Professional Documents
Culture Documents
المحاضرة الثانية
المحاضرة الثانية
تعد ىذه ادلرحلة أكؿ فًتة اقتصادية جلزائر مستقلة فهي بداية الظهور الفعلي لإلقتصاد اجلزائرم ك
نظرا للظركؼ كادلتغَتات العديدة اليت ميزت حالة اإلستعمار الفرنسي للجزائر أك ادلبادئ اليت بنيت
عليها الثورة التحريرية ،فقد كاف لكل ىذه العناصر انعكاس مباشر على طبيعة القرار اإلقتصادم ادلتخذ
خالؿ بداية ىذا العهد اجلديد كذلذا فقد شهدت ىذه ادلرحلة غياب إسًتاتيجية فكرية كاضحة زبطط
لسياسة إقتصادية ذات أىداؼ زلددة ،كمن ىنا اشتقت تسمية فًتة اإلنتظار من طرؼ العديد من
اإل قتصاديُت اجلزائريُت كادلقصود هبا الػتأرجح بُت الفكر الرأمسايل كالرغبة يف التوجو حنو اإلشًتاكية
،كتتحكم يف كليهما عدة عوامل نلخصهما يف مايلي :
*بنود اتفاقية إيفياف ك اليت تشًتط احملافظة على مصاحل الشركات ادلتعددة اجلنسيات ادلستثمرة يف كافة
اجملاالت خاصة النفطية منها كادلصرفية .
*كجود قوة إقطاعية كبَتة يف القطاع الفالحي تدفع إىل ضركرة عدـ ازباذ أم إجراءات من شأهنا تغيَت
العوامل ادلتحكمة يف ىذا القطاع .
*ضعف تراكم رأمساؿ لدل الدكلة حديثة النشأة نظرا لعدـ ربكمها يف القطاع النفطي الذم تسيطر عليو
الشركات األجنبية دبوجب االتفاقيات سابقة الذكر ،فضال عن التحويل الشديد لرأمساؿ من طرؼ
ادلعمريُت عند بركز بوادر استقالؿ اجلزائر ،شلا جيعل الدكلة غَت قادرة على تبٌت سياسة اقتصادية مبنية
على الفكر االشًتاكي.
*الرغبة يف تكوين إقتصاد مستقل عن اإلقتصاد الفرنسي خصوصا ك عن باقي اإلقتصاديات الكربل
عموما.
72
احملور الثاين :مالمح االقتصاد اجلزائرم خالؿ فًتة االنتظار 1966-1962
*مبادئ الثورة التحريرية كاليت ذبلت يف جل ادلواثيق الناصة صراحة على بناء دكلة ذات نظاـ إقتصادم
ذك طابع اجتماعى ،كنظرا لكوف ىذه ادلرحلة تتزامن مع أكج فًتة تطبيق الفكر االشًتاكى فمن البديهي
أف سبثل اإلشًتاكية النظاـ األمثل لتطبيق تلك ادلبادئ.
يعترب القطاع الفالحي خالؿ ىذه الفًتة أىم قطاع مورس فيو التجاذب بُت اإلقطاعية الىت تسعى
إىل االستمرارية يف النهج القدًن كيظهر ذلك من خالؿ رغبتها يف الدفع حنو استثمارات كبَتة يف ىذا
القطاع كالعمل على إدخاؿ ادلكننة فيو من خالؿ توفَت أكثر من 4400جرار مابُت 1966-1962
كذلك كلو إل هظهار للقائمُت على تسطَت السياسة االقتصادية ادلستقبلية بأهنم عنصر فعاؿ يف ىذا
القطاع،1أما التوجو الثاين فقد ذبسد يف منط التسيَت الذايت للعديد من ادلستثمرات الفالحية اليت كانت
حبوزة ادلعمريُت كحافظ عليها العماؿ من التخريب خاصة يف الفًتات القصَتة اليت سبقت اإلعالف عن
االستقالؿ كمن ىنا فقد كاصل ىؤالء العماؿ إستغالؿ ىذه ادلستثمرات من خالؿ ادلرسوـ 63-388
الصادر يف أكتوبر ، 1963كمكافأة ذلم فضال عن كوف فكرة التسيَت الذايت تعرب عن ادللكية اجلماعية
كبالتايل الدفع حنو االشًتاكية ،كىذا يتطلب دعما من طرؼ السلطات القائمة خاصة يف رلاؿ التمويل ك
ادلكننة 2،كتكفل هبذه ادلهمة الديواف الوطٍت لإلصالح الزراعي ،كعموما ميكن القوؿ أف ىذه ادلرحلة
سبيزت بقطاعُت مها القطاع اخلاص كالذم ينقسم بدكره إىل قطاع ضعيف تقليدم كقطاع خاص شبو
إقطاعي كقطاع ميثل الدكلة كىو ادلستثمرات ادلسَتة ذاتيا.
