You are on page 1of 75

‫جــــامعة أدرار‬

‫لكية احلقوق والعلوم السياسية‬


‫قسم احلقوق‬
‫عنوان املذكرة‬

‫مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاسرت يف القانون اإلداري‬

‫تحت إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫من إعداد الطالبتين ‪:‬‬


‫خثيـــــــر مسعود‬ ‫مسعودي فاطمــة‬
‫قــــــرزو نصيـرة‬
‫جلنة املناقشة‬
‫رئيســــــــــــــا‬ ‫األستاذ اكبواي رشيـــــــــــدة أستاذة جبامعة أدرار‬
‫مرشفا ومقررا‬ ‫األستاذ خثري مسعــــــــــود أستاذ جبامعة أدرار‬
‫مناقشـــــــــــــا‬ ‫أستاذة جبامعة أدرار‬ ‫األستاذ موسوين سلمية‬
‫‪2013/2014‬‬
‫إ ىل رمزي احملبة و العطاء الوادلين الكرميني‬
‫إ ىل مجيع اإلخوة و األخوات لك واحد ابمسه‬
‫و لك العائةل‬
‫إ ىل مجيع األصدقاء و األحبة و الزمالء‪.‬‬
‫إ ىل طلبة املاسرت قانون اإلداري ‪2014‬‬
‫إ ىل طلبة احلقوق دفعيت ‪2011/2012‬‬
‫إ ىل اجلزائر اترخي وجدان ومعبد حبنا و شدى أحلاننا‬
‫إ ىل لك هؤالء‪...‬هندي هذا العمل املتواضع‪.‬‬
‫فاطمة ‪ /‬نصرية‬
‫شكر وعرفان‬
‫بعد محد هللا وشكره والثناء عليه‪ ،‬بأن من علينا بنعمة العمل‪ ،‬فانه ملن واجب‬
‫طلبة العمل بعد توفيق هللا هلم و حتقيق النجاح ان يشكروا ذوي الفضل من‬
‫بعده يف ذكل‪ ،‬ذلكل نتقدم بلكامت شكر و تقدير سطرهتا قلوبنا قبل أقالمنا‬
‫ستظل قليةل أمام ما قدمه األ ستاذ الناحص خثير مسعود‪،‬اذلي مل يبخل علينا‬
‫بتوجهياته ونصحه‪ ،‬آمال أن يرىق بعملنا إىل أحسن املستوايت‪ ،‬فهل منا مرة‬
‫أخرى مجيل الشكر والعرفان ‪ ،‬والشكر موصول إىل مجيع أساتذة قسم‬
‫احلقوق‪ ،‬خاصة من اكنت هلم وال زالت بصامت نرية يف أنفسنا ‪.‬‬
‫وال يفوتنا يف هذا املقام ان نشكر صاحبة القلب الطيب‪ ،‬اليت أمدتنا بلك ما‬
‫أوالد صالح عائشة‪.‬‬ ‫استطاعت‪ ،‬يف سبيل إثراء هذه ادلراسة األ خت‬

‫للك هؤالء منا مجيل الشكر والعرفان‪.‬‬


‫دممت للعمل قادة‬

‫فاطمة‬
‫نصرية‬
‫مقدمة‬
‫مقدمة‬

‫مقدمة‬

‫لقد ساد منذ القدمي مبدأ عدم مساءلة الدولة فال قانون يقيدها و ال قضاء ختضع له‬

‫مهما أحلقت من أضرار باألفراد‪ ،‬ذلك ألن نشاط الدولة كان يقتصر فقط على اجلانب‬

‫األمين الداخلي واخلارجي‪ ،‬وحفظ التوازن بني املصاحل الفردية املختلفة دون التدخل يف‬

‫نشاط األفراد‪ ،‬ولكن مع التطور الذي شهده العامل يف خمتلف مناحي احلياة‪ ،‬اتسع مدى‬

‫النشاط االداري للدولة ليشمل ميادين عديدة وقد أدى ذلك إىل زيادة احتكاك اإلدارة‬

‫باألفراد‪،‬وبالتايل زيادة احتمال اعتداء اإلدارة على حقوق بعض املوظفني و األفراد‬

‫اآلخرين وحرياهتم ‪ ،‬و من مث أضحت احلاجة املاسة حلماية هؤالء املوظفني و األفراد و‬

‫حفظ حقوقهم حتقيقا للعدالة و املساواة‪.‬‬

‫و انطالقا من ذلك عرفت القوانني ما يعرف مبسؤولية اإلدارية جلرب هاته األضرار عن‬

‫طريق التعويض ‪.‬‬

‫و تقوم هذه املسؤولية كأصل عام على أساس اخلطأ‪ ،‬و هذا أمر بديهي ألن من‬

‫ارتكب اخلطأ جيب عليه إصالح الضرر الناتج عن هذا اخلطأ‪ .‬و قد يكون هذا اخلطأ‬

‫شخصي يتحمل الشخص مرتكبه تبعاته ‪ ،‬وخيتص به القضاء العادي ‪ ،‬و قد يكون‬

‫مرفقي‪،‬وهنا تكون اإلدارة أو املرفق العام يف هاته احلالة هي وحدها املسؤولة دون املوظف‬
‫مقدمة‬

‫وينعقد االختصاص فيه للقضاء االداري ‪ ،‬ومن هنا تربز فكرة اخلطأ املرفقي كأساس‬

‫للمسؤولية االدارية‪ ،‬و هذا ما ستقتصر عليه هذه الدراسة‪.‬‬

‫و تكتسي دراسة هذا املوضوع أمهية بالغة باعتبارها تتناول أحد أبرز أسس املسؤولية‬
‫اإلدارية و مظهر من مظاهر القضاء اإلداري‪ ،‬و هو إىل جانب ذلك من املواضيع ذات‬
‫االمتداد الزمين املتجدد تزداد دائرة االهتمام به و االرتباط به مع مرور الزمن و تعدد‬
‫أنشطة اإلدارة و توسعها و زيادة املنتسبني إليها و املتعاملني معها ‪.‬‬

‫و ألمهية هذا املوضوع ( اخلطأ املرفقي) وحيويته ارتأينا البحث فيه ‪،‬إضافة إىل الرغبة يف‬
‫محاية املتعاملني مع اإلدارة من األضرار الناشئة عن األخطاء املرفقية الشائعة يف واقع العمل‬
‫اإلداري اليوم ‪ ،‬و الذي قد يكون مرجعها نقص خربة املسؤولني‪ ،‬أضف إىل ذلك كله‬
‫حماولة إثراء املكتبة القانونية و عرض املوضوع من أجل أن تتم االستفادة منه من أصحاب‬
‫االهتمام‪.‬‬

‫و إزاء أمهية هذا املوضوع‪ ،‬ستكون هذه الدراسة حماولة إجابة على اإلشكال الذي‬
‫يكمن يف احلاجة إىل التعرف على اخلطأ املرفقي كأساس للمسؤولية اإلدارية؟ و مدى‬
‫مسايرة التشريع للقضاء يف هذا الشأن ؟‬

‫و تتفرع عن هذه اإلشكالية التساؤالت التالية‪:‬‬

‫ـ ـ ما مفهوم اخلطأ املرفقي؟‬

‫ـ ـ هل كل خطأ مرفقي أيا كانت درجته موجب ملسؤولية اإلدارة؟‬

‫و من بني أهداف هذه الدراسة حماولة إعطاء مفهوم للخطأ املرفقي‪ ،‬و تبيان األفعال أو‬
‫احلاالت اليت تتحمل فيها اإلدارة املسؤولية على أساس اخلطأ املرفقي‪ ،‬أضف إىل ذلك‬
‫مقدمة‬

‫معرفة درجة اخلطأ املرفقي املوجب للمسؤولية اإلدارية‪ ،‬من خالل ما توفر من اجتهادات‬
‫فقهية وتطبيقات قضائية جمللس الدولة الفرنسي باعتباره منبع املسؤولية االدارية بصفة‬
‫عامة و اخلطأ املرفقي بصفة خاصة‪ ،‬وكذا اجتهادات و تطبيقات القضاء اجلزائري‪.‬‬

‫و لقد تلقينا يف سبيل اجناز هذه الدراسة بعض الصعوبات و املتمثلة يف حتفظ بعض‬
‫اإلدارات يف إعطاء معلومات هبذا الشأن‪ ،‬وامتناع البعض منها بدعوى أن هذا من‬
‫خصوصيات املرفق إضافة إىل تشابه أسلوب طرح املعلومات بني أغلبية الكتب كما و‬
‫نوعا‪.‬‬

‫و قد مت تقسيم موضوع الدراسة إىل فصلني ‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬ماهية اخلطأ املرفقي‪:‬‬

‫المبحث األول‪:‬مفهوم اخلطأ املرفقي‬

‫المطلب األول ‪ :‬تعريف اخلطأ املرفقي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التمييز بني اخلطأ املرفقي و اخلطأ الشخصي‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬العالقة بني اخلطأ املرفقي و اخلطأ الشخصي‬

‫الفرع الثاني‪ :‬املعايري الفقهية املميزة بني اخلطأ املرفقي والشخصي‬

‫الفرع الثالث‪ :‬املعايري القضائية املميزة بني اخلطأ املرفقي واخلطأ الشخصي‬

‫المبحث الثاني‪ :‬صور أو حاالت اخلطأ املرفقي‬

‫المطلب األول‪ :‬التنظيم السيئ للمرفق العام‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬إبطاء املرفق يف أداء اخلدمة‪.‬‬


‫مقدمة‬

‫المطلب الثالث‪ :‬امتناع املرفق عن أداء اخلدمة‬

‫الفصل الثاني‪ :‬طبيعة ودرجة اخلطأ املرفقي املوجب ملسؤولية اإلدارة‬

‫المبحث األول ‪ :‬درجة اخلطأ املرفقي يف القرارات االدارية‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تقدير اخلطأ املرفقي يف حالة اإلخالل باألركان الشكلية للقرار‬
‫اإلداري‪.‬‬

‫الفرع األول‪ .:‬عيب الشكل‬

‫الفرع الثاني‪ :‬عيب االختصاص‬

‫المطلب الث اني ‪ :‬تق ـ ــدير اخلطـ ــأ املرفقي يف حال ـ ــة اإلخالل باألرك ـ ــان املوضـ ــوعية للقـ ــرار‬
‫اإلداري‬

‫الفرع األول‪ :‬عيب احملل أو خمالفة القانون‬

‫الفرع الثاني‪ :‬عيب الغاية أو االحنراف بالسلطة‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬عيب السبب‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬درجة اخلطأ املرفقي يف أعمال اإلدارة املادية ‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬األسس التقديرية لدرجة اخلطأ املرفقي يف األعمال املادية‬

‫الفرع األول‪ :‬مراعاة ظروف املرفق وأعبائه ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مراعاة مدى اتصال املضرور باملرفق‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬خصوصية بعض املرافق بتقدير درجة اخلطأ املرفقي ‪.‬‬
‫مقدمة‬

‫و لقد مت االعتماد يف دراسة هذا املوضوع على املنهج الوصفي يف التعريف جبزئيات‬
‫املوضوع‪،‬والتحليلي يف حتليل مضامني تلك اجلزئيات ‪.‬‬
‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفصل األول ‪:‬‬

‫ماهية الخطأ المرفقي‬

‫تعت ــرب املســؤولية اإلداري ــة ن ــوع من أن ــواع املســؤولية القانوني ــة تنعق ــد و تنش ــأ يف نطــاق‬
‫القـ ــانون اإلداري‪ ،‬و هي تتعلـ ــق مبسـ ــؤولية املرفـ ــق العـ ــام أو السـ ــلطات و اإلدارات العامـ ــة عن‬
‫أعماهلا الضارة اليت تصيب األفـراد بفعـل األعمـال اإلداريـة الضـارة سـواء كـانت هـذه األعمـال‬
‫مشروعة أو غري مشروعة و ذلك على أساس نظرية املخاطر أو على أساس اخلطأ‪.1‬‬

‫و يعتــرب هــذا األخــري (اخلطــأ) ركن أساســي و رئيســي لقيــام مســؤولية اإلدارة العامــة عن‬
‫أعماهلا و أعمــال موظفيهــا الضــارة‪ ،‬إىل جــانب ركــين الضــرر و العالقــة الســبب‪ ،‬و قــد يكــون‬
‫هذا اخلطأ شخصيا ينسب إىل املوظف العام و قد يكـون خطـأ مرفقيـا ينسـب إىل جهـة اإلدارة‬
‫و هــذا هــو ( اخلطــأ املرفقي) املفهــوم األهم يف املســؤولية اإلداريــة‪ ،2‬و الــذي ســتتمحور حولــه‬
‫الدراسة كما سبق الذكر‪.‬‬

‫ويف إط ــار ه ــذا الفص ــل س ــيتم البحث يف ماهي ــة اخلط ــأ املرفقي من خالل إي ــراد مفهوم ــه‬
‫(مبحث أول)‪ ،‬والوقوف على أهم صوره(مبحث ثاين)‪.‬‬

‫المبحث األول‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬ـ د‪.‬عوابدي عمار‪ ،‬نظرية المسؤولية اإلدارية‪ ،‬ط‪ ،3‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬ص ‪24‬‬
‫‪2‬‬
‫ـ د‪.‬رشيد خلويف ‪،‬قانون املسؤولية االدارية ‪،‬ط‪ ،4‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪،2011 ،‬ص‪18‬‬
‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫مفهوم الخطأ المرفقي‬

‫بعد مدة طويلة ساد فيها مبدأ عدم مساءلة الدولة و اإلدارة العامة لعدة أسباب أمهها‬
‫االعتقاد بأن الدولة صاحبة سيادة و سلطة ال ميكنها أن ختطيء و حتدث ضرر‪ ،1‬مت اإلقرار‬
‫مببدأ مسؤولية اإلدارة العامة القائمة على نفس أركان املسؤولية املدنية و هي اخلطأ‪ ،‬الضرر‬

‫و العالقة السببية‪ ،‬غري أن ركن اخلطأ‪ ،‬الذي تقوم عليه املسؤولية اإلدارية(اخلطأ املرفقي)‪ ،‬له‬
‫مفهومه اخلاص ‪ ،‬وهذا ما سيتبني‪ ،‬من خالل التعريف باخلطأ املرفقي(مطلب أول)‪ ،‬ومتييزه‬
‫عن اخلطأ الشخصي(مطلب ثاين)‪.‬‬

‫المطلب األول ‪:‬‬

‫تعريف الخطأ المرفقي‬

‫اختلفت التعريفات اليت تطرقت إىل وضع مفهوم للخطأ املرفقي وذلك باختالف‬
‫الزاوية اليت عرفه منها كل فقيه فمنهم من عرفه مبدلول املعيار العضوي يف حني هناك من‬
‫عرفه مبدلول املعيار املوضوعي أو املادي أي ينسب إىل املرفق مباشرة يف حني ذهب فريق‬
‫أخر إىل اجلمع بني املعيارين وهذا ما سيحاول الوقوف عليه وذلك بالتعرض ملوقف الفقه‬
‫والقضاء من ذلك بغية التوصل إىل موقف القضاء اجلزائري‪.‬‬

‫وقبل التطرق إىل تعريف اخلطأ املرفقي ال بد أوال من الوقوف عند تعريف اخلطأ بشكل‬
‫عام كركن أساسي يف املسؤولية اإلدارية‪ ،‬مث ننتقل بعدها إىل أهم تعريفات اخلطأ املرفقي‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ د‪.‬جورج سعد‪ ،‬القانون االداري العام واملنازعات االدارية‪ ،‬ط‪ ،1‬منشورات احلليب احلقوقية‪ ،‬بريوت‪ ،2006،‬ص‪.245‬‬
‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫(اخلطأ) هو األساس القانوين املنطقي األصيل الذي يفسر مسؤولية اإلدارة عن أعماهلا‬
‫القانونية و املادية اليت تقوم هبا وتلحق أضرارا بالغري‪.1‬‬

‫أما عن تعريف اخلطأ املرفقي فتجب اإلشارة أوال إىل أن هذا املصطلح استعمل ألول‬
‫(‪-1895‬‬ ‫مرة يف فرنسا من طرف مفوضي الدولة يف مذكراهتم اليت قدموها جمللس الدولة‬
‫‪ )1903‬وتبناه جملس الدولة ابتداء من سنة ‪ ،1904‬وربطه البعض بقضية " بالنكو‬
‫‪ ،‬وأرجعته‬ ‫‪2‬‬
‫‪"Blanco‬‬

‫األغلبية إىل قضية " ‪ 3PELLETIER‬بيليتيه" ‪.‬‬

‫وبذلك ثبت كأساس للمسؤولية اإلدارية ‪،‬وهناك من يطلق عليه مصطلح اخلطأ املصلحي أو‬
‫خطأ اخلدمة‪.4‬‬

‫ومل تتطرق معظم التشريعات أمثال املشرع الفرنسي‪ ،‬املصري‪ ،‬واجلزائري‪ ،‬إىل تعريف‬
‫اخلطأ املرفقي يف القانون‪ ،‬وإمنا تركوا املهمة للفقه‪ ،‬و حىت الفقه و جد صعوبة كبرية يف إجياد‬

‫‪ 2‬ـ د‪.‬عبد العزيز عبد املنعم خليفة ‪،‬املسؤولية االدارية (يف جمال العقود والقرارات ‪،‬االدارية)‪ ،‬دار الفكر اجلامعي ‪،‬االسكندرية‪،‬‬
‫ص‪.07‬‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬ـ د‪.‬عوابدي عمار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪121‬‬
‫‪ 2‬ـ تتمثل وقائع هذه القضية يف أن بنت صغرية تدعى اجييرت بالنكو تعرضت حلادث تسببت فيه عربة تابعة لوكالة التبغ اليت‬
‫كانت تنقل إنتاج هذه الوكالة من املصنع إىل املستودع‪ ،‬قام ويل البنت برفع دعوى لتعويض الضرر الذي حصل إلبنته أمام‬
‫القضاء العادي على أساس أحكام القانون املدين الفرنسي‪ ،‬و رفع األمر إىل حمكمة تنازع االختصاص اليت أسندت االختصاص‬
‫للقضاء االداري للفصل يف النزاع بتاريخ ‪ 08‬فرباير ‪ ( .1973‬انظر عمار بوضياف ‪ ،‬المرجع في المنازعات اإلدارية‪،‬ـ القسم الثاني‬
‫( الجوانب التطبيقية للمنازعة اإلدارية)‪ ،‬ط‪ ،1‬جسور للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر ‪ ،2013‬ص ‪.104‬‬

‫‪ 3‬ـ تتمثل وقائع هذه القضية يف ان السيد ‪ PELLETIER‬صادرت له السلطات العسكرية أول عدد من صحيفته ومنعت‬
‫نشرها‪ ،‬فرفع السيد ‪ PELLETIER‬دعوى أمام القضاء املدين يطالب فيها بالتعويض عما حلقه من ضرر جراء ذالك ‪ ،‬فثار‬
‫نزاع يف االختصاص فقضت حمكمة التنازع باختصاص جملس الدولة الن العمل املنسوب الىهما‪ ،‬أي القائد العسكري ومدير‬
‫املقاطعة عمل إداري ‪ ( .‬حمكمة حل اخلالفات ‪ 30‬متوز ‪ PELLETIER 1873‬القرارات الكربى لالجتهاد اإلداري رقم ‪)2‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ بومحيدة عطاء اهلل ‪ ،‬الوجيز يف القضاء االداري (تنظيم ‪،‬عمل ‪،‬اختصاص)‪ ،‬دار هومة ‪،‬اجلزائر ‪ ،2011 ،‬ص ‪.269‬‬
‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تعريف دقيق للخطأ املرفقي ألنه مصطلح واسع و عام يصعب وضع له حدود و حتديد‬
‫‪5‬‬
‫و لكن بالرغم من هذه الصعوبة قام الفقه ببعض احملاوالت لتعريفه‪:‬‬ ‫معامله‬

‫فاألستاذ" فيدال ‪ "VIDEL‬يعرفه على أنه " اإلخالل بالتزام يف أداء اخلدمة‬
‫‪2‬‬
‫‪"dans un manquement oux obligation de service‬‬ ‫‪la faute de service consiste‬‬

‫أما الفقيه "دوجي ‪ "DUGUIT‬يعرفه بأنه" اخلطأ الذي يرتكبه املوظف بقصد حتقيق غرض‬
‫إداري"‪.3‬‬

‫كما يعرفه الدكتور سليمان الطماوي" على أنه اخلطأ الذي ينسب إىل املرفق حىت و لو كان‬
‫‪4‬‬
‫الذي قام به ماديا أحد املوظفني‪".‬‬

‫أما الدكتور عمار بوضياف فيعرفه بأنه" الفعل أو النشاط الذي صدر عن العون العمومي‬
‫‪5‬‬
‫حال أداء وظيفته أو بسببها‪ ،‬وسبب ضرر للغري‪ ،‬تتحمل تبعته القانونية اإلدارة اليت يتبعها"‬

‫ويعرفه كذلك الدكتور عدو عبد القادر يف مؤلفه " بأنه اخلطأ الذي ينسب إىل املرفق العام‬
‫ذاته‪ ،‬وليس إىل املوظف‪،‬وتتحمل اإلدارة عبء التعويض عنه‪ ،‬ويعود اختصاص الفصل فيه‬
‫إىل القضاء اإلداري"‪.6‬‬

‫‪ 5‬ـ عمار بوضياف‪ ، ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.114‬‬


‫‪ 2‬ـ انظر محمد بكر حسين‪ ،‬مسؤولية اإلدارة عن أعمال موظفيها‪ ( ،‬دراسة مقارنة)‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬االسكندرية‪ ،2007 ،‬ص‬
‫‪. 120‬‬

