الصناعة» (ص ،) 219ومن أمثلة
هذه األخطاء الصناعية المخالفة لقواعد تركيب الوحدات في اللسان العربي
ذكر ابن هشام:
-تقديم المفعول على ما النافية التي أصلها الصدارة
– الفصل بين المصدر ومعموله األجنبي
– إتبـاع المصدر قبـل أن يكمل معموله
– تعليق الظرف باسم "ال النافية للجنس" أو تعليقه بمحذوف
– الفصل بين العاطف والمعطوف بالحال
– تقديم معمول الصلة على الموصول
-حذف الجواب وفعل الشرط غير ماض..الخ 17ففي كل هذه الحاالت
لم يكن الخطأ من المتكلم ( أي القرآن والشعر) بل كان في ارتكاب المحللين
لتوجيهات تخالف القواعد التركيبية في اللسان العربي.
ويجدر بنا أخيرا أن نذكر أن كال الخطأيْن الواردين في تحليل الملفوظات قد
سبق البن جني(382-هـ) أن نبّه إليهما في كتاب الخصائص ( الجزء الثالث )
وذلك في البابين التاليين:
-باب تجاذب المعاني واإلعراب :حيث قصد المصنف من هذين
المصطلحين تقريبا ما قصده ابن هشام من اصطالحي المعنى
المعجمي وصناعة اإلعراب ،فقد « تجد اإلعراب والمعنى في
كثير من المنظوم والمنثور متجاذبين ،هذا يدعوك إلى أمر وهذا
يمنعك منه ،فمتى اعتورا كالما ما أمسكت بعروة المعنى
وارتحت لتصحيح اإلعراب » 18فاإلعراب (بمعنى التحليل) تابع
عند ابن جني أيضا لفهم المعاني المعجمية للمفردات والمركبات،
وإن تعارضا مقتضياهما فإن ما يجب على المحلل تصحيحه هو
توجيهه لإلعراب.
148
-باب التفسير على المعنى دون اللفظ :19المقصود بذلك هو أن
يرتكب المحلل خطأ آخر يتمثل في مراعاة مقتضى المعنى – أثناء
اإلعراب – وإهمال مقتضى اللفظ ( أي قواعد الصناعة ) ،ومن
أمثلة ابن جني على ذلك قول القائل « حتى ناصبة للفعل ،وإنما
النصب بعدها لـ أن مضمرة» (ص )224أو تحليل "أهلك والليل"
حقْ أهلك قبل الليل ،وهذا لعمري تفسير المعنى ال بقولهم « الـْ َ
20
ك وسَابــِقْ الليل »
حقْ أهْـلَـ َ
تقدير اإلعراب ،فإنه على :الـْ َ
إن الحاصل من آراء صاحبيْ المغني والخصائص أن "المعنى واللفظ" يجب
أن يكونا متضامنين أثناء تحليل الملفوظات ،وقد يحدث أن تتعارض
تعليماتهما في ذلك النشاط فيكون الحل الوارد عندئذ هو تغليب مقتضى
المعنى المعجمي.
21
"-1أتيتك أمس وسآتيك غدا"،
ومنه المحال وهو أن تنقض أول كالمك بآخره فتقول:
"-9أتيتك غدا وسآتيك أمس"،
ومنه المستقيم الكذب كقولك:
149
"-8حملت الجبل وشربت ماء البحر"
ومنه المستقيم القبيح وهو أن تضع اللفظ في غير موضعه كقولك:
"-10قد زيدا رأيت وكي زيد يأتيك"
ومنه المحال الكذب كقولك :
"-11سوف أشرب ماء البحر أمس" »
فإذا استثنينا القيمة األخيرة التي هي تأليف بين قيمتيْ "المستقيم الكذب"
و"المستقيم المُحال" أمكننا أن نرسم الجدول التالي لمجموع القيم القاعدية
المتصلة بالملفوظ المستقيم:
مقياس الملفوظ الحسن الملفوظ القبيح الملفوظ الكذب الملفوظ المحال مقياس
(إحالة )3 (إحالة )2 االستقامة اإلحالة (غير المحال) (إحالة )1
غدا الجبل أتيتك أمس قد زيدا رأيت حملت أتيتك
الملفوظ المستقيم
وكي زيد يأتيك وضربت البحر وسآتيك أمس وسآتيك غدا
غير الملفوظ
....... ....... . .. . .. . .. المستقيم أي الالحن .. . .. .. .
