You are on page 1of 8

‫مجـزوءة المعرفـة‬

‫عبد الحميد اضليعة ‪ -‬مادة الفلسفة ‪ -‬ثانوية المصلى ‪ -‬العيون‬


‫*مجاالت المجزوءة‪:‬‬
‫‪ -1-‬تقديم عام‪:‬‬ ‫أ‬
‫يشكل الوجود البشري مجاال النشطة مختلفة تتوزع بين‪:‬‬
‫أ‬
‫‪ ‬نشاط عقلي‪ :‬يروم إنتاج االفكار وبالتالي تحقيق البعد المعرفي كمجال لهذا النشاط‪.‬‬
‫‪ ‬نشاط عملي‪ :‬يرتبط بالواقع ويتداخل فيه الذاتي والموضوعي‪.‬‬
‫أ‬
‫يتجه النشاط االول إلى فهم الواقع بكل مجاالته وفق رهانات محددة‪:‬‬
‫أ‬
‫‪ ‬بناء نظريات وتصورات تتوزع اساسا بين العلوم الحقة والعلوم اإلنسانية‪.‬‬
‫أ‬
‫‪ ‬إنتاج الحقيقة وفق ادوات ومعايير محددة‪.‬‬
‫أ‬
‫من جهة اخرى تدخل مجزوءة المعرفة ضمن مجال اإلبستمولوجيا من خالل القضايا واإلشكاالت التي تثيرها والمفاهيم‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫التي تعتمدها واالطروحات التي تناولتها‪ ،‬مع إن اإلبستمولوجيا تعني الدراسة النقدية للمعرفة العلمية او بصيغة ادق‪ :‬فلسفة‬
‫العلوم‬
‫أ‬
‫‪ -2-‬الوضعية‪ -‬المشكلة‪:‬‬
‫يتحدث نص برتولد بريشت* من ك تاب "حياة جاليلي" وضعية توظيف التلسكوب في القرن ‪ 17‬في المجال العلمي وما افرزه‬
‫من مشكالت تتعلق ب‪:‬‬
‫أ‬
‫‪ -‬إك تشاف التلسكوب وتاثيره على المالحظة والتجربة‬
‫‪ -‬دور العقل في العلم‬
‫‪ -‬طبيعة الحقيقة المرتبطة بهذا اإلك تشاف‬
‫هذه القضايا تسمح بطرح التساؤالت التالية‪:‬‬
‫‪ -‬ما دور العقل في العلم بعد اك تشاف التلسكوب وتطور التجربة؟‬
‫أ‬
‫‪ -‬كيف تساهم المالحظة في النظرية العلمية اوال والحقيقة ثانيا؟‬
‫‪ -‬ثم كيف تتحدد الحقيقة فلسفيا وعلميا؟ وما طبيعتها ومعيارها؟‬

‫‪ -3-‬عالقة المفاهيم (الدروس) بمجزوءة المعرفة‪:‬‬


‫‪ ‬النظرية والتجربة إاحدى إامكانات التفكير في المعرفة ا إالنسانية وخاصة المعرفة العلمية‬
‫‪ ‬الحقيقة غاية كل معرفة‬

‫‪..........................................................................................................................‬‬
‫*‪ Bertold Brecht‬شاعر وملحمي ومسرحي الماني تشبع بالفكر الماركسي وبمواجهته للنازية وللفكر الفاشي بالمانيا اهتم بالفلسفة والطب والعلم واالدب‬
‫والفن‪ ،‬وساهم في نهاية الحرب العالمية االولى كممرض‪ .‬عاش بين ‪ 1898‬و‪ .1956‬اول اعماله االدبية كانت في سن ‪ 16‬من عمره‬