‫‪ 3‬ـ عبد اهلل طلبة‪ ،‬القانون اإلداري ( الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة‪ ،‬القضاء اإلداري)‪ ،‬ط‪ ،2‬منشورات جامعة حلب‪ ،‬ص‬
‫‪346‬‬
‫‪4‬‬
‫ـ سليمان الطماوي‪ ،‬القضاء اإلداري ( قضاء التعويض)‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،1996 ،‬ص ‪139.‬‬
‫‪5‬ـ عمــار بوضــياف‪،‬املرجــع يف املنازعــات اإلداريــة‪ ،‬القســم الثــاين (اجلوانب التطبيقيــة للمنازعــات)‪ ،‬ط‪ ،01‬جســور للنشــر والتوزيــع‪،‬‬
‫اجلزائر‪،2011 ،‬ص‪.114‬‬
‫‪ 6‬ـ عبد القادر عدو‪ ،‬املنازعات االدارية‪،‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬اجلزائر‪،2012،‬ص‪.336‬‬
‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫من خالل هذه التعريفات يالحظ أن الفقهاء مل يتفقوا على تعريف جامع مانع و دقيق‬
‫للخطأ املرفقي‪ ،‬فالبعض منهم عرفه مبدلول خطأ املرفق العام‪ ،‬و بعضهم يعرفه مبدلول خطأ‬
‫املوظف يف أداء التزاماته‪ ،‬و بعضهم األخر حيدد القضاء املختص‪ ،‬ومنهم من مجع بني مجيع‬
‫تلك املدلوالت‪ ،‬و عليه ميكن القول بأن اخلطأ املرفقي هو ذلك اخلطأ الذي يرتكبه املرفق أو‬
‫املوظف العام أثناء ممارسة مهامه و يتحمل املرفق العام مسؤولية التعويض عنه‪ ،‬و يعود‬
‫اختصاص الفصل فيه إىل القضاء اإلداري طبقا لنص املادة ‪ 801‬قانون اإلجراءات املدنية‬
‫و اإلدارية واليت نصت يف فقرهتا الثانية ‪:‬‬

‫" تختص المحاكم اإلدارية كذلك بالفصل في ‪:‬‬

‫ـ بدعاوى القضاء الكامل"‬

‫و اخلطأ املرفقي ميكن أن يكون خطأ موظف أو موظفين معينين بالذات ‪ ،‬كما ميكن‬
‫أن يكون خطأ مغفل مجهول الهوية ‪،‬ال ميكن معرفة مصدره أو مرتكبه‪:‬‬

‫فالحالة األولى (خطأ موظف أو موظفني معينني) تتحقق إذا كان مصدر اخلطأ‬
‫معلوم‪،1‬وصورة ذلك أن جيري أحد رجال الشرطة وراء جمرم هارب ‪ ،‬من أجل إلقاء القبض‬
‫عليه‪ ،‬وأثناء جريه يصدم أحد املارة ‪،‬فيسبب له ضرر‪،‬فهذا اخلطأ يعد خطأ مرفقي صادر عن‬
‫موظف معلوم وهو خطأ مرفقي ألن الضرر حصل أثناء تأدية اخلدمة ‪.‬‬

‫أما الحالة الثانية ( خطأ موظف جمهول)‪ :‬و حتقق هذه احلالة إذا استحل معرفة مصدر‬
‫الضرر‪،‬أي يصعب نسبه إىل موظف معني بالذات ‪ ،‬و ميكن أن يرتكب اخلطأ املرفقي من‬
‫شخص واحد جمهول مثلما حدث يف قضية " أوكسري" ‪ AUXERRE‬اليت قرر فيها جملس‬
‫الدولة الفرنسي أن اإلدارة مسؤولة عن احلادثة اليت أدت إىل قتل جندي إثر مناورات‬

‫‪1‬‬
‫‪.‬ـ خلويف رشيد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪19‬‬
‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫عسكرية كان من املفروض أن يستعمل خالهلا خراطيش خلية أي غري حقيقية‪ ،‬و طرح بعد‬
‫احلادثة سؤال بدون جدوى حول معرفة الشخص الذي أطلق النار على الضحية و قد‬
‫استحالت اإلجابة على السؤال‪ ،‬و بالتايل املوظف الذي استعمل خراطيش حقيقية بقي‬
‫جمهوال‪ ،‬و لكن ذلك الينفي مسؤولية اإلدارة‪.1‬‬

‫ويف هذا السياق ذهب الدكتور يوسف سعد اهلل اخلوري فريى أن خلطأ اخلدمة‬
‫مظهران ‪ :‬حيث اخلطأ يكون مرفقيا إذا مل تعرف هوية مرتكبه فيقال حينئذ بأن املرفق هو‬
‫الذي أخطأ وبالتايل هو املسؤول‪ ،‬أما إذا كان مرتكب الفعل معلوم والفعل بالنتيجة مرتكب‬
‫يف دائرة العمل الوظيفي يعد اخلطأ هنا خطأ خدمة يرتب مسؤولية املرفق كذلك‪.2‬‬

‫كما ميكن أن ينتج الضرر عن أخطاء عدة موظفني جمهولني مثلما حدث يف قضية‬
‫السيدة " بواجار" ‪ Dame Veuve Boigard‬اليت تتلخص وقائعها يف‪ :‬أن السيدة " بواجار"‬
‫دخلت مستشفى عمومي يف صباح يوم و مل يتم فحصها إال يف آخر نفس اليوم و رغم‬
‫العالج ازداد مرضها‪ ،‬و توفيت إثر نقلها إىل مستشفى آخر ‪ ،‬و تبني من خالل التحقيق‬
‫الذي قام القضاء اإلداري أن سبب الوفاة يعود إىل عدة أخطاء تتمثل يف‪ :‬عدم وجود رقابة‬
‫كافية‪ ،‬غياب الطبيب املختص يف اإلنعاش‪ ،‬الرقابة السيئة خالل نقل الضحية‪ ،‬فإذن هنا تعذر‬
‫معرفة مصدري الضرر ‪ ،‬لذا عد هذا اخلطأ مرفقيا نسب للمستشفى ‪.3‬‬

‫و جتد هــذه القضــية نظريهتا يف القضــاء اجلزائــري‪ ،‬يف قضــية الســيدة "ز‪.‬ر" ضــد " القطــاع‬
‫الصـحي بـأدرار"‪ ،‬حيث حكم جملس الدولـة مبسـؤولية القطـاع‪ ،‬جـراء األخطـاء الطبيـة املرتكبـة‬

‫‪ 1‬ـ خلويف رشيد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬


‫‪ 2‬ـ يوسف سعد اهلل اخلوري ‪،‬القانون اإلداري العام ‪(،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مسؤولية السلطة )‪ ،‬ج‪ ،2‬ط‪ ،1999 ،2‬ص ‪.350‬‬
‫‪ 3‬ـ خلويف رشيد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪19‬ـ ‪21‬‬
‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫من طرف األطباء‪ ،‬واليت أودت حبياة وليدة الضحية‪ ،‬إضافة إىل أهنا تسببت يف إصابة الضــحية‬
‫بالعقم‪.1‬‬

‫و هذا التمييز بني اخلطأ املرفقي الصادر من موظف معلوم و اخلطأ املرفقي الصادر عن‬
‫موظف جمهول‪ ،‬ليست له أية أمهية يف جمال القضاء فمسؤولية اإلدارة تبقى قائمة سواءا كان‬
‫مرتكب اخلطأ معلوما أو جمهوال‪.‬‬

‫و من كل ما سبق يستخلص أنه ‪:‬‬

‫ـ ال ميكن وضع تعريف شامل وكامل وموحد للخطأ املرفقي‪ ،‬ألنه مصطلح عام وواسع‬
‫يصعب حتديد كل مظاهره و أشكاله‪.2‬‬

‫ـ اخلطأ املرفقي هو خطأ ينسب إىل املرفق مباشرة‪ ،‬حيث تقع مسؤولية اإلدارة على األمــوال‬
‫العامة‪ ،‬و هي مسـؤولية املتبـوع عن أعمـال تابعـه أي تقـع أصـال على التـابع و ال يسـأل املتبـوع‬
‫إال تبعا ملسؤولية األول‪.‬‬

‫ـ اخلط ــأ املرفقي خط ــأ موض ــوعي‪ ،‬أي ال ينس ــب للمرف ــق إال إذا ك ــان خمالف لقانون ــه و نظ ــام‬
‫العمل فيه‪.3‬‬

‫المطلب الثاني ‪:‬‬

‫التمييز بين الخطأ المرفقي و الخطأ الشخصي‪.‬‬

‫إن دراسة اخلطأ املرفقي يف املسؤولية اإلدارية تتطلب بالضرورة متييزه عن اخلطأ‬
‫الشخصي وما يثار بشأهنما من اشتباك و تداخل‪ ،‬و لذلك ستتم يف هذا املطلب دراسة‬

‫‪ .‬قرار جملس الدولة اجلزائري يف ‪ ،19/04/1999‬أنظر حلسني بن الشيخ آث ملويا‪،‬املنتقى يف قضاء جملس الدولة ‪،‬ج‪،1‬ط‪،4‬دار هومة ‪،‬اجلزائر‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪، 2006‬ص‪101‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪.‬ـ عمار بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪114‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ .‬ـ حممد بكر حسني‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص ‪ 121‬ـ ـ ‪122‬‬
‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫العالقة بني اخلطأين( الفرع األول)‪ ،‬و أبرز املعايري الفقهية والقضائية اليت متيز اخلطأ املرفقي‬
‫عن اخلطأ الشخصي ( الفرع الثاين و الفرع الثالث)‪.‬‬

‫الفرع األول‪:‬‬

‫العالقة بين الخطأ المرفقي و الخطأ الشخصي‪:‬‬

‫يف السابق كان القضاء الفرنسي يعتمد على قاعدة الفصل املطلق بني اخلطأ املرفقي‬
‫و اخلطأ الشخصي‪ ،‬أي مبعىن أن الضرر الذي يصيب األفراد إما يكون أساسه خطأ شخصيا‬
‫خالصا ينسب إىل املوظف وحده دون اإلدارة‪ ،‬و إما يكون أساسه خطأ مرفقيا و يف هذه‬
‫احلالة اإلدارة هي اليت تتحمل املسؤولية دون املوظف‪ ،‬و يف احلالة األوىل ينعقد االختصاص‬
‫‪801‬‬ ‫للقضاء العادي أما يف احلالة الثانية فاحملاكم اإلدارية هي صاحبة االختصاص‪ ( 1‬املادة‬
‫قانون اإلجراءات املدنية و اإلدارية)‪.‬‬

‫إال أنه و بعد تطور القانون اإلداري وردت على هذه القاعدة ( قاعدة الفصل ) استثناءات‬
‫حيث أنه ميكن اجلمع بني اخلطأين و ذلك يف حالة اشرتاكهما يف إحداث الضرر ‪.‬‬

‫القاعدة األولى‪ :‬قاعدة عدم الجمع بين الخطأين‪.‬‬

‫لقد مت اعتناق هذه القاعدة يف الربع األخري من القرن التاسع عشر و استمر العمل هبا‬
‫إىل غاية مطلع القرن العشرين‪ ،‬حيث كانت تقوم على أساس الفصل التام بني اخلطأين و‬
‫كان ال يتصور بتاتا اشرتاك كل من اخلطأ الشخصي و اخلطأ املرفقي يف إحداث الضرر‪.‬‬

‫و قد تعددت املربرات و حجج الفقهاء الذين نادوا هبذا املبدأ‪ ،‬فذهب البعض إىل أنه ال‬
‫ميكن للفعل اخلاطئ أن يكون له طبيعتان يف نفس الوقت‪ ،‬فاخلطأ إما يكون شخصي و إما‬
‫مرفقي‪ .‬و قد ذهب البعض اآلخر إىل أن اخلطأ الذي يرتكبه املوظف و الذي حيدث ضررا‬

‫‪1‬‬
‫ـــ عوابدي عمار‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص ‪168‬وما بعدها ‪.‬‬
‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫إما يكون خطأ بسيطا أو جسيما‪ ،‬فإذا كان بسيطا و ال يتجاوز املخاطر العادية للوظيفة و‬
‫اليت ميكن ألي إنسان عادي الوقوع فيه فيعترب خطأ مرفقيا‪ ،‬أما إذا كان جسيما يتعدى‬
‫املخاطر العادية للوظيفة فيعد خطأ شخصيا يسأل عنه املوظف شخصيا‪.1‬‬

‫و قد مت التأكيد على هذه القاعدة القضاء اإلداري الفرنسي يف حكمه الصادر يف ‪ 1951‬يف‬

‫قضية " بورسني" و اليت تتلخص وقائعها يف أن الضابط املدعو بورسني أطلق النار على أحد‬
‫املواطنني يف بداية احلرب العاملية األوىل ألنه أشتبه و ظنه يتعاون مع األعداء‪ ،‬فلما دفعت‬
‫وزارة الدفاع التعويض لورثة القتيل و أرادت بعد ذلك أن ترجع على الضابط بورسني‪،‬‬
‫فقرر جملس الدولة عدم مسؤولية الضابط عن اخلطأ الالحق باملضرور ‪ ،‬فإما أن يسأل‬
‫املوظف أو اإلدارة ألن هناك تعارض يف أن يعترب نفس العمل يف نفس الوقت خطأ مرفقيا و‬
‫شخصيا‪.2‬‬

‫إال أن قاعدة عدم اجلمع بني اخلطأ املرفقي و اخلطأ الشخصي مل تالقي استحسانا من‬
‫بعض الفقهاء‪ ،‬بسبب التربيرات و التفسريات املتناقضة و غري املنطقية اليت منحت هلذه‬
‫القاعدة‪ ،‬وقد أشار الدكتور عمار عوابدي يف مؤلفه نظرية املسؤولية اإلدارية "أن قاعدة عدم‬
‫اجلمع بني اخلطأين هي قاعدة غري منطقية ألن انعدام مسؤولية املوظف يف اخلطأ املرفقي‬
‫يؤدي إىل القضاء على الشعور بعدم املسؤولية لدى املوظفني الذين حيميهم هذا املبدأ من‬
‫املسؤولية املدنية‪ ،‬و أن الضحية يف اخلطأ اجلسيم قد ال جيد تعويضا كافيا عن ذلك‪ ،‬بينما يف‬
‫اخلطأ اليسري ينال التعويض الكايف‪."3‬‬

‫‪ 1‬ـ سامي حامد سليمان‪ ،‬نظرية اخلطأ الشخصي يف جمال املسؤولية اإلدارية ( دراسة مقارنة )‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬دار الشباب‬
‫للطباعة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بدون سنة ص ‪.277/278‬‬
‫‪ 2‬ـ عمار عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.168‬‬

‫‪3‬‬
‫‪.‬ـ عمار عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪169‬‬
‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫و على ضوء هاته االنتقادات اليت وجهت لقاعدة عدم اجلمع بني اخلطأ املرفقي و اخلطأ‬
‫الشخصي‪،‬ظهرت نظرية أخرى و هي نظرية اجلمع بني اخلطأين‪.‬‬

‫القاعدة الثانية‪ :‬قاعدة الجمع بين الخطأين‪.‬‬

‫لقد طبق القضاء الفرنسي هذه القاعدة ألول مرة و سلم باألخذ هبا يف قضية "‬
‫‪ ANGUET‬أوجني" ( جملس الدولة الفرنسي ‪ 03‬فرباير ‪ ) 1911‬و اليت تتلخص وقائعها يف أن‬
‫السيد " ‪ ANGUET‬أوجني" دخل مكتب الربيد لقبض حوالة بريدية و عندما أراد اخلروج‬
‫وجد أن الباب املخصص للخروج قد أقفل فنصحه أحد املوظفني باخلروج من الباب‬
‫املخصص خلروج العمال و املوظفني ‪ ،‬و يف طريقه إىل ذلك مر على قاعة الطرود فظن‬
‫بعض املوظفني أنه لص فاعتدوا عليه بالضرب و ألقوه إىل اخلارج فوقع على األرض و‬
‫كسرت ساقه‪ ،‬ففي هذه القضية حكم جملس الدولة الفرنسي بوجود خطأين‪ ،‬خطأ شخصي‬
‫يتمثل يف اعتداء املوظفني على السيد " ‪ ،" ANGUET‬و اخلطأ الثاين هو خطأ مرفقي املتمثل‬
‫يف كون أن ساعة املكتب مل تكن مضبوطة مما أدى إىل غلق باب املكتب قبل املوعد‬
‫احملدد‪."1‬‬

‫و بعد هذه القضية اليت أقر فيها جملس الدولة الفرنسي بإمكانية اجتماع اخلطأين‪ ،‬تطور‬
‫األمر حنو القول بإمكان اجتماع املسؤوليتني املرفقية و الشخصية و ذلك بواسطة قرار صدر‬
‫عن نفس اجمللس يف ‪ 1918 /26/07‬يف قضية "‪ " Epoux Lemonnier‬حيث حكم فيه على‬
‫إحدى البلديات بالتعويض عن الضرر الذي حصل للزوج ‪ Lemonnier‬نتيجة رصاصة أصابته‬
‫خالل عيد حملي من طرف أحد الالعبني الذين كانوا يتبارون باألسلحة النارية‪ ،‬فرفعا‬
‫الزوجان الدعوى أمام جملس الدولة ضد البلدية فحكم هلما بالتعويض معلنا أن تقرير‬

‫‪ 1‬ـ جورج فوديل ‪،‬بيار دلفولفيه ‪،‬القانون االداري‪،‬ترمجة منصور القاضي‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،1‬املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬لبنان‪ ،2001 ،‬ص ‪.459‬‬
‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫املسؤولية الشخصية للموظف ال حيول دون قيام مسؤولية اإلدارة‪ .1‬ففي هذا القرار كذلك‬
‫نالحظ اجتماع املسؤوليتني‪ ،‬مسؤولية املوظف و الذي هو رئيس البلدية و مسؤولية املرفق و‬
‫املتمثل يف البلدية ‪.‬‬

‫أما بالنسبة للقضاء اجلزائري فتجد هذه القاعدة ( قاعدة اجلمع) تطبيقاهتا يف قضايا‬
‫كثرية من بينها قضية ‪ ( ،‬السيد بلقامسي ضد وزير العدل‪ 17‬أفريل ‪ ،)1972‬و اليت تتلخص‬
‫وقائعها فيما يلي‪ " :‬قامت الشرطة حبجز مبلغ مايل مملوك للسيد بلقامسي‪ ،‬و أودعته بكتابة‬
‫و خالل فرتة احلجز قامت الدولة بإصدار أوراق نقدية جديدة‪ ،‬و مل يقم كاتب‬ ‫الضبط‬
‫الضبط بتبديل املبلغ املودع لديه يف الوقت احملدد قانونا‪،‬و عند خروج السيد بلقامسي طالب‬
‫باملبلغ فإذا به قد فقد املبلغ بسبب فقده لقيمته املالية ‪ ،‬فرفع دعوى ضد وزارة العدل‪ ،‬و بعد‬
‫دراسة امللف قررت اجمللس األعلى أن هذا الضرر يعود سببه إىل نوعني من األخطاء‪ ،‬خطأ‬
‫شخصي يتمثل يف إمهال كاتب الضبط استبدال املبلغ املايل‪ ،‬و خطأ مرفقي يتمثل يف سوء‬
‫سري املرفق كون املرفق مل يقم جبرد املال الذي مت إيداعه‪ 2‬أي عدم وجود رقابة من طرف‬
‫وزارة العدل‪.‬‬

‫و من خالل ما متت اإلشارة إليه ميكن استنتاج أن مسؤولية اإلدارة ميكن أن تقوم يف‬
‫بعض األحيان نتيجة خطأ شخصي صادر من املوظف يكون مقرتن خبطأ مرفقي‪ ،‬و‬
‫املسؤولية يف هذه احلالة ال تقوم على أساس اخلطأ الشخصي للموظف و إمنا على أساس‬
‫خطأ املرفق الذي يقوم إىل جوار خطأ املوظف أي ازدواجية اخلطأين‪.‬‬

‫و يرتتب على هذه االزدواجية نتائج جد عملية تتجلى يف ختويل الضحية اخليار يف طلب‬
‫التعويض‪ ،‬فإما تلجأ إىل القضاء العادي و تطالب التعويض من املوظف شخصيا‪ ،‬و إما تلجأ‬

‫‪1‬‬
‫‪.‬ـ عوابدي عمار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪171‬‬
‫‪2‬‬
‫‪.‬قرار الغرفة اإلدارية للمجلس األعلى الجزائري ‪ 17‬أفريل ‪ ،1972‬انظر عمار بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 132‬‬
‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫إىل القضاء اإلداري و تطالب اإلدارة بالتعويض‪ ،‬و الضحية يف الغالب ما تفضل متابعة املرفق‬
‫العام ( اإلدارة ) لكونه أمأل ذمة من املوظف ‪.‬‬

‫و جتب اإلشارة يف هذا الشأن كذلك‪ ،‬أن املشرع اجلزائري كرس هذا املبدأ يف قانوين‬
‫"‬ ‫‪ 144‬أن‬ ‫البلدية و الوالية و الوظيفة العامة‪ ،‬حيث جاء يف قانون البلدية‪ 1‬طبقا لنص املادة‬
‫البلدية مسؤولة مدنيا عن األخطاء اليت يرتكبها رئيس اجمللس الشعيب البلدي و منتخبو البلدية‬
‫و مستخدموها أثناء ممارسة مهامهم أو مبناسبتها ‪.‬‬

‫و تلزم البلدية برفع دعوى الرجوع أمام اجلهة القضائية املختصة ضد هؤالء يف حالة ارتكاهبم‬
‫خطأ شخصيا‪".‬‬

