Professional Documents
Culture Documents
سعيد أحمد بيومي ،لغة القانون في ضوء علم لغة النص ،دار الكتب و الوثائق القومية ،الطبعة 2010 ،1ص .79 1
يض اف إلى ه ذا كله أن للبنية النص ية ثالثة أن واع :البنية الص غرى و هي بنية نحوية و بنية -
ك برى و هي بنية داللة و بنية تنظيمية و هي نمط من ش كل النص و هو ما يهمنا في التحليل
البنيوي ،حيث أن البنية التنظيمية للنص القانوني تع ني بن اءه الخططي أي الش كل أو الهيكل ال ذي
2
تنظم فيه أجزاءه و ما يتضمنه من أحكام قانونية ،و هذه البنية تسمى أيضا البنية العليا.
تطبيق المنهج البنيوي على النصوص األدبية -2
بخصوص الدراسات اللغوية و التي يعتبر من روادها العالم السويسري فيرنارد دي سوس ير (
1857إلى )1913و الذي استند في أعماله النظرية الخاصة باللغة الطبيعية و اإلنسانية ،3و
قد تركزت أعماله على المحاور التالية:
التنبيه إلى ضرورة إجراء تمييز دقيق في مجال دراسة اللغة بين محورين رئيسيين: -1
المحور عبر الزمني أي محور التطور التاريخي.
فبينما رك زت الدراس ات اللغوية التاريخية على تط ور اللغة من خالل البحث عن ظ واهر
معينة في لغات خالل عصور مختلفة .أسس دي سوسير نظر وص فية تقتصر على دراسة
اللغة كحالة راهن ة ،فهي ليست س وى نسق أو نظ ام تعمل و ت ؤدي وظيفتها بإعتبارها بنية
ذات طبيعة رمزية ،ومن تم ال تنطوي على أي بعد تاريخي ،لهذا ته دف وجهة نظرها إلى
ثالث غايات.4
تحرير علم اللسان من العناصر الغريبة عنه لكي يقتصر على التزام حدود السمات النوعية. -
وضع حد لإلمتياز الذي كان يمنحه الباحثون السابقون عليه للغات الثقافة و اللغات المتحضرة. -
فتح السبيل أمام أهل العلوم اللسانية للقيام بوصف مماثل لتلك اللغات األخرى. -
الطابع اإلعتباطي أو التعسفي للعالمة اللفظية -2
إذ اعت بر أن ال وج ود ألي عالقة منطقية بين ال دال و الم دلول ،أي بين الكلمة و الش يء ال ذي
ترمز له فالصلة التي تربط بينهما هي صلة صورية.
مفهوم الكلمة الواحدة ،باإلمكان التمثيل له بمجموعة من األصوات كما هو واضح من اختالف
اللغات.
جون ستروك ،البنيوية و ما بعدها من ليفي شتراوس إلى دريدا ،ترجمة د محمد عصفور ،مجلة عالم المعرفة فبراير 1996عدد 206ص .10 3
أحمد القصير ،منهجية علم اإلجتماع بين الوظيفية و الماركسية و البنيوية ،الطبعة الثانية ،ص .129 4
التمي يز بين اللغة و الكالم" :ف الكالم هو فعل ف ردي يق وم به ش خص ما في حديثه مع -3
أشباهه ،في حين أن اللغة تقنين اجتماعي أو مجموعة من القواعد"
إن العمل ال ذي ق ام به سوس ير ك ان رد فعل ع نيف ضد الدراس ات التاريخية المقارنة
للغ ات مما جعله يعطي الص دارة لما هو تزام ني اني على ما هو ت اريخي تط وري ،و
لكن بمثابة رفض ألسبقية التفسير التاريخي البنيوي.5
لم يتطرق النقد العربي القديم إلى العالقات الرابطة بين العناصر ،و بالتالي لم يتط رق للنظ ام،
و لكن درس العناصر في استقاللها ،حيث ركز النق اد الع رب على ثنائية ( اللفظ ،المع نى) ،
فدرسوا النص على مستويين ،مستوى اللفظ و مستوى المعنى ،أي بنيتي الشكل و المض مون،
حسب المفهوم المعاص ر ،و لكن ظلت دراس تهم منحص رة في ج داالت طويلة و عميقة ح ول
6
عالقة المستويين ببعضهما البعض و أولوية أحدهما عن األخر.
