You are on page 1of 12

‫العدد العاشر‬

‫جوان ‪ 2018‬املجلد األول‬


‫الطابع القانوني والقضائي لديوان الترقية والتسييرالعقاري‬

‫الطابع القانوني والقضائي لديوان الترقية والتسييرالعقاري‬


‫‪Legal And Judicial Nature Within The Office Of‬‬
‫‪Promotion And Property Management‬‬
‫تاريخ قبول املقال للنشر‪2018/03/19 :‬‬ ‫تاريخ إرسال املقال ‪2018/02/13 :‬‬
‫غانم لحسن ‪ /‬جامعة الجزائر‪3‬‬

‫ملخص ‪:‬‬
‫يتناول موضوع الطابع القانوني والقضائي ملؤسسة ديوان الترقية والتسيير العقاري‪،‬‬
‫الوقوف على تطور مفهوم هاته املؤسسة العمومية‪ ،‬بين اعتبارها مؤسسة عمومية إدارية‪،‬‬
‫وبين كونها مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري الذي على أساسه نستطيع تحديد‬
‫الجهة القضائية املنوطة بالفصل في منازعاته باالعتماد على أساليب ومعايير متعددة وهذا ما‬
‫يجعل من هذا املوضوع أرضية للتحليل باالعتماد على نصوص قانونية نجد أساسها في قانون‬
‫اإلجراءات املدنية واإلدارية أو في قوانين خاصة‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية ‪ :‬الطابع القانوني ‪ ،‬الطابع القضائي ‪ ،‬ديوان الترقية والتسييرالعقاري‪.‬‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪The present work deals with the legal and judicial nature within the office‬‬
‫‪of promotion and property Management, in order to know the evolution of the‬‬
‫‪concept of this public institution, which take the forms whether an administrative‬‬
‫‪public institution, or an industrial and public industrial institution, on the basis of‬‬
‫‪which it can be determined the competent court which must decide in its disputes‬‬
‫‪on the basis of the various methods and norms. This particularity makes this sub-‬‬
‫‪ject a field of analysis in the light of legal texts found in the Code of Civil and Admin-‬‬
‫‪istrative Procedure or in special laws.‬‬
‫‪Key Words: legal Character; Judicial Character; Real Estate Promotion and Man-‬‬
‫‪agement Office.‬‬

‫‪267‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫العدد العاشر‬
‫جوان ‪ 2018‬املجلد األول‬
‫الطابع القانوني والقضائي لديوان الترقية والتسييرالعقاري‬

‫‪ -I‬مقدمة ‪:‬‬
‫تشكل دراسة اإلطار القانوني والقضائي ملؤسسة ديوان الترقية والتسيير العقاري‪ ،‬دورا‬
‫محوريا ملعرفة مكانتها كمؤسسة عمومية هي في األساس أسلوب إلدارة املرفق العمومي الذي‬
‫يعبر عنه الفقه بأنه عبارة عن تقديمات ‪ Prestation‬أو إشباع حاجة عامة‪ ،‬واستعمال عبارة‬
‫مؤسسة عامة لم يكن يرتكزعلى مفهوم وأسس قانونية واضحة‪ ،‬إذ جرى استعمال العبارة ألول‬
‫‪1‬‬
‫مرة في القانون املدني الفرن�سي الصادرعام ‪ ،1904‬وبعده في قانون املالية لعام ‪.1913‬‬
‫ولقد تأثرت األنظمة القانونية في الجزائر بتطورات املؤسسة العمومية بين مؤسسة‬
‫عمومية إدارية ومؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري‪ ،‬وبداية تكفلت الدولة باتخاذ‬
‫إجراءات تضمن تسيير الثروة العقارية املوروثة عن االستعمار بالنسبة لألمالك الشاغرة‬
‫بإصدار أمر ‪ 66/102‬تم إصدار مؤسسة لتسيير في شكل مكتب للسكن ثم تحويل املكاتب إلى‬
‫مكاتب الترقية العقارية والتسيير العقاري خاضعة للوصاية‪ ،‬والتي تم إنشاؤها بموجب األمر‬
‫رقم ‪ 74/63‬ويعود الفضل في ذلك إلى قانون ‪ 01/88‬املؤرخ في ‪ 22‬جمادى األولى عام ‪1406‬‬
‫املوافق لـ‪ 1988/01/12‬املتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية االقتصادية الذي‬
‫استطاع أن يميزبين مختلف املؤسسات العمومية‪ ،‬والذي كان نتاجه صدور املرسوم التنفيذي‬
‫رقم ‪ 85/270‬املؤرخ في ‪ 1985/11/05‬الذي غير من طبيعة ديوان الترقية والتسيير العقاري‬
‫إلى مؤسسة عمومية اقتصادية ‪ ،EPE‬واملرسوم التنفيذي رقم ‪ 147/91‬املؤرخ في ‪ 27‬شوال‬
‫‪ 1411‬املوافق لـ‪ 1991/05/12‬املتضمن تغيير الطبيعة القانونية لديوان الترقية والتسيير‬
‫العقاري إلى مؤسسة ذات طابع تجاري وصناعي‪ ،‬بعدما ظلت لفترة طويلة واعتبارا من األمررقم‬
‫‪ 93/76‬املؤرخ في ‪ 29‬شوال ‪ 1396‬املوافق لـ‪ 1976/10/23‬املتعلق بإحداث مكتب ديوان الترقية‬
‫والتسيير العقاري مؤسسة عمومية إدارية تم إنشاؤها فعال بمقت�ضى املرسوم التنفيذي رقم‬
‫‪ 76/143‬املؤرخ في ‪.1976/10/23‬‬
‫هذا التطور بني اعتمادا على البعد االقتصادي للدولة‪ ،‬وعجز نوعا ما بعض املؤسسات‬
‫التقليدية على إشباع الحاجات العامة مما أدى بالضرورة إلى مراجعة اإلطار القانوني لديوان‬
‫الترقية والتسيير العقاري‪ ،‬ومن ثم اإلطار القضائي الذي على أساسه يتحدد النزاع والجهة‬
‫القضائية املختصة للبت فيه‪ ،‬وهوأمريدفعنا للتساؤل حول اإلطارالقانوني والقضائي ملؤسسة‬
‫ديوان الترقية والتسييرالعقاري من خالل النصوص املنظمة له؟‬
‫‪ -II‬أهداف الدراسة‪:‬‬
‫‪ -‬تحديد الطبيعة القانونية ملؤسسة ديوان الترقية والتسييرالعقاري‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد تطور مفهوم مؤسسة ديوان الترقية والتسييرالعقاري‪.‬‬

‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫‪268‬‬
‫العدد العاشر‬
‫جوان ‪ 2018‬املجلد األول‬
‫الطابع القانوني والقضائي لديوان الترقية والتسييرالعقاري‬

‫‪ -‬تحديد الطبيعة القضائية لهاته املؤسسة‪.‬‬


‫‪ -‬تحديد الجهات القضائية املكلفة بالفصل في نزاعاتها‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬تأثرديوان الترقية والتسييرالعقاري بالتطورات االقتصادية‬
‫تكت�سي دراسة الطابع القانوني لديوان الترقية والتسيير العقاري‪ ،‬أهمية بالغة ملعرفة‬
‫األشكال القانونية واالقتصادية التي ساهمت في تطويره كمؤسسة عمومية تعد باألساس منشأة‬
‫لخدمة مرفق عمومي‪ ،‬وبدورها عملت على بيان وتحديد االختصاص والجهة القضائيين التي‬
‫تتولى الفصل في أي نزاع يحتمل حدوثه مستقبال‪ ،‬وهذا ما يشكل موضوع تحديد االرتباط بين‬
‫املفهوم القانون ملؤسسة ديوان الترقية والتسيير العقاري وبين تطور هذا املفهوم عبر مختلف‬
‫النصوص القانونية‪.‬‬
‫‪ -1‬االرتباط القانوني ملفهوم مؤسسة ديوان الترقية والتسييرالعقاري‬
‫تعد املؤسسة العمومية بشكل عام أحد أساليب تسيير املرافق العمومية الخاضعة‬
‫للقانون العام‪ ،‬إلى جانب الدولة والجماعات املحلية بحكم أن املرافق العمومية أساس وجود‬
‫اإلدارة العامة‪ .‬بيد أنه يالحظ أن املؤسسة وإن كانت –تهدف إلى تحقيق وتلبية حاجات عامة‪-‬‬
‫فإنه هاته األهداف تتغير تبعا لطبيعة املؤسسة العمومية اإلدارية منها واالقتصادية‪ ،‬وتبعا‬
‫‪2‬‬
‫لتغيراألهداف املرجوة منها بين الفاعلية واملردودية‪.‬‬
‫واملالحظ أن املؤسسات العمومية‪ ،‬وإن كانت تشترك في بعض العناصر والخصائص‬
‫كاكتسابها الشخصية املعنوية والذمة املالية‪ ،‬فإن هناك اختالف من حيث الخضوع إلى قواعد‬
‫املحاسبة العمومية واملحاسبة الخاصة وكذا من حيث طرق تسييرها ومدى خضوع مستخدميها‬
‫إلى نظام قانوني معين سواء تعلق األمر بنظام يخضع هؤالء إلى قانون الوظيفة العمومية أو في‬
‫إطارتعاقدي يخضعهم لعالقات العمل الفردية‪.‬‬
‫يعد ديوان الترقية والتسيير العقاري أحد أشكال املؤسسة العمومية سواء بطابعها‬
‫اإلداري أو التجاري نظرا لتوفره على ذات الخصائص والعناصراملشكلة للمؤسسة العمومية في‬
‫شكلها العام‪ ،‬إذ تأثرديوان الترقية والتسييرالعقاري بتطور املؤسسة العمومية وبظهور نشاط‬
‫مغايرللمرافق العامة التقليدية –اإلدارية‪ -‬بظهور أنشطة مغايرة وأصبحت تأخذ شكل الطابع‬
‫التجاري والصناعي نتيجة تغير سياسة الدولة والتوجه االقتصادي لها‪ ،‬والذي بدت مالمحه‬
‫تتغيرعلى صعيد قانوني ودستوري منها املرسوم التنفيذي رقم ‪ 85/270‬املؤرخ في ‪1985/11/05‬‬
‫ثم أهمها صدور قانون ‪ 01/88‬املؤرخ في ‪ 22‬جمادى األولى لعام ‪ 1406‬املوافق لـ‪1988/01/12‬‬
‫املتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية االقتصادية‪ ،‬والذي أعقبه دستور ‪1989‬‬
‫الذي أصبح يشكل أساسا لتوجه اقتصادي جديد يحمل مبادئ ليبرالية كان لها األثر على بروز‬

‫‪269‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫العدد العاشر‬
‫جوان ‪ 2018‬املجلد األول‬
‫الطابع القانوني والقضائي لديوان الترقية والتسييرالعقاري‬

