You are on page 1of 65

‫انتخاابت رئيس اجلمهورية اإلندونيسية‬

‫‪2024‬‬

‫مجع وترتيب‬

‫أمحد سابق بن عبد اللطيف أبو يوسف‬

‫‪0‬‬
‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬

‫املقدمة‬

‫احلمد هلل والصالة والسالم على رسول هللا ‪ ،‬أما بعد ‪:‬‬

‫فال خيفى على شعب هذا البلد احلبيب مبا جرى هذه األايم من أمر االنتخاابت اليت على‬
‫األبواب ‪ ،‬فتكلم عنها القاصي والداين ‪ ،‬ودخل يف غورها القريب والبعيد ‪ ،‬فتوارد إيل‬
‫األسئلة ‪ :‬ما موقفنا جتاهها ؟ فهل ندخل فيها وننتخب ؟ أم نرتك األمر مير مر السحاب‬
‫أايم الصيف وال نلفت إليها أنظاران أصال‬

‫فاعلموا ابرك هللا فيكم إن أمر االنتخاابت مما يعم به البلوى يف جل البالد االسالمية ‪،‬‬
‫فهي الطريق الوحيد املعترب قانونيا لتنصيب اإلمامة يف مثل بلدان إندونيسيا ‪ ،‬ومسألة‬
‫اإلمامة من أعظم مسائل الدين وضرورة من ضرورايته حىت أخر الصحابة الكرام دفن جسد‬
‫النيب الكرمي حىت متت البيعة خلليفة النيب صلى هللا عليه وسلم‬

‫وقد وضع علماؤان سلفا وخلفا كتبا يف هذه القضية ‪ ،‬منها ‪:‬‬

‫‪ -‬األحكام السلطانية للماوردي‬


‫‪ -‬السياسة الشرعية لشيخ االسالم ابن تيمية‬
‫‪ -‬الطرق احلكمية البن القيم‬
‫‪ -‬وغريها كثري‬

‫فها هي وجهة نظري نظرة سياسية فقهية مقاصدية حول هذه القضية املهمة ‪ ،‬استعانة‬
‫هبدي أئمتنا وعلمائنا ومجعا وترتيبا لتقريراهتم وفتاويهم‬

‫‪1‬‬
‫ورتبت مسائل هذه القضية على املباحث االتية ‪:‬‬

‫املقدمة‬

‫األول ‪ :‬معىن اإلمامة‬


‫الثاين ‪ :‬حكم وأمهية نصب اإلمامة يف االسالم‬

‫الثالث ‪ :‬طرق انعقاد اإلمامة‬


‫الرابع ‪ :‬االنتخاابت وما موقفنا منها ؟‬

‫اخلامس ‪ :‬فتاوى العلماء حول االنتخاابت‬

‫السادس ‪ :‬انتخاابت رئيس اجلمهورية على االبواب‬

‫اخلامتة‬

‫ومن ابب األمانة العلمية أقول صراحة أبن كل ما يف هذه الرسالة ال يكون إال جمرد مجعي‬
‫لكالم العلماء وتقريراهتم وفتاويهم مث أقوم برتتيبها وتنسيقها ال من حبثي وال جييب‬

‫هذا ‪ ،‬وأسأل هللا عز وجل السداد يف القول والعمل ‪ ،‬انه ويل ذلك والقادر عليه‬

‫وصلى هللا على نبينا حممد وعلى اله وصحبه وسلم‬

‫وابهلل التوفيق‬

‫‪2‬‬
‫املبحث األول ‪:‬‬

‫معىن اإلمامة‬

‫اإلمامة يف اللغة مأخوذة من األَِّم وهو القصد‬


‫قال أمحد الفيومي ‪ :‬أمه ‪ :‬أ ًَّما من ابب قتل ‪ :‬قصده‪ ،‬و مأممه ً‬
‫أيضا ‪ :‬قصده‪ ،‬وأمه وأم به‬
‫‪1‬‬
‫إماما‬
‫إمامةً ‪ :‬صلى به ً‬
‫ويف االصطالح أن االمامة تطلق على ثالثة معان وهي ‪:‬‬
‫‪ -1‬اإلمامة الكربى ‪ :‬وهي اخلالفة ‪ ،‬أو امللك ‪ ،‬أو رائسة الدولة ‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلمامة الصغرى ‪ :‬وهي إمامة الصالة ‪ ،‬ومن ذلك قول النيب ﷺ ‪ ( :‬إمنا جعـل اإلمـام‬
‫‪2‬‬
‫ليؤمت به ‪ ،‬فال ختتلفوا عليه ‪ ،‬فإذا كرب فكربوا )‬
‫‪3‬‬
‫اه ْم أَئِّ ممةً يـَ ْه ُدو َن ِّأب َْم ِّرَان )‬
‫(و َج َع ْلنَ ُ‬
‫‪ -3‬العامل املقتدى به ‪ ،‬ومن ذلك قوله تعاىل ‪َ :‬‬
‫ومن ذلك قوهلم ‪ :‬اإلمام أيب حنيفة ‪ ،‬اإلمام مالك ‪ ،‬اإلمام الشافعي ‪ ،‬اإلمام أمحد وغريهم‬
‫‪4‬‬
‫من األئمة اجملتهدين رمحهم هللا تعاىل‬

‫واملقصود هنا من هذه املعاين الثالث ‪ ،‬هو املعىن األول ‪ ،‬وهي األمامة الكربى ‪ ،‬وقد‬
‫عرفها ابن خلدون بقوله ‪ " :‬هي محل الكافة على مقتضى النظر الشرعي يف مصاحلهم‬
‫األخروية والدنيوية الراجعة إليها ‪ ،‬إذ أحوال الـدنيا تـرجح كلهـا عنـد الـشـارع إىل اعتبارها‬

‫‪ 1‬املصباح املنري والقاموس احمليط مادة أم‬


‫‪ 2‬رواه البخاري ‪722 :‬‬
‫‪ 3‬سورة االنبياء ‪73 :‬‬
‫‪ 4‬ايضاح طرق االستقامة البن عبد اهلادي ص ‪22 :‬‬

‫‪3‬‬
‫مبصاحل اآلخرة ‪ ،‬فهي يف احلقيقة خالفة عن صاحب الشـرع ‪ ،‬يف حراسة الـدين ‪ ،‬وسياسة‬
‫‪5‬‬
‫الدنيا به "‬
‫‪6‬‬
‫وقال املاوردي ‪ « :‬اإلمامة موضوعة خلالفة النبوة يف حراسة الدين‪ ،‬وسياسة الدنيا »‬

‫‪ 5‬مقدمة ابن خلدون ص ‪178 :‬‬


‫‪ 6‬االحكام السلطانية ص ‪29 :‬‬

‫‪4‬‬
‫املبحث الثاين ‪:‬‬

‫حكم وأمهية نصب اإلمامة يف االسالم‬

‫إن اإلمامة من أعظم واجبات الدين‪ ,‬والبد للمسلمني من إمام يقيم شعائر الدين ويقيم‬
‫العدل ويسوس أحوال الناس‪ ،‬وينتصف للمظلومني‪ ،‬قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه‬
‫هللا ‪ ":‬جيب أن يعرف أن والية أمر الناس من أعظم واجبات الدين‪ ،‬بل ال قيام للدين إال‬
‫هبا‪ ،‬فإن بين آدم ال تتم مصلحتهم إال ابالجتماع حلاجة بعضهم إىل بعض" ‪.‬‬
‫وقال معلالً ذلك ‪" :‬ألن هللا أوجب األمر ابملعروف والنهي عن املنـكر‪ ،‬وال يتم ذلك إال‬
‫بقوة وإمارة‪ ,‬وكذلك سائر ما أوجبه هللا من اجلهاد والعدل وإقامة احلج واجلمع واألعياد‬
‫‪7‬‬
‫ونصر املظلوم وإقامة احلدود ال تتم إال ابلقوة واإلمارة"‪.‬‬

‫وقد دل على تقرير هذا األمر نصوص كثرية من الشرع‪ ،‬ومنهـا‪ :‬قول هللا تعاىل‪:‬‬
‫ُويل ْاأل َْم ِّر ِّمْن ُك ْم﴾ [النساء‪.]59 :‬‬
‫ول َوأ ِّ‬ ‫اَّلل وأ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫م ِّ‬
‫َطيعُوا المر ُس َ‬ ‫﴿ايأَيـُّ َها الذ َ‬
‫ين َآمنُوا أَطيعُوا مَ َ‬ ‫َ‬
‫واملراد أبويل األمر على القول الراجح هم الوالة واألمراء والعلمـاء‪.8‬‬
‫ووجه االستدالل من اآلية ظاهر جدا حيث إن هللا تعاىل أوجب على املسلمـني طاعة أويل‬
‫األمر منهم‪ ،‬واألمر ابلطاعة دليل على وجوب نصبهم؛ ألن هللا تعـاىل ال أيمر بطاعة من ال‬
‫وجود له‪ ،‬فاألمر بطاعته يقتضي األمر إبجيــاده‪ ،‬فدل على أن إجياد إمام للمسلمني واجب‬
‫عليهم‪.9‬‬

‫‪ 7‬السياسة الشرعية يف إصالح الراعي والرعية ص ‪129‬‬


‫‪ 8‬انظر‪ :‬تفسري اجلصاص ‪ ،298/2‬واجلامع ألحكام القرآن للقرطيب ‪ ،250/5‬وتفسري ابن كثري ‪،677/1‬‬
‫وفتح الباري البن حجر ‪ ،139/13‬واملنهاج شرح صحيح مسلم ابن احلجاج للنووي ‪.426/12‬‬

‫‪ 9‬انظر تفسري اجلصاص ‪ ،299-298/2‬واإلمامة العظمى للدكتور عبد هللا الدميجي ص‪47‬‬

‫‪5‬‬
‫ومما دل أيضاً على وجوب اإلمامة قول النيب صلى هللا عليه وآله وسلم ‪":‬إذا خـرج ثالثةٌ‬
‫يف سف ٍر فليؤمروا َ‬
‫أحدهم" ‪.10‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه هللا ‪" :‬فإذا كان قد أوجب يف أقل اجلماعات وأقصر‬
‫أحدهم‪،‬كان هذا تنبيهاً على وجوب ذلك فيما هو أكثر من ذلك"‬
‫االجتماعات أن يُوىل ُ‬
‫‪11‬‬
‫‪.‬‬
‫وقد أمجعت األمة على أمهية اإلمامة ووجوهبا‪ ،‬ويف مقدمتهم الصحابة فقد أمجعوا على‬
‫تعيني خليفة للنيب صلى هللا عليه وآله وسلم بعد وفاته قبل دفنه وجتهيزه‪ ،‬إىل أن وقع‬
‫اختيارهم على الصديق أمجعني‪.12‬‬

‫الناس وفْق َشرِّع هللا تعاىل ِّمن أ َْعظَِّم و ِّ‬


‫وقال الشيخ حممد علي فركوس ‪ :‬وسياسةُ ِّ َ ْ‬
‫‪13‬‬
‫اجبات‬ ‫ْ‬
‫بات المرعيم ِّة وما تَـْن ُش ُدهُ ِّم ْن‬
‫مق ُمتَطَلم ُ‬ ‫أساسي‪ ،‬ال تَتحق ُ‬ ‫ٌّ‬ ‫جوهري‬
‫ٌّ‬ ‫ب‬‫إمام املسلمني‪ ،‬وهو َمطْلَ ٌ‬
‫ِّ‬
‫ب العزيز‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬ ‫لتحقيق ذاك املطْلَ ِّ‬‫ِّ‬ ‫وإقامة العدل وإز ِّ‬
‫الة الظلم مإال تَـبَـ ًعا‬ ‫ين ِّ‬ ‫ِّح ْف ِّظ ِّ‬
‫الد ِّ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ۡ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٱلصلَ ٰوةَ َوءَاتَـ ُواْ َّ‬
‫ٱلزَك ٰوةَ َوأ ََم ُرواْ بٱل َمع ُروف َو ََنَواْ َع ِن‬ ‫ض أَقَ ُامواْ َّ‬‫ين إِن َّم َّكنَّـٰ ُه ۡم ِيف ٱأل َۡر ِ‬ ‫ِ‬
‫﴿ٱلَّذ َ‬
‫ِّ‬ ‫ۡ ِۗ ِ ِ ِ ۡ‬
‫ف على أويل‬ ‫وفسادها ُمتوق ٌ‬ ‫ُ‬ ‫وصالح الرعيم ِّة‬
‫ُ‬ ‫[احلج]‪،‬‬ ‫﴾‬ ‫‪٤١‬‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫و‬‫ُم‬
‫ُ‬ ‫ٱأل‬ ‫ٱل ُمن َك ِر َو َّّلِل َٰعقبَةُ‬
‫وه ُم الذين أيمرون‬ ‫األمر وذَ ُووهُ؛ ُ‬‫أصحاب ِّ‬‫ُ‬ ‫ابن تيمية ـ رمحه هللا ـ‪« :‬وأولو ِّ‬
‫األمر‪:‬‬ ‫األمر‪ ،‬قال ُ‬
‫الناس؛ وذلك يَ ْش َِّرت ُك فيه أهل اليد والقدرةِّ وأهل ِّ‬
‫العلم والكالم؛ فلهذا كان أولو ِّ‬
‫األمر‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الناس»‪.14‬‬
‫الناس‪ ،‬وإذا فَ َس ُدوا فَ َس َد ُ‬
‫صلَ َح ُ‬
‫صلَحوا َ‬
‫صنفني‪ :‬العُلَماءَ واأل َُمراءَ؛ فإذا َ‬

‫‪ 10‬أخرجه أبو داود يف كتاب اجلهاد‪ ،‬ابب يف القوم يسافرون يؤمرون أحدهم برقم(‪ )2609‬وصححه الشيخ‬
‫األلباين‬
‫‪ 11‬جمموع الفتاوى ‪.65/28‬‬

‫‪ 12‬انظر فتح الباري ‪ ،39 /7‬واجلامع ألحكام القرآن ‪305 /1‬‬


‫‪https://ferkous.com/home/?q=art-mois-6113‬‬
‫‪ «14‬جمموع الفتاوى» البن تيمية (‪)١٧٠ /٢٨‬‬

‫‪6‬‬
‫عة له قولَه صلمى هللا‬ ‫اإلمام األ َْعظَِّم وب ْذ ِّل البـي ِّ‬ ‫ب ِّ‬ ‫ص ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫هذا‪ ،‬وإ من ِّم ْن أ َْعظَِّم األدلمِّة على‬
‫َ َْ‬ ‫وجوب نَ ْ‬
‫اهلِيَّةٌ» ‪ ،15‬وقولَه‪:‬‬ ‫اع ٍة فَِإ َّن موتَـته موتَةٌ ج ِ‬
‫َْ َُ َْ َ‬ ‫ام ََجَ َ‬ ‫ِ‬
‫س َعلَْيه إِ َم ُ‬ ‫ات َول َْي َ‬ ‫عليه وسلمم‪َ « :‬وَم ْن َم َ‬
‫س ِيف عُنُِق ِه‬
‫ات َول َْي َ‬ ‫اع ٍة ل َِق َي هللاَ يَـ ْو َم ال ِْقيَ َام ِة َال ُح َّجةَ لَهُ‪َ ،‬وَم ْن َم َ‬ ‫« َم ْن َخلَ َع يَ ًدا ِم ْن طَ َ‬
‫إمام جيمعهم على ِّدي ٍن‬ ‫ِّ‬ ‫ِِ‬ ‫بـيـعةٌ م َ ِ‬
‫ات ميتَةً َجاهليَّةً» ‪« ،‬وذلك أ من أهل اجلاهلية مل يكن هلم ٌ‬
‫‪16‬‬
‫َْ َ َ‬
‫شىت وفَِّرقًا ُمُْتَلِّفني‪ ،‬آر ُاؤهم ُمتناقِّضةٌ وأداي ُُنم‬ ‫ائف م‬ ‫ٍ‬
‫ويتألمُفهم على رأ ٍي واحد‪ ،‬بل كانوا طو َ‬
‫وطاعة األزالم» ‪ ،17‬وأل من املقصود‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫األصنام‬ ‫متبايِّنةٌ؛ وذلك الذي دعا كثريا منهم إىل عبادةِّ‬
‫ََ ً‬ ‫ُ‬
‫الكلمة وَملُّ الشمل‪ ،‬وإقامةُ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ص ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ين وتنفي ُذ أحكام هللا‬ ‫الد ِّ‬ ‫ب اإلمام األ َْعظَِّم هو اجتماعُ‬ ‫م ْن نَ ْ‬
‫نازعات‪،‬‬ ‫وفض امل َ‬‫استتباب األمن‪ُّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫اض و‬‫الظلم ونَ ْشُر العدل‪ ،‬وصيانةُ األعر ِّ‬ ‫تعاىل‪َ ،‬ورفْ ُع ِّ‬
‫ُ‬
‫ظ‬
‫ُْ‬ ‫ف‬ ‫ِّ‬
‫وح‬ ‫البالد‬ ‫حوزة‬ ‫أعداء اإلسالم‪ ،‬ومحايةُ‬ ‫وإنصاف املظلوم‪ ،‬وجهاد ِّ‬ ‫ُ‬ ‫واألخ ُذ على يَ ِّد الظمامل‬
‫ُ‬
‫اجبة على ما اقتضاهُ الشرعُ‪،‬‬ ‫احلقوق الو ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َخ ُذ‬ ‫ضة املسلمني‪ ،‬وقَ ْم ُع الش ِّ‬ ‫بـي ِّ‬
‫مر والفساد‪ ،‬وأ ْ‬ ‫َْ‬
‫اتب َم ْن معه َم ْسكةٌ ِّم ْن‬ ‫ين ـ رمحه هللا ـ‪« :‬وال يـَْر ُ‬ ‫ضعُها يف َمواضعها الشرعية‪ ،‬قال اجلَُويْ ُّ‬
‫ِّ ِّ‬ ‫وو ْ‬‫َ‬
‫ضى‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫الذب عن احلَْوزةِّ والنِّ َ‬ ‫عقل أ من م‬ ‫ٍ‬
‫الناس فَـ ْو َ‬
‫شرعا‪ ،‬ولو تُرَك ُ‬ ‫حمتوم ً‬‫ضال دون ح ْفظ البَـْيضة ٌ‬
‫ات الشيطان‬ ‫باع خطو ِّ‬ ‫جامع‪ ،‬وال يـََزعُهم وازعٌ‪ ،‬وال يـَْرَدعُهم عن اتِّ ِّ‬ ‫ال جيمعهم على ِّ‬
‫احلق ٌ‬
‫ت‬ ‫ك العِّظام‪ ،‬وتَوثـمب ِّ‬ ‫وهلَ َ‬ ‫ُّن اآلراء ُّ ِّ‬ ‫رادعٌ‪ ،‬مع تفن ِّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫النظام‪َ ،‬‬ ‫وتفرق األهواء؛ َالنْـتَـثَـَر ُ‬
‫ك األرذلون َسَراةَ‬ ‫وملَ َ‬ ‫ادات امل ِّ‬ ‫ت اآلراء املتناقِّضةُ‪ ،‬وتفمرقَ ِّ‬ ‫الطمغام والعو ُّام‪ ،‬وحتمزب ِّ‬
‫تعارضةُ‪َ ،‬‬ ‫ُ ُ‬
‫ت اإلر‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫اخلصومات‪ ،‬واستحوذ على‬ ‫ت‬‫جامع‪ ،‬واتمسع اخلَر ُق على الراقع‪ ،‬وفَ َش ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬ ‫الناس‪ ،‬وفُضمت املَ ُ َ َ ْ‬
‫اجلماعات‪ ،‬وال حاجةَ إىل اإلطناب بعد حصول‬ ‫مد ِّت‬ ‫أهل ِّ‬
‫الد ِّ‬
‫ُ‬ ‫العَرامات‪ ،‬وتَبد َ‬ ‫ين َذ ُوو َ‬

‫بن عمر رضي هللا عنهما‪ .‬وص مححه‬ ‫ِّ‬


‫حديث عبد هللا ِّ‬ ‫«م ْستَ ْد َركه» (‪ِّ )٤٠٣ ،٢٥٩‬م ْن‬
‫احلاكم يف ُ‬
‫ُ‬ ‫‪ 15‬أخرجه‬
‫األلباينُّ يف «السلسلة الصحيحة» (‪ )٦٧٧ /٢‬رقم‪)٩٨٤( :‬‬
‫بن عمر رضي هللا عنهما‬ ‫ِّ‬
‫حديث عبد هللا ِّ‬ ‫مسلم يف «اإلمارة» (‪ِّ )١٨٥١‬م ْن‬
‫أخرجه ٌ‬
‫‪16‬‬

‫‪ «17‬العزلة» للخطمايب (‪ ٥٧‬ـ ‪)٥٨‬‬

‫‪7‬‬
‫ت اإلمامةُ موضوعةً‬ ‫البيان‪ ،‬وما يـزع هللا ابلسلطان أَ ْكثَـر ممما يـزع ابلقرآن» ‪18‬؛ لذلك كانَ ِّ‬
‫ُ ََ ُ‬ ‫ََ ُ ُ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ‬
‫ب‬
‫صَ‬‫ابن خلدون ـ رمحه هللا ـ‪« :‬إ من نَ ْ‬
‫خلالفة النُّـبُـ موة يف ح ْفظ الدين وسياسة الدنيا‪ ،‬قال ُ‬
‫إبمجاع الصحابة والتابعني؛ أل من أصحاب ِّ‬
‫رسول‬ ‫ف وجوبُه يف الشرع ِّ‬ ‫اجب قد عُ ِّر َ‬ ‫ِّ‬
‫َ‬ ‫اإلمام و ٌ‬
‫ِّ‬
‫وتسليم ِّ‬
‫النظر إليه‬ ‫عة أيب بك ٍر رضي هللا عنه‬ ‫هللا صلمى هللا عليه وسلمم عند وفاتِّه ابدروا إىل بـي ِّ‬
‫َْ‬ ‫َُ‬
‫ضى يف عص ٍر ِّم َن‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ ِّ ِّ‬
‫يف أمورهم‪ ،‬وكذا يف ُك ِّل عصر م ْن بعد ذلك‪ ،‬ومل تُْ َرتك ُ‬
‫الناس فَـ ْو َ‬
‫ص ِّ‬
‫ب اإلمام» ‪.19‬‬ ‫ِّ‬
‫وجوب نَ ْ‬ ‫إمجاعا ًّ‬
‫داال على‬ ‫األعصار‪ ،‬واستقمر ذلك ً‬

