You are on page 1of 4

‫‪ .

1‬مفهوم حادث العمل‬

‫لم ينجح الفقهاء في تحديد مفهوم حادث العمل‪ ،‬بل اختالفهم أدى لوجود مفهومين اختلفت التسميات فيه‬
‫إلى المفهوم التقليدي والمفهوم الحديث المفهوم الضيق والمفهوم الواسع مفهوم الحادث باعتباره خطر‬
‫مهني‪ ,‬ومفهومه باعتباره خطر اجتماعي إال أن التسمية الصحيحة والراجحة هي الثالثة‪:‬‬

‫أ‪ .‬مفهوم حادث العمل باعتباره خطر مهني‪ :‬تأثر هذا المفهوم بالمرحلة األولى لنظرية تحمل التبعة ‪،‬‬
‫التي تحصر حادث العمل في الخطر الذي ينتج عنه نشاط أرباب العمل‪ ،‬يقوم على فكرة أن المستخدمين‬
‫هم الذين يستفيدون من كل عمل يقوم به العامل ‪ .‬أدى هذا لحصر مفهوم الحادث في العمال والموظفين‬
‫فقط وتشترط لقيام الطابع المهني شروط محددة ال يجوز الخروج عنها‪:‬‬

‫وجود عالقة عمل‬

‫أن يكون الضرر ‪ -‬اإلصابة ‪ -‬منحصرة في وقت ومكان العمل‪.‬‬

‫عالقة السببية بين العمل واإلصابة‪.‬‬

‫ب مفهوم حادث العمل باعتباره خطر اجتماعي‪:‬‬

‫بعد االنتقادات التي وجهت لنظرية تحمل التبعة على أن األضرار الجسمانية التي تصيب العامل ال تكون‬
‫ناتجة فقط عن نشاط المستخدم فالكثير من حوادث العمل تطرأ خارج أماكن و أوقات العمل ‪ ،‬كما أنه‬
‫ليس الوحيد الذي يستفيد من عقود العمل بل يستفيد منها كل المجتمع ‪ ،‬وبالتالي يكون هذا األخير مصدر‬
‫حوادث العمل التي يمتد مفهومها ليتعدى المخاطر المهنية للمخاطر االجتماعية ‪ ،‬ليشمل بذالك مفهوم‬
‫حادث العمل حتى اإلصابة التي تطرأ للعامل أثناء الذهاب واإلياب من العمل‪ ،‬كما يمتد ليشمل أيضا‬
‫أشخاصا غير العمال كما هو عليه الشأن بالنسبة للتشريع الجزائري‪.‬‬

‫ج مفهوم حادث العمل في التشريع الجزائري‪:‬‬

‫أخذ المشرع الجزائري بمفهوم حادث العمل باعتباره خطر اجتماعي لشمول حماية التشريع المتعلق‬
‫بحوادث العمل أشخاص آخرين غير العمال والموظفين (‪ )1‬ومن بينهم الطلبة‪ ،‬التالميذ الذين يزاولون‬
‫تعليما تقني‪ ،‬والمسجونون الذين يؤدون عمال و كل شخص ذكرته المواد ‪ 04-03‬من القانون ‪1983‬‬
‫كما أن شروط الحادث ال تنحصر في اإلصابات وقت ومكان العمل بل يمتد لخارج المؤسسة وأوقات‬
‫العمل منها ‪:‬‬
‫الحادث الذي يطرأ أثناء المسافة المنصوص عليه في المادة ‪ 12‬من قانون ‪ )2( 1983‬الحادث الذي‬
‫يطرأ أثناء خروج العامل بناء على تعليمات المستخدم أو الفترات التي تظل فيها ‪ -‬الضحية تحت إشراف‬
‫وتوجيه المستخدم‪.‬‬

‫الحادث الذي يطرأ في إطار مهمة ذات طابع استثنائي أو دائم طبقا لتعليمات صاحب العمل باإلضافة‬
‫للحادث الذي يطرأ أثناء القيام بأي انتداب سياسي أو مزاولة الدراسة في الخارج وكذا خارج ساعات‬
‫العمل طبقا للمادة ‪ 07‬من القانون ‪ - 1983‬الحادث الذي يطرأ أثناء ممارسة النشاطات الرياضية في‬
‫إطار الجمعيات طبقا للمادة ‪ 08‬من ذات القانون‪.‬‬

