You are on page 1of 20

‫جامعة محمد بوضياف المسيلة‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬


‫قسم الحقوق‬
‫‪...‬‬
‫المقياس‪ :‬القانون التجاري‬

‫السنة‪ :‬الثانية (‪ )2‬ليسانس حقوق‪ ،‬السداسي الثالث (‪)3‬‬

‫الفئة المستيدفة‪ :‬طمبة السنة الثانية ليسانس حقوق‪.‬‬

‫الحجم الساعي األسبوعي‪ :‬أربع ساعات ونصف (‪)4,5‬‬

‫إعداد الدكتور‪ :‬بوخروبة حمزة (أستاذ محاضر قسم "ب")‬

‫عنوان الدرس‪ :‬المحل التجاري‪.‬‬


‫اليدف العام لمدرس‪ :‬يتمثل اليدف العام لمدرس في تمكين الطالب من التعرف عمى المحل التجاري‬
‫االىداف الخاصة لمدرس‪:‬‬
‫اليدف األول‪ :‬أن يحدد المقصود بالمحل التجاري‬
‫اليدف الثاني‪ :‬أن يتعرف عمى أىم خصائص المحل التجاري‬
‫اليدف الثالث‪ :‬أن يحدد الطبيعة القانونية لممحل التجاري‬
‫اليدف الرابع‪ :‬أن يتعرف عمى اساليب حماية المحل التجاري‬

‫مضمون الدرس‪:‬‬
‫استعممت عبارة المحل التجاري منذ القدم وكان يقصد بيا المكان الذي تمارس فيو التجارة‬
‫وتعرض فيو السمع ويستقبل فيو العمالء‪ ،‬وظمّت الفكرة المادية لممحل التجارة سائدة الى غاية أواخر‬
‫أن المحل التجاري عبارة عن فكرة معنوية تنطوي‬
‫القرن التاسع عشر عندما استقر الفقو والتشريع عمى ّ‬
‫المخصصة لغرض االستغالل التجاري‪ ،‬تتضمن ىذه المجموعة عناصر مادية‬ ‫ّ‬ ‫تحتيا مجموعة األموال‬
‫وأخرى معنوية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وظيرت أول إشارة لممحل التجاري في القانون الفرنسي الصادر بتاريخ ‪ 1872/02/28‬الذي‬
‫أما بالنسبة لمتشريعات العربية فيعتبر التشريع‬
‫فرض ضريبة الدمغة عمى بيع المحال التجارية‪ّ ،‬‬
‫المصري ىو أول تشريع عربي ينظم أحكام المحل التجاري وذلك بالقانون رقم ‪ 11‬لسنة ‪1940‬الخاص‬
‫أما المشرع الجزائري فنظّم أحكام المحل التجاري في الكتاب الثاني من‬
‫ببيع المحال التجارية ورىنيا‪ّ ،‬‬
‫القانون التجاري المعنون بـ ـ"المحل التجاري"‪ ،‬المواد ‪ 78‬وما يمييا‪.‬‬

‫ولدراسة ىذا الموضوع نتطرق أوال لمفيوم المحل التجاري ( تعريف المحل التجاري وطبيعتو‬
‫وخصائصو وعناصر) في المبحث األول‪ ،‬ثم نتطرق في المبحث الثاني الى حماية المحل التجاري‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مفيوم المحل التجاري‬

‫لم يفمح الفقو في وضع تعريف جامع مانع لممحل التجاري واختمف الفقياء في شأن ذلك‬
‫اختالفا ّبينا‪ ،‬كما اختمفوا أيضا فيما بينيم حول الطبيعة القانونية لممحل التجاري‪ ،‬ويكمن ىذا‬
‫االختالف في مدى تمتع المحل التجاري بالشخصية المعنوية وبالذمة المالية المستقمة عن ذمة‬
‫صاحبو‪ ،‬كما يتميز المحل التجاري بعدة خصائص‪ ،‬ويتكون من مجموعة من العناصر المادية‬
‫والمعنوية‪.‬‬

‫بناء عمى ما تقدم ذكره نتطرق في ىذا المبحث إلى تعريف المحل التجاري وتحديد خصائصو‬
‫(مطمب أول)‪ ،‬ثم نتطرق الى طبيعتو القانونية (مطمب ثان)‪ ،‬ثم من خالل ذلك نستنتج أىم خصائصو‬
‫(مطمب ثالث) لنختم ىذا المبحث بالتعرض الى عناصر المحل التجاري (مطمب رابع)‪.‬‬

‫المطمب األول‪ :‬تعريف المحل التجاري وتحديد خصائصو‬

‫نتعرض الى تعريف المحل التجاري في (فرع أول)‪ ،‬ومن خالل ذلك نستنتج أىم خصائصو‬
‫(فرع ثان)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف المحل التجاري‬

‫لم يتعرض القانون التجاري الجزائري ‪-‬عمى غرار أغمب التشريعات المقارنة‪ -‬الى تعريف‬
‫المحل التجاري‪ ،‬لذلك تصدى الفقو الى ذلك ففشل في تعريفو تعريفا جامعا مانعا‪ ،‬فذىب بعضيم الى‬
‫تعريفو بالنظر الى عناصره المادية والمعنوية‪ ،‬ومنيم من قصر تعريفو عمى الطبيعة القانونية لممحل‬
‫عدد خصائصو دون ذكر لعناصره‪ ،‬وذلك ما نعرضو فيما يمي‪:‬‬
‫ومنيم من ّ‬

‫تنص المادة ‪ 87‬ق ت ج عمى "تعد جزءا من المحل التجاري االموال المنقولة المخصصة‬
‫لممارسة نشاط تجاري‪.‬‬
‫ويشمل المحل التجاري الزاميا عمالئو وشيرتو‪.‬‬
‫كما يشمل ايضا سائر االموال االخرى الالزمة الستغالل المحل التجاري كعنوان المحل واالسم‬
‫التجاري والحق في االيجار المعدات واآلالت والبضائع وحق الممكية الصناعية والتجارية كل ذلك مالم ينص‬
‫أن المشرع الجزائري لم يعرف المحل التجاري‪ ،‬واكتفى‬
‫عمى خالف ذلك"‪ ،‬ويتضح من خالل نص المادة ّ‬
‫بتعداد عناصره دون بيان لطبيعتو أو خصائصو القانونية‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫أما القضاء فقد اكتشف فكرة المحل التجاري من واقع المنازعات المعروضة عميو‪ ،‬وكان‬‫ّ‬
‫تحدد طبيعة المحل‪ ،‬ومدى اعتباره منشأة‬
‫يعطي لعنصر االتصال بالعمالء والزبائن األىمية التي ّ‬
‫تجارية من عدمو‪.1‬‬

‫أما الفقو فمم يتفق عمى تعريف محدد لممحل التجاري‪ ،‬واختمفوا في ذلك اختالفا بينا عمى النحو‬
‫ّ‬
‫التالي‪:‬‬

‫يعرفو جانب من الفقو بالقول "المحل التجاري اداة المشروع التجاري‪ ،‬وىو يتألف من مجموع‬
‫عناصر مادية ومعنوية مخصصة لمزاولة التجارة‪ ،‬وقد تسمى بالمتجر أو المصنع بحسب ما اذا كان‬
‫مخصصا لمزاولة التجارة بالمعنى الضيق أو لمزاولة الصناعة‪ ،‬ويسمى أيضا بالمنشأة في تطبيق‬
‫قوانين الضرائب والعمل"‪.2‬‬

‫بأنو "يقصد بالمحل التجاري ليس المكان الذي يباشر فيو التاجر‬
‫ويعرفو جانب آخر من الفقو ّ‬
‫ّ‬
‫تجارتو بل مجموعة األموال المادية والمعنوية التي يستخدميا التاجر في مباشرة حرفتو‪ ،‬ويشمل بذلك‬
‫البضائع وأثاث المحل وسياراتو وآالتو وشيرة اسمو وما يكون لديو من براءة اختراع وما إلى ذلك مما‬
‫يستعين بو التاجر في مباشرة التجارة"‪.3‬‬

‫أن المحل التجاري عبارة عن " كتمة من األموال المنقولة تخصص لممارسة‬
‫و يرى رأي آخر ّ‬
‫مينة تجارية وتتضمن بصفة أصمية بعض مقومات معنوية‪ ،‬وقد تشتمل عمى مقومات أخرى مادية"‪.4‬‬

