Professional Documents
Culture Documents
الطابع القانوني والقضائي لديوان الترقية والتسيير العقاري
الطابع القانوني والقضائي لديوان الترقية والتسيير العقاري
ملخص :
يتناول موضوع الطابع القانوني والقضائي ملؤسسة ديوان الترقية والتسيير العقاري،
الوقوف على تطور مفهوم هاته املؤسسة العمومية ،بين اعتبارها مؤسسة عمومية إدارية،
وبين كونها مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري الذي على أساسه نستطيع تحديد
الجهة القضائية املنوطة بالفصل في منازعاته باالعتماد على أساليب ومعايير متعددة وهذا ما
يجعل من هذا املوضوع أرضية للتحليل باالعتماد على نصوص قانونية نجد أساسها في قانون
اإلجراءات املدنية واإلدارية أو في قوانين خاصة.
الكلمات املفتاحية :الطابع القانوني ،الطابع القضائي ،ديوان الترقية والتسييرالعقاري.
Abstract:
The present work deals with the legal and judicial nature within the office
of promotion and property Management, in order to know the evolution of the
concept of this public institution, which take the forms whether an administrative
public institution, or an industrial and public industrial institution, on the basis of
which it can be determined the competent court which must decide in its disputes
on the basis of the various methods and norms. This particularity makes this sub-
ject a field of analysis in the light of legal texts found in the Code of Civil and Admin-
istrative Procedure or in special laws.
Key Words: legal Character; Judicial Character; Real Estate Promotion and Man-
agement Office.
-Iمقدمة :
تشكل دراسة اإلطار القانوني والقضائي ملؤسسة ديوان الترقية والتسيير العقاري ،دورا
محوريا ملعرفة مكانتها كمؤسسة عمومية هي في األساس أسلوب إلدارة املرفق العمومي الذي
يعبر عنه الفقه بأنه عبارة عن تقديمات Prestationأو إشباع حاجة عامة ،واستعمال عبارة
مؤسسة عامة لم يكن يرتكزعلى مفهوم وأسس قانونية واضحة ،إذ جرى استعمال العبارة ألول
1
مرة في القانون املدني الفرن�سي الصادرعام ،1904وبعده في قانون املالية لعام .1913
ولقد تأثرت األنظمة القانونية في الجزائر بتطورات املؤسسة العمومية بين مؤسسة
عمومية إدارية ومؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري ،وبداية تكفلت الدولة باتخاذ
إجراءات تضمن تسيير الثروة العقارية املوروثة عن االستعمار بالنسبة لألمالك الشاغرة
بإصدار أمر 66/102تم إصدار مؤسسة لتسيير في شكل مكتب للسكن ثم تحويل املكاتب إلى
مكاتب الترقية العقارية والتسيير العقاري خاضعة للوصاية ،والتي تم إنشاؤها بموجب األمر
رقم 74/63ويعود الفضل في ذلك إلى قانون 01/88املؤرخ في 22جمادى األولى عام 1406
املوافق لـ 1988/01/12املتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية االقتصادية الذي
استطاع أن يميزبين مختلف املؤسسات العمومية ،والذي كان نتاجه صدور املرسوم التنفيذي
رقم 85/270املؤرخ في 1985/11/05الذي غير من طبيعة ديوان الترقية والتسيير العقاري
إلى مؤسسة عمومية اقتصادية ،EPEواملرسوم التنفيذي رقم 147/91املؤرخ في 27شوال
1411املوافق لـ 1991/05/12املتضمن تغيير الطبيعة القانونية لديوان الترقية والتسيير
العقاري إلى مؤسسة ذات طابع تجاري وصناعي ،بعدما ظلت لفترة طويلة واعتبارا من األمررقم
93/76املؤرخ في 29شوال 1396املوافق لـ 1976/10/23املتعلق بإحداث مكتب ديوان الترقية
والتسيير العقاري مؤسسة عمومية إدارية تم إنشاؤها فعال بمقت�ضى املرسوم التنفيذي رقم
76/143املؤرخ في .1976/10/23
هذا التطور بني اعتمادا على البعد االقتصادي للدولة ،وعجز نوعا ما بعض املؤسسات
التقليدية على إشباع الحاجات العامة مما أدى بالضرورة إلى مراجعة اإلطار القانوني لديوان
الترقية والتسيير العقاري ،ومن ثم اإلطار القضائي الذي على أساسه يتحدد النزاع والجهة
القضائية املختصة للبت فيه ،وهوأمريدفعنا للتساؤل حول اإلطارالقانوني والقضائي ملؤسسة
ديوان الترقية والتسييرالعقاري من خالل النصوص املنظمة له؟
-IIأهداف الدراسة:
-تحديد الطبيعة القانونية ملؤسسة ديوان الترقية والتسييرالعقاري.