نحويا
ففي هذا الجدول هناك تأويل لمصطلحيْ االستقامة واإلحالة تكون بمقتضاه
اإلحالة ( وهي في تعريف سيبويه مناقضة أول الكالم آلخره ) مندرجة في
االستقامة :ذلك أن التقابل الحقيقي من الزاوية النحوية هو بين استقامة
الملفوظ نحويا أو عدم استقامته ،فيكون في االحتمال الثاني ملفوظا الحنا ال
يقبله النحو ،ولن يندرج لذلك في دائرة اهتمام المصنف في بقية كتابه .وفي
مقابل ذلك فإنّ ما سيشغله الحقا هو الدرجات الممكنة في سلّم نحوية الملفوظ،
وهي درجات أربع:
150
-أكثرها قربا من التناقض وعدم النحوية هي درجة "الملفوظ
المحال" ففي هذا الصنف خرق لقيد تداولي يظهر في عدم االتساق
الزمني ( أتيتك غدا وسآتيك أمس ) رغم أن النظم يبقى مستقيما من
الزاوية التركيبية الضيقة.
-أما درجة الملفوظ الكذب ففيها صنف آخر من التناقض – أقل حدّة
– يتمثل في خرق قيد داللي معجمي ( حملت الجبل وشربت البحر )
وفي هذا الصنف مازال النظم مستقيما.
-أما درجة الملفوظ القبيح فال تناقض فيه ،بل الجدل واقع في
احتماالت تغيير المراتب في القولين التاليين" :قد رأيت زيدا" و "كي
يأتيك زيد" ،فاإلشكال واقع هنا في مدى "المقبولية األسلوبية" في
تقديم "زيد" على الفعل في هذين القولين (وهو إشكال لفظي كما قال
المصنف نفسه ).
-أما درجة الملفوظ الحسن فال إشكال فيها على جميع المستويات،
وتمثل حقا درجة المعطى المعياري بالنسبة إلى المشتغل بنحو اللسان
العربي.
151
كالما ألنه ليس من سببه » .22فما ليس بكالم هو إذن ذاك الذي ال يقبله
العقل فضال عن أن تقبله اللغة « أال ترى أنك لو قلت "إنّ يضربَ يأتينا"
وأشباه هذا لم يكن كالما » (نفسه).
22الكتاب ج 1ص21
( 23الكتاب ،ج ،1ص )22
( 24أبو حيان ،1891 ،ج ،3ص )222-224
152
-وتسمية الشيء بما يقابله كقوله تعالى " :وجزاء سيئة سيئة مثلها" (الشورى
)40
-وتسمية الشيء بالسبب فيه كقوله تعالى " :قد أنزلنا عليكم لباسا " (األعراف
)22
-وتسمية الشيء بما يؤول إليه كقوله تعالى " :إني أراني أعصر خمرا"
(يوسف)32
-وإضافة الشيء إلى ما ال يستحق ذلك كقوله تعالى " :بل مكر الليل والنهار"
(سبأ )33
-واإلخبار عن الشيء ووصفه بغيره كقولهم " نهاره صائم وليله قائم "
-واتصال البعضية كاستعمال الحافر لذي الحافر.
-واتصال الكلية كاستعمال العالم لبعضه.
-واتصال العموم كاستعمال الحجر للياقوت.
-واتصال الخصوص كاستعمال السيف للسالح.
-واتصال االشتمال كاستعمال شيء لما هو يشتمل عليه نحو الخيل للفرسان
والسالح للتسلّح والثوب للباس...الخ » (نفسه)
وقد كان وصف أبي حيان ألوجه المجاز أوسع مما ذكرنا ،وفيه تميز نسبي
عن أوصاف البيانيين له .وقد أوردنا قوله رغم طوله ألنه بدا لنا وكـأنّه شرح
لما اعتبره سيبويه "الملفوظ الكذب" ومثّل له بـ "شربت البحر وحملت
الجبل" .فالكذب هنا إذن ليس الكذب المتعارف بل هو أقرب إلى مفهوم
المجاز المنطبق على ملفوظات شبه ملموسة.
