‫المحاضرة رقم (‪)11‬‬

‫المقياس‪:‬الجغرافيا السياحية‪.‬‬
‫المستوى‪ :‬سنة ثانية ماستر تسويق سياحي وفندقي‪.‬‬

‫‪ -1‬الجغرافيا السياحية‪ :‬مفهومها ومجاالت البحث والتطبيق فيها‪:‬‬

‫إن عملية انتقال السائح من مكان آل خر لها عالقة بالمكان والموقع والمناخ والصفات الطبيعية‪ ،‬والتي تحفز السائح المشقة‬
‫ّ‬
‫والعناء إلى الوصول إلى هذا البلد والتمتع فيه‪ ،‬فاليوم تلعب الخارطة العالمية‪ ،‬ومقاصد الجذب السياحي العالمية الجديدة منها‪ ،‬أو‬
‫المقاصد السياحية التقليدية‪ ،‬أهمية كبيرة وذلك من خالل اتحاد دول كانت مقسمة‪ ،‬أو العكس‪ ،‬دول كانت موحدة وانقسمت‪ ،‬وهذا ما‬
‫انعكس على جغرافية هذه الدول‪ ،‬وبالتالي أصبحت المسافات أقرب‪ ،‬وظهرت العديد من أنواع السياحة التي لها عالقة بالمواقع‬
‫الجغرافية‪.‬‬
‫‪ -1-1‬تاريخ علم الجغرافيا‪:‬‬
‫الجغرافيا كلمة مشتقة من أصل يوناني (‪ )GEO‬بمعنى األرض و(‪ )Grapheim‬ومعناه وصف أي أنها تعني علم الوصف‬
‫أي علم وصف األرض‪.‬‬
‫وقد القى هذا التعريف العديد من االنتقادات‪ ،‬وظهرت العديد من التعاريف منها‪ :‬علم العالقات‪ ،‬علم االختالف اإلقليمي‪،‬‬
‫أن الكتابات األولى لعلم الجغرافيا بشكل أوراق االغريقي اليوناني هومر (‪ )homer‬وكان ذلك في القرن‬
‫علم كوكب األرض‪ ،‬إال ّ‬
‫تعددت الكتابات الخاصة بهذا العلم‪ ،‬فكانت نشأته كبقية العلوم التي أبدع فيها اإلغريق‪ ،‬وقام‬
‫التاسع قبل الميالد‪ ،‬ثم بعد ذلك ّ‬
‫بتسمية هذا العلم بهذا االسم إيراثوسثينيس (‪ )Eratosthenes‬والذي لقب بأبو الجغرافيا لما له من فضل عليه‪ ،‬من حيث الحقائق‬
‫واالستنتاجات التي خرج بها‪ ،‬والتي من أهمها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬أنه قام بإطالق اسم الجغرافيا على هذا العلم‪.‬‬
‫‪ -2‬أنه قام بقياس محيط األرض باستخدام أساليب رياضية وزوايا متوسط الشمس على األرض‪.‬‬
‫‪ -3‬أنه قام بتقسيم األرض إلى عدة نطاقات شملت األقسام الرئيسية‪:‬‬
‫‪ -‬النطاق المداري (خط االستواء)‪.‬‬
‫‪ -‬النطاقين المعتدلين (مدار السلطان‪ ،‬ومدار الجدي)‪.‬‬
‫‪ -‬النطاقين القطبيين (القطب الشمالي والقطب الجنوبي)‪.‬‬
‫كبير‬
‫أما بالنسبة لدور اإلمبراطوريات في هذا العلم فقد كان واضحا‪ ،‬فكانت البداية في عصر اإلمبراطورية الرومانية تعرف توسعا ًا‬
‫من حيث السيطرة على الكثير من بقاع العالم‪ ،‬وغيرت الكثير من الخارطة الجغرافية بعد هذه الحقبة‪ ،‬جاءت الحقبة اإلسالمية‪،‬‬
‫حيث أضافت الكثي ر لعلم الجغرافيا‪ ،‬فبدأ المسلمون بالتركيز على الناحية الدينية‪ ،‬وساهم الرحالة العرب والذين كانوا على مستوى‬
‫عالي من العلم في تطويره‪ ،‬أهمهم اإلدريسي الذي رسم أول خارطة‪ ،‬الخوارزمي‪ ،‬المقدسي‪..‬إلخ‪.‬‬
‫ومن أهم الذين ساهموا باالكتشافات الجغرافيا‪:‬‬
‫‪ -‬كريستوف كلمبس اكتشف أمريكا ‪.1741‬‬
‫فاسكو دي جاما الذي تمكن من الدوران حول أفريقيا عام ‪.1114‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬أما حديثا فعلم الجغرافيا شأنه كشأن العلوم األخرى‪ ،‬فقد صحبه تقدم مماثل في علوم أخرى أضافت إليه الكثير منها‪ ،‬علوم‬