‫‪1‬‬
‫النظرية والتجربة ‪La Théorie et L’Expérience‬‬
‫مجـ ـ ـ ـ ـ ــاالت المفه ـ ـ ـ ـ ــوم‪:‬‬
‫‪ -1-‬تقديم عام‪:‬‬
‫تشكل النظرية والتجربة إاحدى إامكانات التفكير في المعرفة إاالنسانية‪ .‬احد اوجه هذه المعرفة هو المعرفة العلمية مما يجعلنا امام‪:‬‬
‫‪ -‬المعطيات الحسية بين جمعها وتنظيمها وبين ربطها باسئلة نظرية‪.‬‬
‫‪ -‬المعرفة العلمية وعالقتها مع التجربة‪.‬‬
‫‪ -‬النظرية العلمية وكيفية تفسيرها وفهمها للواقع‪.‬‬
‫‪ -‬العقالنية العلمية وعالقتها بالنظرية والحقيقة ‪...‬‬
‫هذه القضايا في تفاعلها تثير إاشكاالت إابستمولوجية دقيقة ومتعددة‪.‬‬
‫‪ -2-‬الحديد الفلسفي لمفهومي النظرية والتجربة‪:‬‬
‫تتحدد النظرية في المعجم الفلسفي ل ‪ André Lalande‬ك" إالنشاء تاملي يربط نتائج بمبادىء"‬
‫اما ‪ J.Russ‬فترى في معجمها الفلسفي ان النظرية تتحدد من خالل ثالث عالقات‪:‬‬
‫‪ -‬عالقة ترادف‪ :‬تشير النظرية إالى النظام‬
‫‪ -‬عالقة ترابط‪ :‬تترابط مع المعرفة العلمية‪ ،‬التجربة‪ ،‬التامل ‪ ،Spéculation‬المبدا‪ ،‬القانون‪ ،‬الواقع ‪...‬‬
‫‪ -‬عالقة تضاد‪ :‬النظرية ضد التطبيق‬
‫اما التجربة مع ‪ Russ‬ترى انها فلسفيا تشير إالى المعرفة المكـتسبة عبر الحواس وابستيمولوجيا تعني فعل مالحظة الواقع للتحقق من‬
‫فرضية ما‪ ،‬كما تتحدد هي ايضا من خالل ثالث عالقات‪:‬‬
‫‪ -‬عالقة ترادف‪ :‬إاختبار ‪ ،Epreuve‬المعطيات‪ ،‬المحاولة ‪...‬‬
‫‪ -‬عالقة ترابط‪ :‬معرفة ‪ ،Connaissance‬فرضية ‪ ، Hypothèse‬إامبريقية ‪Empirique‬‬
‫‪ -‬عالقة تضاد‪ :‬الالتجربة‬
‫‪ -3-‬المجال ا إالشكالي‪:‬‬
‫يثير نص ‪ Emmanuel Kant‬من مؤلفه "نقد العقل الخالص" قلقا فلسفيا يتمثل في سؤال‪ :‬ما طبيعة النظرية العلمية؟ وما موقع‬
‫العقل والتجربة في بنائها؟ واستحضارا للدالالت السابقة تتاسس القضايا إاالبستمولوجية التالية‪:‬‬
‫‪-‬ا‪ -‬دور التجربة في النظرية العلمية‬
‫‪-‬ب‪ -‬طبيعة العقالنية العلمية‬
‫‪-‬ج‪ -‬معيار علمية النظرية العلمية‬

‫‪ -I-‬التجربة والتجريب‪:‬‬

‫دور التجربة في النظرية العلمية‬

‫التجربة ليست اساسها‬ ‫التجربة اساسها‬


‫‪A.Einstein‬‬ ‫‪C.Bernard‬‬

‫‪-‬قضية المحور إاالبستمولوجية‪ :‬دور التجربة في النظرية العلمية‬


‫المفارقة‪ :‬التجربة اساس ‪ /‬التجربة ليست اساس ( التماسك المنطقي)‬
‫‪ -‬إاشكاليته‪ :‬اين يتحدد دور التجربة في النظرية العلمية؟ هل باعتبارها تشكل اساسا لها؟ ام انها ليست اساسها وال مصدرها؟‬