‫ولقد اقتصر البعض اآلخر من الفقياء عمى عنصر "االتصال بالعمالء" واعتبروه كافيا لتكوين‬
‫أن العناصر األخرى لممحل التجاري ذات طابع عرضي قد‬
‫المحل التجاري‪ ،‬ويبررون صحة قوليم ّ‬
‫توجد وقد ال توجد‪ ،‬وان كان األستاذ "احمد محرز" يميل إلى ىذا الرأي عمى أساس أن عنصر‬
‫االتصال بالعمالء يمثّل القاسم المشترك لممحالت التجارية عمى اختالف أنواعيا وتباين نشاطيا‪ ،‬إال‬
‫يعرف المحل التجاري بأنو وحدة متكاممة تشتمل عمى‬
‫انو يفضل رأي الفقيو ‪ Paul Didier‬الذي ّ‬
‫مجموعة من العناصر المتصمة بمشروع معين‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫أحًذ يحرز‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.177‬‬
‫‪2‬‬
‫يصطفى كًبل طه‪ ،‬وائم أَىر بُذق‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.645‬‬
‫‪3‬‬
‫حهى أبى حهى‪ ،‬زهٍر عببش؛ يشبر انٍه يٍ طرف‪َ :‬بجً زهرة‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪4‬‬
‫تعرٌف انفمٍه "‪ ، "Hamel‬يشبر انً عُذ‪َ :‬بدٌت فضٍم‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.296‬‬
‫‪5‬‬
‫أحًذ يحرز‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ص ‪.179-178‬‬
‫‪4‬‬
‫وبالرجوع لمقانون التجاري الجزائري نجد أن المادة ‪ 78‬منو جاءت تحت عنوان" عناصر المحل‬
‫ان ىناك خمط في‬‫التجاري" ‪ ،"Des éléments du fonds de commerce‬والممفت لالنتباه ّ‬
‫المصطمحات‪ ،‬فالمشرع يستعمل بالمغة الفرنسية مصطمح "‪ " LE fonds de commerce‬ويقصد بو‬
‫أما مصطمح "المحل التجاري" بالمغة‬
‫"القاعدة التجارية" التي تتكون من العناصر المادية والمعنوية‪ّ ،‬‬
‫العربية فيقصد بو العقار أي الجدران المعدة لالستغالل التجاري والتي يطمق عمييا بالفرنسية " ‪LE‬‬
‫‪ ،"locale commercial‬وبذلك لم يفرق المشرع الجزائري بين مصطمحي القاعدة التجارية والمحل‬
‫التجاري‪ ،‬فيو يستعمل مصطمح المحل التجاري لكن يقصد بو العناصر المادية والمعنوية الواردة في‬
‫المادة ‪ 78‬ق ت ج‪.1‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص المحل التجاري‬

‫من خالل التعاريف السابقة تتجمى أىم خصائص المحل التجاري‪ ،‬نتناوليا في اآلتي‪:2‬‬

‫أن جميع عناصــر المحل التجاري ىي من المنقوالت‬


‫‪ -‬المحل التجاري مال منقول‪ :‬عمى اعتبار ّ‬
‫فإن المحل‬
‫سواء مادية كالبضائع والمعدات‪ ،‬أو معنوية كاالسم التجاري وحق االتصال العمالء‪ّ ،‬‬
‫التجاري يعتبر ماال منقوال‪ ،‬فميس لممحل التجاري صفتي الثبات واالستقرار في حيز ثابت كما لمعقار‪.‬‬

‫‪ -‬المحل التجاري منقول معنوي‪ :‬المحل التجاري مال معنوي‪ ،‬أي ليس لو وجود مادي يدركو الحس‬
‫ألن قيمة عناصره المعنوية تفوق بكثير قيمة نظيرتيا من العناصر المادية والتي اضحت ال‬ ‫ذلك ّ‬
‫تش ّكل إالّ جزءا يسي ار من قيمة المحل التجاري‪ ،‬وعميو ال بد من االعتراف لممحل التجاري بصفة المال‬
‫أن عناصره الرئيسية تعتبر منقوالت معنوية عمى غرار االتصال بالعمالء واالسم والعنوان‬
‫المعنوي‪ ،‬اذ ّ‬
‫التجاريين والشيرة وغيرىا حيث ال وجود حسي مادي ليذه العناصر‪ ،‬فالمحل التجاري كوحدة مستقمة‬
‫عن العناصر المكونة لو يمثّل مال معنوي ال تطبق عميو وفقا ليذا المفيوم القواعد الخاصة بالمنقوالت‬
‫المادية عمى غرار قاعدة الحيازة في المنقول سند لمممكية وغيرىا‪.‬‬

‫‪ -‬المحل التجاري ذو طابع تجاري‪ :‬بمعنى ّأنو ال يكون محال تجاريا إالّ اذا كان مكرسا لمزاولة‬
‫خصص لنشاط مدني فال يعد محال تجاريا حتى ولو كان لو عمالء وبو‬ ‫األعمال التجارية‪ ،‬فاذا ما ّ‬
‫معدات كمكتب المحامين والمحاسبين واألطباء‪ ،‬ولكن اذا تمثل نشاط المحل في العمميات التي تقوم‬

‫‪1‬‬
‫َبجً زهرة‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ص ‪.91-99‬‬
‫‪2‬‬
‫بطبو حًذ انطراوَت‪ ،‬ببضى يحًذ يهحى‪ ،‬يببدئ انمبَىٌ انتجبري‪ ،‬انطبعت انثبنثت‪ ،‬دار انًطٍرة‪ ،‬عًبٌ‪ ،‬االردٌ‪ ،2914 ،‬ص ص ‪.122-121‬‬
‫‪5‬‬
‫ألن النشاط الذي يقوم بو يعد تجاريا بحسب الشكل‬
‫فانو يعتبر محال تجاريا‪ّ ،‬‬
‫بيا المحالت التجارية ّ‬
‫طبقا لممادة ‪ 4/03‬ق ت ج‪.1‬‬

‫‪ -‬الصفة الذاتية لممحل التجاري‪ :‬يتمتع المحل التجاري بذاتية مستقمة مميزة لو عن العناصر المكونة‬
‫لو‪ ،‬وكل عنصر في المحل التجاري يخضع لقواعد قانونية خاصة بو‪ ،‬فيجوز التصرف في بعض‬
‫أن‬
‫عناصر المحل التجاري دون أن يؤثر ذلك عميو كوحدة ذاتية تختمف عن العناصر المكونة لو‪ ،‬كما ّ‬
‫انتقال المحل التجاري إلى شخص آخر يتطمب إتباع اجراءات معينة بالنسبة ليذه العناصر فإذا كان‬
‫المحل التجاري يحتوي ضمن عناصره عمى عالمة تجارية وجب تسجيل انتقال تمك العالمة في‬
‫السجل الخاص بالعالمات التجارية‪.2‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬الطبيعة القانونية لممحل التجاري‬

‫أن ىذا األخير‬


‫أثير جدل فقيي كبير بخصوص تحديد الطبيعة القانونية لممحل التجاري‪ ،‬وبما ّ‬
‫يتكون من عناصر مادية وأخرى معنوية‪ ،‬فقد أثير التساؤل حول ما اذا كانت ىذه العناصر تش ّكل‬
‫وحدة كاممة‪ ،‬وتعتبر في مجمميا ماال مستقال عن العناصر الداخمة في تكوينو‪ ،‬أو تبقى ىذه العناصر‬
‫مستقمة ومتميزة عن بعضيا البعض‪ ،‬لكن الرأي في الفقو والقضاء مستقر عمى اعتبار المحل التجاري‬
‫وحدة واحدة مستقمة عن العناصر المكونة لو‪ ،‬كما يعتبر من قبيل المنقوالت المعنوية‪ ،‬وميما يكن من‬
‫أمر فقد أثير جدل فقيي حول التكييف القانوني لممحل التجاري‪ ،‬وبرزت بشأن ذلك ىدة نظريات‬
‫نعرضيا فيما يمي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬نظرية الذمة المالية المستقمة أو المجموع الواقعي‬

‫نادى بيذه النظرية مجموعة من الفقياء األلمان‪ ،‬ومؤدى ىذه النظرية اعتبار المحل التجاري‬
‫مجموعا قانونيا من األموال يشتمل عمى الحقوق والديون الناشئة عن االستغالل التجارية‪ ،‬فالمحل‬
‫التجاري وفقا ليذه النظرية عبارة عن ذمة مالية مستقمة عن الذمة المالية لمتاجر‪ ،‬وبذلك تكون قد‬
‫وضعت حد فاصل بين المحل التجاري باعتباره ذمة تجارية من جية والذمة المدنية لمتاجر من جية‬
‫أخرى‪ ،‬وبالتالي يستقل دائنو المحل التجاري بالتنفيذ عميو دون أي مزاحمة من دائني التاجر اآلخرين‬

