You are on page 1of 30

‫مجلة ‪ :‬بحوث و تطبيقات في المالية اإلسالمية‬

‫‪Researches and Applications in Islamic Finance‬‬


‫‪Recherches et Applications en Finance Islamique‬‬
‫‪ISSN : 9052- 0924‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪2012 ،9‬‬

‫سطة في المغرب‬ ‫تحليل مـدى كفاءة آليات تمـويل المقاوالت الصغيـرة والمتو ِّ‬
‫بين البنوك التَّقليديَّة والبنوك التَّشا ُركيَّة (اإلسالميَّة)‬

‫الدكتورة رشيدة الخيـر‬ ‫صـفِي‬


‫الدكتور عبد ال َعـزيـز َو ْ‬
‫جامعة احلسن الثاين ‪ -‬احملمدية الدار البيضاء‬
‫جامعة احلسن الثاين ‪ -‬الدار البيضاء‬
‫‪wasfi22@gmail.com‬‬
‫‪marocfinance17@gmail.com‬‬

‫ملخص‪ :‬يش ّكل البحث في موضوع المقاوالت بصفة عامة والصغيرة والمتوسطة بصفة خاصة أهمية بالغة؛ نظرً ا لما‬
‫تلعبه من دور مهم في تحقيق التَّنمية االقتصاديَّة واالجتماعيَّة في بلدان العالم‪.‬‬
‫َّ‬
‫وبالتركيز في بحثنا عن الواقع المغربي يتبين أنه بالرغم من الجهود المبذولة لتسهيل ولوج هذه الفئة من المقاوالت للتمويل‬
‫ً‬
‫حاجزا أمام انخراطها‬ ‫البنكي التقليدي إال أن هناك مجموعة من المعيقات والصعوبات التَّمويلية التي تعترضها وبالتالي تقف‬
‫في النسيج االقتصادي بشكل فاعل ومستمر‪.‬‬
‫وبدخول التمويل التشاركي للمغرب أصبح بإمكان هذه الفئة من المشروعات أن تجد بدائل وصيغ تمويلية جديدة تحفزها‬
‫على العطاء واالستمرار ومقاومة الصعوبات والتحديات‪.‬‬
‫كلمات مفتاحية ‪ :‬المقاولة الصغيرة والمتوسِّطة ‪ -‬التَّمويل البنكي التَّقليدي ‪ -‬التمويل التشاركي ‪ -‬المعيقات – البدائل –المغرب‬

‫‪Abstract: Research on enterprises in General and SMEs in particular is important. SMEs play‬‬
‫‪an important role in economic and social development in all countries.‬‬
‫‪By focusing on Moroccan reality, our research shows that despite efforts to facilitate entry of‬‬
‫‪this category of contracting to traditional bank financing, but there are many obstacles and‬‬
‫‪difficulties encountered funding and therefore stand a barrier to engaging in effective‬‬
‫‪economic development.‬‬
‫‪The emergence of participatory Finance in Morocco could enable this category of projects to‬‬
‫‪find new funding opportunities, and facing the difficulties and challenges.‬‬

‫‪Keywords: SME, Bank financing, participatory finance, alternatives, challenges, Morocco‬‬

‫تم استالم البحث بتاريخ ‪ ، 5302/30/52‬وتم قبوله للنشر بتاريخ ‪5302/36/05‬‬


‫كيفية التوثيق‪ :‬عبد العـزيـز وصـفي‪ ،‬رشيدة الخيـر (‪" ،)5302‬تحليل مـدى كفاءة آليات تمـويل المقاوالت الصغيـرة والمتوسِّطة في المغرب‬

‫بين البنوك التَّقليديَّة والبنوك التَّ ُ‬


‫شاركيَّة (اإلسالميَّة)"‪ ،‬مجلة بحوث و تطبيقات في المالية اإلسالمية‪ ،‬المجلد ‪ ،0‬العدد ‪ ،2‬ص ‪.083-151‬‬

‫‪151‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫مقدمة‬
‫مهما في اقتصاد الشعوب والبلدان‪ ،‬ويزداد األمر أهمية في بلدان‬
‫دور ًّ‬
‫تلعب المشروعات الصغيرة والمتوسطة ًا‬
‫العالم العربي‪ ،‬باعتبارها أداة اقتصادية فاعلة تسهم في التنمية واإلقالع االقتصادي للبلدان فإن لها احتياجاتها‬
‫عددا ال باس به من الدول النامية والسائرة في طريق النمو‬
‫الخاصة التي تختلف عن المشروعات الكبيرة‪ ،‬فإن ً‬
‫كبير من جهودها على تطوير هذه المؤسسات وتنمية قدراتها الحرفية واإلبداعية‬
‫جانبا ًا‬
‫بل والمتقدمة رّكزت ً‬
‫وتشجيع الشباب على الدخول في مجاالتها المختلفة‪.‬‬

‫وبالبحث عن النماذج الناجحة من الشباب المقاول ببلدنا المغرب‪ ،‬نجد أن هناك بعض النماذج المتميزة‬
‫استطاعت تطوير مشروعاتها الصغيرة‪ ،‬وتمكنت من ترسيخ أقدامها في السوق المحلية‪ ،‬وحققت نتائج طيبة‬
‫مكنتها من توسيع أنشطتها على نحو متزايد‪ .‬لكن هذه الحصيلة تبقى ضعيفة ًّ‬
‫جدا ألسباب كثيرة‪ ،‬وعلى رأسها‬
‫مشكل التمويل وعقباته الكثيرة‪.‬‬

‫ونظر ألهمية المقاولة في اقت صاد الشعوب والبلدان يرى علماء االقتصاد والقانون أن تطوير المؤسسات ذات‬
‫ًا‬
‫أهم روافد عملية التنمية االقتصادية واالجتماعية‬ ‫المشاريع الصغيرة‪ ،‬وتشجيع إقامتها وتأهيلها هو من ِّ‬
‫أساسيا لزيادة الطَّاقة‬
‫ً‬ ‫خاص؛ وذلك باعتبارها منطلقًا‬
‫ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫بشكل‬ ‫ٍ‬
‫بشكل عام والدول النامية‬ ‫المستدامة في الدول‬
‫اإلنتاجية من ناحية‪ ،‬والمساهمة في معالجة مشكلتي الفقر والبطالة من ناحية أخرى‪ .‬ولذلك أولت دو ٌل كثيرةٌ‬
‫ايدا‪َّ ،‬‬
‫وقدمت لها العون والمساعدة بمختلف السُُّبل واإلمكانيات والبرامج والخدمات‬ ‫اهتماما متز ً‬
‫ً‬ ‫هذه المشاريع‬
‫المتاحة‪.‬‬

‫النامية ترّكز الجهود على هذا النوع من المشروعات‪ ،‬حيث أصبحت‬


‫واد ار ًكا لهذه الحقيقة أخذت معظم الدول ّ‬
‫وخاصة بعد أن أثبتت قدرتها وكفاءتها في معالجة المشكالت‬
‫ّ‬ ‫المتوسطة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الصناعات الصغيرة و‬
‫شجع إقامة ّ‬ ‫تُ ِّ‬
‫الكبيرة‪.‬‬

‫والذي ال يختلف حوله اثنان َّ‬


‫أن المقاوالت الصُّغرى والمتوسِّطة تعيش اليوم العديد من الصُّعوبات والتحديات‬
‫موها وازدهارها واستمرارها‪ ،‬ومنها بالخصوص صعوبة الولوج إلى التَّمويالت‬ ‫منيعا أمام ُن ّ‬
‫ً‬ ‫تقف ًّ‬
‫سدا‬ ‫التي ُ‬
‫البنكية‪ ،‬إضافة إلى ضعف القُدرات َّ‬
‫الذاتية‪ ،‬وارتفاع َّ‬
‫معدل المخاطرة‪ ،‬وعدم كفاية الضَّمانات‪.‬‬

‫ُّ‬
‫تحتل مكانةً أساسية ضمن المنظومة‬ ‫يتبين أن المقاوالت الصُّغرى والمتوسِّطة‬
‫وبالتركيز على بلدنا لمغرب ّ‬
‫األهمية العددية‬
‫ِّ‬ ‫أن هذه‬ ‫االقتصادية لهذا البلد‪ ،‬فهي تمثّل حوالي ‪ % 59‬من َّ‬
‫النسيج المقاوالتي المغربي‪ .‬غير َّ‬
‫فتحول بالتالي دون تفعيلها وتنميتها‪،‬‬
‫ال تُخفي من ورائها مجموعة من الصُّعوبات واإلكراهات التي تواجهها ُ‬
‫وعلى رأسها الصُّعوبات الماليَّة وما يرافقها من إكراهات حقيقيَّة متعددة‪ ،‬كالولوج إلى العقار‪ ،‬وضعف مستوى‬

‫‪152‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫تعليم وتكوين اليد العاملة‪ ،‬وضعف بنيتها التنظيمية‪ ،‬المنافسة غير المشروعة للقطاع غير المهيكل‪ ،‬العوائق‬
‫الجبائية والعوائق اإلدارية‪ ،‬وغيرها‪ .‬ورغم وجود هذه اإلكراهات المتنوعة والصعبة تبقى صعوبات التَّمويل‬
‫أهمها‪ ،‬هذه األخيرة هي التي َّ‬
‫شكلت مادة البحث األساسية للحديث عنها في بعض مالمحها الكبرى‪.‬‬ ‫ّ‬

‫مشكلة البحث‪:‬‬
‫وقد جاء هذا البحث ليناقش اإلشكالية التالية‪:‬‬

‫إلى أي مدى يمكن أن يكون التمويـل التشاركي الحل األمثل لمعالجة إشكالية تمويل المقاوالت‬
‫الصغرى والمتوسطة ببالدنا؟‬

‫خطة البحث‪:‬‬
‫يتفرع عنها من أسئلة‪ ،‬حاولنا أن نعتمد خطة منهجية قوامها‬
‫انطالقًا من هذه اإلشكالية المحوريَّة السابقة وما ّ‬
‫مبحثان‪:‬‬

‫البنكي للمقاوالت الصغرى‬‫ِّ‬ ‫‪ ‬المبحث األول‪ :‬وقفنا فيه على مظاهر وأسباب محدودية التَّمويـل‬
‫فتطرقنا إلى بيان قضيَّة واقع محدوديَّة ولوج المقاوالت الصغرى المتوسطة إلى التَّمويـل البنكي‬
‫َّ‬ ‫والمتوسطة‪،‬‬
‫أساسا في استشراف آفاق تجاوز سلبيات ومحدودية التمويل البنكي‬
‫ً‬ ‫(المطلب األول)‪ .‬وهذا التَّحليل ش ّكل لنا‬
‫تمويلي لمقاوالتنا‪ ،‬من شأنه مصاحبتها في‬
‫ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫كبديل‬ ‫يقدمه التَّمويل التشاركي‬
‫التقليدي‪ ،‬ودراسة ما يمكن أن ّ‬
‫عملية التأهيل وتقوية تنافسيتها (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫‪ ‬المبحث الثاني‪ :‬تناولنا فيه مظاهر وأسباب محدودية التَّمويل البنكي التَّقليدي للمقاوالت الصغرى‬
‫عرف مجموعة من اإلصالحات‪ ،‬كان من بين أهدافها‬‫المتوسطة‪ ،‬باعتبار أن النظام البنكي المغربي قد َ‬
‫ِّ‬ ‫و‬
‫لالدخار‪ ،‬وتخصيص لألموال بفعالية أكثر‪ ..‬هذه‬
‫در على تأمين تعبئة أفضل ّ‬‫ي ح ٍّـر وقا ٍ‬
‫وضع نظام عصر ٍّ‬
‫الحركية باإلضافة إلى تقليصها لتكلفة األموال‪ ،‬من شأنها ‪ -‬أيضا ‪ -‬تحسين ظروف استثمار المقاوالت‪،‬‬
‫خاصة الصغرى منها والمتوسطة‪ ،‬التي تم الحرص على تخصيصها بمجموعة من اآلليات‪.‬‬
‫ّ‬
‫غير َّأن ه بتقييم آثار اإلصالحات التي عرفها النظام بالمغرب على التمويل البنكي للمقاوالت الصغرى‬
‫والمتوسطة‪ ،‬يمكن الوقوف عند مظاهر حدود هذه اإلصالحات وعجزها عن توفير التَّمويل ِّ‬
‫الكمي و َّ‬
‫النوعي‬
‫لهذه الشريحة من المقاوالت (المطلب األول)‪.‬‬

‫َّ‬
‫إن الحدود اإلصالحيَّة المشار إليها راجعة باألساس إلى مجموعة من األسباب‪ ،‬عملنا على إبراز بعضها‬
‫من خالل تحليل للعالقة التَّمويلية الرابطة بين الطرفين (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫خصوصا تلك التي‬


‫ً‬ ‫النفعي للمؤسسات البنكية عبر مغاالتها في مطالبة زبنائها بتقديم ضمانات‪،‬‬ ‫إن التَّوجه َّ‬
‫َّ‬
‫لها ارتباط ِّ‬
‫بالذ َّمة المالية للمقاولة‪ ،‬من شأنه أن يؤثِّر على ارتفاع تكلفة التَّمويل الموجَّـه للمقاوالت الصغرى‬
‫والمتوسطة (المطلب الثالث)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مظاهر وأسباب محدودية التمويل البنكي للمقاوالت الصغرى والمتوسطة‬
‫يهدف هذا المحور البحثي إلظهار أبرز مظاهر وأسباب محدودية التَّمويل البنكي التَّقليدي للمقاوالت‬
‫عرف مجموعة من اإلصالحات ‪ ،‬وتقييم آثار‬‫الصغرى والمتوسِّطة‪ ،‬باعتبار أن النظام البنكي المغربي قد َ‬
‫اإلصالحات التي عرفها النظام بالمغرب على التمويل البنكي للمقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ ،‬ومدى حدودها‬
‫وعجزها عن توفير التَّمويل ِّ‬
‫الكمي والنَّوعي لهذه الفئة من المقاوالت (المطلب األول)‪.‬‬

‫في حين بحث الجزء الثاني من هذا المبحث الحدود اإلصالحيَّة المشار إليها وبيان أسبابها‪ ،‬وابراز بعضها‬
‫من خالل تحليل للعالقة التَّمويلية الرابطة بين الطرفين (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬واقع محدودية ولوج المقاوالت الصغرى والمتوسطة إلى التمويل البنكي‬

‫افر ضمن‬ ‫ٍ‬


‫بنصيب و ٍ‬ ‫نجد أن هناك قطاعات وفاعلون اقتصاديُّون يحظون‬ ‫النشاط التَّ ِّ‬
‫مويلي للبنوك‪ُ ،‬‬ ‫في إطار َّ‬
‫َّ‬
‫الموزعة[‪ ،]1‬وتبقى مقاوالتنا الصغرى والمتوسطة خارج هذه الشريحة‪ .‬وهو ما تبَّين لنا من خالل‬ ‫التمويالت‬
‫اء المتعلِّق منها بالقروض التقليدية وقروض‬
‫قراءة فاحصة في حصيلة تمويلها البنكي إلى حدود ‪ ،7102‬سو ٌ‬
‫دعم التشغيل الذاتي‪ ،‬أو ذلك المتعلِّق بصيغ تمويل التأهيل وصناديق الضمان‪ ،‬ويمكن من خالل هذه الرؤية‬
‫الخروج بالمالحظات التالية‪:‬‬

‫أوًال‪ :‬تراجع وضعف حجم وفعالية القروض المخصصة لتمويل المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫يمكن أن َّ‬
‫نتأكد من هذا األمر من خالل الدراسة التي قامت بها مديرية التوقعات االقتصادية التابعة‬
‫لو ازرة المالية‪ ،‬في شأن تقييم حصيلة تمويل المقاوالت الصغرى والمتوسطة بالمغرب‪ ،‬وذلك خالل الفترة‬
‫َّ‬
‫الممتدة ما بين (‪ ،]2[)3002 - 6991‬والى حدود ‪ 3062‬استمر األمر على نفس المنوال مع تغيير طفيف‬
‫لم يشمل جميع المقاوالت بصورة جيدة وكافية لتأهيلها وتنميتها‪ ،‬وهو ما كشفت عنه البيانات الصادرة عن‬
‫المكتب الوطني للملكية الصناعية والفكرية‪ ،‬الخاصة بالحصيلة المالية السنوية اإلجمالية للمقاوالت المغربية‬

