You are on page 1of 52

‫مواجهة االحرتاق الوظيفي‬

‫حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة‬


‫ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻕ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﻲ ‪ :‬ﻧﺤﻮ ﻧﻤﻮﺫﺝ ﻣﻘﺘﺮﺡ ﻟﻤﺴؤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬
‫‪DOI: 10.12816/0023029‬‬
‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻷﻣﻨﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫(*)‬
‫أمحد الشعالن‬ ‫اللواء الدكتور‪ /‬فهد بن‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻧﺎﻳﻒ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻌﻠﻮﻡ ﺍﻷﻣﻨﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫ﺍﻟﺸﻌﻼﻥ‪ ،‬ﻓﻬﺪ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫عميد مركز األزمات وتطوير القيادات العليا ‪ -‬جامعة انيف العربية للعلوم األمنية‬
‫ﻣﺞ‪ ,32‬ﻉ‪65‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫ﻧﻌﻢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬
‫امللخص‬
‫‪2016‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬

‫كثريا من عـلـى الباحثني قد وصفوا القرن احلايل‬


‫ﺃﺑﺮﻳﻞ من تطورات علمية وتكنولوجية‪ ،‬فإن ً‬
‫ﺍﻟﺸﻬﺮ‪:‬الرغم مما يشــهده العامل املعاصر‬
‫علي‬
‫‪3 - 53‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫‪ )Psychological770049‬واالحرتاق الوظيفي (‪.)Burnout‬‬
‫عصر الضغوط النفسية (‪Stress‬‬
‫أبنه ‪:MD‬‬
‫ﺭﻗﻢ‬
‫ﺑﺤﻮﺙ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬ ‫ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬
‫‪Arabic‬التعريف ابالحرتاق الوظيفي كظاهرة نفسية إدارية‪ ،‬والتعرف على طبيعتها وأسباهبا‬
‫ﺍﻟﻠﻐﺔ‪:‬سعت هذه الدراسة إىل حماولة‬
‫وقد‬
‫‪EcoLink‬‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬
‫وأعراضها وآاثرها‪ ،‬وحماولة حتديد مسؤولية التعامل معها يف اجلانب الفردي والقيادي‪.‬‬
‫ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻕ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﻲ‪ ،‬ﺿﻐﻮﻁ ﺍﻟﻌﻤﻞ ‪ ،‬ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬

‫يف السؤال الرئيس التايل‪:‬‬


‫‪http://search.mandumah.com/Record/770049‬‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪ :‬حتددت مشكلة الدراسة‬
‫وقد‬

‫هل مواجهة االحرتاق الوظيفي مســؤولية فردية أم مسؤولية قيادية؟ وقد مت تطبيق املنهج التحليلي ومن ذلك توصل‬

‫للنتائج التالية‪:‬‬

‫‪ -‬تقف وراء حالة االحرتاق الوظيفي العديد من األسباب‪ ،‬يتعلق بعضها ابملنظمة وظروفها وأسلوب تعاملها مع املوظفني‬

‫وضغط العمل وغياب الدور وعدم املشاركة يف اختاذ القرار وانعدام التدوير الوظيفي‪.‬‬

‫‪ -‬لالحرتاق الوظيفي أعراض تبدو على املوظف كالعزلة وضعف االتصال والقيام ابلعمل ابحلدود الدنيا ‪،‬إضافة إىل التذمر‬

‫والنظرة الدونية لإلجناز‪.‬‬

‫‪ -‬هناك العديد من النظرايت اليت تفسر ظاهرة االحرتاق الوظيفي كالنظرية الســلوكية والنظرية املعرفية ونظرية التحليل‬

‫النفسي والنظرية الوجودية‪.‬‬


‫© ‪ 2020‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺩﺍﺭ‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫‪)*( alshalanf@hotmail.com‬‬

‫‪3‬‬
‫مواجهة االحرتاق الوظيفي‬

‫حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة‬

‫‪DOI: 10.12816/0023029‬‬
‫(*)‬
‫اللواء الدكتور‪ /‬فهد بن أمحد الشعالن‬

‫عميد مركز األزمات وتطوير القيادات العليا ‪ -‬جامعة انيف العربية للعلوم األمنية‬

‫امللخص‬

‫كثريا من عـلـى الباحثني قد وصفوا القرن احلايل‬


‫علي الرغم مما يشــهده العامل املعاصر من تطورات علمية وتكنولوجية‪ ،‬فإن ً‬
‫أبنه عصر الضغوط النفسية (‪ )Psychological Stress‬واالحرتاق الوظيفي (‪.)Burnout‬‬

‫وقد سعت هذه الدراسة إىل حماولة التعريف ابالحرتاق الوظيفي كظاهرة نفسية إدارية‪ ،‬والتعرف على طبيعتها وأسباهبا‬

‫وأعراضها وآاثرها‪ ،‬وحماولة حتديد مسؤولية التعامل معها يف اجلانب الفردي والقيادي‪.‬‬

‫وقد حتددت مشكلة الدراسة يف السؤال الرئيس التايل‪:‬‬

‫هل مواجهة االحرتاق الوظيفي مســؤولية فردية أم مسؤولية قيادية؟ وقد مت تطبيق املنهج التحليلي ومن ذلك توصل‬

‫للنتائج التالية‪:‬‬

‫‪ -‬تقف وراء حالة االحرتاق الوظيفي العديد من األسباب‪ ،‬يتعلق بعضها ابملنظمة وظروفها وأسلوب تعاملها مع املوظفني‬

‫وضغط العمل وغياب الدور وعدم املشاركة يف اختاذ القرار وانعدام التدوير الوظيفي‪.‬‬

‫‪ -‬لالحرتاق الوظيفي أعراض تبدو على املوظف كالعزلة وضعف االتصال والقيام ابلعمل ابحلدود الدنيا ‪،‬إضافة إىل التذمر‬

‫والنظرة الدونية لإلجناز‪.‬‬

‫‪ -‬هناك العديد من النظرايت اليت تفسر ظاهرة االحرتاق الوظيفي كالنظرية الســلوكية والنظرية املعرفية ونظرية التحليل‬

‫النفسي والنظرية الوجودية‪.‬‬

‫‪)*( alshalanf@hotmail.com‬‬

‫‪3‬‬
‫اجمللة العربية للدراسات األمنية والتدريب ‪ -‬اجمللد ‪ -23‬العدد (‪ 45- 3 )65‬الرايض (‪ 2016‬م) (‪ 7521‬ه)‬

‫‪ -‬هناك العديد من مقاييس االحرتاق الوظيفي صممها بعض العلماء وميكن استخدامها يف قياس درجة االحرتاق‬

‫الوظيفي للعاملني يف املنظمات‪ ،‬ومنها مقاييس (ماســالك) و(ابنيز) و(شــايروم ميالميد) و(بريزي)‪ ،‬ويفرتض مراعاة طبيعة‬

‫املنظمة والعاملني فيها عند اختيار املقياس للتطبيق‪.‬‬

‫‪ -‬املسؤولية يف االحرتاق الوظيفي ليست حمصورة يف املنظمة‪ ،‬وإمنا تنحصر يف املسؤولية القيادية‪ ،‬واملسؤولية الفردية‪،‬‬

‫واملسؤولية املشرتكة بني القيادة والفرد‪.‬‬

‫الكلمات املفتاحية‪ :‬االحرتاق الوظيفي‪ -‬االحرتاق النفسي‪ -‬ضغوط العمل ‪ -‬القيادة اإلدارية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ فهد بن أمحد الشعالن‬.‫ اللواء د‬... ‫مواجهة االحرتاق الوظيفي حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة‬
Confronting the Job Burnout: Towards a Suggestive Model
for the Individual and Leadership Responsibility
DOI: 10.12816/0023029
)*(
By: Maj.Gen.Dr. Fahad bin Ahmed AlShalan,

Dean of the Center of Crises Management and Leadership Development,


Naif Arab University for Security Sciences
Irrespective of the consideration that modern world is witnessing spectacular
scientific and technological developments, many researchers describe it as an era of
Psychological Stress and Burnout.
The present study seeks to identify the Burnout as psychological and
managerial phenomenon. Also, it attempts to identify the Burnout. Pursuant to this
subject, following issues are identified - nature of Burnout; causes of Burnout;
symptoms and impacts of Burnout. This is in addition to determine the relative
responsibility assumed by an individual and leadership. The present study seeks to
address the following main question: Is confronting Burnout the responsibility of
individual or leadership? In responding to this question the descriptive and analytical
approach is applied.
The present study yields following findings:
- Pursuant to this subject, following reasons for Burnout are related - the
institutional circumstances; the treatment of the employees; the work pressure;
the absence of a role; non-participation in decision-making; and the lack of job
rotation;
- There are Burnout symptoms that appear on the employee. Pursuant to this
subject, following symptoms are noticed - isolation; poor communication
skills; poor performance of work; discontent and lack of personal achievement;
- There are many explanatory theories developed by some scholars for
measuring Burnout. These are - behavioral theory, cognitive theory,

)*( Alshalanf@hotmail.com

5
)‫ ه‬7521( )‫ م‬2016( ‫ الرايض‬45- 3 )65( ‫ العدد‬-23 ‫ اجمللد‬- ‫اجمللة العربية للدراسات األمنية والتدريب‬

psychoanalytic theory, and existentialism theory. There are some assessment


criteria designed by scholars in measuring the employees degree of Burnout in
institutions. These measurements are Maslach Scale, Pines Scale, Shirom-
Melamed Scale and Breezy Scale. It is supposed to take into account the nature
of institution and its staff upon selecting the scale for application:
- The responsibility for Burnout is not confined to any institution, but it extends
the leadership responsibility, individual responsibility, and the shared
responsibility between the individual and leadership; and
- A model is designed by the researcher to determine the relative responsibility
assumed by leadership, individual and shared between them with regard to the
prevention and treatment of Burnout.
Keywords: Job Burnout – Psychology Burnout – Work Pressure -
Administrative leadership

6
‫مواجهة االحرتاق الوظيفي حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة ‪ ...‬اللواء د‪ .‬فهد بن أمحد الشعالن‬
‫املبحث األول‪ :‬مدخل الدراسة‬

‫املقدمة‬

‫يفرض مصطلح االحرتاق الوظيفي ‪ Burnout‬نفســه على الساحة بوصفه ظاهرة حتتاج إىل مزيد من الدراسة من منظور‬

‫نفسي وزوااي إدارية وقيادية وتنظيمية‪.‬‬

‫وقد أشــار (النفيعي‪1421 ،‬هـ) إىل أمهية هذا املوضوع ابلقول‪« :‬اكتسب موضوع االحرتاق الوظيفي (‪ )Burnout‬أمهية‬

‫أيضا يف جمال‬
‫كبرية لدى الكتاب والباحثني يف الدول املتقدمة ليس فقط يف جمال السلوك التنظيمي والعلوم الطبية‪ ،‬ولكن ً‬
‫التطوير اإلداري؛ ألنه من املشكالت اإلدارية املهمة يف عاملنا املعاصر اليت تواجه العاملني يف املنظمات احلكومية وغــري‬

‫مؤشرا على مرور املنظمات أبزمة ميكــن أن تؤدي هبا إىل التدين واالحندار‪ ،‬ويصيبها الفشل على املدى‬
‫احلكومية‪ ،‬ويعد ً‬
‫الطويل لآلاثر السلبية على املنظمات والعاملني هبا»‪.‬‬

‫ويقول (هيجان‪1998 ،‬م‪ ،‬ص ‪« :)239‬تتضمن معظم األعمال اليت نقوم هبا بطريقة أو أبخرى درجة من الضغوط‪،‬‬

‫وبعض هذه الضغوط نستطيع التكيف معها ومواجهتها‪ ،‬ومن مث االســتمرار يف أدائنا لوظائفنا على خري وجه‪ ،‬يف حني أن‬

‫بعض هذه الضغوط ال نستطيع حتملها‪ ،‬ما يرتتب عليه عجزان عن أداء أعمالنا‪ ،‬ذلك أنه مع مرور الوقت قد تسبب‬

‫يف يهاية املطاف قد‬ ‫بعــض األعمال الكثري من الضغوط اليت قد تؤدي بنا إىل اإلرهاق وااليهيار‪ ،‬حي جند أن الشــخ‬

‫يعاين ما يسمى ابالحرتاق ‪ Burnout‬الذي يظهر على سلوكه وتصرفاته يف داخل وخارج بيئة العمل»‪.‬‬

‫وقد ذكر (‪ )Genly, 2015‬أنه قبل أربعة عقود كان االعتقاد أن االحرتاق الوظيفي موجــود يف بعض املنظمات ذات‬

‫البعد اإلنســاين مثل‪ :‬املؤسســات الصحية‪ ،‬واخلدمة االجتماعيــة‪ ،‬والقانون إال أن البحوث أثبتت اآلن أنه موجود يف معظم‬

‫املنظمات على اختالف أنواعها‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫اجمللة العربية للدراسات األمنية والتدريب ‪ -‬اجمللد ‪ -23‬العدد (‪ 45- 3 )65‬الرايض (‪ 2016‬م) (‪ 7521‬ه)‬

‫واحلقيقــة أن الضغوط النفســية جاءت من الفيزايء‪ ،‬وهي هبــذا املفهوم تعين املضاعفات اليت تؤثر مع حركة ضغط الدم يف‬

‫اجلســد‪ ،‬أما يف جمال علم النفس‪ ،‬فتعين املطالب اليت جتعل الكائــن احلي يتكيف ويتعاون كي يتالءم مــع من حوله‪،‬‬

‫وتتمثل الضغوط النفســية يف القلق‪ ،‬واإلحباط‪ ،‬والصراع‪ ،‬والنزاع وعدم االرتياح والشــعور ابألمل‪ .‬وتعود هذه الضغوط عادة‬

‫إىل العديد من املشكالت النفسية واجلسدية اليت جتعل الفرد غري قادر على العطاء واإلنتاجية يف جمال العمل (العديلي‪،‬‬

‫‪1414‬هـ)‪.‬‬

‫كثريا من الباحثني قد وصفوا القرن احلايل أبنه‬


‫وعلى الرغم مما يشهده العامل املعاصر من تطورات علمية وتكنولوجية فإن ً‬
‫عصر الضغوط النفسية (‪ )Psychological Stress‬واالحرتاق الوظيفي (‪.)Burnout‬‬

‫يعد (هريبرت فرويدنبريجر) ‪ Freudenberger‬احمللل النفسي‬ ‫جديدا‪ ،‬حي‬


‫ً‬ ‫والواقع أن هذا املصطلح األخري يعد‬

‫األمريكي أول من أدخل مصطلح االحرتاق الوظيفي (‪ )Burnout‬إىل حيز االستخدام األكادميي‪ ،‬وذلك عام ‪1974‬م‪،‬‬

‫وانقش جتاربه النفسية اليت جاءت نتيجة تعامالته وعالجاته مع املرتددين على عيادته النفسية يف مدينة نيويورك‪ ،‬وقد‬

‫تعرضا حلاالت االحرتاق الوظيفي‪ ،‬وذلك‬


‫الحظ فرويدنبريجر أن الذين يعملون يف املهن واخلدمات اإلنسانية كانوا أكثر ً‬
‫لتعاملهم اليومي مع عدد كبري من الناس‪ ،‬مع عدم قدرهتم على حتقيق كل ما هو متوقع منهم‪.‬‬

‫هذا وتعد أعمال كرســتني ماسالك (‪ )Maslach‬أستاذ علم النفس جبامعة بريكلي الرائدة يف دراسة وتطوير مفاهيم‬

‫عرفت ماسالك االحرتاق الوظيفي أبنــه‪ :‬جمموعة أعراض من اإلجهاد الذهين واالســتنفاد‬ ‫االحرتاق الوظيفي‪ ،‬حي‬

‫االنفعايل والتبلد الشــخصي‪ ،‬واإلحســاس بعدم الرضا عن املنجز الشــخصي واألداء املهين‪ ،‬وحيدث االحرتاق الوظيفي‬

‫عندما ال يكون هناك توافق بني طبيعة العمل وطبيعة اإلنسان الذي ينخرط يف أداء العمل‪ ،‬وكلما زاد التباين بني هاتني‬

‫البيئتني زاد االحرتاق الوظيفي الذي يواجهه املوظف يف مكان عمله‪ .‬هذا وتتداخل ظاهرة االحرتاق الوظيفي للشخ‬

‫مع جوانب أخرى متشــابكة ومنها اجتاهات الفرد حنو املهنة‪ ،‬والرضا الوظيفي‪ ،‬وكفاايت املوظف‪ ،‬والتفاعل االجتماعي‪،‬‬

‫والســلطة اإلدارية‪ .‬ورمبا يعد اجتاه الفرد حنو املهنة هو احملدد األســاسي ملدى حتمله للمهنة وضغوطها النفسية واجلسمية‪،‬‬

‫ومن مث لالحرتاق الوظيفي الذي يواجهه‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫مواجهة االحرتاق الوظيفي حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة ‪ ...‬اللواء د‪ .‬فهد بن أمحد الشعالن‬
‫وأشــارت ماسالك إىل أن جذور وأســاس االحرتاق الوظيفي يكمن يف جمموعة عوامل ترتكز يف الظـروف االقتصادية‬

‫والتطورات التقنية والفلســفة اإلدارية لتنظيم العمل (أبو مسعود‪1431 ،‬هـ)‪.‬‬

‫دائما‪ :‬أين تكمن مسؤولية التعامل مع االحرتاق الوظيفي للعاملني؟ وذلك للوقوف على‬
‫ولكن الس ـؤال الذي يطرح نفسه ً‬
‫أسباهبا‪ ،‬ومن مث احلد منها‪ :‬هل املسؤولية بكاملها على الفرد الذي يعيش داخل املنظمة‪ ،‬لكونه مل يســتطع التكيف مع‬

‫ضغوط العمل فيها ومع العالقات الرمسية وغري الرمسية يف نظامها؟ أم أن املسؤولية على املنظمة وقياداهتا الذين مل يوفروا‬

‫بعيدا عن الوقوع يف مستنقع االحرتاق؟‬


‫للعاملني اإلمكاانت وهتيئة الظروف اليت تساعد العاملني على التكيف والتفاعل ً‬

‫وإمياان أبمهية الدورين م ًعا يف مواجهة معضلة االحرتاق الوظيفي‪ ،‬فإن هذه الدراسة الوصفية املكتبية حتاول‬
‫لذلك‪ً ..‬‬

‫وصوال إىل اقرتاح آليات معينة للعاملني وللقيادة‬


‫الوصول إىل حتديد املسؤولية يف مواجهة االحرتاق الوظيفي لدى العاملني ً‬

‫يؤدي األخذ هبا من قبل الطرفني إىل احلد من الضغوط واالحرتاق الوظيفي‪ ،‬وذلك إلجياد بيئة تنظيمية صحية تتحقق من‬

‫خالهلا أهداف املنظمة والعاملني‪.‬‬

‫مشكلة الدراسة‬

‫قام الباحثون بدراســة مدى وجود ظاهرة االحرتاق الوظيفي‪ ،‬فأجريت دراسات على موظفني يف مضمار اخلدمات‬

‫احتماال للتعرض ملثل تلك االنفعاالت واإلاثرات النفسية‪ ،‬وأسفرت‬


‫ً‬ ‫الصحية‪ ،‬حي كان يعتقد أيهم من أكثر العاملني‬

‫نتائج تلك الدراسات عن أن التوتر النفسي الناشئ عن مزاولة مهن اخلدمات الصحية كان له العديد من اآلاثر السلبية‪.‬‬

‫مث أجريت دراسات مشاهبة على احملامني‪ ،‬اتضح من خالهلا أن ظاهرة االحرتاق ليست مقصورة على العاملني يف اجملال‬

‫الصحي فحسب‪ ،‬بل تتعداها إىل جماالت وظيفية أخرى‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫اجمللة العربية للدراسات األمنية والتدريب ‪ -‬اجمللد ‪ -23‬العدد (‪ 45- 3 )65‬الرايض (‪ 2016‬م) (‪ 7521‬ه)‬

‫وحمصلــة لذلك‪ ،‬فقــد زاد االهتمام بظاهــرة االحرتاق الوظيفي بــني الباحثني واملمارسني‪ ،‬على حد سواء‪ ،‬واستمر الرتكيز يف‬

‫أيضا على الباحثني االجتماعيني‪،‬‬


‫أحباث االحرتاق الوظيفي على املوظفني يف قطاع اخلدمات اإلنسانية‪ ،‬واستمر الرتكيز ً‬
‫مباشرا‬
‫ً‬ ‫اتصاال‬
‫ً‬ ‫واملمرضني‪ ،‬واملدرســني‪ ،‬واحملامني واألطباء‪ ،‬ورجال الشرطة‪ ،‬واملهنيــني اآلخرين الذين تتطلب أعماهلم‬

