Professional Documents
Culture Documents
-بيف مارشاؿ ماكموىاف وعبد الرحمف عزي-
أ .ياسيف قرناني
جامعة سطيؼ -2-الجزائر
تمييد:
تعد ىظرية الحتهية التكىكلكجية لهارشاؿ هاكمكٌاف هف أٌـ الىظريات االتصالية في
العصر الحديث كاف كؿ الدراسات الغربية كحتى العربية اىطمقت هف أفكار هاكمكٌاف هع ها
اىجرت عىً هف هخاطر في سحب أفكارٌا كافتراضاتٍا عمى الهجتهعات العربية دكىها هراعاة
لبلختبلؼ في االىتهاء الحضارم هف جٍة ثـ تقديس ٌذي الىظرية كغمؽ باب االجتٍاد كالتىظير
لمظاٌرة االتصالية كاإلعبلهية في الببلد العربية اإلسبلهية ككاف بطكف األهٍات أصابٍا العقـ كلـ
تمد هف يىظر لمظاٌرة االتصالية في الببلد العربية ،لكف هع هطمع الثهاىيىات ظٍرت هعالـ ىظرية
جديدة في اإلعبلـ في الببلد العربية سهيت بىظرية الحتهية القيهية في اإلعبلـ لصاحبٍا عزم
عبد الرحهف هستهدة أفكارٌا هف التراث الديىي كالفكرم كالثقافي في البيئة العربية اإلسبلهية .
كسيتـ في ٌذي الهداخمة المقارنة والتحميؿ بيف الىظريتيف هف حيث:
-1المنطمقات الفكرية – ( الفكر كالعقؿ الغربي لمحتهية التكىكلكجية -كالفكر العربي اإلسبلهي
لمحتهية القيهية).
-2الهتغير الرئيس في الىظريتيف -الرسالة ىي الوسيمة بالىسبة لمحتهية التكىكلكجية والرسالة
ىي القيمة بالىسبة لمحتهية القيهية.
-3هاذا قدهت ىظرية الحتهية التكىكلكجية لمثقافة اإلنسانية كهاذا قدهت الحتهية القيهية لمثقافة
اإلىساىية.
-4أٌـ االنتقادات الهكجٍة لمحتهية التكىكلكجية كالحتهية القيهية.
-المالحظ عمى النظريتيف أف كالىما تمت تسميتيما بمفيوـ الحتمية لذلؾ ال بد أف نبيف معنى
الحتمية كمنطمؽ ألىـ األفكار الواردة في النظريتيف ثـ نذكر التبايف بيف الحتميتيف في
المضموف واألفكار التي تنطوي في كال النظريتيف.
-1الحتمية:déterminisme:
تعىي عهمية اعتهاد هتغير كاحد هف دكف الهتغيرات األخرل في تفسير الظكاٌر ،كأف يفسر تطكر
الهجتهع عمى أساس الصىاعة فقط ،فتككف ٌذي حتهية تكىكلكجية ،أك يفسر عمى أساس الحركة
االجتهاعية فتككف ٌذي حتهية اجتهاعية كٌكذا ك تخص الحتهية اإلعبلهية media
déterminismeعمى اعتبار أف تكىكلكجيا االتصاؿ ٌي الهتغير األساسي في تفسير آليات
65
التطكر االجتهاعي ،فقد اعتبر هاكمكٌاف أف اكتشاؼ الكتابة 3500ؽ.ـ يعتبر ثكرة االتصاؿ
األكلى ،إذ أكجدت ٌذي الثكرة المغة الهكتكبة ك سهحت بالتدكيف ،كٌك أحد شركط التطكر ،
كحدثت ثكرة االتصاؿ الثاىية بعد أف اكتشؼ غكتىبرغ الهطبعة هىتصؼ القرف الخاهس عشر ،ك
أدت ٌذي الثكرة إلى اىتقاؿ الهجتهع هف االتصاؿ الشفكم إلى االتصاؿ الهكتكب ،كاعتبر
هاكمكٌاف أف ثكرة االتصاؿ الثالثة ارتبطت باكتشاؼ الحاسكب في الستيىات كالتي ىقمت الهجتهع
إلى هرحمة االتصاؿ التفاعمي ،أها اكتشاؼ اإلذاعة في العشريىات هف القرف العشريف ك التمفزيكف
في الخهسيىات هف القرف ىفسً ،فٍي اهتداد لسهع اإلىساف ك بصري فحسب عمى الرغـ هف أىٍا
ىقمت الهجتهع هف هرحمة الثقافة الهكتكبة عمى هرحمة الثقافة الهسهكعة الهكتكبة ،كاعتبر
كالهرئية ،كيعتبر هاكمكٌاف أف هحتكل هاكمكٌاف أف الحضارة تأثرت سمبا بالثقافة الهسهكعة
الكسائؿ شيء عرضي فاألٌـ ٌك الكسيمة في حد ذاتٍا ،كالتي تفرض عمى الهجتهع ىهطا خاصا
هف التفكير ك االتصاؿ أم الرسالة ٌي الكسيمة.