‫كما جاء يف قانون الوالية ‪2‬طبقا لنص املادة ‪ "140‬الوالية مسؤولة مدنيا عن االخطاء اليت‬
‫يرتكبها مدنيا رئيس اجمللس الشعيب الوالئي واملنتخبون‪.‬‬

‫وتتوىل ممارسة دعوى الرجوع امام اجلهة القضائية املختصة‪ ،‬ضد هؤالء يف حالة خطا‬
‫شخصي من جانبهم"‪.‬‬

‫أما يف قانون الوظيفة العامة‪ 3‬فقد جاء يف نص املادة‪ 31‬منه " إذا تعرض املوظف ملتابعة‬
‫قضائية من الغري بسبب خطأ يف اخلدمة‪ ،‬جيب على املؤسسة أو اإلدارة العمومية اليت ينتمي‬
‫إليها أن حتميه من العقوبات املدنية اليت تسلط عليه ما مل ينسب إىل هذا املوظف خطأ‬
‫شخصي يعترب منفصال عن املهام املوكولة له‪".‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬‬

‫المعايير الفقهية المميزة بين الخطأ المرفقي والشخصي‬

‫‪1‬‬
‫‪.‬ـ القانون رقم ‪11‬ـ‪ ،10‬املؤرخ يف ‪ 22‬جوان ‪ 2011‬املتعلق بالبلدية‪ ،‬اجلريدة الرمسية رقم ‪37‬‬
‫‪ 2‬ـ القانون رقم‪12‬ـ‪ ،07‬املؤرخ يف ‪،21/02/2007‬املتعلق بالوالية‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أمر رقم ‪06‬ـ‪ ،03‬املؤرخ ‪ 15‬يوليو ‪ ،2006‬يتضمن القانون األساسي للوظيفة العامة ‪ ،‬جريدة رمسية‪،‬عدد ‪2006 ،46‬‬
‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫لقد بذل الفقه القانوين حماوالت عديدة لتقدمي أفكار بغية الوصول إىل معيار دقيق‬

‫و واضح‪ ،‬مييز بني اخلطأ الشخصي و اخلطأ املرفقي‪ ،‬و لذلك تعددت احملاوالت الفقهية يف‬
‫هذا الشأن و من أهم تلك األفكار أو املعايري‪:‬‬

‫‪LAFERRIERE‬‬ ‫أوالـ ـ معيار األهواء الشخصية‪ :‬و من رواد هذا املعيار العالمة "الفرييري‬
‫ومؤدى هذا املعيار أنه إذا كان اخلطأ الذي ارتكبه املوظف و أحدث ضررا يكشف عن‬
‫ضعفه و سوء نيته و عدم تبصره و رعونته‪ ،‬فإن ذلك الفعل يعد خطأ شخصيا و يسأل‬
‫املوظف وحده و يتحمل نتائج اخلطأ‪ ،‬أما إذا كان اخلطأ الذي أحدث ضررا غري مطبوع‬
‫بطابع الشخصي‪ ،‬و ينم على أن املوظف مثله مثل أي إنسان معرض للخطأ و الصواب فإن‬
‫اخلطأ يف هذه احلالة يكون مرفقيا‪ ،‬تسأل عنه اإلدارة‪.1‬‬

‫و أهم ما يأخذ على هـذا املعيـار بـالرغم من أنـه يتسـم بالبسـاطة و الوضـوح‪ ،‬اهتمامـه باجلانب‬
‫الشخصي فسوء النية و حسنها تعد من األمور الباطنية لإلنسان اليت يصعب الكشف عنها‪.2‬‬

‫ثانيا ـ ـ معيار الغاية أو الهدف‪ :‬قال هبذا املعيار الفقيه " دوجي ‪ ،"DUGUIT‬حيث يقوم هذا‬
‫املعيار على أساس الغاية أو الغرض الذي يسعى املوظف لتحقيقه من جراء قيامه بعمله‪ ،‬فإذا‬
‫كان قد قصد بتصرفه حتقيق أحد األهداف اإلدارية فإن اخلطأ يعد خطأ مرفقي‪ ،‬أما إذا كان‬
‫يسعى بتصرفه إىل حتقيق أغراض شخصية ال عالقة هلا بوظيفته فإن اخلطأ يف هذه احلالة يعد‬
‫خطأ شخصيا‪.3‬‬

‫و قد أخذ جملس الدولة الفرنسي هبذا املعيار يف حكمه الصادر يف ‪ 27‬فرباير ‪ 1903‬يف‬
‫قضية " ‪ "zimmermann‬و اليت تتلخص وقائعها يف‪ :‬قيام عمال الطرق و اجلسور باستخراج‬
‫‪1‬‬
‫‪ .‬ـ حميي الدين القيسي‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري العام‪ ،‬منشورات احلليب احلقوقية‪ ،‬بريوت‪ ،1999 ،‬ص ‪124‬‬
‫‪ 2‬ـ قيدار عبد القادر صاحل‪ ،‬فكرة اخلطأ املرفقي‪ ،‬مقال منشور مبجلة الرافدين للحقوق‪ ،‬جملد ‪ ،10‬العدد ‪ ،38‬جامعة املوصل‪،‬‬
‫‪ ،2008‬ص ‪.316‬‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬ـ عوابدي عمار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪138‬‬
‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الرمال و األحجار الالزمة ألعمال الصيانة من أرض خاصة مملوكة لعائلة ""‬
‫‪ ،zimmermann‬مث أصدر مدير اإلقليم قرارا بضم تلك األرض إىل الدومني العام و رفع‬
‫األسوار عنها لضمان استمرار عملية استخراج الرمال و األحجار منها‪ ،‬و محاية املوظفني من‬
‫وقوع أية مسؤولية عليهم‪ ،‬ذلك أنه مىت عدت هذه األرض من األموال العامة فإن االستيالء‬
‫على األحجار و الرمال يعد فعال مشروعا‪ ،‬و قد اعترب جملس الدولة الفرنسي أن خطأ املدير‬
‫خطأ مرفقيا‪ ،‬استنادا إىل أنه مل يهدف بقرار سوى حتقيق مصلحة مالية للدولة و محاية‬
‫املوظفني‪.1‬‬

‫إن ما يؤخذ على هذا املعيـار على الـرغم من وضـوحه‪ ،‬أنـه ال يتفـق مـع العدالـة ألنـه يـؤدي‬
‫إىل إعف ــاء املوظ ــف من املس ــؤولية يف احلال ــة ال ــيت ال يك ــون فيه ــا خط ــؤه مش ــوبا بس ــوء الني ــة ‪،‬‬
‫بالرغم من إحلاقه ضرر بـاألفراد‪ ،‬و بالتـايل يـؤدي إىل تفشـي روح االسـتهتار و عـدم الشـعور‬
‫باملسؤولية‪.2‬‬

‫ثالثا ـ معيار جسامة الخطأ‪ :‬نادى هبذا املعيار الفقيه " جيز ‪ ،"jeze‬حيث يقول بأن اخلطأ‬
‫يعترب شخصيا إذا كان جسيما‪ ،‬و ال ميكن اعتباره من األخطاء العادية اليت يقع فيه املوظف‬
‫أثناء ممارسة وظيفته‪ ،‬و يعد اخلطأ جسيما يف نظر " جيز" إذا أساء املوظف تقدير الوقائع أو‬
‫تفسري القانون كأن يأمر رئيس بلدية بالبناء على أرض دون وجود سند قانوين‪ ،‬كما يعترب‬
‫كذلك خطأ جسيما إذا وصل املوظف خبطئه إىل حد ارتكاب جرمية تقع حتت طائلة قانون‬
‫العقوبات‪ ،‬أما إذا كان خطأ املوظف من األخطاء العادية اليت ميكن الوقوع فيها أثناء أداء‬
‫مهامه فإن هذا اخلطأ يعترب خطأ مرفقيا‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫ـ حسني فرجية‪ ،‬شرح املنازعات اإلدارية(دراسة مقارنة)‪،‬ديوان املطبوعات اجلامعية ‪ ،‬اجلزائر ‪ ، 2009،‬ص‪ 302‬ـ ‪303‬‬
‫‪2‬‬
‫‪.‬ـ قيدار عبد القادر صاحل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪318‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ .‬ـ سليمان الطماوي‪ ،‬القضاء اإلداري ( قضاء التعويض)‪ ،‬الكتاب الثاين‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬القاهرة‪ ، 1996 ،‬ص ‪110‬‬
‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫مما يعاب على هذا املعيار أن جملس الدولة عد يف بعض أحكامه األخطاء شخصية رغم عدم‬
‫جسامة اخلطأ ‪ ،‬و يف بعضها األخر أخطاء مرفقية رغم جسامة اخلطأ فيها‪.1‬‬

‫رابعا ـ معيار الخطأ المنفصل عن الوظيفة‪ :‬و من رواده الفقيه " هوريو ‪ "HORIO‬حيث‬
‫قال يف متييزه للخطأ املرفقي عن اخلطأ الشخصي أنه إذا كان باإلمكان فصل اخلطأ عن‬
‫الوظيفة عد خطأ شخصيا أي يف حالة إتيان املوظف خطأ ال عالقة له بوظيفته مثل‪ :‬تلفظ‬
‫أستاذ ا يف القسم بكلمات فاحشة ضد الدين‪ ،‬أما اخلطأ املرفقي فهو اخلطأ الذي ال ميكن‬
‫‪la‬‬ ‫فصله عن الوظيفة و يكون متصال هبا‪ .2‬و من األمثلة العملية عن هذا املعيار قضية "‬
‫‪ "lange‬يف ‪ 04‬ديسمرب ‪ ،1997‬حيث بعد أن قام عمدة بشطب اسم تاجر حكم القضاء‬
‫بإفالسه من جدول الناخبني‪ ،‬و هذا ما يندرج ضمن وظيفة العمدة قام بنشر إعالن لذلك و‬
‫أطلق مناد يف القرية إلبالغ املواطنني هبذه الواقعة ‪ ،‬حىت يسيء بسمعة التاجر‪ ،‬و هذا العمل‬
‫األخري ال يندرج ضمن أعمال وظيفة العمدة‪. 3‬‬

‫و يف اجلزائر قضى جملس الدولة يف مبسؤولية دركي ( قرار جملس الدولة اجلزائري الغرفة‬
‫الرابعة ‪ ،‬رقم القرار ‪ 159719‬بتاريخ ‪ 31‬ماي ‪ ،)1999‬حيث أن ب‪.‬ع قتل عن سبق‬
‫إصرار زميلني‪ ،4‬حيث اعترب اجمللس أن هذه اجلرمية ال عالقة هلا بوظيفة الدركي‪.‬‬

‫خامسا ـ معيار طبيعة االلتزام الذي تم اإلخالل به‪ :‬جاء هبذا املعيار األستاذ " دوك راسي‬
‫‪ " RASSI‬و قد اعتمد يف متييزه بني اخلطأين على معيار طبيعة االلتزام الذي مت اإلخالل‬
‫به‪،‬فإذا كان االلتزام الذي أخل به املوظف من االلتزامات العامة اليت يقع عبؤها على اجلميع‬

‫‪1‬‬
‫‪.‬ـ عبد هللا طلبة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪342‬‬
‫‪2‬‬
‫‪.‬ـ عمار عوابدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪137‬‬
‫‪ .‬ـ أنظر كذلك حممد الصغري بعلي‪ ،‬الوسيط يف املنازعات اإلدارية‪ ،‬دار العلوم للنشر و التوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ،2009،‬ص ‪226‬‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬ـ عوابدي عمار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪137‬‬
‫‪ 4‬ـ مجلة مجلس الدولة‪ ،‬العدد األول‪ ،2002 ،‬ص ‪.97‬‬
‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كان اخلطأ املرتكب خطأ شخصيا‪ ،‬أما إذا كان من االلتزامات املتصلة بالعمل الوظيفي‬
‫للموظف‪،‬فإن اخلطأ يعد خطأ مرفقيا يسأل عنه املرفق العام‪.1‬‬

‫يالحظ من خالل هذه املعايري أن مجيعها هلا مدلوالت متقاربة و متشاهبة ‪ ،‬و السيما‬
‫املعايري األربعة األوىل‪ ،‬و لكن و ال واحد من هاته املعايري يعترب معيارا جامعا مانعا على الرغم‬
‫من أهنا تبدو بسيطة يف طرحها إال أهنا صعبة التطبيق‪ .‬و لذلك ارتأى القضاء أن يتطور يف‬
‫هذا الشأن و هذا ما سيتم توضيحه يف الفرع الثالث‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪:‬‬

‫المعايير القضائية المميزة بين الخطأ المرفقي والخطأ الشخصي‪:‬‬

‫رغم تنوع و تعدد املعايري اليت تبناها الفقه يف متييزه بني اخلطأ املرفقي و اخلطأ الشخصي‬
‫و لكن هذه املعايري مل يرقى أي واحد منها لدرجة املعيار اجلامع املانع‪ ،‬و هلذا مل جيد القضاء‬
‫الفرنسي معيار معني يتقيد به من بني هذه املعايري‪ ،‬فسلك مسلكا أخر مؤداه أن يفحص‬
‫القضاء كل حالة على حدى آخذا بعني االعتبار الظروف اليت أحاطت بالواقعة ‪ ،‬و من مث‬
‫يكيف طبيعة و نوع اخلطأ‪ .‬و قد اجته القضاء الفرنسي يف هذه احلالة إىل أن اخلطأ‬
‫الشخصي يتجسد يف احلاالت التالية‪:‬‬

‫أوال ـ ـ الخطأ المنبت الصلة بالمرفق العام‪ :‬و هي احلالــة الــيت يــرتكب فيهــا املوظــف خطــأ ال‬
‫عالقـة لـه بوظيفتـه بتاتـا‪ ،‬كمـا يف قضـية "‪ pothier‬بوتييـه" ‪ ،‬حيث قضـى جملس الدولـة الفرنسـي‬
‫مبس ــؤولية دركي‪ ،‬ارتكب جرمية قت ــل بقص ــد انتق ــام من س ــبب ع ــاطفي‪ ،2‬فهن ــا يعت ــرب اخلط ــأ يف‬
‫نظر جملس الدولة الفرنسي خطأ شخصيا للموظف العام و ال عالقة له بالوظيفة‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ هشام عبد املنعم عكاشة‪ ،‬مسؤولية اإلدارة عن أعمال الضرورة ( دراسة مقارنة)‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية احلقوق بين سويف‪،‬‬
‫جامعة القاهرة‪ ،‬بدون سنة ص ‪.185‬‬
‫‪2‬‬
‫‪.‬ـ حكم مجلس الدولة الفرنسي في ‪ 12‬مارس ‪1971‬‬
‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ثانيا ـ الخطأ العمدي المستهدف لغير المصلحة العامة‪ :‬و تطبق هــذه احلالــة يف حالــة مــا إذا‬
‫ارتكب املوظ ــف خطــأ أثن ــاء تأدي ــة و وظيفت ــه و قص ــد من ورائ ــه حتقي ــق أغ ــراض شخص ــية غ ــري‬
‫أغـراض املصـلحة العامـة‪ ،‬كـأن يصـدر املدير قـرارا بفصـل موظــف انتقامـا منـه‪ ،‬ففي هـذه احلالـة‬
‫يعد اخلطأ خطأ شخصيا‪.1‬‬

‫ثالثاـ ـ بلوغ الخطأ درجة خاصة من الجسامة‪ :‬و تظهر جسامة اخلطأ يف هذه احلالة يف ثالث‬
‫صور و هي‪ :‬أن يرتكب املوظف خطأ جسيما‪ ،‬أو أن خيطئ خطأ قانونيا جسيما كأن‬
‫يتجاوز املوظف اختصاصاته بشكل فادح جدا‪ ،‬و تظهر اجلسامة كذلك يف صورة الفعل‬
‫الصادر من املوظف الذي يشكل جرمية جنائية كجرمية التزوير أو إفشاء األسرار‪. 2‬‬

‫بعد استعراض للمعايري القضائية يالحظ أن القضاء اعتمد يف متييزه بني اخلطأين‪ ،‬نفس‬
‫املعايري اليت اعتمدها الفقه ‪ ،‬و قد جعل القضاء من هذه املعايري يف جمموعها معيارا واحدا‬
‫يطبقه على احلاالت الفردية‪ ،‬بعد أن ينظر يف وقائع كل دعوى على حدى‪ ،‬آخذا بعني‬
‫و‬ ‫االعتبار ليستطيع يف األخري استخالص طبيعة اخلطأ‪ 3 .‬فكانت بذلك هذه املعايري‬
‫االجتاهات الفقهية بالنسبة للقضاء جمرد توجيهات و إرشادات يسرتشد هبا عند احلاجة‪.‬‬

‫و من خالل م ـ ــا س ـ ــبق تتجلى أو تتض ـ ــح لن ـ ــا أمهي ـ ــة التمي ـ ــيز بني اخلط ـ ــأ املرفقي و اخلطـ ــأ‬
‫الشخصـ ــي‪ ،‬من حيث توزيـ ــع االختصـ ــاص بني القضـ ــاء العـ ــادي و اإلداري‪ ،4‬فكلم ــا ثبت أن‬
‫اخلطـ ــأ مرفقيـ ــا انعقـ ــدت مسـ ــؤولية اإلدارة و عـ ــاد االختصـ ــاص للقضـ ــاء اإلداري ‪ ،‬و العكس‬

‫‪ 1‬ـ لقد طبق القضاء اجلزائري هذا املعيار يف قضية طيان مكي ضد بلدية أوالد فايت ‪ ،‬حيث قرر بإلغاء القرار الصادر عن بلدية‬
‫أوالد فايت ‪ ،‬والقاضي مبنح القطعة األرضية اليت كانت ملك للسيد طيان لشخص أخر‪،‬ألنه تبني أن الغرض من القرار شخصي‬
‫ذالك أن رئيس البلدية مل ينزع إال ارض السيد طيان رغم أن هناك آخرون يف نفس وضعيته‪(.‬جملس الدولة اجلزائري‬
‫‪ )19/04/1991‬أنظر حلسني بن الشيخ اث ملويا‪،‬املرجع السابق ص‪109‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪.‬ـ عوابدي عمار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪141‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ حلسني بن شيخ آث ملويا‪ ،‬دروس يف املسؤولية اإلدارية‪ ،‬الكتاب األول (املسؤولية على أساس اخلطأ)‪ ،‬ط‪ ،1‬دار اخللدونية‪،‬‬
‫اجلزائر‪ ،2007 ،‬ص ‪-175‬ـ‪176‬‬
‫‪4‬‬
‫‪.‬ـ يوسف سعد هللا الخوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪346‬‬
‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫صحيح يف حالة اخلطأ الشخصي‪ ،‬إذ يكون املوظف مسئول شخصيا و خيتص القضاء العــادي‬
‫بالفصل يف الدعوى‪.‬‬

‫و تتجلى أمهية التمييز كذلك يف حتديد املسؤول عن التعويض‪ ،‬فاألعمال اليت يؤديها موظفو‬
‫اإلدارة و تسبب ضررا للغري ويتبني أهنا أخطاء مرفقية‪ ،‬توجب مسؤولية اإلدارة و حتملها‬
‫عبء التعويض‪ ،‬أما األخطاء اليت يرتكبها املوظفون وتنسب إليهم‪ ،‬توجب‬
‫مسؤوليتهم‪،‬وحتملهم عبء التعويض‪.1‬‬

‫و كذلك تظهر األمهية يف كيفية تقدير املسؤولية‪ ،‬فإذا كان اخلطأ الذي ارتكبه املوظف خطأ‬
‫شخصيا فإن احملاكم العادية تقدر املسؤولية و تبين حكمها وفق أحكام و قواعد القانون‬
‫املدين‪ .‬أما إذا كان خطأ مرفقي فإن املسؤولية تقدر وفق أحكام و قواعد خاصة مستقلة عن‬
‫أحكام القانون املدين‪ ،‬و هذه األحكام متكن القاضي من أن يأخذ بعني اإلعتبار مصاحل‬
‫األفراد‬

‫و مصاحل املرفق العام و التوفيق بينهما‪.2‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬‬

‫صور الخطأ المرفقي‪.‬‬

‫يقسم أغلبية الفقه ومن بينهم الفقيه "دويز" األفعال املكونة للخطأ املرفقي إىل ثالث‬
‫صور‪ ،‬و قد حذا حذوه سائر فقهاء القانون العام‪ ،‬و هذا ما توصل إليه أيضا جملس قضاء‬
‫الدولة الفرنسي ‪ ،‬ومن خالل هذا املبحث سيتم الوقوف عند كل صورة من هاته‬

‫‪1‬‬
‫‪.‬ـ هشام عبد المنعم عكاشة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪182‬‬
‫‪2‬‬
‫‪.‬ـ يوسف سعد هللا الخوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪347‬‬
‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الصور‪،‬واملتمثلة يف‪ :‬صورة التنظيم السيئ للمرفق العام(مطلب أول)‪ ،‬صورة تباطؤ املرفق‬
‫العام يف أداء اخلدمة(مطلب ثاين)‪ ،‬و صورة عدم أداء املرفق العام للخدمة(مطلب ثالث)‪.‬‬

‫المطلب األول‪:‬‬

‫‪Le service a mal fonctionne‬‬ ‫التنظيم السيئ للمرفق العام‬

‫و تظهر هذه الصورة يف احلالة اليت يؤدي فيها املرفق العام اخلدمة املطلوبة منه‪ ،‬أي‬
‫قيامه بأعمال إجيابية و لكنها أعمال إجيابية خاطئة تلحق ضررا بالغري‪ ،‬نتيجة أداء اجلهة‬
‫اإلدارية خدماهتا على الوجه السيئ‪ ،‬و يف هذه احلالة تسأل اإلدارة عن التعويض بسبب أهنا‬
‫مل تؤدي اخلدمة املنوطة هبا على أكمل وجه‪.1‬‬

