Professional Documents
Culture Documents
الدرس الخامس المحل التجاري
الدرس الخامس المحل التجاري
مضمون الدرس:
استعممت عبارة المحل التجاري منذ القدم وكان يقصد بيا المكان الذي تمارس فيو التجارة
وتعرض فيو السمع ويستقبل فيو العمالء ،وظمّت الفكرة المادية لممحل التجارة سائدة الى غاية أواخر
أن المحل التجاري عبارة عن فكرة معنوية تنطوي
القرن التاسع عشر عندما استقر الفقو والتشريع عمى ّ
المخصصة لغرض االستغالل التجاري ،تتضمن ىذه المجموعة عناصر مادية ّ تحتيا مجموعة األموال
وأخرى معنوية.
1
وظيرت أول إشارة لممحل التجاري في القانون الفرنسي الصادر بتاريخ 1872/02/28الذي
أما بالنسبة لمتشريعات العربية فيعتبر التشريع
فرض ضريبة الدمغة عمى بيع المحال التجاريةّ ،
المصري ىو أول تشريع عربي ينظم أحكام المحل التجاري وذلك بالقانون رقم 11لسنة 1940الخاص
أما المشرع الجزائري فنظّم أحكام المحل التجاري في الكتاب الثاني من
ببيع المحال التجارية ورىنياّ ،
القانون التجاري المعنون بـ ـ"المحل التجاري" ،المواد 78وما يمييا.
ولدراسة ىذا الموضوع نتطرق أوال لمفيوم المحل التجاري ( تعريف المحل التجاري وطبيعتو
وخصائصو وعناصر) في المبحث األول ،ثم نتطرق في المبحث الثاني الى حماية المحل التجاري.
2
المبحث األول :مفيوم المحل التجاري
لم يفمح الفقو في وضع تعريف جامع مانع لممحل التجاري واختمف الفقياء في شأن ذلك
اختالفا ّبينا ،كما اختمفوا أيضا فيما بينيم حول الطبيعة القانونية لممحل التجاري ،ويكمن ىذا
االختالف في مدى تمتع المحل التجاري بالشخصية المعنوية وبالذمة المالية المستقمة عن ذمة
صاحبو ،كما يتميز المحل التجاري بعدة خصائص ،ويتكون من مجموعة من العناصر المادية
والمعنوية.
بناء عمى ما تقدم ذكره نتطرق في ىذا المبحث إلى تعريف المحل التجاري وتحديد خصائصو
(مطمب أول) ،ثم نتطرق الى طبيعتو القانونية (مطمب ثان) ،ثم من خالل ذلك نستنتج أىم خصائصو
(مطمب ثالث) لنختم ىذا المبحث بالتعرض الى عناصر المحل التجاري (مطمب رابع).
نتعرض الى تعريف المحل التجاري في (فرع أول) ،ومن خالل ذلك نستنتج أىم خصائصو
(فرع ثان).
لم يتعرض القانون التجاري الجزائري -عمى غرار أغمب التشريعات المقارنة -الى تعريف
المحل التجاري ،لذلك تصدى الفقو الى ذلك ففشل في تعريفو تعريفا جامعا مانعا ،فذىب بعضيم الى
تعريفو بالنظر الى عناصره المادية والمعنوية ،ومنيم من قصر تعريفو عمى الطبيعة القانونية لممحل
عدد خصائصو دون ذكر لعناصره ،وذلك ما نعرضو فيما يمي:
ومنيم من ّ
تنص المادة 87ق ت ج عمى "تعد جزءا من المحل التجاري االموال المنقولة المخصصة
لممارسة نشاط تجاري.
ويشمل المحل التجاري الزاميا عمالئو وشيرتو.
كما يشمل ايضا سائر االموال االخرى الالزمة الستغالل المحل التجاري كعنوان المحل واالسم
التجاري والحق في االيجار المعدات واآلالت والبضائع وحق الممكية الصناعية والتجارية كل ذلك مالم ينص
أن المشرع الجزائري لم يعرف المحل التجاري ،واكتفى
عمى خالف ذلك" ،ويتضح من خالل نص المادة ّ
بتعداد عناصره دون بيان لطبيعتو أو خصائصو القانونية.
3
أما القضاء فقد اكتشف فكرة المحل التجاري من واقع المنازعات المعروضة عميو ،وكانّ
تحدد طبيعة المحل ،ومدى اعتباره منشأة
يعطي لعنصر االتصال بالعمالء والزبائن األىمية التي ّ
تجارية من عدمو.1
أما الفقو فمم يتفق عمى تعريف محدد لممحل التجاري ،واختمفوا في ذلك اختالفا بينا عمى النحو
ّ
التالي:
يعرفو جانب من الفقو بالقول "المحل التجاري اداة المشروع التجاري ،وىو يتألف من مجموع
عناصر مادية ومعنوية مخصصة لمزاولة التجارة ،وقد تسمى بالمتجر أو المصنع بحسب ما اذا كان
مخصصا لمزاولة التجارة بالمعنى الضيق أو لمزاولة الصناعة ،ويسمى أيضا بالمنشأة في تطبيق
قوانين الضرائب والعمل".2
بأنو "يقصد بالمحل التجاري ليس المكان الذي يباشر فيو التاجر
ويعرفو جانب آخر من الفقو ّ
ّ
تجارتو بل مجموعة األموال المادية والمعنوية التي يستخدميا التاجر في مباشرة حرفتو ،ويشمل بذلك
البضائع وأثاث المحل وسياراتو وآالتو وشيرة اسمو وما يكون لديو من براءة اختراع وما إلى ذلك مما
يستعين بو التاجر في مباشرة التجارة".3
أن المحل التجاري عبارة عن " كتمة من األموال المنقولة تخصص لممارسة
و يرى رأي آخر ّ
مينة تجارية وتتضمن بصفة أصمية بعض مقومات معنوية ،وقد تشتمل عمى مقومات أخرى مادية".4
ولقد اقتصر البعض اآلخر من الفقياء عمى عنصر "االتصال بالعمالء" واعتبروه كافيا لتكوين
أن العناصر األخرى لممحل التجاري ذات طابع عرضي قد
المحل التجاري ،ويبررون صحة قوليم ّ
توجد وقد ال توجد ،وان كان األستاذ "احمد محرز" يميل إلى ىذا الرأي عمى أساس أن عنصر
االتصال بالعمالء يمثّل القاسم المشترك لممحالت التجارية عمى اختالف أنواعيا وتباين نشاطيا ،إال
يعرف المحل التجاري بأنو وحدة متكاممة تشتمل عمى
انو يفضل رأي الفقيو Paul Didierالذي ّ