،ص.50 -2بويهي زلمد ،القطاع الفالحي يف اجلزائر كمشاكلو ادلالية ،أطركحة دكتوراه غَت منشورة ،جامعة اجلزائر ،3سنة 2004
72
احملور الثاين :مالمح االقتصاد اجلزائرم خالؿ فًتة االنتظار 1966-1962
رغم أف القطاع الصناعى يف فًتة االستعمار مل يتميز بالكثافة كالتنوع غَت أنو عرؼ نفس التجاذبات
من قبيل ىل تستمر ادلؤسسات األجنبية العاملة كاليت دعمها قانوف االستثمار لسنة 1963كىي :
أما ادلؤسسات الصغَت كادلتوسطة اليت ىجرىا مالكها كادلقدرة ب 330مؤسسة فقد مشلها مرسوـ التسيَت
الذايت سابق الذكر كبالتايل فإف تسيَتىا سيؤكؿ للعماؿ لكن جيدر التذكَت ىنا أف ىناؾ مؤسستُت
(فوالذ مارتاف درفلة حديد ACILOR كبَتتُت مشلهما نظاـ التسَت الذايت كمها مؤسسة
التسليح) ك( E.N.C.Mصناعة األنابيب) ك كحدة زلارث ابن باديس ،3كعموما ميكن حصر أىم
معامل القطاع الصناعي يف تلك الفًتة كمايلي :
*قطاع خاص أجنيب يتمثل يف عدد من الشركات األجنبية الكبَتة كاليت مت تنظيم عملها من خالؿ قانوف
اإلستثمار لسنة . 1963
72
احملور الثاين :مالمح االقتصاد اجلزائرم خالؿ فًتة االنتظار 1966-1962
*قطاع خاص زللى يتمثل يف ادلقاكالت الكثَتة اليت هظهرت مع مشركع قسنطينة مل يتضمنها قانوف
اإلستثمار لسنة ، 1963شلا يعٌت احلد منها مستقبال كحصرىا يف أطر جد ضيقة خاصة يف هظل فرض
ضريبة على دخل الشركات يف حدكد .%90
*قطاع التسيَت الذايت كىو قطاع ميثل التوجو لتدخل الدكلة يف القطاع الصناعي كلكن خبطوات بطيئة
حيث صاحب تنفيذ ىذا النمط من التسيَت يف القطاع الصناعي صعوبات كبَتة .