‫و حاالت هذه الصورة متعددة‪ ،‬فقد ينشأ الضرر عن فعل صادر عن أحد املوظفني و‬
‫توماس جريكو" اليت تتلخص وقائعها يف أن ثورا‬ ‫"‪TOMASO GRECCO‬‬ ‫مثال ذلك قضية‬
‫هائجا هرب ‪ ،‬فاندفع وراءه الناس حماولني اإلمساك ‪ ،‬و يف أثناء تلك اللحظات انطلق عيار‬
‫ناري أصاب السيد " توماس جريكو" جبراح و هو داخل منزله‪ ،‬فرفع دعوى مطالبا اإلدارة‬
‫تعويضه عما أصابه‪ ،‬مدعيا أن العيار الذي أصابه أطلقه أحد رجال الشرطة الذين كانوا‬
‫يطاردون الثور اهلائج‪ ،‬فقضى جملس الدولة الفرنسي مبسؤولية املرفق لعدم اختاذه االحتياطات‬
‫الالزمة ملنع حدوث مثل هذه احلوادث‪.2‬‬

‫و ميكن أن يكون مصدر الضرر أشياء أو حيوانات متلكها اإلدارة ‪ ،‬كإمهال اإلدارة خيل‬
‫أو ماشية مملوكة هلا و أحلقت أضرارا باألفراد‪.‬‬

‫كما ميكن أن ينتج الضرر كذلك عن سوء تنظيم املرفق العام كأن يصاب أحد املوظفني‬
‫باختناق نتيجة سوء هتوية أماكن العمل‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ حميي الدين القيسي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.131‬‬
‫‪ 2‬ـ (حكم جملس الدولة الفرنسي الصادر يف ‪ 10‬فرباير ‪ ،)1905‬انظر عوابدي عمار‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص ‪. .152‬‬
‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫و اخلطأ املرفقي يف هذه الصورة ال يكون مصدره دائما عمال ماديا‪ ،‬فقد يكون مصدره‬
‫أيضا يف بعض األحيان عمل قانوين معيب‪ ،‬كما لو ضمنت اإلدارة قراراهتا معلومات غري‬
‫حقيقية ‪،‬أو تعجلت يف تنفيذ حكم قضائي قبل أن يصري قابل للنفاذ‪ ،‬أو استولت على بعض‬
‫األموال يف غري احلاالت اليت خيوهلا القانون فيها ذالك احلق‪،‬أو تطبق القانون أو اللوائح تطبيق‬
‫خاطئ‪.1‬‬

‫و بالرجوع إىل القانون اجلزائري‪ ،‬جند أن قانون البلدية القدمي الصادر سنة ‪ 1967‬كان قد‬
‫نص على ضرورة إلزام البلديات بتنظيم مرفق مكافحة احلريق و أن سوء تنظيمه ينشأ‬
‫مسؤولية اإلدارة ( البلدية)‪ ،‬و هو ما سار عليه القضاء يف قضية ((بن مشيش)) ضد بلدية‬
‫اخلروب اليت تتلخص وقائعها يف أنه بتاريخ ‪ 28‬ماي ‪ 1969‬شب حريقا يف مصنع للنجارة‬
‫تابع للسيد ))بن مشيش((‪ ،‬سببه رمي األطفال للمفرقعات مبناسبة االحتفال باملولد النبوي‬
‫الشريف‪ ،‬فحكم اجمللس األعلى مبسؤولية اإلدارة‪ ،‬حيث تبني من أوراق امللف أن الظروف‬
‫اليت متت فيها مكافحة احلريق تبني نقص يف وسائل مكافحة احلريق‪ ،2‬فمن خالل وقائع‬
‫هذه القضية يتبني أن سوء تنظيم و سري مرفق مكافحة احلرائق كان السبب يف احرتاق مصنع‬
‫النجارة بأكمله‪،‬وبالتايل يعد خطأ مرفقيا يولد املسؤولية اإلدارية‪.‬‬

‫من هذه الصورة يتضح أن القضاء جعل من التنظيم السيئ‪ ،‬أو اإلمهال يف تسيري املرفق‬
‫خطأ مرفقي‪ ،‬حفاظا على حقوق املضرور إزاء ذالك هذا من جانب‪ ،‬و حثا لإلدارة على‬
‫ضرورة االنتباه والتبصر وحسن التسيري من جانب أخر‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬‬

‫‪Le service a fonctionne tardivement‬‬ ‫اإلبطاء في أداء الخدمة‬

‫‪ 1‬ـ سليمان الطماوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.124‬‬


‫‪2‬ـ رشيد خلويف‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫أنظر كذلك‪،‬ـ حميو أمحد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 218‬ـ ‪. 219‬‬
‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫و يظهر اخلطأ يف هذه الصورة‪ ،‬يف أنه إذا تباطأت اإلدارة يف القيام خبدماهتا أكثر من‬
‫الوقت املعقول ألداء تلك اخلدمات‪ ،‬و كان من شأن هذا اإلبطاء إحلاق ضرر باألفراد‪ ،‬فإن‬
‫ذلك يعد خطأ مرفقيا يرتب مسؤولية اإلدارة و يستوجب التعويض‪.1‬‬

‫و هذه الصورة ال تعين أنه إذا كان القانون قد حدد لإلدارة ميعاد معني للقيام خبدماهتا و مل‬
‫تقم اإلدارة بذلك فيعترب ذلك امتناعا عن القيام بأداء اخلدمة ‪ ،‬و إمنا املقصود هنا أن اإلدارة‬
‫غري مقيدة مبيعاد معني و مع ذلك أبطأت يف أداء اخلدمة أكثر من الالزم و بغري مربر‪ ،‬مما‬
‫أدى إىل إصابة األفراد بالضرر نتيجة هذا اإلبطاء و بالتايل قيام مسؤولية اإلدارة و مثال‬
‫ذلك قرار جملس الدولة الفرنسي يف ‪ 18‬يوليو ‪ 1919‬يف قضية " بريىن ‪ ،BRUNET‬حيث‬
‫تطوع أحد الشبان و الذي مل يستويف السن القانونية يف الفرقة األمنية و اليت يشرتط لصحة‬
‫التطوع فيها يف مثل هذه احلالة موافقة الوالد‪ ،‬فعارض الوالد هذا التطوع و رفع تظلما يثبت‬
‫بطالن تطوع ولده‪ ،‬و كان الواجب يبحث التظلم و ينفذ فورا إذا ثبتت صحته و لكن‬
‫الذي حدث أن الطلب قدم للوزير يف ‪ 01‬فرباير و مل يصدر أمر اإلفراج إال يف ‪ 03‬ماي من‬
‫ذات العام‪ ،‬حيث كان الشاب قد قتل يف إحدى املعارك‪ ،‬فحكم جملس الدولة الفرنسي‬
‫بالتعويض ألن تأخر اإلدارة مل يكن له مربر‪.2‬‬

‫أما تطبيقات هذه الصورة يف القضاء اجلزائري‪ ،‬تتجسد يف قضية "محيدوش" يف‬
‫‪ 08/04/1966‬حيث وظفت اإلدارة املعين بصفة غري قانونية ‪ ،‬و مل تنتبه هلذه الوضعية إال بعد‬
‫مرور ‪ 08‬سنوات‪ ،‬فأرادت إلغاء قرار التوظيف‪ ،‬فرفع املعين دعوى تعويض ضد الدولة و قد‬

‫‪1‬‬
‫‪.‬ـ‪ .‬حممد بكر حسني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪127-126‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ .‬ـ سليمان الطماوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪132-130‬‬
‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫اعترب القاضي بأن هذا التأخري يشكل خطأ مرفقيا‪.1‬ويف هذا الصدد جند كذلك (قرار جملس‬
‫الدولة اجلزائري‪ ،‬الغرفة الثالثة‪ ،‬ملف رقم ‪ ،011184‬فهرس رقم ‪،200‬قرار ‪.2)09/03/2004‬‬

‫ومن خالل هذه الصورة يتضح ان القضاء اعترب جمرد اإلبطاء أو التأخر يف قيام اإلدارة‬
‫بالعمل الذي كان جيب عليها القيام به‪ ،‬يعد خطأ مرفقي يوجب مسؤوليتها‪ ،‬و حسن ما‬
‫فعل و ذلك منعا من التهاون واالستهتار و تعطيل شؤون و مصاحل األفراد‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪:‬‬

‫‪Le service n'a pas fonctionne‬‬ ‫امتناع المرفق العام عن أداء الخدمة‬

‫يعرب عنه كذلك باجلمود اإلداري‪ ،‬و يتمثل اخلطأ املرفقي يف هذه الصورة يف امتناع‬
‫اإلدارة عن القيام بفعل أو تصرف معني أوجب القانون عليها القيام به‪ ،‬و كان من شأن هذا‬
‫االمتناع إحلاق ضرر باألفراد‪،3‬و يف هذه احلالة تقوم املسؤولية على أساس فعل سليب صادر‬
‫عن املرفق العام‪ ،‬و تعد هذه الصورة مرحلة يف تطور نظام املسؤولية اإلدارية‪.‬‬

‫و قد بدأ جملس الدولة الفرنسي أوىل تطبيقات هذه احلالة‪،‬مبناسبة األضرار النامجة عن‬
‫األشغال العامة فلم يكتفي مبسؤولية اإلدارة يف حالة األداء السيئ لألشغال‪ ،‬بل مّد ها إىل‬
‫حالة امتناع اإلدارة عن القيام ببعض األشغال العامة ‪،‬كما لو مل تقم اإلدارة باألعمال الالزمة‬
‫‪1‬ـ قرار الغرفة اإلدارية باجمللس األعلى يف ‪ 19‬أفريل ‪ ،1972‬أنظرأمحد حميو‪ ,‬املنازعات اإلدارية‪ ,‬ط ‪ ،5‬ديوان املطبوعات‬
‫اجلامعية‪ ,‬اجلزائر‪ ,‬سنة ‪ ,2004‬ص ‪.216‬‬
‫‪" - 2‬يف هذا القرار ألزم جملس دولة القطاع الصحي بدفع مبلغ التعويض ‪ ،‬عن األضرار الالحقة بالضحية‪،‬جراء عدم تقدمي‬
‫اإلسعافات األولية‪ ،‬وحتويلها املتأخر إىل العيادة اخلاصة‪،‬مما كلفها ضياع جنينها‪ ،‬وكاد يودي حبياهتا "انظر عمار بوضياف‪،‬‬
‫املرجع السابق‪،‬ص‪.155‬‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬ـ حممد بكر حسني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪125‬‬
‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫حلماية األهايل من الفيضان‪ ،‬أو عدم قياها بصيانة منشآت عامة على الوجه الالزم واجنر عن‬
‫ذلك إصابة األفراد بالضرر‪ ،‬كما لو تسربت مياه الفيضان إىل كهوف بعض األفراد اجملاورة‬
‫للطريق العام نتيجة إلمهال اإلدارة يف اختاذ الالزم لتصريف هذه املياه يف القنوات املعدة‬
‫لذلك‪..1‬اخل من قضايا جملس الدولة الفرنسي املختلفة و املتنوعة‪.‬‬

‫ومن أمثلة هذه الصورة يف القضاء اجلزائري ‪ ،‬قضية السيد سوايبية عبد اجمليد‪ ،‬ضد بلدية‬
‫الذرعان (جملس الدولة اجلزائري يف ‪ ،)31/01ّ/2000‬اليت تتلخص وقائعها يف ان السيد عبد‬
‫اجمليد طالب باسرتجاع سيارته من بلدية الدرعان‪ ،‬حيث كانت حمجوزة هناك بسبب متابعته‬
‫جبنحة التزوير‪،‬اال ان السيد عبد اجمليد تفاجأ بأن سيارته قد فقدت من حظرية البلدية‪ ،‬فرفع‬
‫دعوى للمطالبة بالتعويض عن سيارته‪ ،‬فقضى له جملس قضاء عنابة بذلك أي بالتعويض‪،‬‬
‫فهنا اخلطأ مرفقي ينسب إىل البلدية بسبب امتناعها عن أداء واجبها واملتمثل يف احملافظة‬
‫على السيارة اليت كانت يف احلظرية التابعة هلا ‪ ،2‬وكذلك تتجسد هذه الصورة يف يف (قرار‬
‫جملس الدولة‪،‬الغرفة الثالثة‪،‬امللف‪،007733‬بتاريخ ‪.3)11/03/2003‬‬

‫و ما يستخلص من خالل هذه الصورة أن مباشرة اإلدارة الختصاصاهتا ليس امتيازا‬


‫تزاوله كيف و مىت و أين شاءت و أرادت‪ ،‬و إمنا هو واجب يفرضه عليها القانون و جيب‬
‫أن تؤديه بكل أمانة و حرص من أجل حتقيق املصلحة العامة‪ .4‬و بذلك يكون امتناعها عن‬
‫أداء هذا الواجب خطأ مرفقيا يوجب مسؤوليتها عن التعويض و هذا محاية لألفراد الذين‬
‫تضرروا من جراء هذا اإلمتناع‪.‬‬
‫‪1‬ـ سليمان الطماوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪125‬ـ ‪126‬‬
‫‪ 2‬ـ حلسني بن الشيخ أث ملويا ‪ ،‬املنتقى يف قضاء جملس الدولة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 285‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ "يف حمتوى هذا القرار رفع جملس الدولة مبلغ التعويض على املستأنف عليه الذي امتنع عن القيام بواجبه املتمثل يف اخذ‬
‫االحتياطات الالزمة من اجل احلفاظ على السالمة البدنية للمريض املوجود حتت املسؤولية‪ ،‬حيث انه مل يراقب اآلالت املستعملة‬
‫من طرف األعوان الطبيني حيث أن ذالك أدى إىل تعفن عظم فخذ الضحية‪ ،‬مما أدى به اىل اخلضوع لعملية زرع العظام"انظر‬
‫جملة جملس الدولة ‪ ،‬العدد اخلامس لسنة ‪ ،2004‬ص ‪.208‬‬
‫‪4‬‬
‫‪.‬ـ قيدار عبد القادر صاحل ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪322‬‬
‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫خالصة الفصل‪:‬‬

‫ومن خالل ما متت اإلشارة إليه يف هذا الفصل‪ ،‬ميكن استنتاج‪:‬‬

‫أن اخلطأ املرفقي من بني املوضوعات اليت مل يوفق الفقهاء يف إعطاء مفهوم ثابت‬ ‫‪-‬‬
‫وحمدد هلا‪ ،‬ومع ذلك ميكن القول أهنم وقفوا على انه يكون مرتبط باملرفق‬
‫العام‪،‬ويتحمل هذا األخري مسؤولية التعويض عنه ‪.‬‬
‫أن الفقه مل يثبت على معيار معني و حمدد يف التمييز بني اخلطأين ( املرفقي‬ ‫‪-‬‬
‫والشخصي)‪ ،‬و هذا ما جعل القضاء هو األخر‪ ،‬ال يتقيد مبعيار معني يف جمال‬
‫التفرقة بني اخلطأين ‪،‬واختذ سبيله يف ذلك‪ ،‬بأن يفحص كل حالة على حدى مراعيا‬
‫الظروف واملالبسات اليت أحاطت بالواقعة‪ ،‬وعلى أساس ذلك يكيف طبيعة‬
‫اخلطأ‪،‬كما جتدر اإلشارة يف هذا الصدد إىل أنه ميكن أن ينتج النشاط الضار الواحد‬
‫من خطأين معا يف وقت واحد‪ ،‬خطأ مرفقي وشخصي‪ ،‬وبالتايل اجتماع‬
‫املسؤوليتني‪ ،‬وللمضرور هنا مع مراعاة مبدأ عدم اجلمع بني تعويضني‪ ،‬املطالبة حبقه‬
‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫يف التعويض من املوظف شخصيا‪،‬أو من اإلدارة‪ ،‬وهذا هو الطريق األنسب ألهنا‬


‫األقدر على التعويض‪.‬‬
‫أضف إىل ذلك أن اخلطأ املرفقي‪ ،‬مهما تعددت حاالته أو صوره فإهنا ال ميكن أن‬ ‫‪-‬‬
‫خترج عن ثالث فروض(التنظيم السيئ للمرفق ‪ ،‬سوء سري املرفق ‪ ،‬بطئ سري املرفق)‬
‫و يالحظ من مجيع صور اخلطأ املرفقي أن القضاء اإلداري إذا كان ال يستطيع أن‬
‫جيرب اإلدارة بالتصرف على حنو معني‪ ،‬فإنه يستطيع أن يبسط رقابته عليها بطريقة‬
‫غري مباشرة‪ ،‬و ذلك عن طريق احلكم عليها بالتعويض جراء ما حلق األفراد من‬
‫ضرر نتيجة عدم تصرف اإلدارة على النحو الذي يوجبه القانون‪.1‬‬

‫‪ 1‬ـ عبد اهلل طلبة‪ ،‬القانون اإلداري ( الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة‪ ،‬القضاء اإلداري)‪ ،‬ط‪ ،2‬منشورات جامعة حلب‪ ،‬ص‬
‫‪.350‬‬
‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬

‫إن املقصود بدرجة اخلطأ يف جمال القانون اإلداري هو معرفة طبيعة اخلطأ الذي تقوم على‬
‫أساسه مسؤولية اإلدارة إذا ما سببت ضرر للغري يف إطار ممارسة نشاطاهتا‪ ،‬اليت ترتاوح ما‬
‫بني أعمال قانونية و أعمال مادية‪ ،‬إذ ال يكفي أن يكون الفعل أو النشاط الصادر عن‬
‫اإلدارة خاطئا حىت تقوم مسؤوليتها و حيكم عليها بالتعويض‪ ،‬بل جيب أن يكون اخلطأ على‬
‫قدر من اجلسامة ألن التعويض ال يتم إال عن اخلطأ الذي ميثل خطورة معينة‪.‬‬

‫و ينقسم اخلطأ املرفقي يف نظام املسؤولية اإلدارية إىل خطأ بسيط و خطأ جسيم‪ ،‬ففي‬
‫احلاالت العادية و طبقا للقواعد العامة يكون اخلطأ البسيط كافيا لقيام املسؤولية‪ ،‬غري أن‬
‫القضاء اإلداري يتطلب حدوث اخلطأ اجلسيم يف حاالت معينة لدى مرافق معينة حىت تقوم‬
‫مسؤوليتها‪.‬‬

‫ويعرف اخلطأ اجلسيم يف القضاء اإلداري بأنه كل تصرف ال يقع من شخص عادي أي‬
‫ليس بقليل الذكاء و الفطنة و يكون جدير بالعقاب‪ ،1‬إضافة إىل أن جسامة هذا اخلطأ‬
‫ختتلف بني ما إذا كان عمل اإلدارة عمال قانونيا‪ ،‬أو عمال ماديا‪ ،‬و بناءا على ذلك ستكون‬
‫دراسة درجة اخلطأ املرفقي يف مبحثني‪ ،‬خيصص املبحث األول للتعرف على درجة اخلطأ‬
‫املرفقي يف القرارات اإلدارية‪ ،‬و املبحث الثاين يتعرف فيه على درجة اخلطأ املرفقي يف أعمال‬
‫اإلدارة املادية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪.‬ـ رشيد خلويف‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪25/26‬‬
‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المبحث األول‪:‬‬

‫درجة الخطأ المرفقي في القرارات اإلدارية‬

‫يعرف القرار االداري بأنه كل عمل قانوين انفرادي‪ ،‬يصدر بإرادة إحدى اجلهات‬
‫االدارية املختصة‪ ،‬وحيدث أثار قانونية‪ ،‬إما بإنشاء مركز قانوين جديد‪ ،‬أو تعديل‪ ،‬أو إلغاء‬
‫مركز قانوين قائم‪ .1‬و لكي يكون القرار اإلداري سليما و منتجا ألثاره‪ ،‬وجب توافر‬
‫أركانه و املتمثلة يف ( الشكل و اإلجراء‪ ،‬االختصاص‪ ،‬احملل‪ ،‬السبب‪ ،‬الغاية)‪ ،‬و أن تكون‬
‫هذه األركان سليمة من العيوب اليت جتعل من القرار اإلداري قرارا غري مشروع و هذا ما‬
‫يؤدي إىل مسؤولية اإلدارة عن األضرار اليت تنجر من جراء عدم مشروعية هذا القرار‪ ،‬ألن‬
‫عدم مشروعية القرار كما يقول األستاذ حميو أمحد أهنا تشكل مبدئيا املثال احلقيقي للخطأ‬
‫املرفقي‪ ،‬فهل جيب إذن القول أن كل ال مشروعية تولد املسؤولية اإلدارية؟‪.2‬‬

‫و هذا ما سيتبني يف األيت‪:‬‬

‫المطلب األول‪:‬‬

‫تقدير الخطأ المرفقي في حالة اإلخالل باألركان الشكلية للقرار اإلداري‬

‫يف هذا املطلب سيتم التطرق إىل درجة اخلطأ املرفقي‪، ،‬إذا ما مت اإلخالل بأحد األركان‬
‫الشكلية للقرار‪،‬أو ما يطلق عليه عيوب مشروعية القرار الشكلية‪ ،‬و اليت تتمثل يف ثالث‬
‫عيوب‪ :‬عيب الشكل‪ ،‬و عيب اإلجراءات‪ ،‬عيب االختصاص‪ ،‬ونظرا ألن أغلبية الفقه ال‬
‫يفرقون بني عييب الشكل واإلجراءات و لذلك ستكون الدراسة كاأليت‪:‬‬

‫ـ حسني فرجية‪ ،‬شرح القانون االداري ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪217‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬ـ حميو أمحد‪ ،‬املنازعات اإلدارية‪ ،2004 ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.226‬‬


‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفرع األول ‪:‬‬

‫تقدير الخطأ في حالة اإلخالل بركني الشكل واإلجراءات‬

‫يقصد بالشكل اإلطار أو القالب الذي تظهر فيه إرادة اإلدارة أي املظهر اخلارجي‬
‫الذي يتخذه القرار فقد يكون كتابيا أو شفويا‪ ،‬صرحيا أو ضمنيا و يقتضي أحيانا أن‬
‫يتضمن توقيعا أو تسبيبا أو حتييثا‪...‬اخل‪ ،‬أما اإلجراءات فهي جمموعة من اإلجراءات‬
‫واملراحل السابقة على عملية اختاذ القرارات اإلدارية مثل عرض ملف املوظف على‬
‫اجمللس التأدييب قبل إصدار اإلدارة قرار بفصله‪ .‬وهي إجراءات تؤثر يف مدى الشرعية‬
‫اإلدارية يف مجيع احلاالت ألهنا تعترب جزءا من القرارات اإلدارية املتخذة فإذا ما ختلفت‬
‫هذه اإلجراءات املنصوص عليها قانونيا الختاذ قرار إداري فإن القرار يقع باطال وجيوز‬
‫‪1‬‬
‫الطعن فيه إداريا أو قضائيا‪.‬‬

‫و يف املقابل فإن عيب الشكل واإلجراء هو عدم االحرتام الكلي أو اجلزئي لتلك‬
‫الشكليات أو اإلجراءات أو البيانات الواجبة قانونا ‪.‬‬

‫و لقد عمد الفقه إىل التمييز بني الشكليات واإلجراءات تبعا الختالف تأثري كل‬
‫منهما على مشروعية القرار مسرتشدا يف ذلك مبعايري عدة قسم مبوجبها شكليات‬
‫وإجراءات القرار إىل جوهرية وأخرى ثانوية‪.‬‬

‫فالعميد "دوزي ‪ "Duze‬قسم عيب الشكل إىل عيب ثانوي ال يؤدي إىل اإللغاء وال‬
‫إىل التعويض‪ ،‬و عيب جوهري يؤدي حتما إىل إلغاء القرار‪،‬وال يؤدي بالضرورة إىل‬
‫التعويض‪.‬‬

‫وهذا ما يتبني من خالل حكم جملس الدولة اجلزائري يف قضية "ع م" اليت تتلخص‬
‫وقائعها يف أنه مت عزل "ع م"من منصبه‪،‬بقرار من وايل والية البيض‪ ،‬ولدى الطعن ضد‬

‫‪- 1‬بوعمران عادل‪،‬النظرية العامة للقرارات والعقود اإلدارية ‪،‬دار اهلدى للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬اجلزائر ‪ .2010 ،‬ص ‪.40‬‬
‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫هذا القرار ضد الغرفة االدارية احمللية مت رفض الطعن‪،‬ولدى استئناف هذا القرار أصدر‬
‫جملس الدولة قراره بإلغاء قرار جملس قضاء سعيدة املؤرخ يف ‪ ،17/03/1996‬معلال رأيه‬
‫أن ملف املستأنف مل يعرض على جلنة التأديب‪،1‬فاملالحظ هنا أن عدم عرض ملف‬
‫العزل على جلنة التأديب ميثل خمالفة إلجراء‪،‬ومع ذلك فهو مل يوجب مسؤولية الدولة‬
‫بالتعويض‪ .‬يف حني جنده يف حكم آخر يقر باإللغاء و التعويض معا كما يف قضية‬
‫األنسة " بن عزي" و اليت تنحصر وقائعها يف أن رئيس بلدية سكيكدة أصدر قرار‬
‫عقابيا بإيقاف األنسة " بن عزي " عن عملها ملدة مخسة عشر يوما بدون‬
‫أجر‪،‬فحكمت الغرفة اإلدارية جمللس قضاء قسنطينة بإلغاء قرار رئيس البلدية و تعويض‬
‫املتضررة من هذا القرار معللة رأيها بأن القرار جاء خمالف للمادة ‪ 33‬من قانون عمال‬
‫البلديات الصادر يف ‪ 18‬أفريل ‪ 1952‬و اليت تقضي بأن العقوبة التأديبية لعمال‬
‫البلديات جيب أن يبت فيها أوال اجمللس التأدييب للبلدية‪.2‬‬

‫أما جملس الدولة الفرنسي‪،‬فلم يأخذ مبعيار عام لقيام املسؤولية هنا‪ ،‬فهو يدخل‬
‫يف تقدير درجة اجلسامة اعتبارات متعددة‪ ،‬منها امكانية تصحيح القرار وفق الشكل‬
‫الصحيح‪ .‬وعموما فإن جملس الدولة الفرنسي يقرر التعويض على أساس درجة اخلطأ‬
‫الذي يقدره يف كل حالة على حدى‪ ،‬و قد متت اإلشارة إىل ذلك يف حكم "‬
‫‪ "GUIDICELLE‬سنة ‪ 1934‬حيث فصل أحد املوظفني من الوظيفة دون أن يعرض‬
‫أمره على اجمللس التأدييب ‪ ،‬فقضى جملس الدولة بتعويض املدعي لعدم مشروعية قرار‬
‫فصله لكونه مليء باألخطاء اجلسيمة عالوة على ذلك إبطال قرار الفصل‪.3‬‬

‫‪ 1‬ـ قرار صادر عن جملس الدولة اجلزائري يف ‪ 31‬جانفي ‪ ،2000‬الغرفة الرايعة‪ ،‬قرار غري منشور‪ ،‬أنظر طاهري حسني‪ ،‬شرح‬
‫‪.‬‬
‫وجيز لإلجراءات املتبعة امام املواد االدارية‪ ،‬دار اخللدونية‪ ،‬اجلزائر‪،2005،‬ص‪93‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ .‬ـ حكم الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى‪ ،‬انظر عوابدي عمار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪159‬‬
‫‪ 3‬ـ قيدار عبد القادر صاحل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪334‬ـ ‪.336‬‬
‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫و بالتايل يستخلص بأن عيب الشكل و اإلجراءات يف القرارات اإلدارية ال يرتبان‬


‫مسؤولية اإلدارة ما مل تكن مؤثرة يف جوهر القرار‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬‬

‫تقدير الخطأ في حالة اإلخالل بركن اختصاص‬

‫تقوم اإلدارة على مبدأ تقسيم و توزيع االختصاص بني خمتلف اهليئات‬
‫واألشخاص العاملني هبا هبدف حتسني األداء اإلداري وحتديد املسؤوليات‪،‬حيث يسند‬
‫إصدار أي قرار إداري إىل شخص أو موظف معني ‪ ،‬وعليه فإن اخلروج عن هذا‬
‫املبدأ يشكل عيب عدم اختصاص‪ .‬ويقصد هبذا األخري هو قيام اإلدارة أو سلطة أو‬
‫موظف بعمل جعله القانون من اختصاص هيئة أو سلطة أو موظف آخر ‪ .‬و هذا‬
‫العيب هو العيب الوحيد من عيوب مشروعية القرار الذي يتصل بالنظام العام‪.1‬‬

‫و يأخذ هذا (عيب االختصاص) يف الواقع إحدى الصورتني ‪:‬‬

‫‪1‬ـ عيب عدم االختصاص الجسيم ‪ :‬وجتد هذه الصورة جماهلا يف حالة ما إذا صدر‬
‫القرار من شخص عادي ال ميت بصلة لإلدارة وال ميلك أي صفة للقيام بالعمل‬
‫اإلداري‪،‬إضافة إىل احلالة اليت تعتدي فيها السلطة على اختصاصات السلطة أخرى‪،‬‬
‫مثل اعتداء السلطة التنفيذية على اختصاصات السلطة التشريعية أو السلطة القضائية‪.‬‬

‫‪2‬ـ عيب عدم االختصاص البسيط ‪ :‬يقع هذا العيب مثال داخل السلطة التنفيذية‬
‫نفسها أي بني إداراهتا ‪،‬هيئاهتا وموظفيها وجتد هذه الصورة جماهلا يف حالة عدم‬
‫االختصاص املكاين أو الزماين أو املوضوعي‪.2‬‬

‫ـ طاهري حسني‪،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.88‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر كذلك قيدار عبد القادر صاحل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.335‬‬


‫‪2‬‬
‫حممد الصغري بعلي‪ ،‬الوجيز يف املنازعات اإلدارية‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر ‪ ، 2002‬ص ‪- 85-84‬‬
‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وعليه فان عدم املشروعية يف احلالة األوىل ( عدم االختصاص اجلسيم) تكون‬
‫جسيمة لذلك تقوم مسؤولية اإلدارة‪ ،‬عكس احلالة الثانية ( عدم االختصاص البسيط)‬
‫فهي ال تبيح دائما مسؤولية اإلدارة‪ ،‬ذلك أن عدم املشروعية يكون اقل جسامة‪.‬‬

‫و قد تطرق جملس الدولة اجلزائري ملسألة عدم االختصاص يف قراره صادر يف‬
‫قضية شركة املنتوجات الغذائية ‪ ،‬حيث حكم جملس الدولة اجلزائري‬ ‫‪03‬ديسمرب‪1958‬‬

‫باإللغاء لكن دون تعويض عندما اصدر مدير التموين قرار مينع فيه منتوج غذائي غري‬
‫صحي‪ ،‬يف حني أن االختصاص يعود للوزارة"‪. 1‬‬

‫كما جنده يف حالة أخرى يقر باإللغاء مع التعويض‪ ،‬ومن ذلك قضية "السيد‬
‫كباش سليم" حيث حكم جملس الدولة للسيد كباش بإلغاء القرار مع التعويض عن ما‬
‫حلقه من ضرر جراء هدم الكشك من طرف البلدية‪ ،‬معلال رأيه ان قرار رئيس البلدية‬
‫هبدم الكشك باطل ألنه مل حيرتم قاعدة توازي األشكال‪ ،‬حيث ان قرار االستفادة منح‬
‫للسيد كباش من طرف الوايل وبالتايل فهو املختص بإبطاله وليس رئيس البلدية‪ ،‬الذي‬
‫هدم الكشك‪ ،‬بعد رفض السيد كباش اإلخالء"‪. 2‬‬

‫وهذا ما ذهب إليه كذلك جملس الدولة الفرنسي‪ ،‬إذ جنده يف حاالت يقرر‬
‫اإلبطال دون التعويض ومن ذلك "احلكم الصادر يف قضية"‪ "Bour‬بتاريخ أول أيلول‬
‫سنة ‪ 1944‬حني رفض أحد العمد منح إعالة بطالة للمدعي ظنا منه باختصاص هيئة‬
‫أخرى‪ ،‬لذا قضى اجمللس بإلغاء قرار االمتناع‪ ،‬كون أن اخلطأ الذي ارتكبه العمدة ال‬
‫يشكل خطأ يوجب مسؤولية اإلدارة بالتعويض‪ ،‬ويف حاالت يقررمها معا‪ ،‬حسب ما‬
‫تبدى له من ظروف القضية املعروضة أمامه‪ ،‬ومن ذلك أيضا حكمه الصادر بتاريخ‬
‫‪ 1‬ـ قرار جملس الدولة اجلزائري يف ‪ 03‬ديسمرب ‪ ،1958‬انظر حميو امحد‪ ،‬املنازعات االدارية‪،‬ط‪،7‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪،‬‬
‫اجلزائر‪ ،2008،‬ص‪.217‬‬
‫‪ 2‬ـ ( قرار جملس الدولة اجلزائري يف ‪ ،)19/07/1999‬انظر حلسني بن الشيخ اث ملويا‪ ،‬املنتقى يف قضاء جملس الدولة‪ ،‬املرجع‬
‫السابق‪،‬ص ‪153‬وما بعدها‪.‬‬
‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ 20‬نيسان ‪1934‬يف قضية ‪ "Verdier‬حني قام أحد العمد بتكليف احد املهندسني ببناء‬
‫دار العمودية‪ ،‬وإزاء عدم اختصاص األول رفض اجمللس القروي تقدير أتعاب الثاين‪،‬‬
‫الذي أقام الدعوى أمام اجمللس الذي قضى بأن عدم اختصاص العمدة ميثل خطأ من‬
‫طبيعته قيام مسؤولية الدولة"‪1‬بالتعويض‪.‬‬

‫ويستخلص مما سبق إن إصابة القرار بأحد عيوب عدم املشروعية الشكلية‬
‫(اخلارجية)كمخالفته للشكل أو إجراءات إصداره أو صدوره من شخص غري‬
‫خمتص وإن كان كافيا إللغاء هذا القرار‪ ،‬إال أن ذلك ال يرتتب عنه يف كل األحوال‬
‫مسئولية اإلدارة بالتعويض‪ ،‬إذا ما ترتب على تنفيذ القرار ضرر أصاب املخاطب‬
‫به ‪.‬فبالنسبة لعيب خمالفة الشكل فان إلغاء القرار اإلداري املشوب به ال يكون سببا‬
‫للحكم بالتعويض‪ ،‬ما دام أن القرار من حيث املوضوع ومن حيث الوقائع اليت قام‬
‫عليها تربر صدوره‪.‬‬

‫كما أن عدم مشروعية القرار اإلداري من حيث االختصاص وإن أدت إىل إلغائه‬
‫فان مسؤولية اإلدارة بالتعويض ال تقوم معها مىت كان القرار سليما يف مضمونه‬
‫حمموال على أسبابه املربرة رغم خمالفته قاعدة االختصاص‪ ،‬فال يكون مثة حمل ملساءلة‬
‫اجلهة اإلدارية عنه والقضاء عليها بالتعويض‪.‬ألن القرار كان سيصدر على أية حال‬
‫‪2‬‬
‫بذات املضمون لو أن تلك القاعدة قد روعيت‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬‬

‫ـ جمموعة أحكام السنة العاشرة‪ ،‬أنظر قيدار عبد القادر صاحل‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪.337‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬عبد العزيز عبد املنعم خليفة املسؤولية اإلدارية يف جمال العقود والقرارات‪،‬دار الفكر اجلامعي‪،‬اإلسكندرية ‪ ،2007‬ص‪-175‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.176‬‬
‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تقدير الخطأ المرفقي في حالة اإلخالل باألركان الموضوعية للقرار اإلداري‬

‫تتمثل األركان املوضوعية للقرار‪ ،‬يف ركن احملل أو خمالفة القانون‪ ،‬ركن الغاية‬
‫أواالحنراف بالسلطة‪ ،‬و أخريا ركن السبب‪ ،‬ومن خالل هذا املطلب سنتعرف على‬
‫كيفية تقدير اخلطأ يف حالة ما إذا ما مت اإلخالل بأحد هذه األركان و ذلك على‬
‫النحو األيت‪:‬‬

‫الفرع األول‪:‬‬

‫تقدير الخطأ في حالة اإلخالل بركن المحل‪.‬‬

‫احملل يف القــرار اإلداري هــو األثــر الــذي قصــدت اإلدارة حتقيقــه بإصــدارها للقــرار‬
‫وخيتل ــف ه ــذا األث ــر حبس ــب م ــا إذا ك ــان الق ــرار تنظمي أو ف ــردي‪ ،‬وملش ــروعية الق ــرار‬
‫اإلداري فإنــه يتعني أال يتعــارض مــع أي قاعــدة قانونيــة ســواء كــانت مكتوبــة أو غــري‬
‫مكتوبــة‪ ،‬إىل جــانب ذلــك عــدم تعــارض القــرار مــع املنشــورات الداخليــة ذات الطــابع‬
‫الالئحي‪ ،‬لكوهنا تأخذ حكم القانون ‪.1‬‬

‫و يأخذ عيب خمالفة القانون إحدى الصورتني‪:‬‬

‫‪1‬ـ المخالفة المباشرة للقانون‪ :‬وتتحقــق املخالفــة املباشــرة للقــانون حني تنتهــك اإلدارة‬
‫القواعد القانونية اليت جيب عليها التقيد هبا سواء باالمتنـاع عن عمـل يفرضـه القـانون أو‬
‫القيام بعمل خيالف ما ينص عليه القانون وهذا العيب أكثر أسباب اإلبطال إثارة ‪.2‬‬

‫‪2‬ـ المخالفة غير المباشرة للقانون أو الخطأ في تفسير القانون‪ :‬ويتحقق هذا‬
‫الفرض من خالل تفسري اإلدارة لنصوص القانون مبا خيالف إرادة املشرع وخترج هبا‬
‫عن مقصوده‪ ،‬والسبب الغالب للتفسري اخلاطئ هو الغموض الذي يشوب النصوص‬

‫‪ 1‬ـ عبد العزيز عبد املنعم خليفة ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.180-179‬‬


‫‪2‬‬
‫ــ عدو عبد القادر‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص‪.157‬‬
‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫القانونية أحيانا‪ ،‬ولكن قد يرجع التفسري اخلاطئ إىل سوء نية اإلدارة ويندرج حتت‬
‫اخلطأ يف تفسري القانون التوسع يف مدلول بعض القواعد حىت ميكن تطبيقها على‬
‫‪1‬‬
‫حاالت مل تتجه إرادة املشرع إىل تطبيق هذه النصوص عليها‪.‬‬

‫وقـ ــد جعـ ــل جملس الدولـ ــة من عيب احملل أو خمالفـ ــة القـ ــانون ‪ ،‬يف أغلب األحـ ــوال‬
‫خطــأ موجبــا ملســؤولية اإلدارة‪ ،‬إذا جنم عنــه ضــرر مس بــاألفراد‪ ،‬فضــال على أنــه ميكن‬
‫أن تثــار مســؤولية اإلدارة يف حالــة تنفيــذ القــانون أو األحكــام القضــائية‪ ،‬وهــذا يعــود إىل‬
‫أن عيب احملل ه ــو عيب موض ــوعي‪ ،‬يغ ــري من مض ــمون الق ــرار االداري‪ ،‬حبيث خيتل ــف‬
‫املضــمون لــو أن اإلدارة طبقت القــانون تطبيقــا ســليما‪ .‬فــإذا ثبت أن القــرار اإلداري قــام‬
‫مثال على واقعة مادية ال وجـود هلا أو غـري صـحيحة أي خمالفـة للقـانون كـان القـرار غـري‬
‫مشروع وجب فيه اإللغاء‪.2‬‬

‫و قد طبق جملس الدولة اجلزائري هذه القاعدة يف قضية"م ع ن"و وايل والية‬
‫البويرة‪ ،‬حيث حكم باإللغاء دون التعويض للضحية‪ ،‬الذي استفاد من مستثمرة‬
‫فالحية‪،‬وشرع يف استغالهلا‪،‬ولكن مبوجب قرار والئي أبطل هذا املنح‪،‬حيث ان جملس‬
‫يف ‪1990 /06/02‬‬ ‫الدولة علل قراره‪،‬بان الوايل مل حيرتم املرسوم ‪ 90/51‬املؤرخ‬
‫والقانون ‪ 87/19‬املؤرخ يف ‪08/12/1987‬املتعلق باملستثمرات الفالحية‪ ،‬حيث أن مل‬
‫يعاين املخالفات املرتكبة من املستفيدين"أي مل حيرتم املرسوم ‪.3 90/51‬‬

‫ويف قضية أخرى‪ ،‬قضية وايل والية اجلزائر حكم جملس الدولة اجلزائري باإللغاء‬
‫مع التعويض‪"،‬حيث ان الوايل قام بإغالق حمل الدعي بوضعه بصورة غري مشروعة‬
‫حتت محاية الدولة ليعيده إليه فيما بعد‪،‬لذالك حكم اجمللس للضحية بالتعويض‪ ،‬معلال‬
‫‪1‬ـ عدو عبد القادر‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.158-157‬‬
‫‪2‬‬
‫‪.‬ـ طاهري حسني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪95‬‬
‫‪3‬ـ قرار جملس الدولة اجلزائري يف ‪ 23‬أفريل ‪ ، 2001‬الغرفة الثالثة‪ ،‬قرار غري منشور‪ ،‬أنظر طاهري حسني‪،‬املرجع السابق‪،‬ص‬
‫‪.96‬‬
‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫رأيه أن الالمشروعية يف حد ذاهتا جسيمة وتكفي للنطق باإللغاء وترتيب التعويض"‬
‫‪.‬‬

‫أمــا بالنســبة قضــاء جملس الدولــة الفرنســي يف هــذا الصــدد فنجـد حكمـه الصــادر يف‬
‫‪ 10‬ش ـ ــباط ‪،1950‬إذ قض ـ ــى مبس ـ ــؤولية اإلدارة ملخالفته ـ ــا مب ـ ــدأ املس ـ ــاواة أم ـ ــام األعب ـ ــاء‬
‫‪،Dame‬حني ق ــامت اإلدارة باالس ــتيالء على‬ ‫‪Sornin de Leysat‬‬ ‫العام ــة‪،‬وذل ــك يف قض ــية‬
‫كمي ــة خش ــب مملوك ــة إلح ــدى الس ــيدات‪ ،‬أك ــثر من الكمي ــات ال ــيت اس ــتولت عليه ــا من‬
‫املالك اآلخرين‪.2‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬‬

‫تقدير الخطأ في حالة اإلخالل بركن الغاية‬

‫ركن الغاية هو اهلدف الذي تبتغيه اإلدارة من وراء إصدار قرارها‪ ،‬واملتمثل دائما‬
‫يف حتقي ــق الص ــاحل الع ــام‪ ،‬ف ــإذا م ــا ح ــادت اإلدارة عن ــه ع ــد قراره ــا معيب ــا بعيب الغاي ــة أو‬
‫اهلدف ويعرب عنه أيضا بعيب االحنراف بالسلطة‪.‬‬

