You are on page 1of 18

‫لمتابعة شرح هذه المادة وغيرها يرجى الضغط هنا‬

‫~‪~1‬‬
‫لوالصثا لوالسثام على الرسو‪ :‬اليمن لوعلى آله لوأصحةبه أجمعن‬

‫الدرس اللو‪ :‬الضاة لثال‬


‫• عن بريدة أن النبي ‪ ‬قال‪( :‬القضاة ثالثة‪ :‬قاضيان في النار‪ ،‬وقاض في الجنة‪ ،‬رجل قضى بغير الحق فعلم ذاك‬
‫فذاك في النار‪ ،‬وقاض ال يعلم فأهلك حقوق الناس فهو في النار‪ ،‬وقاض قضى بالحق فذلك في الجنة)‪.‬‬ ‫حديث‬
‫الدرس‬

‫• راوي الحديث هو الصحابي الجليل بريدة بن عبد هللا األسلمي‪ ،‬أسلم قبل بدر‪ ،‬لم يشهد غزوة بدر لكنه شهد أحدا‬
‫والحديبية وبيعة الرضوان‪ ،‬توفي بمرو ودفن بها سنة ‪ 63‬هـ‪.‬‬ ‫ترجمة‬
‫الراوي‬
‫• الحديث أخرجه اإلمام الترمذي في األحكام‪-‬باب ما جاء عن رسول هللا ‪ ‬في القاضي‪ ،‬وأبو داود في األقضية‪-‬باب‬
‫في القاضي يخطئ‪ ،‬وابن ماجة في األحكام‪-‬باب الحاكم يجتهد فيصيب الحق‪ ،‬والحاكم في كتاب األحكام وقال‪:‬‬ ‫تخريج‬
‫صحيح اإلسناد‪.‬‬ ‫الحديث‬
‫• ‪-‬لغة‪ :‬يطلق على عدة معان‪ ،‬منها‪ :‬األمر‪ ،‬والحكم‪..‬‬
‫تعريف • ‪-‬واصطالحا‪ :‬عرفه ابن عرفة بقوله‪ " :‬صفة حكمية توجب لموصوفها نفوذ حكمه الشرعي‪ ،‬ولو بتعديل أو تجريح‪ ،‬ال‬
‫في عموم مصالح المسلمين"‪.‬‬ ‫القضاء‬
‫• دل على مشروعيته الكتاب والسنة‪ ،‬فمن الكتاب قوله تعالى‪ ( :‬يا داوود إنا جعلناك خليفة في األرض فاحكم بين‬
‫الناس بالحق‪ ،)...‬ألن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد ناسخ‪ ،‬ومن السنة‪ :‬قوله ‪( :‬إنما أنا بشر وإنكم تختصمون‬
‫مشروعيته إلي‪.)...‬‬

‫• شرع اإلسالم القضاء ألنه وسيلة لتحقيق العدل‪ ،‬ونصر المظلوم‪ ،‬وأداء الحق لمستحقه‪ ،‬وكف يد‬
‫الظالم‪ ،‬واإلصالح بين الناس‪.‬‬ ‫حكمة‬
‫تشريعه‬
‫• للقضاء منزلة رفيعة في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬فهو عمل األنبياء‪ ،‬وصناعة الحكماء‪ ،‬قال تعالى‪( :‬يا داود إنا‬
‫جعلناك خليفة في األرض فاحكم بين الناس بالحق‪ ،)..‬وقد تولى الرسول ‪ ‬القضاء بين المسلمين‪ ،‬وكذا‬ ‫منزلة القضاء‬
‫الخلفاء بعده‪ ،‬واتفق العلماء على أنه فرض كفاية؛ ألن أمور الناس ال تستقيم بدونه‪.‬‬ ‫في اإلسالم‬

‫• القاضي الجائر (رجل قضى بغير الحق فعلم ذاك فذاك في النار)‪ ،‬الجائر في الحكم ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب‪،‬‬
‫قال تعالى‪( :‬وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا)‪ ،‬وقال ‪ ( :‬إن هللا مع القاضي ما لم يجر‪ ،‬فإذا جار تخلى عنه‬ ‫الصنف األول‬
‫ولزمه الشيطان)‪.‬‬ ‫من القضاة‬

‫• القاضي الجاهل ( وقاض ال يعلم فأهلك حقوق الناس فهو في النار)‪ ،‬ال يجوز للشخص أن يتولى منصب القضاء وال أهلية له بذلك؛ ألن‬
‫من أهم الشروط التي يجب أن تتوفر في من يتولى القضاء أن يكون لديه من العلم بكتاب هللا وسنة نبيه ‪ ‬ما يعرف به الحق من‬ ‫الصنف الثاني‬
‫الباطل‪ ،‬بعد علم حازه يمكنه من االجتهاد‪ ،‬قال تعالى‪( :‬فاحكم بين الناس بالحق) والحكم بالحق ال يكون إال بالعلم‪.‬‬ ‫من القضاة‬

‫• القاضي العادل (وقاض قضى بالحق فذلك في الجنة)‪ ،‬إن العدل مقصد أساسي من مقاصد الشريعة اإلسالمية‪ ،‬ويستند هذا المقصد‬
‫على نصوص شرعية كثيرة‪ ،‬منها قوله تعالى‪( :‬إن هللا يامر بالعدل واإلحسان)‪ ،‬ومنها الحديث القدسي الذي يقول فيه هللا تعالى‪( :‬يا‬
‫عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فال تظالموا)‪ ،‬فالعدل واجب مع جميع الناس بغض النظر عن دينهم‬ ‫الصنف الثالث‬
‫وانتماءاتهم‪ ،‬والشارع الحكيم كما رتب وعيدا على من جار في األحكام‪ ،‬رتب أجرا لمن حكم بالحق‪ ،‬يقول النبي ‪( :‬إن المقسطين‬ ‫من القضاة‬
‫عند هللا على منابر من نور عن يمين الرحمان ‪-‬وكلتا يديه يمين‪ -‬الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا)‪.‬‬

‫~‪~2‬‬
‫الدرس الثةني الترغنب في الضاةء بةلحق‬
‫• عن أم سلمة عن النبي ‪ ‬قال‪( :‬إنما أنا بشر‪ ،‬وإنكم تختصمون إلي‪ ،‬ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض‪،‬‬
‫وأقضي له على نحو ما أسمع‪ ،‬فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فال يأخذ‪ ،‬فإنما أقطع له قطعة من النار)‪.‬‬ ‫حديث‬
‫الدرس‬
‫• هي الصحابية الجليلة هند بنت أمية القرشية المخزومية أم المؤمنين المشهورة بأم سلمة‪ ،‬أول مهاجرة دخلت المدينة‪،‬‬
‫لما توفي زوجها الذي أصيب في أحد تزوجها النبي ‪ ، ‬روت الكثير من األحاديث وكانت تعد من فقهاء الصحابة‬ ‫ترجمة‬
‫وممن كان يفتي‪ ،‬توفيت سنة ‪ 61‬هـ وهي آخر من توفي من أمهات المؤمنين‪.‬‬ ‫الراوي‬

‫•الحديث أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الحيل‪ -‬باب إذا غصب جارية فزعم أنها ماتت فقضي بقيمة الجارية‪ ،‬وأخرجه أيضا في كتاب المظالم‪-‬باب إثم من‬
‫خاصم في باطل وهو يعلمه‪ ،‬ومسلم في األقضية‪-‬باب الحكم بالظاهر واللحن بالحجة‪ ،‬وأبو داود في كتاب األقضية‪-‬باب في قضاء القاضي إذا أخطأ‪ ،‬وابن‬ ‫تخريج‬
‫ماجة في كتاب األحكام‪-‬باب قضية الحاكم ال تحل حراما وال تحرم حالال‪ ،‬واإلمام مالك في الموطأ كتاب األقضية‪-‬باب الترغيب في القضاء بالحق‪.‬‬
‫الحديث‬

‫• المقصود ببشرية ‪ ‬في قوله‪( :‬إنما أنا بشر) أي أنه عليه الصالة والسالم كسائر البشر ال يعلم بواطن األمور‪ ،‬بل‬
‫يحكم بين الناس انطالقا من الظاهر‪.‬‬ ‫بشرية‬
‫النبي ‪‬‬

‫• في قوله ‪( :‬إنما أنا بشر) قصر مجازي باعتبار علم الغيب والباطن؛ ألنه ‪ ‬يزيد على غيره بما‬
‫أعطاه له هللا تعالى من المعجزات واالطالع على بعض الغيوب‪.‬‬ ‫فائدة‬
‫بالغية‬

‫• دل قوله ‪( :‬وإنكم تختصمون إلي) على أنه حين يقع تخاصم أو سوء فهم بين المسلمين يجب أن يرجعوا إلى النبي ‪ ‬ليحكم فيما بينهم؛ ألنه هو‬
‫الحاكم في زمانه‪ ،‬فال يجوز الحكم ألحد غيره إال من قدّمه على ذلك‪ ،‬لقوله تعالى‪( :‬فال وربك ال يومنون حتى يح ّكموك فيما شجر بينهم‪ ،)...‬وبعد‬ ‫االحتكام‬
‫وفاته ‪ ‬يجب االحتكام إلى الحاكم أو من يمثله من القضاة‪.‬‬
‫إليه ‪‬‬
‫• دل قوله ‪( :‬وإنما أقضي على نحو مما أسمع) على أن القاضي يعتمد في حكمه على الحجج والبيّنات‪ ،‬وال يجوز له أن يستند إلى علمه في إصدار‬
‫الحكم‪ ،‬والعلة في منع ذلك‪ :‬التهمة‪.‬‬
‫قضاء الحاكم •‪-‬أما الشافعي فقال‪ :‬يقضي بعلمه مطلقا؛ ألنه قاطع بصحة ما يقضي به‪.‬‬
‫اعتمادا على‬
‫•‪-‬وقال أبو حنيفة‪ :‬يقضي بما علم في المال فقط دون غيره‪.‬‬ ‫علمه‬

‫اللحن‪ ،‬أي‪ :‬الفطنة والذكاء وهو ما عليه أكثر الشراح‪ ،‬وهو أولى كما يدل عليه قوله ‪( :‬فأقضي له)‪.‬‬
‫• قيل‪ :‬من َ‬
‫• وقيل‪ :‬من اللحْ ن‪ ،‬أي‪ :‬الصرف عن الصواب واإلعجاز عن اإلعراب بالحجة‪ ،‬فيكون معناه أقضي عليه‪.‬‬ ‫معنى (ألحن)‬

‫• حكم القاضي بخالف الواقع ال يحل حراما وال يحرم حالال بدليل قوله ‪( :‬فمن قضيت له بشيء من‬
‫حق أخيه فال يأخذن منه شيئا‪.)...‬‬ ‫مجانبة الحاكم‬
‫للصواب‬

‫• معنى ذلك أن مآله النار‪ ،‬إذ أطلق عليه ذلك ألنه سبب في حصول النار له‪ ،‬فهو مجاز مرسل‪ ،‬كما في‬ ‫معنى (أقطع‬
‫قوله تعالى‪( :‬إن الذين ياكلون أموال اليتامى ظلما إنما ياكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا)‪.‬‬ ‫له قطعة من‬
‫النار)‬

‫~‪~3‬‬
‫الدرس الثةلث الضاةء بةلنمن لوالشةهد‬

‫• عن ابن عباس أن الرسول ‪( :‬قضى بيمين وشاهد)‪.‬‬ ‫حديث‬


‫الدرس‬

‫• هو الصحابي الجليل عبد هللا بن عباس بن عبد المطلب‪ ،‬ابن عم رسول هللا ‪ ، ‬حبر هذه األمة وفسر كتاب هللا‬
‫تعالى وترجمانه‪ ،‬ولد قبل الهجرة بثالث سنوات‪ ،‬دعا له النبي ‪ ‬فقال‪ :‬اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل‪ ،‬توفي‬
‫ترجمة‬
‫سنة ‪ 68‬بالطائف وهو ابن ‪ 70‬سنة‪.‬‬
‫الراوي‬

‫• أخرجه مسلم في صحيحه كتاب األقضية‪-‬باب القضاء باليمين والشاهد‪ ،‬وأبو داود في سننه كتاب األقضية‪-‬باب‬
‫القضاء باليمين والشاهد‪ ،‬وابن ماجة في األحكام‪-‬باب القضاء بالشاهد واليمين‪ ،‬وأحمد في مسند عبد هللا بن عباس‪.‬‬ ‫تخريج‬
‫الحديث‬

