You are on page 1of 38

‫مقدمة‬

‫ال تقتصر ممارسة التجارة على األفراد الطبيعيين فحسب بل تتعدى ذلك لتشمل‬
‫مشروعات ضخمة ترتكز على عدد كبير من الطاقات الفردية والمالية حتى تحقق أهدافا‬
‫اقتصادية‪ ،‬وهذه المشروعات تتمثل فيما يسمى بالشركات‪ ،‬والتي تنقسم إلى صنفين‪ :‬شركات‬
‫األ شخاص التي يعتمد نظامها على شخصية الشريك والثقة المتبادلة بين الشركاء‪ ،‬والصنف‬
‫الثاني من الشركات ال تعطي اهتماما لشخصية الشريك بقدر ما تهتم باألموال التي يقدمها‬
‫للشركة‪ ،‬ذلك ألن تأسيسها يتطلب رؤوس أموال ضخمة حتى تتسنى لها ممارسة النشاط‬
‫التجاري والتي تسمى بشركات األموال‪.‬‬

‫وتعتبر شركات المساهمة النموذج األمثل لشركات األموال‪ ،‬فهي تعد بحق اإلطار‬
‫القانوني األنسب لكي تمارس المقاوالت الكبرى في االقتصاد نشاطها التجاري‪ ،‬فهي بالفعل‬
‫أهم أعمدة التقدم التجاري والصناعي الذي أحرزه االنسان‪ ،‬كما تعد أقوى أداة لتحقيق‬
‫المشروعات الضخمة الكبرى‪ ،‬وأنجع وسيلة لالستثمار وتعبئة االدخار وأفضل شركة لجمع‬
‫االرباح الطائلة‪.1‬‬

‫لذا عملت مختلف التشريعات على سن قوانين كان الهدف منها حماية هذا النوع من‬
‫الشركات وحماية المساهمين فيها‪ ،‬فقامت بتنظيم أحكامها بالتفصيل‪ ،‬حتى ال تترك ثغرة في‬
‫قوانينها بدءا من مرحلة التأسيس وانتهاء بمرحلة انحاللها بتصفيتها في األخير‪.‬‬

‫وفي هذا السياق قام المشرع المغربي بإصدار مجموعة من القوانين لتنظيم شركات‬
‫المساهمة‪ ،‬حيث كانت هذه االخيرة تخضع لظهير ‪ 11‬غشت ‪ 1922‬الذي كان يكتفي باإلحالة‬
‫فيما يتعلق بتنظيم هذه الشركات على القانون الفرنسي لسنة ‪ ،1867‬ويرى بعض الفقه بأن‬
‫هذا التشريع كان ناقصا وغير متالئم‪ ،‬وذلك من ناحية كون الحماية التي سعى إلى توفيرها‬
‫للمدخرين من االحتيال والتالعب لم تكن كافية‪ ،‬خاصة بسبب غياب الجزاءات الزجرية أو‬

‫‪1‬عز الدين بنستي‪ ،‬الشركات في القانون المغربي‪ ،‬الجزء االول‪ ،‬الطبعة االولى ‪.74 .2014‬‬

‫]‪[2‬‬
‫عدم كفايتها مما فتح المجال لتأسيس شركات مساهمة وهمية أو ضعيفة البنيان والرأس المال‪،‬‬
‫ومن ناحية أخرى ألن ذلك التشريع قصر اهتمامه في توفير الحماية لالدخار‪ ،‬ولم يول كبير‬
‫األ همية للمناخ الذي يجب أن تعمل فيه الشركة‪ ،‬فلم ينتبه إلى مجموعة من المعوقات التي‬
‫تعرقل سيرها‪ ،‬وأخيرا تعامل هذا التشريع مع شركات المساهمة كما لو أنها كانت من نمط‬
‫واحد‪ ،‬فقرر أحكاما متماثلة لها ال تميز بين تلك التي تلجأ إلى االكتتاب العام‪ ،‬وبين تلك التي‬
‫ال تلجأ إلى ذلك‪.1‬‬

‫لهذه األسباب بدأ التفكير جديا منذ نهاية السبعينيات‪ ،‬وخاصة منذ سنة ‪ ،1976‬في‬
‫إصدار قانون يأخذ بعين االعتبار التحوالت التي عرفها االقتصاد الوطني والدولي‪،‬‬
‫والتطورات التي عرفتها القوانين المنظمة للشركات في أغلب الدول‪ ،‬ويحاول تجاوز سلبيات‬
‫التشريع المطبق الذي كان سببا للعديد من المشاكل القانونية واالقتصادية‪.2‬‬

‫ولهذا الغرض تم تكليف لجنة مكونة من باحثين وجامعيين وأساتذة وقضاة من أجل‬
‫صياغة قانون جديد لشركات المساهمة يتجاوز عيوب وثغرات ونقائص المنظومة التشريعية‬
‫المتقادمة‪ ،‬وهو القانون رقم ‪ 17.95‬الذي خرج إلى حيز التنفيذ بسرعة فائقة في الدورة‬
‫الربيعية لسنة ‪.1996‬‬

‫وهذا القانون عرف بدوره بعض التنقيحات بمقتضى تعديل أجرى عليه سنة ‪2008‬‬
‫بواسطة القانون رقم ‪ 20.05‬والذي كان الغرض منها تبسيط إجراءات تأسيس شركة‬
‫المساهمة‪ ،‬ضبط أكثر لصالحيات أجهزة التسيير والمراقبة‪ ،‬والتخفيف من طابعه الزجري‬
‫فيما يتعلق بالتعامل مع المخالفات المنصوص عليها فيه‪ .3‬ثم تال هذا التعديل‪ ،‬صدور كل من‬
‫القانون ‪ 78.12‬في ‪ 29‬يوليوز ‪ 2015‬والقانون ‪ 20.19‬الصادر في ‪ 29‬أبريل ‪،2019‬‬
‫المتممان والمعدالن للقانون ‪.17.95‬‬

‫يقصد بتأسيس شركات المساهمة مجموع األعمال القانونية والمادية التي تجتمع فيما‬
‫بينها إلخراج هذا الكيان القانوني إلى الواقع‪ ،‬طبقا لقواعد وإجراءات قانونية آمرة‪ ،‬ويتميز‬

‫‪1‬فؤاد معالل‪ ،‬شرح القانون التجاري الجديد‪ ،‬الجزء الثاني الشركات التجارية‪ ،‬دار االفاق المغربية‪ ،‬الطبعة الخامسة ‪ .2016‬ص ‪.177‬‬
‫‪ 2‬عالل فالي‪ ،‬مفهوم رأس المال في شركة المساهمة‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبعة دار السالم‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،2013‬ص ‪،12‬‬
‫‪3‬فؤاد معالل‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.178‬‬

‫]‪[3‬‬
‫تأسيس شركات المساهمة بأنه ال يتم بمجرد انعقاد عقد الشركة ‪ ،‬بل يتطلب األمر إجراءات‬
‫معقدة تستغرق وقتا طويال نصت عليها المادة ‪ 17‬من قانون شركات المساهمة‪ ،‬وهي إجراءات‬
‫تستهدف التأكد من جدية الشركة وصحة تكوينها حماية لمدخرات المساهمين‪.‬‬

‫وتعتبر هذه المرحلة أهم مرحلة في حياة الشركة‪ ،‬ألن نتيجتها النهائية هي من تحدد‬
‫مصير الشركة‪ ،‬ولذلك فإن نجاح هذه االخيرة رهين بمدى احترامها لإلجراءات القانونية التي‬
‫يجب اتباعها خالل هذه المرحلة‪ ،‬الن المشاريع الناجحة ليست هي مشاريع الصدفة واالرتجال‬
‫والعشوائية‪ ،‬وإنما هي المشاريع التي تحكمها ضوابط صارمة ومنهجية عمل واضحة وتخطيط‬
‫عقالني دقيق يراعي مختلف العوامل الداخلية والخارجية التي تؤثر على الشركة وإدارتها‬
‫المالية‪ ،‬إال أن تأسيس الشركة قد يصاحبه مجموعة من المخاطر التي قد تؤثر على الثقة التي‬
‫تعتبر عصب التجارة واألعمال‪ ،‬كاالحتيال وإنشاء الشركات الوهمية‪ ،‬وهو ما يدفعنا لطرح‬
‫االشكالية التالية‪:‬‬

‫إلى أي حد استطاع المشرع المغربي بأن يوازن بين توفير اجراءات تأسيسية غير معقدة‬
‫تشجع على االستثمار في شركات المساهمة‪ ،‬وبين الحفاظ على الثقة والقيم األخالقية‬
‫السائدة في ميدان األعمال المغربي؟‬
‫وتتفرع عن هذه اإلشكالية مجموعة من التساؤالت الفرعية يمكن إجمالها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬ما هي االجراءات المتطلبة قانونا لتأسيس شركة المساهمة؟‬
‫‪ -‬هل هناك اختالف بين تأسيس شركة المساهمة التي تدعو الجمهور إلى االكتتاب وبين‬
‫تلك التي ال تدعو إلى ذلك؟‬
‫‪ -‬من هم األشخاص المسؤولون عن عملية التأسيس؟‬
‫‪ -‬ما هي الطبيعة القانونية لتصرفات المؤسسين خالل فترة التأسيس؟‬
‫لإلجابة على هذه االشكاليات المطروحة سنعتمد منهجا تحليليا‪ ،‬وذلك من خالل تحليل المواد‬
‫القانونية المتعلقة بتأسيس شركات المساهمة‪ ،‬مع تعزيزه بمقتضيات القانون المقارن‪ ،‬ألجل‬
‫هذا ارتأينا تقسيم موضوع البحث على الشكل التالي‪:‬‬
‫المبحث االول‪ :‬إعداد النظام األساسي وتوقيعه‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬االكتتاب في رأسمال شركة المساهمة وإجراءات شهرها‪.‬‬

‫]‪[4‬‬
‫المبحث األول‪ :‬إعداد النظام األساسي وتوقيعه‬

‫تتميز مرحلة تأسيس شركات المساهمة بوجوب القيام بمجموعة من اإلجراءات القانونية التي‬
‫تهدف لحماية اإلقتصاد الوطني وحماية المكتتبين بأسهمهم نظرا لضخامة المشروعات التي‬
‫تتولى تنفيذها‪ ،‬وأول إجراء أوجبه المشرع لتأسيس هذه الشركات‪ :‬هو إعداد النظام األساسي‬
‫من قبل المؤسسين الذين يتفقون على بنود النظام األساسي وشروطه‪.‬‬
‫إن دراسة عملية تأسيس شركة المساهمة‪ ،‬يقتضي منا التعرف على "محركها" أي‬
‫المؤسسون )المطلب األول(‪ ،‬ثم التطرق إلجراءات إعداد النظام األساسي)المطلب الثاني(‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مؤسسو شركات المساهمة‬

‫تنشأ فكرة تأسيس شركة المساهمة في ذهن بعض األشخاص الذين يسمون‬
‫بالمؤسسين‪ ،‬فيقوم هؤالء بالبحث في كل ما يتعلق بمشروعهم االقتصادي من أجل تحويله إلى‬
‫حقيقة واقعية‪ ،‬ولتحقيق ذلك يقوم المؤسسون بمجموعة من اإلجراءات القانونية الضرورية‬
‫لتأسيس شركة المساهمة‪ .‬وعموما لإلحاطة بالموضوع‪ ،‬سنتناول في الفقرة األولى مفهوم‬
‫المؤسس‪ ،‬على أن نخصص الفقرة الثانية للحديث عن المركز القانوني للمؤسس‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مفهوم المؤسس‬

‫إن إقدام األفراد على االكتتاب في أسهم شركة المساهمة ال يعتمد فقط على المزايا‬
‫المتوقع تحقيقها من مشروع إنشاء الشركة‪ ،‬إنما يعتمد كذلك على ما يتميز به المؤسس من‬
‫سمعة طيبة ومدى نزاهته وكفاءته‪ ،‬باإلضافة إلى خبرته في مجال موضوع وغرض الشركة‪.‬‬

‫سنحاول أن نتطرق في هذه الفقرة إلى تعريف المؤسس (أوال)‪ ،‬ثم الشروط الواجب‬
‫توافرها فيه(ثانيا)‪.‬‬

‫]‪[5‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف المؤسس‬

‫اختلف الفقه والقضاء في إعطاء تعريف موحد للمؤسس‪ ،‬بين موسع لهذا المفهوم‪،‬‬
‫ومضيق له‪.‬‬

‫أ‪-‬االتجاه التقليدي المضيق لمعنى المؤسس‪ :‬يرى أنصار هذا االتجاه أنه البد من التضييق‬
‫من مفهوم المؤسس‪ ،‬بحيث تقتصر صفة المؤسس على األشخاص الذين قاموا بالتوقيع على‬
‫عقد الشركة فقط‪ 1‬ألنه وحدهم من تتوفر لديهم نية تحمل المسؤوليات الناجمة عن تأسيس‬
‫شركة المساهمة‪ ،‬ووفقا لهذا االتجاه ال يعتبر من المؤسسين األشخاص الذين يقومون بالدعاية‬
‫لمشروع الشركة والترويج له‪ ،‬كما ال يعتبر مؤسسا الشخص الذين يقتصر عمله على مجرد‬
‫‪2‬‬
‫إقناع المدخرين باالكتتاب بأسهم الشركة‪.‬‬

‫وقد تعرض هذا االتجاه لعدة انتقادات‪ ،‬فمن جهة قد يؤدي تضييق أنصار هذا االتجاه‬
‫لمفهوم المؤسس إلى إفالت أشخاص ساهموا بشكل مباشر في إنجاز مشروع الشركة وإبرازه‬
‫إلى الوجود من المسؤولية المدنية والجنائية في حالة إلحاق أضرار بمصالح المكتتبين‬
‫واالقتصاد الوطني‪ ،‬وفي حالة مخالفة النصوص القانونية المتعلقة بتأسيس شركة المساهمة‪،‬‬
‫ومن جهة أخرى فإنه ليس كل من قام بإجراء قانوني يعد مؤسسا‪ ،‬بدليل أنه يمكن أن يكون‬
‫أحد األشخاص الذين قاموا باإلجراءات القانونية لتأسيس الشركة ليس لهم نية تحمل المسؤولية‬
‫‪3‬‬
‫المترتبة عن ذلك‪.‬‬

‫ب‪-‬االتجاه الحديث الموسع لمعنى المؤسس‪ :‬يعتبر مؤسسا وفقا لهذا االتجاه الحديث كل‬
‫شخص كان وراء تأسيس الشركة‪ ،‬وكان من المحركين األساسيين لوجودها‪ ،‬ولو لم يكن من‬
‫بين الموقعين على عقد الشركة‪4.‬غير أن هذا التوسع في مفهوم المؤسس يصعب األخذ به‬

