Professional Documents
Culture Documents
ولد ماكس فيبر في مدينة إرفورت في أملانيا عام 1864في وسط عائلي بروتستانتي من الطبقة الثرية .فعائلته كانت
كبيرة وتحوي صناعيين مختصين بالنسيج باإلضافة إلى موظفين كبار وأساتذة جامعيين .وكان والده أحد األعضاء
املهمين في الحزب القومي الليبرالي وهو حزب املثقفين والطبقة البورجوازية .وكثيرا ما كان فيبر يرى في بيته
شخصيات سياسية وفلسفية كبيرة من أمثال ديلتي ومومسين وسواهما .وبالتالي فقد نشأ في بيت علم وسياسة
وفكر.
ومنذ شبابه الباكر راح ماكس فيبر يقرأ كبار املفكرين من أمثال ماركس ،ونيتشه ،وهيغل وكانط .وكان قارئا نهما
يحب املطالعة كثيرا .وقد شغف بالتاريخ والفلسفة ،وعلم الالهوت ،والجماليات ،الخ .ثم واصل دروسه في كلية
الحقوق واالقتصاد ،وراح يحضر أطروحة جامعية عن املجتمعات التجارية في القرون الوسطى.
وبعد أن ناقش هذه األطروحة أمام كبار األساتذة وبحضور حشد من الطالب منحوه شهادة الدكتوراه بدرجة
ًا
الشرف األولى .وبدًء ا من ذلك الوقت راحوا ينظرون إليه على أنه أحد كبار علماء االجتماع .ثم عينوه أستاذ في
ًا ًال
جامعة فرايبورگ أو ( )1894وجامعة هايدلبرگ ثاني ( )1896حيث درس علم االقتصاد السياسي.
االنهيار النفسي الذي عانى منه في عام 1898أدى إلى انسحابه من التدريس األكاديمي ،إال أن ذلك االنسحاب لم
يؤثر على تدفق كتاباته ،التي قادم مجموعة كبيرة منها .الفكرة املوحدة لديه كانت التركيز على العالقة املتبادلة بين
التشكيالت القانونية والسياسية والثقافية في جانب ،والنشاط االقتصادي في الجانب اآلخر .وفي عام 1904أسس
ًا
ماكس فيبر مجلة سيكون لها دور في تطوير نظريات علم االجتماع الحق .وكان عنوانها :أرشيفات العلوم
االجتماعية والعلوم السياسية .ثم شارك عام 1910في تأسيس الرابطة األملانية لعلم االجتماع .وبعدئذ انخرط
2 االسم :سليم
اللقب :بن شابة
المجموعة /02 :الفوج / 08 :السنة الثالثة ليسانس ل م د
ماكس فيبر في العمل السياسي املحض وأصبح معارضا سياسيا لإلمبراطور غليوم الثاني وعضوا فاعال في الحزب
االشتراكي الديمقراطي األملاني .وقد شارك بعد الحرب العاملية األولى كعضو في الوفد األملاني إلى مؤتمر السالم
الذي انعقد في فرساي عام . 1919وقد طلبت منه السلطات بعدئذ بلورة دستور جديد للجمهورية األملانية .ثم
قدموا له كرسي علم االجتماع في جامعة ميونيخ عام .1918ولكنه مات بشكل مفاجئ ومبكر عام .1920
ويالحظ أن فيبر لم يحترف علم االجتماع إال قبل وفاته بعامين ،ولقد توفي عام 1920قبل أن يتم مؤلفة األساسي
الذي يدخل في ميدان النظرية االجتماعية وهو االقتصاد واملجتمع Economics and Societyلذلك كانت إحدى
املهام الصعبة في سنة 1922هي جمع شتات هذا املؤلف بعد أن تركها فيبر في صورتها املبدأية.
ًا
وهكذا لم يعش أكثر من ثمانية وخمسين عام ،ولكنه ترك بصماته الكبرى على علم االجتماع وأصبح أحد كبار
الثالثة املؤسسين له :أي كارل ماركس ،إميل دوركهايم ،ماكس فيبر.