أها عزم فيرل أف الرسالة أساس عهمية االتصاؿ عمى رغـ أف الكسيمة تؤثر في طبيعة
كهضهكىا فالرسالة تهثؿ الهرجع في ضبط العبلقة بيف الثقافة ك الرسالة شكبل
تكىكلكجيا االتصاؿ كاإلعبلـ ،فالثقافة هرجعية ثابتة في التاريخ كتتجدد بالفعؿ كالههارسة ،أها
الكسيمة فقد تكلدت في فضاء الثقافة كسعت إلى التعبير عف بعض هظاٌر ٌذي األخيرة ،كاذا
كاىت ٌذي التكىكلكجيات قد أىتجت الثقافة الجهاٌيرية فإف الثقافة لـ تصبح الثقافة في حد ذاتٍا.
-2المنطمقات الفكرية لكال النظريتيف:
اىطمقت ىظرية الحتهية التكىكلكجية(ماكموىاف) هف أفكار الفبلسفة الغربييف كآدـ سهيث كجكف
سيتكارث هيؿ كىيتشً ألىٍا ترتكز عمى القكة االقتصادية كالصىاعية التي عرفتٍا أركبا في عصر
الىٍضة الصىاعية في القرف الثاهف عشر إذ يعزم كؿ تغيير اجتهاعي إلى القكة الهادية كسطكة
اآللة
ق ٌدـ ٌذي الىظرية هارشاؿ هاكمكٌاف Marshal Macluhanفي ستيىات القرف الهاض ػػي،
لتطكر كسائؿ االتٌصاؿ كتأثيراتٍا عمى الهجتهعات الحديثة ،إذ
تصكرات ىظرية ٌ
ٌ كٌي عبارة عف
تطكر تكىكلكجيا االتٌصاؿ ،كعرفت ٌذي الىظرية
هردي إلى ٌ
تطكر الهجتهعات الهعاصرة ٌ يرل أف ٌ
ركاجا هى قطع الىظير هىذ ىشر أفكار هاكمكٌاف ،كأصبحت هىطمقا لكثير هف األبحاث في اإلعبلـ
كاالتٌصاؿ في جهيع أىحاء العالـ.
بدأ العمهاء ك الباحثكف في هجاؿ االتٌصاؿ االٌتهاـ بكتابات هاكمكٌاف في ثهاىيات القرف
أف الهجتهػػع أصبح هجتهػػع هعمكهػات تتكلى
ألىً هف أكائؿ كتٌاب الحداثة الذيف يركف ٌ
العشريف ٌ
قيادتً أجٍػزة الحاسػكب كااللكتركىياتٌ ،ذي التكىكلكجيات أحدثت ثكرة في شتٌى هىاحي الحياة بها
الفف ،ككذا أفكار هاكمكٌاف الهستحدثة ك الجريئة إذ يرل
فيٍا العهؿ كاالقتصػاد كالسياسػة كالثقافػة ك ٌ
كاالتٌصالية، قكة الكسيمة التكىكلكجية
هردي إلى ٌ
أف كؿ تغيير حاصؿ في الهجتهعات اإلىساىية ٌ
ٌ
66
هجرة غكتىبرغ .كتعتبر ىظرية
هرة سىة 1962في كتابً ٌ
كقد عرض هاكمكٌاف أفكار ىظريتً ٌأكؿ ٌ
الحتهية التكىكلكجية Technologiqual Déterminisme Théorieهف الىظريات الهادية
التطكر
ٌ التي اٌتهت بتأثير تكىكلكجيا كسائؿ اإلعبلـ عمى شعكر كتفكير كسمكؾ األفراد كعمى
التٌاريخي لمهجتهعات ،كيرل أف هضهكف كسائؿ اإلعبلـ ال يىظر إليً هستقبل عف تكىكلكجيا
كسائؿ اإلعبلـ ىفسٍا .فطبيعة كسائؿ اإلعبلـ التي يتصؿ بٍا اإلىساف تشكؿ األفراد ك
الهجتهعات أكثر هها يشكمٍا هضهكف االتٌصاؿ ،لذلؾ يفترض في ىظريتً أف تكىكلكجيا االتٌصاؿ
تكبؿ حرية اإلىساف الذم يصبح تابعا لٍا .