‫ـتمرا مع اجلمهور‪ .‬وتظهر ظاهرة االحرتاق الوظيفي يف القطاعني احلكومي واخلاص وبشــكل حمدد بني األفراد الذين‬
‫ومسـ ً‬
‫اهتماما أبعماهلم‪ ،‬ويتســمون ابملثالية وااللتزام‪ ،‬ولكن أعراض االحرتاق الوظيفي قد تظهر كذلك يف املهن الفنية‪،‬‬
‫ً‬ ‫يبدون‬

‫مثل‪ :‬تطوير برامج احلاسب اآليل‪ ،‬واحلقول األخرى للبح والتطوير‪ ،‬كما أن مثة دراســات أظهرت وجود االحرتاق بني‬

‫أيضا يف الوظائف اإلدارية (الكاليب ورشــيد‪،‬‬


‫املهندسني‪ ،‬والسكراتريني‪ ،‬كما أظهرت الدراســات احلديثة أن االحرتاق يظهر ً‬
‫‪1421‬هـ‪ ،‬ص‪.)114‬‬

‫آاثرا جانبية وأجواء‬


‫ويقول (الكبيسي‪1998 ،‬م‪ ،‬ص‪« : ( 52‬أما الضغوط التنظيمية‪ ،‬فهي إفرازات بيئية وتنظيمية تولد ً‬
‫مثرية للقلق والتوتر واإلحباط‪ .‬وقد تؤدي هذه الظاهرة إىل إاثرة قدرات الفــرد لتعميق التوافق النفسي ورفع درجات‬

‫التحمل والتضحية لدى العاملني‪ .‬لكنها حني تتعاظم وتتعمق ويشتد أتثريها السليب؛ فإيها تنتهي إىل ايهيار بعضهم أو‬

‫انســحابه أو احرتاقه ‪ Burnout‬ومن األسباب البيئية املثرية للضغوط التنظيمية عدم توافر األمن الوظيفي وخشية العاملني‬

‫من التسريح أو اإلحالة املبكرة على التقاعد حني تكون نسب البطالة يف اجملتمع عالية جدا‪ .‬بينما تسهم النظم املغلقة اليت‬

‫متنع االستقاالت والتنقالت وحىت اإلحالة على التقاعد ولو كانت ألســباب صحية إىل تعميق الضغوط لديهم وتزيد من‬

‫اآلاثر النفسية واالجتماعية السلبية لدى شرحية املضغوطني»‪.‬‬

‫كما أشــار (محزاوي‪2013 ،‬م‪ ،‬ص‪ )171‬إىل ضرورة توافر اخلدمات اإلرشــادية النفسية للوقاية من حصول األمراض‬

‫النفسية بدرجة رئيسة قبل تفاقم الظواهر السلوكية وأتثري املشكالت يف حصول األمراض النفسية لدى األفراد العاملني‪.‬‬

‫وقد ذكر أن الكثري من الدراسات والبحوث قد أوضحت أن السبب الرئيس وراء إصابة األفراد ابألمراض النفســية والعقلية‬

‫هو القلق والتوتر النامجني عن ضغوط العمل اليت يتعرض هلا األفراد العاملون يف حياهتم العصرية‪.‬‬

‫‪01‬‬
‫مواجهة االحرتاق الوظيفي حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة ‪ ...‬اللواء د‪ .‬فهد بن أمحد الشعالن‬
‫أما (ابن منيع‪1430 ،‬هـ) فقد قام إبجراء دراسة حول االحرتاق الوظيفي يف األجهزة األمنية ابململكة العربية السعودية‪،‬‬

‫وقد توصلت دراسته إىل وجود احرتاق وظيفي متوسط لدى أفراد جمتمع الدراســة من األجهزة األمنية الثالثة (اجلوازات ‪-‬‬

‫واملرور – الشرطة) مبدينة الرايض‪ ،‬وختتلف مســتوايت االحرتاق الوظيفي ابختــالف األجهزة األمنية‪ ،‬وطبيعة العمل‪.‬‬

‫وقد أوصت دراسته بضرورة إعادة النظر يف التوصيف الوظيفي جلميع الوظائف يف األجهزة األمنية‪ ،‬وربط معايري االختيار‬

‫والتعيــني مبتطلبات التوصيف الوظيفي ‪،‬وتصميم مقاييس لتقومي األداء الوظيفي الستكشاف مكامن القوة لتعزيزها‪،‬‬

‫وجوانب القصور ملعاجلتها‪ ،‬وتصميم برامج إرشاد نفسي (وقائية‪ ،‬وعالجية‪ ،‬وإثرائية) للحد من االحرتاق الوظيفي‪ ،‬وتدعيم‬

‫أنظمة احلوافز ابألجهزة األمنية‪ ،‬وتنويعها بني مادية ومعنوية ومتييز الضباط امليدانيني واملتعاملني مع اجلمهور بشكل‬

‫التوســع الوظيفي‪ ،‬والتدوير الوظيفي بني ضباط اجلهاز األمين الواحد‪،‬‬


‫مباشر‪ .‬وتطبيق أسلوب اإلثراء الوظيفي‪ ،‬وأســلوب ّ‬
‫وتدريبهم على مهارات االتصال اإلنساين‪.‬‬

‫وقد أشارت (أبو مســعود‪1431 ،‬هـ‪ )،‬يف دراس ـتها عن االحرتاق الوظيفي إىل ضرورة االهتمام ابملوظف احلكومــي‬

‫من النظام البريوقراطي‪ ...‬وأن تعمل على زرع حلم التميز واإلبداع وأداء الرسالة يف قلب وعقل كل موظف‬ ‫والتخل‬

‫بدال من االستسالم للظروف البريوقراطية اجلامدة‪ .‬وقد أكدت ضرورة دراسة ظاهرة‬
‫حكومي لالرتقاء مبستوى أدائه ً‬

‫االحرتاق الوظيفي والعمل على مكافحتها من خالل تطوير نظام وسياسة إدارية تتضمن عدم مكوث املوظف احلكومي‬

‫يف وظيفة أكثر من مخس سنوات‪ ...‬وإعمال سياسة التدوير الوظيفي‪.‬‬

‫وقــد خلصت دراســة (‪ )Heather etal, 2014‬إىل دعم الدور الوقائي للمنظمة والقوى الشخصية ضد االحرتاق‬

‫واالستياء الوظيفي‪.‬‬

‫ومن هنا ميكن أتكيد أمهية تسليط الضوء على ظاهرة االحرتاق الوظيفي يف املنظمات العامة واخلاصة‪ ،‬وذلك يف سبيل‬

‫الوقاية منها واحلد من انتشارها‪.‬‬

‫‪00‬‬
‫اجمللة العربية للدراسات األمنية والتدريب ‪ -‬اجمللد ‪ -23‬العدد (‪ 45- 3 )65‬الرايض (‪ 2016‬م) (‪ 7521‬ه)‬

‫لذلك فإن هذه الدراســة الوصفية املكتبية حتاول التعريف ابالحرتاق الوظيفي بوصفه ظاهرة نفسية إدارية والتعرف على‬

‫طبيعتها وأسباهبا وأعراضها وآاثرها وحماولة حتديد مسؤولية التعامل معها يف اجلانب الفردي والقيادي من الناحية‬

‫العالجية‪.‬‬

‫أسئلة الدراسـة‬

‫حتاول هذه الدراسة اإلجابة عن السؤال الرئيس التايل‪:‬‬

‫هل مواجهة االحرتاق الوظيفي مسؤولية فردية أم مسؤولية قيادية؟‬

‫وينبثق من هذا السؤال األسئلة الفرعية التالية‪:‬‬

‫مفهوما وتعري ًفا؟‬


‫ً‬ ‫‪ -‬ما طبيعة االحرتاق الوظيفي‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬ما أسباب االحرتاق الوظيفي؟‬ ‫‪5‬‬

‫‪ -‬ما النماذج واملقاييس املفسرة لالحرتاق الوظيفي؟‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬ما أعراض االحرتاق الوظيفي؟‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -‬ما القيادة ومفهومها وطبيعتها ودورها يف مواجهة االحرتاق الوظيفي؟‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬كيف تنعكس أمناط القيادة على التابعني؟‬ ‫‪6‬‬

‫‪ -‬ما دور الفرد والقيادة يف التعامل مع االحرتاق الوظيفي؟‬ ‫‪7‬‬

‫‪ -‬ما النموذج املقرتح لتحديد املسؤولية الفردية والقيادية يف التعامل مع االحرتاق الوظيفي؟‬ ‫‪8‬‬

‫أهداف الدراسة‬

‫تسعى هذه الدراسة إىل حتقيق مجلة من األهداف اآلتية‪:‬‬

‫‪ -1‬التعرف على ماهية االحرتاق الوظيفي وطبيعته‪.‬‬

‫‪ -5‬الوقوف على األسباب املفضية إىل االحرتاق الوظيفي‪.‬‬

‫‪ -3‬حتديد أعراض وآاثر االحرتاق الوظيفي على العاملني والتعرف على أبعاده‪.‬‬

‫‪01‬‬
‫مواجهة االحرتاق الوظيفي حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة ‪ ...‬اللواء د‪ .‬فهد بن أمحد الشعالن‬
‫‪ -4‬استعراض النماذج واملقاييس الشهرية يف األدب اإلداري حول االحرتاق الوظيفي‪.‬‬

‫‪ -2‬الوقوف على دور القيادة يف الوقاية والعالج لظاهرة االحرتاق الوظيفي‪.‬‬

‫وصوال إىل اقرتاح‬


‫‪ -6‬الوصول إىل حتديد املســؤولية يف مواجهة االح ـرتاق الوظيفي وما إذا كانت مسؤولية فردية أم قيادية ً‬

‫أفضل السبل ملواجهتها‪.‬‬

‫أهمية الدراسة‬

‫ميكن القول‪ :‬إن هذه الدراسة ذات أمهية علمية وعملية‪ ،‬أما األوىل فإن هذه الدراسة تعد إضافة علمية ملوضوع االحرتاق‬

‫تســلط الضوء على ماهية هذه الظاهرة وأسباهبا وأعراضها ومناذجها وسبل الوقاية منها‬ ‫الوظيفي لدى العاملني‪ ،‬حي‬

‫مرجعا للباحثني والدارسني‪.‬‬


‫ومعاجلتها‪ .‬واملكتبة اإلدارية أحوج ما تكون إىل إسهامات متعددة يف الفكر اإلداري تكون ً‬
‫أما األمهية العملية هلذه الدراسة‪ ،‬فتكمن يف إمكانية توظيف نتائجها يف التعامل مع املوارد البشرية للمنظمات املختلفة؛ إذ‬

‫كؤودا يف طريق األداء الفردي واألداء املؤسسي داخل املنظمات؛ لكونه حيبط العاملني‬
‫يعد االحرتاق الوظيفي عقبة ً‬
‫وجيعلهم غري قادرين على اإلنتاج‪ ،‬وهتتز ثقتهم مبنظماهتم‪.‬‬

‫وال شك يف أن هذه الظواهر حتتاج إىل دراسات وحبوث تسهم نتائجها يف إاتحة الفرصة للمنظمات لوضع آليات‬

‫وأساليب لصيانة ومحاية قواها البشرية من ظاهرة االحرتاق احملبطة‪.‬‬

‫منهج الدراسة‬

‫لقد مت تطبيق املنهج الوصفي التحليلي يف هذه الدراسة‪ ،‬وهو املنهج الذي يعىن بوصف الظاهرة كما هي يف الواقع وص ًفا‬

‫ألدبيات الدراسة والتحليل واالستنباط ضمن سياق وأسئلة‬ ‫كميًّا وكيفيًّا‪ ...‬من خالل استقراء واسـتعراض فاح‬

‫وأهداف الدراسة‪.‬‬

‫«األسلوب الوصفي يعتمد على دراســة الواقع أو الظاهرة كما توجد يف الواقع‪ ،‬ويعىن بوصفها وص ًفا دقي ًقا‪ ،‬ويعرب عنها‬

‫تعبريا كيفيًّا أو كميًّا» (عبيدات وآخرون‪2002 ،‬م)‪.‬‬


‫ً‬

‫‪03‬‬
‫اجمللة العربية للدراسات األمنية والتدريب ‪ -‬اجمللد ‪ -23‬العدد (‪ 45- 3 )65‬الرايض (‪ 2016‬م) (‪ 7521‬ه)‬

‫احلدود املوضوعية للدراسة‬

‫تتحدد هذه الدراســة موضوعيا بظاهرة االحرتاق الوظيفي للعاملني يف املنظمات العامة واخلاصة على حد سواء من حي‬

‫املسؤولية يف مواجهة‬ ‫طبيعتها ومسبباهتا ومناذجها وآاثرها على الفرد واملنظمة‪ ...‬كما تقتصر هذه الدراســة على حب‬

‫االحرتاق‪ ،‬وهل هي مسؤولية فردية أم قيادية تدخل يف اختصاص من يديرون دفة املنظمة‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬االحرتاق الوظيفي ‪Burnout‬‬

‫أوال‪ :‬ما االحرتاق الوظيفي؟‬


‫ا‬

‫موجودا يف الدراسات السيكولوجية‪ ،‬فقد‬


‫ً‬ ‫قبل السبعينيات من القرن املاضي مل يكن اصطالح «االحرتاق الوظيفي»‬

‫استخدمت مصطلحات مثل‪« :‬الضغط» و«التوتر» لوصف الكثري من األعراض املشاهبة‪ ،‬ولكن هذه املصطلحات ميكن‬

‫أن تكون مضللة‪ ،‬ذلك أن الضغط والتوتر قد يكون هلما آاثر إجيابية‪ ،‬مثل‪ :‬زايدة احلافز والنمو الشخصي‪ ،‬كما ميكن أن‬

‫عرضا عــن اإلجهاد‬


‫آاثرا سلبية‪ ،‬وعلى الرغم من أن (كريستينا ماسالك) (‪ )Christina Maslach‬قدمت ً‬
‫تسبب ً‬
‫العاطفي لدى مقدمي اخلدمات اإلنســانية إىل اجلمعية الســيكولوجية األمريكية يف عام ‪1973‬م‪ ،‬فإن مصطلح «االحرتاق‬

‫مقاال يسمى‪:‬‬
‫الوظيفي» برز عام ‪1974‬م عندما كتب (هريبرت فرودنبريجر) (‪ً )Herbert. Freudenberger‬‬

‫«احرتاق املوظفني» جمللة القضااي االجتماعية‪ ،‬ويف هذا املقال حب (فرويدنبريجر) مدى حساســية عمال الرعاية ووصف‬

‫متاما عن االكتئاب‪ ،‬أو زيــادة العمل‪ ،‬أو اإلجهاد‬


‫العملية التــي أدت هبم إىل االحرتاق‪ ،‬حي قال‪« :‬إن االحرتاق خمتلف ً‬
‫نفسيا ويستنفد الطاقة كليا» (ابن منيع ‪1430‬هـ‪ ،‬ص‪.)17‬‬ ‫الذهين‪ ،‬إنه عملية عميقة حياصر فيها الشخ‬

‫وقد طرأ يف اآلونة األخرية تقدم ملحوظ على فهم طبيعــة االحرتاق الوظيفي‪ ،‬ولكــن تعريف االحرتاق يف الواقع ال يزال‬

‫حمـ ًـريا إىل حد ما‪ .‬ويف كثري من األحيان فإن مالحظة حاالت لالحرتاق تكون أيسر من تعريف أعراضه‪ .‬وابلرغم من‬

‫احلداثة النسبية لدراسة ظاهرة االحرتاق الوظيفي‪ ،‬كان هنالك العديد من الدراسات اليت تصفه وتصنفه بطــرق متعددة‪،‬‬

‫وهو ما أدى إىل ظهور تعاريف متنوعة لالحرتاق تتســم بعدم االتفاق على مفهومه‪ .‬ففي مراجعــة ألدبيات البح أجراها‬

‫‪04‬‬
‫مواجهة االحرتاق الوظيفي حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة ‪ ...‬اللواء د‪ .‬فهد بن أمحد الشعالن‬
‫بريملان وهارمتان (‪ ،Perlman and Hartman‬عام ‪1982‬م)‪ ،‬وجد هذان الباحثان تعريفات متعددة لالحرتاق‬

‫واشتملت على عدة جوانب ميكن تلخيصها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬الفشل‪ ،‬واإلرهاق‪ ،‬واإليهاك‪.‬‬

‫‪ -5‬فقدان القدرة على اإلبداع‪.‬‬

‫‪ -3‬عدم االلتزام ابلعمل‪.‬‬

‫‪ -4‬االنعزال عن املستفيدين وزمالء العمل واملنظمة‪.‬‬

‫‪ -2‬زايدة الشعور ابلتوتر والضغط النفسي‪.‬‬

‫مقرتان أبعراض جسمية ونفسية غري مرحية‪.‬‬


‫‪ -6‬اجتاه سليب حنو الذات‪ ،‬واملستفيدين‪ً ،‬‬

‫استخداما يف هذا اجملال هو تعريف كريســتينا‬


‫ً‬ ‫قبوال و‬
‫غري أن أكثر التعاريف العملية (‪ً )Operational definition‬‬

‫ماســالك (‪ )Christina Maslach‬الذي تشري فيه إىل ثالثة أبعاد تشكل مبجملها مفهوم االحرتاق‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬اإليهاك العاطفي )‪.(Emotional Exhaustion‬‬

‫‪ -5‬الشــعور بتــدين اإلجنــاز الشــخصي يف العمــل (‪.( Lack of Personal Accomplishment‬‬

‫‪ -3‬فقدان العنصر اإلنســاين أو الشخصي يف التعامل مع املستفيدين وزمالء العمل (‪.)Depersonalization‬‬

‫(الكاليب ورشيد‪1421 ،‬هـ)‪.‬‬

‫وهناك عدة تعريفات لالحرتاق الوظيفي من قبل العديد من العلماء والباحثني ومنها‪:‬‬

‫عرفــه هريبرت فرويدنبريجــر (‪ )H.Freudenberger‬أبنه‪« :‬حالة من اإليهاك حتصل نتيجة لألعباء واملتطلبات‬ ‫‪-1‬‬

‫الزائدة واملســتمرة وامللقاة على األفراد على حساب طاقاهتم وقوهتم»‪.‬‬

‫وضع الباحثان بريملان وهارمتان (‪ )Perlman & Hartman: 1982, 284‬تعري ًفا إجرائيا لالحرتاق استند إىل‬ ‫‪-5‬‬

‫على ما يلي‪:‬‬ ‫األدبيات والبحوث اليت تناولته ون‬

‫‪05‬‬
‫اجمللة العربية للدراسات األمنية والتدريب ‪ -‬اجمللد ‪ -23‬العدد (‪ 45- 3 )65‬الرايض (‪ 2016‬م) (‪ 7521‬ه)‬

‫«االحرتاق الوظيفي هو االستجابة إىل اإلجهاد االنفعايل الناجم عن اإلجهاد النفسي‪ ،‬واألداء املنخفض يف العمل‬

‫وأسلوب التعامل اجلاف مع اآلخرين‪.‬‬

‫‪ -3‬وعرف كل من بينيس وأرونســن (‪ )Pines & Aronson 1983‬االحرتاق أبنه حالة من اإلجهاد البدين‪ ،‬والذهين‪،‬‬

‫والعصيب‪ ،‬واالنفعايل‪ ،‬وهي حالة حتدث نتيجة للعمل مع النــاس والتفاعل معهم لفرتة طويلة‪ ،‬ويف مواقف حتتاج‬

‫إىل بذل جمهود انفعايل مضاعف (جابر‪2007 ،‬م)‪.‬‬

‫وعلى الرغــم من تعدد التعاريف اليت انتهجها املفكرون والباحثون وتباينها‪ ،‬فإن املتأمل يرى أن هذه التعاريف تكمل‬

‫بعضها وتشرتك مجيعها يف مفهوم يشتمل على مجيع العناصر اليت حيتويها االحرتاق الوظيفي‪ ،‬فهي تشري إىل أن االحرتاق‬

‫الوظيفي‪:‬‬

‫انجم عن ضغوط العمل اليت يواجهها األفراد العاملون يف املؤسســات اليت يعملون فيها‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫ظاهرة نفسية تصيب العاملني ومتمثلة ابلتعب النفسي‪ ،‬وتكوين اجتاهات سلبية حنو العمل‪ ،‬وقلة اإلجناز‬ ‫‪-5‬‬

‫الشخصي‪.‬‬

‫يــؤدي إىل اخنفاض احليوية للفرد املصاب به‪ ،‬واخنفاض مســتوى اإلنتاجية الفردية‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫تنعكس آاثره على الفرد العامل واملؤسســة اليت يعمل فيها واألفراد املستفيدين من خدمات املؤسسة (أبو مسعود‪،‬‬ ‫‪-4‬‬

‫‪1431‬هـ)‪.‬‬

‫وهنــاك يف احلقيقة فرق بني االحرتاق الوظيفي واالحرتاق النفسي يرجع إىل جمال اهتــمام الباح ‪ ،‬وكذلك مصدر‬

‫يركز علماء النفسي على كل ما يؤثر ســلبًا على النفس كاإلرهاق النفسي‬ ‫االحرتاق الذي يتعرض له املوظف‪ ،‬حي‬

