Professional Documents
Culture Documents
الأستاذ تكركارت مقياس أخلاقيات المهنة وآدابها السنة الثانة ماستر لسانيات عربيّة المجموعة الثانية الأفواج 4- 5- 6
الأستاذ تكركارت مقياس أخلاقيات المهنة وآدابها السنة الثانة ماستر لسانيات عربيّة المجموعة الثانية الأفواج 4- 5- 6
تمهيد:
لقد عرفت نظم العمل بفضل النضاالت النقابّية طفرة نوعّية خالل العق ود األخ يرة،
من القرن الماضي والسنوات األولى من هذا التراث ،وذلك استجابة لص وت العّم ال ،كم ا
أّن الحاجة إلى تطوير نظم العمل حّتم على تلك المؤّسســات تبّني الكثير من الخيارات التي
تراها إداراتها تصّب في مصلحة مستخدميها.
ولئن ك انت الواجب ات والحق وق ،هي الس مة الغالب ة على ه ذه النظم إاّل أّن دواعي
تحقي ق العدال ة في توزي ع المس ؤولّيات ،مقاب ل آراء الواجب ات ،والرف ع من اإلنتاجّي ة في
المؤّسسات اِال قتص ادّية ،والزي ادة في المردودّي ة بالنس بة للمؤّسس ات العلمّي ة ،والتعليمّي ة
كحال المؤّسسات التابعة لقطاع التعليم العالي.
فالجزائر ،وعلى غرار دول الع الم ،م ا ف تئت تعم ل على تحس ين ظ روف العم ل بالنس بة
لألساتذة ،وظروف الدراس ة وش روطها بالنس بة للطلب ة وتحس ين ش روط العم ل بالنس بة
للتقنّيين والعاملين فيها أيًضا.
وأيًض ا الحرص على نظام الترقيات في المناصب العلمّية وفق اُألط ر القانونّي ة المعلوم ة،
أشبه بالقاعدة المثالّية :التزام مقابل التزام ،بمعنى كّلما التزم العامل أو الموّظف أو األس تاذ
بآداء مهاّم ه وفق الشروط المنصوص عليها قانوًنا وفق النظم الداخلّية للجامعة ،كّلما كافأته
الجامعة ع بر مؤّسس اتها المختّص ة كالمج الس العلمّي ة ومجلس إدارة الجامع ة ،أو الّلجن ة
المتساوية األعضاء على درجة في الترقية وفق سّلم ُأعّد لهذا الغرض.
أّم ا بالّنسبة للطالب وهو الركن األساس في العملّية التعليمّية بُر ّم تها ،فإّنه يس تلم من ذ الس نة
األولى جامعّية دلياًل ُيسّم ى "دلـــيل الطالب" الذي يتضّم ن م ا ُيق ارب المائ ة ( )100م اّد ة
موّز عة في شكل محاور ،وأبواب وفصول ،الفصل األّو ل منه تدابير عاّم ة ( 06مزاد).
الفصل الثاني منه ،التسجيالت وإعادة التسجيل ( 09مواد).
كما يتضّم ن أيًض ا شروط العطلة األكاديمّية وأوقات طلبها لتليه :التخّلي واإلدماج.
واختّص الفص ل الث الث من ه :لتنظيم ال دروس ،ال ذي يتض ّم ن 8م واد ،فالفص ل المتعّل ق
بالتقييم ومراقبة المعارف ويشمل 20ماّد ة ،وكّل ه ذه الم واد ،وغيره ا ،تحكمه ا ض وابط
ُم قّننة قانوًنا ،يحتكم إليها الطالب واإلدارة ،واألستاذ سواء بسواء.
وكذلك الشأن بالنسبة للغيابات ،التي حّد دها الدليل بعدد معلوم ،وم تى يح ّق للط الب إع ادة
امتحان تغَّيب عنه وبمبّرر قانوني ،وأيًضا الحض ور إلى األعم ال التطبيقّي ة أو الموّجه ة،
فكّل هذه األمور بمثابة تدابير تنظيمّية تنّظم العالق ة داخ ل مؤّسس ة الجامع ة ،كغيره ا من
المؤّسسات في القطاعات األخرى.