ٌ
أها ىظرية الحتهية القيهية(عزم عبد الرحهاف) فقد اىطمقت كارتكزت عمى القراف الكريـ كالسىة
الىبكية كاجتٍادات الهفكريف كالعمهاء الهسمهيف كالفارابي كابف رشد كابف خمدكف كهالؾ بف ىبي
كالفضيؿ الكرثبلىي .كترتكز ٌذي الىظرية عمى القيـ الف البعد عف القيـ التي ارتضاٌا اهلل تعالى
سبب لشقاء الهجتهعات اإلىساىية خاصة كاف اإلعبلـ كهضاهيىً كاليات ههارستً بعيد كؿ البعد
عف سىف الٍداية كالقيـ .كاذا كاف هفٍكـ " القيـ " هف الهفاٌيـ التي تطرقت إليٍا الفمسفات القديهة
في الفكر اإلىساىي إذ حضيت باالٌتهاـ هىذ زهف بعيد في عٍد الفكر اليكىاىي هف خبلؿ
كتابات بعض الفبلسفة هثؿ أفبلطكف حتى كاف لـ يسهكٌا بٍذا االسـ إال أف كثي ار هف
الهصطمحات التي كاىكا يستعهمكىٍا تشير إلى القيهة كالخير كالحؽ كالجهاؿ كالعدؿ ،لكف هع
ظٍكر الثكرة الصىاعية كتطكر الهجتهعات اإلىساىية هف الىاحية الهادية ثـ إغفاؿ القيهة هف كؿ
ىشاطات الكائف البشرم ال سهيا في الهجتهعات الغربية ،كهع التطكر الٍائؿ لتكىكلكجيا االتصاؿ
كاإلعبلـ ثـ إقصاء القيهة هف هحتكيات ٌذي التقىيات ،اعتقادا هىٍـ أف القيـ ال عبلقة بالجاىب
الهادم أك أىٍا هثبطة ك هعرقمة لمىشاط االتصالي ك اإلعبلهي.
لكف في هىظكرٌا ىحف كهسمهيف ىرل أف القيهة ٌي األساس كالهكجً كالغابط كالهعيار لكؿ ىشاط
إىساىي فإف كاف السمكؾ أك الفعؿ هكافقا لمقيهة كاف هحهكدا كايجابيا كاذا كاف هجاىيا أك هخالفا
لمقيهة كاف سالبا كبعيدا عف الحؽ .قاؿ تعالى "اق أر بسـ ربؾ الذم خمؽ "( ) 2فالقيهة سبقت
فعؿ اإلىساف "في البدء كاىت الكمهة ،ككمهة اق أر في اآلية أتبعت باسـ ربؾ ،أم تككف القراءة في
سياؽ تعاليـ إلٍية ك ليست قراءة هف دكف هرجعية ( .)3
كٌذا ٌك الهسعى الذم قدهً األستاذ عزم عبد الرحهف عف أٌهية دراسة القيـ ك التي عبر فيٍا
في ىظريتً الحتهية القيهة التي يدعك هف خبللٍا إلى أٌهية القيهة كقدرتٍا عمى تفسير الكثير هف
الظكاٌر االجتهاعية كاألزهات الهجتهعية ،كفي الكاقع أف الىظرية القيهة جديرة باالٌتهاـ ألىٍا
تجعؿ القيـ صغير هستقبل ،كليس هتغي ار تابعا ،كبالتالي كٌي تكضع في هصاؼ تىظير الهفكريف
الكبار ،أهثاؿ هاكس فيبر( ) Maxe vibreالذم حاكؿ شرح تطكر الرأسهالية الغربية اىطبلقا
هف الدكر الذم تمعبً القيـ الديىية البركتستاىتية ،كها كاف هع بداية القرف الهاضي قد اىشغؿ بأثر
القيـ في تكجيً البحث العمهي كها ابتكر هصطمح المياقة القيهية كأشار إلى قيهىا تحدد
67
هكضكعات البحث التي ىبحث فيٍا ،كفي ىفس االتجاي كاف Tacots Parsonsقد أشار في
كرقتً إلى الجذكر األساسية الديىية لمقيـ تحت عىكاف Religions Organisation in the
. )4 ( United
رغـ أف الهدارس االجتهاعية الغربية تزعـ أف الهجتهع ٌك الذم يىتج القيـ.
-3المتغير الرئيس في كال النظريتيف:
ا-الرسالة ىي الوسيمة'(:ماكموىاف)
أف هضهكف أية كسيمة ٌك الرسالة إلى جاىب ها ذكرىا ٌ
يعىي هاكمكٌاف بفكرة الكسيمة ٌي ٌ
أف هضهكىٍا ٌك الكبلـ كالكمهة الهكتكبة ٌي
دائها كسيمة أخرل فإذا ىظرىا إلى الكتابة ىجد ٌ
هضهكف الهطبكع كالهطبكع ٌك هضهكف التمغراؼ كهضهكف الكبلـ ٌك عهمية التفكير التي
تعتبر غير لفظية ،ككؿ تكىكلكجيا جديدة تخمؽ ظركفا جديدة تحكؿ ها يسبقٍا دائها إلى شكؿ
أف لكؿ كسيمة جهٍك ار هف الىاس الذيف يفكؽ
فىي هتقادـ .كالكسيمة ٌي الرسالة تعىي أيضا ٌ
حبٍـ لٍذي الكسيمة اٌتهاهٍـ بهضهكىٍا كبهعىى آخر يعتبر التمفزيكف – ككسيمة – هحك ارٌ
الٌتهاـ كبير(.)5
تصكرات ىظرية كبعض االفتراضات األساسية
:يقدـ ىهكذج هاكمكٌاف ٌ -افتراضات النظرية ٌ
عف التأثير الكهي لكسائؿ اإلعبلـ كاالتٌصاؿ كثقافتً في الهجتهع .
