You are on page 1of 4

‫التقديم‬

‫إن ظهور القضاء كمؤسسة ثقافية‪ ،‬هي التي نقلت اإلنسانية من مرحلة الهمجية‬
‫والتوحش‪ ،‬إلى مرحلة الحضارة والثقافة‪ ،‬حيث أحلت النظام محل الفوضى‪،‬‬
‫والقضاء العادل مكان الوحشية‪ ،‬والقانون بدال من العنف واإلكراه‬
‫كيف تتحكم المؤسسة في التكوين الثقافي لألفراد؟‬
‫بأي معنى تعتبر المؤسسة هي ما یجعل من اإلنسان كائنا ثقافيا؟‬
‫أطروحة النص‬
‫اإلنسان كائن ثقافي يعيش داخل المؤسسات‪ ،‬ومن خاللها يلبي حاجاته بأشكال‬
‫ونماذج مختلفة‪ ،‬كما يستعمل جهازا ماديا في أنشطته المؤسساتية لتحقيق أهداف‬
‫الجماعة‬
‫صاحب النص‬
‫مالينوفسكي (‪(1942- 1884‬انثروبولوجي بريطاني‪ ،‬ويعتبر أحد مؤسسي‬
‫المدرسة الوظيفية في االنثروبولوجية االجتماعية‪ ،‬أهم كتاباته‪" :‬الجريمة والعرف‬
‫فيالمجتمع المتوحش" ‪ "،1926‬والحياة الجنسية عند المتوحشين في شمال غربي‬
‫مالنيزيا" ‪ ،1929‬ثم "ديناميات التغير الثقافي‬
‫‪ ‬فهم النص‬
‫‪-1‬يعتبر اإلنسان كائنا ثقافيا‪ .‬والمؤسسات هي مظهر من مظاهر الثقافة لديه‪ ،‬والتي‬
‫من خاللها يحقق حاجياته بشكل منظم وهادف‪.‬‬
‫‪-2‬تقوم كل مؤسسة يبتكرها اإلنسان على تلبية حاجات إنسانية إما بيولوجية أو‬
‫ثقافية‪ .‬ويتم عملها من خالل ميثاق أو مذهب ترتكز عليه المؤسسة‪ ،‬وتصوغ من‬
‫خالله قوانين تنظم العمل داخلها‪.‬‬
‫‪-3‬يربط النص بين المؤسسة والحاجات؛ ألن المؤسسة تلبي بشكل غير مباشر‬
‫رغبات األفراد وتتحكم فيها‪ ،‬وذلك من خالل إخضاعها إلى ميثاق وقوانين منظمة‬
‫تسمح بتلبية الحاجات البيولوجية بشكل ثقافي‪ ‬ومؤسساتي‪.‬‬
‫‪-4‬كل مؤسسة تخضع لميثاق وقوانين‪ .‬ولكنها أيضا تتوفر على جهاز مادي تشتغل‬
‫من خالله وتمارس‪ ‬وظائفها‪ .‬والمقصود بالجهاز المادي للمؤسسة هو البنية التحتية‬
‫واألجهزة المادية‪ ،‬والوسائل والرأسمال الماديوغير ذلك‪ .‬فبالنسبة لألسرة يتمثل‬
‫الجهاز المادي مثال في البيت والحقل واألرض‪ ،‬وبالنسبة لمؤسسة الدولة نذكر‬
‫الوحدة الترابية والقوة العسكريةوالرأسمال المالي‪.‬‬
‫أفكار النص‪:‬‬
‫‪-1‬العالقة التي تجمع بين الميثاق والحاجة‪ ،‬هو أن الميثاق يضع المعايير‬
‫والقوانين والمبادئ التي تنظم سلوك األفراد وتؤطر حاجياتهم‪.‬‬
‫‪-2‬لكل مؤسسة نظام تراتبي‪ .‬هكذا فلفظ <الشخصي> يدل على الطريقة التي‬
‫يتموضع من خاللها كل فرد من أفراد الجماعة‪ ،‬كما يدل على الطريقة التي‬
‫تتوزع بها السلطة واألدوار والمهام بين األفراد‪.‬‬
‫‪-3‬كل مؤسسة تخضع لميثاق ينظم العمل داخلها‪ ،‬كما يحدد قوانين الشغل‬
‫والعالقات بين العمال ورب العمل‪ .‬لكن هذا الميثاق ال يتكفل بحل المشكالت‬
‫النفسية الناتجة عن العمل ألنها تخرج عن اختصاصه‪ ،‬كما أنها مشكالت‬
‫يصعب ضبطها والتحكم فيها‪ ،‬فضال عن أنها تختلف من فرد آلخر‪.‬‬
‫التعاريف‪:‬‬
‫‪-1‬المؤسسة‪ :‬هي نظام اجتماعي يخضع لميثاق وقوانين منظمة‪ ،‬الهدف منها هو‬
‫تلبية حاجيات إنسانية انطالقا من وسائل وأجهزة مادية‪.‬‬
‫‪-2‬الحاجة‪:‬هي الضرورة البيولوجية التي تتوقف عليها حياة اإلنسان والحيوان‪.‬‬
‫‪-3‬الميثاق‪ :‬هو مجموعة من القوانين والقواعد التي تتحكم في سلوك األفراد‬
‫داخل مؤسسة من المؤسسات‪.‬‬
‫‪- 4       ‬األسرة‪ :‬هي مؤسسة اجتماعية تتم من خالل ميثاق يجمع بين أب وأم‪،‬‬
‫وتهدف إلى تربية األطفال وتعليمهم مجموعة من المبادئ والعادات والتقاليد‬
‫التربوية‪.‬‬