‫والعصيب‪ ،‬بينما يركز علماء الســلوك والتنظيم على املصدر الذي يسبب االحرتاق‪ ،‬وهو الوظيفة وما يتعلق هبا من بيئة‬

‫وقيادة وعالقات عمل وغريها من املتغريات التنظيمية (ابن منيع‪1430 ،‬هـ)‪.‬‬

‫أحياان ويقصد هبما الشي نفسه‪.‬‬


‫إال أن املصطلحني االحرتاق الوظيفي واالحرتاق النفسي يستخدمان ً‬

‫‪06‬‬
‫مواجهة االحرتاق الوظيفي حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة ‪ ...‬اللواء د‪ .‬فهد بن أمحد الشعالن‬
‫اثنياا‪ :‬نظرايت االحرتاق الوظيفي‬

‫هناك العديد مــن النظرايت اليت نشرت ظاهرة االح ـرتاق الوظيفي خاصة من الناحية النفسية ومنها‪:‬‬

‫‪ -1‬النظرية السلوكية‬

‫تفسر النظرية الســلوكية االحرتاق النفسي ـ يف ضوء عملية التعلم‪ -‬أبنه‪ :‬ســلوك غري سوي قد يتعلمه الفرد نتيجة العوامل‬

‫البيئية غري املناسبة‪ ،‬ويف حالة عدم تعلم الفرد ســلوكيات تكيفية مقبولة‪ ،‬فإنه قد حيدث االحرتاق النفسي‪ ،‬وترفض النظرية‬

‫السلوكية أن يُعزى االحرتاق النفسي إىل تعامل الفرد مع اآلخرين فحســب‪ ،‬بل يضاف إىل ذلك العوامل البيئية‪ ،‬أو‬

‫الضغوط اليت يتعرض هلا الفرد (القحطاين‪1436 ،‬هـ)‪.‬‬

‫‪ -1‬نظرية التحليل النفسي‬

‫فــسرت نظرية التحليل النفسي االحرتاق الوظيفي على أنه انتج عن عملية ضغط الفــرد على األان ملدة طويلة‪ ،‬وذلك‬

‫ـتمرا لقدرات الفرد‪ ،‬مع عدم قدرة الفرد على مواجهة تلك الضغوط بطريقة‬
‫جهدا مسـ ً‬
‫مقابل االهتمام ابلعمل‪ ،‬ما قد ميثل ً‬

‫سوية‪ ،‬أو أنه انتج عن عملية الكبت أو الكف للرغبات غري املقبولة‪ ،‬بل املتعارضة يف مكوانت الشخصية‪ ،‬ما ينشأ عنه‬

‫صراع بني تلك املكوانت يؤدي إىل أقصى مراحل االحرتاق الوظيفي‪ ،‬أو أنه انتج عن فقدان األان املثل األعلى هلا‬

‫وحدوث فجوة بني األان واآلخر الذي تعلقت به‪ ،‬وفقدان الفرد جانب املســاندة اليت كان ينتظرها‪ ،‬كما أنه ميكن‬

‫اســتخدام بعض فنيات مدرسة التحليل النفسي لعالج االحرتاق الوظيفي كالتنفيس االنفعايل (أبو مسعود ‪1431‬هـ)‪.‬‬

‫‪ -3‬النظرية املعرفية‬

‫ترى النظرية املعرفية أن مصدر سلوك اإلنسان داخلي معريف‪ ،‬كالعمليات العقلية اليت يدرك من خالهلا الفرد املوقف‪،‬‬

‫ليســتجيب وحيقق اهلدف احملدد‪ ،‬فإذا كان إدراكه للموقف إجيابيا‪ ،‬فســينتج عنه الرضا‪ ،‬وارتفاع املعنوايت‪ ،‬أما إذا كان‬

‫إدراكه للموقف سلبيا‪ ،‬فقد يؤدي ذلك إىل أعراض االحرتاق النفسي (القحطاين‪1436 ،‬هـ)‪.‬‬

‫‪07‬‬
‫اجمللة العربية للدراسات األمنية والتدريب ‪ -‬اجمللد ‪ -23‬العدد (‪ 45- 3 )65‬الرايض (‪ 2016‬م) (‪ 7521‬ه)‬

‫‪ -4‬النظرية الوجودية‬

‫تركز يف تفسريها لالحرتاق على عدم وجود املعىن يف حياة الفرد‪ ،‬فحينما يفقد الفرد املعىن واملغزى من حياته‪ ،‬فإنه يعاين‬

‫نوعا من الفراغ الوجودي الذي جيعله يشــعر بعدم أمهية حياته‪ ،‬وحيرمه من التقدير الذي يشــجعه على مواصلة حياته‪ ،‬فال‬
‫ً‬
‫حيقق أهدافه‪ ،‬ما يعرضه لالحرتاق الوظيفي‪ ،‬لذلك فالعالقة بني االحرتاق الوظيفي وعدم اإلحســاس ابملعين عالقة تبادلية‬

‫فهما وجهــان لعملة واحدة إن جاز لنا القــول؛ إذ إن االحرتاق الوظيفي يؤدي إىل فقدان املعىن من حياة الفرد‪ ،‬كما أن‬

‫فقدان املعىن ميكن أن يؤدي إىل االحرتاق الوظيفي‪.‬‬

‫ومع هذا فال ميكن االقتصار على وجهة نظر واحدة‪ ،‬ولكن ميكن الدمج بني تلك اآلراء‪ ،‬فنقول‪ :‬إن االحرتاق الوظيفي‬

‫مرحلة متقدمة من الضغوط النفسية تنتج من تفاعل مسات الفرد وصفاته مع البيئة احمليطة به؛ إذ تكون بيئة غري مناسبة‬

‫يشعر فيها الفرد بعدم الراحة مع مراعاة استعداد الفرد لإلصابة ابالحرتاق النفسي (أبو مسعود‪1431 ،‬هـ)‪.‬‬

‫اثلثاا‪ :‬املقاييس والنماذج املفسرة لالحرتاق الوظيفي‬

‫هناك العديد من املقاييس والنماذج لقياس وتغيري االحرتاق الوظيفي‪ ،‬ومن أمهها‪:‬‬

‫‪ -0‬مقياس ماسالك ‪ Maslach‬لالحرتاق‪:‬‬

‫وف ًقا للتحليل املفاهيمي الذي قامت به (ماســالك وجاكسون ‪1981‬م) ينظر إىل االحرتاق على أنه متالزمة تتكون من‬

‫أبعاد ثالثة‪:‬‬

‫اإليهاك العاطفي‪ :‬ويشري إىل اإلحساس ابستنزاف املوارد العاطفية للفرد ويعد هذا البعد املكون الفردي األساسي‬ ‫أ‪-‬‬

‫للضغط هبذه املتالزمة‪.‬‬

‫الشعور بتدين اإلجناز الشخصي‪ :‬ويشري إىل الشعور بتدين كفاءة وإنتاجية الفرد واإلحساس املتدين ابلكفاءة‬ ‫ب‪-‬‬

‫الشخصية‪ ،‬وميثل مكون التقومي لالحرتاق‪.‬‬

‫االجتاه الســليب حنو الذات وحنو اآلخرين‪ :‬ويشــري إىل االســتجابة السلبية املتشائمة أو اإلفراط يف االنفصال عن‬ ‫ج‪-‬‬

‫اآلخرين ابلعمل‪ ،‬ومتثل املكون الشخصي لالحرتاق (‪.)Maslach. Schaufeli. Leiter, 2001.P16‬‬

‫‪08‬‬
‫مواجهة االحرتاق الوظيفي حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة ‪ ...‬اللواء د‪ .‬فهد بن أمحد الشعالن‬
‫وجتدر اإلشارة إىل أنه مل يتم استنباط هذه األبعاد الثالثة نظرًّاي‪ ،‬ولكنها نشأت من بنود حتليل العوامل االستكشافية اليت‬

‫مميزا معروفًا من‬


‫جماال ً‬
‫مجعت يف البداية لتعكس مدى التجارب املصاحبة لالحرتاق‪ ،‬وميثل كل مفهوم من هذه املفاهيم ً‬

‫جماالت الدراسة يف العلوم السلوكية‪ ،‬وال يزال مؤلفو مقياس ماسالك لالحرتاق حباجة إىل توضيح على أي أساس نظري‬

‫جيب توزيع هذه املفاهيم على اجملموعات يف اجملموعة نفسها من األعراض‪.‬‬

‫ومن الواضح أن تصور االحرتاق كما تراه (ماسالك) يُنظر إليه كبنية متعددة األبعاد ومتصلــة بعضها ببعض‪ ،‬ويربهن‬

‫مؤيدو هذه النظرة متعددة األبعاد لالحرتاق على أيها ظاهرة معقدة تشري إىل عملية استنزاف مستمر ملوارد املوظف (ابن‬

‫منيع‪1430 ،‬هـ)‪.‬‬

‫‪ -5‬مقياس ‪ Pines‬لالحرتاق الوظيفي‬

‫عرفت (بينس) ورفاقها االحرتاق على أنه حالة إرهاق جســدي وعاطفي وعقلي حتدث نتيجــة لالخنراط طويل املدى يف‬

‫مواقف ملحة عاطفيا‪ ،‬وال تقتصر النظرة يف تطبيــق مصطلح االحرتاق على املهن املســاعدة‪ ،‬كما كان ذلك هو احلال مع‬

‫النســخة األوىل ملقياس (ماســالك) لالحرتاق‪ ،‬ومع وجود كثري من التشابه مع مقياس ماسالك لالح ـرتاق‪ ،‬فإن (بينــس)‬

‫تنظر إىل االحرتاق على أنه متالزمة أعراض حتدث بصورة متزامنة‪ ،‬وتشتمل على العجز واليأس واإلحباط‪ ،‬وتدين‬

‫اإلحساس والقابلية للتهيج أو إحساس بتدين التقدير الذايت‪ ،‬إال أيها تؤكد أن هذه األعراض غري مرتبطة بسياق العمل أو‬

‫مقياسا أحادي البعد‪ ،‬إضافة إىل هذا فإن التعريف قريب لالكتئاب ومؤشر‬
‫ً‬ ‫عالقات التوظيف‪ ،‬وتعد مقياس االحرتاق‬

‫لإلجهاد النفسي الذي يشمل اإلرهاق البدين‪ ،‬واإليهاك العاطفي‪ ،‬واإلحباط‪ ،‬وتدين النظرة للذات‪ ،‬ومن أحد أهم العيوب‬

‫يف هذا التعريف هو أنه ال ينظر إىل االحرتاق يف ســياق العمــر يف احلقيقة‪ ،‬ومل يطبق على العالقات الوظيفية واحلياة‬

‫أيضا طبق على العالقات األسرية والصراعات السياسية (ابن منيع‪ ،1430 ،‬ص ‪.)33‬‬
‫املؤسسية فحسب‪ ،‬ولكن ً‬

‫‪ -3‬منوذج شفاف وآخرين لالحرتاق الوظيفي ‪1986‬م‬

‫يشري هذا النموذج إىل املصادر واملظاهر واملصاحبات السلوكية لالحرتاق الوظيفي وذلك كما هو موضع (ابلشكل ‪)1‬‬

‫على النحو التايل‪:‬‬

‫‪09‬‬
‫اجمللة العربية للدراسات األمنية والتدريب ‪ -‬اجمللد ‪ -23‬العدد (‪ 45- 3 )65‬الرايض (‪ 2016‬م) (‪ 7521‬ه)‬

‫الشكل رقم (‪ )0‬منوذج شفاف وآخرين (‪1986‬م)‬

‫االح ـ ـرتاق الــوظيـفـي‬


‫مصادره‬
‫عوامل ومتغريات شخصية‬ ‫عوامل خاصة‬
‫‪ -‬اجلنس‪ ،‬السن‪.‬‬ ‫‪ -‬صراع الدور‪.‬‬
‫‪ -‬سنوات اخلربة‪.‬‬ ‫‪ -‬غموض الدور‪.‬‬
‫‪ -‬املستوى التعليمي‪.‬‬ ‫‪ -‬عدم املشاركة يف القرار‪.‬‬
‫‪ -‬التوقعات املهنية‪.‬‬ ‫‪ -‬أتييد اجتماعي رديء‪.‬‬
‫املصاحبات السلوكية‬ ‫مظاهره (األبعاد)‬
‫‪ -‬ترك املهنة‪.‬‬ ‫‪ -1‬استنزاف انفعايل‪.‬‬
‫‪ -‬زايدة معدل الغياب‪.‬‬ ‫‪ -5‬فقدان اهلوية الشخصية‪.‬‬
‫‪ -‬التعب ألقل جمهود‪.‬‬ ‫‪ -3‬نق يف اإلجناز الشخصي‪.‬‬
‫املصدر‪( :‬الزهراين‪ ،‬نوال‪2008( ،‬م)‬

‫يتضح من هذا الشكل ما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬النموذج يشري إىل نوعني من مصادر االحرتاق الوظيفي‪ :‬أوهلما يرتبط مبكان العمل الذي يتمثل يف صراع الدور‬
‫ً‬

‫وغموضه‪ ،‬وعدم مشاركة املوظف يف اختاذ القرارات والتأييد االجتماعي الرديء‪ .‬واثنيهما يرتبط ابملوظف ذاته مثل‪:‬‬

‫توقعاته حنو دوره املهين‪ ،‬ابإلضافة إىل املتغريات الشخصية األخرى اخلاصة به مثل‪ :‬سنه وجنسه وسنوات اخلربة واملستوى‬

‫التعليمي‪.‬‬

‫أيضا إىل مظاهر أو مكوانت أو أبعاد االحرتاق الوظيفي اليت تتمثل يف االســتنزاف االنفعايل وفقدان‬
‫اثنيًا‪ :‬أشار النموذج ً‬
‫اهلوية الشخصية والشعور ابإلجناز الشخصي املنخفض‪.‬‬

‫اثلثًا‪ :‬أشــار النموذج إىل املصاحبات السلوكية لالحرتاق الوظيفي اليت تتمثل يف رغبــة املوظف يف ترك املهنة والتعب ألقل‬

‫جمهــود والتمارض وزايدة معدل التغيب عن العمل (الزهراين‪2008 ،‬م)‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫مواجهة االحرتاق الوظيفي حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة ‪ ...‬اللواء د‪ .‬فهد بن أمحد الشعالن‬
‫منوذج املتغريات الشخصية والبيئية‪ :‬جلني بريزي وآخرين ‪1988‬م‬ ‫‪-4‬‬

‫وهو منوذج لتحديد أحسن جمموعة من املتغريات املنبئة ابالحرتاق الوظيفي‪ ،‬وقد ضم هذا النموذج جمموعتني من املتغريات‬

‫التنظيمية املهمة مثل‪ :‬احلالة االجتماعية واالقتصادية ملكان العمل‪ ،‬ومدى‬ ‫البيئية ركزت اجملموعة األوىل على اخلصائ‬

‫فاعلية التحكم الشخصي يف املوقف املهين‪ ،‬ومدى مشاركة املوظفني يف اختاذ القرار‪ .‬وركزت اجملموعة الثانية على املساندة‬

‫من مصادرها املختلفة‪ :‬اإلدارة‪ ،‬الزمالء‪ ،‬األصدقاء‪ .‬كما ضم النموذج جمموعة من املتغريات الشــخصية ركزت اجملموعة‬

‫الدميوغرافية مثل‪ :‬اجلنس وســنوات اخلربة‪ ،‬وركزت اجملموعة الثانية على متغريات شــخصية مثل‪:‬‬ ‫األوىل على اخلصائ‬

‫الكفاءة املهنية وتقدير الذات واملســتوى التعليمــي‪ .‬ويف كل مراحل النموذج وجد أن املتغريات البيئية والشخصية ذات‬

‫ارتباط دال على االحرتاق الوظيفي (الزهراين‪2008 ،‬م)‪.‬‬

‫‪ -2‬منوذج العالقات البنائية ‪Structural Relations Model‬‬

‫يقدم هذا النموذج وص ًفا للعالقات املتبادلة بني أبعاد االحرتاق الوظيفي‪ :‬اإلجناز الشــخصي‪ ،‬ومشــاعر اإلجهاد من حي‬

‫أتثري كل منها على اآلخر‪ :‬فيشــري إىل أن بعد اإلجناز الشــخصي يؤثر على اإلجهاد االنفعايل‪ ،‬مبعىن أنــه كلما ارتفع إجناز‬

‫الفرد قل إحساسه ابإلجهاد‪ ،‬وكذلك إحساســه بتبلد املشاعر‪ ،‬هذا من جانب ومن جانب آخر يوضح النموذج أتثري‬

‫اسرتاتيجيات املواجهة على االحرتاق الوظيفي اليت صنفت إىل اسرتاتيجيات فعالة‪ ،‬وأخرى غري فعالة‪( ،‬أبو مسعود‪،‬‬

‫‪1431‬هـ)‪.‬‬

‫ـتخداما لقياس‬
‫وعليه واتفاقًا مع معظم األدبيات ذات العالقة جند أن مقياس (ماسالك) لالحرتاق هو األداة األكثر اسـ ً‬
‫بندا‪ ،‬وكما يُلحظ أن املقياس جيد اإلعداد‪،‬‬
‫بندا ثــم اختصر إىل ‪ً 22‬‬
‫االحرتاق‪ ،‬فهو يف تركيبته األوىل مكون من ‪ً 47‬‬

‫ويســهل فهمه‪ ،‬وكذلك فإن مقياس ماســالك لالحرتاق ميكن تغيريه بطريقة ما حىت يتسىن تطبيقه على عينات خمتلفة‪،‬‬

‫فضال عن‬
‫فضال عن أن االختبارات املختلفة له جعلته أداة ســليمة‪ ،‬ملا أثبته من توافق عال نســبيا مع متطلبات االختبار‪ً ،‬‬
‫ً‬

‫أنه قد مت استخدامه يف البيئات اإلدارية ‪ -‬على اختالف نشاطاهتا ‪ -‬حمليا وعامليا وعلى مجيع املهن (ابن منيع‪.)1430 ،‬‬

‫‪10‬‬
‫اجمللة العربية للدراسات األمنية والتدريب ‪ -‬اجمللد ‪ -23‬العدد (‪ 45- 3 )65‬الرايض (‪ 2016‬م) (‪ 7521‬ه)‬

‫ابعا‪ :‬أسباب االحرتاق الوظيفي‬


‫را‬
‫احلقيقة أن األسباب املؤدية إىل االحرتاق الوظيفي متعددة‪ ...‬وقد اختلف العديد من الكتاب والباحثني يف حتديدها‪،‬‬

‫فمنهم من صنفها يف ثالثة أسباب أو عوامل هي‪:‬‬

‫‪ -1‬العوامل اخلاصة ابلبعد الفردي‬

‫تعرضا لالحرتاق‬
‫وإخالصا له هو األكثر ً‬
‫ً‬ ‫اتفقت معظم الدراسات على أن اإلنسان األكثر انتماءً والتزا ًما بعمله‬ ‫حي‬

‫النفسي مــن غريه من العاملني‪ ،‬ويفسر هؤالء ذلك أبن هذا اإلنسان يقع حتت أتثري ضغط العمل الذي يعمل فيه مثال‬

‫جهودا مضنية يف سبيل احلفاظ على املناخ املدرسي ويسعى حبنكة ودراية إىل ضبط‬
‫ً‬ ‫ذلك‪ :‬مدير املدرسة الذي يبذل‬

‫أحياان حتت طائلة الروتني واملركزية اليت تفرضها عليه اإلدارة التعليمية‪،‬‬
‫الوضع املدرسي‪ ،‬وقيادة مدرســته قيادة فعالة‪ ،‬يقع ً‬

‫وكذلك معلم املدرســة الذي يفين وقته من أجل مستقبل طالبه‪ ،‬ويسعى إىل إيصال املفاهيم واملعلومات إىل أذهايهم وإىل‬

‫معرضا لالحرتاق النفسي‪.‬‬


‫حتقيق األهداف العامة واخلاصة للمواد اليت يدرسها‪ ،‬جيد نفسه ً‬

‫‪ -5‬العوامل املتعلقة ابلبعد االجتماعي‬

‫أحياان ملتزمة بتحمل عــبء العمل من قبل أفراد اجملتمع الذين يلقــون أبعبائهم عليها‪،‬‬
‫جتد العديد من املؤسســات نفســها ً‬

‫ما يرفع من درجة العبء الوظيفي املنوط ابلعاملني الذين يعملون يف هذه املؤسسات وإزاء حماوالت هؤالء التوفيق بني‬

‫مصلحة العمل وأهدافه ورسالته ومصلحة املواطنني‪ ،‬جيد العاملون األكثر التز ًاما وانتماءً ملهنتهم أنفســهم عاجزين عن‬

‫تقدمي خدمــات متميزة‪ ،‬ما يدفعهم إىل اإلحباط واإلحســاس ابلرتاجــع إزاء متطلبات جمتمعهم‪ ،‬ومن مث حيدث لديهم حالة‬