مجموعة من العناصر المتصمة بمشروع معين.5
1
أحًذ يحرز ،انًرجع انطببك ،ص .177
2
يصطفى كًبل طه ،وائم أَىر بُذق ،انًرجع انطببك ،ص .645
3
حهى أبى حهى ،زهٍر عببش؛ يشبر انٍه يٍ طرفَ :بجً زهرة ،انًرجع انطببك ،ص .99
4
تعرٌف انفمٍه " ، "Hamelيشبر انً عُذَ :بدٌت فضٍم ،انًرجع انطببك ،ص .296
5
أحًذ يحرز ،انًرجع انطببك ،ص ص .179-178
4
وبالرجوع لمقانون التجاري الجزائري نجد أن المادة 78منو جاءت تحت عنوان" عناصر المحل
ان ىناك خمط فيالتجاري" ،"Des éléments du fonds de commerceوالممفت لالنتباه ّ
المصطمحات ،فالمشرع يستعمل بالمغة الفرنسية مصطمح " " LE fonds de commerceويقصد بو
أما مصطمح "المحل التجاري" بالمغة
"القاعدة التجارية" التي تتكون من العناصر المادية والمعنويةّ ،
العربية فيقصد بو العقار أي الجدران المعدة لالستغالل التجاري والتي يطمق عمييا بالفرنسية " LE
،"locale commercialوبذلك لم يفرق المشرع الجزائري بين مصطمحي القاعدة التجارية والمحل
التجاري ،فيو يستعمل مصطمح المحل التجاري لكن يقصد بو العناصر المادية والمعنوية الواردة في
المادة 78ق ت ج.1
من خالل التعاريف السابقة تتجمى أىم خصائص المحل التجاري ،نتناوليا في اآلتي:2
-المحل التجاري منقول معنوي :المحل التجاري مال معنوي ،أي ليس لو وجود مادي يدركو الحس
ألن قيمة عناصره المعنوية تفوق بكثير قيمة نظيرتيا من العناصر المادية والتي اضحت ال ذلك ّ
تش ّكل إالّ جزءا يسي ار من قيمة المحل التجاري ،وعميو ال بد من االعتراف لممحل التجاري بصفة المال
أن عناصره الرئيسية تعتبر منقوالت معنوية عمى غرار االتصال بالعمالء واالسم والعنوان
المعنوي ،اذ ّ
التجاريين والشيرة وغيرىا حيث ال وجود حسي مادي ليذه العناصر ،فالمحل التجاري كوحدة مستقمة
عن العناصر المكونة لو يمثّل مال معنوي ال تطبق عميو وفقا ليذا المفيوم القواعد الخاصة بالمنقوالت
المادية عمى غرار قاعدة الحيازة في المنقول سند لمممكية وغيرىا.
-المحل التجاري ذو طابع تجاري :بمعنى ّأنو ال يكون محال تجاريا إالّ اذا كان مكرسا لمزاولة
خصص لنشاط مدني فال يعد محال تجاريا حتى ولو كان لو عمالء وبو األعمال التجارية ،فاذا ما ّ
معدات كمكتب المحامين والمحاسبين واألطباء ،ولكن اذا تمثل نشاط المحل في العمميات التي تقوم
1
َبجً زهرة ،انًرجع انطببك ،ص ص .91-99
2
بطبو حًذ انطراوَت ،ببضى يحًذ يهحى ،يببدئ انمبَىٌ انتجبري ،انطبعت انثبنثت ،دار انًطٍرة ،عًبٌ ،االردٌ ،2914 ،ص ص .122-121
5
ألن النشاط الذي يقوم بو يعد تجاريا بحسب الشكل
فانو يعتبر محال تجارياّ ،
بيا المحالت التجارية ّ
طبقا لممادة 4/03ق ت ج.1
-الصفة الذاتية لممحل التجاري :يتمتع المحل التجاري بذاتية مستقمة مميزة لو عن العناصر المكونة
لو ،وكل عنصر في المحل التجاري يخضع لقواعد قانونية خاصة بو ،فيجوز التصرف في بعض
أن
عناصر المحل التجاري دون أن يؤثر ذلك عميو كوحدة ذاتية تختمف عن العناصر المكونة لو ،كما ّ
انتقال المحل التجاري إلى شخص آخر يتطمب إتباع اجراءات معينة بالنسبة ليذه العناصر فإذا كان
المحل التجاري يحتوي ضمن عناصره عمى عالمة تجارية وجب تسجيل انتقال تمك العالمة في
السجل الخاص بالعالمات التجارية.2
نادى بيذه النظرية مجموعة من الفقياء األلمان ،ومؤدى ىذه النظرية اعتبار المحل التجاري
مجموعا قانونيا من األموال يشتمل عمى الحقوق والديون الناشئة عن االستغالل التجارية ،فالمحل
التجاري وفقا ليذه النظرية عبارة عن ذمة مالية مستقمة عن الذمة المالية لمتاجر ،وبذلك تكون قد
وضعت حد فاصل بين المحل التجاري باعتباره ذمة تجارية من جية والذمة المدنية لمتاجر من جية
أخرى ،وبالتالي يستقل دائنو المحل التجاري بالتنفيذ عميو دون أي مزاحمة من دائني التاجر اآلخرين
1
َبدٌت فضٍم ،انًرجع انطببك ،ص ص .221-229
2
بىلبدوو أحًذ ،انًرجع انطببك ،ص .62
6
معنى ذلك أنو في حالة افالس المحل التجاري ال يكون لدائنيو االّ التنفيذ عمى ما تضمنو المحل من
أموال دون أن يكون ليم الحق في التنفيذ عمى اموال صاحب المحل التجاري األخرى.1
أن األخذ بيذه النظرية يتعارض مع التشريعات التي تقوم عمى مبدأ وحدة الذمة المالية
غير ّ
باعتبارىا وحدة واحدة تضمن حقوقيا جميع التزاماتيا ،ومن ىذه التشريعات القانون الجزائري حيث
أن جميع أموال المدين ضامنة لموفاء بديونو سواء كانت ىذهقررت المادة 188من القانون المدني ّ ّ
الديون مدنية أو تجارية وجميع الدائنين متساوون في ىذا الضمان إالّ من كان لو منيم حق التقدم وفقا
أن ىذه النظرية تتعارض مع كون التنازل عن المحل التجاري لتأمين خاص أو بنص القانون ،كما ّ
يستبعد بقوة القانون انتقال الحقوق والديون الناشئة عن استغالل المحل الى المتنازل لو.2
بأن المحل
ازاء النقد الذي وجو إلى نظرية المجموع القانوني ذىب جانب من الفقو إلى القول ّ
