You are on page 1of 8

‫هل نحن وحدنا في الكون؟ ماذا يقول القرآن؟‬

‫وهل أخطأ الفلكيون في طريقة بحثهم عن الحياة خارج األرض؟‬

‫في نفس العام الذي نشرت فيه مجلة التايمز عنوانها الشهير‪ :‬هل مات اإلله؟‬

‫قام العالم الفلكي الشهير كارل ساغال بإعالن أنه يكفي وجود شرطين اثنين إلمكانية وجود الحياة على‬
‫كوكب آخر‪،‬‬

‫وهذان الشرطان هما شمس مناسبة‪ ،‬وكوكب يدور حولها بمسافة مناسبة‪،‬‬

‫فإذا ما قلنا أن هناك أكتليون كوكب في الكون‪،‬‬

‫أي عدد الكواكب تقديرا يمثل واحدا أماماه ‪ 27‬صفرا‪،‬‬

‫فإنه سيكون من املفروض وجود سبتليون كوكبا صالحا للحياة أي واحدا أمامه ‪ 24‬صفرا من عدد‬
‫الكواكب التي تصلح للحياة‪،‬‬

‫كان من املفروض أن البحث عن كوكب فيه حياة ذكية‬

‫والذي انطلق في الستينات من القرن املاضي‪،‬‬

‫كان املفروض أن يجد تلك الكواكب بسرعة فائقة‪،‬‬

‫خصوصا مع العدد الهائل من املقرابات (التلسكوبات) التي تستقبل األصوات‬

‫وتستمع ملا يأتي من الكون بحثا عن حياة ذكية‪،‬‬

‫لكن مع السنين والعقود تبين أن ما يأتي من الكون هو الصمت املطبق الذي يفضي للصمم!‪،‬‬

‫حتى هذا العام ‪ 2022‬قام الباحثون بالعثور على صفر من الكواكب‪ ،‬فما الذي حصل؟‬

‫مع زيادة معرفتنا~ بالكون تبين أننا بحاجة~ إلى شروط أكثر بكثير من الشرطين الذين وضعهما كارل‬
‫ساغال الستضافة~ الحياة‪،‬‬

‫لقد ارتفعت الشروط من شرطين إلى عشرة إلى عشرين إلى خمسين‪،‬‬
‫وبدأ رقم الكواكب التي يمكن أن تلبي هذه الشروط باالنحسار إلى بضعة آالف إلى أقل من ذلك مع‬
‫الوقت‪،‬‬

‫وقد كتب بيتر شانكل ‪ Peter Schenkel‬من فريق البحث في مجلة إلحادية شهيرة قوله‪:‬‬

‫في ضوء املعطيات ونتائج البحث التي توصلنا لها‪،‬‬

‫فإن علينا أن نعترف بهدوء أن التقديرات السابقة ال يمكن أن تكون صحيحة‪.‬‬

‫اليوم ال بد من اجتماع أكثر من ‪ 200‬معيار شرطي ضروري الستضافة~ أي كوكب للحياة‪،‬‬

‫كل واحد من هذه الشروط يجب أن يحصل وبدقة متناهية‪~،‬‬

‫وإال فإن كل باقي الشروط ال تصلح‪ ،‬ولن تحصل حياة‪.‬‬

‫يبحث عالم الفضاء البيولوجي ‪ Astrobiologist‬جوليرمو جونزالز ‪Guillermo Gonzalez‬‬

‫في الشروط التي يجب استيفاؤها~ لوجود الحياة في أماكن أخرى من الكون‪،‬‬

‫وقد بحث ألكثر من عقد من الزمان عن كوكب ذي خصائص تدعم الحياة املعقدة‪،‬‬

‫وقد وصلت العوامل الضرورية الالزمة للحياة عنده إلى أكثر من عشرين عامال على األقل‪،‬‬

‫لنأخذ بعض األمثلة‪:‬‬

‫منها أن يوجد الكوكب ضمن منطقة ضيقة نسبيا في املنطقة الكونية الصالحة للحياة في املجرة ‪within‬‬
‫‪،Galactic Habitable Zone‬‬

‫ووجود املاء السائل والكتل القارية اليابسة الكبيرة‪،‬‬

‫ووجود غالف جوي غني باألوكسجين‪،‬‬

‫ووجود نجم محلي للكوكب يتمتع بدرجة الحرارة والكتلة املناسبتين‪،‬‬

‫وأن يكون النجم في مرحلة "التسلسل الرئيس" كي يكون مستقرا‪،‬‬

‫قمر حجمه كبير بما فيه الكفاية لتحقيق االستقرار في ميل محور الكوكب أثناء دورانه‬
‫ووجود ٍ‬
‫وحركات األمواج عليه‪،‬‬
‫وتوفر مجال مغناطيسي بقوة تكفي لصد أشعة الشمس الضارة‪...،‬‬

