Professional Documents
Culture Documents
المحاضرة الثانية علاقة الفلسفة بـ (العلم، الدين، الفن)
المحاضرة الثانية علاقة الفلسفة بـ (العلم، الدين، الفن)
تمهيد:
تعتبر إشكالية العالقة بين الفلسفة وغيرها من ميادين المعرفة اإلنسانية ومن أبرزها الدين
والعلم والفن من أبرز اإلشكاليات الفلسفية التي انشغل بها الفالسفة منذ مدة غير قريبة ،ولكنهم
اختلفوا في طبيعة العالقة بينها وبين هذه الميادين .ومن هنا يمكننا التساؤل ما طبيعة العالقة
بين الفلسفة وغيرها من فروع المعرفة؟ هل هي عالقة اتصال ام انفصال؟
-1عالقة الفلسفة بالعلم:
هناك مقولة شائعة مفادها" :تبدأ الفلسفة حيث ينتهي العلم" ،والتي يفهم منها أن النقطة
التي ينتهي عندها العلم تمثل نقطة البدء بالنسبة للفلسفة والفيلسوف .وكأن الفلسفة والعلم
منفصلين ال عالقة ألحدهما باآلخر ومن هنا نتساءل هل يمكن القول إن هذه المقولة تعبر
عن العالقة الحقيقية بين الفلسفة والعلم؟
أ -االختالف بين الفلسفة والعلم.
يستهدف العلم وصف الحقائق أو الظواهر والكشف عن قوانينها ،أما الفلسفة فهدفها تفسير
تلك الحقائق أو الظواهر وبيان سبب وقوعها .بمعنى أن العلم وصفي تقريري ومن ثم ينحصر
1
في بحث الظواهر فيتوقف عند العلل القريبة المباشرة ،في حين الفلسفة تفسيرية تعليلية أي
تتجاوز التقرير وتهتم بما وراء الظواهر فتبحث عن العلل غير المباشرة.
العلم موضوعي بينما الفلسفة ذاتية تشمل مواقف خاصة أي وجهات نظر شخصية ال
تحتمل التحقيق العلمي الذي نجريه على المشاكل العلمية فنصل بصددها إلى حلول يقينية
حاسمة .مما يعني أنه ال يمكننا الوصول إلى إجابات قاطعة بصدد أي مشكلة فلسفية.
تنظر الفلسفة إلى الكون أو الوجود نظرة كلية شاملة ،بينما ينظر العلم إلى الظواهر نظرة
ليكون موضوعات تدرسها مختلف جزئية متخصصة ،فيقتطع أجزاء من هذا الكل (الوجود) ّ
العلوم أي إذا كان العالم متخصصاَ في علم البيولوجيا فإنه يركز على دراسة ظواهر الحياة أو
الظواهر البيولوجية وإذا كان متخصصاَ في علم الفلك فإنه يدرس الظواهر الفلكية فقط وإذا كان
متخصصاَ في الطب فإنه يدرس الظواهر الصحية...إلخ بمعنى أن كل علم من العلوم يختص
بفرع من فروع المعرفة ويدرس جانباَ من جوانب الوجود ال يتعداه ،أما الوجود ككل في شموليته
واتساعه ،الوجود المطلق فإن العلم الوحيد القادر على دراسته هو الفلسفة.
بمرحل ثالث هي :مرحلة البحث وتشمل
يقوم العلم على المنهج التجريبي الذي يمر ا
أخير مرحلة البرهان وتشمل الطرق
المالحظة والتجربة ،ومرحلة الكشف وتشمل الفروض ،و ا
التجريبية للتحقق من صحة الفروض أو ما يسمى" التحقيق التجريبي للفروض" ،أما الفلسفة
فتقوم على المنهج التأملي.
درسة كمية مغفال الناحية الكيفية بينما تركز الفلسفة على
يدرس العلم التجريبي الظواهر ا
درستها للظواهر .أحكام العلم تقريرية أي ال تقرر أكثر مما هو موجود في
الجانب الكيفي عند ا
الواقع الخارجي ،أما أحكام الفلسفة فهي أحكام معيارية تبحث فيما ينبغي أن يكون أو فيما
يجب أن يكون وليس ما هو كائن بالفعل.
2
ب -نقاط االلتقاء بين العلم والفلسفة.