اهتمامه بتحليل ظاهرة الحداثة
وقد اشتهر ماكس فيبر بأنه أحد املفكرين الذين انهمكوا في تحليل ظاهرة الحداثة وكيفية نشوئها وتشكلها
وسيطرتها على املجتمعات الصناعية املتقدمة .ولذلك فإن أي مثقف معاصر يريد أن يتحدث عن الحداثة مضطر
للعودة إلى ما كتبه ماكس فيبر عنها من تنظيرات وأطروحات .والسؤال الذي كان يطرحه ماكس فيبر هو التالي :ملاذا
ظهرت الحداثة العلمية والتكنولوجية والبيروقراطية في أوروبا الغربية وأميركا الشمالية فقط؟ بمعنى آخر :ملاذا
تطورت العقالنية في هذه املنطقة من العالم أكثر مما حصل في سواها؟ نقول ذلك ونحن نعلم أن الحداثة تعني
عقلنة العالم :أي دراسة العالم بشكل علمي ،موضوعي ،عقالني ال بشكل غيبي ،ميتافيزيقي ،خرافي .هنا يكمن
الفرق بين مجتمعات الحداثة واملجتمعات التقليدية .فهذه األخيرة تسيطر عليها الرؤيا القديمة املليئة بالخرافات
واملعجزات واألساطير .ثم جاءت الحداثة فتبخرت كل هذه األساطير والخرافات وتم نزع السحر عن العالم وبدا
العالم على حقيقته املادية والفيزيائية والبيولوجية.
الفعل االجتماعي عند ماكس فيبر
الفعل االجتماعي هو املوضوع األساسي لعلم االجتماع عند ماكس فيبر ولقد عرفه بأنه " صورة للسلوك اإلنساني
ًا
الذي يشتمل على اإلتجاه الداخلي أو الخارجي الذي يكون معبر عنه بواسطة الفعل أو اإلحجام عن الفعل ،إنه
ًا ًا ًا
يكون الفعل عندما يخصص الفرد معنى ذاتي معين لسلوكه ،والفعل يصبح اجتماعي عندما يرتبط املعنى الذاتي
ًا ًا
املعطي لهذا الفعل بواسطة الفرد بسلوك األفراد اآلخرين ويكون موجه نحو سلوكهم ]2[".ووفق ملنظور فيبر
وتعريفه للفعل االجتماعي البد من فهم السلوك االجتماعي أو الظواهر االجتماعية على مستويين ،املستوى األول
أن نفهم الفعل االجتماعي على مستوى املعنى لألفراد أنفسهم ،أما املستوى الثاني فهو أن نفهم هذا الفعل
االجتماعي على املستوى الجمعي بين جماعات األفراد .ولكي نفهم عمل الفرد وأفعاله أو سلوكه االجتماعي على
مستوى املعنى البد من النظر إلى دوافع الفرد ونواياه واهتماماته واملعاني الذاتية التي يعطيها ألفعاله والتي لم تكمن
خلف سلوكه ،أي أنه البد من فهم معنى الفعل أو السلوك على املستوى الفردي ومن وجهة نظر الفرد نفسه
صاحب هذا السلوك وبنفس الطريقة البد من النظر إلى النوايا والدوافع واألسباب واالهتمامات التي تكمن وراء
ًا
سلوك الجماعة التي يعتبر الفرد عضو فيها .أي أنه البد من فهم الفعل االجتماعي على املستوى الجمعي ومن وجهة
ًا
نظر الفرد كعضو في جماعة .إذ البد لنا من أخذ هذين املستويين في االعتبار عند دراستنا وتحليلنا لفهم وتفسير
الفعل االجتماعي اإلنساني للفرد سواء من خالل مواجهته للظواهر االجتماعية بنفسه أو من خالل مشاركته
3 االسم :سليم
اللقب :بن شابة
المجموعة /02 :الفوج / 08 :السنة الثالثة ليسانس ل م د
ًا
للجماعات االجتماعية التي ينتمي إليها .من هذا يتضح أن فيبر أعطى ملفهوم الفعل االجتماعي معنى واسع كل
السعة بوصفه املوضوع األساسي للبحث السوسيولوجي من وجهة نظره ن فلقد ضمنه كافة أنواع السلوك ما دام
ًال
الفاعل يخلع عليه معنى .وهناك خاصيتين في مفهوم فيبر حول الفعل االجتماعي ففيبر يسلم أو وصراحة بمدخل
ذاتي لنظرية علم االجتماع وذلك بتركيزه على أن املفهومات النظرية في علم االجتماع يتعين صوغها في ضوء
ًا ًا
نموذج محدد للدافعية التي تحرك (الفاعل الفرضى) والذي يمثل بدوره تصور مفترض ،أما الخاصية الثانية
ًا
فتتعلق بمدلول مصطلح " فيبر" عن " املعنى" وهو مصطلح أعتبر من املصطلحات التي لعبت دور في الجدل الذي
ثار في أملانيا حول مسألة التاريخ ومناهج العلوم االجتماعية عشية ظهور أعمال " ماكس فيبر" املهم أنه عندما
استخدم هذا املصطلح كان يعني به اإلشارة إلى السلوك في ضوء الفرض واملرمى الذي يسعى إلى تحقيقه الفاعل.