‫‪ -1‬لل َّتوسُّع‪ ،‬راجع‪ :‬النظام البنكي بالمغرب وإشكالية تمويل المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.99 - 92 :‬‬
‫‪2 - Enquête sur le climat de l’investissement, Maroc, 2004. op. cit. p : 32‬‬

‫‪154‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫خالل ‪ ،3061‬عن تراجع المقاوالت المغربية عن االعتماد على القروض المالية لتدبير أمورها التسييرية‬
‫ومشاريعها التوسعية[‪.]3‬‬

‫وقد أوضح المركز المغربي للظرفية بأن المقاولة في المغرب ال تزال تعيش العديد من اإلكراهات التي‬
‫ُّ‬
‫وتحد من قدرتها على الصمود‪ ...‬وفي آخر تقرير أصدره حول حصيلة‬ ‫تطورها‪،‬‬ ‫ُّ‬
‫تحد من إنتاجيتها‪ ،‬وتكبح ُّ‬
‫السنة المالية ‪ 3062‬وآفاق ‪ 3062‬و‪ 3069‬أنه بالرغم من المجهودات التي قامت بها الدولة في السنوات‬
‫األخيرة للرفع من قيمة المقاولة المغربية‪ ،‬وزيادة تقوية فضاء األعمال المتواجدة فيه‪ ،‬إال أنها ما فتئت تواجه‬
‫عدة إكراهات تتمثَّل في صعوبة الولوج إلى القروض التمويليَّة‪ ،‬والشح في القدرة اإلبداعية واالبتكارية‪ ،‬وكذا‬
‫عدم توفُّر الدعم المالي لألبحاث‪ ،‬والمنافسة القادمة وبقوة من القطاع غير المهيكل‪ ،‬وارتفاع التكاليف المتعلقة‬
‫طبعا ‪ -‬إلى الظواهر التي تدخل في دائرة الفساد اإلداري‬
‫باإلنتاج السيما أجور اليد العاملة‪ ،‬باإلضافة – ً‬
‫والمالي‪.‬‬

‫سلبا على‬
‫يؤرق بال المقاول المغربي بالدرجة األولى‪ :‬هو مشكل الولوج إلى التمويل؛ إذ يؤثر ً‬
‫ولعل ما ِّ‬
‫المقاوالت الناشئة والصغيرة‪ .‬فقد أكد التقرير أن حجم القروض الذي ِّ‬
‫تقدمه األبناك لخلق المقاوالت تراجع‬
‫انخفاضا بنسبة‬
‫ً‬ ‫خالل الفترة مابين ‪ 3003‬و‪ ،3062‬من ‪ % 32‬ليقف عند عتبة ‪ ،% 29‬أي‪ :‬ما يعادل‬
‫علما بأن مساهمة األبناك في المقاوالت ما برحت هي المهيمنة‪.‬‬
‫‪ 69‬نقطة‪ً ،‬‬
‫وبالموازاة فقد ارتفعت القروض المخصصة للقطاع العام بانتقالها من ‪ % 2‬خالل ‪ ،3003‬إلى ‪% 2‬‬
‫خالل ‪ ،3062‬بزيادة ‪ ،%3‬وبالنسبة للقروض الموجهة للمقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ ،‬فهي لم تتجاوز عتبة‬
‫يضطر عادة إلى االعتماد‬
‫ُّ‬ ‫‪ %30‬من حيث القروض‪ ،‬رغم الجهود المبذولة منذ ‪ 3062‬لتمويلها‪ ،‬فالمقاول‬
‫على أمواله الخاصة لتقوية رأس المال الشركة‪ .‬وقد خلصت عدة مراكز أبحاث ودراسات دولية إلى أن مقاولة‬
‫مغربية واحدة من أصل خمسة‪َّ ،‬‬
‫تتحدث عن الفساد؛ باعتباره المعيق األول لبدايتها‪ ،‬مقارنة بنسبة ‪ % 2‬فقط‬
‫من المقاوالت المتواجدة في منطقة الشرق األوسط‪ .‬وبالرغم من تحسين المغرب لنتيجته بتسع نقاط مابين‬
‫بلدا‪ ،‬إال أن‬
‫ومنتقال من الرتبة ‪ 90‬إلى ‪ 26‬في ‪ً 620‬‬
‫ً‬ ‫عالميا ضمن مؤشر مدركات الفساد‪،‬‬ ‫ً‬ ‫‪ 3061‬و‪3062‬‬
‫يؤرق المقاولة المغربية!! [‪.]4‬‬
‫كابوسا ِّ‬
‫ً‬ ‫الفساد ما زال‬

‫‪ -3‬رقم معامالت المقاوالت الصغرى يتراجع في المغرب‪ ،‬محمد لديب‪ ،‬مقالة منشورة في موقع جريدة "هسبريس" اإللكتروني بتاريخ‪:‬‬
‫األربعاء ‪ 39‬نونبر‪.3062‬‬
‫‪ - 4‬مركز الظرفية يرسم صورة قاتمة عن واقع المقاولة المغربية‪ :‬ضعف التمويل واالبتكار وثقل الضرائب‪ ..‬عوامل تهدد الشركات‬
‫الناشئة باإلفالس‪ ،‬صحيفة االتحاد االشتراكي‪ ،‬بتاريخ‪.3062/02/61 :‬‬

‫‪155‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫وقد كشفت اإلحصائيات النهائية ألداء المقاوالت المغربية‪ ،‬أن (‪ )2030‬شركة أعلنت إفالسها خالل‬
‫سنة ‪ ،3062‬بسبب الصعوبات التي تواجهها‪ ،‬ما يمثل زيادة بواقع ‪ %63‬مقارنة مع السنة التي قبلها‪ ،‬مع‬
‫تسجيل إفالس قرابة (‪ )6062‬مقاولة جديدة في شهر دجنبر لوحده‪ ،‬مقارنة مع (‪ )6322‬مقاولة التي أفلست‬
‫في دجنبر من سنة ‪.]5[3061‬‬

‫وقد أ ّكدت عدة دراسات وتقارير علمية حديثة‪ ،‬تناولت الجانب االقتصادي بالمغرب‪ ،‬أن السياسة‬
‫االقتصادية العامة للدولة تبرز استمرار استجابتها للوصاية الدولية للمؤسسات المانحة‪ ،‬وانتهاج سياسة‬
‫استثمارية تهدر فيها أموال طائلة في مشاريع التوجه األفريقي عوض تعبئة "األرصدة المليارية" في االقتصاد‬
‫الوطني الهش في مختلف نواحيه!! [‪ .]6‬ومن خالل هذه المعطيات الرسمية والدقيقة‪َّ ،‬‬
‫يتبين َّ‬
‫أن سياسة إنعاش‬
‫المقاوالت الصغرى والمتوسطة بالمغرب تعاكسها تعبئة ضعيفة للقروض البنكية‪.‬‬

‫المتوسط والطويل‪ ،‬يدفع بالمقاوالت الصغرى والمتوسطة نحو االستدانة‬


‫ِّ‬ ‫ضعف التَّمويل ذي األجل‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫شك ُل تسهيالت الصندوق أكثر من نصف الديون‬ ‫قصيرة األمد "السهلة"‪ ،‬لكنها ثقيلة التكاليف‪ .‬حيث تُ ِّ‬
‫سلبا على بنيتها المالية التي تتَّخ ُذ البنوك من هشاشتها‬
‫اإلجمالية لهذه المقاوالت‪ ،‬وهو ما من شأنه التأثير ً‬
‫مدها بالقروض الالزمة لكي يبقى بذلك تمويل مقاوالتنا الصغرى والمتوسطة يدور في فلك هذه‬ ‫ذريعة لرفض ِّ‬
‫الحلقة المفرغة من التَّنمية ومواكبة التَّ ُّ‬
‫طور[‪.]7‬‬

‫ثانيا‪ :‬ضعف فعالية قروض دعم التشغيل الذاتي (نموذج برنامج مقاولتي)[‪.]8‬‬
‫ً‬ ‫‪‬‬

‫حسب آخر اإلحصائيات الصادرة عن و ازرة التشغيل‪ ،‬لم يمكن هذا البرنامج من خلق سوى (‪)3900‬‬
‫مقاولة صغيرة ما بين سنتي (‪ ،)3069 - 3002‬أرجعت الو ازرة هذا األمر إلى تقاعس البنوك التي لم تسهم‬
‫مشروعا سنة ‪ ،3062‬مقابل أزيد من ‪ 300‬سنة ‪ ،3009‬ثم إَّنه منذ بداية اعتماد‬
‫ً‬ ‫في تمويل سوى ‪62‬‬

‫‪ -5‬نزيف المقاوالت مستمر‪ ..‬اإلفالس تضاعف ثالث مرات‪ ،‬جريدة "اليوم ‪.26-06-3062 ،"39‬‬
‫‪ -6‬انظر‪ :‬تقرير المغرب في سنة ‪ ،3062‬إنجاز‪ :‬وحدة الدراسات االقتصادية والمالية‪ ،‬إشراف وتنسيق‪ :‬د‪ .‬مصطفى ش ٌكري‪.‬‬
‫‪ -7‬انظر‪ :‬رشيدة الخير‪ ،‬النظام البنكي بالمغرب وإشكالية تمويل المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ ،‬ص‪.632 :‬‬
‫‪ -8‬هناك برامج أخرى لدعم المقاوالت لم نتطرق إليها مثل‪ :‬برنامج مساندة‪ ،‬وبرنامج امتياز‪ -‬نمو‪ ،‬ويسري عليها نفس التحليل مع‬
‫اختالف طفيف‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫مول البنوك سوى ‪ %23‬من مجموع الشباب الحاملين للمشاريع[‪ ،]9‬والتي ما فتئت تبدي ًا‬
‫حذر‬ ‫البرنامج لم تُ ِّ‬
‫مبررة رفضها بعدم تقديم الشباب لمشاريع قابلة للتَّمويل!![‪.]10‬‬‫ايدا‪ِّ ،‬‬
‫متز ً‬

‫ثالثًا‪ :‬محدودية استغالل ضعف استغالل صناديق الضمان‪ ،‬والخطوط األجنبية لتمويل‬ ‫‪‬‬

‫تأهيل المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪.‬‬


‫َّ‬
‫إن البحث عن مصادر جديدة لتمويل المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ ،‬كان وراء إنشاء مجموعة من‬
‫صناديق الضمان‪ ،‬وكذا صناديق الضمان المشترك‪ ،‬هدفها مرافقة هذه األخيرة في مجهودات التَّأهيل‪.‬‬

‫خارجي‪ ،‬إما عن طريق االتِّفاقيات الموقَّعة‬


‫ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫مصدر‬ ‫َّ‬
‫تمويليةٌ أخرى ذات‬ ‫إلى جانب ذلك‪ ،‬جاءت خطوطٌ‬
‫في إطار الشراكة مع االتحاد األوربي أو العالقات التي تربط بالدنا بدول أخرى‪ ،‬لتصاحب المقاوالت‬
‫الصغرى والمتوسطة من أجل التأهيل وأخرى تم اإلعالن عنها في إطار برامج اإلقالع الصناعي عن تدبيرين‬
‫أساسين للنهوض بالمقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ ،‬فالبرنامج األول يهدف إلى مواكبة المقاولة في جهودها‬
‫للتحديث ولتحسين مردوديتها (برنامج مساندة)‪ ،‬أما الثاني‪ :‬فيرمى إلى مساعدتها في الحصول على الدعم‬
‫المالي من طرف األبناك المغربي (برنامج امتياز)‪.‬‬
‫[‪]11‬‬
‫لمختلف هذه اآلليات‪ ،‬نستخلص محدودية دعمها لتمويل المقاوالت‬ ‫لكن بدراسة آخر حصيلة‬
‫الصغرى والمتوسطة‪ ،‬والتي تتجلَّى في اآلتي‪:‬‬

‫رابعا‪ :‬تواضع ح ِ‬
‫صائل صناديق الضمان والتمويل المشترك‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪‬‬

‫خلق ما يسمى بـ‪:‬‬


‫تم ُ‬ ‫من أجل اإلسهام في ِّ‬
‫حل مشكل تمويل وتأهيل المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪َّ ،‬‬
‫غرضها الجوهري هو تسهيل ُولُوج هذه‬
‫ُ‬ ‫صناديق‬
‫ٌ‬ ‫"صناديق الضمان"‪ ،‬وكذا "صناديق التمويل المشترك"‪ ،‬وهي‬
‫البنكي من خالل ضمان القروض الممنوحة من طرف البنوك (صندوق ضمان قروض‬ ‫ِّ‬ ‫المقاوالت إلى التَّمويل‬
‫تأهيل المقاوالت‪ ،‬صندوق هيكلة الديون "استمرار")‪ ،‬أو االشتراك مع البنك المعني باألمر في تمويل مقاولة‬
‫من المقاوالت المستجيبة لشروط االستفادة من هذه الصناديق (الصندوق الوطني لتأهيل المقاوالت‪ ،‬صندوق‬

‫‪9 - Voir: BENEZHA (Hajar), «Emploi: L’échec des programmes d’insertion», L'Economiste, édition 4375, du: 09‬‬
‫‪/10/2014.‬‬

‫‪ -10‬انظر‪ :‬النظام البنكي بالمغرب وإشكالية تمويل المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.613 :‬‬
‫‪ -11‬قلنا‪ :‬آخر الحصائل؛ ألنه سوف يالحظ أنَّ هناك اختال ًفا في تواريخ اإلحصائيات المعتمدة‪ ،‬وهو أم ٌر راج ٌع إلى ال َّتباين في تواريخ‬
‫يؤثـر هذا األمر كثيرً ا على االستنتاجات‬ ‫آخر الحصائل التي استطعنا الحصول عليها‪ .‬ولكن مع ذلك فليست هناك فروق شاسعة بينها‪ ،‬ولن ِّ‬
‫التي خرجنا بها من خالل دراستنا لهذا الموضوع‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫ندقية‪ ،‬صندوق إزالة التَّ ُّلوث‬


‫إعادة هيكلة مقاوالت قطاع النسيج واأللبسة‪ ،‬صندوق تحديث الوحدات الفُ ُ‬
‫الصناعي‪.)...‬‬
‫ِّ‬

‫نقدم المعطيات العلمية التالية‪:‬‬


‫يخص حصائل هذه الصناديق ّ‬
‫ُّ‬ ‫وفيما‬

‫بالنسبة للصندوق الوطني لتأهيل المقاوالت‪ :‬فقد بلغ عدد المشاريع المستفيدة منه سبعة وستون‬
‫مشروعا‪ ،‬بينما لم يتم استغالل‪ ،‬والى حدود أكتوبر ‪ 3002‬سوى ‪ % 22,12‬من أصل الميزانية‬
‫ً‬ ‫(‪)12‬‬
‫المرصدة‪.‬‬

‫مشروعا‪ ،‬ولم يتم استغالل ‪ -‬والى حدود نهاية‬


‫ً‬ ‫أما بخصوص "فوديب"‪ :‬فقد ت َّم تمويل ثالثة وأربعين‬
‫‪ -3003‬سوى حوالي ‪ % 99,9‬من مجموع مبلغ الهبة‪.‬‬

‫تم االلتزام بنسبة ‪ُ ،% 39‬م ِّو َل بمقتضاها تسعة عشر‬


‫أما صندوق تحديث الوحدات الفندقية‪ :‬فقد َّ‬
‫تم قبوله‪ ،‬أما حصة التَّمويل البنكي فقد بلغت نسبة واحد‪ ،‬وذلك إلى حدود ‪ 62‬يناير ‪.3009‬‬
‫مشروعا َّ‬
‫ً‬
‫تم ضمان خمسة وعشرين مليون وستمائة‬
‫يخص صندوق هيكلة الديون البنكية (استمرار)‪ :‬فقد َّ‬
‫ُّ‬ ‫أما فيما‬
‫ألف (‪ )33,1‬من االلتزامات لفائدة ستة عشر مقاولة إلى حدود الواحد والثالثين من دجنبر ‪.3001‬‬