‫للج َويْين (‪ ٢٣‬ـ ‪)٢٤‬‬ ‫‪ِّ 18‬‬


‫« غياث األ َُمم» ُ‬
‫املقدمة» البن خلدون (‪)١٧١‬‬ ‫‪ِّ «19‬‬

‫‪8‬‬
‫املبحث الثالث ‪:‬‬
‫طرق انعقاد اإلمامة‬

‫يتم إبحدى الطُُّرق التمالية‪:‬‬ ‫ِّ‬


‫اإلمامة الكربى ُّ‬ ‫انعقاد‬ ‫‪20‬‬
‫قال الشيخ حممد علي فركوس ‪ُ :‬‬
‫احلل والعقد‪:‬‬ ‫األول‪ :‬االختيار والبيعة ِم ْن أهل ِ‬ ‫الطريق َّ‬
‫مص ُفون ابلعلم والمرأي واملشورة والتوجيه ُم موٌل هلم‬ ‫أهل احل ِّل والعقد ِّمن قادةِّ األم ِّة الذين يـت ِّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬ ‫وم ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫عايري اإلمامة الكربى؛ فإذا ما ابيـَ َعهُ‬ ‫اختيار إمام املسلمني ـ نيابةً عن األُمة ـ َوفْ َق شروط َ‬ ‫ُ‬
‫ت له بذلك واليةُ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ت ُُمالَفتُه فيما‬ ‫وح ُرَم ْ‬
‫ت طاعتُه‪َ ،‬‬ ‫اإلمام األ َْعظَِّم‪ ،‬ولَ ِّزَم ْ‬ ‫أهل احلَ ِّل والعقد ثـَبَـتَ ْ‬ ‫ُ‬
‫الطاعة أَ ْن يكون ُك ُّل مسل ٍم ِّم ْن‬ ‫اإلمامة و ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫شروط ِّ‬
‫ثبوت‬ ‫أيمر به وينهى ابملعروف‪ ،‬وليس ِّمن ِّ‬
‫ْ‬
‫احد مم ْمن تَـْنـ ُف ُذ فيه أو ِّام ُره ونواهيه؛‬‫العقد ُك مل و ٍ‬ ‫أهل احل ِّل و ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫مجلة املُبايعني له‪ ،‬وإمنا تَـ ْلَزُم بيعةُ ِّ َ‬
‫ُخ موةُ اإلميانيةُ وتربطهم العقيدةُ‬ ‫أل من املسلمني أمةٌ واحدةٌ وجس ٌد واح ٌد‪ ،‬جتمعهم األ ُ‬
‫احلقوق واحلُُرمات سواءٌ؛ لقوله صلمى هللا عليه وسلمم‪« :‬املُ ْسلِ ُمو َن‬ ‫ِّ‬ ‫وه ْم يف‬
‫اإلسالمية‪ُ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اه ْم‪َ ،‬و ُه ْم يَ ٌد َعلَى َم ْن‬‫ْص ُ‬‫ري َعلَْي ِه ْم أَق َ‬ ‫تَـتَ َكافَأُ د َما ُؤ ُه ْم‪ ،‬يَ ْس َعى بذ َّمت ِه ْم أَ ْد ََن ُه ْم‪َ ،‬وُُي ُ‬
‫اع ِد ِه ْم‪َ ،‬ال يُـ ْقتَ ُل ُم ْؤِم ٌن بِ َكافِ ٍر‪،‬‬
‫ض ِع ِف ِهم‪ ،‬ومتس ِري ِهم َعلَى قَ ِ‬
‫ُّه ْم َعلَى ُم ْ ْ َ ُ َ َ ْ‬ ‫اه ْم‪ ،‬يَـ ُر ُّد ُم ِشد ُ‬
‫ِس َو ُ‬
‫َوَال ذُو َع ْه ٍد ِيف َع ْه ِدهِ» ‪.21‬‬

‫قال الشوكاينُّ ـ رمحه هللا ـ‪« :‬طري ُقها أَ ْن جيتمع مجاعةٌ ِّم ْن ِّ‬
‫أهل احلَ ِّل والعقد فيعقدون له‬
‫الطلب ف َق ْد‬
‫ُ‬ ‫مم منه‬
‫الطلب لذلك أم ال‪ ،‬لكنمه إذا تَـ َقد َ‬
‫ُ‬ ‫مم منه‬
‫البَـْيعةَ ويقبل ذلك‪ ،‬سواءٌ تَـ َقد َ‬

‫‪https://ferkous.com/home/?q=art-mois-6120‬‬
‫ٍ‬
‫شعيب‬ ‫بن‬ ‫ِّ‬
‫حديث َع ْم ِّرو ِّ‬ ‫ابب يف السريمة تَـ ُرُّد على أهل العسكر (‪ِّ )٢٧٥١‬م ْن‬
‫أخرجه أبو داود يف «اجلهاد» ٌ‬
‫‪21‬‬

‫بن العاص رضي هللا عنهما‪ .‬وص مححه األلباينُّ يف «إرواء الغليل» (‪/٧‬‬ ‫بن َع ْم ِّرو ِّ‬ ‫عن أبيه عن ِّ‬
‫جده عبد هللا ِّ‬
‫‪ )٢٦٦‬رقم‪.)٢٢٠٨( :‬‬

‫‪9‬‬
‫ب اإلمارة ‪22‬؛ فإذا بُويِّ َع بعد هذا‬ ‫الثابت عنه صلمى هللا عليه وسلمم عن طَلَ ِّ‬ ‫النهي‬
‫ُ‬ ‫َوقَ َع ُ‬
‫قال على مقتضى ما تَ ُد ُّل عليه‬ ‫ت واليتُه وإِّ ْن أَِّمثَ ابلطلب‪ ،‬هكذا ينبغي أَ ْن يُ َ‬ ‫انعقد ْ‬
‫الطلب َ‬ ‫ِّ‬
‫أهل احلَ ِّل والعقد؛ فإُنا هي‬ ‫عة له ِّم ْن ِّ‬ ‫السنمةُ املط مهرة‪ ... ،‬واحلاصل‪ :‬أ من املعتَرب هو وقوع البـي ِّ‬
‫ُ َْ‬ ‫ُْ ََ‬ ‫ُ‬
‫ت على ذلك‬ ‫قام ْ‬
‫وحت ُرُم معه املُخالَفةُ‪ ،‬وقد َ‬ ‫ت به الواليةُ َْ‬‫األمر الذي جيب بـَ ْع َده الطاعةُ ويـَثْـبُ ُ‬ ‫ُ‬
‫وجتَش ُِّّم السفر وقَطْ ِّع‬ ‫ِّ‬
‫النهوض َ‬ ‫ت به احل مجةُ‪ ،»...‬مثم قال‪« :‬قد أَ ْغ َىن هللاُ عن هذا‬ ‫األدلمةُ وثـَبَـتَ ْ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ت‬
‫وو َجبَ ْ‬
‫ت إمامتُه بذلك َ‬ ‫اإلمام م ْن أهل احلَ ِّل والعقد؛ فإُنا قد ثـَبَـتَ ْ‬ ‫فاوِّز ببَـْيعة َم ْن ابيَ َع َ‬ ‫امل ِّ‬
‫َ‬
‫للمبايَعة‪ ،‬وال‬ ‫يصلح‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫ِّ‬
‫ي‬ ‫با‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫َ‬‫أ‬ ‫ِّ‬
‫اإلمامة‬ ‫ِّ‬
‫ثبوت‬ ‫ِّ‬
‫شرط‬ ‫ن‬ ‫ِّ‬
‫م‬ ‫ليس‬‫و‬ ‫ه‪،‬‬ ‫طاعت‬ ‫املسلمني‬ ‫على‬
‫ُ‬ ‫ْ ُ َ ُ ُ ُّ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫مجلة املبايِّعِّني؛ فإ من هذا االشرتا َط يف األمرين‬ ‫الطاعة على الرجل أَ ْن يكون ِّمن ِّ‬
‫ْ‬
‫ِّ‬ ‫ِّمن ِّ‬
‫شرط‬ ‫ْ‬
‫ُ‬
‫والح ِّقهم» ‪.23‬‬ ‫وآخ ِّرهم‪ ،‬سابِِّّقهم ِّ‬ ‫مردود إبمجاع املسلمني‪ :‬أ موِّهلم ِّ‬ ‫ٌ‬
‫ِّ‬
‫ت خالفتُه ابلبَـْيعة‬ ‫ت ُمبايَعةُ أيب بك ٍر الصديق رضي هللا عنه؛ فثَـبَـتَ ْ‬‫وهبذا الطر ِّيق متم ْ‬
‫ت الصحابةُ على ِّ‬
‫تقدمي‬ ‫ساع َدةَ‪ ،‬قال القرطيب ـ رمحه هللا ـ‪« :‬وأمجع ِّ‬ ‫سقيفة بين ِّ‬
‫ِّ‬ ‫واالختيار يف‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫سقيفة بين ِّ‬
‫ساع َدةَ يف التعيني» ‪.24‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫األنصار يف‬ ‫اختالف وقَع بني امل ِّ‬
‫هاجرين و‬ ‫ٍ‬ ‫الصديق بعد‬‫ِّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ول العهد‪:‬‬
‫الطريق الثاين‪ :‬ثبوت البيعة بتعيني ِ‬
‫ِّ‬ ‫محاية ِّ‬
‫األمر إىل من يـراه أَقْ َدر على مه مم ِّة ِّ‬
‫وسياسة الدنيا فيَ ْخلَُفه‬ ‫الدين‬ ‫ََ‬ ‫ويل ِّ َ ْ ََ ُ َ‬ ‫وذلك أبَ ْن يـَ ْع َه َد ُّ‬
‫كمثْ ِّل ما وقَع ِّمن ِّ‬
‫عهد أيب بك ٍر‬ ‫اإلمامة تَـ ْلزم ِّ‬
‫بعهد من قَـبـلَه‪ِّ ،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّم ْن بـَ ْع ِّده؛ فإ من بـَْيـ َعته على‬
‫َ َ ْ‬ ‫َْ ْ‬ ‫َُ‬

‫النيب صلمى هللا عليه وسلمم« ‪َ :‬اي َعْب َد المر ْمحَ ِّن بْ َن‬ ‫حديث عبد الرمحن ِّ‬ ‫ِّ‬
‫بن ََسَُرةَ رضي هللا عنه قال‪ :‬قال ُّ‬ ‫‪ 22‬وذلك يف‬
‫ٍ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ََسُرةَ‪َ ،‬ال تَ ْسأ َِّل ِّ‬
‫علَْيـ َها »‪...‬‬‫ت َ‬ ‫ت إِّلَْيـ َها‪َ ،‬وإِّ ْن أ ُْعطيتَـ َها َع ْن َغ ِّْري َم ْسأَلَة أُعْن َ‬
‫مك إِّ ْن أ ُْعطيتَـ َها َع ْن َم ْسأَلَة ُوكْل َ‬
‫اإل َم َارةَ؛ فَِّإن َ‬ ‫َ‬
‫ومسلم‬ ‫ابب َمن مل يَ ْسأل اإلمارةَ أعانَهُ هللاُ عليها (‪،)٧١٤٦‬‬ ‫ِّ‬
‫ٌ‬ ‫البخاري يف «األحكام» ُ‬ ‫ُّ‬ ‫احلديث[ ُمتمـ َف ٌق عليه ‪:‬أخرجه‬
‫يف «األميان» (‪].)١٦٥٢‬‬

‫‪ «23‬السيل اجل مرار» للشوكاين (‪ ٥١١ /٤‬ـ ‪.)٥١٣‬‬

‫‪ «24‬اجلامع ألحكام القرآن» للقرطيب (‪)٢٦٤ /١‬‬

‫‪10‬‬
‫ضَرتْه الوفاةُ َع ِّه َد إىل عُ َمَر رضي‬ ‫ِّ‬
‫لعُ َمَر رضي هللا عنهما؛ فإ من الصد َ‬
‫يق رضي هللا عنه لَ مما َح َ‬
‫ت األمةُ على ِّ‬
‫انعقاد‬ ‫هللا عنه يف اإلمامة‪ ،‬ومل يـْن ِّكر ذلك الصحابةُ رضي هللا عنهم‪ ،‬وقَ ِّد اتـم َف َق ِّ‬
‫ُ ْ‬
‫يد كما َع ِّه َد غريهم‪ُّ ،‬‬
‫ويدل‬ ‫اإلمامة ِّ‬
‫بوالية العهد‪ ،‬وقد َع ِّه َد ُمعاويةُ رضي هللا عنه إىل ابنه يَز َ‬
‫ُ‬
‫بن حارثةَ وقال‪« :‬فَِإ ْن‬ ‫عليه أ من رسول هللا صلمى هللا عليه وسلمم أعطى الرايةَ يوم ُم ْؤتَةَ زيد َ‬
‫قُتِل َزي ٌد ـ أَ ِو است ْش ِه َد ـ فَأَِمريُكم جع َفر‪ ،‬فَِإ ْن قُتِل ـ أَ ِو است ْش ِه َد ـ فَأ َِمريُكم َعب ُد ِ‬
‫هللا بْ ُن‬ ‫ُْ ْ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ َْ ٌ‬ ‫ُْ‬ ‫َ ْ‬
‫خالد بن الو ِّ‬
‫رسول هللا صلمى هللا‬ ‫فاستُ ْش ِّه ُدوا ً‬ ‫احةَ» ‪ْ ،‬‬ ‫َرَو َ‬
‫‪25‬‬
‫ليد ومل يكن ُ‬ ‫َخ َذها ُ ُ‬ ‫مجيعا‪ ،‬مثم أ َ‬
‫ِّ‬ ‫ب ِّ‬ ‫ص ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫احلديث م‬
‫االستخالف‪ ،‬قال‬ ‫اإلمام و‬ ‫وجوب نَ ْ‬ ‫دل على‬ ‫مم إليه يف ذلك‪ ،‬و ُ‬ ‫عليه وسلمم تَـ َقد َ‬
‫فاق األمة‪،‬‬ ‫«فاالستخالف سنمةٌ اتـم َف َق عليها امل ََلُ ِّم َن الصحابة‪ ،‬وهو اتِّ ُ‬
‫ُ‬ ‫ايب ـ رمحه هللا ـ‪:‬‬ ‫اخلطم ُّ‬
‫َ‬
‫وخلَعُوا ِّربْـ َقةَ الطاعة» ‪.26‬‬ ‫ِّ‬
‫صا َ‬ ‫ف فيه مإال اخلوار ُج واملارقةُ الذين َش ُّقوا َ‬
‫الع َ‬ ‫مل ُخيال ْ‬

‫ول العهد‪:‬‬ ‫ٍ‬


‫َجاعة ختتار َّ‬ ‫الطريق الثالث‪ :‬ثبوت البيعة بتعيني‬
‫ِّ‬
‫اإلمامة العُظْمى؛‬ ‫مجاعة معدودةٍ تَتوفمـ ُر فيها شرو ُ‬
‫ط‬ ‫األو ُل إىل ٍ‬ ‫ويل ِّ‬
‫األمر م‬ ‫وذلك أبَ ْن يـَ ْع َه َد ِّ ُّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫بن‬ ‫ويل العهد املُناسب فيما بينهم يَتوالَ ْون عليه ويُبايعونه‪ ،‬كمثْ ِّل ما فَـ َع َل ُ‬
‫عمر ُ‬ ‫ابختيار ِّ‬ ‫تقوم‬
‫ل َ‬
‫احد منهم‪ ،‬قال‬ ‫الختيار و ٍ‬
‫ِّ‬ ‫اخلطماب رضي هللا عنه‪ ،‬حيث َع ِّه َد إىل نـَ َف ٍر ِّم ْن أهل الشورى‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫اخلطم ُّ‬
‫األمر ومل يـُْبط ِّل االستخالف‪ ،‬ولك ْن َج َعلَهُ‬ ‫ايب ـ رمحه هللا ـ‪« :‬مثم إ من عُ َمَر مل يـُ ْهم ِّل َ‬
‫ٍ‬
‫أهال؛ فاختاروا عثما َن‬ ‫ضا وهلا ً‬ ‫أقام هبا كان ِّر ً‬ ‫ُش َورى يف قوم معدودين ال يـَ ْع ُدوهم؛ ف ُك ُّل َم ْن َ‬
‫استُ ْش ِّه َد عثما ُن رضي هللا عنه ابيـَعُوا عليًّا رضي هللا عنه‪.‬‬ ‫وع َقدوا له البَـْيعةَ» ‪ ،‬مثم لَ مما ْ‬ ‫َ‬

‫بن جعف ٍر رضي هللا عنهما‪ .‬وص مححه أمحد شاكر يف‬ ‫ِّ‬
‫حديث عبد هللا ِّ‬ ‫‪ 25‬أخرجه أمحد يف «مسنده» (‪ِّ )١٧٥٠‬م ْن‬
‫حتقيقه ل« ‪:‬مسند أمحد» (‪ ،)١٩٢ /٣‬واأللباينُّ يف «أحكام اجلنائز» (‪)٢٠٩‬‬
‫عامل السنن» للخطمايب مع «سنن أيب داود» (‪)٣٥١ /٣‬‬‫‪ «26‬م ِّ‬
‫َ‬
‫‪11‬‬
‫ابلقوة والغلبة والقهر‪:‬‬
‫الطريق الرابع‪ :‬ثبوت البيعة َّ‬
‫حىت أَ ْذ َعنُوا له واستقمر له األمر يف ِّ‬
‫احلكم ومتم له‬ ‫حاكم ابلق موة والسيف م‬ ‫ب على ِّ‬
‫الناس ٌ‬
‫ُ‬ ‫إذا َغلَ َ‬
‫إماما للمسلمني وإِ ْن مل يَ ْستَ ْج ِم ْع شرو َ‬ ‫ِّ‬
‫أحكامه انفذةٌ‪،‬‬‫ط اإلمامة‪ ،‬و ُ‬ ‫ب ً‬ ‫صار املتغل ُ‬
‫التمكني؛ َ‬
‫ُ‬
‫احدا عند ِّ‬
‫أهل‬ ‫قوال و ً‬ ‫اخلروج عليه ً‬
‫نازعتُه ومعصيتُه و ُ‬ ‫وحت ُرُم ُم َ‬
‫بل جتب طاعتُه يف املعروف َْ‬
‫الدماء وتسك ِ‬
‫ني‬ ‫ِ‬ ‫خري ِم َن اخلروج عليه؛ لِ َما يف ذلك ِم ْن َح ْق ِن‬ ‫السنمة؛ ذلك َّ‬
‫ألن طاعته ٌ‬
‫وذهاب أمواهلم‬‫ِ‬ ‫اقة دمائهم‪،‬‬ ‫اخلروج عليه ِمن َش ِق َعصا املسلمني وإر ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّمهاء‪ ،‬ولِ َما يف‬
‫الد ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫وتسلُّ ِط أعداء اإلسالم عليهم‪ ،‬قال اإلمام أمحد ـ رمحه هللا ـ‪« :‬ومن َخرج على ٍ‬
‫إمام ِّم ْن‬ ‫َ ْ ََ‬ ‫ُ‬
‫ضا أو‬ ‫وجه كان ِّ‬‫أبي ٍ‬ ‫الناس اجتمعوا عليه وأَقَـُّروا له ابخلالفة ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ابلر َ‬ ‫أئ ممة املسلمني وقد كان ُ‬
‫اآلاثر عن رسول هللا صلمى هللا عليه‬
‫ف َ‬ ‫صا املسلمني‪ ،‬وخالَ َ‬ ‫الغَلَبة؛ ف َق ْد َش مق هذا اخلار ُج َع َ‬
‫ِ‬ ‫مات ِّميتةً جاهليمةً‪ ،‬وال ََِي ُّل ُ‬
‫اخلروج عليه‬
‫ُ‬ ‫السلطان وال‬ ‫قتال‬ ‫وسلمم‪ِّ ،‬فإ ْن مات اخلار ُج َ‬
‫ع على غ ِري السن َِّة والطريق» ‪.27‬‬‫فم ْن فَـ َع َل ذلك فهو ُم ْبـتَ ِد ٌ‬ ‫أل ٍ ِ‬
‫َحد م َن الناس؛ َ‬ ‫َ‬
‫ابن حج ٍر ـ رمحه هللا ـ يف‬
‫ظ ُ‬ ‫احلاكم املُتغلِ ِ‬
‫ب احلاف ُ‬ ‫ِ‬ ‫وجوب ِ‬
‫طاعة‬ ‫ِ‬ ‫اإلَجاع على‬
‫َ‬ ‫وقد َح َكى‬
‫ُّرر السنيمة» ‪.28‬‬
‫بن عبد الومهاب ـ رمحه هللا ـ كما يف «الد َ‬
‫الشيخ حم ممد ُ‬
‫«الفتح‪ ،»7/13‬و ُ‬

‫بن مروان؛ حيث تَـغَلم َ‬


‫ب‬ ‫ت ابلغَلَ ِّبة والق موة‪ :‬واليةُ عبد امللك ِّ‬
‫انعقد ْ‬ ‫قلت‪ِّ :‬‬
‫وم َن اإلمامة اليت َ‬
‫وم ْن ذلك‪:‬‬ ‫استتب له األمر يف احلكم‪ ،‬وصار إماما حاكما ابلغَلَبة‪ِّ ،‬‬ ‫على ِّ‬
‫الناس بسيفه و م‬
‫ً‬ ‫َ ً‬ ‫ُ‬
‫ت هلم ابالستيالء والغَلَبة‪ ،‬مع أ من اخلالفة كانَ ْ‬
‫ت قائمةً يف‬ ‫انعقد ْ‬
‫واليةُ بين أ َُميمةَ يف األندلس‪َ :‬‬
‫بغداد للعبماسيِّني‪.‬‬

‫‪.)٥‬‬
‫‪ «27‬املسائل والرسائل» لَلمحدي (‪/٢‬‬
‫بن حم ممد ِّ‬
‫بن قاسم (‪.)٢٣٩ /٧‬‬ ‫ُّرر السنيمة يف األجوبة النجدية» لعبد الرمحن ِّ‬
‫انظر« ‪:‬الد َ‬
‫‪28‬‬

‫‪12‬‬
‫فتنعقد ابالختيار واالستخالف سواءٌ‬ ‫ُ‬ ‫ت هبا اإلمامةُ الكربى‪:‬‬‫فهذه هي الطُُّر ُق اليت تَـثْـبُ ُ‬
‫ومهَا طريقان شرعيمان‬ ‫عهد‪ُ ،‬‬ ‫ويل ٍ‬‫مجاعة ختتار ِّم ْن بينِّها م‬
‫بتعيني ٍ‬
‫ف أو ِّ‬ ‫عهد مستَ ْخلَ ٍ‬ ‫ويل ٍ‬ ‫ِّ‬
‫بتعيني ِّ‬
‫ُْ‬
‫ت بيعتُهم سائَِّر َم ْن كان حتت‬ ‫أهل احلَ ِل والعقد ابالختيار لَ ِّزَم ْ‬
‫ُمتمـ َف ٌق عليهما؛ فإذا ابيَـ َعهُ ُ‬
‫واليته‪ ،‬كما تَـ ْلَزُمهم البيعةُ احلاصلةُ ابالستخالف‪ ،‬وكذا املُْنـ َع ِقدةُ عن ِ‬
‫طريق القهر‬
‫ب‬ ‫ِّ‬ ‫والغَلَبة؛ فالبَـْيعةُ حاصلةٌ على ُك ِّل أهل القطر الذي تَـ َومىل فيه‬
‫ف أو املُتغل ُ‬
‫احلاكم املُ ْستَ ْخلَ ُ‬
‫ُ‬
‫مم ْمن يدخلون حتت واليته أو سلطانه‪.‬‬

‫أبساليب النُّظُِم املُ ْستَـ ْوَر َدةِ الفاقدةِ للشرعية الدينية‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلمامة العُظْمى‬ ‫ِ‬
‫الوالية أو‬ ‫انعقاد‬
‫ُ‬ ‫أما‬
‫العمل هبا على ِّد ِّ‬
‫ين املسلم وعقيدتِّه ـ فإ من‬ ‫وخطَ ِّر ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫فبغض النظر عن فساد هذه األنظمة َ‬ ‫ـ ِّ‬
‫وتنعقد‬ ‫ِّ‬
‫االستيالء والقهر‪،‬‬ ‫ت هبا وجيري جمرى طر ِّيق الغَلَ ِّبة و‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬ ‫ب اإلمامة أو الوالية يـَثْـبُ ُ‬ ‫َمْنص َ‬
‫ائط اإلمامة‪ ،‬ولو متََ مك َن هلا دون اختيا ٍر أو‬ ‫احلاكم وإِّ ْن مل يكن مستَج ِّمعا لشر ِّ‬‫ِّ‬ ‫إمامةُ‬
‫ُْ ْ ً‬
‫ٍ‬
‫استخالف وال بـي ٍ‬
‫عة‪.‬‬ ‫َْ‬
‫اإلمام‬
‫مات ُ‬ ‫القهر واالستيالء‪ :‬فإذا َ‬ ‫الثالث فهو ُ‬ ‫يق ُ‬ ‫النووي ـ رمحه هللا ـ‪« :‬وأما الطر ُ‬
‫ُّ‬ ‫قال‬
‫الناس بشوكته‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫صدمى لإلمامة َم ْن َمجَ َع شرائطَها م ْن غري استخالف وال بيعة‪ ،‬وقَـ َهَر َ‬ ‫فتَ َ‬
‫ِّ‬
‫جامعا للشرائط أبَ ْن كان‬ ‫ت خالفتُه ليَـْنـتَظ َم ََشْ ُل املسلمني‪ِّ ،‬فإ ْن مل يكن ً‬ ‫انعقد ْ‬
‫وجنوده؛ َ‬
‫انعقادها لِّ َما ذَ َكْرانهُ وإِّ ْن كان عاصيًا ِّبف ْعلِّه»‬
‫َص ُّحهما‪ُ :‬‬ ‫ِّ‬
‫جاهال فوجهان‪ :‬أ َ‬
‫فاس ًقا أو ً‬
‫طاع َّإال يف املعروف دون‬
‫وج ْوٌر‪ ،‬وال يُ ُ‬
‫ظلم َ‬
‫ص َل منه ٌ‬
‫؛ وعليه‪ ،‬تَـل َْزُم طاعتُه ولو َح َ‬
‫‪29‬‬