ًا ًال ًا ًا ًا
ونظر لتحديده لعلم االجتماع بوصفه علم عام وشام للفعل االجتماعي فإن هذا اقتضاه أن يبذل جهد في
تصنيف األفعال وتنميطها ويقصد بالعام والشامل من وجهة نظره وكما أوضح " ريمون آرون" من تحليله ألعمال
فيبر فهم املعنى الذي يخلعه اإلنسان على سلوكه وهذا املعنى الذاتي بالطبع هو املعيار الذي على أساسه يمكن
تصنيف األفعال اإلنسانية توطئة لفهم بناء السلوك ،إن محاولته لتصنيف األفعال هذه حكمت تفكيره لدرجة
ًا
كبيرة عندما هم بتفسير خصائص وأغراض املجتمع املعاصر ووفق ملا أتى به يعد الرشد والعقالنية خاصة
أساسية للعالم الذي نعيش فيه ،وتفصح هذه العقالنية عن نفسها من خالل عالقاتها باألهداف املحددة.املشروع
ًا ًال
االقتصادي مث يكون رشيد عندما تضبط الدولة بواسطة البيروقراطية ،بل إن املجتمع بكامله يتجه نحو
التنظيم البيروقراطي ،وحتى العلم نفسه يعد من وجهة نظر فيبر مظهر العملية العقلية التي تميز املجتمع الحديث.
ًا
ولقد وضع فيبر تصنيف ألنماط الفعل االجتماعي والتي يمكن االستعانة بها في بناء النماذج املثالية للسلوك حيث
ًا
حدد أربعة أنماط للفعل االجتماعي وفق ملساره واتجاهه على النحو التالي :
الفعل العقلي الذي غايات محددة ووسائل واضحة ،إذ أن الفاعل يضع في اعتباره الغاية والوسيلة التي .1
ًا ًا ًا ًا
يقوم بتقويمها تقويم عقلي فاملهندس الذي يصمم مشروع معماري واملضارب الذي يحسب ما يعود
عليه بسبب مضارباته والقائد الذي يختار أفضل الخطط التي تحقق له النصر كلها أمثلة للفعل
االجتماعي الفعلي.
ًا
الفعل العقلي الذي توجه قيمة مطلقة :وفي هذا النموذج يكون الفرد واعي بالقيم املطلقة التي تحكم .2
الفعل وهي قيم يمكن أن تكون أخالقية أو جمالية أو دينية ويوصف الفعل بأنه موجه نحو قيمة مطلقة
ًا
في الحاالت التي يكون فيها مدفوع لتحقيق مطالب غير مشروطة ومعنى ذلك أن االعتقاد في القيمة
ًا ًا ًا
املطلقة واعي ومتجه نحوها من أجل ذاتها خالي من أية مطامح خاصة ،ولهذا فهو يختار الوسائل التي
تدعم إيمانه بالقيمة.