التجاري يعتبر مجموعا واقعيا أو فعميا من األموال تآلفت لتحقيق غرض مشترك ىو استغالل واستثمار
مما يترتب عمى ذلك ّانو
المحل التجاري مع احتفاظ كل عنصر بطبيعتو ونظامو القانوني الخاص بوّ ،
يمكن أن يكون المحل التجاري محال لتصرفات قانونية كالبيع والرىن تختمف أحكاميا عن أحكام
التصرفات التي ترد عمى كل عنصر من عناصره ،فيذه النظرية تفصل بين المحل التجاري ككيان
قائم بذاتو ومستقل عن العناصر التي تدخل في تكوينو.3
أن ىذه النظرية لم تسمم ىي األخرى من النقد عمى اعتبار ّأنيا تفتقر إلى مدلول قانوني
غير ّ
محدد ،فالمجموع الواقعي أو الفعمي مصطمح غريب عن الحقل القانوني ،فيذا األخير ال يعرف إالّ
المجموع القانوني الذي يعترف لو القانون بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي والمحل التجاري
بوجو عام ليس من ىذا القبيل.4
وتخول الممكية المعنوية التي لمتاجر عمى محمو حق استعمالو واستغاللو والتصرف فيو عمى
نحو منفرد وىو حق ليس محل مزاحة من أحد ويحتج بو في مواجية الكافة ونحميو دعوى المنافسة
فإن ممكية المحل التجاري ترتبط وجودا وعدما
غير المشروعة ،وكسائر الممكيات غير المادية ّ
باستغاللو ،حيث تبقى ىذه الممكية قائمة طالما كان المحل التجاري محال لالستغالل وتزول اذا توقف
التاجر عن ىذا االستغالل.2
يتكون المحل التجاري من عناصر ذات طبيعة مختمفة الزمة لالستغالل التجاري ،تضمنتيا
أن عناصر المحل
المادة 78من القانون التجاري الجزائري ،والسالف ذكرىا ،ويتضح من النص ّ
التجاري تنقسم الى قسمين ،عناصر مادية عمى غرار البضائع والميمات ،وعناصر معنوية مثل
ويتبين
االتصال بالعمالء والسمعة التجارية والعنوان التجاري وحقوق الممكية الصناعية واألدبية والفنيةّ ،
أن أىم عناصر المحل التجاري تتمثل في عنصري االتصال بالعمالء من الفقرة الثانية لذات المادة ّ
أما باقي العناصر فال يمزم توافرىا
والسمعة التجارية ،والتي يجب أن ال يخمو منيا أي محل تجاريّ ،
في المحل التجاري جميعا ،فقد ال يحتوي المحل عمى حقوق ممكية صناعية أو أدبية ،ومن المتفق
أن العناصر المادية ليست أساسية في المحل التجاري ،فاذا بيعت البضائع وحدىا فال يعد ذلك
عميو ّ
بيعا لممحل التجاري ،واذا تخمف عنصر البضائع أو الميمات فال يقمل ذلك من وجود المحل
التجاري.3
والخالصة ّأنو من النادر أن تجتمع جميع العناصر المادية والمعنوية في محل ميين ،وتختمف
درجة أىمية ىذه العناصر تبعا لنوع التجارة ،فحق االيجار يعتبر أىم عناصر المحل اذا كان موضوع
1
عهً انببرودي ،يحًذ انطٍذ انفمً ،انًرجع انطببك ،ص 184؛ أحًذ يحرز ،انًرجع انطببك ،ص .182
2
يحًذ انطٍذ انفمً ،انًرجع انطببك ،ص .285
3
أحًذ يحرز ،انًرجع انطببك ،ص ص .186-185
8
ألن الموقع لو أثر كبير عمى المتعاممين مع ىذه األنشطة ،وحقوق الممكية
النشاط مقيى أو مطعمّ ،
الصناعية قد تكون جوىر المحل التجاري اذا كان النشاط صناعيا ،وىكذا.
ذكرت المادة 87ق ت مجموعة من العناصر المادية عمى سبيل المثال تتمثل في:
أوال -البضائع :ىي األشياء الذي يرد عمييا التعامل ،وتشمل جميع أنواع السمع التي يقوم المحل
بالتعامل بيا والتي تختمف حسب طبيعة نشاط كل محل ،سواء كانت في المحل أو في المخزن وسواء
كانت مص نعة أو مواد أولية ،ويشترط العتبار ىذه المنقوالت من البضائع أن تكون ممموكة لمتاجر
الذي يستغل المحل ،والبضائع قد تكون عنص ار اساسيا في المحل كما ىو الحال في تجارة المواد
الغذائية بالتجزئة ،وقد ال تكون عنص ار في المحل كما ىو الحال في مكاتب السمسرة او البنوك.2
لما كانت البضائع معدة لمبيع وكان مجموعيا يتغير من يوم آلخر بل ربما من لحظة ألخرى وّ
فإنو ال يمكن اعتبارىا عنص ار دائما لممحل التجاري ،بالرغم من ّأنيا تمثّل قيمة ينبغي االعتداد بيا
ّ
3
وىذا ما يفسر أن البضائع ال يشمميا رعن المحل التجاري .
ثانيا -المعدات واآلالت :ىي المنقوالت المادية التي تستعمل في استغالل المحل التجاري دون أن
تكون معدة لمبيع كاآلالت التي تستخدم في صنع المنتجات أو اصالحيا والسيارات المستخدمة في
النقل ،واألثاث ،وأدوات القياس والوزن والكيل ،وايضا المحروقات كالفحم والزيت تعتبر من المعدات
1
أحًذ يحرز ،انًرجع انطببك ،ص .186
2
عسٌس انعكٍهً ،انًرجع انطببك ،ص .239
3
يصطفى كًبل طه ،وائم أَىر بُذق ،انًرجع انطببك ،ص .648
9
اما اذا كانت مادة أولية لصناعة السمع أو كانت معدة لمبيع
اذا كان الغرض منيا تشغيل اآلالتّ ،
المخصصة
ّ أما بالنسبة لمميمات وىي المنقوالت الثابتة
فإنيا تكون من قبيل البضاعة ال المعداتّ ،
ّ
لالستغالل التجاري تصبح عقاار بالتخصيص إذا كان صاحبيا يمارس التجارة في عقار يممكو كما لو
أن العقار بالتخصيص يتبع حكم العقار الذي
كان النشاط مصنعا أو مسرحا أو فندقا ،واألصل ّ
المخصصة الستغالل المحل التجاري
ّ فإن المنقوالت
خصص لخدمتو ،لكن في حالة المحل التجاري ّّ
1
تبقى محتفظة بصفتيا منقوالت وتدخل عنصار في المحل التجاري .