153
25
وإنما الكالم" :وقل ما يدوم وصال" »
وينسحب هذا الحكم أيضا على المداخلة بين الحروف المختصّة باألفعال
والحروف المختصّة باألسماء « ذلك أن من الحروف حروفا ال يذكر بعدها
إال الفعل ،ومنها " قد وسوف ولمّا " فإن اضطرّ شاعر فقدّم االسم لم يكن حدّ
اإلعراب إال النصب وذلك نحو " لم زيدا أضرب " و " سوف زيدا أضرب
26
" ولو قلت هذا في غير الشعر لم يحسن »
« وحروف االستفهام أيضا ال يليها إال الفعل ،إال أنهم قد توسّعوا فيها
فابتدؤوا بعدها األسماء ،أال ترى أنهم يقولون " هل زيد منطلق وكيف زيد
آخذ " فإن قلت " هل زيدا رأيت وهل زيد ذهب " قَبُحَ» (نفسه).
154
لكن هذه التحصيليات قد تحتمل توجيها آخر فتصبح من باب الملفوظ الحسن
غير المحال « إذا أفاد الجزء الثاني ما لم يفده الجزء األول صحّ الكالم وإن
كان تكريرا له كقولك "زيد زيد" على معنى أن زيدا هوّهوّ لم يتغيّر أو هو
المعروف بكذا وكذا ،كقول أبي النجم:
أنا أبو النجم وشعري شعري
أي شعري المشهور المعروف بنفسه » ( نفسه)
ومن أمثلة حمل القول على القول لعلّة لفظية معنوية « اسم التفضيل وأفعل
في التعجب فإنهم منعوا أفعل التفضيل أن يرفع الظاهر لشبهه بأفعل التعجب
وزنا وأصال وإفادة للمبالغة ،وأجازوا تصغير أفعل التعجب لشبهه بأفعل
التفضيل في ذلك»(نفسه).
أما ما يعنينا من أمثلة حمل القول على القول لعلّة معنوية خالصة فمنه :
«-1جواز "غير قائم الزيدان" حمال على "ما قام الزيدان" ألنه في
معناه ولوال ذلك لم يجز ألنّ المبتدأ إما أن يكون ذا خبر أو ذا
مرفوع يغني عن الخبر » (نفسه).
155
وفي كتاب سيبويه تعدّدت نماذج الملفوظات التي غلّب المصنّف أنّ السامع
سيحملها على معناها ال على لفظها أثناء تفكيكها ،ومنها:
باب حذف الفعل لكثرته في كالمهم حتى صار بمنزلة -2
المثل « :ومما ينتصب في هذا الباب على إضمار الفعل
المتروك إظهاره "انتهوا خير لكم" و "وراءك أوسع لك" قال
الخليل :كأنك تحمله على ذلك المعنى ،كأنك قلت له "انته وادخل
فيما هو خير لك" وحذفوا الفعل لكثرة استعمالهم إياه في الكالم
ولعلم المخاطب أنه محمول على أمر حين قال له "انتهِ" فصار
31
ت خيرا لك وادخل فيما هو خير لك" » بدال من قوله "ائ ِ
القلب ... « :أما قوله "أُدخِل فُوه الحجر" فهذا جرى -3
على سعة الكالم والجيّد "أُدخل فاه الحجرُ" كما قال "أدخلت في
رأسي القلنسوة" والجيّد "أدخلت في القلنسوة رأسي" ،وليس
مثل "اليوم والليلة" ألنهما ظرفان ،فهو مخالف له في هذا،
32
موافق له في السّعة »
- 4وضع المفرد موضع المثنى والجمع « :وجاء في
الشعر من االستغناء أشدّ من حذف المفعول في باب التنازع،
وذلك قول ابن الخطيم الشاعر:
نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأيُ مختلفُ
فوضع في موضع الخبر لفظ الواحد ألنه قد علم أن المخاطب
سيستدلّ به على أن اآلخرين في هذه الصفة ».33
تنزيل غير العاقل منزلة العاقل « :أما قوله تعالى "كلّ -2
في فلك يسبحون" (األنبياء )33و "رأيتهم لي ساجدين"
(يوسف )4و "يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم" (النمل ،)19
فزعم الخليل أنه بمنزلة ما يعقل ويسمع ،فـجاز هذا حيث
156
صارت هذه األشياء عندهم تؤمر وتطيع وتفهم الملفوظ وتعبد
بمنزلة اآلدميين.34» ...