الفعل العاطفي :وهو سلوك صادر عن حاالت شعورية خاصة يعيشها الفاعل واألمثلة على هذا النمط .3
من السلوك عديدة حينما يختار املرء الوسائل على أساس صلتها بالغايات أو القيم وإنما باعتبارها تنبع
من تيار العاطفة.
الفعل التقليدي :وهو سلوك تمليه العادات والتقاليد واملعتقدات السائدة ومن ثم يعبر عن استجابات .4
ًا ًا
آلية اعتاد عليها الفاعل ،وال شك أن ضرب من السلوك هذا شأنه سوف يظل دائم على هامش الفعل
الذي توجهه املعاني.
4 االسم :سليم
اللقب :بن شابة
المجموعة /02 :الفوج / 08 :السنة الثالثة ليسانس ل م د
وتحتل أنماط الفعل االجتماعي هذه أهمية خاصة في النسق السوسيولوجي الذي صاغه ماكس فيبر ويرجع ذلك إلى
عوامل منها :
أن فيبر تصور علم االجتماع باعتباره دراسة شاملة للفعل االجتماعي ومن ثم أصبح تصنيف أنماط .1
الفعل يمثل أعلى مستويات التصور التي تستخدم في دراسة املجال االجتماعي واملثال على ذلك أن تصنيفه
لنماذج السلطة مشتق مباشرة من تحديده ألنماط الفعل االجتماعي.
أن علم االجتماع عند فيبر يستهدف فهم معاني السلوك البشري ومن هنا يجئ أهمية هذا التصنيف .2
كمدخل ضروري لتحليل بناء السلوك.
ًا
وأخير فإن تصنيفه لنماذج الفعل يعد إلى حٍد ما أساس تفسيره للحقبة التاريخية املعاصرة إذ يعتقد فيبر .3
أن الخاصية األساسية املميزة للعالم الذي يعيش فيه هي العقالنية.
العالقات االجتماعية في مفهوم ماكس فيبر
كانت الخطة الثانية ذات األهمية عند فيبر هي دراسته ملفهوم العالقات االجتماعية إذ ساعده دراسة هذا املفهوم
على التحول من دراسة األفعال الفردية إلى أنماط السلوك .ففيبر في تصوره للعالقات االجتماعية يقصد بها
سلوك جمع من العاملين تتحدد بمضمونات معنى هذا السلوك وبالقدر الذي يضع كل اآلخر في حسبانه ويوجه
سلوكه في ضوء هذا .فالعالقة االجتماعية عند ويبر تعني تبادل األفعال بين األفراد على أساس فهم كل منهم
للمعاني التي يضيفها كل فرد على سلوكه ،إذا أن هناك مجرى للفعل لكن ذلك ال يعني بالطبع أن يكون املعنى
ًال ًا
الذاتي هو نفسه بالنسبة لكل الجماعات التي تتجه اتجاه متباد في عالقة اجتماعية معينة ،ولقد قدم فيبر
ًا ًا
تلخيص لفئات العالقات االجتماعية والتي يمكن مالحظتها واقعي في خمسة فئات هي :
أ -العرف أو اإلصالح أي التماثل الفعلي للعالقات االجتماعية.
ب -العادة وهي العرف الذي يستمد وجوده من األلفة والتعود.
جـ -األسلوب أو العرف الذي يتسم بالتجديد والحداثة.
د -العادة التقليدية وهي العرف الذي ينبثق عن الرغبة في الهيبة االجتماعية أو العرف الذي يتحدد على أساس
أنماط معيارية.
هـ -القانون وهو مجموعة القواعد التي تنطوي على إلزام أو عقاب ملن يخرج عليها ،ومع أن القانون يستند إلى
العادة والعرف لكن الفارق بينه وبينهما هو عنصر اإللزام املتضمن في القاعدة القانونية.