‫‪1‬عبد القادر حمر العين‪ ،‬المركز القانوني للشريك المؤسس في شركة المساهمة قيد التأسيس‪ ،‬مقال منشور بمجلة جامعة األمير عبد‬
‫القادر للعلوم اإلسالمية‪ ،‬قسنطينة الجزائر‪ ،‬المجلد ‪ ،34‬العدد ‪ ،03‬السنة الجامعية ‪.2020‬ص ‪.1228‬‬
‫‪2‬نطاح نور الدين‪ ،‬بوجالل سيف الدين‪ ،‬النظام القانوني لشركة المساهمة في طور التأسيس‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماستر أكاديمي‪،‬‬
‫جامعة محمد بوضياف المسيلة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ .2021/2020‬ص ‪.10-9‬‬
‫‪3‬محمد فتاحي‪ ،‬المركز القانوني للمؤسس في شركات المساهمة في القانون الجزائري‪ ،‬دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬العدد ‪ ،08‬جامعة‬
‫قاصدي مرباح ورقلة‪ .2009 ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪4‬د‪.‬إلياس ناصيف‪ ،‬تأسيس الشركة المغفلة‪ ،‬الجزء السابع‪ .2008 ،‬ص ‪.82‬‬
‫]‪[6‬‬
‫عندما نكون بصدد تطبيق الجزاءات الجنائية ألنه يتعارض مع مبدأ التفسير الضيق للقانون‬
‫‪1‬‬
‫الجنائي‪.‬‬

‫وعلى الرغم من هذا االعتراض‪ ،‬فإن هذا االتجاه هو الذي يكرسه القضاء في فرنسا‪،‬‬
‫حيث استقرت محكمة النقض الفرنسية في هذا الخصوص على إضفاء صفة المؤسس على‬
‫كل من يساهم في تنظيم ووضع الشركة في حالة حركة وتشغيل‪ ،‬واعتبار كل من شارك في‬
‫التنظيمات واإلجراءات الالزمة لتأسيس الشركة مؤسسا بشرط أن تكون طبيعة هذا االشتراك‬
‫‪2‬‬
‫تسمح باالعتقاد أنهم شاركوا في إنشاء وتكوين الشركة‪.‬‬

‫وعلى المستوى القانوني فإن التشريع المغربي جاء خاليا من أي تعريف للمؤسس‪ ،‬مع‬
‫أنه أشار إليه في كثير من مواد قانون‪317.95‬المتعلق بشركات المساهمة كما تم تعديله‬
‫وتتميمه بمقتضى قانون رقم ‪.420.05‬‬

‫غير أنه رغم عدم تبني القانون المغربي تعريفا صريحا للمؤسس‪ ،‬إال أنه يمكن القول‬
‫أن المشرع المغربي يأخذ بالمفهوم الواسع للمؤسس الذي يعتبر كذلك حينما يشترك اشتراكا‬
‫فعليا أو ماديا في تأسيس الشركة عن طواعية و بإرادة تامة حتى ولو لم يتم تأسيسها‪ 5،‬وذلك‬
‫عندما نص في المادة ‪ 27‬من قانون ‪17.95‬على أنه‪" :‬يسأل األشخاص الذين قاموا بعمل‬
‫باسم الشركة في طور التأسيس وقبل اكتسابها الشخصية المعنوية‪ ،‬على وجه التضامن وبصفة‬
‫مطلقة‪ ،‬عن األعمال التي تمت باسمها إال إذا تحملت الجمعية العامة‪."...‬‬

‫وعلى خالف التشريع المغربي فإن بعض التشريعات العربية اجتهدت في تعريف‬
‫المؤسس‪ ،‬وذلك تسهيال لمهمة القضاء وتوحيدا للمعايير واالجتهادات‪ ،‬وكان في مقدمتها‬

‫‪1‬سميحة القليوبي‪ ،‬الشركات التجارية‪ ،‬دار النهضة العربية القاهرة‪ ،‬الطبعة الخامسة ‪ ،2011‬ص ‪.600‬‬
‫‪2‬بن قرينة عمر‪ ،‬قويدري عبد العزيز‪ ،‬النظام القانوني للمؤسس في شركات المساهمة‪ ،‬مذكرة مقدمة ضمن استكمال متطلبات نيل‬
‫شهادة ماستر أكاديمي في الحقوق‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ . 2019/2018‬ص‬
‫‪.11‬‬
‫‪3‬صدر بتنفيذه الظهير الشريف ‪ 1.96.124‬صادر في ‪ 30‬أغسطس ‪ 1996‬المنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 4422‬بتاريخ ‪17‬‬
‫أكتوبر ‪ 1996‬ص ‪.2320‬‬
‫‪4‬صدر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.08.18‬بتاريخ ‪ 23‬ماي ‪ 2008‬المنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 5639‬بتاريخ ‪ 16‬يونيو‬
‫‪ 2008‬ص ‪.1359‬‬
‫‪5‬عبد الرحيم شميعة‪ ،‬الشركات التجارية في ضوء أخر التعديالت القانونية‪ ،‬مطبعة وراقة سجلماسة‪ ،‬الزيتون مكناس‪ ،‬طبعة ‪.2016‬‬
‫ص ‪.226‬‬
‫]‪[7‬‬
‫القانون المصري رقم ‪ 159‬سنة ‪ ،11981‬حيث نص في المادة ‪ 7‬على أنه‪" :‬يعتبر مؤسسا‬
‫للشركة كل من يشترك اشتراكا فعليا في تأسيس الشركة بنية تحمل المسؤولية الناشئة عن ذلك‬
‫ويسري عليه حكم المادة ‪ 89‬من هذا القانون‪ ،‬ويعتبر مؤسسا على وجه الخصوص كل من‬
‫وقع العقد االبتدائي‪ ،‬أو طلب الترخيص في تأسيس الشركة أو قدم حصة عينية عند تأسيسها‪.‬‬

‫وال يعتبر مؤسسا من يشترك في التأسيس لحساب المؤسسين من أصحاب المهن الحرة‬
‫وغيرهم"‪.‬‬

‫يتبين من خالل هذه المادة‪ ،‬أن ثمة عنصرين لتعريف المؤسس هما؛ االشتراك الفعلي‬
‫في التأسيس ونية تحمل المسؤولية‪ ،‬وبدون تحقق هذين العنصرين معا‪ ،‬ال تكون للشخص‬
‫صفة المؤسس‪ ،‬وأكثر من ذلك اعتبر المشرع المصري أنه لكي يكتسب الشخص صفة‬
‫‪2‬‬
‫المؤسس يجب أن يتم التأسيس لحسابه الشخصي وليس لحساب سواه‪.‬‬

‫وقد تعرضت عبارة "بنية تحمل المسؤولية الناشئة" والواردة في الفقرة األولى من‬
‫المادة السابعة النتقاد ألن من شأنها أن تضع قيدا إلضفاء صفة المؤسس على كل من يشترك‬
‫اشتراكا فعليا في تأسيس الشركة وهو غير شريك‪ ،‬حيث يكفي لإلفالت من هذه الصفة ‪-‬‬
‫وبالتالي من المسؤولية المشددة للمؤسس‪ -‬إثبات أنه لم يقصد تحمل المسؤولية الناشئة عن‬
‫‪3‬‬
‫اشتراكه رغم دوره الفعال والمؤثر في تأسيس الشركة‪.‬‬

‫بقي أن نشير إلى أنه كثيرا ما يقع الخلط بين مفهوم المساهم والمؤسس والمكتتب‪،‬‬
‫خاصة و أن المشرع المغربي لم يميز بينهم سوى من حيث اللفظ‪ ،‬إال أن التفرقة بين هؤالء‬
‫قد تقلصت بعد إلغاء قانون ‪ 17.95‬للجمعية التأسيسية‪ ،‬ومع ذلك نستطيع أن نجزم أن المؤسس‬
‫هو كل من يشترك اشتراكا فعليا في تأسيس الشركة بنية تحمل المسؤولية الناشئة عن ذلك‪،‬‬
‫والمكتتب هو الشخص الذي يعلن عن إرادته في االشتراك في شركة محتملة أو مستقبلية‪ ،‬أما‬

‫‪1‬القانون رقم ‪ 159‬لسنة ‪ 1981‬بإصدار قانون شركات المساهمة وشركات التوصية باألسهم وشركات ذات المسؤولية المحدودة‪،‬‬
‫المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 40‬في أول أكتوبر سنة ‪.1981‬‬
‫‪2‬إلياس ناصيف‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص‪.83‬‬
‫‪3‬سميحة القليوبي‪ ،‬المرجع المذكور‪.‬ص‪.602-601‬‬
‫]‪[8‬‬
‫المساهم فهو الشخص الذي وقع على النظام األساسي طبقا للمادة ‪ 17‬من قانون شركات‬
‫‪1‬‬
‫المساهمة التي تنص على انه ‪..." :‬توقيع النظام األساسي من جميع المساهمين‪."...‬‬

‫ثانيا‪ :‬الشروط الواجب توافرها في المؤسس‬

‫‪-1‬أهلية المؤسس‪ :‬نجد أن المادة ‪ 337‬من قانون شركات المساهمة تنص على أن انعدام‬
‫األهلية ال يبطل العقد بطالنا مطلقا إال في حالة انعدام أهلية جميع المؤسسين‪.‬‬

‫انطالقا من هذه المادة‪ ،‬يتبين أنه ال مانع من تأسيس شركة من طرف أشخاص ناقصي‬
‫أو عديمي األهلية‪ ،‬حيث يكفي فقط أن يكون مؤسسا واحد من بين مؤسسي شركة المساهمة‬
‫كامل األهلية‪ ،‬وهو نفس موقف القانون الفرنسي‪.‬‬

‫غير أنه ليس من السهل قبول هذا التوجه‪ ،‬خاصة وأن المادة ‪ 27‬من قانون شركات‬
‫المساهمة تحمل المؤسسين المسؤولية التضامنية عن التصرفات المنجزة باسم الشركة خالل‬
‫مرحلة التأسيس إذا لم تتبناها الجمعية العامة األولى العادية أو غير العادية للشركة‪ ،‬فكيف‬
‫يمكن أن نحمل المسؤولية لمن كان ناقص أو عديم األهلية‪2‬؟ والرأي فيما نعتقد‪ ،‬بأنه ال يمكن‬
‫األخذ بهذا المقتضى المتعلق بأهلية المؤسس‪ ،‬بل يجب الرجوع بخصوص هذه األخيرة إلى‬
‫القواعد العامة‪.‬‬

‫‪ -2‬الحد األدنى لعدد المؤسسين‪ :‬حددت المادة األولى من قانون شركات المساهمة الحد األدنى‬
‫لعدد المساهمين الذي ال يجب أن يقل عن خمسة مساهمين‪ ،‬بعدما كان القانون القديم )ظهير‬
‫‪ 11‬غشت ‪ (1922‬يحدده في سبعة مساهمين‪.‬‬

‫غير أن تخفيض عدد المساهمين إلى خمسة في ظل القانون الحالي‪ ،‬تعرض للعديد من‬
‫االنتقادات من قبل الفقه الذي يرى أن هذا العدد ال يناسب البناء الرأسمالي للشركة الذي يتطلب‬
‫عددا كبيرا من المساهمين وذلك لتمييزها عن الشركة ذات المسؤولية المحدودة‪.‬‬

‫‪1‬احمد شكري سباعي‪ ،‬الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع االقتصادي‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬شركات المساهمة‪ ،‬مطبعة المعارف‪،‬‬
‫الجديدة الرباط‪ ،‬طبعة ‪ .2012‬ص ‪.91‬‬
‫‪2‬شميعة‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.228‬‬
‫]‪[9‬‬
‫كما أن األصل في شركة المساهمة أن تكون مفتوحة غير أن تطلب عدد قليل من‬
‫الشركاء يفتح المجال أمام جعلها شركة مغلقة‪ ،‬باإلضافة إلى أن الحد األدنى للشركاء يفتح‬
‫‪1‬‬
‫باب التحايل على النصوص الذي تفرضه‪.‬‬

‫ومهما يكن يجب أن يكون المساهمون شركاء حقيقيين‪ ،‬بحيث إذا ثبت أن الشركة‬
‫تأسست بشركاء وهميين أو إذا تقلص عددهم إلى ما يقل عن خمسة لمدة تزيد عن سنة جاز‬
‫‪2‬‬
‫للقضاء أن يقضي بحلها بناء على طلب كل ذي مصلحة‪.‬‬

‫في المقابل لم يضع المشرع المغربي حد أقصى لهذا العدد‪ ،‬لكونه يتنافى مع طبيعة‬
‫شركة المساهمة التي تعتمد على المشروعات الكبرى التي تحتاج إلى عدد كبير من‬
‫‪3‬‬
‫المساهمين‪.‬‬

‫وبخالف ما سبق فإن المشرع المغربي لم يقم بتحديد ال الحد األدنى وال األقصى لعدد‬
‫‪4‬‬
‫المؤسسين‪ ،‬حيث يمكن لشخص واحد أن يباشر عملية التأسيس‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى التشريعات العربية نجدها قد خالفت هذا النهج‪ ،‬وذهبت إلى وجوب توافر‬
‫حد أدني ل عدد المؤسسين في شركة المساهمة‪ ،‬نظرا ألهمية المشاريع الكبرى المسندة لهذه‬
‫الشركات‪ ،‬ولكن هذه التشريعات تختلف فيما بينها في تحديد الحد األدنى لعدد المؤسسين‪.‬‬
‫فالقانون المصري يشترط ثالثة مؤسسين لتأسيس شركة المساهمة (المادة ‪ 8‬من القانون رقم‬
‫‪ 159‬سنة ‪ ،)1981‬وهو نفس العدد الذي يشترطه القانون اللبناني (المادة ‪ 79‬من قانون التجارة‬
‫اللبناني)‪ ،‬أما القانون السوري فقد حدد هذا العدد في خمسة مؤسسين‪ ،‬بينما يكتفي القانون‬
‫األردني الجديد بمؤسسين إثنين‪.‬‬

‫‪-3‬يتوجب على المؤسس طبقا للمادة ‪ 38‬من قانون ‪ 17.95‬كما جرى تعديلها بالقانون رقم‬
‫‪ ،20.05‬أال يكون من األشخاص الذين سقط عليهم حق إدارة أو تسيير شركة المساهمة‪ ،‬أو‬
‫الذين يمنع عليهم ممارسة هذه المهام‪ ،‬وكذا من سبق الحكم عليهم منذ اقل من خمس سنوات‬

‫‪1‬خديجة مضي‪ ،‬الوجيز في قانون الشركات‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ .2019‬ص ‪.128‬‬


‫‪2‬فؤاد معالل‪ ،‬المرجع المذكور‪ ،‬ص ‪.183‬‬
‫‪3‬عبد القادر امغار‪ ،‬الحماية القانونية لتأسيس شركة المساهمة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر قوانين التجارة واالعمال‪ ،‬جامعة محمد‬
‫االول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ .2012/ 2011:‬ص ‪.15‬‬
‫‪4‬عبد القادر امغار‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.15‬‬
‫]‪[10‬‬
‫الرتكابهم جريمة السرقة أو االختالس أو خيانة األمانة أو النصب‪ ،‬حيث إن تحقق إحدى هذه‬
‫‪1‬‬
‫الحاالت تجعله بصريح المادة ال يصلح أن يكون مؤسسا أو من مؤسسي شركات المساهمة‪.‬‬