ومن العناصر التي اختمف بشأن اعتبارىا عنصر من عناصر المحل التجاري أم ال العقار
وبخاصة في الحالة التي يكون فييا التاجر مالكا لمعقار الذي يزاول فيو تجارتو ،ووقع التصرف بالبيع
أن الراجح الى وجوبأو الرىن عمى المحل فيل يشمل ذلك العقار؟ ،اختمف الفقو بشأن ذلك االّ ّ
ألن المحل التجاري
استبعاد العقار من عناصر المحل التجاري ولو اتفق الطرفان عمى خالف ذلك ّ
أن المحل التجاري الذي يكون نشاطو شراء العقارات ألجل عبارة مجموعة من األموال المنقولة ،عمى ّ
فإنو يشمل بين عناصره المادية العقارات اذ تعتبر شبيية بالبضائع
اعادة بيعيا (م 2/02ق ت ج) ّ
في المحالت التجارية.2
1
أحًذ يحرز ،انًرجع انطببك ،ص .187
2
عسٌس انعكٍهً ،انًرجع انطببك ،ص ص .231-239
3
بىلبدوو أحًذ ،انًرجع انطببك ،ص 58؛ َبجً زهرة ،انًرجع انطببك ،ص .98
19
المعنوية المذكورة فييا ،فيما عدا عنصري االتصال بالعمالء والشيرة حيث يمزم توافرىما في المحالت
أما باقي العناصر فقد توجد في بعض المحالت دون بعضيا
التجارية جميعا عمى اختالف انشطتياّ ،
اآلخر حسب طبيعة االستغالل ،وأىم العناصر المعنوية ما يمي:
أوال -االتصال بالعمالء :يقصد باالتصال بالعمالء أو الزبائن مجموع األشخاص الذين اعتادوا
التعامل مع المحل التجاري باقتناء لوازميم منو أو االستعانة بخدماتو ألسباب يقدرىا ىؤالء المتعاممون
في شخص القائم عمى أمر المحل التجاري مثل أمانتو ودقة مواعيده وجودة منتجاتو وحسن استقبالو
ليم وارضاء رغباتيم ،واالتصال بالعمالء عنصر أساسي في المحل التجاري يمثّل جانبا كبي ار من
1
أن الفقرة األولى من المادة 78ق ت اعتبرتو عنصر الزامي ال وجود لممحل
قيمتو ،لذلك نجد ّ
التجاري بدونو.
وكمما زاد عدد العمالء زادت أرباح المحل التجاري واتسعت دائرة نشاطو ،وال يقصد بحق
أن لمتاجر حقا عمى عمالئو بحيث يمزميم عمى التردد عمى محمو القتناء لوازميماالتصال بالعمالء ّ
و ّانما يكون ليؤالء الحرية المطمقة في التعامل معو ألسباب يقدرونيا ىم وحدىم ،و ّانما المقصود من
ذلك حق التاجر في حماية العالقات التي بينو وبين عمالئو ،ومنع الغير من تضميميم لينصرفوا عن
المحل بوسائل غير مشروعة.2
ونظ ار لما يتطمبو عنصر االتصال بالعمالء من وقت طويل ومجيود كبير من التاجر حتى
فإن ليذا العنصر قيمة كبيرة يكون ليا وزن كبير في تقييم يبعث الثقة في نفوس المتعاممين معوّ ،
قرر القانون حمايتو ،واستمزم المشرع الجزائري وجوده في المحل التجاري.3
المحل التجاري ،لذلك ّ
ثانيا -السمعة التجارية (الشيرة):
يقصد بالسمعة التجارية أو الشيرة قدرة المحل التجاري عمى جذب العمالء بسبب ميزات
وصفات عينية تتعمق بالمحل التجاري ذاتو ،وليس بشخص صاحبو ،ال سيما موقعو المتميز ومظيره
الخارجي والديكور الخاص بواجية المحل دقة التنظيم وجمال العرض.4
ولقد أثير جدل فقيي حول مفيوم االتصال بالعمالء والسمعة التجارية وىل يعتبران شيئا واحدا
أو عنصران مختمفان؟
1
عهً انببرودي ،يحًذ انطٍذ انفمً ،انًرجع انطببك ،ص .172
2
يصطفى كًبل طه ،وائم أَىر بُذق ،انًرجع انطببك ،ص 659؛أحًذ يحرز ،انًرجع انطببك ،ص ص .199-189
3
أحًذ يحرزَ ،فص انًرجع ،ص .199
4
يحًذ انطٍذ انفمً ،انًرجع انطببك ،ص .273
11
يرى جانب من الفقوّ 1أنو ال محل لمتمييز بين االتصال بالعمالء والسمعة التجارية استنادا الى
ترادف معنى كل منيما ىو حق التاجر في االتصال بعمالئو الذين اعتادوا التعامل معو ،سواء كان
ذلك لصفات تتصل بشخصو أو لصفات ترتبط بمحمو القائم باستغاللو ،عالوة عمى أنو ليس ىناك
أىمية قانونية أو عممية يمكن ان تبرر التفرقة بينيما.