‫‪ «29‬روضة الطالبني» للنووي (‪)٤٦ /١٠‬‬

‫‪13‬‬
‫اعةُ ِيف املَعر ِ‬
‫وف» متفق عليه‪ ،‬وقولِّه صلمى‬ ‫املعصية؛ لقوله صلمى هللا عليه وسلمم‪« :‬إِ ََّّنَا الطَّ َ‬
‫ُْ‬
‫صي ِة ِ‬‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫هللا عليه وسلمم‪َ « :‬ال طَ َ ِ‬
‫هللا َع َّز َو َج َّل» ‪.30‬‬ ‫اعةَ ل َم ْخلُوق ِيف َم ْع َ‬
‫السلف ِّم َن األصول ـ‪:‬‬ ‫َمجَ َع عليه‬
‫عد ُد ما أ ْ‬‫األشعري ـ رمحه هللا ـ ـ وهو ي ِّ‬
‫ُّ‬ ‫ِّ‬
‫احلسن‬ ‫قال أبو‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يل شيئًا ِّم ْن أمورهم‬‫ِّ‬ ‫اعة َّ ِ‬ ‫السم ِع والطَّ ِ‬
‫ألئمة املسلمني‪ ،‬وعلى أ من ُك مل َم ْن َو َ‬ ‫«وأَجعوا على َّ ْ‬
‫جار أو‬
‫اخلروج عليهم ابلسيف‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫مت طاعتُه ِّم ْن بـَ ٍر وفاج ٍر ال يـَْلَزُم‬‫ضى أو َغلَ ٍبة وامتد ْ‬
‫عن ِّر ً‬
‫َع َد َل» ‪.31‬‬

‫وغريمها ِّم َن‬ ‫ِّ‬


‫أصحاب احلديث‪ :‬اجلمعةَ والعيدين َ‬ ‫ُ‬ ‫وقال الصابوينُّ ـ رمحه هللا ـ‪« :‬ويرى‬
‫جهاد ال َك َفَرةِّ معهم وإِّ ْن كانوا‬ ‫ٍ ٍ‬
‫ف ُك ِّل إمام مسلم بـًَّرا كان أو ً‬
‫فاجرا‪ ،‬ويـََرْو َن َ‬ ‫الصلوات َخ ْل َ‬
‫َج َوَرةً فَ َجَرةً‪ ،‬ويـََرْو َن الدعاءَ هلم ابإلصالح والتوفيق والصالح وبَ ْس ِّط العدل يف الرعيمة‪ ،‬وال‬
‫قتال ِّ‬
‫الفئَ ِّة‬ ‫العدول عن العدل إىل اجلَْوِّر واحليف‪ ،‬ويـََرْو َن َ‬‫َ‬ ‫اخلروج عليهم وإِّ ْن َرأ َْوا منهم‬ ‫يـََرْو َن‬
‫َ‬
‫الع ْدل» ‪.32‬‬ ‫ِّ‬
‫حىت ترجع إىل طاعة اإلمام َ‬ ‫الباغية م‬

‫ِّ‬
‫األمور مطل ًقا‪ ،‬إمنا يُطيعوُنم يف‬ ‫«فأهل السن ِّمة ال يُطيعون ُوَالةَ‬
‫ُ‬ ‫ابن تيميمة ـ رمحه هللا ـ‪:‬‬ ‫وقال ُ‬
‫ٱّلِل وأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ول‬
‫ٱلر ُس َ‬
‫َطيعُواْ َّ‬ ‫ض ْم ِّن طاعة الرسول صلمى هللا عليه وسلمم‪ ،‬كما قال تعاىل‪﴿ :‬أَطيعُواْ ََّ َ‬
‫مذهب ِّ‬
‫أهل‬ ‫كان‬ ‫«وهلذا‬ ‫ـ‪:‬‬ ‫ا‬ ‫أيض‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫هللا‬ ‫رمحه‬ ‫ـ‬ ‫وقال‬ ‫‪،‬‬ ‫]»‬ ‫‪٥٩‬‬ ‫[النساء‪:‬‬ ‫﴾‬ ‫وأُوِل ۡٱأل َۡم ِر ِمن ُك ۡ‬
‫م‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َْ‬

‫بن أيب ٍ‬
‫طالب رضي هللا عنه‪ .‬وص مححه أمحد شاكر يف‬ ‫علي ِّ‬ ‫ِّ‬
‫حديث ِّ‬ ‫‪ 30‬أخرجه أمحد يف «مسنده» (‪ِّ )١٠٩٥‬م ْن‬
‫حتقيقه ل« ‪:‬مسند أمحد» (‪ ،)٢٤٨ /٢‬واأللباينُّ يف «صحيح اجلامع» (‪.)٧٥٢٠‬‬

‫‪ «31‬رسالةٌ إىل أهل الثغر» لَلشعري (‪.)٢٩٦‬‬

‫‪ «32‬عقيدة السلف» للصابوين (‪.)٩٢‬‬

‫‪14‬‬
‫ِّ‬
‫الصرب على ظُْلمهم إىل أَ ْن يَ ْس َ‬
‫رتيح بـٌَّر أو‬ ‫اخلروج ابلقتال على امللوك البُـغَاة‪ ،‬و َ‬
‫احلديث‪ :‬تَـ ْرَك ِّ‬
‫اح ِّم ْن فاج ٍر» ‪.33‬‬
‫يُ ْسرت َ‬
‫ِّ‬
‫األمور يف واليتهم وال تعرتضوا عليهم مإال أَ ْن تَـَرْوا‬ ‫النووي ـ رمحه هللا ـ‪« :‬ال تُ ِّ‬
‫نازعوا ُوَالةَ‬ ‫ُّ‬ ‫وقال‬
‫اعد اإلسالم‪ ،‬فإذا رأيتم ذلك فأَنْ ِّكروه عليهم وقولوا ِّ‬
‫ابحلق‬ ‫منهم مْن َكرا ُحم مق ًقا تعلمونه ِّمن قو ِّ‬
‫ْ‬ ‫ُ ً‬
‫إبمجاع املسلمني وإِّ ْن كانوا فَ َس َقةً ظاملني‪،‬‬
‫اخلروج عليهم وقتا ُهلم فحر ٌام ِّ‬ ‫ُ‬ ‫حيث ما كنتم‪ ،‬وأما‬
‫أهل السنمة أنه ال يـَْنـ َع ِّزُل السلطا ُن ابلفسق»‬
‫َمجَ َع ُ‬
‫األحاديث مبَْع َىن ما ذَ َك ْرتُه‪ ،‬وأ ْ‬
‫ُ‬ ‫ظاهَر ِّت‬
‫وقد تَ َ‬
‫‪.34‬‬

‫ْم‪ِّ :‬فإ ْن تَوفمـَر ِّت القدرةُ واالستطاعةُ على تنحيته وتبديلِّه مبسل ٍم‬ ‫الكافر احلُك َ‬
‫ُ‬ ‫َّأما إِ ْن تَـ َو ََّّل‬
‫إمجاعا؛ أل من هللا تعاىل قال‪َ ﴿ :‬وأ ُْوِل‬ ‫ت إزالتُه ً‬
‫ِّ ِّ‬ ‫ف ٍء لإلمامة مع أ َْم ِّن ِّ‬
‫الوقوع يف املفاسد َو َجبَ ْ‬ ‫ُك ْ‬
‫َ‬
‫الكافر ال يـُ َع ُّد ِّم َن املسلمني‪ ،‬وقولِّه صلمى هللا عليه وسلمم‪:‬‬ ‫و‬ ‫]‪،‬‬ ‫‪٥٩‬‬ ‫[النساء‪:‬‬ ‫﴾‬ ‫م‬‫ۡٱأل َۡم ِر ِمن ُك ۡ‬
‫ُ‬
‫« َال‪ ،‬ما أَقَاموا فِي ُكم َّ ‪ِّ 35‬‬
‫الص َالةَ» ‪ ،‬وقوله صلمى هللا عليه وسلمم‪« :‬إَِّال أَ ْن تَـ َرْوا ُك ْف ًرا بَـ َو ً‬
‫احا‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ِع ْن َد ُكم ِمن ِ‬
‫هللا فِ ِيه بُـ ْرَها ٌن» ‪ ،36‬وقولِّه صلمى هللا عليه وسلمم‪َ « :‬ال‪َ ،‬ما َ َّ‬
‫صل ْوا»‪ ،‬قال ُ‬
‫ابن‬ ‫ْ َ‬
‫فيجب على ُك ِّل مسل ٍم ُ‬
‫القيام يف‬ ‫ُ‬ ‫صه أنمه يـَْنـ َع ِّزُل ابلكفر ً‬
‫إمجاعا؛‬ ‫حج ٍر ـ رمحه هللا ـ‪ُ :‬‬
‫«ومل مخ ُ‬
‫داه َن فعليه اإلمثُ» ‪.37‬‬
‫وم ْن َ‬
‫اب‪َ ،‬‬ ‫فم ْن قَ ِّو َ‬
‫ي على ذلك فله الثمو ُ‬ ‫ذلك‪َ :‬‬

‫‪.)٤٤٤‬‬ ‫‪ «33‬منهاج السنمة» البن تيمية (‪ .)٧٦ /٢‬و «جمموع الفتاوى» البن تيمية (‪/٤‬‬
‫‪ «34‬شرح النووي على مسلم» (‪.)٢٢٩ /١٢‬‬
‫بن ٍ‬
‫مالك رضي هللا عنه‪.‬‬ ‫حديث عوف ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫مسلم يف «اإلمارة» (‪ِّ )١٨٥٥‬م ْن‬
‫أخرجه ٌ‬
‫‪35‬‬

‫ورا تُـْن ِّك ُر َ‬ ‫ِّ‬ ‫«الف ََت» ابب ِّ‬ ‫البخاري يف ِّ‬
‫وُنَا »‬
‫النيب صلمى هللا عليه وسلمم« ‪َ :‬س ََرتْو َن بـَ ْعدي أ ُُم ً‬
‫قول ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫‪ُ 36‬متمـ َف ٌق عليه ‪:‬أخرجه‬
‫بن الصامت رضي هللا عنه‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫حديث عُبادةَ ِّ‬ ‫ومسلم يف «اإلمارة» (‪ِّ ،)١٧٠٩‬م ْن‬
‫ٌ‬ ‫(‪،)٧٠٥٦‬‬
‫‪ «37‬فتح الباري» البن حجر (‪.)١٢٣ /١٣‬‬

‫‪15‬‬
‫احلكم إبزالتِّه يف ِّ‬
‫احلال‬ ‫السياسة و ِّ‬ ‫وإقامة البديل‪ ،‬أو ال تنتظم أمور ِّ‬ ‫ِّفإ ْن عجزوا عن إزالتِّه ِّ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ َُ‬
‫وه ْم معذورون؛ لقوله تعاىل‪:‬‬ ‫خشيةَ االضطراب والفوضى ِّ‬
‫صربُ عليه ُ‬ ‫اجب ال م‬ ‫وسوء املآل؛ فالو ُ‬ ‫ُ‬
‫ٱستَطَ ۡعتُ ۡم﴾ [التغابن‪ ،]١٦ :‬وقولِّه صلمى هللا عليه وسلمم‪« :‬فَِإذَا أ ََم ْرتُ ُك ْم‬ ‫ٱّلِل ما ۡ‬
‫﴿فَٱتَّـ ُقواْ ََّ َ‬
‫بِ َشي ٍء فَأْتُوا ِم ْنهُ ما استَطَ ْعتُم» ‪ ،‬وهذا أح ُّق موق ًفا ِّمن اخلروج عليه؛ أل من « َدرء املََف ِ‬
‫اس ِد‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫ْ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫صالِ ِح»؛ لقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬وَال تُـل ُقواْ ِأبَي ِدي ُكم إِ ََّل ٱلتـَّهلُ َك ِة﴾ [البقرة‪:‬‬ ‫أ َْوََّل ِم ْن َجل ِ‬
‫ْب املَ َ‬
‫‪.]١٩٥‬‬

‫احا عندهم ِّم َن هللاِّ فيه برها ٌن‬


‫كفرا بَو ً‬
‫ابن ابز ـ رمحه هللا ـ‪« :‬إذا رأى املسلمون ً‬
‫ٍ‬
‫العالمةُ ُ‬ ‫قال م‬
‫ِّ‬
‫السلطان إلزالته إذا كان عندهم قدرةٌ‪ ،‬أما إذا مل تكن عندهم‬ ‫س أَ ْن خيرجوا على هذا‬ ‫فال َأبْ َ‬
‫للمصالِّ ِّح‬
‫اخلروج؛ رعايةً َ‬
‫ُ‬ ‫شرا أَ ْكثَـَر فليس هلم‬
‫ب ًّ‬ ‫ِّ‬
‫اخلروج يُسب ُ‬
‫ُ‬ ‫قدرةٌ فال خيرجون‪ ،‬أو كان‬
‫َشُّر منه‪ ،‬بل جيب‬ ‫العامة‪ ،‬والقاعدةِّ الشرعية امل ْج َم ِّع عليها أنه‪ :‬ال جيوز إزالةُ ِّ‬
‫الشر مبا هو أ َ‬
‫ُ‬
‫‪38‬‬
‫إبمجاع املسلمني» ‪.‬‬ ‫بشر أَ ْكثَـَر فال جيوز ِّ‬‫الشر ٍ‬‫الشر مبا يُزيلُه أو ُخي ِّف ُفه‪ ،‬أما َد ْرءُ ِّ‬
‫َد ْرءُ ِّ‬

‫النيب صلمى هللا عليه وسلمم‬ ‫ِّ‬


‫قلت‪ :‬وتُـ ْل َح ُق هذه الصورةُ ابملرحلة املكيمة اليت كان عليها ُّ‬
‫والية ال ُكفمار‪ ،‬وقد أ ُِّم ُروا فيها ابلدعوة إىل هللا تعاىل‪،‬‬ ‫وأصحابه قبل اهلجرة؛ ف َق ْد كانوا حتت ِّ‬
‫ُ‬
‫حىت يفتح هللاُ عليهم أ َْمرهم ويُ ِّ‬ ‫ف األيدي عن القتال‪ ،‬و ِّ‬ ‫وَك ِّ‬
‫فر َج َك ْرَهبم وهو خريُ‬ ‫َ‬ ‫الصرب م‬
‫ِۡ ۡ ِ‬ ‫ۡ‬ ‫الفاحتني‪ ،‬قال تعاىل‪﴿ :‬أََۡمل تَـر إِ ََّل ٱلَّ ِذ ِ‬
‫ٱلصلَ ٰوةَ َوءَاتُواْ‬ ‫يل َهلُم ُك ُّفٓواْ أَيديَ ُكم َوأَق ُ‬
‫يمواْ َّ‬ ‫ين ق َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َّ‬
‫ٱلزَك ٰوةَ﴾ [النساء‪.]٧٧ :‬‬

‫كالم‬ ‫السياسي والفكري» للرفاعي (‪ .)٢٤‬وللشيخ ِّ‬


‫ابن عثيمني ـ رمحه هللا ـ ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫اجعات يف فقه الواقع‬ ‫«مر َ‬
‫انظر‪ُ :‬‬
‫‪38‬‬

‫نفيس يف «الشرح امل ْمتِّع على زاد امل ْستَـ ْقنِّع» (‪.)٣٢٣ /١١‬‬
‫ٌ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫‪16‬‬
‫منبيه أنمه إذا تَـعدمد األئ ممةُ والسالطني فالطاعةُ ابملعروف إممنا جتب ل ُك ِّل و ٍ‬
‫احد‬ ‫هذا‪ ،‬وجدير ابلت ِّ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ٌ‬
‫ِّ‬
‫السياق‬ ‫عة له على أهل القطر الذي تَـْنـ ُف ُذ فيه أو ِّامره ونواهيه‪ِّ ،‬‬
‫وض ْم َن هذا‬ ‫منهم بعد البـي ِّ‬
‫ُ‬ ‫َْ‬
‫ساع رقعته وتَباعُ ِّد أطرافه‪،‬‬
‫انتشار اإلسالم واتِّ ِّ‬
‫ِّ‬ ‫‪39‬‬
‫يقول الشوكاينُّ ـ رمحه هللا ‪« :‬وأما بعد‬
‫اآلخ ِّر أو‬ ‫ٍ‬ ‫فمعلوم أنه قد صار يف ُك ِّل قط ٍر أو أقطا ٍر الواليةُ إىل ٍ‬
‫إمام أو سلطان‪ ،‬ويف القطر َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫ِّ‬
‫ت إىل‬ ‫اآلخ ِّر وأقطاره اليت َ‬
‫رجع ْ‬ ‫ُني يف قُطْ ِّر َ‬ ‫أمر وال ٌ‬ ‫األقطار كذلك‪ ،‬وال يـَْنـ ُف ُذ لبَـ ْعضهم ٌ‬
‫عة له‬‫احد منهم بعد البـي ِّ‬‫ُّد األئ مم ِّة والسالطني‪ ،‬وجيب الطاعةُ ل ُك ِّل و ٍ‬ ‫واليته؛ فال أبس بتـعد ِّ‬
‫َْ‬ ‫َ ََ‬
‫قام َم ْن‬ ‫ِّ‬
‫اآلخر‪ ،‬فإذا َ‬ ‫ب القطر َ‬ ‫امره ونواهيه‪ ،‬وكذلك صاح ُ‬ ‫على أهل ال ُقطْر الذي ينفذ فيه أو ُ‬
‫احلكم فيه أَ ْن يـُ ْقتَ َل إذا مل‬ ‫يُ ِّ‬
‫ت فيه واليتُه وابيـَ َعهُ أهلُه كان ُ‬
‫نازعُه يف القطر الذي قد ثـَبَـتَ ْ‬
‫الدخول حتت واليته لِّتَباعُ ِّد األقطار‪... ،‬‬
‫ُ‬ ‫اآلخ ِّر طاعتُه وال‬‫ب‪ ،‬وال جتب على أهل القطر َ‬ ‫يـَتُ ْ‬
‫ود ْع عنك ما‬ ‫تدل عليه األدلمةُ‪َ ،‬‬ ‫ناسب للقواعد الشرعية‪ ،‬واملطابِّ ُق لِّما ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫فاع ِّر ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ف هذا فإنه املُ ُ‬ ‫ْ‬
‫ِّ‬
‫اإلسالم وما هي‬ ‫ت عليه الواليةُ اإلسالميةُ يف مأوِّل‬ ‫قال يف ُُمالَفته؛ فإ من الفرق بني ما كانَ ْ‬
‫يُ ُ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫عليه اآل َن أَو ِّ‬
‫ب‬‫ت ال يَ ْستَح ُّق أَ ْن ُخيَاطَ َ‬‫وم ْن أَنْ َكَر هذا فهو ُمباه ٌ‬
‫ض ُح م ْن َشس النهار‪َ ،‬‬ ‫ْ َ‬
‫ابحل مجة ألنه ال يـَ ْع ِّقلُها» ‪( .40‬انتهى إىل هنا كالم الشيخ فركوس مطوال)‬

‫‪« 39‬السيل اجلمرار» للشوكاين (‪.)٥١٢ /٤‬‬


‫‪ «40‬السيل اجل مرار» للشوكاين (‪.)٥١٢ /٤‬‬

‫‪17‬‬
‫املبحث الرابع ‪:‬‬
‫‪41‬‬
‫االنتخاابت وما موقفنا منها ؟‬

‫االنتخاابت من مواليد النظم الدميقراطية اليت تعد من نتاج عقول األغريق القدامى وصنيعهم‬
‫؛ وقد توارثتها األجيال –على توسع اترة واحنسار أخرى‪ -‬حىت عمت يف بالد الكفر ‪,‬‬
‫وتعدت بلواها فعمت خالل العقود القليلة املاضية إىل بلداننا اإلسالمية ؛ هذه النظم اليت‬
‫يزعم أرابهبا أُنا كفيلة أبن تنتج أحكاما مالئمة ألحوال احملكومني حتت شعار (حكم‬
‫الشعب ابلشعب) ال تكاد جتد بلدا إسالميا إال وقد ابتلي هبا يف ُمتلف اجلوانب (الفكرية‬
‫‪ ,‬والسياسية ‪ ,‬والسلوكية) مع تغافل عن نصوص الشرع املقررة ملا أمجع عليه املسلمون من‬
‫أن التشريع حق خالص هلل سبحانه ال يشركه فيه غريه ؛ فليس ألحد أن يشرع ما يتعارض‬
‫مع حكم هللا تعاىل ‪-‬وأما ما سكتت عنه الشريعة فهو عفو‪-.‬‬
‫ومن لوازم هذه النظم الدميقراطية ما يسمى –اليوم‪ -‬ابملمارسات االنتخابية الختيار أعضاء‬
‫ما يسمى (ابجملالس التشريعية –النيابية‪ , -‬أو اجملالس احلكومية التنفيذية ‪ ,‬أو حىت رؤساء‬
‫اجلمهورايت) ‪.42‬‬
‫وملا كانت هذه املمارسات من األمور احلادثة ؛ كان ال بد من الرجوع إىل تقريرات أهل‬
‫العلم لضبط الكالم فيها ؛ والناظر يف كالم أهل العلم املعتربين ؛ يلحظ أُنم قرروا فيها‬
‫املسائل التالية‪:‬‬

‫انظر بني منهجني (‪ : )10‬املشاركة يف االنتخاابت النيابية وحنوها‪ .‬ابلتصرف والزايدة يف‬ ‫‪41‬‬

‫‪http://kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=11441‬‬

‫‪ 42‬وانظر أيضا االنتخاابت وأحكامها يف الفقه االسالمي لفهد العجالن‬

‫‪18‬‬
‫املسألة األوَّل ‪:‬‬

‫األصل أن النظم الدميقراطية اليت من مواليدها االنتخاابت ليس من النظم الشرعية لنصب‬
‫الوالة وال الختيار أعضاء أهل احلل والعقد كما مر بيانه ‪ ،‬وهي ُمالفة لكثري من مسلمات‬
‫الشرع ‪ ،‬منها ‪:‬‬

‫‪ -‬أن التشريع من الشعب للشعب مع أن هللا قال ‪ :‬ان احلكم اال هلل‬
‫‪ -‬تسوية الذكر واألنثى يف التصويت مع قوله تعاىل ‪ :‬وليس الذكر كاالنثى‬
‫‪ -‬تسوية العامل ابجلاهل ‪ ،‬وهذا خيالف قوله تعاىل ‪ :‬قل هل يستوي الذين يعلمون‬
‫واللذين ال يعلمون‬
‫‪ -‬جواز تنصيب االمام الذي ال يتوفر فيه الشروط الشرعية يف االمامة ‪ ،‬ولو كان‬
‫كافرا‬
‫‪43‬‬
‫‪ -‬وغري ذلك من املخالفات الكثرية‬

‫فعليه ‪ ،‬األصل عدم املشاركة يف اي نظام من نظامها ‪ ،‬وال خيرج عن هذا األصل اال‬
‫بضوابط شرعية معتربة‬

‫املسألة الثانية ‪:‬‬

‫ال يصار إىل اعتماد وسيلة االنتخاابت إال يف حالة حتقق وقوع املصلحة الراجحة على‬
‫مفسدة املشاركة ؛ ذلك أن يف هذه اجملالس من املخالفات الشرعية الشئ الكثري‪ -‬كما مر‬
‫بيانه امجاال‪ -‬ومن أراد الوقوف على حقيقة ما فيها فلريجع إىل ما كتب يف بيان أحواهلا ‪-‬‬
‫وهي كثرية وهلل احلمد‪ -‬ولو مل يكن فيها إال الصفة التشريعية وهي صفة واقعية مالزمة هلا ‪-‬‬

‫انظر ‪ :‬تنوير الظلمات بكشف مفاسد وشبهات االنتخابات للشيخ محمد بن عبد هللا االمام‬ ‫‪43‬‬