‫‪1‬‬
‫َبدٌت فضٍم‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ص ‪.221-229‬‬
‫‪2‬‬
‫بىلبدوو أحًذ‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.62‬‬
‫‪6‬‬
‫معنى ذلك أنو في حالة افالس المحل التجاري ال يكون لدائنيو االّ التنفيذ عمى ما تضمنو المحل من‬
‫أموال دون أن يكون ليم الحق في التنفيذ عمى اموال صاحب المحل التجاري األخرى‪.1‬‬

‫أن األخذ بيذه النظرية يتعارض مع التشريعات التي تقوم عمى مبدأ وحدة الذمة المالية‬
‫غير ّ‬
‫باعتبارىا وحدة واحدة تضمن حقوقيا جميع التزاماتيا‪ ،‬ومن ىذه التشريعات القانون الجزائري حيث‬
‫أن جميع أموال المدين ضامنة لموفاء بديونو سواء كانت ىذه‬‫قررت المادة ‪ 188‬من القانون المدني ّ‬ ‫ّ‬
‫الديون مدنية أو تجارية وجميع الدائنين متساوون في ىذا الضمان إالّ من كان لو منيم حق التقدم وفقا‬
‫أن ىذه النظرية تتعارض مع كون التنازل عن المحل التجاري‬ ‫لتأمين خاص أو بنص القانون‪ ،‬كما ّ‬
‫يستبعد بقوة القانون انتقال الحقوق والديون الناشئة عن استغالل المحل الى المتنازل لو‪.2‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬نظرية المجموع الواقعي أو الفعمي‬

‫بأن المحل‬
‫ازاء النقد الذي وجو إلى نظرية المجموع القانوني ذىب جانب من الفقو إلى القول ّ‬
‫التجاري يعتبر مجموعا واقعيا أو فعميا من األموال تآلفت لتحقيق غرض مشترك ىو استغالل واستثمار‬
‫مما يترتب عمى ذلك ّانو‬
‫المحل التجاري مع احتفاظ كل عنصر بطبيعتو ونظامو القانوني الخاص بو‪ّ ،‬‬
‫يمكن أن يكون المحل التجاري محال لتصرفات قانونية كالبيع والرىن تختمف أحكاميا عن أحكام‬
‫التصرفات التي ترد عمى كل عنصر من عناصره‪ ،‬فيذه النظرية تفصل بين المحل التجاري ككيان‬
‫قائم بذاتو ومستقل عن العناصر التي تدخل في تكوينو‪.3‬‬

‫أن ىذه النظرية لم تسمم ىي األخرى من النقد عمى اعتبار ّأنيا تفتقر إلى مدلول قانوني‬
‫غير ّ‬
‫محدد‪ ،‬فالمجموع الواقعي أو الفعمي مصطمح غريب عن الحقل القانوني‪ ،‬فيذا األخير ال يعرف إالّ‬
‫المجموع القانوني الذي يعترف لو القانون بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي والمحل التجاري‬
‫بوجو عام ليس من ىذا القبيل‪.4‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬نظرية الممكية المعنوية‬

‫أن تحديد طبيعة المحل التجاري يستمزم بداءة فصل المحل‬


‫يذىب االتجاه الغالب في الفقو الى ّ‬
‫التجاري كوحدة ليا ذاتيتيا المستقمة والمتميزة عن مختمف العناصر التي تدخل في تركيبو‪ ،‬وآية ذلك‬
‫جواز التصرف في بعض ىذه العناصر دون البعض اآلخر عمى الرغم من دخوليا في تكوين المحل‬
‫‪1‬‬
‫يصطفى كًبل طه‪ ،‬وائم أَىر بُذق‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪659‬؛ يحًذ انطٍذ انفمً‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.283‬‬
‫‪2‬‬
‫شبدنً َىر انذٌٍ‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ص ‪.141-149‬‬
‫‪3‬‬
‫أحًذ يحرز‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.181‬‬
‫‪4‬‬
‫عهً انببرودي‪ ،‬يحًذ انطٍذ انفمً‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.184‬‬
‫‪7‬‬
‫فإن المحل التجاري كمجموع تحكمو قواعد تختمف عن القواعد القانونية التي تحكم‬
‫وفضال عن ذلك ّ‬
‫كل عنصر من عناصره‪ ،‬لذلك ينبغي الفصل بين المحل التجاري كوحدة وبين عناصره المختمفة‬
‫أن المحل التجاري عبارة عن نوع من الممكية المعنوية‬ ‫وانطالقا من ذلك يرى اصحاب ىـذا االتجاه ّ‬
‫أن حق التاجر عمى محمو ال يعدو أن يكون حق ممكية معنوية يرد عمى أشياء غير مادية كما ىو‬ ‫وّ‬
‫الحال بالنسبة لمحقوق الممكية الصناعية وحقوق الممكية األدبية والفنية‪.1‬‬

‫وتخول الممكية المعنوية التي لمتاجر عمى محمو حق استعمالو واستغاللو والتصرف فيو عمى‬
‫نحو منفرد وىو حق ليس محل مزاحة من أحد ويحتج بو في مواجية الكافة ونحميو دعوى المنافسة‬
‫فإن ممكية المحل التجاري ترتبط وجودا وعدما‬
‫غير المشروعة‪ ،‬وكسائر الممكيات غير المادية ّ‬
‫باستغاللو‪ ،‬حيث تبقى ىذه الممكية قائمة طالما كان المحل التجاري محال لالستغالل وتزول اذا توقف‬
‫التاجر عن ىذا االستغالل‪.2‬‬

‫المطمب الثالث‪ :‬عناصر المحل التجاري‬

‫يتكون المحل التجاري من عناصر ذات طبيعة مختمفة الزمة لالستغالل التجاري‪ ،‬تضمنتيا‬
‫أن عناصر المحل‬
‫المادة ‪ 78‬من القانون التجاري الجزائري‪ ،‬والسالف ذكرىا‪ ،‬ويتضح من النص ّ‬
‫التجاري تنقسم الى قسمين‪ ،‬عناصر مادية عمى غرار البضائع والميمات‪ ،‬وعناصر معنوية مثل‬
‫ويتبين‬
‫االتصال بالعمالء والسمعة التجارية والعنوان التجاري وحقوق الممكية الصناعية واألدبية والفنية‪ّ ،‬‬
‫أن أىم عناصر المحل التجاري تتمثل في عنصري االتصال بالعمالء‬ ‫من الفقرة الثانية لذات المادة ّ‬
‫أما باقي العناصر فال يمزم توافرىا‬
‫والسمعة التجارية‪ ،‬والتي يجب أن ال يخمو منيا أي محل تجاري‪ّ ،‬‬
‫في المحل التجاري جميعا‪ ،‬فقد ال يحتوي المحل عمى حقوق ممكية صناعية أو أدبية‪ ،‬ومن المتفق‬
‫أن العناصر المادية ليست أساسية في المحل التجاري‪ ،‬فاذا بيعت البضائع وحدىا فال يعد ذلك‬
‫عميو ّ‬
‫بيعا لممحل التجاري‪ ،‬واذا تخمف عنصر البضائع أو الميمات فال يقمل ذلك من وجود المحل‬
‫التجاري‪.3‬‬

‫والخالصة ّأنو من النادر أن تجتمع جميع العناصر المادية والمعنوية في محل ميين‪ ،‬وتختمف‬
‫درجة أىمية ىذه العناصر تبعا لنوع التجارة‪ ،‬فحق االيجار يعتبر أىم عناصر المحل اذا كان موضوع‬

‫‪1‬‬
‫عهً انببرودي‪ ،‬يحًذ انطٍذ انفمً‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪184‬؛ أحًذ يحرز‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.182‬‬
‫‪2‬‬
‫يحًذ انطٍذ انفمً‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.285‬‬
‫‪3‬‬
‫أحًذ يحرز‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ص ‪.186-185‬‬
‫‪8‬‬
‫ألن الموقع لو أثر كبير عمى المتعاممين مع ىذه األنشطة‪ ،‬وحقوق الممكية‬
‫النشاط مقيى أو مطعم‪ّ ،‬‬
‫الصناعية قد تكون جوىر المحل التجاري اذا كان النشاط صناعيا‪ ،‬وىكذا‪.‬‬

‫أن المحل التجاري يعتبر وحدة قائمة بذاتيا ومستقمة عن‬


‫عمى ّأنو يجب أن نضع في االعتبار ّ‬
‫العناصر التي تؤلفو‪ ،‬ويخضع لقواعد تختمف عن التي يخضع ليا كل عنصر من عناصره‪ ،‬اذ يظل‬
‫فإن‬
‫كل عنصر يحتفظ بطبيعتو ونظامو القانوني الخاص‪ ،‬مثال ذلك في حالة رىن المحل التجاري ّ‬
‫فإنو‬
‫قواعد الرىن الخاصة بو ال تقتضي بانتقال حيازتو لممرتين‪ ،‬بينما رىن أحد عناصره عمى استقالل ّ‬
‫فإن ممكية الشريك‬
‫فإنو اذا اشترك أكثر من شخص في ممكية محل تجاري‪ّ ،‬‬ ‫يمزم انتقال حيازتو‪ ،‬وكذلك ّ‬
‫لنصيب فيو تنصرف الى جميع عناصره سواء المادية أو المعنوية‪.1‬‬

