You are on page 1of 1

‫أصل التنزيه والتجسيم بين األشاعرة وابن تيمية‪..

‬‬
‫األشاعرة نظروا في قوله تعالى(ليس كمثله شيء)‪..‬فنفوا أي وجه شبه في الذاتيات بين الخالق والمخلوق‪..‬وأكدوا نظرهم هذا‬
‫بالعقل بأنه لو كان بين الخالق المخلوق أدنى وجه شبه للزم قدم المخلوق أو حدوث الخالق‪..‬وكالهما باطل‪...‬‬
‫ثم نظروا فيما وصف هللا به نفسه من صفات الكمال كالعلم والقدرة واإلرادة والكالم والسمع والبصر ألخ‪...‬فأثبتوها أزلية مع‬
‫نفيهم التشابه في الذاتيات من حيث كونها أعراضا وفق فهمهم لقوله تعالى(ليس كمثله شيء)‪..‬‬
‫وقالوا باالشتراك في لوازمها الخارجية بين الخالق والمخلوق‪..‬كالعلم يلزم منه انكشاف المعلومات‪...‬واإلرادة يلزم منها‬
‫التخصيص‪..‬والقدرة يلزم منها الفعل‪..‬وهكذا‪..‬وهذا الالزم الخارجي هو القدر مشترك بين الخالق والمخلوق والذي ال يلزم‬
‫منه أي وجه شبه بين الخالق والمخلوق في الذاتيات‪..‬‬
‫ثم نظروا فيما أضاف هللا لنفسه من أعيان كاليد والوجه والعين ألخ‪...‬وما أضاف لنفسه من أفعال كاالستواء والنزول‬
‫واإلتيان‪....‬فنفوا التشابه في الذاتيات من حيث كونها أعيانا وفق فهمهم لقوله تعالى(ليس كمثله شيء)‪..‬ونفوا قيام تلك األفعال‬
‫في ذات هللا نفيا لمماثلة األعراض التي تزول في المخلوقات التي تدل على الحدوث‪...‬واختلفوا في إثباتها‪:‬‬
‫‪-١‬فذهب فريق إلى إثبات تلك األعيان صفات معان سمعية كالسمع والبصر والقدرة واإلرادة‪...‬وإلى إثبات تلك األفعال أفعاال‬
‫يفعلها هللا في غيره ال في ذاته‪...‬‬
‫‪-٢‬وذهب فريق آخر إلى تأويلها إما إجماال مع تفويض المعنى المراد هلل وهم المفوضة‪..‬أو تفصيال لمعنى يوافق لغة العرب‬
‫والسياق والمحكمات وهم المؤولة‪...‬‬
‫وأما ابن تيمية‪...‬فنظر فيما وصف هللا عز وجل به نفسه من صفات كالعلم والقدرة والحياة فأثبتها صفات‪...‬ونظر فيما‬
‫أضاف هللا عز وجل لنفسه من أعيان كاليد والوجه والعين فأثبتها أعيانا‪...‬وما أضاف هللا لنفسه من أفعال كاالستواء والنزول‬
‫واإلتيان والكالم واإلرادة‪..‬فأثبتها أفعاال يفعلها هللا في ذاته‪...‬‬
‫فاعترضه (ليس كمثله شيء)‪..‬فنظر في نفي المماثلة‪..‬فلو أنه نفى المماثلة في الذاتيات لزمه نفي األعيان كأبعاض للذات‬
‫ونفي األفعال كأعراض تقوم بالذات‪..‬وقد سبق إثباته لها هلل‪..‬فأّو ل آية (ليس كمثله شيء) بأنها تنفي المماثلة في‬
‫الكيفيات‪...‬مع بقاء التماثل في الذاتيات‪....‬فيسلم له بذلك إثبات األعيان واألفعال كأعراض‪..‬‬
‫فاعترضه تركيب الذات من أعيان وزوال األعراض وهما من دالئل الحدوث‪...‬ففر من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬بقوله بأن تركيب الذات من أعيان أزلي أبدي ال ينفصل وال يتفرق كما أن صفات الكمال من علم وقدرة وحياة أزلية‪...‬‬
‫‪ -‬وبقوله بدوام الفعل وتتجدده في ذات هللا دائما أبدا فقال بتسلسل األفعال في الماضي كما في المستقبل فرارا من زوال‬
‫األعراض‪..‬‬
‫فأبقى بذلك على األعيان التي يتركب منها الذات‪..‬واألعراض التي تقوم بالذات‪..‬فجعل هللا جسما ال يتفرق وال يخلو من‬
‫أعراض أزال أبدا‪ ..‬مثبتا التماثل في ذاتيات األعيان واألعراض نافيا التماثل في كيفياتها‪..‬تعالى هللا عن ذلك علوا كبيرا‪..‬‬
‫هذه خالصة ألصل الخالف بين تنزيه األشاعرة وتجسيم ابن تيمية فيما بدا للعبد الفقير‪...‬‬
‫والحمد هلل رب العالمين‪..‬‬

You might also like