-تحديد تطور مفهوم مؤسسة ديوان الترقية والتسييرالعقاري.
نظم قانونية مختلفة من بينها النظام القانوني لديوان الترقية والتسيير العقاري والذي تجسد
الحقا في مرسوم تنفيذي 91/147املؤرخ في 27شوال 1411املوافق لـ1991/05/12الذي
يتضمن الطبيعة القانونية لديوان الترقية والتسيير العقاري ،وهذا هو ما يدفعنا إلى التطرق
إلى تطور مفهوم ديوان الترقية والتسييرالعقاري كمؤسسة عمومية إدارية إلى مؤسسة عمومية
ذات طابع إداري وتجاري وهو موضوع املحور الثاني.
-1-1تطور مفهوم ديوان الترقية والتسييرالعقاري:
ظل ديوان الترقية والتسيير العقاري مؤسسة عمومية ذات طابع إداري إلى غاية صدور
املرسوم التنفيذي رقم 85/270املشار إليه أعاله ،ويبدو أن الطبيعة القانونية لهاته املؤسسة
بدأت بالظهور من خالل األمر رقم 93/76املؤرخ في 29شوال 1396املوافق لـ1976/10/23
كما هو ثابت من مادته األولى التي نصت بأنه « تحدث في كل والية مؤسسة عمومية ذات طابع
ي 3
إداري تسمى مكتب الترقية والتسييرالعقار ».
-1كمؤسسة إدارية:
ويتأكد من هذا النص أن مؤسسة ديوان الترقية والتسييرالعقاري كانت طبيعته القانونية
إدارية ولم يكن يطرح بشأنها أي خالف بشأن نظامه القانوني وخصائصه وكذا منازعاته ألنها
كانت منظمة في إطار املادة 07من ق.إ.م التي تؤول فيها النزاع إلى املحكمة االدارية ما عدا ما
استثني في منازعات حصرية.
وأشارت املادة األولى من األمر رقم 93-76املذكور أعاله أن الطبيعة القانونية التي كان
يحظى بها ديوان الترقية والتسيير العقاري هي إدارية محضة ،ويظهر ذلك أيضا من طبيعة
نشاط هذا الديوان واختصاصه وفق أحكام املواد 03وما يليها من ذات األمر ،عالوة على تأكيد
مسألة تعيين الوالي ملدير الديوان بناء على قرار والئي وهو املدير املساعد باإلضافة إلى ممارسة
الوالي سلطته الوصاية على مديراملكتب وأعماله التي ال تصبح نافذة في املواضيع التالية إال بعد
مصادقة الوالي عليها حصرا:
-جدول التقديرللنفقات واإليرادات.
-القروض.
-شراء وبيع أو كراء العقارات.
-العقود والصفقات.
-قبول الهبات والوصايا لفائدة املكتب.
وأصبحت الوصاية تبسط أيضا على املكتب من قبل الوالي بصفته مندوبا مباشرا ووحيدا
لكل من الوزراء ،وتشمل املصادقة على العقود والقرارات الرئاسية التي تمس تسيير املكتب
(الديوان) وسلطات الوصاية واملراقبة التي تمارس وفق أحكام قانونية تخص الوصايا اإلدارية
املتعلقة باملؤسسة العمومية التابعة للوالية ،وهي مقيدة لنشاط هاته املؤسسة بموجب أحكام
املواد 19 ،17 ،16 ،10 ،08من ذات األمر.
وأصبح األمر على هاته الحالة إلى غاية صدور املرسوم التنفيذي رقم 85/270الذي غير
من طبيعة هاته املؤسسة إلى مؤسسة عمومية اقتصادية ،ثم املرسوم التنفيذي رقم 147/91
الذي غيرطبيعتها إلى مؤسسة عمومية ذات طابع تجاري وصناعي.