‫البحار‪ ،‬االرض والصخور واإلحصاء‪ ،‬التجارة واإلنتاج‪ ،‬مما أدى إلى توسيع البحث والدراسة فيها‪.‬‬
‫‪ -‬أقسام علم الجغرافيا‪:‬‬

‫الجغرافيا الطبيعية‬ ‫الجغرافيا البشرية‬

‫‪ -‬الصخور والمعادن‬ ‫‪ -‬السكان‬
‫‪ -‬التضاريس‬ ‫‪ -‬المستوطنات‬
‫‪ -‬األتربة‬ ‫‪ -‬النشاطات االقتصادية‬
‫‪ -‬الغطاء النباتي‬ ‫‪ -‬النشاطات الرقمية‬
‫‪ -‬الغطاء المائي‬ ‫‪ -‬الدين‬
‫‪ -‬الغالف الجوي‬ ‫‪ -‬النظام السياسي‬
‫‪ -‬البيئة‬ ‫‪ -‬النظام الزراعي‬
‫‪ -‬النظام المدني (الحضري) ‪ -‬المناخ والطقس‬
‫‪ -‬المحيطات والبحار‬
‫ما هي أنواع السياحة التي في معظمها تعتمد على الجغرافيا بشقها الطبيعي والبشري؟‬
‫‪ -2-1‬مفهوم السياحة وتطورها‪:‬‬
‫إن السياحة هي ظاهرة قديمة عرفها اإلنسان منذ نشأته‪ ،‬وعموما من الصعب أن نلم بتاريخ السياحة ككل‪ ،‬ولكن سوف نحاول‬
‫التطرق إلى أهم الحقائق في كافة العصور‪.‬‬
‫‪ -‬العصور القديمة‪ :‬أخذت السياحة في هذه العصور شكلين من أشكال السفر‪:‬‬
‫‪ -1‬السفر من أجل التجارة‪ :‬وفي هذا الجانب قطع التجار مساحات طويلة من أجل التبادل التجاري مع قبائل ودول أخرى‪ ،‬حيث‬
‫كانت رحالتهم محفوفة بالمخاطر والمشقة‪.‬‬
‫‪ -2‬السفر من أجل أداء طقوس دينية‪ :‬إذ كان الهدف م ن العطل هو الجانب الديني‪ ،‬فكلمة (‪ )Holiday‬مشتقة من ( ‪Holy‬‬
‫‪ :)day‬وتعني األيام المقدسة‪ ،‬فالسياحة في هذه المرحلة لم تتطور بشكل كاف لتشمل دوافع أخرى على غرار المرحلة التالية‪.‬‬
‫‪ -‬العصور الوسطى‪ :‬كان اتجاه السياحة في تلك العصور إلى التجارة‪ ،‬الحج‪ ،‬الرحالت والدراسة‪ ،‬حيث انفرد العرب من الفترة بين‬
‫القرن ‪ 8‬و ‪ 17‬في تطوير مبادئ السياحة وقد وضعوا األسس األولى لمعظم مبادئ السياحة‪ ،‬فمن الوقائع الثابتة أن معظم البالد‬
‫اإلسالمية كانت أكثر البلدان تقدم ا حيث كانت بغداد وقرطبة أكثر المدن ثراء فكانت تجارة العالم تجري إليها‪ ،‬كما انطلق الرحالة‬
‫العرب يجولون العالم‪ ،‬حيث ترك هؤالء العرب وثائق سياحية ‪( ...‬ابن بطوطة) حيث تطورت األسفار بمختلف دوافعها‪ ،‬والتي‬
‫تمثلت فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬دوافع التجارة‪ :‬حيث انتقل مركز التجارة من روما إلى بيزنطة‪ ،‬ثم الدول العربية اإلسالمية‪ ،‬وكانت بغداد وقرطبة تشكالن مركز‬
‫التجارة العالمية‪.‬‬
‫‪ -2‬الدافع الديني‪ :‬شهد تطو ار كبي ار عند جميع األديان المقدسة‪ ،‬وكان هناك دمج بين األهداف الدينية وأهداف الترفيه فضال عن‬
‫ظهور الحمالت التبشيرية المسيحية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -3‬دافع الرحالت واالستكشاف‪ :‬وكانت لهدف طلب العلم‪ ،‬حيث كان طالب العلم يسافرون إلى المراكز العلمية بهدف االلتحاق‬
‫بالمدارس آنذاك‪.‬‬
‫‪ -7‬دوافع توطيد العالقات‪ :‬خاصة إلى الدول العربية مثل زيارة الملك شارمان إلى بغداد في عهد الخليفة هارون الرشيد‪.‬‬