‫• اليمين‪ :‬لغة‪ :‬الجارحة المعلومة‪ ،‬واصطالحا‪ :‬القسم‪.‬‬


‫شروح لغوية • قضى بيمين وشاهد‪ :‬حكم للمدعي بيمينه مع شاهد واحد‪.‬‬
‫واصطالحية‬

‫• األصل في الفصل بين المتنازعين هو وجود شاهدين لقوله تعالى‪( :‬واستشهدوا شهيدين من رجالكم)‪ ،‬لكن إذا‬
‫تعذر ذلك ولم يجد المدعي إال شاهدا واحدا فإن الحاكم يقضي بالشاهد واليمين‪ ،‬فقد قضى بذلك النبي ‪ ‬كما في‬
‫قضاء رسول هللا‬
‫حديث الباب‪.‬‬ ‫باليمين والشاهد‬

‫• ذهب جمهور العلماء منهم الخلفاء الراشدون‪ ،‬وعمر بن عبد العزيز‪ ،‬ومعظم علماء األمصار‪ ،‬ومالك‪ ،‬والشافعي‪،‬‬
‫وأحمد إلى جواز القضاء بالشاهد واليمين‪ ،‬وحجتهم أن حديث الباب رواه أكثر من عشرين صحابيا‪ ،‬وإجماع أهل‬
‫مذهب الجمهور المدينة على ذلك قرنا بعد قرن‪ ،‬والقياس‪ ،‬غير أن معظم هؤالء يرون ذلك في المال أو ما يؤدي إليه ال في جميع‬
‫في القضاء بهما القضايا‪.‬‬

‫• ذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى عدم جواز ذلك مطلقا‪ ،‬وحجتهم في ذلك أن القضاء بالشاهد واليمين مخالف للقرآن حيث قال عز وجل‪( :‬واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا‬
‫رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء‪ ،)...‬فاآلية حصرت قضاء القاضي في شهادة رجلين‪ ،‬أو رجل وامرأتين‪ ،‬والقضاء بالشاهد واليمين زيادة على النص القرآني‪،‬‬
‫والزيادة على النص نسخ‪ ،‬وأخبار اآلحاد ال تنسخ المتواتر‪ ،‬إذ أخبار الشاهد واليمين كلها آحادية‪ .‬وأن اليمين جعلت للنفي ال لإلثبات أي يطالب بها المدعى عليه حينما ينكر دعوى‬
‫المدعي‪.‬‬ ‫مذهب الحنفية‬

‫• الزيادة من السنة على القرآن ليست نسخا في بعض األحكام وإنما هي زيادة بيان؛ ألن النسخ هو رفع الحكم األول وإزالته وكل من الشاهدين‪ ،‬والشاهد‬
‫والمرأتين قد بقيت‪ ،‬كما أن الحنفية أنفسهم قد أخذوا بأحكام زائدة عما في القرآن وردت في السنة ولم تصل إلى حد التواتر أو الشهرة‪ ،‬كحرمة نكاح المرأة‬
‫على عمتها‪ ،‬وكذلك أن الحنفية يحتجون باألحاديث التي جعلت اليمين على المدعى عليه وينكرون أحاديث الشاهد واليمين رغم أنها كلها ثابتة عن رسول‬ ‫رد مذهب‬
‫هللا ‪.‬‬ ‫الحنفية‬

‫~‪~4‬‬
‫الدرس الرابع أجر االجتهةد‬
‫• عن عمرو بن العاص أنه سمع النبي ‪ ‬يقول‪( :‬إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله‬
‫أجران‪ ،‬وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر)‪.‬‬ ‫حديث الدرس‬

‫• هو الصحابي الجليل عمرو بن العاص بن وائل السهمي‪ ،‬أحد فرسان قريش وأبطالها‪ ،‬أسلم قبل‬
‫فتح مكة‪ ،‬جعله النبي ‪ ‬واليا على عمان‪ ،‬وفتح مصر في عهد عمر بن الخطاب ليصبح واليا‬
‫عليها بعد فتحها‪ ،‬توفي سنة ‪ 43‬هـ‪ ،‬وقد تجاوز عمره ‪ 90‬سنة‪ ،‬وروى ‪ 39‬حديثا‪.‬‬ ‫ترجمة الراوي‬

‫• أخرجه البخاري في صحيحه كتاب االعتصام بالكتاب والسنة‪-‬باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب‬
‫أو أخطأ‪ ،‬ومسلم في كتاب األقضية‪-‬باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ‪ ،‬وأبو داود‬
‫تخريج‬
‫كتاب األقضية‪-‬باب في القاضي يخطئ‪ ،‬وابن ماجة كتاب األحكام‪-‬باب الحاكم يجتهد‪.‬‬ ‫الحديث‬

‫• الحاكم‪ :‬القاضي‪ .‬اجتهد‪ :‬بذل وسعه في استنباط الحكم‪ .‬أصاب‪ :‬صادف الحكم الصحيح الموافق‬
‫للشرع‪.‬‬ ‫شروح لغوية‬
‫واصطالحية‬

‫• أجمع المسلمون على أن الحاكم العالم إذا اجتهد في حكم فأصاب فإن له أجرين‪ ،‬أجر االجتهاد‪،‬‬
‫وأجر موافقته للصواب‪ ،‬لكن إذا حكم بغير علم فإنه يلحقه االثم سواء أصاب وجه الحق أم ال؛ ألن‬
‫إصابته ليست صادرة عن أصل شرعي‪ ،‬وقد سبق لنا الحديث عن القاضيين اللذين يدخالن النار‬ ‫موافقة الحاكم‬
‫أحدهما قاض جاهل‪.‬‬ ‫للصواب‬

‫المصوبة‪ :‬يرى أصحاب هذا المذهب أن كل مجتهد مصيب وهو مذهب أهل الكالم‪ ،‬وعلى هذا فليس هلل حكم‬ ‫ّ‬ ‫•‬
‫معين في أي مسألة‪.‬‬
‫المخطئة‪ :‬يرى أصحاب هذا المذهب أن الحق عند هللا واحد غير متعدد فمن وصل إليه مصيب‪ ،‬ومن لم يصل‬ ‫ّ‬ ‫هل كل مجتهد •‬
‫إليه مخطئ ومعذور‪ ،‬وهو مذهب جمهور أهل العلم واألئمة األربعة‪.‬‬ ‫مصيب؟‬

‫• إذا حكم الحاكم في نازلة ما بما توفر عنده من حجج وليس كذلك عند هللا فله أجر اجتهاده‪ ،‬فالحاكم‬
‫قد يصيب وقد يخطئ‪ ،‬لكنه ال يؤاخذ بإعطاء الحق لغير مستحقه بل الوزر على الظالم كما يستفاد‬
‫مجانبة الحاكم‬
‫من الحديث السابق (فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فال يأخذ‪.)..‬‬ ‫للصواب‬

‫~‪~5‬‬
‫الدرس الخةيمس اختثاف المجتهدي‬
‫ْن إحْ دَ ا ُه َما‪َ ،‬فقا َل ْ‬ ‫ان معهُما ا ْب َنا ُه َما‪َ ،‬جا َء ِّ‬
‫الذ ْئبُ َف َذ َه َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ب باب ِ‬ ‫(بينما ام َْرأ َت ِ‬ ‫• عن أبي هريرة عن النبي‬
‫ضى به ل ِْل ُكب َْرى‪َ ،‬ف َخ َر َج َتا‬ ‫ب با ْبنِكِ ‪َ ،‬ف َت َحا َك َم َتا إلى دَ اوُ دَ ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫ت األ ْخ َرى‪ :‬إ َّنما َذ َه َ‬ ‫ُ‬ ‫ب با ْبنِكِ ‪ ،‬وقال ِ‬ ‫ح َب ُت َها‪ :‬إ َّنما َذ َه َ‬ ‫صا ِ‬ ‫َ‬
‫ُك هللاُ‪ ،‬هو‬ ‫َّ‬ ‫ت الص ُّْغ َرى‪ :‬ال َت ْف َع ْل َيرْ َحم َ‬ ‫شقُّ ُه ب ْي َن ُه َما‪َ ،‬فقال ِ‬ ‫َ‬
‫ين أ ُ‬ ‫ِّ‬
‫ك‬ ‫س‬
‫ِّ‬ ‫بال‬ ‫ِي‬ ‫ن‬‫و‬‫ت‬‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ئ‬ ‫ا‬ ‫‪:‬‬‫ل‬‫َ‬ ‫قا‬‫ف‬‫َ‬ ‫ُ‪،‬‬ ‫ه‬‫ا‬‫ت‬‫َ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫فأخ‬ ‫دَ‬ ‫اوُ‬ ‫دَ‬ ‫بن‬ ‫ان‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫س‬
‫ُ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حديث الدرس‬
‫ْ‬
‫ضى به لِلصُّغ َرى)‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ابن َها‪ ،‬فق َ‬ ‫ُ‬

‫• هو الصحابي الجليل أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني أسلم سنة ‪ 7‬هـ‪ ،‬سكن الصّفة‬
‫والزم النبي ‪ ‬مالزمة تامة وكان أكثر الصحابة رواية للحديث فقد روى ‪ 5374‬حديثا‪ ،‬توفي رضي‬
‫ترجمة‬
‫هللا عنه سنة ‪ 58‬هـ‪.‬‬ ‫الراوي‬

‫• الحديث أخرجه مسلم في صحيحه كتاب األقضية‪-‬باب اختالف المجتهدين‪ ،‬والبخاري في كتاب أحاديث‬
‫األنبياء‪-‬باب قول هللا تعالى‪( :‬ووهبنا لداود وسليمان نعم العبد إنه أواب)‪ ،‬وكتاب الفرائض‪-‬باب إذا دعت‬
‫تخريج‬
‫المرأة ابنا‪ ،‬والنسائي كتاب آداب القضاة‪-‬باب حكم الحاكم بعلمه‪ ،‬وأحمد كتاب باقي مسند المكثرين‪.‬‬ ‫الحديث‬

‫• يعرض هذا الحديث االختالف بين حاكمين اللذين هما نبيا هللا داود وسليمان في قضية المرأتين إذ ال بينة لواحدة‬
‫منهما‪ ،‬فقضى داود للمرأة الكبرى إما لشبه رآه فيها‪ ،‬أو أنه كان في شريعته الترجيح بالكبر‪ ،‬أو لكون الطفل كان‬
‫االختالف بين في يدها‪ .‬أما سليمان فتوصل إلى باطن القضية بحيلة حيث أوهم المرأتين بشق الطفل بالسكين فلما رأى جزع‬
‫الصغرى وشفقتها على الطفل وإقرار الكبرى بعد ذلك حكم للصغرى ال بمجرد الشفقة بل بإقرار الكبرى‪.‬‬ ‫حاكمين‬

‫• المجتهد ال ينقض حكم المجتهد‪ ،‬والجواب على هذه المسألة من أوجه‪ :‬أوال أن داود لم يكن قد جزم بالحكم‪،‬‬
‫وثانيا أن يكون ذلك فتوى من داود ال حكما منه‪ ،‬ثالثا لعله كان في شرعهم فسخ الحكم إذا رفعه الخصم إلى‬
‫هل يعتبر حكم حاكم آخر يرى خالفه‪ ،‬رابعا أن سليمان فعل ذلك حيلة إلظهار الحق وظهور الصدق فلما أقرت به الكبرى عمل‬
‫سليمان نقضا بإقرارها وإن كان بعد الحكم‪ ،‬كما إذا اعترف المحكوم له بعد الحكم أن الحق هنا لخصمه‪.‬‬
‫لحكم داود؟‬

‫• اختلف العلماء في رجوع الحاكم عن حكمه بعد قضائه باجتهاده إلى حكم آخر‪ ،‬فقال بعضهم يمكن له ذلك ما دام‬
‫رجوع الحاكم في واليته‪ ،‬وأما إن كان في والية أخرى فال‪ ،‬قال القرطبي‪( :‬رجوع القاضي عما حكم به إذا تبين الحق في‬
‫غيره ما دام في واليته أولى)‪.‬‬ ‫عن حكمه‬
‫األول‬