‫‪2‬‬
‫‪-‬ا‪ -‬على مستوى المفاهيم‪:‬‬
‫الواقع‪Reel :‬‬ ‫‪ -‬التجريب‪Expérimentation :‬‬ ‫‪ -‬التجربة‪Expérience :‬‬
‫ياخذ الواقع داللتين في تاريخ العلم‪:‬‬ ‫‪ -‬المعنى العام‪ :‬فن الحصول على‬ ‫‪-‬فلسفيا‪ :‬المعرفة المكـتسبة عبر‬
‫‪-‬قبل القرن ‪ 19‬اتخذ الواقع بعدا ماديا طبيعيا (الفزياءالكالسيكية)‬ ‫تجارب دقيقة‬ ‫الحواس‬
‫‪-‬ابتداء من القرن ‪ 19‬اتخذ الواقع بعدا عقليا رياضيا (الفزياء المعاصرة)‬ ‫‪ -‬المعنى الخاص‪ :‬االساس العملي‬ ‫‪ -‬إابستمولوجيا‪ :‬مالحظة الواقع‬
‫للمنهج التجريبي‬ ‫للتحقق من فرضية ما‬
‫‪-‬ا‪ -‬على مستوى االطروحات‪:‬‬
‫‪ -1-‬إاالتجاه التجريبي في العلم‪ :‬التجربة اساس النظرية العلمية‪:‬‬
‫*موقف كلود برنارد‪( Claude Bernard :‬طبيب وفزيولزجي فرنسي ‪)1878-1813‬‬
‫يعتبر ‪ Bernard‬احد منظري ومؤسسي المنهج التجريبي في القرن ‪ .19‬ففي مؤلفه "المدخل لدراسة الطب التجريبي" يرى ‪ Bernard‬ان العلم ال يتخذ صفة‬
‫الدقة إاال عندما يهتم بالنظرية والتطبيق التجريبي في نفس الوقت‪ .‬وان بلوغ الحقيقة في العلم يشترط في العالم امتالك فكرة للفحص علميا والتاكد من‬
‫الوقائع ذات الصلة بها من جهة‪ ،‬ومن جهة ثانية استخدام كل الوسائل لجعل المالحظة اكـثر دقة وشمولية‪.‬‬
‫إان التراكم العلمي و المنهجي الذي خلفه غاليلي ونيوتن وغيرهما جعال ‪ Bernard‬ينتهي بوضع قواعد المنهج التجريبي والتي تتحدد في‪:‬‬
‫‪-‬ا‪ -‬المالحظة‪ :‬هي اول خطوة منهجية في عمل العالم‪ .‬وتعتمد كل االدوات التي تجعل مالحظة الظاهرة اكـثر دقة شمولية‪ .‬إانها تقتضي الموضوعية بعيدا‬
‫عن ذاتية العالم الذي يجب ان يكون كالة تصوير تنقل بدقة ما هو موجود في الطبيعة‪ .‬ثم ينتقل العالم إالى وضع الفرضيات‪.‬‬
‫‪-‬ب‪ -‬الفرضية ‪ :‬هي فكرة مؤقتة يقترحها العالم لتفسير ظاهرة معينة‪ ،‬وتستبدل بفرضية اخرى إاذا لم تثبت صحتها تجريبيا‪.‬‬
‫‪-‬ج‪ -‬التجربة‪ :‬هي الخطوة االساس في المنهج التجريبي‪ .‬هنا يتدخل العالم في الظاهرة المدروسة ويعيد صناعتها في المختبر من خالل شروط قابلية‬
‫التكرار والحتمية وقابلية التعميم على ظواهر من نفس النوع وبنفس الظروف‪ .‬إان التجريب كما يقول ‪ Bernard‬هو" االساس العملي للمنهج التجريبي" ومن ثم‬
‫النظرية العلمية‪.‬‬
‫‪-‬د‪ -‬القانون‪ :‬هو الخطوة االخيرة في المنهج التجريبي ويتحدد كعالقة ثابتة بين ظاهرتين او اكـثر‪.‬‬
‫هذه القواعد المنهجية تمنح النظرية العلمية قيمتها العلمية‪ .‬والنظرية لن تكون شيائ اخر غير الفكرة العلمية المراقبة من طرف التجربة اما دور العقل‬
‫فيها ال يصلح إاال إالستنباط النتائج‪.‬‬
‫وهكذا يتضح مع ‪ Bernard‬ان التجربة تشكل اساس النظرية العلمية ومعيار علميتها‪ .‬لكن هل التجربة لوحدها كافية بان تكون كذلك؟‬
‫*قيمة االطروحة‪ :‬تكـتسب االطروحة قيمة اساسية تتمثل من جهة في بعدها العلمي مما يمنح النتائج المترتبة عن التجربة دقة ومصداقية‪ ،‬ومن جهة‬
‫ثانية بالنظر إالى التطورات العلمية الكبيرة نجد انها قامت على اساس التجربة ولعل اخرها إاكـتشاف لقاح فيروس كورونا‪.‬‬
‫*قيمة االطروحة‪ :‬بالنظر الطروحة هذا إاالتجاه وما استندت عليه من حجاج تبقى محدودة‪ .‬بحيث هل من المنطقي إاقصاء دور العقل في تحديد‬
‫النظرية العلمية؟ وكيف استطاع العقل ان يؤسس نظريات علمية كبيرة ويمنحها كـثيرا من المصداقية والدقة؟‬
‫‪ -2-‬إاالتجاه العقالني في العلم‪ :‬التجربة ليست اساس النظرية العلمية‪:‬‬
‫*نموذج موقف البير إانشتين ‪( A.Einstein‬فزيائي الماني ‪)1955 -1879‬‬
‫يتاطر موقف ‪ Einstein‬ضمن العقالنية العلمية المعاصرة‪ .‬بحيث في مؤلفه "كيف ارى العالم؟" يرى ‪ Einstein‬ان الفيزياء النظرية هي عبارة عن نسق‬
‫من القوانين واالفكار وان العقل يشكل اساس بن اء هذا النسق بما في ذلك المعطيات التجريبية‪ .‬وفي هذا السياق يعتبر النظرية العلمية وخاصة الفزيائية دون‬
‫قيمة علمية وموضوعية إاذا لم تقم على التماسك المنطقي واالنسجام والوحدة‪.‬‬
‫إان نسق الفيزياء النظرية في نظره بمفاهيمه ومبادئه هي مجرد إابداعات حرة للعقل البشري‪ .‬إوان عمل العقل ودوره يتاطران ضمن بناء رياضي عقلي‬
‫خالص وهو القادر في نظر ‪ Einstein‬على فهم الظواهر الطبيعية دون إاالستناد للتجربة التي لم تعد هي المنبع واالصل الذي تصدر عنه النظريات العلمية‬
‫وهنا يقول ‪ ": Einstein‬إان المبدا الخالق في العلم ال يوجد في التجربة بل في العقل الرياضي" واساسا التماسك المنطقي الذي يعد معيار النظرية والحقيقة‬
‫العلميتين‪.‬‬
‫◄ وهكذا يتضح مع ‪ Einstein‬ان اساس النظرية العلمية ال يتحدد في التجربة بل في التماسك المنطقي‪.‬‬
‫*قيمة االطروحة‪ :‬تكـتسب االطروحة قيمة اساسية تتمثل في انها اعطت للعقل الرياضي اهمية قصوى في بناء وتحديد النظرية العلمية وخاصة منها‬
‫النظرية الفزيائية وهو ما سيعطي الفرصة في تناسل النظريات‪.‬‬