‫تم إطالقه بمبادرة‬


‫وبالنسبة لصندوق الدعم المالي للمقاوالت الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة‪ ،‬والذي َّ‬
‫من بنك المغرب والمجموعة المهنية لبنوك المغرب وصندوق َّ‬
‫الضمان المركزي في يونيو ‪ ،3069‬بهدف‬
‫جدا والصغرى والمتوسطة‪ ،‬وتمكينها من المساهمة في النمو‬‫المالي للمقاوالت الصغيرة ًّ‬
‫ِّ‬ ‫تعزيز التَّوازن‬
‫االقتصادي‪ ،‬فقد عرف في بداية انطالقه مساهمة ملموسة في ضمان القروض الممنوحة لهذه المنشآت‪ ،‬فاقت‬
‫اجعا ملحوظًا بنسبة (‪ ،)-22%‬فيما‬ ‫المليار درهم لفائدة (‪ )612‬مقاولة‪ ،‬لكن سرعان ما عرف هذا َّ‬
‫النشاط تر ً‬
‫الضمان المركزي‪ ،‬وبنسبة (‪ )-22%‬بالنسبة للقروض الممنوحة من طرف البنوك‬‫يخص تمويل صندوق َّ‬ ‫ُّ‬
‫التِّجارية‪.‬‬

‫تم إطالق برنامج "التأهيل اللوجيستيكي" للمقاوالت الصغرى‬


‫والجدير باإلشارة أنه في سنة ‪3062‬م ّ‬
‫والمتوسطة لفائدة حوالي ‪ 100‬مقاولة صغرى ومتوسطة بغالف مالي يبلغ ‪ 12‬مليون درهم‪ ،‬وفي هذا الصدد‬
‫تم توقيع اتفاقية شراكة لتفعيل هذا البرنامج‪.‬‬

‫ويندرج هذا البرنامج ‪ -‬الذي بادرت الوكالة المغربية لتنمية "األنشطة اللوجيستيكية" بإعداده بشراكة مع‬
‫االتحاد العام لمقاوالت المغرب ‪ -‬في إطار تفعيل "االستراتيجية اللوجيستيكية" الوطنية‪ ،‬وخاصة المحور‬
‫ُّ‬
‫ويمتد للفترة (‪ )3036-3062‬مع مرحلة أولى‬ ‫المتعلق بتنمية "فاعلين لوجيستيكيين" ناجعين ومندمجين‪،‬‬
‫(‪ ،)3062-3062‬وكما أخبر المسؤولون عنه‪ ،‬أنه يترجم اإلرادة المشتركة للفاعلين من القطاعين العام‬

‫‪158‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫والخاص من أجل جعل "اللوجيستيك" دعامة ورافعة لتحسين القدرة التنافسية العامة للمقاوالت المغربية‬
‫الصغرى والمتوسطة في محيط دولي يتَّسم بمنافسة اقتصادية كبيرة‪.‬‬

‫تحمالت الصندوق المركزي للضمان في عالقته‬ ‫ضح َّ‬


‫أن مجموع ُّ‬ ‫ومن خالل هذه المعطيات الحديثة يتَّ ُ‬
‫مع مختلف صناديق الضمان متواضعة‪ ،‬بالمقارنة مع حاجيات تقوية ودعم النسيج المقاوالتي‪ ،‬والذي يبقى‬
‫كبير منه على هامش مسلسل التأهيل‪ .‬ونأخذ هنا على سبيل المثال "صندوق الدعم المالي للمقاوالت‬
‫جزٌء ٌ‬
‫الصغيرة ًّ‬
‫جدا والصغرى والمتوسطة"‪ ،‬الذي يتبيَّن من خالل شروطه‪َّ ،‬أنه يعيد دعم المقاوالت َّ‬
‫القوية والتي‬
‫النمو‪ ،‬والتي قد‬
‫مستبعدا بذلك شريحة كبيرة من المقاوالت التي توجد في طور ِّ‬ ‫ً‬ ‫تواجه صعوبات مالية عابرة‪،‬‬
‫للرفع من مستواها‪ ،‬وثباتها في عالم االقتصاد والتَّ ُّ‬
‫غيرات اإلقليمية والدولية‪.‬‬ ‫مالي َّ‬
‫تحتاج إلى دعم ِّ‬
‫وبالتالي يبقى هذا دليل ملموس على تحفُّظ البنوك في التَّعامل مع نظام الضمان من أجل تمويل‬
‫خصوصا تمويل حاجيات االستثمار ودعم تنافسية المقاوالت‪ ،‬والتي تحتاج‬
‫ً‬ ‫المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪،‬‬
‫بالطبع إلى تمويل طويل األجل‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬ضعف استغالل اعتمادات خطوط التمويل األجنبية‪.‬‬


‫ً‬ ‫‪‬‬

‫الخاصة بهذه‬
‫َّ‬ ‫إلى حدود نهاية سنة ‪ 3003‬لم يتم االلتزام سوى بنسبة ‪ %16,2‬من مجموع الميزانية‬
‫الخطوط[‪.]12‬‬

‫ويمكن تفسير ضعف استعمال خطوط االعتماد األجنبية بمجموعة من األسباب‪َّ ،‬‬
‫ولعل أبرزها ما يلي‪:‬‬

‫خصوصا قبل تأسيس الوكالة الوطنية للنهوض بالمقاوالت‬


‫ً‬ ‫‪ ‬السبب األول‪ :‬يكمن في ضعف الوساطة‪،‬‬
‫الصغرى والمتوسطة‪.‬‬

‫السبب الثاني‪ :‬يتمثَّل في غياب تحفيز للبنوك المغربية التي تفضل تقديم منتجاتها التمويلية التي تتقن‬ ‫‪‬‬

‫استعمالها‪ ،‬وتجني وراء ذلك أرباحا مهمة عوض االنخراط في مساطر ثقيلة وضعيفة المردودية‪.‬‬

‫السبب الثالث‪ :‬يتجلَّى في ثقل المساطر‪ ،‬وطابع الشروط الخاصة بالقروض الممنوحة في إطار هذه‬ ‫‪‬‬

‫الخطوط‪.‬‬

‫من خالل ما سبق‪ ،‬يتضح لنا ما يلي‪:‬‬

‫‪ -12‬جاء ذلك على لسان مديرة الوكالة الوطنية للنهوض بالمقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪ECHIHABI (Latifa) , "stratégie nationale de modernisation et compétitivité des entreprises au Maroc", Tunis 16 MAI 2006,‬‬
‫‪pp : 4 – 34.‬‬

‫‪159‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫ود التَّمويل البنكي للمقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ ،‬ال يجد سببه في قلة اآلليات التمويلية‪ ،‬لكن‬ ‫‪َّ )6‬‬
‫إن حد َ‬
‫المشكل يكمن في صعوبة الولوج إلى هذا التمويل من أجل االستفادة من هذه الموارد‪ ،‬والتي يعاب عليها‬
‫خاصة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫تطور المقاولة‪ ،‬وما تفرزه من حاجيات تمويلية‬
‫أيضا‪ ،‬عدم مواكبتها لمختلف مراحل ُّ‬
‫ً‬
‫ٍ‬
‫مجموعة من‬ ‫محدودية التَّمويل هاته ليست بمحض ُّ‬
‫الصدفة‪ ،‬واَّنما هي ناجمةٌ عن‬ ‫َّ‬ ‫مظاهر‬ ‫‪َّ )3‬‬
‫إن‬
‫َ‬
‫ينجم عنها من ٍ‬
‫آثار‬ ‫ِّ‬
‫المتوسطة بالبنوك‪ ،‬وما ُ‬
‫ِّ‬ ‫المتحكمة في رسم عالقة المقاولة الصغرى و‬ ‫األسباب والعوامل‬
‫البنكي الذي تستفيد منه هاته المقاوالت‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫على تحديد وتيرة ونوع التَّمويل‬

‫المطلب الثاني‪ :‬هشاشة العالقة بين المقاولة الصغرى والمتوسطة‪ ،‬وبين البنوك‪ ،‬أو األسباب‬
‫المفسـرة لمحدودية التمويل البنكي‪.‬‬
‫المتوسطة إلى التَّمويل البنكي‪ ،‬كانت ‪ -‬وما زالت ‪ -‬موضوع‬
‫ِّ‬ ‫الصغرى و‬
‫إن صعوبةَ ُولوج المقاوالت ُّ‬‫َّ‬
‫حاد ٍة بالمغرب‪ ،‬فمن جهة تشتكي المقاوالت من حذر البنوك‪ ،‬وضعف اهتمامها بتمويلها‪ ،‬بينما تجيب‬
‫نقاشات َّ‬
‫ضعف جودة ملفات االستثمار وطلبات القروض‪ .‬إن هذه المظاهر تُ ِّبين عن مدى هشاشة‬ ‫بأن السبب َ‬ ‫البنوك َّ‬
‫العالقة "االئتمانية" الرابطة بين المقاولة الصغرى والمتوسطة‪ ،‬ويتبيَّن لنا األمر أكثر‪ ،‬إذا ما علمنا الظُّـروف‬
‫نح القروض من طرف البنوك‪ ،‬وما َّ‬
‫تتميز به هذه األخيرة من ارتفاع في التكلفة‪ .‬ويجدر‬ ‫يتم في إطارها َم ُ‬ ‫التي ُّ‬
‫بنا في هذا المقام أن نبيِّن هذه اإلشكالية واألسباب المؤدية إليه من خالل الفروع التالية‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬حذر وتخوف البنوك من تمويل المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ :‬األسباب‬
‫المتحكمة‪.‬‬
‫نظر لما يمكن‬ ‫خصوصا للمقاوالت ذات البنية المالية َّ‬
‫الهشة‪ً ،‬ا‬ ‫ً‬ ‫ف البنوك من منح قروض‪،‬‬ ‫تتخو ُ‬
‫غالبا ما َّ‬
‫أن ينجم عن ذلك من مخاطر التَّـقصير في األداء‪ ،‬وهذه الرؤية مبنية على أسباب‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬ضعف بنية المقاولت الصغرى والمتوسطة‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫الرساميل الذاتية وديون‬


‫كما هو معلوم‪ ،‬أن هناك مصدران للتمويل‪ ،‬وهما‪ :‬التمويل الدائم المكون من َّ‬
‫التمويل‪ ،‬ثم الديون ذات المدى القصير التي يمكن أن تكون من مصدر تجاري على شكل تسهيالت في‬
‫األداء‪ ،‬ممنوحة من طرف الممونين أو من مصدر بنكي‪ .‬وتُ ُّ‬
‫عد الرساميل الذاتية مرادفًا لتحقيق المقاولة‬
‫الستقاللها المالي‪ ،‬مع ما ينجم عن ذلك من تقليص لمخاطر االئتمان[‪ ،]13‬غير أنه بتحليلنا لتركيبة البنية‬

‫‪13 - BLUNDEN, Katherine: «L'appréciation du risque bancaire», La revue Analyse financière (SFAF), n° 54, 3ème trimestre,‬‬
‫‪1983, p. 45.‬‬

‫‪160‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫َّ‬
‫المالية لهذه المقاوالت‪ ،‬يالحظ ضعف نسبة هذه األموال‪ ،‬مقابل ارتفاع نسبة المديونية قصيرة األجل‪ ،‬وهو‬
‫ارتفاع تتحكم فيه مجموعة من األسباب‪:‬‬

‫غلبة الودائع ألجل داخل موارد البنوك‪ ،‬التي تدفعها إلى الحرص على القيام بمعامالت قصيرة األجل‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬أهمية حاجيات رأس المال العامل والتمويل الدوري داخل المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪.‬‬

‫فارق بين فترة إنفاق المقاولة وتوافر الموارد لتغطية هده النفقات‪ ،‬تلجـأ المقاولة‬
‫غالبا‪ٌ -‬‬
‫ونظ ار لتواجد ‪ً -‬‬
‫سد هذه الحاجيات‪ ،‬إلى القروض البنكية‬ ‫الصغرى والمتوسطة‪ ،‬في ظل عدم قدرة موارد االستغالل على ِّ‬
‫قصيرة األجل‪ ،‬والذي يش ِّك ُل كل من الخصم والحساب المكشوف ضمنها أهم موارد التمويل المستعملة‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن هذه القروض‪ ،‬ال تستعمل فقط كموارد آنية‪ ،‬ولكن كموارد دائمة لتمويل حاجيات‬
‫رأس المال العامل‪ ،‬وهو األمر الذي من شأنه اإلسهام في ارتفاع االستدانة ذات المدى القصير بشكل مفرط‪.‬‬

‫مهم في تعامالتها مع هذه األخيرة‪ .‬فمن‬ ‫َّ‬


‫المالية للمقاولة كمعيار ٍّ‬ ‫‪ -‬المقاربة البنكية التي تعتمد ِّ‬
‫الذمة‬
‫وجهة نظر اقتصادية لموظفي القطاع البنكي‪ ،‬يبقى ُّ‬
‫مد المقاوالت الصغرى والمتوسطة بقروض طويلة األجل‬
‫نظر لضعف أموالها َّ‬
‫الذاتية بالمقارنة مع ديونها‪.‬‬ ‫عمال يحمل في طياته مخاطر كبيرة؛ ًا َ‬
‫ً‬

‫ونظر لضعف بنية المقاوالت الصغرى والمتوسِّطة وتخبُّطها في جانب التّمويل البنكي‪ ،‬رّكزت الكتابات‬ ‫ًا‬
‫فعالة تقود قاطرة التنمية‬
‫المضي قُ ُد ًما في تشجيعها‪ ،‬باعتبارها أداة ّ‬
‫ِّ‬ ‫المعاصرة على االهتمام بها ومساندتها‪ ،‬و‬
‫االقتصادية واالجتماعية بالبلد[‪.]14‬‬

‫درجة مخاطـر تمويل المقاولة الصغرى والمتوسطة من وجهة نظر بنكية‬ ‫ارتفاع‬ ‫ثانيا‪:‬‬
‫‪ً ‬‬
‫تتذرع البنوك بالمخاطر المتعلقة بتمويل المقاولة الصغرى والمتوسطة‪ ،‬لكي تبرر ضعف‬
‫غالبا ما َّ‬
‫ً‬
‫تمويالتها لفائدة هذه الشريحة من المقاوالت‪.‬‬

‫فضعف التدبير المالي لهذه الشريحة من المقاوالت ذات الطابع العائلي المنغلق‪ ،‬باإلضافة إلى عدم‬
‫توفر معظمها على الضمانات الالزمة‪ ،‬يبرران حذر وتحفظ البنوك في غالب األحيان من هذا التمويل‪.‬‬

‫إن البنك باعتباره مقاولة من المقاوالت‪ ،‬يخضع في تسييره لمجموعة من الضوابط األساسية‪ .‬فعندما‬
‫يهم بتوزيع الموارد المالية المتاحة على مختلف االستخدامات‪ ،‬فهو يحاول أن يختار أفضل االستعماالت‬

‫‪ -14‬راجع‪ :‬خطب وندوات صاحب الجاللة الملك محمد السادس‪ 32 ،‬يوليوز ‪ 62 -6999‬يوليوز ‪ ،3000‬ص ‪ 606‬و‪ ،399‬والنظام‬
‫البنكي بالمغرب وإشكالية تمويل المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.303-690 :‬‬

‫‪161‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫الممكنة‪ .‬واالستخدام األفضل للموارد المالية‪ ،‬من وجهة نظر البنك‪ ،‬هو ذلك االستخدام الذي يستجيب للعديد‬
‫من االعتبارات المالية وغير الماليَّة[‪.]15‬‬

‫فأما األولى فهي ترتبط أكثر بمعايير الربحية‪ ،‬المردودية والسيولة‪ .‬وأما الثانية‪ ،‬فهي تشكل في الواقع‪،‬‬
‫واحدة من مصادر التهديدات بالنسبة للبنك‪ ،‬تتمثل في التغييرات التي يمكن أن تحدث ما بين لحظة منح‬
‫القرض ولحظة استرداده‪.‬‬