‫• يقول هللا تعالى‪ ( :‬وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين‪ ،)...‬توضح هذا اآلية أن‬
‫االختالف في الفتوى واألحكام بعد بذل الجهد وتوفر الشروط يؤجر عليه صاحبه‪ ،‬حيث قضى نبي هللا داود بأن يسلم صاحب الغنم‬
‫غنمه لصاحب الزرع‪ ،‬وقضى سليمان بأن يسلم صاحب الغنم غنمه لصاحب الزرع لينتفع بها‪ ،‬ويسلم صاحب الزرع زرعه‬ ‫االختالف في‬
‫لصاحب الغنم ليقوم به وينتفع به حتى إذا عاد الزرع إلى حاله التي أصابته الغنم في السنة المقبلة رد كل واحد منهما ماله إلى‬ ‫الفتوى واألحكام‬
‫صاحبه‪ ،‬فسيدنا داود لم يخطئ مع ذلك حيث قال تعالى‪( :‬وكال آتينا حكما وعلما)‪.‬‬ ‫يؤجر عليه‬
‫صاحبه‬

‫~‪~6‬‬
‫الدرس السةدس اإلصثاح بن الخصمن‬
‫قار ِه َجرَّ ًة فيها َذ َهبٌ ‪،‬‬
‫قار في َع ِ‬ ‫(ا ْش َت َرى َر ُج ٌل مِن َرج ٍُل َعقارً ا له‪َ ،‬ف َو َج َد ال َّر ُج ُل الذي ا ْش َت َرى َ‬
‫الع َ‬ ‫• عن أبي هريرة قال‪ :‬قال النبي‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ت‬ ‫بعْ‬ ‫ما‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫إ‬ ‫‪:‬‬ ‫ض‬
‫َ‬ ‫األرْ‬ ‫ى‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ش‬ ‫الذي‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫فقا‬ ‫‪،‬‬ ‫ب‬ ‫ه‬
‫َ َ‬ ‫َّ‬
‫الذ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫عْ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ب‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ض‬
‫َ‬ ‫األرْ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ْت‬ ‫ي‬‫ر‬‫َ‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫ْ‬
‫ش‬ ‫ا‬ ‫ما‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫إ‬ ‫ي‪،‬‬‫ن‬‫ِّ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫ذ‬ ‫ْ‬
‫قار‪ُ :‬خ َ َ َ‬
‫ذ‬ ‫الع َ‬‫فقا َل له الذي ا ْش َت َرى َ‬
‫ٌ‬
‫جار َية‪ ،‬قا َل‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫أحدهُما‪ :‬لي غال ٌم‪ ،‬وقا َل اآلخرُ لي ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ض‪ ،‬وما فيها‪ ،‬قا َل‪ :‬فتحاكما إلى َرج ٍُل‪ ،‬فقا َل الذي تحاكما إل ْي ِه‪ :‬ألكما ولد؟ فقا َل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫األرْ َ‬ ‫حديث‬
‫صدَّقا)‪.‬‬ ‫الجار َي َة‪ ،‬وأَ ْنفِقُوا علَى أ ْنفُسِ ُكما منه و َت َ‬
‫ِ‬ ‫أ ْن ِك ُحوا ال ُغال َم‬ ‫الدرس‬

‫• سبقت ترجمته (في الحديث الخامس)‬ ‫ترجمة‬


‫الراوي‬

‫• أخرجه مسلم في صحيحه كتاب األقضية‪-‬باب استحباب إصالح الحاكم بين خصمين رقم‪،1721 :‬‬
‫والبخاري في صحيحه كتاب أحاديث األنبياء‪-‬باب ‪ 54‬بدون ترجمة‪ ،‬وأحمد في مسنده‪-‬مسند أبي هريرة‪.‬‬ ‫تخريج‬
‫الحديث‬

‫• العقار‪ :‬أصل األموال من األرض وما يتصل بها‪ .‬الجرة‪ :‬جمع جرة وجرات وهي إناء من خزف‪.‬‬
‫• شرى‪ :‬باع‪ .‬الجارية‪ :‬البكر التي لم يسبق لها الزواج‪ .‬لم أبتع‪ :‬لم أشتر‪.‬‬ ‫شروح لغوية‬
‫واصطالحية‬

‫• لقد حث الشرع الحكيم على اإلصالح بين الناس نظرا لما يحققه من الحفاظ على تماسك األفراد والجماعات‪ ،‬قال‬
‫تعالى‪ ( :‬ال خير في كثير من نجواهم إال من أمر بصدقة أو معروف أو إصالح بين الناس‪ ،)..‬والمصلح مأجور‬
‫أهمية اإلصالح‬
‫لقوله ‪ ( :‬كل سالمى من الناس عليه صدقة‪ ،‬كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة‪.)..‬‬ ‫بين الناس‬

‫• في حديث الدرس يخبرنا الرسول ‪ ‬عن رجلين صالحين من األمم السابقة‪ ،‬اشترى أحدهما من اآلخر أرضا فوجد فيها جرة مملوءة‬
‫بالذهب‪ ،‬فطلب من البائع أن يأخذها العتقاده أنه اشترى األرض فقط ال ما فيها‪ ،‬لكن البائع أبى أن يأخذها العتقاده أن ما في األرض‬
‫يدخل مع األرض‪ ،‬وهذا ما يدل على حرصهما على الكسب الطيب الذي حث عليه الشرع الحكيم‪.‬‬ ‫قضية نزاع‬
‫المتبايعين‬

‫• ظاهر الحديث أن الرجلين هما اللذين جعال هذا الشخص حاكما عليهما‪ ،‬وعلى هذا فهو حجة لإلمام مالك الذي‬
‫يرى أن المتداعيين إذا حكما بينهما من له أهلية الحكم صح‪ ،‬ولزمهما حكمه ما لم يكن جورا حتى ولو خالف رأي‬
‫االحتكام إلى قاضي البلد‪ ،‬وقال أبو حنيفة‪ :‬إن وافق رأي قاضي البلد نفذ وإال فال‪ ،‬أما الشافعي فقال مثل مالك‪ ،‬وقال أيضا‪ :‬ال‬
‫يلزم حكمه بل يكون كالفتوى فقط‪.‬‬ ‫رجل عاقل‬

‫• جاء في آخر الحديث‪ ( :‬أنكحوا الغالم الجارية وأنفقوا على أنفسكما منه وتصدقا)‪ ،‬نالحظ أن اإلنكاح واإلنفاق جاء بصيغة الجمع‪،‬‬
‫بينما النفسين والتصدق جاء بصيغة التثنية‪ ،‬وربما السر في ذلك كما يقول ابن حجر أن الزوجين كانا محجورين وإنكاحهما ال بد مع‬
‫وليهما‪ ،‬وكذلك اإلنفاق قد يحتاج فيه إلى المعين كالوكيل‪ ،‬أما تثنية النفسين فلإلشارة إلى اختصاص الزوجين بذلك‪ ،‬وأما تثنية‬
‫التصديق فلإلشارة إلى أن يباشراها بغير واسطة لما في ذلك من الفضل‪ ،‬وأيضا فهي تبرع ال يصدر من غير الرشيد‪..‬‬ ‫فائدة‬

‫~‪~7‬‬
‫الدرس السةبع خنر الشهداء‬
‫داء الذي َيأْتي ب َ‬
‫شهادَ تِ ِه َق ْبلَ أنْ‬ ‫(أَال أ ُ ْخبِ ُر ُك ْم َ‬
‫بخ ْي ِر ال ُّ‬
‫ش َه ِ‬ ‫• عن زيد بن خالد الجهني أن النبي‬
‫ُي ْسأَلَها)‪.‬‬ ‫حديث‬
‫الدرس‬

‫• هو الصحابي الجليل زيد بن خالد الجهني يكني أبا عبد الرحمان‪ ،‬أو أبا طلحة‪ ،‬كان معه لواء جهينة‬
‫يوم الفتح‪ ،‬توفي رضي هللا عنه بالمدينة سنة ‪ 78‬هجرية وهو ابن ‪ 85‬سنة وقد روى ‪ 81‬حديثا‪.‬‬ ‫ترجمة‬
‫الراوي‬
‫• الحديث رواه مسلم في صحيحه كتاب األقضية‪-‬باب بيان خير الشهود‪ ،‬وأخرجه أيضا الترمذي في سننه كتاب‬
‫الشهادات‪-‬باب ما جاء في الشهداء أيهم خير‪ ،‬وأبو داود في سننه كتاب األقضية‪-‬باب في الشهادة مع زيادة (أو‬
‫يخبر بشهادته) بعد قوله (الذي يأتي بشهادته)‪ ،‬ومالك في الموطأ كتاب األقضية‪-‬باب ما جاء في الشهادات بزيادة‬ ‫تخريج‬
‫(أو يخبر بشهادته قبل أن يسألها)‪.‬‬ ‫الحديث‬

‫• بخير الشهداء‪ :‬الشهداء جمع شهيد‪ ،‬والشهيد هو الذي يؤدي الشهادة بأن يخبر ما رأى ويقر بما‬
‫علم‪ ،‬وخير الشهداء هو أكملهم في رتبة الشهادة وأكثرهم ثوابا عند هللا‪.‬‬ ‫شروح لغوية‬
‫• بشهادته‪ :‬الشهادة هي اإلخبار بحق شخص على غيره عن مشاهدة وعيان‪.‬‬ ‫واصطالحية‬

‫• األصل في مشروعيتها قوله تعالى‪( :‬وأقيموا الشهادة هلل)‪ ،‬وحكم تحملها فرض كفاية‪ ،‬وقد يتعين‬
‫في حق من لم يوجد غيره‪ ،‬أما حكم أدائها ففرض عين لقوله تعالى‪( :‬وال ياب الشهداء إذا ما‬ ‫حكم‬
‫دعوا)‪.‬‬ ‫الشهادة‬

‫•من تكريم فضيلة الشهادة أن يصف القرآن الكريم بها رسول هللا ‪ ‬غير ما مرة‪ ،‬قال تعالى‪( :‬يا أيها النبيء إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا‬
‫ونذيرا‪ ،)..‬فالشهادة هي وسيلة إلثبات الحقوق لذويها وصيانتها من كل مدع وظالم‪ ،‬وإقامتها تعني أداؤها بحق وعدل من غير كتمان وال‬
‫تغيير وال تحيز ألي طرف من األطراف أيا كان‪ ،‬فالعدل في الشهادة واجب لقوله تعالى‪( :‬يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين هلل شهداء‬ ‫فضل إقامة الشهادة‬
‫بالقسط)‪ ،‬ومن ثمرات إقامة الشهادة صيانة النفس من الوقوع في شهادة الزور التي تعتبر من أكبر الكبائر كما جاء في الحديث‪.‬‬ ‫والقيام بها‬

‫• يتفاوت الشهداء في الخيرية والفضل‪ ،‬وخيرهم هو من يدلي بالشهادة متى احتاج إليها المشهود له‪ ،‬سواء علم هذا‬
‫األخير بهذه الشهادة أم ال‪ ،‬وسواء سئلها الشاهد أم لم يسألها‪ ،‬ويعبر هذا التصرف من الشاهد عن مدى حبه الخير‬
‫للناس‪ ،‬كما يعتبر نصرا لصاحب الحق الذي يجهل حقه ويدخل هذا من باب تنفيس الكرب‪.‬‬ ‫خير الشهداء‬

‫•‪ - 1‬الشهادة في حديث ذمها معناها اليمين‪ ،‬أي يحلف قبل أن يتحلف؛ ألن اليمين تسمى شهادة أيضا كما في قوله تعالى‪( :‬فشهادة أحدهم أربع شهادات باهلل)‪.‬‬
‫•‪- 2‬حديث المدح مجاز ومبالغة في أداء الشهادة بعد طلبها ال قبله‪.‬‬
‫الجمع بين حديث •‪ - 3‬حديث المدح محمول على من عنده شهادة إلنسان بحق وال يعلم ذلك اإلنسان أنه شاهد فيأتي إليه فيخبره بأنه شاهد‪ ،‬وحديث الذم محمول على من معه‬
‫مدح الشهادة قبل‬
‫الذم شهادة آلدمي عالم بها فيشهد وال يستشهد‪.‬‬ ‫طلبها وحديث‬