-2كمؤسسة ذات طابع صناعي وتجاري:
نستنتج من خالل أحكام املادة األولى من املرسوم التنفيذي رقم 147/94املتعلق بتعيير
الطبيعة القانونية لديوان الترقية والتسيير العقاري ما يلي «تغيير دواوين الترقية والتسيير
العقاري القائمة عند تاريخ سريان مفعول هذا املرسوم واملدرجة في القائمة امللحقة في طبيعتها
القانونية إلى مؤسسات عمومية وطنية ذات طابع صناعي وتجاري».
وتخضع هذه املؤسسات التي تدعى في صلب النص دواوين الترقية والتسيير العقاري
للقوانين والتنظيمات املعمول بها وألحكام هذا املرسوم.
أما املادة الثانية من هذا املرسوم فقد أشارت كذلك أن «تتمتع دواوين الترقية والتسيير
العقاري بالشخصية املعنوية واالستقالل املالي وتعد تاجرة في عالقاتها مع الغيروتخضع لقواعد
القانون التجاري».4
ويستشف من املادة األولى على تغييرالطبيعة القانونية لديوان الترقية والتسييرالعقاري
إلى مؤسسات عمومية ذات طابع صناعي وتجاري إذ أصبحت تخضع ألحكام القانون التجاري
في عالقاتها مع الغير.
ويالحظ مع ذلك أن الطابع اإلداري ال يزال يلقي بظالله في بعض جوانب النظام القانوني
لديوان الترقية والتسيير العقاري وال سيما ما يستشف من خالل أحكام املادة 10من ذات
املرسوم التي نصت «على أن تعيين مجلس اإلدارة بموجب مقرر صادرعن الوزيراملكلف بالسكن
ملدة ثالث سنوات ،وفي حالة توقف أي عضو من األعضاء يعوض باألشكال نفسها ،وذلك إلى
غاية إنهاء املهمة» .كما أن املادة 15من ذات املرسوم أكدت بأن املدير يعين بمرسوم تنفيذي
بناء على اقتراح الوزير املكلف بالسكن» .وهنا يطرح إشكال بشأن طبيعة هؤالء املستخدمين
أي املسيرون فيما إذا كانوا يخضعون ألحكام قانون العمل أي في إطار عالقات العمل الفردية
باإلضافة إلى الجهة القضائية التي تتولى البت في أي نزاع قد يثاربشأن تأديبهم.
ولكن بالرغم من صدور املرسوم التنفيذي الذي غير من طبيعة ديوان الترقية والتسيير
العقاري فإنه مع ذلك ال زال البعد االجتماعي هو مبتغى الديوان ،إذ يسعى إلى تحقيق منفعة
عمومية ألنه يرمي إلى تجسيد سياسة اجتماعية للدولة فيما يخص مسائل السكن ،وفي هذا
يطغى على الديوان طابعا إداريا بصورة استثنائية.
ثانيا :الطبيعة القضائية لنزاعات ديوان الترقية والتسييرالعقاري
لقد كان لتغيير الطبيعة القانونية لديوان الترقية والتسيير العقاري ،من مؤسسة
خاضعة ألحكام القانون العام إلى مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري ،وخضوعها
ألحكام القواعد الخاصة كأصل عام –األثر املباشر على طبيعة املنازعة القضائية -والجهة
املختصة للفصل فيما يثار بشأنها من نزاع سواء تعلق األمر في عالقاتها مع الغير أو فيما يتعلق
بمستخدميها أو مسيريها ،أو ما يظهرمن خالل نشاطاتها وهو ما يدفعنا إلى التساؤل حول تحديد
الجهة القضائية املختصة في الفصل في منازعاتها.
-1-2ازدواجية قضائية للبت في نزاع ديوان الترقية والتسييرالعقاري.
يظهر من خالل استقراء مختلف النصوص املنظمة لنشاط ديوان الترقية والتسيير
العقاري ،ال سيما املادة 2من املرسوم التنفيذي رقم 85/270ومن املرسوم التنفيذي 147/91
وقانون اإلجراءات املدنية واإلدارية والقانون 01/88املتعلق بالقانون التوجيهي للمؤسسات
العمومية االقتصادية( ،)5القول بوجود ازدواجية قضائية لنظر مختلف النزاعات املثارة بشأن
ديوان الترقية والتسيير العقاري ،باعتبارها مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري حسب
املادة 02من املرسوم التنفيذي املشارإليه أعاله ،فمن جهة يختص القا�ضي العادي باعتبارأن
هاته املؤسسة تعد تاجرة في عالقتها مع الغير ،ومن جهة أخرى اضطالع القا�ضي اإلداري بالبت
في بعض النزاعات والقضايا ال سيما ما تعلق بنشاط هاته املؤسسة كاستثناء على املادة 800من
ق.إ.م.أ 5.إذ ما تعلق األمربتسييرمرفق عام أو في إطارإبرام صفقة عمومية.