‫وبخصوص هذا المنع من المشاركة في تأسيس شركة المساهمة‪ ،‬يمكن اإلدالء‬


‫‪2‬‬
‫بمالحظتين‪:‬‬

‫‪ -‬أن المشرع المغربي قد أغمض العين عن المسقط عنهم حق الرقابة‪ ،‬الذين ال تقل‬
‫مسؤوليتهم عن مسؤولية المسيرين‪ ،‬األمر الذي يجعل المادة ‪ 38‬من القانون رقم‬
‫‪ 17.95‬أضيق من المادة ‪ 711‬من مدونة التجارة التي نصت على أنه‪ ":‬يترتب عن‬
‫سقوط األهلية التجارية منع اإلدارة أو التسيير أو المراقبة بصفة مباشرة أو غير‬
‫مباشرة لكل مقاولة تجارية أو حرفية ولكل شركة تجارية ذات نشاط اقتصادي"‪.‬‬
‫‪ -‬أن المشرع تساهل مع أهل النصب واالختالس وخيانة األمانة والسرقة وهي من‬
‫الجرائم األكثر شيوعا وانتشارا في مجال األعمال سواء في القطاع الخاص أو العام‬
‫عندما حصر الحرمان في من سبق الحكم عليهم منذ اقل من خمس سنوات‪ ،‬إذ كان‬
‫عليه أن يحرمهم بصفة دائمة ليرتاح الناس و المجتمع من ويالتهم وضحاياهم‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المركز القانوني للمؤسس‬

‫إن عملية تأسيس الشركة غالبا ما قد تستغرق وقتا قد يطول أو يقصر بسبب لجوئها‬
‫أم ال لالكتتاب العام في أسهمها‪ 3‬وأثناء هذه الفترة قد يقدم مؤسسو الشركة على إبرام عدة‬
‫تصرفات مع األغيار من أجل التحضير إلنجاز الغرض االقتصادي للشركة بعد قيدها في‬
‫‪4‬‬
‫السجل التجاري‪.‬‬

‫وله ذا يمكن أن نتساءل عن الصفة التي يتصرف بها المؤسسون مع األغيار(ثانيا)‪ ،‬ثم طبيعة‬
‫العالقة التي تجمع المؤسسين فيما بينهم(أوال)‪.‬‬

‫‪1‬عبد الرحيم شميعة‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص‪.227‬‬


‫‪2‬بخصوص هذه المالحظات أنظر أحمد شكري سباعي‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.89-88‬‬
‫‪3‬فؤاد معالل‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.207‬‬
‫‪4‬سعيد الروبيو‪ ،‬الوجيز في قانون الشركات التجارية‪.2019 ،‬ص ‪.78‬‬
‫]‪[11‬‬
‫أوال‪ :‬عالقة المؤسسين فيما بينهم‪.‬‬

‫البد من التمييز بخصوص العالقة التي تجمع بين المؤسسين خالل فترة التأسيس‪ ،‬بين‬
‫مرحلتين‪ ،‬مرحلة ما قبل التوقيع على النظام األساسي‪ ،‬ومرحلة ما بعد التوقيع‪.‬‬

‫فقبل التوقيع على النظام األساسي يكون المؤسسون أمام فكرة إقامة مشروع تجاري‬
‫أو صناعي في شكل شركة المساهمة‪ ،‬ومن ثم فليست هناك عالقة تعاقدية تحدد التزامات‬
‫األشخاص الراغبين في االشتراك‪ ،‬بل هناك فقط مفاوضات أولية حول ما يلزم إلخراج فكرة‬
‫الشركة إلى حيز الوجود‪ ،1‬ويمكن لهذه الفكرة أن تتطور وتترجم إلى إعداد النظام األساسي‪.‬‬

‫وبالتوقيع على النظام األساسي تصبح عالقات المؤسسين خاضعة للنظام األساسي‬
‫والقواعد العامة طبقا للمادة ‪ 8‬من القانون المنظم لشركات المساهمة التي تنص على أنه‪" :‬إلى‬
‫غاية تقييد الشركة في السجل التجاري تبقى العالقات بين المساهمين خاضعة لعقد الشركة‬
‫وللمبادئ العامة للقانون المطبقة على االلتزامات والعقود"‪.‬‬

‫يتبين من خالل هذه المادة‪ ،‬أنه بالنسبة لتلك العالقات التي تجمع بين المؤسسين‪ ،‬فانه‬
‫يرجع أوال في تنظيمها إلى ما تم االتفاق عليه في عقد الشركة‪ ،‬وما لم يتم االتفاق عليه يرجع‬
‫‪2‬‬
‫فيخضع لمقتضيات قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬

‫وهو ما أكدته محكمة النقض في إحدى القرارات الصادرة عنها التي جاء فيها‪:‬‬
‫"بمقتضى المادة ‪ 8‬من قانون شركات المساهمة المحال عليها بمقتضى المادة األولى من‬
‫القانون رقم ‪ 5/96‬المتعلق بالشركات ذات المسؤولية المحدودة فانه ولغاية تقييد الشركة‬
‫بالسجل التجاري تبقى العالقات بين المساهمين خاضعة لعقد الشركة والمبادئ العامة للقانون‬
‫‪3‬‬
‫المطبقة على االلتزامات والعقود"‪.‬‬

‫ويترتب على توقيع النظام األساسي من طرف المؤسسين مجموعة من اآلثار القانونية‪،‬‬
‫وهي أن كل مؤسس ملزم بأن ينفذ ما التزم به بنفس العناية التي كان يبذلها في أداء األعمال‬

‫‪1‬سعيد الروبيو‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.77 76‬‬


‫‪2‬فؤاد معالل‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.20‬‬
‫‪3‬قرار محكمة النقض‪ ،‬بتاريخ‪ ،11/ 02/10‬رقم ‪ ،3/ 243‬في الملف عدد ‪ ،10/ 3/ 3/ 448‬بتاريخ ‪ ،11/02/10‬أورده محمد‬
‫بفقير‪ ،‬قانون شركات المساهمة والعمل القضائي المغربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ .2021 ،‬ص ‪.16‬‬
‫]‪[12‬‬
‫الخاصة به‪ ،‬وكل تقصير أو إهمال أو تفريط في هذه العناية يعتبر خطأ يرتب المسؤولية اتجاه‬
‫‪1‬‬
‫اآلخرين‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬عالقة المؤسسين باألغيار‬

‫إن االلتزام الرئيسي الملقى على عاتق المؤسسين هو تأسيس شركة المساهمة‪ ،‬ولتحقيق‬
‫هذا الهدف فان المؤسسين يقومون بإنجاز عدة أعمال‪ ،‬وذلك من أجل االستعداد للبدء في إنجاز‬
‫غرض الشركة بعد القيد في السجل التجاري‪ ،‬وكمثال لهذه األعمال‪ :‬كراء أو اقتناء عقار‬
‫التخاذه كمقر اجتماعي للشركة وإبرام عقود العمل وإبرام عقود مع المحامين من اجل تحرير‬
‫األنظمة األساسية وغيرها من األعمال‪.‬‬

‫بناء على ما سبق يمكن أن نتساءل عن المسؤول عن تنفيذ هذه العقود‪ ،‬هل الشركة بعد تمتعها‬
‫بالشخصية المعنوية أم األشخاص الذين تعاقدوا باسمها؟‬

‫هذه األعمال وما ينتج عنها من عالقات والتزامات ال تتحملها الشركة‪ ،‬ألن هذه األخيرة‬
‫ال تتواجد طوال فترة التأسيس كشخص معنوي بل تظل مجرد عقد‪ ،‬مادامت لم تقيد في السجل‬
‫التجاري‪ ،‬وبالتالي فان حياتها القانونية غير مكتملة ألنها ال تتمتع بأي حق وال تتحمل أي‬
‫التزام‪2.‬فمن حيث المبدأ األشخاص الذين أنجزوا هذه التصرفات هم المسؤولون بشكل شخصي‬
‫وبالتضامن عن تنفيذها‪ ،‬وال يمكن إعفاء هؤالء األشخاص إال في حالة تحمل الشركة مسؤولية‬
‫هذه التصرفات بعد قيدها في السجل التجاري‪3،‬وهو ما نصت عليه المادة ‪ 27‬من قانون‬
‫‪ 17.95‬المنظم لشركات المساهمة ‪":‬يسأل األشخاص الذين قاموا بعمل باسم الشركة في طور‬
‫التأسيس وقبل اكتسابها الشخصية المعنوية على وجه التضامن وبصفة مطلقة عن األعمال‬
‫التي تمت باسمها إال إذا تحملت الجمعية األولى العادية أو غير العادية للشركة االلتزامات‬
‫الناشئة عن هذه األعمال بعد تأسيسها وتقييدها بشكل قانوني‪ ،‬تعتبر حينئذ هذه االلتزامات كما‬
‫لو قامت بها الشركة منذ البداية "‪.‬‬

‫‪1‬عبد القادر امغار‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.20‬‬


‫‪2‬نورالدين الفقيهي‪ ،‬الشركة في طور التأسيس‪ :‬الوضع القانوني والتدابير الحمائية‪ ،‬مقال منشور بمجلة القضاء‪ ،‬عدد ‪ .2013 ،1‬ص‬
‫‪.259‬‬
‫‪3‬سعيد الروبيو‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.78‬‬
‫]‪[13‬‬
‫وقد قرر القانون من خالل هذه المادة مبدأ المسؤولية التضامنية والشخصية للمؤسسين‬
‫عن األعمال التي يجريها هؤالء لحساب الشركة في مرحلة التأسيس‪ ،‬في حالة إذا لم تتحملها‬
‫هذه األخيرة بعد قيدها في السجل التجاري‪ .‬وهذا المبدأ يوفر ضمانة لألغيار المتعاملين مع‬
‫المؤسسين‪ ،‬من حيث انه في كافة األحوال تكون حقوقهم محمية‪ ،‬بحيث إما أن تتحملها الشركة‬
‫‪1‬‬
‫بعد تأسيسها أو يظل المؤسسون مسؤولون عنها بصفة شخصية وتضامنية‪.‬‬

‫وبتحمل الشركة بعد قيدها في السجل التجاري مسؤولية هذه التصرفات تحل محل‬
‫مؤسسيها‪ ،‬وبالتالي تصبح هذه التصرفات وكأنها أبرمت منذ البداية من قبل الشركة‪ ،‬وهذا‬
‫التحمل يتم بطريقتين‪ ،‬فإما أن يتم بشكل تلقائي بعد قيد الشركة في السجل التجاري‪ ،‬وإما أن‬
‫يتم بناء على قرار الجمعية العامة للشركاء‪.‬‬

‫بالنسبة للطريقة األولى‪ ،‬يجب التمييز بين األعمال التي يجريها المؤسسون لحساب‬
‫الشركة قبل التوقيع على النظام األساسي من قبل المساهمين‪ ،‬حيث أجاز القانون للمؤسسين‬
‫وضع بيان األعمال المنجزة لحساب الشركة في طور التأسيس‪ ،‬وأرفقه بالنظام األساسي عند‬
‫تقديمه للتوقيع‪ ،‬ويعد توقيع المساهمين على هذا النظام بعد اطالعهم على بيان األعمال‪ ،‬قبوال‬
‫منهم بتحويل تلك األعمال إليها‪ ،‬فتلتزم بها الشركة عندما يتم تقييدها في السجل التجاري‪2.‬وبين‬
‫األعمال التي يجريها المؤسسون بعد التوقيع على النظام األساسي‪ ،‬فال تتحملها الشركة بشكل‬
‫تلقائي يوم تقييدها في السجل التجاري‪ ،‬إال في حالة قيام المساهمين بالتفويض لواحد أو أكثر‬
‫منهم بااللتزام لحساب الشركة بموجب النظام األساسي أو بمقتضى عقد مستقل‪ ،‬وتجدر‬
‫اإلشارة إلى أن هذه الحالة تتعلق فقط بشركات المساهمة التي ال تدعو الجمهور لالكتتاب‪ ،‬أما‬
‫إذا كانت تدعو الجمهور لالكتتاب‪ ،‬ال يترتب عن تقييد الشركة في السجل التجاري تحملها‬
‫لاللتزامات‪ ،‬إال إذا قررت الجمعية العامة األولى العادية أو غير العادية تحملها لتلك‬
‫‪3‬‬
‫االلتزامات‬

‫‪1‬فؤاد معالل‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.208‬‬


‫‪2‬تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 29‬من قانون شركات المساهمة على انه ‪":‬يوضع بيان األعمال المنجزة لحساب الشركة التي هي في‬
‫طور التأسيس طبقا للمادة ‪ 27‬مع اإلشارة إلى االلتزام الذي سيترتب عن كل عمل من هذه األعمال بالنسبة للشركة رهن إشارة‬
‫المساهمين وفق الشروط المنصوص عليها في المادة ‪ 26‬من هذا القانون‪.‬‬
‫ويترتب على توقيع النظام األساسي تحمل الشركة لهذه االلتزامات عندما يتم تقييد الشركة في السجل التجاري"‪.‬‬
‫‪3‬انظر الفقرتين الثانية والثالثة من المادة ‪ 29‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬
‫]‪[14‬‬
‫لكن إذا كان التصرف يتجاوز حدود الوكالة أو التفويض الممنوح للمتصرفين لحساب‬
‫الشركة‪ ،‬أو إذا تم إغفال ذكر التصرف في البيان المعروض على الشركاء للمصادقة عليه مع‬
‫النظام األساسي‪ ،‬فال مجال للحديث عن تحمل الشركة للمسؤولية بشكل تلقائي عند قيدها في‬
‫السجل التجاري‪ ،‬وإنما يقتضي األمر انعقاد الجمعية العامة للشركاء واتخاذ قرار بتحمل‬
‫‪1‬‬
‫الشركة مسؤولية هذه التصرفات) الطريقة الثانية(‬

‫وفي األخير تجدر اإلشارة إلى انه سواء تعلق األمر بتحمل الشركة لهذه األعمال بشكل‬
‫تلقائي بعد قيدها في السجل التجاري‪ ،‬أو بناء على قرار الجمعية العامة للشركاء‪ ،‬فإن الشركة‬
‫ال تتحمل إال التصرفات الضرورية إلنشاء الشركة أي التي لها عالقة بالتأسيس‪ ،‬أما إذا كان‬
‫التصرف يهدف إلى البدء بشكل فعلي في انجاز غرض الشركة دون انتظار تسجيلها بالسجل‬
‫التجاري‪ ،‬فالفقه والقضاء يعتبر في هذه الحالة الشركة في طور التأسيس بمثابة شركة ناشئة‬
‫‪2‬‬
‫بفعل الواقع‪ ،‬وهذه األخيرة تطبق عليها وفقا للتشريع المغربي أحكام شركة المحاصة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬إجراءات إعداد النظام األساسي‬