‫~‪~8‬‬
‫الدرس الثةيم المسةلوا أيمةم الضاةء‬
‫• عن عائشة رضي هللا عنها‪( :‬أنَّ قري ًشا أهمَّهم شأنُ المرأ ِة المخزوم َّي ِة الَّتي َسرقت‪ ،‬فقالوا‪ :‬من يُكلِّ ُم فيها رسو َل هللاِ ﷺ؟ فقالوا‪:‬‬
‫ومن يجترئ عليه إال أسماة حِب رسول هللا ﷺ‪ ،‬فكلَّمه أسام ُة فقال رسو ُل هللاِ ﷺ‪ :‬أتش َف ُع في ح ٍّد من حدو ِد هللاِ ؟ ث َّم قام فاختطب‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬أيها الناس إ َّنما أهلك الَّذين قبلكم أ َّنهم كانوا إذا سرق فيهم ال َّشريفُ تركوه‪ ،‬وإذا سرق فيهم الضَّعيفُ أقاموا عليه الحدَّ‪ ،‬واي ُم‬ ‫حديث‬
‫ُ‬
‫لقطعت ي َدها)‪.‬‬ ‫هللا ! لو أنَّ فاطم َة بنتَ مح َّم ٍد سرقت‪،‬‬
‫ِ‬ ‫الدرس‬

‫• هي أم المؤمنين عائشة الصديقية رضي هللا عنها‪ ،‬ولدت في السنة التاسعة قبل الهجرة‪ ،‬وتعتبر أفقه نساء األمة‬
‫على اإلطالق‪ ،‬روت ‪ 2210‬أحاديث‪ ،‬وتوفيت بالمدينة سنة ‪ 58‬للهجرة ودفنت في البقيع‪.‬‬ ‫ترجمة‬
‫الراوي‬

‫• الحديث رواه مسلم في صحيه كتاب الحدود‪ -‬باب قطع السارق الشريف وغيره والنهي عن الشفاعة في الحدود‪ ،‬وأخرجه بألفاظ مختلفة كل من‬
‫البخاري في كتاب الحدود‪-‬باب كراهية الشفاعة في الحد إذا رفع إلى السلطان‪ ،‬وأبي داود في السنن كتاب الحدود‪-‬باب في الحد يشفع‪ ،‬والترمذي‬
‫في السنن كتاب الحدود عن رسول هللا‪-‬باب ما جاء في كراهية أن يشفع في الحدود‪ ،‬وابن ماجة في السنن كتاب الحدود‪-‬باب الشفاعة في الحدود‪،‬‬ ‫تخريج‬
‫والنسائي كتاب قطع السارق‪-‬باب ذكر اختالف ألفاظ الناقلين لخبر الزهري في المخزومية التي سرقت‪.‬‬
‫الحديث‬

‫• أهمهم‪ :‬أقلقهم وأحزنهم‪ .‬المخزومية‪ :‬نسبة إلى بني مخزوم واسمها فاطمة بنت األسود بن عبد األسد‪.‬‬
‫شروح لغوية • يجترئ‪ :‬من الجرأة والشجاعة‪ .‬وايم هللا‪ :‬كلمة قسم‪ ،‬يقال‪ :‬وايم هللا ألفعلن كذا‪.‬‬
‫واصطالحية‬

‫• لقد شرع هللا الحدود ألنها خير وسيلة للقضاء على الجريمة واإلجرام‪ ،‬وألنها تحفظ األموال والممتلكات من‬
‫أهمية إقامة العدوان عليها‪ ،‬ولما تلعبه من دور في تنمية المجتمع ونشر الخير وتعميم الرخاء فقد جاء في الحديث‪( :‬حدّ يعمل‬
‫به في األرض خير ألهل األرض من أن ُيمطروا أربعين صباحا)‪.‬‬ ‫الحدود‬

‫• الشرف والمكانة ال يدفعان الحد عن أحد؛ ألن الحد حق هللا‪ ،‬وحقوق هللا يجب الوفاء بها‪ ،‬فنالحظ أن النبي ‪ ‬لم‬
‫يقبل شفاعة أسامة في المرأة المخزومية‪ ،‬فكيف يقبلها وهو القائل‪( :‬أقيموا حدود هللا في القريب والبعيد وال‬ ‫ال شفاعة‬
‫تأخذكم في هللا لومة الئم)‪ ،‬ومن شدة تمسكه ‪ ‬بإقامة الحد حلف أنه لو صدر هذا األمر من ابنته لما شفع لها‪.‬‬ ‫في الحدود‬

‫• يعتبر تحقيق المساواة مطلبا شرعيا وواجبا دينيا‪ ،‬وتتأسس هذه المساواة على عدة أسس أهمها‪ :‬وحدة الخلق والمنشأ‬
‫أي أن الناس كلهم من آدم وآدم من تراب‪ ،‬وحدة الغاية والتكليف وهي إخالص العبادة هلل‪ ،‬ولهذه االعتبارات يجب‬ ‫خطورة عدم‬
‫الحرص الشديد على تطبيق المساواة بين الناس في تنزيل األحكام عليهم وفق ما يقتضيه الشرع‪.‬‬ ‫المساواة أمام‬
‫القضاء‬

‫• إن من عواقب عدم المساواة أمام القضاء ما يلي‪ :‬تعطيل أحكام هللا وشرعه‪ ،‬وإعراض عن ذكره وهو سبب من أسباب‬
‫الشقاء‪ ،‬انتشار الظلم بكل أنواعه بين أفراد المجتمع‪ ،‬التجرؤ على القيم والمقدسات وعلى انتهاك حدود هللا‪.‬‬ ‫عواقب عدم‬
‫المساواة أمام‬
‫القضاء‬

‫~‪~9‬‬
‫الدرس التةسع يمحةسب المسؤلولن‬
‫َرج ًُال م َِن األسْ دِ‪ُ ،‬ي َقا ُل له‪ :‬ابنُ اللُّ ْتبِ َّيةِ‪ ،‬قا َل َع ْم ٌرو َوابنُ أَ ِبي ُع َم َر‪ :‬علَى‬ ‫• عن أبي ُحميد الساعدي قال‪( :‬اسْ َتعْ َم َل َرسو ُل ِ‬
‫هللا‬
‫هللا‪َ ،‬وأث َنى عليه‪َ ،‬وقا َل‪ :‬ما َبا ُل‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫على ال ِمن َب ِر‪َ ،‬ف َح ِم َد َ‬ ‫َ‬ ‫ِي لِي‪ ،‬قا َل‪َ :‬ف َقا َم َرسو ُل هللاِ‬ ‫ص َد َقةِ‪َ ،‬فلَمَّا َق ِد َم قا َل‪ :‬هذا لَ ُك ْم‪َ ،‬وهذا لِي‪ ،‬أ ُ ْهد َ‬ ‫ال َّ‬
‫ظ َر أَ ُيهْدَ ى إلَ ْي ِه أَ ْم َال؟ َوالَّذِي َن ْفسُ‬ ‫ُ‬
‫ت أ ِّمهِ‪ ،‬ح َّتى َي ْن ُ‬ ‫ت أَ ِبيهِ‪ ،‬أَ ْو في َب ْي ِ‬ ‫ِي لِي‪ ،‬أَفال َق َعدَ في َب ْي ِ‬ ‫َعام ٍِل أَ ْب َع ُثهُ‪ ،‬ف َيقو ُل‪ :‬هذا لَ ُك ْم‪َ ،‬وهذا أُهْ د َ‬
‫م َُح َّم ٍد ب َي ِدهِ‪ ،‬ال َي َنا ُل أَ َح ٌد مِن ُكم منها شي ًئا َّإال َجا َء به َيو َم القِ َيا َم ِة َيحْ ِملُ ُه علَى ُع ُنقِ ِه َبعِي ٌر له ُرغَاءٌ‪ ،‬أَ ْو َب َق َرةٌ لَ َها ُخ َوارٌ ‪ ،‬أَ ْو َشاةٌ َت ْيعِرُ ‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫حديث‬
‫ت؟ َم َّر َتي ِ‬
‫ْن)‪.‬‬ ‫ْط ْيهِ‪ُ ،‬ث َّم قا َل‪ :‬اللَّ ُه َّم‪ ،‬ه ْل َبلَّ ْغ ُ‬
‫َر َف َع َي َد ْي ِه ح َّتى َرأَ ْي َنا ُع ْف َر َتيْ إب َ‬ ‫الدرس‬

‫• هو أبو حميد الساعدي األنصاري المدني‪ ،‬قيل‪ :‬اسمه عبد الرحمن‪ ،‬وقيل‪ :‬المنذر بن سعد‪ ،‬توفي‬
‫سنة ‪ 60‬للهجرة‪ ،‬وله حديث في وصف هيئة صالة رسول هللا ‪ ‬ووقع له في مسند بقية بن‬ ‫ترجمة‬
‫مخلد ‪ 26‬حديثا‪.‬‬
‫الراوي‬

‫• أخرجه مسلم في كتاب اإلمارة‪-‬باب تحريم هدايا العمال‪ ،‬والبخاري بألفاظ مختلفة في صحيحه كتاب الزكاة‪-‬‬
‫باب (والعاملين عليها) وفي األحكام ‪-‬باب هدايا العمال‪ ،‬وفي الهبة‪-‬باب من لم يقبل الهدية لعلة‪ ،‬وفي الحيل‪-‬‬
‫باب احتيال العامل ليهدى له‪ ،‬وأخرجه أبو داود في كتاب الخراج واإلمارة والفيء‪-‬باب في هدايا العمال‪.‬‬ ‫تخريج‬
‫الحديث‬

‫• البعير‪ :‬ما صلح للركوب والحمل من اإلبل‪ ،‬إذا استكمل أربع سنوات‪ .‬رغاء‪ :‬صوت اإلبل‪.‬‬
‫شروح لغوية • خوار‪ :‬صياح البقر‪ .‬تيعر‪ :‬تصيح‪ ،‬واليعار هو صوت الشاة‪ .‬عفرتي إبطيه‪ :‬عفرة اإلبط هي البياض‬
‫ليس بالناصع بل فيه شيء كلون األرض‪.‬‬ ‫واصطالحية‬

‫• للمسؤولية أهمية قصوى ومكانة شريفة في اإلسالم‪ ،‬يستحق القائم بها أعلى الدرجات‪ ،‬وتكون سببا لنيل رضا‬
‫هللا والجنة‪ ،‬وفي المقابل تجعل المقصر في القيام بها من الهالكين كما جاء في الحديث‪( :‬ما من عبد يسترعيه‬
‫هللا رعية فلم يحطها بنصحه إال لم يجد رائحة الجنة)‪ ،‬وهي ملزمة لجميع أفراد المجتمع كل على حسب‬ ‫أهمية‬
‫موقعه كما ورد في الحديث‪( :‬كلكم راع‪ ،‬وكل راع مسؤول عن رعيته‪.)..‬‬ ‫المسؤولية‬

‫• المال يعتبر في اإلسالم من الضروريات الخمس التي جاءت الشريعة لحفظها؛ ألنه قوام الحياة‪ ،‬وقد أولى‬
‫اإلسالم المال رعاية كبيرة وعناية فائقة لصيانته من الضياع‪ ،‬من مظاهر هذه الرعاية محاسبة المسؤولين من‬
‫العمال واألمناء وغيرهم‪ ،‬فهذا الحديث الذي بين أيدينا يجسد محاسبة الرسول ‪ ‬البن اللتبية وينكر عليه قبوله‬ ‫محاسبة‬
‫للهدايا التي أهديت إليه حين قيامه بمهمة الجباية‪.‬‬ ‫المسؤولين‬
‫على المال‬

‫• تعتبر الخيانة في اإلسالم من مساوئ األخالق التي ال تليق بالمسلم‪ ،‬وقد حذر منها الشرع في غير ما موضع‪،‬‬
‫من ذلك قوله تعالى‪( :‬يا أيها الذين آمنوا ال تخونوا هللا والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون)‪ ،‬وللخيانة‬
‫عاقبة الخيانة عواقب وخيمة منها الفضيحة على رؤوس األشهاد يوم القيامة‪ ،‬احتراق الغال بما غل كما في آخر الحديث‪:‬‬
‫(والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا)‪.‬‬ ‫في اإلسالم‬

