You are on page 1of 53

‫رشح جوهرة التوحيد‬

‫‪CK‬‬
‫‪1‬‬
‫ﭑ ﭒﭓﭔ‬
‫مقدمة‬
‫احلمد لله رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم عىل رسول رب العاملني‪ ،‬حممد‬
‫وعىل آله وصحبه والتابعني أمجعني‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فهذا هو اجلزء الثالث من كتاب (تيسري رشح جوهرة التوحيد) للشيخ‬
‫إبراهيم البيجوري املقرر عىل طالب الصف الثالث الثانوي‪ ،‬وهو امتداد للجزء‬
‫الثاين الذي تناول موضوعات تتعلق بأفعال العباد‪ ،‬والتوفيق واخلذالن‪ ،‬والوعد‬
‫والوعيد‪ ،‬والصالح واألصلح‪ ،‬والقضاء والقدر‪ ،‬ورؤية الله تعاىل‪ ،‬وحاجة‬
‫البرش إىل الرسالة‪ ،‬والوحي وأنواعه‪ ،‬والرسل‪ ،‬والواجب يف حقهم واملستحيل‬
‫واجلائز‪ ،‬واملعجزة‪ ،‬ومعجزات نبينا ﷺ‪ ،‬وكرامات األولياء‪ ،‬واعتقادنا يف‬
‫الصحابة‪.‬‬
‫ويأيت هذا اجلزء ليمكن الطالب من دراسة موضوعات تتعلق بالسمعيات‬
‫كاملالئكة‪ ،‬واجلن والشياطني‪ ،‬واملوت‪ ،‬وأجل املقتول‪ ،‬والروح‪ ،‬وسؤال القرب‬
‫وعذابه ونعيمه‪ ،‬والبعث‪ ،‬واحلساب‪ ،‬واليوم اآلخر وما يتعلق به من شفاعة‪،‬‬
‫وحسنات وسيئات‪ ،‬وتوبة‪ ،‬ووزن وميزان‪ ،‬ورصاط‪ ،‬وحوض‪ ،‬وجنة ونار‪،‬‬
‫والكليات اخلمس‪ ،‬واإلمامة‪ ،‬واألمر باملعروف والنهي عن املنكر‪.‬‬
‫وقد استهدف الكتاب تقريب وتيسري هذه املوضوعات إىل أذهان الطالب‬
‫المعاش؛ رغبة يف إعداد جيل قادر عىل‬‫بأسلوب مبسط‪ ،‬يتواءم مع الواقع ُ‬
‫التفكري واالبتكار والنقد‪ ،‬ومواجهة حتديات الواقع احلارض بحلول مناسبة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬
‫ـ ‪7‬االهتامم بالتقويم بمعنى إتْباع كل درس بعدة اختبارات متنوعة ـ مقالية‬ ‫وقد صيغت موضوعاته بطريقة تتيح للطالب أن يكون ف َّع ًال داخل الصف‪،‬‬
‫حصله الطالب من معارف ومعلومات وتعمل‬
‫وموضوعية ـ من شأهنا قياس ما َّ‬ ‫مشاركًا يف نشاطات الدرس وتدريباته املتنوعة ـ بني مقالية وموضوعية ـ من‬
‫عىل زيادة فاعلية حتصيل املعلومات لدهيم‪ ،‬عىل اعتبار أن التقويم له دور مهم يف‬ ‫أجل تنمية مهارات التفكري العليا‪ ،‬مثل القدرة عىل االستنتاج والتلخيص‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫واملقارنة واملوازنة‪ ...‬وغريها‪.‬‬
‫ـ ‪8‬استبعاد اهلوامش والرشوحات املضمنة هبا‪.‬‬ ‫وقد اهتمت اللجنة التي قامت عىل إخراج هذا الكتاب بعدة منطلقات‬
‫خالصا لوجهه الكريم‪ ،‬وأن‬
‫ً‬ ‫ويف النهاية نسأل الله العيل القدير أن جيعل عملنا‬ ‫أساسية يف إعداده نجملها فيام ييل‪:‬‬
‫يفيد منه طالب العلم‪ .‬إنه نعم املجيب‪.‬‬ ‫ـ ‪1‬حتديد أهداف عامة للكتاب تسهم يف توضيح الرؤية فيام يتعلق بنوعية‬
‫لجنة إعداد وتطوير المناهج باألزهر الشريف‬ ‫املحتوى الذي حيتاجه الطالب‪ ،‬واختيار خرباته التعليمية من معارف ومهارات‬
‫وطرق تفكري‪...‬‬
‫ـ ‪2‬االهتامم باملرحلة العمرية التي يمر هبا الطالب‪ ،‬وهي مرحلة تتطلب فهم‬
‫املجردات بأسلوب مبسط‪.‬‬
‫ـ ‪3‬االهتامم باللغة املستخدمة يف الكتاب‪ ،‬حيث روعي يف الصياغة تيسري‬
‫ما غمض من عبارات الكتاب‪ ،‬من خالل اختيار مجل بسيطة ومفردات تقع يف‬
‫متناول الطالب‪.‬‬
‫ـ ‪4‬استبعاد ما ال صلة له بعلم التوحيد من تفريعات هي أقرب ما تكون إىل‬
‫علوم أخرى كالفقه وعلوم اللغة وغريها‪.‬‬
‫ـ ‪5‬استبعاد أبيات املنظومة التي ال تناسب الطالب الذين أعدت هلم هذه‬
‫الطبعة‪.‬‬
‫ـ ‪6‬إضافة عنوان لكل مبحث وعناوين أخرى فرعية تعني عىل فهم املادة‬
‫العلمية‪ ،‬وتسهم يف إثراء خربات الطالب‪ ،‬وزيادة رغبتهم يف التعلم‪.‬‬
‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬
‫موضحا عالماته‬
‫ً‬ ‫ـ‪ 11‬يذكر حكم اإليامن باليوم اآلخر‪ ،‬وحكم منكره‪،‬‬
‫الصغرى والكربى‪.‬‬ ‫أهداف مقرر الصف الثالث الثانوي‬
‫ـ‪ 12‬يتعرف عىل املقصود بالشفاعة‪ ،‬معدِّ ًدا أنواعها‪ ،‬مفندً ا الشبهات املثارة‬ ‫يتوقع بعد دراسة هذا المقرر تحقيق ما يلي‪:‬‬
‫حوهلا‪.‬‬ ‫ـ ‪1‬يوضح املقصود بالسمعيات وطرق إثباهتا‪ ،‬معدِّ ًدا قضاياها‪.‬‬
‫ ـ‪ 13‬حيدد املقصود باحلسنات والسيئات‪ ،‬ذاكِ ًرا مراتب تضعيف احلسنات‪.‬‬
‫ـ ‪2‬يتعرف طبيعة املالئكة‪ ،‬وأصنافهم‪ ،‬وصفاهتم‪ ،‬وحكم اإليامن هبم‪،‬‬
‫موضحا مواطن صحة‬
‫ً‬ ‫ ـ‪ 14‬يوضح املقصود بالتوبة ورشوطها وحكمها‪،‬‬ ‫ً‬
‫مستدل بالنقل والعقل عىل ذلك‪.‬‬
‫التوبة بالنسبة للكافر‪ ،‬وحكم من عاد إىل الذنب بعد التوبة‪.‬‬
‫ً‬
‫مستدل‬ ‫موضحا آراء العلامء يف حقيقتهام‪،‬‬
‫ً‬ ‫ـ ‪3‬يفرق بني اجلن والشياطني‪،‬‬
‫موضحا مكفراهتا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ ـ‪ 15‬يصنف أنواع الذنوب‪،‬‬
‫عىل ما يذكر‪.‬‬
‫موضحا أقوال العلامء يف مرتكبها‪ ،‬ودليل‬
‫ً‬ ‫ـ‪ 16‬يتعرف عىل املقصود بالكبائر‪،‬‬
‫ـ ‪4‬يذكر حقيقة املوت‪ِّ ،‬‬
‫موض ًحا حكم اإليامن به‪.‬‬
‫كل رأي‪.‬‬
‫ًّ‬
‫مستدل عىل ما يذكر‪.‬‬ ‫ـ ‪5‬يوضح آراء أهل السنة واملعتزلة يف أجل املقتول‪،‬‬
‫موضحا طريقة أخذ هذه الصحائف‪،‬‬
‫ً‬ ‫ـ‪ 17‬يذكر املقصود بصحائف األعامل‪،‬‬
‫وحكم اإليامن بثبوهتا‪.‬‬ ‫ًّ‬
‫مستدل عىل ما يذكر‪.‬‬ ‫يبي مذاهب العلامء يف الروح‪ ،‬و َع ْجب الذنب‬
‫ـ ‪ِّ 6‬‬
‫ـ‪ 18‬حيدد معنى الوزن وامليزان‪ ،‬والرصاط‪ ،‬واحلوض‪ ،‬والعرش‪ ،‬والكريس‪،‬‬ ‫ًّ‬
‫مستدل عىل ما يذكر من‬ ‫ـ ‪7‬يوضح حقيقة الروح وآراء العلامء يف حدوثها‪،‬‬
‫والقلم‪ ،‬والكاتبني‪ ،‬واللوح املحفوظ‪ ،‬واجلنة والنار‪ ،‬وما يرتبط هبا من أحكام‪،‬‬ ‫آراء‪.‬‬
‫مد ِّل ًل عىل ما يذكر‪.‬‬
‫ـ ‪8‬يتعرف عىل املقصود باحلياة الربزخية وحقيقة عذاب القرب ونعيمه‪ ،‬مفندً ا‬
‫ـ‪ 19‬يتعرف عىل املقصود باملحافظة عىل الكليات اخلمس‪ ،‬راغ ًبا يف املحافظة‬ ‫ًّ‬
‫مستدل عىل ما يذكر‪.‬‬ ‫الشبهات املثارة حول عذاب القرب‪،‬‬
‫عليها‪.‬‬
‫ـ ‪9‬يتعرف عىل حقيقة البعث واحلساب واحلرش‪ِّ ،‬‬
‫موض ًحا أنواع احلرش‪ ،‬وما‬
‫موضحا األحكام‬
‫ً‬ ‫ـ‪ 20‬يوضح املقصود باإلمامة‪ ،‬حمدِّ ًدا رشوط اإلمام‪،‬‬
‫يرتبط هبا من أحكام‪.‬‬
‫املتعلقة هبا‪.‬‬
‫ـ‪ 10‬حيدِّ د املقصود باليوم اآلخر‪ ،‬معدِّ ًدا أسامءه‪ ،‬ذاكِ ًرا املراد هبول املوقف‪،‬‬
‫ـ‪ 21‬يتعرف عىل املقصود باألمر باملعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬ودليل‬
‫معدِّ ًدا أهوال يوم القيامة‪.‬‬
‫موضحا كيفية التحيل بالفضائل والتخيل عن الرذائل‪.‬‬
‫ً‬ ‫وجوهبام‪ ،‬ورشوطهام‪،‬‬
‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬
‫ورس من أرساره ال يعلمه أحدٌ إال هو‪ ،‬وهو املشار‬
‫ـ ‪6‬غيب بقي يف علم اهلل ٌّ‬
‫إلىه يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬ ‫السمعيات‬
‫ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ‬ ‫هذا هو القسم الثالث من أقسام علم التوحيد الثالثة‪( :‬اإلهليات ـ النبوات‬
‫ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﱸ (((‪.‬‬ ‫وس ِّميت بالسمعيات؛ ألنه ال طريق‬ ‫أيضا‪ُ ،‬‬
‫ـ السمعيات) وقد تسمى الغيبيات ً‬
‫غيب‪،‬‬ ‫كل ٍ‬
‫أمر سمعي ٌ‬ ‫إن َّ‬
‫ويصح القول َّ‬
‫ُّ‬ ‫أخص من الغيبيات‪،‬‬ ‫إ ًذا فالسمعيات ُّ‬ ‫ملعرفتها إال الكتاب والسنة واألصل يف وصوهلا إلينا السامع فقط‪ ،‬فال دخل‬
‫أمرا سمع ًّيا‪.‬‬ ‫كل ٍ‬
‫و ليس ُّ‬ ‫للعقل يف الوصول إىل ما يذكر يف هذا القسم‪ ،‬وجيب اإليامن به كاملالئكة واجلن‬
‫غيب ً‬
‫واألرواح واليوم اآلخر واجلنة والنار‪ ،‬أما تسميتها بالغيبيات فألهنا أمور غائبة‬
‫والسمعيات ال سبيل إىل العلم هبا إال النص الصحيح قرآنًا كان أو سنة‪،‬‬
‫عنَّا‪ ،‬وال نستطيع أن نصل للعلم هبا عن طريق علومنا املكتسبة‪.‬‬
‫وال جمال لالجتهاد فيها إال يف دائرة حتقيق النص وفهمه الفهم السوي يف إطار‬
‫احلس‪ ،‬وعىل ذلك يدخل فيه اإليامن‬
‫وقد يقصد بالغيب كل ما كان غائ ًبا عن ّ‬
‫ضوابط الفكر واالستدالل‪.‬‬
‫بوجود اهلل ـ تعاىل ـ‪ ،‬واإليامن باملالئكة‪ ،‬واجلن‪ ،‬وقد استعمل القرآن لفظ الغيب‬
‫قضايا السمعيات‪:‬‬
‫يف هذا املعنى‪.‬‬
‫ُ‬
‫وسؤال منكر‬ ‫والنرش‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫احلرش‪،‬‬ ‫إثبات‬
‫ُ‬ ‫الغزايل عرشة أمور هي‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫جعلها اإلما ُم‬ ‫أعم من السمعيات؛ ألن من الغيب ما ييل‪:‬‬
‫فإن الغيب ُّ‬
‫وعليه َّ‬
‫ِ‬
‫والنار‪ ،‬وأحكا ُم اإلمامة‪،‬‬ ‫وخلق ِ‬
‫اجلنة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫والرصاط‪،‬‬ ‫وامليزان‬
‫ُ‬ ‫وعذاب القرب‪،‬‬ ‫ونكري‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ـ ‪1‬ما َّ‬
‫دل عليه السمع‪ ،‬وهو ما يسمى بالسمعيات‪.‬‬
‫ُ‬
‫ورشوط اإلمامة‪.‬‬ ‫وأ َّن أفضل الصحابة عىل حسب ترتيبهم يف اخلالفة‪،‬‬ ‫َ‬
‫غيب أشار إليه السمع‪ ،‬ويطالب اإلنسان باستخدام العقل للنظر فيه؛‬ ‫ـ ‪ٌ 2‬‬
‫***‬ ‫حتى يتعرف عليه كإثبات ذات الله ـ تعاىل ـ‪.‬‬
‫غيب وضع الله عز وجل أسبابه يف األرض‪ ،‬وطالب العقالء أن يبحثوا‬
‫ـ ‪ٌ 3‬‬
‫عنها‪ ،‬كاالكتشافات العلمية‪.‬‬
‫ـ ‪4‬غيب زماين من أخبار األمم السابقة فعل ما كان يف املايض البعيد أو‬
‫املستقبل الذي مل يصل إليه اإلنسان بعد‪.‬‬
‫ـ ‪5‬غيب مكاين فعل ما أخرب اهلل عن وقوعه يف األرض أو السامء مما مل يصل‬
‫((( سورة األنعام ‪ .‬اآلية‪.59 :‬‬ ‫إليه اإلنسان‪.‬‬
‫‪9‬‬ ‫‪8‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪9‬‬ ‫‪8‬‬
‫(‪)1‬‬ ‫املناقشة‬
‫املالئكة‬ ‫ـ ‪1‬عرف السمعيات‪ ،‬وما حكم اإليامن هبا؟‬
‫‪:‬‬ ‫َق َال النَّاظِ ُم‬ ‫ـ ‪2‬الغيب أعم من السمعيات‪ ،‬وضح ذلك‪.‬‬
‫ـن ُ ْي ِم ُلــوا‬‫ـر ًة َلـ ْ‬
‫وكَاتِبـ َ ِ‬
‫ـون خـ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫***‬ ‫ـد َحافِ ُظـ َ‬
‫ـون ُو ِّك ُلوا‬ ‫‪61‬ـ بِـك ُِّل عبـ ٍ‬
‫َْ‬ ‫ـ ‪3‬أكمل‪:‬‬
‫ني ِف ا َمل َر ْض ك ََم ن ُِق ْل‬ ‫ِ‬
‫َحتَّى األن َ‬ ‫***‬ ‫‪62‬ـ ِم ْن َأ ْم ِر ِه َش ْيئًا َف َع ْل َو َل ْو َذ ِه ْل‬ ‫ـ ـسميت السمعيات بذلك؛ ألهنا‪.................‬‬
‫ألمـ ٍ‬ ‫اس ِ‬ ‫‪63‬ـ َفح ِ‬
‫ـر َو َصال‬ ‫ـن َجــدَّ ْ‬ ‫َفـ ُـر َّب َمـ ْ‬ ‫***‬ ‫ب النَّ ْف َس و َقلل َ‬
‫االمال‬ ‫َ‬ ‫ـ ـسميت الغيبيات بذلك؛ ألهنا‪.................‬‬
‫اإليمان بالمالئكة أحد أركان اإليمان‪:‬‬ ‫ـ ـالقضايا السمعية عرشة‪ ،‬هي‪،......... ، ........ ،........ ،......... :‬‬
‫جازما‬
‫ً‬ ‫جيب عىل كل مك َّلف رش ًعا اإليامن باملالئكة‪ ،‬وذلك بأن يعتقد اعتقا ًدا‬ ‫‪. ......... ،......... ،......... ،......... ،......... ،.........‬‬
‫بأهنم موجودون‪ ،‬وبأهنم مكرمون ال يعصون اهلل ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون‪.‬‬
‫***‬
‫الدليل على وجودهم ووجوب اإليمان بهم‪:‬‬
‫قال الله ـ تعاىل ـ‪ :‬ﱹ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ‬
‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﱸ (((‪ ،‬وقال تعاىل‪ :‬ﱹ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‬
‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﱸ (((‪.‬‬
‫وجيب اإليامن باملالئكة الذين وردت أسامؤهم‪ ،‬أو أوصفاهم‪ ،‬أو أصنافهم‬
‫إمجال فيكون اإليامن هبم ً‬
‫إمجال‪.‬‬ ‫وأما ما ورد ذكرهم ً‬ ‫ً‬
‫تفصيل‪َّ ،‬‬ ‫عىل التفصيل‬

‫((( سورة البقرة ‪ .‬اآلية‪.285 :‬‬


‫((( سورة النساء ‪ .‬اآلية‪.136 :‬‬
‫‪11‬‬ ‫‪10‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪11‬‬ ‫‪10‬‬
‫الفرق بين عصمة المالئكة و عصمة األنبياء‪:‬‬ ‫تعريف المالئكة‪:‬‬
‫نزوع إىل‬
‫ٌ‬ ‫أن املالئكة ليس عندهم‬
‫الفرق بني عصمة املالئكة وعصمة األنبياء ّ‬ ‫واملالئكة يف اللغة‪ :‬مجع َم َلك‪ ،‬وأصله مألك من األلوك ثم ترصفوا يف لفظه‬
‫املعصية؛ لعدم وجود الشهوة يف تركيبهم‪ ،‬أما األنبياء فعندهم القابلية للمعصية‬ ‫فقالوا‪ :‬مألك‪ ،‬ثم نقلوا حركة اهلمزة إىل الالم وحذفوا اهلمزة‪ ،‬فقالوا‪َ :‬م َلك مجعه‪:‬‬
‫بفطرهتم‪ ،‬ولكن اهلل حيفظهم وحيول بينهم وبني املعصية؛ فالعصمة واجبة لألنبياء‬ ‫مالئك ومالئكة‪ ،‬واألَ ُلوكة بمعنى الرسالة فكأن للملك رسالة حيملها هلذا سمي‬
‫وللمالئكة كام يقول صاحب اجلوهر ة‪ِ :‬‬
‫وع ْص َم ُة الباري ٍّ‬
‫لكل َحت َِّما*‬ ‫هبذا االسم‪.‬‬
‫خلق المالئكة‪:‬‬
‫واصطالحا‪ :‬هم أجسام لطيفة نورانية قادرة عىل التشكل بأشكال خمتلفة‬
‫ً‬
‫املالئكة من خملوقات اهلل تعاىل‪ ،‬خلقها من نور‪ ،‬كام قال رسول الله ﷺ‪:‬‬
‫يف أشكال حسنة‪ ،‬شأهنا الطاعة ومسكنها الساموات غال ًبا‪ ،‬ومنهم من يسكن‬
‫«خلِ َق ْ‬
‫ت املالئكة من نور‪ ،‬وخلق اجلان من مارج من نار‪ ،‬وخلق آدم مما وصف‬ ‫ُ‬
‫األرض‪ ،‬وكان الرسل ـ عليهم السالم ـ يروهنم تار ًة عىل صورهتم احلقيقية‪،‬‬
‫لكم»(((‪.‬‬
‫وتار ًة بأشكال أخرى‪.‬‬
‫أصناف المالئكة‪:‬‬
‫أصناف خمتلفة حسب ما يوكل إلىهم من أعامل‪ ،‬ومما أثبتته‬
‫ٌ‬ ‫ورد َأ َّن املالئكة‬ ‫عصمتهم‪ ،‬والدليل عليها‪:‬‬
‫النصوص من أصناف املالئكة ما ييل‪:‬‬ ‫املالئكة معصومون حمفوظون من الذنب‪ :‬ﱹﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ‬
‫الحافظون والكاتبون‪:‬‬ ‫ﯰ ﱸ ((( ‪ ،‬وقال تعاىل‪ :‬ﱹ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﱸ (((؛ وقال تعاىل‪:‬‬
‫ـ ‪1‬احلفظة‪ :‬عهد الله إىل فريق من مالئكته أن يكونوا حفظة خللقه حيفظوهنم‬
‫ﱹﮤﮥ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭ ﮮﮯﮰﮱ‬
‫من املضار‪ ،‬وهؤالء احلفظة ألفراد اإلنس خاصة‪ ،‬وقيل‪ :‬إن للجن حفظ ًة كذلك‪،‬‬
‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﱸ ((( ‪ ،‬ﱹ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬
‫يقول ـ سبحانه ـ‪ :‬ﱹ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﱸ(((‪،‬‬
‫ﭰ ﭱ ﱸ (((‪.‬‬
‫أي بأمر الله‪.‬‬
‫ـ ـويقول رسول اهلل ﷺ ‪« :‬يتعاقبون فيكم مالئكة بالليل ومالئكة‬
‫بالنهار»(((‪.‬‬
‫((( سورة التحريم ‪ .‬اآلية‪.6 :‬‬
‫((( أخرجه مسلم‪.‬‬ ‫((( سورة األنبياء ‪ .‬اآلية‪.20 :‬‬
‫((( سورة الرعد ‪ .‬اآلية ‪.11 :‬‬ ‫((( سورة النحل ‪ .‬اآليتان‪.50 ،49 :‬‬
‫((( متفق عليه‪.‬‬ ‫((( سورة األنبياء ‪ .‬اآلية‪.27 :‬‬
‫‪13‬‬ ‫‪12‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪13‬‬ ‫‪12‬‬
‫اسم أحدمها رقي ًبا واآلخر عتيدً ا كام يتوهم‪ ،‬يقول ـ سبحانه ـ‪ :‬ﱹ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬ ‫اظ هم ال ُكتَّاب مستدلني بقوله ـ سبحانه ـ‪:‬‬ ‫ويرى بعض العلامء َأ َّن ُ‬
‫احل ّف َ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﱸ((( ‪ ،‬ويكتبان كل يشء حتى األنني الصادر منه يف املرض‪،‬‬ ‫ﱹ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﱸ((( فهي أوصاف‬
‫ومها ال يتغريان ما دام ح ًّيا‪ ،‬فإذا مات يقومان عىل قربه يسبحان ويكتبان ثوابه إىل‬ ‫لصنف واحد من املالئكة‪.‬‬
‫كافرا‪.‬‬
‫إن كان ً‬
‫يوم القيامة إن كان مؤمنًا‪ ،‬ويلعنانه إىل يوم القيامة ْ‬ ‫آخر‪ ،‬موصوف بالعلم ومعطوف بغري‬ ‫ٌ‬
‫صنف ُ‬ ‫ويرى البعض‪ :‬أن «الكاتبني»‬
‫الحكمة من الكتابة‪:‬‬ ‫حرف عىل الصنف األول وهم احلفظة‪ ،‬ويؤيد هذا الرأي القائل إن احلفظة غري‬
‫ليست الكتاب ُة حلاجة دعت إلىها‪ ،‬فإنه ـ سبحانه ـ يعلم خائنة األعني وما ختفي‬ ‫الكتبة اآلية األوىل التي بينت مهمة احلافظني‪.‬‬
‫كل منهم كتابه فيقول‪ :‬ﱹ ﮇ‬ ‫ليقيم احلج َة عىل العبيد يوم ُي ْع َطى ٌّ‬
‫َ‬ ‫الصدور‪ ،‬وإنام‬ ‫أن احلفظة ال يفارقون العبد أبدً ا‪ ،‬أما الكتبة فإهنم‬
‫كام يؤيده ما ورد من َّ‬
‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ‬ ‫يفارقونه عند ثالث حاالت‪ :‬عند قضاء احلاجة‪ ،‬وعند اجلامع‪ ،‬وعند الغسل‪ ،‬كام‬
‫ﮘ ﮙ ﮚ ﱸ ((( فلعلهم يستحيون من املعصية إذا علموا أهنا ستكتب‪.‬‬ ‫جاء ذلك يف حديث النبي ﷺ «إياكم والتعري فإن معكم من اليفارقكم إال عند‬
‫وقد ورد أن أحد امللكني عن يمني العبد‪ ،‬وهو خمتص بكتابة احلسنات‪،‬‬ ‫الغائط‪ ،‬وحني يفيض الرجل إىل أهله‪ ،‬فاستحيوا منهم وأكرموهم»((( وال يمنع‬
‫أن األول أمري عىل الثاين‪،‬‬
‫واآلخر عن يساره‪ ،‬وهو خمتص بالسيئات‪ ،‬كام ورد ّ‬ ‫ذلك من الكتابة فقد جيعل الله هلم عالمة عىل ما يصدر من العبد يف هذه احلاالت‬
‫فإذا فعل العبد حسنة بادر م َلك اليمني لكتابتها‪ ،‬وإذا فعل سيئة قال ملك اليسار‪:‬‬ ‫فيكتبونه‪ ،‬وال يفارقونه يف غري هذه احلاالت الثالث حتى ولو كان يف بيته جرس‪،‬‬
‫أأكتب؟ فيقول ملك اليمني‪ :‬ال؛ لعله يستغفر‪ ،‬أو يتوب‪ ،‬فإذا مضت فرتة ومل‬ ‫أو كلب‪ ،‬أو صورة‪ ،‬أما ما ورد يف احلديث أن املالئكة ال تدخل بيتًا فيه جرس‪،‬‬
‫يتب قال‪ :‬اكتب أراحنا اهلل منه‪ ،‬أما املباحات فقيل‪ :‬تكتب وقيل‪ :‬ال‪ ،‬واألصح‬ ‫أو كلب‪ ،‬أو صورة‪ ،‬فاملقصود مالئكة الرمحة‪.‬‬
‫األول؛ لعموم قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﱸ(((‪ ،‬ومها يالزمان‬
‫أن لكل فرد عرش ًة بالليل ومث َلهم بالنهار‪ ،‬وقيل‪:‬‬ ‫ّأما عدد احلفظة‪ :‬فقد ورد ّ‬
‫الشخص منذ كونه نطفة إىل أن يموت‪ ،‬وقيل‪ :‬يتوارد عليه أربع ٌة‪ ،‬اثنان ً‬
‫هنارا‬
‫عرشون‪ ،‬وقيل غري ذلك‪ِ ،‬‬
‫ليل‪ ،‬يتعاقبون عند صالة العرص وعند صالة الصبح‪.‬‬ ‫واثنان ً‬ ‫وح ْفظ اهلل للعبد إنام هو من القضاء املع ّلق أما القضاء‬
‫املربم‪ ،‬فال بد من إنفاذه‪ ،‬فيتنحون عنه حتى َينْفذ‪.‬‬
‫وهل الكتابة حقيقية؟‪ ،‬وهل هي عىل ِقرطاس؟‪ ،‬وما آلتها؟ وما مدادها؟ وما‬
‫خيربنا الرسول بتفاصيلها فنرتك علمها لله تعاىل‪.‬‬ ‫ـ ‪2‬الكتبة‪ :‬هنا فريق آخر من املالئكة وكَّلهم الله تعاىل بكتابة كل ما يصدر‬
‫أمور غيبية مل ْ‬
‫لغتها؟‪ ،‬كل هذه ٌ‬
‫عن العبد‪ ،‬والكتبة ملكان‪ ،‬كل منهام رقيب أي حافظ‪ ،‬وعتيد أي‪ :‬حارض‪ ،‬فليس‬
‫((( سورة ق ‪ .‬اآلية ‪.18 :‬‬
‫((( سورة الكهف ‪ .‬اآلية ‪.49 :‬‬ ‫((( سورة االنفطار ‪ .‬اآليات ‪ 10 :‬ـ ‪.12‬‬
‫((( سورة ق ‪ .‬اآلية ‪.18 :‬‬ ‫((( أخرجه الرتمذي‪.‬‬
‫‪15‬‬ ‫‪14‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪15‬‬ ‫‪14‬‬
‫ـ ‪ 2‬االلتزام بأوامر الله ـ تعاىل ـ‪ :‬ﱹ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬ ‫ومن أصنافهم‪:‬‬
‫ﯰﱸ((( ‪.‬‬ ‫ـ‪ 3‬محلة العرش‪ :‬قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ‬
‫النبي يف‬ ‫أن جربيل أتى‬ ‫ٍ‬
‫حسنة‪ ،‬فقد ورد َّ‬ ‫ٍ‬
‫بأشكال‬ ‫ـ ‪ 3‬القدرة عىل التشكل‬
‫َّ‬ ‫ﮏ ﱸ ((( ‪.‬‬
‫ِ‬
‫شديد سواد الشعر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫شديد بياض الثياب‪،‬‬ ‫صورة رجل‬ ‫ـ‪ 4‬و خزنة اجلنة‪ :‬قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ‬
‫ـ ‪4‬ال يأكلون وال يرشبون؛ وإنام خلقوا للعبادة يف الدنيا واآلخرة‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬ ‫ﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ ﯣﯤﯥﯦ‬
‫ﱹﯫﯬ ﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ ﯷ‬ ‫ﯧ ﯨ ﱸ((( ‪.‬‬
‫ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﱸ((( ‪.‬‬ ‫ـ‪ 5‬وخزنة جهنم‪ :‬قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫ذكورا وال إنا ًثا‪ ،‬ومن وصفهم بالذكورة فهو فاسق‪ ،‬ومن وصفهم‬
‫ً‬ ‫ـ ‪5‬ـ ليسوا‬ ‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﱸ((( ‪.‬‬
‫باألنوثة فهو كافر؛ لتكذيبه قول اهلل تعاىل‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬
‫ـ‪ 6‬ومالئكة املوت‪ :‬قال تعاىل‪ :‬ﱹﮯ ﮰﮱ ﯓﯔ ﯕﯖﯗ‬
‫ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﱸ وقوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮯ ﮰ ﮱ‬ ‫(((‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﱸ((( ‪.‬‬
‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﱸ((( ‪.‬‬
‫صفاتهم‪:‬‬
‫ـ ‪6‬ـ مل ت َُركَّب فيهم الشهوة‪ ،‬فال تقع منهم معصية‪.‬‬ ‫للمالئكة صفات كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﱸ((( ‪.‬‬ ‫ـ ‪7‬ـ هم جند الله‬ ‫ـ ‪ 1‬العبودية لله ـ تعاىل ـ ‪ ،‬قال سبحانه‪ :‬ﱹ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦﭧ‬
‫حكم إنكار المالئكة‪:‬‬ ‫ﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ ﭰﭱ‬
‫دل عىل وجود املالئكة الكتاب والسنة واإلمجاع فمنكر وجودهم كافر‪.‬‬ ‫ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ ﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ‬
‫ﮀ ﮁ ﱸ(((‪.‬‬

