You are on page 1of 9

‫سلسلة دروس ومحــــــــــــاضرات مـــــاّدة " أخالقّيـــــــات‬

‫المهنــــة وآدابـــهــــــــــــــا" السنة الـثــــــــانية مـــــاستر‪،‬‬


‫لسانّيــــــــــات عربّيــــــة‪ .‬المجمــــوعـــة الثـــــــانية ‪. 6 -5 -4‬‬

‫إعداد األستــــاذ ‪ /‬خ‪ .‬تكـــركـــارت‬

‫مفردات البرنامج‪:‬‬ ‫‪.I‬‬


‫مبـــــــــــادئ النظـــــــــام الداخلي للمؤّس سة وأخالقّيـــــات المهنـــــة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫قواعد السلـــــــــــوك المهني وحدوده‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مجـــــــاالت أخالقّيـــــــــات المهنة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تطبيق المبــــــــــادئ الواجب التمّس ك بهــــا‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫االستقــامـــــــــــة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الموضـــوعّيــــــــــــة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫السرّيـــــــــــة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الكفـــــــــــــــاءة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫قواعد السلـــــــوك في المهنــــــــة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أخالقّيــــــات المهنــــــــة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ميثـــــــــاق أخالقّيـــــات المهنـــــــة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مهنــــــــة التدريس والتقـــــاليد الجــــامعّيـــــــة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫فلســـــفة أخالقّيـــــــات المهنــــــــة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تقويم المعّلم في ضوء ميثـــــــاق أخالق المهنــــــــة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫حدود أخالقّيــــــــات المهنــــــــة بين المعــــــــــّلم والمتعــــــــــــــّلم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫دليـــــــل أخالقّيــــــــات المهنــــــــة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫درجة االلتزام بأخالقّية المهنــــــــة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مراجع المـــــــاّدة‪:‬‬ ‫‪.II‬‬
‫الّنظــــــم الداخلّيــــــــــة للمؤّس ســــــــــــات‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫دليــل الطــــالب بالجامعــــــــة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫دليــل العامل في المؤّس ســـة‪( .‬االقتصادّية – االجتماعّية ‪ -‬السياسّية)‬ ‫‪-‬‬
‫دليــل التلميذ في البكالوريا‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫دليــل التزام ولّي التلميذ في التعليم الثانوي المصادق علبه من األولياء‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫محمــد مفتــاح وأحمــد بوحســن (تنســيق)‪ ،‬المفــاهيم تكُّو نهــا وسيرورتها‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫منشورات كلية اآلداب والعلوم اِال نسانّية‪ ،‬سلســلة نــدوات ومنــاظرات رقم ‪،87‬‬
‫الرباط‪.2000 ،‬‬
‫وزارة التعليم العــالي والبحث العلمي‪ ،‬ميثــاق األخالقّي ات واآلداب الجامعّي ة‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫منشورات الوزارة‪ ،‬ماي‪ ،‬الجزائر ‪.2010‬‬
‫وزارة التربية الوطنّي ة‪ ،‬ميثـاق أخالقّي ات قطـاع التربية الوطنّي ة‪ ،‬منشـورات‬ ‫‪-‬‬
‫الوزارة‪ 29 ،‬نوفمبر‪ ،‬الجزائر ‪.2015‬‬
‫جامعة حلوان‪ ،‬كلية التربية الرياضــية للبنــات (مصــر) دليل أخالقّي ات البحث‬ ‫‪-‬‬
‫العلمي‪ ،‬إعــداد‪ :‬الهــام اسماعيل محمــد شــلبي (منســق معيار المصــداقّية‬
‫واألخالقّيات)‪ ،‬جمهورّية مصر العربّية‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬
‫جامعــة المتصــورة‪ ،‬دلــــيل‪ :‬أخالقّي ات المهنــة‪ ،‬إعــداد‪ :‬كريمــة فــؤاد سليمان‬ ‫‪-‬‬
‫الشامي وآخرون‪ ،‬مركز اِال ستشارات القانونّية‪ ،‬جامعـة المنصـورة‪ ،‬جمهورّي ة‬
‫مصر العربّية‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫مبادئ النظام الداخلي للمؤّس سات وأخالقّيات المهنة‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫لقد عرفت نظم العمل بفضل النضاالت النقابّية طفرة نوعّية خالل العق ود األخ يرة‪،‬‬
‫من القرن الماضي والسنوات األولى من هذا التراث‪ ،‬وذلك استجابة لص وت العّم ال‪ ،‬كم ا‬
‫أّن الحاجة إلى تطوير نظم العمل حّتم على تلك المؤّسســات تبّني الكثير من الخيارات التي‬
‫تراها إداراتها تصّب في مصلحة مستخدميها‪.‬‬