‫نظم قانونية مختلفة من بينها النظام القانوني لديوان الترقية والتسيير العقاري والذي تجسد‬
‫الحقا في مرسوم تنفيذي ‪ 91/147‬املؤرخ في ‪ 27‬شوال ‪ 1411‬املوافق لـ‪1991/05/12‬الذي‬
‫يتضمن الطبيعة القانونية لديوان الترقية والتسيير العقاري‪ ،‬وهذا هو ما يدفعنا إلى التطرق‬
‫إلى تطور مفهوم ديوان الترقية والتسييرالعقاري كمؤسسة عمومية إدارية إلى مؤسسة عمومية‬
‫ذات طابع إداري وتجاري وهو موضوع املحور الثاني‪.‬‬
‫‪-1-1‬تطور مفهوم ديوان الترقية والتسييرالعقاري‪:‬‬
‫ظل ديوان الترقية والتسيير العقاري مؤسسة عمومية ذات طابع إداري إلى غاية صدور‬
‫املرسوم التنفيذي رقم ‪ 85/270‬املشار إليه أعاله‪ ،‬ويبدو أن الطبيعة القانونية لهاته املؤسسة‬
‫بدأت بالظهور من خالل األمر رقم ‪ 93/76‬املؤرخ في ‪ 29‬شوال ‪ 1396‬املوافق لـ‪1976/10/23‬‬
‫كما هو ثابت من مادته األولى التي نصت بأنه « تحدث في كل والية مؤسسة عمومية ذات طابع‬
‫ي ‪3‬‬
‫إداري تسمى مكتب الترقية والتسييرالعقار »‪.‬‬
‫‪-1‬كمؤسسة إدارية‪:‬‬
‫ويتأكد من هذا النص أن مؤسسة ديوان الترقية والتسييرالعقاري كانت طبيعته القانونية‬
‫إدارية ولم يكن يطرح بشأنها أي خالف بشأن نظامه القانوني وخصائصه وكذا منازعاته ألنها‬
‫كانت منظمة في إطار املادة ‪ 07‬من ق‪.‬إ‪.‬م التي تؤول فيها النزاع إلى املحكمة االدارية ما عدا ما‬
‫استثني في منازعات حصرية‪.‬‬
‫وأشارت املادة األولى من األمر رقم ‪ 93-76‬املذكور أعاله أن الطبيعة القانونية التي كان‬
‫يحظى بها ديوان الترقية والتسيير العقاري هي إدارية محضة‪ ،‬ويظهر ذلك أيضا من طبيعة‬
‫نشاط هذا الديوان واختصاصه وفق أحكام املواد ‪ 03‬وما يليها من ذات األمر‪ ،‬عالوة على تأكيد‬
‫مسألة تعيين الوالي ملدير الديوان بناء على قرار والئي وهو املدير املساعد باإلضافة إلى ممارسة‬
‫الوالي سلطته الوصاية على مديراملكتب وأعماله التي ال تصبح نافذة في املواضيع التالية إال بعد‬
‫مصادقة الوالي عليها حصرا‪:‬‬
‫‪ -‬جدول التقديرللنفقات واإليرادات‪.‬‬
‫‪ -‬القروض‪.‬‬
‫‪ -‬شراء وبيع أو كراء العقارات‪.‬‬
‫‪ -‬العقود والصفقات‪.‬‬
‫‪ -‬قبول الهبات والوصايا لفائدة املكتب‪.‬‬

‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫‪270‬‬
‫العدد العاشر‬
‫جوان ‪ 2018‬املجلد األول‬
‫الطابع القانوني والقضائي لديوان الترقية والتسييرالعقاري‬

‫وأصبحت الوصاية تبسط أيضا على املكتب من قبل الوالي بصفته مندوبا مباشرا ووحيدا‬
‫لكل من الوزراء‪ ،‬وتشمل املصادقة على العقود والقرارات الرئاسية التي تمس تسيير املكتب‬
‫(الديوان) وسلطات الوصاية واملراقبة التي تمارس وفق أحكام قانونية تخص الوصايا اإلدارية‬
‫املتعلقة باملؤسسة العمومية التابعة للوالية‪ ،‬وهي مقيدة لنشاط هاته املؤسسة بموجب أحكام‬
‫املواد ‪ 19 ،17 ،16 ،10 ،08‬من ذات األمر‪.‬‬
‫وأصبح األمر على هاته الحالة إلى غاية صدور املرسوم التنفيذي رقم ‪ 85/270‬الذي غير‬
‫من طبيعة هاته املؤسسة إلى مؤسسة عمومية اقتصادية‪ ،‬ثم املرسوم التنفيذي رقم ‪147/91‬‬
‫الذي غيرطبيعتها إلى مؤسسة عمومية ذات طابع تجاري وصناعي‪.‬‬
‫‪ -2‬كمؤسسة ذات طابع صناعي وتجاري‪:‬‬
‫نستنتج من خالل أحكام املادة األولى من املرسوم التنفيذي رقم ‪ 147/94‬املتعلق بتعيير‬
‫الطبيعة القانونية لديوان الترقية والتسيير العقاري ما يلي «تغيير دواوين الترقية والتسيير‬
‫العقاري القائمة عند تاريخ سريان مفعول هذا املرسوم واملدرجة في القائمة امللحقة في طبيعتها‬
‫القانونية إلى مؤسسات عمومية وطنية ذات طابع صناعي وتجاري»‪.‬‬
‫وتخضع هذه املؤسسات التي تدعى في صلب النص دواوين الترقية والتسيير العقاري‬
‫للقوانين والتنظيمات املعمول بها وألحكام هذا املرسوم‪.‬‬
‫أما املادة الثانية من هذا املرسوم فقد أشارت كذلك أن «تتمتع دواوين الترقية والتسيير‬
‫العقاري بالشخصية املعنوية واالستقالل املالي وتعد تاجرة في عالقاتها مع الغيروتخضع لقواعد‬
‫القانون التجاري»‪.4‬‬
‫ويستشف من املادة األولى على تغييرالطبيعة القانونية لديوان الترقية والتسييرالعقاري‬
‫إلى مؤسسات عمومية ذات طابع صناعي وتجاري إذ أصبحت تخضع ألحكام القانون التجاري‬
‫في عالقاتها مع الغير‪.‬‬
‫ويالحظ مع ذلك أن الطابع اإلداري ال يزال يلقي بظالله في بعض جوانب النظام القانوني‬
‫لديوان الترقية والتسيير العقاري وال سيما ما يستشف من خالل أحكام املادة ‪ 10‬من ذات‬
‫املرسوم التي نصت «على أن تعيين مجلس اإلدارة بموجب مقرر صادرعن الوزيراملكلف بالسكن‬
‫ملدة ثالث سنوات‪ ،‬وفي حالة توقف أي عضو من األعضاء يعوض باألشكال نفسها‪ ،‬وذلك إلى‬
‫غاية إنهاء املهمة»‪ .‬كما أن املادة ‪ 15‬من ذات املرسوم أكدت بأن املدير يعين بمرسوم تنفيذي‬
‫بناء على اقتراح الوزير املكلف بالسكن»‪ .‬وهنا يطرح إشكال بشأن طبيعة هؤالء املستخدمين‬
‫أي املسيرون فيما إذا كانوا يخضعون ألحكام قانون العمل أي في إطار عالقات العمل الفردية‬
‫باإلضافة إلى الجهة القضائية التي تتولى البت في أي نزاع قد يثاربشأن تأديبهم‪.‬‬