‫((( سورة التحريم ‪ .‬اآلية ‪.6 :‬‬ ‫((( سورة احلاقة ‪ .‬اآلية ‪.17 :‬‬
‫((( سورة الذاريات ‪ .‬اآليات ‪ 26 :‬ـ ‪.28‬‬ ‫((( سورة الزمر ‪ .‬اآلية ‪.73 :‬‬
‫((( سورة النجم‪ .‬اآلية ‪.27 :‬‬ ‫((( سورة املدثر ‪ .‬اآليات ‪ 26 :‬ـ ‪.30‬‬
‫((( سورة الزخرف ‪ .‬اآلية ‪.19 :‬‬ ‫((( سورة األنفال ‪ .‬اآلية ‪.50 :‬‬
‫((( سورة املدثر‪ .‬اآلية‪.31 :‬‬ ‫((( سورة األنبياء ‪ .‬اآليات ‪ 26 :‬ـ ‪.28‬‬
‫‪17‬‬ ‫‪16‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪17‬‬ ‫‪16‬‬
‫دليل ثبوت الجن‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وقد ثبت وجود اجلن بالقرآن والسنة‪ ،‬وسميت سورة كاملة باسمهم؛ ذكر‬
‫واهتداء ٍ‬
‫اجلن والشياطني‬
‫فريق منهم بذلك النور‪:‬‬ ‫َ‬ ‫استامع اجلن إىل دعوة اإلسالم‪،‬‬
‫َ‬ ‫فيها ـ سبحانه ـ‬
‫اجلن والشياطني‪َ :‬‬
‫عال من العوامل الغيبية ال يعلم حقيقتهم إال اهلل تعاىل ّ‬
‫دل عىل‬
‫قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﱸ((( ‪ ،‬وكان اجلن يستمعون إىل القرآن كام‬ ‫ثبوهتم الكتاب والسنة وإمجاع العلامء‪.‬‬
‫يقول سبحانه‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬ ‫والشياطني ُأ َّم ٌة عاقل ٌة مم ِّيزةٌ‪ ،‬أرسل إلىهم رسول الله ﷺ‪ ،‬فهم مأمورون‬
‫ُ‬ ‫واجلن‬
‫ُّ‬
‫ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﱸ((( ‪.‬‬ ‫باإليامن بالله ـ سبحانه ـ وتعاىل وتوحيده‪ ،‬واإلقرار بالعبودية له‪.‬‬
‫وقد خاطبهم اهلل مع اإلنس حيث يقول‪ :‬ﱹ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬ ‫آراء العلماء في خلق الجن‪:‬‬
‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬ ‫واجلن من خملوقات اهلل تناسلوا من إبليس‪ ،‬كام تناسل اإلنس من آدم‪ ،‬ومن‬
‫ﯠ ﯡ ﱸ((( كام يقول ـ سبحانه ـ لكافرهيم يوم القيامة مقي ًم عليهم احلجة‪:‬‬ ‫وقد ُر ِو َ‬
‫ي عن‬ ‫والكافر‪ ،‬وهذا رأي احلسن البرصي‬
‫ُ‬ ‫املؤمن‬
‫ُ‬ ‫هؤالء وهؤالء‬
‫ﱹ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﱸ((( ‪.‬‬ ‫أن ن َْسل إبليس هم الشياطني‪ ،‬أما اجلن فهم جنس آخر َف ُهم ولدُ‬
‫ابن عباس ّ‬
‫اجلن مجاع ٌة من املتكلمني‪ ،‬ورصفوا اآليات عن ظاهرها‪،‬‬ ‫وقد أنكر وجو َد ِّ‬ ‫اجلان‪ ،‬وهم كاإلنس منهم املؤمن ومنهم الكافر((( ‪.‬‬
‫وقالوا‪ :‬إن املقصود باجلن والشياطني أولئك الكفرة من اإلنس‪ ،‬وهذا قول َبعيدٌ‬ ‫والرأي األول أقرب إىل الصواب‪ ،‬فقد ذكر الله ـ سبحانه ـ أنه خلق اجلان من‬
‫عن احلق فالقرآن رصيح يف وجود هذا العامل ـ اجلن ـ وتكليفه كاإلنس‪.‬‬
‫مارج من نار‪ ،‬وقال يف حق إبليس إنه‪ :‬ﱹ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫﱸ(((‪،‬‬
‫والسنة كذلك مليئة هبذا املعنى‪ :‬وقد قابلهم عليه السالم وب َّلغهم الدعوة‪،‬‬
‫وقال عىل لسانه‪ :‬ﱹ ﭝ ﭞ ﭟ ﱸ((( ‪ ،‬فاجلن إذن خملوقون من النار‪ ،‬وقد‬
‫واستمعوا إىل القرآن وآمنوا به‪ ،‬وقد أثنى عليهم ﷺ ملا قرأ سورة «الرمحن» عىل‬
‫حتولوا إىل أجسام شفافة تستطيع التشكل بام تريد‪ ،‬وفيهم القدرة عىل رؤيتنا‬
‫أحسن منكم‪ ،‬ما قرأت عليهم‪( :‬فبأي آالء‬
‫َ‬ ‫اجلن كانوا‬
‫الناس وسكتوا فقال‪« :‬إن َّ‬
‫وليس فينا القدرة عىل رؤيتهم‪ ،‬يقول سبحانه‪ :‬ﱹ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫ربكام تكذبان) إال قالوا‪ :‬وال بيشء من آالء ربنا نكذب فلك احلمد» ‪.‬‬
‫(((‬

‫ﮠ ﮡﮢﱸ(((‪.‬‬
‫((( سورة اجلن‪ .‬األيتان‪.15 ،14 :‬‬
‫((( سورة األحقاف‪ .‬اآلية‪.29 :‬‬ ‫((( أخرجه الطربي يف تفسريه بسند ضعيف‪.‬‬
‫((( سورة الرمحن‪ .‬اآليتان‪.34 ،33 :‬‬ ‫((( سورة الكهف‪ .‬اآلية‪.50 :‬‬
‫((( سورة األنعام‪ .‬اآلية‪.130 :‬‬ ‫((( سورة األعراف‪ .‬اآلية‪.12 :‬‬
‫((( أخرجه الرتمذي‪.‬‬ ‫((( سورة األعراف‪ .‬اآلية‪.27 :‬‬
‫‪19‬‬ ‫‪18‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪19‬‬ ‫‪18‬‬
‫الشياطين‪:‬‬
‫املناقشة‬
‫أما الشياطني فهم عصاة اجلن وجنود إبليس‪ ،‬مهمتهم تزيني الرش لإلنس‬
‫واصطالحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ـ ‪ 1‬عرف املالئكة لغة‬ ‫واجلن‪ ،‬وإبعا ُدهم عن َ‬
‫اجلا َّدة‪ ،‬وفيهم يقول ‪« :‬إن الشيطان جيري من ابن آدم‬
‫ـ ‪2‬ما حكم اإليامن باملالئكة؟ وما حكم منكر وجودهم؟ دلل عىل ما تذكر‪.‬‬ ‫جمرى الدم»(((‪ ،‬ويدل عىل تكليفهم قوله سبحانه‪ :‬ﱹ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬
‫ـ ‪3‬كيف تفرق بني عصمة املالئكة وعصمة األنبياء؟‬ ‫ﭷ ﭸ ﱸ((( ‪ ،‬وقوله‪ :‬ﱹ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬
‫ـ ‪4‬ما املراد باجلن والشياطني؟‬ ‫ﯡ ﯢ ﱸ((( ‪.‬‬

‫ـ ‪5‬قارن بني املالئكة واجلن‪.‬‬ ‫وقد افرتق العلامء يف حقيقة اجلن والشياطني إىل قولني‪:‬‬

‫ـ ‪6‬أثبتت النصوص القرآنية والنبوية أصنا ًفا للمالئكة‪ ،‬اذكرها‪.‬‬ ‫األول‪ :‬أن اجلن والشياطني حقيقتهام متغايرة‪ ،‬فاجلن أجسام هوائية لطيفة‬
‫تتشكل بأشكال خمتلفة وتظهر منها أفعال عجيبة منهم املؤمن املطيع ومنهم‬
‫ـ ‪7‬كيف تدلل عىل أن بعض اجلن مسلمون؟‬
‫الكافر العايص‪ ،‬أما الشياطني فهي أجسام نارية‪ ،‬مهمتها إلقاء النفس يف الغواية‬
‫ـ ‪8‬هل هناك فرق بني اجلن والشياطني؟ وضح ذلك‪.‬‬
‫والضالل‪.‬‬
‫***‬ ‫الثاين‪ :‬أن اجلن والشياطني حقيقتهام واحدة وهي أجسام نارية عاقلة قابلة‬
‫اجلن يشمل املطيع والعايص‪ ،‬أما‬
‫أن َّ‬‫للتشكل بأشكال حسنة أو قبيحة‪ ،‬غري ّ‬
‫الشيطان‪ ،‬فهو اسم العايص املتمرد‪.‬‬
‫ثابت بالقرآن والسنة‪ ،‬وأهنم ُخلِقوا‬
‫أمر ٌ‬
‫أن وجو َد اجلن والشياطني ٌ‬ ‫واحلاصل‪َّ :‬‬
‫من نار‪ ،‬وأن حقيقت َُه َم واحدةٌ‪ ،‬وأن ِّ‬
‫لكل إنسان قرينًا من املالئكة‪ ،‬وقرينًا من‬
‫الشياطني‪ ،‬فقرينه من املالئكة يأمره باخلري وحيثه عليه‪ ،‬وقرينه من اجلن يأمره‬
‫بالرش وحيثه عليه‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫((( متفق عليه‪.‬‬
‫((( سورة الذاريات‪ .‬اآلية‪.56 :‬‬
‫((( سورة األنعام‪ .‬اآلية‪.130 :‬‬
‫‪21‬‬ ‫‪20‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪21‬‬ ‫‪20‬‬
‫وقال تعاىل‪ :‬ﱹ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﱸ((( ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وأن املوت ُسنَّ ُة اهلل يف خلقه ال تتخلف عن أحد قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﰁ ﰂ‬
‫ﰃ ﰄ ﱸ((( ‪ ،‬وقال تعاىل‪ :‬ﱹ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ‬ ‫املوت‬
‫ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﰃ ﰄ‬ ‫‪:‬‬ ‫َق َال النَّاظِ ُم‬
‫ول ا َملو ِ‬ ‫اجــب إِيم ُننَــا بِا َْلــو ِ‬
‫‪64‬ـ َو َو ِ‬
‫ﰅﱸ(((‪ ،‬واملوت هبذا حقيقة مشاهدة حمسوسة واقعة يف حياة الناس‪.‬‬ ‫ت‬ ‫وح َر ُس ُ ْ‬ ‫َو َي ْقبِ ُض ُّ‬
‫الر َ‬ ‫***‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ٌ َ‬
‫حكم منكر الموت‪:‬‬ ‫اإليمان بالموت‪:‬‬
‫وقوع املوت حقيقة مشاهدة ملموسة وليس من الغيبيات يف يشء‪.‬‬
‫كافر؛ ألنه ينكر ما هو مقطوع‬
‫ومنكر املوت هبذه الصورة الرشعية املذكورة ٌ‬
‫فكيف جيب اإليامن باملوت؟ اإليامن باملوت الذي ُك ِّلفنا به رش ًعا عىل وجهني‪:‬‬
‫بثبوته يف القرآن والسنة‪.‬‬
‫األول‪ :‬أن نؤمن َأ َّن كل اخللق إىل فناء‪ ،‬وال يبقى إال الله ـ تعاىل ـ ‪ ،‬كام قال‬
‫تكوين اإلنسان‪:‬‬
‫ـ سبحانه ـ‪ :‬ﱹ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﱸ((( ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫وجسد‪ ،‬واجلسدُ من عامل الشهادة‪ ،‬خيضع للمعرفة‬ ‫مكو ٌن من روحٍ‬
‫اإلنسان َّ‬
‫ُ‬
‫واملخالفون يف هذا هم الدهرية الذين ال يؤمنون بالله واليوم اآلخر‪ ،‬ويقولون‪:‬‬
‫تعرض‬
‫اإلنسانية يف إدراكه‪ ،‬ويف احلفاظ عليه ووقايته من األمراض‪ ،‬وعالجه إذا َّ‬ ‫«إن هي إال أرحام تدفع‪ ،‬وأرض تبلع»‪.‬‬
‫ملرض‪.‬‬
‫انتهاء آجالِنَا التي قدَّ رها اهلل ـ تعاىل ـ لنا‪.‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫املوت هو‬ ‫الثاين‪َ :‬أ َّن َ‬
‫سبب‬
‫***‬ ‫واملخالفون يف ذلك هم الطبيعيون الذين ينسبون األشياء للطبيعة‪ ،‬فيفرسون‬
‫املوت عىل أنه بسبب اختالل نظام الطبيعة‪.‬‬
‫والله ـ تعاىل ـ أخربنا َأ َّن املوت يأيت إذا انتهى األجل املكتوب يف علم اهلل‬
‫السابق‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱹﮰﮱﯓﯔﯕ ﯖﯗﯘﯙﱸ(((‪.‬‬
‫َ‬
‫وأ َّن املوت يكون عن طريق املالئكة التي تتوىل إخراج الروح من اجلسد‪،‬‬
‫قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﱸ(((‪،‬‬
‫((( سورة األنعام‪ .‬اآلية‪.61 :‬‬ ‫((( سورة الرمحن‪ .‬اآليتان‪.27 ،26 :‬‬
‫((( سورة الزمر‪ .‬اآلية‪.30 :‬‬ ‫((( سورة النحل‪ .‬اآلية‪.61 :‬‬
‫((( سورة األنبياء‪ .‬األيتان‪.35 ،34 :‬‬ ‫((( سورة السجدة‪ .‬اآلية‪.11 :‬‬
‫‪23‬‬ ‫‪22‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪23‬‬ ‫‪22‬‬
‫أن ُع ْم َر ُه املحدد له قد انتهى‪.‬‬
‫فموته بالقتل معناه َّ‬
‫وعقوبة القاتل عىل فعله وكسبه‪ ،‬وخمالفته ألمر اهلل ـ تعاىل ـ يف صيانة النفس‪،‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫وعدم التعدي عليها‪.‬‬ ‫أجل املقتول‬

‫رسه أن يع ِّظم اهللُ رزقه‪ ،‬وأن يمدَّ‬ ‫‪:‬‬ ‫َق َال النَّاظِ ُم‬
‫وال يعارض هذا قول رسول الله ﷺ‪« :‬من َّ‬
‫حه»(((‪.‬‬‫يف َأجله َف ْل ْ ِ‬ ‫ـذا َباطِـ ٌ‬
‫ـل الَ ُي ْق َبـ ُ‬ ‫ـر هـ َ‬ ‫ــن ُي ْقت ُ‬ ‫ــت بِعم ِ ِ‬
‫يصل َر َ‬ ‫ـل‬ ‫َو َغـ ْ ُ‬ ‫***‬ ‫َــل‬ ‫ــره َم ْ‬ ‫‪65‬ـ َو َم ِّي ٌ ُ ْ‬
‫فهذا محمول على واحد من أمرين‪:‬‬ ‫تمهيد‬
‫ـ ‪1‬أن يكون املرا ُد باملدِّ يف العمر‪ :‬الربكة فيه؛ حيث يعمل فيه من األعامل‬ ‫جيب اإليامن بأن اإلنسان وسائر احليوانات واجلن واملالئكة ال يموت أحد‬
‫الصاحلة الكبرية العظيمة التي ال يستطيع غريه أن يعملها يف أوقات طويلة‪.‬‬ ‫ً‬
‫مقتول بأي‬ ‫منهم حتى يتم أجله الذي قدَّ ره اهلل له سواء مات حتف أنفه أم مات‬
‫ـ ‪َ 2‬أ َّن الزيادة الواردة يف احلديث بالنسبة ملا جاء يف صحف املالئكة‪ ،‬وقد‬ ‫سبب من أسباب القتل كمن يقتله غريه‪.‬‬
‫إظهارا لشأهنا‪ ،‬وهو ـ سبحانه ـ‬
‫ً‬ ‫يعلق الله ـ تعاىل ـ الزيادة يف العمر عىل الطاعة‬ ‫المقتول وبيان الخالف في أجله‪:‬‬
‫يعلم َأ َّن العبد سيصل رمحه‪ ،‬أو ال يصلها‪ ،‬وال بد لعلمه ـ تعاىل ـ أن يتحقق‪ ،‬قال‬ ‫أن لإلنسان ً‬
‫أجل واحدً ا‪ ،‬ال يتأخر عنه وال يتقدم‪،‬‬ ‫أوًَّل‪ :‬مذهب أهل السنة َّ‬
‫الله ـ تعاىل ـ‪ :‬ﱹ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﱸ((( ‪.‬‬
‫فاملقتول مات بأجله الذي حدده الله له‪ ،‬كام قال الله ـ تعاىل ـ‪ :‬ﱹ ﮱ ﯓ ﯔﯕ‬
‫ثان ًيا‪ :‬مذهب المعتزلة‪:‬‬
‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﱸ(((‪ ،‬واآلية تشمل األمة اإلنسانية‬
‫للمعتزلة يف أجل املقتول ثالثة أقوال‪:‬‬ ‫وغريها‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬
‫القول األول‪ :‬للكعبي من املعتزلة‪ :‬وهو أن القتل فعل العبد القاتل‪ ،‬واملوت‬ ‫ﭾﭿﱸ(((‪.‬‬
‫فعل الله‪ ،‬فاملقتول ليس ميتًا واستدل عىل رأيه بقول اهلل ـ تعاىل ـ‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ‬
‫ث يف‬ ‫«إن ُروح ال ُق ِ‬
‫دس َن َف َ‬ ‫سول الله ﷺ قال‪َّ :‬‬‫َأ َّن َر َ‬ ‫وعن أنس بن مالك‬
‫ﭓ ﭔ ﱸ((( ‪ ،‬ووجه االستدالل عنده عطف القتل عىل املوت‪ ،‬والعطف يقتيض‬
‫وت نفس حتى تستكمل ِرزْقها َ‬
‫وأج َلها»(((‪.‬‬ ‫ُروعي أنه لن َت ُ َ‬
‫املغايرة‪ ،‬مما يدل عىل َأ َّن املقتول مل يمت‪ ،‬وأن هناك أجلني‪ :‬أجل القتل وأجل‬
‫املوت‪ ،‬فلو مل يقتل املقتول لعاش إىل أجل موته‪.‬‬ ‫فمن مل يمت بسبب القتل فإنه سيموت يف األجل الذي حدده الله له‪.‬‬