بينما يذىب جانب آخر من الفقو الى التمييز بين العنصرين ،ويرون أن االتصال بالعمالء
يكون فيو اجتذاب الزبائن ألسباب شخصية وىـي ميزة فـي شخص التاجر صاحب المحل التجاري
بينما يكون اجتذابيم في عنصر السمعة التجارية ألسباب عينية تتصل بالمحل التجاري ذاتو وال دخل
أن المشرع الجزائري أشار الييما في المادة 78كعنصرين متميزين.2
ثم ّ
لمتاجر في ذلكّ ،
وقد أورد البعض المثال التالي لتوضيح التفرقة السابقة" :ينشئ تاجر مطعما في مدينة معينة
ويعرف بكرمو وحسن استقبال العمالء والسعي إلرضائيم والدقة في مالحظة الشروط الصحية
والنظافة والخبرة في اختيار انواع االطعمة الشيية والميارة في تحضيرىا ،فيقبل بعض أىل المدينة
عميو ويعتادون مع مرور الزمن عمى ارتياد محمو ويصبحون عمالء دائمين ،ىذا ىو عنصر االتصال
بالعمالء ،وقد يمتاز المحل بفخامة المظير أو بوقوعو عمى مفترق الطرق أو في مكان أىل بالسكان
أو بالقرب من محطة السكك الحديدية ،فيستطيع بذلك أن يجتذب العميل العابر أو الغريب عن
المدينة ،ىذا ىو عنصر السمعة التجارية".3
ثالثا -اإلسم التجاري :ىو االسم الذي يستخدمو التاجر في مزاولتو تجارتو وتميز محمو التجاري عن
نظائره ،قد يكون ىذا االسم ىو اسم الشخص المالك لممحل ،كما قد يكون اسما مبتك ار مثل :مالبس
الشرق ،مقيى البساتين ،فندق االوراس ...الخ ،وفي حالة ما اذا اطمق صاحب المحل اسمو عمى
المحل التجاري فال يعني ذلك اختالط االسم المدني باالسم التجاري ،بل يبقى كل منيما متمي از عن
أن االسم التجاري عمى خالف االسم المدني ال يعتبر حقا لصيقا بالشخصية بل
اآلخر ،عمى اعتبار ّ
ىو حق مالي يدخل في تكوين المحل ويجوز التعامل فيو كمما انصب التصرف عمى المحل ،لكن ال
يجوز التعامل فيو مستقال عن التصرف في المحل التجاري ذاتو.4
1
يٍ رنك :عهً انببرودي ،يحًذ انطٍذ انفمً ،انًرجع انطببك ،ص .173
2
َبدٌت فضٍم ،انًرجع انطببك ،ص .299
3
عهً انببرودي ،يحًذ انطٍذ انفمً ،انًرجع انطببك ،ص ص .173-172
4
عهٍبٌ انشرٌف ،يصطفى ضهًبٌ ،رشبد انعصبر ،انمبَىٌ انتجبري يببدئ ويفبهٍى ،انطبعت األونى ،دار انًطٍرة ،عًبٌ ،االردٌ ،2999 ،ص 66؛
َبدٌت فضٍم ،انًرجع انطببك ،ص ص .211-219
12
ويكون االسم التجاري ممموكا لمتاجر السباق إلى قيده في السجل التجاري ،و في حالة تشابو
األسماء الشخصية المستعممة في اسمين تجاريين وجب عمى التاجر الجديد إضافة بيانات أخرى
لمتمييز بينيما واذا تم االعتداء عمى االسم التجاري ولحق التاجر ضرر نتيجة لذلك جاز ليذا التاجر
المتضرر رفع دعوى المنافسة غير المشروعة عمى المعتدي مطالبا إياه بالتعويض وازالة االعتداء.1
واذا كان اسم المحل التجاري ىو اسم صاحبو فال يجوز لمشتري ىذا المحل أن يستعممو االّ
في األغراض المتعمقة بتجارة المحل ،حيث يجوز لمبائع أو ورثتو الرجوع عمى المشتري في حالة
االخالل بذلك ،كما يجوز في حالة بيع المحل أن يشترط البائع عدم استعمال اسم المحل التجاري وأن
يستبعده من العناصر التي ينصب عمييا البيع ،ويستعمل بطبيعة الحال االسم التجاري لمتوقيع عمى
معامالت التاجر.2
رابعا -العنوان التجاري :العنوان التجاري ىو تسمية مبتكرة أو رمز يختاره التاجر كشعار خارجي
لتمييز محمو التجاري عن نظائره واجتذاب العمالء ،مثل الصالون األخضر ،والممكة الصغيرة ...الخ
ويختمف العنوان التجاري عن االسم التجاري فالتاجر غير ممزم باتخاذ تسمية مبتكرة لمحمو في حين
أن العنوان التجاري ال يستمد من االسم الشخصي لمتاجر ،وال يميز
أنو ممزم باتخاذ اسم تجاري ،كما ّ
بعض الفقو بين االسم التجاري والعنوان التجاري ،فال يعد االسم التجاري عنص ار من عناصر المحل
التجاري إال إذا تم وضعو عمى المحل ،لكن اذا تم استعمالو قد يكون لو دور فعال في جذب العمالء
فقد تعتمد شيرة المحل احيانا عمى التسمية المبتكرة.3
1
بىلبدوو أحًذ ،انًرجع انطببك ،ص .59
2
َبدٌت فضٍم ،انًرجع َفطه ،ص .211
3
يصطفى كًبل طه ،وائم أَىر بُذق ،ص 651؛ َبدٌت فضٍم ،انًرجع انطببك ،ص ص .212-211
4
أحًذ يحرز ،انًرجع انطببك ص ص .192-191
13
فإنو يرد أيضا عمى الحق في االيجار ،ولقد لذلك اذا ورد التصرف عمى المحل التجاري ّ
تعرض المشرع لحماية ىذا الحق في المادة 172وما يمييا من القانون التجاري ،فيجوز لممستأجرين
أو المحول الييم المحل التجاري أو ذوي الحقوق التمسك بتجديد عقد االيجار اذا استغموا المحل وفقا
لشروط معينة تتعمق بالمدة ،واذا رفض المؤجر ذلك التزم بضرورة دفعو لممستأجر تعويض االستحقاق
طبقا لنص المادة 176من القانون التجاري وىذا بالنسبة لمعقود المبرمة قبل تعديل القانون التجاري
أن
أما بالنسبة لمعقود المبرمة بعد ذلك فنجد ّ
بموجب القانون 02-05المؤرخ في ّ ،2005/02/06
المؤجر غير ممزم في حالة رفضو تجديد االيجار بدفع أي تعويض لممستأجر إالّ اذا اتفق الطرفان
عمى خالف ذلك وذلك ما قضت بو المادة 187مكرر ق ت ج.1
سادسا -حقوق الممكية الصناعية :يشمل تعبير الممكية الصناعية التجارية الحقوق التي ترد عمى
براءات االختراع والرسوم والنماذج الصناعية والعالمات التجارية ،وجميع ىذه الحقوق معنوية ذات
قيمة مالية يجوز التصرف فييا ،وقد تكون في بعض المحالت من أىم العناصر التي تتكون منيا
وتخضع ىذه الحقوق لنظام قانوني خاص ،كما يجوز التنازل عنيا مستقمة أو مع المحل التجاري.2
سابعا -الرخص واالجازات :قد يستمزم القانون شروطا خاصة لممارسة انواع معينة من النشاط
التجاري كافتتاح مطعم أو مقيى أو فندق ،أو مصنع ،ويشترط القانون صدور ترخيص يثبت توافر ما
يتطمبو القانون من ضوابط ومعايير ،وتعتبر ىذه الرخص من عناصر المحل التجاري اذا كان من
أما اذا كانت الرخصة شخصية فال تعتبر من عناصر المحل التجاري.3
الجائز التنازل عنياّ ،
نخمص من عرض عناصر المحل التجاري المادية والمعنوية ّأنو يمزم توافر شرطان لقيام
المحل التجاري ،أوليما :ضرورة توافر حد أدنى من العناصر المعنوية ،وثانييما أن يكون القصد من
أما بالنسبة لمحد األدنى من العناصر الالزمة لقيام المحل
تجميع ىذه العناصر استغالل نشاط تجاريّ ،
التجاري أي تمك التي ال يقوم المحل التجاري بدونيا لكونيا من مقوماتو األساسية والجوىرية فقد
أن الراجح في الفقو مستقر عمى اعتبار عنصر االتصال بالعمالء ىو اختمف الفقو بشأنيا ،والحقيقة ّ
العنصر الجوىري والمقوم األساسي في تكوين المحل وبدونو ال يقوم ،فيو بمثابة القاسم األساسي في
تكوين المحال التجارية عمى الرغم من تباين أوجو نشاطيا.