لذلك يهتم البنيويون بدراسة الجوهر الداخلي للنصوص األدبية ،فهم يتعاملون مع النص بإلغ اء
كل اإلفتراض ات الس ابقة ،مثل عالقته بالحق ائق الفكرية و الواقع اإلجتم اعي ،فالعمل األدبي
بالنسبة لهم له كيانه الخ اص و نظام ه ،أي له بنية مس تقلة ب ذاتها في كل م اهو خ ارجي ،ه ذه
البنية عب ارة عن ش بكة من العالقة تتحكم فيها ثنائية اللفظ و المع نى ،ومن هنا يظهر أن
البنيويون يحالون تحرير النص من سلطة المؤلف و ربطه بسلطة القارئ كما تم ذكره س ابقا،
ومن هنا جاءت الدعوة المشهورة للفيلس وف ب ارت ح ول "م وت المؤل ف" حيث أنه ال يقصد
إلغاء المؤلف تماما ،و إنما يقصد عدم الرجوع ألي ش يء خ ارج النص .لكي ال يت أثر الق ارئ
بسيرة المؤلف أو أي معطيات أخرى توجه دفة القراءة.
و برجوعنا إلى بنيوية النص ،مع أخ ذنا للقصة نموذجا في ه ذا التحلي ل ،نجد أن الجملة هي
الوح دة األخ يرة و أن اإلنش غال بها حق من حقوقه ا ،فالجملة هي نظ ام و ليست سلس لة من
الكلمات ،و بالتالي فإنها وحدة أص لية .أما العب ارة فهي على العكس من ه ذا ،إنها سلس لة من
الجمل التي تكونها ،و لذا فإن الخطاب من وجهة نظر لس انية ،ال يتض من ش يئا إال و يوجد في
الجملة ،فالجملة كما يقول ماريتنه :هي المقطع األكثر صغرا ،و هي التي تمثل الخطاب تمثيال
8
تاما و كامال ،7و هذا التحليل يقودنا إلى الحديث عن مستويات البنيوية في مكونات القصة.
7روالن بارت :مدخل إلى التحليل البنيوي للقصص مترجمة ،مندر عياشي ،مركز النماء الحضري للدراسة و الترجمة و النشر ،الطبعة ،1سوريا
1993ص .30
طالب رهيف السلطاني ،النقد األدبي الحديث ،المطبعة العصرية ،الطبعة ، 1بابل العرق ،2011 ،ص .55 8
وما يهمنا هنا هو المستوى السابع ،و سنأخذ نموذجا بسيطا ذكره ت يري إغلت ون بين فيه كيفية
تحليل نص من الناحية البنيوية و مدى العالقات التي تربط عناصره فيق ول " :دع وني أح اول
إيضاح ذلك من خالل مثال ،لنفترض أننا نحلل قصة صبي يغادر البيت إثر نزاع مع والده ،و
ينطلق سيرا على األقدام عبر غابة في حر الظهيرة ،ثم يسقط في حفرة عميق ة ،و يخ رج األب
باحثا عن إبنه ،و يصل إلى الحفرة و يمعن النظر فيها ،لكنه ال يستطيع أن يراه بسبب الظلمة و
في اللحظة التي ترتفع فيها الشمس إلى نقطة فوقه مباشرة تنير بأشعتها أعم اق الحف رة و ت تيح
لألب إنقاذ طفله ،و بعد مصالحة بهيجة يعودان إلى البيت معا".9