‫وتمضي القائمة‪...‬‬

‫توصلها بعض األبحاث ملئتي شرط‪ ،‬وأقل التقديرات تجعلها عشرين شرطا‬

‫إذن‪ :‬فإننا ال نبحث فقط عن حياة‬

‫وإنما نبحث عن "نظام"!!~ مصمم تصميما مسبقا الستقبال الحياة!‬

‫ال تتم الحياة هكذا خبط عشواء بمجرد وجود صاعق كهربائي وبعض األحماض~ األمينية‬

‫بل ال بد من نظام! وهذا النظام يجب أن يكون معيرا تعييرا منتظما دقيقا وبثالثة أبعاد‪:‬‬

‫رحلة فضائية إلى القمر‪ ،‬استعدادات هائلة!‬

‫هب أنك تريد أن تذهب في رحلة فضائية إلى القمر‪،‬‬

‫حتما ستعلم بأن القمر غير معد مسبقا الستقبالك ضيفا‪،‬‬

‫وأنه ال يصلح لتعيش عليه بضعة ثوان إال إذا قمت بتحضيرات تناسب أجواءه‪،‬‬

‫وتتكيف مع حاجاتك!‬

‫حيث أنك لن تستطيع تغيير أجواء القمر بما يالئم حاجاتك‪،‬‬

‫فإنك قد تستطيع التغلب على هذه املعضلة بأن ترتدي ألبسة معينة‪،‬‬

‫وأن تتزود بأوكسجين للتنفس‪ ،‬وما إلى ذلك‪،‬‬

‫وعليك أيضا أن تنظر إلى املخاطر التي تحدق بك من الكون نفسه‪،‬‬

‫من أشعة ضارة‪،‬‬

‫ونيازك قد تنهال في أية لحظة عليك إذ ال يوجد على سطح القمر ما يقيك إياها!~‬

‫فال بد إذن أن تحضر نفسك للتكيف مع مخاطر كونية‪،‬‬

‫إذ الكون نفسه لم ُي َع َّد ُمسبقا لزيارتك تلك للقمر‪،‬‬


‫وإن لم تتخذ اإلجراءات الضرورية فإن زيارتك ستنتهي بما ال تحب!‬

‫لكن الوضع مختلف على وجه األرض‪،‬‬

‫فأنت ال تحتاج ملالبس خاصة‪ ،‬وال للتزود بأوكسجين مؤقت‪،‬‬

‫وال التخاذ إجراءات معينة لتقيك األشعة الكونية‪،‬‬

‫وال حتى النيازك والشهب وغيرها‪،‬‬

‫فأنت بوضعك الطبيعي مجهز بأجهزة للتنفس بكل حرية في أي مكان من كوكب األرض‪،‬‬

‫وفي الوقت نفسه فإن نسبة األوكسجين في الجو مناسبة تماما لجهازك التنفسي والحتياجاتك‪،‬‬

‫وحين تمضي في نزهة في املساء لن تصطحب معك حاجزا يقيك من النيازك والشهب‪،‬‬

‫فاألرض معدة الستقبالك واستضافتك~ ملليارات من السنين ال لدقائق معدودة!‬

‫فأنت مجهز مسبقا للعيش في األرض بما يلزم ذلك من تصميم مسبق ألجهزتك الحيوية‪،‬‬

‫واألرض نفسها مجهزة مسبقا بما يلزمك مما ال تحتاج معه لتغيير ظروفها وغالفها~ الجوي‪،‬‬

‫وجاذبيتها‪ ،‬ومدها وجزرها‪ ~،‬وموقعها‪ ،‬وما إلى ذلك‪،‬‬

‫والكون أيضا كان حليفا لكما‪،‬‬

‫فلم يفسد هذا النظام الثنائي (اإلنسان‪ -‬األرض) بل تحالف معه ولم يفسد هذا التجهيز‬

‫فكان النظام ثالثيا ((اإلنسان‪/‬الكائنات الحية)‪( ،‬الحياة)‪( ،‬األرض‪ ،‬الكون))‪،‬‬

‫كل ضلع من أضالع هذا املثلث مجهز لآلخر وكل متعاون مع اآلخر لتتحقق إمكانية الحياة!‬