تساهم الدولة في جزء أو تمويلها كلية ،أو في إطار فمن جهة يختص القا�ضي العادي
باعتبار املؤسسة عمومية الوكالة ،أو ما تعلق بتأديب املسيرين هنا يقودنا إلى تحديد الحاالت
التي يختص بها القضاء اإلداري وفق املعاييراملعتمدة.
-1-1-2اختصاص القا�ضي اإلداري استثناءا
إذا كان ملؤسسة الترقية والتسيير العقاري بداية طبيعية قانونية ،تجعل منه مؤسسة
عمومية ذات طابع إداري فإن خضوعه للقا�ضي املختص تأثربتطورات املادة 07من ق.إ.م وما
صاحبها من تعديالت باالعتماد على املعيارالشكلي انطالقا من صدور األمررقم 154-66املؤرخ
في ،1966/06/08املتعلق باإلجراءات املدنية وما تضمنته املادة 07التي منحت للغرفة اإلدارية
باملجالس القضائية االختصاص العام بالفصل في املنازعات اإلدارية التي تخص املؤسسات
العمومية اإلدارية ،ومن ضمنها ديوان الترقية والتسيير العقاري بحكم قابل لالستئناف أمام
الغرفة اإلدارية باملحكمة العليا ،فيما خصت املادة 274على انفراد الغرفة اإلدارية باملحكمة
العليا آنذاك بالفصل ابتدائيا ونهائيا في دعاوى تجاوز السلطة ضد القرارات اإلدارية مهما كان
مصدرها مع منح االختصاص بداية إلى طرح النزاع أمام جهات قضائية إدارية ثالث ،ثم تطور
إلى تأسيس غرفة باملجلس األعلى بموجب القانون رقم 218/63املؤرخ في 1963/06/148
الذي شكل الغرفة اإلدارية ،ثم صدور أمر 278/65املؤرخ في 1965/11/16املتضمن التنظيم
القضائي الذي أنشأ 15مجلسا قضائيا وثالث محاكم إدارية في كل من قسنطينة ،الجزائر
ووهران والتي ورثت االختصاصات املوكلة للمحاكم اإلدارية التي كانت قائمة واملوروثة عن
االحتالل. 6
ورفعت عدد املجالس القضائية إلى 31مجلسا بمقت�ضى األمر رقم ،73ـ 74املؤرخ في
1974/07/12مع بقاء نفس املحاكم اإلدارية ،ويعود الفضل إلى القانون رقم 01/86املؤرخ
في 1986/01/28املعدل واملتمم رقم 23/90املؤرخ في 1990/08/18الذي غير من قواعد
االختصاص املحدد في املادة 07من ق.إ.م بحيث كانت املنازعات املتعلقة بدواوين الترقية
والتسيير العقاري تخضع ألحكام املادة 07من ق.إ.م التي نصت آنذاك أن االختصاص يؤول
للغرفة اإلدارية على مستوى املجالس القضائية في كل نزاع تكون فيه البلدية أو املؤسسات
العمومية االدارية طرفا فيه ،ولكن هذا كأصل عام بحيث أن املحكمة العادية تكون لها
االختصاص بصورة استثنائية ،إذا ما تعلق األمر بنزاع يتعلق بمخالفات الطرق واملنازعات
املتعلقة باإليجارات الفالحية واألماكن املعدة للسكن أو ملزاولة مهنة أو اإليجارات التجارية
والفالحية أو مخالفات الطرق أو التعويض إذا ما تعلق األمربمركبة تابعة للدولة.