‫من عدم التوازن جتعلهم عرضة لالحرتاق النفسي‪.‬‬

‫‪ -3‬العوامل اخلاصة املتعلقة ابلبعد املهين‬

‫ملا كانت املهنة ومتطلباهتا هي اجلانب البارز والبعد األهم الذي حيدد العامل فيها انتماءه لعمله والتزامه أبهدافه‪ ،‬فإن‬

‫ظروف العمل وبنيته تسهمان إىل حد بعيد يف زايدة أو اخنفاض حدة ضغط العمل الواقع على العامل‪ ،‬وعلى هذا فإن‬

‫إحســاس العامل بفشله يف حتقيق أهداف العمل‪ ،‬وكذلك إحساسه بفشله يف إشباع حاجاته األساسية من خالل العمل‬

‫‪11‬‬
‫مواجهة االحرتاق الوظيفي حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة ‪ ...‬اللواء د‪ .‬فهد بن أمحد الشعالن‬
‫الذي يقوم به ســوف يقوده إىل حالة معنويــة منخفضة‪ ،‬وعدم رضا عن العمل أببعاده املختلفة‪ ،‬ومن مث إىل االحرتاق‬

‫النفسي (عودة‪1419 ،‬هـ)‪.‬‬

‫وقد حددت (ماســالك) وزمالؤها جمموعة عوامل تنظيمية مؤسســية تؤدي إىل االحرتاق النفسي لدى املوظفني والعاملني‬

‫يف بعض الشركات واملؤسســات واهليئات على النحو التايل‪:‬‬

‫جدا‪ ،‬ومن خالل‬


‫ضغط العمل‪ :‬يشــعر املوظف أبن لديه أعباء كثرية منوطة به‪ ،‬وعليه حتقيقها يف مدة قصرية ً‬ ‫‪-1‬‬

‫إمكاانت حمدودة وشحيحة‪ ،‬وكثري من املؤسسات والشركات سعت يف العقود املاضية إىل الرتشيد من خالل‬

‫االستغناء عن أعداد كبرية من املوظفني والعمالة‪ ،‬مع زايدة األعباء الوظيفية على األشخاص الباقني يف العمل‪،‬‬

‫ومطالبتهم بتحسني أدائهم وزايدة إنتاجيتهم‪.‬‬

‫حمدودية صالحيات العمل‪ :‬إن أحد األسباب اليت تؤدي إىل االحرتاق النفسي هو عدم وجود صالحيات الختاذ‬ ‫‪-5‬‬

‫قرارات حلل مشكالت العمل‪ ،‬ويتأتى هذا الوضع من خالل وجود سياسات وأنظمة غري مرنة ال تعطي مساحة‬

‫من حرية التصرف واختاذ القرار املناسب من قبل املوظف‪.‬‬

‫كبريا يف العمل‪ ،‬وما يســتلزم ذلك من ساعات إضافية وأعمال‬


‫جهدا ً‬
‫قلــة التعزيز اإلجيايب‪ :‬عندما يبذل املوظف ً‬ ‫‪-3‬‬

‫مصدرا للمعاانة واالحرتاق الذي يصيب املوظف‪.‬‬


‫ً‬ ‫إبداعية‪ ،‬دون مقابل مادي أو معنوي؛ يكون ذلك‬

‫أحياان إىل مشــاركة اآلخرين يف مهومهم وأفراحهم‪ ،‬لكن بعض‬


‫ً‬ ‫حمدودية العالقات االجتماعية‪ :‬حيتاج املوظف‬ ‫‪-4‬‬

‫يكون التعامل أكثر مع األجهزة‬ ‫فصال ماداي يف املكان وعزلة اجتماعيــة عن اآلخرين‪ ،‬حي‬
‫األعمال تتطلب ً‬

‫واحلاســبات وداخل املختربات واملكاتب املغلقة‪.‬‬

‫أحياان حتميل املوظف مسؤوليات ال يكون يف مقدوره حتملها‪ ،‬وعند إخالله هبا يتم‬
‫قلة اإلنصاف والعدل‪ :‬يتم ً‬ ‫‪-2‬‬

‫تقاعسا من املوظف‪ ،‬ولكن بسبب تواضع إمكاانت األجهزة‬


‫ً‬ ‫حماسبته‪ ،‬وقد يكون القصور يف أداء العمل ليس‬

‫وحمدودية براجمها ‪،‬إضافة إىل إمكانية عدم وجود كفاءات فنية قادرة على أداء الواجبات املطلوبة‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫اجمللة العربية للدراسات األمنية والتدريب ‪ -‬اجمللد ‪ -23‬العدد (‪ 45- 3 )65‬الرايض (‪ 2016‬م) (‪ 7521‬ه)‬

‫أحياان أمام خيارات صعبة‪ ،‬فقد يتطلب منه العمل القيام بشيء ما‪ ،‬واالضطالع‬
‫صراع القيم‪ :‬يكون املوظف ً‬ ‫‪-6‬‬

‫فمثال قد يضطر املوظف أن يكذب من أجل أن يتخل‬


‫بدور ما‪ ،‬وال يكون ذلك متواف ًقا مع قيمه ومبادئه‪ً ،‬‬

‫من أحد املراجعني‪ ،‬أو غري ذلك من الظروف (ابن منيع‪1430 ،‬هـ)‪.‬‬

‫ويشــري (العديلي‪1414 ،‬هـ) إىل أن مصادر االحرتاق الوظيفي ميكن وصفها يف أربعة عوامل‪:‬‬

‫‪ -1‬متطلبات املهام‪.‬‬

‫‪ -5‬متطلبات األدوار‪.‬‬

‫‪ -3‬املتطلبات الفسيولوجية (مثل‪ :‬التكيف واإلضاءة والضوضاء‪ ...‬إخل)‪.‬‬

‫‪ -4‬املتطلبات الشخصية الداخلية‪.‬‬

‫ويف دراسة‪ (Yousify and Ghassemi, 2006: P 662( ..‬حول اإلحباط املهين لدى ممرضات الرعاية النفســية‬

‫وممرضات الرعاية الطبيــة يف أصفهان‪ ،‬مجهورية إيران اإلسالمية‪ .‬قام الباحثان بدراسة اإلحباط املهين بني جمموعة منتقاة‬

‫عشوائيًّا من املمرضات العامالت يف وحدات الرعاية النفسية (‪ 55‬ممرضة) ووحدات الرعاية الطبية (‪ 51‬ممرضة) يف اثنني‬

‫من املستشفيات اجلامعية يف أصفهان خالل عام ‪2003‬م‪ .‬وقد تبني أن ممرضات الرعاية النفسية قد تعرضن لدرجة أكرب‬

‫من اإلجهاد االنفعايل ُمقارنة مبمرضات الرعاية الطبية (‪ .)P>05.0‬وقد الحظا ترابطًا إجيابيا يُعتد به إحصائيا بني‬

‫العمر‪ ،‬وسنوات اخلربة‪ ،‬وتكرار االســتدعاء‪ ،‬ومعدل اإلجهاد االنفعايل لدى ممرضات الرعاية النفسية‪ .‬فتكرار االستدعاء‬

‫يصاحبه شــعور بعدم اإلجناز‪ ،‬كما أن فرتات اخلدمة الطويلة ترتبط بدرجة أعلى ابلتباعد الشخصي االنفعايل من قبل‬

‫ممرضات الرعاية الطبية‪.‬‬

‫واحلقيقة أنه وإن تعددت املسببات لظاهرة االحرتاق الوظيفي بني العاملني وتباينت التصنيفات هلذه العوامل اليت تقف‬

‫وراء حدوث االحرتاق الوظيفي‪ ،‬فإن هناك شبه إمجاع على العديد من العوامل اليت يستطيع الباح القول‪ :‬إيها ال خترج‬

‫عن ثالثة مصادر‪:‬‬

‫‪14‬‬
‫مواجهة االحرتاق الوظيفي حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة ‪ ...‬اللواء د‪ .‬فهد بن أمحد الشعالن‬
‫سلوكه ومعيشته ومستوى ذكائه وظروفه األسرية وطموحه وحالته‬ ‫‪ -‬املصدر األول‪ :‬ينبع من املوظف نفسه من حي‬

‫الصحية نفسيًّا وإكلينيكيًّا‪.‬‬

‫عدم وضوع األدوار أو ضغط العمل أو تفشي الظلم‬ ‫‪ -‬املصــدر الثاين‪ :‬هو املنظمة اليت يعمل هبا املوظف من حي‬

‫وعدم اإلنصاف بني العاملني أو ممارســة النمط الديكتاتوري املتسلط من قبل القيادات أو عدم وجود أمان وظيفي‪.‬‬

‫أيضــا ال عالقة للموظف به ويتمثل ابلضغوط االجتماعية وظروف احلياة االقتصادية‬


‫‪ -‬املصدر الثال ‪ :‬خارج املنظمة و ً‬
‫يف جمتمعه والثقافة االجتماعية اليت قد تكون حمبطة للموظف وتطلعاته‪ ،‬إضافة إىل ظروف وطنه السياســية اليت تلقي‬

‫بظالهلا على املوظف‪ ،‬وجتعله دائم التفكري مبستقبله وأمانه‪ ،‬وتشكل له إحباطًا يؤثر على عمله‪ ،‬ما جيعله يقع يف مستنقع‬

‫االحرتاق الوظيفي‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬أعراض االحرتاق الوظيفي‬


‫ا‬
‫هناك العديد من األعراض اليت تدل على اإلصابة مبا يعرف ابالحرتاق الوظيفي‪ ،‬ففي دراسة (لكاالميداس‬

‫‪ )Calammidas‬وجد أن أعراض االحرتاق ميكن مالحظتها يف التايل‪:‬‬

‫عندما يبدأ املوظفون أو العمال ابحلرص على اإلجازات والعطل األسبوعية‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫كذلك عند انتهاء الدوام اليومي وانصرافهم إىل بيوهتم بسرعة‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫كذلك رغبتهم يف التقاعــد واحلدي عنه وعن مزاايه وعن دوره يف ختليصهم من العمل‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫ويرى أن هذه األعراض متثل الدرجة األوىل واملستوى املبكر لالحرتاق‪ ،‬وأن هناك أعراضاً متقدمة لالحرتاق تظهر على‬

‫النحو التايل‪:‬‬

‫عندما أتخذ أعراض القلق النفسي واجلســمي مكايها وموقعها على مســتوى الصحة اجلسمية‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫عندما تبدأ أعراض اإلرهاق العقلي حتتل مكايها يف سلوكه املهين‪ ،‬وتؤثر سلبًا على محاسته واندفاعه يف العمل‬ ‫ب‪-‬‬

‫الذي يقوم به‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫اجمللة العربية للدراسات األمنية والتدريب ‪ -‬اجمللد ‪ -23‬العدد (‪ 45- 3 )65‬الرايض (‪ 2016‬م) (‪ 7521‬ه)‬

‫ج‪ -‬بداية أعراض حدة الطبع‪ ،‬وتغري السلوك وعدم الرغبة يف التعامل مع اآلخرين‪ ،‬وحماوالته اجلادة إيهاء عالقته مع‬

‫اآلخرين‪ ،‬وخباصة عالقات العمل‪ ،‬ومن مث عدم الرغبة يف الظهور أمام الناس‪.‬‬

‫حاالت من التذمر املتواصل من العمل‪ ،‬وعدم الرغبة‬ ‫د‪ -‬مرحلــة االحرتاق النفسي والوظيفي واالنفعايل‪ ،‬حي تشــخ‬

‫يف األداء واإلجناز‪ ،‬واالنكفاء عن اآلخرين وعدم الرغبــة يف التعامل مع الزابئن أو مدخالت العمل األخرى‪ ،‬ومن‬

‫مث االنعزال عن اآلخرين يف خمتلف جماالت احلياة‪.‬‬

‫كذلك أشارت إحدى الدراسات إىل أن هناك أربعة مؤشرات أولية ينبغي أن تؤخذ بعني االعتبار كنوع من التحذير أبن‬

‫الفرد يف طريقه إىل االحرتاق الوظيفي وهي‪:‬‬

‫االنشــغال الدائم واالســتعجال يف إيهاء القائمة الطويلة اليت يدويها الفرد كل يوم‪ ،‬فعندما يقع الفرد يف شراك‬ ‫‪-1‬‬

‫االنشغال الدائم‪ ،‬فإنه يضحي ابحلاضر‪ .‬وهذا يعين أن وجوده يف اجتماع أو مقابلة يكون جسداي‪ ،‬وليس ذهنيا‪.‬‬

‫ففكره إما أن يكون يف املقابلة الســابقة أو فيما ينبغي عمله يف اللقاء الالحق‪ .‬وعادة يف مثل هذه احلالة ينجز‬

‫الفرد مهامه بصــورة ميكانيكية دون أي اتصال عاطفي مع اآلخرين‪ ،‬حي إن اهلم الوحيد الذي يشــغل ابله هو‬

‫السرعة والعدد وليس اإلتقان واالهتمام مبا بني يديه‪.‬‬

‫أتجيل األمور السارة واألنشطة االجتماعية من خالل االقتناع الذايت أبن هناك وقتًا ملثل هذ األنشــطة‪ ،‬ولكن‬ ‫‪-5‬‬

‫أبدا‪ ،‬ويصبح التأجيل القاعدة أو املعيار يف حياة الفرد‪.‬‬


‫فيما بعد لن أييت ً‬

‫العيش حسب قاعدة (جيب وينبغي) يصبح هو السائد يف حياة الفرد‪ ،‬ما يرتتب عليه زايدة حساســية الفرد ملا‬ ‫‪-3‬‬

‫يظنه اآلخــرون‪ ،‬ويصبح غري قادر على إرضاء نفسه‪ .‬وحىت يف حالة الرغبة يف إرضاء اآلخرين‪ ،‬اليت تصاحب‬

‫هذه القاعدة‪ ،‬فإنه جيد ذلك ليس ابألمر السهل عليه‪.‬‬

‫وعاجال وتكون النتيجة أبن ينهمك‬


‫ً‬ ‫مهما‬
‫فقدان الرؤية أو املنظور الذي يؤدي إىل أن يصبح كل شيء عنده ً‬ ‫‪-4‬‬

‫الفرد يف عمله لدرجة يفقد معها روح املرح‪ ،‬وجيد نفسه كثري الرتدد عند اختاذ القرارات (أبو مسعود‪1431 ،‬هـ)‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫مواجهة االحرتاق الوظيفي حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة ‪ ...‬اللواء د‪ .‬فهد بن أمحد الشعالن‬
‫واالحرتاق النفسي ال حيدث دفعة واحدة‪ ،‬ولكنه مير بعدد من املراحل؛ حىت يصل الفرد إىل ذروة املعاانة ابالحرتاق‬

‫النفسي‪ ،‬وتتمثل هذه املراحل يف التايل‪:‬‬

‫املرحلة األوى ‪Stress Arousal‬‬

‫وتعرف مبرحلة االســتثارة الناجتة عن الضغوط‪ ،‬أو الشد العصيب الذي يعايشه الفرد يف عمله‪ ،‬وترتبط ابألعراض التالية‪:‬‬

‫سرعة االنفعال‪ ،‬والقلق الدائم‪ ،‬وفرتات من ضغط الدم العايل‪ ،‬واألرق‪ ،‬والنسيان‪ ،‬وصعوبة الرتكيز والصداع‪.‬‬

‫املرحلة الثانية ‪Energy Conservation‬‬

‫وتعرف مبرحلة احلفاظ على الطاقة‪ ،‬وتشــمل هذه املرحلة بعض االســتجاابت الســلوكية مثل‪ :‬التأخر عن مواعيد العمل‪،‬‬

‫وأتجيل األمور املتعلقة ابلعمل‪ ،‬وزايدة يف استهالك املنبهات‪ ،‬واالنسحاب االجتماعي‪ ،‬والشعور ابلتعب املستمر‪.‬‬

‫املرحلة الثالثة ‪Exhaustion‬‬

‫وهي مرحلة االســتنزاف‪ ،‬أو اإليهاك‪ ،‬وترتبط مبشــكالت بدنية ونفســية مثل‪ :‬االكتئاب املتواصل‪ ،‬واضطراابت مستمرة يف‬

‫املعدة‪ ،‬وتعب مجسي مزمن‪ ،‬وإجهاد ذهين مســتمر‪ ،‬وصداع دائم‪ ،‬والرغبة يف االنســحاب النهائي من اجملتمع‪ ،‬والرغبة يف‬

‫هجر األصدقاء‪ .‬وليس من الضروري وجود مجيــع األعراض بكل مرحلة؛ للحكم بوجود حالة االحرتاق النفسي‪ ،‬ولكن‬

‫ظهور عرضني أو أكثر يف كل مرحلة ميكن أن يشــري إىل أن املعلم مير أبحد مراحل االحرتاق النفسي (دردير‪2007 ،‬م)‪.‬‬

‫واحلقيقــة أن أعراض الضغوط واالح ـرتاق الوظيفي ال ختفــى على املختلطني ابلشــخ ؛ إذ تبدو واضحة يف تعامله مع‬

‫اآلخرين وتذمره وعزلته والتلويح الدائم ابستقالته‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬آاثر االحرتاق الوظيفي‬


‫ا‬
‫لالحرتاق الوظيفي آاثر سلبية عديدة على الفرد واملنظمة ويشري (سيزاليت وواالس‪1412 ،‬هـ) إىل عدد من العواقب‬

‫واآلاثر للضغط واالحرتاق الوظيفي وهي‪:‬‬

‫‪17‬‬
‫اجمللة العربية للدراسات األمنية والتدريب ‪ -‬اجمللد ‪ -23‬العدد (‪ 45- 3 )65‬الرايض (‪ 2016‬م) (‪ 7521‬ه)‬

‫اآلاثر والعواقب السلوكية‬

‫حينما يتجاوز الضغط املستوايت العادية أو املألوفة‪ ،‬تظهر ردود فعل سلوكية عديدة تشمل القلق‪ ،‬والنزعة العدوانية‪،‬‬

‫والالمباالة‪ ،‬وامللل‪ ،‬واالكتئاب‪ ،‬واإلرهاق‪ ،‬والسلوك املنفر‪ ،‬والتوتر العصيب‪ .‬ومن املمكن أن حتدث أسباب أخرى هلذه‬

‫أيضا إال أن الضغط النفسي يتصدر األسباب العديدة هلذه األمناط‪.‬‬


‫األمناط السلوكية ً‬
‫ايدا يف األوســاط األكادميية واإلدارية‪ ،‬مها إدمان الكحول‬
‫اهتماما متز ً‬
‫هنــاك منطان ســلوكيان يرتبطان ابلضغط آاث ًرا و ً‬
‫واملخدرات‪ ،‬فإدمان الكحول مرض يرتبط بتناول كميات كبرية من املســكرات تنهك صحة اإلنســان‪ ،‬وتضعف نشاطه يف‬

‫جمال عمله‪ .‬وميكن معرفة هذا املرض من مالحظة املدير لعدة أعراض مثل‪ :‬البطء يف العمل ‪،‬والتغيب املتكرر‪ ،‬وســوء‬

‫التقدير‪ ،‬أو سوء احلكم على األمور‪ ،‬واملظهر املزرى‪ ،‬والتوتر العصيب‪ ،‬والشكوى املتكررة من املرض‪.‬‬

‫اآلاثر والعواقب النفسية‬

‫يتعاظم حجم الدراســات والبحوث اليت تشري إىل وجود عالقة بني الضغط النفسي واملشكالت أو االضطراابت الصحية‪.‬‬

‫وقد دفعت البحوث الطبية بعض الباحثني إىل القول‪ :‬إن أكثر من ‪ %50‬من األمراض تعود إىل أسباب ترتبط ابلضغط‬

‫كثريا من املديرين يتفقون على أن املشكالت الصحية‬


‫النفسي‪ .‬وابلرغم من وجود نسب مئوية اثبتة أو مؤكدة‪ ،‬فإن ً‬
‫للعاملني ترتبط يف الغالب ابلضغط النفسي‪ ،‬ومن املمكن أن تؤدي إىل مشكالت تنظيمية عديدة‪.‬‬

‫أما أنواع االضطراابت العضوية اليت يبدو أيها ترتبط ابلضغط‪ ،‬فعديدة ومتنوعة‪ .‬فقد تظهر يف شكل اختالالت مثل‪:‬‬

‫العرق‪ ،‬وجفاف الفم‪ ،‬ورعشات برد‪ ،‬ومحى‪ ،‬ومشكالت تظهر يف شكل إحباط وقلق واكتئاب‪ ،‬أو عواقب أكثر خطورة‬

‫مثل‪ :‬ارتفاع نسبة اجللوكوز يف الدم‪ ،‬وسرعة ضرابت القلب‪ ،‬وارتفاع ضغط الدم‪ ،‬وأمراض شرايني القلب‪.‬‬

‫اآلاثر والعواقب التنظيمية‬

‫يتزايد التأييد للنظرية اليت تقــول‪ :‬إن الضغط هو العامــل الرئيس يف كثري من املشكالت التنظيمية خاصة مشكلة األداء‬