‫المستوى الحجاجي‪:‬‬
‫اعتمد صاحب النص على مجموعة من اآلليات واألساليب الحجاجية للدفاع عن‬
‫أطروحته وتوضيح معنـى المؤسسة وعملها‪ ،‬وتمثلت هذه األساليب أساسا في‬
‫التفسير والشرح وإعطاء األمثلة كاألسرة والمصنع‪.‬‬
‫كل مؤسسة تتحكم في التكوين الثقافي لألفراد عن طريق مذهب أو عقيدة‬ ‫‪.1‬‬
‫(ميثاق (‬
‫تحديد األسرة كأعظم مؤسسة من المؤسسات األخرى (كالمصنع (‬ ‫‪.2‬‬
‫المؤسسة تعمل على تلبية حاجات األفراد التي من أجلها خلق وذلك من خالل‬ ‫‪.3‬‬
‫الميثاق‬
‫استنتاج‪:‬‬
‫إن معظم السيكولوجيين يؤكدون على ال دور الفع ال للمؤسس ة في التك وين‬
‫الثقافي للفرد‪ ،‬فباإلضافة إلى اللغة يعتبر مالينوفسكي المؤسسة مظه را من‬
‫المظاهر الثقافي ة‪ ،‬والغ رض من تأس يس المؤسس ة ه و التحكم في الحاج ة‬
‫وتحويل له ا من بع د ط بيعي إلى بع د ثق افي ‪ ،‬كم ا تخض ع المؤسس ة إلى‬
‫ميث اق وه و مجم وع القواع د والق وانين والع ادات ال تي تنظم الس لوكات‬
‫والتصرفات داخل المؤسس ة‪ ،‬وق د ق دم مالينوفس كي أمثل ة للمؤسس ة هي ‪:‬‬
‫األسرة والمصنع والدولة ‪ ،‬فبالرغم من االختالف والتب اين الحاص ل بينه ا‬
‫على مستوى القيمة واألهمية فإنها تشترك في نفس الخصائص والمم يزات‬
‫السالفة الذكر‪:‬‬

‫قيامها على حاجة بيولوجية غريزية‬ ‫‪‬‬


‫تحكمها في هذه الحاجة الغريزية البيولوجيةبهدف تحويلها وإشباعها‬ ‫‪‬‬
‫خضوعها للميثاق وقانون منظم‬ ‫‪‬‬
‫اعتمادها على جهاز مادي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وبالتالي اعتبر اإلنسان ك ائن ثق افي يعيش داخ ل المؤسس ات‪ ،‬ومن خالله ا‬
‫يلبي جميع حاجياته بطرق مختلفة‪ ،‬بحيث يستعمل جهازا مادي ا في أنش طته‬
‫المرتبطة بالمؤسسة لتحقيق أهداف الجماعة‪.‬‬
‫خالصة‪:‬‬
‫إن اإلنسان كائن ثقافي منتج للثقافة ونتاج في لها نفس الوقت‪ ،‬وتتجلى ثقافته‬
‫في عدة مظاهر من أهمها اللغة والمؤسسات‪ ،‬هكذا يعتبر اإلنسان كائنا‬
‫لغويا يبتكر منظومة لغوية رمزية تتميز بالتمفصل‪ ،‬وبارتباطها بالوعي‬
‫والعقل لدى اإلنسان‪ ،‬وهو ما يجعلها لغة إبداعية ومتطورة عكس اللغة‬
‫الحيوانية التي تظل مجرد وظائف بيولوجية وغريزية‪ ،‬كما تتجلى ثقافة‬
‫اإلنسان في ابتكاره للمؤسسات التي ينظم من خاللها حاجاته عبر ميثاق‬
‫وقوانين‪.‬‬

You might also like