‫‪271‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫العدد العاشر‬
‫جوان ‪ 2018‬املجلد األول‬
‫الطابع القانوني والقضائي لديوان الترقية والتسييرالعقاري‬

‫ولكن بالرغم من صدور املرسوم التنفيذي الذي غير من طبيعة ديوان الترقية والتسيير‬
‫العقاري فإنه مع ذلك ال زال البعد االجتماعي هو مبتغى الديوان‪ ،‬إذ يسعى إلى تحقيق منفعة‬
‫عمومية ألنه يرمي إلى تجسيد سياسة اجتماعية للدولة فيما يخص مسائل السكن‪ ،‬وفي هذا‬
‫يطغى على الديوان طابعا إداريا بصورة استثنائية‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الطبيعة القضائية لنزاعات ديوان الترقية والتسييرالعقاري‬
‫لقد كان لتغيير الطبيعة القانونية لديوان الترقية والتسيير العقاري‪ ،‬من مؤسسة‬
‫خاضعة ألحكام القانون العام إلى مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري‪ ،‬وخضوعها‬
‫ألحكام القواعد الخاصة كأصل عام –األثر املباشر على طبيعة املنازعة القضائية‪ -‬والجهة‬
‫املختصة للفصل فيما يثار بشأنها من نزاع سواء تعلق األمر في عالقاتها مع الغير أو فيما يتعلق‬
‫بمستخدميها أو مسيريها‪ ،‬أو ما يظهرمن خالل نشاطاتها وهو ما يدفعنا إلى التساؤل حول تحديد‬
‫الجهة القضائية املختصة في الفصل في منازعاتها‪.‬‬
‫‪ -1-2‬ازدواجية قضائية للبت في نزاع ديوان الترقية والتسييرالعقاري‪.‬‬
‫يظهر من خالل استقراء مختلف النصوص املنظمة لنشاط ديوان الترقية والتسيير‬
‫العقاري‪ ،‬ال سيما املادة ‪ 2‬من املرسوم التنفيذي رقم ‪ 85/270‬ومن املرسوم التنفيذي ‪147/91‬‬
‫وقانون اإلجراءات املدنية واإلدارية والقانون ‪ 01/88‬املتعلق بالقانون التوجيهي للمؤسسات‬
‫العمومية االقتصادية(‪ ،)5‬القول بوجود ازدواجية قضائية لنظر مختلف النزاعات املثارة بشأن‬
‫ديوان الترقية والتسيير العقاري‪ ،‬باعتبارها مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري حسب‬
‫املادة ‪ 02‬من املرسوم التنفيذي املشارإليه أعاله‪ ،‬فمن جهة يختص القا�ضي العادي باعتبارأن‬
‫هاته املؤسسة تعد تاجرة في عالقتها مع الغير‪ ،‬ومن جهة أخرى اضطالع القا�ضي اإلداري بالبت‬
‫في بعض النزاعات والقضايا ال سيما ما تعلق بنشاط هاته املؤسسة كاستثناء على املادة ‪ 800‬من‬
‫ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬أ‪ 5.‬إذ ما تعلق األمربتسييرمرفق عام أو في إطارإبرام صفقة عمومية‪.‬‬
‫تساهم الدولة في جزء أو تمويلها كلية‪ ،‬أو في إطار فمن جهة يختص القا�ضي العادي‬
‫باعتبار املؤسسة عمومية الوكالة‪ ،‬أو ما تعلق بتأديب املسيرين هنا يقودنا إلى تحديد الحاالت‬
‫التي يختص بها القضاء اإلداري وفق املعاييراملعتمدة‪.‬‬
‫‪ -1-1-2‬اختصاص القا�ضي اإلداري استثناءا‬
‫إذا كان ملؤسسة الترقية والتسيير العقاري بداية طبيعية قانونية‪ ،‬تجعل منه مؤسسة‬
‫عمومية ذات طابع إداري فإن خضوعه للقا�ضي املختص تأثربتطورات املادة ‪ 07‬من ق‪.‬إ‪.‬م وما‬
‫صاحبها من تعديالت باالعتماد على املعيارالشكلي انطالقا من صدور األمررقم ‪ 154-66‬املؤرخ‬
‫في ‪ ،1966/06/08‬املتعلق باإلجراءات املدنية وما تضمنته املادة ‪ 07‬التي منحت للغرفة اإلدارية‬

‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫‪272‬‬
‫العدد العاشر‬
‫جوان ‪ 2018‬املجلد األول‬
‫الطابع القانوني والقضائي لديوان الترقية والتسييرالعقاري‬