‫يظهر عيب االحنراف بالسلطة يف صورتني ‪:‬‬

‫‪1‬ـ مجانبة المصلحة العامة ‪ :‬تتحقق هذه احلالة عندما يسعى رجل اإلدارة إىل حتقيق‬
‫أغراض جتانب املصلحة العامة كتحقيق نفع شخصي أو انتقام أو حماباة أو حتقيق‬
‫أغراض سياسية أو حتايل على تنفيذ األحكام القضائية ففي هذه األحوال كلها يكون‬
‫القرار مشوبا بعيب االحنراف بالسلطة وهو أمر خطري ينم على سوء النية ألن رجل‬
‫‪3‬‬
‫اإلدارة يستغل سلطاته ويستعملها ألغراض ال تتعلق بالصاحل العام‪.‬‬

‫ـ ( قرار اجمللس االعلى اجلزائري‪9،‬افريل ‪ ،)1971‬انظر حميو امحد ‪،2008 ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.217‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬ـ قيدار عبد القادر صاحل‪،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.329‬‬


‫‪ 3‬ـ عبد الغين بسيوين عبد اهلل‪ ،‬النظرية العامة للقانون اإلداري‪،‬منشأة املعارف‪،‬اإلسكندرية‪.2003،‬‬
‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪2‬ـ قاعدة تخصيص األهداف‪:‬ملا كانت حدود املصلحة العامة واسعة وفضفاضة‬
‫وليس من صاحل اإلدارة ترك عضو اإلدارة حرا طليقا يف نطاقها فإن املشرع قد حيدد له‬
‫دوما يف نطاق املصلحة العامة هدفا حمدد وخمصصا ال جيوز لرجل اإلدارة أن يسعى إىل‬
‫حتقيقه متعلقا بالصاحل العام ويتعرف رجل اإلدارة على وجود هذا القيد من عدمه‬
‫بالرجوع إىل النصوص أو باستخالصه له من روح التشريع‪.1‬‬

‫ويالحظ أن جمال إعمال عيب االحنراف بالسلطة‪ ،‬يقوم حينما تكون لإلدارة سلطة‬
‫تقديرية أي يف األحوال اليت يرتك فيها املشرع هلذه األخرية جانبا من احلرية يف التدخل‬
‫وعدمه‪ ،‬ويف اختيار الوقت املالئم لذلك وتقدير أمهية بعض الوقائع وما يناسبها من‬
‫بني الوسائل املشروعة ‪.‬‬

‫و قد صدرت عدة أحكام عن جملس الدولة الفرنسي يف هذا اجملال إذ جنده يف‬
‫إحدى القضايا ألغى قرار صادر من أحد العمد بتحرمي خلع املستحمني على الشواطئ‬
‫ملالبسهم إال يف داخل قاعات وحدات خلع املالبس التابعة للبلدية مبقابل أجر‬
‫معني‪،‬وذلك ألن اهلدف الرئيسي للعمدة مل يكن احملافظة على اآلداب العامة و إمنا‬
‫لتحقيق مصلحة مالية بتحصيل رسوم إلستعمال رواد الشواطئ لوحدات خلع‬
‫املالبس‪.2‬‬

‫وجند يف حكم آخ ــر قض ــى في ــه جملس الدول ــة الفرنس ــي ب ــالتعويض لعيب االحنراف‬
‫بالســلطة‪ ،‬قضــية "إحــدى القــرى كــانت تعتمــد يف شــرهبا على بعض الينــابيع القريبــة‪،‬وقــد‬
‫رأت البلدية رفعا ملستوى املعيشة بالقرية‪ ،‬أن تنشــأ باالشــرتاك مــع بعض األفــراد‪ ،‬شــركة‬
‫متنح الـ ــتزام توريـ ــد امليـ ــاه‪ ،‬ولكن القـ ــرويني وفقـ ــا لعـ ــاداهتم‪ ،‬انصـ ــرفوا عن هـ ــذه الش ــركة‬
‫واســتمروا يف احلصــول على مــا يلــزمهم من ميــاه الشــرب من الينــابيع القريبــة‪ ،‬وتشــجيعا‬

‫‪- 1‬بوعمران عادل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.43‬‬


‫‪2‬‬
‫‪.‬ـ طاهري حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪100‬‬
‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫هلذه الشركة‪ ،‬اليت سامهت فيها البلديـة بنصـيب كبـري‪ ،‬أصـدر العمـدة قـرار حيرم فيـه كـل‬
‫من يدفع قيمة اجياريـة تزيـد على ‪ 500‬فرنـك‪ ،‬ان حيصــل على امليـاه من الينـابيع‪ ،‬وقصـده‬
‫ال خفاء فيه‪ :‬فهو يريــد إلــزامهم باحلصــول على امليــاه من الشــركة‪ ،‬وبالتــايل زيــادة أربــاح‬
‫‪1‬‬
‫الشركة والبلدية "‬

‫و م ـ ــا ميكن استخالص ـ ــه أن ه ـ ــذا العيب ق ـ ــد جعل ـ ــه القض ـ ــاء اإلداري مص ـ ــدرا دائم ـ ــا‬
‫للمسؤولية اإلدارية ألن هذا اخلطأ بطبيعته يستوجب املسؤولية‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪:‬‬

‫تقدير الخطأ في حالة اإلخالل بركن السبب‬

‫سبب القرار اإلداري هو مجلة الدوافع املادية والقانونية اليت تدفع رجل اإلدارة‬
‫وتلزمه باختاذ قرار إداري‪ ،‬ويشرتط لسالمة سبب القرار أن تكون الواقعة اليت يستند‬
‫إليها مصدر القرار مشروعة ‪ ،‬وأن يكون السبب مؤسس على وقائع مادية صحيحة ال‬
‫‪2‬‬
‫جمرد شكليات أو شائعات وإال عد القرار باطال‪.‬‬

‫ويأخذ عيب السبب الذي يشكل وجها إللغاء القرار اإلداري عدة صور من بينها‪:‬‬

‫‪1‬ـ انعدام الوجود المادي للوقائع‪ :‬وتتحقق هذه احلالة عند صدور القرار على غري‬
‫أساس من الواقع املادي‪ ،‬والقاضي هنا يفحص ركن السبب للتأكد من صحة الوجود‬
‫املادي للوقائع اليت بين عليها القرار فإذا وجدها قائمة يرفض الطعن لعدم التأسيس‪ ،‬أما‬
‫‪3‬‬
‫إذا ما توصل إىل أهنا غري موجودة يصدر حكمه بإلغاء القرار املطعون فيه‪.‬‬

‫ـ عبد اهلل طلبة ‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪299‬ـ ‪. 300‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪- 2‬بوعمران عادل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.43-42‬‬


‫‪- 3‬حممد الصغري بعلي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.83-82‬‬
‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪2‬ـ الغلط في تكييف الوقائع المادية‪ :‬حبيث تعطي اإلدارة للوقائع املادية اليت‬
‫‪1‬‬
‫اعتمدهتا مفهوما خاطئا مما يرتتب عليه إسناد خاطئ للقواعد القانونية اليت حتكمها‪.‬‬

‫وعيب السبب وإن كان يؤدي إىل بطالن القرار وإلغائه‪ ،‬إال أنه ال يستوجب حتمــا‬
‫قيام مسؤولية اإلدارة بالتعويض‪.‬‬

‫و يعتربه القضاء اإلداري اجلزائري من العيوب املالزمة للقرار اإلداري‪ ،‬و أغلب‬
‫الفقهاء ال يرون قيام هذا العيب بذاته بل إن حاالته تدخل يف عيب االحنراف بالسلطة‬
‫أو عيب الشكل أو عيب خمالفة القانون‪.‬‬

‫و من تطبيقــات القضــاء اجلزائــري يف هــذا الشــأن جند حكم جملس الدولــة اجلزائــري‬
‫يف قضــية " وايل واليــة تلمســان ضــد بوســالح ميلــود"‪ ،‬و الــيت تتلخص وقائعهــا يف"أن‬
‫املســتأنف عليــه حتصــل على اســتفادة من قطعــة أرض فالحيــة‪،‬إال أنــه بعــد التحــري الــذي‬
‫قــامت بــه مؤسســات الدولــة اتضــح‪ ،‬أنــه كــان لــه ســلوك معــادي للثــورة التحريريــة‪ ،‬فاختذ‬
‫الوايل ضده هو وآخرون أمثاله‪،‬قرارات تلغي استفادهتم من القطع األرضية الــيت حتصــلوا‬
‫عليهــا‪،‬إال أن جملس الدولــة أصــدر قــراره بإلغــاء قــرار الــوايل ‪ ،‬معلال رأيــه أن قــرار الــوايل‬
‫ج ــاء غ ــري م ــدعما بأدل ــة كافي ــة مما جيعل ــه منع ــدم األس ــاس"‪ 2‬واملالح ــظ هن ــا أن ــه مل حيكم‬
‫بالتعويض إىل جانب اإللغاء‪.‬‬

‫أم ــا بالنس ــبة جمللس الدول ــة الفرنس ــي فإن ــه ال يعتم ــد على معي ــار ث ــابت لقي ــام مس ــؤولية‬
‫اإلدارة‪ ،‬حيث يفحص كـ ـ ــل حالـ ـ ــة على حـ ـ ــدى‪ ،‬فتـ ـ ــارة جتده يقـ ـ ــر مبسـ ـ ــؤولية اإلدارة‬
‫‪Jeunesse independante‬‬ ‫بـ ـ ــالتعويض عن اإلخالل بعيب السـ ـ ــبب‪ ،‬ومن ذلـ ـ ــك قضـ ـ ــية‬
‫‪ chretienne‬بتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاريخ ‪ 01‬ديسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمرب ‪ 1948‬وتتلخص وقائعهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا يف ان‬ ‫‪feminine‬‬

‫‪-1‬بومحيدة عطاء اهلل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.252‬‬

‫ص‪.98‬‬ ‫‪2‬ـ قرار جملس الدولة اجلزائري يف ‪ ،01/02/1999‬قرار غري منشور‪ ،‬انظر طاهري حسني‪ ،‬املرجع السابق‪،‬‬
‫أنظر كذلك حلسني بن الشيخ آث ملويا‪ ،‬املنتقى يف قضاء جملس الدولة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 25‬و ما بعدها‪.‬‬
‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫اإلدارة ‪،‬سحبت الرتخيص يف إقامة احتفال ديــين يف إحــدى احلدائق العامــة ملا قــد حيدث‬
‫من إتالف لآلث ـ ــار املوج ـ ــودة هبذه احلديق ـ ــة‪ ،‬فأص ـ ــدر اجمللس حكم ـ ــا بإلغ ـ ــاء الس ـ ــحب‪،‬‬
‫وحكم ب ــالتعويض وذل ــك لس ــبق ح ــدوث هات ــه الص ــالة باحلديق ــة قب ــل ‪ 03‬س ــنوات دون‬
‫حدوث تلف‪. 1‬‬

‫وتارة جتده ال يقر بذلك‪ ،‬فعلى سبيل املثـال حـدث و أن رفضـت اإلدارة منح أحـد‬
‫األفراد ترخيصا بالبناء‪ ،‬و وجد اجمللس أن قـرار اإلدارة مشـوبا بعيب السـبب‪،‬ومـع ذلـك‬
‫فق ـ ــد قض ـ ــى ب ـ ــأن مس ـ ــلك يف ظـ ـ ــروف ال ـ ــدعوى ال يك ـ ــون خط ـ ــأ من طبيعت ـ ــه حتري ـ ــك‬
‫مسؤوليتها‪.2‬‬

‫ومعـ ــىن ذلـ ــك أن اجمللس يعتمـ ــد يف تقـ ــديره للخطـ ــأ‪ ،‬على طبيعـ ــة اخلطـ ــأ الصـ ــادر من‬
‫اإلدارة‪ ،‬فضال عن الظروف و املالبسات احمليطة بالقضية ‪.‬‬

‫وخالصــة ملا ســبق فــإن القــرار اإلداري املشــوب بأحــد عيــوب املشــروعية املوضــوعية‬
‫(الداخلية ) يشكل خطأ مرفقي كأصل عام وخطـأ شخصـي اسـتثناءا يف حالـة مـا إذا مـا‬
‫اقرتن ارتكاب اخلطأ بتعمد مرتكبه إتيانه وذلك على عكس أوجه املشروعية الشكلية ‪.‬‬

‫و قد جعل القضاء من خمالفة القرار اإلداري للقانون أيا كانت درجة تلك املخالفة‬
‫يف أغلب األحيان مصدرا ملسؤولية اإلدارة‪ ،‬وهو موقف حممود لتوافقه مع املنطق‬
‫والعدالة‪ ،‬اليت يتناىف معها حرمان املضرور من القرار اإلداري من التعويض عما أحدثه‬
‫به هذا القرار الذي صدر خمالفا للقانون من ضرر‪ ،‬بدعوى أن املخالفة يسرية‪،‬كما‬
‫رتب القضاء اإلداري كذلك مسؤولية اإلدارة عن عيب االحنراف بالسلطة‪ ،‬وأستقر‬

‫ـ حكم جملس الدولة الفرنسي الصادر يف ‪ 01‬ديسمرب ‪،1948‬انظر قيدار عبد القادر صاحل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.332‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬ـ قيدار عبد القادر صاحل‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص ‪.332‬‬


‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫كذلك على جعله باستمرار مصدرا للمسؤولية ألن هذا اخلطأ بطبيعته يستوجب‬
‫التعويض إذا ترتب عليه ضرر ثابت‪.1‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬‬

‫درجة الخطأ المرفقي في أعمال اإلدارة المادية‪.‬‬

‫تضم األعمال املادية لإلدارة مجيع األعمال املادية من غري القرارات‪ ،‬و يعرف الفقه‬
‫واالجتهاد القضائي يف كل من فرنسا واغلب الدول العربية األعمال املادية لإلدارة بأهنا تلك‬
‫األعمال اليت تقوم به اإلدارة دون قصد إحداث نتائج قانونية جديدة أو تعديل أوضاع‬
‫قائمة وذلك تنفيذ ملقررات و أوامر إدارية مثل إلقاء القبض على األفراد واالستيالء على‬
‫أمالكهم أو إنشاء أعمدة كهربائية أو هاتفية يف أراضيهم أو نزع ملكياهتم لغرض‬
‫املصلحة العامة‪...‬اخل ويف حقيقة األمر فإن جملس الدولة مل يتقيد بقاعدة معينة عند تقديره‬
‫للخطأ‪ ،‬فيما خيص أعمال اإلدارة املادية‪ ،‬حيث يقدر كل حالة على حدى‪،‬وال حيكم‬
‫بالتعويض إال إذا كان العمل على قدر من اجلسامة‪ ،‬ويف إطار تقديره جلسامة اخلطأ يتأثر‬
‫بعدة عوامل‪ ،‬على أساسها تقوم مسؤولية اإلدارة عن أعماهلا املادية(مطلب أول)‪ ،‬مع‬
‫اإلشارة أنه يف هذا الشأن افرد لبعض املرافق بعناية خاصة عند تقديره للخطأ املوجب‬
‫ملسؤوليتها(مطلب ثاين)‪.‬‬

‫المطلب األول‪:‬‬

‫األسس التقديرية لدرجة الخطأ المرفقي في األعمال المادية لإلدارة‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ عبد العزيز عبد املنعم خليفة‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.184-183‬‬


‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫يتخذ اخلطأ املرفقي يف حالة األفعال املادية الصادرة عن اإلدارة صورا متعددة‪ ،‬كاإلمهال‬
‫أو التأخري أو عدم التبصر أو الرتك أو التخلف عن القيام بفعل ما و غريها‪ ،‬و جملس‬
‫الدولة الفرنسي يف هذه احلالة مل يتقيد مبعيار معني لتحديد اخلطأ الذي ترتكبه اإلدارة يف‬
‫األفعال املادية اليت تقدم عليها‪ ،‬و لكنه يقدر اخلطأ وفقا لكل حالة على حدى‪ ،‬و ال يرتب‬
‫مسؤولية‬

‫اإلدارة إال إذا كان اخلطأ على قدر من اجلسامة‪ 1‬يتم حتديده وفقا العتبارات معينة سنتعرف‬
‫عليها يف الفروع التالية‪:‬‬

‫الفرع األول‪:‬‬

‫مراعاة ظروف المرفق وأعبائه‪.‬‬

‫إذ أن جملس الدولة يف تقديره للخطأ يف األعمال املادية لإلدارة‪ ،‬يراعي كل من الظروف‬
‫الزمانية واملكانية‪ ،‬فضال عن ذلك األعباء اليت يتكبدها املرفق يف سبيل القيام بواجباته‪ ،‬وهذا‬
‫ما سيتم توضيحه يف اآليت‪:‬‬

‫أوال‪ :‬مراعاة الظروف الزمانية التي يؤدي فيها المرفق خدماته‪.‬‬

‫إن اخلطأ املرفقي الذي يقع يف حاالت العادية خيتلف عن اخلطأ الذي يقع يف احلاالت‬
‫االستثنائية كاحلروب و الكوارث و األزمات‪ ،‬فإذا وقع اخلطأ أثناء ظرف استثنائي فإنه و‬
‫كي تقوم مسؤولية اإلدارة جيب أن يكون اخلطأ املرفقي على درجة كبرية من اجلسامة‪ ،‬كون‬
‫أن الظرف االستثنائي يؤدي إىل ختفيف مسؤولية اإلدارة بل و قد يؤدي يف بعض األحيان‬
‫إىل إعفائها من املسؤولية هنائيا‪ ،‬بل و قد تعدى جملس الدولة الفرنسي يف هذه احلالة إىل‬
‫ظروف أخرى أخف من ذلك‪ ،‬مثال الساعة اليت وقع فيها الفعل الضار‪ ،‬هل كان ذلك هنارا‬

‫‪1‬‬
‫‪.‬ـ عبد اهلل طلبة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪354‬‬
‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أم ليال؟ وإذا كان بالليل فهل كان يف ساعة مبكرة من الليل أم يف ساعة متأخرة منه؟‪ ، 1‬و‬
‫مثال ذلك قضية " ‪ ( "champagne‬حكم جملس الدولة الفرنسي الصادر يف ‪ ، )1917‬فقد‬
‫حدث أن كانت اإلدارة تقوم اإلدارة ببعض اإلصالحات يف طريق عام‪ ،‬و تركت يف وسط‬
‫الطريق كومة من احلصى‪ ،‬و مل تكن اإلضاءة عندها جيدة مما أدى إىل اصطدام طبيب بكومة‬
‫احلصى‪،‬استدعي حلالة مستعجلة يف منتصف الساعة الثالثة صباحا‪ .‬فرفض اجمللس التعويض‬
‫بالنظر إىل أن احلادث وقع يف ساعة متأخرة من الليل‪.‬ففي هذا الصدد يالحظ‪ ،‬أن مثل هذا‬
‫التشدد من جملس الدولة مبالغ فيه‪ ،‬ألن اإلضاءة الكافية و اجليدة سواء أكانت يف أول الليل‬
‫أو يف أخره هي واجبة على اإلدارة و يتحتم عليها القيام هبا لسالمة املارة‪(،‬و هذا ما ذهب‬
‫إليه الدكتور سليمان الطماوي‪ ،)2‬أو مبعىن أخر أن مثل هذا التشدد و التجاوز عن اخلطأ‬
‫من طرف جملس الدولة لصاحل اإلدارة قد جيعل من هذه األخرية تتمادى يف أخطائها‪.‬‬

‫و بالتــايل فاخلطــأ الــذي يعقــد مســؤولية اإلدارة يف الظــروف االســتثنائية‪ ،‬هــو ذلــك اخلطــأ الــذي‬
‫ينج ــر عن ع ــدم قي ــام اإلدارة باختاذ االحتياط ــات و اإلج ــراءات الالزم ــة ال ــيت ك ــانت بإمكاهنا‬
‫مراعاهتا لتفادي حدوث أضرار للغري‪.3‬‬

‫ثانيا‪ :‬مراعاة الظروف المكانية التي يؤدي فيها المرفق خدماته‪.‬‬

‫لقد أخذ القضاء اإلداري الفرنسي كذلك بعني االعتبار عند تقديره جلسامة اخلطأ‬
‫املرفقي يف األعمال املادية لإلدارة ‪ ،‬املكان الذي ميارس فيه املرفق خدماته‪ ،‬فكلما كان املرفق‬
‫يؤدي خدماته يف منطقة نائية أو يف منطقة مستعمرة فإن القضاء يتشدد يف درجة اخلطأ‬
‫الذي يؤدي إىل مسؤولية اإلدارة‪ ،‬أكثر مما إذا كان يؤدي املرفق العام خدماته يف منطقة‬
‫متحضرة و ليست مبستعمرة‪ ،‬ألن الصعوبات اليت ستواجهه يف احلالة األوىل أشد منها يف‬

‫‪1‬‬
‫‪.‬ـ قيدار عبد القادر صاحل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪338‬‬
‫‪2‬‬
‫‪.‬ـ سليمان الطماوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪144‬‬
‫‪ 3‬ـ قيدار عبد القادر صاحل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.339‬‬
‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫احلالة الثانية‪، 1‬ولذلك فان جملس الدولة الفرنسي يتشدد يف جسامة اخلطأ الذي يؤدي إىل قيام‬
‫مسؤولية اإلدارة يف إشرافها مثال على السجون املوجودة يف املناطق املستعمرة‪ ،‬يف حني‬
‫يسامح إذا ما تعلقت املسؤولية بالسجون املوجودة يف أرض الوطن‪.2‬‬

‫ثالثا‪ :‬مراعاة أعباء المرفق و موارده لمواجهة التزاماته‬

‫املقصود هنا أنه كلما كانت موارد املرفق قليلة و أعباؤه كبرية فإن القضاء يف هذه احلالة‬
‫يتشدد يف درجة جسامة اخلطأ املرفقي‪ ،‬أما يف احلالة العكسية أي أعباؤه قليلة و موارده‬
‫كبرية فهنا يتساهل يف درجة اخلطأ املرفقي‪. 3‬‬