أف الىاس يتكيفكف هع بيئتٍـ في ك ٌؿ عصر هف خبلؿ تكازف كىسبة -1االفتراض األوؿٌ :
هحددة الستخداـ الحكاس كصمتٍا بالكسيمة االتٌصالية الرئيسية التي يستخدهكىٍا ،كالتي يىتج
بأف
عىٍا ىسبة استخداـ لحاسة هعيىة ذات صمة بتىكع الكسيمة الهستخدهة .كيعتقد هاكمكٌاف ٌ
ذلؾ صحيح ألف كؿ كسيمة اتٌصالية إىها ٌي اهتداد لمكاقع اإلىساىي ،كهف ثـ فإف كسائؿ
االتٌصاؿ سكؼ تبالغ في استخداـ ٌذي الحاسة الهعيىة أك تمؾ .كهٍها كاىت ىكعية الكسائؿ
الصحافة الهطبكعة
فإىٍا ستؤثر عمى الطريقة التي يرل بٍا الىاس العالـ ،فقبؿ اختراع ٌ
السائدة ٌ
كاف الىاس القبميكف أىاسا اتٌصالييف ذكم تكجً سهعي .فقد كاىكا قريبيف هف بعضٍـ عاطفيا
كشخصيا ،كقد عزز كشجع استخداـ األلؼ بإعادة تصكر البيئة بطريقة هكاىية حيزيً ،كخمفت
تفجير في الهجتهع بفضؿ كتفريؽ الفرد عف الفرد اآلخر ،أها العصر
نا تكىكلكجيا غكتىبرغ
تـ اختراع أجٍزة
كرد العالـ هرة أخرل إلى ككىً قرية عالهية ،حيث ٌ
كرس ٌ
االلكتركىي فقد ٌ
االتٌصاالت التي تصؿ بيف أطراؼ العالـ كبشري .
قكة التأثير عىد هاكمكٌاف ٌك الكسيمة ذاتٍا بهعزؿ عها تحهمً هف
-2االفتراض الثانيٌ :
هضهكف ،كٌذا ها اصطمح عميً الرسالة ٌي الكسيمة ،كيرل أف هضهكف االتٌصاؿ غير ذم
عبلقة بالتأثير فالذم يجعؿ ٌىاؾ فرقا في حياة الىاس إىها ٌي الكسائؿ السائدة في عصر ها
كليس هضهكىٍا ،كيرل هارشاؿ هاكمكٌاف Marshal Macluhanأف كسيمة االتٌصاؿ ٌي
فإف الىاس لف يتكقفكا عف
بغض الىظر عف هحتكل البراهج ٌ
ٌ الرسالة التي تعتقد بأىً
بذاتٍا ٌ
68
هشاٌدة التمفاز ،كأف كسائؿ اإلعبلـ االلكتركىي ستغير جهيع أكجً حياة البشر كالحضارة ،كذلؾ
هجرد أدكات
ليس بسبب هضهكىٍا ،كلكف بسبب طبيعتٍا ،فكسائؿ اإلعبلـ بالتالي أصبحت ٌ
قكة تستطيع تغيير الىاس كحياتٍـ ،فعمى سبيؿ الهثاؿ شٍدت هدف كثيرة تغيي ار
غاهضة ذات ٌ
هبلحظا في عادات الطعاـ كالىكـ كاالختبلط االجتهاعي بسبب التمفاز.