ال شك أن التفكير الفلسفي بوصفه تفكي اَر منهجياَ منظماَ يتالقى مع التفكير العلمي في
عدة نقاط أهمها:
إذا التفكير العلمي تفكي اَر نقدياَ يتجنب اآلراء السابقة واألهواء الذاتية واألحكام المتسرعة فإن
التفكير الفلسفي أيضاَ تفكير نقدي ال يتقبل فيه الفيلسوف أي حكم إالّ بعد أن يتساءل عن قيمة
هذا الحكم.
يدور التفكير العلمي في معظمه حول وقائع ،في حين أن التفكير الفلسفي قّلما يهتم بمالحظة
الظواهر واستقراء الواقع ،كذلك يالحظ أنه إذا كان الفالسفة فدأبوا حيناَ من الزمن على االكتفاء
بالمعلومات التي تقدمها التجربة الحسية العادية فإن من المؤكد اليوم أن االستعانة بالكشوف
العلمية الحديثة قد أصبحت هي قاعدة التفكير الفلسفي الحديث.
ج -صلة الفلسفة بالعلم.
صلة الفلسفة بالعلم وثيقة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ فاليونانيون كانوا يربطون بين
العلم والفلسفة فطاليس كان شخصية تجتمع فيها تجربة العالم وفكر الفيلسوف وكان فيثاغورس
رياضياَ وفيلسوفاَ وكانت مدرسته التي عرفت بالفيثاغورية بمثابة نهضة فكرية متعددة الجوانب
واهتمت بعلوم كثيرة في الزمن القديم كالرياضيات والموسيقى والفلك والطب ،وكان أفالطون
يطالب بضرورة دراسة الفيلسوف للرياضيات إلى جانب الفلسفة ومن ثم كتب على باب أكاديميته
"ال يطرق بابنا ما لم يكن رياضياَ" .كما أن مؤلفات أرسطو كانت بمثابة دائرة معارف حاوية
لعلوم عصره.
فالفلسفة عند اليونان كانت مرتبطة بالعلم ارتباطاَ وثيقاَ ،وقد ظل هذا االرتباط قائماَ في
العصر الوسيط في الشرق اإلسالمي والغرب المسيحي على السواء فالكندي مثالَ كان عالماَ
قبل أن يكون فيلسوفاَ ألنه اهتم بالدراسات الرياضية والطبيعية .ما نريد أن نؤكده أن الفلسفة
ظلت مرتبطة بالعلم في العصور الوسطى بدليل اهتمام فالسفة اإلسالم وغيرهم بالدراسات
واألبحاث العلمية المختلفة في فروع المعرفة من طب وصيدلة ورياضيات.
3
إن هذا االرتباط بين العلم والفلسفة لم يدم طويالَ ،ولكن سرعان ما بدأت العلوم في
االنفصال أو االستقالل مع مطلع العصر الحديث خاصة بعد الثورة التي قام بها أوغست
كونت ارئد االتجاه الوضعي ،وظهور التيار التجريبي على يد فرنسيس بيكون فاستقلت الفيزياء
أوالَ في القرن السابع عشر بفضل غاليليو وديكارت ونيوتن ألنها أرت ضرورة استناد أبحاثها
على المالحظة والتجربة دون أية فروض ميتافيزيقية.
ولكن يمكن القول إن نزعة العداء بين العلم والفلسفة التي شهدها القرن التاسع عشر لم
تدم طويالَ إذ سرعان ما تغير الحال في القرن العشرين وبدأ الوفاق يعود بينهما ،ألن العداء
أو االنفصال ال يمكن إال أن يكون إجحافاَ لكل منهما ،وعلى هذا األساس فقد أشار الفيلسوف
الفرنسي المعاصر غاستون باشالر (1884-1962) Gaston Bachelardإلى ضرورة
الربط بين العلم والفلسفة إذ ال يحق للفيلسوف أن ينفصل عن أرض التجارب العلمية أثناء
تفلسفه ،وأنه يجب أن يأخذ العلماء في اعتبارهم مذاهب الفالسفة ومجهوداتهم وخاصة التي
تهتم بالنقد وأن ال يستخفون بها ،فلكي يتقدم العلم ويستمر في تقدمه البد من االقتراب من
الفلسفة .مما يعني أن العالقة بين العلم والفلسفة عالقة وثيقة ومن ثم أصبح االنفصال الذي
يتصوره بعض العلماء فيما مضى ال معنى له.