‫إن إعداد النظام األساسي هو أول إجراء أوجبه المشرع لتأسيس شركة المساهمة‪،‬‬
‫وذلك وفق الشكلية المحددة قانونا ً (الفقرة األولى)‪ ،‬إال أنه إذا لجأ المؤسسون إلى جمع رأسمال‬
‫الشركة عن طريق الجمهور‪ ،‬وجب إلى جانب إعداده إيداعه لدى الجهة المختصة (الفقرة‬
‫الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬شكلية إعداد النظام األساسي‬

‫بعد االتفاق على إقامة مشروع تجاري أو صناعي في شكل شركة مساهمة‪ ،‬وكذا على‬
‫المسائل الجوهرية لعقد الشركة‪ ،‬وجب في البداية إلخراج شركة المساهمة إلى الوجود‪ :‬تحرير‬
‫النظام األساسي(أوال)‪ ،‬بتضمينه لمجموعة من البيانات(ثانيا)‪.‬‬

‫‪1‬سعيد روبيو‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.81‬‬


‫‪2‬سعيد الروبيو‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.81‬‬

‫]‪[15‬‬
‫أوال‪ :‬تحرير النظام األساسي‬

‫ألزم المشرع المغربي لتأسيس شركة المساهمة‪ ،‬كتابة النظام األساسي للشركة في عقد‬
‫رسمي أو عرفي‪ ،‬وفي هذه الحالة األخيرة يجب أن يحرر في عدة أصول بالقدر الكافي إليداع‬
‫‪1‬‬
‫واحد منه في المقر االجتماعي‪ ،‬وللقيام بمختلف اإلجراءات المتطلبة‪.‬‬

‫ويعتبر النظام األساسي حجة بين المساهمين وال تقبل أي وسيلة إثبات أخرى ضد‬
‫‪2‬‬
‫مضمون النظام األساسي مالم تكن في شكل اتفاقات مكتوبة بينهم‪.‬‬

‫إال أنه إذا تعلق األمر بإثبات وجود الشركة‪ ،‬فاالستدالل بالنظام األساسي هو الوسيلة‬
‫الوحيدة المتاحة إلثبات ذلك‪ ،‬وهذا ما أكدته محكمة النقض من خالل قرار صادر عنها الذي‬
‫جاء فيه ‪":‬ال يمكن للغير إثبات الشركة إال باالستدالل بالنظام األساسي المكتوب الذي يتضمن‬
‫اسمه ضمن الشركاء ونسبة مساهمته إلى جانبهم وسائر المقتضيات األخرى المنظمة للشركة‬
‫من تسيير وتفويت لألسهم واجتماعات أخرى‪ ...‬وإن طلب المدعي إثبات الشركة بشهادة‬
‫الشاهد مخالف لمقتضيات الفصل ‪ 987‬من ق ل ع والمادة ‪ 11‬من قانون شركات المساهمة‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫و بعجزه إثبات الشركة يكون موضوع دعواه غير مؤسس قانونا"‪.‬‬

‫وغالبا ما يتم تحرير النظام األساسي للشركة وفق طريقتين‪ :‬تتمثل الطريقة األولى في‬
‫وضع النظام األساسي بشكل مفصل يتضمن مختلف شروط عمل الشركة‪ ،‬ولو تعلق األمر‬
‫بالشروط المنظمة بقواعد آمرة‪ ،‬هذه الطريقة تمكن الشريك من أخذ فكرة عامة عن الشركة‬
‫دون الرجوع إلى القوانين التي تنظمها‪ ،‬لكن يؤخذ عليها أنها تؤدي إلى تعقيدات ومصاريف‬
‫‪4‬‬
‫إضافية‪ ،‬إذ أنه يجب تغيير النظام بمناسبة كل تعديل للقانون المنظم للشركة‪.‬‬

‫‪1‬الفقرتان ‪ 1‬و ‪ 2‬من قانون ‪ 17.95‬المنظم لشركات المساهمة‪.‬‬


‫‪2‬الفقرتان ‪ 3‬و ‪ 4‬من قانون ‪ 17.95‬المنظم لشركات المساهمة‪.‬‬
‫‪3‬قرار صادر عن محكمة النقض‪ ،‬بتاريخ ‪ ،12/02/02‬رقم ‪ ،113‬في الملف التجاري عدد ‪ ،11/1/3/997‬أورده محمد بفقير‪،‬‬
‫المرجع المذكور‪ .‬ص‪.18‬‬
‫‪4‬سعيد الروبيو‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.57‬‬
‫]‪[16‬‬
‫أما الطريقة الثانية فهي ناجعة وناجحة ومختصرة‪ ،‬تعتمد تدوين البيانات األساسية أو‬
‫الجوهرية اإللزامية وترك البيانات التفصيلية أو الجزئيات للنصوص القانونية اآلمرة والمفسرة‬
‫‪1‬‬
‫في القوانين المنظمة للشركات ومدونة قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬بيانات النظام األساسي‬

‫مما ال شك فيه‪ ،‬أن قبل التوقيع على النظام األساسي للشركة يجب تضمينه ببيانات‬
‫معينة‪ ،‬وقد حددها المشرع المغربي في المادتان ‪ 2‬و ‪ 12‬من قانون شركات المساهمة وهي‬
‫كالتالي‪:‬‬

‫‪ -1‬شكل الشركة‪ ،‬ومدتها التي يجب أال تتجاوز ‪ 99‬سنة‪ ،‬وتبتدئ مدة الشركة من تاريخ‬
‫تقييدها في السجل التجاري‪ ،‬ويمكن تمديد هذه المدة بإجراء تعديل على النظام األساسي‪ ،‬ولو‬
‫لعدة مرات‪ ،‬على أال تتجاوز مدة كل تعديل ‪ 99‬سنة‪ 2‬وهذا ما نلمسه في أحد قرارات المحكمة‬
‫التجارية بالرباط الذي جاء في حيثياته ما يلي " ال يمكن تمديد العمل بالشركة عند انتهاء‬
‫مدتها‪ ،‬إال في حالة وجود اتفاق جديد ومصحح اإلمضاء بين األطراف‪ .‬وفي غياب هذا االتفاق‬
‫‪3‬‬
‫فإن طلب المدعي بخصوص فسخ الشركة يظل مبررا ويتعين االستجابة له‪".‬‬

‫‪ -2‬تسميتها ومقرها االجتماعي‪.‬‬

‫‪-3‬غرضها ومبلغ رأسمالها الذي يجب أال يقل عن ثالثة ماليين درهم إذا كانت تدعو الجمهور‬
‫‪4‬‬
‫إلى االكتتاب‪ ،‬وعن ثالثمائة ألف درهم إذا كانت ال تدعو إلى ذلك‪.‬‬

‫‪-4‬عدد األسهم التي تم إصدارها وقيمتها اإلسمية‪ ،‬مع التمييز بين مختلف فئات األسهم المنشأة؛‬

‫‪ -5‬شكل األسهم‪ :‬إما كلها اسمية‪ ،‬وإما إسمية في جزء ولحاملها في جزء؛‬

‫‪ -6‬الشروط الخاصة بتداول األسهم في حالة وضع قيود على ذلك التداول؛‬

‫‪1‬أحمد شكري سباعي‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.95‬‬


‫‪2‬المادة ‪ 3‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬
‫‪ 3‬قرار صادر عن المحكمة التجارية بالرباط‪ ،‬بتاريخ ‪ 03/07/03‬تحت عدد ‪ ،1261‬في الملف التجاري عدد‪ ،4/02/2298‬أورده محمد بفقير‪،‬‬
‫المرجع المذكور‪ .‬ص‪.12‬‬
‫‪4‬المادة ‪ 6‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬
‫]‪[17‬‬
‫‪ -7‬هوية أصحاب الحصص العينية‪ ،‬وتقييم الحصص التي قدمها كل واحد منهم وعدد األسهم‬
‫المسلمة مقابل تلك الحصص؛‬

‫‪ -8‬هوية المستفيدين من امتيازات خاصة وطبيعة تلك االمتيازات؛‬

‫‪ -9‬المقتضيات المتعلقة بأجهزة الشركة وتسييرها وسلطاتها؛‬

‫‪ -10‬المقتضيات المتعلقة بتوزيع األرباح وبتكوين االحتياطي وبتوزيع عالوة تصفية الشركة‬
‫عند انقضائها؛‬

‫كما يجب إضافة إلى هذه البيانات‪ ،‬أن يتم تعيين المتصرفين األولين (أعضاء مجلس‬
‫اإلدارة أو اإلدارة الجماعي‪ ، (1‬وأعضاء مجلس الرقابة األولين‪ ،‬ومراقبي الحسابات األولين‪،‬‬
‫إما في النظام األساسي ذاته‪ ،‬أو بموجب عقد منفصل يشكل جزءا من النظام األساسي وموقع‬
‫الشروط‪2.‬‬ ‫عليه وفق نفس‬

‫وإذا لم يتضمن النظام األساسي كل البيانات اإللزامية (المنصوص عليها في المادة ‪2‬‬
‫و‪ 12‬السالفة الذكر (أو تمت بصورة غير قانونية‪ ،‬يحق لكل من له مصلحة تقديم طلب للقضاء‬
‫لتوجيه أمر بتسوية عملية التأسيس‪ ،‬تحت طائلة غرامة تهديدية‪ ،‬ويمكن للنيابة العامة التقدم‬
‫بنفس الطلب‪ .‬والغاية من إدخال النيابة العامة‪ ،‬هو إيجاد طرف يتدخل لتسوية الوضعية‬
‫والحفاظ على كيان الشركة‪ ،‬وحماية االستثمار واالدخار واالقتصاد بصفة عامة‪3.‬وتتقادم‬
‫دعوى التسوية بمرور ‪ 3‬سنوات من تاريخ تقييد الشركة في السجل التجاري‪ ،‬ويتبين من‬
‫خالل هذه المقتضيات أن المشرع يصرح ولو بطريقة ضمنية بأنه رغم عدم وجود بيان‬
‫إلزامي يتم تقييد النظام األساسي للشركة في السجل التجاري‪.‬‬

‫وبعد إدراج البيانات اإللزامية في النظام األساسي للشركة‪ ،‬يجب أن يوقع من قبل جميع‬
‫المساهمين‪ ،‬وفي حالة تعذر اجتماع المساهمين بالنظر لكبر عددهم‪ ،‬يمكن تعويض توقيع‬
‫النظام األساسي بتوقيع كل شريك على بطاقة اكتتاب التي تحيل بدورها على مشروع هذا‬

‫‪1‬فؤاد معالل‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص‪.187‬‬


‫‪2‬المادة ‪ 20‬من قانون ‪ 17.95‬كما وقع تغييرها وتتميمها بموجب المادة االولى من القانون رقم ‪.20.05‬‬
‫‪3‬عبد القادر أمغار‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.28-27‬‬
‫]‪[18‬‬
‫النظام‪ 1.‬وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 17‬من قانون شركات المساهمة التي جاء فيها‪ ...":‬توقيع‬
‫النظام األساسي من جميع المساهمين إذا لم يتم فبتوصل المؤسسين أو واحد منهم بأخر بطاقة‬
‫اكتتاب"‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إيداع النظام األساسي وإطالع العموم عليه‬

‫‪2‬هذا اإلجراء يخص شركات المساهمة التي تدعو الجمهور لالكتتاب في رأسمالها‪،‬‬
‫وبحسب المادة ‪ 9‬من قانون ‪ 17.95‬التي تم نسخها وتعويضها بالمادة الخامسة من القانون‬
‫‪ 323.01‬تعتبر شركة تدعو الجمهور إلى االكتتاب العام‪:‬‬

‫"‪-‬كل شركة تطلب إدراج قيمها المنقولة في بورصة القيم أو في أي سوق منظمة أخرى‪.‬‬

‫‪-‬كل شركة تصدر أو تفوت القيم المذكورة وفق الشروط المقررة في المادة ‪ 12‬من الظهير‬
‫الشريف المعتبر بمثابة قانون رقم ‪ 1.93.212‬المتعلق بمجلس القيم المنقولة وبالمعلومات‬
‫المطلوبة إلى األشخاص المعنوية التي تدعو الجمهور إلى االكتتاب في أسهمها أو سنداتها كما‬
‫وقع تغييره أو تتميمه"‪.‬‬

‫باعتبار هذه الشركة تدعو العموم لالكتتاب في رأسمالها‪ ،‬كان لزاما لحماية االدخار‬
‫العام‪ ،‬تمكين المكتتبين المحتملين من المعلومات الكافية عن مشروع الشركة ليكون‬
‫‪4‬‬
‫باستطاعتهم أن يعبروا عن رضاهم باالكتتاب فيها عن بينة واختيار‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فقد نص المشرع المغربي على مجموعة من إجراءات اإلشهار التي يتوجب‬
‫على المؤسسين إتباعها والمتمثلة في إيداع النظام األساسي )أوال(‪ ،‬و إعداد بيان المعلومات‬
‫)ثانيا(‪.‬‬

‫‪1‬سعيد الروبيو‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.58‬‬

‫‪3‬القاضي بتغيير وتتميم الظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون ‪ 1.93.212‬المتعلق بمجلس القيم المنقولة وبالمعلومات المطلوبة إلى‬
‫األشخاص المعنوية التي تدعو الجمهور إلى االكتتاب في أسهمها وسنداتها‪.‬‬
‫‪4‬فؤاد معالل‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.189‬‬
‫]‪[19‬‬
‫أوال‪ :‬إيداع النظام األساسي‬

‫يتوجب إيداع النظام األساسي الموقع من قبل المؤسسين لدى كتابة ضبط المحكمة‬
‫المكلفة بمسك السجل التجاري الموجود بدائرتها المقر االجتماعي للشركة أو لدى مكتب‬
‫موثق‪ ،‬وذلك في نسختين مشهود بمطابقتهما لألصل من طرف أحد المؤسسين‪ ،‬ويجب‬
‫التنصيص صراحة في بطاقة االكتتاب على إمكانية االطالع عليه إما بكتابة الضبط أو بمكتب‬
‫الموثق‪ ،‬ويمكن لكل من يهمه األمر االطالع على النظام األساسي والحصول على نسخة منه‬
‫‪1‬‬
‫على نفقته‪.‬‬

‫وال يمكن بأي حال من األحوال إدخال تعديل مهما كان صغيرا أو جزئيا على النظام األساسي‬
‫‪2‬‬
‫والمالحق المرتبطة به بعد إيداعه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إعداد بيان المعلومات‬

‫ما تتميز به شركات المساهمة التي تدعو الجمهور إلى االكتتاب عن التي ال تدعو إلى‬
‫ذلك‪ ،‬ما يتعلق بتحرير بيان المعلومات بواسطة المؤسسين‪ ،‬بحيث ألزمت المادة ‪ 13‬من قانون‬
‫‪ 01.93.212‬كما تم تعديله بالقانون رقم ‪ 23.01‬لسنة ‪ ،2004‬مع مراعاة أحكام المادة ‪15‬‬
‫المغيرة بدورها‪ ،‬على أن كل شخص يدعو الجمهور إلى االكتتاب بتحرير أو إعداد بيان‬
‫المعلومات بهدف حماية جمهور المكتتبين من أساليب االحتيال التي قد يلجأ إليها‬
‫‪4‬‬
‫المؤسسين‪3.‬وذلك وفق الكيفية التي تحددها الهيئة المغربية لسوق الرساميل‪.‬‬