‫◄◄خالصة تركيبية للمحور االول‪:‬‬


‫تاسيسا على مجموع ما سبق‪ ،‬يتبين ان إاشكال دور التجربة في النظرية العلمية قد طبعه تعدد المواقف لتعدد التصورات‬
‫إاالبستمولوجية واختالفها‪ .‬إفاذا كان‪ Bernard‬قد اعتبرها اساسا لها‪ ،‬إفان بالمقابل ‪ Einstein‬يعتبرها ليست اساسها وال مصدرها مركزا‬
‫على التماسك المنطقي كاساس‪ .‬وهنا يمكن االتفاق مع ‪ Bernard‬حول التجربة من خالل سياقها التاريخي‪ ،‬كما يمكن االتفاق مع‬
‫‪ Einstein‬حول التماسك المنطقي ومن خالله العقل الرياضي الن موقفه يدفع إالى مزيد من البحث والثورة العلميين في مجال الفيزياء‪.‬‬
‫وهنا نتساءل‪ :‬ما طبيعة العقل العلمي؟ هل يمكن اعتباره تجريبيا؟ ام انه إابداعي؟‬

‫‪3‬‬
‫‪ -II-‬العقالنية العلمية‪:‬‬
‫يمكن التميز هنا بين مستويين‪:‬‬
‫المستوى االول‪:‬‬
‫طبيعة العقالنية العلمية‬

‫عقالنية متحررة منفتحة متحررة‬ ‫عقالنية مقيدة منغلقة ثابتة‬


‫العقالنية الكالسيكية‬ ‫العقالنية الكالسيكية‬
‫‪- ‬قضية المحور ا إالبستمولوجية‪ :‬طبيعة العقالنية العلمية‬
‫‪ ‬المفارقة‪ :‬ا إالنغالق والثبات والقيد في مقابل ا إالنفتاح والتغير والتحرر‬
‫‪ - ‬إاشكاليته‪ :‬ما طبيعة العقالنية العلمية؟ هل باعتبارها ثابتة منغلقة مقيدة؟ ام انها متغيرة منفتحة حرة؟‬
‫إاجابة عن هذا ا إالشكال‪ ،‬يمكن استحضار ما يلي‪:‬‬
‫يرتبط القول في طبيعة العقالنية العلمية بطبيعة المرحلة التاريخية التي تنتمي إاليها‪ .‬وهنا يمكن التمييز في تاريخ‬
‫العلم بين مرحلتين كبيرتين اساسيتين‪:‬‬
‫‪ -1-‬العقالنية العلمية كعقالنية ثابتة منغلقة مقيدة‪:‬‬
‫*يرتبط هذا القول بالعقل علمي كالسيكي الذي امتد من القرن ‪ 7‬ق‪.‬م إالى بداية القرن ‪ .19‬وتميزت باستناد العقل‬
‫العلمي لمبادئ عقلية ومنطقية كمبدا الهوية ومبدا عدم التناقض ومبدا الثالث المرفوع‪ ...‬من جهة‪ ،‬كما قام العلم‬
‫الكالسيكي ومنه الرياضيات الكالسيكية على اسس كالتعريفات والمسلمات والبديهيات‪ .‬وكمثال على هذه البديهيات "الكل‬
‫اكبر من الجزء" التي جعلت العقل العلمي غير قادر على تجاوز ذاته وظل مقيدا بها ال كـثر من ‪ 25‬قرن من الزمان إالى ان‬
‫تجاوزها مع العقل العلمي المعاصر‪ .‬هذه المبادئ والمنطلقات جعلت العقل العلمي ذو طبيعة مقيدة منغلقة‪.‬‬