‫باملجالس القضائية االختصاص العام بالفصل في املنازعات اإلدارية التي تخص املؤسسات‬
‫العمومية اإلدارية‪ ،‬ومن ضمنها ديوان الترقية والتسيير العقاري بحكم قابل لالستئناف أمام‬
‫الغرفة اإلدارية باملحكمة العليا‪ ،‬فيما خصت املادة ‪ 274‬على انفراد الغرفة اإلدارية باملحكمة‬
‫العليا آنذاك بالفصل ابتدائيا ونهائيا في دعاوى تجاوز السلطة ضد القرارات اإلدارية مهما كان‬
‫مصدرها مع منح االختصاص بداية إلى طرح النزاع أمام جهات قضائية إدارية ثالث‪ ،‬ثم تطور‬
‫إلى تأسيس غرفة باملجلس األعلى بموجب القانون رقم ‪ 218/63‬املؤرخ في ‪1963/06/148‬‬
‫الذي شكل الغرفة اإلدارية‪ ،‬ثم صدور أمر‪ 278/65‬املؤرخ في ‪ 1965/11/16‬املتضمن التنظيم‬
‫القضائي الذي أنشأ ‪ 15‬مجلسا قضائيا وثالث محاكم إدارية في كل من قسنطينة‪ ،‬الجزائر‬
‫ووهران والتي ورثت االختصاصات املوكلة للمحاكم اإلدارية التي كانت قائمة واملوروثة عن‬
‫االحتالل‪. 6‬‬
‫ورفعت عدد املجالس القضائية إلى ‪ 31‬مجلسا بمقت�ضى األمر رقم ‪،73‬ـ ‪ 74‬املؤرخ في‬
‫‪ 1974/07/12‬مع بقاء نفس املحاكم اإلدارية‪ ،‬ويعود الفضل إلى القانون رقم ‪ 01/86‬املؤرخ‬
‫في ‪ 1986/01/28‬املعدل واملتمم رقم ‪ 23/90‬املؤرخ في ‪ 1990/08/18‬الذي غير من قواعد‬
‫االختصاص املحدد في املادة ‪ 07‬من ق‪.‬إ‪.‬م بحيث كانت املنازعات املتعلقة بدواوين الترقية‬
‫والتسيير العقاري تخضع ألحكام املادة ‪ 07‬من ق‪.‬إ‪.‬م التي نصت آنذاك أن االختصاص يؤول‬
‫للغرفة اإلدارية على مستوى املجالس القضائية في كل نزاع تكون فيه البلدية أو املؤسسات‬
‫العمومية االدارية طرفا فيه‪ ،‬ولكن هذا كأصل عام بحيث أن املحكمة العادية تكون لها‬
‫االختصاص بصورة استثنائية‪ ،‬إذا ما تعلق األمر بنزاع يتعلق بمخالفات الطرق واملنازعات‬
‫املتعلقة باإليجارات الفالحية واألماكن املعدة للسكن أو ملزاولة مهنة أو اإليجارات التجارية‬
‫والفالحية أو مخالفات الطرق أو التعويض إذا ما تعلق األمربمركبة تابعة للدولة‪.‬‬
‫حيث بذلك يظهر من استقراء نص املادة ‪ 07‬مكرر من ق‪.‬إ‪.‬م قبل التعديل وأثناء سريان‬
‫األمر رقم ‪ 93/76‬املتضمن استحداث مكتب ديوان الترقية والتسيير العقاري‪ ،‬أو االختصاص‬
‫كان ينعقد أصال للقا�ضي اإلداري في النزاعات التي تنشأ بين الديوان والغير‪ ،‬باستثناء ما ورد‬
‫في أحكام املادة ‪ 7‬مكرر من ذات القانون التي تمنح االختصاص في هذه الجوانب للمحاكم‬
‫العادية حتى ولوكان األمريخص مؤسسة عمومية ذات طابع إداري‪ ،‬ولكن برغم ذلك فإن هناك‬
‫العديد من القضايا التي اصطدمت بجفاء النصوص القانونية عمليا‪ ،‬على سبيل املثال طرح‬
‫نزاع اجتماعي يخص مستخدمي هاته املؤسسة أمام املحكمة الفاصلة في املواد االجتماعية‪،‬‬
‫إذا كان القانون ال يقبل رفع دعوى أمام القضاء ما لم يكن مصحوبا بمحضر عدم املصالحة‬
‫فكثيرا من القضايا يكون مآلها الرفض لعدم تمكن األطراف من الحصول على هذا املحضر‬
‫بحكم أن املادة ‪ 19‬من قانون ‪ 04/90‬املتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل استثنت من‬
‫مجال اختصاص مكتب املصالحة الخالفات الفردية للعمل التي يكون طرفا فيه املوظفون‬
‫واألعوان الخاضعون للقانون األسا�سي للمؤسسات واإلدارات العمومية‪ ،‬لوجود املرسوم‬
‫‪273‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬
‫العدد العاشر‬
‫جوان ‪ 2018‬املجلد األول‬
‫الطابع القانوني والقضائي لديوان الترقية والتسييرالعقاري‬

‫‪ 59/85‬املؤرخ في ‪ 1985/03/23‬الذي يحكمهم وكذلك الحال حينما يطرح النزاع على الغرفة‬
‫اإلدارية باملجالس القضائية فيما يخص نزاع يرى بأنه يتعلق بمستخدم ديوان الترقية والتسيير‬
‫العقاري باعتباره موظفا آنذاك فإن الغرفة تهتدي إلى عدم قبول الدعوى بحكم أن النزاع‬
‫اجتماعي ألنه من اختصاص املحكمة كاستثناء على املادة ‪ 7‬من ق‪.‬إ‪.‬م حينذاك ال يجد هذا‬
‫املستخدم ملجأ وبالتالي فإنه يمكن القول بأن االختصاص القضائي للنزاعات املتعلقة بديوان‬
‫الترقية والتسيير العقاري إداريا بصورة أصلية وعادية استثناء‪ ،‬أما في ظل املرسوم التنفيذي‬
‫رقم ‪ 147/91‬فيكون االختصاص للقا�ضي اإلداري للبت في النزاعات املتعلقة بدواوين الترقية‬
‫والتسييرالعقاري في حاالت متعددة كاستثناء‪.‬‬
‫‪ -1‬بالنسبة ملسألة تأديب املسيرين املعنيين بموجب مرسوم تنفيذي أو قرار وزاري فإن‬
‫هاته املسألة يختص بها مجلس الدولة باعتبار أن مصدر القرار سلطة إدارية مركزية إعماال‬
‫بنص املادة ‪ 901‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ‪.‬‬
‫‪ -2‬بالنسبة لتسيير املرفق العمومي في إطار تفويض املرفق العمومي باعتبار أن ديوان‬
‫الترقية والتسيير العقاري كمؤسسة عمومية ذات طابع صناعي أو تجاري‪ ،‬يمكنه للقيام بتسيير‬
‫مباني عامة وهنا يؤول االختصاص إلى املحاكم اإلدارية ألن الديوان يتولى التسيير في إطار‬
‫‪7‬‬
‫تفويضات املرفق العمومي‪.‬‬
‫‪ -3‬في إطار معيار الوكالة بحكم أن مؤسسة ديوان الترقية والتسيير العقاري مؤسسة‬
‫ذات طبيعة تجارية وصناعية فإن القانون رقم ‪ 01/88‬املتعلق باملؤسسات العمومية املشار‬
‫إليه أعاله‪ ،‬قد وضع استثناءات على أحكام املادة ‪ 800‬من ق‪.‬إ‪.‬م فاملادة ‪ 56‬منه أشارت إلى أن‬
‫املنازعات املتعلقة ببعض النشاطات التي تمارسها املؤسسات العمومية ذات الصبغة التجارية‬
‫والصناعية‪ ،‬تخضع للقواعد املطبقة على اإلدارة وهو ما يفهم منه أن االختصاص يؤول إلى‬
‫املحاكم اإلدارية‪ 8‬فاملادة املذكورة أشارت إلى مجاالت السلطة العامة التي هي في صورة تراخيص‬
‫وعقود إدارية‪ ،‬لكونها تتصرف باسم الدولة فيما أكدت املادة ‪ 55‬من ق ‪ 01/88‬إلى اعتماد معيار‬
‫الوكالة الذي يستأنس به أمام القا�ضي لتحديد االختصاص‪ ،‬إذ أشارت املادة أنه عندما تكون‬
‫املؤسسة العمومية االقتصادية مؤهلة قانونا لتسييرمباني عامة في إطاراملهمة املنوطة بها فيما‬
‫يخص تسيير األمالك العامة طبقا للتشريع الذي يحكم األمالك العامة‪ ،‬واملالحظ ان مسالة‬
‫التسيير التي أشار إليها النص تخضع للقواعد املعمول بها فيما يخص إبرام العقود اإلدارية‬
‫‪9‬‬
‫الخاصة باالمتيازواو املنازعة تكون من اختصاص الجهات اإلدارية‪.‬‬
‫‪ -4‬مخالفة للتشريع املنظم كما هو إذ يمكن لديوان الترقية والتسييرالعقاري وهو بصدد‬
‫إبرام صفقات عمومية وارد باملرسوم الرئا�سي رقم ‪ 247/15‬املؤرخ في ‪ 2015/09/16‬املتضمن‬
‫تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات املرفق العام ‪ ،‬السيما املادة ‪ 06‬منه ان يخاصم من‬
‫طرف متعهدين أمام جهة القضاء اإلداري وفق ألحكام املواد من ‪ 800‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬أ‪ ،‬كما أنه في‬
‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬
‫‪274‬‬
‫العدد العاشر‬
‫جوان ‪ 2018‬املجلد األول‬
‫الطابع القانوني والقضائي لديوان الترقية والتسييرالعقاري‬