‫و ق ــد طب ــق جملس الدول ــة الفرنس ــي ه ــذا املعي ــار فيم ــا يتعل ــق مبس ــؤولية اإلدارة عن ص ــيانة‬
‫املنشآت العامة‪ ،‬حيث جند حكم جملس الدولة الفرنسـي الصـادر يف ‪ 02‬يونيـو ‪ 1913‬يف قضـية‬
‫" ‪ ،"Rost‬حيث رفض اجمللس احلكم مبس ــؤولية اإلدارة عن ح ــادث غ ــرق س ــفينة نتيج ــة إلق ــاء‬
‫شخص جمهول جلسم صلب يف إحدى القنوات‪ ،‬إذ يرى اجمللس "أن حادث الغرق وقع عقب‬
‫إلقـ ــاء هـ ــذا اجلسـ ــم بفـ ــرتة وجـ ــيزة‪ ،‬حبيث مل يكن لـ ــدى املشـ ــرفني على القنـ ــاة الـ ــوقت الكـ ــايف‬
‫الكتشـ ــاف احلادث‪ ،‬كمـ ــا أنـ ــه مل يكن يف ذلـ ــك مـ ــا يسـ ــرتعي انتبـ ــاههم‪ ،‬و ليس من املعقـ ــول‬
‫إلزامهم بالكشف على قاع القناة باستمرار‪."4‬‬

‫و بنــاءا على ذلــك فقــد خــرج اجمللس بفكــرة مفادهــا أن اإلدارة تكــون مســؤولة عن كــل‬
‫خطـأ ميكن جتنبــه بــاحلرص العــادي‪ ،‬و غــري مسـؤولة إذا كــان ال ميكن جتنبــه إال باختاذ إجـراءات‬
‫غ ــري عادي ــة‪ ،‬و ألج ــل ه ــذا حكم مبس ــؤولية اإلدارة إذا ق ــامت بإح ــداث حف ــر يف الطري ــق و مل‬

‫‪ 1‬ـ عبد اهلل طلبة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.354‬‬


‫‪ 2‬ـ سليمان الطماوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪145‬‬
‫‪3‬ـ سليمان الطماوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.145‬‬
‫‪4‬ـ عبد اهلل طلبة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.355‬‬
‫‪63‬‬
‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تتخ ــذ أي إج ــراءات لتنبي ــه املارة لكي تتجنبه ــا مما أدى إىل س ــقوط بعض األف ــراد و إص ــابتهم‬
‫جبراح‪.1‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬‬

‫مراعاة مدى اتصال المضرور بالمرفق العام ‪.‬‬

‫وهنــا القضــاء اإلداري يفــرق بني مــا إذا كــان املضــرور يســتفيد من املرفــق أو ال يســتفيد‬
‫منه‪،‬وكـذلك يفـرق بني مـا إذا كـان جلوؤه إىل املرفـق اختيـاري أو اضـطراري‪ ،‬وسـيتم تفصـيل‬
‫ذلك على النحو األيت‪:‬‬

‫أوال‪ :‬مدى استفادة المضرور من المرفق العام‪.‬‬

‫عموما جند أن جملس الدولة الفرنسي يف قضائه‪،‬يتساهل يف تقــدير اخلطـأ(أي يتطلب خطـأ‬
‫يســري فقــط) فيمــا إذا كــان املضــرور ال عالقــة لــه بــاملرفق‪،‬ألنــه مل يســتفد أي شــيء من نشــاط‬
‫املرف ــق مقاب ــل الض ــرر ال ــذي أص ــابه‪ ،‬يف حني جنده يتش ــدد يف تق ــدير اخلط ــأ (أي يتطلب خط ــأ‬
‫جس ــيم) فيم ــا إذا ك ــان املض ــرور يس ــتفيد من خ ــدمات املرف ــق‪ ،‬ملا ينال ــه من خ ــري ج ــراء نش ــاط‬
‫املرفق الذي سبب له ضرر‪ ،‬وجتب اإلشارة كــذلك إىل ان اجمللس يف بعض أحكامــه يفــرق يف‬
‫درج ــة اخلط ــأ بني م ــا إذا ك ــان املس ــتفيد حيص ــل على خدم ــة املرف ــق جمان ــا أو مبقاب ــل‪ ،‬كم ــا ان‬

‫‪1‬‬
‫‪.‬ـ سليمان الطماوي‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪147‬‬
‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫جملس الدولــة يضــع يف اعتبــاره مــدى إلــزام اإلدارة بإنشــاء املرفــق‪ ،‬فــإذا قــامت اإلدارة متطوعــة‬
‫بإنشاء املرفق‪ ،‬فإهنا ال تسأل عن األخطاء املنسوبة إىل خدماته إال إذا كانت جسيمة‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬مدى ضرورة لجوء المضرور إلى المرفق العام‬

‫تأسيسا على هذا املعيـار فـإن جملس الدولـة ال يسـوي بني املنتفعني من املرفـق‪ ،‬لكنـه يفـرق‬
‫بني ما إذا كان املستفيد يلجأ خمتار لالستفادة من خدمات املرفــق‪ ،‬أو كــان مضــطرا لاللتجــاء‬
‫إىل املرف ــق‪ ،‬وبالت ــايل ان ــه إذا ك ــان جلوء املتض ــرر إىل املرف ــق اختياري ــا‪ ،‬ف ــإن القض ــاء اش ــرتط أن‬
‫يكــون اخلطــأ جســيما حــىت يقــرر املســؤولية‪ ،‬خبالف مــا إذا كــان جلوئــه إىل املرفــق اضــطراريا إذ‬
‫اكتفى باخلطأ اليسري‪. 2‬‬

‫ومن خالل ما سبق‪ :‬يتبني أن جملس الدولة ال يتقيد بقاعدة واحدة معينـة يف جمال تقـدير‬
‫اخلطــأ يف األعمــال املادي ــة ‪،‬ب ــل يق ــدر ك ــل حال ــة على حــدى‪ ،‬مراعي ــا يف ذل ــك ظ ــروف الزم ــان‬
‫واملكان‪ ،‬واملصاعب اليت يواجهها املرفق يف سبيل القيام خبدماته‪،‬أضف إىل ذلـك مـدى ارتبـاط‬
‫املض ــرور ب ــاملرفق‪،‬وال يقض ــي مبس ــؤولية املرف ــق يف هات ــه احلاالت إال يف إذا ك ــان اخلط ــأ على‬
‫درجة معينة من اجلسامة‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪:‬‬

‫خصوصية بعض المرافق بتقدير درجة الخطأ المرفقي‬

‫زيــادة على االعتبــارات الســابقة‪ ،‬الــيت يراعيهــا جملس الدولــة عنــد تقــديره للخطــأ املرفقي يف‬
‫األعمال املادية لإلدارة‪ ،‬فإنه يراعي كذلك طبيعــة املرفــق وأمهيتــه االجتماعيــة‪ ،‬ألن ذلــك يعتــرب‬
‫مظهر لقضاء جملس الدولة‪.‬‬

‫ـ سليمان الطماوي‪ ،‬املرجع نفسه ‪،‬ص‪142‬ـ ‪.143‬‬ ‫‪1‬‬

‫ـ قيدار عبد القادر صاحل‪ ،‬ص ‪.341‬‬ ‫‪2‬‬


‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫إذ أن هنــاك بعض املرافــق اإلداريــة الــيت تكتســي صــعوبة خاصــة وأمهيــة اجتماعيــة كــربى‪،‬‬
‫خصــها جملس الدولــة بشــيء من الرعايــة‪ ،‬إذ جنده يتشــدد يف درجــة اخلطــأ املنســوب إليهــا‪ ،‬وال‬
‫يقــرر مســؤوليتها ســوى عن األخطــاء اجلســيمة أو اخلطــرة‪ ،‬أو الــيت تكــون جســامتها اســتثنائية‬
‫دون البسيطة ومن تلك املرافق ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬مرفق الشرطة‪.‬‬

‫وذلك نظرا لصعوبة الدور الذي يقوم به هذا املرفق‪،‬يف سبيل محاية النظام العام مبدلوالته‬
‫الثالث(األمن العام ـ الصحة العامة ـ السكينة العامة)‪ ،‬ويستتبع ذلك تقدير األخطاء املنسوبة‬
‫له‬

‫حبذر وعناية فائقة‪،‬فال يسأل إال عن خطأ على درجة كبرية من اجلسامة‪.1‬‬

‫وقد كان املبدأ السائد إىل غاية القرن املاضي هو عدم مسؤولية الدولة عن نشاط مرفق‬
‫الشرطة‪،‬وابتداء من قرار (‪ ،2) Tomaso Grecco‬اعرتف جملس الدولة مبسؤولية الدولة عن‬
‫األضرار اليت يسببها مرفق الشرطة‪ ،‬وأسسها على أساس اخلطأ اجلسيم‪.3‬‬

‫ومنذ ذلك احلني تعددت تطبيقات القضاء يف هذا الشأن ( أي مسؤولية مرفق الشرطة)‬
‫فقد اقر مبسؤولية املرفق يف حالة‪:‬‬

‫التجاء البوليس إىل القسوة يف معاملة اجلماهري ‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫احلجز التعسفي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫رفض البوليس املعاونة يف تنفيذ حكم قضائي واجب النفاذ ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تقصري البوليس يف القيام بواجبه‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ 1‬ـ عبد اهلل طلبة‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 356‬‬


‫‪ 2‬ـ‪(.‬جملس الدولة ‪ 10‬شباط ‪ ،1905‬قضية ‪ Tomaso Grecco‬القرارات الكربى لالجتهاد االداري رقم ‪ )15‬متت االشارة‬
‫اىل وقائع هذه القضية يف الفصل األول من هذه الدراسة‪.‬‬
‫ـ عدو عبد القادر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،،‬ص‪.344‬‬ ‫‪3‬‬
‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫تسبب البوليس خبطئه يف قتل احد املواطنني‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وقد أقر القضاء اجلزائري هو اآلخر هذه املسؤولية وهذا ما يتبني من خالل قضية وزير‬
‫الداخلية ضد مسايت ( قرار جملس األعلى للقضاء يف ‪ ،)1976‬حيث قبل جملس األعلى حق‬
‫التعويض لشخص أوقف و تعرض لضرر يف خمفر الشرطة‪ ،‬و لكن دون التأكد من جسامة‬
‫اخلطأ‪.2‬‬

‫و قد أشار األستاذ لعشب حمفوظ يف مؤلفه ( املسؤولية يف القانون اإلداري) إىل أن‬
‫القاضي اعترب اهتام مرفق الشرطة خيضع لوجود خطأ جسيم‪ ،‬إال أنه بعد تطور القضاء أصبح‬
‫مييز بني األنشطة القانونية اليت توجب مسؤولية اإلدارة يف حالة الخطأ البسيط و األنشطة‬
‫املادية اليت ال توجب مسؤولية اإلدارة إال إذا كان الخطأ جسيما‪.3‬‬

‫ثانيا‪ :‬المرافق الصحية‪:‬‬


‫ال تقوم مسؤولية هذه املرافق هي األخرى إال يف حالة ارتكاهبا خلطأ جسيم‪ ،‬ذلك أن‬
‫مثل هذه املرافق تؤدي للمجتمع خدمات أساسية وتتعامل مع فئات معينة من اجملتمع وبالتايل‬
‫فإن جملس الدولة أو القضاء يستلزم إثبات ارتكاهبا خلطأ جسيم قبل احلكم مبسؤوليتها‪،4‬‬
‫بغض النظر يف حالة ما إذا تعلق األمر بالتسيري والتنظيم حيث يكفي حصول اخلطأ البسيط‬
‫لقيام املسؤولية عليها‪ ،‬على اعتبار أن أمور التسيري والتنظيم ال تنطوي على أية صعوبة‬
‫خاصة‪.5‬‬

‫‪ 1‬ـ سليمان الطماوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪151‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪.‬ـ حميو أمحد‪ ،‬املنازعات اإلدارية ‪ ،2008 ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪219‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ .‬ـ لعشب حمفوظ‪ ،‬املسؤولية يف القانون اإلداري‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪ ،1994 ،‬ص ‪49‬‬
‫‪ 4‬ـ عبد اهلل طلبة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.357‬‬
‫‪5‬ـ حممد فؤاد عبد الباسط‪ ،‬تراجع فكرة اخلطأ أساسا ملسؤولية املرفق الطيب‪ ،‬منشأة املعارف للتوزيع‪ ،‬اإلسكندرية‪،2003 ،‬‬
‫ص ‪.17‬‬
‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ولفرتة طويلة كان جملس الدولة الفرنسي يشرتط خطأ جسيما إلمكانية مساءلة اإلدارة‬
‫عن األضرار النامجة عن العمل الطيب‪ ،‬غري انه حتول منذ عام ‪1992‬إىل االكتفاء باخلطأ‬
‫اليسري‪.1‬‬
‫كما أن اجتاه جملس الدولة يف تقديره جلسامة اخلطأ املتطلبة يف النشاط الطيب‪ ،‬خيتلف‬
‫حبسب نوع املرفق الصحي الذي ينسب إليه التقصري و اإلمهال‪ ،‬فتجده‪:‬‬
‫بالنســبة ملستشــفيات األمــراض العقليــة‪ :‬يتطلب جســامة شــديدة حــىت يقيم عليهــا املســؤولية‬
‫ب ــالتعويض‪ ،‬وذل ــك ب ــالنظر إىل أهنا تتعام ــل م ــع فئ ــة اجملانني م ــا يعرض ــها ألعب ــاء وأخط ــار‬
‫جســيمة‪ ،‬مــع العلم أنــه إذا كــان الضــرر نــاتج عن خطــأ متمثــل يف إمهال رقابــة مرضــى فــإن‬
‫القضاء يف تقديره للمسؤولية ال يتطلب تلك النوعية من اجلسامة(أي خطأ يسري فقط)‪.‬‬
‫بالنسبة للمستشفيات العادية‪ :‬يتطلب اخلطأ اجلسيم إذا كان التقصري منسوب إىل‬ ‫‪-‬‬
‫هيئة األطباء ‪،‬يف حني يكتفي بأي درجة من درجات اخلطأ يف غري هاته احلالة ‪.‬‬
‫إض ــافة إىل ذل ــك كل ــه جنده يتطلب اخلط ــأ اجلس ــيم أيض ــا‪ ،‬إذا م ــا تعل ــق األم ــر بتقص ــري‬ ‫‪-‬‬
‫منسوب إىل اإلدارات الصحية املوجودة بالدولة‪.2‬‬
‫أم ــا عن القض ــاء اجلزائ ــري فموقف ــه غ ــري مع ــروف يف ه ــذا املي ــدان‪ ،‬و لكن من خالل قض ــية‬
‫زعــاف رقيــة ضــد القطــاع الصــحي بــأدرار‪ 3‬ميكن اســتنتاج أن القضــاء اجلزائــري أشــار إىل‬
‫اخلطأ الطيب فقط دون اإلشارة إىل وجوب اشرتاط اخلطـأ اجلسـيم‪ ،‬و بالتـايل فـإن مسـؤولية‬
‫املستشفى قائمة بغض النظر عن نوعية اخلطأ املرتكب‪.4‬‬
‫ثالثا‪ :‬مرفق تحصيل الضرائب‪:‬‬
‫نظرا ملا يتوجب على هذا املرفق من بذل عناية كبرية وحرص شديد‪ ،‬يف سبيل‬
‫احلفاظ على مستحقات اإلدارة‪ ،‬ومنع هترب املمولني ‪ ،‬وخوفا من تثبيط عزمية العاملني‬
‫‪ 1‬عدو عبد القادر ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪..342‬‬
‫‪ 2‬ـ سليمان الطماوي‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.156‬‬
‫‪ 3‬ـ مجلس الدولة الجزائري في ‪ ( 19/04/1999‬قضية زعاف الرقية ضد القطاع الصحي بأدرار ) التي سبق اإلشارة إليها في المبحث‬
‫األول من الفصل األول‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪.‬ـ لحسين بن الشيخ أث ملويا‪ ،‬المنتقى في قضاء مجلس الدولة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪108‬‬
‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫هبذا املرفق نتيجة هتديدهم باستمرار بقضايا املسؤولية‪،‬فإن جملس الدولة حيتاط كثريا عند‬
‫احلكم بقيام مسؤولية مثل هاته املرافق‪ ،‬إذ يتطلب درجة كبرية من جسامة اخلطأ‬
‫املرتكب‪.1‬‬
‫وتكون مصاحل الضرائب مسؤولة على أساس اخلطأ اجلسيم عندما يتعلق األمر بنشاط‬
‫إقرار أساس الضرائب‪،‬والتحصيل عنها‪ ،‬وتبقى النشاطات اليت ليست هلا عالقة مبوضوع‬
‫الضرائب‪ ،‬أو صحة املتابعة‪ ،‬تؤدي إىل مسؤولية مصاحل الضرائب على أساس اخلطأ‬
‫البسيط‪.2‬‬

‫رابعا‪ :‬مرفق مكافحة الحريق‪:‬‬


‫بالنظر للصعوبات اليت تعرتض القائمني على هذا املرفق‪ ،‬فإن القضاء االداري يشرتط‬
‫اخلطأ اجلسيم لقيام مسؤولية اإلدارة‪ ،‬و من ذلك تلف األدوات املستخدمة يف إطفاء‬
‫احلريق‪ ،‬قلة ضغط املاء املستخدم يف إطفاء احلريق‪ ،‬نقص وسائل اإلطفاء و غريها من‬
‫األخطاء اجلسيمة اليت تؤدي إىل مسؤولية اإلدارة‪ .‬إال أنه حتول إىل االكتفاء باخلطأ اليسري‬
‫ابتداء من عام ‪ 1994،‬مع األخذ بعني االعتبار الصعوبات اليت واجهت املرفق أثناء قيامه‬
‫بنشاطه يف مكافحة احلرائق‪.‬‬
‫‪06/04/1973‬‬ ‫و من ذل ـ ــك جند حكم اجمللس األعلى اجلزائ ـ ــري يف قض ـ ــية بن مش ـ ــيش‬
‫السالف ذكرها‪ ،‬حيث نسب إىل اإلدارة خطأين‪:‬‬
‫األول يتمثل يف انتفاء تدابري الضبط املتعلقة باأللعاب النارية‪.‬‬
‫و الثــاين يتمثــل يف التنظيم الغــري الكــايف ملكافحــة احلريــق يف األمكنــة الــيت وقــع فيهــا احلريــق‬
‫حيث حكم اجمللس باملسؤولية اإلدارية على أساس اخلطـأ البســيط يف احلالــة األوىل ( انتفــاء‬

‫ـ عبد اهلل طلبة‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.358‬‬ ‫‪1‬‬

‫ـ خلويف رشيد املرجع السابق‪،‬ص‪.29‬‬ ‫‪2‬‬


‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تدابري الضبط)‪ ،‬و رفضــها يف احلالــة الثانيــة ( التنظيم الغــري الكــايف ملكافحـة احلريــق) ألهنا ال‬
‫تشكل خطأ جسيما‪.1‬‬
‫خامسا‪ :‬المرافق العقابية‪:‬‬
‫بسبب أن نشاط حراسة املساجني‪ ،‬يعد نشاط من الصعب تأمينه‪،2‬فقد استقر القضاء‬
‫على أن مسؤولية اإلدارة عن هذه املرافق ال تقرر إال إذا ثبت قبلها خطأ فادح وعلى درجة‬
‫بالغة من اجلسامة‪ ،3‬و من قبيل األخطاء اجلسيمة اليت تؤدي إىل مساءلة إدارة املرافق العقابية‪:‬‬
‫_ اإلمهال يف حراسة أحد املقبوض عليهم مما مكن أعداءه من خطفه و قتله‪.‬‬
‫_ عدم القيام بإعداد حمضر مبا حيمله أحد املقبوض عليهم قبل إيداعه السجن مما أدى إىل‬
‫فقد مبلغ كان معه‪.‬‬
‫_استخدام أحد املقبوض عليهم للقيام بأعمال خارجية خاصة‪.‬‬
‫و يستوي أن يكون الضرر قد وقع على السجني أو على الغري‪.‬‬
‫وما ميكن استخالصه من خالل ما تقدم‪:‬‬
‫أن مــا ذهب إليــه القضــاء يف االعــرتاف ملثــل هــذه املرافــق بشــيء من احلصــانة موقــف حممـود‪ ،‬إذ‬
‫ال تقـ ــوم مسـ ــؤوليتها بـ ــالتعويض إال إذا كـ ــان اخلط ــأ املرتكب من جانبهـ ــا على قـ ــدر كب ــري من‬
‫اجلســامة‪،‬نظــرا ملا تتكبــده مثــل هــذه املرافــق من مشــاق‪ ،‬وخماطر يف ســبيل القيــام مبا أوكــل إليهــا‬
‫من مهــام‪ ،‬إال أنــه ومــع ذلــك نــرى أن تضــييق جمال مســؤولية هــذه املرافــق كثــريا مــا يكــون على‬
‫حساب املضرور من خطأ أو تقصري تلك املرافق فال يستويف حقه‪ ،‬بدعوى أن اخلطأ املســبب‬
‫للضرر ليس على قدر من اجلسامة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪.‬ـ محيو أحمد‪ ،‬المنازعات اإلدارية‪ ،2008 ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪219‬‬
‫ـ عبد القادر عدو‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.343‬‬ ‫‪2‬‬

‫ـ سليمان الطماوي‪،‬املرجع نفسه‪،‬ص‪.158‬‬ ‫‪3‬‬


‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫خالصة الفصل‪:‬‬
‫ومن خالل دراسة درجة اخلطأ املرفقي املوجب للمسؤولية ‪،‬يستنتج أن القضاء ‪:‬‬