ب-الرسػػػػالة ىي القيمػػػػػة (عزي) :
ٌذي إذا كاىت هضاهيف تكىكلكجيا االتصاؿ ككسائؿ اإلعبلـ الهعاصرة تصدر عف هالكي
التقىيات ك الهركجيف أليديكلكجياتٍـ ك ثقافتٍـ الهادية فإف الرسالة اإلعبلهية في الىظرية القيهة
ك هضهكىٍا البد أ ف تخضع لهصدر ٌذي القيـ كٌك اهلل سبحاىً ك تعالى هف خبلؿ شريعة
اإلسبلـ التي حددت الهىٍج القكيـ في اإلعبلـ هرجعية ههارسة كاستخداها .كٌك هىٍج ال عكج
فيً كاهتداد في الككف كالحياة كمٍا ( .فميس ثهة شؾ في أف اإلسبلـ ديىا يحهؿ هعً هىذ ظٍكري
ىظاها لمقيـ خاصا بً ،فالقرآف الكريـ ٌك كتاب أخبلؽ قبؿ كؿ الشيء ٌذا فضبل عف ككىً
هحكر ها ىسهيً بالهكركث اإلسبلهي الخاص ) ()6
فالرسالة أك الهضهكف في هىظكر الىظرية ال بد أف تككف لٍا قيهة ساهية قاؿ تعالى« كقكلكا
لمىاس حسىا» .هف ٌذا الهىطمؽ البد أف تكيؼ الرسالة اإلعبلهية كفؽ البعد ألقيهي كهرجعية،
كلكي يككف األهر أكثر جبلء كأشد كضكحا ىذكر قكؿ كرـ شمبيٌ :ؿ تبيح لىا شريعة اهلل أف
ىسترؽ السهع أك ىتجسس أك ىتمصص لمحصكؿ عمى خبر كالتفرد بً قبؿ اآلخريف ،كٌؿ
ىسعى بً لمسبؽ الصحفي؟ كٌؿ يبيح لىا اإلسبلـ أف ىىشر أخبار الجىس كاألسرار الخاصة
كالفضائح ؟
ٌذا ٌك كاقع الحاؿ في الرسائؿ اإلعبلهية عبر الفضائيات كاالىترىيت كألعاب الفيديك
فالكثير هىٍا يدعكا إلى العىؼ كالرذيمة كالجىس كالفسؽ كٌذا يتىافى هع قيـ اإلسبلـ كالفطرة
السميهة لمجىس البشرم ،السيها إذا عمهىا أف رسالة اإلسبلـ هف خصائصٍا الكاقعية كقيهٍا ليست
هثالية بعيدة عف حياة غريزية تدعك إلى الجاىب الترابي كالهادم في اإلىساف .كلكىٍا شريعة
جاءت بالرسالة تحؿ هشكبلت الىاس كتحقؽ لٍـ الخير كالحؽ كالعدؿ ،لكؿ البشر ألىٍا ،رسالة
عالهية تدعك إلى الفضيمة كاألخبلؽ الساهية التي يحبذٌا كؿ بشر سكم قاؿ تعالى « كها
أرسمىاؾ إال كافة لمىاس بشي ار كىذي ار» ( .)7كيىبغي كذلؾ أف تتهاشى الرسالة كتتكيؼ حسب
كاألزهىة دكف أف يؤثر دلؾ في جكٌرٌا ظركؼ الهجتهع كهشكبلتً في هختمؼ األهكىة
كغايتٍا فالعدؿ هثبل يتحقؽ في الهجتهع في هختمؼ هظاٌر الحياة االجتهاعية داخؿ األسرة كفي
الهىظ هات ك الهؤسسات الٍيئات ،كالهٍـ في ذلؾ كمً أف تككف الرسالة قادرة عمى حهؿ الىاس
عمى التحكؿ األفضؿ كاألسهى كاألرقى فكريا كأخبلقيا كسمككيا كٌذا ٌك الهطمكب.
-4ماذا قدمت النظريتيف لمثقافة اإلنسانية:
69
قكة التأثير عىد هاكمكٌاف ٌك الكسيمة ذاتٍا بهعزؿ عها تحهمً هف هضهكف ،كٌذا ها إف ٌ
اصطمح عميً الرسالة ٌي الكسيمة ،كيرل أف هضهكف االتٌصاؿ غير ذم عبلقة بالتأثير فالذم
يجعؿ ٌىاؾ فرقا في حياة الىاس إىها ٌي الكسائؿ السائدة في عصر ها كليس هضهكىٍا .تزداد
قكة التأثير في طريقة تعاهؿ الىاس كىظرتٍـ لمكسائؿ لذلؾ سيطرت األٌكاء كالغرائز عمى كؿ
هضاهيف الكسائؿ تقريبا.
أها عزم عبد الرحهف أف فيرل التأثير ال يتـ هف دكف هرجعية تربط هحتكيات ٌذي التكىكلكجيات
بالقيـ ،فالتأثير يككف إيجابيا إذا كاىت الهحتكيات كثيقة الصمة بالقيـ ،ككمها كاىت الكثائؽ أشد
كاف التأثير إيجابيا ،كبالهقابؿ يككف التأثير سمبيا إذا كىت الهحتكيات ال تتقيد بأم قيهة أك
تتىاقض هع القيهة ككمها كاف االبتعاد عف القيهة أكبر كاف التأثير السمبي أكثر.