ج-وضعية القطاع التجاري :عرؼ القطاع التجارم فراغا كبَتا يف الفًتة األكىل بعد االستقالؿ لعدة
أسباب أمهها سيطرة ادلعمريُت يف ما مضى على سوؽ اإلستَتاد كالتصدير بتمويل من البنوؾ العاملة يف
اجلزائر ،غَت أنو يف الفًتة اليت سبقت االستقالؿ حدث نزيف كبَت للموارد ادلالية ادلوجودة يف ىذه البنوؾ
عن طريق ربويلها حنو فرنسا ،شلا جعل الدكلة الفتية الناشئة بعد اإلستقالؿ تعجز عن توفَت احلد األدىن
من السيولة الواجبة لعملية استَتاد حاجيات األفراد الكثَتة نظرا لتبعية اإلقتصاد اجلزائرم ك ىو ما دفع
إىل تشكيل دكاكين مهمتها تسيَت التجارة اخلارجية كاقتصر األمر يف ىذه الفًتة على استَتاد السلع
الغذائية الضركرية للمواطنُت كىذه الدكاكين ىي الديواف الوطٍت للتجارة ،الديواف الوطٍت للحبوب ،الديواف
الوطٍت للتوزيع ،كميكن ربديد أىم عناصر ىذا القطاع خالؿ ىذه الفًتة كما يلي :
*قطاع خاص يعمل يف ضبابية نظرا العتبار الوساطة التجارية خالؿ ىذه الفًتة عمال غَت قانوين .
من خالؿ كاقع القطاع التجارم يظهر لنا مدم زببط السلطات القائمة على السياسة االقتصادية يف
تلك الفًتة من حيث منع النشاط اخلاص دكف القدرة الكافية على ربمل عبئ التوزيع شلا سيشكل سوقا
احتكارية تظهر فيها عدة نقائص.
نظرا لكوف قطاع احملركقات شكل أحد أىم زلاكر اتفاقية إيفياف كاليت سعت بكافة الطرؽ إىل محاية
االستثمارات األجنبية يف ىذا القطاع كعدـ تغيَت تركيبتو ال من حيث اإلستكشاؼ كال اإلستخراج كال
الضرائب احملصلة ،غَت أف الفراغ ادلوجود يف نقل كتوزيع احملركقات كالذم رفضت ادلؤسسات األجنبية
03
احملور الثاين :مالمح االقتصاد اجلزائرم خالؿ فًتة االنتظار 1966-1962
القياـ بو عجل بظهور مؤسسة عمومية يف ىذا اجملاؿ كىي الشركة الوطنية لنقل كتسويق احملركقات
سونطراؾ (ديسمرب ،)1963كاليت أككلت ذلا مهمة مد أنابيب النفط ،كما قامت السلطات دبراجعة
اإلتفاقيات السابقة من خالؿ اتفاقية اجلزائر 1965كاليت حصلت من خالذلا على مايلي :4
تغيَت معدؿ الضريبة ادلباشرة من ( % 50تضمنها قانوف البًتكؿ الصحراكم ) إىل % 53يف
السنوات 1967/1966/1965لينتقل إىل % 54سنة. 1968
إلتزاـ فرنسا بادلسامهة يف التطوير الصناعي باجلزائر كزيادة استثمارات الشركات يف عمليات
البحث كالتنقيب.
إلغاء نظاـ نسب ا استهالؾ كالعمل باألنظمة احلديثة يف ىذا اجملاؿ .
رفع حصة اجلزائر إىل النصف يف شركة S.N.RIBALمع تعيُت رئيس للشركة من اجلزائر
.
التنازؿ عن احلصة اخلاصة بالشركة يف مصفاة التكرير باجلزائر بنسبة .%10
ادللكية التامة للجزائر على الغاز الطبيعي .
استحداث نظاـ ادلشاركة التعاكنية اجلزائرية الفرنسية .
عموما فقد ربصلت اجلزائر من خالؿ ىذا اإلتفاؽ على عدة مكاسب مكنت شركت سونطراؾ من تعزيز
مكانتها يف السوؽ احمللية من خالؿ عدة شركات سلتلطة تعمل يف رلاؿ البحث كالتنقيب كاإلستكشاؼ
.