‫إن مخاطر تمويل المقاولة الصغرى والمتوسطة بالنسبة للبنك‪ ،‬ذات تسمية واحدة‪ ،‬تتمثل في غالب‬
‫األحيان‪ ،‬في انخفاض أو الضياع النهائي للمردودية‪ ،‬خصوصا وأن هذا النوع من المقاوالت تبقى ضعيفة‬
‫َّ‬
‫االقتصادية من‬ ‫أمام مواجهة التَّغيرات التي يمكن أن تحدث في محيطها العام‪ ،‬وما يمكن أن تعرفه السياسة‬
‫الت اقتصاديَّة عميقة على أكثر من صعيد (أنماط اإلنتاج االقتصاديَّة‪ ،‬القيم الثَّقافية‪ ،‬والتَّقاليد‬ ‫تحو ٍ‬
‫ُّ‬
‫االجتماعية‪ ...‬إلخ)[‪.]16‬‬

‫فالمخاطر هنا ترتبط أكثر بالمردودية‪ ،‬وبدرجة توازن البنية المالية‪ ،‬وكذا بالتَّغييرات التي يمكن أن‬
‫بنية ماليَّ ٍة‬
‫قائم على ٍ‬
‫ي ٍ‬ ‫المهتمين الذين يرون إمكانية فشل مشروٍع استثمار ٍّ‬
‫ِّ‬ ‫كثير من‬ ‫تمسهما‪ ،‬وهو ما ال ُي ِّ‬
‫حبذه ٌ‬ ‫َّ‬
‫جيدة[‪.]17‬‬
‫مبدئيا ‪ّ -‬‬
‫ً‬ ‫‪-‬‬

‫المتوسطة من طرف البنوك‪ ،‬يؤثِّـر ‪ -‬بدون‬


‫ِّ‬ ‫إن توقُّ َع ارتفاع درجة مخاطر تمويل المقاوالت الصغرى و‬
‫َّ‬
‫َّ‬
‫المقدمة من طرف هذه األخيرة‪ ،‬وهذا ما تناولته في‬ ‫شك ‪ -‬على طُـرق دراستها وقبولها لملفات القروض‬ ‫ٍّ‬
‫المطلب الموالي‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬عدم فعالية األساليب المعتمدة لقبول منح القروض للمقاوالت الصغرى‬
‫والمتوسطة‪.‬‬
‫َّ‬
‫إن البنك مهما كانت مصادر موارده المستعملة‪ ،‬فإنه يريد توظيف هذه األخيرة بالشكل الذي يحافظ‬
‫عليها ويضمن سالمتها‪ .‬وهذا األمر يصبح لزاما عندما يتعلق األمر باستعمال موارد الغير‪ .‬غير أن ما يعاب‬
‫على البنوك التجارية بالمغرب‪ ،‬هو اعتمادها لمقاربة كالسيكية في دراسة ملفات القروض ومبالغتها في طلب‬
‫الضمانات‪.‬‬

‫‪15 -Institut de Développement, «le financement de la petite entreprise en Afrique», préface de Robert Arzano, l’Harmaton,‬‬
‫‪1995 .P: 46-4.2‬‬

‫‪16- Ibn abdeljalil (Najib), «L'entreprise et son environnement, Recueil des publications», P. 74.‬‬

‫‪17- Ibn abdeljalil, op. cit., p. 74.‬‬

‫‪162‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫‪ ‬أوًال‪ :‬اعتماد المقاربة التقليدية في دراسة ملفات القروض البنكية‬


‫مهما من طلبات القروض‪ ،‬وتتخذ مجموعة من الق اررات‪ ،‬قد يكون جزء‬
‫عددا ًّ‬
‫يوميا ً‬
‫تفحص البنوك ً‬
‫كبير منها غير مالئم‪ .‬فإذا كان من المقبول الحكم بضرر قرار منح قرض لمقاولة "سيئة"‪ ،‬فإن هناك أيضا‬
‫ق اررات أخرى قد تضر بالمقاولة "الجيدة"‪ ،‬ترجع في كثير من األحيان إلى عدم اعتماد تشخيصات جيدة‬
‫لوضعيتها المالية للمقاولة‪.‬‬

‫وللتفصيل في ذلك‪ ،‬اعتمدنا على خالصات دراسة‪ ،‬قام بها أحد الباحثين الجامعيين حول موضوع‪:‬‬
‫"استراتيجية توزيع القروض وتشخيص توقف المدينين عن الدفع"[‪ ،]18‬حاول من خاللها دراسة المعايير‬
‫المعتمدة في ق اررات منح القروض للمقاوالت من جهة‪ ،‬وتفسير محددات توقف هذه األخيرة عن الدفع من‬
‫جهة أخرى‪ .‬وهكذا تم التَّمييز بين نوعين من المعامالت و ِّ‬
‫الن َسب المالية المعتمدة‪ ،‬أحدهما‪ :‬متعلق بنشاط‬
‫االستغالل (معامل اإلنتاجية‪ ،‬معامل المردودية)‪ ،‬أما اآلخر‪ :‬فهو متعلِّـ ٌ‬
‫ق بالبنية المالية (معامل نصيب‬
‫المصاريف المالية في النتائج‪ ،‬معامل القدرة على التسديد‪ ،‬معامل المديونية‪ ،‬ثم معامل المالءة)[‪.]19‬‬

‫ومن خالل المقارنة بين هذه العوامل واألخرى المتحكمة في تقصير المقاوالت‪َّ ،‬‬
‫تبيـن من بين الخمس عوامل‬
‫تم اعتمادها بمناسبة دراسة ملف القرض‪ ،‬نجد فقط "معامل المديونية"‪ ،‬و"معامل المالءة"‪ ،‬هما المؤثران‬
‫التي َّ‬
‫في منح هذا األخير‪ ،‬في حين أنهما لم يكونا المتحكمين في تقصير المقاوالت المعنية وهو ما يمكن أن يشكل‬
‫إجحافا في حق مجموعة من المقاوالت السليمة التي لم تستفد من تصنيف جيد‪ ،‬نتيجة تقدير خاطئ لمخاطر‬
‫ِّ‬
‫المتحكمين الرئيسيين‬ ‫التقصير في األداء‪ ،‬في حين كان "معامل المردودية" و"معامل المصاريف المالية"‪ ،‬هما‬
‫في تقصير تلك المقاوالت‪ ،‬غير َّأنهما لم يؤثِّـ ار في اتِّخاذ قرار منح التَّمويل‪.‬‬

‫َّ‬
‫إن اعتماد درجة "المالءة" ومستوى "المديونية" بصفة أساسية‪ ،‬يمكن أن يؤدى بالبنك‪ ،‬إما إلى المبالغة‬
‫واإلفراط في تقدير خطر التقصير أو تقديره بأقل من الحقيقة‪ ،‬وتصنيفه بالتالي "المقاوالت السليمة" ضمن تلك‬
‫مساهما بذلك البنك نفسه في تحقيق مخاطر االئتمان‪.‬‬
‫ً‬ ‫التي يحمل تمويلها مخاطرة كبيرة‪ ،‬والعكس صحيح‪،‬‬

‫‪18 -MASMOUDI (Hicham), «stratégies d’octroi des prêts et analyse de la défaillance des emprunteurs. Application de‬‬
‫‪modèles sur données d’entreprises».‬‬

‫‪ -19‬انظر‪ :‬عائشة الشرقاوي المالقي‪ ،‬البنوك اإلسالمية‪ :‬التجربة بين الفقه والقانون والتطبيق‪ ،‬ص ص‪.631 - 633 :‬‬

‫‪163‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫ثانيا‪ :‬تشدد البنوك في طلب الضمانات البنكية‬


‫‪ً ‬‬
‫بالمغرب‪ ،‬تلجأ البنوك إلى طلب الضمانات كأحد معايير تخصيص وتقييد توزيع مواردها بين‬
‫زبنائها[‪ .]20‬لكن نجد أن ذلك يتم على حساب المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ ،‬المطالبة دائما برهن‬
‫مستقبال‪.‬‬
‫ً‬ ‫مجموع أموالها من أجل التدليل على الوفاء بالتزاماتها‬

‫وتبقى الضمانات المبالغ في طلبها من طرف البنوك أحد أهم االنتقادات الموجهة لهذه األخيرة‪.‬‬

‫ولعل األمر سيتضح أكثر‪ ،‬مع معطيات تقرير البنك الدولي حول "تقييم مناخ االستثمار بالمغرب"‪ ،‬التي‬
‫وتم رفض ملفاتها؛ ألن ‪ % 19‬منها ال يملك ضمانات[‪.]21‬‬
‫قرضا َّ‬ ‫تفيد َّ‬
‫بأنه ضمن نسبة المقاوالت التي طلبت ً‬
‫غالبا ما تطلبها البنوك‪ ،‬تلعب َّ‬
‫الضمانات العقارية دور "بطاقة‬ ‫يخص أنواع َّ‬
‫الضمانات التي ً‬ ‫ُّ‬ ‫أما فيما‬
‫الدخول" إلى سوق االئتمان‪.‬‬

‫وعلى الرغم مما يقوم به صندوق الضمان المركزي ‪ -‬باعتباره مؤسسة ماليَّة عمومية في حكم‬
‫المؤسسات البنكية التي أحدثت سنة ‪ 6999‬يساهم باعتباره آلية من آليات الدولة‪ ،‬في تحفيز المبادرة الخاصة‬
‫عبر تشجيع خلق المقاوالت وتطويرها وتحديثها‪ ،‬باإلضافة إلى دعم الولوج للسكن‪ ،‬وضمان قروض االستثمار‬
‫واالستغالل واعادة الهيكلة المالية‪ ،‬ونحوها من الخدمات‪.‬‬

‫طبيعيا للبنوك أبرم مع هذه األخيرة اتفاقيات للتعاون في مجال استخدام منتجات‬
‫ً‬ ‫ورغم وصفه شري ًكا‬
‫للتطور االقتصادي المنشود الذي‬
‫ّ‬ ‫الضَّمان والتَّمويل المشترك‪َّ ،‬‬
‫فإن هذه الجهود تبقى ضئيلة وغير ومواكبة‬
‫يشهده العالم‪.‬‬

‫مهما للحصول على القروض البنكية‪ ،‬وهو ما‬ ‫وهكذا تبقى ملكية األرض ‪ -‬في الواقع المغربي ‪ -‬شرطًا َّ‬
‫النوع من الضَّمانات[‪ ،]22‬وباإلضافة‬ ‫يضر بالمقاوالت الصغرى والمتوسطة التي ال تتوفَّـر ‪ً -‬‬
‫غالبا ‪ -‬على هذا َّ‬ ‫ُّ‬

‫‪20- ABOUCH (M), MAAROUF (A), « la banque dans la nouvelle dynamique financière : Une analyse rétrospective du‬‬
‫‪cas Marocain », op. cit., p. 101.‬‬

‫‪- Séminaire sur «Les modes de financement des PME/PMI»,op. cit., p. 102.‬‬

‫‪ -21‬يفيد نفس التقرير بأن متوسط قيمة الضمان يقارب (‪ )٪330‬من متوسط قيمة القرض الذي تم الحصول عليه‪ .‬وهو أيضًا من أعلى المتوسِّطات الحسابية بعد‬
‫جمهورية جورجيا‪ ،‬وغالبًا ما يت ُّم تفسير ذلك بصعوبة‪ ،‬وكذا طول مسطرة تحقيق الضمانات البنكية‪.‬‬

‫‪ -22‬تع ُّد نسبة (‪ )٪33‬فقط من المقاوالت الصغرى هي التي تمتلك أر ً‬


‫ضا حسب معطيات التقرير الخاص بتقييم مناخ‬
‫االستثمار بالمغرب‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫الضمانات‪ ،‬فإن البنوك المغربية تتَّجه إلى تعبئة ضمانات أخرى‪ ،‬كالرهن الحيازي لألصول التجارية‪،‬‬
‫إلى هذه َّ‬
‫للمعدات[‪.]23‬‬
‫والرهن الحيازي ُ‬
‫خصوصا تلك‬
‫ً‬ ‫للمؤسسات البنكيَّة‪ ،‬عبر مغاالتها في مطالبة زبنائها بتقديم ضمانات‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫النفعي‬ ‫إن التَّ ُّ‬
‫وجهَ َّ‬ ‫َّ‬
‫َّ‬
‫الموجـه للمقاوالت الصغرى‬ ‫التي لها ارتباط ِّ‬
‫بالذ َّمة الماليَّة للمقاولة‪ ،‬من شأنه التَّـأثير على ارتفاع تكلفة التمويل‬
‫والمتوسطة‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬ارتفاع تكلفة التمويل البنكي للمقاوالت الصغرى والمتوسطة‪.‬‬


‫جد مرتفعة‪ ،‬دون أن يكون لها نصيب في‬
‫تتحمل أسعار فائدة ّ‬
‫َّ‬ ‫المتوسطة‬
‫ِّ‬ ‫لقد ظلَّت المقاوالت الصغرى و‬
‫تفع عن‬ ‫ٍ‬
‫تعويض مر ٍ‬ ‫امتياز كمثيلتها الكبرى‪ ،‬مجبرة بذلك على أداء‬
‫ًا‬ ‫االستفادة من شروط التَّمويل األكثر‬
‫المخاطر‪.‬‬

‫تفسـر وحدها اكتواء هذه األخيرة بارتفاع أسعار الفائدة‪ ،‬بل‬


‫إن هشاشةَ المقاولة الصغرى والمتوسطة‪ ،‬ال ِّ‬ ‫َّ‬
‫إن "عدم تناسب المعلومات" بين الطَّـرفين من جهة‪ ،‬وضعف الوضع التفاوضي للمقاولة من جهة أخرى‪،‬‬
‫أمران مؤثِّـران على ارتفاع تكلفة هذا التَّمويل‪.‬‬

‫‪ ‬أوًال‪ :‬عدم تناسب المعلومات‬


‫غالبا‪ ،‬ما يستعمل "عدم تناسب المعلومات"‪ ،‬من أجل التدليل على وضعية تكون فيها المعلومة غير‬
‫ً‬
‫مدركة بنفس الطريقة من طرف مختلف الفاعلين‪ .‬فقد يمتلك هؤالء نفس المعلومة‪ ،‬لكن يكون بعضهم مدركا‬
‫لها بطريقة أحسن وأفضل من اآلخرين[‪.]24‬‬

‫عاما بالنسبة لكل تمويل خارجي‪ ،‬والذي يمكن أن يؤدي بالبنك‬


‫إشكاال ًّ‬
‫ً‬ ‫ويبقى "عدم تناسب المعلومات"‬
‫إلى منح قرض على أساس نفس معدل الفائدة إلى مقاوالت تمثل مخاطر مختلفة‪ .‬كما يمكن أن يؤدي إلى‬
‫انتقائية جد متشددة في مجال منح قروض إلى المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ ،‬وكذا ارتفاع تكلفتها‪.‬‬

‫طويال؛ ألن‬
‫ً‬ ‫وبالمغرب تبقى مجموعة من المقاوالت الصغرى والمتوسطة ُمقصاة من سوق القروض‬
‫عالقتها مع البنك ال تقوم على أساس معلومات جيدة وضرورية بالنسبة لهذا األخير من أجل توقع المخاطر‪،‬‬

‫‪ -23‬حيث نجد أن (‪ )٪19‬من المقاوالت قدَّمت ره ًنا حيازيًا ألصلها التجاري‪ ،‬و(‪ ،)٪13‬حسب معطيات التقرير السابق‪.‬‬
‫ولل َّتوسع في معرفة هذه الضَّمانات‪ ،‬وال َّتمييز بين أنواعها‪ ،‬راجع‪ :‬وليد العايب‪ ،‬ولحلو بوخاري‪ ،‎‬اقتصاديات البنوك والتـقنيات‬
‫البنك َّية‪ ،‬ص ‪ 639‬وما يليها‪.‬‬
‫‪24-Voir: MENARD (L) et collaborateurs, Dictionnaire de la comptabilité et de la gestion financière. p. 615.‬‬

‫‪165‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫طالما أنها تبقى غير متحمسة لجعل حساباتها أكثر شفافية‪ ،‬فال يمكن المجازفة بالتكلفة الضريبية من أجل‬
‫الحصول على قرض بنكي[‪.]25‬‬