‫~‪~10‬‬
‫الدرس العةشر اإلسثام لوالضرآن‬
‫سوران‪ ،‬فيهما‬
‫ِ‬ ‫صراطا مستقيمًا ‪ ،‬وعلى ج ْن َب َتيِ الصراطِ‬ ‫ً‬ ‫ضربَ هللاُ تعالى ً‬
‫مثال‬ ‫• عن النواس بن سمعان األنصاري عن رسول هللا‬
‫وداع يدعُو مِنْ‬
‫ٍ‬ ‫جوا‪،‬‬ ‫وَّ‬ ‫عَ‬‫ت‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫َ‬
‫وال‬ ‫ًا‬
‫ع‬ ‫جمي‬ ‫َ‬
‫الصراط‬ ‫ادخلوا‬ ‫!‬ ‫الناسُ‬ ‫ُّها‬‫ي‬‫أ‬ ‫يا‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫يقو‬ ‫داع‬ ‫الصراطِ‬ ‫ب‬‫ِ‬ ‫با‬ ‫وعلى‬ ‫ب ستو ٌر مُرْ َخاةٌ‪،‬‬ ‫أبوابٌ ُم َف َّتحَ ُة ‪ ،‬وع َلى األبوا ِ‬
‫ِ‬
‫ُّوران حدو ُد‬
‫ِ‬ ‫س‬ ‫وال‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫اإلسال‬ ‫ُ‬
‫فالصراط‬
‫ُ‬
‫ُ‪،‬‬
‫ه‬ ‫ِجْ‬ ‫ل‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫حْ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ف‬‫ْ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫نْ‬ ‫إ‬
‫ِ ِ‬ ‫كَ‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫فإ‬ ‫ُ‪،‬‬ ‫ه‬ ‫حْ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ْ‬
‫ف‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ال‬ ‫كَ‬ ‫حَ‬‫ي‬‫ْ‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫قال‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫ْوا‬
‫ب‬ ‫األ‬ ‫كَ‬ ‫ْ‬
‫ِل‬ ‫ت‬ ‫ِنْ‬
‫م‬ ‫ا‬ ‫ً‬
‫ئ‬ ‫شي‬ ‫يفتحَ‬ ‫أنْ‬ ‫نسانُ‬ ‫َف ْو ِق الصراطِ ‪ ،‬فإذا أرادَ ِ‬
‫اإل‬ ‫حديث‬
‫ب ُك ِّل مسل ٍِم)‪.‬‬ ‫هللا في ْقل ِ‬ ‫واعظ ِ‬ ‫فوق‬ ‫ِنْ‬ ‫م‬ ‫والداعي‬ ‫ِ‪،‬‬
‫هللا‬ ‫كتابُ‬ ‫الصراطِ‬ ‫رأس‬ ‫على‬ ‫ي‬ ‫اعِ‬ ‫َّ‬
‫د‬ ‫ال‬ ‫ِكَ‬ ‫ل‬ ‫وذ‬ ‫تعالى‪،‬‬ ‫هللا‬
‫ِ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫محار‬ ‫هللاِ‪ ،‬واألبوابُ ْال ُم َف َّتحَ ُة‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدرس‬

‫• هو الصحابي الجليل النواس بن سمعان‪ ،‬يقال‪ :‬أن أباه وفد على النبي ‪ ‬فدعا له النبي ‪‬‬
‫وأعطى النبي نعليه فقبلهما منه ‪.‬‬ ‫ترجمة‬
‫الراوي‬

‫• الحديث أخرجه اإلمام أحمد في مسند الشاميين‪ ،‬وأخرجه أبو داود في سننه كتاب أبواب األمثال عن رسول هللا‬
‫‪-‬باب ما جاء في مثل هللا عز وجل لعباده‪ ،‬وأخرجه السيوطي في الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير‬ ‫تخريج‬
‫تحت رقم ‪ 5211‬مع اختالف في اللفظ‪.‬‬
‫الحديث‬

‫• الصراط‪ :‬الطريق الواضح‪ ،‬والمقصود به اإلسالم‪ .‬ستور مرخاة‪ :‬ستور مسبلة تكف بصر السالك‪ ،‬وال تمنع‬
‫من يريد الدخول في األبواب‪ .‬حدود هللا‪ :‬أحكام شريعته لعباده‪.‬‬ ‫شروح‬
‫• وال تتفرجوا‪ :‬ال تتفرقوا وتتركوا‪ .‬ويحك‪ :‬كلمة ترحم وتوجع تقال لمن وقع في هلكة ال يستحقها‪.‬‬ ‫لغوية‬
‫واصطالحية‬

‫• المثل المضروب في الحديث من قبيل التشبيه التمثيلي؛ ألن المشبه مأخوذ من متعدد‪ ،‬والمشبه‬
‫به مأخوذ من متعدد أيضا‪.‬‬ ‫فائدة‬
‫بالغية‬
‫• الصراط المستقيم هو الدين الذي ارتضاه هللا لهذه األمة حيث قال عز وجل‪( :‬ورضيت لكم اإلسالم دينا)‪،‬‬
‫ويتضمن مفاهيم اإليمان‪ ،‬واإلسالم‪ ،‬والتقوى‪ ،‬والبر‪ ،‬واإلحسان‪ ،‬وهو السبيل الوحيد إلى الحق‪ ،‬فعن ابن‬
‫مسعود قال‪ :‬خط لنا رسول هللا ‪ ‬يوما خطا فقال‪( :‬هذا سبيل هللا)‪ ،‬ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله ثم‬ ‫الصراط‬
‫قال‪( :‬هذه سبل‪ ،‬على كل سبيل منها شيطان يدعو له)‪ ،‬ثم تال‪( :‬وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه‪.)..‬‬ ‫المستقيم‬

‫• القرآن هو كتاب هللا المبين لهذى اإلسالم‪ ،‬يرشد الناس إلى الخير والسالم‪ ،‬فيه ما يحتاج العباد من أصول‬
‫الدين وفروعه‪ ،‬يبين الحالل والحرام‪ ،‬ويميز الخبيث من الطيب‪ ،‬أخباره صادقة‪ ،‬وأحكامه عادلة‪ ،‬يهدي إلى‬ ‫القرآن‬
‫التوحيد الخالص‪ ،‬واألعمال الصالحة‪ ،‬واألخالق الفاضلة‪ ،‬قال تعالى‪( :‬إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم)‪.‬‬
‫واإلسالم‬
‫• سمي القلب قلبا لتقلبه في األمور‪ ،‬أو ألنه ملك األعضاء‪ ،‬تصلح بصالحه وتفسد بفساده كما جاء في الحديث‪:‬‬
‫( أال إن في الجسد مضغة‪ ،‬إذا صلحت صلح الجسد كله‪ ،‬وإذا فسدت فسد الجسد كله أال وهي القلب)‪ ،‬فإذا‬
‫أعرض اإلنسان عن خالقه أزاغ قلبه عقوبة له‪ ،‬والقلب الصحيح السالم يثبت صاحبه على الحق وعلى الطاعة‪،‬‬ ‫واعظ هللا‬
‫ويحثه على االتعاظ بمواعظ القرآن التي تلهمه الخير وتدفعه إليه‪ ،‬قال سبحانه‪( :‬ومن يؤمن باهلل يهد قلبه)‪.‬‬ ‫في القلب‬

‫~‪~11‬‬
‫الدرس الحةدي عشر يمثل المعتصم بةلسن لوالمعرض عنهة‬
‫هللا ُ ِبهِ‪َ ،‬ك َم َث ِل َرج ٍُل أَ َتى َق ْومًا َفقا َل‪ :‬يا َق ْو ِم‪ ،‬إ ِّني َرأَي ُ‬
‫ْت‬ ‫إ َّنما َم َثلِي َو َم َث ُل ما َب َع َثنِي َّ‬ ‫• عن أبي موسى عن النبي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فأدلجُوا‪ ،‬فانطلقوا على َم َهل ِِه ْم فن َج ْوا‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫اع ُه طائِفة مِن ق ْو ِمهِ‪ْ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ْش ِب َع ْي َنيَّ ‪ ،‬وإ ِّني أَ َنا ال َّنذِي ُر العُرْ َيانُ ‪ ،‬فالن َجا َء‪ ،‬فأط َ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫الجي َ‬ ‫َ‬
‫ت‬‫ج ْئ ُ‬
‫ِ‬ ‫ما‬ ‫ع‬
‫ََ‬‫ب‬ ‫َّ‬
‫ت‬ ‫ا‬‫ف‬‫َ‬ ‫ِي‬ ‫ن‬‫ع‬‫َ‬ ‫ا‬‫ط‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫ُ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ث‬ ‫م‬ ‫ذلك‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ُ‬
‫َ ْ‬ ‫اح‬‫ت‬‫َ‬ ‫اجْ‬‫و‬‫ْ َ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫فأهْ‬ ‫ْشُ‬ ‫ي‬ ‫الج‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ُ‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫َّح‬
‫ب‬ ‫ص‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ا‬‫ك‬‫َ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ُوا‬
‫ح‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫فأصْ‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫منه‬ ‫ٌ‬
‫ة‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ئ‬
‫ِ‬ ‫ا‬‫ط‬‫َ‬ ‫ْ‬
‫ت‬ ‫ب‬‫ذ‬‫َّ‬
‫َو َ َ‬
‫ك‬ ‫حديث‬
‫الح ِّق)‪.‬‬
‫ت ِب ِه م َِن َ‬ ‫جئ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ب ِبما ِ‬ ‫َّ‬
‫صانِي َو َكذ َ‬ ‫َ‬
‫ِبهِ‪َ ،‬و َمث ُل َمن َع َ‬ ‫الدرس‬

‫• هو الصحابي الجليل أبو موسى األشعري‪ ،‬يسمى عبد هللا بن قيس‪ ،‬ولد في زبيد باليمن سنة ‪ 21‬ق الهجرة‪ ،‬أسلم‬
‫بمكة وهاجر إلى الحبشة‪ ،‬وأول مشاهده خيبر‪ ،‬فهو فقيه مقرئ‪ ،‬ومن الشجعان الفاتحين‪ ،‬استعمله النبي ‪ ‬على‬
‫زبيد وعدن‪ ،‬كما واله عمر بن الخطاب على البصرة‪ ،‬فتح أصبهان واألهواز‪ ،‬وهو أحسن الصحابة صوتا بتالوة‬ ‫ترجمة‬
‫القرآنروى ‪ 355‬حديثا‪ ،‬وتوفي بمكة ‪ 44‬هـ‪.‬‬ ‫الراوي‬

‫• الحديث أخرجه البخاري في صحيحه كتاب االعتصام‪-‬باب االقتداء بسنن رسول هللا ‪ ،‬واإلمام‬
‫مسلم في صحيحه كتاب الفضائل‪-‬باب شفقته ‪ ‬على أمته ومبالغته في تحذيرهم مما يضرهم‪،‬‬
‫تخريج‬
‫وأبو يعلى في مسنده‪ ،‬حديث أبي موسى األشعري‪.‬‬
‫الحديث‬

‫عال يحرس‬
‫• النذير‪ :‬أي المنذر والمخبر بخطر مخيف قادم ينبغي الحذر منه‪ .‬النذير العريان‪ :‬رجل يكون في مكان ٍ‬
‫القوم فإذا رأى خطرا يهددهم نزع ثيابه في مكانه المرتفع‪ .‬فالنجاء‪ :‬فاطلبوا الخالص مما يهلك ويضر‪ .‬فأدلجوا‪:‬‬
‫أي ساروا من أول الليل‪ .‬على مهلهم‪ :‬أي بهدوء وسكينة‪ .‬فاجتاحهم‪ :‬أي استأصلهم فلم يبق منهم أحدا‪.‬‬ ‫شروح لغوية‬
‫واصطالحية‬

‫• بلغت رأفة الرسول ‪ ‬بالخلق عامة وبأمة خاصة مبلغا عجيبا‪ ،‬فهو يشفق عليها شفقة خاصة‪ ،‬قال تعالى‪( :‬لقد‬
‫جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم)‪ ،‬فلم يترك ‪ ‬فرصة تمر‬
‫إال دلها على الخير‪ ،‬وحذرها من الشر‪ ،‬وكانت مواقفه منذ صعوده على الصفا لينذر قومه ببعثته تركز على ذلك‬ ‫شفقته ‪‬‬
‫مما جعل دعوته تثمر أمة هي خير األمم‪ ،‬تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر‪.‬‬ ‫على‬ ‫وحرصه‬
‫أمته‬