ق-وضعية سوق العمل :إف سوؽ العمل ىو انعكاس مباشر للتغَتات اليت ربدث يف باقي
القطاعات كمن خالؿ كل ما تناكلت و سابقا فإف السمة الرئيسية ذلذه الفًتة ىي الركود كالنمو السليب يف
جل اجملاالت نظرا للضبابية السائدة يف ادلشهد االقتصادم ،خاصة ما تعلق بتطوير القطاع اخلاص يف
هظل التوجو حنو التضييق عليو شلا دفع ادلستثمرين اخلواص إىل اإلحجاـ عن االستثمار يف ىذه الفًتة
،رغم الطلب ادللح من طرؼ السلطات كاليت رأت أف ىذا القطاع بإمكانو جذب بعض القدرات
-4حاج قويدر عبد اذلادم ،اإلصالحات اإلقتصادية يف قطاع احملركقات اجلزائرم 2009-1986دراسة ربليلية ،ماجستَت غَت منشورة
،جامعة كىراف،2012،ص.36،37
03
احملور الثاين :مالمح االقتصاد اجلزائرم خالؿ فًتة االنتظار 1966-1962
كالكفاءات العمالية اليت ستعوض رحيل األجانب كىو ما مل حيدث لعدة إعتبارات أمهها العامل سابق
الذكر كعموما ميكن تشخيص كاقع ىذا القطاع يف ىذه الفًتة كمايلي :
استحواذ القطاع الزراعي على أكرب نسبة من العماؿ خاصة القطاع اخلاص التقليدم ،يليو
القطاع شبو اإلقطاعى ،مث قطاع التسيَت الذايت .
معانات القطاع الصناعي بكل أشكالو (مؤسسات كبَتة ،مؤسسات صغَتة كمتوسطة )من
نقص العمالة الكفؤة ،فضال عن توجو السلطات إىل عدـ اإلستعانة جبلب كفاءات أجنبية
كاالكتفاء باليد العاملة احمللية باستثناء قطاع األشغاؿ العمومية كاالتصاالت .
اليد العاملة يف قطاع الوساطة أصبحت حبكم القانوف عمال غَت شرعي شلا جيعل من ىؤالء
العماؿ بصفة تلقائية بطالوف كىنا جيدر اإلشارة إىل أف ىذا القرار كاف لو انعكاس كبَت على
الفئة النشطة بادلدف نظرا إلزدىار ىذا القطاع هبا.
إ رتفاع معدالت البطالة خاصة يف ادلدف نظرا لتواصل حالة النزكح الريفي من األرياؼ إىل ادلدف
بصفة متسارعة حيث تشَت اإلحصائيات سنة 1962إىل ارتفاع نسبة النمو احلضرم باجلزائر
العاصمة بنسبة ، %69البليدة ،%87باتنة ،%133سطيف .%64
خالصة المحور:
سبيزت ىذه الفًتة بضبابية شديدة يف اجملاؿ االقتصادم هظهرت يف عدة عناصر ىي :
*مساح قانوف االستثمار 1963للقطاع اخلاص األجنيب بالعمل كتشجيعو ،كيف نفس الوقت التضييق
على القطاع اخلاص احمللى بغية تفكيكو.
*كرس ادلرسوـ 63-388الصادر يف أكتوبر كادلتضمن التسيَت الذايت يف كل من القطاع الزراعي
كالصناعي تدخل الدكلة يف اجملاؿ االقتصادم دكف كجود رؤية كاضحة ك مؤطرة ذلذا التدخل شلا عجل
بظهور إشكاليات ميدانية يف ىذا اخلصوص .
*احتكار الدكلة للنشاط التجارم من خالؿ الدكاكين العمومية كضع على عاتق الدكلة مهمة التوزيع يف
غياب القدرة الكافية على التحكم يف تقنياتو شلا كلد سوؽ احتكارية ،كنفس ادلالحظة ىنا من حيث
تعميق تدخل الدكلة دكف كجود رؤية كاضحة تؤطر ىذا التدخل .
07
احملور الثاين :مالمح االقتصاد اجلزائرم خالؿ فًتة االنتظار 1966-1962
شلا سبق يظهر لنا ضركرة بلورة سياسة اقتصادية كاضحة تنضم العملية التنموية ،كىي السبيل الوحيد
خلركج اإلقتصادم اجلزائرم من حالة اإلنتظار اليت يعرفها.
00