لتأتي "أخالقّيات المهن ة" بمجموع ة من المب ادئ والقيم لتحس ين الش ركاء والمت دّخ لين في
مؤّسسة الجامعة بأهمية االلتزام بمثل هذه القواع د الناظم ة لعم ل ك ّل ط رف ووف ق مب دأ
المسؤولّية األخالقّية بعد المسؤولّية القانونّية ،وكّلما تمّسكنا بمبادئ أخالقّيات المهن ة ال ذي
سيأتي بيانها الحًقا ،كّلما شاع األمان ،والطمأنينة داخ ل الح رم الج امعي ،وداخ ل األقس ام
والمدّر جات ،وازداد الشعور لدى كّل طرف ،وأمكننا اإلسهام بفاعلّية في الحركة التربوّي ة
والعلمّية داخل الجامعة وخارجها .فإذا كانت النصوص القانونّية كقانون العمل مثاًل يضبط
المسؤولّيات والواجبات .فإّن أخالقّيات المهنة ،به ذه الص فة هي روح ه ،وظالل ه الوارف ة
التي تحمي الشركاء في العملّية التعليمّية.
يبدو أّن طبيعة العالقة بين الشركاء داخل الجامعة تزداد وضوًحا كّلما أمكنت
معرفة القواعد السلوكّية ،واألخالقّية ،التي يجب أن يتحّلى بها ك ّل ط رف ،ويس هم ب دوره
في أداء واجباته كاملة ،فإن كان دور األستاذ ينصّب ح ول التعليم فإّن ه يتعّين على الط الب
االّتجاه نحو التعّلم ،بصفته النشاط الذاتي ال ذي ينبغي على الط الب اِال ض طالع ب ه ك اماًل ،
وآداء واجباته البيداغوجّية المختلفة ،من أعمال موّجهة أو عروض وُبحوث إلثراء معارفه
العلمّي ة ،وتنمي ة ُم كتس باته المعرفّي ة ،ال تي هي الطري ق الص حيح نح و تحقي ق أهداف ه،
ويضطلع األستاذ بدوره في توجيه طلبته ودعمهم علمًّيا ومعرفًّيا لمواجهة كّل الص عوبات،
وما التقييم إاّل مرحلة من مراحل المسار البيداغوجي الذي يسلكه الطالب.
لتمتّد هذه القواعد السلوكّية لتشمل العالقة بين الطالب وأستاذه التي ال يجب أن تهتّز لس بب
من األسباب ،إذ العالقة بينهما بمثابة العالقة بين األب وابنه ،تماًم ا مث ل عالق ة المش رف
بطالبه ،التي يحرص فيها المشرف على مساعدة طالبه في تجاوز الص عوبات والعراقي ل،
التي تواجهه ،لتمضي العالقة بينهما في موّد ة إلى أبعد مدى.
ب العودة إلى تعري ف األخالقّي ات كونه ا "مجموع ة القيم والنظم الُم حّقق ة للمع ايير
العليا المطلوبة في آداء األعمال الوظيفّية والتخصصّية ،وفي أس اليب التعام ل داخ ل بيئ ة
العم ل فتط بيق مب ادئ أخالقّي ات المهن ة وتنفي ذها ي ؤّثر إيجاًب ا على آراء الهيئ ات
والمؤّسسات".