‫((( متفق عليه‪.‬‬ ‫((( سورة يونس‪ .‬اآلية‪.49 :‬‬


‫((( سورة الرعد‪ .‬اآلية‪.39 :‬‬ ‫((( سورة األنعام‪ .‬اآلية‪.38 :‬‬
‫((( سورة آل عمران‪ .‬اآلية‪.158 :‬‬ ‫((( أخرجه البزار يف مسنده وصححه ابن حبان واحلاكم‪.‬‬
‫‪25‬‬ ‫‪24‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪25‬‬ ‫‪24‬‬
‫وجياب عىل هذا بأن معنى اآلية‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ ﱸ من غري سبب‪ ،‬ﱹ ﭓ ﭔ ﱸ‬
‫النفخ يف الصور وما ُ‬
‫اختِلف يف فنائه‬ ‫بأن متم بسبب‪.‬‬
‫قال الناظم‬ ‫ـ القول الثاين‪ :‬جلمهور املعتزلة‪ :‬وهو َأ َّن للمقتول ً‬
‫أجل واحدً ا‪ ،‬وهو أجل‬
‫ف‬‫اللذ ُع ِر ْ‬
‫السبكي بقاها ْ‬ ‫واستظهر ُّ‬
‫َ‬ ‫***‬ ‫َّفس لدى النَّ ْفخِ اختُلِ ْ‬
‫ف‬ ‫‪66‬ـ ويف فنا الن ِ‬ ‫املوت‪ ،‬والقاتل قطع عىل املقتول أجله‪ ،‬فلو مل يقتله لعاش إىل أجله الذي حدده‬
‫ِ‬ ‫الذن ِ‬
‫ب َّ‬
‫ـــي للبـــى وو َّضحـــا‬ ‫الم َز ن ُّ‬ ‫ُ‬ ‫***‬ ‫َب كالروحِ لكن َص َّح َحا‬ ‫‪67‬ـ َع ْج ُ‬ ‫الله له‪.‬‬
‫فاطلــب َل ِــا قــد ََّل ُصــوا‬ ‫خص ُصــوا‬ ‫ٌ‬ ‫وكل ٍ‬ ‫‪68‬ـ ُّ‬
‫ْ‬ ‫ومــ ُه‬‫ُع ُم َ‬ ‫***‬ ‫هالــك قــد َّ‬ ‫يشء‬
‫القول الثالث‪ :‬أليب اهلذيل العالف ـ أحد أئمتهم ـ وهو َأ َّن املقتول له ٌ‬
‫أجل‬
‫اختلف العلامء يف فناء النفس أي الروح عند نفخ (إرسافيل) يف الصور النفخة‬ ‫واحدٌ وهو الوقت الذي قتل فيه‪ ،‬فلو مل يقتل ملات يف الوقت الذي قتل فيه‪ ،‬وهو‬
‫األوىل‪:‬‬ ‫ِ‬
‫السنة‪.‬‬ ‫يف هذا يوافق َ‬
‫أهل‬
‫ـ ‪1‬فذهبت طائفة إىل احلكم بفنائها عند ذلك لظاهر قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭿ ﮀ‬ ‫املناقشة‬
‫ﮁ ﮂ ﱸ((( ‪.‬‬
‫ـ ‪1‬ما معنى اإليامن باملوت؟‪ ،‬وما حكم اإليامن به؟‪.‬‬
‫ـ ‪2‬وذهبت طائفة أخرى إىل احلكم بعدم فنائها عند ذلك‪.‬‬
‫ـ ‪2‬ما حكم منكر املوت؟ وما الدليل عىل فناء اخللق وبقاء اخلالق؟‬
‫وأما قبل نفخ إرسافيل يف الصور النفخة األوىل‪ ،‬فال خالف بني املسلمني يف‬
‫بقائها‪ ،‬وتسمى النفخة األوىل‪ :‬نفخة الفناء‪ ،‬وال يبقى عندها َح ٌّي إال مات‪ ،‬إن‬ ‫ـ ‪3‬لإلنسان أجل واحد عند أهل السنة‪ ،‬فام رأي املعتزلة يف ذلك؟‪.‬‬
‫ِ‬
‫ش عليه إن كان مات قبل ذلك‪ ،‬كاألنبياء عليهم‬ ‫مل يكن مات قبل ذلك‪ ،‬وإال ُغ َ‬ ‫ـ ‪4‬كيف تفرس طول العمر يف قول النبي ﷺ يف احلديث «من رسه أن يعظم‬
‫الصالة والسالم‪ ،‬إال َمن شاء الله من‪ :‬املالئكة األربعة الرؤساء(((‪ ،‬واحلور‬ ‫الله رزقه وأن يمدَّ يف أجله فليصل رمحه»؟‪.‬‬
‫ي هبا‪.‬‬ ‫فج ِ‬ ‫ِ‬
‫وز َ‬ ‫العني‪ ،‬وموسى عليه الصالة والسالم‪ ،‬ألنه ُصع َق يف الدنيا مرة‪ُ ،‬‬
‫***‬
‫فجميع األنبياء بعد املوت تعود إليهم أرواحهم‪ ،‬ثم ُيغشى عليهم عند النفخة‬
‫األوىل إال موسى ملا حصل له يف الدنيا‪.‬‬
‫ُ‬
‫إرسافيل يف الصور النفخة الثانية‪ ،‬وتُسمى‪ :‬نفخة البعث‪ ،‬فيجمع‬ ‫ثم َينفخ‬
‫الله األرواح إىل أجسادها‪.‬‬
‫((( سورة الرمحن‪ .‬اآلية‪.26 :‬‬
‫((( هم جربيل وميكائيل وإرسافيل وملك املوت‪.‬‬
‫‪27‬‬ ‫‪26‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪27‬‬ ‫‪26‬‬
‫عاما كام يف بعض الطرق‪.‬‬
‫وبني النفختني أربعون ً‬
‫املناقشة‬ ‫الس ْبكي ـ وهو القول املختار ـ بقاء الروح‪ ،‬ألن‬
‫واختار اإلمام تقي الدين ُّ‬
‫ـ ‪1‬ما اسم امللك الذي ينفخ يف (الصور)؟‪ ،‬وكم عدد النفخات؟‬ ‫العلامء اتفقوا عىل بقائها بعد املوت لسؤاهلا يف القرب‪ ،‬وتنعيمها‪ ،‬أو تعذيبها فيه‪،‬‬
‫باق استمراره‪ ،‬حتى يظهر ما يرصف عنه‪.‬‬ ‫واألصل يف كل ٍ‬
‫ـ ‪ 2‬اختلف يف فناء (الروح) اذكر املذاهب بأدلتها مع الرتجيح‪.‬‬
‫فالدليل عىل بقائها‪ :‬االستصحاب‪ ،‬فتكون من املستثنى بقوله ـ تعاىل ـ‪ :‬ﱹ ﯷ‬
‫ـ ‪ 3‬ما املقصود بعجب الذنب؟ وما املذاهب يف بقائه أو فنائه؟ وأهيا ختتار؟‬
‫ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﱸ((( ‪.‬‬
‫ـ ‪4‬كيف فهم العلامء قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛ ﱸ وقوله تعاىل‪:‬‬ ‫َع ْج ُب َّ‬
‫الذنب‪:‬‬
‫ﱹ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﱸ؟‬ ‫هو عظم صغري يف آخر سلسلة ظهر اإلنسان‪.‬‬
‫***‬ ‫وقد اختُلف يف فنائه كالروح‪:‬‬
‫ـ ‪1‬فذهب اإلمام إسامعيل بن حييى ا ُملز َِن إىل أنه يبىل ويفنى متسكًا بظاهر‬
‫قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﱸ((( وفناء الكل يستلزم فناء اجلزء‪.‬‬
‫ـ ‪2‬وذهب مجهور العلامء إىل أنه ال َي ْبىل لألحاديث الصحيحة‪ ،‬ومنها قوله‬
‫ﷺ‪« :‬كل ابن آدم يأكله الرتاب إال عجب الذنب‪ ،‬منه ُخلِق‪ ،‬ومنه ُي َركَّب» (((‪.‬‬
‫وأما قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛ ﱸ((( فقد ذكر العلامء فيه أمرين‪:‬‬
‫ـ ‪1‬أن العموم يف اآلية عىل غري األمور التي وردت األحاديث باستثنائها‪،‬‬
‫كالروح‪ ،‬وعجب الذنب‪ ،‬وأجساد األنبياء‪ ،‬والشهداء‪ ،‬والعرش‪ ،‬والكريس‪،‬‬
‫واجلنة والنار‪ ،‬واحلور العني‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬فاآلية من العام املخصوص‪.‬‬
‫ـ ‪2‬وقال حمققو املتأخرين‪ :‬ليس يف اآلية استثناء وال ختصيص‪ ،‬فمعنى‬
‫أيضا‪.‬‬ ‫(هالك)‪ :‬قابل للهالك‪ ،‬كام هو معنى‪ٍ :‬‬
‫(فان) ً‬
‫((( سورة النمل‪ .‬اآلية‪.87 :‬‬
‫((( سورة الرمحن‪ .‬اآلية‪.26 :‬‬
‫((( أخرجه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫((( سورة القصص‪ .‬اآلية‪.88 :‬‬
‫‪29‬‬ ‫‪28‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪29‬‬ ‫‪28‬‬
‫وذهب مجاعة من الصوفية واملعتزلة إىل أهنا ليست بجسم وال َع َرض‪ ،‬بل هي‬
‫جوهر جمرد يتعلق بالبدن تعلق تدبري‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫ي‪ :‬روح اليقظة‪ ،‬وروح‬‫وح ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الروح‬
‫ُّ‬
‫بن عبد السالم» إىل أن لكل فرد ُر َ‬‫وذهب «الع ُّز ُ‬
‫‪:‬‬ ‫اظ ُم‬ ‫ال َّ‬
‫الن ِ‬ ‫َق َ‬
‫احلياة‪ ،‬فإذا خرجت روح اليقظة نام اإلنسان‪ ،‬وإذا خرجت روح احلياة مات‪،‬‬
‫ـن ُو ِجدَ ا‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫مقرمها إال اهلل ـ تعاىل ـ وقد فهم هذا من قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭧ ﭨ‬ ‫وال يعرف ّ‬ ‫ـار ِع لك ْ‬ ‫ـن َّ‬ ‫ـض ِف ُّ‬
‫الـروحِ إِ ْذ َما َو َر َدا *** ن ٌَّص م َ‬ ‫ول َ ُت ْ‬
‫‪69‬ـ َ‬
‫ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬ ‫السـن َِد‬ ‫َّـص ِب َ‬
‫ـذا َّ‬ ‫ك الن ُّ‬ ‫كاجلس ِ‬
‫ـد *** َف َح ْسـ ُب َ‬ ‫ـور ٌة َ َ‬ ‫ـي ُص َ‬
‫ِ ِ ٍ ِ‬
‫‪70‬ـ َلالـك ه ْ‬
‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﱸ((( ‪،‬‬ ‫الروح من أمر اهلل ـ تعاىل ـ ال يعلمها إال خالقها‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﯮ‬
‫وليس يف اآلية ما ينص عىل وجود روحني لكل إنسان‪ ،‬وإنام هي روح واحدة‪،‬‬ ‫ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﱸ ((( ‪.‬‬
‫ُ‬
‫وش ِّبه النوم باملوت لعدم التمييز‪.‬‬ ‫وقد فهم بعض العلامء النهي عن البحث يف الروح‪ ،‬وأهنا من الغيب الذي‬
‫رشعي ُيدِّ د شكل الروح وحقيقتها‪ ،‬وال يتوقف عىل العلم‬ ‫ٌ‬ ‫نص‬
‫ومل يرد ٌ‬ ‫استأثر اهلل بعلمه‪ ،‬فقال بعضهم‪ :‬البحث فيها مكروه‪ ،‬ومنهم من قال بتحريمه‪،‬‬
‫بحقيقتها إيامن أو عبادة‪ ،‬بل تركت معرفتها والبحث فيها لإلنسان؛ ليستفيد من‬ ‫وهو اإلمام اجلنيد‪.‬‬
‫البحث فيها يف شئون حياته‪ ،‬ولتكون آي ًة عىل اإليامن باهلل ـ تعاىل ـ‪ ،‬كام هو الشأن‬ ‫لكن الكثري من العلامء مل يمنع من البحث فيها‪ ،‬وقالوا‪ :‬ليس يف اآلية ما‬
‫يف البحث يف املخلوقات‪ ،‬وقد قال سبحانه‪ :‬ﱹ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬ ‫يدل عىل املنع من البحث فيها‪ ،‬بل عىل العكس‪ ،‬فإن فيها ما يشري إىل االستفادة‬
‫ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﱸ((( ‪.‬‬ ‫من البحث فيها‪ ،‬وهو ما يشري إلىه قوله ـ تعاىل ـ‪ :‬ﱹ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ‬
‫حدوث الروح‪:‬‬ ‫ﯼﱸ(((‪.‬‬
‫أمجع العلامء عىل حدوث الروح؛ ألهنا من العامل‪ ،‬وهو حادث‪.‬‬ ‫واختلف العلماء المجيزون للبحث في الروح‪:‬‬
‫لكنهم اختلفوا فيام إذا كانت الروح خملوقة قبل البدن أم البدن خملوق قبلها‪.‬‬ ‫فمنهم من قال‪ :‬إهنا جسم له صورة وأعضاء‪ ،‬كالبدن‪ ،‬وهذا الرأي لبعض‬
‫فمنهم من ذهب إىل أن الروح خملوقة قبل البدن‪.‬‬ ‫املالكية‪.‬‬
‫واستدلوا بقوله ـ تعاىل ـ‪ :‬ﱹ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ‬ ‫أن الروح جسم لطيف شفاف مشتبك باجلسم كاشتباك‬ ‫ويرى إمام احلرمني َّ‬
‫ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ‬ ‫املاء بالعود األخرض‪ ،‬فهي سارية يف مجيع البدن‪.‬‬

‫((( سورة الزمر‪ .‬اآلية‪.42 :‬‬ ‫((( سورة اإلرساء‪ .‬اآلية‪.85 :‬‬
‫((( سورة الذاريات‪ .‬اآليتان‪.21 ،20 :‬‬ ‫((( سورة اإلرساء‪ .‬اآلية‪.85 :‬‬
‫‪31‬‬ ‫‪30‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪31‬‬ ‫‪30‬‬
‫(‪)6‬‬ ‫ﮀ ﮁ ﮂ ﱸ((( ‪ ،‬وقول رسول الله ﷺ‪« :‬األرواح جنو ٌد جمندة فام تعارف‬
‫سؤال القرب وعذابه ونعيمه‬ ‫منها ائتلف وما تنافر منها اختلف»((( ‪.‬‬
‫ال َّ‬
‫َق َ‬ ‫فاألرواح يوم أخذت من الظهور كان بعضها يتدابر‪ ،‬وبعضها يتقابل‪ ،‬فام‬
‫‪:‬‬ ‫اظ ُم‬
‫الن ِ‬
‫اجــب َكبعـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫تدابر منها تنافر واختلف‪ ،‬وما تقابل تعارف وائتلف‪ ،‬وذهب بعضهم ـ ومنهم‬
‫احلـ ْ ِ‬
‫ـر‬ ‫ـث َ‬ ‫يمـ ُه َو ِ ْ َ ْ‬
‫نَع ُ‬ ‫***‬ ‫اب ا ْل َق ْ ِ‬
‫ــر‬ ‫ــم َع َ‬
‫ــذ ُ‬ ‫ــؤا ُلنَا ُث َّ‬
‫‪71‬ـ ُس َ‬
‫اإلمام أبو حامد الغزايل ـ إىل أن البدن خلق قبل الروح‪.‬‬
‫ِ ِ‬
‫معنى القبر‪:‬‬ ‫ني َي ْو ًما ُن ْط َف ًة‪،‬‬‫ي َم ُع َخ ْل ُق ُه يف َب ْط ِن ُأ ِّمه َأ ْر َبع َ‬
‫أحدَ ك ُْم ُ ْ‬
‫«إن َ‬‫واستدلوا بقوله ﷺ‪َّ :‬‬
‫القرب هو كل مكان يضم جسد امليت؛ سواء أكان يف ٍ‬
‫بقعة من األرض‪ ،‬أم يف‬ ‫ك َف َينْ ُف ُخ فِ ِيه‬ ‫ُون ُم ْض َغ ًة ِم ْث َل َ‬
‫ذلك‪ُ ،‬ث َّم ُي ْر َس ُل ا َمل َل ُ‬ ‫ُون َع َل َق ًة ِم ْث َل َ‬
‫ذلك‪ُ ،‬ث َّم َيك ُ‬ ‫ُث َّم َيك ُ‬
‫جوف األسامك‪ ،‬أم يف قاع البحر‪ ،‬أم َذ ْري اجلسد يف اهلواء‪ ،‬فاجلو الذي تناثر فيه‬‫ِ‬ ‫وح‪. (((» ...‬‬ ‫الر َ‬‫ُّ‬
‫قربا له‪.‬‬
‫اجلسدُ يعدُّ ً‬ ‫أن الروح نفخت بعد تكوين اجلسد‪.‬‬
‫ففي قوله‪« :‬فينفخ فيه الروح» دليل عىل َّ‬
‫وإطالق القرب عىل املكان من األرض املعروف من قبيل الغالب‪.‬‬ ‫والرأي األول أرجح‪.‬‬
‫وأما استدالل الفريق الثاين بحديث نفخ الروح فمردود عليه بأن النفخ ال‬
‫الحياة البرزخية‪:‬‬
‫يفيد اخللق يف وقت النفخ‪ ،‬ولكن قد ينفخ ما هو خملوق من قبل‪.‬‬
‫يمر بمرحلة فاصلة بني احلياة الدنيا التي يفارقها واحلياة اآلخرة‬ ‫واإلنسان ُّ‬ ‫وذهب أكثر أهل السنة إىل أن األسلم عدم البحث يف الروح؛ حتى ال َّ‬
‫تزل‬
‫ِ‬
‫باحلياة‬ ‫التي ينتظرها‪ ،‬وهذه املرحل ُة الفاصل ُة هي الربزخ‪ ،‬واحلياة فيها ت َُس َّمى‬
‫أمورا ثابتة‪.‬‬
‫أمورا منتفية‪ ،‬أو تنفي ً‬
‫العقول‪ ،‬فتثبت ً‬
‫الربزخية‪ ،‬قال ـ تعاىل ـ‪ :‬ﱹ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﱸ((( ‪.‬‬
‫وهذا ما رجحه صاحب اجلوهرة حيث قال‪:‬‬
‫ً‬ ‫روح اإلنسان متصل ًة بجسده يف الدنيا‬ ‫ـن ُو ِجدَ ا‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اتصال يتناسب مع احلياة‬ ‫وإذا كانت ُ‬ ‫الش ِ‬
‫ـار ِع لك ْ‬ ‫ـض ِف ُّ‬
‫الـروحِ إِ ْذ َما َو َر َدا *** ن ٌَّص م َ‬
‫ـن َّ‬ ‫ول َ ُت ْ‬
‫َ‬
‫الروح تعود بعد موت اإلنسان ومفارقته للدنيا؛‬ ‫َ‬ ‫فإن‬
‫الدنيوية التي يعيشها‪ّ ،‬‬ ‫املناقشة‬
‫ً‬
‫اتصال يتناسب مع ما يلقاه يف هذه احلياة الربزخية‪ ،‬مما أخرب به الوحي‪:‬‬ ‫لتتصل‬
‫س‪ :‬ماآراء العلامء يف البحث عن الروح؟‬
‫من سؤال‪ ،‬أو نعيم‪ ،‬أو عذاب‪.‬‬
‫((( سورة األعراف‪ .‬اآلية‪.172 :‬‬
‫((( متفق عليه‪.‬‬
‫((( سورة املؤمنون‪ .‬اآلية‪.100 :‬‬ ‫((( احلديث [أخرجه البخاري]‪.‬‬
‫‪33‬‬ ‫‪32‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪33‬‬ ‫‪32‬‬
‫كيفية السؤال‪:‬‬ ‫وإذا كنا يف الدنيا نشعر بآثار اتصال الروح باجلسد من غري َأ ْن نرى ذلك‬
‫فإن اتصال الروح باجلسد بعد املوت‬ ‫مبارشا َّ‬
‫ً‬ ‫شعورا حس ًّيا‬
‫ً‬ ‫االتصال‪ ،‬أو نشعر به‬
‫سؤال امللكني عن األمور العامة‪ ،‬كام جاء يف األحاديث‪ ،‬ف ُي ْس َأ ُل امليت عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلزاء‬ ‫مراحل‬ ‫ال سبيل لنا إىل إدراكه؛ فقد دخل اإلنسان ـ بدخوله قربه ـ بداي َة‬
‫ر ِّبه‪ ،‬ودينه‪ ،‬والنبي الذي أرسل إلىه‪.‬‬ ‫التي ال يعرف أحدٌ شيئًا عنها إال صاحبها‪.‬‬
‫الدليل على كيفية السؤال‪:‬‬ ‫سؤال القبر‪:‬‬
‫ول الله ﷺ ِف ِجنَاز َِة َر ُج ٍل‬ ‫َق َال‪َ :‬خر ْجنَا م َع رس ِ‬ ‫ب‬ ‫ع ِن ا ْلب ِ‬
‫اء ْب ِن َع ِ‬
‫از ٍ‬ ‫إذا فارق اإلنسان الدنيا ودخل القرب أتاه ملكان‪ :‬أحدمها منكر‪ ،‬واآلخر نكري‪،‬‬
‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ول‪َ :‬ر ِ َب اهلل‬ ‫ك؟ َو َما ِدين َ‬
‫ُك؟ َف َي ُق ُ‬ ‫يلِ َسانِ ِه َف َي ُقوالَ ِن‪َ :‬م ْن َر ُّب َ‬ ‫ِم َن األَن َْص ِ‬ ‫فيعيدان روحه إىل جسده؛ لتعود له احلياة بالقدر الذي يفهم السؤال‪ ،‬وجييب‬
‫«و ُ ْ‬
‫ار وفيه‪َ :‬‬
‫عنه‪ ،‬وبقدر ما يشعر بام يالقيه يف هذه املرحلة الربزخية مما ورد يف الرشع‪.‬‬
‫ول‪ُ :‬ه َو‬ ‫ث فِيك ُْم؟ َف َي ُق ُ‬ ‫الر ُج ِل ا َّل ِذي ُب ِع َ‬‫ول ِف َه َذا َّ‬ ‫ال ُم َف َي ُقوالَ ِن‪َ :‬ما َت ُق ُ‬‫إل ْس َ‬ ‫َو ِدينِي ا ِ‬
‫ْت بِ ِه‬ ‫ول‪ :‬جاءنَا بِا ْلبين ِ‬ ‫األدلة على سؤال القبر‪:‬‬
‫َات من ربنا َف َآمن ُ‬ ‫َ ِّ‬ ‫يك؟ َف َي ُق ُ َ َ‬ ‫ول الله ﷺ َف َي ُقوالَ ِن‪َ :‬و َما ُيدْ ِر َ‬ ‫َر ُس ُ‬
‫ول اهللِ ﷺ‪َ ،‬ق َال‪« :‬إِ َّن ا ْل َع ْبدَ إِ َذا ُو ِض َع ِف‬ ‫ك ‪َ ،‬أ َّن َر ُس َ‬ ‫َس ب ِن مالِ ٍ‬
‫حديث َأن ِ ْ َ‬
‫ك َق ْو ُل ُه ﱹ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﱸ((( »(((‪.‬‬ ‫َو َصدَّ ْق ُت ُه َو َذلِ َ‬
‫قعدَ انِ ِه َفي ُقوالَ ِن‪:‬‬ ‫َان‪َ ،‬في ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َق ْ ِبه‪َ ،‬وت ََو َّل َعنْ ُه َأ ْص َحا ُب ُه‪َ ،‬وإِ َّن ُه َل َي ْس َم ُع َق ْر َع ن َعال ْم‪َ ،‬أتَا ُه َم َلك ِ ُ‬
‫ِ‬
‫السؤال ف ُي ْس َأ ُل عنها املكلف يو َم القيامة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫تفاص ُ‬
‫يل‬ ‫وأما َ‬ ‫ول‪َ :‬أ ْشهدُ َأ َّنه عبدُ ِ‬ ‫(ل ِ َح َّم ٍد ﷺ) َف َأ َّما ا ُْل ْؤ ِم ُن َف َي ُق ُ‬‫الر ُج ِل ُ‬ ‫ول ِف َ‬ ‫ْت َت ُق ُ‬
‫َّ‬ ‫الله‬ ‫َ ُ َْ‬ ‫هذا َّ‬ ‫َما ُكن َ‬
‫عذاب القبر ونعيمه‪:‬‬ ‫الن َِّة‬
‫ك اهللُ بِ ِه َم ْق َعدً ا ِم َن َْ‬ ‫َّار‪َ ،‬قدْ َأ ْبدَ َل َ‬ ‫َو َر ُسو ُل ُه َف ُي َق ُال َل ُه‪ :‬ا ْن ُظ ْر إِ َل َم ْق َع ِد َك ِم َن الن ِ‬
‫اها َجِي ًعا»(((‪.‬‬ ‫َف َ َي ُ َ‬
‫إذا فرغ امللكان من سؤال امليت بدأت نتائج إجابته عن سؤاهلام‪ ،‬يالقيها يف‬
‫ب‪َ ،‬ع ِن ال َّنبِ ِّي ﷺ‪َ ،‬ق َال‪« :‬إِ َذا ُأ ْق ِعدَ ا ُْل ْؤ ِم ُن ِف َق ْ ِب ِه ُأ ِ َت‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫از ٍ‬ ‫حديث ا ْلب ِ‬
‫اء ْب ِن َع ِ‬
‫ََ‬
‫حياته الربزخية‪ ،‬فمن ث َّبته اهلل ـ تعاىل ـ يف السؤال كان يف نعيم القرب‪ ،‬ومن مل ُي َث َّبت‬ ‫ِ‬
‫ك َق ْو ُل ُه ﱹ ﭭ ﭮ ﭯ‬ ‫ول اهللِ‪َ ،‬فذل َ‬ ‫م َّمدً ا َر ُس ُ‬‫َش ِهدَ َأ ْن الَ إِله إِالَّ الل ُه‪َ ،‬و َأ َّن ُ َ‬
‫يف السؤال كان يف عذاب القرب إىل أن يلقى جزاءه يوم القيامة‪.‬‬ ‫ﭰ ﭱ ﭲ ﱸ(((»((( ‪.‬‬
‫القبر ونعيمه‪:‬‬
‫عذاب ِ‬‫األدلة على ِ‬ ‫َّ‬
‫المكلِفين‪:‬‬ ‫جميع‬
‫َ‬ ‫عمو ُم سؤال القبر‬
‫جاءت النصوص الكثرية دال ًة عىل عذاب القرب ونعيمه من القرآن الكريم‪،‬‬ ‫مؤمنهم وكافِرهم‪ ،‬الطائعني والعصاة؛ ألنه‬ ‫وسؤال القرب عام جلميع املكلفني ِ‬

‫والسنة النبوية‪.‬‬ ‫ليس هناك ٌ‬


‫دليل بتخصيصه بفريق دون آخر‪.‬‬
‫((( متفق عليه‪.‬‬
‫((( سورة إبراهيم ‪ .‬اآلية‪.27 :‬‬ ‫((( سورة إبراهيم ‪ .‬اآلية‪.27 :‬‬
‫((( رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه‪.‬‬ ‫((( أخرجه البخاري‪.‬‬
‫‪35‬‬ ‫‪34‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪35‬‬ ‫‪34‬‬
‫َّ‬
‫المطهرة‪:‬‬ ‫من السنة النبوية‬ ‫من القرآن الكريم‪:‬‬
‫كثرت األحاديث الدالة عىل ثبوت نعيم القرب وعذابه حتَّى بلغت يف جمموعها‬ ‫ﱹ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﱸ((( ‪.‬‬ ‫قوله ـ تعاىل ـ عن قوم نوح‬
‫مبلغ التواتر املعنوي‪.‬‬ ‫ووجه داللة اآلية أهنا عطفت إدخاهلم النار عىل إغراقهم بالفاء‪ ،‬والعطف‬
‫«يتعوذ من عذاب القرب»‪.‬‬
‫َّ‬ ‫فكثريا ما كان النبي ﷺ‪:‬‬ ‫نارا بعد إغراقهم‪.‬‬
‫بالفاء يفيد الرتتيب والتعقيب‪ ،‬بمعنى أهنم أدخلوا ً‬
‫ً‬
‫ب ْي ِن َف َق َال‪« :‬إِ َّنُ َم‬ ‫ِ‬ ‫ويف الصحيحني َع ْن ا ْب ِن َع َّب ٍ‬ ‫وقوله ـ تعاىل ـ عن آل فرعون‪ :‬ﱹ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ‬
‫َم َّر النَّب ُّي ﷺ َع َل َق ْ َ‬ ‫اس‬
‫يم ِة‪َ ،‬و َأ َّما‬ ‫ِ‬
‫َان َي ْس َعى بِالنَّم َ‬
‫ان وما يع َّذب ِ ِ‬
‫ان م ْن َكبِ ٍري ُث َّم َق َال َب َل َأ َّما َأ َحدُ ُ َ‬
‫ها َفك َ‬ ‫َل ُي َع َّذ َب ِ َ َ ُ َ َ‬ ‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﱸ((( ‪.‬‬
‫َت ِم ْن َب ْولِ ِه»(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َان َل َي ْست ُ‬
‫اآلخر َفك َ‬ ‫ووجه الداللة من اآلية أهنا حتدَّ ثت عن عرضهم عىل النار ُغ ًّ‬
‫دوا وعش ًّيا قبل‬
‫الن َِّة َأ ْو ُح ْف َر ٌة ِم ْن ُح َف ِر‬ ‫ب َر ْو َض ٌة ِم ْن ِر َي ِ‬
‫اض َْ‬ ‫ِ‬ ‫و َق َال رس ُ ِ‬ ‫يوم القيامة‪ ،‬ثم عطفت دخوهلم أشدَّ العذاب يوم القيامة‪ ،‬والعطف يقتيض‬
‫ول الله ﷺ‪« :‬إن ََّم ا ْل َق ْ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫الن ِ‬
‫َّار»((( ‪.‬‬ ‫املغايرة‪ ،‬كام أن يوم القيامة ال غدوة فيه وال عيش‪.‬‬