حيث بذلك يظهر من استقراء نص املادة 07مكرر من ق.إ.م قبل التعديل وأثناء سريان
األمر رقم 93/76املتضمن استحداث مكتب ديوان الترقية والتسيير العقاري ،أو االختصاص
كان ينعقد أصال للقا�ضي اإلداري في النزاعات التي تنشأ بين الديوان والغير ،باستثناء ما ورد
في أحكام املادة 7مكرر من ذات القانون التي تمنح االختصاص في هذه الجوانب للمحاكم
العادية حتى ولوكان األمريخص مؤسسة عمومية ذات طابع إداري ،ولكن برغم ذلك فإن هناك
العديد من القضايا التي اصطدمت بجفاء النصوص القانونية عمليا ،على سبيل املثال طرح
نزاع اجتماعي يخص مستخدمي هاته املؤسسة أمام املحكمة الفاصلة في املواد االجتماعية،
إذا كان القانون ال يقبل رفع دعوى أمام القضاء ما لم يكن مصحوبا بمحضر عدم املصالحة
فكثيرا من القضايا يكون مآلها الرفض لعدم تمكن األطراف من الحصول على هذا املحضر
بحكم أن املادة 19من قانون 04/90املتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل استثنت من
مجال اختصاص مكتب املصالحة الخالفات الفردية للعمل التي يكون طرفا فيه املوظفون
واألعوان الخاضعون للقانون األسا�سي للمؤسسات واإلدارات العمومية ،لوجود املرسوم
273 مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية
العدد العاشر
جوان 2018املجلد األول
الطابع القانوني والقضائي لديوان الترقية والتسييرالعقاري
59/85املؤرخ في 1985/03/23الذي يحكمهم وكذلك الحال حينما يطرح النزاع على الغرفة
اإلدارية باملجالس القضائية فيما يخص نزاع يرى بأنه يتعلق بمستخدم ديوان الترقية والتسيير
العقاري باعتباره موظفا آنذاك فإن الغرفة تهتدي إلى عدم قبول الدعوى بحكم أن النزاع
اجتماعي ألنه من اختصاص املحكمة كاستثناء على املادة 7من ق.إ.م حينذاك ال يجد هذا
املستخدم ملجأ وبالتالي فإنه يمكن القول بأن االختصاص القضائي للنزاعات املتعلقة بديوان
الترقية والتسيير العقاري إداريا بصورة أصلية وعادية استثناء ،أما في ظل املرسوم التنفيذي
رقم 147/91فيكون االختصاص للقا�ضي اإلداري للبت في النزاعات املتعلقة بدواوين الترقية
والتسييرالعقاري في حاالت متعددة كاستثناء.
-1بالنسبة ملسألة تأديب املسيرين املعنيين بموجب مرسوم تنفيذي أو قرار وزاري فإن
هاته املسألة يختص بها مجلس الدولة باعتبار أن مصدر القرار سلطة إدارية مركزية إعماال
بنص املادة 901من ق.إ.م.إ.
-2بالنسبة لتسيير املرفق العمومي في إطار تفويض املرفق العمومي باعتبار أن ديوان
الترقية والتسيير العقاري كمؤسسة عمومية ذات طابع صناعي أو تجاري ،يمكنه للقيام بتسيير
مباني عامة وهنا يؤول االختصاص إلى املحاكم اإلدارية ألن الديوان يتولى التسيير في إطار
7
تفويضات املرفق العمومي.
-3في إطار معيار الوكالة بحكم أن مؤسسة ديوان الترقية والتسيير العقاري مؤسسة
ذات طبيعة تجارية وصناعية فإن القانون رقم 01/88املتعلق باملؤسسات العمومية املشار
إليه أعاله ،قد وضع استثناءات على أحكام املادة 800من ق.إ.م فاملادة 56منه أشارت إلى أن
املنازعات املتعلقة ببعض النشاطات التي تمارسها املؤسسات العمومية ذات الصبغة التجارية
والصناعية ،تخضع للقواعد املطبقة على اإلدارة وهو ما يفهم منه أن االختصاص يؤول إلى
املحاكم اإلدارية 8فاملادة املذكورة أشارت إلى مجاالت السلطة العامة التي هي في صورة تراخيص
وعقود إدارية ،لكونها تتصرف باسم الدولة فيما أكدت املادة 55من ق 01/88إلى اعتماد معيار
الوكالة الذي يستأنس به أمام القا�ضي لتحديد االختصاص ،إذ أشارت املادة أنه عندما تكون
املؤسسة العمومية االقتصادية مؤهلة قانونا لتسييرمباني عامة في إطاراملهمة املنوطة بها فيما
يخص تسيير األمالك العامة طبقا للتشريع الذي يحكم األمالك العامة ،واملالحظ ان مسالة
التسيير التي أشار إليها النص تخضع للقواعد املعمول بها فيما يخص إبرام العقود اإلدارية
9
الخاصة باالمتيازواو املنازعة تكون من اختصاص الجهات اإلدارية.