‫ثانيا‪ :‬ضعف الوضع التفاوضي للمقاولة الصغرى والمتوسطة في عالقتها مع البنوك‬


‫‪ً ‬‬
‫في ِّ‬
‫ظل ضعف قنوات التَّمويل البديلة‪ ،‬تبقى المقاولة الصغرى والمتوسطة مرتبطة إلى ٍّ‬
‫حد كبير بالتمويل‬
‫البنكي‪ .‬مع هذا الوضع تبقى ملزمة بأداء جزء كبير من المصاريف البنكية الثابتة المرتبطة بتدبير أدوات‬
‫األداء وخدمات االستشارة‪.‬‬

‫صعبا‬
‫ً‬ ‫ماليا‬
‫وضعا ً‬
‫ً‬ ‫فانخفاض اإلنفاق الحكومي من جهة‪ ،‬وانحسار التمويل البنكي من جهة ثانية‪ ،‬أنتج‬
‫بالنسبة إلى مؤسسات القطاع الخاص التي تحاول تنظيم أمورها المالية لمواجهة الوضع الجديد في السوق‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى أثبت الواقع أن ارتفاع تكلفة القروض يرجع باألساس إلى الممارسات البنكية غير‬
‫تضر بهذه المقاوالت‪.‬‬
‫"المشروعة" التي ُّ‬

‫يخص َخصم‬
‫ُّ‬ ‫يوما‪ ،‬فيما‬
‫يوما عوض ‪ً 213‬‬ ‫مثال ‪َّ -‬‬
‫فإن العمل بالسنة البنكية المكونة من ‪ً 210‬‬ ‫هكذا ‪ً -‬‬
‫الفوائد يؤدي إلى ارتفاع نسب هذه األخيرة‪ .‬ومن تم َّ‬
‫فإن فائدة بنسبة ‪ %63‬ستصبح (‪÷ 211 × %63‬‬
‫‪ ،)%63,3 = 210‬وهو ما ِّ‬
‫يؤدي في نفس الوقت إلى تحويل نسب فائدة عادية إلى أخرى ربوية‪ .‬فإذا كان‬
‫يوما‬
‫السنة البنكية المكونة من ‪ً 210‬‬ ‫بنك المغرب قد أوجب عدم تجاوز سقف ‪َّ ،%69,69‬‬
‫فإنه باعتماد َّ‬
‫النسبة إلى ‪.%69,223‬‬
‫سترتفع هذه ّ‬

‫المبحث الثاني‪ :‬إمكانيات تجاوز إشكالت تمويل المقاولت الصغرى والمتوسطة في ظل‬
‫قانون البنوك التشاركية‪.‬‬
‫يكشف الواقع التَّ ِّ‬
‫مويلي للمقاوالت الصغرى والمتوسطة بالمغرب‪ ،‬في عالقته مع البنوك التجارية وما‬
‫معوقات‪ ،‬مدى الحاجة إلى تجاوز هذه األخيرة والعمل على عالجها‪ .‬وتبدو هنا أهمية منتجات‬‫يعرفه من ِّ‬
‫متميزة‪ ،‬في إيجاد وتقديم بدائل تساهم في ِّ‬
‫حل مشاكل‬ ‫المالية التشاركية بما تحمله من خصائص وسمات ِّ‬
‫تمويل المقاوالت الصغرى والمتوسطة (المطلب األول)‪ ،‬شريطة رفع مجموعة من العراقيل والتَّحديات التي‬
‫تواجه اعتمادها (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫‪ -25‬تقرير البنك الدولي حول مناخ االستثمار بالمغرب‪ ،‬ص‪.21 :‬‬

‫‪166‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مدى قدرة منتجات المالية التشاركية لالستجابة لحاجيات المقاوالت الصغرى‬
‫والمتوسطة التمويلية‪.‬‬
‫أقرت اللجنة في قرارها الصادر بالجريدة الرسمية ضمن عدد (‪ )1392‬أن «مشروع المنشور المعروض‬
‫ّ‬
‫عليها وفق صيغته النهائية مطابق ألحكام الشريعة اإلسالمية ومقاصدها‪ ،‬وليس فيه ما يخالف هذه‬
‫استنادا لألدلة الشرعية واالجتهادات الفقهية المعتبرة»[‪.]26‬‬
‫ً‬ ‫األحكام‪،‬‬

‫مبدئيا‪ ،‬ومن خالل خصائص هذه المنتجات‪َّ ،‬‬


‫يتبي ُن لنا إمكانية مالءمتها لحاجيات المقاوالت في وقتنا‬ ‫ً‬
‫الحاضر‪ ،‬حيث إَّنها تحمل في طيَّاتها من الخصائص ما يمكن أن تستجيب به لحاجيات المقاوالت الصغرى‬
‫والمتوسطة‪ ،‬وهو ما يمكن التَّحقُّق منه باالعتماد على تجارب بعض البنوك اإلسالمية في تمويل هذه األخيرة‪.‬‬

‫التطبيقية ال زال هناك في بداية تعامالت المصارف التشاركية تعثٌُّر‬


‫ّ‬ ‫العملية‬
‫ّ‬ ‫مع العلم أنه من النَّاحية‬
‫النوع من المقاوالت‪ ،‬وذلك بشهادة خبراء االقتصاد في المجال‪ ..‬وال يزال‬ ‫وتخوف مشروع من تمويل هذا َّ‬ ‫ُّ‬
‫مستمر حول مدى قدرة هذه األبناك على توفير خدمات تمويل المشاريع المقاوالتية الصغرى على‬
‫ًّا‬ ‫الجدل‬
‫أيضا بالشكل الذي تنتظره الشركات المغربية والقطاع الخاص الذي يبحث عن‬
‫ً‬ ‫الخصوص والمتوسطة‬
‫المتخصصين َّ‬
‫فإن البنوك التشاركية ‪ -‬على غرار البنوك‬ ‫ِّ‬ ‫تمويالت تتوافق وأحكام الشريعة‪ ..‬وحسب رأي‬
‫أمر سه ٌل‪،‬‬
‫مو ُل المقاوالت التي تملك القدرة على السَّداد فقط‪ ،‬أما تمويل هذه البنوك لألفراد فهو ٌ‬
‫التقليدية ‪ -‬تُ ِّ‬
‫وذلك من خالل ضمانات عالية‪ ،‬كرهن العقار ونحو ذلك من الطرق القانونية‪ ،‬وحتى المقاوالت التي تمتلك‬
‫ٍ‬
‫تمويل بنكي‪ ،‬لكن بالنسبة لتمويل المقاوالت يكون األمر‬ ‫قوية‪ ،‬يكون من السهل عليها االستفادة من‬ ‫ضمانات ّ‬
‫صعبا؛ ألنه يتعلَّ ُ‬
‫ق بمداخيلها الشهرية والسنوية وموجوداتها‪ :‬هل هي كبيرة أم ال؟ مع مراعاة قيمتها المادية في‬ ‫ً‬
‫كل األحوال‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مدى مالءمة منتجات المالية التشاركية لحاجيات تمويل المقاولت الصغرى والمتوسطة‪.‬‬
‫التمويل المصرفي التشاركي (اإلسالمي) إما يكون بالمشاركة باألموال التي قد ال تتوافر لديه‪ ،‬أو إعطاء‬
‫العميل المال على سبيل المضاربة وفق الشريعة اإلسالمية أو المداخلة في التجارة من خالل زيادة رأس مال‬

‫‪ -26‬انظر‪ :‬رأي اللجنة الشرعية للمالية التشاركية بالمجلس العلمي األعلى‪ ،‬رقم (‪ ،)2‬بتاريخ‪ 60 :‬ربيع النبوي ‪6922‬هـ الموافق‪60 :‬‬
‫دجنبر ‪3061‬م‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد (‪ 2 ،)1392‬جمادى اآلخـرة ‪6922‬هـ الموافق‪ 3 :‬مارس ‪3062‬م‪ ،‬ص ص‪.196 - 129 :‬‬

‫‪167‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫العميل المتداول (البضائع) أو على األقل تأجير اآلالت والمعدات وغيرها من صور المنفعة‪ ،‬أي‪ :‬أن التمويل‬
‫هو تقديم مال ليكون حصة مشاركه برأس مال أو أنه قيام مباشرة بشراء سلعه لتباع لألمر بالشراء)[‪.]27‬‬

‫ومن هنا وجب البحث في صيغ التمويل التشاركي للمقاوالت الصغرى والمتوسطة ومقارنتها بغيرها‪.‬‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬صيغة التمويل بالمرابحة ومدى مالءمتها للمقاولت الصغرى والمتوسطة‬ ‫‪‬‬
‫المرابحة لغة‪ :‬مشتقه من "ربح"‪ ،‬والربح هو النماء والزيادة‪ ،‬وفى التجارة‪ :‬هو الفرق اإليجابي بين كلفة‬
‫السلعة وسعر بيعها‪ ،‬فإذا تحقَّق يكون قد باع سلعته مرابحة ويقال‪ :‬بيع مرابحة‪ ،‬وكذلك يقال‪ :‬أربحته على‬
‫معلوما[‪.]28‬‬
‫ً‬ ‫بحا‬
‫سلعته إذا أعطيته ر ً‬
‫وقد اتفق الفقهاء ‪ -‬على اختالف مذاهبهم ‪ -‬على مفهوم بيع المرابحة‪ ،‬فهو ال يخرج عن كونه «بيع‬
‫مثل الثمن األول الذي قامت به السلعة في يد مالكها (أي البائع) وزيادة ربح معلوم متفق عليه»‪ .‬والمقصود‬
‫بالثمن األول للسلعة‪ ،‬هو تكلفة الحصول عليها‪ ،‬والتي تساوي ثمن الشراء مضافًا إليه عناصر التكاليف‬
‫المنفقة عليها[‪.]29‬‬

‫وقد تداول الباحثون المعاصرون تعريفها بأنها‪« :‬بيع سلعة برأسمالها الذي قامت به مع زيادة ربح معلوم‬
‫متّفق عليه‪ ،]30[»...‬أي‪ :‬بيع بأزيد من رأس المال[‪ .]31‬ويدخل بيع المرابحة ضمن بيوع األمانة[‪]32‬؛ ألن البائع‬
‫مؤتمن على اإلخبار بالثمن الذي اشتري به السلعة[‪.]33‬‬

‫‪ -27‬أكاديمية السودان للعلوم المصرفية والمالية‪ 3063 ،‬م‪ ،‬ص‪ ،30‬وراجع أيضا‪ :‬دور البنوك في استدامة تمويل المشروعات الصغرى‬
‫لمعالجة الفقر المجتمعي (دراسة حالة مجموعة من المصارف السودانية للفترة من ‪3063- 3002‬م)‪ ،‬عبد الماجد بله عبدالساوي‪ ،‬قاسم‬
‫الفكي علي‪ ،‬مجلة العلوم االقتصادية‪ ،‬مج‪ ،61‬ع‪ ،3061 ،6‬ص‪.20‬‬
‫‪ -28‬ينظر‪ :‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ 3‬ص‪ ،993‬وراجع أيضًا‪ :‬المعجم االقتصادي اإلسالمي‪ ،‬أحمد الشرباصي‪ ،‬ص‪ ،963‬معجم المصطلحات‬
‫االقتصادية في لغة الفقهاء‪ ،‬نزيه حمَّـاد‪ ،‬ص‪ 392‬بتصرّف‪.‬‬
‫‪ -29‬ينظر‪ :‬نظرية األرباح في المصارف اإلسالمية‪ ،‬عيسى ضيف هللا منصور‪ ،‬ط‪ ،3002 ،6‬دار النفائس‪ ،‬عمّان ‪ -‬األردن‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫‪ -30‬شرح منح الجليل‪ ،‬ج‪ 3‬ص‪ ،266‬والمغني البن قدامة‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ ،311‬وراجع أيضًا‪ :‬ضوابط التجارة في االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬محمد‬
‫نجيب حمادي الجوعاني‪ ،‬ص‪ 92‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -31‬ينظر‪ :‬سلسلة إصدارات األمانة العامة التحاد المصارف السوداني‪3062 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -32‬بيع األمانة‪ :‬هو البيع الذي يعتمد في تحديد الثمن فيه على ذكر رأس المال من قبل البائع‪ ،‬فيذكر البائع رأس ماله فيقول‪ :‬اشتريته‬
‫بعشرة ً‬
‫مثال‪ ،‬ثم ي َّتفق بعد ذلك مع المشتري على ربح معلوم‪ ،‬أو خسارة معلومة‪ ،‬أو ي َّتفق معه على بيعه جزءًا من المبيع دون جميعه‪.‬‬
‫وبتعريف آخر هو‪ :‬هو البيع بتخيير الثمن‪ ،‬أو هو البيع الذي يُحدَّد فيه الثمن مثل رأس المال أو أزيد أو أنقص‪ .‬وقد سمي أمانة؛ ألن‬
‫المشتري يأتمن البائع فيه عادة على بيان رأس المال‪ .‬وللبيع باألمانة أنواع أربعة‪ ،‬وذلك بحسب تحقُّق الربح فيه أو عدمه‪ ،‬ومنها‪ :‬بيع‬
‫المرابحة الذي نحن بصدد الحديث عنه‪ .‬ينظر‪ :‬كشاف القناع‪ ،‬للبهوتي‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ ،311‬ومعجم المصطلحات االقتصادية في لغة الفقهاء‪،‬‬
‫نزيه حماد‪ ،‬ص‪.201‬‬
‫‪ -33‬المصارف اإلسالمية والمصارف التقليدية‪ ،‬األساس الفكري والممارسات الواقعية (مع دراسة تطبيقية على المصارف العاملة‬
‫بالمملكة البحرينية)‪ ،‬محمد الطاهر الهاشمي‪ ،‬ط‪ ،3060 ،6‬منشورات جامعة ‪ 2‬أكتوبر ‪ -‬ليبيا‪ ،‬ص‪.622‬‬

‫‪168‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫تعريف عقد البيع بالمرابحة‪:‬‬


‫هو اتفاق بين مشتر وبائع قصد بيع سلعة معيَّنة قد تتوفر لدي البائع أو يقوم بتوفيرها ليعيد بيعها للمشتري‪،‬‬
‫محددة للسلعة وعلى أساس سعر يمثِّل التَّكلفة مضافًا إليه هامش ربح يتَّفق عليه‬ ‫وذلك وفقًا لمواصفات َّ‬
‫نقدا أو بالتَّقسيط[‪.]34‬‬
‫يتم الدفع ً‬ ‫فور أو بعد ٍ‬
‫أجل‪ ،‬كما قد ُّ‬ ‫يتم التسليم ًا‬
‫الطرفان‪ ،‬وقد ُّ‬

‫وقد شاع استعمال هذا النوع من البيوع الحديثة في البنوك اإلسالمية كأحد وسائل تمويل التجارة الداخلية‬
‫فعال[‪.]35‬‬
‫والخارجية‪ ،‬وذلك بشراء السلعة التي يطلبها العميل من المنتج ثم يبيعها له البنك بعد ورودها ً‬

‫ويعتمد نظام المرابحة في البنوك التشاركية على قيام المصرف التشاركي (اإلسالمي) بشراء البضائع والسلع‬
‫التي يطلبها المتعامل مع المصرف اإلسالمي على أساس التزام الطالب بشراء ما أمر به حسب سعر التكلفة‬
‫مع إضافة الريح المتَّفق عليه حسب لوائح المصرف‪ ،‬وهي النسب التي تدور في َّ‬
‫معدلها ما بين ‪ 2‬و‪%60‬‬
‫عادة إذا حسبت على األساس السنوي لمردود رأس المال‪.‬‬

‫َّ‬
‫وبالنظر ِّ‬
‫لتدني هذه النسبة عن حدود الربح الفعلي الذي يمكن الحصول عليه عن طريق المشاركة‪ ،‬فقد‬
‫ترى إدارة المصرف اإلسالمي إمكان استحداث عقد جديد في صورة شركة المرابحة وفق قواعد محددة‪.‬‬