‫‪ -2-‬العقالنية العلمية كعقالنية متغيرة منفتحة حرة‪:‬‬


‫* يرتبط هذا القول بالعقل العلمي المعاصر الذي انطلق مع القرن ‪ 19‬وتميز باكـتشافات علمية كبرى [في الرياضيات مثال‪:‬‬
‫نظرية المجموعات مع ج‪.‬كانتور والهندسات الالاوقليدية والمنهج االكسيوماتيكي‪ ...‬في الفيزياء (الميكروفزياء) مثال‪ :‬نظرية‬
‫كوانطوم الطاقة لماكس بالنك والميكانيكا التموجية مع لوي دوبروي ونظرية النسبية مع اينشتين‪ ] ...‬فتحت افاقا جديدة‬
‫على مستوى العقل العلمي مما اجبر الثورة على المبادئ واالسس والمنطلقات التي قام عليها العقل العلمي الكالسيكي‪ .‬إان‬
‫استناد الرياضيات المعاصرة للمنهج اال كسيوماتيكي الذي يقوم على منطلق اساسي هو االوليات ‪ Axiomes‬عوض‬
‫البديهيات وايضا على التماسك المنطقي كمبدا وكمعيار‪ ،‬وايضا ظهور حساب ا إالحتماالت وغيره جعل من العقل عقال علميا‬
‫رياضيا ذو طبيعة منفتحة‪.‬‬
‫يالحظ في تاريخ العلم ان ما سرى على العقل الرياضي يسري على العلوم االخرى كالفيزياء‪.‬‬
‫◄ وهكذا يتبين ان العقل العلمي في مرحلته الكالسيكية قد طبعه ا إالنغالق والقيد‪ ،‬وفي مرحلته المعاصرة تميز‬
‫با إالنفتاح والتحرر‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫المستوى الثاني‪:‬‬

‫‪- ‬قضية المحور ا إالبستمولوجية‪ :‬طبيعة العقالنية العلمية‬


‫‪ ‬المفارقة‪ :‬العقالنية التجريبية في مقابل العقالنية المبدعة‬
‫‪ - ‬إاشكاليته‪ :‬ما طبيعة العقالنية العلمية؟ هل باعتبارها ثابتة منغلقة مقيدة؟ ام انها متغيرة منفتحة حرة؟ ومن ثم‬
‫هل يمكن اعتبارها عقالنية تجريبية؟ ام انها عقالنية مبدعة؟ ام انها عقالنية مطبقة؟‬
‫إاجابة عن هذا ا إالشكال‪ ،‬يمكن استحضار ما يلي‪:‬‬
‫لقد ارتبطت العقالنية العلمية وطبيعتها بطبيعة المرحلة التاريخية (الكالسيكية والمعاصرة) التي اطرتها والتصورات العلمية‬
‫واالبستمولوجية التي تبنتها‪ . .‬وكنموذج لذلك نجد‪:‬‬‫إ‬
‫‪-‬ا‪ -‬العقالنية العلمية كعقالنية تجريبية‪:‬‬
‫*موقف كلود برنارد ‪( C.Bernard‬انظر نفس الحجاج بموقفه بالمحور االول)‬
‫ما دامت النظرية العلمية ومن خاللها العلم ال تتحدد إاال من خالل التجربة فالعقل العلمي سيكون عقال تجريبيا‬
‫◄وهكذا يتضح مع ‪ Bernard‬ان العقل العلمي عقال تجريبيا‪ .‬لكن ما حدود هذا التصور؟‬
‫‪-‬ب‪ -‬العقالنية العلمية كعقالنية مبدعة‪:‬‬
‫*موقف البير إانشتين ‪( A.Einstein‬فزيائي الماني ‪)1955 -1879‬‬
‫انظر نفس الحجاج بموقفه بالمحور االول‬
‫ما دامت النظرية العلمية إابداعا للمفاهيم والقوانين سيكون العقل العلمي عقال إابداعيا‬
‫◄ وهكذا يتضح مع ‪ Einstein‬ان العقل العلمي إبابداعه لمفاهيم وقوانين ومبادئ لفهم الطبيعة سيكون عقال مبدعا (عقالنية‬
‫مبدعة)‪ .‬لكن باي معنى يتم إاقصاء التجربة عن الفيزياء؟‬
‫‪-‬ج‪ -‬العقالنية العلمية كعقالنية ٌ‬
‫مطبقة‪:‬‬
‫* موقف غاستون باشالر‪)1884-1962( Gaston Bachelard :‬‬
‫مع العقل العلمي الجديد الذي يدعوه باشالر ‪ Bachelard‬ب"العقالنية المفتوحة" تحول مفهوم الواقع من واقع مادي محسوس مع‬
‫العقالنية الفزيائية الكالسيكية إالى واقع عبارة عن شبكة من العالقات تنسجها المعادالت والدوال الرياضية اي ان الواقع اصبح إانشاء‬
‫عقليا حرا ومستقال‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫إان العقالنية المفتوحة في نظره تاخذ المعلومات التي يقدمها إاليها الواقع فتجعل منها برنامج إانجازات الن "الظاهرة المنظمة اثرى‬
‫من الظاهرة الطبيعية"‪ .‬ومن هنا تكون مهمة العالم هي إابراز التماسك واالنسجام داخل العالم الفيزيائي اي الكشف عن منطقه الداخلي‬
‫وبالتالي اصبحت النظرية الفيزيائية فرضية استنباطية او اكيسومية تقوم على اوليات ‪ Axiomes‬عقلية‪.‬‬
‫داخل النظرية بهذا المعنى اي الفيزياء المعاصرة تتاسس عالقة جديدة بين العقل والتجربة بحيث هذه االخيرة تاخذ معطياتها من‬
‫العقل لتؤسس عالقات تتناسب بدقة مع نتائج النظرية‪ .‬والعقل يتوفر على إامكانات هامة للتاثير في الواقع وايضا خلق ظواهر ما كان‬
‫للطبيعة ان تقدمها لوحدها على ا إالطالق‪ .‬وبصيغة ادق تقتضي الفيزياء المعاصرة حوارا وثيقا بين العقل والتجربة‪ .‬وهذا التكامل بينهما‬
‫جعل باشالر يسمي العقالنية العلمية بالعقالنية المطبقة‪.‬‬
‫◄وهكذا يتضح مع ‪ Bachelard‬ان العقالنية العلمية عقالنية مطبقة لقيامها على تكامل العقل بالتجربة‪.‬‬