1
َبدٌت فضٍم ،انًرجع انطببك ،ص ص .215-213
2
زوبت ضًٍرة ،انًرجع انطببك ،ص .117
3
أحًذ يحرز ،انًرجع انطببك ،ص .194
14
المبحث الثاني :حماية المحل التجاري من المنافسة غير المشروعة
تعد المنافسة من أىم العناصر التي تقوم عمييا التجارة ،لما لذلك من أثر واضح في زيادة
جودة السمع والخدمات وخفض اسعارىا مما يعود بالفائدة عمى المستيمكين وعمى التاجر الذي يستفيد
من زيادة مبيعاتو وبالتالي زيادة ارباحو ،األمر الذي يؤدي في النياية الى ازدىار التجارة ،واألصل في
الحقل التجاري ىو حرية المنافسة التي كفميا القانون ،1بمعنى ّأنو يحق لكل تاجر أن يستخدم من
أن ذلك كمو مشروط
االساليب ما يراه مناسبا لتحقيق اىدافو في ترويج بضائعو وتحقيق االرباح ،االّ ّ
بأن تكون المنافسة بأسموب نزيو ومشروع.2
أن المحالت التجارية في سعييا لجذب أكبر عدد من العمالء والزبائن قد تمجأ الى عمى ّ
وسائل غير مشروعة مخالفة لمقانون ومنافية لألعراف التجارية وال تتفق ومبدأ حسن النية في التعامل
والوسائل غير المشروعة التي تمجأ الييا المحالت التجارية في منافسة بعضيا البعض يطمق عمييا
المنافسة غير المشروعة ،وعمى التاجر الذي لحقو ضرر من جراء ذلك أن يرجع المتسبب فيو
بالتعويض عن طريق ما يسمى بـ ـ "دعوى المنافسة غير المشروعة".3
نميز بين المنافسة غير المشروعة والمنافسة الممنوعة ،فمعنى ىذه األخيرة حظر
ويجب أن ّ
القيام بنشاط معين إما بمقتضى نص القانون كاشتغال الشخص بأعمال الصيدلة دون الحصول عمى
المؤىالت العممية الالزمة لذلك ،أو بمقتضى اتفاق بين المتعاقدين ،مثل التزام مؤجر العقار بعدم
منافسة المستأجر أو التزام بائع المحل التجاري بعدم انشاء تجارة مماثمة ،أ ّما المنافسة غير المشروعة
فال ينصب المنع فييا عمى مباشرة النشاط التجاري ولكنيا تدل عمى استخدام أساليب غير سميمة
لمتأثير عمى العمالء واجتذابيم.4
تيدف حماية المحل التجاري أساسا إلى حماية عنصر االتصال بالعمالء من االعتداء عميو
سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة ،من خالل االعتداء عمى احد العناصر المعنوية المكونة لممحل
أما العناصر المادية
التجاري ،فحماية ىذه العناصر تتم عن طريق دعوي المنافسة غير المشروعةّ ،
لممحل التجاري في حال االعتداء عمييا فيتم حمايتيا عن طريق دعوي االسترداد التي يتم بواسطتيا
1
تُض انًبدة 43يٍ انذضتىر انجسائري عهى "حرٌت االضتثًبر وانتجبرة يعترف بهب وتًبرش فً اطبر انمبَىٌ ."...
2
بطبو حًذ انطراوَت ،ببضى يحًذ يهحى ،انًرجع انطببك ،ص ص .138-137
3
عسٌس انعكٍهً ،انًرجع انطببك ،ص ص .244-243
4
عهٍبٌ انشرٌف ،يصطفى ضهًبٌ ،رشبد انعصّبر ،انًرجع انطببك ،ص .69
15
استرجاعيا من المعتدي مع امكانية الحكم بالتعويض لصالح المضرور عما لحقو من ضرر نتيجة
ذلك االعتداء.1
وبناء عمى ما تقدم ذكره سنتناول بالدراسة في ىذا الموضوع أساس دعوى المنافسة غير
المشروعة وشروطيا(مطمب أول) ،ثم نتطرق لصورىا (مطمب ثان) ،وآثارىا (مطمب ثالث).
نتناول أوال أساس دعوى المنافسة غير المشروعة (فرع أول) ،ثم نعرج عمى شروطيا (فرع ثان).