-4مخالفة للتشريع املنظم كما هو إذ يمكن لديوان الترقية والتسييرالعقاري وهو بصدد
إبرام صفقات عمومية وارد باملرسوم الرئا�سي رقم 247/15املؤرخ في 2015/09/16املتضمن
تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات املرفق العام ،السيما املادة 06منه ان يخاصم من
طرف متعهدين أمام جهة القضاء اإلداري وفق ألحكام املواد من 800من ق.إ.م.أ ،كما أنه في
مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية
274
العدد العاشر
جوان 2018املجلد األول
الطابع القانوني والقضائي لديوان الترقية والتسييرالعقاري
حالة االستعجال واملساس بمبدأ اإلشهارواملنافسة املعمول بهما في قانون الصفقات العمومية
اللجوء إلى رفع دعوى استعجالية في مادة إبرام العقود والصفقات استنادا ألحكام املادة 946
10
وما يليها من ق.إ.م.إ.
-2-1-2اختصاص القا�ضي العادي أصالة:
تعد مؤسسة ديوان الترقية والتسيير العقاري حسب املرسوم التنفيذي رقم 147/91
مؤسسة عمومية ذات طابع تجاري وصناعي ،ويظهر من خالل هذا أنه يعد تاجرا في عالقته مع
الغير ،وبالتالي فإن النزاع الذي يثار بين القضاء التجاري من جهة ،واملدني من جهة أخرى ومن
اختصاص القا�ضي الفاصل في املواد االجتماعية في عالقات الديوان بمستخدميه أي عماله
من جهة أخرى ،إذ أن لنشاط هاته املؤسسة الدور في تحديد طبيعة النزاع والهيئة القضائية
التي تتولى الفصل فيه ،ذلك أن املرسوم التنفيذي املشار إليه أشار إلى أن هذا الديوان يرمي
باإلضافة إلى تجسيد السياسة االجتماعية للدولة ،وتعمل على ترقية الخدمة العمومية و إلى
تحقيق الربح الذي يتوخاه والذي يظهرمن خالل:
-عمليات تأجيراملساكن واملحالت ذات االستعمال املنهي والتجاري والحرفي والتنازل عنها.
-تحصيل مبالغ اإليجار وكافة األعباء املرتبطة باإليجار وكذا ريوع التنازل عن األمالك
العقارية التي تسيرها بمفهوم املواد 04و 05من ذات املرسوم وما تليه من قوانين ،ال سيما ما أشار
له املرسوم التنفيذي رقم 269/03املؤرخ في 08جمادى الثانية 1424املوافق لـ 07غشت 2003
املعدل باملرسوم رقم 153/13املؤرخ في 2013/04/15الذي يحدد شروط وكيفيات التنازل
عن األمالك العقارية التابعة لديوان الترقية والتسيير العقاري املوضوعة حيز االستغالل قبل
جانفي ،2004والذي أكد في محتواه على أن يتم التنازل عن األمالك التابعة للدولة لألشخاص
الطبيعيين الشاغلين لها ،أو من طرف األشخاص املعنوية الخاضعة للقانون الجزائري على
أساس قيمتها التجارية والذي تم تعديله فيما بعد باملرسوم التنفيذي رقم 296/06مؤرخ في
09شعبان عام 1427املوافق 2006/09/02املتضمن تحديد شروط وكيفيات التنازل عن
األمالك العقارية التابعة للدولة ولدواوين الترقية والتسييرالعقاري املوضوعة جراء االستغالل
11
قبل 01يناير.2004
وفقا ألحكام الفقرة الخامسة من املادة 32من ق.إ.م.إ وإذا كان االختصاص اإلقليمي
يؤول للمحكمة التي يوجد فيها موطن املدعى عليه كأصل عام فإن هناك بعض االستثناءات
على هذا األصل وتبعا لخصوصية النزاع ،إذ أن املادة 37من ق.إ.م.إ نصت على أنه يمكن أن
يؤول االختصاص إلى محاكم غيرالتي يوجد بها موطن املدعى عليه.
في املواد التجارية غير اإلفالس والتسوية القضائية فإن االختصاص يؤول إلى الجهة
القضائية التي وقع في دائرة اختصاصها الوعد أو تسليم البضاعة ،أو أمام الجهة القضائية التي
275 مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية
العدد العاشر
جوان 2018املجلد األول
الطابع القانوني والقضائي لديوان الترقية والتسييرالعقاري
يجب أن يتم فيها الوفاء ،وفي دعاوى الشركة أمام الجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها
أحد فروعها.