‫وبالتالي فالسياحة عرفت دفعة نوعية في هذه المرحلة لكنها تطورت بشكل كبير في عصر النهضة‪.‬‬
‫‪ -‬العصور الحديثة‪ :‬فعصر النهضة تميز بتغيرات عديدة في المجال العلمي مثل االكتشافات الجغرافية التي أدت إلى زيادة السفر‬
‫واالكتشاف كريستوف كولومبس ألمريكا ‪1748‬م‪.‬‬
‫وفي أواخر القرن ‪ 18‬وبداية القرن ‪ 14‬اتجه السياح إلى القارات األخرى عابرين البحار والمحيطات إلى القارات الحديثة مثل‬
‫أمريكا استراليا‪.‬‬
‫فقد أحدثت الثورة الصناعية في القرن ‪ 14‬تغي ار واضحا في وسائل المواصالت‪ ،‬هذا ما أدى إلى سهولة السفر والتنقل‪،‬‬
‫إضافة إلى اختصار الوقت‪.‬‬
‫ومع مرور الوقت ظهرت السياحة الجماهيرية التي تعتبر سياحة كافة الناس على مختلف المستويات‪ ،‬وخالل القرن العشرين‬
‫أصبحت السياحة تدريجيا جزء رئيسيا من الحياة االجتماعية واالقتصادية‪.‬‬
‫‪ -‬تعريف الخدمات السياحية‪:‬‬
‫يعود أصل كلمة سياحة "‪ "tourism‬في اللغات األوروبية إلى الكلمة اليونانية "‪ "tomos‬وهو اسم آللة يشبه شكل الفرجار‬
‫(المدور)‪ ،‬وأدخلت إلى اللغة الالتينية ليقصد بها المسار الدائري ‪ ،‬ويعكس هذا المسار مفهوم حركة السياحة التي تنطلق من نقطة‬
‫يعرفها من الجانب‬
‫لتعود إليها مرة أخرى‪ ،‬وللخدمات السياحية العديد من التعاريف‪ ،‬وكل منها يختلف عن اآلخر‪ ،‬فبعضهم ّ‬
‫االجتماعي وآخرون من الجانب االقتصادي‪ ،‬ومنهم من يركز على دورها في تنمية العالقات الدولية‪ ،‬أو يرونها عامل من عوامل‬
‫التنمية المستدامة ‪...‬إلخ‪.‬‬
‫ومن بين أقدم تعاريف السياحة التي وضعها إثنان من رواد البحث في مجال السياحة هما (هانزيكر وكرابف) ( ‪Hunziker‬‬
‫‪ )and Krapf‬سنة ‪ 1492‬حيث عرفها على أنها " مجموعة الظواهر والعالقات الناشئة عن السفر والبقاء في مكان غير مكان‬
‫الموطن بالكيفية التي ال تقود إلى إقامة دائمة أو ارتباط بأي نشاط لكسب المال"‪.‬‬
‫أما المنظمة العالمية للسياحة (‪ )OMT‬واللجنة اإلحصائية لألمم المتحدة سنة ‪ 2999‬فعرفتها على أنها "األنشطة التي يقوم‬
‫بها األشخاص خالل سفرهم والبقاء في أماكن خارج بيتهم المعتاد لفترة زمنية ال تتجاوز سنة لقضاء وقت الفراغ واألعمال التجارية‬
‫وأغراض أخرى‪.‬‬
‫من خالل التعاريف الموضوعة من طرف العديد من الكتاب والباحثين والمنظمات والهيئات الدولية تطور مفهوم السياحة‬
‫بشكل جدري‪ ،‬حيث‪:‬‬
‫‪ -1‬ارتبط بالسفر والبقاء في مكان معين‪.‬‬
‫‪ -2‬اعتبرت السياحة نشاطا يساهم في توطيد العالقات بين المجتمعات‪.‬‬
‫‪ -3‬ارتبط بتحقيق حاجات اإلنسان من ترفيه ومتعة واستجمام‪.‬‬
‫‪ -7‬تطور إلى تلبية االحتياجات االقتصادية‪ ،‬االجتماعية والبيئية والتي تمثل أبعاد التنمية المستدامة السياحية‪.‬‬
‫‪ -3-1‬مفهوم جغرافية السياحة وتأثيرها على صناعة السياحة‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -1-3-1‬تطور الجغرافية السياحية‪ :‬قبل الولوج في تعريف الجغرافيا السياحية البد من اإلشارة إلى العوامل التي ساعدت على‬