‫وألجل ذلك‪ ،‬قام مجلس القيم المنقولة بإصدار منشور رقم ‪ 95.02‬بتاريخ ‪ 20‬مارس ‪،1995‬‬
‫‪5‬‬
‫حدد فيه محتويات بيان المعلومات‪ ،‬ووضع نموذجا موحدا لذلك رهن إشارة الشركات‪.‬‬

‫ولقد أعطى المشرع للهيئة المغربية للرساميل سلطة التحقق من أن المعلومات الواجب‬
‫على المؤسسين تقديمها للجمهور قد تم تحريرها ونشرها وفق القوانين واألنظمة الجاري بها‬

‫‪1‬المادة ‪ 19‬من قانون ‪ 17.95‬كما وقع تغييرها وتتميمها بمقتضى القانون رقم ‪.20.05‬‬
‫‪2‬شميعة‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.233‬‬
‫‪3‬عبد القادر أمغار‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.74‬‬
‫‪4‬وقد حلت هذه الهيئة محل مجلس القيم المنقولة‪ ،‬بناء على الظهير الصادر في ‪ 13‬مارس ‪ ،2013‬بتنفيذ القانون رقم ‪43.12‬‬
‫المتعلق بالهيئة المغربية لسوق الرساميل‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،6142‬بتاريخ ‪ 11‬ابريل ‪.2013‬‬
‫‪5‬راجع المنشور رقم ‪.95.02‬‬
‫]‪[20‬‬
‫العمل‪ 1،‬ويجوز لمجلس القيم المنقولة أن يطلب كل وثيقة أو إيضاح أو تبرير فيما يتعلق‬
‫بمضمون بيان المعلومات‪ ،‬كما يحدد لمصدري السندات البيانات الواجب تغييرها أو‬
‫المعلومات التكميلية الواجب إدراجها فيها قصد جعلها مطابقة للنصوص التشريعية الجاري‬
‫بها العمل‪ .‬وإذا لم يستجب المصدر لطلبات المجلس يمكن لهذا األخير رفض التأشير على‬
‫‪2‬‬
‫بيان المعلومات‪.‬‬

‫كما يمكن لمجلس القيم المنقولة‪ ،‬إذا الحظ بأن هناك معلومات غير صحيحة أو إغفال في تنفيذ‬
‫‪543‬‬
‫واجبات اإلخبار‪ ،‬أن يطالب األشخاص المعنوية المعنية بنشر استدراكات في هذه الشأن‪.‬‬

‫وبعد التحقق من بيان المعلومات‪ ،‬فإذا كان محررا وفقا للمقتضيات القانونية الجاري‬
‫بها العمل يتم التأشير عليه من قبل الهيئة المغربية للرساميل‪ ،‬ويجب على المؤسسين بعد‬
‫التأشير على بيان المعلومات القيام وفقا للمادة ‪ 13‬من القانون ‪ 23.01‬بنشره في جريدة‬
‫مرخص لها بنشر اإلعالنات القانونية‪ ،‬تسليمه أو توجيهه إلى كل شخص يسعى إلى اكتتابه‪،‬‬
‫وضع البيان رهن تصرف الجمهور في مقر الشخص المعنوي المصدر وفي جميع المؤسسات‬
‫الموكول إليها بتلقي االكتتابات‪ ،‬وفي حالة قيد سندات الشركة في جدول أسعار بورصة القيم‪،‬‬
‫يجب أن يوضع بيان المعلومات كذلك رهن تصرف الجمهور في مقر البورصة المذكورة‪.‬‬

‫‪1‬فؤاد معالل‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.190‬‬


‫‪2‬المادة ‪ 21‬من القانون رقم‪.23.01‬‬
‫‪3‬المادة ‪ 23‬من القانون رقم ‪.23.01‬‬

‫]‪[21‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬االكتتاب في رأسمال الشركة وإجراءات الشهر‬

‫يعد االكتتاب والشهر إجراءين هامين في حياة الشركة فبدون االكتتاب الكامل في‬
‫رأسمال الشركة ال يتم التأسيس‪ ،‬سواء كانت هذه الشركة تدعو الجمهور لالكتتاب أو ال تدعو‬
‫إلى ذلك‪ ،‬كما ال تعد الشركة مؤسسة إال بعد خضوعها إلجراءات الشهر المنصوص عليها‬
‫في المادة ‪ 31‬من قانون ‪.17.95‬‬

‫وقد كان موضوع الشهر مثار جدل فقهي بين من يعتبره إجراء تأسيسا ومن ال يعتبره‬
‫كذلك‪ ،‬غير أن المشرع المغربي حسم في المسألة واعتبره من إجراءات تأسيس شركة‬
‫المساهمة‪ ،‬وذلك بجعله في البند الرابع من المادة ‪ 17‬من قانون شركات المساهمة من بين‬
‫اإلجراءات التي ال تكتمل عملية التأسيس إال بإنجازها‪.‬‬

‫هذه المادة السالفة الذكر في صيغتها األصلية كانت تنص على شهر مزدوج‪ ،‬ينجز‬
‫األول قبل تقييد الشركة في السجل التجاري عن طريق نشر إشعار بالتأسيس‪ ،‬والثاني بعد‬
‫ذلك التقييد‪ ،‬غير أنه مع الوقت تبين أن هذا الشهر المزدوج عديم الجدوى ومكلف ماديا‪ ،‬لذلك‬
‫وألجل التخفيف من إجراءات تأسيس شركة المساهمة‪ ،‬فقد تخلى القانون رقم ‪ 20.05‬المغير‬
‫والمتمم للقانون المتعلق بشركات المساهمة عن نشر إشعار بالتأسيس وأصبح يكتفي بالشهر‬
‫‪1‬‬
‫العادي بعد التأسيس‪ ،‬وبالتالي فقد قرر نسخ المادة ‪ 30‬واالكتفاء بما تنص عليه المادة ‪.33‬‬

‫انطالقا مما سبق سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين‪ ،‬األول سنتطرق فيه إلى االكتتاب في‬
‫رأسمال شركة المساهمة‪ ،‬ونخصص المبحث الثاني للحديث على إجراءات شهر هذه الشركة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬االكتتاب في رأسمال الشركة‬

‫يعد االكتتاب المصدر الوحيد والركيزة األساسية لتكوين رأسمال الشركة‪ ،‬ويعد هذا‬
‫األخير الضمان العام الذي يعول عليه الدائنون المتعاملون معها‪ ،‬وقد عمل المشرع المغربي‬
‫في القانون الجديد المتعلق بشركات المساهمة على وضع حد أدنى لرأسمال شركات المساهمة‬

‫‪1‬فؤاد معالل‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.184‬‬


‫]‪[22‬‬
‫وهو ثالثة ماليين درهم بالنسبة لشركة المساهمة التي تدعو الجمهور لالكتتاب‪ ،‬و‪300.000‬‬
‫درهم إذا كانت ال تدعو إلى ذلك‪.‬‬

‫لدراسة هذا المطلب‪ ،‬سنقف حول تعريف االكتتاب وطرقه )الفقرة األولى(‪ ،‬ثم نتناول‬
‫شكل االكتتاب وشروط صحته)الفقرة الثانية(‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف االكتتاب وطرقه‬

‫قبل الحديث عن طرق االكتتاب )ثانيا(‪ ،‬البد من إعطاء تعريف لالكتتاب وتحديد طبيعته‬
‫القانونية)أوال(‪.‬‬

‫أوال ‪:‬تعريف االكتتاب وتكييفه القانوني‬

‫أحجم المشرع المغربي على إعطاء تعريف لالكتتاب‪ ،‬وبهذا يكون قد فسح المجال‬
‫للفقه لمحاولة تعريفه‪ ،‬إال أنه قد تعددت هذه التعريفات الفقهية لالكتتاب التي اتسمت جل‬
‫مضامينها بالتقارب‪ ،‬حيث عرفه البعض بأنه ‪ ":‬ذلك التصرف القانوني الذي يلتزم بمقتضاه‬
‫شخص معين‪ ،‬وهو المكتتب‪ ،‬بتقديم حصة في رأسمال شركة معينة تكون مساوية لألسهم التي‬
‫‪1‬‬
‫يرغب في الحصول عليها‪ ،‬ويعكس رغبته في أن يصبح مساهما في هذه الشركة"‪.‬‬

‫أما البعض اآلخر فيعرف االكتتاب بأنه تصرف قانوني أو تعهد يلتزم بمقتضاه المكتتب‬
‫‪2‬‬
‫بأن يقدم حصة نقدية أو عينية في رأسمال الشركة مقابل عدد معين من األسهم‪.‬‬

‫ويتميز هذا التعريف بأنه جاء منسجما مع مقتضيات الفقرة الثانية من المادة األولى من‬
‫قانون ‪ 17.95‬التي جاء فيها "‪...‬يقسم رأسمالها إلى أسهم قابلة للتداول ممثلة لحصص نقدية‬
‫أو عينية دون حصة صناعية‪."...‬‬

‫وإذا كانت جميع التعريفات التي أعطيت لالكتتاب متقاربة فيما بينها‪ ،‬فإن الفقه اختلف في‬
‫تحديد طبيعته فانقسم إلى عدة اتجاهات‪:‬‬

‫‪1‬عالل فالي‪ ،‬مفهوم رأس المال في شركة المساهمة‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.180‬‬
‫‪2‬أحمد شكري سباعي‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.103‬‬
‫]‪[23‬‬
‫اتجاه يرى أن االكتتاب عقد بين المكتتب والمؤسسين يلتزم بمقتضاه هؤالء باالستمرار‬
‫في إجراءات التأسيس‪ ،‬في المقابل يتعهد المكتتب بتحرير قيمة األسهم في التاريخ المحدد مع‬
‫احترام شروط النظام األساسي للشركة‪ ،‬كي يحصل على قدر من األسهم يوازي ما اكتتب‬
‫به‪.1‬‬

‫واتجاه آخر يعتبر االكتتاب عقدا كذلك إال أنه يجمع بين المكتتب وبين الشركة في طور‬
‫التأسيس ممثلة بالمؤسسين‪ ،‬وهو عقد أولي يمهد لعقد نهائي هو عقد تأسيس الشركة الذي ال‬
‫ينعقد إال بعد أن يتم االكتتاب بكامل رأس المال ويسدد ربعه على األقل وينتهي تأسيس‬
‫‪2‬‬
‫الشركة‪.‬‬

‫واتجاه أخير يرى بأن االكتتاب تصرف بإرادة منفردة؛ ألنه من غير المعقول أن‬
‫يتعاقد المكتتب مع شركة في طور التأسيس‪ ،‬ال تملك الشخصية المعنوية أو الحق في الوجود‬
‫إال بعد تقييدها في السجل التجاري‪ ،‬وال يمكن للمؤسس أن ينقل للمكتتب باسم الشركة حقوقا‬
‫ال يملكها‪ ،‬وبالتالي يبقى االكتتاب قبل توقيع النظام األساسي مجرد إعالن من طرف المكتتب‬
‫و بإرادته المنفردة في االشتراك المحتمل في شركة مستقبلية؛ أما بعد التوقيع على النظام‬
‫األساسي فتتحول سائر اإلرادات المنفردة إلى نظام تعاقدي يربط بين المؤسسين وحدهم أو‬
‫‪3‬‬
‫بين المؤسسين و المكتتبين‪.‬‬

‫وهناك اختالف فقهي آخر حول ما إذا كان االكتتاب في شركة المساهمة عمال مدنيا أم تجاريا‬
‫؟‬

‫يعتبر بعض الفقه االكتتاب عمال مدنيا يدخل ضمن نظام توظيف و استثمار األموال‬
‫ألنه يحصل بين أشخاص ليست لهم صفة التاجر‪ ،‬لذلك ال يعتبر االكتتاب عمال تجاريا بالنسبة‬
‫للمساهم ألن مسؤوليته محدودة بقيمة األسهم التي اكتتب فيها‪ ،‬واألعمال التجارية تتضمن‬
‫المضاربة والمسؤولية المطلقة‪ ،‬و يذهب على العكس من ذلك الرأي الغالب في الفقه و القضاء‬
‫إلى اعتبار االكتتاب عمال تجاريا وذلك استنادا إلى أن شركات المساهمة هي شركات تجارية‬

‫‪1‬عبد الرحيم شميعة‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.22‬‬


‫‪2‬فؤاد معالل‪ ،‬المرجع المذكور‪.192 .‬‬
‫‪3‬احمد شكري سباعي‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.104‬‬
‫]‪[24‬‬
‫من حيث الشكل وبصرف النظر عن غرضها‪ ،‬وبالتالي يعتبر االكتتاب في شركات المساهمة‬
‫عمال تجاريا من جانب المكتتب الذي يروم االنخراط في شركة تجارية من حيث الشكل من‬
‫غير أن يترتب عن ذلك اكتساب المكتتب لصفة التاجر وتجاريا من جانب الشركة كذلك عند‬
‫‪1‬‬
‫تأسيسها و تقييدها في السجل التجاري‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬طرق االكتتاب‬

‫يتم االكتتاب في شركات المساهمة التي تدعو الجمهور إلى االكتتاب عن طريق طرح‬
‫المؤسسين لرأس المال بكامله أو جزء منه‪ ،‬بعد االكتتاب في جزئه اآلخر‪ ،‬على االكتتاب‬
‫العام‪.‬‬

‫وتقتضي عملية االكتتاب إتباع مجموعة من اإلجراءات‪ ،‬التي تبدأ أوال بنشر إعالن‬
‫االكتتاب من طرف المؤسسين في الجريدة الرسمية‪ ،2‬وبعد مرحلة اإلعالن تأتي مرحلة‬
‫االكتتاب الفعلي التي تتوالها الجهة التي تعين في اإلعالن عن االكتتاب‪ ،‬والتي غالبا ما تكون‬
‫بنكا‪ ،‬وتتولى البنوك اإل شراف على عملية االكتتاب مقابل عمولة تحدد باالتفاق بينها وبين‬
‫المؤسسين‪.‬‬

‫ويتم االكتتاب بواسطة بطاقة االكتتاب‪ ،‬وهذه األخيرة يجب أن تصدر وفق الكيفية التي‬
‫حددها المرسوم رقم ‪ 2.09.481‬الصادر في ‪ 21‬ديسمبر ‪ ،2009‬في مادته األولى‪ ،‬وأن‬
‫‪3‬‬
‫تتضمن مجموعة من البيانات المتعلقة بالشركة في طور اإلنشاء أو بالمكتتب‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬شكل االكتتاب وشروط صحته‬

‫سنقف في هذه الفقرة عند تحديد شكل االكتتاب)أوال(‪ ،‬ثم نتناول شروط صحته)ثانيا(‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬شكل االكتتاب‬

