Professional Documents
Culture Documents
الحياة العائلية
الحياة العائلية
ترى جميع الّش عوب والملل اّلتي تسعى إلى الّرقّي واالزدهار أّن المحافظة على الّروابط العائلّية تحوز على أهّم ّية استثنائّية في ظّل أوضاع
اجتماعّية وسياسّية واقتصادّية متهاوية ،وأمام هجمة شرسة للمفاهيم المادّية اّلتي تعمل على تفتيت البناء العائلي في المجتمع ،وعلى شرذمة
مكّو نات العائلة؛ فتقف العائالت الّلبنانّية ،اّلتي تعتّز بتقاليدها العائلّية الممّيزة ،أمام تحّد يات يومّية ال بّد من الّتغّلب عليها حّتى تتمّك ن من البقاء
واالستمرار مّتحدة متجانسة بين مكّوناتها ،عاملًة على بناء أسس لمجتمٍع صالح وصّحي يقوم عليه الوطن الّسليم والُم عافى.
يؤمن البهائّيون ،مثل كثيرين غيرهم ،أن لوحدة العائلة دوًرا كبيًرا ومركزًّيا في بناء األخالق القويمة لدى األطفال ،ال سّيما وأّن العائلة هي
المنطَلق لتكوين األخالق وتنمية قدرات األطفال الّذ اتّية على الّنجاح في جميع مراحل حياتهم .يتحّقق هذا الهدف ببناء ِخ صال حميدة وتنمية ِقَيٍم
روحانّية في نفوس أعضاء العائلة كالمحّبة والّتسامح واإلنصاف والعدل والّش فقة والخدمة واإليثار؛ وال بّد لتلك الّصفات من أن تنعكس تدريًجا،
ليس على حياة العائلة الواحدة فحسب ،بل أيًضا في مكان العمل والّد راسة ،وحّتى في روابطنا االجتماعّية والّسياسية والّثقافّية.
ما لم َتُقْم حياة العائلة على المساواة بين الّرجل والمرأة في الحقوق والواجبات ،وعلى عالقة المحّبة واالحترام بين األهل وأبنائهم من خالل
تطبيق مبدأ المشورة فيما بينهم في جميع الّش ؤون ،ال يمكن بناء حياة عائلّية سوّية .فقد شّد د حضرة بهاء هللا على وجوب أن يتحّلى اإلنسان بالقيم
اّلتي تؤّهله ليكون فرًدا جّيًدا وبّناًء في عائلته ومجتمعه ،فيقول على سبيل المثالُ" :ك وُنوا في الَّطْر ِف َع ِفيًفا َو ِفي الَيِد َأِم يًنا َو ِفي الِّلَس اِن َص اِد ًقا
َو ِفي الَقْلِب ُم َتَذ ِّك ًر ا ...اْج َعُلوا ُج ْنَد ُك ُم الَعْد َل وِس َالَح كُم الَعْقَل َو ِش َيَم ُك ُم الَعْفَو َو الَفْض َل َو َم ا َتْفَرُح ِبِه َأفِئَد ُة الُم َقَّر ِبيَن " ،كما يؤّك د على ضرورة
اجتناب كّل أنواع العنف في قوله" :قد منعتم في الكتاب عن الجدال والّنزاع والّض رب وامثالها عّم ا تحزن به االفئدة والقلوب".
إن هدف بناء عائلة على هذه األسس هو تربية أجيال متعاقبة من األطفال اّلذين يمتلكون رؤية مستقبلية تعلو فوق قوى الهدم والتجزئة السائدة
في المجتمع ،وطموًحا لبناء مجتمٍع موّحد َينُش د وحدة العالم اإلنساني بكل تنوعه بعيدًا عن التعّصب والتفرقة بين أعراق البشر وأديانهم وألوانهم
وأجناسهم .من خالل نهج الحياة هذا ،واّلذي ُيحتضن فيه اآلخر وال ُيزجر ،تستطيع العائالت ،اّلتي هي الّنواة األولى لتكوين المجتمعات
البشرّية ،أن تعمل على بناء مجتمع يقوم على تدعيم الفضائل اإلنسانّية ،ويحيا في سعادة حقيقّية ودائمة.
إن للعائلة دورأساسي في تربية أطفالها تربيًة تجعلهم واعينلمسؤولية نموهم الروحي ،وألهمية مساهمتهم في تقّد م مجتمعاتهم .فمسؤولية تربية
األطفال هي أوًال لألم واألب اللذين يضعان تلك المسؤولية كأولوية وفريضة في حياتهم .بينما يكون للمجتمع أيضًا دورهام عليه القيام به في
هذا المجال .إن البهائيين في لبنان يولون اهتمامًا كبيرًا لموضوع تربية األطفال حيث يجهدون في تأصيل الفضائل الحميدة واألخالق النبيلة في
قلوب أطفالهم .وبالفعل فإن صفوف التربية األخالقية والروحية تلك هي متاحة ومفتوحة للجميع في مجتمعاتهم المحلية.