وقوع المضارع موقع الماضي والعكس « :قد تقع -2
"نفعل" في موضع "فعلنا" في بعض المواضع ،مثل قوله:
ولقد أم ّر على اللئيم يسبّني فمضيتُ ثم قلتُ ال يعنيني
واعلم أن "أسير" بمعنى "سرت" إذا أردت بها معنى "سرت"»
35
وبعد أن تغلبت النزعة اللفظية على النحو والنحاة أصبح هذا المبحث كلّه بابا
40
من أبواب البالغة تحت اصطالح " خروج الكالم على مقتضى ظاهره "
ن نماذج الملفوظات المحمولة على معناها ليست ذات طبيعة واحدة، إذنْ ،إ ّ
بل هي متداخلة مع كل النماذج السابق ذكرها ،وواضح أن ظاهرة الحمل
على المعنى في حدّ ذاتها تمثّل مشكال بالنسبة إلى كل منوال يسعى إلى
اإلحاطة االختبارية بشتات معطيات اللسان ،وهي قبل ذلك تمثل مشكال
بالنسبة إلى كل محلل للملفوظات إنسانيا كان أو آليّا ،وسبب استعصائها على
157
التحليل "الموضوعي" هو – قبل كل شيء – عدم استجابة معطياتها لشرط
التالزم والتضامن بين اللفظ والمعنى ،فهي عند التفكيك الحرفي تفضي إلى
نتيجة أولى ،وعند التفكيك غير الحرفي ( المتصل عادة بحيثيات سياقية أو
مقامية ) تفضي إلى نتيجة ثانية مخالفة لألولى ،والمشكل أن قصد القائل
متوجّه دائما – في حاالت الحمل على المعنى – إلى النتيجة الثانية غير
الموسومة .non marquéeومن جهتنا نغلّب أن يكون المحمول على
المعنى من باب "المسكوت عنه" non ditبتعبير روبير مارتن 41أمّا
االلتباس فيعود إلى شيوع ظاهرة االشتراك في األلسنة الطبيعية .وفيما يلي
تفصيل ذلك.
158
اإلعراب إنما أتِـيَ به للحيلولة دون «اللَـبْس» و االشتباه و اإلشكال و
التوهم و االتساع و اإلخفاء و اإلضمار..
-وقوفهم المتأني عند مظاهر اطراد التشابه في نظام اللسان العربي
على أصعدة عدة ، 45و فيها تكمن مظاهر «االلتباس» .
-اجتهادهم في التنقيب عن قرائن التقابل أو المخالفة بين تلك المظاهر
المتشابهة ،46و فيها تكمن بعض حلول رفع «االلتباس» .
45يمكن أن نعتبر كتاب " األشباه و النظائر في النحو " للسيوطي مدونة كبيرة في
مظاهر التشابه تلك (خاصة جزءيه الثاني و الثالث )؛و هو فيها تشابه يشمل :اشتراك
بعض المعاني االشتقاقية في الوزن ،و اشتراك بعض المعاني التصريفية في الصبغة ،
و الوجوه و النظائر ،و تشابه معاني بعض الوحدات النحوية ،وتشابه في سلوك بعض
أقسام الكالم ،و التشابه بين بعض المعاني النحوية الخاصة أو " العامة "
.46يمكن أن نعتبر كتاب " مغني اللبيب " البن هشام من المدونات المتحرية في
الوقوف عند قرائن المخالفة تلك ،من ذلك تأكيده في الجزء الثاني منه على :مبدإ
اإلعراب و مبدإ حفظ الرتبة و مبدإ المطابقة .ووجوب اإلظهار أو اإلضمار ووجوب
التذكير أو التعريف ووجوب الذكر أو الحذف ووجوب الفصل أو الوصل ،و اشتراط
الجمود أو االشتقاق واشتراط اإلبهام أو االختصاص ،و اشتراط اإلفراد أو التركيب و
اشتراط الوصف أو عدم الوصف
159
تناول "تمام حسان" مثال موضوع «االلتباس» من زاوية تطبيقية معيارية
بحتة . 47
فقد حاول أولئك اللغويون العرب أنْ يصوغوا فرضيات واضحة المعالم
حول ظاهرة «االلتباس» ،باإلجابة عن أسئلة منهجية مثل :
-كيف نميز «االلتباس» عن مظاهر لغوية أخرى كثيرة تجمعها
خاصية التعسر التأويلي ؟
-ماهي صالت «االلتباس» بظواهر الوجوه والنظائر (في المعجم
وفي التركيب) ؟
-ما هيّ مستويات التحليل اللغوي التي يمكن أن نصف من خاللها
مظاهر «االلتباس» ؟
-ماهي الوسائل اللغوية التي يمكن أن يلجأ إليها "المُحلّل" لرفع ذلك
«االلتباس»؟
-إلي أي حدّ يمكننا أن نراعي دور السياق المقامي في االنتباه إلي
بعض مظاهر «االلتباس» ورفعها ؟...