ًا
ففيبر ال يجعل الفعل معتمد فقط على العالقة بين الوسائل والغايات وإنما يربطه باستمرار بنسق اجتماعي معين
وبالظروف التي يتم في ضوئها تحقيق الغايات ومن ثم يذكرنا فيبر باستمرار أن كل املفاهيم التي يقدمها ال تكفي في
5 االسم :سليم
اللقب :بن شابة
المجموعة /02 :الفوج / 08 :السنة الثالثة ليسانس ل م د
ذاتها وإنما البد وأن يستخدمها علماء االجتماع في تشييد النماذج املثالية لتفسير مشكالت ملموسة بل واألكثر من
ذلك أن هذه النماذج بدورها ليست غاية مطلقة ولكنها وسيلة التفسير والتعليل الصحيح.
النماذج املثالية
تستند دعائم التصور النظري لفيبر على مسألتي النموذج املثالي ونظرية التنظيم وبالنسبة للنموذج املثالي فلقد
أشار إلى أن أفضل طريقة في دراسة املعاني الذاتية للظواهر االجتماعية تتمثل في استخدام النموذج املثالي وهو
ًا ًا
ليس فرض بل إنه يوجه الباحثين لوضع الفروض وليس وصف للواقع بل يستهدف توفير الوسائل للتعبير عن
الواقع والنموذج املثالي من وجهة نظر فيبر عبارة عن بناء عقلي من املفاهيم املجردة والذي ال يوجد له نظير في
الواقع التجريبي.
ًا
هذا النمط املثالي ألي ظاهرة اجتماعية يكون مصمم ليساعد في فهم الواقع التجريبي لتلك الظاهرة أو عدة ظواهر
وهكذا يمكن استخدام النمط املثالي كأداة من أجل املقارنة بين ظاهرتين أو أكثر أو لقياس مدى تقارب الظاهرة
املعطاة من النمط املثالي ،فالنموذج أو النمط املثالي عبارة عن " املجموع الكلي للمفاهيم التي ينشأها أو يبينها
املتخصص في العلوم اإلنسانية بصورة نقية وبعيدة عن أي تحيز لتحقيق أهداف البحث .وعلى نحو ما يقول
ًا
(تيماشيف )1972 ،إن النموذج املثالي ليس فرض ،إنه أداة أو وسيلة لتحليل األحداث التاريخية امللموسة
واملواقف ،وهذا التحليل يتطلب بدوره أن تكون املفاهيم محددة بدقة وواضحة إلى أبعد الحدود لكي تستطيع
مواجهة النماذج املثالية ،فالنموذج املثالي إذن مفهوم محدود نقارن به املواقف الواقعية في الحياة واألفعال التي
ندرسها ويذهب فيبر إلى أن دراسة الواقع امللموس على هذا النحو تمكننا من الحصول على عالقات سبية بين
ًال
عناصر النموذج املثالي .وتواجه النماذج املثالية لفيبر بعض الصعوبات فمث بالنسبة لتصنيف فيبر الرباعي للفعل
االجتماعي وحيث تستند كل فئة من فئات األفعال األربعة إلى شكل معين من التوجيه السلوكي فهناك فئتان من
األفعال تتميزان بالعقلية إحداهما تستخدم الوسائل املالئمة لتحقيق األهداف العقلية املختارة ،والثانية تستعين
بوسائل مشابهة إلشباع قيم مطلقة وأهداف أخالقية أما الفئتان األخرىان من األفعال فهما فئة الفعل التقليدي
وفئة الفعل الوجداني وهو هنا يطرح سؤال هو إذا كان النموذج املثالي يرتكز على أساس الفعل العقلي فكيف
يمكن بعد ذلك إقامة نماذج مثالية لألفعال غير العقلية.