‫نسبيا‪َّ ،‬إال‬
‫بوي‪ ،‬ورغم كون هذه العملية مكلِّفة ً‬
‫أهمية هذا العقد ‪ -‬أي‪ :‬المرابحة‪ -‬في كونه غير ر ّ‬
‫وتكمن ِّ‬
‫فضال عن كون البنك ينضبط‬ ‫ً‬ ‫َّأنها خالية من الربا‪ ،‬ومرونتها‪ ،‬وتغطيتها لمختلف المجاالت والقطاعات‪،‬‬
‫الربويـة (التقليديَّة)‪.‬‬
‫موجودا في األبناك ِّ‬
‫ً‬ ‫بالغ ْـرم)[‪ ،]37‬وهو ما ليس‬
‫الغ ْـن ُم ُ‬
‫[‪]36‬‬
‫لنظرية المخاطرة ‪ ،‬وقاعدة ( ُ‬

‫ثانيا‪ :‬صيغة التمويل باإلجارة ومدى مالءمتها للمقاوالت الصغرى والمتوسطة‪-:‬‬


‫ً‬ ‫‪‬‬

‫عرفها قانون البنوك التشاركية ‪ -‬هي‪« :‬كل عقد يضع بموجبه بنك تشاركي‪ ،‬عن طريق‬
‫اإلجارة ‪ -‬كما َّ‬
‫اإليجار‪ ،‬منقوال أو عقا ار محددا وفي ملكية هذا البنك تحت تصرف عميل قصد استعمال مسموح به‬
‫قانونا»[‪.]38‬‬
‫ً‬

‫‪ -34‬ينظر‪ :‬أصول المصرفية اإلسالمية وقضايا ال َّتشغيل‪ ،‬ناصر الغريب‪ ،‬ط‪6962 ،6‬هـ ‪ ،6991 -‬توزيع دار أبوللو للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع ‪ -‬القاهرة‪ ,‬ص‪.619‬‬
‫‪ -35‬التجارة في اإلسالم‪ ،‬عبد السميع المصري‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ -36‬الستيعاب هذه ال َّنظرية وتطبيقاتها انظر‪ :‬عويضة‪ ،‬عدنان عبد هللا محمد‪ ،‎‬نظرية المخاطرة في االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬ص ص‪- 92 :‬‬
‫‪.621‬‬
‫‪ -37‬وردت هذه القاعدة في كثير من كتب الفقه وعند الحديث على الشركات‪ .‬انظر على سبيل المثال‪ :‬السَّـرَ خسى‪ ،‬المبسوط"‪.20/62 ،‬‬
‫وأصل هذه القاعدة‪ :‬حديث نبوي شريف وهو قوله صلى هللا عليه وسلم في شأن زيادة الرهن ونمائه‪( :‬له ُغ ْنمُه وعليه غرمه)‪ ،‬يعني‪ :‬له‬
‫زيادته وعليه نقصانه‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫المعوقات التَّمويلية‬
‫ِّ‬ ‫مبدئيا – قادرةٌ ل ِّ‬
‫لحد من مجموعة من‬ ‫ً‬ ‫الصيغة‪ ،‬فإنها ‪-‬‬ ‫وبالنظر إلى ِّ‬
‫مميزات هذه ِّ‬
‫للمنشآت الصغيرة‪ ،‬ومن بينها‪:‬‬
‫‪ -1‬ال َّتغلُّب على مشكلة الضمانات التي تفتقر إليها المقاوالت الصغرى والمتوسطة‬
‫حد من مخاطر االئتمان المتعلقة بعدم إمكانية تحصيل األقساط‪ ،‬وذلك القتران البيع‬‫فصيغة اإلجارة تَ ُّ‬
‫الزبون عن‬‫المؤجـر‪ ،‬ومن تم إذا توقَّـف َّ‬
‫ِّ‬ ‫بصيغة التأجير فقانونا وشرعا تظل ملكية العين المستأجرة في يد‬
‫َّ‬
‫المؤجرة‪.‬‬ ‫المؤ ِّجـ ُر العين‬ ‫ُّ‬
‫يسترد َ‬ ‫السداد أو أفلس‬
‫َّ‬

‫الضمانات‪ ،‬وهو ما ُيسهم في التَّغلب على‬ ‫عد تملُّك البنك التَّشاركي للوحدة اإلنتاجية أحد ِّ‬
‫أهم أشكال َّ‬ ‫وي ُّ‬‫ُ‬
‫[‪]39‬‬
‫معوقات المقاوالت التي ال يتوافر لديها ضمانات ‪.‬‬ ‫أهم ِّ‬
‫ِّ‬
‫‪ -2‬س ُّد الحاجيات التمويلية لدورة االستغالل الخاصة بالمقاوالت الصغرى والمتوسطة‪:‬‬
‫يتيح عقد اإلجارة للمقاولة تخصيص األموال المتاحة لديها في تمويل دورة استغاللها خالل مدة تكون‬
‫عموما أطول من تلك التي تسمح بها طرق التمويل األخرى‪ .‬وهو بذلك يلبي حاجات أصحاب المقاوالت‬
‫الصغرى والمتوسطة غير الراغبين في ولوج التمويل البنكي التقليدي‪ ،‬إما لرغبتهم في الحصول على تمويل‬
‫ألطول أجل‪ ،‬مع تقسيطه حسب توقعاتهم الربحية أو لعدم قدرتهم الحصول على هذا التَّمويل[‪.]40‬‬

‫للمقاوالت الصغرى والمتوسطة‪-:‬‬


‫ثالثًا‪ :‬صيغة التمويل بالمشاركة ومدى مالءمتها ُ‬ ‫‪‬‬

‫كل ٍ‬
‫عقد يكون الغرض منه‬ ‫فإن عقد المشاركة هو‪ُّ « :‬‬
‫حسب مقتضيات القانون الجديد للبنوك التشاركية‪َّ ،‬‬
‫تشاركي في مشروٍع قصد تحقيق رب ٍـح»[‪.]41‬‬
‫ٍّ‬ ‫مشاركةُ بنك‬

‫مسبقًا بينهم‪.‬‬ ‫تحمل الخسائر في حدود مساهمتهم وفي األرباح حسب ن َس ٍب َّ‬
‫محددة َ‬ ‫ويشارك األطراف في ُّ‬
‫وقد تكتسي المشاركة أحد َّ‬
‫الشكلين اآلتيين‪:‬‬

‫أيضا بالمشاركة َّ‬


‫الدائمة أو "المشاركة في رأس مال‬ ‫وتسمى هذه المشاركة ً‬
‫َّ‬ ‫‪ ‬األول‪ :‬المشاركة الثابتة‪،‬‬
‫المشروع‪.‬‬

‫‪ -38‬المادة ‪ ،32‬الفقرة (ب) من القانون رقم ‪ 602363‬المُتعلِّق بمؤسَّسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها‪.‬‬
‫‪ -39‬حسين عبد المطلب األسرج‪ ،‎‬البديل اإلسالمي لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة‪ ،‬ص‪.29 :‬‬
‫‪ -40‬أبو عجيلة‪ ،‬التمويل اإلسالمي ودوره في تمويل المنشآت الصغيرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.339 :‬‬
‫‪ -41‬المادة ‪ 32‬من القانون رقم ‪ 602363‬المُتعلِّق بمؤسَّسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها‪ .‬انظر‪ :‬الجريدة الرسمية عدد‬
‫(‪ )1232‬بتاريخ‪ :‬فاتح ربيع األول ‪ 30( 6921‬يناير ‪.)3063‬‬

‫‪170‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫‪ ‬الثاني‪ :‬المشاركة المتناقصة‪ :‬وهي تلك الصيغة البديلة عن التَّمويل بالقروض طويلة األجل في‬
‫مد ٍة‬
‫بأن البنك سيخرج بعد َّ‬
‫الربوية؛ ذلك أن المساهمة تعني‪ :‬استم اررية المشاركة المتناقصة التي توحي َّ‬
‫البنوك ِّ‬
‫يجي في إطار ترتيب منظٍَّم ومتَّف ٍ‬
‫ق عليه‪.‬‬ ‫معيَّنة في ٍ‬
‫شكل تدر ٍّ‬
‫وعلى ذلك تمثِّل المساهمة المتناقصة وسيلة لتمويل االستثمارات المتوسِّطة والطَّويلة في جميع المجاالت‬
‫ق بنود العقد[‪.]43‬‬
‫يجيا من المشروع َوْف َ‬
‫[‪]42‬‬
‫االستثمار والتنمية ‪ :‬ينسحب البنك تدر ً‬
‫ـرق تسيير مجموعة من المقاوالت تجعلها بعيدة عن كسب ثقة البنك‪ ،‬بينما هذا النوع من التَّمويل‬ ‫َّ‬
‫إن طُ َ‬
‫فعاال في تسيير المشروع‪ ،‬كما‬
‫دور ً‬‫يقوم على أساس خلق عالقة بين الطرفين طويلة األمد‪ ،‬يلعب فيها البنك ًا‬
‫َّأنه يبقى وسيلة لتمويل طويل األمد للمقاوالت الصغرى والمتوسطة‪.‬‬

‫ابعا‪ :‬صيغة التمويل بالمضاربة ومدى مالءمتها للمقاوالت الصغرى والمتوسطة‪-:‬‬


‫ر ً‬ ‫‪‬‬

‫صيغة المضاربة هي شك ٌل من أشكال إقامة وتنظيم المشروعات االستثمارية‪ ،‬بحيث يقوم فيها المضارب‬
‫باإلدارة‪ ،‬بينما يؤمن البك التشاركي الموارد المالية والمادية الالزمة إلقامة المشروع‪ ،‬وتوزع األرباح بين البنك‬
‫ورب العمل بنسبة‪ ،‬متفق عليها‪ ،‬واذا حدثت خسارة فإن البنك يتحملها في حالة عدم تقصير المضارب وعدم‬
‫إخالله بشروط المضاربة المتفق عليها‪.‬‬

‫وبالتالي‪َّ ،‬‬
‫فإن هذه الصيغة بميزاتها العديدة تكون قادرة على مواجهة معوقات التمويل التقليدي للمقاوالت‬
‫الصغيرة والمتوسطة ويتجلى لنا ذلك من خالل ما يلي‪:‬‬

‫* ُّ‬
‫الحد من مشكلة الضمانات‪ ،‬حيث إ َّن الضمانات هنا ليست ضمانات عينية أو شخصية‪ ،‬بقدر ما إنها‬
‫ب الحرص على مراعاتها‪.‬‬ ‫ترتبط أكثر بالمنتج والسوق وشخصية المقاول‪ ،‬والتي َّ‬
‫يتوج ُ‬
‫* التغلب على مشكلة نقص التمويل الكافي للمقاولة‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬صيغة التمويل بالسـلـم ومدى مالءمتها للمقاوالت الصغرى والمتوسطة‪-:‬‬


‫ً‬ ‫‪‬‬

‫يتم بموجبه الشراء المسبق إلنتاج المؤسسة أو للمحصول الزراعي المتوقع‬


‫السلَم عقد من عقود االستثمار ُّ‬
‫َّ‬
‫مقابل حصول المقولة البائعة على التمويل المسبق الذي بواسطته يقوم بنشاطها اإلنتاجي أو التجاري‪ .‬وتالئم‬

‫‪ -42‬انظر‪ :‬جمال لعمارة‪ ،‬المصارف اإلسالمية‪ ،‬ص ‪.92‬‬


‫‪ -43‬انظر‪ :‬المادة ‪ ،32‬الفقرة (ج) من القانون رقم ‪ 602363‬المُتعلِّق بمؤسَّسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫هذه الصيغة بصفة أكثر المشروعات الزراعية لصغار الفالحين‪ ،‬وكذا تمويل الحرفيين والصناعات‬
‫الصغيرة[‪.]44‬‬

‫دور في توفير السيولة النقدية لهذه المنشآت‪ ،‬عن طريق‬


‫ويمكن أن تلعب هذه الصيغة بمميزاتها هاته‪ً ،‬ا‬
‫شراء البنك إنتاج المقاولة‪ ،‬بعقد السَّـلَـم األصلي (دفعٌ نقدي واستالم َّ‬
‫مؤجل)‪ ،‬أو عقد اتفاقيات مع الشركات‬
‫التي تستخدم إنتاج المقاوالت الصغيرة كمكونات لمنتجها النهائي وبيعها لهم عن طريق عقد السَّـلَـم الموازي أو‬
‫االتفاق مع بعض عمالئه (الموزعين) على بيعهم المنتجات النهائية للمقاوالت إما سلَ ًما موازًيا أو مرابحة‪.‬‬
‫وهو ما يبرز الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه هذه الصيغة في تمويل رأس المال العامل لهذه المقاوالت[‪.]45‬‬

‫خامسا‪ :‬صيغة التمويل باالستصناع ومدى مالءمته للمقاوالت الصغرى والمتوسطة‪-:‬‬


‫ً‬ ‫‪‬‬

‫يمكن تمويل المقاوالت بصيغة االستصناع من خالل صورتين وهما‪:‬‬

‫‪ -‬األولى‪ :‬يقـوم بمقتضاها البنك بالتعاون مع الجهات المعنية بالمقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ ،‬بدراسة‬
‫لألسواق المحلية والخارجية لتحديد السلع التي يكثر رواجها واألكثر مالءمة ألذواق المستهلكين ومتطلباتهم‬
‫وكذا البحث عن إيجاد سلع جديدة أو سلع موجودة مع إدخال تحسينات علها والترويج لها لجذب المستثمرين‬
‫وتمويلهم من خالل عقد االستصناع يقضي بإسناد البنك تصنيع هذه السلع إلى العديد من المقاوالت الصغرى‬
‫والمتوسطة‪.‬‬

‫‪ -‬أما الثانية‪ :‬فيقوم بمقتضاها البنك باستصناع السلعة عن طريق إحدى المقاوالت ثم تأجيرها تأجي ار‬
‫تمويليا لمنشآت صغيرة[‪.]46‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬واقع استجابة التمويل التشاركي لحاجيات المقاولت الصغرى والمتوسطة بالمغرب‬
‫من بين آثار ضعف األموال الذاتية للمقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ ،‬عدم قدرتها على تمويل رأس المال‬
‫الثابت‪ .‬هكذا‪ ،‬فصعوبة التجاء هذه المقاوالت للسوق المالية‪ ،‬من جهة‪ ،‬وكذا صعوبة حصولها على األشكال‬
‫التمويلية البنكية التقليدية (حيث تظل إما عاجزة عن تمويل الرأس مال الثابت بالكامل‪ ،‬أو واقعة في شباك‬
‫مديونية قد ال تستطيع الوفاء بها‪ ،)....‬من جهة أخرى يكشف عن أهمية عمليات التأجير أو عمليات‬
‫المشاركة المتناقصة‪ ،‬وأيضا المرابحة‪.‬‬

‫‪ -44‬الوردي‪ ،‬أساسيات االقتصاد اإلسالمي وتطبيقاته المعاصرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.260 :‬‬
‫‪ -45‬أبو عجيلة‪ ،‬التمويل اإلسالمي ودوره في تمويل المنشآت الصغيرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.322-320 :‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ ،32‬فقرة (و) من القانون رقم ‪ 602363‬المُتعلِّق بمؤسَّسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها‪46.‬‬

‫‪172‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫خصوصا الصغرى والمتوسطة‪ :‬نجد أن المرابحة قد تمكنت من‬


‫ً‬ ‫فمن الجهة العملية الخاصة بتمويل المشاريع‬
‫خدمة آالف من أصحاب هذه المشاريع الذين استطاعوا عن طريقها الحصول على تمويل يرتبط بنشاطهم‬
‫اإلنتاجي مباشرة‪ ،‬وبشروط أفضل مئات المرات‪ ،‬بل ال تقارن بشروط التمويل التَّ ِّ‬
‫قليدي[‪.]47‬‬

‫َّ‬
‫نسبيةً‪ ،-‬وقدرتها على االستجابة لحاجيات‬ ‫بالنسبة لإلجارة‪ :‬فقد أثبتت التجربة مرونتها ‪ -‬وان كانت‬
‫المشروعات الصغرى والمتوسطة‪ ،‬هذا بالرغم من ارتفاع تكلفتها‪.‬‬

‫الحظ أنه‬ ‫ٍ‬


‫حلول بشأن مشكل الضمانات‪ ،‬وكما ُي َ‬ ‫نأتي اآلن إلى ما يمكن أن ِّ‬
‫تقدمه هذه المنتجات من‬
‫تم التَّحقُّق من باقي الفرضيات َّ‬
‫المقدمة‪.‬‬ ‫بدراستنا لهذا الجانب َّ‬