ن التمشي المنهجي الذي سلكوه لم يكن بالقدر الكافي من التماسك المفهوميلك ّ
48
واالنسجام االصطالحي ..و بناء على ذلك كتبـتُ أطروحة في هذا
47في مصنّف"اللغة العربية معناها و مبناها" :الكتاب األ ّم لـ"تمام حسان" الجامع
لغالبية آرائه
48من شواهد الخلل المفهومي واالصطالحي عند القُدامى نذكر :
(أ) أنّ مصطلح " ال ُم ْعرِب " –أيْ المبتدئ في تعلم صناعة النحو -يمكن أن
يؤوّل تأويال مزدوجا من زاوية نظر الدراسات الحديثة حول «االلتباس» :
فيُحيل إلي ما يـُسمّى بـ " الباث " أو إلي ما يـُسمّي بـ " المتلقي " فاألول يعرب
عن " قصده " و ال ثاني يحلل ذلك القصد نحوا و داللة بالوقوف عند معانيه ،
48
وقد عالج السيوطي مسألة القصد و طرفيْها في أحد كتبه المعروفة
(ب) لكنهم لم يقفوا طويال عند مختلف الصّيغ الممكنة لوجود «االلتباس» ؛
أي« :االلتباس المحتمل» و «االلتباس الفعلي » و "المسكوت عنه " ،و هي
صي غ انتهتْ إليها البحوث الغربية بعد مراعاة للسياق الذي يرد فيه «االلتباس»:
ذلك أن كل متوالية ذات حجم أقلّ من الجملة ال يمكن أن تكون إال محل التباس
احتمالي و ال يمكن الحديث في شأنها عن التباس فعلي إال بعد تحليل الجملة
كلها ،أما "المسكوت عنه" فال يعود إلي اآلليات اللغوية بل هو يتولد في وضعيه
خطابية معينة ويُرفـَع بعد التنبه إلي مكوّناتها.
(ج)ثم إن ظواهر "االشتباه و اإلشكال واالتساع واإلخفاء " عندهم حتى وإنْ
تلبّستْ بتعابير لغوية فإنها تبقى متعلقة بالخطاب المنجز ،أما ظاهرة
160
الموضوع اقترحتُ فيها فرضيات واضحة المعالم في «االلتباس» يمكن أن
ترهف وَصْف أسالفنا للمعطيات االستعمالية وتزوّده بجملة من األدوات
المنهجية المتماسكة ،كما تبنيتُ في أطروحتي نفس أهداف الباحثين الغربيين
في هذه الظاهرة (مع تطبيقها على اللسان العربي) ،وهذه األهداف تدور
باختصار حول محوريْن هما:
محاولة ضبط مفهوم دقيق و شامل لاللتباس في اللغة العادية .وتمّ
بالفعل ضبط ذاك المفهوم باالستناد إلى واقع شبه محسوس في اللغة
العادية هو واقع "االشتراك اللفظي" .Homonymie
والمحور الثاني هو تفصيل القول في المظاهر المختلفة لوجود
«االلتباس» في اللسان العربي .وقد تمّ تفصيل تلك المظاهر
بحصرها في مستويات التحليل التالية مرورا من أكثرها سطحية إلى
أكثرها خفاء :المستوى الخطي والمستوى الصّوتي والصرفي
والمستوى المعجمي والمستوى التركيبي.
«االلتباس» فهي تتصل بنظام اللسان نفسه متمثال في اآلليات التي بواسطتها
تقترن الدالالت في اللغة بالعالمات وبتوليفاتها .