‫وفيما يمي عرض ليذه العناصر‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬العناصر المادية‬

‫ذكرت المادة ‪ 87‬ق ت مجموعة من العناصر المادية عمى سبيل المثال تتمثل في‪:‬‬

‫أوال‪ -‬البضائع‪ :‬ىي األشياء الذي يرد عمييا التعامل‪ ،‬وتشمل جميع أنواع السمع التي يقوم المحل‬
‫بالتعامل بيا والتي تختمف حسب طبيعة نشاط كل محل‪ ،‬سواء كانت في المحل أو في المخزن وسواء‬
‫كانت مص نعة أو مواد أولية‪ ،‬ويشترط العتبار ىذه المنقوالت من البضائع أن تكون ممموكة لمتاجر‬
‫الذي يستغل المحل‪ ،‬والبضائع قد تكون عنص ار اساسيا في المحل كما ىو الحال في تجارة المواد‬
‫الغذائية بالتجزئة‪ ،‬وقد ال تكون عنص ار في المحل كما ىو الحال في مكاتب السمسرة او البنوك‪.2‬‬

‫لما كانت البضائع معدة لمبيع وكان مجموعيا يتغير من يوم آلخر بل ربما من لحظة ألخرى‬ ‫وّ‬
‫فإنو ال يمكن اعتبارىا عنص ار دائما لممحل التجاري‪ ،‬بالرغم من ّأنيا تمثّل قيمة ينبغي االعتداد بيا‬
‫ّ‬
‫‪3‬‬
‫وىذا ما يفسر أن البضائع ال يشمميا رعن المحل التجاري ‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬المعدات واآلالت‪ :‬ىي المنقوالت المادية التي تستعمل في استغالل المحل التجاري دون أن‬
‫تكون معدة لمبيع كاآلالت التي تستخدم في صنع المنتجات أو اصالحيا والسيارات المستخدمة في‬
‫النقل‪ ،‬واألثاث‪ ،‬وأدوات القياس والوزن والكيل‪ ،‬وايضا المحروقات كالفحم والزيت تعتبر من المعدات‬

‫‪1‬‬
‫أحًذ يحرز‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.186‬‬
‫‪2‬‬
‫عسٌس انعكٍهً‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.239‬‬
‫‪3‬‬
‫يصطفى كًبل طه‪ ،‬وائم أَىر بُذق‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.648‬‬
‫‪9‬‬
‫اما اذا كانت مادة أولية لصناعة السمع أو كانت معدة لمبيع‬
‫اذا كان الغرض منيا تشغيل اآلالت‪ّ ،‬‬
‫المخصصة‬
‫ّ‬ ‫أما بالنسبة لمميمات وىي المنقوالت الثابتة‬
‫فإنيا تكون من قبيل البضاعة ال المعدات‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫لالستغالل التجاري تصبح عقاار بالتخصيص إذا كان صاحبيا يمارس التجارة في عقار يممكو كما لو‬
‫أن العقار بالتخصيص يتبع حكم العقار الذي‬
‫كان النشاط مصنعا أو مسرحا أو فندقا‪ ،‬واألصل ّ‬
‫المخصصة الستغالل المحل التجاري‬
‫ّ‬ ‫فإن المنقوالت‬
‫خصص لخدمتو‪ ،‬لكن في حالة المحل التجاري ّ‬‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫تبقى محتفظة بصفتيا منقوالت وتدخل عنصار في المحل التجاري ‪.‬‬

‫ومن العناصر التي اختمف بشأن اعتبارىا عنصر من عناصر المحل التجاري أم ال العقار‬
‫وبخاصة في الحالة التي يكون فييا التاجر مالكا لمعقار الذي يزاول فيو تجارتو‪ ،‬ووقع التصرف بالبيع‬
‫أن الراجح الى وجوب‬‫أو الرىن عمى المحل فيل يشمل ذلك العقار؟‪ ،‬اختمف الفقو بشأن ذلك االّ ّ‬
‫ألن المحل التجاري‬
‫استبعاد العقار من عناصر المحل التجاري ولو اتفق الطرفان عمى خالف ذلك ّ‬
‫أن المحل التجاري الذي يكون نشاطو شراء العقارات ألجل‬ ‫عبارة مجموعة من األموال المنقولة‪ ،‬عمى ّ‬
‫فإنو يشمل بين عناصره المادية العقارات اذ تعتبر شبيية بالبضائع‬
‫اعادة بيعيا (م ‪ 2/02‬ق ت ج) ّ‬
‫في المحالت التجارية‪.2‬‬

‫أن الدفاتر التجارية ال تعتبر‬


‫كذلك يثار التساؤل بخصوص الدفاتر التجارية‪ ،‬يرى الأري الارجح ّ‬
‫من عناصر المحل التجاري لتعمقيا بنشاط التاجر أثناء ممارستو لنشاطو فيي تثبت الحقوق والديون‬
‫المتعمقة بو والتي ال تنتقل إلى المشتري فـي حالة بيع المحل التجاري إالّ إذا كان ىناك اتفاق‬
‫فإن التاجر ممزم باالحتفاظ بدفاتره لمدة ‪ 10‬سنوات‪ ،‬غير أّنو البد من توقيع الدفاتر‬
‫باإلضافة إلى ذلك ّ‬
‫التجارية من طرف البائع والمشتري واجراء جرد ليا عند بيع المحل التجاري‪ ،‬والبد أن يسمح البائع‬
‫لممشتري باالطالع عمى تمك الدفاتر إلى مدة ‪ 03‬سنوات السابقة لمبيع أو عمى الدفاتر بدون تحديد‬
‫متى كانت ممسوكة لمدة أقل من ‪ 03‬سنوات (المادة ‪ 82‬ق ت ج)‪ ،‬وذلك حتى يعرف المركز المالي‬
‫لممحل التجاري الذي انتقمت ممكيتو اليو‪.3‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬العناصر المعنوية‬

‫عددت المادة ‪87‬‬


‫تعتبر العناصر المعنوية جوىر المحل التجاري وأساس فكرتو القانونية‪ ،‬وقد ّ‬
‫من القانون التجاري أىميا‪ ،‬غير أنو ليس بالضرورة أن تتوافر في المحل التجاري جميع العناصر‬

‫‪1‬‬
‫أحًذ يحرز‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.187‬‬
‫‪2‬‬
‫عسٌس انعكٍهً‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ص ‪.231-239‬‬
‫‪3‬‬
‫بىلبدوو أحًذ‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪58‬؛ َبجً زهرة‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.98‬‬
‫‪19‬‬
‫المعنوية المذكورة فييا‪ ،‬فيما عدا عنصري االتصال بالعمالء والشيرة حيث يمزم توافرىما في المحالت‬
‫أما باقي العناصر فقد توجد في بعض المحالت دون بعضيا‬
‫التجارية جميعا عمى اختالف انشطتيا‪ّ ،‬‬
‫اآلخر حسب طبيعة االستغالل‪ ،‬وأىم العناصر المعنوية ما يمي‪:‬‬

‫أوال‪ -‬االتصال بالعمالء‪ :‬يقصد باالتصال بالعمالء أو الزبائن مجموع األشخاص الذين اعتادوا‬
‫التعامل مع المحل التجاري باقتناء لوازميم منو أو االستعانة بخدماتو ألسباب يقدرىا ىؤالء المتعاممون‬
‫في شخص القائم عمى أمر المحل التجاري مثل أمانتو ودقة مواعيده وجودة منتجاتو وحسن استقبالو‬
‫ليم وارضاء رغباتيم‪ ،‬واالتصال بالعمالء عنصر أساسي في المحل التجاري يمثّل جانبا كبي ار من‬
‫‪1‬‬
‫أن الفقرة األولى من المادة ‪ 78‬ق ت اعتبرتو عنصر الزامي ال وجود لممحل‬
‫قيمتو ‪ ،‬لذلك نجد ّ‬
‫التجاري بدونو‪.‬‬

‫وكمما زاد عدد العمالء زادت أرباح المحل التجاري واتسعت دائرة نشاطو‪ ،‬وال يقصد بحق‬
‫أن لمتاجر حقا عمى عمالئو بحيث يمزميم عمى التردد عمى محمو القتناء لوازميم‬‫االتصال بالعمالء ّ‬
‫و ّانما يكون ليؤالء الحرية المطمقة في التعامل معو ألسباب يقدرونيا ىم وحدىم‪ ،‬و ّانما المقصود من‬
‫ذلك حق التاجر في حماية العالقات التي بينو وبين عمالئو‪ ،‬ومنع الغير من تضميميم لينصرفوا عن‬
‫المحل بوسائل غير مشروعة‪.2‬‬