Poiesis - 1كلمة يونانية تدل على عمل ابداعي لم يكن موجودا من قبل.
6
اعتمادا على المفاهيم .وبعبارة موجزة فهي تمثل نشاطا عقالنيا ال يرتد إلى العقل فقط بل
ويتوجه إليه أيضا.
ج -االختالف بين الفلسفة والفن:
انطالقا من المفهومين السابقين يبدو للوهلة األولى أنه ال وجود ألية عالقة بين هذين
النشاطين مادام الفن يتعلق بالمحسوس كمحتوى ووسيلة للتعبير ،أما الفلسفة فترتبط بالمجرد
كمحتوى والمفهوم كوسيلة للتعبير ،وبالواقع المفكر فيه باعتباره أكثر صدقا من المظاهر
المباشرة .ومن هنا يبدو أنه ال وجود للفلسفة في الفن وال وجود للفن في الفلسفة .بصيغة أخرى
إن الفلسفة ليست فنا ،كما أن الفن ليس فلسفة .ويتجلى االختالف بينهما بصورة جلية من
حيث المنهج بحيث يرتبط الفن بالعاطفة والخيال في حين ترتبط الفلسفة بالعقل ،ثم أن الفن
يتسم بالغموض ،وتدفق المعاني بينما تقوم الفلسفة على المفهوم وتتوخى صرامة المعاني
ووضوحها .ولهذا عندما يربط كانط الفن بالعبقرية يريد بذلك أن يقنعنا بأن الفن مختلف عن
الفلسفة من حيث إنه متعلق بالعبقرية .فالقول بأن الفنان عبقري معناه أنه ال يعرف بالضبط
ما يقوم به ،وال يستطيع تفسير عمله ،إننا هنا بعيدون عن روح الوعي بالذات ،بل وأيضا عن
مجال الوضوح ،فالعبقرية كما يحددها كانط كملكة األفكار اإلستيطيقية أي كتمثالت غير قابلة
لالختزال وال يمكن ردها إلى مفهوم محدد ألنها غير قابلة للتفكير.
وهكذا فنحن عندما نحلل عمال فنيا فنحن نهدف إلى إبراز مجمل الحياة اإلنسانية التي
ال يمكن اإلحاطة بدالالتها المتعددة ،وفي مقابل ذلك فالفلسفة عندما تتحدث عن هذه الحياة
فإنها تسعى إلى ذلك بقدر كبير من الوضوح .إن الفيلسوف الذي يدعي التفكير استنادا إلى
العبقرية ال يعتبر فيلسوفا ،إذ أن الفلسفة ليست وليدة العبقرية.
أما من حيث المضمون كما أشرنا من قبل فالفن ينتمي إلى مجال المظاهر الحسية التي
ال تقود إال إلى سطح األشياء ،في حين الفيلسوف يتعارض مع هذا المجال ،باعتبار الفلسفة
هي بحث عن الحقيقة فال تكتفي بما هو سطحي.
7
وعلى هذا األساس استبعد افالطون الفن من حقل الفلسفة واعتبره مقابال لها ،بل ويشكل
خطر عليها ،باعتبار الفن عنده ينتمي إلى مجال الخطابة ،فهو يخدع الحواس ويدجنها وبالتالي
ا
فهو يبعدنا عن الحقيقة .إن صورة الشاعر في الجمهورية (الكتابين 3و )9تتعارض مع صورة
الفيلسوف التي يرسمها لنا في الكتاب السابع .إن الفنان أو الشاعر بعيد عن الحقيقة بثالث
مرتب ،فعندما ينقل شيئا ما فإن ما ينقله ال يعدو أن يكون نسخة مشوهة لمثال الحقيقة .إن
ا
الشاعر يحيد عن الحقيقة ويدعي بلوغها في حين أنه ال يمتلك أية معرفة حقيقية .لذلك فهو
مختلف مع الفيلسوف ،ويمكن أن يعيقه عن القيام بوظيفته .إن الفن خطير والفلسفة تقوم بدور
التنبيه إلى ذلك .تتحدد الفلسفة إذن من خالل تعارضها مع الفن بتفوقها عليه ،لذلك ينبغي أن
تحل محله.