‫وقد أمجع السلف قبل ظهور املخالف عىل إثبات عذاب القرب‪ ،‬ومل ُيعرف‬ ‫وهناك أدل ٌة أخرى من القرآن الكريم تفيد َّ‬
‫أن املكلف يبدأ يتلقى بعض‬
‫ٌ‬
‫خمالف يف ذلك‪.‬‬ ‫عنهم‬ ‫بمجرد إدباره عن الدنيا‪ ،‬بخروج روحه‪ ،‬كقوله ـ تعاىل ـ‪ :‬ﱹ ﯔ ﯕ‬
‫َّ‬ ‫جزائه‬
‫المنكرون لنعيم القبر وعذابه‪:‬‬ ‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ‬
‫ﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮ‬
‫قديم‬
‫بدأ يظهر املنكرون لعذاب القرب ونعيمه بظهور البدع وأهل األهواء ً‬
‫ﯯﱸ((( ‪ ،‬وقوله ـ تعاىل ـ‪ :‬ﱹ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ‬
‫وحدي ًثا‪.‬‬
‫ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ‬
‫شبهات المنكرين‪:‬‬
‫ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﱸ((( ‪ ،‬وقوله ـ تعاىل ـ‪ :‬ﱹ ﯝ ﯞ‬
‫ال يستند املنكرون لعذاب القرب ونعيمه إىل أدلة بل إىل شبهات تدفع بأدنى‬
‫ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﱸ((( ‪.‬‬
‫نظر‪ ،‬والسبب يف إنكارهم أن عقوهلم مل تتسع ملا أثبته اهلل ورسوله؛ لذلك تشاهبت‬
‫((( سورة نوح‪ .‬اآلية‪.25 :‬‬
‫شبهاهتم يف القديم واحلديث‪.‬‬ ‫((( سورة غافر‪ .‬اآلية‪.46 :‬‬
‫((( سورة األنعام‪ .‬اآلية‪.93 :‬‬
‫((( متفق عليه‪.‬‬ ‫((( سورة األنفال‪ .‬اآليتان‪.51 ،50 :‬‬
‫((( رواه الرتمذي وقال هذا حديث غريب‪.‬‬ ‫((( سورة حممد‪ .‬اآلية‪.27 :‬‬
‫‪37‬‬ ‫‪36‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪37‬‬ ‫‪36‬‬
‫فهم يقولون‪ :‬إننا نرى امليت جثة هامدة‪ ،‬وال نرى عليه آثار نعيم أو عذاب‪،‬‬
‫املناقشة‬ ‫ونرى املقتول مصلو ًبا وال أثر للعذاب والنعيم عليه‪ ،‬وكيف جيمع من ُذ ِّري‬
‫عذب؟!‪ ،‬إىل غري ذلك من االستبعادات‪ ،‬التي هي‬ ‫جسده يف اهلواء ل ُين َّعم أو ُي َّ‬
‫ـ ‪1‬ما املقصود بالقرب؟ وما املراد باحلياة الربزخية؟‬
‫من جنس استبعادات منكري البعث حيث قالوا‪ :‬ﱹ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ‬
‫ـ ‪2‬ما الدليل عىل سؤال القرب؟ وعن أي يشء يسأل اإلنسان يف قربه؟‬ ‫ﭩﱸ((( ‪.‬‬
‫ـ ‪3‬ما أدلة نعيم القرب وعذابه من القرآن الكريم‪ ،‬ومن السنة املطهرة؟‬ ‫الجواب عن شبهات المنكرين‪:‬‬
‫***‬ ‫ويكفي أن يعلم املنكرون أن عذاب القرب ونعيمه من األمور املمكنة ً‬
‫عقل‬
‫عقل‪ ،‬وقد أخرب هبا القرآن والسنة‪ ،‬وأمجع عليها سلف األمة‬ ‫وليست بمستحيلة ً‬
‫قبل ظهور املخالف‪.‬‬
‫أمورا كثرية يف حياتنا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ولو كان جمر ُد استبعاد اليشء سب ًبا يف إنكاره؛ ألنكرنا ً‬
‫وكم من أشياء كانت لغرابتها أشبه باملستحيل‪ ،‬كوسائل االتصال والنقل احلديثة‬
‫فقد أصبحت من املألوفات‪.‬‬
‫ويف حياتنا ما ُي َق ِّرب لنا إمكانية عذاب القرب ونعيمه؛ فإن النائم بجوارنا قد‬
‫يتلذذ ومن بجواره ال يشعر به‪ ،‬وقد كان النبي ﷺ يرى امل َلك وحياوره وال‬ ‫ّ‬
‫يتأل أو ّ‬
‫حيس به من جيالسه من أصحابه‪.‬‬
‫واألمر داخل يف حيز املمكنات وليس من قبيل املستحيالت غاية األمر أن‬
‫أمورا مل نشاهدها ومل نتعود عىل تصورها وهضم كيفيتها فيتخيل‬
‫من املمكنات ً‬
‫عسريا عىل اهلل ـ جل وعال ـ أن‬
‫ً‬ ‫اإلنسان ألول وهلة أن األمر مستحيل‪ ،‬فليس‬
‫يعكس احلياة مرة أخرى عىل ذرات اجلسم سواء كانت جمتمعة يف قرب‪ ،‬أو موزعة‬
‫يف فالة‪ ،‬أو متفرقة يف بطن سبع فيعي بذلك السؤال واجلواب ويرى امللك ويكلمه‬
‫والكيفية ال نعملها فحقائق ما بعد املوت متعلقة بنظام خمتلف كل االختالف عن‬
‫نظام هذا العامل املرئي لنا‪.‬‬
‫((( سورة ق‪ .‬اآلية‪.3 :‬‬
‫‪39‬‬ ‫‪38‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪39‬‬ ‫‪38‬‬
‫ﱹ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬
‫ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﱸ(((‪ ،‬وقال‪ :‬ﱹ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬ ‫(‪)7‬‬
‫البعث واحلساب‬
‫ﭳﭴ ﭵ ﭶﭷ ﱸ((( ‪.‬‬
‫‪:‬‬ ‫اظ ُم‬ ‫ال َّ‬
‫الن ِ‬ ‫َق َ‬
‫وبناء عىل ما سبق فإن البعث سيقع فعالً‪ :‬قال تعاىل‪:‬ﱹ ﰉ ﰊ‬
‫ً‬
‫ـن َت ْف ِريــق‬ ‫عــن عــدَ ٍم ِ‬
‫وقيـ َ‬ ‫ـم بالت َّْح ِقيــ ِ‬ ‫‪72‬ـ َو ُق ْل ُيعـــا ُد ِ‬
‫أيضا‪ :‬ﱹ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬
‫ﰋﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑﰒ ﱸ((( ‪ ،‬وقال ً‬ ‫ـل َعـ ْ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫***‬ ‫ـق‬ ‫اجل ْسـ ُ‬
‫ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﱸ((( ‪.‬‬ ‫ــن َع َل ْي ِهــم ن ََّصــا‬
‫بِاأل ْنبِ َيــا َو َم ْ‬ ‫***‬ ‫ـاف ُخ َّصا‬ ‫كن َذا اخلـ ُ‬ ‫م َضــن َل ْ‬ ‫‪73‬ـ َ ْ‬
‫ــت إِ َعــا َد ُة األ ْع َي ِ‬ ‫ـو ِ‬ ‫ِ‬
‫ويأيت هنا سؤال آخر‪ :‬هل اإلعادة عن عدم حمض‪ ،‬أو اإلعادة عبارة عن مجع‬ ‫ــان‬ ‫َو ُر ِّج َح ْ‬ ‫***‬ ‫الن‬ ‫‪74‬ـ َو ِف إِ َعــــا َدة ال َعــ َـر ْض َقـ ْ‬
‫األجزاء املفرقة؟ اختلف املتكلمون يف هذه املسألة عىل رأيني‪:‬‬ ‫الن و ِْ‬
‫ارتيــاب‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫حــق‬ ‫حــق ومــا يف‬
‫ٌّ‬ ‫***‬ ‫ـاب‬
‫ال َسـ ُ‬ ‫ـو ِ َ‬ ‫ـن َقـ ْ‬‫‪75‬ـ َو ِف الز ََّمـ ِ‬
‫أما الرأي األول فريى‪ :‬أن الناس عندما يموتون تعدم أجسامهم وتفنى‪،‬‬
‫البعث عبارة عن‪ :‬إحياء اهلل املوتى وإخراجهم من قبورهم‪ ،‬إما بعد مجع‬
‫ثمة يشء وال يكون هناك أي أثر للجسم‪ ،‬وهذا هو العدم‬
‫بحيث ال يكون َّ‬
‫أجزائهم‪ ،‬وإما عن عدم حمض أي‪ :‬فناء حمض‪ ،‬وذلك استعدا ًدا للحرش واحلساب‬
‫املحض‪.‬‬
‫واجلزاء وإما إىل جنة وإما إىل نار‪.‬‬
‫ويستدل أصحاب هذا الرأي ببعض اآليات القرآنية منها قوله ـ تعاىل ـ‪:‬‬
‫أيضا‪ :‬ﱹ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛ ﱸ((( ‪ ،‬والفناء يف‬ ‫ﱹ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﱸ((( ‪ ،‬ومنها ً‬ ‫إمكانية البعث‪:‬‬
‫اآلية األوىل واهلالك يف اآلية الثانية بمعنى العدم‪.‬‬ ‫ولكن‪ :‬هل البعث عىل هذا احلال أمر ممكن؟ نعم؛ ألن البعث ال يلزم من‬
‫أن الناس عندما يموتون تتفرق أجسامهم وتتحول‬ ‫أما الرأي الثاين فريى‪َّ :‬‬ ‫فرض وقوعه حمال فهو أمر ممكن‪ ،‬وكل ممكن جائز الوقوع؛ إذن البعث جائز‬
‫هذه األجسام إىل أجزاء مفرقة‪ ،‬وخترج هذه األجزاء وتتحول من مادة إىل مادة‬ ‫وأيضا؛ ألن القادر عىل البدء قادر عىل اإلعادة‪ ،‬بل إن اإلعادة أهون يف‬
‫الوقوع‪ً ،‬‬
‫أخرى‪ ،‬وذلك مع االحتفاظ بأساس املادة األصلية التي يتكون منها اجلسم‪.‬‬ ‫نظر العقالء‪.‬‬
‫((( سورة ‪ .‬يس‪ :‬اآليتان‪.79 ،78 :‬‬
‫((( سورة األنبياء‪ .‬اآلية‪.104 :‬‬
‫األدلة عىل البعث‪ :‬لقد ثبت البعث بالكتاب والسنة وإمجاع األمة‪ ،‬قال‬
‫((( سورة يونس‪ .‬اآلية‪.53 :‬‬ ‫تعاىل‪ :‬ﱹ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﱸ(((‪ ،‬وقال ً‬
‫أيضا‪:‬‬
‫((( سورة التغابن‪ .‬اآلية‪.7 :‬‬
‫((( سورة الرمحن‪ .‬اآلية‪.26 :‬‬
‫((( سورة القصص‪ .‬اآلية‪.88 :‬‬ ‫((( سورة املؤمنون‪ .‬اآلية‪.115 :‬‬
‫‪41‬‬ ‫‪40‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪41‬‬ ‫‪40‬‬
‫الحشر‪:‬‬ ‫ويستدل أصحاب هذا الرأي ببعض اآليات القرآنية منها قوله تعاىل لسيدنا‬

‫هو َس ْوق الناس مجي ًعا إىل املوقف الذي حياسبون فيه بعد بعثهم من قبورهم‪،‬‬ ‫إبراهيم عندما سأله عن كيفية إحياء املوتى‪ :‬ﱹ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬
‫ومكان املوقف هو األرض املبدلة كام يقول سبحانه‪ :‬ﱹ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ‬ ‫أيضا‪:‬‬
‫ﭪﭫﭬ ﭭﭮﭯﭰﭱ ﭲﭳﭴﭵﭶﱸ((( ‪ ،‬ومنها ً‬
‫ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﱸ((( ‪.‬‬ ‫ﱹ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﱸ((( ‪.‬‬
‫أنواع الحشر أربعة‪ :‬اثنان في الدنيا‪ ،‬واثنان في اآلخرة‪.‬‬ ‫وعىل كال الرأيني البد للمكلف أن يعتقد باملعاد‪ ،‬وال يلزم أن يعتقد بأحد‬
‫الرأيني‪ ،‬وأن يعتقد أن ا ُمل َعاد هو اجلسم األول بعينه وليس ً‬
‫مثيل له‪ ،‬وإال لزم أن‬
‫احلرش األول يف الدنيا وهو‪ :‬إخراج اليهود من جزيرة العرب‪ ،‬وهو الوارد يف‬
‫اجلسم ا ُملثاب أو املعذب ليس هو اجلسم الذي أطاع وعىص‪.‬‬
‫قوله تعاىل‪ :‬ﱹﮗﮘ ﮙﮚﮛ ﮜﮝﮞﮟﮠ ﮡﮢﮣﱸ(((‪.‬‬
‫واإلعادة تشمل األجسام أي األجزاء األصلية من اجلسم كاليد والقدم‪ ،‬أما‬
‫احلرش الثاين يف الدنيا وهو‪ :‬النار التي خترج من عدن باليمن قرب قيام الساعة‬
‫األجزاء التي تزول مثل الشعر واألظافر فإهنا ال تعود‪.‬‬
‫فتسوق الكفار إىل املحرش‪ ،‬فتكون معهم عىل مجيع أحواهلم فتبيت معهم حيث‬
‫باتوا‪ ،‬وتقيل معهم حيث قالوا(((‪.‬‬ ‫حكم إعادة األعراض‪:‬‬

‫احلرش الثالث يف اآلخرة وهو‪ :‬حرش الناس إىل املوقف‪.‬‬ ‫أما األعراض فقد اختُلِف فيها‪ :‬فقيل‪ :‬تعود‪ ،‬وعىل هذا فهي تشمل األعراض‬
‫الالزمة فقط‪ ،‬مثل‪ :‬الطول والعرض واللون‪ ،‬بخالف األعراض غري الالزمة‬
‫احلرش الرابع يف اآلخرة وهو‪ :‬رصف الناس من املوقف إىل اجلنة أو النار‪.‬‬
‫مثل‪ :‬األصوات‪.‬‬
‫هل الحشر لجميع المخلوقات أو لبعضهم؟‬
‫وقيل اإلعادة ال تشمل األعراض؛ ألنه يلزم عليها اجتامع املتنافيات كالطول‬
‫يرش‪ ،‬وال خيتص األمر بمن‬
‫ذهب املحققون إىل أن كل من حيتاج إىل الفصل ُ ْ‬ ‫ورد عليهم‪ :‬بأن إعادة العرض ليست دفعة واحدة بل‬ ‫والقرص‪ ،‬والكرب والصغر‪ُ ،‬‬
‫حيتاج إىل اجلزاء‪ ،‬وعىل ذلك حيرش اإلنس واجلن واملالئكة واحليوانات من هبائم‬
‫عىل التدريج كام كانت يف الدنيا‪ ،‬لكن يمر عليه مجيع األعراض كلمح البرص‪،‬‬
‫ٍ‬
‫ووحوش‪.‬‬ ‫والتفويض يف مثل هذه األمور أفضل‪ ،‬وكذا األمر يف إعادة الزمان‪.‬‬
‫‪« :‬حتى يقيض للشاة اجلامء من الشاة القرناء»((( ‪،‬‬ ‫ويؤيد هذا الرأي قوله‬ ‫وقد ورد أن األرض ال تأكل أجسام األنبياء وال تَبىل أبداهنم‪ ،‬وكذلك بعض‬
‫واحلكمة من حرش البهائم إظهار كامل عدل الله تعاىل‪.‬‬ ‫الصاحلني والشهداء والعلامء‪ ،‬ال تبىل أبداهنم‪ ،‬فإعادهتم ال تكون عن تفريق أو‬
‫((( سورة إبراهيم‪ .‬اآلية‪.48 :‬‬ ‫عدم‪.‬‬
‫((( سورة احلرش‪ .‬اآلية‪.2 :‬‬
‫((( تقيل وقالوا ‪ :‬من القيلولة وهو الراحة وقت الظهر‪.‬‬ ‫((( سورة البقرة‪ .‬اآلية‪.260 :‬‬
‫((( أخرجه مسلم‪.‬‬ ‫((( سورة القيامة‪ .‬اآليتان‪.4 ،3 :‬‬
‫‪43‬‬ ‫‪42‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪43‬‬ ‫‪42‬‬
‫أحوال الناس في الحساب‪:‬‬ ‫مقصورا عىل‬
‫ً‬ ‫وذهب البعض إىل أنه ال حيرش إال من ُيازى فيكون احلرش‬

‫وإذا كان من املؤمنني من يدخل اجلنة بغري حساب‪ ،‬فهناك من الكافرين من‬ ‫الثقلني‪ :‬اإلنس واجلن‪.‬‬

‫يدخل النار بغري حساب؛ لشدة الغضب عليهم ولعظم جرمهم‪.‬‬ ‫مراتب الناس في الحشر‪:‬‬
‫فالناس جتاه احلساب ثالثة أقسام‪ :‬طائفة تدخل اجلنة بغري حساب‪ ،‬وطائفة‬ ‫ومراتب الناس يف احلرش متفاوت ٌة‪ ،‬فمنهم الراكب ومنهم الزاحف عىل رجليه‬
‫تدخل النار بغري حساب‪ ،‬وطائفة توقف للحساب‪ ،‬وهبذا جيمع بني النصوص‬ ‫ومنهم املايش عىل بطنه‪ٌّ ،‬‬
‫وكل عىل حسب عمله‪.‬‬
‫الواردة يف هذا الشأن‪.‬‬ ‫وأول من تنشق األرض عنه نبينا حممد ﷺ‪.‬‬
‫وهنا مسألة خالفية‪ :‬وهي كيف ُيوقف اهللُ الناس عىل أعامهلم‪ ،‬أو كيف‬
‫معنى الحساب‪:‬‬
‫حياسبهم؟‬
‫خريا كانت‪،‬‬
‫واصطالحا‪ :‬توقيف اهلل الناس عىل أعامهلم ً‬
‫ً‬ ‫احلساب لغة‪ :‬العدد‪،‬‬
‫قيل يكلمهم الله ـ سبحانه ـ يف شأن أعامهلم‪ ،‬وما هلم من ثواب‪ ،‬وما عليهم‬
‫كانت‪ ،‬أو ً‬
‫فعل‪ ،‬بعد أخذ كتبهم‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫رشا‪ً ،‬‬
‫قول‬ ‫أو ً‬
‫من عقاب وهذا ما تشهد له األحاديث الصحيحة‪.‬‬
‫رشا‪ً ،‬‬
‫قول‬ ‫خريا كانت‪ ،‬أو ًّ‬
‫ويمكن أن يقال‪ :‬هو اطالع الله العباد عىل أعامهلم ً‬
‫والكافر ينكر كفره‪ ،‬فيأمر اهلل جوارحه أن تشهد ﱹ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫كانت‪ ،‬أو ً‬
‫فعل‪ ،‬أو اعتقا ًدا‪.‬‬
‫أيضا سمعهم وأبصارهم‬
‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﱸ(((‪ ،‬بل ويشهد ً‬
‫وجلودهم‪.‬‬ ‫عموم الحساب‪:‬‬
‫وال يشغله سبحانه حماسبة أحد بل حياسب اجلميع م ًعا‪ ،‬حتى يظن كل فرد‬ ‫ويكون احلساب جلميع املكلفني من إنس وجان مؤمنني وكافرين‪ ،‬إالَّ َم ْن‬
‫أنه املحاسب وحده‪.‬‬ ‫تكريم هلم‪ ،‬ففي احلديث «يدخل‬ ‫ً‬ ‫وردت السنة بدخوهلم اجلنة من غري حساب؛‬
‫كيفية احلساب‪ :‬من احلساب اليسري والعسري‪ ،‬ومنه الرس واجلهر‪ ،‬وقد يكون‬ ‫اجلنة من أمتي سبعون أل ًفا ليس عليهم حساب‪ ،‬فقيل له هال استزدت ربك‪،‬‬
‫بالعدل‪ ،‬أو بالفضل‪ ،‬وذلك عىل حسب األعامل‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬استزدته فزادين مع كل واحد من السبعني أل ًفا سبعني أل ًفا‪ ،‬فقيل هال‬
‫حكمة احلساب‪ :‬إظهار تفاوت املراتب يف الكامل‪ ،‬وفضائح أهل النقص‪ ،‬ويف‬ ‫استزدت ربك؟ فقال‪ :‬استزدته فزادين ثالث حثيات بيده الكريمة»((( ‪.‬‬
‫ذلك ترغيب للناس يف احلسنات‪ ،‬وزجر عن السيئات‪.‬‬
‫((( سورة النور‪ .‬اآلية‪.24 :‬‬ ‫((( أخرجه الرتمذي وقال هذا حديث حسن غريب‪.‬‬
‫‪45‬‬ ‫‪44‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪45‬‬ ‫‪44‬‬
‫واحلساب ثابت بالكتاب والسنة واإلمجاع‪ ،‬فمنكره كافر‪.‬‬
‫املناقشة‬
‫واألدلة عليه كثرية‪ :‬فمن القرآن يقول‪ :‬سبحانه وتعاىل‪ :‬ﱹ ﭺ ﭻ ﭼ‬
‫ـ ‪1‬ما معنى البعث‪ ،‬وما الدليل عليه؟‬
‫ﭽ ﭾ ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ‬
‫ـ ‪2‬هل يبعث من مات يف البحار غر ًقا‪ ،‬أو يف النار حر ًقا؟ وما دليلك؟‬ ‫أيضا‪:‬‬
‫ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﱸ((( ‪ ،‬ويقول ً‬
‫ـ ‪3‬للحرش أنواع أربعة‪ ،‬اذكرها‪ ،‬وهل هو جلميع املخلوقات؟ وضح ذلك‪.‬‬ ‫ﱹ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﱸ((( ‪ ،‬ومن السنة‬
‫ـ ‪4‬ما املقصود باحلساب رش ًعا؟ وملن يكون؟ وما أنواع اخللق بالنسبة له؟‬ ‫ُؤدن احلقوق إىل أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة َ‬
‫اجل ْل َحاء((( من‬ ‫يقول ﷺ‪« :‬لت َّ‬
‫الشاة ال َق ْرنَاء»(((‪ ،‬ويقول ً‬
‫أيضا‪« :‬ال تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن‬
‫ـ ‪5‬اذكر األدلة عىل احلساب من الكتاب والسنة مع بيان احلكمة منه‪.‬‬
‫فيم عمل‪ ،‬وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه‪،‬‬
‫عمره فيم أفناه‪ ،‬وعن علمه َ‬
‫***‬ ‫وعن جسمه فيم أباله»(((‪ ،‬والنصوص يف هذا الباب كثرية جدًّ ا‪.‬‬

‫***‬

‫((( سورة االنشقاق‪ .‬اآليات‪ 7 :‬ـ ‪.12‬‬


‫((( سورة البقرة‪ .‬اآلية‪.284 :‬‬
‫((( َ‬
‫اجل ْلحاء‪ :‬التي ال قرن هلا‪.‬‬
‫((( أخرجه مسلم‪.‬‬
‫((( أخرجه الرتمذي وقال هذا حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫‪47‬‬ ‫‪46‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪47‬‬ ‫‪46‬‬
‫هول الموقف‪:‬‬
‫(‪)8‬‬
‫وىف هذا اليوم يشتد اهلول عىل الناس‪ ،‬وتقرتب الشمس من الرؤوس ويغرق‬
‫اليوم اآلخر‬
‫العصاة والكفار يف عرقهم املنتن‪ ،‬فمنهم من يكون ال َع ُ‬
‫رق إىل كعبيه أو إىل ركبتيه‬
‫‪:‬‬ ‫اظ ُم‬ ‫ال َّ‬
‫الن ِ‬ ‫َق َ‬
‫إجلاما‪ ،‬وقد أخربنا ﷺ «أن الناس‬ ‫ً‬ ‫أو إىل حقويه(((‪ ،‬ومنهم من يلجمه العرق‬
‫حيرشون يف ذات اليوم حفا ًة عرا ًة ُغ ْر ًل»(((‪ ،‬فعجبت عائشة وسألت‪ :‬أينظر‬ ‫ـع ِ‬
‫ف يا ر ِحيم واس ِ‬ ‫اآلخر ُثم هـول ُا َملو ِق ِ‬
‫‪76‬ـ وا ْليـوم ِ‬
‫ف‬ ‫َح ٌّق َفخَ ِّف ْ َ َ ُ ْ‬ ‫***‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ْ َّ َ ْ‬ ‫َ ُ‬
‫بعضهم إىل عورة بعض؟ فأجاهبا عليه السالم بقوله سبحانه‪ :‬ﱹ ﰆ ﰇ ﰈ‬ ‫اليوم اآلخر هو يوم القيامة‪ ،‬وأوله من وقت احلرش إىل ما ال يتناهى عىل‬
‫ﰉ ﰊ ﰋ ﱸ(((((( ‪.‬‬ ‫الصحيح‪ ،‬وقيل إىل أن يدخل أهل اجلنة اجلنة وأهل النار النار‪.‬‬
‫أيضا سؤال املالئكة عن التفريط يف األعامل‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬‫ومن األهوال ً‬
‫سمى‬ ‫ٌ‬
‫متصل بآخر أيام الدنيا‪ ،‬وإن كان ليس منها‪ ،‬و ُي َّ‬ ‫وسمي باليوم اآلخر؛ ألنه‬
‫ﱹ ﰆﰇ ﰈ ﰉ ﱸ((( ‪ ،‬وكشهادة األلسنة واألرجل وغريها‪ ،‬ولكن ال ينال‬
‫أيضا وذلك لقيام الناس فيه من قبورهم وقيام حجتهم عليهم‪.‬‬
‫هذا اليوم بالقيامة ً‬
‫األنبياء والصاحلني؛ قال تعاىل‪ :‬ﱹﭜﭝﭞﭟﱸ(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫يشء مما ُذكِر‬
‫ٌ‬
‫مراء فيه‪ ،‬كام أقر بثبوته مجيع األديان‪.‬‬ ‫وقد تعددت أسامء هذا اليوم؛ لكثرة ما فيه من أحداث‪ ،‬وأشهر هذه األسامء‪:‬‬
‫واليوم اآلخر حق ال َ‬
‫اليوم اآلخر والقيامة والقارعة واحلاقة‪.‬‬
‫األدلة عىل اليوم اآلخر‪ :‬قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ‬ ‫املراد هبول املوقف‪ :‬ما ينال الناس فيه من الشدائد لطول الوقوف‪ ،‬قيل‪:‬‬
‫ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﱸ(((‪ ،‬ومن هذه األدلة‬ ‫إنَّه كألف سنة مما تعدون قال ـ تعاىل ـ‪ :‬ﱹ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬
‫أيضا‪ :‬ﱹ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﱸ(((‪ ،‬ومنها ﱹ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬
‫ً‬ ‫أيضا إنه‪ :‬ﱹ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﱸ((( ‪ ،‬وال تنايف‬
‫ﮛﱸ(((‪ ،‬وقيل ً‬
‫ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﱸ((( ‪.‬‬ ‫بني اخلربين؛ ألن املقصود طول املدة‪ ،‬والعدد ال مفهوم له‪ ،‬أو أن اليوم خيتلف‬
‫((( إىل وسط جسده أي خرصه‪.‬‬ ‫باختالف أحوال الناس‪ ،‬فريى الكفار أنه كخمسني ألف‪ ،‬ويرى الفساق أنه‬
‫((( غرلً أي خللقتهم وهم صغار قبل اخلتان‪.‬‬
‫((( سورة عبس‪ .‬اآلية‪.37 :‬‬
‫كألف سنة‪ ،‬ويرى غريهم أنه فرتة يسرية‪ ،‬حتى لريى املؤمن أنه أخف من صالة‬
‫((( متفق عليه‪.‬‬ ‫مكتوبة كام جاء يف بعض األخبار‪.‬‬
‫((( سورة الصافات‪ .‬اآلية‪.24 :‬‬
‫((( سورة األنبياء‪ .‬اآلية‪.103 :‬‬
‫((( سورة لقامن‪ .‬اآلية‪.33 :‬‬
‫((( سورة آل عمران‪ .‬اآلية‪.106 :‬‬ ‫((( سورة السجدة‪ .‬اآلية‪.5 :‬‬
‫((( سورة هود‪ .‬اآلية‪.105 :‬‬ ‫((( سورة املعارج‪ .‬اآلية‪.4 :‬‬
‫‪49‬‬ ‫‪48‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪49‬‬ ‫‪48‬‬
‫ركن من اإليامن‪ ،‬فال ُي ْق َب ُل‬
‫اإليامن باليوم اآلخر ٌ‬
‫ُ‬ ‫حكم اإليامن باليوم اآلخر‪:‬‬
‫املناقشة‬ ‫اإليامن بدونه‪ ،‬وعىل ذلك فمنكره كافر‪.‬‬
‫ُ‬
‫ـ ‪1‬ما اليوم اآلخر؟ وما أشهر أسامئه؟‬ ‫عالمات يوم القيامة‪:‬‬
‫ـ ‪2‬اذكر بعض أهوال القيامة‪.‬‬ ‫عالمات اليوم اآلخر‪ :‬عالمات ُصغْرى‪ُ ،‬‬
‫وأ ْخرى كربى‪.‬‬
‫ـ ‪ 3‬ما حكم اإليامن باليوم اآلخر؟ وما حكم منكره؟ مع ذكر الدليل‪.‬‬ ‫ً‬
‫أول‪ :‬الصغرى‬

‫ـ ‪4‬لليوم اآلخر عالمات صغرى وعالمات كربى‪ ،‬وضح ذلك‪.‬‬ ‫؛ حيث يقول‪« :‬بعثت أنا والساعة كهاتني‪،‬‬ ‫أوهلا مبعث خاتم املرسلني‬
‫وضم بني السبابة والوسطى»(((‪.‬‬
‫***‬
‫ومنها ظهور املعايص وانتشارها‪ ،‬وتطاول احلفاة العراة يف البنيان كام جاء يف‬
‫حديث جربيل حينام سأل عن الساعة‪ ،‬فقال ﷺ‪« :‬ما املسئول عنها بأعلم من‬
‫السائل ولكني أخربك عن أرشاطها‪ ...‬إلخ»(((‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬الكبرى‬
‫وهناك عالمات كربى قريبة‪ :‬منها ما أخرجه مسلم عن حذيفة قال‪« :‬اطلع‬
‫النبي ﷺ علينا ونحن نتذاكر فقال‪ :‬ما تذاكرون؟ قالوا‪ :‬نذكر الساعة‪ ،‬قال‪ :‬إهنا‬
‫لن تقوم حتى تروا قبلها عرش آيات‪ ،‬فذكر الدخان‪ ،‬والدجال‪ ،‬والدابة‪ ،‬وطلوع‬
‫الشمس من مغرهبا‪ ،‬ونزول عيسى بن مريم ﷺ‪ ،‬ويأجوج ومأجوج‪ ،‬وثالثة‬
‫خسوف‪ ،‬خسف باملرشق وخسف باملغرب وخسف بجزيرة العرب‪ ،‬وآخر‬
‫ذلك نار خترج من اليمن تطرد الناس إىل حمرشهم»(((‪.‬‬

‫((( متفق عليه‪.‬‬


‫((( متفق عليه‪.‬‬
‫((( أخرجه مسلم‪.‬‬
‫‪51‬‬ ‫‪50‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪51‬‬ ‫‪50‬‬
‫شفاعة النبي ﷺ‪:‬‬
‫وهناك شفاعة‪ :‬قد تنسب إىل نبينا ﷺ َ ْ‬
‫(‪)9‬‬
‫وتت َُّص به وهي الشفاعة العظمى‪.‬‬
‫الشفاعة‬
‫وقد تكون الشفاعة له ولغريه من األنبياء والصاحلني‪ ،‬قال رسول الله ﷺ‪:‬‬
‫‪:‬‬ ‫اظ ُم‬ ‫ال َّ‬
‫الن ِ‬ ‫َق َ‬
‫نبي دعوة قد دعاها ألمته وإين اختبأت دعويت شفاع ًة ألمتي»‪ ،‬أخرجه‬
‫«لكل ٍّ‬ ‫ممـــــ ٍ‬
‫ـد ُم َقدَّ ًمـــــا ال َتْنـَـ ـ ِع‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫***‬ ‫ــب َشــ َفا َع ُة ا ُمل َش َّفــــ ِع‬ ‫اج ُ‬ ‫‪77‬ـ َو َو ِ‬
‫ِ‬
‫وذكر ﷺ «أنه ُأ ْعطي ً‬
‫مخسا مل يعطهن أحدٌ قبله‪ ،‬ومنها‬ ‫الشيخان عن أنس‬ ‫‪78‬ـ و َغـ ِ‬
‫ار‬ ‫ـاء ِف ْ‬
‫األخ َب ِ‬ ‫َي ْشـ َف ْع ك ََم َقــدْ َجـ َ‬ ‫***‬ ‫ـى األَ ْخ َيـ ِ‬
‫ـار‬ ‫ـن ُم ْر َتـ َ‬
‫ـر ُه مـ ْ‬‫َ ُْ‬
‫الشفاعة» ‪.‬‬
‫(((‬