أما املادة 40من ذات القانون أشارت في بعض فقراتها إلى أنه في املواد العقارية واألشغال
املتعلقة بالعقارات والدعاوى املتعلقة باألشغال العمومية ،فإن االختصاص يؤول للمحكمة
التي يقع في دائرة اختصاصها العقارأو التي يقع في اختصاصها مكان تنفيذ األشغال ،كما ذكرت
في فقرتها الثامنة بأن املنازعة التي تقوم بين صاحب العمل واألجير يكون للمحكمة التي تم
باختصاصها إبرام العقد أو تنفيذه أو التي يوجد بها موطن املدعى عليه باإلضافة إلى مسألة
إنهاء أوتعليق عقد العمل بسبب حادث عمل ،أومرض منهي فإن النزاع يعود ملوطن املدعى عليه.
وبقراءة النصوص املذكورة يتضح بأن االختصاص يؤول للقا�ضي العادي بصورة أصلية
تبعا ألحكام املادة 32ويتحدد معه االختصاص اإلقليمي لكل نزاع تبعا ملا هو مذكور في املواد
37و 38وما يليها من ق.إ.م.إ فإذا كان األصل أن االختصاص النوعي يؤول للمحكمة باعتبارها
الجهة القضائية ذات الوالية العامة التي تضم أقسام مدنية وتجارية واجتماعية وعقارية،
استنادا للمادة 32املذكورة أعاله فإنه يطرح إشكال بشأن طرح النزاع في املحاكم التي لم تنشأ
فيها أقسام ،يبقى القسم املدني هو الذي ينظرفي جميع النزاعات باستثناء القضايا االجتماعية
حسب الفقرة الخامسة من املادة 32من ق.إ.م.إ.
يمكن النزاعات بين ديوان الترقية والتسيير العقاري حسب طبيعة القضية املعروضة
سواء كانت عقارية التي يختص بها القسم العقاري أو التجاري ،إذا ما كانت املحكمة تشمل
على قسم تجاري بصورة أصلية ،أو من اختصاص القا�ضي املدني استثناءا في حالة عدم وجود
قا�ضي تجاري ،غيرأنه في املسائل التي يتعلق بمستخدمي الديوان فإن النزاع يطرح أمام املحكمة
الفاصلة في املواد االجتماعية تسوية لنزاع فردي في إطار أحكام قانون 11/90املعدل واملتمم
بالقانون 21/96املتعلق بعالقات العمل الفردية خالف ما يثار بشأن النزاع الخاص بمسيري
املؤسسة العمومية االقتصادية EPEالتي تخضع ألحكام خاصة ،ألن املشرع أشار في املادة
الرابعة من ق 11/90املتعلق بعالقات العمل على صدور تشريع خاص ينظم عالقة العمل
ملسيري املؤسسات العمومية االقتصادية ،وتكلل فعال بصدور املرسوم التنفيذي رقم 290/90
املؤرخ في 1990/09/29الخاص بمسيري املؤسسات االقتصادية ،إذ اعتبرت املادة الثامنة على
أن املسير :هو املسير األجير الرئي�سي (املدير العام ،الوكيل أو شخص آخر ألي شركة ذات رؤوس
12
أموال تربطها عالقة عمل بجهازاإلدارة)
-إطارات املديرية الذين يساعدون املسير األجير الرئي�سي للشركة يعتبرون حسب املواد
06و 07من املرسوم املذكور أعاله عماال أجراء.