‫‪19‬‬
‫حىت أُنا تسمى يف بعض البلدان بـ ـ (اجملالس التشريعية)‪ -‬لكفى للقول أبن األصل هو املنع‬
‫من املشاركة يف هذه اجملالس –حال االختيار‪ -‬؛ فاملشاركة يف االنتخاابت النيابية –لغري‬
‫احلاجة واملصلحة‪ -‬هو بال ريب من قبيل االعانة على االمث والعدوان وهللا تعاىل يقول‬
‫{وتعاونوا على الرب والتقوى وال تعاونوا على االمث والعدوان} ‪ ,‬وهي متضمنة لالقرار‬
‫ابالسس اليت قامت عليها العملية االنتخابية وهي أسس ابطلة جيب اجلهر والصدع‬
‫مبخالفتها وتعريف الناس حبقيقتها ومدى مباينتها لدين هللا تعاىل ومناقضتها له من بعض‬
‫االوجه ‪ ,‬ال الرضوخ هلا واالخنراط يف مسلكها ‪ ,‬وهذا ما صرح به كبار مشايخ الدعوة‬
‫السلفية املعاصرين ومنهم الشيخ االلباين ‪ ,‬والشيخ مقبل بن هادي الوادعي –رمحهما هللا‬
‫تعاىل ‪-‬وغريمها ‪" : 44‬واالنتخاابت السياسية ابلطريقة الدميقراطية حرام أيضاً ال جتوز‪ ،‬ألنه‬
‫املنتخب والناخب الصفات الشرعية ملن يستحق الوالية العامة أو اخلاصة‪،‬‬
‫ال يُشرتط يف َ‬
‫فهي هبذه الطريقة تؤدي إىل أن يتوىل حكم املسلمني من ال جيوز توليته وال استشارته‪" .‬‬
‫وقال الشيخ العباد –حفظه هللا ‪" :‬االنتخاابت ليست من الطرق الشرعية‪ ،‬وإمنا هي من‬
‫الطرق الوافدة على املسلمني من أعدائهم‪ ،‬واحلكم فيها للغلبة ولو كانت األغلبية من أفسد‬
‫الناس‪ ،‬أو كان الذي ينتخبونه من أفسد الناس؛ ألُنم ينتخبون واحداً منهم‪ ،‬واحلكم‬
‫للغلبة‪ ،‬وحيث يكون الغلبة أشراراً فإُنم سيختارون شريراً منهم‪ .‬والدخول يف االنتخاابت‬
‫إذا مل حيصل من ورائه فائدة ومصلحة فال يصلح‪" .‬‬
‫وقال يف نفس املوضع ‪" :‬واحلاصل‪ :‬أن الدخول يف االنتخاابت ليس على إطالقه‪ ،‬واألصل‬
‫‪45‬‬
‫أال يدخل فيها إال إذا حصل يف الدخول مصلحة‪" .‬‬

‫‪ 44‬جملة االصالة" يف "العدد الثاين" بتاريخ ‪\"15‬مجادى االخرة\‪ 1413‬هـ " (ص‪)22‬‬
‫‪ 45‬كما يف درس شرح الشيخ على سنن أيب داود (ش\‪)488‬‬

‫‪20‬‬
‫املسألة الثانية ‪:‬‬

‫أن يكون مقصود املشارك يف االنتخاابت حتقيق املصاحل الشرعية املعتربة من خالل تقرير‬
‫األحكام الشرعية اليت فيها مصاحل العباد والبالد أو اإلعانة على تقريرها ؛ ذلك أن من‬
‫ثوابت الشريعة اإلسالمية أن احلكم كله هلل سبحانه لقوله تعاىل [أََال لَهُ اخلَْل ُق َواأل َْم ُر تَـبَ َارَك‬
‫ين ال َقيِّ ُم‬ ‫ب العالَ ِّمني] ‪ ,‬وقوله تعاىل [إِّ ِّن احلكْم إِّمال هللِّ أَمر أمَال تَـعب ُدوا إِّمال إِّ مايه ذَلِّ ِّ‬
‫ك الد ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُْ‬ ‫ََ‬ ‫ُ ُ‬ ‫هللاُ َر ُّ َ َ‬
‫ماس َال يـَ ْعلَ ُمو َن] ‪ ,‬ومن هذه الكلية احلكم يف عبادات الناس ومعاشهم‬ ‫َولَ ِّك من أَ ْكثَـَر الن ِّ‬
‫وسياستهم ‪ ,‬فلكل جانب من تلك اجلوانب أحكام ختصها ؛ ال ينبغي أن تتلقى من غري‬
‫[وهللاُ َْحي ُك ُم َال‬
‫طريق الشرع فاحلكم هلل وحده ال يشرك يف حكمه أحدا ‪ ,‬كما قال سبحانه َ‬
‫اب]‪.‬‬ ‫ْم ِّه وُهو س ِّريع احلِّس ِّ‬ ‫مع ِّق ِّ ِّ‬
‫ب حلُك َ َ َ ُ َ‬ ‫َُ َ‬
‫وهلذا فقد ذم سبحانه بين إسرائيل الذين اختذوا من دون هللا مشرعني يطيعوُنم يف حتليللهم‬
‫يح ابْ َن‬ ‫ِّ ِّ ِّ ِّ‬ ‫احلرام ‪ ,‬وحترميهم احلالل ‪ ,‬فقال م‬
‫َحبَ َارُه ْم َوُرْهبَ َاُنُْم أ َْرَاب ًاب م ْن ُدون هللا َواملَس َ‬
‫[اختَ ُذوا أ ْ‬
‫اح ًدا َال إِّلَهَ إِّمال ُه َو ُسْب َحانَهُ َع مما يُ ْش ِّرُكو َن]‪.‬‬‫مرَمي وما أ ُِّمروا إِّمال لِّيـعب ُدوا إِّ َهلا و ِّ‬
‫َ ُْ ً َ‬ ‫َْ َ َ َ ُ‬
‫فمن دخل يف هذه اجملالس بقصد االستقالل ابلتشريع كان له نصيب من وصف الطاغوتية‬
‫‪ ,‬وحرم اختياره وانتخابه‪.‬‬
‫وأما من دخل فيها بقصد حتكيم الشريعة ‪ ,‬وتقليل الشر أو دفعه ؛ فهذا قد أحسن ‪,‬‬
‫وللمسلمني اختياره وتقدميه‪.‬‬
‫كما أفتت –بذلك‪ -‬اللجنة الدائمة لإلفتاء والدعوة واإلرشاد ‪":‬سؤال ‪:‬هل جيوز التصويت‬
‫يف االنتخاابت والرتشيح هلا ؟ مع العلم أن بالدان حتكم بغري ما انزل هللا؟‪.‬‬
‫اجلواب ‪ :‬ال جيوز ملسلم أن يرشح نفسه رجاء أن ينتظم يف سلك حكومة حتكم بغري ما‬
‫أنزل هللا ‪ ,‬وتعمل بغري شريعة اإلسالم ‪ ,‬فال جيوز ملسلم أن ينتخبه أو غريه ممن يعملون يف‬
‫هذه احلكومة‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫إال إذا كان من يرشح نفسه من املسلمني أو من ينتخبون يرجون ابلدخول يف ذلك أن‬
‫يصلوا بذلك إىل حتويل احلكم إىل العمل بشريعة اإلسالم ‪ ,‬واختذوا ذلك وسيلة إىل التغلب‬
‫على نظام احلكم ‪ ,‬على أال يعمل من رشح نفسه بعد متام الدخول إال يف مناصب ال‬
‫تتناىف مع الشريعة اإلسالمية ‪ ,‬وابهلل التوفيق ‪ ,‬وصلى هللا على نبينا حممد وأله وصحبه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‪:‬‬
‫عبد هللا بن قعود (عضو) ‪ ..‬عبد هللا بن غداين (عضو) ‪ ...‬عبد الرزاق عفيفي (انئب‬
‫‪46‬‬
‫الرئيس) ‪ ...‬عبد العزيز بن عبد هللا بن ابز (الرئيس)‪" .‬‬

‫املسألة الثالث‪:‬‬

‫ليس للمسلم (املرشح واملرتشح) أن يتابع ويعمل بكل ما يصدر عن اجملالس النيابية من‬
‫تشريعات وقوانني ‪ ,‬بل ما كان منها موافقا للشريعة فيقره ويعمل مبقتضاه موافقة للشرع ال‬
‫جمللس النواب ‪ ,‬وما كان منها معارضا للشرع وجب رده وعدم العمل مبقتضاه فضال عن‬
‫إقراره ملا ثبت ىف الصحيح عن النىب (صلى هللا عليه وسلم) أنه قال [امنا الطاعة ىف‬
‫املعروف] ‪ ,‬وقال [على املسلم السمع والطاعة فيما أحب أو كره ما مل يؤمر مبعصية] ‪,‬‬
‫وقال [ال طاعة ملخلوق ىف معصية اخلالق] ‪ ,‬وقال [من أمركم مبعصية هللا فال تطيعوه]‪.‬‬
‫وأما من اتبع اجملالس النيابية فيما تشرعه من قوانني وأحكام فهذا يكون حكمه على‬
‫التفصيل الذي شيخ االسالم ‪" :‬وهؤالء الذين اختذوا أحبارهم ورهباُنم أراباب حيث‬
‫أطاعوهم ىف حتليل ما حرم هللا وحترمي ما أحل هللا يكونون على وجهني‪:‬‬
‫أحدمها ‪ :‬أن يعلموا أُنم بدلوا دين هللا فيتبعوُنم على التبديل فيعتقدون حتليل ما حرم هللا‬

‫جمموع فتاوى اللجنة الدائمة (‪)406\23‬‬ ‫‪46‬‬

‫‪22‬‬
‫وحترمي ما أحل هللا اتباعا لرؤسائهم مع علمهم أُنم خالفوا دين الرسل فهذا كفر وقد جعله‬
‫هللا ورسوله شركا وان مل يكونوا يصلون هلم ويسجدون هلم فكان من اتبع غريه ىف خالف‬
‫الدين مع علمه أنه خالف الدين واعتقد ما قاله ذلك دون ما قاله هللا ورسوله مشركا مثل‬
‫هؤالء‪.‬‬
‫والثاىن ‪:‬أن يكون اعتقادهم وامياُنم بتحرمي احلالل وحتليل احلرام اثبتا لكنهم أطاعوهم ىف‬
‫معصية هللا كما يفعل املسلم ما يفعله من املعاصى الىت يعتقد أُنا معاص فهؤالء هلم حكم‬
‫أمثاهلم من أهل الذنوب كما ثبت ىف الصحيح عن النىب أنه قال [امنا الطاعة ىف املعروف]‬
‫‪ ,‬وقال [على املسلم السمع والطاعة فيما أحب أو كره ما مل يؤمر مبعصية] ‪ ,‬وقال [ال‬
‫طاعة ملخلوق ىف معصية اخلالق] ‪ ,‬وقال [من أمركم مبعصية هللا فال تطيعوه]‪.‬‬
‫مث ذلك احملرم للحالل واحمللل للحرام‪:‬‬
‫ان كان جمتهدا قصده اتباع الرسول لكن خفى عليه احلق ىف نفس األمر وقد اتقى هللا ما‬
‫استطاع فهذا ال يؤاخذه هللا خبطئه بل يثيبه على اجتهاده الذى أطاع به ربه ‪ ,‬ولكن من‬
‫علم أن هذا خطأ فيما جاء به الرسول مث اتبعه على خطئه وعدل عن قول الرسول فهذا له‬
‫نصيب من هذا الشرك الذى ذمه هللا ال سيما ان اتبع ىف ذلك هواه ونصره ابللسان واليد‬
‫مع علمه أبنه ُمالف للرسول فهذا شرك يستحق صاحبه العقوبة عليه‪.‬‬
‫وهلذا اتفق العلماء على أنه اذا عرف احلق ال جيوز له تقليد أحد ىف خالفه ‪ ,‬وامنا تنازعوا‬
‫ىف جواز التقليد للقادر على االستدالل ‪ ,‬وان كان عاجزا عن اظهار احلق الذى يعلمه‬
‫فهذا يكون كمن عرف أن دين االسالم حق وهو بني النصارى ؛ فاذا فعل ما يقدر عليه‬
‫من احلق ال يؤاخذ مبا عجز عنه وهؤالء كالنجاشى وغريه وقد أنزل هللا ىف هؤالء آايت من‬
‫كتابه كقوله تعاىل {وان من أهل الكتاب ملن يؤمن ابهلل وما أنزل اليكم وما أنزل اليهم} ‪,‬‬
‫وقوله {ومن قوم موسى أمة يهدون ابحلق وبه يعدلون} ‪ ,‬وقوله {واذا َسعوا ما أنزل اىل‬
‫الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من احلق‪} .‬‬

‫‪23‬‬
‫وأما ان كان املتبع للمجتهد عاجزا عن معرفة احلق على التفصيل وقد فعل ما يقدر عليه‬
‫مثله من االجتهاد ىف التقليد فهذا ال يؤاخذ ان أخطأ كما ىف القبلة‪.‬‬
‫وأما ان قلد شخصا دون نظريه مبجرد هواه ونصره بيده ولسانه من غري علم أن معه احلق‬
‫فهذا من أهل اجلاهلية وان كان متبوعه مصيبا مل يكن عمله صاحلا وان كان متبوعه ُمطئا‬
‫كان آمثا كمن قال ىف القرآن برأيه فان أصاب فقد أخطأ وان أخطأ فليتبوأ مقعده من‬
‫‪47‬‬
‫النار‪".‬‬

‫املسألة الرابعة ‪:‬‬

‫جواز أن يبتديء املسلم برتشيح نفسه الستالم املناصب املؤثرة يف سياسة اجملتمع وقيادته‬
‫حنو األصلح ‪ ,‬أو األقل ضررا وشرا ‪ ,‬ودليل ذلك طلب يوسف (عليه السالم) من حاكم‬
‫مصر الكافر أن يكون وزيرا يف حكومته لقدرته على حتصيل النفع للناس ‪ ,‬كما يف قوله‬
‫ظ َعلِّ ٌيم]‪.‬‬
‫ض إِِّّين َح ِّفي ٌ‬
‫اج َع ْل ِّين َعلَى َخَزائِّ ِّن األ َْر ِّ‬
‫ال ْ‬
‫[قَ َ‬
‫قال شيخ االسالم ‪" :‬مث الواليه وان كانت جائزة او مستحبة أو واجبة ؛ فقد يكون يف حق‬
‫الرجل املعني غريها اوجب او احب ؛ فيقدم حينئذ خري اخلريين وجواب اترة واستحااب أخرى‬
‫‪ ,‬ومن هذا الباب تويل يوسف الصديق على خزائن األرض مللك مصر بل ومسألته أن‬
‫جيعله على خزائن االرض وكان هو وقومه كفارا كما قال تعاىل {ولقد جاءكم يوسف من‬
‫قبل ابلبينات فما زلتم ىف شك مما جاءكم به} اآلية ‪ ,‬وقال تعاىل عنه {اي صاحىب السجن‬
‫أأرابب متفرقون خري أم هللا الواحد القهار ما تعبدون من دونه اال أَساء َسيتموها أنتم‬
‫وآابؤكم} اآلية ‪ ,‬ومعلوم أنه مع كفرهم البد أن يكون هلم عادة وسنة ىف قبض االموال‬
‫وصرفها على حاشية امللك وأهل بيته وجنده ورعيته وال تكون تلك جارية على سنة‬

‫جمموع الفتاوى لشيخ االسالم (‪)72-70\7‬‬ ‫‪47‬‬

‫‪24‬‬
‫األنبياء وعدهلم ومل يكون يوسف ميكنه أن يفعل كل ما يريد وهو ما يراه من دين هللا فان‬
‫القوم مل يستجيبوا له لكن فعل املمكن من العدل واالحسان وانل ابلسلطان من اكرام‬
‫املؤمنني من أهل بيته مامل يكن ميكن أن يناله بدون ذلك وهذا كله داخل ىف قوله {فاتقوا‬
‫‪48‬‬
‫هللا ما استطعتم}‪".‬‬
‫فما عد شيخ االسالم تويل الوالايت يف ظل كال احلكومتني حمرما إبطالق بل اجازه وفق‬
‫ضوابط معينة ‪ ,‬بل هو يقول يف جمموع الفتاوى (‪ )68\28‬عن مكانة يوسف من فرعون‬
‫مصر ‪" :‬وكذلك يوسف كان انئبا لفرعون مصر وهو وقومه مشركون وفعل من العدل‬
‫واخلري ما قدر عليه ودعاهم اىل االميان حبسب االمكان‪".‬‬
‫وقد أخذ بعض أهل العلم من هذه اآلية أنه جيوز للرجل الفاضل أن يعمل للرجل الفاجر‬
‫والسلطان الكافر بشرط أن يعلم أنه يفوض إليه يف فعل اليعارضه فيه فيصلح منه ماشاء ‪,‬‬
‫كما قال القرطيب يف تفسريه هلذه اآلية‪ ,‬ما نصه ‪" -:‬قال بعض أهل العلم يف هذه اآلية‬
‫مايبيح للرجل الفاضل أن يعمل للرجل الفاجر والسلطان الكافر بشرط أن يعلم أنه يفوض‬
‫إليه يف فعل اليعارضه فيه فيصلح منه ماشاء ‪ ,‬وأما إذا كان عمله حبسب اختيار الفاجر‬
‫وشهواته وفجوره فال جيوز ذلك‪.‬‬
‫وقال قوم إن هذا كان ليوسف خاصة وهذا جائز ‪ ,‬واألول أوىل إذا كان على الشرط الذي‬
‫‪49‬‬
‫ذكرانه وهللا أعلم‪" .‬‬
‫بل قد نص الشنقيطي على أنه إذا تغلب الكافر على بالد املسلمني فتوىل بعضهم والايت‬
‫يف ظل حكومة االحتالل جاز ذلك ؛ فقال يف رحلته إىل بيت هللا احلرام (‪" : )105‬إن‬
‫املؤمنني إذا تغلب عليهم الكافر إبحتالل بلدهم إذا أمكن االنضمام اىل سلطان إسالمي‬
‫وجب عليهم ذلك ومل جيز هلم مواالة الكافر وأحرى توليتهم ‪ ,‬الن مواالة املسلمني للكفار‬

‫جمموع الفتاوى (‪)57-56\20‬‬ ‫‪48‬‬

‫تفسري القرطيب (‪)215\9‬‬ ‫‪49‬‬

‫‪25‬‬
‫مع القدرة على مواالة املسلمني تتضمن الفتنة والفساد الكبري بنص القران العظيم وهو قوله‬
‫تعاىل {إال تفعلوا تكن فتنة يف االرض وفساد كبري} ‪ ,‬وقد قال هللا تعاىل {ومن يتوهلم‬
‫منكم فإنه منهم إن هللا ال يهدي القوم الظاملني}‪.‬‬
‫وأما إن املسلمني الذين تغلب عليهم الكفار ال صريخ هلم من املسلمني يستنقذهم بضمهم‬
‫إليه ‪ ,‬ومواالهتم للكفار ابلظاهر دون الباطن لدفع ضررههم جائزة لنص القران العظيم وهو‬
‫قوله تعاىل {ال يتخذ املؤمنون الكافرين أولياء من دون املؤنني ومن يفعل ذلك فليس من‬
‫هللا يف شئ إال أن تتقوا منهم تقاة} ‪ ,‬وكذلك توليتهم بعض املسلمني على بعض يف‬
‫اجلاري على أصل مذهب مالك ومن وافقه من أن شرع من قبلنا شرع لنا إن ثبت بشرعنا‬
‫إال لدليل يقتضي النسخ‪.‬‬
‫وإيضاح ذلك أن نيب هللا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم وعلى نبينا‬
‫الصالة والسالم طلب التولية من ملك مصر وأنعقدت له منه وهو كافر كما قال تعاىل‬
‫حكاية عنه {إجعلين على خزائن االرض أين حفيظ عليم} فلو كانت التولية من يد‬
‫الكافر املتغلب حرام غري منعقدة ملا طلبها هذا النيب الكرمي بن الكرمي بن الكرمي بن الكرمي‬
‫من يد الكافر وملا إنعقدت له منه ‪ ,‬ويوسف من الرسل الذين ذكرهم هللا يف سورة االنعام‬
‫بقوله {ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف} االية ‪ ,‬وقد أمر نبينا (صلى هللا عليه‬
‫وسلم) ابالقتداء هبم حيث قال له بعد ذكرهم (عليه وعليهم صالته وسالمه) {اولئك‬
‫الذين هدى هللا فبهداهم إقتده} وأمر نبينا (صلى هللا عليه وسلم) ابالقتداء هبم أمر لنا الن‬
‫اخلطاب اخلاص ابلنيب (صلى هللا عليه وسلم) يتناول االمة من جهة احلكم ألنه قدوهتم إال‬
‫ما ثبتت فيه اخلاصية ابلدليل على ما ذهب إليه أكثر املالكية وهو ظاهر قول االمام‬
‫مالك‪".‬‬
‫بل قد أملح العالمة السعدي إىل تعني هذا التويل بقصد إصالح املوجود ‪,‬أو الدفع عن‬
‫ب‬
‫اإلسالم واملسلمني حبسب القدرة واإلمكان ؛ فقال يف تفسري قوله تعاىل [قَالُوا َاي ُش َعْي ُ‬
‫‪26‬‬
‫ت َعلَْيـنَا بِّ َع ِّزي ٍز] ‪,‬‬
‫اك َوَما أَنْ َ‬ ‫ضعِّي ًفا َولَ ْوَال َرْهطُ َ‬
‫ك لََرمجَْنَ َ‬ ‫ِّ‬ ‫َما نـَ ْف َقهُ َكثِّ ًريا ِّممما تَـ ُق ُ‬
‫ول َوإِّ مان لَنَـَر َاك فينَا َ‬
‫فقال الشيخ عبد الرمحن انصر السعدي فيه فوائدها كما يف تفسريه ‪" :‬ومنها‪ :‬أن هللا يدفــع‬
‫عن املؤمنني أبسباب كثرية منها أن هللا يدفع عن املؤمنني أبسباب كثرية وقد يعلمون بعضها‬
‫وقد ال يعلمون شيئاً منها‪ .‬ورمبا دفع عنهم‪ ،‬بسبب قبيلتهم‪ ،‬وأهل وطنهم الكفار‪ ،‬كما دفع‬
‫هللا عن شعيب‪ ،‬رجم قومه‪ ،‬بسبب رهطه‪ .‬وأن هذه الروابط‪ ،‬اليت حيصل هبا الدفع عن‬
‫اإلسالم واملسلمني‪ ،‬ال أبس ابلسعي فيها‪ ،‬بل رمبا تعني ذلك‪ .‬ألن اإلصالح مطلوب‪،‬‬
‫حسب القدرة واإلمكان‪.‬‬
‫فعلى هذا ‪ ،‬لو سعى املسلمون الذين حتت والية الكفار‪ ،‬وعملوا على جعل الوالية‬
‫مجهورية‪ ،‬يتمكن فيها األفراد والشعوب‪ ،‬من حقوقهم الدينية والدنيوية لكان أوىل‪ ،‬من‬
‫استسالمهم لدولة تقضي على حقوقهم‪ ،‬الدينية والدنيوية‪ ،‬وحترص على إابدهتا‪ ،‬وجعلهم‬
‫وخ َدماً هلم‪.‬‬
‫َع َملَةً َ‬
‫نعم إن أمكن أن تكون الدولة للمسلمني‪ ،‬وهم احلكام‪ ،‬فهو املتعني‪ .‬ولكن لعدم إمكان‬
‫‪50‬‬
‫هذه املرتبة ‪ ،‬فاملرتبة اليت فيها دفع ووقاية للدين والدنيا مقدمة وهللا أعلم‪" .‬‬
‫وهلذا فقد أوجبت اللحنة الدائمة مساعدة مساعدة احلزب الذي يعرف منه أنه سيحكم‬
‫ابلشريعة اإلسالمية يف االنتخاابت التشريعية ‪,‬كما جاء يف فتواها املرقمة ( ‪) 14676‬‬
‫جوااب عن السؤال التايل ‪":‬سؤال ‪ :‬كما تعلمون عندان يف اجلزائر ما يسمى بـ ‪( :‬االنتخاابت‬
‫التشريعية) ‪ ،‬هناك أحزاب تدعو إىل احلكم اإلسالمي ‪ ،‬وهناك أخرى ال تريد احلكم‬
‫اإلسالمي ‪ .‬فما حكم الناخب على غري احلكم اإلسالمي مع أنه يصلي ؟‬
‫اجلواب ‪ :‬جيب على املسلمني يف البالد اليت ال حتكم الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬أن يبذلوا‬
‫جهدهم وما يستطيعونه يف احلكم ابلشريعة اإلسالمية ‪ ،‬وأن يقوموا ابلتكاتف يدا واحدة‬