‫ونظ ار لما يتطمبو عنصر االتصال بالعمالء من وقت طويل ومجيود كبير من التاجر حتى‬
‫فإن ليذا العنصر قيمة كبيرة يكون ليا وزن كبير في تقييم‬ ‫يبعث الثقة في نفوس المتعاممين معو‪ّ ،‬‬
‫قرر القانون حمايتو‪ ،‬واستمزم المشرع الجزائري وجوده في المحل التجاري‪.3‬‬
‫المحل التجاري‪ ،‬لذلك ّ‬
‫ثانيا‪ -‬السمعة التجارية (الشيرة)‪:‬‬

‫يقصد بالسمعة التجارية أو الشيرة قدرة المحل التجاري عمى جذب العمالء بسبب ميزات‬
‫وصفات عينية تتعمق بالمحل التجاري ذاتو‪ ،‬وليس بشخص صاحبو‪ ،‬ال سيما موقعو المتميز ومظيره‬
‫الخارجي والديكور الخاص بواجية المحل دقة التنظيم وجمال العرض‪.4‬‬

‫ولقد أثير جدل فقيي حول مفيوم االتصال بالعمالء والسمعة التجارية وىل يعتبران شيئا واحدا‬
‫أو عنصران مختمفان؟‬
‫‪1‬‬
‫عهً انببرودي‪ ،‬يحًذ انطٍذ انفمً‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.172‬‬
‫‪2‬‬
‫يصطفى كًبل طه‪ ،‬وائم أَىر بُذق‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪659‬؛أحًذ يحرز‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ص ‪.199-189‬‬
‫‪3‬‬
‫أحًذ يحرز‪َ ،‬فص انًرجع‪ ،‬ص ‪.199‬‬
‫‪4‬‬
‫يحًذ انطٍذ انفمً‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.273‬‬
‫‪11‬‬
‫يرى جانب من الفقو‪ّ 1‬أنو ال محل لمتمييز بين االتصال بالعمالء والسمعة التجارية استنادا الى‬
‫ترادف معنى كل منيما ىو حق التاجر في االتصال بعمالئو الذين اعتادوا التعامل معو‪ ،‬سواء كان‬
‫ذلك لصفات تتصل بشخصو أو لصفات ترتبط بمحمو القائم باستغاللو‪ ،‬عالوة عمى أنو ليس ىناك‬
‫أىمية قانونية أو عممية يمكن ان تبرر التفرقة بينيما‪.‬‬

‫بينما يذىب جانب آخر من الفقو الى التمييز بين العنصرين‪ ،‬ويرون أن االتصال بالعمالء‬
‫يكون فيو اجتذاب الزبائن ألسباب شخصية وىـي ميزة فـي شخص التاجر صاحب المحل التجاري‬
‫بينما يكون اجتذابيم في عنصر السمعة التجارية ألسباب عينية تتصل بالمحل التجاري ذاتو وال دخل‬
‫أن المشرع الجزائري أشار الييما في المادة ‪ 78‬كعنصرين متميزين‪.2‬‬
‫ثم ّ‬
‫لمتاجر في ذلك‪ّ ،‬‬
‫وقد أورد البعض المثال التالي لتوضيح التفرقة السابقة‪" :‬ينشئ تاجر مطعما في مدينة معينة‬
‫ويعرف بكرمو وحسن استقبال العمالء والسعي إلرضائيم والدقة في مالحظة الشروط الصحية‬
‫والنظافة والخبرة في اختيار انواع االطعمة الشيية والميارة في تحضيرىا‪ ،‬فيقبل بعض أىل المدينة‬
‫عميو ويعتادون مع مرور الزمن عمى ارتياد محمو ويصبحون عمالء دائمين‪ ،‬ىذا ىو عنصر االتصال‬
‫بالعمالء‪ ،‬وقد يمتاز المحل بفخامة المظير أو بوقوعو عمى مفترق الطرق أو في مكان أىل بالسكان‬
‫أو بالقرب من محطة السكك الحديدية‪ ،‬فيستطيع بذلك أن يجتذب العميل العابر أو الغريب عن‬
‫المدينة‪ ،‬ىذا ىو عنصر السمعة التجارية"‪.3‬‬

‫ثالثا‪ -‬اإلسم التجاري‪ :‬ىو االسم الذي يستخدمو التاجر في مزاولتو تجارتو وتميز محمو التجاري عن‬
‫نظائره‪ ،‬قد يكون ىذا االسم ىو اسم الشخص المالك لممحل‪ ،‬كما قد يكون اسما مبتك ار مثل‪ :‬مالبس‬
‫الشرق‪ ،‬مقيى البساتين‪ ،‬فندق االوراس ‪...‬الخ‪ ،‬وفي حالة ما اذا اطمق صاحب المحل اسمو عمى‬
‫المحل التجاري فال يعني ذلك اختالط االسم المدني باالسم التجاري‪ ،‬بل يبقى كل منيما متمي از عن‬
‫أن االسم التجاري عمى خالف االسم المدني ال يعتبر حقا لصيقا بالشخصية بل‬
‫اآلخر‪ ،‬عمى اعتبار ّ‬
‫ىو حق مالي يدخل في تكوين المحل ويجوز التعامل فيو كمما انصب التصرف عمى المحل‪ ،‬لكن ال‬
‫يجوز التعامل فيو مستقال عن التصرف في المحل التجاري ذاتو‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫يٍ رنك‪ :‬عهً انببرودي‪ ،‬يحًذ انطٍذ انفمً‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.173‬‬
‫‪2‬‬
‫َبدٌت فضٍم‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.299‬‬
‫‪3‬‬
‫عهً انببرودي‪ ،‬يحًذ انطٍذ انفمً‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ص ‪.173-172‬‬
‫‪4‬‬
‫عهٍبٌ انشرٌف‪ ،‬يصطفى ضهًبٌ‪ ،‬رشبد انعصبر‪ ،‬انمبَىٌ انتجبري يببدئ ويفبهٍى‪ ،‬انطبعت األونى‪ ،‬دار انًطٍرة‪ ،‬عًبٌ‪ ،‬االردٌ‪ ،2999 ،‬ص ‪66‬؛‬
‫َبدٌت فضٍم‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ص ‪.211-219‬‬
‫‪12‬‬
‫ويكون االسم التجاري ممموكا لمتاجر السباق إلى قيده في السجل التجاري‪ ،‬و في حالة تشابو‬
‫األسماء الشخصية المستعممة في اسمين تجاريين وجب عمى التاجر الجديد إضافة بيانات أخرى‬
‫لمتمييز بينيما واذا تم االعتداء عمى االسم التجاري ولحق التاجر ضرر نتيجة لذلك جاز ليذا التاجر‬
‫المتضرر رفع دعوى المنافسة غير المشروعة عمى المعتدي مطالبا إياه بالتعويض وازالة االعتداء‪.1‬‬

‫واذا كان اسم المحل التجاري ىو اسم صاحبو فال يجوز لمشتري ىذا المحل أن يستعممو االّ‬
‫في األغراض المتعمقة بتجارة المحل‪ ،‬حيث يجوز لمبائع أو ورثتو الرجوع عمى المشتري في حالة‬
‫االخالل بذلك‪ ،‬كما يجوز في حالة بيع المحل أن يشترط البائع عدم استعمال اسم المحل التجاري وأن‬
‫يستبعده من العناصر التي ينصب عمييا البيع‪ ،‬ويستعمل بطبيعة الحال االسم التجاري لمتوقيع عمى‬
‫معامالت التاجر‪.2‬‬

‫رابعا‪ -‬العنوان التجاري‪ :‬العنوان التجاري ىو تسمية مبتكرة أو رمز يختاره التاجر كشعار خارجي‬
‫لتمييز محمو التجاري عن نظائره واجتذاب العمالء‪ ،‬مثل الصالون األخضر‪ ،‬والممكة الصغيرة ‪...‬الخ‬
‫ويختمف العنوان التجاري عن االسم التجاري فالتاجر غير ممزم باتخاذ تسمية مبتكرة لمحمو في حين‬
‫أن العنوان التجاري ال يستمد من االسم الشخصي لمتاجر‪ ،‬وال يميز‬
‫أنو ممزم باتخاذ اسم تجاري‪ ،‬كما ّ‬
‫بعض الفقو بين االسم التجاري والعنوان التجاري‪ ،‬فال يعد االسم التجاري عنص ار من عناصر المحل‬
‫التجاري إال إذا تم وضعو عمى المحل‪ ،‬لكن اذا تم استعمالو قد يكون لو دور فعال في جذب العمالء‬
‫فقد تعتمد شيرة المحل احيانا عمى التسمية المبتكرة‪.3‬‬