‫ـوز ِْر‬‫َفال ُت َك ِّفــــ ْـر ُم ْؤ ِمنَــــا بِا ْلــ ِ‬ ‫***‬ ‫ان َغـ ِ‬
‫ـر ال ُك ْفـِــر‬ ‫‪79‬ـ إِ ْذ َجائِ ـ ٌز ُغ ْفـ َـر ُ‬
‫والشافع‪ :‬هو طالب اخلري من الغري للغري‪ ،‬وا ُمل َش َّفع‪ :‬مقبول الشفاعة‪ ،‬وأول‬
‫تعريف الشفاعة‪:‬‬
‫من يشفع يوم القيامة نبينا ﷺ‪ ،‬فقد روى الشيخان أنه أول شافع ومشفع‪.‬‬
‫واصطالحا‪ :‬هي سؤال اخلري من الغري‪ ،‬وقد‬
‫ً‬ ‫الشفاعة لغ ًة‪ :‬الوسيلة والطلب‪،‬‬
‫فقد اختص ﷺ بأمور ثالثة‪ :‬فهو أول شافع‪ ،‬وهو أول ُمش َّفعِ‪ ،‬وشفاعت ُه ُ‬
‫أول‬ ‫تنسب الشفاعة إىل اهلل سبحانه‪ ،‬كام يف قوله‪ :‬ﱹﮔﮕﮖﮗﮘﱸ((( فيكون‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫الشفاعة لغريه من األنبياء والصاحلني‪ ،‬ولعل‬ ‫شفاعة مقبولة‪ ،‬وبذلك َي ْفت َُح َ‬
‫باب‬ ‫معناه قبول الشفاعة أو العفو‪ ،‬وله سبحانه أن يعفو عمن اعرتف له بالوحدانية‬
‫هذا هو املقام املحمود‪ ،‬الذي وعد ـ سبحانه ـ به نبيه يف قوله‪ :‬ﱹ ﮃ ﮄ ﮅ‬ ‫خريا قط‪ ،‬كام قال سبحانه‪ :‬ﱹ ﮢ‬‫وملحمد ـ عليه السالم ـ بالرسالة‪ ،‬ومل يعمل ً‬
‫استقرار ِ‬
‫أهل اجلنَّة يف‬ ‫ُ‬ ‫وآخر ُه‬
‫ُ‬ ‫ﮆ ﮇ ﮈ ﱸ(((‪ ،‬أو هو ُ‬
‫أول املقا ِم املحمود‪،‬‬ ‫ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﱸ(((‪.‬‬
‫وأهل ِ‬
‫النار يف النار‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اجلنة‬ ‫أدلتها‪:‬‬
‫ٍ‬
‫خمتلفة‪ ،‬يقول سبحانه‪:‬‬ ‫مواضع‬ ‫وقد ورد ذكر الشفاعة يف القرآن الكريم يف‬
‫والشفاعة أنواع‪:‬‬ ‫َ‬
‫ـ ‪1‬الشفاعة العظمى‪ ،‬مل ينكرها أحد من املسلمني‪.‬‬ ‫ﱹ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﱸ(((‪ ،‬ويقول‪ :‬ﱹ ﯚ ﯛ‬
‫ـ ‪2‬شفاعته عليه السالم يف إدخال فريق اجلنة بغري حساب‪.‬‬ ‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﱸ(((‪ ،‬ويقول عىل لسان الكفار‪ :‬ﱹ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫(((‬
‫ﭲﭳ ﱸ‬
‫يف رفع‬ ‫ـ ‪3‬شفاعته يف رفع درجات بعض املؤمنني‪ ،‬وقد يشفع لغريه‬
‫الدرجات كذلك‪.‬‬ ‫((( سورة الزمر‪ .‬اآلية‪.44 :‬‬
‫((( سورة النساء‪ .‬اآلية‪.48 :‬‬
‫((( سورة طه‪ .‬اآلية‪.109 :‬‬
‫((( متفق عليه‪.‬‬ ‫((( سورة البقرة‪ .‬اآلية‪.255 :‬‬
‫((( سورة اإلرساء‪ .‬اآلية‪.79 :‬‬ ‫((( سورة األعراف‪ .‬اآلية‪.53 :‬‬
‫‪53‬‬ ‫‪52‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪53‬‬ ‫‪52‬‬
‫أما قوله سبحانه‪ :‬ﱹ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ‬ ‫وهذه الشفاعات موضع اتفاق بني علامء الكالم‪.‬‬
‫الشفاعة بإذنِه سبحانه يف قوله‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ﯻﱸ(((‪ ،‬فقد استثنى من ذلك عموم‬ ‫ـ ‪4‬الشفاعة ملرتكب الكبرية‪ ،‬الذي مات دون توبة بأن ال يدخل النار ً‬
‫أصل‪،‬‬
‫ﱹ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﱸ (((‪ ،‬وقد أمر الله‬ ‫أو أن خيرج من النار بعد أن ُأ ْد ِخ َل َها‪.‬‬
‫رسوله بأن يستغفر للمؤمنني ﱹ ﰐ ﰑ ﰒ ﱸ (((‪ ،‬واالستغفار‬ ‫وقد أثبت هذا النوع من الشفاعة ُ‬
‫أهل السنة‪.‬‬
‫شفاعة‪ ،‬وقد روي أنه عليه السالم قال‪« :‬شفاعتي ألهل الكبائر من أمتي»‪.‬‬
‫(((‬
‫أما املعتزلة فقد أنكروه حيث يرون وجوب تعذيب أهل الكبائر‪ ،‬كام أنكره‬
‫شفاعة غير األنبياء‪:‬‬
‫اخلوارج الذين حيكمون بالكفر عىل مرتكب الكبرية ويوجبون ختليده يف النار‪،‬‬
‫وليست الشفاعة قارصة عىل األنبياء‪ ،‬بل قد يشفع األولياء‪ ،‬والصاحلون‪،‬‬ ‫فقول اهلل سبحانه‪ :‬ﱹ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬ ‫واحلق مع أهل السنة‪ُ ،‬‬
‫والعلامء العاملون‪ ،‬والشهداء‪ ،‬واملالئكة‪ٌّ ،‬‬
‫كل عىل قدر درجته ومنزلته عند اهلل‬ ‫ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﱸ((( ‪ ،‬رصيح يف إثبات هذا الرأي‪ ،‬فلم ُي َع ّلق سبحانه املغفرة‬
‫ـ سبحانه ـ‪ ،‬ويتفضل سبحانه باإلذن بالشفاعة ملن َشاء ويقبل شفاعتهم‪،‬‬ ‫عىل توبة‪ ،‬وإنام علقها عىل املشيئة‪ ،‬أما إذا تاب‪ ،‬فهناك وعد آخر بقبول التوبة‪،‬‬
‫وشفاعة املالئكة عىل الرتتيب‪ ،‬فأوهلم جربيل‪ ،‬وآخرهم التسعة عرش ملكًا الذين‬ ‫ووعد الكريم ال يتخلف‪ ،‬يقول سبحانه‪ :‬ﱹ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫عىل النار‪.‬‬ ‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﱸ((( ‪.‬‬
‫***‬ ‫شبهة وردها‪:‬‬
‫املناقشة‬ ‫قيل‪ :‬إن قوله سبحانه‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﱸ(((‪ ،‬يدل عىل عدم وجود‬
‫واصطالحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ـ ‪ 1‬عرف الشفاعة لغة‬ ‫شفاعة يوم القيامة‪.‬‬

‫ـ ‪2‬للنبي ﷺ عدة شفاعات اذكرها‪.‬‬ ‫ور ّد هذا الكالم بأن املقصود هبم الكفار‪ ،‬الذين اعرتفوا بقوهلم ﱹ ﰫ ﰬ‬
‫ُ‬
‫ً‬
‫مستدل بقوله ـ تعاىل ـ‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ‬ ‫ـ ‪3‬كيف ترد عىل من أنكر الشفاعة‬ ‫ﰭ ﰮ ﱸ (((‪ ،‬وكذلك قوله سبحانه عىل لسان الكفار يوم القيامة ﱹ ﮩ ﮪ‬

‫ﭓ ﭔ ﱸ؟‬ ‫ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﱸ ((( ‪.‬‬


‫((( سورة النساء‪ .‬اآلية‪.48 :‬‬
‫((( سورة البقرة‪ .‬اآلية‪.48 :‬‬ ‫((( سورة الشورى‪ .‬اآلية‪.25 :‬‬
‫((( سورة طه‪ .‬اآلية‪.109 :‬‬ ‫((( سورة املدثر‪ .‬اآلية‪.48 :‬‬
‫((( سورة حممد‪ .‬اآلية‪.19 :‬‬ ‫((( سورة املدثر‪ .‬اآلية‪.46 :‬‬
‫((( أخرجه الرتمذي‪ ،‬وقال هذا حديث حسن صحيح‪.‬‬ ‫((( سورة الشعراء‪ .‬اآليات‪ 99 :‬ـ ‪.101‬‬
‫‪55‬‬ ‫‪54‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪55‬‬ ‫‪54‬‬
‫ـ ‪4‬هل يشفع الصاحلون والعلامء لغريهم؟ وضح ذلك‪.‬‬
‫وتتفاوت مراتب التضعيف تب ًعا للتفاوت‪ ،‬واإلخالص‪ ،‬وحسن النية‪ ،‬أما إذا‬
‫هم بحسنة فلم يعم ْلها‪ ،‬فإهنا تكتب حسنة واحدة من غري مضاعفة‪ ،‬وكذلك إذا‬
‫ّ‬ ‫(‪)10‬‬
‫عزم عىل معصية ثم تركها تكتب له حسنة‪.‬‬ ‫احلسنات والسيئات‬
‫‪:‬‬ ‫اظ ُم‬ ‫ال َّ‬
‫الن ِ‬ ‫َق َ‬
‫تعريف السيئات‪ :‬مجع سيئة‪ ،‬وهي‪ :‬ما يذم فاعلها رش ًعا‪ ،‬صغرية كانت‪ ،‬أو‬
‫ت بِال َف ْص ِل‬ ‫َات ُض ِ‬
‫وع َف ْ‬ ‫َو َْ‬
‫ال َسـن ُ‬ ‫***‬ ‫ِ‬
‫ــــل‬‫ســيئات ِعنْــدَ ُه بِا ْل ِ ْث‬
‫ُ‬ ‫‪ 80‬ـ َفا ْل‬
‫كبرية‪ ،‬وسميت سيئة؛ ألن فاعلها ُي َساء عند املقابلة عليها يوم القيامة‪.‬‬
‫شخصا‪ ،‬أو َع َّق‬ ‫ب‬ ‫تعريف احلسنات‪ :‬مجع حسنة‪ ،‬وهي ما يمدح فاعلها رش ًعا‪ ،‬وسميت حسنة؛‬
‫ً‬ ‫واملراد بالسيئة‪ :‬التي عملها العبد حقيقة‪ ،‬كأن يكون َس َّ‬
‫مثل‪ ،‬أو ما يف حكمها‪ ،‬كأن يكون ظلم أحدً ا يف دنياه فيؤخذ من سيئات‬‫والديه ً‬ ‫حلسن وجه فاعلها‪.‬‬
‫املظلوم و ُت ْط َرح عىل الظامل‪ ،‬أما من فعل سيئة‪ ،‬فإهنا ال تضاعف‪ ،‬بل حتسب عليه‬ ‫واملراد باحلسنة‪ :‬املقبولة األصلية التي عملها العبد‪ ،‬أو ما يف حكمها‪ ،‬كام إذا‬
‫سيئة واحدة قال ـ تعاىل ـ ‪:‬ﱹﮕﮖﮗ ﮘﮙ ﮚﮛﮜﮝﮞﱸ(((‪.‬‬ ‫تصدّ ق شخص عن شخص آخر بصدقة‪ ،‬ووهب له ثواب هذه الصدقة‪.‬‬

‫***‬ ‫فخرج «باملقبولة» املردودة‪ ،‬بنحو رياء فال ثواب فيها ً‬


‫أصل‪ ،‬وخرج «باألصلية»‬
‫احلاصلة بالتضعيف‪ ،‬فال تضاعف ثانية‪ ،‬وخرج «بالتي عملها العبد‪ ،‬أو ما يف‬
‫هم هبا‪ ،‬ومل يعملها‪ ،‬فتكتب واحدة من غري تضعيف‪.‬‬
‫حكمها» احلسنة التي َّ‬
‫مضاعفة الحسنات من خصائص هذه األمة‪:‬‬
‫وأقل مراتب التضعيف عرش‪ ،‬يقول سبحانه‪ :‬ﱹ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫ﮓﮔ ﱸ((( ‪ ،‬وقد ت َُضاعف إىل «سبعني‪ ،‬أو سبعامئة ضعف‪ ،‬أو إىل أضعاف‬
‫كثرية»‪ ،‬ال يعلمها إال الله سبحانه‪ :‬ﱹ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬
‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ‬
‫ﮕ ﮖ ﱸ((( ‪.‬‬
‫((( سورة األنعام‪ .‬اآلية‪.160 :‬‬
‫((( سورة األنعام‪ .‬اآلية‪.160 :‬‬ ‫((( سورة البقرة‪ .‬اآلية‪.261 :‬‬
‫‪57‬‬ ‫‪56‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪57‬‬ ‫‪56‬‬
‫شروط التوبة‪:‬‬
‫(‪)11‬‬
‫وبناء عىل هذا‪ ،‬فإن رشوط التوبة مخسة بالنسبة حلقوق الله‪ ،‬وستة بالنسبة‬
‫التوبة‬
‫حلقوق اآلدميني‪:‬‬
‫‪:‬‬ ‫اظ ُم‬ ‫ال َّ‬
‫الن ِ‬ ‫َق َ‬
‫ـ ‪1‬اإلقالع عن الذنب‪.‬‬
‫َص ِغيـــ َـر ُة َكبِيـــ َـر ٌة َفا ْل َّثــــ ِ‬
‫ـان‬ ‫***‬ ‫ـوب ِعنْدَ َنــا ِق ْس َمــ ِ‬
‫ـان‬ ‫ـم ا ْل َّذ ُنـ ُ‬
‫‪ 81‬ـ ُثـ َّ‬
‫ـ ‪2‬الندم عىل فعله‪.‬‬ ‫ــاض إِ ْن ي ُعــدْ لِ ْل َح ِ‬
‫ــال‬ ‫َ‬ ‫َوال انْتِ َق َ‬ ‫***‬
‫احلـ ِ‬
‫ـال‬ ‫ـب ِف َ‬ ‫اجـ ٌ‬ ‫ـاب َو ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ 82‬ـ منْــه ا َمل َتـ ُ‬
‫ـ ‪3‬العزم عىل عدم العودة إليه‪.‬‬
‫ف‬ ‫ـول َر ْأ ُ ُيــم َقــدْ ْ‬
‫اخ َت َل ْ‬ ‫َو ِف ا ْل َق ُبـ ِ‬ ‫***‬ ‫يــدِّ ُد ت َْو َب ـ ًة َل ِــا ا ْقتَــ َـر ْ‬
‫ف‬ ‫ـن ُ َ‬
‫ِ‬
‫‪ 83‬ـ َلكـ ْ‬
‫ـ ‪4‬رد املظامل إىل أهلها‪ ،‬وهو خاص باحلق اآلدمي‪.‬‬
‫واصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫التوبة لغة هي‪ :‬مطلق الرجوع‪ ،‬وكذلك ا َملتاب بمعنى التوبة‪،‬‬
‫ـ ‪5‬أن تكون التوبة قبل الغرغرة‪.‬‬
‫هي ما استجمع ثالثة أركان‪ :‬اإلقالع عن الذنب‪ ،‬والندم عىل فعله‪ ،‬والعزم‬
‫ـ ‪6‬أن تكون التوبة قبل طلوع الشمس من مغرهبا‪.‬‬ ‫فلو مل ْ يقلع‪ ،‬أو مل ْ يندم‪ ،‬أو عزم عىل العود فليس بتائب‪ ،‬هذا إن‬
‫عىل أال يعود‪ْ ،‬‬
‫وجوب التوبة‪:‬‬ ‫مل تتعلق املعصية باآلدمي‪ ،‬فإن تعلقت به فلها ركن رابع وهو رد املظلمة إىل‬
‫كبريا‪ ،‬فتأخري‬
‫صغريا أم ً‬
‫ً‬ ‫فورا عىل من ارتكب ذن ًبا‪ ،‬سواء كان‬
‫والتوبة واجبة ً‬ ‫أيضا صدورها قبل الغرغرة‬
‫ذلك اآلدمي‪ ،‬أو حتصيل الرباءة منه‪ ،‬ومن رشوطها ً‬
‫التوبة ذنب آخر‪ ،‬ويتفاوت هذا الذنب باعتبار التأخري‪.‬‬ ‫قبيل املوت يقول سبحانه‪ :‬ﱹ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬
‫وعند املعتزلة يتعدد الذنب بالرتاخي‪ ،‬فترتاكم الذنوب‪ ،‬وتزيد كلام تأخر يف‬ ‫ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﱸ((( ‪،‬‬
‫التوبة‪.‬‬ ‫أيضا أن تكون قبل طلوع الشمس من مغرهبا‪.‬‬
‫ومن رشوطها ً‬
‫أما دليل وجوب التوبة‪ :‬فرشعي عند األشاعرة‪ ،‬وهو قوله سبحانه‪ :‬ﱹ ﯻ‬ ‫وعدم صحة التوبة عند الغرغرة بالنسبة للكافر والعايص هو رأي األشاعرة‪،‬‬
‫ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﱸ((( ‪.‬‬ ‫وقد نسب إىل املاتريدية أن توبة العايص عند الغرغرة مقبولة‪ ،‬وتوبة الكافر غري‬
‫وعند املعتزلة يثبت الوجوب بالعقل؛ ألن العقل يدرك حسنها فيوجبها‪.‬‬ ‫مقبولة‪ ،‬وروي العكس‪ ،‬واحلق رأي األشاعرة‪ ،‬فاآلية رصحية‪ ،‬ومل تفرق بني‬
‫الكافر والعايص يف عدم قبول التوبة عند الغرغرة‪.‬‬

‫((( سورة النور‪ .‬اآلية‪.31 :‬‬ ‫((( سورة النساء‪ .‬اآلية‪.18 :‬‬
‫‪59‬‬ ‫‪58‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪59‬‬ ‫‪58‬‬
‫ﱹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ ﮁﮂﮃﮄﮅ‬ ‫حكم من عاد إلى الذنب بعد التوبة‪:‬‬
‫ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊﱸ(((‪ ،‬ويقول سبحانه‪ :‬ﱹ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ‬
‫يرى املعتزلة‪ :‬أن فعل الذنب بعد التوبة منه ينقض التوبة‪ ،‬فيعود ذنبه الذي‬
‫كريم‪ ،‬ووعد الكريم‬
‫ٌ‬ ‫ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﱸ ‪ ،‬فهذا وعدٌ‬
‫(((‬
‫تاب منه بعوده إليه‪ ،‬فرشط صحة التوبة عندهم أالّ يعاود الذنب بعد التوبة‪.‬‬
‫ال يتخلف‪ ،‬وإنام ندعو بقبوهلا خوفا من أن تكون رشوطها غري متحققة من‬
‫اإلخالص‪ ،‬وحسن النية‪.‬‬ ‫وعند الصوفية‪ :‬معاودة الذنب بعد التوبة أقبح من «سبعني» ذن ًبا بال توبة‪،‬‬
‫ومها رأيان ضعيفان‪.‬‬
‫وتوقف إمام احلرمني والقايض أبو بكر الباقالين من أهل السنة‪ ،‬فلم يقطعا‬
‫بالقبول‪ ،‬بل هي معلقة باملشيئة‪ ،‬وقالوا‪ :‬إن قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬ ‫عازما عند‬
‫أما أهل السنة‪ :‬فريون أن العود إىل الذنب ال ينقض التوبة‪ ،‬ما دام ً‬
‫ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﱸ(((‪ ،‬دليل حمتمل بمعنى أنه يقبلها‬ ‫التوبة عىل عدم العود‪ ،‬وعليه إن وقع يف الذنب مرة أخرى أن جيدّ د توبة أخرى‬
‫إن شاء وإال َفال‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬فال يرض إال اإلرصار عىل املعايص‪.‬‬
‫وذهبت املعتزلة إىل أن اهلل تعاىل جيب عليه أن يقبل توبة عباده إن تابوا‪ ،‬وكانت‬ ‫واستدل أهل السنة عىل ما ذهبوا إليه ببعض األدلة منها قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯚ‬
‫توبتهم مستجمعة للرشوط‪ ،‬وهذا كالم فيه تطاول عىل اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﱸ(((‪ ،‬وهم الذين يتوبون كلام أذنبوا‪ ،‬ويقول‬
‫وقد أمجعوا عىل أن توبة الكافر مقبولة بمشيئته؛ بدليل قوله سبحانه‪:‬‬ ‫يف وصف املؤمنني ﱹ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬
‫ﱹ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﱸ(((‪ ،‬وهذا يؤيد رأي‬ ‫ﭶ ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ ﮀﮁﮂ‬
‫األشعري؛ إذ ال فرق بني الكافر وبني املؤمن العايص يف قبول التوبة‪ ،‬بل العايص‬ ‫أيضا قوله ﷺ‪« :‬والذي نفيس بيده لو مل‬
‫ﮃ ﱸ(((‪ ،‬ومن هذه األدلة ً‬
‫أوىل بالقبول إذا حتققت رشوطها‪.‬‬
‫تذنبوا‪ ،‬لذهب اهلل بكم وجلاء بقوم يذنبون‪ ،‬فيستغفرون الله‪ ،‬فيغفر هلم»(((‪.‬‬
‫وال خيفى أن توبة الكافر برتكه الكفر وبإيامنه‪.‬‬ ‫آراء العلماء في قبول التوبة‪:‬‬
‫***‬ ‫هل جيب عىل الله تعاىل أن يقبل توبة التائب‪ :‬ذهب أهل السنة إىل أن الله‬
‫يتفضل بقبول التوبة إذا استجمعت رشائطها؛ حيث يقول‪:‬‬
‫((( سورة النساء‪ .‬اآلية‪.17 :‬‬
‫((( سورة الشورى‪ .‬اآلية‪.25 :‬‬ ‫((( سورة البقرة‪ .‬اآلية‪.222 :‬‬
‫((( سورة الشورى‪ .‬اآلية‪.25 :‬‬ ‫((( سورة آل عمران‪ .‬اآلية‪.135 :‬‬
‫((( سورة األنفال‪ .‬اآلية‪.38 :‬‬ ‫((( أخرجه مسلم‪.‬‬
‫‪61‬‬ ‫‪60‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪61‬‬ ‫‪60‬‬
‫ـ ‪1‬فخالف املرجئة؛ حيث ذهبوا إىل أن الذنوب كلها صغائر ال ترض مرتكبها‬
‫ما دام عىل اإلسالم‪.‬‬ ‫(‪)12‬‬
‫الذنوب كبائر وصغائر‬
‫أيضا اخلوارج؛ حيث ذهبوا إىل أن الذنوب كلها كبائر‪ ،‬وأن كل‬
‫ـ ‪ 2‬وخالف ً‬
‫‪:‬‬ ‫اظ ُم‬ ‫ال َّ‬
‫الن ِ‬ ‫َق َ‬
‫كبرية كفر‪.‬‬
‫ص هبا أي‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫صغائــر وجــا الوضــو يك ِّف ُ‬
‫ــر‬ ‫ٌ‬ ‫***‬ ‫ُغفــر‬ ‫ٍ‬
‫وباجتنــاب للكبائــر ت ُ‬ ‫‪ 84‬ـ‬
‫نظرا لعظمة َم ْن ُع َ‬
‫ـ ‪3‬وثالث ذهب إىل أن الذنوب كلها كبائر‪ً ،‬‬
‫الله ‪ ،‬ولكن ال َي ْك ُفر مرتكبها‪ ،‬كام قالت اخلوارج‪ ،‬إال بام هو ُك ْف ٌر‬ ‫تعريف الكبائر والكبيرة‪:‬‬
‫كسجود لصنم‪.‬‬ ‫هي الذنوب العظيمة التي وضع هلا الشارع حدًّ ا يف الدنيا‪ْ ،‬أو تو ّعد صاحبها‬
‫ّ‬
‫مكفرات الذنوب‪:‬‬ ‫ف بالفسق‪ ،‬أو بلعنة الله ورسوله‪ ،‬وأعظمها الرشك‪،‬‬ ‫بالعذاب األليم‪ ،‬أو ُو ِص َ‬
‫ُيك ّفر الله الذنب بفعل بعض الصاحلات‪ ،‬كالوضوء‪ ،‬والعمرة‪ ،‬وصلة‬ ‫وقد ّبي بعض الكبائر‪ ،‬حيث يقول‪« :‬اجتنبوا السبع املوبقات أي‪ :‬املهلكات‬
‫والصدَ قة‪ ،‬يقول سبحانه‪ :‬ﱹ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﱸ((( ‪ ،‬فالسيئات‬ ‫حرم‬
‫قيل‪ :‬يا رسول الله وما هن؟ قال الرشك بالله‪ ،‬والسحر‪ ،‬وقتل النفس التي ّ‬
‫الرحم‪َّ ،‬‬
‫كاألمراض‪ ،‬واحلسنات دواء هلا‪ ،‬وتغفر الذنوب باجتناب الكبائر‪ ،‬كام يقول‬ ‫الله إال باحلق‪ ،‬وأكل الربا وأكل مال اليتيم‪ ،‬والتويل يوم الزحف‪ ،‬وقذف‬
‫سبحانه‪ :‬ﱹﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﱸ (((‪.‬‬ ‫املحصنات الغافالت»(((‪ ،‬وهناك من الكبائر غري هذه السبع كثري (مع تفاوت‬
‫مراتبها)‪ ،‬كالكذب‪ ،‬والغيبة‪ ،‬وشهادة الزور‪ ،‬وعقوق الوالدين‪.‬‬
‫وقد اتفق املسلمون عىل أن التكفري يرتتب عىل االجتناب‪ ،‬فقد َو َعدَ سبحانه‬
‫تعريف الصغائر‪:‬‬
‫بذلك‪ ،‬وو ْعده ال يتخلف‪.‬‬
‫أما الصغائر فهي‪ :‬ما ليس فيها حد يف الدنيا‪ ،‬وال توعد بعذاب يف اآلخرة‪.‬‬
‫ثم اختلفوا هل هذا الرتتيب قطعي أو ظني؟ فذهب مجاعة من الفقهاء‬
‫واملحدثني واملعتزلة‪ :‬إىل أنه قطعي؛ ألنه ثبت بدليل قطعي‪ ،‬وهو قوله سبحانه‪:‬‬ ‫و ُت ْعطى الصغائر حكم الكبائر باإلرصار عليها والتفاخر هبا‪ ،‬أما إن فعلها من‬
‫ﱹﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﱸ (((‪ ،‬وذهب أئمة‬ ‫غري نية العود فهي صغائر‪.‬‬
‫الكالم إىل أنه ظني؛ الحتامل تعلقه عىل املشيئة‪.‬‬ ‫وبعد أن علمنا أن الذنوب «صغائر‪ ،‬وكبائر» وهو الرأي الصحيح‪ ،‬نجد أن‬
‫هناك من خالف يف هذه املسألة‪:‬‬
‫((( سورة هود‪ .‬اآلية‪.114 :‬‬
‫((( سورة النساء‪ .‬اآلية‪.31 :‬‬
‫((( سورة النساء‪ .‬اآلية‪.31 :‬‬ ‫((( متفق عليه‪.‬‬
‫‪63‬‬ ‫‪62‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪63‬‬ ‫‪62‬‬
‫أما الكبائر‪ :‬فمنها ما يتعلق باهلل وحده‪ ،‬وهو ُي ْغ َف ُر بالتوبة‪ ،‬وأشد الذنوب‬
‫(‪)13‬‬ ‫املتعلقة به سبحانه الكفر‪ُ ،‬ي ْغ َف ُر بالتوبة‪ ،‬يقول سبحانه‪ :‬ﱹ ﮣ ﮤ ﮥ‬
‫حكم مرتكب الكبرية‬ ‫ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﱸ(((‪ ،‬فغريه أوىل باملغفرة فض ً‬
‫ل منه سبحانه‪.‬‬
‫ال َّ‬
‫َق َ‬
‫‪:‬‬ ‫اظ ُم‬
‫الن ِ‬ ‫هذا كله يف الذنوب املتعلقة بحقوق اهلل تعاىل‪ ،‬أما الذنوب املتعلقة بالناس‪،‬‬
‫َفأمـــره م َفـــو ٌض لِرب ِ‬
‫ـــه‬ ‫ـب مــن ذنبِ ِه‬
‫َ ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ ُُ ُ‬ ‫***‬ ‫ـت ومل َي ُتـ ْ‬‫ـن َي ُمـ ْ‬
‫ومـ ْ‬
‫‪ 85‬ـ َ‬ ‫فال بد من ر ّد املظامل إىل أهلها‪ ،‬فمن تاب وعزم عىل ر ّد املظامل‪ ،‬ومل يستطع‪ ،‬ثم‬
‫ِ‬ ‫‪ 86‬ـ َو َو ِ‬
‫َــب‬
‫م َتن ْ‬ ‫ــم ُ‬
‫اخل ُلــو ُد ُ ْ‬ ‫َكبِ َ‬
‫ــر ًة ُث َّ‬ ‫***‬ ‫َب‬ ‫يب َب ْع ٍ‬
‫ض ْار َتك ْ‬ ‫ب َت ْعذ ُ‬ ‫اج ٌ‬ ‫مات‪ ،‬وهو صادق النية‪ ،‬أرىض اهلل عنه أصحاب هذه املظامل‪.‬‬
‫‪1‬ـ مذهب أهل السنة‪:‬‬ ‫***‬
‫ً‬
‫أول‪َ :‬م ْن مات قبل أن يتوب من الصغائر‪ ،‬فاألمر فيها موكول إىل الله‬
‫عذب‪.‬‬‫ـ سبحانه ـ إن شاء غفر‪ ،‬وإن شاء ّ‬
‫أن َم ْن مات قبل أن يتوب من الكبائر‪ ،‬فأمره مفوض‬
‫السنَّة‪َّ :‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬يرى أهل ُّ‬
‫إىل الله‪ ،‬إن شاء غفر له‪ ،‬وإن شاء أدخله النار دون خلود فيها‪ ،‬وهذا مفهوم‬
‫من عموم قوله سبحانه‪ :‬ﱹ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‬
‫ﮐﮑ ﱸ((( ‪.‬‬
‫أما املعتزلة‪ :‬فريون أن مرتكب الكبرية‪ ،‬الذي مات دون أن يتوب منها‪ ،‬ال‬
‫بد من خلوده يف النار‪ ،‬وهذا رأي خيالف رصيح القرآن والسنة‪ ،‬فقوله سبحانه‪:‬‬
‫ﱹ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﱸ((( ‪ ،‬رصيح يف جواز املغفرة بدون توبة‪،‬‬
‫«من قال ال إله إال اهلل دخل اجلنة»‪ ،‬فقال أبو ذر‪ :‬وإن زنى‪ ،‬وإن‬ ‫ويقول‬
‫رسق؟ قال‪« :‬وإن زنى‪ ،‬وإن رسق»‪ ،‬فأعاد أبو ذر سؤاله ثال ًثا‪ ،‬والرسول يرد‬
‫بنفس الرد‪ ،‬ثم قال يف الثالثة‪« :‬وإن زنى وإن رسق رغم أنف أيب ذر»(((‪.‬‬
‫((( سورة النساء‪ .‬اآلية‪.116 :‬‬
‫((( سورة النساء‪ .‬اآلية‪.116 :‬‬
‫((( متفق عليه‪.‬‬ ‫((( سورة األنفال‪ .‬اآلية‪.38 :‬‬
‫‪65‬‬ ‫‪64‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪65‬‬ ‫‪64‬‬
‫ويف ختليد مرتكب الكبرية يف النار‪ ،‬تسوية بينه وبني الكفار‪ ،‬مع أن الله‬
‫املناقشة‬ ‫خاطب العصاة بوصف اإليامن كام يف قوله سبحانه‪ :‬ﱹ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬
‫ـ ‪ 1‬اختص الله أمة حممد ﷺ بمضاعفة احلسنات فام مراتب التضعيف‪ ،‬مع‬ ‫ﮝﱸ((( ‪.‬‬
‫ذكر الدليل‪.‬‬ ‫هل يجب ّ‬
‫تحقق الوعيد؟‬
‫ـ ‪ 2‬تتنوع الذنوب إىل صغائر وكبائر‪ ،‬فام مفهوم كل واحد منهام؟ وما دليل‬ ‫بمعنى آخر‪ ،‬هل جيب أن يعذب اهلل بعض العصاة ليتحقق وعيده فيمن‬
‫انقسامها؟ وما املقصود بالكبائر؟ مع التمثيل؟‬ ‫تو ّعد؟ يعني يعذب بعض القتلة‪ ،‬وبعض الزناة‪ ،‬وبعض شاريب اخلمر؟‬
‫ـ ‪3‬للتوبة النصوح أركان‪ ،‬فام هي؟‬ ‫يقول املاتريدية‪ :‬نعم‪ ،‬إنه جيب تعذيب بعض العصاة؛ ليتحقق الوعيد‪.‬‬
‫ـ ‪4‬اختلف العلامء فيمن عاد إىل الذنب بعد التوبة منه‪ ،‬وضح اخلالف‬ ‫ويقول األشاعرة‪ :‬إنه ال جيب تعذيب أحد‪ ،‬بل جتوز املغفرة جلميع املؤمنني‪،‬‬
‫بالتفصيل‪.‬‬ ‫وهذا بناء عىل مذهبهم من أنه جيوز ختلف الوعيد‪ ،‬وإن كان ال جيوز ختلف الوعد‪.‬‬
‫ـ ‪5‬قال صاحب اجلوهرة‪.‬‬ ‫وقد رأى الشيخ «عبد السالم بن إبراهيم اللقاين» أن املقصود باألمة أمة‬
‫فأمــره مــفــوض لـربــه‬ ‫ومن يمت ومل يتب من ذنبه‬ ‫الدعوة‪ ،‬فتشمل الكفار‪ ،‬والذين مل يستجيبوا‪ ،‬فيجوز أن يكون البعض املعذب‬
‫عىل بعض الكبائر غري الكفر من الكفار وعىل هذا جيوز طلب املغفرة جلميع‬
‫ما املقصود بالبيت السابق؟ وهل هناك خالف يف هذا؟ وما حكم مرتكب‬
‫املسلمني‪.‬‬
‫الكبرية عند أهل السنة؟ وما أدلتهم؟ ومن املخالف هلم؟ وما رأهيم؟‬
‫أما بالنسبة خللود العصاة يف النار‪ ،‬فال يقول به أهل السنة‪.‬‬
‫ـ ‪ِّ 6‬بي املذاهب يف حتقق وعد الله‪ ،‬ووعيده‪ ،‬مع حتديد املذهب الصحيح‪.‬‬
‫واحلاصل أن الناس عىل قسمني‪ :‬مؤمن وكافر‪ ،‬فالكافر خم ّلد يف النار إمجا ًعا‪،‬‬
‫***‬
‫واملؤمن عىل قسمني‪ :‬طائع وعاص‪ ،‬فالطائع يف اجلنة إمجا ًعا‪ ،‬والعايص عىل‬
‫قسمني‪ :‬تائب وغري تائب‪ ،‬فالتائب يف اجلنة إمجا ًعا‪ ،‬وغري التائب يف املشيئة‪ ،‬وعىل‬
‫تقدير عذابه فإنه ال خي ّلد يف النار‪.‬‬