علم اجتماع السياسة والحكومة:
كثير من الناس يحملون كلمة بيروقراطية عكس معناها حيث أن الناس تربط مفهوم البيروقراطية بمفهوم الروتين
ًا
وإن كان األمر في األساس عكس ذلك تمام حيث أن البروقراطية إنما تستهدف إلغاء الطابع الشخصي من حيث
ًا
البيروقراطية هي مجموعة النظم واللوائح التي تحدد السلوك التنظيمي كما يجب أن يكون اعتقاد بأن هذا
6 االسم :سليم
اللقب :بن شابة
المجموعة /02 :الفوج / 08 :السنة الثالثة ليسانس ل م د
ًا
السلوك يمثل أفضل سلوك يمكن التنظيم من تحقيق أهدافه واعتقاد بأن هذه اللوائح هي ضمان لحماية
التنظيم من الفساد والتسيب واالنحراف .وبمعنى آخر فإن كلمة بيروقراطية تعني وببساطة البناء االجتماعي
املتسلسل إلدارة التنظيمات الضخمة بطريقة سليمة وبكفاءة وفعالية وبطريقة غير شخصية .وهو يشير إلى
التغيرات التي تحدث في املنظمات الرسمية أو األهلية بطريقة صحيحة لصنع القرارات لتحقيق الكفاءة والفعالية
ًا
وتحقيق األهداف .ونظر للزيادة الكبيرة والتعقيدات في حجم املنظمات فإنها تكون في حاجة إلى تنسيق لتحقيق
مزيد من الفاعلية والتي تصل إلى أقصى درجاتها عندما يكون هناك سيطرة تامة لإلدارة واألدوار محددة وواضحة
وكذا الحقوق والواجبات .ويرى أن العالم القديم قد عرف البيروقراطية ويظهر ذلك بصورة جلية في مصر
القديمة وبابل والصين والهند ومع تقدم املجتمعات وازدياد حاجات البشر ظهرت الحاجة إلى وجود منظمات
متخصصة ومع ازدياد التقدم ظهرت املنظمات كبيرة الحجم ومنها ظهر مفهوم البيروقراطية بمعناه العلمي والذي
وضعه عالم االجتماع املشهور ماكس فيبر .فالبيروقراطية ترتبط باملنظمات كبيرة الحجم وهذا املنظمات تتميز
بتعقد املشاكل التنظيمية واإلدارية التي تواجهها فمن ناحية نجد أن العمل مقسم إلى أجزاء صغيرة وأن العمل
الواحد يقوم به مجموعة من األفراد ومن ناحية أخرى يضم التنظيم مستويات إدارية متعددة تجعل عملية
ًا ًا
االتصال رأسي وأفقي في منتهى الصعوبة .ومن ناحية ثالثة فإن العالقة بين الرئيس واملرؤوسين ال تصبح عالقة
شخصية ومباشرة بحيث تصعب عملية تقييم كفاءة املرؤوسين .وفي ظل هذا املناخ التنظيمي املعقد يصبح من
ًا
الضروري وجود لوائح ونظم وقواعد تحكم عملية تحديد الخطوط الفاصلة بين مختلف التخصصات ضمان لعدم
ًا
حدوث التضارب واالحتكاك بين الوحدات التنظيمية ويصبح من الضروري أيض وجود مسالك محددة لالتصال
الرسمي تحددها اإلدارة العليا وبهذه الوسيلة تتجرد الوظائف من شتى املؤشرات الشخصية التي قد تؤثر في أداء
ًا
شاغلها لها .والبيروقراطية طبق للمعنى السابق ضرورة حيوية لجميع املنظمات كبيرة الحجم وإذا أمكن تحويل
املثالية إلى واقع فإنه تصبح أفضل شكل تنظيمي ممكن ولكن الذي يحدث عادة هو التمادي في تطبيق اللوائح
والتماسك الحرفي بها.ومع طول تعدد العاملين في هذا املناخ ومع صعوبة تعديل اللوائح بما يتمشى مع التغيرات
واملؤشرات التي سيتعرض لها التنظيم يزحف مرض الجمود إلى السلوك التنظيمي وتصبح املبادرات الشخصية
ًا ًا ًا
شيئ نادر أو مخالف للتعليمات واللوائح .ومن ثم تبدأ اآلثار السلبية للبيروقراطية في الظهور .ولو حاولنا تتبع
ًا ًا