‫• يبين لنا هذا المقطع من الحديث‪ ( :‬فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا‪ ،‬فانطلقوا على مهلهم فنجوا) أن السبيل‬
‫الوحيد للنجاة في الدنيا والفوز في األخرة هو االعتصام بسنته ‪ ‬وإخالص الطاعة له‪ ،‬فطاعة رسول هللا هي‬
‫طاعة هلل‪ ،‬يقول تعالى‪( :‬قل إن كنتم تحبون هللا فاتبعوني يحببكم هللا)‪ ،‬ويقول أيضا‪( :‬من يطع الرسول فقد أطاع‬ ‫االعتصام‬
‫هللا)‪.‬‬ ‫بالسنة سبيل‬
‫النجاة‬

‫وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فص ّبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم)‬ ‫• يستفاد من هذا المقطع من الحديث‪ّ ( :‬‬
‫أن مخالفة أوامر الرسول ‪ ‬هو سبيل للهالك ال محالة سواء في الدنيا واآلخرة كما حدث مع هذه الطائفة‪ ،‬وقد‬
‫ذكر القرآن أمثلة كثيرة ألمم هلكت بسبب عصيان أوامر رسلها وأنبيائها‪ ،‬وهللا سبحانه وتعالى حذر المسلمين من‬ ‫التحذير من‬
‫هذا األمر حيث قال‪ ( :‬فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم)‪.‬‬ ‫عصيان ما‬
‫جاء به ‪‬‬

‫~‪~12‬‬
‫الدرس الثةني عشر تحصنل العلم لونشره‬
‫الكثير أصاب أرضاً‪ ،‬فكان منها نقي ٌّة‬ ‫ِ‬ ‫ِلم ك َم َث ِل ال َغ ْي ِ‬
‫ث‬ ‫(َم َث ُل ما بعثني هللاُ به م َِن ال ُه َدى والع ِ‬ ‫• عن أبي موسى األشعري عن النبي‬
‫وسق ْوا وزرعوا‪ ،‬وأصابت منها‬ ‫َ‬ ‫فشربوا َ‬‫الناس ِ‬ ‫َ‬ ‫ت الما َء‪ ،‬فنفع هللاُ بها‬ ‫َ‬
‫الكثير‪ ،‬وكانت منها أجادِبُ أمسك ِ‬ ‫َ‬ ‫َقبِلَت الما َء فأنبتت الكأل والعشب‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫دين هللاِ ونفعه ما بعثني هللاُ به َف َعلِم و َعل َم‪ ،‬و َمث ُل َمنْ لم‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫حديث‬
‫ت َكأل فذلك َمث ُل َمنْ َفقِ َه فى ِ‬ ‫ك ما ًء وال تن ِب ُ‬
‫ُ‬
‫طائفة أخرى إنما هي قِيعانٌ ال تمْ سِ ُ‬
‫ت به)‪.‬‬ ‫ْ‬
‫َيرْ َفعْ بذلك رأسًا ولم َيقب ْل هُدى هللاِ الذي أرْ سِ ل ُ‬ ‫الدرس‬

‫• سبقت ترجمته‪.‬‬ ‫ترجمة‬


‫الراوي‬

‫• الحديث أخرجه البخاري في صحيحه كتاب العلم‪-‬باب فضل من علم وعلّم‪ ،‬ومسلم في صحيحه‬
‫كتاب الفضائل‪-‬باب بيان ما بعث به النبي ‪ ‬من الهدى والعلم‪ ،‬واإلمام أحمد في مسنده‪-‬مسند‬ ‫تخريج‬
‫الكوفيين‪-‬حديث أبي موسى األشعري‪.‬‬ ‫الحديث‬

‫• الهدى‪ :‬الداللة الموصلة إلى المطلوب‪ .‬نقية‪ :‬سهلة طيبة‪ .‬أجادب‪ :‬جمع جدب وهي صالب األرض التي تمسك الماء فال‬
‫تشربه سريعا‪ .‬قيعان‪ :‬جمع قاع وهي األرض المستوية الملساء التي ال تنبت‪.‬‬
‫شروح لغوية‬
‫واصطالحية • من لم يرفع بذلك رأسا‪ :‬كناية عمن جاءه العلم فلم يحفظه ولم يعمل به ولم ينقله إلى غيره‪.‬‬

‫• بيّن الرسول ‪ ‬عن طريق ضرب األمثال أهداف الدعوة اإلسالمية‪ ،‬من هذه األمثال ما جاء في حديث الدرس‬
‫المغزى من حيث شبه فيه النبي ‪ ‬ما جاء به من الدين والعلم بالغيث الكثير الذي يع ّم البالد والعباد‪ ،‬فرسالته ‪ ‬جاءت لعامة‬
‫الناس‪ ،‬يقول تعالى‪( :‬وما أرسلناك إال رحمة للعالمين)‪ ،‬فكانت رسالته ‪ ‬هي المنقذة للعالم‪ ،‬فأحيى بها هللا القلوب‬ ‫ضرب هذه‬
‫كما يحيي هللا بالغيث األرض الميتة فيمنحها النضارة واالنتعاش‪.‬‬ ‫األمثال‬

‫• النوع األول‪ :‬هم الذين تلقوا هذا العلم فتعلموه وعملوا به‪ ،‬فانتفعوا به ألنفسهم ونفعوا به غيرهم‪ ،‬فهذا بمنزلة‬
‫مواقف الناس األرض النقية الخصبة القابلة للشرب واإلنبات‪ ،‬فإذا أصابها الغيث شربت وارتوت فنفعت نفسها‪ ،‬وأنبتت الزروع‬
‫والثمار لتنفع غيرها‪ ،‬ففي هذا التشبيه إشارة إلى نقاء قلوب هذه الفئة وحبها الخير للناس‪.‬‬ ‫في قبول ما‬
‫بعث به‬

‫• النوع الثاني‪ :‬هو الجامع للعلم الحافظ له المستغرق لزمانه في جمعه ووعيه غير أنه لم يتفرغ للعمل بنوافله وال‬
‫ليتفقه فيما جمع لكنه أداه لغيره كما سمعه‪ ،‬فهو بمنزلة األرض الصلبة التي يستقر فيها الماء فينتفع الناس بذلك‬ ‫الطائفة‬
‫الماء دون أن تنتفع هي‪ ،‬ويرى العلماء أن هذه الطائفة عاصية مثل الثالثة‪.‬‬ ‫الثانية‬

‫• النوع الثالث‪ :‬هو الذي لم يحمل الوحي وال العلم ولم يعمل بهما‪ ،‬فال هو انتفع لنفسه وال نفع غيره‪،‬‬
‫فإن كان هذا من الذين أعرضوا عن الدين ولم يدخلوا فيه أصال فهو الكافر‪ ،‬وإن كان له نصيب‬ ‫الطائفة‬
‫من اإلسالم فيلحقه من الذم بقدر ما فرّ ط فيه‪.‬‬ ‫الثالثة‬

‫~‪~13‬‬
‫أيمته يم الرجة‪ :‬لوالنسةء‬ ‫الدرس الثةلث عشر تعلنم النبي‬
‫ت‪ :‬يا رَ سُو َل هللاِ‪َ ،‬ذهَبَ الرِّ جَ ا ُل بحَ ديثِكَ ‪َ ،‬فاجْ عَ ْل َل َنا مِن َن ْفسِ كَ ي َْومًا َنأْتِيكَ فِيهِ‪،‬‬ ‫هللا ‪َ ‬فقا َل ْ‬ ‫ت امْ رَ أَةٌ إلى رَ س ِ‬
‫ُول ِ‬ ‫• عن أبي سعيد الخدري قال‪( :‬جَ ا َء ِ‬
‫ِن امْ رَ أَ ٍة ُت َق ِّد ُم ب ْينَ‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫نَّ‬‫ك‬‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ما‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ق‬ ‫م‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ث‬ ‫‪،‬‬‫ُ‬ ‫َّ‬
‫هللا‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬ ‫عَ‬ ‫َّا‬
‫م‬ ‫م‬ ‫ُنَّ‬
‫ه‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬ ‫عَ‬‫ف‬‫َ‬ ‫ُنَّ‬
‫ه‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫فأ‬ ‫‪،‬‬ ‫نَ‬ ‫عْ‬‫م‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫اجْ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫وكذا‬ ‫كذا‬ ‫مكان‬ ‫في‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ذ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫و‬‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ذ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫في‬ ‫ُتعَ لِّ ُم َنا ممَّا عَ لَّمَكَ َّ‬
‫هللاُ‪ ،‬قا َل‪ :‬اجْ َت ِمعْ نَ‬
‫ْن‪ ،‬قال‪ :‬فاعادَ تها مرتين ثم قال‪ :‬واثنين واثنين واثنين)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ي‬‫ن‬‫َ‬ ‫ْ‬
‫َاث‬ ‫أو‬ ‫هللا‬ ‫رسول‬ ‫يا‬ ‫‪:‬‬ ‫منهن‬ ‫ٌ‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫رَ‬ ‫امْ‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫قال‬‫ف‬‫َ‬ ‫ار‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫ال‬ ‫ِنَ‬‫م‬ ‫ًا‬
‫ب‬ ‫ا‬ ‫ح‬
‫ِجَ‬ ‫َا‬‫ه‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ان‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫َّ‬
‫إال‬ ‫‪،‬‬ ‫ً‬
‫ة‬ ‫َ‬
‫ث‬ ‫ال‬ ‫يَدَ ْيهَا‪ ،‬مِن َو َل ِدهَا َث َ‬ ‫حديث‬
‫الدرس‬

‫• هو الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري‪ ،‬سعد بن مالك بن عبيد‪ ،‬ولد في المدينة ونشأ على اإلسالم‪ ،‬عرضه أبوه‬
‫وهو ابن ‪ 13‬سنة على النبي ‪ ‬ليشارك في غزوة أحد فرده لصغر سنه‪ ،‬وبعد ذلك شهد باقي المشاهد‪ ،‬يعتبر من‬ ‫ترجمة‬
‫المكثرين من رواية الحديث‪ ،‬توفي رضي هللا عنه بالمدينة سنة ‪ 74‬للهجرة‪.‬‬ ‫الراوي‬

‫• الحديث أخرجه البخاري في صحيحه كتاب االعتصام‪-‬باب تعليم النبي ‪ ‬أمته من الرجال والنساء مما علمه هللا‬
‫ليس برأي وال تمثيل‪ ،‬واإلمام مسلم في صحيحه كتاب البر والصلة‪-‬باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه‪،‬‬
‫تخريج‬
‫• واإلمام أحمد في مسنده‪.‬‬ ‫الحديث‬

‫• قضى بالحق‪ :‬حكم بالعدل‪ .‬ذهب الرجال بحديثك‪ :‬استأثروا بمجالسك وأخذوا علمك دوننا‪.‬‬
‫• مما علمك هللا‪ :‬مما أنزل هللا عليه من الوحي وما شرعه من العبادات واألخالق وغيرها‪.‬‬
‫شروح لغوية‬
‫واصطالحية • تقدم بين يديها ثالثة من ولدها‪ :‬يموت لها ثالثة أبناء قبل موتها‪.‬‬

‫• لقد بعث هللا نبينا محمدا بشيرا ونذيرا لألمة جمعاء ال يفرق بين الذكور والنساء في تعليمهم وتزكيتهم‪ ،‬وقد بلغهم ‪ ‬ما أنزله هللا عليه‬
‫من الكتاب والسنة مصداقا لقوله تعالى‪ ( :‬كما أرسلنا فيكم رسوال منكم يتلوا عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم‬
‫الرسول هادي ما لم تكونوا تعلمون)‪ ،‬وتعليمه ‪ ‬لصحابته كان بالقول والعمل وقد بدأ هذا التعليم في دار األرقم بن أبي األرقم‪ ،‬ثم بمنزله ببيت أبي‬
‫األمة ومعلمها أيوب األنصاري‪ ،‬ثم بعد ذلك بالمسجد النبوي‪.‬‬

‫• لقد حرص الصحابة رضوان هللا عليهم على التعلم منه ‪ ‬رجاال ونساء طمعا في الرفعة والمكانة‪ ،‬وقد نبغ الصحابة في‬
‫علوم الشريعة التي أسسها رسول هللا ‪ ‬فمنهم من اشتهر بحفظ الحديث وروايته‪ ،‬ومنهم من اشتهر بتجويد القرآن‪ ،‬ومن‬
‫اشتهر بالتفسير‪ ،‬ومن اشتهر باستنباط األحكام والفتيا‪ ..‬وقد كان النساء ينافسن الرجال في أخذ العلم والتفقه خاصة نساء‬ ‫حرص‬
‫الصحابة على‬
‫األنصار‪ ،‬فقد جاء في الحديث‪( :‬نعم النساء نساء األنصار‪ ،‬لم يكنْ يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين)‪.‬‬ ‫التعلم منه ‪‬‬