‫‪50‬تفسري السعدي (‪)289/2‬‬

‫‪27‬‬
‫يف مساعدة احلزب الذي يعرف منه أنه سيحكم ابلشريعة اإلسالمية‪" .‬‬

‫املسألة اخلامسة ‪:‬‬

‫يف حال انعدام املرشح الكامل ؛ فيصار إىل اختيار األمثل فاألمثل ‪ ,‬وما ال يدرك كماله ال‬
‫يرتك من أصله ؛ وال يقال برتك اختيار األمثل لعدم وجود الكامل ‪ ,‬ويعلم هذا من خالل‬
‫األوجه التالية‪:‬‬

‫الوجه األول ‪ :‬إن الواجب يف ابب الوالايت هو تعيني األمثل واألكمل فإن تعذر الكامل‬
‫تعني الصريورة إىل من هو مقارب له وهكذا ‪ ,‬كما قال إبن القيم يف الطرق احلكمية‬
‫(ص\‪" : )347‬وهلذا جيب على كل ويل أمر أن يستعني يف واليته أبهل الصدق والعدل‬
‫واألمثل فاألمثل وإن كان فيه كذب وفجور فإن هللا يؤيد هذا الدين ابلرجل الفاجر وأبقوام‬
‫ال خالق هلم قال عمر (رضي هللا عنه) ‪( :‬من قلد رجال على عصابة وهو جيد يف تلك‬
‫العصابة من هو أرضى هلل منه فقد خان هللا ورسوله ومجاعة املؤمنني)‪.‬‬
‫والغالب أنه ال يوجد الكامل يف ذلك فيجب حتري خري اخلريين ودفع شر الشرين وقد كان‬
‫الصحابة (رضي هللا عنهم) يفرحون ابنتصار الروم والنصارى على اجملوس عباد النار ألن‬
‫النصارى أقرب إليهم من أولئك وكان يوسف الصديق عليه السالم انئبا لفرعون مصر وهو‬
‫وقومه مشركون وفعل من اخلري والعدل ما قدر عليه ودعا إىل اإلميان حبسب اإلمكان‪".‬‬

‫الوجه الثاين ‪ :‬إن الواجب هو إلتزام طريقة أتباع اخللفاء الراشدين يف سائر األمور ‪ ,‬فإذا‬
‫عجز اتباع اخللفاء الراشدين عن ذلك قدموا خري اخلريين حصوال وشر الشرين دفعا ‪ ,‬كما‬
‫قال شيخ اإلسالم ‪" :‬فعليك ابملوازنة يف هذه االحوال واالعمال الباطنة والظاهرة حىت‬

‫‪28‬‬
‫يظهر لك التماثل والتفاضل وتناسب احوال اهل االحوال الباطنة لذوي االعمال الظاهرة‬
‫ال يسما يف هذه االزمان املتأخرة اليت غلب فيها خلط االعمال الصاحلة ابلسيئة يف مجيع‬
‫االصناف لنرجح عند االزدحام والتمانع خري اخلريين وندفع عند االجتماع شر الشرين‬
‫ونقدم عند التالزم تالزم احلسنات والسيئات ما ترجح منها فإن غالب رؤوس املتأخرين‬
‫وغالب االمة من امللوك واالمراء واملتكلمني والعلماء والعباد واهل االموال يقع غالبا فيهم‬
‫ذلك واما املاشون على طريقة اخللفاء الراشدين فليسوا اكثر األمة ولكن على هؤالء املاشني‬
‫على طريقة اخللفاء ان يعاملوا الناس مبا امر هللا به ورسوله من العدل بينهم واعطاء كل ذي‬
‫حق حقه واقامة احلدود حبسب االمكان اذ الواجب هو االمر ابملعروف وفعله والنهي عن‬
‫املنكر وتركه حبسب االمكان فإذا عجز اتباع اخللفاء الراشدين عن ذلك قدموا خري اخلريين‬
‫حصوال وشر الشرين دفعا" ‪ ,51‬فإختيار أقل املرشحني شرا هو من قبيل السري على هدي‬
‫السلف األولني‪.‬‬

‫الوجه الثالث ‪ :‬قال شيخ اإلسالم يف اجلواب الصحيح (‪ " : )216-215\2‬وأهل‬


‫الكتاب خري من املشركني ‪ ,‬وقد ذكران أنه ملا اقتتل فارس والروم وانتصرت الفرس ساء ذلك‬
‫اصحاب رسول هللا وكرهوا انتصار الفرس على النصارى ألن النصارى أقرب إىل دين هللا‬
‫من اجملوس ‪ ,‬والرسل بعثوا بتحصيل املصاحل وتكميلها وتعطيل املفاسد وتقليلها ‪ ,‬وتقدمي‬
‫خري اخلريين على أدانمها حسب اإلمكان ‪ ,‬ودفع شر الشرين خبريمها ؛ فهدم صوامع‬
‫النصارى وبيعهم فساد إذا هدمها اجملوس واملشركون ‪ ,‬وأما إذا هدمها املسلمون وجعلوا‬
‫أماكنها مساجد يذكر فيها اسم هللا كثريا فهذا خري وصالح ‪ ,‬وهذه اآلية ذكرت يف سياق‬
‫اإلذن للمسلمني ابجلهاد بقوله تعاىل {أذن للدين يقاتلون أبُنم ظلموا وإن هللا على نصرهم‬

‫االستقامة (‪)168-167\2‬‬ ‫‪51‬‬

‫‪29‬‬
‫لقدير} ‪ ,‬وهذه اآلية أول آية نزلت يف اجلهاد وهلذا قال {الذين أخرجوا من دايرهم بغري‬
‫حق إال أن يقولوا ربنا هللا} مث قال {ولوال دفع هللا الناس بعضهم ببعض} ؛ فيدفع‬
‫ابملؤمنني الكفار ‪ ,‬ويدفع شر الطائفتني خبريمها كما دفع اجملوس ابلروم النصارى ‪ ,‬مث دفع‬
‫النصارى ابملؤمنني أمة حممد‪" .‬‬
‫فلو خري املسلمون بني ظهور النصارى ‪ ,‬وظهور من هو شر منهم لكان الواجب إختيار‬
‫ظهور النصارى على من هو فوقهم يف الشر ‪ ,‬وهكذا احلال يف مسألة اإلنتخاابت حيث‬
‫أن املسلمون فيها ُمريون بني األقل شرا واألعظم شرا ‪ ,‬فتعني املصري إىل إختيار من هو‬
‫أقل شرا‪.‬‬

‫الوجه الرابع ‪ :‬إن كان مثة ظاملني متعارضني ‪ ,‬فالذي ينبغي هو أن يعاون من هو أقل‬
‫ظلما على من من هو أكثر ظلما حبسب اإلستطاعة ‪ ,‬كما قرر ذلك شيخ اإلسالم يف‬
‫منهاج السنة النبوية ‪" :‬فاألقل ظلما ينبغي أن يعاون على األكثر ظلما فإن الشريعة مبناها‬
‫على حتصيل املصاحل وتكميلها وتعطيل املفاسد وتقليلها حبسب اإلمكان ومعرفة خري‬
‫اخلريين وشر الشرين حىت يقدم عند التزاحم خري اخلريين ويدفع شر الشرين" ‪ ,52‬وهكذا‬
‫معاونة األقل ظلما من املرشحني لإلنتخاابت هو املتعني‪.‬‬

‫الوجه اخلامس ‪ :‬إن األصل يف ابب إنكار املنكر هو رفعه ابلكلية ‪ ,‬أو تقليله مع بقاء‬
‫أصله ‪ ,‬فمن مل يكن قادرا على رفع املنكر ابلكلية ‪ ,‬لكنه كان قادا على السعي يف تقليله‬
‫تعني عليه ذلك ‪ ,‬كما قال إبن القيم ‪" :‬أن النيب (صلى هللا عليه وسلم) شرع ألمته إجياب‬
‫إنكار املنكر ليحصل إبنكاره من املعروف ما حيبه هللا ورسوله فإذا كان إنكار املنكر يستلزم‬

‫منهاج السنة النبوية (‪)118\6‬‬ ‫‪52‬‬

‫‪30‬‬
‫ما هو أنكر منه وأبغض إىل هللا ورسوله فإنه ال يسوغ إنكاره وان كان هللا يبغضه وميقت‬
‫أهله ‪ , .......‬فإنكار املنكر أربع درجات‪:‬‬
‫األوىل ‪ :‬أن يزول وخيلفه ضده‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬أن يقل وإن مل يزل جبملته‪.‬‬
‫الثالثة ‪ :‬أن خيلفه ما هو مثله‪.‬‬
‫الرابعة ‪ :‬أن خيلفه ما هو شر منه‪.‬‬
‫فالدرجتان األوليان مشروعتان والثالثة موضع اجتهاد والرابعة حمرمة" ‪ ,53‬وهكذا املشاركة يف‬
‫اإلنتخاابت إن كانت بقصد تقليل املنكر كانت مشروعة‪.‬‬

‫إعالم املوقعني (‪)4\3‬‬ ‫‪53‬‬

‫‪31‬‬
‫املبحث اخلامس ‪:‬‬

‫فتاوى العلماء حول االنتخاابت‬

‫فتاوى أهل العلم املعاصرين اجمليزة للمشاركة يف االنتخاابت النيابية بشرطي ‪( :‬احلاجة‬
‫‪54‬‬
‫واختيار األصلح)‬
‫وألجل ما تقدم من أوجه شرعية ‪ ,‬وغريها فقد جاءت فتاوى اهل العلم قاضية جبواز‬
‫املشاركة يف اإلنتخاابت النيابية بقصد املسامهة بتغيري نظام احلكم إن أمكن ‪ ,‬أو بقصد‬
‫تقليل الشر الواقع او استجالب اخلري املفقود ومن ذلك‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬فتوى اللجنة الدائمة املؤلفة من (الشيخ ‪ :‬عبد العزيز بن عبد هللا بن ابز (الرئيس) ‪,‬‬
‫‪ ,‬والشيخ ‪ :‬عبد الرزاق عفيفي (انئب الرئيس) ‪ ,‬والشيخ ‪ :‬عبد هللا بن غداين (عضو‪) .‬‬
‫صدر عن اللجنة الدائمة الفتوى املرقمة ( ‪ ) 14676‬كما يف جمموع فتاوى اللجنة الدائمة‬
‫(‪ )374-372\27‬جوااب عن السؤال التايل‪:‬‬
‫"سؤال ‪ :‬كما تعلمون عندان يف اجلزائر ما يسمى بـ ‪( :‬االنتخاابت التشريعية) ‪ ،‬هناك‬
‫أحزاب تدعو إىل احلكم اإلسالمي ‪ ،‬وهناك أخرى ال تريد احلكم اإلسالمي ‪ .‬فما حكم‬
‫الناخب على غري احلكم اإلسالمي مع أنه يصلي ؟‬
‫اجلواب ‪ :‬جيب على املسلمني يف البالد اليت ال حتكم الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬أن يبذلوا‬
‫جهدهم وما يستطيعونه يف احلكم ابلشريعة اإلسالمية ‪ ،‬وأن يقوموا ابلتكاتف يدا واحدة‬
‫يف مساعدة احلزب الذي يعرف منه أنه سيحكم ابلشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫وأما مساعدة من ينادي بعدم تطبيق الشريعة اإلسالمية فهذا ال جيوز ‪ ،‬بل يؤدي بصاحبه‬

‫‪ 54‬من كالم الشيخ يف مقالة ‪ :‬بني منهجني (‪ : )10‬املشاركة يف االنتخاابت النيابية وحنوها‪{ - .‬منتدايت كل‬
‫السلفيني})‪(kulalsalafiyeen.com‬‬

‫‪32‬‬
‫اح َذ ْرُه ْم أَ ْن‬ ‫اءه ْم َو ْ‬ ‫اح ُك ْم بـَْيـنَـ ُه ْم ِّمبَا أَنْـَزَل م‬
‫اَّللُ َوَال تَـتمبِّ ْع أهو ُ‬
‫ِّ‬
‫إىل الكفر ؛ لقوله تعاىل ‪َ [ :‬وأَن ْ‬
‫ض ذُنُ ِّ‬
‫وهبِّ ْم‬ ‫اَّلل أَ ْن ي ِّ‬
‫صيبَـ ُه ْم بِّبَـ ْع ِّ‬ ‫ك فَِّإ ْن تَـ َولمْوا فَ ْ‬
‫اعلَ ْم أَممنَا يُِّر ُ‬ ‫اَّللُ إِّلَْي َ‬
‫ض َما أَنْـَزَل م‬ ‫وك َع ْن بـَ ْع ِّ‬ ‫يـَ ْفتِّنُ َ‬
‫يد مُ ُ‬
‫ْما لَِّق ْوٍم‬ ‫اَّلل ُحك ً‬
‫اس ُقو َن] ‪ [ ,‬أَفَحكْم اجلاهلية يـبـغُو َن ومن أَحسن ِّمن مِّ‬
‫َْ َ َ ْ ْ َ ُ َ‬ ‫ُ َ‬
‫ماس لََف ِّ‬
‫َوإِّ من َكثِّ ًريا ِّم َن الن ِّ‬
‫يُوقِّنُو َن] ‪ ،‬ولذلك ملا بني هللا كفر من مل حيكم ابلشريعة اإلسالمية ‪ ،‬حذر من مساعدهتم‬
‫[ايأَيـُّ َها‬
‫أو اختاذهم أولياء ‪ ،‬وأمر املؤمنني ابلتقوى إن كانوا مؤمنني حقا ‪ ،‬فقال تعاىل ‪َ :‬‬
‫ين أُوتُوا الْكتاب ِّم ْن قَـْبلِّ ُك ْم‬ ‫ِّ ِّ م ِّ‬ ‫مخ ُذوا الم ِّذ م ِّ‬
‫ين اختَ ُذوا دينَ ُك ْم ُه ُزًوا َولَعبًا م َن الذ َ‬ ‫َ‬
‫الم ِّذين آمنُوا َال تَـت ِّ‬
‫َ َ‬
‫ني ] ‪ ,‬وابهلل التوفيق ‪ ،‬وصلى هللا على نبينا حممد‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫مار أ َْوليَاءَ َواتـم ُقوا م‬
‫اَّللَ إ ْن ُكْنـتُ ْم ُم ْؤمن َ‬ ‫َوالْ ُكف َ‬
‫وآله وصحبه وسلم‪".‬‬

‫اثنيا ‪ :‬فتوى الشيخ عبد العزيز بن ابز –رمحه هللا ‪-‬املنشورة كما يف (جملة لواء‬
‫اإلسالم\العدد الثالث\ذو القعدة سنة ‪1409‬هـ‪ ،‬يونيو سنة ‪1989‬م)‪ ،‬ونقلها عن اجمللة‬
‫الشيخ مناع القطان يف كتاب "معوقات تطبيق الشريعة اإلسالمية"‪ ،‬وقد جاءت جو ًااب‬
‫لسائل يسأل عن شرعية الرتشيح جمللس الشعب‪ ،‬وحكم اإلسالم يف استخراج بطاقة‬
‫انتخاابت بنية انتخاب الدعاة واإلخوة املتدينني لدخول اجمللس فأجاب َساحة شيخنا‬
‫قائالً‪" :‬إن النيب )‪ (‬قال‪[ :‬إمنا األعمال ابلنيات‪ ،‬وإمنا لكل امرئ ما نوى] ؛ لذا فال حر َج‬
‫الشعب إذا كان املقصود من ذلك أتييد احلق‪ ،‬وعدم املوافقة على‬‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫مبجلس‬ ‫ِّ‬
‫االلتحاق‬ ‫يف‬
‫الدعاة إىل هللا‪.‬‬
‫الباطل‪ ،‬ملا يف ذلك من نصر احلق‪ ،‬واالنضمام إىل ُ‬
‫الدعاة‬ ‫ِّ‬
‫انتخاب ُ‬ ‫كما أنه ال َحَر َج كذلك يف استخراج البطاقة اليت يُستعان هبا على‬
‫الصاحلني‪ ،‬وأتييد احلق وأهله‪ ،‬وهللا املوفق‪".‬‬

‫اثلثا ‪ :‬فتوى الشيخ حممد بن صاحل العثيمني –رمحه هللا ‪-‬جوااب عن السؤال التايل املوجه‬
‫إليه يف لقاء الباب املفتوح (ش\‪" : )211‬السؤال‪ :‬ما حكم االنتخاابت املوجودة يف‬
‫الكويت ‪ ,‬علماً أبن أغلب من دخلها من اإلسالميني ورجال الدعوة فتنوا يف دينهم؟‬

‫‪33‬‬
‫وأيضاً ما حكم االنتخاابت الفرعية القبلية املوجودة فيها اي شيخ؟!‬
‫اجلواب‪ :‬أان أرى أن االنتخاابت واجبة‪ ,‬جيب أن نعني من نرى أن فيه خرياً‪ ,‬ألنه إذا‬
‫تقاعس أهل اخلري من حيل حملهم؟ أهل الشر‪ ,‬أو الناس السلبيون الذين ليس عندهم ال‬
‫خري وال شر‪ ,‬إتباع كل انعق‪ ,‬فالبد أن خنتار من نراه صاحلاً فإذا قال قائل‪ :‬اخرتان واحداً‬
‫لكن أغلب اجمللس على خالف ذلك‪ ,‬نقول‪ :‬ال أبس‪ ,‬هذا الواحد إذا جعل هللا فيه بركة‬
‫وألقى كلمة احلق يف هذا اجمللس سيكون هلا أتثري والبد‪ ,‬لكن ينقصنا الصدق مع هللا‪,‬‬
‫نعتمد على األمور املادية احلسية وال ننظر إىل كلمة هللا عز وجل‪ ,‬ماذا تقول يف موسى‬
‫عليه السالم عندما طلب منه فرعون موعداً ليأيت ابلسحرة كلهم‪ ,‬واعده موسى ضحى يوم‬
‫الزينة ‪-‬يوم الزينة هو‪ :‬يوم العيد؛ ألن الناس يتزينون يوم العيد‪ -‬يف رابعة النهار وليس يف‬
‫الليل‪ ,‬يف مكان مست ٍو‪ ,‬فاجتمع العامل‪ ،‬فقال هلم موسى (عليه الصالة والسالم)‪َ :‬‬
‫[ويْـلَ ُك ْم‬
‫ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫ال تَـ ْفرتوا علَى مِّ ِّ‬
‫اب َم ِّن افََْرتى] كلمة واحدة صارت‬ ‫اَّلل َكذابً فَـيُ ْسحتَ ُك ْم بِّ َع َذاب َوقَ ْد َخ َ‬ ‫َُ َ‬
‫أمره ْم بـَْيـنَـ ُه ْم] الفاء دالة على الرتتيب والتعقيب‬ ‫قنبلة‪ ,‬قال هللا عز وجل‪[ :‬فَـتَـنَ َازعُوا ُ‬
‫والسببية‪ ,‬من وقت ما قال الكلمة هذه تنازعوا أمرهم بينهم‪ ,‬وإذا تنازع الناس فهو فشل‪,‬‬
‫مج َوى]‪,‬‬ ‫َسُّروا الن ْ‬
‫أمره ْم بـَْيـنَـ ُه ْم َوأ َ‬
‫[وال تَـنَ َازعُوا فَـتَـ ْف َشلُوا] ؛ [فَـتَـنَ َازعُوا ُ‬
‫كما قال هللا عز وجل‪َ :‬‬
‫والنتيجة أن هؤالء السحرة الذين جاءوا ليضادوا موسى صاروا معه‪ ,‬ألقوا سجداً هلل‪,‬‬
‫وسى] ‪ ,‬وفرعون إمامهم‪ ,‬أثرت كلمة احلق من واحد إمام أمة‬ ‫ِّ ِّ‬
‫[آمنما بَرب َه ُارو َن َوُم َ‬
‫وأعلنوا‪َ :‬‬
‫عظيمة زعيمها أعىت حاكم‪.‬‬
‫فأقول‪ :‬حىت لو فرض أن جملس الربملان ليس فيه إال عدد قليل من أهل احلق والصواب‬
‫سينفعون‪ ,‬لكن عليهم أن يصدقوا هللا عز وجل‪ ,‬أما القول‪ :‬إن الربملان ال جيوز وال مشاركة‬
‫الفاسقني‪ ,‬وال اجللوس معهم‪ ,‬هل نقول‪ :‬جنلس لنوافقهم؟ جنلس معهم لنبني هلم الصواب‪.‬‬
‫بعض اإلخوان من أهل العلم قالوا‪ :‬ال جتوز املشاركة‪ ,‬ألن هذا الرجل املستقيم جيلس إىل‬
‫الرجل املنحرف‪ ,‬هل هذا الرجل املستقيم جلس لينحرف أم ليقيم املعوج؟! نعم ليقيم‬
‫املعوج‪ ,‬ويعدل منه‪ ,‬إذا مل ينجح هذه املرة جنح يف املرة الثانية‪".‬‬

‫‪34‬‬
‫وقال –رمحه هللا‪ -‬مؤكدا فتواه جبواز املشاركة يف االنتخاابت كما يف األسئلة القطرية () ‪,‬‬
‫جوااب على السؤال التايل ‪" :‬فضيلة الشيخ ‪ ,‬سائل يقول ‪ :‬هل أفتيتم جبواز اإلنتخاابت ؟‬
‫وما حكمها؟‪.‬‬
‫اجلواب ‪ :‬نعم أفتينا بذلك– وال بد من هذا – ألنه إذا فُِّق َد صوت املسلمني ؛ معناه ‪:‬‬
‫متََ ُّحض اجمللس ألهل الشر ‪ ,‬وإذا شارك املسلمون يف اإلنتخاابت ؛ انتخبوا من يرون أُنم‬
‫أهل لذلك ‪ ,‬فيحصل هبذا خري وبركة‪".‬‬
‫وقال الشيخ أمحد بن عبد الرمحن القاضي يف كتابه املاتع مثرات التدوين من مسائل ابن‬
‫عثيمني ‪" :‬مسألة ( ‪1420/6/29 ( ) 593‬هـ ) ‪ :‬سألت شيخنا رمحه هللا ‪:‬عن‬
‫املسلمني يف أمريكا ‪ ،‬هل يشاركون يف االنتخاابت اليت جتري يف الوالايت لصاحل مرشح‬
‫يؤيد مصاحل املسلمني ؟‪.‬‬
‫فأجاب ابملوافقة ‪ ،‬دون تردد‪" .‬‬

‫رابعا ‪ :‬فتوى الشيخ األلباين جوااب عن سؤال جبهة اإلنقاذ كما نشرته جملة األصالة يف‬
‫عددها الرابع ‪":‬السؤال ‪ :‬ما احلكم الشرعي يف النصرة والتأييد املتعلقني ابملسألة املشار‬
‫إليها سابقاً ( االنتخاابت التشريعية )؟‬
‫يرشح نفسه ليكون انئبا‬ ‫اجلواب ‪ :‬يف الوقت الذي ال ننصح أحدا من أخواننا املسلمني أن ِّ‬
‫يف برملان ال حيكم مبا أنزل هللا‪ ،‬وإن كان قد نص يف دستوره (دين الدولة اإلسالم) فإن هذا‬
‫النص قد ثبت عمليا أنه وضع لتخدير أعضاء النواب الطيِّيب القلوب!! ذلك ألنه ال‬
‫يغري شيئاً من مواد الدستور املخالفة لإلسالم‪ ،‬كما ثبت عمليا يف بعض البالد‬ ‫يستطيع أن ِّ‬
‫اليت يف دستورها النص املذكور‪.‬‬
‫هذا إن مل يتورط مع الزمن أن يُقر بعض األحكام املخالفة لإلسالم بدعوى أن الوقت مل‬
‫بعد لتغيريها كما رأينا يف بعض البالد؛ يـُغَ ِّري النائب زيه اإلسالمي‪ ،‬ويتزاي ابلزي الغريب‬
‫حين ُ‬
‫قطر مث‬ ‫مسايرة منه لسائر النواب! فدخل الربملان لي ِّ‬
‫صلح غريه فأفسد نفسه‪ ،‬و مأول الغيث ٌ‬ ‫ُْ‬