‫((( سورة احلجرات‪ .‬اآلية‪.9 :‬‬


‫‪67‬‬ ‫‪66‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪67‬‬ ‫‪66‬‬
‫خاصا باألمة اإلسالمية‪ ،‬بل هو عام يف مجيع األمم‪ ،‬لكل‬
‫وإعطاء الكتب ليس ًّ‬
‫من وجب عليه احلساب‪ ،‬أما من عافاه اهلل من احلساب‪ ،‬كاألنبياء‪ ،‬ومن أكرمهم‬ ‫(‪)14‬‬
‫الله بإدخاهلم اجلنة بغري حساب‪ ،‬فليس هناك حاجة إلعطائهم كتبهم‪ ،‬وسيكون‬ ‫صحائف األعمال‬
‫كام ورد‪.‬‬ ‫عىل رأس من يدخلون اجلنة بغري حساب من غري األنبياء أبو بكر‬ ‫‪:‬‬ ‫اظ ُم‬ ‫ال َّ‬
‫الن ِ‬ ‫َق َ‬
‫ــر ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫اجب َأ ْخـ ُ ِ ِ‬
‫آن ن ًَّصــا ُع ِر َفــا‬ ‫ــن ا ْل ُق ْ‬
‫َــا م َ‬
‫َ‬ ‫***‬ ‫ـذ ا ْلع َبــاد ُّ‬
‫الص ُح َفا‬ ‫‪ 87‬ـ َو َو ِ ُ‬
‫ولكن َم ْن يدفع الصحف للعباد‪ :‬ورد أن ِر ً‬
‫حيا ُت َط ِّ ُي الكتب من خزانة حتت‬
‫العرش‪ ،‬فال ختطئ صحيفة عنق صاحبها‪ ،‬كام ورد أن كل شخص يدعى فيعطى‬ ‫المراد بصحف األعمال‪:‬‬
‫صحف األعامل‪ :‬هي التي س ّط َر ْت فيها املالئك ُة َّ‬
‫كل ما يفعله املرء يف الدنيا‪.‬‬
‫كتابه‪ ،‬فالريح ُت َط ّيها‪ ،‬واملالئكة يسلموهنا ألصحاهبا بأيامهنم إن كانوا مؤمنني‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬إن لكل يوم صحيفة‪ ،‬كام َو َر َد‪« :‬ما من مؤمن إال وله كل يوم صحيفة‪،‬‬
‫وبشامئلهم ومن وراء ظهورهم إن كانوا كافرين‪.‬‬
‫فإذا طويت وليس فيها استغفار طويت‪ ،‬وهي سوداء مظلمة‪ ،‬وإذا طويت‪ ،‬وفيها‬
‫أما املؤمن العايص‪ ،‬فقد اختلفت األقوال يف شأنه‪ ،‬ومل يقل أحد بأخذه بشامله‪،‬‬ ‫استغفار طويت‪ ،‬وهلا نور يتألأل‪ ،‬فإذا كان يوم احلساب‪ُ ،‬وصلت هذه الصحف‬
‫وتو ّقف البعض عن احلكم‪ ،‬والصحيح أنه يأخذ ُه بيمينه؛ ألنه مؤمن‪ ،‬كام جزم‬ ‫بعضها ببعض حتى تكون صحيفة واحدة»(((‪.‬‬
‫بذلك اإلمام املاوردي‪ ،‬وهو املشهور‪.‬‬ ‫إن هناك من ينسخ هذه الصحف املتعددة يف صحيفة واحدة؛ فالكتاب‬
‫وقيل‪ّ :‬‬
‫الدليل عىل هذه املسألة‪ :‬قد ثبت أخذ صحائف األعامل بالكتاب‪ ،‬والسنة‪،‬‬ ‫الذي يعطى لصاحبه كتاب واحد فيه كل صغرية وكبرية‪ ،‬كام يقول الله‬
‫واإلمجاع‪ ،‬يقول سبحانه‪ :‬ﱹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬ ‫سبحانه وتعاىل‪ ،‬عىل لسان املجرمني‪ :‬ﱹ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﱸ((( ‪.‬‬
‫ﮃﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊﮋﮌﮍ ﮎﮏﮐﮑ ﮒﮓ‬
‫إكراما له‪ ،‬قال‬
‫ً‬ ‫أما بالنسبة لطريقة أخذ الكتاب‪ :‬فإن املؤمن يأخذ كتابه بيمينه‬
‫ﮔ ﮕ ﮖ ﱸ(((‪ ،‬وقال‪ :‬ﱹ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫تعاىل‪ :‬ﱹ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﱸ((( ‪ ،‬أما الكافر‪ ،‬فإنه‬
‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﱸ((( ‪.‬‬
‫يأخذه بشامله من وراء ظهره‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ‬
‫حكم اإليامن بثبوت صحائف األعامل‪ :‬واجب‪ ،‬ومنكره كافر؛ ملا سبق من‬ ‫ﯦ ﯧ ﱸ((( ‪.‬‬
‫األدلة‪.‬‬ ‫((( ذكره النسفي‪ ،‬مل يرو هذا احلديث يف يشء من كتب السنة‪.‬‬
‫((( سورة الكهف‪ .‬اآلية‪.49 :‬‬
‫((( سورة االنشقاق‪ .‬اآليات‪ 7 :‬ـ ‪.12‬‬ ‫((( سورة احلاقة‪ .‬اآلية‪.19 :‬‬
‫((( سورة اإلرساء‪ .‬اآليتان‪.14 ،13 :‬‬ ‫((( سورة احلاقة‪ .‬اآلية‪.25 :‬‬
‫‪69‬‬ ‫‪68‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪69‬‬ ‫‪68‬‬
‫(‪)15‬‬ ‫وكيف يقرأ كتابه وقد يكون أم ًّيا؟ وما هي اللغة التي تكتب هبا الصحف‪،‬‬
‫الوزن وامليزان‬ ‫وللناس لغات شتى‪ ،‬وهلجات خمتلفة؟‬
‫‪:‬‬ ‫اظ ُم‬
‫الن ِ‬‫ال َّ‬
‫َق َ‬
‫قيل إن القراءة ليست مقصودة بحقيقتها‪ ،‬بل ذلك جماز عن العلم‪ ،‬فتعرض‬
‫ْــب‪َ ،‬أ ْو األ ْع َي ُ‬
‫ــان‬ ‫ــوز ُْن َوا ْلِيــز ُ‬
‫*** َفتُــوز َُن ا ْل ُكت ُ‬
‫َان‬ ‫ــذا ا ْل َ‬ ‫‪ 88‬ـ َو ِم ْث ُ‬
‫ــل َه َ‬
‫عليه أعامله بصورة رسيعة يدرك فيها كل يشء‪ ،‬فيقول‪ :‬ﱹ ﮇ ﮈ ﮉ‬
‫يكون الوزن ملن ُيعطى الكتاب استعدا ًدا للحساب‪ ،‬وأما من ُأعفوا من‬ ‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﱸ (((‪.‬‬
‫احلساب‪ ،‬فال يعطون صح ًفا‪ ،‬وال تُوزن هلم ٌ‬
‫أعامل‪.‬‬
‫والراجح أن الله سبحانه وتعاىل قادر عىل أن خيلق فيه القدرة عىل القراءة‪،‬‬
‫وعملية الوزن والتقدير حتتاج إىل آلة يكون هبا الوزن‪ ،‬وهي امليزان‪.‬‬
‫ً‬
‫ذهول ودهشة من القبائح‬ ‫والفهم؛ ليقيم عليه احلجة‪ ،‬وقيل إن هناك من مل يقرأ‬
‫صفة الميزان‪:‬‬
‫التي فيه‪ ،‬و ُن َف ِّو ُض علم هذه األمور إليه سبحانه وتعاىل‪ ،‬فهو أعلم‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬يف وصف امليزان‪ ،‬إنه يشبه موازين الدنيا‪.‬‬
‫***‬
‫ويكون ثِ َق ُل امليزان وخفته عىل هيئته يف الدنيا‪ ،‬وقيل عكس ذلك‪ ،‬فيصعد‬
‫أخذا من قوله سبحانه‪ :‬ﱹ ﯪ‬ ‫الثقيل إىل أعىل‪ ،‬وهيبط اخلفيف إىل أسفل؛ ً‬
‫ﯫ ﯬﯭ ﱸ(((‪ ،‬واألوىل التفويض يف هذه التفاصيل‪ ،‬وهل هو ميزان‬
‫واحد‪ ،‬أو موازين متعددة لكل شخص ميزان‪ ،‬أو لكل عمل ميزان؟ أقوال‬
‫خمتلفة‪.‬‬
‫وهل توزن أعامل الكفار‪ ،‬أو يكفي الكفر ليدخلهم النار؟ وقد تكون للكافر‬
‫حسنات وسيئات غري الكفر ﱹ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚﱸ(((‪ ،‬فال بد من وزن‬
‫حسناهتم وسيئاهتم فريجح الكفر ويلقى يف النار‪ ،‬أما قوله سبحانه‪ :‬ﱹ ﮭ ﮮ‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﱸ(((‪ ،‬أي‪ :‬وزنا ناف ًعا يعود عليهم بنعيم‪ ،‬أو ختفيف العذاب‪.‬‬
‫((( سورة فاطر‪ .‬اآلية‪.10 :‬‬
‫((( سورة فصلت‪ .‬اآلية‪.46 :‬‬
‫((( سورة الكهف‪ .‬اآلية‪.105 :‬‬ ‫((( سورة الكهف‪ .‬اآلية‪.49 :‬‬
‫‪71‬‬ ‫‪70‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪71‬‬ ‫‪70‬‬
‫مر من أدلة‪.‬‬
‫حكم اإليامن بالوزن وامليزان‪ :‬واجب‪ ،‬ومنكره كافر؛ ملا ّ‬ ‫آراء العلماء في الميزان‪:‬‬
‫احلكمة من الوزن‪ :‬إظهار العدالة اإلهلية املطلقة‪ ،‬وطمأنة املؤمنني‪ ،‬وإنذار‬ ‫فسوا‪ :‬امليزان بالعدالة املطلقة‪ ،‬وجعلوا امليزان رمزًا هلا‪،‬‬
‫أما املعتزلة فقد ّ‬
‫املجرمني‪ ،‬وإقامة ُ‬
‫احل ّجة عىل املخالفني‪.‬‬ ‫وليس هناك ـ يف رأهيم ـ ميزان حقيقي‪ ،‬وشبهتهم يف ذلك أن األعامل مما ليس‬
‫***‬ ‫له ثقل حتى توزن‪.‬‬
‫أما أهل السنة‪ :‬فريون أن محل هذه النصوص عىل ظاهرها وحقيقتها‪ ،‬أوىل من‬
‫صورا حسية هلا وزن‪ ،‬أو أن‬
‫ً‬ ‫تأويلها ورصفها‪ ،‬فاحلقيقة ممكنة‪ ،‬بأن تصور املعاين‬
‫توزن نفس الصحف‪ ،‬ويشهد لذلك حديث البطاقة‪ ،‬الذي رواه الرتمذي والذي‬
‫ً‬
‫سجل‪ ،‬يعرتف بكل ما‬ ‫ُذكر فيه‪ ،‬أنه ُي ْؤتَى بشخص ُينرش عليه تسعة وتسعون‬
‫فيها من سيئات‪ ،‬ثم توضع يف كفة حسناته بطاقة‪ ،‬فيها كلمة التوحيد فتطيش‬
‫األشخاص أنفسهم‪ ،‬وقد‬
‫ُ‬ ‫السجالت‪ ،‬وهذا لرجل أراد الله له اخلري‪ْ ،‬أو تُوزن‬
‫وردت آثار تشهد لكل رأي من هذه اآلراء‪.‬‬
‫دليل الوزن والميزان‪:‬‬
‫ورد إثبات الوزن وامليزان يف الكتاب والسنة‪ ،‬وأمجعت عليهام األمة‪ ،‬يقول‬
‫سبحانه‪ :‬ﱹ ﮘ ﮙ ﮚﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬
‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﱸ(((‪ ،‬ويقول‬
‫سبحانه‪ :‬ﱹ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﱸ((( ‪ ،‬ويقول‬
‫ﱹﭱ ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ ﭺﭻﭼﭽ‬
‫ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﱸ((( ‪.‬‬
‫((( سورة األعراف‪ .‬اآليتان‪.9 ،8 :‬‬
‫((( سورة األنبياء‪ .‬اآلية‪.47:‬‬
‫((( سورة القارعة‪ .‬اآليات‪ 6:‬ـ ‪.11‬‬
‫‪73‬‬ ‫‪72‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪73‬‬ ‫‪72‬‬
‫أيضا أن الناس خيتلفون يف املرور عىل الرصاط‪ ،‬فمنهم من‬
‫وهذا ما ورد ً‬
‫ِ‬ ‫(‪)16‬‬
‫جيتازه َك َط ْرف العني‪ ،‬ومنهم من ّ‬
‫يمر كالربق اخلاطف‪ ،‬أو كالريح العاصف‪،‬‬
‫الصراط‬
‫أو كالطري‪ ،‬أو كاجلواد السابق‪ ،‬ومنهم من جيتازه سع ًيا أو مش ًيا‪ ،‬ومنهم من حيبو‬
‫‪:‬‬ ‫اظ ُم‬ ‫ال َّ‬
‫الن ِ‬ ‫َق َ‬
‫حبوا‪ ،‬وإنام كان ذلك التفاوت حسب التفاوت يف األعامل الصاحلة والسيئة‪.‬‬
‫ور ُهـــم َف َســـالِ ٌم ُو ُمنْتَلِ ْ‬
‫ف‬ ‫ُم ُر ُ‬ ‫***‬ ‫متَلِـ ْ‬
‫ـف‬ ‫اط َفا ْل ِع َبــا ُد ُ ْ‬
‫ـر ُ‬ ‫‪ 89‬ـ َكـ َ‬
‫ـذا ا ْلـ ِّ َ‬
‫دليل ثبوت الرصاط‪ :‬أنه قد ورد ذكره يف القرآن الكريم؛ حيث يقول‬
‫والرصاط لغة‪ :‬الطريق الواضح الصحيح‪ ،‬ويف االصطالح‪ :‬جرس ممدود عىل‬
‫سبحانه‪ :‬ﱹ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﱸ(((‪ ،‬كام ورد يف السنة الصحيحة ذكر‬
‫متن جهنم ترده مجيع اخلالئق‪ ،‬ما عدا طائفة من الكفار‪ُ ،‬ي َع َّجل بإلقائهم يف جهنم‬
‫رض ُب اجلرس عىل جهنم‪ ،‬وحتل الشفاعة‪،‬‬
‫‪« :‬ثم ُي َ‬ ‫الرصاط وأوصافه‪ ،‬يقول‬
‫من املوقف مبارشة‪.‬‬
‫ويقولون اللهم سلم سلم‪ ،‬قيل يا رسول الله‪ ،‬وما اجلرس؟ قال‪َ :‬د ْح ٌض مزلة فيه‬
‫خطاطيف»(((‪.‬‬ ‫ويسري عىل الرصاط حتى من يدخل اجلنة بغري حساب‪ ،‬والكل صامت ال‬
‫يتكلم إال األنبياء يقولون‪ :‬اللهم س ّلم س ّلم‪.‬‬
‫أيضا أن املالئكة تقوم عىل جانبيه‪ ،‬وكذلك الكالليب التي تأخذ‬
‫وو َرد ً‬‫َ‬
‫العصاة‪ ،‬فتلقي هبم يف النار‪ ،‬وأن فيه طريقني‪ ،‬فأهل السعادة يسلكون طريق‬ ‫ً‬
‫تعارضا يف األوصاف‪ ،‬ولذلك‬ ‫وقد اشتبه األمر عىل املعتزلة‪ ،‬فظنوا أن هناك‬
‫اليمني‪ ،‬وأهل الشقاء يسلكون طريق ِّ‬
‫الشامل‪.‬‬ ‫مل يعرتفوا بالرصاط عىل حقيقته املشهورة‪ ،‬بل رصفوه عن ظاهره وقالوا‪ :‬املراد‬
‫يمر عليه‬
‫به األدلة الواضحة‪ ،‬فليس هناك رصاط حقيقي ممدود عىل متن جهنّم ّ‬
‫اختلف املفرسون يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬
‫الناس‪.‬‬
‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﱸ(((‪ ،‬واألظهر أنه‬
‫الرصاط‪ ،‬فجميع اخلالئق ت َِر ُد جهنم بمرورهم فوق الرصاط حتى األنبياء‪،‬‬ ‫أما أهل السنة فريون أنّه ليس هناك ما يدعو إىل هذا التأويل‪ ،‬ورصف‬
‫والشهداء والصاحلون‪ ،‬فينجوا هؤالء‪ ،‬وتأخذ الكالليب العصاة فتلقيهم يف‬ ‫النصوص عن ظاهرها؛ ألن احلقيقة ممكنة‪ ،‬واختالف األوصاف يف الضيق‬
‫النار‪.‬‬ ‫والسعة يمكن فهمه باعتبار املارين عليه حسب أعامهلم التي تنري هلم الطريق‪،‬‬
‫يشق عليهم املرور حتى يبدو أمامهم الطريق ض ِّي ًقا حا ًّدا‪ ،‬والصاحلون‬‫فالعصاة ّ‬
‫نفوض علمه إىل الله ـ تعاىل ـ‪.‬‬
‫وما ورد يف تفاصيله‪ّ ،‬‬
‫سهل‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بفضل من الله‪ ،‬فريون الطريق أمامهم واس ًعا ً‬ ‫يعبون‬
‫ُ‬
‫((( سورة الفاحتة‪ .‬اآلية‪.6 :‬‬
‫((( أخرجه مسلم‪.‬‬
‫((( سورة مريم‪ .‬اآليتان‪.72 ،71:‬‬
‫‪75‬‬ ‫‪74‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪75‬‬ ‫‪74‬‬
‫اخلالصة‪ :‬أن مجيع املؤمنني يعرتفون بالرصاط يف اجلملة‪ ،‬واملعتزلة منهم‬
‫(‪)17‬‬ ‫يرصفون النصوص عن ظاهرها‪ ،‬ويرون أن املقصود الطريق‪ ،‬أو األدلة الواضحة‪.‬‬
‫احلوض‬ ‫حكم اإليامن بالرصاط‪ :‬واجب‪ ،‬ومنكره كافر ملا سبق من األدلة‪ ،‬أما منكر‬
‫ال َّ‬
‫َق َ‬
‫‪:‬‬ ‫اظ ُم‬‫الن ِ‬ ‫هذا التفصيل فليس بكافر‪ ،‬وال فاسق‪.‬‬
‫ـم َكـ َـا َقــدْ جاءنــا ِف النَّ ْقـ ِ‬
‫ـل‬ ‫َح ْتـ ٌ‬ ‫***‬ ‫الر ْسـ ِ‬
‫ـل‬ ‫ـر ُّ‬‫ض َخـ ْ ِ‬ ‫ـو ِ‬ ‫‪90‬ـ إِ َيم ُننَــا بِ َحـ ْ‬ ‫احلكمة من الرصاط‪ :‬إظهار فرح املؤمنني‪ ،‬وحرسة الكافرين‪.‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ـن َطغ َْوا‬ ‫ـل ُي َذا ُد َم ْ‬ ‫بِ َع ْهده ْ‬
‫ـم َو ُق ْ‬ ‫***‬ ‫ش ًب ــا منْ ـ ُه َأ ْق ـ َ‬
‫ـوا ٌم َوف ــوا‬ ‫‪91‬ـ َينَ ـ ُ‬
‫ـال ُ ْ‬
‫تعريف الحوض‪:‬‬ ‫***‬
‫قيل يف تعريفه‪ :‬هو جسم خمصوص كبري متسع اجلوانب يكون عىل األرض‬ ‫املناقشة‬
‫املبدلة قال تعاىل‪:‬ﱹ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬ ‫ـ ‪1‬ما املقصود بصحائف األعامل؟ وكيف يأخذها العباد؟ وما دليل ذلك؟‬
‫ﮫﱸ(((‪ ،‬عندما يشتد املوقف بالناس‪ ،‬يظهر اهلل ـ سبحانه ـ كرامة هذه األمة‪،‬‬ ‫وما حكم اإليامن هبا؟ وما حكم منكرها؟‬
‫وخصائصها‪ ،‬فتكون لرسوهلا الشفاعة العظمى يف إهناء املوقف‪ ،‬ثم يكون أتباعه‬
‫ـ ‪2‬ما حكم اإليامن بالوزن وامليزان يوم القيامة؟‬
‫ّأول َم ْن يمرون عىل الرصاط‪ ،‬ثم خيصهم اهلل سبحانه بخاصة أخرى يرشبون‬
‫منه‪ ،‬فال يظمأون أبدً ا‪.‬‬ ‫وكيف نفهم قوله ـ تعاىل ـ‪ :‬ﱹ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﱸ(((؟‬
‫وقد ورد يف الصحيحني أن رسول الله ﷺ قال‪« :‬حويض مسرية شهر وزواياه‬ ‫ـ ‪3‬ما املقصود بالرصاط يوم القيامة؟ وما دليله؟ وكيف نفهم التفاصيل‬
‫سواء‪ ،‬ماؤه أبيض من اللبن‪ ،‬ورحيه أطيب من املسك‪ ،‬وكيزانه أكثر من نجوم‬ ‫الواردة فيه؟ وكيف خيتلف العباد يف املرور عليه؟ وما حكم اإليامن به؟‬
‫السامء من رشب منه فال يظمأ أبدً ا» (((‪.‬‬
‫وما حكم منكر ذلك؟‬
‫وهذا احلوض هبذه األوصاف من خصائص رسولنا ﷺ‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬لكل نبي حوض‪ ،‬يرده من آمن به‪ ،‬كام ورد عن احلسن مرفو ًعا‪« ،‬أن‬ ‫***‬
‫ً‬
‫حوضا‪ ،‬وهو قائم عىل حوضه‪ ،‬وبيده عصا يدعو من عرفه من أمته‪ ،‬أال‬ ‫لكل نبي‬
‫أهيم أكثر تب ًعا‪ ،‬وإين ألرجو أن أكون أكثرهم تب ًعا»(((‪.‬‬
‫وإهنم يتباهون ّ‬
‫((( سورة إبراهيم‪ .‬اآلية‪.48:‬‬
‫((( متفق عليه‪.‬‬
‫((( أخرجه ابن أيب الدنيا‪.‬‬ ‫((( سورة الكهف‪ .‬اآلية‪.105:‬‬
‫‪77‬‬ ‫‪76‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪77‬‬ ‫‪76‬‬
‫واألحاديث الواردة يف احلوض كثرية جدًّ ا تكاد تكون متواترة‪ ،‬وكلها جممعة‬
‫(‪)18‬‬ ‫عىل نسبة احلوض إىل النبي ﷺ‪ ،‬وإن اختلفت يف وصفه‪ ،‬ففي بعض الروايات‬
‫والكرسي والقلم واللوح احملفوظ‬
‫ّ‬ ‫اإلميان بالعرش‬ ‫أنه مسرية شهر‪ ،‬ويف البعض اآلخر أنه مسرية شهرين‪ ،‬وبعضها مثل املسافة بني‬
‫ال َّ‬
‫َق َ‬ ‫مكة وأيلة‪ ،‬وقيل كاملسافة بني عدن وعامن‪ْ ،‬أو بني صنعاء واملدينة‪ْ ،‬أو ْبي املدينة‬
‫‪:‬‬ ‫اظ ُم‬
‫الن ِ‬
‫والكاتبــون اللــوح ٌّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وبيت القدس‪ ،‬واملقصود من كل ذلك أنه واسع حلد كبري‪.‬‬
‫ـم‬‫كل ح َكـ ُ‬ ‫ُ‬ ‫***‬ ‫س ثــم ال َق َل ُم‬ ‫‪92‬ـ والعـ ُ‬
‫ـرش وال ُكـ ْـر ُّ‬
‫ولقد أدى هذا االختالف يف صفة احلوض ببعض املعتزلة إىل إنكاره‪ ،‬وأولوه‬
‫اإلنســان‬
‫ُ‬ ‫َيِ ْ‬
‫ــب عليــك أهيــا‬ ‫***‬ ‫اإليــان‬
‫ُ‬ ‫‪93‬ـ ال الحتيــاجٍ وهبــا‬
‫بأنه نوع من رضوان اهلل ونعمه‪ ،‬وليس هناك ما يمنع أن يكون رضوان الله هبذه‬
‫يجب اإليمان بهذه األمور السمعية وهي‪:‬‬ ‫أيضا ما يدعو إىل رصف هذه‬ ‫الصورة التي وردت يف األحاديث‪ ،‬وليس هناك ً‬
‫‪1‬ـ العرش‪:‬‬ ‫النصوص عن ظاهرها ما دامت احلقيقة ممكنة‪ ،‬وهذا هو احلق‪ ،‬وهو رأي أهل‬
‫وهو جسم عظيم نوراين علوي ‪ ،‬فوق العامل ‪ ،‬حتمله مالئكة أربعة يف الدنيا ‪،‬‬ ‫السنة‪.‬‬
‫وثامنية يف اآلخرة ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﱹ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﱸ((( ‪.‬‬ ‫أما مكانه‪ :‬فلم يرد يف السنة الصحيحة حتديدٌ له‪ ،‬وقد اختلفت األقوال فيه‪:‬‬
‫‪2‬ـ الكرسي‪:‬‬ ‫فهناك من يقول إنه قبل الرصاط؛ ليرشب منه املؤمنون‪ ،‬بعد خروجهم من‬
‫وهو جسم عظيم نوراين حتت العرش ‪ ،‬فوق السامء السابعة‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬ ‫القبور ِع َط ً‬
‫اشا‪.‬‬
‫ﱹ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﱸ((( ‪.‬‬ ‫وفريق آخر يرى أن موضعه بعد الرصاط قبل اجلنة‪ ،‬والناس يف حاجة إىل‬
‫‪3‬ـ القلم‪:‬‬ ‫الرشب منه يف هذا املوضع؛ ألهنم يقفون بعد الرصاط ليتحللوا من املظامل فيام‬
‫بينهم‪.‬‬
‫وهو جسم عظيم نوراين خلقه الله‪ ،‬وأمره أن يكتب ما كان ‪ ،‬وما يكون إىل‬
‫‪ ،‬أحدمها قبل الرصاط‪ ،‬واآلخر‬ ‫وفريق ثالث يرى أن هناك حوضني لنبينا‬
‫يوم القيامة ‪ ،‬كام ورد يف السنة املطهرة‪.‬‬
‫بعده‪ ،‬وال حرج عىل فضل الله‪.‬‬
‫‪4‬ـ الكاتبون‪:‬‬
‫وهذا احلوض يرشب منه املؤمنون‪ ،‬أما الكفار واملرتدون الذين أحدثوا‬
‫وهم املالئكة الكتبة‪ ،‬منهم من يكتب أفعال العباد ‪ ،‬ومنهم من يكتب من‬
‫وغيوا وبدَّ لوا بعده ﷺ ف ُيطردون عنه‪ ،‬فال يرشبون كام يف احلديث الصحيح‪،‬‬
‫َّ‬
‫اللوح املحفوظ يف صحف املالئكة لتنفيذها ‪.‬‬ ‫وأما عصاة املؤمنني فالصحيح أهنم ُيمنعون ً‬
‫أول عقا ًبا هلم ثم يباح هلم الرشب‬
‫((( سورة احلاقة‪ .‬اآلية‪.17:‬‬
‫((( سورة البقرة‪ .‬اآلية‪.255:‬‬
‫منه‪.‬‬
‫‪79‬‬ ‫‪78‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪79‬‬ ‫‪78‬‬
‫‪5‬ـ اللوح المحفوظ ‪:‬‬
‫(‪)19‬‬
‫وهو جسم كتب فيه القلم بإذن الله ما كان وما يكون إىل يوم القيامة قال‬
‫اجلنة والنار‬
‫تعاىل‪ :‬ﱹ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﱸ((( وقال ‪ :‬ﱹ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬
‫‪:‬‬ ‫اظ ُم‬ ‫ال َّ‬
‫الن ِ‬ ‫َق َ‬
‫ﯫ ﯬ ﱸ((( ‪.‬‬
‫اح ٍ‬
‫ــد ذي ِجنَّــ ْه‬ ‫َمــل َِل ِ‬‫َفــا ت ْ‬ ‫ـدت ك َ‬ ‫ـق ُأ ِ‬
‫***‬ ‫َاجل َّنــه‬ ‫وجـ ْ‬ ‫‪ 94‬ـ وال َّنـ ُ‬
‫ـار َحـ ٌّ‬
‫وهذه األمور الغيبية خلقها الله ِحلكَم تقرص عقولنا عن إدراكها‪ ،‬وليست‬
‫ــي‬ ‫ِ‬ ‫ُم َع َّ‬ ‫والش ِ‬ ‫ــع ِ‬
‫يد َّ‬ ‫ــود للس ِ‬‫‪95‬ـ دارا ُخ ُل ٍ‬
‫ــم مهــا َبق ْ‬ ‫ــذ ٌب ُمنَ َّع ٌ‬ ‫***‬ ‫ــقي‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫الكريس للجلوس‪ ،‬وال القلم‬ ‫حلاجة الله إليها‪ ،‬فلم خيلق العرش لالرتقاء‪ ،‬وال‬
‫َّ‬
‫تعريف الجنة‪:‬‬ ‫الستحضار ما غاب عن علمه تعاىل‪ ،‬وال الكاتبني وال اللوح لضبط ما خياف‬
‫اجلنة يف اللغة‪ :‬البستان‪ ،‬ويف االصطالح‪ :‬دار الثواب التي أعدها هلل للمؤمنني؛‬ ‫نسيانه‪.‬‬
‫لتكون دار إقامة خالدة مؤ َّبدة ُم َعدَّ ة للسعداء‪ ،‬الذين فارقوا الدنيا عىل اإليامن‪.‬‬ ‫حكم اإليمان بما سبق‪:‬‬
‫درجات الجنة‪:‬‬ ‫جيب عىل املكلف اإليامن بكل ما سبق من‪ :‬عرش وكريس‪ ،‬وكتبة‪ ،‬ولوح‪،‬‬
‫واجلنة درجات بعضها فوق بعض‪ ،‬أفضلها الفردوس‪ ،‬وهي أعالها‪ ،‬وتليها‬ ‫كغريها من األمور السمعية الثابتة باألدلة من الكتاب والسنة‪.‬‬
‫جنة «عدن»‪ ،‬ثم «جنة اخللد»‪ ،‬ثم «النعيم»‪ ،‬ثم «املأوى»‪« ،‬ودار السالم»‪« ،‬ودار‬
‫***‬
‫اجلالل» فهي سبع‪ ،‬وكلها متصلة بمقام الوسيلة‪ ،‬والدرجة الرفيعة؛ لينعم أهل‬
‫اجلنة مجي ًعا بمشاهدة املصطفى ﷺ‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬إن اجلنات أربع فحسب‪ً ،‬‬
‫أخذا من قوله سبحانه‪ :‬ﱹ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﭲ ﭳ ﱸ((( ومها جنة النعيم‪ ،‬وجنة املأوى ثم يقول سبحانه‪ :‬ﱹ ﯪ ﯫ‬
‫ﯬﱸ((( ‪ ،‬ومها عدن والفردوس‪ ،‬والصحيح‪ :‬أهنا جنة واحدة تتفاوت‬
‫درجاهتا‪.‬‬