كهف التأثيرات االيجابية الستخداـ تكىكلكجيا اإلعبلـ كاالتصاؿ تعزيز القيـ ذلؾ أف عمهاء اإلعبلـ
كاالتصاؿ يركف أف ٌذي األخيرة ال تغير آراء الىاس كقيهٍـ كهكاقفٍـ كاتجاٌاتٍـ بقدر ها تعهؿ
عمى تدعيـ كتثبيت كتعزيز ٌذي األخيرة ،ذلؾ أف ٌذي التكىكلكجيات ليست كحدٌا هف يؤثر في
حياة األفكار كتفكيرٌـ كسمككٍـ بؿ ٌىاؾ عاهبل آخر أكبر تأثي ار كٌك العاهؿ االجتهاعي ،كها
تعهؿ التكىكلكجيات الهعاصرة عمى التىشئة االجتهاعية هف أجؿ اكتساب قيـ الهجتهع كثقافتً هف
خبلؿ الهحتكيات الهتىكعة اجتهاعية ،ديىية ،سياسية ،تربكية ،كتعهؿ ٌذي التكىكلكجيات أيضا
عمى تحقيؽ االىسجاـ كتعزيز الترابط االجتهاعي هف خبلؿ اإلحساس باالىتهاء إلى الهجتهع
الذم تربطً صفات هشتركة كالقيـ كالثقافة كالتاريخ كالمغة كالتجربة كالحيز الجغرافي فيككف دكر
ٌذي التكىكلكجيات لـ الشهؿ فأفراد الهجتهع ال يكتفكف بها يقرؤكىً كيشاٌدكىً أك يستخدهكىً بؿ
يتحدثكف إلى بعضٍـ عف تجاربٍـ اإلعبلهية ،كٌذا ها يعزز العبلقة االجتهاعية ،كهف إيجابيات
أيضا تكسيع دائرة الثقافة كالهعرفة في أكساط كبيرة هف أفراد الهجتهع( )8
كتجعؿ التكىكلكجيات اإلعبلهية األفراد يعكف ها يحدث بالعالـ الخارجي أم تكسيع الهحيط ككذا
هعايىة عكالـ هتعددة تحهؿ اإلىساف عبر الهكاف كالزهاف كيتىفس هف خبللٍا كيبتعد كلك إلى حيف
عف ٌهكـ الكاقع كيجد التعكيض في ٌذي الهىظكهة الرهزية ،كها تعد التكىكلكجيات الهعاصرة
هجاال كاسعا لئلشباع كالترفيً هف خبلؿ الهضاهيف التفاعمية كاأللعاب ،كالهىاقشات ها يجعؿ الفرد
شديد االرتباط بٍا ألىٍا تحقؽ لً اإلشباع الهعرفي كالعاطفي كالترفيٍي .
ٌذي بعض اإليجابيات أك اآلثار اإليجابية لتكىكلكجيات االتصاؿ كاإلعبلـ كيتحدد طبعا إف كاف
لئلىساف أك الفرد الهستخدـ لٍا رغبة كٌدفا في تحقيقٍا.
أها اآلثار السمبية :تتهثؿ في إقصاء القيـ هف الهضاهيف كالبراهج اإلعبلهية كابعادٌا كعاهؿ
هؤثر في الحياة كالتفكير كالسمكؾ بحيث يصبح عبدا لٍذي التكىكلكجيات كليست لً هىاعة
كشخصي ة في رفض الرسائؿ كالصكر التي تتهاشى هع عاهؿ القيهة كأفكار اإلجراـ كالجىس
كالرذيمة ،ككذا جهٍرة الثقافة أك التبسيط كالتشكيً فتكىكلكجيات االتصاؿ كالعاهميف كرائٍا تعهؿ
70
عمى كسب الجهٍكر الكاسع عمى حساب الثقافة األصيمة كاالرتقاء الثقافي كالسمككي كاإلىساىي
كلذلؾ سهيت بالثقافة الجهاٌيرية كالهسمسبلت كاألفبلـ كاإلعبلف فٍي تحاكؿ أف تستٍكم أكبر
جهٍكر ههكف إلى ثقافة كٌهية .
كتعهؿ تكىكلكجيات االتصاؿ أيضا عمى صرؼ الىاس عف عاداتٍـ كتقاليدٌـ كىهط هعيشتٍـ
كابعادٌـ عف ثقافتٍـ شيئا فشيئا كٌذي هف أٌـ أٌداؼ العكلهة اإلعبلهية أك االستعهار الثقافي في
ثكب جديد كها تعهؿ ٌذي التكىكلكجيات عمى إضعاؼ االتصاؿ االجتهاعي أك تفكيؾ العبلقات
االجتهاعية عمى اعتبار أف الزهف الذم يقضيً الفرد هع ٌذي التكىكلكجيات أكبر هقارىة بعائمتً
كأقرباءي كأقراىً كتفاعمً هع أفراد الهجتهع ،كٌذا يؤدم إلى أضعاؼ دكر قادة الرأم أك العمهاء
الباحثيف كرجاؿ اإلصبلح كاألدب كالثقافة ،كهف الهخاطر أيضا إشاعة االستٍبلؾ كالهعيارية أك
قكلبة الثقافة بحيث تصبح ٌذي األخيرة هثؿ السمع كالبضائع إذا كاىت تحقؽ هىفعة هادية تؤخذ
كاال ترد كٌذا يضعؼ الثقافات كتقمؿ هف تىكعٍا كتهايزٌا .