‫إن القاعدة األساسية لصحة االكتتاب سواء كانت الشركة تدعو الجمهور إلى االكتتاب‬

‫‪1‬أحمد شكري سباعي‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.105‬‬


‫‪2‬خديجة مضي‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.132‬‬
‫‪3‬فؤاد معالل‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.193‬‬
‫]‪[25‬‬
‫أم ال تدعو إلى ذلك‪ ،‬هي أن يتم االكتتاب الكامل في رأس المال‪ ،‬وإال فال يتم التأسيس‪ ،‬بغض‬
‫النظر عما إذا كانت األسهم ممثلة لحصص نقدية أو عينية‪ ،‬أما الحصص الصناعية فال وجود‬
‫لها في شركات المساهمة‪.‬‬

‫أ – االكتتاب في األسهم النقدية‬

‫يقصد باألسهم النقدية األسهم المحررة قيمتها نقدا أو مقاصة مع ديون محددة المقدار‬
‫ومستحقة على الشركة‪ ،‬وكذلك التي يتم إصدارها إثر إدماج االحتياطي أو األرباح أو عالوات‬
‫اإلصدار في رأس المال وتعتبر كل األسهم األخرى بمثابة أسهم عينية‪.‬‬

‫ال يجوز أن تقل القيمة االسمية للسهم عن ‪ 50‬درهم‪ ،‬غير أنه بالنسبة للشركات المقيدة‬
‫‪1‬‬
‫أسهمها في بورصة القيم‪ ،‬يحدد الحد األدنى للقيمة االسمية للسهم في ‪10‬دراهم‪.‬‬

‫وفي هذه الحالة يجب التمييز في عملية االكتتاب بين مرحلة التعهد ومرحلة التنفيذ‪:‬‬

‫• مرحلة التعهد أو االلتزام بالحصة النقدية محل االلتزام وهي التعهد باألداء‬
‫الفعلي حيث تؤدى المبالغ النقدية أثناء تكوين الشركة‪ ،‬وهو ما يعبر عنه بعملية‬
‫‪2‬‬
‫االكتتاب‪.‬‬
‫• مرحلة التنفيذ‪ ،‬أو التحرير التي يقصد بها األداء أو اإليداع الفعلي لألموال في‬
‫صندوق الشركة‪ ،‬سواء تم ذلك نقدا أو بواسطة شيك بنكي أو بريدي أو‬
‫بتحويل‪3‬ويتعين تحرير ربع القيمة اإلسمية لألسهم الممثلة للحصة النقدية عند‬
‫التأسيس والباقي يحرر دفعة واحدة أو على دفعات حسبما يقرره مجلس اإلدارة‬
‫أو مجلس اإلدارة الجماعية على أن يتم ذلك داخل أجل ثالث سنوات من تقييد‬
‫الشركة في السجل التجاري‪ ،4‬وتجدر اإلشارة إلى أن تأجيل عملية دفع األرباع‬
‫المتبقية يعيق تداول هذه األسهم ألنها تبقى إسمية إلى أن يتم تحريرها بالكامل‪.‬‬

‫‪1‬أنظر المادة ‪ 246‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬


‫‪2‬عبد القادر أمغار‪ ،‬المرجع المذكور‪.38 .‬‬
‫‪3‬عالل فالي‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.187‬‬
‫‪4‬المادة ‪ 21‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬
‫]‪[26‬‬
‫وتتجلى األهمية والغاية من إقرار قاعدة التحرير الجزئي للحصة النقدية‪ ،‬عكس ما هو‬
‫عليه الحال بالنسبة للحصة العينية‪ ،‬في تمكين الشركة التي هي في طور التأسيس من مبالغ‬
‫نقدية‪ ،‬وكذلك لتحفيز المكتتبين لالنضمام إليها دون تحميلهم عناء تحرير كامل الحصة النقدية‬
‫المكتتب بها‪ ،‬إما لعدم توفرهم عليها عند تأسيس الشركة أو لتمكينهم كذلك من استثمار باقي‬
‫‪1‬‬
‫أموالهم في مشاريع أخرى‪.‬‬

‫وضمانا لجدية الدفعات وحماية للمكتتبين والدائنين‪ ،‬فقد ألزمت المادة ‪ 22‬من قانون‬
‫شركات المساهمة أن تودع األموال المستخلصة نقدا عن طريق االكتتاب في حساب بنكي‬
‫مجمد باسم الشركة في طور التأسيس‪ ،‬مرفقا بقائمة المكتتبين تبين المبالغ التي دفعها كل واحد‬
‫منهم‪ ،‬ويجب أن يتم هذا اإليداع داخل أجل ثمانية أيام من تلقي األموال‪ ،‬وعلى البنك الذي تم‬
‫اإليداع لديه أن يضع قائمة المكتتبين رهن إشارة كل مكتتب يدلي بحجة اكتتابه‪ ،‬كما يلزم‬
‫السماح لهذا األخير باالطالع على القائمة والحصول على نسخة منها على نفقته‪.‬‬

‫وكان الغرض من إيداع األموال بحساب مجمد‪ ،‬هو تالفي كل محاولة الختالسها‪ ،‬ألن‬
‫بقاء األموال بيد المؤسسين لمدة ثمانية أيام أو أكثر كافية لتبديدها أو الهروب بها‪ ،‬ألجل ذلك‬
‫‪2‬‬
‫يمكن للمكتتب تقديم حصته المالية مباشرة إلى البنك‪.‬‬

‫أما بخصوص سحب هذه األموال المودعة في الحساب المجمد‪ ،‬فإنه في حالة تمام‬
‫تأسيس الشركة يتم سحبها بواسطة ممثلها القانوني الذي عليه أن يدلي بشهادة مسلمة من كاتب‬
‫ضبط المحكمة تثبت تقييد الشركة في السجل التجاري )المادة ‪ 34‬من قانون شركات‬
‫المساهمة(‪ ،‬وفي حالة عدم تأسيس الشركة داخل أجل ‪ 6‬أشهر من تاريخ إيداع األموال أو إذا‬
‫لم يتم إتمام كافة إجراءات التأسيس‪ ،‬يلتزم المؤسسين بإرجاعها للمكتتبين)المادة ‪ 35‬من قانون‬
‫شركات المساهمة(‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى المواد ‪ 274‬إلى ‪ 278‬من قانون شركات المساهمة‪ ،‬يتضح أن المشرع نظم‬
‫مجموعة من اإلجراءات التي يتعين على الشركة إتباعها في حالة تخلف المساهم عن أداء‬

‫‪1‬عبد الرحيم شميعة‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.236-235‬‬


‫‪2‬عبد القادر أمغار‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.42‬‬
‫]‪[27‬‬
‫‪1‬‬
‫باقي القيمة اإلسمية ألسهمه النقدية يمكن إجمالها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬إذا تخلف المساهم عن الوفاء بالمبالغ المتبقية من قيمة األسهم التي إكتتبها‪ ،‬رغم صدور‬
‫مقرر عن مجلس اإلدارة او مجلس اإلدارة الجماعية في الموعد المحدد‪ ،‬يجعله في‬
‫حالة مطل ويكون للشركة الحق في توجيه إنذار للمكتتب برسالة مضمونة مع اإلشعار‬
‫بالتوصل الى العنوان المضمن بسجالت الشركة من أجل الوفاء و تحرير القيم المتبقية‬
‫في ذمته‪.‬‬
‫‪ -‬االعالن عن بيع االسهم غير المحررة‪ ،‬وذلك بمرور ‪ 30‬يوما على األقل على االعذار‬
‫الموجه للمساهم‪ ،‬ويتضمن هذا اإلعالن إشارة ألرقام األسهم المعروضة للبيع‪ ،‬ويتم‬
‫في صحيفة مخول لها نشر االعالنات القانونية‪.‬‬
‫‪ -‬يجب ان تقوم الشركة بإخبار المدين و المشتركين معه في الدين إن وجدوا‪ ،‬بأن أسهمهم‬
‫معروضة للبيع برسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل وكذا بتاريخ ونوع الصحيفة‬
‫التي نشر فيها اإلعالن‪.‬‬
‫‪ -‬بيع األسهم غير المحررة‪ ،‬وذلك بعد مرور أجلين ‪ :‬األول هو أجل ‪ 30‬يوما على األقل‬
‫من تبليغ المساهم المدين باإلعذار‪ ،‬والثاني بعد مرور ‪ 20‬يوما على توجيه رسالة‬
‫إخبار للمساهم بعرض أسهمه للبيع‪ ،‬ويتم بيعها بالمزاد العلني بواسطة موثق أو شركة‬
‫البورصة‪ ،‬وهذا ما أكدته محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء في إحدى القررات‬
‫‪2‬‬
‫الصادرة عنها‪.‬‬
‫‪ -‬إذا لم يتم البيع لعدم وجود مشترين يمكن لمجلس اإلدارة او لمجلس اإلدارة الجماعية‬

‫‪ 1‬عالل فالي‪ ،‬المرجع المذكور‪.194-193-192 .‬‬


‫‪ 2‬قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء‪ ،‬تحت عدد ‪ ،10/ 2041‬في الملف عدد ‪ ،12/2009/1392‬بتاريخ‬
‫‪ ،10 /04/20‬الذي جاء فيه ‪":‬لئن كان المشرع من خالل مقتضيات المادتين ‪ 21‬و ‪ 274‬من قانون شركات المساهمة أوجب عند‬
‫االكتتاب تحرير األسهم المعروضة لالكتتاب نقدا بربع قيمتها على األقل فإنه قرر تبعا لذلك أن يتم تحرير الباقي إما دفعة واحدة أو‬
‫على عدة دفعات بناء على قرار مجلس اإلدارة وفقا للشروط المنصوص عليها في المادة ‪ 21‬من ق ش م وأنه إذا تخلف المساهم عن‬
‫أداء المبالغ المتبقية في الموعد وجهت له الشركة إنذارا بواسطة رسالة مضمونة الوصول مع اإلشعار بالتوصل وإذا ظل اإلنذار‬
‫بدون جدوى وبعد مرور ثالثين يوما على األقل من تاريخ تبليغه حق للشركة دون حاجة إلى ترخيص من المحكمة مواصلة بيع‬
‫األسهم‪.‬‬
‫خالفا لما تمسك به الطاعن فإن مساهمته بأداء ربع قيمة األسهم تعد مساهمة في جميع األسهم التي تم االكتتاب فيها لذلك فإنه إذا‬
‫تخلف عن أداء المبالغ المتبقية من قيمة األسهم رغم اإلنذار يمكن للشركة بيع األسهم غير المحررة دون حاجة إلى ترخيص‪ ...‬بيع‬
‫أسهم المستأنف عليه يفقد صفته كمساهم وشريك في الشركة وال يبقى من حقه سوى مطالبتها بمستحقاته المتبقية عن بيع األسهم إن‬
‫ثبت له ذلك"‪.‬‬
‫]‪[28‬‬
‫أن يقرر سقوط حقوق المساهم المرتبطة باألسهم المعنية‪ ،‬واالحتفاظ بالمبالغ المدفوعة‬
‫مع إمكانية مطالبة المساهم المقصر بأداء تعويض للشركة عن الضرر الذي لحقها‪،‬‬
‫ولها الحق أيضا في اللجوء الى القضاء إلقامة دعوى األداء وفقا للقواعد العامة من‬
‫أجل أداء المبالغ المستحقة‪.‬‬
‫ب‪-‬االكتتاب في األسهم العينية‬

‫يقصد بالحصة العينية مساهمة الشريك بمال آخر غير النقود‪ ،‬كأن يقدم عقارا أو منقوال‬
‫أو حقوقا عينية‪.‬‬

‫وقد أوجبت الفقرة الثالثة من المادة ‪ 21‬من قانون شركات المساهمة أن تحرر األسهم‬
‫الممثلة للحصص العينية كاملة عند إصدارها‪ ،‬ويعد هذا التحرير الكامل نتيجة طبيعية لمبدأ‬
‫اإلكتتاب في رأس المال ومتالئما مع طبيعة الحصص العينية‪ ،‬وبالتالي يتعين أال يكون موقوفا‬
‫‪1‬‬
‫على أجل أو شرط‪ ،‬وأن يتم فعال‪ ،‬وأال يكون عبارة عن تعهد فقط‪.‬‬

‫وال يتم تحويل هذه الحصة العينية إلى الشركة‪ ،‬إال بعد تقييمها وتحديد المبلغ النقدي‬
‫الذي يقابلها‪ ،‬وقد يلجأ الشركاء إلى المبالغة في تقييم الحصة العينية ورفع مبلغ رأسمال الشركة‬
‫بشكل مصطنع مما يؤدي إلى حصول المساهمين أصحاب الحصص العينية ذات التقدير الغير‬
‫حقيقي على أسهم غير مستحقة‪ ،‬وذلك على حساب باقي المساهمين‪ ،‬وبالنسبة للدائنين فالتقييم‬
‫المبالغ فيه للحصة العينية يجعلهم أمام ضمان عام غير حقيقي‪ ،‬ألن هذا األخير يتمثل في‬
‫‪2‬‬
‫رأسمال الشركة المكون من مجموع الحصص المقدمة من طرف الشركاء‪.‬‬

‫وألجل ذلك‪ ،‬إستلزم المشرع المغربي ضرورة إجراء التقييم من قبل جهة مستقلة عن‬
‫المؤسسين والمكتتبين‪ ،‬ويتعلق األمر هنا بمراقب الحصص الذي يتم إختياره من بين‬
‫األ شخاص المخول لهم ممارسة مهام مراقبي الحسابات‪ ،‬ويمكن أن يساعده في إنجاز مهمته‬
‫خبير أو عدة خبراء من إختياره)المادة ‪ 25‬من قانون شركات المساهمة(‪.‬‬

‫في هذا اإلطار يطرح إشكال على مستوى الجهة المكلفة بأداء أتعاب الخبير‪ ،‬حيث‬

‫‪1‬عالل فالي‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.196‬‬


‫‪2‬سعيد الروبيو‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.29‬‬
‫]‪[29‬‬
‫نجد ان الفقرة الثانية من المادة ‪ 25‬من قانون شركات المساهمة‪ ،‬تنص على أن الشركة هي‬
‫من تتحمل هذه األتعاب‪ ،‬في حين أن هذه األخيرة ال زالت في طور التأسيس‪ ،‬ولم تكتسب بعد‬
‫الشخصية المعنوية‪ ،‬ومن ثم فيتعين على المؤسسين أداء هذه األتعاب‪ ،‬وبعد تأسيس الشركة‬
‫وتقييدها في السجل التجاري يمكن لها أن تتحملها‪ ،‬أما في حالة فشل تأسيسها ال يحق للمؤسسين‬
‫الرجوع على المكتتبين بشأن هذه المصاريف المدفوعة)المادة ‪ 29‬من قانون شركات‬
‫المساهمة(‪.‬‬

‫هذا ويطرح إشكال آخر بخصوص استعانة مراقب الحصص في إنجاز مهمته بخبير‪،‬‬
‫في هذه الحالة يمكن أن يكون هناك تواطئ بينهما‪ ،‬بحيث أي عملية تتعلق بتقييم الحصة العينية‬
‫سيتحمل مسؤولية إنجازها هذا الخبير‪ ،‬لذلك كان من األجدر أن يكون نطاق اللجوء إلى تعيين‬
‫خبير ضيق‪ ،‬أي فقط في المسائل الفنية والتقنية التي تستدعي خبرة‪ ،‬ذلك ألن رأي الخبير ليس‬
‫إال إستشاريا‪ ،‬أما المسائل العادية فيجب أن يقوم بهذه المهمة مراقب الحصص دون اإلستعانة‬
‫بخبير‪.‬‬