‫◄◄خالصة تركيبية‪:‬‬
‫انطالقا من مجموع ما سبق‪ ،‬ان إاشكال طبيعة العقل العلمي تبين انه يرتبط بطبيعة المرحلة التاريخية التي اطرته‪.‬‬
‫إانه مقيد منغلق في المرحلة الكالسيكية‪ ،‬منفتح متحرر مع المرحلة المعاصرة‪ .‬كما ان تعدد التصورات ا إالبستمولوجية‬
‫جعل طبيعة العقل العلمي متعددة بدورها‪ .‬مثال إاذا كان ‪ Bernard‬يعتبرها عقالنية تجريبية‪ ،‬و إاذا كان ‪Einstein‬‬
‫يعتبرها عقالنية مبدعة‪ ،‬إفان ‪ Bachelard‬يعتبرها عقالنية مطبقة قائمة على الحوار بين التجربة والعقل‪ .‬لكن اال يؤدي‬
‫تعدد التصورات ا إالبستمولوجية والعلمية إالى تعدد معايير علمية النظرية العلمية؟‬

‫‪ - III‬معيار النظرية العلمية‪:‬‬


‫تعريف مفهوم المعيار‪:‬‬
‫قاعدة او مقياس نستعمله للحكم على صدق قضية ما (المنطق) او من حيث قيمته الجمالية (الجمال) او على التصرف (االخالق)‬
‫وفي العالقة إباشكال المحور‪ ،‬يكون المعيار هو المقياس الذي نستعمله للحكم على علمية وصدق نظرية علمية ما‪.‬‬