‫ولئن ك انت الواجب ات والحق وق‪ ،‬هي الس مة الغالب ة على ه ذه النظم إاّل أّن دواعي‬
‫تحقي ق العدال ة في توزي ع المس ؤولّيات‪ ،‬مقاب ل آراء الواجب ات‪ ،‬والرف ع من اإلنتاجّي ة في‬
‫المؤّسسات اِال قتص ادّية‪ ،‬والزي ادة في المردودّي ة بالنس بة للمؤّسس ات العلمّي ة‪ ،‬والتعليمّي ة‬
‫كحال المؤّسسات التابعة لقطاع التعليم العالي‪.‬‬

‫فالجزائر‪ ،‬وعلى غرار دول الع الم‪ ،‬م ا ف تئت تعم ل على تحس ين ظ روف العم ل بالنس بة‬
‫لألساتذة‪ ،‬وظروف الدراس ة وش روطها بالنس بة للطلب ة وتحس ين ش روط العم ل بالنس بة‬
‫للتقنّيين والعاملين فيها أيًضا‪.‬‬

‫وأيًض ا الحرص على نظام الترقيات في المناصب العلمّية وفق اُألط ر القانونّي ة المعلوم ة‪،‬‬
‫أشبه بالقاعدة المثالّية‪ :‬التزام مقابل التزام‪ ،‬بمعنى كّلما التزم العامل أو الموّظف أو األس تاذ‬
‫بآداء مهاّم ه وفق الشروط المنصوص عليها قانوًنا وفق النظم الداخلّية للجامعة‪ ،‬كّلما كافأته‬
‫الجامعة ع بر مؤّسس اتها المختّص ة كالمج الس العلمّي ة ومجلس إدارة الجامع ة‪ ،‬أو الّلجن ة‬
‫المتساوية األعضاء على درجة في الترقية وفق سّلم ُأعّد لهذا الغرض‪.‬‬

‫أّم ا بالّنسبة للطالب وهو الركن األساس في العملّية التعليمّية بُر ّم تها‪ ،‬فإّنه يس تلم من ذ الس نة‬
‫األولى جامعّية دلياًل ُيسّم ى "دلـــيل الطالب" الذي يتضّم ن م ا ُيق ارب المائ ة (‪ )100‬م اّد ة‬
‫موّز عة في شكل محاور‪ ،‬وأبواب وفصول‪ ،‬الفصل األّو ل منه تدابير عاّم ة (‪ 06‬مزاد)‪.‬‬
‫الفصل الثاني منه‪ ،‬التسجيالت وإعادة التسجيل (‪ 09‬مواد)‪.‬‬

‫كما يتضّم ن أيًض ا شروط العطلة األكاديمّية وأوقات طلبها لتليه‪ :‬التخّلي واإلدماج‪.‬‬

‫واختّص الفص ل الث الث من ه‪ :‬لتنظيم ال دروس‪ ،‬ال ذي يتض ّم ن ‪ 8‬م واد‪ ،‬فالفص ل المتعّل ق‬
‫بالتقييم ومراقبة المعارف ويشمل ‪ 20‬ماّد ة‪ ،‬وكّل ه ذه الم واد‪ ،‬وغيره ا‪ ،‬تحكمه ا ض وابط‬
‫ُم قّننة قانوًنا‪ ،‬يحتكم إليها الطالب واإلدارة‪ ،‬واألستاذ سواء بسواء‪.‬‬