‫املنخفض ودوران العمل والتغيب‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫مواجهة االحرتاق الوظيفي حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة ‪ ...‬اللواء د‪ .‬فهد بن أمحد الشعالن‬
‫تعقيدا مما كان يتصورها الناس فيما مضى‪ ،‬فمن املمكن أن يكون للضغط أثر‬
‫وتبدو العالقة بني الضغط واألداء أكثر ً‬

‫منعدما‪ ،‬على‬
‫منخفضا أو ً‬
‫ً‬ ‫ســليب أو إجيايب على األداء‪ ،‬أو قد ال يكون له أي أثر على اإلطالق‪ .‬فحينما يكون الضغط‬

‫سبيل املثال‪ ،‬حيافظ العاملون على مستوايت أدائهم احلالية عامة‪ ،‬وبذلك ينعدم النشاط أو الدافعية ألداء أكثر‪.‬‬

‫ويف مستوايت الضغط املنخفضة إىل املتوسطة‪ ،‬يبني البح أن الناس ينشطون أو يستحثون لتحسني مستوايت أدائهم‪،‬‬

‫مثريا لألداء‪ ،‬إال أن العامل احلاســم يف هذه املســألة يتمثل يف مدى‬


‫ويف الواقع هناك مستوايت ضغط معينة ميكن أن تعمل ً‬
‫أن يؤدي فيها العمل يف هذه الظروف الضاغطة‪.‬‬ ‫الفرتة الزمنية اليت يستطيع الشخ‬

‫وحينما ترتفع مســتوايت الضغط إىل أقصى الدرجات‪ ،‬ميكن أن ينخفض األداء بصورة ملحوظة‪ .‬وحيدث هذا الوضع‬

‫قدرا من جهده وطاقته لتخفيف الضغط أكثر من توجيه جهده حنو األداء‪.‬‬
‫ً‬ ‫نتيجة لتكريس الشخ‬

‫وعندما يطول أمد الضغط على مستوى عال‪ ،‬حيس الناس بضرورة إجراء تغيري ما قبل أن يصيبهم االيهيار‪ ،‬وقد تظهر يف‬

‫هذه املرحلة أمناط سلوكية سلبية مثل‪ :‬االنسحاب ‪،‬والغضب‪ ،‬والتخريب‪ ،‬وإدمان املسكرات‪ ،‬وأمناط سلوكية سلبية‬

‫أخرى‪.‬‬

‫أما (العديلي‪1414 ،‬هـ) فقد صنف اآلاثر املرتتبة على الضغوط واالحرتاق الوظيفي كما أييت‪:‬‬

‫‪ -1‬اآلاثر والنتائج السلوكية والنفسية‬

‫دورا يف سلوك الفرد وتتمثل نتائجها يف‪:‬‬


‫إن العوامل التنظيمية الضاغطة تؤدي ً‬
‫‪ -‬التدخني‪ :‬تزداد ظاهــرة التدخني نتيجة للضغوط التنظيمية‪ ،‬وذلك نتيجة للقلق والتوتر الذي تسببه الضغوط‪ ،‬وهناك‬

‫العديد من الدراسات اليت أثبتت العالقة الوثيقة بني الضغوط والتدخني‪ ،‬من أمهها دراسة كونوي وزمالئه‬

‫)‪1981‬م)‪.‬‬

‫‪ -‬إدمان الكحول‪ :‬كما أن ردود فعل الضغوط يف جمال العمل تتمثل يف إدمان الكحول للهروب من املشكالت اليت‬

‫تواجه هؤالء األفراد عندما يتعرضون هلا‪.‬‬

‫أحياان إىل تعاطي املخدرات‪.‬‬


‫‪ -‬تعاطي املخدرات‪ :‬ال يتوقف أتثري الضغوط على إدمان الكحول فقط‪ ،‬بل يتعداه ً‬

‫‪19‬‬
‫اجمللة العربية للدراسات األمنية والتدريب ‪ -‬اجمللد ‪ -23‬العدد (‪ 45- 3 )65‬الرايض (‪ 2016‬م) (‪ 7521‬ه)‬

‫كثريا من الضغوط تقود إىل ممارســة العنف وانتهاك األنظمة‪ ،‬وخاصة الضغوط النفسية‬
‫‪ -‬العنف وانتهاك األنظمة‪ :‬إن ً‬
‫مثل‪ :‬اإلحباط‪.‬‬

‫‪ -‬العدوان أو االكتئاب‪ :‬فقد وجد نيومان (‪1979‬م) يف دراســة أجريت أن العنف وانتهاك األنظمة والقوانني عادة‬

‫تنمو نتيجة لإلحباط والعدوانية‪.‬‬

‫‪ -‬اضطراب الوزن والشهية‪ :‬وميكن أن ينعكس أثر الضغوط على وزن األفراد كأن تزداد شــهيتهم إىل األكل أو يقل‬

‫وزيهم‪ ،‬وهذا التأثري هو نفسي‪ /‬جسدي نتيجة الضطراابت يف اجلهاز النفسي والعصيب للجسم‪.‬‬

‫إن اآلاثر والنتائج النفسية مرتبطة بشكل وثيق ابآلاثر والنتائج السلوكية‪ ،‬وتتمثل اآلاثر النفسية فيما يلي‪:‬‬

‫املشكالت العائلية‪ :‬ال شك أن حياة اإلنسان العامل مرتابطة‪ ،‬سواء يف املنزل أو يف العمل‪ ،‬وما يطرأ على حياة‬ ‫‪-‬‬

‫اإلنسان يف العمل ينعكس أثره على املنزل‪ .‬فالضغوط اليت حيدثها العمل تؤثر على العالقات العائلية‪ .‬فقد يعجز‬

‫املوظف عن مواجهة ضغوط العمل فيبدأ يســقطها يف املنزل بشكل غضب أو أوامر صعبة أو سيطرة وحنو ذلك‪،‬‬

‫وقد تؤثر على العالقة الزوجية أو األطفال‪.‬‬

‫اضطراابت يف النوم‪ :‬كما تتمثل اآلاثر النفسية للضغوط يف اضطراابت النوم كعدم القدرة على النوم بشكل‬ ‫‪-‬‬

‫منتظم‪.‬‬

‫أحياان إىل عمليات‬


‫ً‬ ‫االكتئاب‪ :‬كما أيها تسبب االكتئاب وعدم القدرة على االستمتاع ابحلياة‪ ،‬وقد تقود‬ ‫‪-‬‬

‫االنتحار‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫مواجهة االحرتاق الوظيفي حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة ‪ ...‬اللواء د‪ .‬فهد بن أمحد الشعالن‬
‫‪ -5‬اآلاثر والنتائج (املرضية اجلسدية)‪:‬‬

‫تتمثل آاثر الضغوط يف اجملاالت العالجية (املرضية اجلسدية) يف اجلوانب التالية كما يقدمها كويك وكويك ( ‪Q.‬‬

‫‪1984 :Q‬م)‪:‬‬

‫أمراض القلب‪ :‬مثل مشكالت القلب والسكتة القلبية‪ ،‬وقد أشارت اإلحصاءات يف الواليــات املتحدة األمريكية‬ ‫‪-‬‬

‫إىل أن معظم أســباب الوفاة انجتة عن أمراض القلب‪ .‬وقد وجدت إحدى الدراسات أنه من بني ‪ 100‬شاب‬

‫راشد ممن يعانون أمراض القلب يوجد ‪ 91‬يف املائة يعانون آاثر مسؤوليات العمل‪.‬‬

‫الصداع‪ :‬إن التوتر والصداع أحد آاثر الضغوط اليت وجدت بشــكل كبري‪ ،‬وقد يقود هذا الصداع إىل أمراض‬ ‫‪-‬‬

‫مستعصية يصعب عالجها‪.‬‬

‫السرطان‪ :‬إن الضغوط النفسية تؤثر يف حدوث حاالت السرطان‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫أمراض الرئتني والكبد واجللد‪ :‬ونتيجة للضغوط وآاثرها السلوكية مثل تعاطي الكحول وإدمان املخدرات وممارسة‬ ‫‪-‬‬

‫عادة التدخني‪ ،‬فقد وجدت آاثر مرضية يف كل من الرئتني والكبد واجللد‪.‬‬

‫‪ -3‬اآلاثر والنتائج التنظيمية‬

‫إن سوء إدارة الضغوط يف املنظمات يرتتب عليه آاثر سلبية منها املباشر وغري املباشر‪:‬‬

‫‪ -‬الثمن املباشر لسوء إدارة الضغوط‪ :‬يتمثل الثمن املباشر لسوء إدارة الضغوط يف الغيــاب‪ ،‬والتأخر والتوقف عن العمل‪،‬‬

‫ودوران العمل أي عدم االســتقرار يف الوظيفة ملدة طويلة‪ ،‬كذلك يتمثل يف نوعية اإلنتاجية‪ ،‬وكميتها‪ ،‬والشــكوى‬

‫من قبل العاملني‪ ،‬وحوادث العمل‪.‬‬

‫‪ -‬الثمن غري املباشر لسوء إدارة الضغوط‪ :‬أما الثمن غري املباشر لسوء إدارة الضغوط ‪،‬فيتمثل يف اخنفاض الروح املعنوية‪،‬‬

‫واخنفاض الدافعية وعدم الرضا‪ ،‬وضعف االتصال والعالقات اإلنســانية واألخطاء يف اختاذ القرارات‪ ،‬وتدين الثقة‬

‫وعدم االحرتام والتقدير والعداوة واحلقد وحنو ذلك‪.‬‬

‫وكل هذه اآلاثر أو النتائج املباشرة وغري املباشرة ينعكس أثرها على أداء وإنتاجية وفعالية املنظمة‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫اجمللة العربية للدراسات األمنية والتدريب ‪ -‬اجمللد ‪ -23‬العدد (‪ 45- 3 )65‬الرايض (‪ 2016‬م) (‪ 7521‬ه)‬

‫وجسداي‪..‬‬
‫ًّ‬ ‫ومن هنا يتضح أن ظاهرة الضغوط واالحرتاق الوظيفي ذات آاثر ونتائج سلبية على األفراد سلوكيًّا ونفسيًّا‬

‫الوالء وقلة التحمس للعمل والشكاوى واالستقاالت‬ ‫تدين اإلنتاجية ونق‬ ‫وعلى املنظمة اليت يعملون فيها من حي‬

‫املبكرة‪ ...‬وغري ذلك‪.‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬القيادة اإلدارية ‪Leadership‬‬

‫دورا‬
‫مفهومها وطبيعتها وأمناطها املتعددة‪ ...‬لكويها تؤدي ً‬ ‫عن القيادة اإلدارية من حي‬ ‫احلدي‬ ‫ســيتناول هذا املبح‬

‫ئيســا يف التعامل مع ظروف العاملني وحماولة حتسني أوضاعهم‪ ،‬وذلك لتجنيبهم حاالت اإلحباط والضغوط واالحرتاق‬
‫ر ً‬
‫الوظيفي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬ما القيادة؟ وما مفهومها؟‬


‫ا‬

‫تتعدد وتتنوع تعريفات القيادة‪ ،‬وال ميكن القول‪ :‬إن هناك تعري ًفا مثاليًّا اتفق الكتاب واملؤلفون عليه‪ ،‬ولكن ختتلف‬

‫التعريفات ابختالف الزوااي اليت ينظر منها هؤالء الكتاب واملفكرون إىل القيادة‪.‬‬

‫للتأثري يف اآلخرين‪ ،‬وجعلهم‬ ‫‪ -1‬يعرف أوردواي تيد (‪ )Ordway Tead‬القيادة (أبيها النشاط الذي ميارسه شخ‬

‫يتعاونون لتحقيق هدف يرغبون يف حتقيقه‪.‬‬

‫(‪ )Pfiffner and Presthus‬أبيها‪« :‬فن التنسيق بني األفراد واجلماعات وشحذ‬ ‫‪ -5‬ويعرفها كل من‪ :‬ففنر وبرست‬

‫مهمهم لبلوغ غاية منشودة»‪.‬‬

‫‪ -3‬ويعرفها ليكرت (‪ )Likert‬أبيها‪« :‬احملافظة على روح املسؤولية بني أفراد اجلماعة وقيادهتا لتحقيق أهدافها املشرتكة»‬

‫(النمر وآخرون‪1432 ،‬ه)‪.‬‬

‫‪ -4‬يعرف كل من‪ :‬كونتز« ‪ »Koontz‬وأودنيل «‪ »Odonnel‬القيادة على أيها‪« :‬عملية التأثري اليت يقوم هبا القائد‬

‫على مرؤوسيه إلقناعهم وحثهم على اإلسهام الفعال جبهودهم للقيادة بنشاط متعاون»‪.‬‬

‫‪ -2‬أما فيدلر «‪ »Fiedler‬فيعرف القيادة بقوله‪« :‬تعين اجلهود املبذولة للتأثري على الناس أو تغيري ســلوكهم من أجل‬

‫الوصول إىل أهداف املؤسسة واألفراد»‪( .‬كمال‪2014 ،‬م‪ ،‬ص‪.)175‬‬

‫‪31‬‬
‫مواجهة االحرتاق الوظيفي حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة ‪ ...‬اللواء د‪ .‬فهد بن أمحد الشعالن‬
‫وأاي كان تعريف القيادة‪ ،‬فإنه البد أن يشمل أربعة عناصر رئيسة هي‪ :‬القائد واألتباع واهلدف والتأثري‪ .‬مبعىن أن القائد‬

‫يقوم ابلتأثري على املرؤوســني للوصول إىل األهداف املطلوبة‪.‬‬

‫اثنياا‪ :‬األمناط القيادية‬

‫أيضا تتضمن القيادة وأدوارها يف كل نظرية‪ ،‬ويصنف العلماء نظرايت‬


‫هناك يف احلقيقة العديد من نظرايت اإلدارة اليت ً‬
‫اإلدارة إىل أربع فئات متثل مراحل خمتلفة منذ مطلع القرن العشرين وهي من األقدم إىل األحدث‪:‬‬

‫‪ -‬النظرايت التقليدية الكالسيكية‪.‬‬

‫‪ -‬نظرية العالقات اإلنسانية‪.‬‬

‫‪ -‬النظرايت السلوكية‪.‬‬

‫‪ -‬النظرايت احلديثة‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق أبمناط القيادة فقد أشار (كمال‪2014 ،‬م) إىل أيها تتعدد وتتنوع بتنوع املؤسسات واختالف الشخصيات‬

‫واألدوات والوظائف واملواقف‪ ،‬فلكل منط قيادي طابعه الذي مييزه من غريه‪ .‬وقد حاولت عدة دراســات التمييز بني أمناط‬

‫القيادة‪ ،‬لكن ابلرغم من هذه التصنيفات ألمناط القيادة‪ ،‬فإنه ميكن القول‪ :‬إنه وإن اختلفت يف بعض اجلوانب‪ ،‬فقد تتفق‬

‫يف جوانب أخرى‪ ،‬ويصبح بينهما تداخل‪ ،‬وقد جيمع القائد بني أكثر من منط وإن كان مييل إىل سلوك منط قيادي ميكن‬

‫تصنيفه على أساسه‪ .‬وفيما يلي توضيح هلذه التصنيفات‪:‬‬

‫‪ -1‬القيادة األوتوقراطية‪.‬‬

‫‪ -5‬القيادة الدميقراطية‪.‬‬

‫‪ -3‬القيادة احلرة‪.‬‬

‫ويشري (بول ‪2013 ،‬م) إىل منطني آخرين مها‪:‬‬

‫‪ -4‬منط القيادة التبادلية‬

‫‪ -2‬منط القيادة التحويلية‬

‫‪33‬‬
‫اجمللة العربية للدراسات األمنية والتدريب ‪ -‬اجمللد ‪ -23‬العدد (‪ 45- 3 )65‬الرايض (‪ 2016‬م) (‪ 7521‬ه)‬

‫وهناك أربعة أبعاد رئيسة للقيادة التحويلية‪:‬‬

‫التأثري املثايل للقائد (‪)Idealized Influence‬‬ ‫‪-1‬‬

‫الدافعية اإلهلامية (‪)Inspirational Motivation‬‬ ‫‪-5‬‬

‫االستثارة الفكرية (‪)Intellectual Stimulation‬‬ ‫‪-3‬‬

‫االعتبارات الفردية (‪)Individualized Consideration‬‬ ‫‪-4‬‬

‫عددا من األمناط القيادية ومنها‪:‬‬


‫كما يضيف (حسني‪2010 ،‬م) ً‬
‫القيادة الكارزمية (‪)Charismatic Leadership‬‬ ‫‪-1‬‬

‫القيادة ابلتمكني (‪)Empowerment Leadership‬‬ ‫‪-5‬‬

‫القيادة الرتبوية (‪)Pedagogical Leadership‬‬ ‫‪-3‬‬

‫القيادة الداعمة (‪)Bridging Leadership‬‬ ‫‪-4‬‬

‫القيادة اإلبداعية (‪)Innovative Leadership‬‬ ‫‪-2‬‬

‫كما يضيف د‪ .‬سامل القحطاين (‪1436‬هـ) أربعة أمناط أخرى للقيادة وهي‪:‬‬

‫القيادة االستشرافية‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫القيادة االسرتاتيجية‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫القيادة األخالقية‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫والواقع أننا نالحظ ومن خالل هذه التصنيفات للقيادة على شــكل أمناط أن كل منط حيمل صفات تنعكس على طبيعة‬

‫التأثري يف التابعني لتحقيق أهداف املنظمة‪ .‬إال أنه ميكن القول‪ :‬إن هذه‬ ‫مســماه ولكل منط إسهاماته من حي‬

‫دائما يفرض طبيعة النمط الذي جيب على‬


‫التصنيفات متداخلة ومن الصعوبة أن يلتزم القائد بنمط معني؛ إذ إن املوقف ً‬
‫القائد تبنيه لتحقيق اهلدف‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫مواجهة االحرتاق الوظيفي حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة ‪ ...‬اللواء د‪ .‬فهد بن أمحد الشعالن‬
‫اثلثاا‪ :‬انعكاس األمناط القيادية على التابعني‬

‫تعد القيادة العامل املوجه للســلوك يف مجيع املنظــمات ونالحظ أن املنظمات اليت تعاين األمراض اإلدارية تلجأ إىل تغيري‬

‫أيضا يف كفاءة املنظمة عامة والقيادة يعول عليها يف حل‬


‫كبريا على كفاءة أداء العاملني‪ ،‬و ً‬
‫أتثريا ً‬
‫قياداهتا‪ ،‬فالقيادة تؤثر ً‬
‫مشــكالت املنظمة ومشكالت العاملني فيها‪.‬‬

‫مهما يف التأثري على أداء العمل‬


‫دورا ً‬
‫وتكتسب العالقات بني القائد واملوظف أمهية خاصة يف بيئة العمل‪ ،‬حي تؤدي ً‬
‫يتمثل جوهر العملية القيادية (اإلشراف) يف التأثري يف اآلخرين‪ ،‬فالقيادة‬ ‫واملشاعر واالجتاهات النفسية للعاملني‪ ،‬حي‬

‫عملية تفاعل اجتماعي ال ميكن أن تتم يف فراغ‪ ،‬وإمنا يلزم هلا إطار من العالقات والتفاعالت االجتماعية‪ ،‬وتشري نتائج‬

‫الدراسات اليت أجريت على منط القيادة الذي يتبعه الرئيس مع مرؤوسيه إىل وجود عالقة بني النمط القيادي وكل من‪:‬‬

‫مستوى الرضا الوظيفي والشعور ابلضغط واإليهاك‪ ،‬وكذلك مدى القبول للقرارات ومستوى اجلهد املبذول يف العمل‬

‫عامة‪ ،‬ومستوى األداء الوظيفي‪ ،‬والوالء التنظيمي‪.‬‬

‫وخالصة التفسري هلذه العالقة‪ ،‬الرتكيز على عنصرين أو عاملني مت الرتكيز عليهما يف حبوث القيادة من اجلانب الســلوكي‬

‫املشاعر‪ ،‬ففي دراسات جامعة (أوهايو وشيكاغو) وغريها من املدارس السلوكية‬ ‫حول املهمة واملساندة من حي‬

‫ومراع» لتوجد التمييز نفسه‪ ،‬يف حني استخدمت سلسلة دراسات أخرى أجريت يف جامعة‬
‫استخدمت عبارات «منشئ ُ‬
‫(ميتشــغان) عبارات «مهتم ابإلنتاج ومهتم ابملوظفني» مع وجود فرق بسيط يف املعىن‪.‬‬

‫وملزيد من اإليضاح ميكن اإلشارة إىل العنصرين على النحو التايل‪:‬‬

‫‪ -1‬االهتمام ابملهــام‪ ،‬يتضمن جمموعة عناصر‪ ،‬تعكس مدى اهتمام القائد‪ ،‬بتحديد وتســهيل التفاعل بني أعضاء‬

‫اجلماعة‪ ،‬عند صياغة األهداف‪ ،‬ويتحقق ذلك عن طريق‪ :‬التخطيط‪ ،‬واجلدولة‪ ،‬والنقد‪ ،‬واألفكار املبتكرة‪ ،‬واملبادأة‪،‬‬