‫الحظ‪ :‬في كل ثابت من الثوابت أو كل قانون من القوانين الفيزيائية التي تتوقف عليها الحياة تم اختيار‬
‫ص ُع ٍد ٍ‬
‫ثالثة‪:‬‬ ‫خيار من ضمن خيارات‪ ،‬وهذا الخيار هو بالضبط املطلوب!‪ ،‬وقد تم التعيير على ُ‬

‫فمن ناحية كونية‪:‬‬

‫مثال ذلك‪ :‬موقع األرض في املنطقة الصالحة للحياة‪،‬‬


‫وتلبيتها لحوالي مائتي شرط تقريبا جعلتها بذلك تصلح الستقبال الحياة‪،‬‬

‫وغالفها~ الجوي‪...‬الخ‪ ،‬وثوابت الفيزياء الكونية وقوانينها معيرة ومهيئة الستقبال الحياة‪.‬‬

‫ومن ناحية الحياة نفسها‬

‫فهي معيرة لتنشأ في هذا الكون‪،‬‬

‫فالكربون –أحد أهم العناصر الالزمة للحياة‪ -‬ينتج في قلب النجوم بتعيير خاص وعملية خارقة معجزة‬
‫عبر تفاعل ألفا الثالثي ‪،The triple alpha process‬‬

‫والعناصر التي تلزم للحياة موجودة بوفرة كافية~ في األرض وفي املنطقة من املجرة التي توجد فيها‬
‫األرض‪،‬‬

‫وفي هذه الفترة الزمنية من عمر الكون بالضبط‪ ،‬ولتستمر الحياة ضمن هذه الظروف‪.‬‬

‫ومن ناحية ثالثة‬

‫نجد أن الكائنات الحية مزودة باألجهزة واألنظمة املضبوطة واملعيرة بدقة متناسبة مع هذه القوانين‬

‫ومع الكون والحياة وظروفهما املعيارية الدقيقة‪ ،‬بالغة الدقة!‬

‫والالزمة لكي تعيش هذه الحياة!‬

‫إذن‪ :‬فالبحث عن حياة يستوجب البحث عن النظام‪ ،‬والبحث عن النظام ال يتم والباحث يستمر في‬
‫إنكار وجود املنظم!!‬

‫أي يستمر في إنكار وجود الخالق!‬

‫فهل يخبرنا القرآن بوجود حيوات أخرى في هذا الكون الشاسع؟‬

‫إذن فقد تبين لنا أن الكواكب التي تصلح للحياة تختار اختيارا وتهيؤ تهيئة لذلك‪،‬‬
‫َّ‬
‫﴿و َما َبث ِف ِيه َما ِم ْن َد َّاب ٍة﴾‬
‫وقد قال هللا تبارك وتعالى~ في القرآن الكريم‪َ :‬‬

‫أي أن في السموات دواب مبثوثة‪،‬‬

‫وفي األرض دواب مبثوثه‪،‬‬


‫وهؤالء كلهم مجموع يوم القيامة للحساب‪،‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ض َو َما َبث ِف ِيه َما ِم ْن َد َّاب ٍة َو ُه َو َعلى َج ْم ِع ِه ْم ِإ ذا َيش ُاء ق ِد ٌير (‬ ‫ر‬‫ات َواَأْل ْ‬ ‫الس َم َ‬
‫او‬ ‫َّ‬ ‫﴿وم ْن َآ َياته َخ ْل ُ‬
‫ق‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫قال تعالى‪ِ :‬‬
‫‪﴾)29‬‬

‫وقال عز من قائل‪:‬‬
‫ض َو َم ْن فيه َّن َو ْن م ْن َش ْيء اَّل ُي َس ّب ُح ب َح ْمده َو َلك ْن اَل َت ْف َق ُه َ‬‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ ّ ُ َ ُ َّ َ َ ُ َّ ْ ُ َ َأْل‬
‫ون‬ ‫ِ ِ ِِ ِ‬ ‫ٍ ِإ‬ ‫ِ ِ ِإ ِ‬ ‫ر‬ ‫﴿تس ِبح له السموات السبع وا‬
‫ورا (‪﴾)44‬‬ ‫يح ُه ْم َّن ُه َك َ‬
‫ان َح ِل ًيما َغ ُف ً‬ ‫َت ْسب َ‬
‫ِإ‬ ‫ِ‬
‫وكلمة من‪ :‬ضمير يعود على العاقل وغير العاقل أيضا‬