‫وكذلك الشأن بالنسبة للغيابات‪ ،‬التي حّد دها الدليل بعدد معلوم‪ ،‬وم تى يح ّق للط الب إع ادة‬
‫امتحان تغَّيب عنه وبمبّرر قانوني‪ ،‬وأيًضا الحض ور إلى األعم ال التطبيقّي ة أو الموّجه ة‪،‬‬
‫فكّل هذه األمور بمثابة تدابير تنظيمّية تنّظم العالق ة داخ ل مؤّسس ة الجامع ة‪ ،‬كغيره ا من‬
‫المؤّسسات في القطاعات األخرى‪.‬‬

‫لتأتي "أخالقّيات المهن ة" بمجموع ة من المب ادئ والقيم لتحس ين الش ركاء والمت دّخ لين في‬
‫مؤّسسة الجامعة بأهمية االلتزام بمثل هذه القواع د الناظم ة لعم ل ك ّل ط رف ووف ق مب دأ‬
‫المسؤولّية األخالقّية بعد المسؤولّية القانونّية‪ ،‬وكّلما تمّسكنا بمبادئ أخالقّيات المهن ة ال ذي‬
‫سيأتي بيانها الحًقا‪ ،‬كّلما شاع األمان‪ ،‬والطمأنينة داخ ل الح رم الج امعي‪ ،‬وداخ ل األقس ام‬
‫والمدّر جات‪ ،‬وازداد الشعور لدى كّل طرف‪ ،‬وأمكننا اإلسهام بفاعلّية في الحركة التربوّي ة‬
‫والعلمّية داخل الجامعة وخارجها‪ .‬فإذا كانت النصوص القانونّية كقانون العمل مثاًل يضبط‬
‫المسؤولّيات والواجبات‪ .‬فإّن أخالقّيات المهنة‪ ،‬به ذه الص فة هي روح ه‪ ،‬وظالل ه الوارف ة‬
‫التي تحمي الشركاء في العملّية التعليمّية‪.‬‬

‫قواعد السلوك المهني وحدوده‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫يبدو أّن طبيعة العالقة بين الشركاء داخل الجامعة تزداد وضوًحا كّلما أمكنت‬
‫معرفة القواعد السلوكّية‪ ،‬واألخالقّية‪ ،‬التي يجب أن يتحّلى بها ك ّل ط رف‪ ،‬ويس هم ب دوره‬
‫في أداء واجباته كاملة‪ ،‬فإن كان دور األستاذ ينصّب ح ول التعليم فإّن ه يتعّين على الط الب‬
‫االّتجاه نحو التعّلم‪ ،‬بصفته النشاط الذاتي ال ذي ينبغي على الط الب اِال ض طالع ب ه ك اماًل ‪،‬‬
‫وآداء واجباته البيداغوجّية المختلفة‪ ،‬من أعمال موّجهة أو عروض وُبحوث إلثراء معارفه‬
‫العلمّي ة‪ ،‬وتنمي ة ُم كتس باته المعرفّي ة‪ ،‬ال تي هي الطري ق الص حيح نح و تحقي ق أهداف ه‪،‬‬
‫ويضطلع األستاذ بدوره في توجيه طلبته ودعمهم علمًّيا ومعرفًّيا لمواجهة كّل الص عوبات‪،‬‬
‫وما التقييم إاّل مرحلة من مراحل المسار البيداغوجي الذي يسلكه الطالب‪.‬‬

‫لتمتّد هذه القواعد السلوكّية لتشمل العالقة بين الطالب وأستاذه التي ال يجب أن تهتّز لس بب‬
‫من األسباب‪ ،‬إذ العالقة بينهما بمثابة العالقة بين األب وابنه‪ ،‬تماًم ا مث ل عالق ة المش رف‬
‫بطالبه‪ ،‬التي يحرص فيها المشرف على مساعدة طالبه في تجاوز الص عوبات والعراقي ل‪،‬‬
‫التي تواجهه‪ ،‬لتمضي العالقة بينهما في موّد ة إلى أبعد مدى‪.‬‬