وبالتالي فإن االختصاص القضائي حول النزاع املثار بشأن عالقة املستخدمين دون
املسيرين يخضع ألحكام قانون العمل ،وبالتالي فإن النزاع ال يطرح إال إذا مر هذا النزاع على
مفتش العمل املختص إقليميا وإرفاق الدعوى بعد عدم الصلح بمحضرعدم املصالحة كإجراء
أولي لقبول الدعوى ،وتخضع هاته األحكام إلى املادة 37 ،36 ،19من قانون 04/90املتعلق
بالوقاية من النزاعات الفردية للعمل ووفق أحكام املادة 02/504من ق.إ.م.إ ومراعاة ملدة رفع
الدعوى االجتماعية املحددة بـ 06أشهر بعد التمكن من نسخة من محضر عدم املصالحة،
ويمكن عند املطالبة القضائية أن يكون الحكم الصادر في النزاع إما ابتدائيا أو نهائيا ال يقبل
الطعن إال عن طريق النقض في مسائل محددة حصرا منها إلغاء العقوبات التأديبية حسب
املادة 73وما يليها مكن قانون 26/91املعدل للقانون 11/90وبالنسبة للمطالبة بشهادات
العمل وإلغاء العقوبات التأديبية طبقا للمادة 22من قانون 04/90ويبقى ما دون ذلك من
أحكام ابتدائية تخضع للطعن باالستئناف.13
-IIIالخاتمة:
يبدو أن مسألة تحديد الطابع القانوني والقضائي ملؤسسة ديوان الترقية والتسيير
العقاري وإن كانت تحظى باألهمية من الناحية العلمية والنظرية فإن هذا التحديد يبقى محكوما
بضوابط غير منسجمة من طرف املشرع ،ما يجعل بالتالي من القواعد التي تحكمه سواء كانت
قانونية أو قضائية يشوبها في حاالت متعددة قياسا على املؤسسة العمومية في شكلها العام
عدم التحاسب وهي مسألة تقت�ضي استدراكها مستقبالت ،ومراجعة قواعدها من طرف املشرع
تسهيال لعمل القا�ضي واملتعامل على حد سواء.
الهوامش:
1عبد اللطيف قطيش :النظرية العامة للمؤسسات العامة في الفقه واالجتهاد دراسة مقارنة ،منشورات الحلي الحقوقية ،الطبعة
األولى.2013 ،
2األمر رقم 93/76املؤرخ في 29شوال 1396املوافق لـ 1976/10/23املتعلق بتحديد شروط إحداث وتنظيم وتسيير مكاتب ديوان
الترقية والتسييرالعقاري ،الجريدة الرسمية عدد .13
3قانون 09/08املؤرخ في 2008/02/25املتعلق بقانون اإلجراءات املدنية واإلدارية.
4عمور سالمي :الوجيزفي قانون املنازعات اإلدارية ،محاضرات لسنة .2011-2010
5 Dr Rachid Zouaimia : la délégation de service public – dar Belkais édition 2012, Alger.
6مسعود شلهوب :املبادئ العامة للمنازعات اإلدارية ،الجزء الثاني ،نظرية االختصاص ،ديوان املطبوعات الجامعية ،الجزائر ،ص
.28
7رحموني بلفاضل :االستعجال اإلداري على ضوء ق.إ.م.إ ،مذكرة ماجستير ،2014 ،جامعة الجزائر.01
8املرسوم التنفيذي رقم 153/13املؤرخ في 04جمادى الثانية 1434املوافق لـ 15أفريل 2013املعدل باملرسوم التنفيذي 269/03
مؤرخ في 07أوت 2003الذي يحدد شروط وكيفيات التنازل عن األمالك العقارية التابعة للدولة ولدواوين الترقية والتسيير العقاري،
ج رعدد 2الصادرة بتاريخ .2013/04/25
9املرسوم التنفيذي رقم 153/13املؤرخ في 04جمادى الثانية 1434املوافق لـ 15أفريل 2013املعدل باملرسوم التنفيذي 269/03
مؤرخ في 07أوت 2003الذي يحدد شروط وكيفيات التنازل عن األمالك العقارية التابعة للدولة ولدواوين الترقية والتسيير العقاري،
ج رعدد 2الصادرة بتاريخ .2013/04/25
10املرسوم التنفيذي رقم 153/13املؤرخ في 04جمادى الثانية 1434املوافق لـ 15أفريل 2013املعدل باملرسوم التنفيذي 269/03
مؤرخ في 07أوت 2003الذي يحدد شروط وكيفيات التنازل عن األمالك العقارية التابعة للدولة ولدواوين الترقية والتسيير العقاري،
ج رعدد 2الصادرة بتاريخ .2013/04/25
11املرسوم التنفيذي رقم *269/06املؤرخ في 09شعبان 1427املوافق لـ 2006/09/02املتضمن شروط وكيفيات التنازل عن األمالك
العقارية التابعة للدولة ولدواوين الترقية والتسييرالعقاري.
12املرسوم التنفيذي رقم 290/90املؤرخ في 1990/09/29املتعلق بالنظام الخاص بعالقات العمل الخاص بمسيري املؤسسات ،ج
رعدد 42الصادرة في .1990/10/03
13قانون 04/90املؤرخ في 10رجب 1410املوافق لـ 06فيفري 1990املتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل ،ج ر عدد ،06
الصادرة في .1990/02/07