‫‪35‬‬
‫ينهمر! لذلك فنحن ال ننصح أحدا أن يرشح نفسه‪.‬‬
‫ولكن ال أرى ما مينع الشعب املسلم إذا كان يف املرشمحني من يعادي اإلسالم وفيهم‬
‫مرشمحون إسالميون من أحزاب ُمتلفة املناهج‪ ،‬فننصح ـ واحلالة هذه ـ كل مسلم أن‬
‫ينتخب من اإلسالميني فقط ومن هو أقرب إىل املنهج العلمي الصحيح الذي تقدم بيانه‪.‬‬
‫أقول هذا ـ وإن كنت أعتقد أن هذا الرتشيح واالنتخاب ال حيقق اهلدف املنشود كما تقدم‬
‫بيانه ـ من ابب تقليل الشر‪ ،‬أو من ابب دفع املفسدة الكربى ابملفسدة الصغرى كما يقول‬
‫الفقهاء‪".‬‬
‫وقال الشيخ –رمحه هللا ‪-‬كما يف سلسلة اهلدى والنور (ش\‪ " : )660‬كل من‬
‫االنتخاابت يدور حول قاعدة غري إسالمية ‪ ،‬بل هي قاعدة يهودية صهيونية ‪ :‬الغاية تربر‬
‫الوسيلة‪.‬‬
‫أفصل بني أن يرشح املسلم نفسه يف جملس من جمالس البلدايت ‪ ,‬وبني أن خيتار هو‬ ‫أان ِّ‬
‫من يُظَن أن شره يف ذلك اجمللس أقل من غريه‪.‬‬
‫جيب التفريق ‪-‬حىت يف االنتخاابت الكربى‪ -‬وأان كتبت يف هذا إىل مجاعة اإلنقاذ يف‬
‫اجلزائر فقد أرسلوا إيل سؤاال عن االنتخاابت ؛ فبينت هلم بشيء من التفصيل ما ذكرت‬
‫آنفاً من أن هذه االنتخاابت والربملاانت ليست إسالمية‪ ،‬وأنين ال أنصح مسلماً أن يرشح‬
‫نفسه ليكون انئبا يف هذا الربملان ألنه ال يستطيع أن يعمل شيئاً أبداً لإلسالم ‪ ،‬بل‬
‫سيجرفه التيار كما يقع يف كل احلكومات القائمة اليوم يف البالد العربية‪.‬‬
‫ولكن مع ذلك قلت ‪ :‬إذا كان هناك مسلمون ‪ -‬وهذا موجود مع األسف يف كل بالد‬
‫اإلسالم ‪ -‬يرشحون أنفسهم ليدخلوا الربملان بزعم تقليل الشر ؛ فنحن ال نستطيع أن‬
‫نصدهم عن ترشيح أنفسهم صداً ألننا ال منلك إال النصح والبيان والبالغ ؛ فإذا كان هو‬
‫سريشح نفسه لالنتخاابت الكربى أو الصغرى ‪-‬على حد تعبريك‪ -‬؛ فريشح مسلم نفسه‬
‫نصراين أو شيوعي أو حنو ذلك‪.‬‬
‫فإذا ما أمكننا أن نصد املسلم من أن يرشح نفسه سواء لالنتخاب الصغري أو الكبري فنحن‬

‫‪36‬‬
‫خنتاره ‪ ,‬ملاذا؟‪.‬‬
‫ألن هناك قاعدة إسالمية على أساسها حنن نقول ما قلنا ‪ :‬إذا وقع املسلم بني شرين‪،‬‬
‫اختار أقلهما شراً‪.‬‬
‫ال شك أن وجود رئيس بلدية مسلم هو بال شك أقل شراً ‪-‬وال أقول خري‪ -‬من وجود‬
‫رئيس بلدية كافر أو ملحد‪.‬‬
‫لكن هذا الرئيس حيرق نفسه وهو ال يدري ألنه ملا يرشح نفسه بدعوى أنه يريد أن يقلل‬
‫الشر ‪-‬وقد يفعل‪ -‬ولكنه ال يدري أبنه حيرتق من انحية أخرى ؛ فيكون مثله كمثل العامل‬
‫الذي ال يعمل بعلمه‪ ،‬وقد قال عليه الصالة والسالم‪[ :‬مثل العامل الذي ال يعمل بعلمه‬
‫كمثل املصباح حيرق نفسه ويضيء غريه]‪.‬‬
‫نتخب ألننا سنحرتق‬ ‫ِّ‬
‫نتخب ؛ ال نرشح أنفسنا لنُ َ‬ ‫هلذا حنن نفرق بني أن نَنتخب وبني أن نُ َ‬
‫‪ ,‬أما من أىب إال أن حيرق نفسه قليال أو كثرياً ويرشح نفسه يف هذه االنتخاابت أو تلك ‪،‬‬
‫فنحن من ابب دفع الشر األكرب ابلشر األصغر خنتار هذا املسلم على ذاك الكافر أو على‬
‫ذاك امللحد‪.‬‬
‫السائل ‪ :‬اي شيخنا أفهم من هذا الكالم أنه ابلنسبة للربملان أو ابلنسبة لالنتخاابت البلدية‬
‫إذا ترشح مسلم فالتصويت عليه جائز‪.‬‬
‫الشيخ ‪ :‬نعم ‪ ,‬لكن من ابب دفع الشر األكرب ابلشر األصغر‪ ،‬ليس ألنه خري‪".‬‬

‫خامسا ‪ :‬فتوى الشيخ عبد احملسن العباد ‪,‬حيث قال كما يف درس شرحه على سنن أيب‬
‫داود (ش\‪ )488‬جوااب عن السؤال التايل ‪" :‬السؤال‪ :‬هل املشاركة يف االنتخاابت من‬
‫تغيري املنكر ابليد‪ ،‬حيث إن اإلنسان خيتار الرجل الصاحل ليكون حاكماً؟‪.‬‬
‫اجلواب‪ :‬هذه االنتخاابت ليست من الطرق الشرعية‪ ،‬وإمنا هي من الطرق الوافدة على‬
‫املسلمني من أعدائهم‪ ،‬واحلكم فيها للغلبة ولو كانت األغلبية من أفسد الناس‪ ،‬أو كان‬
‫الذي ينتخبونه من أفسد الناس؛ ألُنم ينتخبون واحداً منهم‪ ،‬واحلكم للغلبة‪ ،‬وحيث يكون‬

‫‪37‬‬
‫الغلبة أشراراً فإُنم سيختارون شريراً منهم‪.‬‬
‫والدخول يف االنتخاابت إذا مل حيصل من ورائه فائدة ومصلحة فال يصلح‪.‬‬
‫ولكن إذا كان سيرتتب عليه مصلحة من أن األمر يدور بني شخصني أحدمها سيء والثاين‬
‫حسن‪ ،‬ولو مل يشارك يف أتييد جانب ذلك احلسن فإنه تغلب كفة ذلك السيئ‪ ،‬فإنه ال‬
‫أبس ابملشاركة من أجل حتصيل تلك املصلحة ودفع املضرة‪.‬‬
‫بل لو كان األمر يدور بني شخصني أحدمها شرير والثاين دونه يف الشر كما حيصل يف‬
‫بعض البالد اليت فيها أقليات إسالمية واحلكم فيها للكفار‪ ،‬فإذا صار األمر يدور بني‬
‫كافرين أحدمها شديد احلقد على املسلمني‪ ,‬وشديد املعاداة هلم‪ ،‬ويضيق عليهم‪ ،‬وال‬
‫ميكنهم من أداء شعائرهم‪ ،‬والثاين مسامل‪ ،‬ومتعاطف مع املسلمني‪ ،‬وليس عنده احلقد‬
‫الشديد عليهم‪ ،‬فال شك أن ترجيح جانب من يكون خفيفاً على املسلمني أوىل من ترك‬
‫األمر حبيث يتغلب ذلك الكافر الشديد احلقد على املسلمني‪.‬‬
‫ومعلوم أنه جاء يف القرآن أن املسلمني يفرحون ابنتصار الروم على الفرس‪ ،‬وهم كفار‬
‫كلهم‪ ،‬لكن هؤالء أخف؛ ألن هؤالء ينتمون إىل دين‪ ،‬وأولئك يعبدون األواثن وال ينتمون‬
‫إىل دين‪ ،‬وإن كان اجلميع كفاراً‪ ،‬لكن بعض الشر أهون من بعض‪.‬‬
‫ومن قواعد الشريعة ارتكاب أخف الضررين يف سبيل التخلص من أشدمها‪ ،‬فإذا ارتكب‬
‫أخف الضررين يف سبيل التخلص من أشدمها فإن هذا أمر مطلوب‪.‬‬
‫فاحلاصل أن االنتخاابت يف األصل هي وافدة على املسلمني وليست مما جاء به دينهم‪،‬‬
‫واملشاركة فيها إذا كان سيرتتب على ذلك ترجيح جانب من فيه خري على من فيه شر ولو‬
‫ترك ترجح جانب من فيه شر‪ ،‬فال أبس بذلك‪ ،‬وكذلك عندما يكون كل منهما شرير‪،‬‬
‫ولكن أحدمها أخف‪ ،‬وأريد ترجيح جانب من كان أخف‪ ،‬كما ذكرت يف حق الكافرين‬
‫اللذين يرجح جانب أحدمها من أجل عدم حصول الضرر من ذلك الذي يكون أشد خبثاً‬
‫وحقداً على املسلمني‪ ،‬فإنه واحلالة هذه يسوغ االنتخاب هلذه القاعدة ابرتكاب أخف‬
‫الضررين يف سبيل التخلص من أشدمها‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫فال جيوز أن يشارك يف االنتخاابت إال إذا كان األمر يدور بني خري وشر‪ ،‬وإذا مل يشارك‬
‫يف أتييد اخلري سيتقدم الشرير على غريه‪ ،‬فيجوز الدخول يف االنتخاابت من أجل حتصيل‬
‫هذه املصلحة‪ ،‬أو يكوان اثنني خبيثني لكن أحدمها أخف على املسلمني من اآلخر‪،‬‬
‫ميكنهم من إقامة شعائرهم‪ ،‬فمثل هذا إذا رجح جانبه من قبل األقليات اإلسالمية ال أبس‬ ‫و ِّ‬
‫بذلك؛ ألُنم ال خيتارون إماماً للمسلمني‪ ،‬وإمنا خيتارون واحداً متعاطفاً معهما‪ ،‬فهما شران‬
‫ال بد منهما‪ ،‬وبعض الشر أهون من بعض‪ ،‬فمن كان أصلح هلم وأخف ضرراً عليهم فإن‬
‫ارتكاب أخف الضررين يف سبيل التخلص من أشدمها أمر مطلوب‪.‬‬
‫واحلاصل‪ :‬أن الدخول يف االنتخاابت ليس على إطالقه‪ ،‬واألصل أال يدخل فيها إال إذا‬
‫حصل يف الدخول مصلحة أبن كان األمر دائراً بني شرير وطيب‪ ،‬أو بني شريرين أحدمها‬
‫أخف من اآلخر‪ ،‬وكان ترك املشاركة يؤدي إىل تغلب من هو أخبث وأشد؛ ففي هذه‬
‫احلالة ال أبس بذلك من أجل ارتكاب أخف الضررين يف سبيل التخلص من أشدمها‪".‬‬

‫سادسا ‪ :‬فتوى الشيخ عبد الرمحن الرباك جوااب عن السؤال التايل ‪" :‬فضيلة الشيخ عبد‬
‫الرمحن بن انصر الرباك ‪-‬حفظه هللا تعاىل_‪ :‬ما حكم االنتخاابت واملشاركة فيها ؟‬
‫وماحكم دخول الربملان؟‪.‬‬
‫اجلواب ‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم على رسول هللا‪ ،‬وعلى آله وصحبه أمجعني‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فإن االنتخاابت اليت جتري يف البالد اإلسالمية‪ ،‬سواء كانت النتخاب رئيس الدولة‪ ،‬أو‬
‫ألعضاء الربملان‪ ،‬أو جملس األمة أو الشعب كما يقال‪ ،‬هي دخيلة على املسلمني‪ ،‬انتقلت‬
‫إليهم من األمم الكافرة؛ بسبب استيالء دول الكفر على بالد املسلمني‪ ،‬وبسبب إعجاب‬
‫كثري من املسلمني بطرائق الكافرين‪ ،‬وهي طرائق ُمالفة ملقتضى العقل واملشروع؛ ألن تعيني‬
‫املرشحني لالنتخاب يقوم على معايري مادية‪ ،‬مصدرها األهواء واألغراض البشرية‪ ،‬مث مع‬
‫فساد هذه املعايري ليس اخليار فيها يف احلقيقة لَلمة؛ ألنه ليس إليها ترشيح رئيس الدولة‪،‬‬
‫وإمنا ختتار أحد املرشمحني ‪ ,‬مث إن اختياره يقوم على الدعاية‪ ،‬فمن كان أقوى دعايةً وادعاءً‬

‫‪39‬‬
‫كان هو الفائز‪.‬‬
‫مث إن املع مول يف هذه االنتخاابت على كثرة األصوات من ُمتلف طبقات وفئات الشعب‪،‬‬
‫مما يتضمن التسوية يف هذا بني عقالئهم وسفهائهم‪ ،‬وعلمائهم وجهاهلم‪ ،‬ورجاهلم‬
‫ونسائهم‪ ،‬وبعد هذا كله قد ال يكون فرز األصوات نزيهاً‪ ،‬بل يكون للرشاوى والوعود يف‬
‫هذا أثر كبري‪ ،‬هذا يف البالد اليت توصف ابحلضارة والتقدم والدميقراطية على حد قوهلم‪،‬‬
‫واليت هي األصل يف هذه األنظمة‪.‬‬
‫وأما البالد اليت حذت حذوها من البالد العربية واإلسالمية‪ ،‬فليس لالنتخاابت اليت ُجترى‬
‫فيها حقيقة وال جماز؛ فالرئيس هو الرئيس‪ ،‬وهو املنتخب بنسبة ‪ %99‬أو أكثر‪.‬‬
‫ومع هذا كله فمن له من األمة حق االختيار من العقالء والعلماء وصاحلي األمة‬
‫ونصائحها‪ ،‬وأهل النظر فيما يصلح األمة يف أمر دينها ودنياها‪ ،‬ويف سائر قضاايها‬
‫االجتماعية واالقتصادية والسياسية‪ ،‬فهؤالء ال أثر هلم يف تلك االنتخاابت ‪ ،‬فإُنم بني‬
‫ُم ْستَبعد ال يعتد ابختياره فال صوت له يف حساهبم‪ ،‬أو مغمور ال أثر الختياره يف خضم‬
‫الكثرة الكاثرة‪ ،‬ممن هلم حق التصويت واالختيار من سائر الطوائف والطبقات يف اجملتمع‪،‬‬
‫وهبذا يتبني أن هذه االنتخاابت بعيدة كل البعد عن صفة اختيار اإلمام‪ ،‬كما هو مقرر يف‬
‫أحكام اإلمامة عند املسلمني‪ ،‬وكذلك شروط من يـَُرشمح يف هذه االنتخاابت‪ُ ،‬مالِّفةٌ ألكثر‬
‫الشروط املعتربة يف اإلمام‪ ،‬الذي تثبت واليته ابالختيار حسبما هو مقرر يف الفقه‬
‫اإلسالمي‪.‬‬
‫فتبني مما تقدم أن هذه االنتخاابت الدخيلة على املسلمني ابطلة‪ ،‬وتنظيمها حرام‪ ،‬وذلك‬
‫ملا سبقت اإلشارة إليه من اشتماهلا على التشبه ابلكفار‪ ،‬وارتكازها على الدعاية وشراء‬
‫األصوات والدعاوى الكاذبة‪ ،‬وعلى الكثرة الغوغائية اليت تبيع أصواهتا‪ ،‬بل وتعطي أصواهتا‬
‫ملن حيقق أهواءها دون اعتبار خلُلُ ٍق وال دين‪.‬‬
‫وأما حكم املشاركة يف االنتخاابت‪ ،‬والدخول يف الربملان فهو موضع اجتهاد‪ ،‬فإن كان‬
‫حيقق مصلحة شرعية راجحة‪ ،‬ونصرة للحق وختفيفاً للشر والظلم‪ ،‬من غري مباشرة ملعصية‬

‫‪40‬‬
‫أو التزٍام أبصل من أصول الكفر‪ ،‬أو موافقة على حكم من أحكام الطاغوت املخالفة‬
‫استَطَ ْعتُ ْم}‬ ‫لشرع هللا‪ ،‬فاملشاركة يف هذا الوجه مشروعة‪ ،‬عمالً بقوله تعاىل { فَاتـم ُقوا م‬
‫اَّللَ َما ْ‬
‫‪.‬‬
‫ومن ترجح عنده يف املشاركة حتصيل هذه املصاحل‪ ،‬ودرء تلك املفاسد فال عليه إذا شارك‬
‫بنية صاحلة‪ ،‬ومن مل يرتجح عنده حتقيق املصاحل الراجحة‪ ،‬ومل أيمن من الوقوع يف الباطل‬
‫ص َح هلل _تعاىل_ ولرسوله (صلى هللا‬ ‫فليس عليه حرج إذا اعتزل تلك الطوائف كلمها‪ ،‬ونَ َ‬
‫ضى‪َ ،‬وال َعلَى‬ ‫عليه وسلم) وللمؤمنني‪ ،‬كما قال تعاىل{لَيس علَى الض ِّ‬
‫ُّع َفاء َوال َعلَى الْ َم ْر َ‬
‫َ‬ ‫ْ َ َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫م ِّ‬
‫ني م ْن َسبِّ ٍيل َو م‬
‫اَّللُ‬ ‫ين ال َجي ُدو َن َما يـُْنف ُقو َن َحَر ٌج إِّ َذا نَ َ‬
‫ص ُحوا مَّلل َوَر ُسول ِّه‪َ ،‬ما َعلَى الْ ُم ْحسن َ‬ ‫الذ َ‬
‫ور َرِّح ٌيم}‪ ,‬هذا ما تيسر مجعه‪ ،‬وهللا تعاىل أعلم‪" .‬‬ ‫َغ ُف ٌ‬
‫‪http://albarrak.islamlight.net/index...=view&id=10880‬‬

‫وقال –حفظه هللا‪ -‬جوااب على السؤال التايل ‪:‬السؤال ‪ :‬ما قول السادة العلماء أئمة الدين‬
‫ودليل املسلمني وورثة األنبياء حفظهم هللا يف حكم املشاركة يف (التصويت يف االنتخاابت)‬
‫يف العراق اليت ستقام يف ُناية العام امليالدي احلايل ؟‪.‬‬
‫علما أن هذه االنتخاابت هي النتخاب أعضاء جملس كتابة الدستور العراقي بصورته‬
‫النهائية‪ ،‬وهؤالء املنتخبون سيضعون قانوان يتحكم مبصري البالد‪ ،‬والفئة الغالبة على اجمللس‬
‫ستكتب الدستور بشكل يضمن مصاحلها ويقوي موقفها ‪ ،‬فقد يرسخ األعضاء بعض‬
‫القوانني لنصرة مذهب وطائفة معينة وتقويتها على حساب اآلخر‪ ،‬وهذا ما يعد له الرافضة‬
‫وتدعمهم فيه إيران ابملال والبشر ‪ ،‬أو قد يرسخ األعضاء فصل الدين عن الدولة وحماربة‬
‫الدين ‪ ،‬علما أنه سيشارك يف الرتشيح هلذا اجمللس إسالميون من أهل السنة ‪ ،‬وهنالك‬
‫الكثري من أهل السنة ممن اليرغبون يف املشاركة فيها مما سيضعف وجودهم فيه ‪ ،‬فما حكم‬
‫اإلدالء ابلصوت يف هذه االنتخاابت من حيث الوجوب أو الندب أو اإلابحة أو الكراهة‬
‫أو التحرمي ؟‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫وما حكم مشاركة املرأة يف حال اصطحاهبا من قبل حمرم وأمن االختالط ؟‪.‬‬
‫وما صفة من جيوز انتخاهبم هلذا اجمللس ؟‪.‬‬
‫أفتوان مأجورين مع بيان الدليل ابلتفصيل لزايدة اليقني حفظكم هللا ذخرا للمسلمني‪.‬‬
‫مسلم عراقي غيور‪.‬‬
‫اجلواب‪ :‬احلمد هلل والصالة والسالم على رسول هللا و على آله وصحبه أمجعني و بعد‪:‬‬
‫(وتَـ َع َاونُوا‬
‫استَطَ ْعتُ ْم) (التغابن‪ :‬من اآلية‪ ، )16‬وقال عزوجل ‪َ :‬‬ ‫اَّللَ َما ْ‬‫قال هللا تعاىل‪( :‬فَاتـم ُقوا م‬
‫علَى الِّْ ِّرب والتمـ ْقوى وال تَـعاونُوا علَى ِّْ‬
‫األ ِّْمث َوالْعُ ْد َو ِّان)(املائدة‪ :‬من اآلية‪،)2‬‬ ‫َ َ َ ََ َ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬
‫ص ْرُك ْم)(حممد‪ :‬من اآلية‪،)7‬وقال‬ ‫اَّللَ يـَْن ُ‬ ‫ين َآمنُوا إِّ ْن تَـْن ُ‬
‫ص ُروا م‬ ‫َ م‬
‫وتعاىل‪(:‬ايأَيـُّ َها الذ َ‬ ‫وقال سبحانه‬
‫اَّللِّ) (الصف‪ :‬من اآلية‪.)14‬‬ ‫م ِّ‬
‫ص َار م‬ ‫ين َآمنُوا ُكونُوا أَنْ َ‬ ‫شأنه‪(:‬اي أَيـُّ َها الذ َ‬
‫َ‬ ‫جل‬
‫فالواجب على املسلم أن يفعل مما أوجب هللا من تقواه ونصر دينه ومن التعاون على الرب‬
‫والتقوى ما يستطيع‪ ،‬كما ينبغي له أن يفعل من اخلري ما يقدر عليه مما يكثر اخلري وخيفف‬
‫الشر‪.‬‬
‫وال ريب أن القوانني اليت تضعها الدول اليت تنتسب لإلسالم ال يراعون فيها ما يوافق‬
‫ويطابق أحكام الشريعة‪ ،‬بل يراعون فيها مصاحل واضعيها واألحزاب اليت ينتمون إليها‪،‬‬
‫ويوافق أهواء مجهور الناس واألعراف الدولية اليت تعارفت عليها دول الكفر من اليهود‬
‫والنصارى واملشركني ومن يقفو أثرهم من سائر الدول‪.‬‬
‫ومشاركة بعض املسلمني يف وضع هذه القوانني‪ ،‬غاية ما حيصل من ذلك ختفيف الشر‬
‫الذي ينجم عن ختليهم‪.‬‬
‫فإن ترك املشاركة ميكن للمنافقني واملبتدعني وامللحدين من بلوغ املزيد من أهدافهم من‬
‫نشر مبادئهم ومن حماربة اإلسالم واملسلمني وظلمهم‪ ،‬وعلى هذا فتنبغي املشاركة يف وضع‬
‫قانون للعراق‪ ،‬واملشاركة يف انتخاب املرشحني لوضع القانون‪ ،‬وذلك لتحقيق الغاية‬
‫املنشودة‪ ،‬وهي دفع شر الشرين وحتصيل خري اخلريين حسب االستطاعة ‪ ،‬ومن هذا‬
‫املنطلق ال مانع أن تشارك املرأة يف التصويت ابنتخاب من يعرف ابلعلم والدين واالنتصار‬