‫وقد فرض المشرع على مراقب الحصص إعداد تقرير لتقييم الحصص العينية‪ ،‬يتضمن‬
‫وصفا دقيقا لها يلحق بالنظام األساسي‪ ،‬ويتم توقيعه بنفس الشروط التي يوقع بها النظام‬
‫األساسي‪ ،‬ويتضمن هذا التقرير عالوة على ذلك وصفا لكل حصة عينية على حدة‪ ،‬ويشير‬
‫مراقب الحصص إلى الطريقة التي اعتمدها‪ ،‬كما يؤكد في تقريره أن قيمة الحصص تتطابق‬
‫على األقل مع القيمة اإلسمية لألسهم‪.‬‬

‫وقد استثنت الفقرة االخيرة من المادة ‪ 24‬كما تم تغييرها وتتميمها‪ ،‬شركات الدولة‬
‫والشركات التابعة العامة والشركات المختلطة من الخضوع لفحص الحصص العينية‪.‬‬

‫ويتعين وضع هذا التقرير بالمقر االجتماعي للشركة ويودع بكتابة ضبط المحكمة‬
‫التجارية رهن إشارة المساهمين المحتملين خمسة أيام على األقل قبل توقيع النظام األساسي‬
‫من طرفهم‪ ،‬وإذا كانت الشركة تدعو الجمهور لالكتتاب فإن التقرير المودع يسلم نظير منه‬
‫إلى مجلس القيم المنقولة وفق االجراءات التي يحددها هذا االخير‪ ) .‬المادة ‪.(26‬‬

‫]‪[30‬‬
‫ونشير أنه‪ ،‬لضمان حياد واستقالل هؤالء المراقبين‪ ،‬فقد أخضعهم المشرع لحاالت‬
‫التنافي الواردة في المادة ‪ 161‬من قانون ‪ 17.95‬المعدلة بمقتضى المادة األولى من قانون‬
‫‪1‬‬
‫‪.20.05‬‬

‫وبعد االنتهاء من شكليات التقييم‪ ،‬يتم تحويل الحصص العينية إلى الشركة في طور‬
‫التأسيس تطبيقا لمقتضيات الفقرة ‪ 3‬من المادة ‪ 17‬من قانون شركات المساهمة‪ ،‬غير أن تفويت‬
‫هذه الحصص يطرح إشكاال‪ ،‬حيث نجد أن هناك تناقضا بين ما تنص عليه المادة ‪ 21‬من‬
‫قانون شركات المساهمة في فقرتها الثالثة من ضرورة التحرير الكامل للحصص العينية عند‬
‫التأسيس‪ ،‬وبين ربط هذا األخير بالقيد في السجل التجاري‪ ،‬ألن تحرير الحصص يعني‬
‫ضرورة نقل ملكيتها إلى الشركة‪ ،‬وهذا النقل بالنسبة لبعض الحصص العينية‪ ،‬مثل العقارات‬
‫واألصل التجاري أو حقوق الملكية الصناعية‪ ،‬ال يكتمل إال بالتسجيل لدى المحافظة العقارية‪،‬‬
‫أو مصلحة السجل التجاري‪ ،‬أو مكتب الملكية الصناعية‪ ،‬فكيف يمكن إذن تسجيل هذه‬
‫الحصص في اسم الشركة لدى هذه الجهات في حين أنها لم تتأسس بعد‪ ،‬وليست لها شخصية‬
‫معنوية‪ ،‬وبالتالي ليست قابلة الكتساب الحقوق‪ ،‬وكيف يمكن قيد الشركة في السجل التجاري‬
‫‪2‬‬
‫دون حصول تحرير فعلي للحصص العينية؟‪.‬‬

‫وبالتالي نجد أنفسنا ندور في حلقة مفرغة‪ ،‬بحيث ال يمكن تحويل الحصة العينية للشركة‬
‫حتى تكتسب هذه األخيرة الشخصية المعنوية‪ ،‬وال يتأتى ذلك إال بقيدها في السجل التجاري‪،‬‬
‫وال يتم القيد إال باكتمال أركان تأسيس الشركة بما فيها رأس المال‪ ،‬وال يتحقق تكوين هذا‬

‫‪1‬تنص هذه المادة على أنه‪ ":‬ال يمكن تعيين األشخاص األتي ذكرهم كمراقبي حسابات‪:‬‬
‫‪ .1‬المؤسسون وأصحاب الحصص العينية والمستفيدون من امتيازات خاصة وكذا المتصرفون وأعضاء مجلس الرقابة أو مجل‬
‫اإلدارة الجماعية بالشركة أو الشركات التابعة لها‪.‬‬
‫‪ .2‬أزواج األشخاص المشار إليهم في البند السابق وأصولهم وفروعهم إلى الدرجة الثانية بإدخال الغاية‪.‬‬
‫‪ .3‬الذين يزاولون لفائدة األشخاص المشار إليهم في البند ‪ 1‬أعاله‪ ،‬أو لفائدة الشركة أو الشركات التابعة لها وظائف قد تمس‬
‫باستقالليتهم أو يتقاضون أجرا من إحداها عن وظائف غير تلك المنصوص عليها في هذا القانون‪.‬‬
‫‪ .4‬شركات الخبرة في المحاسبة التي يكون أحد الشركاء فيها في وضع من األوضاع المشار إليها في البنود السابقة‪ .‬وكذا الخبير‬
‫المحاسب‪ ،‬الشريك في شركة للخبراء المحاسبيين حين تكون هذه األخيرة في وضع من هذه األوضاع‪.‬‬
‫ال يمكن أن يعين كمراقبي حسابات لنفس الشركة خبيران أو عدة خبراء محاسبين ينتمون بأي صفة كانت إلى نفس شركة الخبراء‬
‫المحاسبين أو نفس المكتب‪.‬‬
‫إذا طرأ أحد دواعي التنافي المشار إليها أعاله خالل مدة مزاولة المراقب مهامه‪ ،‬تعين على المعني باألمر الكف فورا عن مزاولة‬
‫مهامه وإخبار مجلس اإلدارة أو مجلس الرقابة بذلك داخل أجل أقصاه خمسة عشر يوما بعد حدوث حالة التنافي"‪.‬‬

‫‪2‬عالل فالي‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.198-197‬‬


‫]‪[31‬‬
‫األخير حتى يدفع للشركة‪ ،‬وال يتأتى ذلك حين يحتوي على أموال عينية حتى تكون للشركة‬
‫أهلية اكتساب الحقوق‪ ،‬وال أهلية دون شخصية معنوية‪ ،‬وال شخصية دون قيد‪ ...‬وهكذا دوران‬
‫ال نهاية له؛ ناتج عن وجود فراغ قانوني فظيع بسبب عدم ضمان المشرع االنسجام والمالءمة‬
‫‪1‬‬
‫اللذين تستلزمهما المقتضيات واألنظمة القانونية التي يأتي بها‪.‬‬

‫ومن بين الحلول لهذه الوضعية الغامضة‪ ،‬يرى األستاذ محمد اإلدريسي العلمي‬
‫المشيشي أنه يمكن للمؤسسين أن يتجنبوا تقديم حصص عينية في البداية‪ ،‬بحيث يمكن لهم‬
‫‪2‬‬
‫تكوين الشركة برأسمال نقدي فقط‪ ،‬وبعد ذلك يمكن رفعه بواسطة تقديم حصص عينية‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة في األخير أنه رغم التحرير الكامل لألسهم العينية إال أنها تبقى اسمية‬
‫لمدة سنتين متواليتين لتقييد الشركة بالسجل التجاري‪ ،‬وذلك تفاديا لإلضرار باألغيار‬
‫المتعاملين مع هذه الشركة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬شروط االكتتاب‬

‫تتوقف صحة االكتتاب في شركات المساهمة على توفر مجموعة من الشروط أهمها‪:‬‬

‫خمسة‪3:‬‬ ‫‪ .1‬يجب أال يقل عدد المساهمين عن‬


‫وإذا اختل هذا الشرط في مرحلة التأسيس‪ ،‬طبقت مسطرة التسوية المنصوص عليها‬
‫في المادة ‪ 12‬والتي تخول لكل ذي مصلحة وللنيابة العامة تقديم طلب إلى القضاء لتوجيه أمر‬
‫بتسوية عملية التأسيس تحت طائلة غرامة تهديدية‪.‬‬

‫أما إذا نقص عدد المساهمين إلى أقل من خمسة ألكثر من سنة‪ ،‬جاز للقضاء الحكم‬
‫بحل الشركة بناء على طلب كل ذي مصلحة مع إمكانية منح المحكمة أجال أقصاه سنة‬
‫للشركة‪ ،4‬يالحظ أن األجل أصبح سنة بعدما كان مجرد ستة أشهر وذلك بمقتضى المادة‬
‫األولى من القانون ‪ 20.05‬لسنة ‪.2008‬‬

‫‪1‬نورالدين الفقيهي‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.262‬‬


‫‪ 2‬محمد اإلدريسي العلمي المشيشي‪ ،‬خصائص الشركات التجارية في التشريع الجديد‪ ،‬مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية‪ ،‬عدد ‪ 8‬يناير ‪ 6‬فبراير‪،‬‬
‫سنة ‪ .2008‬ص ‪ ،66‬أورده عالل فالي‪ ،‬مفهوم رأس المال في شركة المساهمة‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.198‬‬
‫‪3‬المادة ‪ ،1‬ف ‪ 3‬من قانون رقم ‪.17.95‬‬
‫‪4‬احمد شكري السباعي‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪137- 136‬‬
‫]‪[32‬‬
‫‪ .2‬أن يتم االكتتاب في كافة رأس المال‬
‫يجب أن يكون االكتتاب كليا في رأسمال شركات المساهمة‪ ،‬فإذا تم االكتتاب في جزء‬
‫من رأسمال الشركة فإن مشروع تأسيسها يعتبر فاشال وال يتم بالتالي تأسيسها‪ ،‬وهذا ما نصت‬
‫عليه الفقرة األولى من المادة ‪ 21‬من قانون ‪ 17.95‬التي جاء فيها‪ " :‬يجب أن يكتتب رأس‬
‫المال بالكامل وإال فال يتم تأسيس الشركة"‪ ،‬ويحظى مبدأ االكتتاب الكلي أو الكامل بأهمية‬
‫بالغة‪ ،‬إذ يعتبر رأسمال شركة المساهمة‪ ،‬الضمان الوحيد الذي يعول عليه دائنوها وال تتعدى‬
‫‪1‬‬
‫مسؤولية المكتتب نسبة حصته في ذلك الرأسمال‪.‬‬

‫هذا باإلضافة إلى أن كافة االكتتابات يشترط أن تكون حقيقية بحيث إذا ثبتت صورية إحداها‬
‫‪2‬‬
‫كانت الشركة باطلة‪.‬‬

‫‪ .3‬رضا المكتتب في االشتراك في رأسمال الشركة‬


‫أي أن يكون رضا المكتتب صحيحا خاليا من العيوب‪ ،‬كالتدليس أو الغلط أو الغبن‪،‬‬
‫فإن شابت هذه األخيرة رضا المكتتب يصبح االكتتاب في هذه الحالة قابال لإلبطال لمصلحة‬
‫المكتتب المتضرر‪ ،‬ومسألة بطالن االكتتاب ال تؤدي إلى بطالن الشركة نظرا لسهولة تعويض‬
‫المكتتب بمكتتب آخر‪.‬‬

‫‪ .4‬أن يتم تسديد ربع قيمة السهم على األقل‬


‫استوجب المشرع أن يتم تحرير األسهم الممثلة للحصص النقدية بما ال يقل عن الربع‬
‫من قيمتها اإلسمية‪ ،‬والجزء المتبقي يحرر دفعة واحدة أو على مراحل داخل أجل ال يتجاوز‬
‫ثالث سنوات من تاريخ تقييد الشركة في السجل التجاري‪ .3‬وقد خول القانون ‪ 20.05‬المعدل‬
‫والمتمم لقانون شركات المساهمة بمقتضى التعديل الذي أجراه على المادة ‪ 21‬لكل ذي مصلحة‬
‫أن يتقدم بطلب إلى رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجالت إلصدار أمر إلى الشركة تحت‬
‫طائلة غرامة تهديدية بالدعوة لدفع األموال غير المحررة‪.‬‬

‫أما بالنسبة لألسهم الممثلة للحصص العينية فقد استوجب المشرع تحريرها بالكامل‬

‫‪1‬شميعة‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.32‬‬


‫‪2‬فؤاد معالل‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.195‬‬
‫‪3‬الفقرة الثانية من المادة ‪21‬من قانون شركات المساهمة‬
‫]‪[33‬‬
‫‪1‬‬
‫عند إصدارها‪.‬‬

‫ويرجع السبب في ذلك إلى أن الحصص النقدية ال تكون الشركة في حاجة لها بالكامل‬
‫أثناء مرحلة التأسيس وبداية مزاولة الشركة لنشاطها‪ ،‬باعتبار أن عملها يكون على مراحل‬
‫‪2‬‬
‫وعلى خالف الحصص العينية التي تكون ضرورية لمباشرة العمل‪.‬‬

‫‪ .5‬أن يكون االكتتاب باتا وناجزا‬


‫أي يجب أن يكون االكتتاب باتا غير مقترن بشرط أو أجل‪ ،‬وذلك مثل اشتراط الحصول‬
‫على منصب المدير مقابل المساهمة بعدد كبير من األسهم‪ ،‬فمثل هذا الشرط يعتبر باطال إال‬
‫‪3‬‬
‫أنه ال يؤثر على االكتتاب الذي يعتبر صحيحا منتجا آلثاره‪.‬‬

‫وعموما بعد االنتهاء من االكتتاب في رأسمال شركات المساهمة‪ ،‬يتم التثبت من صحة‬
‫االكتتاب بواسطة تصريح يقدمه المؤسسون‪ ،‬في شكل محرر رسمي أو عرفي‪ ،‬ويودع لدى‬
‫كتابة ضبط محكمة مكان المقر االجتماعي للشركة‪ ،‬ويشهد المؤسسون في هذا التصريح بأنه‬
‫قد تم االكتتاب في كامل رأس المال والوفاء بربع قيمة األسهم الممثلة للحصص النقدية‪ ،‬ويقوم‬
‫الموثق أو كاتب الضبط حسب الحاالت بالتحقق من مطابقة تصريح المؤسسين مع الوثائق‬
‫المدلى بها والمتعلقة بشهادة من البنك تثبت إيداع األموال المحصلة من االكتتاب وقائمة‬
‫‪4‬‬
‫المكتتبين مع كشف األداءات التي قاموا بها ونسخة من النظام األساسي أو نظيرا منه‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬القيام بإجراءات الشهر‬