‫يف جمال تقديره للخطأ بالنسبة للقرارات االدارية جيعل عيب الشكل واإلجراء ال‬
‫يستوجب مسؤولية اإلدارة بالتعويض إال إذا كان الشكل املتطلب أو اإلجراء‬
‫جوهري‪،‬وعيب االختصاص كذلك ال يرتب مسؤولية اإلدارة اال يف حالة العيب‬
‫جسيما‪،‬أما عيب خمالفة القانون ( احملل) فهو يستوجب مسؤولية اإلدارة بالتعويض يف‬
‫حالة غلطها يف القانون ‪ ،‬أما فيما خيص الغلط املادي فتارة يستوجب املسؤولية ‪،‬وتارة‬
‫درجة الخطأ المرفقي الموجب لمسؤولية اإلدارة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ال يستوجبها‪ ،‬وكذلك الشأن بالنسبة لعيب السبب‪ ،‬أما عيب االحنراف بالسلطة‬
‫(الغاية) فقد عده اجمللس مصدر دائم للمسؤولية‪.‬‬

‫أمــا يف جمال تقــديره للخطــأ يف األعمــال املاديــة فــريى الــدكتور ســليمان الطمــاوي وحنن‬
‫من رأيه "ان املسلك الذي يتبعه جملس الدولــة الفرنســي يف تقــدير اخلطـأ املرفقي املوجب‬
‫ملســؤولية اإلدارة‪ ،‬يكشــف بوضــوح عن روح اجمللس العمليــة‪ ،‬والــيت تــرمي إىل مواجهــة‬
‫كل حالـة وفقـا لظروفهـا‪،‬وعـدم احلكم على اإلدارة إال وفقـا للظـروف الـيت ارتكب فيهـا‬
‫اخلط ــأ‪ ،‬ولكن جبانب هات ــه احلس ــنة ف ــان ه ــذا القض ــاء يعيب ــه ع ــدم الوض ــوح‪ ،‬وحيل ــق علي ــه‬
‫الش ــك‪ ،‬إذ ال ميكن ان نع ــرف مق ــدما وبالنس ــبة حلال ــة معين ــة‪ ،‬على س ــبيل اليقني‪ ،‬موق ــف‬
‫اجمللس منهــا‪ ،‬كمــا إن تطلب اجمللس مــرة خطــأ جســيم‪ ،‬ومــرة أخــرى خطــأ على درجــة‬
‫استثنائية من اجلسامة واكتفاؤه يف غريها بأي درجـة من اخلطـأ‪ ،‬هـو مسـلك حتكمي وال‬
‫ميكن تفسريه يف كثري من احلاالت"‪.1‬‬

‫ـ سليمان الطماوي‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.159‬‬ ‫‪1‬‬


‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫يف ختام هذه الدراسة ميكن استخالص النتائج التالية‪:‬‬


‫مل يتمكن الفق ـ ـ ــه اإلداري من إجياد معي ـ ـ ــار دقي ـ ـ ــق مييز لن ـ ـ ــا اخلط ـ ـ ــأ املرفقي عن اخلط ـ ـ ــأ‬ ‫‪-‬‬
‫الشخص ــي‪ ،‬و ل ــذلك ت ــرك األم ــر للقض ــاء اإلداري ال ــذي اخت ــار ان يكي ــف ك ــل حال ــة‬
‫على حدى وفق تلك املعايري الفقهية ‪.‬‬
‫ميكن للمض ــرور من ج ــراء أخط ــاء اإلدارة ان يؤس ــس دع ــواه على اح ــد مظ ــاهر اخلط ــأ‬ ‫‪-‬‬
‫املرفقي‪ ،‬الن القضــاء ال يســتطيع ان يبســط رقابتــه على اإلدارة‪ ،‬إال عن طريــق دعــوى‬
‫التعويض جراء ما حلق األفراد من ضـرر‪،‬نتيجـة عــدم تصــرف اإلدارة على النحـو الــذي‬
‫يوجبه القانون‪.‬‬
‫إذا كانت عدم مشروعية القرار كافية إللغائه‪ ،‬فإهنا ال توجب مسؤولية اإلدارة اال إذا‬ ‫‪-‬‬
‫كانت على درجة كافية من اجلسامة ‪ ،‬أمـا يف األعمـال املاديـة فـإن القضـاء اإلداري مل‬
‫يتبــىن قاعــدة معينــة بــل يقــدر كــل حالــة على حــدى وفــق اعتبــارات معينــة و ال حيكم‬
‫كذلك بالتعويض إال إذا كان اخلطأ على قدر معني من اجلسامة‬
‫جتد املس ــؤولية املدني ــة جماهلا يف ك ــل ض ــرر يس ــببه الش ــخص خبطئ ــه(م‪)124‬ق م‪ ،‬إال أن‬ ‫‪-‬‬
‫هــذه القاعــدة املطلقــة ال جتد نفس القــوة يف قــانون املســؤولية اإلداريــة‪ ،‬حبيث ال تكــون‬
‫اإلدارة مسؤولة عن كل خطأ أرتكب من موظفيها‪.‬‬
‫يتطلب القض ــاء يف بعض أنش ــطة املراف ــق‪ ،‬ح ــىت تق ــوم مس ــؤوليتها "ان تك ــون أخطائه ــا‬ ‫‪-‬‬
‫جسيمة "‪ ،‬ويف البعض األخر " ان تكون اقل جسـامة"‪ ،‬ويف البعض األخـر" ان تكـون‬
‫على درجــة اســتثنائية من اجلســامة"‪،‬ومــا يعــاب عليــه يف هــذا الشــأن انــه مل حيدد طبيعــة‬
‫كل صورة‪.‬‬
‫و كاسـ ــتنتاج عـ ــام‪ ،‬ميكن اسـ ــتخالص ان نظريـ ــة اخلطـ ــأ املرفقي كأسـ ــاس للمسـ ــؤولية‬
‫االدارية‪،‬نظرية قضائية أكثر منها تنظيميــة ‪ ،‬ألن املشــرع تــرك اجملال مفتــوح للقضــاء يف‬
‫اغلب ن ــواحي ه ــذه املس ــؤولية‪،‬فق ــد ك ــان للقض ــاء وال زال ال ــدور الب ــارز يف إرس ــاء‬
‫ماهية الخطأ المرفقي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وتأصـ ـ ــيل خمتلـ ـ ــف قواعـ ـ ــد املسـ ـ ــؤولية االداريـ ـ ــة‪ ،‬ويكـ ـ ــاد يتفـ ـ ــق اجلميـ ـ ــع على انـ ـ ــه (أي‬
‫القضاء)‪،‬هو حلم القانون االداري‪.‬‬
‫التوصيات‪:‬‬

‫ض ــرورة ت ــدخل املش ــرع لتنظيم أحك ــام ه ــذا الن ــوع من اخلط ــأ عن طري ــق نص ــوص‬ ‫‪-‬‬
‫قانونية وتنظيمية‪ ،‬ختفيفا لكاهل القضـاء‪ ،‬و متاشـيا مـع روح العدالـة‪ ،‬من خالل بوضـع‬
‫ضوابط يسري عليها القضاء‪.‬‬
‫حتديد طبيعة كل صورة للجسامة على حدى منعا للغموض وااللتباس‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫و ج ــوب أن يك ــون اخلط ــأ املرفقي البس ــيط أو اليس ــري الص ــادر من بعض املراف ــق العام ــة‬ ‫‪-‬‬
‫اليت ال يشرتط لقيام مسؤوليتها إال اخلطأ جسـيما‪،‬مـوجب للمسـؤولية اإلداريـة‪ ،‬وذلـك‬
‫حىت ال يكون هناك استهتار و تالعب من جانب املرفــق يف تكــرار مثــل هــذه األخطــاء‬
‫البسيطة‪.‬‬
‫تعزيـز التوعيـة يف هـذا اجملال من خالل خلـق نـدوات ‪ ،‬أيـام الدراسـية‪ ، ،‬حبوث‪ ،‬وحـىت‬ ‫‪-‬‬
‫ملتقيـ ــات‪ ،...‬ألنـ ــه وكمـ ــا سـ ــبقت اإلشـ ــارة موضـ ــوع متطـ ــور وممتـ ــد عـ ــرب الـ ــزمن‪ ،‬مما‬
‫يستوجب دائما البحث‪ ،‬ملواكبة تلك التطورات‪.‬‬
‫قـــــائمة المراجع‬

‫قائمة المراجع ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الكتب‪:‬‬

‫الكتب العامة‬
‫اء اهلل ‪ ،‬الوجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيز يف القضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء اإلداري‬ ‫دة عط‬ ‫بوحمي‬ ‫‪.1‬‬

‫‪.2011‬‬ ‫(تنظيم ‪،‬عمل ‪،‬اختصاص)‪ ،‬دار هومة ‪،‬اجلزائر‪،‬‬

‫‪ .2‬ب وعمران ع ادل‪،‬النظري ـ ــة العام ـ ــة للق ـ ــرارات والعق ـ ــود اإلداري ـ ــة ‪،‬دار اهلدى‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬اجلزائر ‪.2010 ،‬‬

‫‪ .3‬ج ورج سعد‪ ،‬القــانون اإلداري العــام واملنازعــات اإلداريــة‪ ،‬ط‪ ،1‬منشــورات‬
‫احلليب احلقوقية‪ ،‬بريوت‪.2006،‬‬
‫القاضــي‪،‬ج‪1‬‬ ‫جورج فوديل ‪،‬بيار دلفولفيه ‪،‬القــانون اإلداري‪،‬ترمجة منصــور‬ ‫‪.4‬‬
‫ط‪،1‬املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع ‪ ،‬لبنان‪. 2001،‬‬

‫حسين فريجة‪:‬‬ ‫‪.5‬‬


‫ش ــرح الق ــانون اإلداري (دراس ــة مقارن ــة)‪،‬دي ــوان املطبوع ــات اجلامعي ــة‪ ،‬اجلزائ ــر‪،‬‬
‫‪.2009‬‬
‫شــرح املنازعــات اإلداريــة ( دراســة مقارنــة)‪ ،‬ديــوان املطبوعــات اجلامعيــة‪ ،‬اجلزائــر‬
‫‪2009‬‬
‫‪.6‬ط اهري حس ين‪،‬ش ــرح وج ــيز لإلج ــراءات املتبع ــة أم ــام املواد االداري ــة‪،‬دار‬
‫اخللدونية‪،‬اجلزائر‪.2005،‬‬

‫‪ .7‬يوس ف س عد اهلل الخ وري ‪،‬الق ــانون اإلداري الع ــام ‪(،‬القض ــاء اإلداري)‪،‬‬
‫نشر‪.1999،‬‬ ‫مسؤولية السلطة )‪ ،‬ج‪ ،2‬ط‪ ،2‬بدون دار نشر ‪ ،‬بدون بلد‬
‫قـــــائمة المراجع‬

‫‪ .8‬محي ال دين القيس ي‪ ،‬مب ــادئ الق ــانون اإلداري الع ــام ‪،‬منش ــورات احلل ــيب‬
‫احلقوقية‪،‬بريوت‪.1999،‬‬

‫‪ .9‬محيو أحمد‪:‬‬

‫‪.2004‬‬ ‫املنازعات اإلدارية‪ ,‬ط ‪ ،5‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ,‬اجلزائر‪ ,‬سنة‬

‫املنازعات اإلدارية‪،‬ط‪ ،7‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪ 2008،‬ـ‬

‫‪ .10‬محمد الصغير بعلي‪:‬‬


‫الوجيز يف املنازعات اإلدارية‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪.2002 ،‬‬

‫‪.2009‬‬ ‫الوسيط يف املنازعات اإلدارية‪ ،‬دار العلوم للنشر و التوزيع‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬

‫‪ .11‬سليمان الطماوي‪ ،‬القضاء اإلداري ( قضاء التعويض)‪ ،‬الكتاب الثاين‪ ،‬دار‬


‫الفكر العريب‪ ،‬القاهرة‪.1996 ،‬‬

‫‪ .12‬عب د اهلل طلب ة‪ ،‬الق ــانون اإلداري ( الرقاب ــة القض ــائية على أعم ــال اإلدارة‪،‬‬
‫القضاء اإلداري)‪ ،‬ط‪ ،2‬منشورات جامعة حلب‪ ،‬بدون سنة‪.‬‬
‫‪ .13‬عبد القادر عدو‪ ،‬املنازعات اإلدارية‪،‬دار هومة للطباعـة والنشـر و التوزيـع‪،‬‬
‫اجلزائر‪. 2012 ،‬‬
‫‪ .14‬عب د الغ ني بس يوني عب د اهلل‪ ،‬النظريـ ــة العامـ ــة للقـ ــانون اإلداري‪،‬منش ــأة‬
‫‪. 2003‬‬ ‫املعارف اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪ .15‬عم ار بوض ياف‪،‬املرجـ ــع يف املنازعـ ــات اإلداريـ ــة‪،‬القسـ ــم الثـ ــاين (اجلوانب‬
‫التطبيقية للمنازعة اإلدارية )‪،‬جسور للنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪.2013 ،‬‬
‫الكتب المتخصصة‪:‬‬

‫‪63‬‬
‫قـــــائمة المراجع‬

‫لحسين بن الشيخ أث ملويا‪ ،‬دروس يف املسؤولية اإلدارية‪ ،‬الكتاب األول‬ ‫‪.1‬‬


‫(املسؤولية على أساس اخلطأ)‪ ،‬ط‪ ،1‬دار اخللدونية‪ ،‬اجلزائر‪.2007 ،‬‬
‫‪ .2‬لعش ب محف وظ‪ ،‬املس ـ ــؤولية يف الق ـ ــانون اإلداري‪ ،‬دي ـ ــوان املطبوع ـ ــات‬
‫اجلامعية‪ ،‬اجلزائر ‪ 1994‬ـ‬

‫‪ .3‬محم د بك ر حس ين ‪ ،‬مسـ ــؤولية اإلدارة عن أعمـ ــال موظفيهـ ــا ‪( ،‬دراسـ ــة‬
‫مقارنة) ط‪،1‬دار الفكر اجلامعي ‪ ،‬اإلسكندرية‪.2007،‬‬
‫محم د ف ؤاد عب د الباس ط‪ ،‬تراج ــع فك ــرة اخلط ــأ أساس ــا ملس ــؤولية املرف ــق‬ ‫‪.4‬‬
‫الطيب‪ ،‬منشأة املعارف للتوزيع‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬بدون سنة ـ‬
‫عب د العزي ز عب د المنعم خليف ة ‪،‬املسـ ـ ــؤولية االداريـ ـ ــة (يف جمال العقـ ـ ــود‬ ‫‪.5‬‬
‫والقرارات االدارية)‪ ،‬دار الفكر اجلامعي ‪،‬اإلسكندرية‪ ،‬بدون سنة‪.‬‬
‫عم ار عواب دي‪ ،‬نظريـ ـ ــة املسـ ـ ــؤولية اإلداريـ ـ ــة‪ ،‬ط ‪ ،2‬ديـ ـ ــوان املطبوعـ ـ ــات‬ ‫‪.6‬‬
‫‪.2004‬‬ ‫اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‬

‫رشيد خلوفي ‪،‬قانون املســؤولية االداريــة ‪،‬ط‪ ،4‬ديــوان املطبوعــات اجلامعيــة‪،‬‬ ‫‪.7‬‬
‫اجلزائر ‪.2011‬‬
‫ثانيا‪ :‬الرسائل الجامعية‪:‬‬
‫رسائل دكتوراه‪:‬‬
‫هشام عبد المنعم عكاشة‪ ،‬مسؤولية اإلدارة عن أعمال الضرورة ( دراسة مقارنــة)‬ ‫‪.1‬‬
‫رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية احلقوق بين سويف‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬بدون سنة‪.‬‬

‫سامي حامد سليمان‪ ،‬نظريــة اخلطــأ الشخصــي يف جمال املســؤولية اإلداريــة ( دراســة‬ ‫‪.2‬‬
‫مقارنة )‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬دار الشباب للطباعة‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬بدون سنة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬المقاالت‪:‬‬

‫‪63‬‬
‫قـــــائمة المراجع‬

‫‪ .1‬قي دار عب د الق ادر ص الح‪ ،‬فك ــرة اخلط ــأ املرفقي‪ ،‬مق ــال منش ــور مبجل ــة الراف ــدين‬
‫للحقوق‪ ،‬جملد ‪ ،10‬العدد ‪ ،38‬جامعة املوصل‪. 2008 ،‬‬

‫رابعا‪ :‬االجتهادات القضائية‪:‬‬

‫جملة جملس الدولة‪ ،‬العدد األول‪.2002 ،‬‬ ‫‪.1‬‬


‫جملة جملس الدولة ‪ ،‬العدد اخلامس‪.2004 ،‬‬ ‫‪.2‬‬

‫‪ .3‬لحس ين بن الش يخ أث ملوي ا‪،‬املنتقى يف قضـ ـ ـ ــاء جملس الدولـ ـ ـ ــة‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪،4‬دار‬
‫هومة‪،‬اجلزائر‪.2006،‬‬
‫خامسا‪:‬النصوص القانونية‪:‬‬
‫األمر رقم ‪75‬ـ‪ 58‬املؤرخ يف ‪ 26‬سبتمرب ‪ 1975‬املتضمن القانون املدين‬ ‫‪.1‬‬
‫املعدل و املتمم‪.‬‬
‫القانون رقم ‪ 08‬ـ ‪ 09‬املؤرخ يف ‪ 25‬فرباير ‪ 2008‬املتضمن قانون‬ ‫‪.2‬‬
‫اإلجراءات املدنية و اإلدارية‪ ،‬الصادر باجلريدة الرمسية رقم ‪ 21‬املؤرخة يف‬
‫‪.2008‬‬ ‫أفريل‬ ‫‪23‬‬

‫أمر رقم ‪06‬ـ‪ ،03‬املؤرخ ‪ 15‬يوليو ‪ ،2006‬املتضمن القانون األساسي‬ ‫‪.3‬‬


‫للوظيفة العامة‪،‬جريدة رمسية‪،‬عدد ‪.2006 ،46‬‬
‫القانون رقم ‪ 07 _12‬املؤرخ يف ‪ 21‬فرباير ‪ 2012‬املتضمن قانون‬ ‫‪.4‬‬
‫الوالية‪،‬الصادر باجلريدة الرمسية رقم ‪ 12‬بتاريخ ‪ 29‬فرباير ‪. 2012‬‬
‫القانون رقم ‪11‬ـ‪ ،10‬املؤرخ يف ‪ 22‬جوان ‪ 2011‬املتعلق بالبلدية‪ ،‬اجلريدة‬ ‫‪.5‬‬
‫الرمسية رقم ‪.37‬‬

‫‪63‬‬
‫اإلهداء‬

‫شكر وعرفان‬

‫مقدمة‪ .......... ................................................... ........:‬أ‬

‫املرفقي‪02.........................................:‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬ماهية اخلطأ‬

‫‪03‬‬ ‫المبحث األول ‪:‬مفهوم اخلطأ املرفقي‪..........................................‬‬

‫املرفقي‪03..........................................‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬تعريف اخلطأ‬

‫‪09‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬التمييز بني اخلطأ املرفقي و اخلطأ الشخصي‪.....................‬‬

‫‪09‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬العالقة بني اخلطأ املرفقي و اخلطأ الشخصي‪........................‬‬

‫‪14‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬املعايري الفقهية املميزة بني اخلطأ املرفقي و الشخصي‪................‬‬

‫‪18‬‬ ‫الفرع الثالث ‪ :‬املعايري القضائية املميزة بني اخلطأ املرفقي و اخلطأ الشخصي‪........‬‬

‫‪20‬‬ ‫المبحث الثاني صور اخلطأ املرفقي‪.........................................‬‬

‫‪21‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬التنظيم السيئ للمرفق العام‪..................................‬‬

‫‪23‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬اإلبطاء يف أداء اخلدمة‪......................................‬‬

‫‪24‬‬ ‫المطلب الثالث ‪ :‬امتناع املرفق العام عن أداء اخلدمة‪..........................‬‬

‫‪30‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬درجة اخلطأ املرفقي املوجب ملسؤولية اإلدارة ‪...............‬‬

‫‪31‬‬ ‫المبحث األول ‪ :‬درجة اخلطأ املرفقي يف القرارات االدارية‪.................‬‬

‫تقدير اخلطأ املرفقي يف حالة اإلخالل باألركان الشكلية للقرار اإلداري‪31 ......‬‬ ‫المطلب األول‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تقدير اخلطأ املرفقي يف حالة اإلخالل بركين الشكل و اإلجراءات ‪32 ................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تقدير اخلطأ املرفقي يف حالة اإلخالل بركن االختصاص‪34 .........................‬‬

‫‪37‬‬ ‫المطلب الثاني تقدير اخلطأ املرفقي يف حالة اإلخالل باألركان املوضوعية للقرار اإلداري‪.....‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تقدير اخلطأ يف حالة اإلخالل بركن احملل‪37 ......................................‬‬

‫‪39‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬تقدير اخلطأ يف حالة اإلخالل بركن الغاية‪....................‬‬

‫‪41‬‬ ‫الفرع الثالث ‪ :‬تقدير اخلطأ يف حالة اإلخالل بركن السبب‪..................‬‬

‫‪44‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ :‬درجة اخلطأ املرفقي يف أعمال اإلدارة املادية‪............‬‬

‫‪44‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬األسس التقديرية لدرجة اخلطأ املرفقي يف األعمال املادية‪....‬‬

‫‪45‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬مراعاة ظروف املرفق وأعبائه‪.................................‬‬

‫باملرفق‪48...........................‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬مراعاة مدى اتصال املضرور‬

‫‪49‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬خصوصية بعض املرافق بتقدير درجة اخلطأ املرفقي‪.......‬‬

‫‪57‬‬ ‫خاتمة ‪............................................................:‬‬

‫‪60....................................................:‬‬ ‫قائمة المراجع‬

‫‪65‬‬ ‫الفهرسة‪..........................................................‬‬

You might also like