‫معلوم أن قضية الضمان ترتبط بعملية التوظيف وطبيعة المخاطر التي يحتمل التعرض لها‪ .‬فطبيعة‬
‫المخاطر التي يتعرض لها البنك في حالة التمويل بواسطة القروض التقليدية‪ ،‬تختلف عن تلك التي يتعرض‬
‫لها في حالة التمويل بالمنتجات البديلة المذكورة‪.‬‬

‫َّ‬
‫إن المخاطر التي تواجه البنك في الحالة األولى‪ ،‬هي مخاطر عدم االلتزام بالتسديد‪ ،‬وبالتالي يجب‬
‫توفير الضمانات الالزمة‪ .‬إن نوعية الضمان يجب أن تكفل له استرداد حقوقه (ضمانات عينية وشخصية)‪.‬‬
‫فالعالقة هنا بين الطرفين (المقاولة والبنك)‪ ،‬عالقة دائن بمدين‪ .‬بالمقابل‪ ،‬نجد طبيعتها في ظل التمويل‬
‫خصوصا في ظل عقد المشاركة)‪ ،‬وفي ضوء ذلك ال ترجع‬ ‫ً‬ ‫التشاركي‪ ،‬عالقة مشاركة في الربح والخسارة (‬
‫المخاطر هنا فقط الحتماالت عدم التزام العميل بالتَّسديد‪ ،‬وانما ترتبط أيضا بنوعية العملية االستثمارية‪.‬‬

‫يتعرض لها البنك في هذا الصدد تأتي من قبل العميل المستثمر‬


‫فأول هاته المخاطر التي يمكن أن َّ‬
‫َّ‬
‫أساسيا لنجاح أو فشل العملية االستثمارية‪ ،‬إذ يرجع بعضها إلى عدم‬
‫ً‬ ‫عنصر‬
‫ًا‬ ‫طالب التّمويل‪ .‬حيث يمثّل‬
‫تم فطبيعة‬
‫كفاءته الفنّية واإلدارية‪ ،‬بينما البعض اآلخر يرجع إلى عدم أمانته ومحاولة تزويره الوثائق‪ .‬ومن َّ‬
‫الضمانات التي يجب توافرها هنا‪ ،‬يلزم أن تكون مالئمة لطبيعة المخاطر[‪.]48‬‬
‫َّ‬

‫ويتَّضح مما سبق أن الضمانات الالزمة لمواجهة هذا النوع من المخاطر تتركز حول نوعين‪ :‬ضمانات‬
‫أساسية تتمثل في‪ ،‬توافر الكفاءة األخالقية والعملية في الزبون‪ ،‬ضمانات تكميلية‪ ،‬تتمثل في‪ :‬الضمانات‬
‫الشخصية‪ ،‬والضمانات الحقيقية‪.‬‬

‫‪ -47‬عائشة المالقي‪ ،‬البنوك اإلسالمية‪ :‬التجربة بين الفقه والقانون وال َّتطبيق‪ ،‬ص‪.330 :‬‬
‫‪ -48‬انظر‪ :‬رشيدة الخير‪ ،‬آفاق تمويل المقاوالت الصغرى والمتوسطة في ظل مشروع قانون البنوك التشاركية‪ ،‬مجلة الفقه والقانون‪ ،‬ع‬
‫(‪ ،3069 ،)63‬ص‪.206 :‬‬

‫‪173‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تحديات البنوك التشاركية في مواجهة انتظارات المقاوالت الصغرى‬


‫والمتوسطة‪.‬‬
‫يقدمها التمويل البنكي التقليدي‪ ،‬فإن المقاوالت الصغرى والمتوسطة‬
‫مقابل الصعوبات والعقبات التي ّ‬
‫تبدي اهتماما واسعا بخصوص المنتجات التشاركية‪ ،‬بالرغم من فشل تجربة المنتجات البديلة‪ ،‬وقد كشف‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي "أن مساهمة هذا النوع من المنتوجات في إجمالي الودائع البنكية لم‬
‫يتجاوز ‪ %036‬أواخر سنة ‪.3062‬‬

‫همت ولوج المقاوالت الصغرى والمتوسطة ببالدنا للمنتجات‬


‫وحسب دراسة ميدانية قام بها أحد الباحثين َّ‬
‫البنكية البديلة‪ ،‬فإن فقط ‪ %62‬من العيِّنة المعتمدة هي التي استعملت هذه المنتجات[‪.]49‬‬

‫وهذا ما كشفت عنه مجموعة من الدراسات الميدانية‪ ،‬التي بحثت على أرض الواقع انتظارات وتطلُّعات‬
‫للسوق البنكية المغربية‪ .‬وقبل االنتقال إلى رصد التَّحديات‬
‫هذه المقاوالت من عملية ولوج البنوك التشاركية ُّ‬
‫التي يجب على البنوك التشاركية رفعها لربح رهان اإلسهام في تنمية المقاوالت موضوع البحث‪ ،‬نبيِّن َّأوًال‬
‫ٍ‬
‫بإيجاز في المحاور اآلتية‪:‬‬ ‫أبرزها‬
‫الفرع األول‪ :‬انتظارات المقاولت الصغرى والمتوسطة من ولوج البنوك التشاركية للسوق البنكية‬
‫بالمغرب‪.‬‬
‫همتا رصد انتظارات المقاوالت الصغرى والمتوسطة‬ ‫اعتمادا على معطيات الدراستين الميدانيتين اللتين َّ‬
‫ً‬
‫َّ‬
‫المركزة والمبيَّنة باألرقام في الجدول التالي‪:‬‬ ‫من التَّمويل التَّشاركي ببالدنا‪ ،‬خرجنا بهذه الخالصة‬
‫الدراسة رقم (‪)2‬‬ ‫الدراسة رقم (‪)1‬‬ ‫انتظارات المقاوالت الصغرى والمتوسطة‬

‫‪٪ 57,6‬‬ ‫‪٪ 96‬‬ ‫تخفيض كلفة التمويل‬

‫مضاربة‬ ‫مشاركة‬ ‫مرابحة‬ ‫مضاربة‬ ‫مشاركة‬ ‫مرابحة‬ ‫أنواع التمويالت المرغوب فيها‬

‫‪٪ 81‬‬ ‫‪٪ 65‬‬ ‫‪........‬‬ ‫‪٪ 38‬‬ ‫‪........‬‬ ‫‪........‬‬

‫اعتمادا على معطيات ونتائج الدراستين‬


‫ً‬ ‫تركيب بياني موجز من إعداد الباحثين‪،‬‬

‫‪ -49‬انظر‪ :‬رأي المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي حول نص القانون رقم ‪ 602363‬المُتعلِّق بمؤسَّسات االئتمان والهيئات المعتبرة‬
‫في حكمها‪ ،‬اإلحالة رقم ‪ ،3069/02‬ص‪.63 :‬‬

‫‪174‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫ملة من الصُّعوبات التي ال زالت‬ ‫الدراستين‪ ،‬يقف الباحث على ج ٍ‬‫من خالل قراءة فاحصة لمعطيات هاتين ِّ‬
‫ُ‬
‫تتخبَّط فيها المقاولة الصغيرة والمتوسِّطة‪ ،‬في المقابل هناك طموحات وتطلُّعات ُّ‬
‫تود المقاولة المعنيَّة تحقيقها‪،‬‬
‫بناء على المعطيات المتوفّرة‪ -‬في اآلتي‪:‬‬
‫ويمكن رصد بعضها ‪ً -‬‬
‫المتوسـطة في التَّسريع بالعمل بالمنتجات التَّشاركية ليس مرتبطًا فقط بالجانب‬
‫ِّ‬ ‫الصـغرى و‬
‫إن رغبةَ المقاوالت ُّ‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫تمويل بتكلفة مناسبة‪ ،‬والتي يمكن أن‬ ‫بالرغبة في الحصول على‬ ‫أيضا َّ‬ ‫ولكن مرتبط ً‬
‫ُ‬ ‫العقائدي ( َّ‬
‫الشـرعي)‪،‬‬
‫عدد المرتقب للمتدخلين في السوق البنكية المغربية (بنوك إسالمية‬ ‫تفرزها المنافسة المتوقَّع خلقها من خالل التَّ ُّ‬
‫‪ -‬خليجية‪ ،‬شبابيك إسالمية مغربية‪ ،‬البنوك التِّجارية‪.)...‬‬

‫الصعوبات التَّمويلية التي تعاني منها‬


‫فس ُر حجم ُّ‬ ‫الص َيغ التَّمويلية‪ُ ،‬ي ِّ‬ ‫َّ‬
‫ولعل البحث عن تكلفة منخفضة لهذه ِّ‬
‫أساسا ‪ -‬كما سبقت اإلشارة إلى ذلك ‪ -‬بارتفاع التَّكلُفة النَّاجم عن ارتفاع نسب الفائدة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مقاوالتنا والمرتبط‬
‫المطالَب بها من طرف البنوك التَّقليدية‪.‬‬ ‫وكذا الطَّابع التَّعجيزي َّ‬
‫للضمانات ُ‬
‫فض ُل المقاوالت االستفادة من التَّمويل بواسطة المشاركة والمضاربة اللتان تأتيان في المرتبة األولى‬
‫‪ -‬تُ ِّ‬
‫وتأتي بعدها المرابحة واإلجارة في المرتبة الموالية‪ ،‬وهو ما ينم عن رغبة المقاوالت الصغرى والمتوسطة في‬
‫تمويل تحل فيه المشاركة محل الضمانات وفوائد االئتمان المكلفة‪ .‬وهو ما يجعل البنوك التشاركية مدعوة‬
‫أيضا‬
‫لتقديم تمويل تشاركي قائم بالدرجة األولى على تقاسم األرباح‪ ،‬تقوم فيه بدور الشريك‪ ،‬المستثمر و ً‬
‫المستشار المالي واإلداري الذي َيسهـ ُر على ُمواكبة المشروع في مختلف مراحله‪.‬‬

‫أهم ما تنتظره المقاوالت الصغرى والمتوسطة‬ ‫َّ‬


‫إ ًذا يتضح لنا من خالل ما سبق بأن هذه الطّموحات هي ّ‬
‫ببالدنا من البنوك التَّشاركية لتحقيقها‪ ..‬فما هي التحديات التي يجب أن ترفعها ‪ -‬أوًال‪ -‬لالستجابة لها؟‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ال َّتحديات الواقع َّية للبنوك ال َّتشاركية‪.‬‬
‫‪ ‬أوًال‪ :‬ضـرورة تغليب الدور التشاركي للبنوك التشاركية على دور الوساطة‪-:‬‬

‫أهم ٍّ‬
‫تحد يجب رفعه من طرف البنوك اإلسالمية بالمغرب‪ ،‬هو االبتعاد عن "تقليد" البنوك التقليدية‬ ‫َّ‬
‫إن َّ‬
‫التجارية في كيفية تعاملها مع المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ ،‬من خالل رفضها تحمل المخاطر‪ ،‬والبحث‬
‫الدائم عن "األمان"‪ ،‬فيما يخص توظيف أموالها‪.‬‬

‫َّإنه يجب على هذه الفئة الجديدة من البنوك أن ِّ‬


‫تركـز على دورها التشاركي والتمويلي المعقول‪ ،‬والتأسيس‬
‫لعالقة قوامها الثقة وتبادل المعلومات بين كال الطرفين‪ ،‬والتي تعد أهم عوامل الحد من تقييد االئتمان الذي‬
‫تتخبط في تبعاتها‬
‫تعاني منه هذه الشريحة من المقاوالت‪ ،‬إلى جانب التقليص من تكلفة التمويل التي ال زالت ّ‬
‫السيئة الكثير من المقاوالت والقطاعات‪ .‬ومن أجل أن تكون هناك ثقة وتبادل المعلومات‪ ،‬يجب أن ينظر إلى‬

‫‪175‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫وحقيقيا‪ ،‬يعتمد على فهم مشخص لزبونه وليس على إجراءات ذات طابع عام قد‬
‫ً‬ ‫فاعال‬
‫البنك باعتباره شري ًكا ً‬
‫يستند إلى تقويم ليس منطقي أو دقيق في عدد من األحيان‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االهتمام بتأهيل الموارد البشرية للبنوك اإلسالمية‪-:‬‬


‫ً‬
‫عموما‪ ،‬فصيغ‬‫ً‬ ‫كبير أمام قطاع التَّمويل التَّشاركي‬ ‫يعتبر التَّوفُُّر على الكفاءات البشرية المؤهلة‪ِّ ،‬‬
‫تحدًيا ًا‬
‫هذا األخير تحتاج في تطبيقها إلى نوعية خاصة من العاملين‪ ،‬لدرجة تجعل توافر هذه النوعية عقبة رئيسة‬
‫خاصا مصدره التَّشريع‬ ‫بناء فكرًيا‬ ‫ِّ‬
‫ًّ‬ ‫الصيغ ُيمث ُل ً‬
‫تَ ُحول دون إمكانية تطبيقها؛ وذلك ألن أنظمة عمل هذه ِّ‬
‫المستجدات‪ ،‬كما أ َّن آليات‬
‫ّ‬ ‫اإلسالمي في ارتباطه بالعقيدة والمعامالت والفقه اإلسالمي في ارتباطه باألحوال و‬
‫أساسيا في معامالتها‪ ،‬األمر‬
‫ً‬ ‫العمل بها‪ ،‬تختلف عن آليات العمل في األنظمة التي تعتمد سعر الفائدة منطلقًا‬
‫الشرعية الكلِّية التي تَح ُكـم عمل هذه‬
‫الضوابط َّ‬ ‫الذي يستدعى ضرورة توافر كفاءات ُم َّ‬
‫ؤهلة تُحيط بالقواعد و َّ‬
‫[‪]50‬‬
‫دائما‬
‫الصيغ المعامالتية المعاصـرة ‪ ،‬مع الحرص على التكوين المستمر لها ‪ -‬كما ذكرنا‪-‬؛ ألن هناك ً‬
‫ِّ‬
‫مستنير‬
‫ًا‬ ‫اجتهادا‬
‫ً‬ ‫اصال و‬ ‫َّ‬
‫مستجدات عربية وعالمية تنزل بالمكلّفين بين الفينة واألخرى؛ مما يستدعي بحثًا متو ً‬
‫اكبها‪.‬‬
‫بروح العصر ُيـو ُ‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫من خالل معالجتنا لهذا الموضوع َّ‬
‫الشائك‪ ،‬خلصنا إلى مجموعة من النتائج والتوصيات‪ ،‬والتي نورد‬
‫بيانها مجملة وبتركيز في النقاط التالية‪:‬‬

‫َّ‬
‫تتحكم مجموعة من العوامل في إفراز إشكالية تمويل المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ ،‬أبرزها‪ ،‬إشكال‬ ‫‪-0‬‬
‫ضعف المعلومات والتواصل بين الطرفين‪ ،‬إشكال المبالغة في طلب الضمانات من طرف البنوك‪ ،‬إشكال‬
‫ارتفاع تكلفة التمويل البنكي الموجه للمقاوالت الصغرى والمتوسطة‪...‬فرغم مجيء اإلصالحات بالشروط‬
‫واآلليات التمويلية الالزمة لتقوية القدرات المالية لهذه األخيرة‪ ،‬واعدادها لمواجهة تحديات االنفتاح المتزايد‬
‫لالقتصاد المغربي‪ ،‬فإنه لم يستطع التأثير على سلوك الطرفين في اتجاه نسج عالقة تشاركية تخدم مصلحة‬
‫كليهما‪.‬‬

‫األهمية التي يمكن أن تلعبها البنوك التَّشاركية على مستوى المساهمة في عالج إشكالية‬
‫ِّ‬ ‫من هنا تظهر‬
‫التَّمويل هاته‪.‬‬

‫‪ -‬األسرج (حسين عبد المطلب)‪" ،‬دور التمويل اإلسالمي في تنمية المشروعات الصغرى والمتوسطة"‪ ،‬ص ‪50 61‬‬
‫بتصرُف‪.‬‬