‫وتنظيم العمل‪ .‬فاألنشطة اليت يؤديها القائد تدخل للمنظمة طرقًا جديدة يف أداء العمل‪ ،‬أو إجراءات جديدة حلل‬

‫يصبح االهتمام ابإلنتاج يعكس الدور احملدد للقائد يف توجيه املرؤوسني من أجل بلوغ‬ ‫مشــكالت اجلماعة‪ ،‬حي‬

‫األهداف‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫اجمللة العربية للدراسات األمنية والتدريب ‪ -‬اجمللد ‪ -23‬العدد (‪ 45- 3 )65‬الرايض (‪ 2016‬م) (‪ 7521‬ه)‬

‫عد هذا البعد‬ ‫‪ -5‬االهتــمام ابملشــاعر‪ :‬فهو يعكــس مدى اهتمام القائد مبشــاعر املرؤوســني والعالقات اإلنســانية‪ ،‬حي‬

‫فضال عن أنه يعكس نطــاق‬


‫مؤشرا لدرجة اســتجابة القائد للجماعة وحاجاهتم‪ ،‬وهو يرتبط ابحملافظة على اجلماعة‪ً ،‬‬
‫ً‬
‫امتالك الفرد عالقات وظيفية تتصــف ابلثقة املتبادلة‪ ،‬واحرتام أفكار املرؤوسني واالهتمام مبشاعرهم من خالل اختاذ‬

‫أسلوب يستجيب حلاجات وآراء املرؤوسني ويراعيها (ابن منيع‪1430 ،‬هـ)‪.‬‬

‫فهو مل يعد ذلك املفهوم الذي يتعامل مع األشياء واإلمكاانت‬ ‫‪ -3‬لقد تطور مفهوم القائد يف الفكر اإلداري احلدي ـ‬

‫املادية فقط‪ ،‬بل أصبحت النظرة اإلنسانية هي النظرة الغالبة عــلى صفات القائد‪ ،‬فنجاحه يف حتقيق األهداف بكفاءة‬

‫وفاعلية إمنا يرتبط مبدى مراعاته هلذه اجلوانب اإلنســانية‪ .‬إن املفهوم احلدي للقيادة اإلدارية ينادي بضرورة التوفيق بني‬

‫األهداف التنظيمية واألهداف الفردية للعاملني كما أن حتقيق أحدمها يرتبط بتحقيق اآلخر‪.‬‬

‫وقد أشــار النمر (‪1990‬م‪ ،‬ص‪ )288‬إىل أن مهمة القائــد اإلداري يف التنظيمات احلديثة تتناول جبانب الوظائف‬

‫التقليدية للقادة الوظائف التالية‪:‬‬

‫بعيدا عن الفوضى‬
‫‪ -1‬القيام بدور التوجيه والتنســيق بني خمتلف األنشطة البشرية حنو االجتاه الذي حيقق األهداف‪ً ،‬‬

‫واالرجتال‪.‬‬

‫‪ -5‬التكيف مــع املتغريات البيئية احمليطة ابلتنظيــم‪ ،‬بطريقة ال حتدث اإلرابك يف األعمال وأبسلوب حيقق يف الوقت نفسه‬

‫حاجات العاملني ورغباهتم‪.‬‬

‫‪ -3‬تسوية اخلالفات والنزاعات اليت تظهر بني األفراد يف التنظيم والعمل على إجياد مبدأ املســاواة يف حل هذه اخلالفات‬

‫وعدم اللجوء إىل التمييز أو املفاضلة بني األفراد‪ ،‬ما يؤدي إىل نتائج سلبية على سلوك األفراد وتصرفاهتم‪.‬‬

‫‪ -4‬العمل على حتقيق درجة من الرضا بني صفوف العاملني‪ ،‬عن طريق االستجابة لرغباهتم واحتياجاهتم ومراعاة مشــاعرهم‬

‫وعواطفهم‪ ،‬ومعاملتهم معاملة إنسانية حتقق هلم االحرتام والتقدير‪.‬‬

‫‪ -2‬القدرة على االستفادة من اإلمكاانت املتاحة‪ ،‬أسلوب حيقق الفاعلية املطلوبة‪.‬‬

‫‪ -6‬القدوة احلسنة اليت ميثلها القائد أمام مرؤوسيه‪ ،‬فهو يؤثر فيهم بسلوكه وتصرفاته وممارساته اليومية يف العمل‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫مواجهة االحرتاق الوظيفي حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة ‪ ...‬اللواء د‪ .‬فهد بن أمحد الشعالن‬
‫‪ -7‬إاتحة الفرصة ملرؤوسيه لتنمية مواهبهم وقدراهتم اإلبداعية إبفساح اجملال هلم ابلعمل يف اجملاالت اليت حتقق هلم تلك‬

‫الغاية‪.‬‬

‫ويتوقــف جناح القائد اإلداري يف القيام هبذه الوظائف على قدرته يف اســتخدام وســائل التأثري على املرؤوســني بطريقة‬

‫جتعلهم يتقبلون ما يصدر إليهم من توجيهات وتعليمات عن رضا وقبول‪ ،‬وعن طواعية‪.‬‬

‫وقد توصلت دراسة (عمران ‪1993‬م) عن ظاهرة االحرتاق الوظيفي يف جمال العمل بني األكادمييني والعاملني إىل العديد‬

‫من النتائج‪ ،‬أبرزها وجود ارتباط إحصائي يتصف ابإلجيابية بني عمل الفرد حتت قيادة موجهة ابإلنتاج والشعور ابالحرتاق‬

‫الوظيفي‪.‬‬

‫كما توصلت كل من‪( :‬جيل ومارجريت) يف دراسة عن الدعم اإلشرايف العاطفي واالحرتاق الوظيفي إىل أن العالقة بني‬

‫تصــارع األدوار‪ ،‬واإليهاك العاطفي‪ ،‬وكذلك العالقة بــني ضغط الوقت‪ ،‬واإليهاك العاطفي‪ ،‬تعدلت من خــالل إدراك أفراد‬

‫تصارعا إضافيا للدور‪ ،‬ازداد اإليهاك العاطفي‬


‫ً‬ ‫العينة لدعــم مشرفهم العاطفي‪ ،‬إضافة إىل ذلك‪ ،‬كلما واجه املوظفون‬

‫بشــكل كبري‪ ،‬وذلك عندما يكون هنــاك دعم إشرايف عاطفي عال‪ .‬وكذلك كلما واجه املوظفون ضغوطًا إضافية‪ ،‬يزداد‬

‫اإلجهاد العاطفي (ابن منيع ‪1430‬هـ‪ ،‬ص‪.)37‬‬

‫املبحث الرابع‪ :‬مسؤولية مواجهة االحرتاق الوظيفي بني الفرد والقيادة‬

‫االحرتاق الوظيفي ظاهرة جديرة ابالهتمام والدراسة يف املنظمات احلكومية واخلاصة؛ إذ إن االحرتاق يلقي بسلبياته على‬

‫عزلته وتوقف طموحه وإصابته ابلعديد من األمراض النفسية والعضوية‪ .‬ومن جانب آخر فلالحرتاق‬ ‫الفرد من حي‬

‫والئه وانعدام حتمسه للعمل وحماولة‬ ‫اخنفاض مســتوى أداء املوظف ونق‬ ‫الوظيفي أثره السليب على املنظمة من حي‬

‫األداء ابحلد األدىن من إمكاانته‪ ،‬إضافة إىل أتثريه السليب على زمالء العمل‪.‬‬

‫واحلقيقة أن معظم الدراسات إن مل يكن مجيعها تشري إىل األضرار احملتملة على الفرد واملنظمة من االحرتاق الوظيفي‪ ...‬ما‬

‫يلقي مســؤولية على الطرفني يف الوقاية والعالج من هذه احلالة السيئة‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫اجمللة العربية للدراسات األمنية والتدريب ‪ -‬اجمللد ‪ -23‬العدد (‪ 45- 3 )65‬الرايض (‪ 2016‬م) (‪ 7521‬ه)‬

‫وقد أمجعت تقريبًا الدراســات على أن املسؤولية يف عالج هذه الظاهرة تنحصر يف الدور الفردي واألدوار التنظيمية‬

‫القيادية على حنو ما سيتم إيضاحه‪.‬‬

‫‪ -1‬الدور الفردي‬

‫أيضا يعول عليه الكثري يف حماولة العالج من هذا املرض‪.‬‬


‫الفرد داخل املنظمة شريك يف حــدوث االحرتاق الوظيفي‪ ...‬و ً‬
‫ففي دراسة (الكاليب ورشــيد‪1421 ،‬هـ) أظهرت النتائج لعينة املوظفني مبدينة الرايض أيهم يعانون بدرجة متوســطة‬

‫االحرتاق الوظيفي‪ ،‬كما أظهرت الدراسة فروقًا معنويــة يف درجة االحرتاق تعزى للعمر ومــدة اخلدمة يف الوظيفة ومل توجد‬

‫املستوى التعليمي أو جنس املوظفني‪.‬‬ ‫فروق فيما خي‬

‫ويشري (النفيعي ‪1421‬هـ) يف دراسته حول االحرتاق الوظيفي يف املنظمات احلكومية اخلدمية يف حمافظة جدة إىل أن‬

‫األساليب الشخصية اليت ميكن للفرد أن يتبعها للتحقق من حدة االحرتاق الوظيفي هي الكشف الطيب والراحة واملساندة‬

‫أيضا يشري إىل أمهية التمارين الرايضية والنظرة التفاؤلية وتغيري منط‬
‫االجتماعية والعالج الروحي وفرص العمل البديلة‪ً ،‬‬
‫السلوك‪.‬‬

‫من االحرتاق الوظيفي ابلتايل‪:‬‬ ‫كما يشري (ديسلر ‪2012‬م) إىل أن على الفرد التخل‬

‫اكسر قواعدك‪ :‬اذكر كيف تقضي وقتك‪ .‬هل تقوم أبشياء متنوعة أم تفعل نفس الشيء مر ًارا وتكر ًارا؟ فكلما‬ ‫‪-1‬‬

‫تنوعت حياتك محيت نفسك من التوتر‪.‬‬

‫من الروتني املعتاد لتدرك‬ ‫منه على فرتات دوراي‪ :‬جدول الفرتات العريضة اليت ميكنك يف أثنائها التخل‬ ‫ختل‬ ‫‪-5‬‬

‫أين توجد وإىل أين تذهب‪.‬‬

‫فكـر يف عملك‪ :‬هل ميكنك أداء مهمة طيبــة دون أن تكون يف حالة توتر أو ابلسعي للمصاحل واالهتمامات‬ ‫‪-3‬‬

‫اخلارجية؟‪.‬‬

‫وميثل الكشــف الطيب الذي جيريه الطبيب مطلبًا أساس ـيًّا‪ -‬تقريبًا ‪ -‬ألي برانمج إلدارة أو ختفيــف وطأة الضغوط؛ إذ إن‬

‫معرفة احلالة البدنية‪ ،‬وعادات التدخني وتناول الكحول والســجل الطيب ملرضى القلب والشرايني والوراثة‪ ،‬تساعد يف معرفة‬

‫‪38‬‬
‫مواجهة االحرتاق الوظيفي حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة ‪ ...‬اللواء د‪ .‬فهد بن أمحد الشعالن‬
‫من الضغط والتوتر‪ .‬ومن‬ ‫اآلاثر احملتملة للضغط‪ .‬وقد تشــمل النشاطات الفردية األخرى التمارين الرايضية للتخل‬

‫املمكن أن تكون طرق االســرتخاء البسيطة حىت لو كانت يف شــكل متابعة أمناط التنفس لدى الفرد فعالة يف ختفيف‬

‫وطأة الضغط‪ .‬كما ميكن توجيه الضغــط والتحكم يف أتثريه جزئيا بتنمية اهتمامات خارج حميط العمل مثل‪ :‬ممارســة‬

‫اهلواايت والنشاطات اخلريية (أبو مسعود ‪1431‬هـ)‪.‬‬

‫ويشــري دردير (‪2007‬م) إىل االسرتاتيجيات اليت ميكن إجيادها من قبل الفرد للتعامل مع االحرتاق النفسي أو الوظيفي‬

‫وهي‪:‬‬

‫لعمله‪ ،‬وكذلك أســاليبه يف االستجابة للضغوط؛ ألن فهم الفرد الستجاابته سوف يســاعده يف التعرف‬ ‫‪ -‬فهم الشخ‬

‫على أمناط السلوك غري الفعالة‪ ،‬ومن مث حماولة تغيريها‪.‬‬

‫الفرد لقيمه وأهدافه وأولوايته‪ ،‬فاألهداف غري الواقعية ‪ -‬املثالية ‪ -‬للوظائف واألداء ستعرض الفرد‬ ‫‪ -‬إعادة فح‬

‫لإلحباط واالرتباك‪ ،‬أو مبعىن آخر التأكد من قابلية أهدافنا للتنفيذ‪.‬‬

‫‪ -‬تقســيم احلياة إىل جمــاالت‪ :‬العمل‪ ،‬واملنزل‪ ،‬واحليــاة االجتماعية‪ ،‬والرتكيز قدر اإلمكان على كل جمال نعيشه‪ ،‬وأال‬

‫نسمع لضغوط مكان أن تؤثر على مكان آخر‪.‬‬

‫‪ -‬العمل على بناء نظام للمساندة االجتماعية‪.‬‬

‫أما (سيزاليت‪1412 ،‬هـ) فريى أن دور الفرد يف مواجهة االحرتاق الوظيفي يكمن يف عدة أمور‪ ...‬وقد تشمل التمارين‬

‫من الضغط والتوتر‪ ،‬ومن املمكن أن تكون طرق االســرتخاء البسيطة ‪ -‬حىت لو كانت يف شكل متابعة‬ ‫الرايضية للتخل‬

‫أمناط التنفس لدى الفرد ‪ -‬فعالة يف ختفيف وطأة الضغط‪ .‬كما ميكن توجيه الضغط والتحكم يف أتثريه جزئيًّا بتنمية‬

‫اهتمامات خارج حميط العمل مثل‪ :‬ممارسة اهلواايت والنشاطات اخلريية‪.‬‬

‫وقد أوصت (أبو مسعود‪1431 ،‬هـ) يف دراستها حول االحرتاق الوظيفي بضرورة قيــام األفراد ابلتقرب من هللا ابلصرب‬

‫والصالة والتقوى وتبين القيم والتعاليم الدينية يف املعامالت‪ ،‬وأكدت أنه لو حرص كل موظف أن يتعامل دينيًّا مع رئيسه‬

‫‪39‬‬
‫اجمللة العربية للدراسات األمنية والتدريب ‪ -‬اجمللد ‪ -23‬العدد (‪ 45- 3 )65‬الرايض (‪ 2016‬م) (‪ 7521‬ه)‬

‫وزميله أو مجهور املراجعني‪ ...‬ورضي بقدر هللا ورزقه وعلم أن عمله عبادة قبل أن يكون وســيلة للرزق وحتقيق مكانة‬

‫اجتماعية‪ ،‬فإن ذلك كله سيخفف من حدة معاانة املوظفني من االحرتاق الوظيفي‪.‬‬

‫‪ -1‬األدوار التنظيمية‬

‫أيضا مسؤولية تنظيمية؛ إذ إن املنظمة وأنظمتها وبيئتها وطبيعتها‬


‫االحرتاق الوظيفي ليس مسؤولية فردية فقط‪ ...‬وإمنا ً‬
‫ذات أتثري كبري على املوظف‪ ،‬ورمبا أصابته ابالحرتاق الوظيفي‪.‬‬

‫كثريا يف عالج حاالت االحرتاق بني موظفيها‪.‬‬


‫لذلك فإن املنظمة يعول عليها ً‬
‫ويشري (محزاوي‪2013 ،‬م) إىل أن املتغريات احلديثة والتحدايت املعاصرة فرضت أدو ًارا ومهام على إدارات املوارد البشرية‪،‬‬

‫ومنها االهتمام ابلعاملني وصحتهم النفسية‪ ،‬ومن هذه املالمح اجلديدة‪:‬‬

‫‪ -‬ظهور العديد من التشريعات املتعلقة برفاهية األفراد العاملني‪ ،‬واملساواة يف العمل والضمان االجتماعي والتقاعدي‪.‬‬

‫‪ -‬بروز التشريعات املتعلقة بنظم اخلدمات الصحية واألمن الصحي‪.‬‬

‫‪ -‬الرتكيز على احلاجات والدوافع الذاتية للعاملني يف جمال العمل‪.‬‬

‫‪ -‬الرتكيز على تنويع خيارات جودة احلياة يف العمل وخارج العمل‪ ،‬وبروز فلســفة إدارة اجلودة الشاملة وتطبيقاهتا على‬

‫إدارة املوارد البشرية‪.‬‬

‫‪ -‬بروز ظاهــرة التمكني للعاملني‪ ،‬وهو أحد أهم اإلفرازات الفكرية والفلســفية للتعامل مع القوى البشرية‪.‬‬

‫ويف إطار ضغــوط العمل وما يؤدي إليــه من احرتاق وظيفــي‪ ،‬هناك جوانب تنظيمية تقوم هبا املنظمة تســاعد يف الوقاية‬

‫والعالج من االحرتاق الوظيفي يشري إليها (العديلي ‪1414‬هـ) يف التايل‪:‬‬

‫أ‪ -‬حتليل الدور‪ :‬وتعين الطريقة املســتخدمة لتوضيح وتعريف دور عمل الفرد يف سبيل خفض إرابك الضغوط والصراع‪.‬‬

‫وذلك عن طريق سؤال العاملني عن توقعاهتم‪ ،‬وكذلك حتديد نقاط اإلرابك أو عدم االنسجام يف تلك التوقعات‪.‬‬

‫ومن مث يقوم هؤالء العاملون حبل ذلك اإلرابك‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫مواجهة االحرتاق الوظيفي حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة ‪ ...‬اللواء د‪ .‬فهد بن أمحد الشعالن‬
‫ب‪ -‬تصميم اهلدف‪ :‬وهذا األسلوب يف إدارة الوقاية من الضغوط يتمثل يف وضع أهــداف حمددة لعمل األف ـراد‪ .‬وهذه‬

‫األهداف عندما حتــدد تعمل على دفع وتوجيه ســلوك األفراد ألداء النشــاط املطلوب‪ .‬ويتم عمل ذلك مبشاركة‬

‫املشرفــني والعاملني يف آن واحد‪ ،‬وعادة ما يؤدي تصميم األهداف إىل الفهم املتبادل والناضج بني املديرين‬

‫والعاملني‪.‬‬

‫ج‪ -‬التأييد االجتماعي‪ :‬ويعين ختفيف حدة املؤثرات املادية (الفيزيولوجية) والنفسية املســببة للضغوط‪ ،‬وذلك عن طريق‬

‫تعديل االستجاابت للمطالب أو حتسني احلالة الصحية أو النفسية للفرد‪ .‬وكذلك االهتمام بعالقة الفرد العامل‬

‫داخل املنظمة مع زمالء العمل أو املشرفني أو املرؤوسني‪ .‬وكذلك االهتمام ابلعالقات االجتماعية للفرد يف األسرة أو‬

‫اجلماعة أو النادي وحنو ذلك‪.‬‬

‫د‪ -‬بنــاء الفريق‪ :‬وتعين زايدة الفعالية لــألداء من خالل التعاون وأتييد العالقات بني مجاعات العمل‪ .‬وكذلك االهتمام‬

‫بفعالية اجلماعة يف سبيل حتقيق األهداف احملددة‪.‬‬

‫مثال ‪ -‬حتديد مســببات‬


‫وتتضمن املداخل التنظيمية للتعامل مع الضغط نشــاطات تنظيمية عديدة‪ ،‬فمن املمكن ‪ً -‬‬

‫الضغط عن طريق برامــج مطورة لالختيار والتعيني‪ ،‬حي تركز الربامج احلالية على التوافق بني الفرد والوظيفة على أساس‬

‫املستوى التعليمي واخلــربة واملهارات والتدريب‪ .‬وقد بدأت بعض املنظمات يف إجراء مقابالت مكثفة مع املوظفني اجلدد‬

‫الكتشاف املشكالت اليت قد حتدث يف العمل‪.‬‬

‫وتتجه اثين االسرتاتيجيات حنو التدريب املتطور‪ ،‬فإىل جانب تدريب املوظف على املطلوب أداؤه وكيفية أدائه‪ ،‬تعمل‬

‫بعض الربامج التدريبية على توعية املوظف مبا ميكن أن يصادفه من مشكالت يف العمل‪.‬‬

‫وهناك برامج تنظيمية عديدة للســيطرة على الضغــط‪ ،‬ركزت على إعادة تصميم الوظائــف‪ ،‬حي ميكن ‪ -‬طب ًقا للظروف‬

‫احمليطة ‪ -‬إثراء الوظائف أو «ختفيض أعبائها» أو التنــاوب يف أدائها من قبل العاملني أو إعادة تصميمهــا كاملة مع‬