‫خامسا‪ -‬الحق في اإليجار‪ :‬يقصد بو حق صاحب المحل أو المصنع في االستمرار في العقد‬


‫كمستأجر واالنتفاع بالمكان المؤجر‪ ،‬ويمثّل الحق في االيجار أىمية كبيرة خاصة اذا كان المحل‬
‫التجاري يقع في منطقة معينة اشتيرت بصناعة معينة‪ ،‬أو لقرب الموقع من االسواق والمحالت‬
‫المماثمة حيث يسيل عمى العمالء اجراء المقارنة واالقبال عمى الشراء‪ ،‬كما تظير أىمية ىذا العنصر‬
‫في بعض أنواع النشاط التجاري التي تعتمد في ازدىارىا عمى وجودىا في موقع معين كالمقاىي‬
‫والمطاعم لضمان استمرار االتصال بالعمالء‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫بىلبدوو أحًذ‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.59‬‬
‫‪2‬‬
‫َبدٌت فضٍم‪ ،‬انًرجع َفطه‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪3‬‬
‫يصطفى كًبل طه‪ ،‬وائم أَىر بُذق‪ ،‬ص ‪651‬؛ َبدٌت فضٍم‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ص ‪.212-211‬‬
‫‪4‬‬
‫أحًذ يحرز‪ ،‬انًرجع انطببك ص ص ‪.192-191‬‬
‫‪13‬‬
‫فإنو يرد أيضا عمى الحق في االيجار‪ ،‬ولقد‬ ‫لذلك اذا ورد التصرف عمى المحل التجاري ّ‬
‫تعرض المشرع لحماية ىذا الحق في المادة ‪ 172‬وما يمييا من القانون التجاري‪ ،‬فيجوز لممستأجرين‬
‫أو المحول الييم المحل التجاري أو ذوي الحقوق التمسك بتجديد عقد االيجار اذا استغموا المحل وفقا‬
‫لشروط معينة تتعمق بالمدة‪ ،‬واذا رفض المؤجر ذلك التزم بضرورة دفعو لممستأجر تعويض االستحقاق‬
‫طبقا لنص المادة ‪ 176‬من القانون التجاري وىذا بالنسبة لمعقود المبرمة قبل تعديل القانون التجاري‬
‫أن‬
‫أما بالنسبة لمعقود المبرمة بعد ذلك فنجد ّ‬
‫بموجب القانون ‪ 02-05‬المؤرخ في ‪ّ ،2005/02/06‬‬
‫المؤجر غير ممزم في حالة رفضو تجديد االيجار بدفع أي تعويض لممستأجر إالّ اذا اتفق الطرفان‬
‫عمى خالف ذلك وذلك ما قضت بو المادة ‪ 187‬مكرر ق ت ج‪.1‬‬

‫سادسا‪ -‬حقوق الممكية الصناعية‪ :‬يشمل تعبير الممكية الصناعية التجارية الحقوق التي ترد عمى‬
‫براءات االختراع والرسوم والنماذج الصناعية والعالمات التجارية‪ ،‬وجميع ىذه الحقوق معنوية ذات‬
‫قيمة مالية يجوز التصرف فييا‪ ،‬وقد تكون في بعض المحالت من أىم العناصر التي تتكون منيا‬
‫وتخضع ىذه الحقوق لنظام قانوني خاص‪ ،‬كما يجوز التنازل عنيا مستقمة أو مع المحل التجاري‪.2‬‬

‫سابعا‪ -‬الرخص واالجازات‪ :‬قد يستمزم القانون شروطا خاصة لممارسة انواع معينة من النشاط‬
‫التجاري كافتتاح مطعم أو مقيى أو فندق‪ ،‬أو مصنع‪ ،‬ويشترط القانون صدور ترخيص يثبت توافر ما‬
‫يتطمبو القانون من ضوابط ومعايير‪ ،‬وتعتبر ىذه الرخص من عناصر المحل التجاري اذا كان من‬
‫أما اذا كانت الرخصة شخصية فال تعتبر من عناصر المحل التجاري‪.3‬‬
‫الجائز التنازل عنيا‪ّ ،‬‬
‫نخمص من عرض عناصر المحل التجاري المادية والمعنوية ّأنو يمزم توافر شرطان لقيام‬
‫المحل التجاري‪ ،‬أوليما‪ :‬ضرورة توافر حد أدنى من العناصر المعنوية‪ ،‬وثانييما أن يكون القصد من‬
‫أما بالنسبة لمحد األدنى من العناصر الالزمة لقيام المحل‬
‫تجميع ىذه العناصر استغالل نشاط تجاري‪ّ ،‬‬
‫التجاري أي تمك التي ال يقوم المحل التجاري بدونيا لكونيا من مقوماتو األساسية والجوىرية فقد‬
‫أن الراجح في الفقو مستقر عمى اعتبار عنصر االتصال بالعمالء ىو‬ ‫اختمف الفقو بشأنيا‪ ،‬والحقيقة ّ‬
‫العنصر الجوىري والمقوم األساسي في تكوين المحل وبدونو ال يقوم‪ ،‬فيو بمثابة القاسم األساسي في‬
‫تكوين المحال التجارية عمى الرغم من تباين أوجو نشاطيا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫َبدٌت فضٍم‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ص ‪.215-213‬‬
‫‪2‬‬
‫زوبت ضًٍرة‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.117‬‬
‫‪3‬‬
‫أحًذ يحرز‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.194‬‬
‫‪14‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬حماية المحل التجاري من المنافسة غير المشروعة‬

‫تعد المنافسة من أىم العناصر التي تقوم عمييا التجارة‪ ،‬لما لذلك من أثر واضح في زيادة‬
‫جودة السمع والخدمات وخفض اسعارىا مما يعود بالفائدة عمى المستيمكين وعمى التاجر الذي يستفيد‬
‫من زيادة مبيعاتو وبالتالي زيادة ارباحو‪ ،‬األمر الذي يؤدي في النياية الى ازدىار التجارة‪ ،‬واألصل في‬
‫الحقل التجاري ىو حرية المنافسة التي كفميا القانون‪ ،1‬بمعنى ّأنو يحق لكل تاجر أن يستخدم من‬
‫أن ذلك كمو مشروط‬
‫االساليب ما يراه مناسبا لتحقيق اىدافو في ترويج بضائعو وتحقيق االرباح‪ ،‬االّ ّ‬
‫بأن تكون المنافسة بأسموب نزيو ومشروع‪.2‬‬

‫أن المحالت التجارية في سعييا لجذب أكبر عدد من العمالء والزبائن قد تمجأ الى‬ ‫عمى ّ‬
‫وسائل غير مشروعة مخالفة لمقانون ومنافية لألعراف التجارية وال تتفق ومبدأ حسن النية في التعامل‬
‫والوسائل غير المشروعة التي تمجأ الييا المحالت التجارية في منافسة بعضيا البعض يطمق عمييا‬
‫المنافسة غير المشروعة‪ ،‬وعمى التاجر الذي لحقو ضرر من جراء ذلك أن يرجع المتسبب فيو‬
‫بالتعويض عن طريق ما يسمى بـ ـ "دعوى المنافسة غير المشروعة"‪.3‬‬

‫نميز بين المنافسة غير المشروعة والمنافسة الممنوعة‪ ،‬فمعنى ىذه األخيرة حظر‬
‫ويجب أن ّ‬
‫القيام بنشاط معين إما بمقتضى نص القانون كاشتغال الشخص بأعمال الصيدلة دون الحصول عمى‬
‫المؤىالت العممية الالزمة لذلك‪ ،‬أو بمقتضى اتفاق بين المتعاقدين‪ ،‬مثل التزام مؤجر العقار بعدم‬
‫منافسة المستأجر أو التزام بائع المحل التجاري بعدم انشاء تجارة مماثمة‪ ،‬أ ّما المنافسة غير المشروعة‬
‫فال ينصب المنع فييا عمى مباشرة النشاط التجاري ولكنيا تدل عمى استخدام أساليب غير سميمة‬
‫لمتأثير عمى العمالء واجتذابيم‪.4‬‬

‫تيدف حماية المحل التجاري أساسا إلى حماية عنصر االتصال بالعمالء من االعتداء عميو‬
‫سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬من خالل االعتداء عمى احد العناصر المعنوية المكونة لممحل‬
‫أما العناصر المادية‬
‫التجاري‪ ،‬فحماية ىذه العناصر تتم عن طريق دعوي المنافسة غير المشروعة‪ّ ،‬‬
‫لممحل التجاري في حال االعتداء عمييا فيتم حمايتيا عن طريق دعوي االسترداد التي يتم بواسطتيا‬