لم يضع المشرع قواعد خاصة لتنظيم المسؤولية الناجمة عن أعمال المنافسة غير المشروعة
لذا لجأ القض اء الفرنسي الى القواعد العامة والمطبقة في نطاق المسؤولية التقصيرية استنادا لنص
المادة 1382من القانون المدني ،والتي تقابميا المادة 124من القانون المدني الجزائري.2
أن رفع دعوى المنافسة غير المشروعة معناه رفع دعوى المسؤولية التقصيرية
ومعنى ذلك ّ
فيحق لكل تاجر لحقة ضرر من جراء فعل المنافسة غير المشروعة أن يرفع دعوى بذلك أمام القضاء
3
عما اصابو من ضرر من جراء تمك األعمال كمما توافرت شروط المسؤولية يطالب فييا بالتعويض ّ
لكن تأسيس دعوى المنافسة غير المشروعة عمى أحكام المسؤولية التقصيرية والتي يتوقف أثرىا عمى
ألن اليدف األساسي من وراء دعوى المنافسة غير المشروعة ىو
تعويض الضرر يعد غير كافيّ ،
محو أثر ىذه المنافسة ومنعيا في حالة عدم مشروعيتيا مستقبال ،باإلضافة إلى إصالح الضرر عن
طريق التعويض ،وىنا تظير الطبيعة الخاصة لدعوى المنافسة غير المشروعة ،ومع ذلك ىذا ال
يش ّكل عائقا تأسيسيا عمى أساس المسؤولية التقصيرية اذا تحققت شروطيا ،والمتمثمة في الخطأ
والضرر والعالقة السببية:4
1
َبجً زهرة ،انًرجع انطببك ،ص .194
2
تُض انًبدة 124يٍ انمبَىٌ انًذًَ انجسائري عهى "كم فعم أٌب كبٌ ٌرتكبه انشخض بخطئه ،وٌبب ضررا نهغٍر ٌهسو يٍ كبٌ ضببب فً حذوثه
ببنتعىٌض".
3
َبدٌت فضٍم ،انًرجع انطببك ،ص .229-228
4
بىلبدوو أحًذ ،انًرجع انطببك ،ص .63
16
أوال-الخطأ :يشترط لتوافر ركن الخطأ أن تكون ىناك منافسة حقيقية ،وأن يرتكب المنافس خطأ في
ىذه المنافسة.
ويشترط في المنافسة الحقيقية أن تتم بين مرتكب الخطأ والمتضرر مما يفترض ّأنيما ي ازوالن
أن التماثل المطمق بين النشاطين ليس الزما ،بلتجارة أو صناعة من نوع واحد أو متماثمة ،عمى ّ
يكفي أن تكون ثمة صمة بينيما بحيث يكون لمعمل غير المشروع تأثير عمى نشاط المدعي ،كما لو
كان أحد المحمين مصنعا إلنتاج وبيع سمعة معينة وكان اآلخر محال لإلتجار في ىذه السمعة كما
يشترط ثانيا أن تكون ىناك منافسة غير مشروعة وذلك يستمزم قيام خطأ يتمثل في استخدام اساليب
منافية لمقوانين واالعراف والعادات التجارية ،وال يشترط العتبار المنافسة غير مشروعة أن يتوافر سوء
النية وقصد االضرار لدى المنافس بل يكفي أن يصدر الفعل عن اىمال أو عدم احتياط.1
ثانيا-الضرر :يشترط في دعوى المنافسة غير المشروعة أن يثبت المدعي الضرر الذي لحقو بسبب
عدم مشروعية المنافسة ،غير ّأنو ال يمزم في ىذا الصدد أن يكون الضرر قد وقع فعال ،بل يكفي أن
يكون محتمل الوقوع في المستقبل ،كما ال يمزم أن يكون الضرر ماديا بل يكفي أن يكون أدبيا ،كذلك
ال أىمية لمقدار جسامة الضرر كبي ار أو صغيرا ،فتقرر المسؤولية ولو كان الضرر بسيطا.2
ومن تطبيقات القضاء في ىذا الشأن - :األمر باتخاذ االجراءات الكفيمة بدرء الضرر
أن الضرر
االحتمالي كاتخاذ االجراءات التي من شأنيا ازالة المبس بين منشأتين ،وذلك عمى اساس ّ
ألن التيديد بضرر يعتبر في ذاتو ضر ار يمكن أن يعوض
االحتمالي يعتبر في الحقيقة ضر ار واقعا ّ
عينا بإزالة ىذا التيديد واألمر باإلجراءات الكفيمة بمنع تحقق الضرر المحتمل ،كما ال يستمزم القضاء
اثبات الضرر الفعمي ،بل تستخمص وقائعو من قيام وقائع يكون من شأنيا عادة الحاق الضرر
بالمحل التجاري.3
وىكذا يكون لدعوى المنافسة غير المشروعة وظيفة وقائية الى جانب جبر الضرر ولكن ليس
لممدعي طمب تعويضات االّ اذا أثبت حدوث الضرر فع ــال فيكــون الضــرر شرطا لطمب التعويض
لكنو ليس شرطا في كل الحاالت في دعوى المنافسة غير المشروعة.4
1
يصطفى كًبل طه ،وائم أَىر بُذق ،انًرجع انطببك ،ص .666
2
َفص انًرجع وَفص انًىضع،؛ َبدٌت فضٍم ،انًرجع انطببك ،ص .239-229
3
أحًذ يحرز ،انًرجع انطببك ،ص .291
4
َبدٌت فضٍم ،انًرجع َفطه ،ص .239
17
ثالثا -العالقة السببية :لمحكم بالتعويض عن أعمال المنافسة غير المشروعة البد من قيام اربطة
سببية بين الخطأ المتمثل في عمل من أعمال المنافسة غير المشروعة والضرر الذي أصاب
أن اثبات توافر ىذه الرابطة في دعوى المنافسة غير المشروعة
المضرور أو المدعي التاجر ،والحقيقة ّ
فإنو
ال يكون أم ار سيال في جميع األحوال ،فإذا كان من الممكن اثباتيا في حالة تحقق الضرر فعالّ ،
من العسير بيان الرابطة السببية عندما يكون الضرر محتمال ،وبخاصة في حاالت الضرر االحتمالي
أو في الحالة التي تكون فييا المنافسة غير المشروعة موجية الى مجموع التجار الذين يمارسون نفس
الحرفة ،1لذلك يرى البعض ّأنو ال يشترط في دعوى المنافسة غير المشروعة إثبات عالقة السببية
ألنو في دعوى المنافسة غير المشروعة ال يحكم بالتعويض
متى كان الضرر محتمل الوقوع ،وذلك ّ