‫‪ ‬مجاالت أخالقّيات المهنة‪:‬‬

‫ب العودة إلى تعري ف األخالقّي ات كونه ا "مجموع ة القيم والنظم الُم حّقق ة للمع ايير‬
‫العليا المطلوبة في آداء األعمال الوظيفّية والتخصصّية‪ ،‬وفي أس اليب التعام ل داخ ل بيئ ة‬
‫العم ل فتط بيق مب ادئ أخالقّي ات المهن ة وتنفي ذها ي ؤّثر إيجاًب ا على آراء الهيئ ات‬
‫والمؤّسسات"‪.‬‬

‫لذلك لقد جاء في الشعر العربي‪:‬‬

‫إّن المعّلم والطبيب كالهما ال َينـــَصَحـــان إن هما لم‬


‫ُيكــَرمـــا‬
‫فصبٌر لدائك إن أهْنَت طبيًبـــا وصبًرا لجهِلــك إن‬
‫جَفْوَت ُمعِّلًمـــا‬
‫والمقص ود هن ا ه و اح ترام الط بيب ال إهانت ه‪ ،‬فق د أثبتت األزم ة الص حّية الحالي ة حجم‬
‫التض حيات ال تي تص طلح به ا األطقم الطبّي ة في إنق اذ األرواح بالّس هر على ص ّحتهم‬
‫ومعالجتهم‪.‬‬
‫كذلك األمر بالنسبة للمعّلم أو األستاذ‪ ،‬الذي ال ينبغي ُنكران الجمي ل‪ ،‬فه و األب العط وف‪،‬‬
‫واألخ الك ريم‪ ،‬ال ذي يش فق على أخط اء تالمي ذه‪ ،‬فكي ف لن ا أن نقاب ل الجمي ل بالص ّد أو‬
‫الجحود‪.‬‬

‫ومن خالل اإلشارات السابقة‪ ،‬تبّين لنا أّن مجاالت أخالقّيات المهن ة متع ّد دة‪ ،‬بتع ّد د‬
‫الوظ ائف والمهن‪ ،‬ولم تج زم دراس ة عن أّي المهن ب دأت "ه ذه األخالقّي ات"‪ .‬ولكن ثّم ة‬
‫إش ارات في الدراس ات الطبّي ة أّن أّو ل مج ال ح اول أه ل اِال ختص اص في ه ض بطه به ذه‬
‫المعايير والنظم األخالقّية‪ .‬يع ود إلى أوائ ل الس تينات بالوالي ات المّتح دة األمريكّي ة "لقــد‬
‫شهد النصف الثاني من القرن العشــرين الــذي وّدعنــاه‪ ،‬تطـّو ًر ا هاًّم ا وتقــّد ًم ا عظيًم ا في‬
‫مجموعة من الميادين المعرفّي ة النظرّي ة والتطبيقّي ة‪ ،‬ومن بينهــا ميادين الطّب وعلــوم‬
‫الصــّح ة‪ ،‬وعلــوم الحياة حيث تحّققت في مجالهــا ثــورة مذهلــة‪ ،‬وكــانت لهــذه الثــورة‬
‫انعكاًس ات واضًح ة تجّلت في ظهور مشاكل أخالقّية ال عهد للمجتمعات البشرّية بها سابًقا‬
‫ولم تكن في يوم من األّي ام موضــــوًعا من موضــــوعات الفكــــر الفلســــفي األخالقي‬
‫التقليدي"(‪.)1‬‬