‫بهذا يكون المشرع الجزائري قد أخذ بالمفهوم الواسع لحادث العمل‪ )3( ،‬وعليه فإن شروطه تكمن فيما‬
‫يلي‪:‬‬

‫أن يكون الضرر جسمانيا ‪ :‬يتمثل الضرر الجسماني في مفهوم القانون ‪ 13/83‬المتعلق بحوادث العمل‬
‫و األمراض المهنية في‪:‬‬

‫‪ .‬الوفاة‪ :‬وهو فقدان الضحية لحقها في الحياة لتوقف كل أعضاء الجسم عن وظائفه‪ ،‬إذ تعجز معه عن‬
‫العمل لعدم وجودها‪.‬‬

‫‪ .‬العجز الدائم عن العمل وهو نوعان‪:‬‬

‫‪-1‬عجز دائم كلي ويتمثل في‪ :‬اإلصابة بعاهة أو فقدان أحد األعضاء بحيث يعجز معها المصاب عن‬
‫ممارسة أي نشاط مهني سواء في منصب عملها أو في أي نشاط آخر عجز دائم جزئي‪ :‬يتمثل أيضا في‬
‫اإلصابة بعاهة تخلق عجز عن العمل بصفة جزئية مع إمكانية ممارسة أي نشاط مهني آخر‪.‬‬

‫‪-2‬عجز مؤقت عن العمل‪ :‬يتمثل في إصابة الضحية بجروح يعجز معها عن العمل بصفة مؤقتة مع‬
‫إمكانية استعادة قدرته على ممارسة النشاط المهني بنسبة ‪ %100‬بعد الخضوع للعالج الطبي أو إعادة‬
‫التأهيل الحركي الوظيفي‪.‬‬

‫‪ .‬االنتكاس‪ :‬يتمثل في عوده أعراض اإلصابة بعد الشفاء فتتطور الحالة الصحية للمريض بمعنى‬
‫اإلصابة بأضرار جسمانية جديدة بسبب الحادث بحيث يحق للضحية الحصول على تعويض إضافي ألن‬
‫االنتكاس ضرر جسماني يستحق التعويض العتباره حادث عمل ‪)1( .‬‬

‫‪ .‬أضرار جسمانية التي تلحق بعقل الضحية (‪ )2‬بما أن الحق في السالمة الجسدية ال يشمل فقط سالمة‬
‫الشخص في جسمه بل عقله أيضا‪ ،‬فان هناك أضرار تلحق بعقل العامل يمكن اعتبارها حادث عمل ‪ .‬لم‬
‫ينص المشرع الجزائري على هذا النوع من الضرر بل يمكن إدراجه بموجب مصطلح "اإلصابة" الذي‬
‫استعمله في القانون ‪ 1983‬مثل الجنون وهو فقدان المصاب القدرة على التحكم في تصرفات بصفة‬
‫دائمة أي استحالة ربطه بأي عالقة مهنية‪ ،‬لكن قد يعتبر الجنون مرضا مهنيا إذ كانت ظروف العمل هي‬
‫السبب في ذلك أي تطلب هذا الضرر ‪ -‬مدة زمنية طويلة‪ ،‬أما الجنون الذي يعتبر حادث فهو الذي يكون‬
‫بسبب حادث فجائي أي فترة زمنية قصيرة جدا بين اإلصابة والجنون‪ .‬و ابرز مثال على ذلك فقدان‬
‫بعض العمال والموظفين والتابعين للدفاع الوطني للقدرة على العمل بسبب احتكاكهم بعدة ظروف بسبب‬
‫عملهم في إطار مكافحة اإلرهاب خالل العشرية السوداء التي عرفتها الجزائر في تسعينات القرن‬
‫الماضي‪.‬‬