د -تجاوز التعارض بين الفلسفة والفن
● حاجة الفلسفة للفن:
إن الصراع األصلي بين والشعر والفلسفة الذي يتحدث عنه أفالطون في الكتاب السابع
من الجمهورية ،يعود أصله إلى خطاب الفيلسوف الذي يدل على أن الفلسفة جاءت لتحل محل
الشعر .في اليونان القديمة نشأ العقل ليحل محل األسطورة ويعارض مجال المظاهر الحسية.
غير أن هذا التحول يدل أيضا على أن الفن ضروري للفلسفة .لقد كانت الفلسفة باستمرار
تساؤال عن ماهية الفن ،فاعتبر هيجل الفن موضوعا جدي ار بالمعالجة الفلسفية إلى حد القول
بأن هناك فلسفة الفن توجد في قلب الفلسفة ذاتها .لقد شكل الفن بمفاهيمه الخاصة موضوعا
للتفكير والمساءلة الفلسفيين.
إننا نجد فالسفة أمثال جورج فيليب فريدريك المعروف باسم نوفاليس ()1801-1772
أو نيتشه )- )1900-1844( (Nietzscheصاحب كتاب هكذا تكلم زرادشت -قد وجدا أن
أفضل وسيلة لتمرير محتوى فلسفي هو الفن ،بالرغم مما ذهب إليه هيجل )-1770( (Hegel
)1831من أن للفن نفس مضمون الفلسفة ،غير أن الفن يعبر عنه بصورة أدنى من الصورة
التي تعبر بها الفلسفة .كما نجد الفرنسي ذو األصل الفرنسي وسيلي كانديسكي (Wassily
8
)-)1944-1866( Kandiskyمؤسس الفن التجريدي -يطابق بين الفن والميتافيزيقا فيرى
في كتابه البعد الروحي في الفن أن الفن يتوخى معرفة مطلقة باألشياء ،بحيث يجعلنا نرى ما
تخفيه عنا المظاهر الحسية.
● الفن من أفضل الوسائل لعرض مضمون الفلسفة:
هل صحيح أن مضمون الفلسفة ،كما نعتقد ،غير مالئم كأسلوب للعرض؟ أال يمكن
أن يكون الفن على العكس من ذلك أفضل وسيلة لنقل نمط من األفكار التي يريد الفيلسوف
أو الميتافيزيقي تقريبها؟
يرى رودولف كارناب )- )1970-1891( (R. Carnapمن فالسفة الوضعية
درسة له موسومة بتجاوز الميتافيزيقا بفضل التحليل المنطقي للغة (Le
المنطقية -في ا
)Dépassement de la métaphysique par l ‘analyse logique du langage
عام 1929م ،أنه كلما حاول الفيلسوف نقل رؤيته أو إحساسه تجاه العالم كلما تعارض مع
صرمة
االنخرط ضمن مجال الفن ،إن الفلسفة ليست أكثر ا
ا العلم ،والنتيجة أنه ال مفر له من
من الفن ،وهذا األخير بإمكانه أن يقوم بما ال تستطيع الفلسفة القيام به .فضال عن هذا فمن
المؤكد أنه عندما يكون الفن أو الفلسفة في أزمة ،فإن الواحد منهما يأخذ مكان اآلخر ،فبالرغم
باستمرر ،وهذا
ا من الطابع التقابلي الذي تتخذه العالقة بينهما يبدو أنهما يتبادالن دائما األدوار
ما يوحي بأن الحدود بينهما تتسم
بالمرونة .هكذا نالحظ مثال أن الرومانسيين األلمان أمثال جوتليب فيخته (Gottlieb
) )1814-1762( Fichteو فريدريك شيلينغ ()1854-1775
) (F.Schellingو نوفاليس ) )1801-1772( (Novalisكان هدفهم استبدال الفلسفة
بالفن ،ففي نظرهم أن الفلسفة ما دامت سجينة الخطاب المفاهيمي أو خطاب (الذات/العالم)
فإنها لن تحقق ما تسعى جاهدة إلى اكتشافه ،والفن وحده القادر على اكتشاف ما ال تستطيع
الفلسفة استجالءه.