‫‪1‬‬
‫تُض انًبدة ‪ 43‬يٍ انذضتىر انجسائري عهى "حرٌت االضتثًبر وانتجبرة يعترف بهب وتًبرش فً اطبر انمبَىٌ ‪."...‬‬
‫‪2‬‬
‫بطبو حًذ انطراوَت‪ ،‬ببضى يحًذ يهحى‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ص ‪.138-137‬‬
‫‪3‬‬
‫عسٌس انعكٍهً‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ص ‪.244-243‬‬
‫‪4‬‬
‫عهٍبٌ انشرٌف‪ ،‬يصطفى ضهًبٌ‪ ،‬رشبد انعصّبر‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫‪15‬‬
‫استرجاعيا من المعتدي مع امكانية الحكم بالتعويض لصالح المضرور عما لحقو من ضرر نتيجة‬
‫ذلك االعتداء‪.1‬‬

‫وبناء عمى ما تقدم ذكره سنتناول بالدراسة في ىذا الموضوع أساس دعوى المنافسة غير‬
‫المشروعة وشروطيا(مطمب أول)‪ ،‬ثم نتطرق لصورىا (مطمب ثان)‪ ،‬وآثارىا (مطمب ثالث)‪.‬‬

‫المطمب األول‪ :‬أساس دعوى المنافسة غير المشروعة وشروطيا‬

‫نتناول أوال أساس دعوى المنافسة غير المشروعة (فرع أول)‪ ،‬ثم نعرج عمى شروطيا (فرع ثان)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬أساس دعوى المنافسة غير المشروعة‬

‫لم يضع المشرع قواعد خاصة لتنظيم المسؤولية الناجمة عن أعمال المنافسة غير المشروعة‬
‫لذا لجأ القض اء الفرنسي الى القواعد العامة والمطبقة في نطاق المسؤولية التقصيرية استنادا لنص‬
‫المادة ‪ 1382‬من القانون المدني‪ ،‬والتي تقابميا المادة ‪ 124‬من القانون المدني الجزائري‪.2‬‬

‫أن رفع دعوى المنافسة غير المشروعة معناه رفع دعوى المسؤولية التقصيرية‬
‫ومعنى ذلك ّ‬
‫فيحق لكل تاجر لحقة ضرر من جراء فعل المنافسة غير المشروعة أن يرفع دعوى بذلك أمام القضاء‬
‫‪3‬‬
‫عما اصابو من ضرر من جراء تمك األعمال كمما توافرت شروط المسؤولية‬ ‫يطالب فييا بالتعويض ّ‬
‫لكن تأسيس دعوى المنافسة غير المشروعة عمى أحكام المسؤولية التقصيرية والتي يتوقف أثرىا عمى‬
‫ألن اليدف األساسي من وراء دعوى المنافسة غير المشروعة ىو‬
‫تعويض الضرر يعد غير كافي‪ّ ،‬‬
‫محو أثر ىذه المنافسة ومنعيا في حالة عدم مشروعيتيا مستقبال‪ ،‬باإلضافة إلى إصالح الضرر عن‬
‫طريق التعويض‪ ،‬وىنا تظير الطبيعة الخاصة لدعوى المنافسة غير المشروعة‪ ،‬ومع ذلك ىذا ال‬
‫يش ّكل عائقا تأسيسيا عمى أساس المسؤولية التقصيرية اذا تحققت شروطيا‪ ،‬والمتمثمة في الخطأ‬
‫والضرر والعالقة السببية‪:4‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬شروط دعوى المنافسة غير المشروعة‬


‫تتمثل شروط دعوى المنافسة غير المشروعة عمى غرار دعوى المسؤولية التقصيرية في الخطأ‬
‫والضرر والعالقة السببية بينيما‪ ،‬وفيما يمي تفصيل لذلك‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫َبجً زهرة‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.194‬‬
‫‪2‬‬
‫تُض انًبدة ‪ 124‬يٍ انمبَىٌ انًذًَ انجسائري عهى "كم فعم أٌب كبٌ ٌرتكبه انشخض بخطئه‪ ،‬وٌبب ضررا نهغٍر ٌهسو يٍ كبٌ ضببب فً حذوثه‬
‫ببنتعىٌض"‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫َبدٌت فضٍم‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.229-228‬‬
‫‪4‬‬
‫بىلبدوو أحًذ‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.63‬‬
‫‪16‬‬
‫أوال‪-‬الخطأ‪ :‬يشترط لتوافر ركن الخطأ أن تكون ىناك منافسة حقيقية‪ ،‬وأن يرتكب المنافس خطأ في‬
‫ىذه المنافسة‪.‬‬

‫ويشترط في المنافسة الحقيقية أن تتم بين مرتكب الخطأ والمتضرر مما يفترض ّأنيما ي ازوالن‬
‫أن التماثل المطمق بين النشاطين ليس الزما‪ ،‬بل‬‫تجارة أو صناعة من نوع واحد أو متماثمة‪ ،‬عمى ّ‬
‫يكفي أن تكون ثمة صمة بينيما بحيث يكون لمعمل غير المشروع تأثير عمى نشاط المدعي‪ ،‬كما لو‬
‫كان أحد المحمين مصنعا إلنتاج وبيع سمعة معينة وكان اآلخر محال لإلتجار في ىذه السمعة كما‬
‫يشترط ثانيا أن تكون ىناك منافسة غير مشروعة وذلك يستمزم قيام خطأ يتمثل في استخدام اساليب‬
‫منافية لمقوانين واالعراف والعادات التجارية‪ ،‬وال يشترط العتبار المنافسة غير مشروعة أن يتوافر سوء‬
‫النية وقصد االضرار لدى المنافس بل يكفي أن يصدر الفعل عن اىمال أو عدم احتياط‪.1‬‬

‫ثانيا‪-‬الضرر‪ :‬يشترط في دعوى المنافسة غير المشروعة أن يثبت المدعي الضرر الذي لحقو بسبب‬
‫عدم مشروعية المنافسة‪ ،‬غير ّأنو ال يمزم في ىذا الصدد أن يكون الضرر قد وقع فعال‪ ،‬بل يكفي أن‬
‫يكون محتمل الوقوع في المستقبل‪ ،‬كما ال يمزم أن يكون الضرر ماديا بل يكفي أن يكون أدبيا‪ ،‬كذلك‬
‫ال أىمية لمقدار جسامة الضرر كبي ار أو صغيرا‪ ،‬فتقرر المسؤولية ولو كان الضرر بسيطا‪.2‬‬

‫ومن تطبيقات القضاء في ىذا الشأن‪ - :‬األمر باتخاذ االجراءات الكفيمة بدرء الضرر‬
‫أن الضرر‬
‫االحتمالي كاتخاذ االجراءات التي من شأنيا ازالة المبس بين منشأتين‪ ،‬وذلك عمى اساس ّ‬
‫ألن التيديد بضرر يعتبر في ذاتو ضر ار يمكن أن يعوض‬
‫االحتمالي يعتبر في الحقيقة ضر ار واقعا ّ‬
‫عينا بإزالة ىذا التيديد واألمر باإلجراءات الكفيمة بمنع تحقق الضرر المحتمل‪ ،‬كما ال يستمزم القضاء‬
‫اثبات الضرر الفعمي‪ ،‬بل تستخمص وقائعو من قيام وقائع يكون من شأنيا عادة الحاق الضرر‬
‫بالمحل التجاري‪.3‬‬

‫وىكذا يكون لدعوى المنافسة غير المشروعة وظيفة وقائية الى جانب جبر الضرر ولكن ليس‬
‫لممدعي طمب تعويضات االّ اذا أثبت حدوث الضرر فع ــال فيكــون الضــرر شرطا لطمب التعويض‬
‫لكنو ليس شرطا في كل الحاالت في دعوى المنافسة غير المشروعة‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫يصطفى كًبل طه‪ ،‬وائم أَىر بُذق‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.666‬‬
‫‪2‬‬
‫َفص انًرجع وَفص انًىضع‪،‬؛ َبدٌت فضٍم‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.239-229‬‬
‫‪3‬‬
‫أحًذ يحرز‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.291‬‬
‫‪4‬‬
‫َبدٌت فضٍم‪ ،‬انًرجع َفطه‪ ،‬ص ‪.239‬‬
‫‪17‬‬
‫ثالثا‪ -‬العالقة السببية‪ :‬لمحكم بالتعويض عن أعمال المنافسة غير المشروعة البد من قيام اربطة‬
‫سببية بين الخطأ المتمثل في عمل من أعمال المنافسة غير المشروعة والضرر الذي أصاب‬
‫أن اثبات توافر ىذه الرابطة في دعوى المنافسة غير المشروعة‬
‫المضرور أو المدعي التاجر‪ ،‬والحقيقة ّ‬
‫فإنو‬
‫ال يكون أم ار سيال في جميع األحوال‪ ،‬فإذا كان من الممكن اثباتيا في حالة تحقق الضرر فعال‪ّ ،‬‬
‫من العسير بيان الرابطة السببية عندما يكون الضرر محتمال‪ ،‬وبخاصة في حاالت الضرر االحتمالي‬
‫أو في الحالة التي تكون فييا المنافسة غير المشروعة موجية الى مجموع التجار الذين يمارسون نفس‬
‫الحرفة‪ ،1‬لذلك يرى البعض ّأنو ال يشترط في دعوى المنافسة غير المشروعة إثبات عالقة السببية‬
‫ألنو في دعوى المنافسة غير المشروعة ال يحكم بالتعويض‬
‫متى كان الضرر محتمل الوقوع‪ ،‬وذلك ّ‬
‫في حالة الضرر االحتمالي واّنما يحكم بو في حالة الضرر الفعمي‪.2‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬صور أعمال المنافسة غير المشروعة‬