النظريات الكبرى للبيروقراطية لوجدنا أن مفهوم البيروقراطية لم يكن يشغل مكان بارز في فكر ماركس .وإن كان
هذا ال ينكر أن ماركس قد درس مفهوم البيروقراطية واستخدمه في نطاق محدد تمثل في دراسة لجهاز الدولة
وإدارتها كما طور أفكاره عنها حينما كان بصدد نقد فلسفة هيجل في الدولة فالجهاز اإلداري في رأي هيجل يحقق
الصلة الدائمة بين الدولة واملجتمع حيث يعتبر التنظيم البيروقراطي هو القنطرة التي تربط بين املصلحة العامة
واملصلحة الخاصة ويعتبر موقف ماركس من البيروقراطية وثيق الصلة بمعالجته لفكرة االغتراب ذلك املفهوم
الذي يشير إلى كافة الظروف واألوضاع التي تجعل البشر يبتعدون عن حياة البساطة األولية بحيث ينفصل
ًا ًا
اإلنسان عن بيئته الطبيعية التي تعد جزء منها وتنطبق فكرة االغتراب تمام على البيروقراطية من وجهة نظر
ًا ًال ًا
ماركس حيث حققت البيروقراطية كيان مستق بعيد عن سيطرة اإلنسان ومحاولة فرض سيادتها عليه .حيث
يؤكد ماركس أن البيروقراطية كتنظيم تحطم كفاءة الفرد وتعوق قدرته على املبادأة واإلبداع والتخيل وتحمل
املسؤولية فماركس اعتبر البيروقراطية أداة الطبقة الرأسمالية لتدعيم مصالحها ولذلك فإن قيام ثورة
البروليتاريا وظهور املجتمع الالطبقي سوف يحكم جهاز الدولة البيروقراطية .ويعتبر موقف لينين من البيروقراطية
7 االسم :سليم
اللقب :بن شابة
المجموعة /02 :الفوج / 08 :السنة الثالثة ليسانس ل م د
إن التصورات الدينية هي بالفعل إحدى محددات السلوك االقتصادي ومن ثم فهي تعد من أسباب تغير -2
هذا السلوك .على أن فيبر لم يعالج الجوانب املختلفة للدين بوصفه ظاهرة اجتماعية بل اكتفى بدراسة
األخالقيات االقتصادية للدين ويقصد منها ما يؤكد عليه الدين من قيم اقتصادية .ويرى فيبر أن
الرأسمالية الحديثة تمثل في حقيقة األمر ظاهرة فريدة تنحصر خصائصها األساسية فيما يلي :املشروع
ًا
االقتصادي القائم على التنظيم العقلي والذي تتم إدارته وفق ملبادئ علمية والثروات الخاصة واإلنتاج من
أجل السوق ،واإلنتاج للجماهير وعن طريقهم واإلنتاج من أجل املال والحماس املتزايد والروح املعنوية
ًا ًال
العالية والكفاءة في العمل تلك التي تتطلب تفرغ كام من الفرد ليزاول مهنته أو عمله وهذا التفرغ
ًا ًا ًا
يجعل من العمل املنهي هدف ومطلب رئيسي في حياة الفرد وهذه األخالق املهنية تعتبر من السمات
الواضحة لروح الرأسمالية الحديثة .بيد أن الرأسمالية تتطلب كذلك وجود أفراد يتميزون بخصائص
سيكولوجية معينة وظروف اجتماعية معينة فالتنظيم الرأسمالي ال يتحقق في مجتمع يتسم أفراده
بالكسل ويتمسكون بمعتقدات خرافية ويتميزن بعدم الكفاءة كذلك فالبد من توافر مجموعة من
الظروف إلى جانب الخصائص السيكولوجية التي ذكرها وهذه الظروف هي رأس مال عقلي وإدارة للعمل
وامتالك كل وسائل اإلنتاج وتوفر وسيلة لإلنتاج وشيوع قانون عقلي وازدياد العمل الحر وتسويق
ملنتجات العمل .ويذهب فيبر إلى أن بنيامين فرانكلين قد عبر بصدق عن السمات السيكولوجية الالزمة
لوجود النظام الرأسمالي مثل أن األمانة هي أفضل سياسة ،والحساب الدقيق ضرورة ألي عمل ،السلوك
املنظم ،املثابرة ،الكفاية ،الصدق واإلخالص.