‫((( سورة الرمحن‪ .‬اآلية‪.46:‬‬ ‫((( سورة الربوج‪ .‬اآلية‪21:‬ـ‪.22‬‬


‫((( سورة الرمحن‪ .‬اآلية‪.62:‬‬ ‫((( سورة يس‪ .‬اآلية‪.12:‬‬
‫‪81‬‬ ‫‪80‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪81‬‬ ‫‪80‬‬
‫واستدل املعتزلة عىل عدم وجود اجلنة والنار اآلن؛ بأنه ال داعي لوجودمها‬ ‫تعريف النار‪:‬‬
‫اآلن‪ ،‬ومن ناحية أخرى قد ذكر الله أن َع ْرض اجلنة كعرض السامء واألرض‪،‬‬
‫والنار يف اللغة‪ :‬جسم لطيف حمرق‪ ،‬ويف االصطالح‪ :‬دار العذاب ا ُمل َعدَّ ة‬
‫فكيف يتصور وجودمها اآلن؟‬
‫للعصاة‪ ،‬والنار دركات‪ :‬أعالها جهنم لعصاة املؤمنني‪ ،‬وحتتها «لظى»‪ ،‬ثم‬
‫والرد عىل هذه الشبه يسري؛ ألن ملك الله تعاىل ليس حمدو ًدا هبذه الساموات‬ ‫«احلطمة»‪ ،‬ثم «السعري»‪ ،‬ثم «سقر»‪ ،‬ثم «اجلحيم»‪ ،‬ثم «اهلاوية»‪.‬‬
‫السبع واألراضني حتى ال جيد مكانًا للجنة والنار‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬هي نار واحدة ختتلف طبقاهتا‪ ،‬وشدة العذاب فيها‪ ،‬كام يقول سبحانه‪:‬‬
‫أما احلكمة ِمن إعدادمها منذ خلق الساموات واألرض؛ فال يعلمها إال الله‬ ‫ﱹ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﱸ(((‪.‬‬
‫سبحانه‪.‬‬ ‫وجود الجنة والنار‪:‬‬
‫نص رصيح بتعيينه‪ ،‬ويرى كثري من الصحابة أن‬
‫مكان اجلنة والنار‪ :‬مل ير ْد ّ‬ ‫يرى البعض أن اجلنة والنار غري موجودتني اآلن‪ ،‬وهو ليس بصواب‪ ،‬كيف‬
‫اجلنة فوق الساموات السبع‪ ،‬وحتت العرش‪ ،‬وأن النار حتت األرضني السبع؛‬ ‫ي ثواب وعقاب‬
‫دار ْ‬
‫وقد أخرب الله ـ سبحانه ـ عن إعداد اجلنة والنار‪ ،‬وكوهنام َ‬
‫واحلق تفويض علم ذلك لله تعالى‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يف كثري من آي القرآن الكريم‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ‬
‫خلود اجلنة والنار‪ :‬نصوص القرآن رصحية يف استمرار اجلنة والنار وعدم‬ ‫أيضا‪ :‬ﱹ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬
‫ﰄ ﰅ ﱸ((( ‪ ،‬وقال ً‬
‫فنائهام‪ ،‬يف كثري من اآليات يذكر سبحانه اخللود عىل وجه التأبيد؛ ّ‬
‫ليدل عىل‬ ‫ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﱸ(((‪ ،‬وقوله‪ :‬ﱹ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬
‫استمرار البقاء‪ ،‬يقول سبحانه‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ‬ ‫ﭩ ﱸ((( ‪ ،‬فجمهور املسلمني يرى أهنام موجودتان اآلن؛ استنا ًدا هلذه اآليات‪،‬‬
‫ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ‬ ‫وغريها الكثري‪.‬‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﱸ(((‪ ،‬ويقول يف حق الكافرين ﱹ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬ ‫فإن اجلنة‪ ،‬والنار حقيقتان‪ّ ،‬‬
‫دل عىل وجودمها القرآن‬ ‫وبناء عىل ما سبق‪ّ ،‬‬
‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﱸ(((‪ ،‬وال يشذ عن‬ ‫بناء عىل مذهبهم‬
‫والسنة وإمجاع األمة‪ ،‬ومل يرصح بإنكارمها إال بعض الفالسفة ً‬
‫هذا اإلمجاع غري اجلهمية‪ ،‬الذين قالوا‪ :‬بفنائهام بعد النعيم والعذاب‪.‬‬ ‫يف البعث‪.‬‬
‫من خيلد يف النار ومن ال خيلد‪ :‬واخللود يف النار خاص بالكافرين‪ ،‬أما عصاة‬
‫املؤمنني فإهنم خيرجون منها ويدخلون اجلنة فيخلدون فيها‪.‬‬ ‫((( سورة النساء‪ .‬اآلية‪.145:‬‬
‫((( سورة مريم‪ .‬اآلية‪.63:‬‬
‫((( سورة النساء‪ .‬اآلية‪.122:‬‬ ‫((( سورة الكهف‪ .‬اآليتان‪.108 ،107:‬‬
‫((( سورة األحزاب‪ .‬اآليتان‪.65 ،64:‬‬ ‫((( سورة األحزاب‪ .‬اآلية‪.64:‬‬
‫‪83‬‬ ‫‪82‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪83‬‬ ‫‪82‬‬
‫واملؤمنون هم السعداء واملخلدون يف اجلنة‪ ،‬والكفار هم األشقياء واملخلدون‬
‫املناقشة‬ ‫يف النار‪ ،‬وهم املقصودون بقوله سبحانه‪ :‬ﱹ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬
‫ـ ‪ 1‬ما املقصود بحوض نبينا حممد ﷺ؟ وما مذهب أهل السنة فيه؟ وما‬ ‫ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬
‫دليلهم؟ وهل هو قبل الرصاط أو بعده؟ وضح ذلك‪.‬‬ ‫ﯸﯹ ﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ ﰁﰂﰃﰄ ﰅﰆ‬
‫ـ ‪2‬ملاذا أنكر املعتزلة وجود حوض النبي ﷺ؟ وما مذهب أهل السنة‬ ‫ﰇ ﰈ ﰉ ﰊﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﱸ(((‪.‬‬
‫واجلامعة يف إثباته؟ وما أدلتهم؟‬ ‫أما جزاء غري املك ّلفني‪ :‬إن كانوا من أوالد املؤمنني‪ ،‬فالراجح أهنم يف اجلنة‪،‬‬
‫عرف ًّ‬
‫كل من‪ :‬العرش‪ ،‬الكريس‪ ،‬القلم‪ ،‬اللوح املحفوظ‪.‬‬ ‫وأما غريهم فقيل يف اجلنة‪ ،‬وقيل غري ذلك‪.‬‬
‫ـ ‪ِّ 3‬‬
‫ـ ‪4‬ما حكم اإليامن هبذه املخلوقات؟ وما دليل كل منها؟ وما حكم منكر‬ ‫ويف اجلنة من أنواع النعيم (ما ال عني رأت‪ ،‬وال أذن سمعت‪ ،‬وال خطر عىل‬
‫وجودها؟‬ ‫قلب برش) كام ورد يف مسلم أو يف البخاري‪.‬‬

‫واصطالحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ـ ‪5‬عرف اجلنة والنار لغة‬ ‫وكذلك يف عذاب النار فيها من األهوال ما ال يعلمه إال الله‪ ،‬ويكفي أن‬
‫ـ ‪ 6‬قيل‪ :‬إن الجنات سبع فما هي؟‬ ‫وقودها الناس واحلجارة‪.‬‬
‫ولذلك أمرنا النبي ﷺ أن نستعيذ بالله من النار وأن نسأله اجلنة‪.‬‬

‫***‬

‫((( سورة هود‪ .‬اآليات‪106:‬ـ ‪.108‬‬


‫‪85‬‬ ‫‪84‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪85‬‬ ‫‪84‬‬
‫شعورا بالرضا‬
‫ً‬ ‫ـ ‪2‬نفس ًّيا‪ :‬يزرع اإليامن باليوم اآلخر يف نفس املسلم‬ ‫اآلثار المترتبة على اإليمان بالسمعيات‪:‬‬
‫نظرا ليقينه يف العدالة اإلهلية املطلقة‪ ،‬فيصرب ويتحمل‬
‫والطمأنينة والقناعة‪ً ،‬‬ ‫ً‬
‫أول‪ :‬المالئكة‪:‬‬
‫ما يالقيه من شدائد وحمن يف احلياة‪ ،‬فتتحقق سعادته يف الرساء والرضاء عىل‬
‫لإليامن باملالئكة أثر كبري يف حياة املسلم‪ ،‬من ذلك‪:‬‬
‫السواء‪ ،‬بخالف غري املؤمن باحلياة اآلخرة‪ ،‬فإنه ال يقوى عىل جماهبة ما يقع فيه‬
‫ـ ‪1‬تقوية شعور املسلم بعظمة الله تعاىل‪ ،‬وقد اتضح ذلك من صفاهتم‬
‫من حمن ويكون بني قلق ويأس وإحباط قد يؤدي إىل ما نراه من حماوالت إهناء‬
‫ووظائفهم التي تفيد ما هلم من قدرات وصفات عظيمة‪ ،‬ومع هذا فاملالئكة جند‬
‫حياته باالنتحار‪.‬‬
‫من جنود الله تنفذ أوامر الله ﱹ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﱸ((( ‪.‬‬
‫ـ ‪ُ 3‬خ ُل ِق ًّيا‪ :‬يعمل اإليامن باليوم اآلخر عىل االلتزام بالقيم األخالقية لدى‬
‫ـ ‪2‬توضيح مركز اإلنسان الكبري يف الكون وأمهيته يف احلياة‪ ،‬فاملالئكة الذين‬
‫اإلنسان املؤمن؛ ألنه يوقن بأن ما يقدمه يف حياته الدنيا سيحاسب عليه يف‬
‫اآلخرة‪ِ ،‬‬ ‫هم أشد من اإلنسان قوة قد أمروا بالسجود آلدم عليه السالم‪ ،‬وسخروا لتدبري‬
‫ومن ثم يكون حرص املؤمن عىل األخالق الفاضلة واألعامل الصاحلة‬
‫أمور حياتنا يف الدنيا والقيام بشئوننا يف اآلخرة‪.‬‬
‫التي سيجزى عليها أمام الله تعاىل‪ ،‬يقول تعاىل‪:‬‬
‫ـ ‪ 3‬يدفع اإلنسان إىل التشبه هبم يف الطاعة واملداومة عىل عمل الصاحلات‪.‬‬
‫ﱹ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﱸ ‪.‬‬
‫(((‬
‫ـ ‪4‬يدفع املرء إىل االستحياء من الله تعاىل وذلك ليقني اإلنسان بأن املالئكة‬
‫ويقول سبحانه‪ :‬ﱹ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﱸ ‪.‬‬
‫(((‬
‫تتغشاه يف جمالسه وتتوىل كتابة أعامله‪ ،‬ويتعاقبون عليه يف صحوه وغفلته فال يقدم‬
‫***‬ ‫عىل خطأ أو معصية‪.‬‬
‫ـ ‪5‬يستشعر اإلنسان بإيامنه باملالئكة األُنس وعدم الوحشة أو االستسالم‬
‫لليأس ليقينه بأن هناك مالئكة يقومون عىل حفظه ورعايته بأمر من الله تعاىل‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬عموم السمعيات‪:‬‬
‫لإليامن باليوم اآلخر وسائر السمعيات آثار فكرية ونفسية وخلقية منها‪:‬‬
‫ـ ‪1‬فكر ًّيا‪ :‬من يؤمن باحلياة األخرى جيد‪ :‬تفسري الكثري من ظواهر احلياة‬
‫اإلنسانية التي يدرك معناها من خالل إيامنه باليوم اآلخر وما فيه‪.‬‬
‫((( سورة البقرة‪ .‬اآلية‪.223:‬‬
‫((( سورة البقرة‪ .‬اآلية‪.272:‬‬ ‫((( سورة التحريم‪ .‬اآلية‪.6:‬‬
‫‪87‬‬ ‫‪86‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪87‬‬ ‫‪86‬‬
‫(‪)21‬‬ ‫(‪)20‬‬
‫املعلوم من الدين بالضرورة‬ ‫الكليات اخلمس اليت أوجب الشرع حفظها‬
‫‪:‬‬ ‫اظ ُم‬ ‫ال َّ‬
‫َق َ‬ ‫‪:‬‬ ‫اظ ُم‬ ‫ال َّ‬
‫الن ِ‬ ‫َق َ‬
‫الن ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪96‬ـ َو ِح ْف ُظ ِد ٍ‬
‫ين ُث َّم َن ْف ٍ‬
‫ـن ِدينِنَـا ُي ْقت َُل ُك ْف ًـرا َل ْي َس َحدْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫س َم ْال ن ََس ْ‬
‫*** َوم ْث ُل َها َع ْق ٌل َوع ْر ٌض َقدْ َو َج ْ‬
‫ب‬
‫م ْ‬ ‫***‬ ‫ور ًة َج َحــدْ‬
‫ض َ‬‫ــن َل ْع ُلــو ٍم َ ُ‬
‫‪97‬ـ َو َم ْ‬
‫مخسة أمور‪ ،‬والتي تسمى‬ ‫ِ‬ ‫لقد ْأوجب الشارع عىل كل إنسان املحافظ َة عىل‬
‫ــم ِع‬ ‫َأ ْو ْاســ َت َب َ‬
‫اح كَا ْل ِّزنَــا َف ْلت َْس َ‬ ‫***‬ ‫ـن َن َفــى لمجمـ ِع‬ ‫ـل َهـ َ‬
‫ـذا َمـ ْ‬ ‫‪98‬ـ َو ِم ْثـ ُ‬
‫ت‪ ،‬وإنام سميت بالكليات؛ ألنه يتفرع عليها أحكام‬ ‫بالكليات اخلمس‪ ،‬وقيل ِس ٌّ‬
‫املعلوم من الدين بالرضورة هو‪ :‬ما يعلمه خواص املسلمني وعوامهم‪ ،‬وذلك‬ ‫كثرية؛ وألهنا وجبت يف كل م ّلة‪.‬‬
‫كوجوب الصالة‪ ،‬وحرمة الزنا‪.‬‬ ‫والكليات الست هي‪ :‬الدين‪ ،‬والنفس‪ ،‬واملال‪ ،‬والنسب‪ ،‬والعقل‪ ،‬والعرض‪.‬‬
‫حكم منكر املعلوم من الدين بالرضورة‪ :‬كافر؛ ألن جحده مستلزم لتكذيب‬ ‫ً‬
‫أول‪ :‬الدين‪ :‬الدين هو ما رشعه اهلل لعباده من األحكام‪ ،‬واملراد بحفظه‬
‫النبي ﷺ‪ ،‬وذلك بعد إقامة احلجة عليه‪.‬‬ ‫صيانته عن الكفر وانتهاك حرمة املحرمات‪ ،‬كأن يفعل املحرمات غري ٍ‬
‫مبال‬
‫واختُلف فيمن أنكر شيئًا ُأمجع عليه إمجا ًعا قطع ًّيا‪ ،‬فقيل يكفر‪ ،‬والراجح أنه‬ ‫بحرمتها‪ ،‬وانتهاك وجوب الواجبات‪ ،‬كأن يرتك الواجبات غري مبال بوجوهبا‪،‬‬
‫وحلفظ الدين رشع القتال‪.‬‬
‫معلوما من الدين بالرضورة‪ ،‬وعليه فاملعول عليه يف القضية‬
‫ً‬ ‫ال يكفر إال إذا كان‬
‫صغريا‪ً ،‬‬
‫عاقل‪ ،‬أو غري‬ ‫ً‬ ‫كبريا‪ ،‬أو‬
‫ذكرا‪ ،‬أو أنثى‪ً ،‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬النفس أي‪ :‬نفس برشية ً‬
‫هو املعلوم من الدين بالرضورة‪ ،‬وليس شيئًا آخر‪.‬‬
‫عاقل‪ ،‬وحلفظ النفس رشع القصاص‪.‬‬
‫واعتقاد إباحة حمرم معلوم من الدين بالرضورة‪ ،‬يشمل الكبائر والصغائر‬
‫ثال ًثا‪ :‬املال‪ :‬وهو كل ما ّ‬
‫حيل متلكه رش ًعا‪ ،‬وحلفظه رشع حد الرسقة‪.‬‬
‫كالكذب ً‬
‫مثل‪ ،‬ويشمل ما كان حتريمه لعينه‪ ،‬مثل الزنا‪ ،‬وما كان حتريمه لعارض‪،‬‬
‫راب ًعا‪ :‬النسب‪ :‬واملراد به االرتباط الذي يكون بني الوالد وولده‪ ،‬وحلفظه‬
‫كصوم يوم العيد‪ ،‬فإن حتريمه لعارض‪ ،‬وهو اإلعراض عن ضيافة اهلل ـ تعاىل ـ‪،‬‬
‫رشع حد الزنا‪.‬‬
‫وخالف يف ذلك البعض‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬العقل‪ :‬وهو مناط التكليف‪ ،‬وحلفظه رشع حد رشب اخلمر‪ ،‬والدية‬
‫ً‬
‫***‬ ‫ملن أذهبه بجناية‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬العرض‪ :‬واملراد به موضع املدح والذم من اإلنسان‪ ،‬وحلفظه رشع‬
‫ً‬
‫حد القذف‪.‬‬
‫‪89‬‬ ‫‪88‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪89‬‬ ‫‪88‬‬
‫واإلمامة من املصالح العامة‪ ،‬وليس اإليامن هبا من أركان الدين كام تزعم‬
‫الشيعة‪.‬‬ ‫(‪)22‬‬
‫اإلمامة‬
‫حكم تنصيب إمام عدل‪ :‬واجب عىل األمة‪ ،‬عند عدم النص من الله‬
‫‪:‬‬ ‫اظ ُم‬ ‫ال َّ‬
‫الن ِ‬ ‫َق َ‬
‫ـ تعاىل ـ ‪ ،‬أو رسوله عىل شخص معني‪ ،‬أو عدم االستخالف من اإلمام السابق‪،‬‬
‫وهذا الوجوب بالرشع‪ ،‬وليس بالعقل‪ ،‬كام زعمت املعتزلة‪.‬‬ ‫شر ِع َفا ْع َل ْم ال بِ ُح ْك ِم ا ْل َع ْق ِل‬
‫بِا ْل َ ْ‬ ‫***‬ ‫ــب إِ َمــا ٍم َعــدْ ِل‬
‫ــب ن َْص ُ‬ ‫واج ُ‬‫‪99‬ـ َو ِ‬
‫المبِ ِ‬ ‫َــز ْغ عــن َأم ِ ِ‬ ‫ـس ُر ْكنًــا ُي ْع َت َقــدْ ِف الدِّ يـ ِ‬
‫ومن الوجوه الدالة عىل نصب اإلمام‪ :‬أن الشارع أمر بإقامة احلدود‪ ،‬وسد‬ ‫يــن‬ ‫ــره َ‬ ‫ــا ت ِ َ ْ ْ‬ ‫َف َ‬ ‫***‬ ‫ـن‬ ‫‪100‬ـ َف َل ْيـ َ‬
‫الثغور‪ ،‬وجتهيز اجليوش‪ ،‬وهذا ال يتم إال بإمام يرجعون إليه‪ ،‬ويف تنصيب اإلمام‬ ‫َفاللــ ُه َيك ِْفينَــا َأ َذا ُه َو ْحــدَ ُه‬ ‫***‬ ‫ــذ ّن َع ْهــدَ ه‬ ‫‪101‬ـ إِ َّل بِ ُك ْف ٍ‬
‫ــر َفا ْنبِ َ‬
‫رفع رضر عن املسلمني‪ ،‬ورفع الرضر واجب رش ًعا‪.‬‬ ‫ـس ُي ْع ـز َُل إِ ْن ُأ ِزيـ َ‬
‫ـل َو ْص ُف ُه‬ ‫َو َل ْيـ َ‬ ‫***‬ ‫ص ُفــ ُه‬
‫ــاح َ ْ‬
‫ــذا ال ُي َب ُ‬ ‫‪102‬ـ بِغ ْ ِ‬
‫َــر َه َ‬
‫وال فرق بني وجوب نصب اإلمام يف زمن الفتنة وغريه‪.‬‬ ‫مقدمة‪:‬‬
‫ويأيت هنا سؤال‪ ،‬ملاذا يذكر علامء التوحيد اإلمامة يف كتب التوحيد‪ ،‬وهي‬ ‫ً‬
‫أصول عامة‬ ‫قضية اإلمامة (احلكم) من القضايا الكلية التي وضع اإلسالم هلا‬
‫ليست من أركان اإليامن؟‬ ‫وترك للمسلمني تفاصيلها وذلك أنه اشرتط للحكم بعد االلتزام بتنفيذ رشع‬
‫غال ًبا يذكر علامء الكالم اإلمامة يف كتبهم؛ لبيان حكمها‪ ،‬وللرد عىل أهل‬ ‫اهلل أن يقوم عىل ثالثة مبادئ‪ :‬العدل‪ ،‬والشورى والطاعة ألويل األمر فيام أحب‬
‫البدع واألهواء الذين جعلوا اإلمامة من أصول الدين‪ ،‬كالرافضة وغريهم‪ ،‬وملا‬ ‫املؤمن أو كره إال أن يؤمر بمعصية فال سمع وال طاعة‪.‬‬
‫ترتب عىل هذا األمر من قدحهم يف اخللفاء الراشدين‪ ،‬وغلوهم يف أئمتهم‪.‬‬ ‫يرش عىل شخص بعينه‪ ،‬أو ألرسة‬
‫وملا انتقل الرسول ﷺ إىل الرفيق األعىل مل ْ‬
‫شروط اإلمام‪:‬‬ ‫بعينها لتويل اخلالفة من بعده مما يدل عىل أن أمر املسلمني يف هذه القضية موكول‬
‫ـ ‪1‬اإلسالم‪ :‬ألن الكافر ال يراعي مصالح املسلمني الدينية والدنيوية‪.‬‬ ‫كفؤا من املسلمني؛ ليتوىل أمرها ولقد كانت البيعة التي‬
‫إىل األمة ختتار من تراه ً‬
‫عهد ووصية أو‬‫متت أليب بكر الصديق يف سقيفة بني ساعدة بيعة حرة من غري ٍ‬
‫ـ ‪ 2‬البلوغ‪ :‬ألن الصبي ال ييل من أمر نفسه شيئا‪ ،‬فمن باب أوىل الييل من‬
‫أمر غريه شيئا‪.‬‬ ‫نص عليه‪.‬‬
‫ّ‬