‫‪176‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫‪ -7‬إلزامية تغليب البنوك التَّشاركية عند اعتمادها بالمغرب للمقاربة التَّشاركية في تعامالتها التَّمويلية؛‬
‫لتجاوز سلبيات اإلصالحات السَّابقة‪ ،‬والتأسيس لظروف ائتمانية جديدة‪ ،‬يتحول من خاللها االهتمام من إدارة‬
‫اإلقراض إلى إدارة االستثمار‪ ،‬ومن التَّركيز على الضَّمانات ‪ -‬بمختلف أنواعها ‪ -‬إلى التَّـركيز على البحث‬
‫عن الجدوى االقتصادية‪ ،‬ومن منح االئتمان للحصول على فائدة إلى تحفيز ِّ‬
‫االدخار واالستثمار‪.‬‬

‫هينا برفع مجموعة من المعيقات التي‬ ‫اعتماد المقاربة التَّشاركية من لدن البنوك اإلسالمية‪ُّ ،‬‬
‫يظل ر ً‬ ‫ُ‬ ‫‪-3‬‬
‫ستم ُّس ‪ -‬بدون شك ‪ -‬مجال المنافسة المشروعة المفترضة بينها وبين البنوك التِّجارية عبر إعادة َّ‬
‫النظر في‬ ‫ُ‬
‫السياسة النقدية‪.‬‬

‫ويمكن أن نأخذ هنا ‪ -‬على سبيل المثال ‪ -‬آلية سعر الخصم أو سعر الفائدة الذي يعتمده البنك‬
‫المركزي في عملية ِّ‬
‫مد البنوك بالسُّيولة‪ ،‬والتي ستجد فيه البنوك اإلسالمية نفسها غير مستفيدة من هذه اآللية‪،‬‬
‫العتماد هذا اإلقراض على الفائدة‪ ،‬وستكون بذلك مجبرة على االحتفاظ بمعامل سيولة مرتفعة‪ ،‬األمـر الذي‬
‫ينعكس على قدرتها االستثمارية بطبيعة الحال‪ ،‬وهو ما يستلزم معالجة هذا اإلشكال القانوني‪ ،‬وذلك بالسعي‬
‫أيضا‪-‬‬
‫آمنا ‪ً -‬‬
‫أيضا مال ًذا ً‬ ‫ٍ‬
‫أسلوب يتوافق مع العمل البنكي اإلسالمي‪ ،‬حتى يصبح البنك المركزي ً‬ ‫الستحداث‬
‫لهذه البنوك‪.‬‬

‫أن صعوبات الولوج لالئتمان ترتبط في‬ ‫همت ُّ‬


‫النظُم المالية‪َّ ،‬‬ ‫‪ -4‬لقد أبانت مجموعة من ِّ‬
‫الدراسات التي َّ‬
‫للمدينين‪ ،‬وحول مستوى استدانتهم‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُجـزٍء ٍ‬
‫كبير منها بعدم توافر معلومات صادقة وحديثة حول الوضعية المالية َ‬
‫وهو ما يدفع بالبنوك إلى مز ٍيد من الحذر والى تقييد االئتمان‪ ،‬وهو مشك ٌل ُيعاني منه التَّمويل البنكي‬
‫المهمة‬
‫َّ‬ ‫عد تحسين اإلعالم المالي حول المقاوالت المغربية‪ ،‬أحد التَّـدابير‬ ‫تم ُي ُّ‬
‫عموما‪ .‬ومن َّ‬
‫ً‬ ‫اإلسالمي‬
‫ثم ُن ‪ -‬هنا ‪ -‬مجهودات‬ ‫ون ِّ‬ ‫ٍ‬
‫مالئم لتمويل المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ُ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫محيط‬ ‫والجوهريَّة من أجل تأسيس‬
‫بنك المغرب بخصوص إنشاء مرصد حول المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ ،‬بشراكة مع الوكالة الوطنية‬
‫ات ذات طبيعة نوعية‪ ،‬تتعلق بشروط‬ ‫مؤشـر ٍ‬
‫للنهوض بالمقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ ،‬والذي يهدف إلى بلورة ِّ‬
‫ٍ‬
‫ومشتركة على‬ ‫ٍ‬
‫شاملة‬ ‫ولوج هذه المقاوالت للتَّمويالت البنكية‪ ،‬وكذا آليات للمواكبة؛ مما يفضي إلى بلورة ٍ‬
‫رؤية‬ ‫ُ‬
‫الصَّعيد الوطني حول إشكاليَّة تمويل هذه المقاوالت‪.‬‬

‫التوصيات‪:‬‬
‫‪ )0‬البد من تطوير مستمر وفاعل للبرامج الحكومية مثل‪ :‬مساندة‪ ،‬وامتياز‪ ،‬ومقاولتي؛ باعتبار أنها لم‬
‫َّ‬
‫ومهددون‬ ‫كبير من المقاولين الشباب متابعون أمام المحاكم‬
‫عددا ًا‬ ‫تُحقِّق ً‬
‫حاليا المطلوب منها‪ ،‬بدليل أن ً‬
‫بالسجن‪.‬‬

‫‪177‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫جدي للمخططات والتوصيات والندوات التي عقدت في هذا الشأن‪ ،‬وهي لم تجد‬
‫‪ )7‬ضرورة التفعيل ال ّ‬
‫طريقها بعد إلى التنفيذ الفعلي بسبب غياب سياسة حكومية حقيقية لتأهيل المقاوالت الصغرى‬
‫والمتوسطة‪ ،‬وتعزيز قدرتها على الصمود واالستمرار األمثل في السوق‪.‬‬
‫‪ )3‬ال َّ‬
‫بد من التأكيد على ضرورة إيجاد قنوات للتواصل بين المقاوالت الصغرى والمتوسطة بالشكل‬
‫َّ‬
‫المقدمة‬ ‫المقدمة في السوق المالية الوطنية‪ ،‬وتقريب المقاولين من االمتيازات‬‫ّ‬ ‫تنوع العروض‬ ‫الكافي من ُّ‬
‫لهم من قبل المؤسسات المالية‪ ،‬وامتالك رؤية واضحة للمشاريع َّ‬
‫المقدمة من طرف المقاوالت مع اللجوء‬
‫إلى مؤسسات وسيطة تتولَّى مهمة إتمام المعامالت الماليَّة بين الجانبين‪.‬‬
‫تهم قضايا‬
‫‪ )4‬يجب وضع خطة واضحة لتمويل المقاوالت الصغرى والمتوسِّطة‪ ،‬وبلورة "استراتيجية" ُّ‬
‫وانشغاالت المقاوالت الصغرى‪ ،‬وتحديد وضبط الحلول معقولة وكفيلة بتعزيز مسار هذه الفئة من‬
‫تخبط أو مشاكل‪.‬‬
‫المقاوالت بشكل دقيق وواضح دون ّ‬

‫المصادر والمراجـع‬
‫‪ً ‬‬
‫أوال‪ :‬المصادر والمراجـع باللغة العربية‬
‫‪ -I‬الكتب‬
‫‪ ‬البكري‪ ،‬أنس‪ :‬النقود والبنوك بين النظرية والتطبيق‪ ،‬دار المستقبل عمان‪.3006 ،‬‬
‫‪ ‬الحمودي‪ ،‬تركي راجي‪ .‬التحديات التي تواجه المصارف اإلسالمية في دولة قطر (دراسة ميدانية)‪ ،‬مركز‬
‫اإلمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية أبو ظبي دولة اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬عدد (‪.3003 ،)21‬‬
‫‪ ‬الخمليشي أحمد‪ :‬الربا بين النصوص وتفسيرها وبين ما آل إليه التنظير والممارسة‪ ،‬دار الكلمة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫مصر‪.3060.‬‬
‫‪ ‬الشرقاوي المالقي‪ ،‬عائشة‪ :‬البنوك اإلسالمية‪ :‬التجربة بين الفقه والقانون والتطبيق‪ ،‬المركز الثقافي العربي الدار‬
‫البيضاء ‪.3000‬‬
‫‪ ‬الشواربي‪ ،‬عبد الحميد‪ ،‬الشواربي‪ ،‬محمد‪ :‬إدارة مخاطر التعثر المصرفي من وجهتي النظر المصرفية‬
‫والقانونية‪ :‬منظومة إصالح مصرفي بين النظرية والتطبيق من خالل رؤية فلسفية ومنهجية وتنويرية‪ ،‬المكتب‬
‫الجامعي الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪.3002 ،‬‬
‫‪ ‬الوردي‪ ،‬سيدي محمد‪ :‬أساسيات االقتصاد اإلسالمي وتطبيقاته المعاصرة‪ ،‬مطبعة طوب برس‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط‪.‬‬
‫األولى‪.3066 ،‬‬
‫‪ :-------------- ‬التمويل التشاركي في المصارف االسالمية بين المقصد التنموي المنشود وواقع التحديات‬
‫المشهود‪ ،‬إصدارات الجمعية المغربية لالقتصاد اإلسالمي‪ ،‬مطبعة طوب برس‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط‪ .‬األولى ‪3069‬م‪.‬‬
‫‪ ‬بالجي‪ ،‬عبد السالم‪ :‬البنوك التشاركية اإلسالمية في المغرب‪ ،‬طوب بريس ‪ -‬الرباط‪.3061 ،‬‬
‫‪ ‬مريد‪ ،‬جواد‪ :‬البنوك اإلسالمية في ضوء المستجدات التنظيمية للمنتجات التمويلية بالمغرب‪ ،‬المتقي برينتر‪،‬‬
‫المحمدية ‪ -‬المغرب‪.3063 ،‬‬

‫‪178‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪9502 ،9‬‬

‫‪ ‬عالء مصطفى عبد المقصود‪ ،‬أبو عجيلة‪ :‬التمويل اإلسالمي ودوره في تمويل المنشآت الصغيرة‪ ،‬دار الفكر‬
‫الجامعي – اإلسكندرية‪.3062 ،‬‬
‫‪ II‬المقالت‬

‫‪ ‬الكشبور (محمد)‪« :‬مفهوم التوقف عن الدفع»‪ ،‬مجلة المنتدى‪ ،‬مجلة دورية‪ ،‬عدد (‪ ،)92‬سنة ‪ ،3003‬ص ص‪:‬‬
‫(‪.)39-66‬‬
‫‪ ‬الدعاس‪ ،‬عبد هللا أحمد والجعرات خالد جمال‪« ،‬دور المصارف اإلسالمية في تمويل المؤسسات الصغيرة‬
‫والمتوسطة في األردن»‪ ،‬مجلة الزرقاء للبحوث والدراسات االنسانية‪ ،‬المجلد ‪ ،69‬العدد الثاني‪ ،3069 ،‬ص ص‪:‬‬
‫(‪.)693- 629‬‬
‫‪ ‬بن حفُّـو‪ ،‬حليمة بنت المحجوب‪" ،‬المرابحة في البنوك التشاركية"‪ ،‬المنبر القانوني‪ ،‬مجلة نصف سنوية‪ ،‬العدد‬
‫التاسع‪ ،‬أكتوبر ‪ ،3063‬ص ص‪.)22-62( :‬‬
‫‪ ‬صالحي صالح‪" ،‬الكفاءة التمويلية لصيغ االستثمار وأساليب التمويل اإلسالمية"‪ ،‬ملفات األبحاث في االقتصاد‬
‫والتسيير‪ ،‬العدد األول‪3062 ،‬م‪ ،‬ص ص‪.)30-62( :‬‬
‫‪ ‬ملحاوي‪ ،‬يوسف‪« ،‬مفهوم التوقف عن الدفع من منظور قضائي»‪ ،‬مجلة القصر‪ :‬مجلة فصلية للدراسات والوثائق‬
‫القانونية‪ ،‬عدد (‪ ،3002 ،)62‬ص ص‪.)609 - 92( :‬‬
‫‪ -III‬األطروحات والرسائل‬

‫‪ ‬الخير‪ ،‬رشيدة‪ :‬النظام البنكي بالمغرب‪ ،‬وإشكالية تمويل المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية االقتصادية واالجتماعية عين الشق‪ ،‬السنة الجامعية‪.3060-3009 :‬‬
‫‪ ‬بوقرة‪ ،‬زهر الدين‪" ،‬دور البنوك اإلسالمية في تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة"‪ ،‬بحث لنيل شهادة‬
‫اإلجازة في علوم االقتصاد‪ ،‬جامعة فرحات عباس‪ ،‬سطيف‪ ،‬الموسم الجامعي‪.3069-3062 :‬‬
‫‪ -IV‬نصوص القوانين والدوريات‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 6-03-622‬صادر في ‪ 63‬جمادى األولى‪ 32( 6932 ،‬يوليو ‪ ،)3003‬بتنفيذ القانون رقم ‪،3200‬‬ ‫‪‬‬
‫المتعلق بميثاق المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ .3003/03/69 ،3026‬ص‪.)3212( :‬‬
‫توصية بنك المغرب‪ ،‬رقم ت ‪ ،3006/9/22‬متعلقة بمنتجات اإلجارة‪ ،‬المشاركة والمرابحة‪ ،‬بتاريخ ‪ 62‬شتنبر‬ ‫‪‬‬
‫‪.3002‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ .6369,692‬صادر في فاتح ربيع األول ‪ 39( 6921‬دجنبر ‪ )3069‬بتنفيذ القانون رقم‪602.63،‬‬ ‫‪‬‬
‫المتعلق بمؤسسات االئتمان‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 33( ،1232‬يناير ‪.)3063‬‬
‫الجريدة الرسمية؛ عدد‪ ،1232 :‬بتاريخ‪ :‬فاتح ربيع األول ‪ 30( 6921‬يناير ‪.)3063‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -V‬الموسوعات والمعاجـم‬

‫‪ ‬مراد‪ ،‬عبد الفتاح‪ ،‬موسوعة البنوك‪ ،‬اإلسكندرية‪.3000 ،‬‬


‫‪ ‬هيني (مصطفى)‪ ،‬معجم المصطلحات االقتصادية والمالية (عربي ‪ -‬فرنسي)‪ ،‬مع مسرد لأللفاظ المفتاحية‬
‫الفرنسية‪ ،‬توطئة خليل حسني صائغ‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬بيروت‪.3002 ،‬‬

‫‪179‬‬
9502 ،9 ‫ العدد‬،3 ‫المجلد‬

‫ المراجع باللغة األجنبية‬:‫ ثانيًا‬


‫ الكتب‬-I
 IBN ABDELJALIL (Najib), L’entreprise et son environnement : Recueil de publication, Edition
consulting, Casablanca, 1999.
 Belletante (Bernard) et autres, Diversité économiques et modes de financement des PME,
préface de Jean Claude TRICHET, L'Harmattan, Paris 2001.
‫ الرسائل‬-II
 Masmoudi (Hicham), stratégie d’octroi des prêts et analyse de la défaillance des entrepreneurs,
application de modèles sur données d’entreprise, mémoire pour l’obligation de DESA en économie,
université HASSAN II, FSJES, Casablanca, Ain chock, 2006.

‫ المقالت‬-III
 Lotfi BOULHARIR, «Les défis de financement participatif face aux contraintes financières des PME,
quel apport et quelle réalité ? "Une enquête sur les entreprises molarocaines, Research and
Applications in Islamic Finance ,ISSN : 9052- 0024, Vume 1, Numéro 1, février 2017. pp. 40-58.
 MAAROUF (Ahmed), « La banque dans la nouvelle dynamique financière : Une analyse rétrospective
du cas Marocain », REMALD, N°65, Novembre, Décembre, 2005, pp. 82-103.

‫ التقارير واألبحاث‬-IV
 Bank Al-Maghrib, Rapport Annuel sur le contrôle de l’activité et les résultats des établissements de
crédit. Années :2002-2015.
 Banque mondial, Ministère de l’industrie et de la mise à niveau au Maroc, «Investment Climate
Assessment, 2004» (ICA Maroc 2004).
 EL OUAZZANI Hindet ROUGGANI Khalid, «Attentes des dirigeants des PME vis à vis de l’introduction
des institutions financières islamiques au Maroc : Cas des PME de la région Doukkala-Abda», La 1ère
édition du Congrès International de L'économie et de la finance islamique, 14 - 15 décembre 2016,
FSJES Ain Chock, Casablanca

180

You might also like