‫• لقد خصص الرسول ‪ ‬مجالس خاصة للنساء للوعظ والتعليم‪ ،‬إذ كان يقصدهن بالخطاب العام مع الرجال‪ ،‬ثم‬
‫يتوجه إليهن بخطاب خاص‪ ،‬وكثيرا ما كان لبعض أزواجه دور الوسيط في توضيح ما يمنع الحياء من توضيحه‬ ‫تخصيص‬
‫كما روت عائشة في حديث المرأة التي سألته عن كيفية التطهر من الحيض‪.‬‬ ‫الرسول النساء‬
‫بمجالس خاصة‬

‫• موضوع الوعظ في حديث الدرس هو فضل الصبر على موت الولد‪ ،‬أما تعليم النساء بأمور أخرى فتستفاد من‬
‫أحاديث أخرى‪ ،‬وإخبار الرسول ‪ ‬في هذا الحديث بجزاء الصابرين والصابرات فيه تسلية وتبشير لهم وهو أمر‬
‫الرسول يبشر‬
‫من أمور الغيب التي ال يخبر بها الرسول ‪ ‬إال بوحي من هللا‪.‬‬ ‫الصابرات‬

‫~‪~14‬‬
‫الدرس الرابع عشر ذم الرأي لوتكلف الضنةس‬
‫• عن عروة قال‪( :‬حج علينا عبد هللا بن عمرو فسمعته يقول‪ :‬سمعت النبي ‪ ‬يقول‪ :‬إنَّ َّ َ‬
‫هللا ال َي ْن ِز ُع‬
‫ْض ال ُعلَما ِء بع ِْلم ِِه ْم‪َ ،‬ف َي ْب َقى ناسٌ ُج ّها ٌل‪،‬‬
‫الع ِْل َم َبعْ دَ أنْ أعْ طا ُكمُوهُ ا ْنتِزاعًا‪ ،‬ولَ ِكنْ َي ْن َت ِز ُع ُه منه ْم مع َقب ِ‬ ‫حديث‬
‫ون)‪.‬‬ ‫ون ويَضِ لُّ َ‬ ‫بر ْأ ِي ِه ْم‪ ،‬فيُضِ لُّ َ‬ ‫يُسْ َت ْف َت ْو َن ف ُي ْف ُت َ‬
‫ون َ‬ ‫الدرس‬

‫• هو الصحابي الجليل عبد هللا بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم القرشي السهمي‪ ،‬أسلم قبل أبيه‬
‫وكان اسمه العاص فغير اسمه الرسول هللا ‪ ،‬وسماه عبد هللا‪ ،‬وكان رضي هللا عنه من أكثر‬ ‫ترجمة‬
‫الصحابة رواية للحديث بعد أبي هريرة‪ ،‬توفي بمصر على الراجح سنة ‪ 65‬للهجرة‪.‬‬ ‫الراوي‬
‫• الحديث أخرجه البخاري في صحيحه كتاب االعتصام‪-‬باب ذم الرأي وتكلف القياس‪ ،‬وفي كتاب العلم‪-‬باب كيف‬
‫يقبض العلم‪ ،‬وأخرجه مسلم أيضا في صحيحه كتاب العلم‪-‬باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر‬
‫الزمان‪ ،‬والترمذي في سننه في أبواب العلم‪ ،‬وابن ماجة في مقدمة سننه‪-‬باب اجتناب الرأي والقياس‪ ،‬واإلمام أحمد‬ ‫تخريج‬
‫في مسند عبد هللا بن عمرو بن العاص‪...‬‬ ‫الحديث‬

‫• انتزاعا‪ :‬محوا من الصدور‪ُ .‬يستفتون‪ُ :‬تطلب منهم الفتوى‪ .‬فيضلون ويضلون‪ :‬يخرجون عن‬
‫طريق الحق ويخرجون الذين يستفتونهم؛ ألنهم يفتون بآرائهم بدون علم‪.‬‬ ‫شروح لغوية‬
‫واصطالحية‬

‫• يبين لنا هذا الحديث الشريف كيفية انتزاع العلم من األمة وأنه ال يرفع من الصدور جملة واحدة وال ترفع الكتب‬
‫من المكتبات‪ ،‬وإنما يرفع تدريجيا بموت العلماء الحريصين على نشلره والعمل به‪ ،‬وتطبيق العلم هو أول ما يرفع‬
‫ذهاب العلم‬
‫كما جاء في الحديث الذي رواه زياد بن لبيد‪ ،‬والذي يفيد بأن العلم إذا لم يعمل به فوجوده وذهابه سواء كما هو‬ ‫الشرعي‬
‫بموت العلماء شأن بقايا التوراة واإلنجيل عند اليهود والنصارى‪.‬‬

‫• إن موت عالم رباني يعني انطفاء مصباح‪ ،‬وإذا انطفأت المصابيح كلها فإن ظالم الجهل سيعم أرجاء‬
‫ما ينتج عن الكون‪ ،‬فينتشر الظلم‪ ،‬وتشيع الفواحش‪ ،‬وتنتهك األعراض‪ ،‬وتزهق األرواح‪ ،‬ويصدق على الناس قول‬
‫ظهر الزنا)‪.‬‬
‫شرب الخمر و َي َ‬
‫َ‬ ‫موت العلماء الرسول ‪( :‬إن من أشراط الساعة أن ُيرفع العلم ويث ُب َت الجهل‪ ،‬و ُي‬

‫• إن المفتي الذي يقوم مقام رسول هللا ‪ ‬ال بد أن يكون على قدر كبير من العلم باإلسالم وبالعلوم التي تخدمه وما‬
‫يتعلق بذلك من المروءة والصدق وغير ذلك‪ ،‬وإذا كان غير كذلك فال يجوز له أن يتولى هذا المقام؛ ألن الفتيا بغير‬
‫تولي الجهلة علم قول على هللا بغير علم‪ ،‬والقول على هللا بغير علم من الكبائر‪ ،‬لقوله تعالى‪( :‬قل إنما حرم ربي الفواحش‪...‬وأن‬
‫تقولوا على هللا ما ال تعلمون)‪.‬‬ ‫أمر الفتوى‬

‫• إن الصحابة رضوان هللا عليهم كانوا يحتاطون من الفتوى وكانوا يحذرون من االعتماد على الرأي والقياس في الدين‪ ،‬لكن‬
‫تحذير الصحابة ال يذمون الرأي مطلقا بل يذمون فقط القياس الفاسد الذي ال يعتمد على النص واإلجماع أو الذي يخالف النصوص‪ ،‬وكذلك‬
‫تكلف القياس الذي هو استعمال القياس على غير وجهه والذي ينتج عنه اتباع الهوى وتحريف النصوص والغلو في الدين‪.‬‬ ‫من الرأي‬
‫والقياس‬

‫~‪~15‬‬
‫الدرس الخةيمس عشر التحذير يم العلم بأيمور الدننة دلون اآلخر‬

‫ب في األسواق‪،‬‬
‫سخا ٍ‬ ‫َ‬
‫جعظريٍّ جوَّ اظٍ َّ‬ ‫• عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول هللا ‪( :‬إنَّ َّ َ‬
‫هللا يبغضُ ك َّل‬
‫باآلخر ِة)‪.‬‬
‫َ‬ ‫جاهل‬
‫ٍ‬ ‫عالم بال ُّدنيا‪،‬‬ ‫حمار بال َّن ِ‬
‫هار‪ٍ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫جيف ٍة باللَّ ِ‬
‫يل‪،‬‬ ‫حديث‬
‫الدرس‬

‫• سبقت ترجمته (في الحديث الخامس)‪.‬‬ ‫ترجمة‬


‫الراوي‬

‫• الحديث أخرجه البيهقي في سننه كتاب الشهادات‪-‬باب بيان مكارم األخالق ومعاليها التي من كان متخلقا بها كان‬
‫من أهل المروءة التي هي شرط في قبول الشهادة على طريق االختصار‪ ،‬وأخرجه أيضا ابن حبان في صحيحه‬ ‫تخريج‬
‫كتاب العلم‪ -‬باب ذكر الزجر عن العلم بأمر الدنيا مع االنهماك فيها والجهل بأمر اآلخرة ومجانبة أسبابها‪.‬‬
‫الحديث‬

‫• يبغض‪ :‬يكره وال يحب‪ .‬الجعظري‪ :‬الفظ الغليظ القلب المتكبر‪ .‬الجواظ‪ :‬الجموع المنوع الذي يحب‬
‫جمع المال ويكره إنفاقه في الخير‪ .‬السخاب أو الصخاب‪ :‬كثير الصياح والخصام في األسواق‪.‬‬ ‫شروح‬
‫الجيفة‪ :‬جثة الميت إذا تعفنت وفاحت رائحتها الكريهة‪.‬‬ ‫لغوية‬
‫واصطالحية‬

‫• يصور لنا رسول هللا ‪ ‬في هذا الحديث حال المنشغلين بدنياهم عن آخرتهم بمجموعة من الصفات‬ ‫التحذير من‬
‫واألخالق البغيضة‪ ،‬التي تجعل الناس ينفرون بهم‪ ،‬وتؤدي بهم إلى النار‪.‬‬ ‫االنشغال بأمور‬
‫الدنيا ونسيان‬
‫اآلخرة‬

‫• الجعظرية هي صفة جامعة لكل معاني القسوة والجفاء والتكبر‪ ،‬فالجعظري إنسان يتصف بصفات خلقية تتجلى في مظاهر العجب‬
‫بالنفس كإظهار القوة الجسدية‪ ،‬والمشي باختيال‪ ،‬ورفع الصوت للفت انتباه اآلخرين‪ ،‬واالفتخار بالمال والولد‪ ،‬وكذا التنقيص من‬
‫اآلخرين واحتقارهم كالهمز واللمز قال تعالى متوعدا هؤالء‪ ( :‬ويل لكل همزة لمزة الذي جمع ماال وعدده يحسب أن ماله أخلده كال‬
‫لينبذن في الحطمة)‪.‬‬ ‫الجعظرية‬

‫• هذا النوع من األشخاص ال يقل أنانية وحبا للذات من الجعظري فكالهما صفة يبغضها هللا تعالى وتوجب النار‬
‫لمن اتصف بها كما جاء في الحديث الصحيح‪( :‬أال أخبركم بأهل النار؟ قالوا‪ :‬بلى‪ .‬قال‪ :‬كل ُعتل ّ جواظ مستكبر)‪،‬‬ ‫الجواظية‬
‫والصخب في وتكتمل الصورة بالصخب في األسواق إما أنه ينادي العموم ويغريهم بالشراء‪ ،‬وإما أنه يخاصم غيره‪.‬‬
‫األسواق‬

‫• الذي يحرص على الدنيا طول النهار ناسيا ربه وما أوجب عليه وإذا جاء الليل سقط نائما مكدودا بال صالة وال طهارة مثله مثل‬
‫الدواب التي تسعى وراء العشب‪ ،‬فالذي ال يعرف ربه يبقى في نظر اإلسالم جاهال ضاال مهما بلغ علمه في شؤون الدنيا ودقائق‬
‫المادة‪ ،‬ويصدق عليه قوله تعالى‪ ( :‬يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن االخرة هم غافلون)‪ ،‬والمؤمن يزاوج بين علمي الدنيا‬ ‫جيفة بالليل‬
‫حمار بالنهار واآلخرة حيث قال عز وجل‪ ( :‬وابتغ فيما آتاك هللا الدار اآلخرة وال تنس نصيبك من الدنيا)‪.‬‬

‫~‪~16‬‬
‫الدرس السةدس عشر الرحل في طلب العلم‬
‫• عن قيس بن كثير قال‪( :‬قدم رجل من المدينة على أبي الدرداء رضي هللا عنه وهو بدمشق فقال‪ :‬ما أقدمك يا أخي؟ فقال‪ :‬حديث بلغني‬
‫أنك تحدثه عن رسول هللا ‪ .‬قال‪ :‬أما جئت لحاجة؟ قال‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬أما قدمت لتجارة؟ قال‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬ما جئت إال في طلب هذا الحديث‪.‬‬ ‫حديث‬
‫قال‪ :‬فإني سمعت رسول هللا ‪ ‬يقول‪ :‬من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك هللا به طريقا إلى الجنة‪.)..‬‬
‫الدرس‬