‫نظًرا لالنتكاسات المتكّر رة التي عرفها مجال الطّب في ال و‪ .‬م‪ .‬أ مثلم ا أس لفنا ال ّذ كر‪ ،‬فق د‬
‫كان هذا الوضع "الباعث على القلق والحيرة‪ ...‬وبالفعــل فقــد ُت ِّو ج هــذا الــوعي األخالقي‬
‫القلق والحذر بظهور مجــال فكــري جديد للتفكــير يهتّم بالمشــاكل األخالقّي ة الناجمــة عن‬
‫الُم مارسات واألبحاث والدراسات المعاصرة في علــوم الصــحة والحياة‪ ،‬وقــد أطلــق على‬
‫هذا المبحث المعرفي الجديد ِاسم ‪ ،Bioéthique‬وكــانت أمريكــا الشــمالّية الــوطن األّو ل‬
‫لميالده ونشأته"(‪.)2‬‬

‫‪ - 1‬عبد الرزاق الداوي‪" ،‬حول إشكالّية ميالد مفهوم جديد" في محمد مفتاح وآخرون‪ ،‬المفاهيم وتكّونها‬
‫وسيرورتها‪ ،‬منش ورات كلّي ة اآلداب والعل وم االنس انّية‪ ،‬سلس لة ن دوات ومن اظرات رقم ‪ ،87‬الرب اط‪،‬‬
‫‪ ،2000‬ص‪.21‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫كقض ايا إش كالّية "الم وت ال رحيم" في تس اؤل‪" :‬هــل من المشــروع أن ُيعطي الشــخص‬
‫المريض المهّدد بالموت حتًم ا حّق اإلقدام على قتل نفسه‪ ،‬إّم ا بنفسه أو بمســاعدة الغــير‪،‬‬
‫اختصاًر ا لمرحلة الُم عاناة؟"(‪.)3‬‬

‫وتبدأ قضّية الكشف عن هذه الفضائح سنة ‪ ،1966‬تزامًنا م ع نش ر الط بيب ه نري‬
‫بيش ر ‪ Henry Beecher‬مق ااًل تحت عن وان "األبحـــاث الطبّي ة واألخالق" تن اول‬
‫موضوعات حّساسة تمّس كرامة اِال نسان وتتشافى مع مدّو نة األخالق الطبّي ة‪ ،‬بكش ف عن‬
‫"سلسلة التجارب الطبّية ُأجِرَيت في تلــك المستشــفيات لم تحــترم فيهــا القواعــد وال القيم‬
‫األخالقّية‪ ،‬ونورد منها حاالت غدت مشهورة في أدبّيات أخالقّيات الطب والبيولوجيا (‪:)4‬‬

‫في سنة ‪ ،1963‬تّم حقن خاليا سرطانّية حّية في أجســام مرضــى عجــزة من أجــل‬ ‫‪-‬‬
‫اختبار مدى مقاومتهم ومناعتهم ضّد السرطان‪.‬‬
‫ابتداء من سنة ‪ُ ،1932‬أجــريت تجــارب طبّي ة على ‪ 400‬من الزنــوج األمريكــيين‬ ‫‪-‬‬
‫المرضى بداء الزهري‪ ،‬وقد حـرم هــؤالء من العالج بالبنيســلين‪ ،‬وهــو دواء أثبت‬
‫فعاليته بالنسبة لهذا المرض‪ ،‬وذلك من أجل اختبار مفعول دواء آخر وتعرف هذه‬
‫القضّية بقضّية ‪. Affaire tuskageé‬‬
‫ما بين ‪ 1950‬و‪ 1970‬تّم حقن مجموعة من المرضى نــزالء مستشــفى األمــراض‬ ‫‪-‬‬
‫العقلّية بفيروس االلتهاب الكبدي من أجل معرفة مراحل تطّو ر هذا المرض‪ ،‬ولقــد‬
‫هّز ت هذه السلسلة من التجارب الطبّية ضمير الرأي العام األمريكي‪ ،‬وأعادت إلى‬
‫الذهن صور نماذج من التجارب الطبّية الفظيعة الــتي كــانت تجــري على األسرى‬
‫في معسكرات االعتقال في ألمانيا إبان الحرب العالمّية الثانية‪ ،‬والتي كشفت عنها‬
‫محاكمة بورنبرغ الشهيرة سنة ‪".1947‬‬

‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.22‬‬


‫‪ - 4‬عبد الرزاق الداوي‪" ،‬حول إشكالّية ميالد مفهوم جديد" في محمد مفتاح وآخرون‪ ،‬المفاهيم وتكّونها‬
‫وسيرورتها‪ ،‬منش ورات كلّي ة اآلداب والعل وم االنس انّية‪ ،‬سلس لة ن دوات ومن اظرات رقم ‪ ،87‬الرب اط‪،‬‬
‫‪ ،2000‬ص‪ 24‬وما بعدها‪.‬‬
‫فالح االت الس ابقة‪ ،‬ألّحت على المش رعين والق انونيين وكب ار علم اء الطّب والحي اة إلى‬
‫التفكير في أخالقّيات الطّب والبيولوجيا وحقوق االنس ان ف إلى "سنين قريبــة كــان الــدافع‬
‫العلمي إلى تطوير البحوث في الطب وعلوم الحياة ذا مرامي ِانســانّية واضــحة ومحــّددة‪،‬‬
‫تتمّثل قبــل كـّل شــيء في البحث عن سبل لمعالجـة بعض األمــراض المستعصــية وبعض‬
‫التشّو هات الناتجة عن األمراض الوراثّية‪ ،‬ويبدو اآلن وكأّن الدافع قــد تغّي ر وبــات يّتجــه‬
‫بخطى أسرع في القرن الواحد والعشرين نحو القيام بــدور الطبيعــة ذاتهــا‪ ‬وقــد ال يكــون‬
‫نجــاح تجربــة "االستنســاخ" سوى مؤّش رات أولى على مــا يمكن أن يحــدث في هــذا‬
‫الميدان"(‪.)5‬‬
‫ومن هنا كانت الحاجة ماّسة لتنظيم مجال الطب والوراثة وك ذلك إج راء العملّي ات‬
‫الجراحّية ذات العالقة بنقل األعضاء من األحياء إلى األحياء وغيرها من المسائل‪.‬‬

‫وهكذا بدأ االهتمام بهذا الميدان الحيوي ليمتّد المج ال إلى الص يدلة وعلم األدوي ة‪ ،‬فمج ال‬
‫"القانون" خاّص ة "التوثيق" منه‪ ،‬لينتقل بعدها التفكير في وضع "ميثاق أخالقّية المهن ة في‬
‫مجال "التعليم" و"المحاماة"‪.‬‬

‫والذي يعنينا ههنا ه و مج ال التربي ة والتعليم‪ ،‬وال ذي ظه رت في ه ظ واهر أحياًن ا‬


‫يعجز القانون والتشريعات والنظم الداخلّية على وصفها و"تقنينه ا"‪ ،‬م ا جع ل ال دعوة إلى‬
‫َأْخ َلقة المجال أمًرا هاًّم ا‪ ،‬نظًر ا لالنعكاسات السلبّية التي تثقل العالقات التي ينبغي أن تكون‬
‫سليمة وصحية بعيًدا عن السلوكات المشينة‪ ،‬سواء "االعت داءات الجس دّية" أو "الرمزّي ة"‬
‫مروًر ا إلى عدم طاعة أوامر الجهات المنتسب إليها و"اإلضرابات" الطويلة ال تي أض ّرت‬
‫كثيًر ا بمجال التعليم ناهيك عن المجال البحثي والمعرفي في عالقاتهما بالتحصيل الدراسي‬
‫والعلمي وإنجاز الواجبات العلمّية والبيداغوجّية المطلوبة‪.‬‬

‫‪ - 5‬عبد الرزاق الداوي‪" ،‬حول إشكالّية ميالد مفهوم جديد" في محمد مفتاح وآخرون‪ ،‬المفاهيم وتكّونها‬
‫وسيرورتها‪ ،‬منش ورات كلّي ة اآلداب والعل وم االنس انّية‪ ،‬سلس لة ن دوات ومن اظرات رقم ‪ ،87‬الرب اط‪،‬‬
‫‪ ،2000‬ص‪.33‬‬

You might also like