‫‪ .‬االعتداء جنسيا على العامل‪ :‬فهو ضرر جسماني بالرغم من عدم وجود جروح أو كدمات‪ ،‬إال أن‬
‫الضحية تصاب بعجز عن العمل إلصابتها بأضرار نفسية تفقد معها القدرة على العمل لذالك فإن هذا‬
‫النوع من األضرار له طابع حادث العمل نفس الشيء بالنسبة للتحرش الجنسي في أماكن العمل و هي‬
‫ظاهرة شائعة ومنتشرة في أماكن العمل واإلدارات بحكم الضغط الذي تخضع له العامالت بصفة خاصة‬
‫من طرف أصحاب العمل و المرؤوسين و الذي يهدد في كثير من الحاالت حقهن في العمل‪.‬‬

‫أن يكون الحادث فجائيا أو بسبب خارجي‪:‬‬

‫يقصد بهذا الشرط مسألتين‪:‬‬

‫أن يكون السبب خارجيا يقصد به ‪ ،‬أال يكون سبب الحادث راجعا للحالة الصحية أو الفزيولوجية‬
‫للمصاب مثل األمراض المزمنة‪ ،‬كأن تكون الوفاة بسبب اإلصابة بنوبة قلبية ‪ .‬لكن يجب المالحظة ألنه‪:‬‬
‫قد يكون الشخص في حالة سياقة‪ ،‬فيصاب بوعكة صحية تفقده القدرة على التحكم في السيارة فيصاب‬
‫بجروح و عجز عن العمل ‪ ،‬هنا يقوم الطابع المهني للحادث فتستحق الضحية التعويض إذا كان الحادث‬
‫السير طابع حادث العمل ألن اإلصابة في هذه الحالة ال ترجع فقط لمرض المصاب بل الحادث المرور‬
‫أيضا‪ .‬وعلى كل حال‪ ،‬تؤهل هيئة الضمان االجتماعي القيام بالتحقيق في مدى قيام هذا الطابع‪ ،‬وفي حالة‬
‫النزاع يطرح للهيئة القضائية ‪ ،‬فالقاضي له سلطة في تقدير ما إذا كانت لإلصابة طابع حادث عمل‪ .‬غير‬
‫انه‪ ،‬ال يقصد من شرط السبب الخارجي باال يكون للمصاب يد في الحادث الن القانون ال يهتم بسلوكه‬
‫وقت الحادث‪ .‬أما عنصر الفجائية يقصد بها معاصرة الحادث لإلصابة‪ ،‬أي أن تكون هناك فترة زمنية‬
‫قصيرة بين الحادث واإلصابة وهي عنصر ضروري للتفرقة بين الحادث والمرض عنصر الزمن ال‬
‫يكون في بعض الحاالت معيارا للتفرقة بين الحادث والمرض‪ ،‬ألنه قد تصاب الضحية بأضرار جسمانية‬
‫جديدة مع مرور الوقت بسبب حادث العمل ينتج عنها تفاقم الضرر و يؤدي لفقدان أحد األعضاء نتيجة‬
‫هذه الجروح فتكون لهذه األضرار طابع حادث العمل رغم المدة الزمنية الطويلة بين اإلصابة والضرر‪.‬‬

‫أن تكون الضحية من األشخاص الذين حددهم القانون ‪ :‬فإذا كان المصاب ضمن األشخاص الذين‬
‫حددتهم المواد ‪ 03‬و ‪ 04‬من القانون ‪ 13/83‬المتعلق بحوادث العمل واألمراض المهنية‪ ،‬أما إذا كان‬
‫من الغير فيخضع التعويض للقواعد العامة‪ ،‬مع اإلشارة فقد تتداخل الحوادث أي أن يكون في نفس الوقت‬
‫حادث عمل حادث سير أو حادث يطرأ بسبب أعمال إرهابية أين يجب على الضحية أن تختار التشريع‬
‫المطبق للحصول على التعويض‪ ،‬بحيث ال يجوز لها الجمع بين التعويضات بموجب هذه القوانين مثال‬
‫ذلك ما نصت عليه المادة ‪ 10‬من األمر ‪ 15_74‬التي تنص على وجوب اختيار الضحية بين التشريع‬
‫المتعلق بحوادث العمل أو التشريع المتعلق بحوادث السير ‪.‬‬

You might also like