في حالة الضرر االحتمالي واّنما يحكم بو في حالة الضرر الفعمي.2
أعمال المنافسة غير المشروعة ىي تمك األعمال التي يقوم بيا التاجر وتنطوي عمى طرق
منافية لمقوانين والموائح أو العادات أو األمانة أو الشرف والنزاىة ،وأعمال المنافسة غير المشروعة ال
تدخل تحت حصر ،بيد ّأنو يمكن ردىا الى ثالث مجموعات ،نوردىا في اآلتي:
الفرع األول :أعمال من شأنيا احداث المبس والخمط بين المنشآت أو المنتجات
من تطبيقاتيا :اتخاذ اسم تجاري مشابو السم تجاري سابق ،تقميد العالمات التجارية او
االختراعات والرسوم والنماذج الصناعية ووضع بيانات غير صحيحة عمى المنتجات ،وتقميد
االعالنات والدعاية التي يقوم بيا منافس ،أو غير ذلك من االساليب التي تؤدي الى احداث المبس
عمى العمالء ،سواء بالنسبة لممحل في مجموعو أو البضاعة فيمكن ان ينصب الخمط عمى عنصر
واحد أو اكثر من عناصر المحل ،وال يشترط أن يكون الدافع عمى ارتكاب ىذه العمال االضرار
أن القضاء يشترط لقيام
بشخص التاجر انما قد ييدف الى اجتذاب العمالء نحو محمو التجاري ،عمى ّ
حالة المبس الموجبة لممسؤولية أن تكون االعمال التي قام بيا المنافس مشابية ومتماثمة تماما
لمعناصر التي ينصب عمييا الخمط ،بحيث توحي في ذىن العمالء التشابو المؤدي الى الخمط وعدم
القدرة عمى التمييز بينيما.3
1
شبدنً َىر انذٌٍ ،انًرجع انطببك ،ص ص .145-144
2
َبجً زهرة ،انًرجع انطببك ،ص .198
3
أحًذ يحرز ،انًرجع انطببك ،ص ص .294-293
18
الفرع الثاني :ادعاءات غير مطابقة لمحقيقة
قد يعمد التاجر الى صرف العمالء عن منافسو بذكر ادعاءات غير حقيقية تتضمن طعنا في
أن
شخصو وتشوييا لسمعتو التجارية اضعافا الئتمانو ،أو حطا من قيمة وجودة منتوجاتو ،كذكر ّ
بأنو يبيع منتجات مغشوشة أو غير
التاجر المنافس غير أمين أو ّأنو عمى وشك االفالس ،أو االدعاء ّ
صالحة لالستعمال أو مسببة لألمراض ...الخ.1
وتعتبر اعمال المنافسة غير مشروعة اذا كان من شأنيا االعتداء عمى السير الحسن لمعمل
وانتظامو في المحل التجاري ،كإغراء عمال المحل وتحريضيم عمى االضراب أو عمى ترك العمل ،أو
استخدام عامل أو اكثر كانوا يعممون لدى منافس بقصد اجتذاب عمالء المحل األول أو الوقوف عمى
أسرار أعمالو ،وتتم المنافسة في ىذه الحالة حتى ولو لم يتم الحاق العمال بالعمل لدى مرتكب أعمال
المنافسة غير المشروعة.2
أما فيما يتعمق بإثارة االضطراب في السوق بصفة عامة فيي تمك التي ال ييدف من ورائيا
ّ
الى انقاص عمالء محل تجاري بعينو ،ولكنو ييدف الى اجتذاب العمالء الى محل التاجر الذي يقوم
بأن السمعة التي
بأعمال المنافسة غير المشروعة ،ومن ىذه األعمال االدعاء في اعالنات ينشرىا ّ
ينتجيا بيا مواصفات تنفرد بيا عمى خالف الواقع ،أو يذكر ّأنو حاصل عمى ألقاب وميداليات ال
وجود ليا الجتذاب العمالء ،وكذلك البيع بأقل من الثمن المتفق عميو بين التجار ،أو البيع بتخفيض
كبير أو بخسارة قصد تحويل العمالء عن غيره.3
ولقد نص المشرع الجزائري عمى ىذه الصور لمخطأ المكون لممنافسة غير المشروعة في
القانون رقم 02-04الذي يحدد القواعد المطبقة عمى الممارسات التجارية ،4بالضبط في المادة 27
منو والتي عددت األعمال غير النزيية عمى سبيل المثال.
1
شبدنً َىر انذٌٍ ،انًرجع انطببك ،ص .146
2
يصطفى كًبل طه ،وائم أَىر بُذق ،انًرجع انطببك ،ص ص .668-667
3
أحًذ يحرز ،انًرجع انطببك ،ص ص .296-295
4
انمبَىٌ رلى 92-94يؤرخ فً ٌ 23ىٍَى ٌ 2994حذد انمىاعذ انًطبمت عهى انًًبرضبث انتجبرٌت انًعذل وانًتًى بًىجب انمبَىٌ 96-19يؤرخ فً
2919/98/15ج ر ع .46
19
المطمب الثالث :آثار دعوى المنافسة غير المشروعة
اذا توافرت شروط دعوى المنافسة غير المشروعة واتضح لممحكمة وقوع األعمال غير
المشروعة فميا أن تقضي عمى مرتكب الفعل غير المشروع بالكف عن االستمرار فيو وبإزالة أسبابو
وبتعويض من أصابو الضرر ،كما يجوز لممحكمة أن تأمر باتخاذ االجراءات الالزمة لمنع وقوع
الضرر في المستقبل ،ولممحكمة في سبيل ذلك مطمق التقدير ،كما ليا أن تنشر الحكم الصادر في
دعوى المنافسة غير المشروعة في الصحف عمى نفقة المحكوم عميو ،وليا أن تأمر بإزالة االعالنات
التي تسيء الى سمعة التاجر ،أو مصادر السمعة التي تحمل عالمات مزورة أو مغتصبة ،ذلك
باإلضافة الى التعويض النقدي الذي تقدره المحكمة.1
وقد يتعدد مرتكبو العمل غير المشروع كما في حالة استخدام التاجر لعامل كان يشتغل لدى
منافس ،وقد يسأل التاج ــر بوصفو متبوعا عن اعمال المنافسة غير المشروعة التي يرتكبيا تابع ــوه
وفي ىذه الحاالت وما يماثميا التي يتعدد فييا المسؤولون عن المنافسة غير المشروعة فإنيم يكونون
متضامنين في التزاميم بتعويض الضرر.2
1
أحًذ يحرز ،انًرجع انطببك ،ص .296
2
يصطفى كًبل طه ،وائم أَىر بُذق ،انًرجع انطببك ،ص .668
29