‫‪- ‬قضية المحور إاالبستمولوجية‪ :‬معيار علمية النظرية العلمية‬


‫‪ ‬المفارقة‪ :‬العقالنية التجريبية في مقابل العقالنية المبدعة‬
‫‪ - ‬إاشكاليته‪ :‬اين يتحدد معيار علمية النظرية العلمية؟ هل في التجربة؟ ام في التماسك المنطقي؟ ام في التكذيب التجريبي ؟‬
‫إاجابة عن هذا إاالشكال‪ ،‬يمكن استحضار بعض التصورات إ‬
‫واالتجاهات ا إالبستمولوجية‪:‬‬
‫‪ -1-‬اطروحة إاالتجاه التجريبي‪ :‬التجربة معيار علمية النظرية العلمية‪:‬‬
‫*موقف كلود برنارد ‪( C.Bernard‬انظر نفس الحجاج بموقفه بالمحور االول)‬
‫ما دامت النظرية العلمية ومن خاللها العلم ال تتحدد إاال من خالل التجربة إفان معيارها لن يكون إاال التجربة‬
‫◄وهكذا يتضح مع ‪ Bernard‬ان التجربة تشكل معيارا لعلمية النظرية العلمية‪ .‬لكن ما حدود هذا التصور؟‬
‫‪6‬‬
‫‪ -2-‬اطروحة إاالتجاه العقالني‪ :‬التماسك المنطقي معيار علمية النظرية العلمية‪:‬‬
‫*موقف البير إانشتين ‪( A.Einstein‬فزيائي الماني ‪)1955 -1879‬‬
‫انظر نفس الحجاج بموقفه بالمحور االول‬
‫ما دامت النظرية العلمية ال تتحدد إاال من خالل التماسك المنطقي إفان معيارها سيكون هو التماسك المنطقي‬
‫◄وهكذا يتضح مع ‪ Einstein‬ان التماسك المنطقي يشكل معيار علمية وصدق النظرية العلمية‪.‬‬
‫‪ -3-‬اطروحة كارل بوبر‪ :‬قابلية التكذيب التجريبي معيار علمية النظرية العلمية‪:‬‬
‫يرى كارل بوبر ‪( Karl Popper‬فيلسوف و إابستمولوجي نمساوي ‪ )1994-1902‬في مؤلفيه "منطق الكشف العلمي" و"اسطورة‬
‫إاالطار" ان نظريات الفيزياء الحديثة منذ نيوتن ‪ Newton‬حتى إاينشين ‪ Einstein‬لها طابع تاملي مجرد وبعيدة عن القاعدة المالحظاتية‬
‫وبالتالي الدقة العلمية‪ .‬إان صدق النظرية ال يجب ان يخضع مطلقا للتحقق التجريبي‪ ،‬ولهذا إفان المعيار الصحيح لصدقها في نظره كما‬
‫يقول ‪":‬لقد اقترحت‪ ...‬القابلية للدحض والقابلية للتكذيب‪ ...‬فال يمكن ان نقول نظرية ما قد تم تاكيدها من طرف التجربة إاال إاذا نجحت‬
‫في مقاومة الضغط الذي تمارسه عليها محاوالت تكذيبها"‪.‬‬
‫إان التجربة إاذن ال تحسم في نظره في صالحية النظرية العلمية فقط بل ايضا ال تحسم حتى في صالحية القوانين العلمية العامة‪،‬‬
‫وهكذا يمكن القول إان معيار صالحية نظرية علمية ما ليس هو مطابقتها للتجربة بل قابليتها للدحض ‪ Réfutation‬والتكذيب‬
‫‪ falsification‬إان جوهر العلم هو انه يمكننا من دحض نظرية ما بوقائع مخالفه‪ .‬وبصيغة ادق "يجب ان يكون كل نسق ينتمي إالى مجال‬
‫العلم التجريبي قابال الن يدحض بواسطة التجربة"‪ .‬يسمي ‪ Popper‬هذا المعيار ايضا بمعيار إاالختبار النه يمكن من إاكـتشاف عيوب‬
‫نظرية ما‪ ،‬كما يسميه بمعيار التمييز النه يسمح بتمييز النظريات التجريبية عن النظريات غير التجريبيبة‪.‬‬
‫◄ وهكذا يصبح قابلية التكذيب التجريبي معيار علمية النظرية العلمية مع ‪Popper‬‬
‫◄◄خالصة تركيبية للمحور‪:‬‬
‫انطالقا من مجموع ما سبق‪ ،‬يتبين ان إاشكال معيار علمية النظرية العلمية قد تميز تناوله بتعدد النظريات العلمية والتصورات إاالبستمولوجية مما‬
‫جعل معايير علميتها متعددة‪ .‬بحيث إاذا كان ‪ Bernard‬يركز على التجربة‪ ،‬إواذا كان ‪ Einstein‬يعتبر التماسك المنطقي معيار علميتها وصدقها‪ ،‬إفان ‪Popper‬‬