أٌـ االىتقادات الهكجٍة لمىظريتيف:
هف أكبر االىتقادات الهكجٍة لىظرية Macluhanتفسيري ألم تطكر حاصؿ في الهجتهعات
اإلىساىية إلى قكة الكسيمة التكىكلكجية كالتي يراٌا أصؿ أم تطكر حضارم ،خطا كبير الف
تفسير الظاٌرة اىطبلقا هف هتغير كاحد ال يعطي رؤيا شاهمة عف الظاٌرة بؿ يفسر جزءا هىٍا
فقط لذلؾ ىقكؿ أف التطكر كالتغير الحضارم تتحكـ فيً عكاهؿ كثيرة إلى جاىب الكسيمة كثقافة
الهجتهع كقيهً كعاداتً كطريؽ استخداـ أفراد الهجتهع لمكسيمة أك التكىكلكجيات ككذا رؤية األفراد
لمهستقبؿ .أها االىتقاد األخر ٌك قكؿ Macluhanأف استخداـ الكسيمة يجب أف يككف هىعزال
عف القيهة لكي تحقؽ الكسيمة هرادٌا كهبتغاٌا الف القيـ حسب ىظري تعرقؿ أداء الكسيمة كٌذي
فكرة ال ىقبمٍا الف القيـ عىدىا ٌي هف يكجً السمكؾ كاف القيـ الصحيحة ٌي هف يعطي القكة
لمكسيمة ،لكف هف ىاحية أخرل ىكافؽ Macluhanفي قكلً أف استخداهات الىاس لمكسيمة ٌي
هف ىحكـ عميٍا بالسكء أك الحسف الف الكسيمة يتحكـ فيٍا الفرد كليس العكس .أها قكؿ
Macluhanأف الرسالة ٌي الكسيمة كالتي يقصد بٍا أف األفراد تستقطبٍـ الكسيمة لذاتٍا بعيدا
عف الهضاهيف التي ترد فيٍا فميس صحيحا الف األفراد تستٍكيٍـ قكة الهبتكرات الجديدة ككسيمة
كها تحتكيً ٌذي األخيرة ألىً يحقؽ هف جراء استخداهٍا اشباعات شخصية هتىكعة فبل يهكف بأم
حاؿ فصؿ الرسالة عف الكسيمة.
أها االىتقادات الهكجٍة لىظرية الحتهية القيهية فٍي أف الىظرية ليست عالهية كال تصمح
لجهيع الهجتهعات عمى حسب البعض هف الباحثيف لكف الحقيقة إف ٌؤالء لـ يفٍهكا أبعاد الىظرية
كلـ يقرؤكا أفكارٌا ثـ إف الحكـ عميٍا ال يهكف إال إذا جسدىا أفكارٌا في هجاؿ اإلعبلـ حيتٍا فقط
يهكف الحكـ عميٍا.
71
الخاتمػػػػػػػػػػػػة :
إف ىظرية الحتهية التكىكلكجية كاىت ال تزاؿ الهىطمؽ لجهيع الهشتغميف في عمكـ اإلعبلـ
كاالتصاؿ قي الشرؽ كالغرب كاف أفكار هاكمكٌاف الزالت تتداكؿ عمى أكسع ىقاط في الحقكؿ
األكاديهية لكف تبقى أفكارٌا هحؿ ىظر كىقد الف عمكـ اإلعبلـ كاالتصاؿ تطكر بشكؿ كبير
كأضحت أفكار الحتهية التكىكلكجية قديهة ال تساير التطكرات السريعة.