‫حالة االستعجال واملساس بمبدأ اإلشهارواملنافسة املعمول بهما في قانون الصفقات العمومية‬
‫اللجوء إلى رفع دعوى استعجالية في مادة إبرام العقود والصفقات استنادا ألحكام املادة ‪946‬‬
‫‪10‬‬
‫وما يليها من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ‪.‬‬
‫‪ -2-1-2‬اختصاص القا�ضي العادي أصالة‪:‬‬
‫تعد مؤسسة ديوان الترقية والتسيير العقاري حسب املرسوم التنفيذي رقم ‪147/91‬‬
‫مؤسسة عمومية ذات طابع تجاري وصناعي‪ ،‬ويظهر من خالل هذا أنه يعد تاجرا في عالقته مع‬
‫الغير‪ ،‬وبالتالي فإن النزاع الذي يثار بين القضاء التجاري من جهة‪ ،‬واملدني من جهة أخرى ومن‬
‫اختصاص القا�ضي الفاصل في املواد االجتماعية في عالقات الديوان بمستخدميه أي عماله‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬إذ أن لنشاط هاته املؤسسة الدور في تحديد طبيعة النزاع والهيئة القضائية‬
‫التي تتولى الفصل فيه‪ ،‬ذلك أن املرسوم التنفيذي املشار إليه أشار إلى أن هذا الديوان يرمي‬
‫باإلضافة إلى تجسيد السياسة االجتماعية للدولة‪ ،‬وتعمل على ترقية الخدمة العمومية و إلى‬
‫تحقيق الربح الذي يتوخاه والذي يظهرمن خالل‪:‬‬
‫‪ -‬عمليات تأجيراملساكن واملحالت ذات االستعمال املنهي والتجاري والحرفي والتنازل عنها‪.‬‬
‫‪ -‬تحصيل مبالغ اإليجار وكافة األعباء املرتبطة باإليجار وكذا ريوع التنازل عن األمالك‬
‫العقارية التي تسيرها بمفهوم املواد ‪ 04‬و‪ 05‬من ذات املرسوم وما تليه من قوانين‪ ،‬ال سيما ما أشار‬
‫له املرسوم التنفيذي رقم ‪ 269/03‬املؤرخ في ‪ 08‬جمادى الثانية ‪ 1424‬املوافق لـ‪ 07‬غشت ‪2003‬‬
‫املعدل باملرسوم رقم ‪ 153/13‬املؤرخ في ‪ 2013/04/15‬الذي يحدد شروط وكيفيات التنازل‬
‫عن األمالك العقارية التابعة لديوان الترقية والتسيير العقاري املوضوعة حيز االستغالل قبل‬
‫جانفي ‪ ،2004‬والذي أكد في محتواه على أن يتم التنازل عن األمالك التابعة للدولة لألشخاص‬
‫الطبيعيين الشاغلين لها‪ ،‬أو من طرف األشخاص املعنوية الخاضعة للقانون الجزائري على‬
‫أساس قيمتها التجارية والذي تم تعديله فيما بعد باملرسوم التنفيذي رقم ‪ 296/06‬مؤرخ في‬
‫‪ 09‬شعبان عام ‪ 1427‬املوافق ‪ 2006/09/02‬املتضمن تحديد شروط وكيفيات التنازل عن‬
‫األمالك العقارية التابعة للدولة ولدواوين الترقية والتسييرالعقاري املوضوعة جراء االستغالل‬
‫‪11‬‬
‫قبل ‪ 01‬يناير‪.2004‬‬
‫وفقا ألحكام الفقرة الخامسة من املادة ‪ 32‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ وإذا كان االختصاص اإلقليمي‬
‫يؤول للمحكمة التي يوجد فيها موطن املدعى عليه كأصل عام فإن هناك بعض االستثناءات‬
‫على هذا األصل وتبعا لخصوصية النزاع‪ ،‬إذ أن املادة ‪ 37‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ نصت على أنه يمكن أن‬
‫يؤول االختصاص إلى محاكم غيرالتي يوجد بها موطن املدعى عليه‪.‬‬
‫في املواد التجارية غير اإلفالس والتسوية القضائية فإن االختصاص يؤول إلى الجهة‬
‫القضائية التي وقع في دائرة اختصاصها الوعد أو تسليم البضاعة‪ ،‬أو أمام الجهة القضائية التي‬
‫‪275‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬
‫العدد العاشر‬
‫جوان ‪ 2018‬املجلد األول‬
‫الطابع القانوني والقضائي لديوان الترقية والتسييرالعقاري‬