9
●حقيقة التعاقب بين الفن والفلسفة:
إن الخضوع الفلسفي للفن ينبغي أن يقود إلى نقد الموقف الفلسفي من الفن الذي ال ينئ
عن سوء فهم خصوصية الفن ،إضافة إلى أنه يمكنه أن يقع ضحية هذا الخضوع مثلما نالحظه
اليوم ،كما لو أن بعض الفنانين تنتابهم الغيرة تجاه الفلسفة أو يظنون أن عليهم القيام بفن
فلسفي .ومن شأن هذا أن يؤدي فقط إلى إفقاد الفن لخصوصيته ،بل وإلى إفقاره أيضا.
االعترف
ا لكن بأي حق يمكن اعتبار الفن والفلسفة ينتميان إلى مجال واحد؟ لماذا ال يتم
باختالفهما؟
إن الفلسفة ال يمكنها إال أن تخطيء في حق الفن عندما تريد أن تبحث فيه عما يدعمها
ويضفي عليها المشروعية ،ترغب الفلسفة في تحديد وضع الفن بالبحث عن اتخاذ مسافة منه
باالقتراب من القيم العليا للفلسفة ،وهو الشيء الذي يؤدي إلى التفكير في الفن من الخارج،
وهذا ما قاد أفالطون إلى االنتقاص من الفن كما رأينا ،إن الفلسفة هي التي تؤسس غياب
انتمائها إلى الفن ،ففي التصانيف التي أقامها الفالسفة ألنماط الفنون نجد أن الشعر أو األدب
يحتالن أعلى المراتب ،وعندما يريد الفالسفة استبدال الفلسفة بالفن فإن هذين النمطين من الفن
هما اللذان يتم التركيز عليهما ،وفي هذا الصدد يبدو مهما اإلحالة على األطروحة التي يعرضها
مارتن هايدجر ) )1976-1889( (M. Heideggerفي أصل العمل الفني في كتابه
(.)Chemins qui ne mènent nulle part
االستنتاج:
ننتهي مما سبق إلى أنه وبالرغم من أن الحقيقة في الدين تنزل من السماء إلى األرض
أي من الفوق إلى التحت عن طريق األنبياء والرسل مما يحصر مهمة اإلنسان أو المخلوق
في اإلصغاء والتطبيق والحمد والشكر في حين الحقيقة في الفلسفة تصعد من األرض إلى
السماء أي من األسفل إلى األعلى يبدعها اإلنسان بنفسه ،ولكن هذا ال يعني أن الفلسفة تعادي
الدين فالدين الحق ال يقف حجرة عثر أمام التفكير الفلسفي .وفي األخير يمكننا التساؤل هل
10
الصرع بين الفلسفة لم ينته بعد فال الفلسفة
ا الصرع بين الفلسفة والدين؟ والجواب إن
ا انتهى
تقهقرت وال التعاليم الدينية سقطت ولذا بقيت المشكلة عالقة لم تحل.
كما يمكن القول إنه ورغم االختالف الظاهري بين الفلسفة والعلم إال أن الفلسفة عاشت
في وئام مع العلم تماما كما تعيش األم مع ابنها الذكي .فهناك صالت ووشائج وثيقة تربط
بين العلم والفلسفة إذ الفلسفة بغير علم عاجزة والعلم بغير فلسفة قليل الرؤية مما يعني أن
العالقة بينهما هي عالقة تكامل ،فالعلم ال يستغني عن الفلسفة التي تمده باألسس والمناهج
والعالقات والقدرة على الربط والتعليل والشمول ،فالفيلسوف على حد تعبير هنتر ميد يشغل
مركز االستقبال العقلي لكل نتائج العلوم .مما يدل أن النقطة التي ينتهي عندها العلم ال تمثل
نقطة البدء بالنسبة للفلسفة .والفيلسوف قد يهتدي بآخر ما وصل إليه العلم من نتائج عصره.
التيارت
ا ذلك أن الفيلسوف كما يقال " :الفيلسوف ابن عصره" فهو ابن عصره سواء من ناحية
التيارت السياسية ،االجتماعية واالقتصادية واألدبية.
ا العلمية السائدة أو من ناحية
أما عن عالقة الفلسفة بالفن فنستطيع القول إنه وبالرغم من الطابع التقابلي الذي تتخذه
باستمرر ،وهو ما يعني أن الحدود بينهما تتسم
ا العالقة بينهما يبدو أنهما يتبادالن دائما األدوار
بالمرونة ذلك أن الفلسفة في حاجة إلى الفن كما أن الموضوعات الفنية تخضع للتساؤل
والتحليل الفلسفيين.
11