‫‪42‬‬
‫لإلسالم مع احلزم وقوة احلجة‪ ،‬ألن مشاركة املرأة حينئذ فيها نصرة للحق وتقوية جلانبه‪،‬‬
‫لكن مع االحتشام وااللتزام ابآلداب اليت جاء هبا اإلسالم للمرأة‪ ،‬واحلذر مما يؤدي إىل‬
‫املخالفات الشرعية ‪ ،‬كاالختالط ومزامحة الرجال‪ ،‬وميكنها تاليف ذلك أبن تستنيب من‬
‫يسجل مشاركتها‪.‬‬
‫وجيب على من يرشح هلذه املهمة هبذه النية ممن يكفر ابلطاغوت ويؤمن ابهلل ويؤمن بقوله‬
‫ْم إِّمال ِّمَّللِّ) (األنعام‪ :‬من اآلية‪ ،)57‬جيب عليه أن خيلص هلل يف مشاركته‬ ‫تعاىل‪( :‬إِّ ِّن ْ‬
‫احلُك ُ‬
‫وأن جيتهد يف ختفيف الشر‪ ،‬وأال يطلب هبذه املشاركة عرضاً من الدنيا وال جاهاً عند‬
‫الناس‪ ،‬كما جيب عليه أن يربأ من كل ما يوضع يف القانون من الباطل مما ال يستطيع دفعه‪،‬‬
‫وليس من احلكمة ترك األمر ألهل الباطل‪ ،‬حيققون مآرهبم دون أن جيدوا معارضاً من أهل‬
‫احلق‪ ،‬بل لو رشح كافران وكان أحدمها مساملاً للمسلمني واآلخر شديد العداوة لوجب‬
‫انتخاب األول لدفع شر اآلخر‪ ،‬وهكذا يقال يف سائر من يرشح لوضع قانون البالد أو‬
‫لرائسة البالد‪ ،‬أو لوالية من الوالايت ‪ ،‬فينبغي للمسلمني أن جيتهدوا فيما ميكن للخري‬
‫ويدفع الشر أو خيففه حسب اإلمكان‪ ،‬وهللا تعاىل من وراء القصد‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫‪http://albarrak.islamlight.net/index...=view&id=10880‬‬

‫سابعا‪ :‬فتوى الشيخ صاحل اللحيدان –حفظه هللا ‪- ,‬حيث قال جوااب على السؤال التايل ‪:‬‬
‫"السؤال ‪ :‬هللا يبارك فيك اي شيخ‪ ،‬شيخنا جزاك هللا خريا يعين حنن يف اجلزائر على كل‬
‫حال منر يف هذه األايم ابالنتخاابت التشريعية يعين الربملانية ‪ ,‬وعلى كل حال يعين حكمها‬
‫شرعا هو معلوم أن هذه األمور الغربية اليت ال عالقة هلا ابإلسالم‪.‬‬
‫الشيخ ‪ :‬معروف‪ ،‬معروف إش هي املشكلة‪.‬‬
‫السائل‪ :‬يعين اآلن هناك بعض األحزاب ُمالفة حلزب احلاكم‪ ،‬بدها تصعد للسلطة وكذا‪،‬‬
‫حنن إذا امتنعنا عن االنتخاابت قد يصعد حزب يضر ابلدعوة السلفية‪ ،‬فهل يف هذه احلالة‬
‫جيوز أن ننتخب مع الرئيس؟‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫الشيخ‪ :‬اَسع‪ ،‬احلزب الذي ختشون انه يفوز فإذا فاز ضر بكم صوتوا ضده‪.‬‬
‫السائل‪ :‬حزب الرئيس هو أن شاء هللا الذي فيه خري‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬إذا كان شوف أفضل األحزاب صوت معه‪.‬‬
‫السائل‪ :‬يعين حزب الرئيس إن شاء هللا ؟‪!.‬‬
‫الشيخ‪ :‬ما أدري و هللا‪ ،‬انتم انظروا يف املوضوع افضل األحزاب صوتوا معه ‪ ,‬بس‪" .‬‬
‫‪http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=280476‬‬
‫‪.‬‬

‫اثمنا ‪ :‬فتوى الشيخ عبد هللا العبيالن ‪,‬كما يف جوابه عن السؤال التايل ‪" :‬السؤال ‪ :‬قريبا‬
‫سيكون عندان يف اجلزائر االنتخاابت الرائسية ‪ ،‬فهل جيوز لنا االنتخاب من أجل أن بطاقة‬
‫الناخب عندان مطلوبة يف بعض الواثئق ‪ -‬كبيع وشراء السيارات مثال ‪ , -‬وابرك هللا فيكم‬
‫؟‪.‬‬
‫اجلواب ‪ :‬انتخب من تعتقد أن يف انتخابه خري للمسلمني ‪,‬هذا إذا كان عليك ضرر يف‬
‫ترك االنتخاب وإال فاألمر يعود اليك وهللا اعلم‪" .‬‬
‫‪http://www.obailan.net/news.php?action=show&id=149‬‬

‫اتسعا‪:‬فتوى الشيخ وصي هللا عباس كما يف جوابه على سؤال وجه غليه بتاريخ‬
‫‪ , 2007\1\42‬ونصه ‪ ":‬السؤال من أمريكا عن حكم االنتخاابت ‪ -‬ليس الدخول‬
‫يف االنتخاابت ‪ -‬وإمنا هو عن التصويت لبعضهم ملا يرون من حتقيق املصاحل للمسلمني يف‬
‫ذلك‪ .‬وليس األمر قضية التصويت يف االنتخاابت الفدرالية (اليت هي االنتخاابت الكربى)‬
‫وإمنا يف االنتخاابت احمللية للذين هلم صالحية يف إعطاء املسلمني أراضي ومباين مهجورة‬
‫وما إىل ذلك من املصاحل اليت إذا مل يقم املسلمون ابلتصويت هلم فسيصوت هلم غريهم‬
‫وحيصلون على هذه املصاحل‪ .‬فجزاكم هللا خريا اي شيخنا لو كان لكم نصيحة يف ذلك؟‬

‫‪44‬‬
‫الشيخ‪ :‬وهللا الذي يظهر يل ‪ -‬إن شاء هللا ‪ -‬إذا كان يرجى وراء هذا التصويت خري‬
‫نصوت شخصا ولو كان كافرا ما دام هو قائم مبصاحل املسلمني أو يعد أنه يقوم مبصاحل‬
‫املسلمني‪ .‬فال ينبغي أن ميتنع املسلمون يف التصويت له‪ ،‬وخاصة إذا كان هناك اشرتاطات‬
‫قد يشرتط رئيس املسلمني‪ .‬مثال حنن نؤتيك أصواتنا بشرط أن تعمل لنا أو ترفع قضاايان‬
‫وتؤيد قضاايان‪ .‬وهذا ليس ألمريكا فقط بل ألي بلد املسلمون فيها أقلية‪ .‬قد حيتاجون إىل‬
‫وضع يد وإحسان على هؤالء الوزراء وغريهم مبثل هذه األعمال حىت هم يقوموا أبعمال‬
‫بدهلا يف صاحل اإلسالم واملسلمني‪.‬‬
‫وعلى ما تفضلت أنت أن خاصة االنتخاابت البلدية وأن الذي يرش أو الذي ينجح قد‬
‫يكون يف يده إعطاء بعض األراضي لبناء املدارس‪ .‬وهذا قد عرفت أُنم يعطون حىت يف‬
‫اهلند أيضا‪ ،‬ففي مثل هذا ينبغي يف احلقيقة أال يتأخروا عن إعطاء أصواهتم أبدا ال يتأخروا‪،‬‬
‫ألُنم إذا مل يعطوا صوهتم ال يضرهم‪ .‬وهم ينجحون عن طريق غري املسلمني أيضا‪ ،‬فلذلك‬
‫ينبغي أن يكون هلم يد على هؤالء وإحسان إبعطاء أصواهتم حىت يستفيدوا من إمالتهم‬
‫وإمالة آرائهم لقضااي املسلمني وهذا تقتضيه املصلحة العامة اإلسالمية إن شاء هللا ما نرى‬
‫فيه‪.‬‬
‫وقد أفىت به مشاخينا ابهلند وكذلك حىت الشيخ ابن ابز فيما َسعنا ‪-‬رمحه هللا‪ -‬كان يفيت‬
‫ابالشرتاك يف االنتخاابت وغريها لبعض اإلخوان‪.‬‬
‫فلذلك ‪ -‬إن شاء هللا ‪ -‬نرجو من هللا أن يكون مستقبل املسلمني خرياً يف كل بلد‪ .‬إذا‬
‫كان هذا األمر أييت خبري فال ينبغي أن يتأخروا‪.‬‬
‫السائل‪ :‬جزاكم هللا خريا‪ .‬تتمة للفائدة اي شيخنا ملن يقول إن يف ذلك إعانة ملن حيكم بغري‬
‫ما أنزل هللا‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬ليس هذا إعانة ملن حيكم بغري ما أنزل هللا ألننا لو مل نصوت هلم فهم على كل‬
‫حال فيما بينهم ينجحون ‪ -‬ينجحون ال شك فيه‪ .‬فإذاً سواء إن عزلنا عنهم أو إن عزلنا‬
‫عن الدنيا كلها هم حاكمني على طريقتهم‪ ...‬وليس هذا عوان هلم يف إقامة احلكم غري‬

‫‪45‬‬
‫اإلسالمي هم حاكمني حاكمني وقائمني سواء أعطيناهم أصواتنا أو مل نعط‪ .‬فإذاً حنن‬
‫ندخل عليهم بطريق يكون يف صاحل اإلسالم واملسلمني إن شاء هللا‪.‬‬
‫السائل‪ :‬جزاكم هللا خريا شيخنا وساحمنا على اإلطالة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬جزاك هللا خريا‪ .‬وأان عن انشراح الصدر أقول هذا الكالم ألننا َسعنا مشاخينا يفتون‬
‫هبذا‪ ،‬خاصة ما دام يرتتب عليه مصاحل املسلمني‪ .‬وهو يف اهلند أيضا بعض الناس يفعلون‬
‫هكذا؛ بعض الوثنيني للمسلمني يقومون يف الربملان مبصاحلهم وبقضاايهم‪...‬وقد يؤيد هللا‬
‫الدين ابلكافر أيضا‪".‬‬
‫‪http://www.sahab.net/forums/showthread.php?p=593638‬‬

‫عاشرا ‪ :‬فتوى أهل العلم يف مركز اإلمام األلباين وهم مشاخينا ‪( :‬الشيخ حممد موسى آل‬
‫نصر ‪ ,‬والشيخ ابسم اجلوابرة ‪ ,‬والشيخ مشهور بن حسن آل سلمان ‪ ,‬والشيخ علي بن‬
‫حسن احلليب ‪ ,‬والشيخ حسني العوايشة ‪ ,‬والشيخ زايد العبادي) ‪ ,‬حيث أصدروا جمموعني‬
‫البيان التايل ‪" :‬فتوى يف انتخاابت العراق القادمة‪...‬‬
‫احلمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم على رسول هللا‪ ،‬وعلى آله وصحبه ومن وااله‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫ات الواردةُ إلينا يف (مركز اإلمام األلباين)‬ ‫االتصاالت‪ ،‬واألسئلةُ‪ ،‬واالستفسار ُ‬
‫ُ‬ ‫فقد َكثُـَرت‬
‫بشأن بيان احلكم الشرعي املتعلِّق ابملشاركة يف االنتخاابت العراقية؛ لِّما لذلك من ِّصلَة‬
‫بـ(السنة) ونُصرِّهتا ‪-‬خصوصاً‪ ،-‬وصالح العراق وتعمريهِّ ‪-‬عُموماً‪-.‬‬
‫نقول ‪-‬وابهلل التوفيق‪-:‬‬ ‫وجواابً على ذلك ُ‬
‫ال خيفى على ذي نظ ٍر ما تُعانيه األُمةُ اإلسالميمةُ من واق ٍع َمري ٍر ألي ٍم ُم ْؤٍذ‪.‬‬
‫يقول‪:‬‬
‫جهة أعدائها ‪-‬كما قد يُظَ ُّن!‪-‬؛ فاهلل ‪-‬تعاىل‪ُ -‬‬ ‫وليس البالء كلُّه ‪-‬يف هذا‪ِّ -‬من ِّ‬
‫ُ‬
‫ويقول ‪-‬‬
‫{وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثري} [الشورى‪ُ ،]30:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬
‫أنفسكم} [آل عمران‪.]165:‬‬ ‫سبحانَه‪{ :-‬قل هو ِّمن عند ِّ‬
‫ُ ُ‬

‫‪46‬‬
‫عقود‪َ -‬ما جيري‬ ‫حال األُم ِّة اإلسالميم ِّة ‪-‬مْن ُذ ٍ‬ ‫ك عن ِّ‬ ‫البالء الذي َمل يـَْنـ َف م‬ ‫أعظم ِّ‬ ‫لعل ِّمن ِّ‬
‫ُ‬ ‫و م‬
‫زول القوات األجنبية فيه‪ ،‬وإعانةُ أهل‬ ‫آخرها نُ ُ‬ ‫أرض (العر ِّاق ) ِّمن ف ٍ‬ ‫على ِّ‬
‫ومصائب؛ كان َ‬ ‫َ‬ ‫َت‬
‫الباطل هلم‪.‬‬
‫ومن‬ ‫العام ‪ِّ -‬من قبل ِّ‬ ‫الشخصي و ِّ‬
‫ِّ‬ ‫األلباين) ‪-‬على املستوى‬ ‫ِّ‬ ‫كز ِّ‬
‫اإلمام‬ ‫ولقد كانت لنا يف (مر ِّ‬
‫ُ‬
‫وحترمي ما جرى ‪-‬وال يز ُال َجيري‪ -‬يف العر ِّاق ِّمن ِّ‬
‫انتهاك‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫استنكار ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫بعد‪ -‬فتاوى ُمتَـ َع ِّد َدةٌ يف‬ ‫ُ‬
‫تقتيل وتفج ٍري ‪-‬أعمى‪ -‬ال يـُ َف ِّرق بني‬ ‫يك ع مما يـَ َق ُع ِّمن ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫الق موات األجنبيمة – ِّ‬
‫الصارم‪-‬؛ َانه َ‬
‫وحم ٍ‬‫ومساٍمل ُ‬
‫ابس ِّم‬
‫ارب‪ ،‬بني ذك ٍر وأنثى‪ُ ...‬ك ُّل ذلك ْ‬ ‫وغري مسلم‪ ،‬بني صغ ٍري وكب ٍري‪ُ ،‬‬ ‫مسلم ِّ‬
‫اإلسالم واملسلمني!‬ ‫ِّ‬
‫إضعاف دور‬ ‫(سنَةَ ‪)2005‬‬ ‫ِّ‬
‫َ‬ ‫ت يف العراق َ‬ ‫االنتخاابت السابقةُ اليت َجَر ْ‬ ‫ُ‬ ‫ولقد أفْـَرَزت‬
‫دوُنم فوقَهم‪!!.‬‬ ‫وج َع َل كلمةَ َم ْن َ‬ ‫جودهم‪َ ،‬‬ ‫أفقدهم ُو َ‬ ‫(السنمة) يف العراق؛ ِّمـ مما فَـمر َق كلمتَهم‪ ،‬و َ‬ ‫ُّ‬
‫النيب ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪« :-‬ال يـ ْل َدغُ املؤمن ِّمن جح ٍر ممرتَ ْني»‪ِّ ،‬‬
‫وقول‬ ‫قول ِّ‬ ‫والناظر يف ِّ‬
‫ُْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ينظر يف احلال‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اجلليل عبد هللا ِّ‬ ‫الصحايب ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ظ بغريه»؛ يـَْلَزُمهُ أن َ‬ ‫يد َم ْن ُوع َ‬‫بن مسعود‪« :‬ال مسع ُ‬
‫ِّ‬
‫وتطبيقاهتا‬ ‫األدلة الشمرعيم ِّة‪،‬‬
‫ب ما يرت مجح له ِّمن ِّ‬ ‫املفاسد حبَس ِّ‬‫ابملصاحل و ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫املشهود‪ ،‬ويُقارنَه‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫(السن ِّمة) يف‬
‫كة ُّ‬ ‫بعد‪ -‬بيا ٌن شرعي حاسم يؤكِّ ُد فيه لزوم مشار ِّ‬
‫َُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫الواقعيم ِّة‪ ،‬ليكو َن منه ‪ُ -‬‬
‫ض ِّع (العر ِّاق)‪ ،‬وأحو ِّاهلا الطائفيم ِّة‪،‬‬ ‫بسبب خصوصيم ِّة َو ْ‬ ‫االنتخاابت العراقيم ِّة القادمة ‪-‬قريباً‪ِّ -‬‬ ‫ِّ‬
‫ِّ ِّ‬
‫البالغ يف َرفْ ِّع لو ِّاء ُّ‬
‫(السن ِّمة‬ ‫األثر ُ‬ ‫ِّ‬
‫وظروف َها السياسيمة؛ ممما سيكو ُن له ‪-‬إبذن هللا‪ -‬فيما نرجو‪ُ -‬‬
‫ِّ‬
‫بالدهم‪.‬‬ ‫اإلجيايب يف ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫)‪ ،‬ومجَْ ِّع كلمتِّهم‪ِّ ،‬‬
‫وأتثريهم‬
‫حمافظة ‪-‬حبسب ظروفها‪-.‬‬ ‫ٍ‬ ‫مع النمظَ ِّر إىل واقع ِّ‬
‫كل‬
‫الشر‪ ،‬ولك من الفقيهَ‬ ‫اخلري ِّمن ِّ‬‫عرف َ‬ ‫َوَرِّح َم هللاُ َمن قال ِّمن عُلمائنا‪« :‬ليس الفقيهُ الذي يَ ُ‬
‫الشر الذي‬ ‫خري اخلَْ َرييْ ِّن‪ ،‬وشمر ال مشمريْ ِّن» ‪ :‬فاخلريُ الذي نراهُ ‪-‬مجيعاً‪َ -‬ج ْلباً‪ ،-‬و ُّ‬ ‫ف َ‬ ‫الذي يـَ ْع ِّر ُ‬
‫وص ْد ٍق‪،‬‬ ‫إبخالص ِّ‬
‫ٍ‬ ‫كة االنتخابية ِّ‬
‫اآلتية ‪-‬‬ ‫(السنمة) يف املشار ِّ‬ ‫جيتهد ُّ‬ ‫نراهُ ‪-‬مجيعاً‪ -‬دفعاً‪ :-‬أ ْن َ‬
‫عادوُنُم ‪-‬سياسةً‬ ‫ناوئِّ ِّيه ْم ِّمممن يُ َ‬
‫ت كلمةُ ُم ِّ‬ ‫لتظهر كلمتُهم‪ ،‬وتُكْبَ َ‬
‫ٍ‬
‫وأُلْ َفة واجتم ِّاع كلمة‪َ -‬‬
‫ٍ‬
‫وعقيدةً‪ ،‬واترخياً مشهوداً مشهوراً ال يُن َك ُر‪-.‬‬

‫‪47‬‬
‫ص ِّة‪...‬‬
‫(السن ِّمة) ِّمن العام ِّة واخلَا م‬
‫موم إخوانِّنا ِّم ْن ُّ‬ ‫هبذا نُوصي عُ َ‬
‫عظ ‪ِّ -‬من أهل السنة‪-:‬‬ ‫العلم ‪ِّ -‬من الدُّعاة‪ ،‬واألئمة‪ ،‬وأهل ال ُفتيا والو ِّ‬
‫َ‬
‫طلبة ِّ‬ ‫أما خصوص ِّ‬
‫ُ ُ‬
‫إطارهم الذي ب موأهم هللاُ مإايهُ ‪-‬بعيداً عن املنا َكفات السياسية‪،‬‬ ‫فنصيحتُنا هلم أن يـَْبـ َق ْوا يف ِّ‬
‫ُّصح والتوجيه (العام) ابختيار الشخص األكثر مصلحةً للدنيا‬ ‫واملناقَضات احلزبيمة؛ مع الن ِّ‬
‫ُ‬
‫والدين‪ ،‬واألقل مفسدةً على اإلسالم واملسلمني‪.‬‬
‫ويل التوفيق‪.‬‬
‫وهللاُ ُّ‬
‫آله الصادقني‪ ،‬وعلى ُخلفائِّه الراشدين‪،‬‬ ‫وابرك على نبيِّنا األمني‪ ،‬وعلى ِّ‬ ‫وصلمى هللاُ وسلم َم َ‬
‫حابة ‪-‬أمجعني‪-.‬‬ ‫ص ِّ‬ ‫الع َشرةِّ املبَش ِّ‬
‫مرين‪ ،‬وال م‬ ‫وأُم ِّ‬
‫هات املؤمنني‪ ،‬وبقيم ِّة‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫احلمد هللِّ َر ِّب العاملني‪.‬‬‫أن ُ‬ ‫وآخر دعواان ِّ‬
‫ُ‬
‫جلنة الفتوى يف (مركز اإلمام األلباين)‬
‫الثالاثء ‪ /4‬رمضان‪1429/‬هـ‪".‬‬

‫أحد عشر ‪ :‬فتوى شيخنا مشهور بن حسن آل سلمان ‪,‬حيث قال جوااب على سؤال‬
‫وجه إليه يف درس فجر يوم السبت بتاريخ ‪" : 2009\2\7‬السؤال ‪ :‬هل جيوز املشاركة‬
‫يف االنتخاابت اجلماعية من ابب دفع الشر األكرب ابلشر األصغر؟‪.‬‬
‫اجلواب ‪ :‬نعم؛ إن ترتب عليها آاثر معتربة شرعا‪ ،‬وقد ذكرت لكم قاعدة أن املنهي عنه‬
‫شرعا ال يعامل معاملة املعدوم حسا‪ ،‬ولو كان ذلك كذلك لكانت قاعدة ارتكاب أخف‬
‫الضررين ال وزن هلا بل وال وجود هلا ‪ .‬فمثال ‪ :‬أخواننا يف العراق ‪ -‬نرجوا هللا أن يفك‬
‫أسرهم وأن حيرر بالدهم وأن يعيد هلم العافية وأن يطهر بالدهم من الشيعة الشنيعة‪ -‬ملا‬
‫قاطعوا االنتخاابت تسلط عليهم شر اخللق ‪ ،‬فالسين الفاجر خري من رافضي حاقد‪" .‬‬
‫وقال شيخنا مشهور جوااب على سؤال وجه إليه يف درس فجر يوم السبت بتاريخ‬
‫‪" : 2009\2\14‬السؤال ‪ :‬ما هو حكم املشاركة يف االنتخاابت العراقية القادمة جملالس‬
‫احملافظات؟‬

‫‪48‬‬
‫اجلواب ‪ :‬عندما جرت االنتخاابت ألول مرة وقاطعها إخواننا ففرح الشيعة فرحا شديدا‬
‫بذلك فسيطروا على كافة املؤسسات وحتكموا أبهل السنة وشنعوا هبم تشنيعا شديدا؛ لذا‬
‫أقول أنه إن ترتب على االنتخاابت حسنات أو خففت بعض السيئات فحينئذ يقال‬
‫ابرتكاب أخف الضررين أو املفسدتني؛ أي أن انتخاهبم ألهل السنة وإن كانوا فسقة هو‬
‫أفضل من ترك األمر للشيعة‪ .‬وقبل حدوث هذه النازلة جلس إخوانكم يف هذا البلد على‬
‫إثر زايرة بعض إخواننا من العراق وجرى حبث هذا األمر فانشرحت صدورهم إىل املشاركة‬
‫يف االنتخاابت من ابب املصاحل املعتربة اليت يقرها العارفون الذين يعرفون حيثيات ما جيري‬
‫يف العراق‪ ،‬فإن هم أصابوا احلق فاحلمد هلل ‪ ،‬وإال فهم مأجورون على اجتهادهم‪.‬‬
‫وعلى األخوة أن ال يدخلوا يف هذه االنتخاابت وإمنا ينشغلون بتعليم الناس دين هللا ومن‬
‫ذلك أن حيضوا عامة أهل السنة إىل انتخاب أهل السنة فقط‪".‬‬

‫إثنا عشر ‪ :‬فتوى شيخنا علي بن حسن احلليب ‪,‬جوااب على السؤال التايل ‪" :‬السؤال ‪:‬‬
‫صدر من بعض العلماء واملشايخ فتوى جتيز ألهل العراق ابلدخول وخوض األنتخاابت‬
‫العراقية ‪ ،‬اال ترون ان مثل هذه الفتوى تفتح الباب لَلحزاب للدخول يف الربملاانت‬
‫وخوض األنتخاابت حبجة الظرورات تبيح احملضورات؟‪.‬‬
‫الناظر بدقة يف موضوع االنتخاابت‬
‫اجلواب ‪ :‬أحوال العراق دقيقةٌ جدًّا‪ ،‬ومعقدة جدًّا ‪ ,‬و ُ‬
‫أشرت إليه‪.‬‬
‫املاضية وإفرازاهتا يرى حقيقة ما ُ‬
‫وقد أصدران فتوى يف (مركز اإلمام األلباين) يف جواز ذلك ضمن شروط وضوابط‪.‬‬
‫مث صدرت فتوى من الشيخ عُبيد اجلابري يف اجلواز ‪-‬أيضاً‪-.‬‬
‫فأ ََرى أ من َ‬
‫األمر دقيق‪ ،‬ويدور مع املصاحل واملفاسد‪ ،‬وال نفتحه مجلةً‪ ،‬وال نُغلقه ُمجلةً‪".‬‬
‫‪http://www.almenhaj.net/makal.php?linkid=%202395‬‬