ومن خالل اإلشارات السابقة ،تبّين لنا أّن مجاالت أخالقّيات المهن ة متع ّد دة ،بتع ّد د
الوظ ائف والمهن ،ولم تج زم دراس ة عن أّي المهن ب دأت "ه ذه األخالقّي ات" .ولكن ثّم ة
إش ارات في الدراس ات الطبّي ة أّن أّو ل مج ال ح اول أه ل اِال ختص اص في ه ض بطه به ذه
المعايير والنظم األخالقّية .يع ود إلى أوائ ل الس تينات بالوالي ات المّتح دة األمريكّي ة "لقــد
شهد النصف الثاني من القرن العشــرين الــذي وّدعنــاه ،تطـّو ًر ا هاًّم ا وتقــّد ًم ا عظيًم ا في
مجموعة من الميادين المعرفّي ة النظرّي ة والتطبيقّي ة ،ومن بينهــا ميادين الطّب وعلــوم
الصــّح ة ،وعلــوم الحياة حيث تحّققت في مجالهــا ثــورة مذهلــة ،وكــانت لهــذه الثــورة
انعكاًس ات واضًح ة تجّلت في ظهور مشاكل أخالقّية ال عهد للمجتمعات البشرّية بها سابًقا
ولم تكن في يوم من األّي ام موضــــوًعا من موضــــوعات الفكــــر الفلســــفي األخالقي
التقليدي"(.)1
نظًرا لالنتكاسات المتكّر رة التي عرفها مجال الطّب في ال و .م .أ مثلم ا أس لفنا ال ّذ كر ،فق د
كان هذا الوضع "الباعث على القلق والحيرة ...وبالفعــل فقــد ُت ِّو ج هــذا الــوعي األخالقي
القلق والحذر بظهور مجــال فكــري جديد للتفكــير يهتّم بالمشــاكل األخالقّي ة الناجمــة عن
الُم مارسات واألبحاث والدراسات المعاصرة في علــوم الصــحة والحياة ،وقــد أطلــق على
هذا المبحث المعرفي الجديد ِاسم ،Bioéthiqueوكــانت أمريكــا الشــمالّية الــوطن األّو ل
لميالده ونشأته"(.)2
- 1عبد الرزاق الداوي" ،حول إشكالّية ميالد مفهوم جديد" في محمد مفتاح وآخرون ،المفاهيم وتكّونها
وسيرورتها ،منش ورات كلّي ة اآلداب والعل وم االنس انّية ،سلس لة ن دوات ومن اظرات رقم ،87الرب اط،
،2000ص.21
- 2المرجع نفسه ،ص.21
كقض ايا إش كالّية "الم وت ال رحيم" في تس اؤل" :هــل من المشــروع أن ُيعطي الشــخص
المريض المهّدد بالموت حتًم ا حّق اإلقدام على قتل نفسه ،إّم ا بنفسه أو بمســاعدة الغــير،
اختصاًر ا لمرحلة الُم عاناة؟"(.)3
وتبدأ قضّية الكشف عن هذه الفضائح سنة ،1966تزامًنا م ع نش ر الط بيب ه نري
بيش ر Henry Beecherمق ااًل تحت عن وان "األبحـــاث الطبّي ة واألخالق" تن اول
موضوعات حّساسة تمّس كرامة اِال نسان وتتشافى مع مدّو نة األخالق الطبّي ة ،بكش ف عن
"سلسلة التجارب الطبّية ُأجِرَيت في تلــك المستشــفيات لم تحــترم فيهــا القواعــد وال القيم
األخالقّية ،ونورد منها حاالت غدت مشهورة في أدبّيات أخالقّيات الطب والبيولوجيا (:)4
في سنة ،1963تّم حقن خاليا سرطانّية حّية في أجســام مرضــى عجــزة من أجــل -
اختبار مدى مقاومتهم ومناعتهم ضّد السرطان.
ابتداء من سنة ُ ،1932أجــريت تجــارب طبّي ة على 400من الزنــوج األمريكــيين -
المرضى بداء الزهري ،وقد حـرم هــؤالء من العالج بالبنيســلين ،وهــو دواء أثبت
فعاليته بالنسبة لهذا المرض ،وذلك من أجل اختبار مفعول دواء آخر وتعرف هذه
القضّية بقضّية . Affaire tuskageé
ما بين 1950و 1970تّم حقن مجموعة من المرضى نــزالء مستشــفى األمــراض -
العقلّية بفيروس االلتهاب الكبدي من أجل معرفة مراحل تطّو ر هذا المرض ،ولقــد
هّز ت هذه السلسلة من التجارب الطبّية ضمير الرأي العام األمريكي ،وأعادت إلى
الذهن صور نماذج من التجارب الطبّية الفظيعة الــتي كــانت تجــري على األسرى
في معسكرات االعتقال في ألمانيا إبان الحرب العالمّية الثانية ،والتي كشفت عنها
محاكمة بورنبرغ الشهيرة سنة ".1947
وهكذا بدأ االهتمام بهذا الميدان الحيوي ليمتّد المج ال إلى الص يدلة وعلم األدوي ة ،فمج ال
"القانون" خاّص ة "التوثيق" منه ،لينتقل بعدها التفكير في وضع "ميثاق أخالقّية المهن ة في
مجال "التعليم" و"المحاماة".
- 5عبد الرزاق الداوي" ،حول إشكالّية ميالد مفهوم جديد" في محمد مفتاح وآخرون ،المفاهيم وتكّونها
وسيرورتها ،منش ورات كلّي ة اآلداب والعل وم االنس انّية ،سلس لة ن دوات ومن اظرات رقم ،87الرب اط،
،2000ص.33