‫يجب أن يتم فيها الوفاء‪ ،‬وفي دعاوى الشركة أمام الجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها‬
‫أحد فروعها‪.‬‬
‫أما املادة ‪ 40‬من ذات القانون أشارت في بعض فقراتها إلى أنه في املواد العقارية واألشغال‬
‫املتعلقة بالعقارات والدعاوى املتعلقة باألشغال العمومية‪ ،‬فإن االختصاص يؤول للمحكمة‬
‫التي يقع في دائرة اختصاصها العقارأو التي يقع في اختصاصها مكان تنفيذ األشغال‪ ،‬كما ذكرت‬
‫في فقرتها الثامنة بأن املنازعة التي تقوم بين صاحب العمل واألجير يكون للمحكمة التي تم‬
‫باختصاصها إبرام العقد أو تنفيذه أو التي يوجد بها موطن املدعى عليه باإلضافة إلى مسألة‬
‫إنهاء أوتعليق عقد العمل بسبب حادث عمل‪ ،‬أومرض منهي فإن النزاع يعود ملوطن املدعى عليه‪.‬‬
‫وبقراءة النصوص املذكورة يتضح بأن االختصاص يؤول للقا�ضي العادي بصورة أصلية‬
‫تبعا ألحكام املادة ‪ 32‬ويتحدد معه االختصاص اإلقليمي لكل نزاع تبعا ملا هو مذكور في املواد‬
‫‪ 37‬و‪ 38‬وما يليها من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ فإذا كان األصل أن االختصاص النوعي يؤول للمحكمة باعتبارها‬
‫الجهة القضائية ذات الوالية العامة التي تضم أقسام مدنية وتجارية واجتماعية وعقارية‪،‬‬
‫استنادا للمادة ‪ 32‬املذكورة أعاله فإنه يطرح إشكال بشأن طرح النزاع في املحاكم التي لم تنشأ‬
‫فيها أقسام‪ ،‬يبقى القسم املدني هو الذي ينظرفي جميع النزاعات باستثناء القضايا االجتماعية‬
‫حسب الفقرة الخامسة من املادة ‪ 32‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ‪.‬‬
‫يمكن النزاعات بين ديوان الترقية والتسيير العقاري حسب طبيعة القضية املعروضة‬
‫سواء كانت عقارية التي يختص بها القسم العقاري أو التجاري‪ ،‬إذا ما كانت املحكمة تشمل‬
‫على قسم تجاري بصورة أصلية‪ ،‬أو من اختصاص القا�ضي املدني استثناءا في حالة عدم وجود‬
‫قا�ضي تجاري‪ ،‬غيرأنه في املسائل التي يتعلق بمستخدمي الديوان فإن النزاع يطرح أمام املحكمة‬
‫الفاصلة في املواد االجتماعية تسوية لنزاع فردي في إطار أحكام قانون ‪ 11/90‬املعدل واملتمم‬
‫بالقانون ‪ 21/96‬املتعلق بعالقات العمل الفردية خالف ما يثار بشأن النزاع الخاص بمسيري‬
‫املؤسسة العمومية االقتصادية ‪ EPE‬التي تخضع ألحكام خاصة‪ ،‬ألن املشرع أشار في املادة‬
‫الرابعة من ق ‪ 11/90‬املتعلق بعالقات العمل على صدور تشريع خاص ينظم عالقة العمل‬
‫ملسيري املؤسسات العمومية االقتصادية‪ ،‬وتكلل فعال بصدور املرسوم التنفيذي رقم ‪290/90‬‬
‫املؤرخ في ‪ 1990/09/29‬الخاص بمسيري املؤسسات االقتصادية‪ ،‬إذ اعتبرت املادة الثامنة على‬
‫أن املسير‪ :‬هو املسير األجير الرئي�سي (املدير العام‪ ،‬الوكيل أو شخص آخر ألي شركة ذات رؤوس‬
‫‪12‬‬
‫أموال تربطها عالقة عمل بجهازاإلدارة)‬
‫‪ -‬إطارات املديرية الذين يساعدون املسير األجير الرئي�سي للشركة يعتبرون حسب املواد‬
‫‪ 06‬و‪ 07‬من املرسوم املذكور أعاله عماال أجراء‪.‬‬
‫وبالتالي فإن االختصاص القضائي حول النزاع املثار بشأن عالقة املستخدمين دون‬

‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫‪276‬‬
‫العدد العاشر‬
‫جوان ‪ 2018‬املجلد األول‬
‫الطابع القانوني والقضائي لديوان الترقية والتسييرالعقاري‬