‫تتجلى مصيرية إجراءات الشهر المنصوص عليها في الفقرة ‪ 4‬من المادة ‪ 17‬من‬
‫قانون شركات المساهمة في كونها آخر إجراء من إجراءات التأسيس‪ ،‬وتتم عملية الشهر عن‬
‫طريق محطتين‪ ،‬نستهل األولى باإليداع (الفقرة األولى)‪ ،‬على أن نتطرق في الثانية إلى القيد‬
‫في السجل التجاري والنشر (الفقرة الثانية)‪ ،‬وهي مأمورية تقع على عاتق الممثلين القانونيين‬
‫للشركة أو كل وكيل مفوض تحت مسؤوليتهم‪.5‬‬

‫‪1‬الفقرة الثالثة من المادة ‪ 21‬من قانون شركات المساهمة‬


‫‪2‬فؤاد معالل‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.196‬‬
‫‪3‬المرجع نفسه‪ .‬ص ‪.196‬‬
‫‪4‬المادة ‪ 23‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬
‫‪ 5‬أنظر المادة ‪ 15‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬
‫]‪[34‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬اإليداع‬

‫ال تتأسس شركة المساهمة سواء كانت تدعو الجمهور لالكتتاب أو ال تدعو إلى ذلك‬
‫إال بتوفر إجراء اإليداع المنصوص عليه في المادتين ‪ 17‬و‪ 31‬من قانون ‪ 17.95‬الذي تم‬
‫‪1‬‬
‫تعديله وتتميمه بقانون رقم‪. 20.05‬‬

‫و من المعلوم أن لعملية اإليداع أهمية بالغة بخصوص اإلجراءات المتعلقة بتأسيس‬


‫شركة المساهمة‪ ،‬مادامت تعد هذه العملية اإلجراء األخير الالزم القيام به‪ ،‬والتي ما فتئ أن‬
‫صاحبت اإلجراءات المذكورة تغييرا أتى به قانون ‪ ،20.05‬حيث نسخ مقتضيات البند األول‬
‫من المادة ‪ ،31‬إذ تخلى عن إيداع تصريح بمطابقة التأسيس‪ ،‬و ذلك من منطلق أنه يمكن‬
‫إثارة المسؤولية الجنائية أو المدنية للمؤسسين و كذا أعضاء أجهزة اإلدارة و التدبير و التسيير‬
‫األوائل بغض النظر عن ذلك التصريح‪ ،‬ثم و ألن لكتابة الضبط سلطة فحص إجراءات التقييد‬
‫في السجل التجاري‪.2‬‬

‫وطبقا لمقتضيات المادة ‪ 31‬من ق‪.‬ش‪.‬م‪ ،‬يتعين على المؤسسين وأعضاء أجهزة‬
‫اإلدارة الجماعية والرقابة األولين‪ ،‬القيام بإيداع جملة من الوثائق لدى كتابة ضبط المحكمة‬
‫التجارية التي يوجد بها مقر الشركة التي هي في طور التأسيس‪ ،‬نوجزها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬أصل النظام األساسي أو نظير منه‬


‫‪ -2‬نظير من شهادة االكتتاب والدفع تبين االكتتاب في رأس المال وكذا حصة األسهم‬
‫المحررة من طرف كل مساهم‪ ،‬يمنحها البنك المودعة لديه األموال طبقا للمادة ‪22‬‬
‫من قانون شركات المساهمة؛‬
‫‪ -3‬قائمة المكتتبين مصادق عليها تتضمن باإلضافة إلى أسماء المكتتبين الشخصية‬
‫والعائلية عناوينهم وجنسياتهم‪ ،‬وصفاتهم ومهنهم‪ ،‬وعدد األسهم المكتتبة ومبلغ‬
‫الدفعات التي قام بها كل واحد منهم ‪.‬‬
‫‪ -4‬تقرير مراقب الحصص‪ ،‬عند االقتضاء‪.3‬‬

‫‪ 1‬الدكتور أحمد شكري السباعي‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.149‬‬


‫‪ 2‬عبد الرحيم شمعية‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.248_247‬‬
‫‪ 3‬عبارة " عند االقتضاء " قصد بها المشرع الحالة التي يوجد فيها حصص عينية أو امتيازات خاصة‪ ،‬وجب فحصها و تقديرها‬
‫لوضع تقرير لمراقب الحصص‪ .‬أما في حالة إذا كانت الحصص نقدية فقط فال يكون للتقرير وجود حسب سياق العبارة‪.‬‬
‫]‪[35‬‬
‫‪ -5‬نسخة من وثيقة تسمية أعضاء أجهزة اإلدارة أو التدبير أو التسيير أو مراقبي‬
‫الحسابات األولين‪ ،‬إذا تمت هذه التسمية بعقد منفصل‪.‬‬
‫ولإليداع أهمية بالغة‪ ،‬ألنه يساهم في تعزيز الشفافية وتقوية الرقابة وحماية االدخار‪،‬‬
‫ويترتب على اإلخالل بهذا اإلجراء ما يلي ‪:1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪-‬عدم قبول تقييد الشركة في السجل التجاري‪.‬‬
‫‪-‬اعتبار الشركة غير مؤسسة بصفة قانونية‪ ،‬إال أن الخلل في إنجاز هذه اإلجراءات‬
‫‪3‬‬
‫يمكن تداركه وتسويته طبقا للمادة ‪ 12‬من نفس القانون‪.‬‬
‫والجدير بالذكر‪ ،‬أنه وبالرغم من سكوت المشرع عن تحديد آجال لعمليات اإليداع‪ ،‬إال أنه‬
‫يجب أن يتم اإليداع داخل أجل ثالثة أشهر ابتداء من تأسيس الشركة‪ ،‬وذلك بالنظر إلى أن‬
‫هذا األجل هو المحدد إلجراء القيد في السجل التجاري‪ ،‬وهي العملية الموالية لإليداع) المادة‬
‫‪4‬‬
‫‪ 75‬من مدونة التجارة(‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬القيد في السجل التجاري والنشر‬

‫إن اإلجراء الموالي لعملية اإليداع يتجسد في تقييد شركة المساهمة في السجل التجاري‬
‫وفق الشروط التي ينص عليها التشريع المتعلق بذلك السجل‪ ،5‬ولهذه الشكلية أهمية كبرى‪،‬‬
‫فإضافة إلى أن السجل التجاري وسيلة للشهر وتمكين الجمهور من االطالع على مقتضيات‬
‫نظام الشركة‪ ،‬فال تتمتع هذه األخيرة بالشخصية المعنوية إال من تاريخ تقييدها في السجل‬
‫‪6‬‬
‫التجاري‪.‬‬

‫وهو األمر الذي كرسه قضاء محكمة النقض في أحد قراراته‪ ،‬الذي ورد فيه ما يلي‪:‬‬
‫" ال تعد شركة المساهمة شركة إال بعد القيام بإجراءات الشهر عن طريق النشر واإليداع و‬
‫القيد في السجل التجاري بواسطة إشعار في الجريدة الرسمية وفي صحيفة اإلعالنات القانونية‪،‬‬
‫وأن الطعن باالستئناف المقدم من طرفها قبل قيامها بمالءمة قانونها للقانون رقم ‪17/95‬‬

‫‪1‬احمد شكري سباعي‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.140‬‬


‫‪2‬الفقرة األولى من المادة ‪ 31‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬
‫‪3‬ال تطبق هنا أحكام المادة ‪ 15‬من قانون ‪ 17.95‬الن األمر يتعلق بالشهر المتعلق بالتأسيس‪.‬‬
‫‪4‬سعيد الروبيو‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص‪.61‬‬
‫‪5‬‬
‫أنظر المادة ‪ 32‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬
‫‪6‬انظر المادة ‪ 7‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬
‫]‪[36‬‬
‫المتعلق بشركات المساهمة وفق ما ذكر يكون غير مقبول ألنها وبهذه الوضعية ال تتمتع‬
‫‪1‬‬
‫بالشخصية المعنوية وال تملك أهلية التقاضي"‪.‬‬

‫وبعد هذا التقييد يتم شهر تأسيس الشركة بواسطة إشعار في الجريدة الرسمية وفي‬
‫صحيفة مخول لها نشر اإلعالنات القانونية والقضائية في أجل ال يتعدى ثالثين يوما‪ ،‬وتقضي‬
‫المادة ‪ 33‬من ق‪.‬ش‪.‬م أن يتضمن اإلشعار المنشور البيانات التالية ‪:‬‬

‫‪. 1‬تسمية الشركة متبوعة عند االقتضاء بمختصر تسميتها؛‬

‫‪ .2‬شكل الشركة؛‬

‫‪ .3‬إشارة مقتضبة لغرض الشركة؛‬

‫‪ .4‬المدة التي تم تأسيس الشركة من أجلها؛‬

‫‪ .5‬عنوان المقر االجتماعي؛‬

‫‪ . 6‬مبلغ رأس مال الشركة مع بيان لمبلغ الحصص النقدية باإلضافة إلى وصف‬
‫مقتضب للحصص العينية وتقييم لها؛‬

‫‪ .7‬االسم الشخصي والعائلي للمتصرفين أو أعضاء مجلس الرقابة ولمراقب أو‬


‫لمراقبي الحسابات وصفتهم وموطنهم؛‬

‫‪ .8‬مقتضيات النظام األساسي المتعلقة بتكوين االحتياطي وتوزيع األرباح؛‬

‫‪ .9‬االمتيازات الخاصة المنصوص عليها لفائدة كل شخص؛‬

‫‪ . 10‬اإلشارة عند االقتضاء لوجود مقتضيات متعلقة بقبول األشخاص المخول لهم‬
‫تفويت األسهم وتعيين جهاز الشركة المخول له البت في طلبات القبول؛‬

‫‪ .11‬رقم التقييد في السجل التجاري‪.‬‬


‫وال يمكن نشر هذا اإلشعار إال إذا وقعه الموثق أو الجهة التي أعدت عقد الشركة إن‬
‫اقتضى الحال أو أحد المؤسسين أو المتصرفين أو عضو في مجلس الرقابة الذين منح لهم‬

‫‪1‬قرار صادر عن مجلس األعلى‪ ،‬بتاريخ ‪ ،10/01/03‬تحت عدد ‪ ،57‬في الملف التجاري عدد ‪ ،08/1414‬منشور بالتقرير السنوي‬
‫‪1‬‬
‫لمحكمة النقض لسنة ‪ .2010‬ص‪.144‬‬
‫]‪[37‬‬
‫تفويض خاص بذلك‪.‬‬

‫هذا ويجب أن يكون النص المودع في السجل التجاري مطابقا مع النص المنشور في‬
‫الجريدة الرسمية‪ ،‬وإال فإنه ال يمكن االحتجاج به تجاه األغيار‪ ،‬غير انه يسوغ لألغيار‬
‫‪1‬‬
‫االحتجاج به ما لم تثبت الشركة اطالعهم على النص المودع‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى اإلجراءات السابقة فإن المشرع أوجب على شركات المساهمة بصفة‬
‫عامة أن تصرح بتأسيسها إلى وزارة الشغل ( ظهير ‪ 2‬يوليو‪ )1947‬و إلى مصلحة الضرائب‬
‫‪2‬‬
‫(ظهير ديسمبر‪.)1961‬‬

‫فضال عن ذلك يجب عندما يكون الغرض من إنشاء شركة المساهمة ممارسة أعمال‬
‫البنوك والتأمين وإعادة التأمين‪ ،‬أن يقدم تصريح بتأسيسها إلى وزارة المالية و الحصول على‬
‫إذن من هذه األخيرة لمزاولة هذه األنشطة‪ ،3‬وكذلك الشأن بالنسبة لممارسة عمليات استثمار‬
‫المعادن فيجب تقديم تصريح بها إلى وزارة المعادن( ظهير أبريل ‪.)1955‬‬

‫وعموما‪ ،‬يترتب على عدم احترام أحد اإلجراءات الالزمة لتأسيس شركة المساهمة‬
‫البطالن‪ ،‬إال أن هذا الجزاء ال ينسجم مع مستقبل الشركة االقتصادي واالجتماعي وألجل ذلك‬
‫ظهرت الحاجة إلى ضرورة القضاء على نظام البطالن واستبداله بنظام التسوية‪ ،‬إضافة إلى‬
‫‪4‬‬
‫تعزيز دعوى التسوية بجزاءات مدنية وجنائية‪.‬‬

‫‪1‬المادة ‪ 16‬من قانون شركات المساهمة‪.‬‬


‫‪2‬قؤاد معالل‪ ،‬المرجع المذكور‪ .‬ص ‪.202‬‬
‫‪3‬المادة ‪ 28‬من القانون رقم‪ 34.03‬المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها والمادة ‪ 161‬من مدونة التأمينات لسنة‬
‫‪.2002‬‬
‫‪4‬عبد القادر أمغار‪ ،‬المرجع المذكور‪.‬ص ‪.83‬‬
‫]‪[38‬‬
‫الخاتمة‬
‫وفي الختام‪ ،‬يمكننا القول أن شركات المساهمة تعد من أهم أنواع الشركات لما لها من‬
‫أهمية في تطوير القطاعات االقتصادية المختلفة للدول والرفع من مستوى التقدم الصناعي‬
‫واسهامها في االرتقاء بالمستوى االقتصادي للدولة من خالل التشجيع على استثمار المدخرات‬
‫الشخصية وتحريك رؤوس األموال المجمدة وذلك بتقديم ضمانات للمكتتب‪ /‬المساهم الذي‬
‫تقتصر مسؤوليته على حصته من األسهم‪ ،‬وهو ما تولى المشرع المغربي العمل على تطوير‬
‫تنظيمه من خالل مختلف التعديالت التي لحقت القانون ‪.17.95‬‬

‫والمالحظ أنه من خالل هذه التعديالت أضحت إجراءات تأسيس شركات المساهمة‬
‫التي تدعوا الجمهور الى االكتتاب قريبة جدا من إجراءات تأسيس شركات المساهمة التي ال‬
‫تدعوا إلى ذلك‪ ،‬ما عدا بعض االستثناءات التي تعلقت بحماية االدخار والمكتتبين واألغيار‬
‫والتي تتمثل في مبدأ اإلعالم‪ ،‬وذلك على خالف القانون الفرنسي الذي فصل بين هاذين‬
‫النوعين من الشركات‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع المغربي قد رتب جزاءات مدنية وأخرى زجرية على‬
‫مخالفة إجراءات التأسيس‪ ،‬بحيث منها المخالفات والعقوبات المتعلقة باألسهم وتداولها وكذا‬
‫التأسيس والعقوبات المتعلقة باالكتتاب‪ ،‬وبالرغم من ذلك فيمكن القول أن المقتضيات القانونية‬
‫إجماال ال تخلو من مرونة وهو أمر طبيعي‪ ،‬في ظل المنافسة الشرسة بين الدول الستقطاب‬
‫المستثمرين ورؤوس األموال‪ ،‬لتشجيع االستثمار واللجوء الى إنشاء المقاوالت من خالل‬
‫تسهيالت ومزايا تمنح لحاملي المشاريع‪.‬‬

‫]‪[39‬‬

You might also like