‫قال الحق سبحانه‬


‫َ َأ َّ َ ُ َ َ‬ ‫َ َأْل‬ ‫َْ‬ ‫ات َوم َن اَأْل ْ‬ ‫ََ َ َ َْ َ ََ‬ ‫َّ ُ َّ‬
‫ض ِمثل ُه َّن َي َتن َّز ُل ا ْم ُر َب ْي َن ُه َّن ِل َت ْعل ُموا َّن الل َه َعلى ك ِ ّل ش ْي ٍء ق ِد ٌير‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫﴿الله ال ِذي خلق سبع سمو ٍ ِ‬
‫ْ‬ ‫َأ َّ َ َأ َ ُ َ‬
‫َو َّن الل َه ق ْد َحاط ِبك ِ ّل ش ْي ٍء ِعل ًما (‪،﴾)12‬‬

‫وال يمنع احتمال تفسيرها بكواكب أخرى‪،‬‬

‫وإلى هذا أشار املفكر موريس بوكاي في كتابه‪ :‬القرآن الكريم والتوراة واالنجيل‪.‬‬

‫فألفاظ اآليات تنطق بهذا‪ ،‬وعلمه عند ربي‪ ،‬وقد يتوصل إليه الناس بعد زمن‪.‬‬

‫يقول الدكتور بوكاي‪:‬‬

‫"الرقم ‪ 7‬مستخدم ‪ 24‬مرة في كل القرآن لتعدادات مختلفة‪،‬‬

‫وكثيرا ما يعني التعدد دون أن نعرف بشكل محدد سبب هذا االستخدام‪،‬‬

‫إن الرقم ‪ 7‬يبدو عند اليونان والرومان وكأن له معنى التعدد نفسه غير املحدد‪،‬‬

‫وفي القرآن يعود الرقم ‪ 7‬على السموات بمعناها~ الصرف سبع مرات‪،‬‬

‫كما يشير الرقم مرة واحدة بشكل ضمني إلى السموات‪،‬‬

‫كما يشير مرة واحدة إلى طرق السماء السبعة‪.‬‬


‫ْ َْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َََ ََ َ َُ‬
‫﴿ولق ْد خل ْق َنا ف ْوقك ْم َس ْب َع ط َراِئ َق َو َما ك َّنا َع ِن الخل ِق غا ِف ِل َين﴾‬ ‫(اآلية ‪ 17‬من سورة املؤمنون)‬

‫ويقول بعد أن يذكر اآليات‪:‬‬

‫بالنسبة لكل هذه اآليات يجمع مفسرو القرآن على أن الرقم ‪ 7‬يشير إلى تعدد دون تحديد آخر‬

‫السماوات إذن متعددة‪،‬‬

‫وكذلك الكواكب املشابهة لألرض‪،‬‬

‫وليس أقل ما يثير دهشة قارئ القرآن في العصر الحديث‬

‫أن يجد في نص من هذا العصر تصريحا بإمكان وجود كواكب أخرى تشبه األرض في الكون‪،‬‬

‫وهذا ما لم يتحقق منه الناس بعد في عصرنا‪.‬‬

‫وبما أن الرقم ‪ 7‬يشير إلى تعدد غير محدود‪،‬‬

‫فيمكن استنتاج أن النص القرآني يشير بوضوح إلى أنه ال يوجد إال األرض فقط‪،‬‬

‫أرض البشر‪ ،‬بل هناك في الكون كواكب تشبه األرض‪.‬‬

‫سبب آخر إلثارة دهشة قارئ القرآن في القرن الحادي والعشرين‪،‬‬

‫تلك اآليات التي تشير إلى ثالث مجموعات من املخلوقات‪:‬‬

‫‪ -‬تلك التي توجد في السماء‪،‬‬

‫‪ -‬تلك التي توجد على األرض‪،‬‬

‫‪ -‬تلك التي توجد بين السماوات واألرض‪،‬‬

‫ويذكر اآليات التي نقلناها أعاله ليعلق‪:‬‬

‫إن اإلشارة في القرآن إلى ما بين السموات واألرض‪،‬‬

‫موجودة في اآليات التالية‪( :‬سورة األنبياء ‪ ،16‬والدخان~ ‪ 7‬و ‪ ،38‬وسورة النبأ ‪ ،37‬وسور الحجر ‪،85‬‬
‫‪1‬‬
‫واألحقاف ‪ ،3‬والزخرف ‪)85‬‬
‫‪ 1‬القرآن الكريم والتوراة واالنجيل والعلم ملوريس بوكاي ص ‪189-186‬‬
‫إذن فهذا تأويل محتمل‪ ،‬وال يصح نفيه‪ ،‬وال القطع به‪.‬‬

You might also like