‫مثال على النشاط اجلماعي واملشاركة‪.‬‬


‫الرتكيز ً‬

‫‪40‬‬
‫اجمللة العربية للدراسات األمنية والتدريب ‪ -‬اجمللد ‪ -23‬العدد (‪ 45- 3 )65‬الرايض (‪ 2016‬م) (‪ 7521‬ه)‬

‫أخريا اســتحدثت بعض املنظمات مثــل‪ :‬آي يب أم (‪ ،)IBM‬وأيكو يتابل اليف (‪ )Equitable Life‬وب‪ .‬هـ‪.‬‬
‫و ً‬
‫قوودريتش (‪ )B.H.Goodrich‬برامج متكاملة ملســاعدة العاملني على توفري اخلدمــات الطبية والعالجية والنصح‬

‫واالستشــارة واإلجراءات الوقائية‪ ،‬وعادة ما تكون مزودة ابختصاصيني مثل‪ :‬األطباء واالختصاصيني النفســيني (سيزاليت‪،‬‬

‫‪1412‬هـ)‪.‬‬

‫عددا من الوسائل واآلليات اليت تواجه هبا املنظمات حاالت االحرتاق‬


‫ويف دراســتها اقرتحت (أبو مسعود‪1431 ،‬هـ) ً‬
‫الوظيفي بني موظفيها ومنها‪:‬‬

‫أ‪ -‬ضرورة االهتــمام هبــذه الظاهرة من خالل تبين اسرتاتيجيات تكسر اجلمود والصرامة والروتني املالحظ يف األعمال‬

‫فعال أن ميك‬
‫احلكومية بتبين سياسة التدوير حبي ال ميك املوظف يف وظيفته أكثر من ‪ 5‬سنوات‪ ،‬فمن املعاانة ً‬

‫املوظف يف وظيفته حىت حيال للتقاعد والعمل على دراسة أهم األسباب اليت أدت إىل معاانة نس ـبة ال يستهان هبا من‬

‫املوظفني من االحرتاق على البعدين‪ :‬اإلجهاد االنفعايل وعدم اإلنسانية‪.‬‬

‫ب‪ -‬ضرورة االهتمام ابجلانب الرتفيهي ملوظفيها لكسر اجلمود والصرامة يف أتدية أعماهلا واســتحداث برامج ترفيهية من‬

‫بعض األايم على مدار السنة لالحتفال مبناسبات اجتماعية‬ ‫شأيها جتديد طاقات املوظفني على سبيل املثال‪ :‬ختصي‬

‫للموظفني‪.‬‬

‫ج‪ -‬إعطــاء دورات إدارية مركزة دورية للعاملني يف املســتوايت اإلدارية العليا يف فن اإلدارة العلميــة وفن التعامل مع‬

‫موظفيهم وتفويض الصالحيات ورفع معنوايت موظفيهم من خالل تبين صنوف خمتلفة من احلوافز املعنوية كشهادات‬

‫الشكر والتقدير أو ابلتعزيز اللفظي‪.‬‬

‫د‪ -‬اســتحداث برامج مساعدة للعاملني من خالل تقدمي خدمات طبية وعالجية هلم وتقدمي النصح واملشورة واإلجراءات‬

‫الوقائية املناسبة‪.‬‬

‫أظهرت النتائج وجود عالقة ما بني العالقات االجتماعية‬ ‫ه‪ -‬العمل عــلى زرع روح التعاون ما بني املوظفني‪ ،‬حي‬

‫السائدة ما بني املوظفني ومستوى االحرتاق الوظيفي‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫مواجهة االحرتاق الوظيفي حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة ‪ ...‬اللواء د‪ .‬فهد بن أمحد الشعالن‬
‫أما (ابن منيع‪1430 ،‬هـ) فقد طرح يف دراسته حول االحرتاق الوظيفي يف األجهزة األمنية يف اململكة العربية الســعودية‬

‫العديد من االقرتاحات للتعامل مع هذه احلاالت‪ ،‬حي اقرتح إعادة النظر يف التوصيف الوظيفي وربط معايري االختيار‬

‫والتعيني مبتطلبات التوصيف الوظيفي وتصميم برامج إرشــاد نفسي (وقائية‪ ،‬عالجية‪ ،‬إثرائية) للحد من االحرتاق الوظيفي‬

‫وتدعيم أنظمة احلوافز وتنويعها بني مادية ومعنوية مع تطبيق أسلوب اإلثراء الوظيفي وأسلوب التوسع الوظيفي والتدوير‬

‫الوظيفي بني العاملني وتدريبهم على مهارات االتصال اإلنساين‪.‬‬

‫ويف هذا الســياق يشــري (النفيعي‪1421 ،‬هـ ـ) إىل أمهية وضرورة األخذ ابلعديد من الوســائل‪ ،‬ومن أمهها حتســني العالقة بني‬

‫مجيع العاملني وحسن استغالل وتقومي األداء وتوضيح معايري الرتقية واالهتمام بنظام األجور واحلوافز وحتليل األدوار وإعادة‬

‫تصميم الوظائف واالهتمام ابإلثراء الوظيفي والتقدم املهين واملشاركة يف اختاذ القرارات وتطوير برامج التعيني واستخدام‬

‫نظم تدريب حديثة والتشجيع على املشاركة يف األنشطة االجتماعية وإجياد برامج ملساعدة العاملني‪.‬‬

‫املبحث اخلامــس‪ :‬حنو بناء منوذج لتحديد املســؤولية يف مواجهة االحرتاق الوظيفي‬

‫سعت هذه الدراسة إىل حتليل وإيضاح ما يسمى ابالحرتاق الوظيفي موضحة طبيعته وأسبابه وآاثره ومظاهره واملسؤولية‬

‫الفردية والتنظيمية ملواجهته واحلد من استفحاله‪.‬‬

‫وقــد ذكر (‪ )Maslach & Leiter, 2015‬أن معظم الدراســات حول االحرتاق الوظيفي أشارت إىل توصيات عديدة‪،‬‬

‫كدا أثره يف االحرتاق‪ ،‬وإمنا على معاجلة الضغوط وحتسني صحة الفرد‪.‬‬
‫لكن معظمها ليس مؤ ً‬

‫وقد الحظ الباح أن هناك آراء متعددة حيال سبل مواجهة وعالج هذه احلاالت يف املنظمات العامة واخلاصة‪ ..‬ويكاد‬

‫جيمع الكتاب على تصنيف املســؤولية يف ذلك إىل جانب فردي على املوظف القيام به وجانب تنظيمي تقوم به املنظمة‬

‫وعالجا لظاهرة االحرتاق الوظيفي‪.‬‬


‫ً‬ ‫وقايةً‬

‫وقد اتفق العديد من الباحثني على بعض اآلليات والوســائل اليت يقوم هبا الفرد واملنظمــة‪ ...‬يف حني اختلفوا يف عددها‬

‫إىل بلورة منوذج لتحديد مسؤولية التعامل مع االحرتاق الوظيفي ليشمل ثالثة‬ ‫وطبيعتها وتصنيفها‪ ،‬ما حدا ابلباح‬

‫‪43‬‬
‫اجمللة العربية للدراسات األمنية والتدريب ‪ -‬اجمللد ‪ -23‬العدد (‪ 45- 3 )65‬الرايض (‪ 2016‬م) (‪ 7521‬ه)‬

‫جوانب (املسؤولية الفردية‪ ،‬واملســؤولية القيادية‪ ،‬واملســؤولية املشــرتكة)‪ ،‬حي اتضح من اســتعراض الدراســات السابقة وآراء‬

‫الباحثني تنوع وتشتت املســؤولية بني الفرد واملنظمة وعدم االتفاق على آليات املواجهة‪.‬‬

‫أيضا سيشــمل النموذج املقرتح «املســؤولية املشــرتكة اليت تكون ضمن حدود املسؤولية الفردية واملسؤولية القيادية يف آن‬
‫ً‬
‫واحد» (شكل‪.)2‬‬

‫الشكل رقم (‪ )1‬االحرتاق الوظيفي‬

‫من إعداد الباح‬

‫مسؤوليـة مواجهـة االحتـراق الـوظيفي‬

‫وفيما يلي إيضاح للمسؤوليات الثالث وعناصرها املقرتحة ملواجهة االحرتاق الوظيفي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬املسؤولية الفردية‬


‫ا‬

‫إن مواجهة االحرتاق الوظيفي ليســت مســؤولية قياديــة أو تنظيمية فقط‪ ،‬وإمنا مســؤولية فرديــة؛ إذ إن املوظف له دور كبري‬

‫يف اإلصابة هبذه احلالة‪ ،‬وعليه مســؤولية للتعامل معها وعالجها‪ .‬وتتمثل عناصر هذه املسؤولية يف التايل‪:‬‬

‫‪ -1‬العالج الروحي والتفاؤل‪:‬‬

‫يعد العالج الروحي مثل‪ :‬الدعاء والصالة من أهم العوامل اليت متنع وتعاجل حاالت الضغط واالحرتاق الوظيفي‪ ...‬إذ‬

‫تغــذي الفرد ابلراحة واالطمئنان ومتنحه الكثري من التفاؤل‪ .‬وقد أشــار إىل ذلك كل من‪( :‬ســيزاليت‪1412 ،‬هـ)‪( ،‬أبو‬

‫مسعود‪1431 ،‬هـ)‪( ،‬النفيعي‪1421 ،‬هـ)‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫مواجهة االحرتاق الوظيفي حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة ‪ ...‬اللواء د‪ .‬فهد بن أمحد الشعالن‬
‫‪ -5‬االسرتخاء والتمارين الرايضية‬

‫لقد أثبتت الدراســات حاجة الفرد إىل الراحة من وقت آلخر‪ ،‬سواء أثناء العمل أو التمتــع إبجازات متفرقة‪ ،‬كما أن‬

‫التمارين الرايضية هلا دور كبري يف التنفيس والصحة النفســية‪ ،‬ويعد كل ذلــك عوامل ملواجهة حاالت االحرتاق الوظيفي‪،‬‬

‫وقد أشــار إىل ذلك كل من‪( :‬النفيعي‪1421 ،‬هـ)‪ ،‬و(هيجان‪1998 ،‬م)‪ ،‬و(أبو مســعود‪1431 ،‬هـ)‪ ،‬و(سيزاليت‪،‬‬

‫‪1412‬هـ)‪ ،‬و (العديلي‪1414 ،‬هـ)‪.‬‬

‫‪ -3‬التخلص من الروتني‬

‫يعــد الروتني يف رأي الكثري مــن العلماء والباحثني مســببًا لإلحباط واالحرتاق الوظيفي؛ لذلك يفرتض على الفرد حماولة‬

‫كسر هذا الروتني والراتبة وإحداث التجديد يف حياتــه وعالقاته مع الناس ملواجهة حاالت االحرتاق‪ ،‬وقد أشــار إىل ذلك‬

‫كل من (ديسلر‪2012 ،‬م) و(العديلي‪1414 ،‬هـ)‪.‬‬

‫‪ -4‬ممارسة اهلواايت والنشاطات اخلريية‬

‫إىل نوع من اهلواايت وهي تعد يف حالة ممارستها وسيلة للرتويح واإلبداع واالنشغال‪ ،‬ما يقلل من‬ ‫مييل كل شخ‬

‫الضغط املسبب لالحرتاق الوظيفي‪ ،‬كما ال تنسى العمل اخلريي التطوعي وأثره النفسي على الفرد‪ ،‬وقد أشــار إىل ذلك‬

‫كل من‪( :‬أبو مســعود‪1431 ،‬هـ)‪ ،‬و(سيالزيت‪1412 ،‬هـ)‪( ،‬العديلي‪1414 ،‬هـ)‪.‬‬

‫‪ -2‬فرص العمل البديلة‬

‫عــن فرص عمل بديلة‪ ،‬وذلك‬ ‫على املوظف لكي ينأى بنفسه عن االحرتاق الوظيفي إعادة تقييم أهدافه‪ ،‬والبح‬

‫للتجديد وعدم الوقوع يف الراتبة واإلحباط وامللل‪ ،‬وقد أشار إىل ذلك كل من‪( :‬النفيعي‪1421 ،‬هـ)‪ ،‬و(ديسلر‪،‬‬

‫‪2012‬م)‪ ،‬و(دردير‪2007 ،‬م)‪.‬‬

‫اثنياا‪ :‬املسؤولية القيادية‬

‫احلقيقة أن قيادة املنظمة ‪ًّ -‬أاي كانت ‪ -‬مســؤولة عن صحة منسوبيها النفسية؛ ملا يف ذلك من أثر يف ارتياحهم‪ ،‬ومن مث‬

‫إنتاجيتهم‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫اجمللة العربية للدراسات األمنية والتدريب ‪ -‬اجمللد ‪ -23‬العدد (‪ 45- 3 )65‬الرايض (‪ 2016‬م) (‪ 7521‬ه)‬

‫وقد أشــار الكثري من العلماء والباحثني إىل الدور الــذي تؤديه القيادات للوقاية والعالج من حاالت االحرتاق الوظيفي‪،‬‬

‫لذلك فإن النموذج املقرتح يتضمن املسؤولية القيادة اليت تتمثل يف العناصر التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬املساندة االجتماعية‪:‬‬

‫أييت هذا العامل يف املقدمة من حي ـ إمجاع العلماء والكتاب على دوره يف الوقاية والعالج من االحرتاق الوظيفي‪ ،‬فعلى‬

‫القيادة تعزيز الربامج االجتماعية اليت تســند العاملني‪ ،‬وختفف من ضغوطهم الوظيفية‪ ،‬ويشعرون أن املنظمة هي بيتهم‬

‫الثاين الذي جيدون فيه راحتهم‪.‬‬

‫وقد أشار إىل ذلك كل من‪( :‬هيجان‪1998 ،‬م)‪( ،‬أبو مسعود‪1431 ،‬هـ)‪( ،‬دردير‪2007 ،‬م)‪( ،‬العديلي‪1414 ،‬هـ)‪،‬‬

‫(النفيعي‪1421 ،‬هـ)‪.‬‬

‫‪ -5‬اإلثراء الوظيفي‬

‫البد للقيادة من إعادة النظر يف طبيعة املهام لوظائف املنظمة وإثرائها‪ ،‬حىت تكون هلا قيمة مهنية ومعنوية عالية وال يشعر‬

‫املوظف أن دوره مهمش ال أتثري له يف هذه الوظيفة‪ ،‬كل ذلك يؤدي إىل الوقاية من الوصول إىل حاالت االحرتاق‬

‫الوظيفي‪ ،‬وقد أشــار إىل ذلك كل من‪( :‬ابن منيع‪1430 ،‬هـ)‪ ،‬و(النفيعي‪1421 ،‬هـ)‪.‬‬

‫‪ -3‬التمكني واملشاركة يف اختاذ القرارات‬

‫إن قيام القيادة بتفعيل التمكني داخل املنظمة ومشاركة العاملني يف اختاذ القرارات يعد من الوســائل الناجحة يف الوقاية‬

‫وعالج حاالت االحرتاق الوظيفي؛ ألن املوظف سيشــعر أبن وظيفته مهمــة‪ ،‬وأن دوره يف املنظمة فاعل‪ ،‬وقد أشــار إىل‬

‫ذلك كل من‪( :‬محزاوي‪2013 ،‬م)‪ ،‬و(النفيعي‪1421 ،‬هـ)‪.‬‬

‫‪ -4‬تدوير الوظائف‬

‫لقد أشــارت الدراســات إىل أن املكوث يف وظيفة واحدة لسنوات عديدة جيلب الضيق وامللل‪ ،‬ويؤدي إىل ما يســمى‬

‫ابالحرتاق الوظيفي؛ لذلك يفرتض من القيادة حلماية موظفيها من الوقوع يف هذه احلالة انتهاج سياسة لتدوير الوظائف‬

‫‪46‬‬
‫مواجهة االحرتاق الوظيفي حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة ‪ ...‬اللواء د‪ .‬فهد بن أمحد الشعالن‬
‫طويال‪ ،‬بل ينقل إىل وظيفة أخرى للتجديد‪ ،‬وقد أشــار إىل ذلك كل من‪( :‬ابن منيع‪،‬‬
‫حبي ال ميك املوظف يف وظيفة ً‬

‫‪1430‬هـ)‪ ،‬و(أبو مسعود‪1431 ،‬هـ)‪.‬‬

‫‪ -2‬التدريب املمنهج‬

‫يفرتض أن تلجأ املنظمة إىل إعداد خطة تدريبية ممنهجة أتخذ يف احلسبان ليس تطوير املهارات والقدرات فقط‪ ،‬وإمنا‬

‫أيضا‬
‫تدريب القيادات على كيفية التعامل مع العاملني وحتسني وسائل االتصال هبم والوقوف معهم وحل مشكالهتم‪ً ،‬‬
‫يفرتض أن يشمل التدريب املرؤوسني لصقل آرائهم يف كيفية التعامل مع ما يواجههم من ضغوط عملية‪ ،‬وقد أشار إىل‬

‫ذلك كل من‪( :‬أبو مسعود‪1431 ،‬هـ)‪ ،‬و(سيزاليت‪1412 ،‬هـ)‪ ،‬و(بن منيع‪1430 ،‬هـ)‪.‬‬

‫‪ -6‬تطبيق العدالة التنظيمية‪:‬‬

‫ليــس هناك أخطر من تفشي الظلم والبعد عن العدالة يف الرتقيات داخل املنظمة؛ إذ إن ذلك يؤدي ابملوظف إىل التذمر‬

‫واإلحباط‪ ،‬ومن مث االحرتاق الوظيفي؛ لذلك يفرتض من القيادة تبين سياســة ترقيات عادلة مبنية على تقييم موضوعي‬

‫لألداء ووفق مهام املوظف يف التوصيف الوظيفي‪ ،‬وكذلك وضع نظام عادل للحوافز‪ ،‬وقد أشار إىل ذلك كل من‪( :‬ابن‬

‫منيع‪1430 ،‬هـ)‪ ،‬و(النفيعي‪1421 ،‬هـ)‪ ،‬و(العديلي‪1414 ،‬هـ)‪ ،‬و(سيزاليت‪1412 ،‬هـ)‪.‬‬

‫اثلثاا‪ :‬املسؤولية املشرتكة‬

‫ما بني املســؤولية الفردية واملسؤولية القيادية يف مواجهة االحرتاق الوظيفي هناك مســؤولية مشرتكة بني اجلانبني الفردي‬

‫والقيادي؛ إذ إن هناك أساليب وآليات ال يكفي أن توفرهــا املنظمة‪ ،‬وإمنا يعتمد تفعيلها على الفرد الذي يفــرتض أن‬

‫يتجاوب معها‪ ،‬ويتحمس هلا من أجل صحته النفســية‪ .‬هذه املســؤولية اليت يشملها النموذج املقرتح تتكون من العناصر‬

‫التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬العناية الطبية‬

‫األمراض العضوية اليت تصيب املوظف أو أحد أفراد أسرته تؤثر سلبًا فيه خاصة إذا مل يكــن هناك مزااي عالجيــة توفرها‬

‫املنظمة‪ ،‬وقد يؤدي ذلــك إىل اكتئابه‪ ،‬ومن مث احرتاقه الوظيفي‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫اجمللة العربية للدراسات األمنية والتدريب ‪ -‬اجمللد ‪ -23‬العدد (‪ 45- 3 )65‬الرايض (‪ 2016‬م) (‪ 7521‬ه)‬

‫واملســؤولية هنا تقع على املنظمة وقيادهتا اليت يفرتض أن توفر هذه اخلدمة والعناية الصحية‪ ،‬ويف الوقت نفســه تعتمد على‬

‫دوري حلالته ومعاجلــة أمراضه وعدم التذمر‬ ‫املوظف الذي يفرتض أن يستفيد من هذه اخلدمة والعمــل على إجراء فح‬

‫من املراجعات والفحوص‪ ،‬كما يفعل العديد من العاملني‪ ،‬ما يضاعف من حالتهم املرضية ومن مث الوقوع يف منزلق‬

‫االحرتاق الوظيفي‪ ،‬وقد أشار إىل ذلك كل من‪( :‬احلمزاوي‪2013 ،‬م)‪ ،‬و(العديلي‪1414 ،‬م)‪ ،‬و(أبو مسعود‪،‬‬

‫‪1431‬هـ)‪ ،‬و(سيزاليت‪1412 ،‬هـ)‪ ،‬و(النفيعي‪1421 ،‬هـ)‪.‬‬

‫‪ -5‬االستشارة والعالج النفسي‬

‫أحياان لضغوط كثرية بسب العمل أو بسبب خارجي‪ ،‬ما ينعكس سلبًا على نفسيته ودرجة تكيفه مع‬
‫يتعرض املوظف ً‬

‫األوضاع؛ لذلك يفرتض من القيادة توفري االستشارة النفســية والعالج النفسي للعاملني وإشـعارهم بتوفري هذه اخلدمة‪،‬‬

‫ومن جانب آخر فاملسؤولية مشرتكة؛ إذ إن هذه األمراض النفسية غالبًا ما حيجم املصابون هبا من الذهاب إىل العيادات‬