‫أعمال المنافسة غير المشروعة ىي تمك األعمال التي يقوم بيا التاجر وتنطوي عمى طرق‬
‫منافية لمقوانين والموائح أو العادات أو األمانة أو الشرف والنزاىة‪ ،‬وأعمال المنافسة غير المشروعة ال‬
‫تدخل تحت حصر‪ ،‬بيد ّأنو يمكن ردىا الى ثالث مجموعات‪ ،‬نوردىا في اآلتي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬أعمال من شأنيا احداث المبس والخمط بين المنشآت أو المنتجات‬

‫من تطبيقاتيا‪ :‬اتخاذ اسم تجاري مشابو السم تجاري سابق‪ ،‬تقميد العالمات التجارية او‬
‫االختراعات والرسوم والنماذج الصناعية ووضع بيانات غير صحيحة عمى المنتجات‪ ،‬وتقميد‬
‫االعالنات والدعاية التي يقوم بيا منافس‪ ،‬أو غير ذلك من االساليب التي تؤدي الى احداث المبس‬
‫عمى العمالء‪ ،‬سواء بالنسبة لممحل في مجموعو أو البضاعة فيمكن ان ينصب الخمط عمى عنصر‬
‫واحد أو اكثر من عناصر المحل‪ ،‬وال يشترط أن يكون الدافع عمى ارتكاب ىذه العمال االضرار‬
‫أن القضاء يشترط لقيام‬
‫بشخص التاجر انما قد ييدف الى اجتذاب العمالء نحو محمو التجاري‪ ،‬عمى ّ‬
‫حالة المبس الموجبة لممسؤولية أن تكون االعمال التي قام بيا المنافس مشابية ومتماثمة تماما‬
‫لمعناصر التي ينصب عمييا الخمط‪ ،‬بحيث توحي في ذىن العمالء التشابو المؤدي الى الخمط وعدم‬
‫القدرة عمى التمييز بينيما‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫شبدنً َىر انذٌٍ‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ص ‪.145-144‬‬
‫‪2‬‬
‫َبجً زهرة‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.198‬‬
‫‪3‬‬
‫أحًذ يحرز‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ص ‪.294-293‬‬
‫‪18‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ادعاءات غير مطابقة لمحقيقة‬

‫قد يعمد التاجر الى صرف العمالء عن منافسو بذكر ادعاءات غير حقيقية تتضمن طعنا في‬
‫أن‬
‫شخصو وتشوييا لسمعتو التجارية اضعافا الئتمانو‪ ،‬أو حطا من قيمة وجودة منتوجاتو‪ ،‬كذكر ّ‬
‫بأنو يبيع منتجات مغشوشة أو غير‬
‫التاجر المنافس غير أمين أو ّأنو عمى وشك االفالس‪ ،‬أو االدعاء ّ‬
‫صالحة لالستعمال أو مسببة لألمراض ‪...‬الخ‪.1‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬احداث االضطراب في مشروع منافس أو في السوق‬

‫وتعتبر اعمال المنافسة غير مشروعة اذا كان من شأنيا االعتداء عمى السير الحسن لمعمل‬
‫وانتظامو في المحل التجاري‪ ،‬كإغراء عمال المحل وتحريضيم عمى االضراب أو عمى ترك العمل‪ ،‬أو‬
‫استخدام عامل أو اكثر كانوا يعممون لدى منافس بقصد اجتذاب عمالء المحل األول أو الوقوف عمى‬
‫أسرار أعمالو‪ ،‬وتتم المنافسة في ىذه الحالة حتى ولو لم يتم الحاق العمال بالعمل لدى مرتكب أعمال‬
‫المنافسة غير المشروعة‪.2‬‬

‫أما فيما يتعمق بإثارة االضطراب في السوق بصفة عامة فيي تمك التي ال ييدف من ورائيا‬
‫ّ‬
‫الى انقاص عمالء محل تجاري بعينو‪ ،‬ولكنو ييدف الى اجتذاب العمالء الى محل التاجر الذي يقوم‬
‫بأن السمعة التي‬
‫بأعمال المنافسة غير المشروعة‪ ،‬ومن ىذه األعمال االدعاء في اعالنات ينشرىا ّ‬
‫ينتجيا بيا مواصفات تنفرد بيا عمى خالف الواقع‪ ،‬أو يذكر ّأنو حاصل عمى ألقاب وميداليات ال‬
‫وجود ليا الجتذاب العمالء‪ ،‬وكذلك البيع بأقل من الثمن المتفق عميو بين التجار‪ ،‬أو البيع بتخفيض‬
‫كبير أو بخسارة قصد تحويل العمالء عن غيره‪.3‬‬

‫ولقد نص المشرع الجزائري عمى ىذه الصور لمخطأ المكون لممنافسة غير المشروعة في‬
‫القانون رقم ‪ 02-04‬الذي يحدد القواعد المطبقة عمى الممارسات التجارية‪ ،4‬بالضبط في المادة ‪27‬‬
‫منو والتي عددت األعمال غير النزيية عمى سبيل المثال‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫شبدنً َىر انذٌٍ‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.146‬‬
‫‪2‬‬
‫يصطفى كًبل طه‪ ،‬وائم أَىر بُذق‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ص ‪.668-667‬‬
‫‪3‬‬
‫أحًذ يحرز‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ص ‪.296-295‬‬
‫‪4‬‬
‫انمبَىٌ رلى ‪ 92-94‬يؤرخ فً ‪ٌ 23‬ىٍَى ‪ٌ 2994‬حذد انمىاعذ انًطبمت عهى انًًبرضبث انتجبرٌت انًعذل وانًتًى بًىجب انمبَىٌ ‪ 96-19‬يؤرخ فً‬
‫‪ 2919/98/15‬ج ر ع ‪.46‬‬
‫‪19‬‬
‫المطمب الثالث‪ :‬آثار دعوى المنافسة غير المشروعة‬

‫اذا توافرت شروط دعوى المنافسة غير المشروعة واتضح لممحكمة وقوع األعمال غير‬
‫المشروعة فميا أن تقضي عمى مرتكب الفعل غير المشروع بالكف عن االستمرار فيو وبإزالة أسبابو‬
‫وبتعويض من أصابو الضرر‪ ،‬كما يجوز لممحكمة أن تأمر باتخاذ االجراءات الالزمة لمنع وقوع‬
‫الضرر في المستقبل‪ ،‬ولممحكمة في سبيل ذلك مطمق التقدير‪ ،‬كما ليا أن تنشر الحكم الصادر في‬
‫دعوى المنافسة غير المشروعة في الصحف عمى نفقة المحكوم عميو‪ ،‬وليا أن تأمر بإزالة االعالنات‬
‫التي تسيء الى سمعة التاجر‪ ،‬أو مصادر السمعة التي تحمل عالمات مزورة أو مغتصبة‪ ،‬ذلك‬
‫باإلضافة الى التعويض النقدي الذي تقدره المحكمة‪.1‬‬

‫وقد يتعدد مرتكبو العمل غير المشروع كما في حالة استخدام التاجر لعامل كان يشتغل لدى‬
‫منافس‪ ،‬وقد يسأل التاج ــر بوصفو متبوعا عن اعمال المنافسة غير المشروعة التي يرتكبيا تابع ــوه‬
‫وفي ىذه الحاالت وما يماثميا التي يتعدد فييا المسؤولون عن المنافسة غير المشروعة فإنيم يكونون‬
‫متضامنين في التزاميم بتعويض الضرر‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫أحًذ يحرز‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.296‬‬
‫‪2‬‬
‫يصطفى كًبل طه‪ ،‬وائم أَىر بُذق‪ ،‬انًرجع انطببك‪ ،‬ص ‪.668‬‬
‫‪29‬‬

You might also like