إف ىظرية عزم ٌي اجتٍاد فكرم إعبلهي ال يستٍاف بً لكف ال يهكف فٍـ الىظرية إال بالقراءة
الهتأىية لكتب عزم كىصير بكعمي كالسعيد بكهعيزة كآخركف فبل يهكف فٍهٍا لهجرد قراءة جزئية
هىٍا بؿ يستحسف االطبلع عمى كؿ هاكتب حكؿ الىظرية .ثـ إف كثير هف الهفاٌيـ الكاردة فيٍا
تبدك صعبة لمكٌمة األكلى لكف هجرد قراءة هعاىيٍا تصبح كاضحة .ثـ إف الىظرية القيهية لـ تأت
لتقصي الىظريات األخرل بؿ جاءت لتقدـ ىظرة هتبصرة لمهسالة اإلعبلهية كتفسيرٌا كفؽ اىتهاء
األهة الحضارم الف الكاقع اإلعبلهي العربي يبيف أف القائهيف عمى األجٍزة اإلعبلهية يهارسكف
اإلعبلـ أفكا ار كاىتاجا كصكرة اقتداء باإلعبلـ الغربي كال يعيركف أم اعتبار لمقضية القيهية
الكبرل بؿ كحتى الهؤسسات األكاديهية – الجاهعات كالكميات كالهعاٌد التي تدرس اإلعبلـ
كاالتصاؿ هف هىظكر الفكر اإلعبلهي الغربي كيسحبكف تمؾ األفكار كالىظريات بعيدا عف البيئة
االجتهاعية الحضارية كبعيدا عف القيهية هـ جىي بالىكبات عمى قيـ الهجتهع الجزائرم كالعربي .
إف ىظرية عزم لـ تٍهؿ أركاف العهمية االتصالية الهعركفة بؿ أضافت لٍا الىظاـ االجتهاعي
كالبعد الحضارم لمهجتهع الف القيـ تعهؿ كىظاـ هكحد في الهجتهع يخضع لً جهيع األفراد
كيرتب ٌذا الىظاـ حسب األكلكيات كالبعد الحضارم أم الىظرة إلى اهلل كالككف كاألشياء إضافة
إلى الهرسؿ كالهتمقي كالرسالة كالكسيمة كمٍا ال بد أف تككف ىاقمة لمقيـ التي ٌي ركح أم عىصر
هف عىاصر العهمية االتصالية.
إف ىظرية الحتهية القيهية ٌي اجتٍاد فكرم إعبلهي هتهيز هف قبؿ البركفسكر عزم فٍك لـ يأخذ
الىظريات اإلعبلهية بالتسميـ الهطمؽ أك الرفض التاـ بؿ اعترؼ بقكة كتطكر ٌذي األخيرة السيها
في األدكات الهىٍجية الدقيقة لكىٍا ال تىاسب إال البيئة االجتهاعية كاالتصالية التي كلدت فيٍا
كٌي البيئة الغربية لذا فٍك يرل أف ٌذي األدكات ال بد أف يتـ تعديمٍا كتكييفٍا كفؽ البيئة التي
ىهارس فيٍا ىشاطاتىا اإلعبلهية هراعيف في ذالؾ التكجً الحضارم الهتىا العربية كاإلسبلهية .ثـ
إف أدكات جهع البياىات كاالستبياف كالهقابمة كالتي تستخدـ في دراسات الجهٍكر تبقى قاصرة
كغير دقيقة كتحتاج إلى أدكات أكثر دقة كتطك ار لذا ال بد هف كضع هقاييس خاصة لرصد القيـ
في الهجتهع الجزائرم ثـ كضع سمـ خاص بىظرية الحتهية القيهية كٌذا ها تـ فعبل كسهي
بهقياس( ع س ف ' ىسبة إلى عزم عبد الرحهاف – سعيد بكهعيزة – ىصير بكعمي .
72
اليوامش و المراجع :
-1فضيؿ دليك :التكىكلكجيا الجديدة لئلعبلـ ك االتٌصاؿ ( األردف ،دار الثقافة ،ط ، 1
.) 2010
-2حساف هكٌكبي :اإلعبلـ ك الهرجعية القيهية :الجزائر جاهعة األهير عبد القادر ،أعهاؿ
ىدكة كطىية حكؿ ىظرية الحتهية القيهية 20 ،أفريؿ .2009
-3السعيد بكهعيزة :لهاذا ىٍتـ بدراسة القيـ :الجزائر ،جاهعة األهير عبد القادر ،أعهاؿ ىدكة
كطىية حكؿ ىظرية الحتهية القيهية 20 ،أفريؿ . 2009
4فضيؿ دليك :هرجع سابؽ :التكىكلكجيا الجديدة لئلعبلـ ك االتٌصاؿ.
-5هي العبد اهلل :ىظريات االتٌصاؿ ( بيركت ،دار الىٍضة العربية ،ط .) 2010 ، 2
الدليهي :اإلعبلـ التربكم ( األردف ،دار الهسيرة ،ط . ) 2011 ، 1
-6هحهد عبد الرزاؽ ٌ
-7حاهد عبد السبلـ زٌراف :عمـ الىفس االجتهاعي ،القاٌرة ،عالـ الكتب ،ط1977 ، 4
-8عزم عبد الرحهف :دراسات في ىظرية االتصاؿ ،ىحك فكر إعبلهي هتهيز ،هركز دراسات
الكحدة العربية ،سمسمة كتب الهستقبؿ العربي ( ) 28ط .2003 ، 1
73