161
التوليدية عن أن يكون إمّا التباسا في المعجم أو التباسا في البنية السطحية أو
التباسا في البنية العميقة.
هذا التعريف لمفهوم «االلتباس» ومستوياته هو تعريف دقيق وصارم،
وهناك تكمُن بساطته وقابليته لتوسيعه واستثماره من جهة اللغويين بعد سنة
،1821وكان قطب الرّحى في التوسيع الالحق لمفهوم «االلتباس»
ومستوياته هو تغليب فرضية شيوع التعدّد المعنوي Polysémieفي اللغة
ب
العادية على فرضية شيوع االشتراك اللفظي ،Homonymieوقد تـَواكَ َ
ذلك مع تراجع المنواالت النظرية المتفاصلة للغة Les modèles
discretsلحساب المنواالت المسترسلة لها .Les modèles coutinus
ت من هذه المنواالت النظرية المسترسلة للغة منوال روبير مارتن وقد اختر ُ
باعتبار وجود مزيتيْن في هذا المنوال – بالنسبة إلى أطروحتي – هما:
-إقراره لتعريف «االلتباس» على أساس واقع "االشتراك اللفظي"
.Homonymie
-اعتباره أنّ ما ينتج عن واقع "التعدّد المعنوي" Polysémieليس
لبسا بالمعنى الضيّق للمصطلح بل هو في باب آخر أطلق عليه
مصطلح "المسكوت عنه" .le non-dit
وهكذا كانت وجهة نظر مارتن لاللتباس مسايرة للحسّ المشترك الذي
يحدس بأنّ وصف «االلتباس» ومعالجته ال يستقيمان إالّ باالستناد إلى واقع
حسّي متفاصل هو واقع االشتراك اللفظي حيث يفترض المحلل أنّ معالجة
«االلتباس» لن تتخذ إالّ صياغة واحدة هي « لهذا التعبير الملتبس إمّا هذه
القراءة أو تلك دون تداخل أو تقاطع بين القراءات المختلفة لذاك التعبير »
أمّا ظاهرة "المسكوت عنه" فــإنّ لها حسب روبير مارتن فرعيْن :فرع
داللي يتصل بتحليل الجملة وفرع تداولي يتصل بتأويل "الملفوظات"
énoncesأثناء االستعماالت المتلوّنة ،لذلك فهي تقتضي في وصفها منواال
مسترسال تكون من جملة مستنداته واقع التعدّد المعنوي Polysémieفي
اللسان أو واقع اإلبهام le vagueفي اللسان .وستتخذ معالجة المتلقي
للمسكوت عنه وقتها صياغات مثل « لهذا الملفوظ في هذا السياق أو في
هذا المقام هذه الداللة significationأو تلك ،ولنفس هذا الملفوظ في
سياق آخر أو مقام آخر داللة أخرى قد تكون متداخلة أو متقاطعة مع الداللة
األولى».
162
-2-4المظاهر المختلفة لوجود «االلتباس» في اللغة العادية:
بناء على التعريفات السابقة صنف هؤالء الغربيون مظاهر«االلتباس» إلي
أصناف تبعا لوجهات نظر:
-بعضُها نحوي في «االلتباس الصرفي و المعجمي و التركيبي »
-و بعضُها داللي في «االلتباس الحملي والداللي»
-وبعضها تداولي في «االلتباس التداولي ».
و اقترحتُ في أطروحتي مسحا منسقا ألهمّ الشواهد التي رأتـْها مصادرنا
العربية القديمة والحديثة ملتبسة على مختلف مستويات التحليل ،و نقدتــُها
من هذه الزاوية بناء على اإلطار النظري اآلنف الذكر ،كما نظرتُ في
الوسائل التي رأتها تلك المصادر ناجعة في معالجة ذلك «االلتباس» .و
ميزتُ في كلّ ذلك بيْن ما يمكن وصفه لسانيا و يتصل باآلليات اللغوية
المولدة لاللتباس و بين ما يمكن وصفه تداوليا و يتصل باآلليات اإلحالية
المرجعية و هي ذات طبيعة غير لغوية أحيانا .وقد كانتْ الشواهد التي
اعتمدتُ عليها في التحليل مستقاة من آثار هؤالء اللغويين العرب ،فإذا لم
أعثر عندهم على مطلبي عمدتُ إلى ترجمة الشواهد عن بحوث الغربيين
المذكورين ،خصوصا إذا كانت الظاهرة المستهدفة مشهودا على وجودها في
اللسانيْن ،و قد عمدتُ في حاالت أخرى إلي النظر في الشواهد الحية
المأخوذة من مؤلفات أدبية أو صحفية ...