‫ـ ‪ 3‬العقل‪ :‬ألن املجنون كالصبي‪.‬‬ ‫معنى اإلمامة‪ :‬هي رئاسة عامة يف الدين والدنيا‪.‬‬

‫‪91‬‬ ‫‪90‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪91‬‬ ‫‪90‬‬
‫ـ ‪4‬احلرية‪ :‬ألن الرقيق مشغول بأمر سيده؛ وألنه مستحقر يف أعني الناس‪.‬‬
‫(‪)23‬‬ ‫ـ ‪5‬عدم الفسق‪ :‬ألن الفاسق ال يوثق به يف أمره وهنيه‪ ،‬واملراد كونه ً‬
‫عدل‪ ،‬ولو‬
‫األمر باملعروف والنهي عن املنكر‬ ‫يف الظاهر فقط‪.‬‬
‫‪:‬‬ ‫اظ ُم‬ ‫ـال ّ‬
‫النَـ ِ‬ ‫َق َ‬ ‫وجيب عىل األمة طاعة اإلمام‪ ،‬ولكن يف حدود الرشع‪ ،‬فإذا أمر بمحرم‪ ،‬أو‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فو ِ‬ ‫ٍ‬
‫يمـــ ْه‬ ‫َوغ ْي َبـــ ًة‪َ ،‬و َخ ْص َلـــ ًة َذم َ‬ ‫***‬ ‫يمـ ْه‬‫اجتنَـب نَم َ‬ ‫‪103‬ـ َو ْأ ُم ْـر بِ ُع ْـر َ ْ‬ ‫مكروه ال جتب طاعته‪ ،‬وإذا أمر بمباح‪ ،‬وكان فيه مصلحة للمسلمني فتجب‬
‫اء وا ْلجـدَ ْل َفاعت َِم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫احل َس ِد‬ ‫ب‪ ،‬وا ْلكِ ِب‪ ،‬ود ِ‬
‫ـد‬ ‫ْ‬ ‫َوكَا ْل َـر َ َ‬ ‫***‬ ‫اء َ‬ ‫‪104‬ـ كَا ْل ُع ْج ِ َ ْ َ َ‬ ‫طاعته‪.‬‬
‫ـق‬ ‫يـف ِح ْلـ ٍم تَابِ ًعـا لِ ْل َح ِّ‬ ‫َحلِ َ‬ ‫***‬ ‫ـق‬ ‫ـار ا ْلخَ ْل ِ‬ ‫وكُـن كَما ك َ ِ‬
‫َان خ َي ُ‬ ‫‪105‬ـ َ ْ َ‬ ‫ما الذي يوجب خلعه؟ الذي يوجب خلعه كفره‪ ،‬أو أمره بكفر‪ ،‬أو أن يوجد‬
‫ِ‬
‫ـف‬ ‫ـن َخ َل ْ‬ ‫ش ِف ا ْبتـدَ ا ِع َم ْ‬‫َوك ُُّل َ ٍ‬ ‫***‬ ‫ف‬ ‫ير ِف ا ِّت َبا ِع َم ْن َسـ َل ْ‬ ‫‪106‬ـ َفـك ُُّل َخ ْ ٍ‬ ‫منه ما يوجب اختالل أحوال املسلمني‪.‬‬
‫ِ‬
‫ـل َو َد ْع َمـا َل ْ ُي َب ْح‬ ‫َف َما ُأبِ َ‬
‫يـح ا ْف َع ْ‬ ‫***‬ ‫ـح‬‫ـي َقـدْ َر َج ْ‬ ‫‪107‬ـ َوك ُُّل َهـدْ ٍي ل ْلنَّبِ ِّ‬ ‫***‬
‫ِ‬ ‫َو َجانِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ــن َخ َل َفــا‬ ‫ــب ا ْلبِدْ َعــ َة م َّ ْ‬ ‫***‬ ‫ــن َســ َل َفا‬ ‫ــح م َّ ْ‬ ‫الصال َ‬ ‫‪108‬ـ َفتَابِــ ِع َّ‬
‫املعروف هو‪ :‬ما َع َّرف الرشع خريه‪ ،‬وطلبه عىل سبيل الندب‪ ،‬أو الوجوب‪.‬‬
‫واملنكر هو‪ :‬ما أنكره الرشع‪ ،‬وهنى عن فعله عىل سبيل الكراهة‪ ،‬أو التحريم‪.‬‬
‫دليل وجوهبام‪ :‬القرآن‪ ،‬والسنة‪ ،‬وإمجاع األمة‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﮖ ﮗ‬
‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﱸ((( ‪ ،‬ويف احلديث قال‬
‫منكرا فليغريه بيده‪ ،‬فإن مل يستطع فبلسانه‪ ،‬فإن مل‬
‫ً‬ ‫النبي ﷺ‪« :‬من رأى منكم‬
‫يستطع فبقلبه وذلك أضعف اإليامن»(((‪ ،‬و ُيؤخذ من هذا احلديث أن مراتب‬
‫اإلنكار ثالثة‪ :‬أفضلها التغيري باليد‪ ،‬يليها التغيري بالقول‪ ،‬وأقلها التغيري بالقلب‬
‫أي‪ :‬اإلنكار بالقلب‪ ،‬وأما اإلمجاع‪ :‬فألن املسلمني يف الصدر األول وبعده‪ ،‬كانوا‬
‫يتواصون به‪ ،‬ويوبخون تاركه‪.‬‬
‫((( سورة آل عمران‪ .‬اآلية‪.104:‬‬
‫((( أخرجه مسلم‪.‬‬
‫‪93‬‬ ‫‪92‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪93‬‬ ‫‪92‬‬
‫هذا وقد حرم الشارع النميمة؛ ملا يرتتب عليها من الفساد‪ ،‬ويف احلديث‪« :‬ال‬ ‫شروط األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪:‬‬
‫يدخل اجلنة َّنمم» ‪.‬‬
‫(((‬
‫ـ ‪1‬أن يكون القائم عىل األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬عا ًملا بام يأمر‬
‫وقد أجاز الشارع النميمة إذا دعت إليها احلاجة واملصلحة‪ ،‬كام إذا علمت‬ ‫وينهى‪.‬‬
‫شخصا يريد البطش بآخر‪ ،‬فال مانع من إخبار اآلخر ليأخذ ِح ْذ َره‪.‬‬
‫ً‬
‫ـ ‪2‬أن يأمن أن ال يؤ ّدي إنكاره إىل منكر أكرب منه‪ ،‬كأن ينهى عن رشب‬
‫ثان ًيا‪ :‬الغيبة‪ :‬وهي ذكرك أخاك بام يكره‪ ،‬ولو كان فيه‪ ،‬أو حتى بحضوره‪ ،‬ويف‬
‫اخلمر‪ ،‬فيؤدي هنيه إىل القتل مثالً‪.‬‬
‫احلديث‪ ،‬أنه ﷺ ُسئِ َل «أرأيت إن كان يف أخي ما ذكرت؟ قال إن كان فيه فقد‬
‫ـ ‪3‬أن يغلب عىل الظن أن أمره باملعروف وهنيه عن املنكر مؤثر‪.‬‬
‫اغتبته‪ ،‬وإن مل يكن فيه فقد َ َبتَّه»(((‪.‬‬
‫ويندب األمر باملندوب والنهي عن املكروه‪ ،‬أما األمر بالواجب والنهي عن‬
‫والغيبة‪ :‬قد تكون بالكالم‪ ،‬كام هو ظاهر‪ ،‬وقد تكون بغريه‪ ،‬فقد تكون‬
‫احلرام‪ ،‬فهو واجب وجو ًبا كفائ ًّيا‪ ،‬والبعض قال عين ًّيا‪ ،‬وجيب األمر والنهي فور‬
‫بإشارة‪ ،‬أو بتقليد‪ ،‬أو ما شابه‪ ،‬وكام حترم الغيبة عىل املغتاب‪ ،‬كذلك حيرم عىل‬
‫العبد سامعها‪ ،‬وجيب عىل السامع أن ينهى املغتاب‪.‬‬ ‫وقوع املخالفة وبمناسبتها‪.‬‬

‫والغيبة تباح يف أحوال‪ :‬للمصلحة مثل التظلم‪ ،‬واالستعانة عىل تغيري املنكر‪،‬‬ ‫التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل‪:‬‬
‫مثل‪ ،‬كاألعمى واألصم‬ ‫وكذلك التعريف‪ ،‬بمعنى أنه ال ُي ْعرف إال هبذا االسم ً‬ ‫من األمور التي جيب أن يتخىل عنها اإلنسان النميم ُة‪ ،‬والغيب ُة‪ ،‬وال ُع ْج ُ‬
‫ب‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ب‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫وغريها‪.‬‬ ‫راء‪.‬‬
‫واحل َسدُ ‪ ،‬وامل ُ‬ ‫والك ْ ُ‬
‫وال بد من التوبة من الغيبة‪ ،‬فإذا علم من وقعت عليه الغيبة‪ ،‬فال بد من عفوه‪،‬‬ ‫ً‬
‫أول‪ :‬النميمة‪ :‬هي نقل كالم الناس بعضهم إىل بعض‪ ،‬عىل وجه اإلفساد‬
‫أما إذا مل يعلم فيكفي االستغفار‪.‬‬ ‫بينهم‪.‬‬
‫العال ُ بِ ِع ْل ِم ِه‪ ،‬أو العابد‬
‫ِ‬ ‫ثال ًثا‪ :‬ال ُع ْجب‪ :‬وهو استعظام العبادة‪ ،‬كأن ُي ْع َجب‬ ‫قال النووي‪ :‬حقيقة النميمة إفش ُاء الرس‪ ،‬وهتك السرت عام يكره كشفه‪ ،‬ومن‬
‫بعبادته‪.‬‬ ‫ُحِلت إليه نميمة‪ ،‬لزمه ستة أمور‪ :‬أن ال يصدق النامم‪ ،‬وأن ينهاه عن ذلك‪ ،‬وأن‬
‫وهو حرام‪ ،‬ومما يعني اإلنسان عىل دفعه‪ ،‬أن يعلم أنه يفسد العمل‪.‬‬ ‫يبغضه‪ ،‬وأن ال يظن باملنقول عنه السوء‪ ،‬وأن ال حيمله ما ُحكِي له عىل التجسس‪،‬‬
‫وأن ال حيكي نميمة عنه‪ ،‬كأن يقول فالن حكى يل كذا‪.‬‬
‫((( رواه البخاري‪.‬‬
‫((( أخرجه مسلم‪.‬‬
‫‪95‬‬ ‫‪94‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪95‬‬ ‫‪94‬‬
‫ب‪ :‬وهو َب َط ُر احلق و َغ ْم ُط الناس كام يف احلديث‪ ،‬أما أن يكون‬ ‫ِ‬
‫راب ًعا‪ :‬الك ْ ُ‬
‫خامتة املنظومة املباركة‬ ‫اإلنسان ثوبه حسنًا ونعله نظي ًفا فهذا ليس من الكرب يف يشء‪ ،‬ومن أدلة حتريمه‬
‫‪:‬‬ ‫اظ ُم‬ ‫ال َّ‬
‫الن ِ‬ ‫َق َ‬ ‫قوله ﷺ‪« :‬ال يدخل اجلنة َم ْن يف قلبه مثقال ذرة من كرب»(((‪.‬‬
‫ِ‬
‫اخلــاص‬ ‫ِ‬
‫الريــاء ثــم يف‬ ‫ــن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪109‬ـ هذا وأرجو الله يف‬ ‫خامسا‪ :‬احلسد‪ :‬وهو متني زوال النعمة عن الغري‪ ،‬أما إذا متنى أن يكون له‬
‫م َ‬ ‫***‬ ‫اإلخالص‬ ‫ً‬
‫ِ‬ ‫ـن َي ِمـ ْ‬ ‫ـي َ‬‫‪110‬ـ ِمــن الرجي ِم ثــم َن ْفـ ِ‬ ‫مثلها‪ ،‬فال بأس به فهو غبطة‪.‬‬
‫ـل هلــؤالء قــد َغـ َ‬
‫ـوى‬ ‫فمـ ْ‬ ‫***‬ ‫واهل َوى‬ ‫َ‬
‫عنــد الســؤال مطل ًقــا ُح َّجتنــا‬ ‫***‬ ‫‪111‬ـ هــذا وأرجــو الل ـ َه أن يمنحنــا‬ ‫ودليل حتريمه الكتاب والسنة وإمجاع األمة‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﭺ ﭻ ﭼ‬
‫ِ‬ ‫ﭽ ﭾ ﱸ(((‪ ،‬ويف احلديث‪« :‬إياكم واحلسد فإن احلسد يأكل احلسنات كام‬
‫ــم‬
‫نبــي دأ ُبــ ُه املراح ُ‬
‫ٍّ‬ ‫عــى‬ ‫***‬ ‫ـم‬ ‫‪112‬ـ ثــم َّ‬
‫الصــا ُة والســا ُم الدائـ ُ‬
‫تأكل النار احلطب»(((‪.‬‬
‫ــن ُأ َّمتِــه‬ ‫ِ‬
‫وتابــع لنهجــه م ْ‬ ‫***‬ ‫حممــد وصحبِــه وعرتتِــه‬ ‫ٍ‬ ‫‪113‬ـ‬
‫دواء احلسد‪ :‬معرفة اإلنسان للوعيد املرتتب عليه‪.‬‬
‫الرجاء هو‪ :‬تعلق القلب بمرغوب فيه‪ ،‬مع األخذ يف األسباب‪ ،‬وإال فهو‬
‫مذموما‪ ،‬إذا‬
‫ً‬ ‫سادسا‪ :‬املراء‪ :‬هو منازعة الغري فيام يدعي صوابه‪ ،‬وحمل كونه‬
‫ً‬
‫حياء من يطمع يف جنتي بغري عمل‪،‬‬
‫َ‬ ‫طمع مذموم وىف احلديث القديس‪« :‬ما َّ‬
‫أقل‬
‫كيف أجود برمحتي عىل من ِ‬ ‫كان لتحقري غريك‪ ،‬وإظهار مزيتك عليه‪ ،‬كام يقول ﷺ‪( :‬قد يكون أحدكم َأ َْل ُن‬
‫بخ َل بطاعتي»(((‪.‬‬ ‫َ‬
‫بح َّجته من صاحبه‪ ،‬فأقيض له‪ ،‬فمن قضيت له بيشء‪ ،‬فإنام قضيت له بقطعة من‬
‫ُ‬
‫واإلخالص‪ :‬قصدُ الله بالعبادة وحده‪ ،‬وهو سبب اخلالص من أهوال يوم‬
‫النار‪ ،‬فليأخذها‪ ،‬أو فليدعها)(((‪.‬‬
‫القيامة‪ ،‬وهو واجب عيني عىل كل مكلف يف مجيع الطاعات‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﮘ‬
‫التحلي بالفضائل‪:‬‬
‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﱸ((( ‪.‬‬
‫وهذا من باب التحلية بعد التخلية‪ ،‬فإذا ختىل اإلنسان عن أدرانه‪ ،‬فعليه بعد‬
‫خالصا‪ ،‬وما ُابتغي به‬
‫ً‬ ‫وقال ﷺ‪« :‬إن الله ال يقبل من العمل إال ما كان‬
‫ذلك أن يستزيد من اخلريات‪ ،‬ويتأسى بخري اخللق أمجعني وبمن تبعه إىل يوم‬
‫وجهه»((( ‪ -‬من األمور املعنية عىل األخالص اخللوة ‪.-‬‬
‫الدين‪.‬‬
‫((( اخلرب املذكور مل يرد ىف يشء من كتب السنة ولكنه ورد يف بعض التفاسري كتفسري (الكشف والبيان‬
‫للثعلبي) وتفسري (البحر املحيط) أليب حيان األندليس و(الكشاف) للزخمرشي بصيغة‪« :‬وروي أن اهلل‬
‫كذا‪ »...‬وذكر اخلرب املذكور‪ ،‬انظر كتب التفاسري يف سورة آل عمران‬ ‫عز وجل أوحي إىل موسى‬ ‫((( رواه مسلم‪.‬‬
‫آية ‪.136‬‬ ‫((( سورة الفلق‪ .‬اآلية‪.5 :‬‬
‫((( سورة البينة‪ ،‬اآلية‪.5 :‬‬ ‫((( أخرجه أبو داود بسند ضعيف‪.‬‬
‫((( أخرجه النسائي يف السنن‪ ،‬والطرباين يف املعجم األوسط‪.‬‬ ‫((( متفق عليه‪.‬‬
‫‪97‬‬ ‫‪96‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪97‬‬ ‫‪96‬‬
‫والرياء‪ :‬أن يعمل القربة لرياه الناس‪.‬‬
‫املناقشة‬ ‫والتسميع‪ :‬أن يعمل العمل وحده‪ ،‬ثم خيرب به الناس‪ ،‬ألجل تعظيمهم له‪ ،‬أو‬
‫ـ ‪ 1‬أوجب الشارع حفظ الكليات اخلمس‪ ،‬فام هي؟ وما احلدود التي رشعها‬ ‫جللب خري منهم‪.‬‬
‫ملن يعتدي عليها؟‬ ‫وكل من الرياء والتسميع ُمبط للثواب مع صحة العمل‪.‬‬
‫ـ ‪2‬ما املقصود باملعلوم من الدين بالرضورة؟ وما حكم منكره؟‬ ‫وىف احلديث القديس‪« :‬أنا أغنى الرشكاء عن الرشك‪ ،‬فمن عمل ً‬
‫عمل أرشك‬
‫ـ ‪3‬قال صاحب اجلوهرة‪:‬‬ ‫فيه غريي‪ ،‬تركته ورشكه»(((‪.‬‬
‫ــر ِه المبِيــن‬
‫ــن َأ ْم ِ‬ ‫ــا ت ِ‬
‫َــز ْغ َع ْ‬ ‫َف َ‬ ‫***‬ ‫ـس ُر ْكنًــا ُي ْع َت َقــدْ ِف الدِّ يـ ِ‬
‫ـن‬ ‫َف َل ْيـ َ‬ ‫والرجيم‪ :‬هو الشيطان املرجوم‪ ،‬أي املطرود من رمحة الله‪ ،‬أو الراجم للناس‬
‫يشري البيت السابق إىل قضية اإلمامة‪ ،‬فامذا تعرف عنها؟ وما رشوط اإلمام؟‬ ‫بوسوسته‪ ،‬واملراد‪ :‬إبليس وأعوانه‪.‬‬
‫ـ ‪4‬ينادى البعض باألمر باملعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬فام ضوابط ذلك؟‬ ‫األمارة بالسوء وهي التي تأمر بالسوء‪ ،‬وال تأمر باخلري‪.‬‬
‫واملراد بالنفس‪َّ :‬‬

‫***‬ ‫واهلوى هو‪ :‬ميل النفس إىل مرغوهبا‪ ،‬ويستعمل غال ًبا يف ميل النفس عن احلق‬
‫نحو‪ :‬ﱹ ﰁ ﰂ ﰃ ﱸ((( وقد يستعمل يف امليل للحق‪ ،‬كقول عائشة ريض اهلل‬
‫عنها للنبي ﷺ‪« :‬ال أرى ربك إال ُي َسارع يف هواك»(((‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬عند السؤال مطل ًقا) أي يف الدنيا‪ ،‬ويف القرب‪ ،‬ويوم القيامة‪.‬‬
‫ثم ختم بالصالة والسالم الدائمني عىل نبي الرمحة‪ ،‬وعىل صحبه‪ ،‬وعرتته أي‬
‫أهل بيته ونسله‪ ،‬ومن تبع سنته من أمته‪ ،‬صلوات الله وسالمه عليه‪.‬‬

‫***‬

‫((( أخرجه مسلم‪.‬‬


‫((( سورة ص‪ .‬اآلية‪.26 :‬‬
‫((( أخرجه البخاري بلفظ‪« :‬ما أرى ربك‪.»...‬‬
‫‪99‬‬ ‫‪98‬‬
‫رشح جوهرة التوحيد‬ ‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪99‬‬ ‫‪98‬‬
‫قائمة الموضوعات‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬

‫‪3‬‬ ‫مقدمة‪.................................................‬‬
‫‪6‬‬ ‫أهداف الصف الثالث الثانوي ‪.........................‬‬
‫‪8‬‬ ‫السمعيات ‪............................................‬‬
‫‪11‬‬ ‫(‪ )1‬املالئكة‪...........................................‬‬
‫‪18‬‬ ‫(‪ )2‬اجلن والشياطني ‪..................................‬‬
‫‪22‬‬ ‫(‪ )3‬املوت ‪............................................‬‬
‫‪24‬‬ ‫(‪ )4‬أجل املقتول ‪......................................‬‬
‫‪30‬‬ ‫الروح ‪............................................‬‬
‫(‪ُّ )5‬‬
‫‪33‬‬ ‫(‪ )6‬سؤال القرب وعذابه ونعيمه ‪........................‬‬
‫‪40‬‬ ‫(‪ )7‬البعث واحلساب‪..................................‬‬
‫‪48‬‬ ‫(‪ )8‬اليوم اآلخر‪.......................................‬‬
‫‪52‬‬ ‫(‪ )9‬الشفاعة ‪..........................................‬‬
‫‪56‬‬ ‫(‪ )10‬احلسنات والسيئات ‪.............................‬‬
‫‪58‬‬ ‫(‪ )11‬التوبة ‪...........................................‬‬
‫‪62‬‬ ‫(‪ )12‬الذنوب كبائر وصغائر ‪..........................‬‬
‫‪65‬‬ ‫(‪ )13‬حكم مرتكب الكبرية ‪...........................‬‬
‫‪68‬‬ ‫(‪ )14‬صحائف األعامل‪................................‬‬

‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪101‬‬ ‫‪100‬‬
‫تابع قائمة الموضوعات‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬

‫‪71‬‬ ‫(‪ )15‬الوزن وامليزان‪...................................‬‬


‫‪74‬‬ ‫(‪ )16‬الرصاط ‪........................................‬‬
‫‪77‬‬ ‫(‪ )17‬احلوض‪.........................................‬‬
‫‪79‬‬ ‫والكريس والقلم واللوح املحفوظ‬
‫ّ‬ ‫(‪ )18‬اإليامن بالعرش‬
‫‪81‬‬ ‫(‪ )19‬اجلنة والنار ‪.....................................‬‬
‫‪88‬‬ ‫(‪ )20‬الكليات اخلمس التي أوجب الرشع حفظها‪......‬‬
‫‪89‬‬ ‫(‪ )21‬املعلوم من الدين بالرضورة‪......................‬‬
‫‪90‬‬ ‫(‪ )22‬اإلمامة‪..........................................‬‬
‫‪93‬‬ ‫(‪ )23‬األمر باملعروف والنهي عن املنكر ‪................‬‬
‫‪97‬‬ ‫خامتة املنظومة املباركة ‪.................................‬‬

‫***‬

‫الصف الثالث الثانوي‬


‫‪CK‬‬ ‫‪CK‬‬
‫‪103‬‬ ‫‪102‬‬
‫‪104‬‬
‫الصف الثالث الثانوي‬
‫‪CK‬‬
‫‪104‬‬

You might also like