‫يقول بقابلية التكذيب التجريبي‪ .‬وهنا ال يمكن االتفاق مع تصور علمي او إابستيمولوجي معين إالختالف منطلقاتهم والمراحل التاريخية التي اطرت تصوراتهم ‪...‬‬
‫بل إان هذا التعدد يمنح للعقل والنظرية العلميين خصوبتهما المطلوبة‪.‬‬
‫استنتاجات عامة لدرس النظرية والتجربة‬
‫مضمونه‬ ‫نوع إاالستنتاج‬ ‫ر‪.‬ت‬
‫النظرية والتجربة إاحدى إامكانات التفكير في المعرفة إاالنسانية وخاصة المعرفة العلمية‬ ‫مجال الدرس‬ ‫‪01‬‬
‫‪ * ‬النظرية في معجم ‪ André Lalande‬ك" بناء عقلي يربط نتائج بمبادىء"‪ .‬وتترادف في نظر ‪ J.Russ‬مع مفهوم النظام‪،‬‬ ‫تعريف النظية‬ ‫‪02‬‬
‫وتتضاد مع التطبيق‪.‬‬ ‫والتجربة‬
‫‪ ‬اما التجربة مع ‪ : Russ‬فلسفيا تشير إالى المعرفة المكـتسبة عبر الحواس‪ ،‬وابستيمولوجيا تعني فعل مالحظة الواقع للتحقق من‬
‫فرضية ما‪ ،‬وتترادف مع إاختبار ‪ ،Epreuve‬والمحاولة وتتعارض مع الالتجربة‪.‬‬
‫بصدد إاشكال إاالبستمولوجي دور التجربة في النظرية العلمية‪ ،‬تبين ان اختالف المواقف والتصو ات الفلسفية جعل الموقف منه‬
‫ر‬ ‫خالصة تركيبية‬ ‫‪03‬‬
‫متعددا‪ ، ،‬بحيث إاذا كان ‪ Bernard‬يعطي للتجربة دورا اساسيا في العلم إفان ‪ Einstein‬يلغي اي دور لها مركزا على التماسك‬ ‫للمحور ‪I‬‬
‫المنطقي ‪.‬‬
‫بصدد إاشكال طبيعة العقل العلمي‪ ،‬تبين انه يرتبط بطبيعة المرحلة التاريخية التي اطرته‪ .‬إانه مقيد منغلق في المرحلة‬ ‫خالصة تركيبية‬ ‫‪04‬‬
‫الكالسيكية‪ ،‬منفتح متحرر مع المرحلة المعاصرة‪ .‬كما ان تعدد التصورات إاالبستمولوجية جعل طبيعته متعددة بدورها‪ .‬مثال إاذا كان‬ ‫للمحور ‪II‬‬
‫‪ Bernard‬يعتبرها عقالنية تجريبية‪ ،‬إواذا كان ‪ Einstein‬يعتبرها عقالنية مبدعة‪ ،‬إفان ‪ Bachelard‬يعتبرها عقالنية مطبقة قائمة‬
‫على الحوار بين التجربة والعقل‪.‬‬
‫بصدد إاشكال معيار علمية النظرية العلمية‪ ،‬تميز بتعدد النظريات العلمية والتصورات إاالبستمولوجية مما جعل معايير علميتها‬ ‫خالصة تركيبية‬ ‫‪05‬‬
‫متعددة‪ .‬بحيث إاذا كان ‪ Bernard‬يركز على التجربة‪ ،‬إواذا كان ‪ Einstein‬يعتبر التماسك المنطقي معيار علميتها وصدقها‪ ،‬إفان‬ ‫للمحور ‪III‬‬
‫‪ Popper‬يقول بقابلية التكذيب التجريبي‪.‬‬
‫درس النظرية والتجربة هو درس في القيم إاالنسانية العليا‪ :‬العلمية‪ ،‬العقالنية‪ ،‬الواقعية‪ ،‬المسؤولية‪ ،‬الحرية ‪ ...‬ضدا على التصورات‬ ‫قيم مفهومي‬ ‫‪06‬‬
‫التي تنظر ل إالنسان ولعالقاته ولعمله خارج ما هو علمي‪.‬‬ ‫النظرية والتجربة‬
‫يراهن مفهومي النظرية والتجربة على وعي إاالنسان العلمي بذاته وبعالقاته وبالواقع‪ ،‬من اجل تجاوز الكـثير من المظاهر الالعلمية‬ ‫رهانات الدرس‬ ‫‪07‬‬
‫التي طبعت وتطبع حياته‬
‫إاذا كان مجال النظرية والتجربة مجال علمي خالص‪ ،‬فهل سيسري ذلك على العلوم إاالنسانية؟ بل هل ترقى هذه العلوم إالى درجة‬ ‫إاالنقتاح على‬
‫العلمية؟‬ ‫إاشكال جديد‬
‫‪7‬‬
‫تمرين منزلي‪:‬‬

‫‪ .1‬ما معنى الحقيقة فلسفيا ثم ما معنى مفهوم الراي؟‬


‫‪ .2‬هل في نظرك يعترف العلم بالراي ام يعارضه؟‬
‫‪ .3‬ما هي المبررات التي يقدمها نص باشالر في الكـتاب المدرسي لموقفه ولعالقة الحقيقة بالراي؟‬

‫‪8‬‬

You might also like