‫• هو الصحابي الجليل أبو الدرداء عويمر بن زيد بن قيس األنصاري الخزرجي‪ ،‬قاضي دمشق وسيد القراء بها‪ ،‬أسلم‬
‫يوم بدر‪ ،‬توفي رضي هللا عنه سنة ‪ 32‬للهجرة‪.‬‬ ‫ترجمة‬
‫الراوي‬

‫• الحديث أخرجه الترمذي في سننه كتاب العلم‪-‬باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة‪ ،‬وابن ماجة في كتاب العلم‪-‬باب فضل‬
‫العلماء والحث على طلب العلم‪ ،‬مع اختالف يسير في اللفظ‪ ،‬وأبو داود في كتاب العلم‪-‬باب الحث على طلب العلم‪ ،‬وأخرج‬ ‫تخريج‬
‫مسلم جزءا منه في كتاب الذكر والدعاء‪-‬باب فضل االجتماع على تالوة القرآن والذكر والدعاء‪.‬‬ ‫الحديث‬

‫• سهل هللا به طريقا‪ :‬أي في اآلخرة‪ ،‬أو في الدنيا بأن يوفقه لألعمال الصالحة الموصلة إلى الجنة‪ .‬رضاء لطالب‬
‫العلم‪ :‬أي تتواضع له توقيرا لعلمه‪ .‬بحظ وافر‪ :‬بنصيب كامل كثير‪.‬‬ ‫شروح لغوية‬
‫واصطالحية‬

‫• يبين لنا هذا الحديث أن للعلم مكانة عظيمة في االسالم‪ ،‬فهو المرتكز األساس الذي تستند إليه األشياء وتعرف به الحقائق‪ ،‬قال تعالى‪( :‬شهد هللا أنه ال‬
‫إله إال هو والمالئكة وأولوا العلم قائما بالقسط ال إله إال هو العزيز الحكيم)‪ ،‬فالعالم ينفع نفسه وينفع اآلخرين‪ ،‬فينال الخير في دنياه ويفوز بالجنة في‬
‫آخراه‪ ،‬ولنيل هذه المكانة الرفيعة كانوا يتحملون المشاق والصعاب ويرحلون إلى أماكن بعيدة من أجل التحقق من حديث‪.‬‬
‫مكانة العلم‬
‫في اإلسالم‬

‫• من العلماء الذين رحلوا لطلب الحديث نجد جابر بن عبد هللا الذي رحل من المدينة إلى الشام مسيرة شهر ليسمع حديثا واحدا من عبد هللا بن أنيس‪،‬‬
‫وكذلك رحلة أبي أيوب األنصاري من المدينة إلى عقبة بن عامر بمصر‪ ،‬وكذلك الرجل المذكور في حديث الدرس الذي رحل من المدينة إلى دمشق‬ ‫نماذج من‬
‫ليسمع من أبي الدرداء‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬ ‫رحالت‬
‫العلماء‬

‫• من خرج من بيته ليطلب العلم الذي يرضاه هللا خالصا لوجهه تعالى فإنه سبحانه ييسر له ذلك‬
‫ويسهله عليه‪ ،‬ويكون سبيله ذلك إلى الجنة‪.‬‬ ‫العلم طريق‬
‫إلى الجنة‬

‫• إن طالب العلم محاط برعاية هللا تعالى وكل الكائنات تستغفر له‪ ،‬كما جاء في حديث الدرس‪ ( :‬وإن المالئكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم‪ ،‬وإن‬
‫العالم ليستغفر له من في السموات ومن في األرض حتى الحيتان في الماء)‪ ،‬ووضع األجنحة يعني تواضع وتوقير وتبجيل وتعظيم وحب وصيانة‬
‫طالب العلم‬
‫بالرعاية لما يحمله طالب العلم من ميراث النبوة‪ ،‬وسبب استغفار الحيوانات له؛ ألنه يعلم الخلق كيفية التعامل معها‪.‬‬ ‫محاط‬

‫• محل التفضيل بين العالم والعابد يكون إذا قام كل منهما بما وجب عليه‪ ،‬فالعالم أفضل من العابد؛ ألنه نفع نفسه ونفع غيره‪ ،‬أما العابد فال ينفع إال‬
‫نفسه‪ ،‬وأيضا العلم يبقى بعد وفاة صاحبه بينما النوافل تنقضي بمجرد موت صاحبها‪ ،‬كما جاء في الحديث‪( :‬إذا مات اإلنسان إنقطع عمله إال من‬
‫العالم أفضل‬
‫ثالثة‪ :‬إال من صدقة جارية أو علم ينتفع به‪.)..‬‬ ‫من العابد‬

‫• خص النبي ‪ ‬العلماء بالوراثة؛ ألنهم الذين نابوا عنه في حملهم العلم عنه وتبليغهم إياه ألمته‪ ،‬وإرشادهم لهم‪،‬‬
‫وهدايتهم‪ ،‬ولذلك فهم العالمون بمصالح األمة بعده المدافعون عن سنته‪ ،‬الحافظون لشريعته‪.‬‬ ‫العلماء ورثة‬
‫األنبياء‬

‫~‪~17‬‬
‫الدرس السةبع عشر لوجوب إخثاص العمل لله لوالتحذير يم الريةء‬
‫اس ُي ْقضَ ى يَو َم القِيا َم ِة عليه رَ ُج ٌل اسْ ُت ْش ِهدَ ‪َ ،‬فأُتِيَ به َفعَ رَّ َف ُه نِعَ َم ُه َفعَ رَ َفها‪ ،‬قا َل‪َ :‬فما عَ م ِْلتَ‬ ‫•عن أبي هريرة قال‪ :‬سمعت رسول هللا ‪ ‬يقول‪( :‬إنَّ َّأو َل ال َّن‬
‫ار‪ ،‬ورَ ُج ٌل‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ِيَ‬ ‫ق‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ت‪ ،‬قا َل‪َ :‬ك َذبْتَ ‪ ،‬ولَ ِك َّنكَ قا َت ْلتَ ِ ألَنْ يُقا َل‪ :‬جَ ريءٌ‪ ،‬ف َق ْد قيلَ‪ُ ،‬ث َّم أ ُ ِمرَ به َف ُسحِبَ علَى وجْ ه ِه ح َّتى أ ُ‬ ‫ت فِيكَ ح َّتى اسْ ُت ْش ِه ْد ُ‬ ‫فيها؟ قا َل‪ :‬قا َت ْل ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت فِيكَ القُرْ آنَ ‪ ،‬قا َل‪َ :‬ك َذبْتَ ‪ ،‬ولَ ِك َّنكَ‬ ‫ت الع ِْل َم‪ ،‬وعَ لَّمْ ُت ُه و َقرَ ْأ ُ‬ ‫َتعَ لَّ َم الع ِْل َم‪ ،‬وعَ لَّ َم ُه و َقرَ أَ القُرْ آنَ ‪َ ،‬فأُتِيَ به َفعَ رَّ َف ُه نِعَ َم ُه َفعَ رَ َفها‪ ،‬قا َل‪َ :‬فما عَ م ِْلتَ فيها؟ قا َل‪َ :‬تعَ لَّمْ ُ‬
‫هللا ُ عليه‪ ،‬وأَعْ طاهُ‬ ‫ار‪ ،‬ورَ ُج ٌل وسَّعَ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ْ‬
‫قارئٌ‪ ،‬ف َق ْد قيلَ‪ ،‬ث َّم أ ِمرَ به َف ُسحِبَ علَى وجْ ِه ِه ح َّتى أ ْلقِيَ في ال َّن ِ‬ ‫َتعَ لَّمْ تَ الع ِْل َم لِيُقا َل‪ :‬عالِ ٌم‪ُ ،‬و َقرَ أتَ القُرْ آنَ لِيُقا َل‪ :‬هو ِ‬ ‫حديث‬
‫ْتَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫يل تحِبُّ ينف فيها إال أنفقت فيها لكَ ‪ ،‬قا َل‪ :‬كذب ‪،‬‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َقَ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫أنْ‬ ‫ُ‬ ‫المال ُكلِّهِ‪َ ،‬فأتِيَ به فعَ رَّ فه نِعَ َمه فعَ رَ فها‪ ،‬قا َل‪ :‬فما عَ مِل فيها؟ قا َل‪ :‬ما ترَ كت مِن سَ بِ ٍ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫تَ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫مِن أصْ نافِ‬
‫ار)‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ِيَ‬ ‫ق‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ولَ ِك َّنكَ َفعَ ْلتَ لِيُقا َل‪ :‬هو جَ وا ٌد‪ ،‬ف َق ْد قيلَ‪ُ ،‬ث َّم أ ُ ِمرَ به َف ُسحِبَ علَى وجْ ههِ‪ُ ،‬ث َّم أ ُ‬
‫ِ‬ ‫الدرس‬

‫• تقدمت ترجمته في الحديث الخامس‪.‬‬ ‫ترجمة‬


‫الراوي‬

‫• الحديث أخرجه مسلم في صحيحه كتاب اإلمارة‪-‬باب من قاتل للرياء والسمعة استحق النار‪،‬‬
‫والنسائي في سننه كتاب الجهاد‪-‬باب من قاتل ليقال‪ :‬فالن جريء‪ ،‬والترمذي في سننه‪ ،‬كتاب‬
‫تخريج‬
‫الزهد‪-‬باب ما جاء في الرياء والسمعة مع اختالف في اللفظ‪.‬‬
‫الحديث‬

‫• يقضى عليه‪ :‬يحاكم ويحاسب‪ .‬الجريء‪ :‬الشجاع المقدام‪ .‬الجواد‪ :‬الكريم الكثير العطاء‪ .‬سحب‪:‬‬
‫جر مبطوحا على بطنه ووجهه بعنف وشدة وإهانة له‪ .‬ألقي‪ :‬قذف ورمي في النار‪.‬‬ ‫شروح لغوية‬
‫واصطالحية‬

‫• الصنف األول ممن تسعر بهم النار هو الرجل الذي سقط ميتا في أرض المعركة لكنه لم يكن‬
‫يجاهد في سبيل هللا بل رياء وطلبا للشهرة ليقال له أنه شجاع‪ ،‬وبهذا االعتقاد حبط عمله وكان‬
‫من الخاسرين‪ ،‬فقد جاء في الحديث‪( :‬إن هللا ال يقبل من العمل إال ما كان له خالصا‪ ،‬واب ُتغي به‬ ‫أول صنف ممن‬
‫وجهه)‪.‬‬ ‫تسعر بهم النار‬

‫• الصنف الثاني ممن تسعر بهم النار هو العالم الذي لم يطلب العلم ألجل هللا وألجل نفع نفسه ونفع الناس بل‬
‫ليقال له فالن عالم وعالمة‪ ،‬فكان قصده الشهرة والمكانة والمنصب‪ ،‬فعن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول هللا ‪:‬‬
‫عرضا من الدنيا؛ لم يجد َع ْرف الجنة‬
‫(من تعلم علما مما ُيبتغى به وجه هللا عز وجل ال يتعلمه إال ليصيب به َ‬
‫الصنف الثاني يوم القيامة)‪ ،‬أي رائحتها‪.‬‬

‫• الصنف الثالث ممن تسعر بهم النار يوم القيامة هو صحاب المال الذي لم يشكر هللا ولم يرد من وراء إنفاقه‬
‫سوى أن يتغنى الناس بمجده‪ ،‬وأن يطير في الناس أخبار جوده وسخائه‪ ،‬فكان له ذلك‪ ،‬لكن في اآلخرة ينتظره‬
‫عذاب شديد‪ ،‬قال تعالى محذرا عباده من ذلك‪ ( :‬يا أيها الذين آمنوا ال تبطلوا صدقاتكم بالمن واالذى كالذي‬
‫الصنف الثالث ينفق ماله رئاء الناس وال يومن باهلل واليوم االخر)‪.‬‬

‫‪2021‬م بمدينة إمزورن‪ /‬الحسيمة‬


‫مارس‪~18‬‬
‫~‬ ‫تم إنهاء كتابته يوم ‪26‬‬

You might also like