49غلب المشغل التطبيقي– عند أسالفنا – على المشغل التنظيري ،ويعود ذلك إلى
التزامهم الضمني بقاعدة "اعتبار علم النحو من جملة علوم اآللة الخادمة لعلوم الفقه
والتفسير"..
50الزيتوني (كمال) -ظاهرة االلتباس في اللسان العربي -عالم الكتب الحديث -
إربد -األردن -ط 2013 -1
163
للسان العربي ألنّ األقوال الملتبسة هي جزء ال يتجزأ من المعطيات القولية
المتداولة على ألسنة الناس في بيئتنا ،وإذا كان ذلك المنوال النحوي القديم
يدّعي الواقعية فال بدّ أن يكون قادرا على إعطاء الوصف المناسب لهذا
الصنف من المعطيات.
-أمّا من زاوية نظر اللسانيين المحدثين فقد ساهمتْ أطروحتي في التعريف
ببعض النظريات اللسانية الغربية في موضوع «االلتباس» تحديدا .وال
يخفى ما في ذلك التعريف من صعوبات تتصل بالمفاهيم الموظفة في تلك
النظريات أو بالمصطلحات الكثيرة المتداخلة أحيانا .لكن تلك الصعوبات لم
تحُلْ دون تذليلها الستثمارها في إثراء منوال النحو العربي المعروف
بليونته الكبيرة في اإلحاطة بالمعطيات االستعمالية المتجددة عبر الخطّ
الزمني.
164
قائمة المراجع – ترتيب ألفبائي:
)1المعاجم:
التهانوي – محمد بن علي ( 1129 -هـ) .كشاف اصطالحات
الفنون – تح :أحمد حسن بسّج – دار الكتب العلمية – بيروت
،1889ط.1
الجرجاني – الشريف علي ( 912 -هـ) .التعريفات -تح :عبد
الرحمان عميرة -عالم الكتب -بيروت
الكفوي – أبو البقاء ( 1084 -هـ) .الكليات – إعداد :عدنلن
درويش ومحمد المصري -دار الكتاب اإلسالمي-القاهرة ،1882
ط1891 .2
)2سائر المراجع:
ابن جني – أبو الفتح عثمان ( 382 -هـ) .الخصائص -تح :محمد
علي النجار -الهيأة المصرية للكتاب -القاهرة .1892
ابن هشام – جمال الدين ( 121 -هـ) .مغني اللبيب عن كتب
األعاريب -تح :م .محي الدين عبد الحميد -المكتبة العصرية-
بيروت .1888
االسترباذي – رضي الدين ( 292 -هـ) .شرح كافية ابن الحاجب
– إعداد :إميل بديع يعقوب -دار الكتب العلمية -بيروت ،1889
ط1
أبو حيان األندلسي – محمد بن يوسف ( 142 -هـ) .ارتشاف
الضرب من لسان العرب -تح :مصطفى أحمد النمّاس -مطبعة
المدني -القاهرة ،1891ط .1
البَطَليَوْسي – ابن السِيد ( 221 -هـ) .اإلنصاف في التنبيه على
األسباب التي أوجبت االختالف بين المسلمين في آرائهم -تح:
محمد رضوان الداية -دار الفكر -دمشق ،1891ط .3
الجرجاني ،الشريف علي -التعريفات – تحقيق عبد الرحمان
عميرة –عالم الكتب -بيروت-لبنان 1891
165
الزيتوني (كمال)
166
- Les ambigüités du français- Ophrys- Paris 1996.
- aspects de l’ambigüité et de la paraphrase dans les langues
naturelles- Peter Lang. 1985. (P. 7-36).
Martin (Robert).
- Pour une logique du sens – PUF – Paris 1992.
- Ambigüité, indécidabilité et non-dit, publié dans : Fuchs
1985 (P. 143-146).
Dictionnaires
Ducrot (Oswald) et Schaffer (J.M).
Nouveau dictionnaire encyclopédique des sciences du
langage – Seuil – Paris 1995.
167