‫تطورها وهي كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬رحالت االستكشاف الكبرى‪ :‬وخاصة التي بدأت من بعد قيام الدولة اإلسالمية‪ ،‬وامتدت هته الفترة من القرن الخامس عشر إلى‬
‫أواخر القرن التاسع عشر‪ ،‬حيث انهمك الفكر الجغرافي بمتابعة الكشوفات في أمريكا الشمالية والوسطى والجنوبية وفي أستراليا‬
‫وتحمل الجغرافيون مسؤولية تسجيل هذا الحصاد المفيد لكي يكون رصيد لحساب المعرفة لمادة الجغرافيا السياحية‪.‬‬
‫‪ -2‬التحول من الوصف ورصد الحقائق إلى التوزيع والتعليل والربط‪ ،‬فبعد أن أفلح العرب في وصف األماكن التي وصلوا إليها‬
‫سواء في ظل الفتحات اإلسالمية كتجار والتي امتدت لتصل إلى الصين‪ ،‬كما هو الحال في إسبانيا التي ظلت أسماء مدنها العربية‬
‫دليل قوي على وصول اإلسالم إليها مثل غرناطة واشبيليا ‪ ،‬وقد استفاد الفكر الجغرافي الحديث من هذا الوصف لينتقل إلى مرحلة‬
‫التفسير والتعليل والتوزيع الخاص بالسياح‪ ،‬حيث تعتبر الخريطة األداة المناسبة لتمثيل هذا التوزيع‪ ،‬أما التعليل يأتي بعدما يثير‬
‫التوزيع االنتباه‪ ،‬ويستهدف التفسير لمثل هذا التوزيع البحث عن السبب أو األسباب الكامنة التي تحكم التوزيع‪.‬‬
‫أن مصطلح الجغرافيا السياحية لم يظهر بشكله المتعارف عليه حاليا‪ ،‬إالّ في بداية عام ‪ 1491‬حيث‬
‫وتذكر المصادر العلمية إلى ّ‬
‫اشتمل المفهوم تسليط الضوء على الظواهر التالية‪:‬‬
‫‪ -‬متابع انتشار السياح عالميا ودراسة سوق السياحة العالمية‪.‬‬
‫‪ -‬تسجيل احتماالت التكرار أو االختالف في تدفق المجاميع السياحية على المستوى اإلقليمي أو القطري أو العالمي‪.‬‬
‫‪ -‬تبيان أثر العوامل الطبيعية والبشرية في أسباب تطور وبلورة السياحة‪.‬‬
‫‪ -‬تمثيل المناطق السياحية في خرائط موضوعية‪.‬‬
‫‪ -‬أسباب وأشكال الحركة السياحية‪.‬‬
‫‪ -‬إظهار العالقة والتأثير المتبادلين بين السياحة والعوامل الجغرافية‪.‬‬
‫‪ -‬إظهار دور السياحة كجزء من صورة الطبيعة وكعامل مؤثر في تطوير المظاهر الحضارية‪ ،‬حيث أصبح وصف وتحليل لطبيعة‬
‫المظهر الحضاري وتغيره من المسائل المركزية في دراسة الجغ ارفيا السياحية‪.‬‬
‫ويمكن أن نلخص االهتمامات الجغرافية خالل الفترة الممتدة التي سبقت الحرب العالمية الثانية لظاهرة السياحة من خالل‬
‫زاويتين هما‪:‬‬
‫‪ -‬عالقة السياحة بحركة السكان وهو أمر يتطلب البحث عن األسباب الحقيقية والكامنة للعوامل المسؤولة عن اشتراك الفرد بالتجربة‬
‫السياحية وتتبع النتائج‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة السياحة بزيادة موارد اإلقليم االقتصادية سواء من خالل حركة السياحة الداخلية أو الخارجية‪.‬‬
‫بعد ذلك تعدد مناهج الدراسة في الجغرافية السياحية والتي تتراوح بين األصولية واإلقليمية والتطبيقية من جهة وتعددت الصالت‬
‫تعددت المفاهيم والتعاريف التي سوف نذكر أهمها في المحاضرة‬
‫الوثيقة بين فروع الجغرافيا المتعددة من جهة أخرى‪ ،‬ومن هنا ّ‬
‫الالحقة‪.‬‬

‫‪4‬‬