‫املسيرين يخضع ألحكام قانون العمل‪ ،‬وبالتالي فإن النزاع ال يطرح إال إذا مر هذا النزاع على‬
‫مفتش العمل املختص إقليميا وإرفاق الدعوى بعد عدم الصلح بمحضرعدم املصالحة كإجراء‬
‫أولي لقبول الدعوى‪ ،‬وتخضع هاته األحكام إلى املادة ‪ 37 ،36 ،19‬من قانون ‪ 04/90‬املتعلق‬
‫بالوقاية من النزاعات الفردية للعمل ووفق أحكام املادة ‪ 02/504‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ ومراعاة ملدة رفع‬
‫الدعوى االجتماعية املحددة بـ‪ 06‬أشهر بعد التمكن من نسخة من محضر عدم املصالحة‪،‬‬
‫ويمكن عند املطالبة القضائية أن يكون الحكم الصادر في النزاع إما ابتدائيا أو نهائيا ال يقبل‬
‫الطعن إال عن طريق النقض في مسائل محددة حصرا منها إلغاء العقوبات التأديبية حسب‬
‫املادة ‪ 73‬وما يليها مكن قانون ‪ 26/91‬املعدل للقانون ‪ 11/90‬وبالنسبة للمطالبة بشهادات‬
‫العمل وإلغاء العقوبات التأديبية طبقا للمادة ‪ 22‬من قانون ‪ 04/90‬ويبقى ما دون ذلك من‬
‫أحكام ابتدائية تخضع للطعن باالستئناف‪.13‬‬
‫‪ -III‬الخاتمة‪:‬‬
‫يبدو أن مسألة تحديد الطابع القانوني والقضائي ملؤسسة ديوان الترقية والتسيير‬
‫العقاري وإن كانت تحظى باألهمية من الناحية العلمية والنظرية فإن هذا التحديد يبقى محكوما‬
‫بضوابط غير منسجمة من طرف املشرع‪ ،‬ما يجعل بالتالي من القواعد التي تحكمه سواء كانت‬
‫قانونية أو قضائية يشوبها في حاالت متعددة قياسا على املؤسسة العمومية في شكلها العام‬
‫عدم التحاسب وهي مسألة تقت�ضي استدراكها مستقبالت‪ ،‬ومراجعة قواعدها من طرف املشرع‬
‫تسهيال لعمل القا�ضي واملتعامل على حد سواء‪.‬‬
‫الهوامش‪:‬‬
‫‪ 1‬عبد اللطيف قطيش‪ :‬النظرية العامة للمؤسسات العامة في الفقه واالجتهاد دراسة مقارنة‪ ،‬منشورات الحلي الحقوقية‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪.2013 ،‬‬
‫‪ 2‬األمر رقم ‪ 93/76‬املؤرخ في ‪ 29‬شوال ‪ 1396‬املوافق لـ‪ 1976/10/23‬املتعلق بتحديد شروط إحداث وتنظيم وتسيير مكاتب ديوان‬
‫الترقية والتسييرالعقاري‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪.13‬‬
‫‪ 3‬قانون ‪ 09/08‬املؤرخ في ‪ 2008/02/25‬املتعلق بقانون اإلجراءات املدنية واإلدارية‪.‬‬
‫‪ 4‬عمور سالمي‪ :‬الوجيزفي قانون املنازعات اإلدارية‪ ،‬محاضرات لسنة ‪.2011-2010‬‬
‫‪5 Dr Rachid Zouaimia : la délégation de service public – dar Belkais édition 2012, Alger.‬‬
‫‪ 6‬مسعود شلهوب‪ :‬املبادئ العامة للمنازعات اإلدارية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬نظرية االختصاص‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‬
‫‪.28‬‬
‫‪ 7‬رحموني بلفاضل‪ :‬االستعجال اإلداري على ضوء ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،2014 ،‬جامعة الجزائر‪.01‬‬
‫‪ 8‬املرسوم التنفيذي رقم ‪ 153/13‬املؤرخ في ‪ 04‬جمادى الثانية ‪ 1434‬املوافق لـ‪ 15‬أفريل ‪ 2013‬املعدل باملرسوم التنفيذي ‪269/03‬‬
‫مؤرخ في ‪ 07‬أوت ‪ 2003‬الذي يحدد شروط وكيفيات التنازل عن األمالك العقارية التابعة للدولة ولدواوين الترقية والتسيير العقاري‪،‬‬
‫ج رعدد‪ 2‬الصادرة بتاريخ ‪.2013/04/25‬‬

‫‪277‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫العدد العاشر‬
‫جوان ‪ 2018‬املجلد األول‬
‫الطابع القانوني والقضائي لديوان الترقية والتسييرالعقاري‬

‫‪ 9‬املرسوم التنفيذي رقم ‪ 153/13‬املؤرخ في ‪ 04‬جمادى الثانية ‪ 1434‬املوافق لـ‪ 15‬أفريل ‪ 2013‬املعدل باملرسوم التنفيذي ‪269/03‬‬
‫مؤرخ في ‪ 07‬أوت ‪ 2003‬الذي يحدد شروط وكيفيات التنازل عن األمالك العقارية التابعة للدولة ولدواوين الترقية والتسيير العقاري‪،‬‬
‫ج رعدد‪ 2‬الصادرة بتاريخ ‪.2013/04/25‬‬
‫‪ 10‬املرسوم التنفيذي رقم ‪ 153/13‬املؤرخ في ‪ 04‬جمادى الثانية ‪ 1434‬املوافق لـ‪ 15‬أفريل ‪ 2013‬املعدل باملرسوم التنفيذي ‪269/03‬‬
‫مؤرخ في ‪ 07‬أوت ‪ 2003‬الذي يحدد شروط وكيفيات التنازل عن األمالك العقارية التابعة للدولة ولدواوين الترقية والتسيير العقاري‪،‬‬
‫ج رعدد‪ 2‬الصادرة بتاريخ ‪.2013/04/25‬‬
‫‪ 11‬املرسوم التنفيذي رقم ‪ *269/06‬املؤرخ في ‪ 09‬شعبان ‪ 1427‬املوافق لـ‪ 2006/09/02‬املتضمن شروط وكيفيات التنازل عن األمالك‬
‫العقارية التابعة للدولة ولدواوين الترقية والتسييرالعقاري‪.‬‬
‫‪ 12‬املرسوم التنفيذي رقم ‪ 290/90‬املؤرخ في ‪ 1990/09/29‬املتعلق بالنظام الخاص بعالقات العمل الخاص بمسيري املؤسسات‪ ،‬ج‬
‫رعدد ‪ 42‬الصادرة في ‪.1990/10/03‬‬
‫‪ 13‬قانون ‪ 04/90‬املؤرخ في ‪ 10‬رجب ‪ 1410‬املوافق لـ‪ 06‬فيفري ‪ 1990‬املتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل‪ ،‬ج ر عدد ‪،06‬‬
‫الصادرة في ‪.1990/02/07‬‬

‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫‪278‬‬

You might also like