‫النفسية املتوافرة لالستشارة أو العالج‪.‬‬

‫لذلك فإن هذه اخلدمة لن تؤدي عملها وحتقق أهدافها إال بتجاوب املوظف وزايرته هلذه العيادات النفسية اليت تعد‬

‫من عوارض االكتئاب واالحرتاق الوظيفي‪ ،‬وقد أشار إىل ذلك (العديلي‪1414 ،‬هـ)‪،‬‬ ‫مهما يف التخل‬
‫مساعدا ً‬
‫ً‬ ‫عامال‬
‫ً‬

‫و(ابن منيع‪1430 ،‬هـ)‪.‬‬

‫‪ -3‬تعزيز االتصال والتعاون‬

‫دائما إىل أمراض نفســية؛ لذلك فعلى القيادة‬


‫العمل اجلماعي وفرق العمل هلا دور كبري يف احلماية مــن العزلة اليت تؤدي ً‬
‫تعزيز أواصر االتصال بني املوظفني وزمالئهم ورؤسائهم ومرؤوسيهم وإشاعة روح التعاون والعمل املشرتك فيما بينهم‪.‬‬

‫وهذه املســؤولية مشرتكة بني القيادة واألفراد‪ ،‬فمهما قدمت القيادة من سياسات وبرامج لتعزيز ذلك‪ ،‬فلن حتقق أهدافها‬

‫إال مبشاركة الفرد ضمن هذه اجملموعات برغبة صادقة‪ ،‬وذلك لكي ينأى بنفســه عن الوقوع يف دهاليــز العزلة واالكتئاب‬

‫واالحرتاق الوظيفي البغيض‪ ،‬وقد أشــار إىل ذلــك (العديلي‪1414 ،‬ه ـ)‪ ،‬و(دردير‪2007 ،‬م)‪ ،‬و(النفيعي‪1421 ،‬هـ)‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫مواجهة االحرتاق الوظيفي حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة ‪ ...‬اللواء د‪ .‬فهد بن أمحد الشعالن‬
‫املبحث السادس‪ :‬اخلامتة والتوصيات‬

‫أوال‪ :‬اخلـامتة‬
‫ا‬

‫سعت هذه الدراسة إىل التعرف على طبيعة االحرتاق الوظيفي الذي يصيب العاملني والوقوف على أسبابه وأعراضه وآاثره‬

‫ودور املنظمة يف مواجهته‪ ...‬مع حتديد املسؤولية يف ذلك بني الفرد والقيادة‪.‬‬

‫وابالطالع على األدبيات والدراسات السابقة وحتليلها ومناقشتها متكنت الدراسة من الوصول إىل اآليت‪:‬‬

‫االحرتاق الوظيفي حالة نفسية إدارية تصيب بعض العاملني‪ ،‬وتؤدي ابلفرد إىل اإليهاك العاطفي والشعور بتدين‬ ‫‪-1‬‬

‫اإلجناز الشخصي مع فقدان اجلانب اإلنساين يف تعامل الفرد مع املستفيدين وزمالء العمل‪.‬‬

‫تقف وراء حالة االحرتاق الوظيفي العديد من األسباب يتعلق بعضها ابملنظمة وظروفها وأسلوب تعاملها مع‬ ‫‪-5‬‬

‫املوظفني وضغط العمل وغياب الدور وعدم املشاركة يف اختاذ القرار وانعدام التدوير الوظيفي وبعض األسباب‬

‫شخصية تتعلق بســلوكيات املوظف وظروفه العائلية اخلاصة والظروف النفسية لكل فرد‪.‬‬

‫لالحرتاق الوظيفي أعراض تبدو على املوظف كالعزلة وضعف االتصال والقيام ابلعمل ابحلدود الدنيا‪ ،‬إضافة إىل‬ ‫‪-3‬‬

‫التذمر والنظرة الدونية لإلجناز‪ ،‬ويؤثر ذلك يف صحته النفسية‪ ،‬وقد يقود إىل أمراض عضوية‪.‬‬

‫تدين مســتوى أدائهم وقلة والئهم وانعزاهلم عن‬ ‫تعاين املنظمة ظاهرة االحرتاق الوظيفي بني موظفيها من حي‬ ‫‪-4‬‬

‫زمالئهم والتذمر وكثرة الشكاوى‪.‬‬

‫هناك العديد مــن النظرايت اليت تفسر ظاهرة االح ـرتاق الوظيفي كالنظرية السلوكية والنظرية املعرفية ونظرية‬ ‫‪-2‬‬

‫التحليل النفسي والنظرية الوجودية‪.‬‬

‫هناك العديد من مقاييس االح ـرتاق الوظيفي صممها بعض العلماء‪ ،‬وميكن اســتخدامها يف قياس درجة االحرتاق‬ ‫‪-6‬‬

‫الوظيفي للعاملني يف املنظمات‪ ،‬ومنها مقاييس (ماسالك) و(ابنيز) و(شايروم ميالميد) و(بريزي)‪ ،‬ويفرتض‬

‫مراعاة طبيعة املنظمة والعاملني فيها عند اختيار املقياس للتطبيق‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫اجمللة العربية للدراسات األمنية والتدريب ‪ -‬اجمللد ‪ -23‬العدد (‪ 45- 3 )65‬الرايض (‪ 2016‬م) (‪ 7521‬ه)‬

‫هتتم املنظمات املختلفة وحسب منط القيادة السائدة فيها (أوتوفراطية‪ ،‬دميتواطية‪ ،‬حرة‪ ،‬إبداعية‪ ،‬أخالقية‪،‬‬ ‫‪-7‬‬

‫استشرافية) مبا يسمى االحرتاق الوظيفي بني موظفيها‪ ،‬وذلك ابنتهاج أساليب ووسائل تؤدي إىل عالج حاالت‬

‫االحرتاق الوظيفي‪.‬‬

‫املســؤولية يف مواجهة االحرتاق الوظيفي ليســت حمصورة يف املنظمة‪ ...‬وإمنا تنحصر يف املسؤولية القيادية‪،‬‬ ‫‪-8‬‬

‫واملســؤولية الفردية‪ ،‬واملسؤولية املشرتكة بني القيادة والفرد‪.‬‬

‫لتحديد املســؤولية «القيادية والفردية واملشرتكة» يف التعامل مع االحرتاق‬ ‫مت تصميــم منوذج من قبل الباح ـ‬ ‫‪-9‬‬

‫الوظيفي حبي تتمثل املسؤولية القيادية بعناصر‪( :‬املساندة االجتماعية‪ ،‬واإلثراء الوظيفي‪ ،‬والتمكني واملشاركة يف‬

‫اختاذ القرارات‪ ،‬وتدوير الوظائف‪ ،‬والتدريب املمنهج وتطبيق العدالة التنظيمية)‪ ،‬وتتمثل املسؤولية الفردية يف‬

‫من الروتني‪ ،‬وممارســة اهلواايت‬ ‫عناصر‪( :‬العالج الروحي والتفاؤل‪ ،‬واالسرتخاء والتمارين الرايضية‪ ،‬والتخل‬

‫والنشاطات اخلريية وفرص العمل البديلة)‪ ،‬وتتمثل املسؤولية املشرتكة بني الفرد والقيادة يف العناصر اآلتيــة‪:‬‬

‫(العناية الطبية‪ ،‬واالستشــارة والعالج النفسي‪ ،‬وتعزيز االتصال والتعاون)‪.‬‬

‫اثنياا‪ :‬التوصيات‬

‫يف ضوء ما توصلت إليه هذه الدراسة حول مسؤولية مواجهة االحرتاق الوظيفي بني الفرد والقيادة نوصي مبا يلي‪:‬‬

‫على املنظمات االهتمام مبواردها البشرية من حي حســن االستقطاب وكفاءة التدريب وعدالة الرتقيات ووضع‬ ‫‪-1‬‬

‫الرجل املناسب يف املكان املناسب من أجل إجياد بيئة تنظيمية صحية حتد من حاالت االحرتاق الوظيفي‪.‬‬

‫االهتمام ابجلوانب اإلنســانية والنفســية للعاملني مع تعزيز جوانب االتصال اجلماعي وتدعيم فــرق العمل‪ ،‬وذلك‬ ‫‪-5‬‬

‫منعا للتباعد بني العاملني وما يســببه ذلك من عزلة وإحباط‪.‬‬


‫ً‬
‫انتهاج سياسة لتدوير الوظائف حىت ال ميك املوظف سنوات طويلة يف موقعه؛ لكون ذلك يؤدي به إىل امللل‬ ‫‪-3‬‬

‫والتضجــر الذي يقوده إىل االحرتاق الوظيفي مع ضرورة قيام املنظمات ابإلعادة املرحلية لتوصيف وظائفها وتعزيز‬

‫اإلثراء الوظيفي جلميع الوظائف‪ ،‬وذلك من أجل إعطاء املوظف قيمة فيما يتواله من مهام ذات جدوى‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫مواجهة االحرتاق الوظيفي حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة ‪ ...‬اللواء د‪ .‬فهد بن أمحد الشعالن‬
‫إحلاق العاملني بدورات تدريبية هتدف إىل توعيتهم وتوجيههم ورفع مســتوى قدراهتم يف التعامل مع الضغوط اليت‬ ‫‪-4‬‬

‫أيضا القيادات‪ ،‬وذلك لرفع مستوى مهاراهتم يف التعامل مع املرؤوسني وحتفيزهم‬


‫تواجههم‪ ،‬وأن يشــمل التدريب ً‬
‫والوقوف معهم حلل مشكالهتم‪.‬‬

‫يراجعها املوظفون الذين يعانون ضغوطًا‬ ‫االهتمام إبجياد مراكز أو وحدات لالستشــارة والعالج النفسي حبي‬ ‫‪-2‬‬

‫اكتئااب أو احرتاقًا وظيفيًّا‪.‬‬


‫و ً‬
‫االهتمام بصحة العاملني‪ ،‬سواء من حي إجياد عيادات طبية متخصصة وأتمني طيب ألسرهم‪ ،‬إضافة إىل إنشاء‬ ‫‪-6‬‬

‫أماكن للرايضة والرتفيه‪ ،‬وذلك لكسر الروتني وانعاش العاملني نفســيا ورفع مستوى لياقتهم؛ إذ إن ذلك يقيهم‬

‫الوقوع يف براثن االكتئاب واالحرتاق الوظيفي‪.‬‬

‫االهتمام ابجلوانب اإلنســانية واالجتماعية للموظفني ومشاركتهم يف أفراحهم والوقوف معهم يف أتراحهم وتقدمي‬ ‫‪-7‬‬

‫املساعدات والقروض اليت تيسر هلم أمور احلياة مع العمل على جدولة إجازات العاملني ابلطريقة اليت تضمن متتع‬

‫مجيع املوظفني ابإلجازات يف وقتها دون اإلخالل ابلعمل‪.‬‬

‫تعزيز االنتماء الوظيفي ومشاركة املرؤوسني يف اختاذ القرارات وإشاعة التمكني اإلداري يف مجيع مستوايت املنظمة‬ ‫‪-8‬‬

‫وذلك ملنح املوظفني اإلحساس أبيهم جزء من املنظمة‪ ،‬وأيها بيتهم الثاين‪.‬‬

‫العمل على إخضاع النموذج املقرتح يف هذه الدراســة الذي جيمع بني املسئولية الفردية والقيادية املشرتكة يف‬ ‫‪-9‬‬

‫وصوال إىل تطويره كأداة يف التعامل مع‬


‫التعامل مع االحرتاق الوظيفي للتطبيق يف املنظمات احلكومية واخلاصة؛ ً‬

‫ظاهرة االحرتاق الوظيفي يف املنظمات‪.‬‬

‫االستمرار يف إعداد البحوث والدراسات حول ظاهرة االحرتاق الوظيفي يف املنظمات العامة واخلاصة‪ ،‬وذلك من‬ ‫‪-11‬‬

‫أجل الوصول إىل آليات وأساليب للحد من تفشي هذه الظاهرة ومعاجلتها‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫اجمللة العربية للدراسات األمنية والتدريب ‪ -‬اجمللد ‪ -23‬العدد (‪ 45- 3 )65‬الرايض (‪ 2016‬م) (‪ 7521‬ه)‬

‫املراجع العربية‪:‬‬
‫بول ‪ ،‬نداء حازم (‪2013‬م)‪ .‬النمط القيادي احلدي يف ظل إدارة األزمة‪ ،‬جملة اإلدارة واالقتصاد‪ ،‬الســنة السادســة‬
‫والثالثون‪ ،‬عدد (‪ 18136729 ISSN ،)92‬اجلزائر‪.‬‬
‫حسني‪ ،‬ســعد مهدي (‪2010‬م)‪ .‬القيادة والتفكري االسرتاتيجي ‪ -‬العالقة واألثر‪ ،‬جملة كلية الرتاث اجلامعة‪ ،‬العدد‬
‫السابع‪ ،‬العراق‪.‬‬
‫محزاوي‪ ،‬حممد ســيد (‪2013‬م)‪ .‬اإلدارة احلديثة للم ـوارد البشرية يف املنظمات العامة‪ ،‬الرايض‪ :‬دار املريخ للنشر‪.‬‬
‫دردير‪ ،‬نشــوة كرم عمار (‪2007‬م)‪ .‬االحرتاق النفــسي للمعلمني ذوي النمط (أ‪ ،‬ب) وعالقته أبساليب مواجهة‬
‫املشكالت‪ ،‬رسالة ماجستري‪ ،‬مجهورية مصر العربية‪ :‬جامعة الفيوم‪ ،‬كلية الرتبية ـ قسم علم النفس الرتبوي‪.‬‬
‫ديســلر‪ ،‬جاري (‪2012‬م)‪ .‬إدارة املواد البشرية‪ ،‬ترمجة حممد عبد املتعال وعبد احملسن جوده‪ ،‬الرايض‪ :‬دار املريخ‪.‬‬
‫الزهراين‪ ،‬نوال (‪2008‬م)‪ .‬االحرتاق النفسي وعالقته ببعض ســمات الشــخصية لدى العامالت مع ذوي االحتياجات‬
‫اخلاصة‪ ،‬رسالة ماجستري غري منشورة‪ ،‬مكة املكرمة‪ :‬جامعة أم القرى‪.‬‬
‫سيزاليت‪ ،‬أندرو دي & مارك واالس (‪1412‬هـ)‪ .‬السلوك التنظيمي واألداء‪ ،‬ترمجة جعفر أبو القاسم أمحد‪ ،‬الرايض‪:‬‬
‫معهد اإلدارة العامة‪.‬‬
‫عبيــدات‪ ،‬ذوقان وعبــد الرمحن عدس وكايد عبد احلــق (‪2002‬م)‪ .‬البح العلمي‪ ،‬مفهومه‪ ،‬أدواته‪ ،‬أساليبه‪ ،‬الرايض‪ :‬دار‬
‫أسامة للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫العديلي‪ ،‬انصر حممد‪1414( ،‬هـ)‪ .‬إدارة السلوك التنظيمي‪ ،‬الرايض‪ ،‬مرام للطباعة اإللكرتونية‪.‬‬
‫عودة‪ ،‬يوسف حرب حممد (‪1419‬هـ)‪ .‬ظاهرة االحرتاق النفسي وعالقتها بضغوط العمل لدى معلمي املدارس الثانوية‬
‫احلكومية يف الضفة الغربية‪ ،‬رســالة ماجستري‪ ،‬فلسطني‪ :‬جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬انبلس‪.‬‬
‫القحطاين‪ ،‬ســامل ســعيد آل انصر (‪1436‬هـ)‪ .‬االجتاهات احلديثــة يف القيادة اإلدارية وحتدايهتــا‪ ،‬القيادات اإلدارية يف‬
‫املنظمات احلكوميــة‪ ،‬األدوار والتوقعات‪ ،‬حترير‪ ،‬د‪ .‬بركات العتييب‪ ،‬الرايض‪ :‬معهد اإلدارة العامة‪.‬‬
‫القحطاين‪ ،‬ظافر حممد (‪1436‬هـ)‪ .‬مستوى االحرتاق النفسي وعالقته ببعض املتغريات لــدى أعضاء اهليئة التعليمية بكلية‬
‫امللك فهد األمنية‪ ،‬جملة البحوث األمنية‪ ،‬العدد (‪ )62‬ذو احلجة ‪1436‬هـ‪ ،‬الرايض‪ :‬كلية امللك فهد األمنية‪.‬‬
‫الكبيسي‪ ،‬عامر (‪1998‬م)‪ .‬التطوير التنظيمي وقضااي معاصرة‪ ،‬التنظيم اإلداري احلكومي بني التقليد واملعاصرة الدوحة‪،‬‬
‫قطر‪ ،‬دار الشرق للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫الكاليب‪ ،‬سعد عبد هللا ومازن بن فارس رشيد (‪1421‬هـ)‪ .‬االحرتاق الوظيفي‪ :‬دراسة استكشافية ملقياس ماسالك على‬
‫املوظفني مبدينة الرايض‪ ،‬جملة جامعة امللك سعود‪ ،‬العلوم اإلدارية م‪ 13‬لـ ‪ ،21‬الرايض‪.‬‬
‫كمال‪ ،‬برابوي (‪2014‬م)‪ .‬دور األمناط القيادية واملتغريات الشــخصية لألفراد يف التغري التنظيمــي‪ ،‬جملة املثىن للعلوم‬
‫اإلدارية واالقتصادية‪ ،‬اجمللد (‪ ،)4‬العدد (‪2014 )8‬م‪ ،‬اجلزائر‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫مواجهة االحرتاق الوظيفي حنو منوذج مقرتح ملسؤولية الفرد والقيادة ‪ ...‬اللواء د‪ .‬فهد بن أمحد الشعالن‬
‫أبو مســعود‪ ،‬مساهر مسلم عياد‪1431( ،‬هـ)‪ .‬ظاهرة االحرتاق الوظيفي لدى املوظفني اإلداريني العاملني يف وزارة الرتبية‬
‫والتعليم العايل بقطاع غزة‪ :‬أسباهبا وكيفية عالجها‪ ،‬رسالة ماجستري‪ ،‬اجلامعة اإلسالمية‪ ،‬كلية التجارة‪ ،‬غزة‪،‬‬
‫فلسطني‪.‬‬
‫ابن منيع‪ ،‬حممد بن سليمان (‪1430‬هـ)‪ .‬االحرتاق الوظيفي يف األجهزة األمنية ابململكة العربية السعودية‪ ،‬أطروحة دكتوراه‬
‫يف العلوم اإلدارية‪ ،‬الرايض‪ ،‬جامعة انيف العربية للعلوم األمنية‪.‬‬
‫النفيعي‪ ،‬ضيف هللا (‪1421‬هـ)‪ .‬االح ـرتاق الوظيفي يف املنظمات احلكومية اخلدمية يف حمافظــة جدة‪ ،‬جملة جامعة امللك‬
‫عبد العزيز‪ ،‬االقتصاد واإلدارة‪ ،‬م ‪ ،14 14‬جدة‪.‬‬
‫النمر‪ ،‬سعود بن حممد (‪1990‬م)‪ .‬الســلوك اإلداري عمادة شؤون املكتبات‪ ،‬الرايض‪ :‬جامعة امللك سعود‪.‬‬
‫النمر‪ ،‬سـعود حممد‪ ،‬هاين يوسف خاشــفجي‪ ،‬حممد فتحي حممود‪ ،‬حممد سيد محزاوي (‪1432‬هـ)‪ .‬اإلدارة العامة‪:‬‬
‫األســس والوظائف واالجتاهات احلديثة ط ‪ ،7‬الرايض‪ :‬مكتبة الشقري‪.‬‬
‫هيجان‪ ،‬عبد الرمحن أمحد (‪1998‬م)‪ .‬ضغوط العمل‪ :‬منهج شامل لدراسة مصادرها‪ ،‬ونتائجها وكيفية إدارهتا‪ ،‬الرايض‪:‬‬
‫معهد اإلدارة العامة‪.‬‬
‫املراجع األجنبية‪:‬‬
‫‪Genly, Beth (2015). Safety & job Burnout Understanding Contributing Factors. The‬‬
‫‪Wellness & Safety Report, Augast 2015.‬‬
‫‪Heather K. & Spence Laschinger & Roberta Fida (2014). Engaged or Exhausted -‬‬
‫‪How do Dentists Affect Clinical Productivity. Burnout Researchers Vol. 1‬‬
‫‪ISSUE 1 Page 56 – 1 June.‬‬
‫‪Maslach Christina & Michael P. Leiter (2015). It is Time to Take Action on Burnout.‬‬
‫‪Burnout Research Vol. 2 ISSUE (1) March.‬‬
‫‪Yousify A.R. & GhR Ghassemi (2006). Job Burnout in Psychiatric. And Medical‬‬
‫‪nurses in Isfahan. Islamic Republic of Iran. La Review de sautie de la‬‬
‫‪Medeterian Orientale Vol. 12 No 5.‬‬

‫‪53‬‬

‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like