‫وقال شيخنا علي احلليب –أيضا ‪-‬جوااب على سؤال وجه إليه على قناة الرمحة يف العام‬

‫‪49‬‬
‫‪" : 2009‬السؤال ‪ :‬اإلنتخاابت يف العراق اي شيخ علي ‪ ,‬ما هو رأيك فيها ؟‪.‬‬
‫اجلواب ‪ :‬انتخاابت العراق ‪ :‬احلقيقة جلسنا مع إخواننا طلبة العلم ‪ ,‬وجلس معنا خنبة من‬
‫إخواننا طلبة العلم من العراق وتداولنا املسألة ساعات طويلة ؛ فرأينا أن األمر يتعلق‬
‫ابملصلحة واملفسدة ‪ ,‬وأن احلكم املرتبط مبن خيالفون أهل السنة ‪ ,‬ويناقضون أهل السنة –‬
‫كما حصل يف الفرتة السابقة‪ -‬كان له أثره السليب ؛ فنحن جتويزان هلذه االنتخاابت جتويز‬
‫من ابب املصلحة ؛ وهذا مل يكن من رأيي كفرد ‪ ,‬وال من رأي إخواين يف األردن –‬
‫املشايخ‪ -‬وإمنا كان بتشاور مع طلبة العلم املعروفني من نفس العراق‪" .‬‬

‫ثالثة عشر ‪ :‬فتوى الشيخ عبيد اجلابري ‪,‬جوااب عن السؤال اآليت ‪" :‬السؤال ‪ :‬بسم هللا‬
‫والصالة والسالم على رسول هللا شيخنا الفاضل الكرمي يف العراق اآلن مقبلون على‬
‫انتخاابت حملية يف احملافضات ليس هلا عالقة ابإلنتخاابت السياسية اليت ستكون ُناية هذا‬
‫العام‪ ,‬وإمنا هذه اإلنتخاابت هي انتخاابت حملية داخل احملافظات غايتها تسيري ومتشية‬
‫أمور احملافضات‪.‬‬
‫فإذا دخل هؤالء الناس يف هذه اإلنتخاابت سيكون غايتهم تسيري ومتشية طلبات وخدمات‬
‫احملافضات ‪ :‬املسائل اإلنسانية واخلالفية‪..‬وغريها من األمور فما رأيكم يف الدخول يف هذه‬
‫اإلنتخاابت شيخنا الفاضل الكرمي؟‬
‫اجلواب ‪ :‬بسم هللا واحلمد هلل وصلى هللا وسلم على نبينا حممد وعلى آله وصحبه أمجعني‬
‫أسأل هللا الكرمي رب العرش العظيم أن جيمع عامة أهل العراق وخواصهم على ما رضيه‬
‫للعباد وللبالد من اإلسالم والسنة وأن حيرصها وبالدان وسائر بالد أهل اإلسالم من كل‬
‫مكروه يقدح يف الدين أو العرض أو النفس أو غري ذلك مما يالد ابهلل سبحانه تعاىل أن‬
‫جيري منه‪.‬‬
‫اإلنتخاابت من األمور الوافدة على أهل اإلسالم‪ ,‬فهي ليست من الشرع احملمدي‪ ,‬وإمنا‬
‫عربت إلينا من خالل أانس تشبّعوا ابملبادئ الغربية أو غريها من سبل اإلحنراف عن‬

‫‪50‬‬
‫دين هللا احلق أصولِّه وفروعه‪ ,‬فأوال حنن نستنكرها بقلوبنا وال نطمأن إليها ألُنا بدعة‬
‫مروجون هلا عن غري‬‫دخلت على أهل اإلسالم عن طريق بعض أهل اإلسالم املنحرفني ِّ‬
‫أهل اإلسالم فنفذت ‪ ,‬فأصبحت البد منها‪.‬‬
‫فإذا تقرر هذا فأقول‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬ال جيوز الدخول يف اإلنتخاابت أصال إال لضرورة تعود على من تركها ابلضرر عليه‬
‫يف دينه أو دنياه أو يف كليهما‪.‬‬
‫واثنيا ‪ :‬هذه الضرورة هلا صور منها‪:‬‬
‫[الصورة األوىل] ‪ :‬التيقن أو غلبة الظن أنه ال يستويف املسلمون عموما وأهل السنة‬
‫خصوصا حقوقهم إذا مل يكن هلم من ميثلهم سواءا يف اجملالس احمللية أو يف املناصب العامة‬
‫للدولة ‪ ,‬فلهم أعين ألهل السنة إن متكنوا أن يرشحوا رجال أو رجاال منهم هلذه املناصب‬
‫احمللية أو مناصب الدولة من هو صاحب سنة وحادق يف السياسة ويغلب على ظنهم أنه‬
‫إذا ويل إنتفع به أهل السنة خاصة واملسلمون عامة‪.‬‬
‫الصورة الثانية ‪ :‬حينما يتنافس على هذه املناصب املعروضة لإلنتخاابت سواءا كانت عامة‬
‫يف احملافظات واملديرايت أو لإلنتخاابت الرائسية وكان املتنافسان أو املتنافسون على سبيل‬
‫املِّثال رافضي وسين‪ ,‬فإين أنصح أهل السنة أن يصوتوا اىل جانب السين ؛ ألن الرافضي إذا‬
‫يل افسد يف العباد والبالد‪ ,‬وكان ضربة قاصمة ألهل السنة وأقل ما يكون منهم األثرة‬ ‫ِّ‬
‫َو َ‬
‫واإلستبداد وتسخري املصاحل لبين جلدته وشيعته‪.‬‬
‫اثنيا ‪ :‬إذا تنافس على الرائسة رجل كافر أصليا أو معتقدا مبادئ كفرية توجب ردته‪ ,‬وهذا‬
‫مقيد عندان بعد قيام احلجة عليه‪ ,‬ومسلم مل يظهر منه إال صالح وخري وهو معروف‬
‫ابلعقل وحسن السياسة فإن أهل السنة يرشحون هذا األخري‪.‬‬
‫صورة اخرى ‪ :‬لو تنافس على الرائسة رجل سين وآخر رافضي أو من ذوي املبادئ املنحرفة‬
‫مثل أن يكون شيوعيا أو علمانيا أو بعثيا فإُنم يرشحون صاحبة السنة‪.‬‬
‫واخلالصة يف شيئني‪:‬‬

‫‪51‬‬
‫أوهلما ‪ :‬لسن داعني اىل الدخول يف اإلنتخاابت يف أية دولة كانت على اإلطالق‪ ,‬بل‬
‫األوىل عندان تركها إال يف الظرورة اليت البد منها‪ ,‬وقد ذكران صورا منها‪.‬‬
‫ْ‬
‫الشيء الثاين ‪ :‬أنه إذا تيقن اهل السنة خاصة واملسلمون عامة أُنم إذا مل يدخلوا يف هذه‬
‫اإلنتخاابت يف أي دولة كانت ُهتظم حقوقهم وال تستوىف ألُنم مل يرشحوا أحدا فهنا نرى‬
‫أن يدخلوا اإلنتخاابت من أجله‪ ,‬حتقيقا ملصاحلهم واستفائهم حقوقهم ومتكينهم من أخذ‬
‫ما هو حق هلم‪.‬‬
‫وهاهنا سؤال فهمته من بعض اإلخوان وفحوى هذا السؤال ‪ :‬أن فتواي هاته تعارض ما‬
‫صدر مين من نصح املسلمني عامة وأهل السنة خاصة يف العراق ابعتزال الفرق كلها بعدا‬
‫عن الفتنة‪!.‬‬
‫واجلواب –أوال‪ : -‬اان الزلت على تلك ‪ ,‬الزلت على تلك الفتوى ‪ ,‬وفتواي كانت يف‬
‫نصح أبنائنا يف العراق ابعتزال اجلماعات التنظيمية ولست بدعا من القائلني بذلك ؛‬
‫فاألئمة من أهل السنة واجلماعة على هذا ‪ ,‬ومن األدلة قوله صلى هللا عليه وسلم حلذيفة‬
‫يف حديث طويل [فالزم مجاعة املسلمني وإمامهم قال فإن مل يكن هلم مجاعة وال إمام قال‬
‫فاعتزل تلك الفرق كلها] ‪ ,‬وتفصيل هذه الفتوى وبسطها يف جمالس متعددة والظاهر أنه‬
‫منشور يف بعض مواقع شبكة اإلنرتنت فلرياجه من شاء‪.‬‬
‫وأما فتواي يف اإلنتخاابت فكل عاقل كيِّس فطن يدرك ما ترمي إليه وما هتدف إليه وهو‬
‫حفظ مصاحل املسلمني عامة وأهل السنة خاصة حينما يتنافس على املناصب سواءا كانت‬
‫احمللية أو العامة أانس ُمتلفون فمنهم املستقيم ومنهم املنحرف ‪-‬كالرافضي والشيوعي‬
‫والبعثي‪ -‬درءا ملفسدة هؤالء وإبعادا هلم عن اإلستيالء الذين يعربون من خالله إىل اإلفساد‬
‫يف العباد والبالد فإين أدعوا واحلال هذه أهل السنة أن يرشحوا منهم من يتقون من دينه‬
‫وأمانته وحسن سياسته أو يصوتوا إىل من يطمعون يف حتقيقه املصاحل وإفاء احلقوق ودرء‬
‫الشر عن البلد وأهله‪.‬‬
‫هذا ما توصل إجتهادي إليه وهللا أسال أن حيفظ العراق وجيمع خواصها وعوامها على ما‬

‫‪52‬‬
‫رضيه للعباد والبالد من اإلسالم والسنة وصلى هللا وسلم على نبينا حممد وعلى آله‬
‫وأصحابه أمجعني‪.‬‬
‫حرره عبيد بن عبد هللا بن سليمان اجلابري املدرس ابجلامعة االسالمية سابقا ‪ ,‬وكان بعد‬
‫عشاء اإلثنني ‪ 29‬من حمرم عام ‪ 1430‬املوافق ل‪ 26‬من يناير ‪/‬كانون الثاين عام ‪2008‬‬
‫وابهلل التوفيق‪".‬‬
‫‪http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=364968‬‬

‫اربعة عشر ‪ :‬فتوى الشيخ فاحل احلريب ‪,‬والذي أفىت جبواز املشاركة يف االنتخاابت (النيابية‬
‫التشريعية ‪ ,‬والرائسية ) ُمرجا فتواه ابختيار حزب احلاكم القائم على أصل لزوم الطاعة‬
‫وعدم املنازعة ؛ فقال جوااب على السؤال التايل ‪" :‬السائل ‪ :‬يعين هذه األايم جترى عندان‬
‫االنتخاابت الربملانية [و] هناك أحزاب يعين ما حتب الدعوة السلفية وال تريد هبا خريا وحنن‬
‫على كل حال موقفنا منها أُنا من األشياء اليت ال تنتمي إىل اإلسالم ال من قريب وال من‬
‫بعيد لكن من ابب الضرورة أال جيوز اي شيخ مثال نعطي أصواتنا إىل مثال حزب الرئيس‬
‫بصفته انه قد فسح إىل شيء ما إىل السلفية أن تنشط‪.‬‬
‫الشيخ ‪ :‬ال ال ‪ ،‬انتم ال جيوز لكم أن تعطوا أصواتكم‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬هذا النظام ليس نظام إسالمي‪.‬‬
‫و اثنيا‪ :‬هذا النظام انتم إذا صوتكم إىل غريه فكأمنا نزعتم اليد من الطاعة ‪ ,‬و انتم ال جيوز‬
‫لكم هذا دينا ‪ ,‬و لذلك انتم ليس أمامكم إال إذا جعلت لكم احلرية أال تصوتوا فيها ‪ ،‬و‬
‫إذا فيه ضرر عدم تصويتكم على الرئيس وعلى السلطان الذي هو سلطانكم ‪ ،‬انتم أحرار‪،‬‬
‫وإال إذا كان فيه ضرر‪ ،‬و إذا كان هو يستفيد من أصواتكم أو كنتم ملزمني ابلتصويت‬
‫فتصوتون للرئيس والتصويت للرئيس أو حلزب الرئيس هذا تصويت يعين لسلطان‬
‫لسلطانكم القائم الذي انتم حتت واليته‪.‬‬
‫السائل‪ :‬الشيخ يعين أريد أن أوضح لك املسالة حنن لسنا ملزمني يعين ابلتصويت‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫الشيخ ‪ :‬قد عدم تصويتكم يضر الرئيس نفسه ‪ ،‬يضر لسلطانكم يضر حكومتكم مادام‬
‫األمر هكذا صوتوا تصويت للرئيس ‪ ،‬ما أصوت خللع الرئيس أو إىل نزع اليد من الطاعة‪.‬‬
‫السائل‪ :‬اي شيخ هذه االنتخاابت ما هي انتخاابت رائسية انتخاابت برملانية ؟‪!.‬‬
‫الشيخ ‪ :‬الربملانية أيضا‪ ،‬الربملانية لزم أييت فيها أعضاء و قد أتثر هذه على احلكومة و على‬
‫السلطان‪".‬‬
‫‪http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=280476‬‬
‫‪.‬‬

‫مخسة عشر ‪ :‬فتوى الشيخ أمحد بن حيىي النجمي –رمحه هللا ‪- ,‬حيث كان قد عرضت‬
‫عليه فتوى ُمتصر فتوى (الشيخ فاحل احلريب) فأقره وأيده ابلقول ‪" :‬هذا رأي يف حمله جيد‬
‫‪ ,‬ال ابس يعين على كل حال ما دام هللا سبحانه وتعاىل أمرك على لسان رسوله ابلوفاء‬
‫لوالة األمر ‪ ,‬و أنت أردت هبذا الوفاء لويل األمر فما فيه مانع [أن تضع صوتك] مع‬
‫احلاكم يعين ابعتبار أن احلاكم هو يعين كان له وفاء للسلطة القائمة‪ ،‬ملا هلا من السمع و‬
‫الطاعة‪.‬‬
‫وهللا ‪-‬يف احلقيقية‪ -‬أان أقول كما قال الشيخ فاحل أن هذا [التجويز] من ابب التنزل ماهو‬
‫جيوز اختيارا ولكن اضطرارا‪".‬‬
‫‪http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=280476‬‬

‫وأخريا ‪ :‬وهذا الشيخ ربيع بن هادي املدخلي –حفظه هللا ‪-‬ينسب للشيخ األلباين ‪,‬‬
‫والشيخ صاحل اللحيدان وغريمها من العلماء ؛ أُنم يف مسألة االنتخاابت النيابية جييزون –‬
‫عند احلاجة‪ -‬املشاركة فيها بشرط اختيار األصلح ؛ كما قال الشيخ ربيع يف مقال (مناقشة‬
‫فاحل يف قضية التقليد) ‪" :‬إن فاحلاً أفىت أبنه جيب على الناس ومنهم السلفيون ومنهم األزهر‬
‫أن ينتخبوا يف االنتخاابت اجلزائرية جبهة التحرير ( احلزب احلاكم ) ‪ ،‬فأىب األزهر أن يلتزم‬

‫‪54‬‬
‫هذه الفتوى ‪ ،‬ألسباب منها‪:‬‬
‫أنه يرى أنه ليس على مثله أن يقلد فاحلاً ؛ ألنه من محلة العلم ‪ ,‬بل وقد ترىب على منهج‬
‫السلف ‪ ,‬وله وإلخوانه السلفيني رأي يغاير رأي فاحل ويوافق رأي الشيخ األلباين ويوافق‬
‫رأي الشيخ اللحيدان وغريمها من العلماء من أنه عند احلاجة خيتار األصلح‪" .‬‬
‫قلت ‪ :‬وقد كان الشيخ ربيع –حفظه هللا‪ -‬أفىت أهل العراق يف العام (‪ )2005‬مبشروعية‬
‫املشاركة يف االنتخاابت التشريعية اليت كان من املقرر إقامتها يف ذلك العام –كما َسعت‬
‫نص فتواه املسجلة أبذين ‪ ,‬وحبضور عدد من األخوة‪ -‬إال أنه قال ‪( :‬ال تنسبوا يل الفتوى‬
‫ابجلواز ‪ ,‬لكن انسبوا إىل فتوى الشيخ األلباين ألهل اجلزائر) ‪ ,‬مث عاد الشيخ بعد بضعة‬
‫أسابيع وغري فتواه ‪-‬تبعا لتغري اجتهاده‪ -‬؛ فصار يفيت أهل العراق ابملنع من املشاركة يف‬
‫االنتخاابت‪.‬‬
‫والشاهد من صنيع الشيخ ربيع أمران‪:‬‬
‫األول ‪ :‬قوله –حفظه هللا‪" : -‬وله وإلخوانه السلفيني رأي يغاير رأي فاحل ويوافق رأي‬
‫الشيخ األلباين ويوافق رأي الشيخ اللحيدان وغريمها من العلماء من أنه عند احلاجة‬
‫[لالنتخاابت] خيتار األصلح" ‪ ,‬وهو إخبار منه أبن العديد من اهل العلم املعاصرين يرون‬
‫" أنه عند احلاجة [لالنتخاابت] خيتار األصلح" ‪ ,‬والشيخ –حفظه هللا‪ -‬مل يرتض الطعن‬
‫مبن يتبىن هذا القول‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬إن مسألة الفتوى جبواز املشاركة يف االنتخاابت النيابية أو املنع منها ‪ ,‬امر اتبع‬
‫الجتهادات أهل العلم ؛ فالعامل قد يرجح القول ابجلواز ‪ ,‬وقد يرجح القول ابملنع ‪ ,‬وقد‬
‫خيتار القول ابلوجوب ‪ ,‬وقد يفيت أهل بلد دون من سواهم ‪ ,‬وقد يفيت أهل البلد بفتوى يف‬
‫ظرف ‪ ,‬ويغريها تبعا لتغري الظروف ‪ ,‬او تبعا لتغري تصوراته لتلك الظروف واألحوال –وكل‬
‫هذا سائغ ألهل االجتهاد من اهل العلم ‪(- .‬انتهى إىل هنا النقل من موقع كل السلفيني)‬
‫وزايدة على ما سبق ‪ ،‬أنقل هنا فتوى الشيخ مشهور سلمان ملا سأله الشيخ خالد ابوزير‬
‫عن انتخاابت رئيس اجلمهورية االندونيسية ‪ 2024‬يف تسجيل صويت ‪ ،‬قال حفظه هللا ‪:‬‬

‫‪55‬‬
‫"مرحبا أبخينا احلبيب الشيخ زايد وأخينا الفاضل أبو أمحد الشيخ خالد وحتيايت إلخواننا‬
‫مجيعا يف اندونيسيا ‪ ،‬مشاخينا علموان أن ننتخب وخنتار األصلح أصلح املوجود ولو كان‬
‫هذا األصلح هو خري املوجود ‪ ،‬ولكن هنا أنبه على مسألة مهمة أبننا ال نعني أحدا ‪ ،‬فإننا‬
‫نعبد هللا تعاىل على حسب قناعاتنا ‪ ،‬فأان مثال يف اندونيسيا وأخوان أبو أمحد يف اندونيسيا‬
‫‪ ،‬فأان أختار شخصا وأنت ختتار شخصا ‪ ،‬وحىت اذا كان كبري منا له منزلة وهو خيتار فالان‬
‫فال جيوز له ان يلزم االخرين يف اختيار فالان ولكن له ان يبني فيقول ‪ :‬فالن مصلحته كذا‬
‫ويفصل ‪ ،‬مث بعد ذلك ننتخب ما نراه أصلح واالقل ضررا ‪ ،‬واما االلزام فال نعرف االلزام‬
‫من غري النص ‪ ،‬فااللزام هذه املشكلة وهي العالمة الفارقة بيننا وبني احلزبيني ‪ ،‬فاحلزبيون‬
‫عندهم أوامر النتخاب فالن ‪ ،‬سواء أكنت مقتنعا او مل تكن ‪ ،‬اان ممكن أن أقول ال يوجد‬
‫اخلري يف اجلميع فال أريد أن أنتخب ‪ ،‬واالخ اخر يقول ‪ :‬ال اان أرى فالان فيجري مباحثة‬
‫وبيان مث حنن نعبد هللا تعاىل مبا تطمئن به نفوسنا وكل على حسب قناعاته ‪ ،‬مع التنبيه أن‬
‫اجلاهل ال بد أن يتهم رأيه ويقول أن فالان أعلم مين وأكثر داينة مين ‪...... ،‬‬
‫وأما أن نرتك االنتخاابت ابلكلية ونبقى يف معزل عن تعيني أولياء األمور فهذا مدعى‬
‫لعواقب خطرية ‪ ،‬هكذا صنع إخواننا يف العراق مث ندموا بعد ذلك ندما شديدا وكتبنا حنن‬
‫من مركز االمام االلباين مع جمموعة من إخواننا رسالة خاصة اىل أخواننا يف العراق ان‬
‫ينتخب وال يرتك ويقاطع االنتخاابت وان خيتاروا األحسن ووقعها مجاعة منهم مشاخينا يف‬
‫االردن مجيعا ‪.......‬وجزاكم هللا خريا "‬

‫‪56‬‬
‫املبحث السادس ‪:‬‬

‫انتخاابت رئيس اجلمهورية على أبواب‬

‫فعلى ضوء ما سبق بيانه ‪ ،‬تبني لنا ان الدخول يف االنتخاابت له وجهة نظر شرعي قوي‬
‫معترب ‪ ،‬وعليه فتاوى كثري من العلماء املعاصرين مع اعرتايف بوجهة نظر آخر وهو عدم‬
‫الدخول واملشاركة مطلقا متسكا ابألصل‬

‫والذي يطمئن به نفسي هو املشاركة ابختيار األفضل واألصلح من املوجودين‬

‫وعليه ‪ ،‬ما هو الضابط لالختيار ؟‬

‫الضابط يف هذا األمر ضابطان ‪ :‬ضابط الوجوب وضابط الرتجيح‬


‫‪55‬‬
‫ضابط الوجوب‬

‫فلما كانت اإلمامة العظمى أرفع املناصب الدينية؛ إذ حيل القائم هبا حمل الرسول‬
‫الدين‪ ،‬وسياسة الدنيا به؛ ولذا كثرت‪ ،‬واشتدت‬ ‫صلى هللا عليه وسلم يف صيانة ِّ‬
‫الشروط املطلوبة يف اإلمام؛ لعظم اخلطب‪ ،‬وحنن نذكر ‪ -‬إن شاء هللا ‪ -‬ما اتفق‬
‫األئمة على شرطيته من هذه الشروط هي ‪:‬‬

‫‪https://www.islamweb.net/ar/fatwa/8696/%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B7 -‬‬ ‫‪ 55‬انظر‬


‫‪%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D9%85%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B8%D9%85%D9%89‬‬
‫‪https://dorar.net/aqeeda/3223/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84-‬‬ ‫وتفصيل هذا يف‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB-‬‬
‫‪%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B7-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%86%D8%B9%D9%82%D8%A7%D8%AF-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D9%85%D8%A9‬‬

‫‪57‬‬
‫‪-‬اإلسالم‪ :‬فال تصح والية الكافر‪ ،‬قال تعاىل ‪:‬ولَن َجيعل م ِّ ِّ‬
‫اَّللُ ل ْل َكاف ِّر َ‬
‫ين َعلَى‬ ‫َ ْ َْ َ‬
‫ني َسبِّ ًيال [النساء‪ ،]141:‬واإلمامة كما يقول ابن حزم ‪:‬أعظم السبيل ‪.‬فهي‬ ‫ِّ ِّ‬
‫الْ ُم ْؤمن َ‬
‫أوىل ابلنفي‪ ،‬وعدم اجلواز‪.‬‬

‫‪-‬التكليف‪ :‬ويشمل العقل‪ ،‬والبلوغ‪ ،‬فال تصح إمامة الصيب‪ ،‬واجملنون؛ ألُنما يف‬
‫والية غريمها‪ ،‬فال يوليان على املسلمني‪.‬‬

‫‪-‬الذكورة‪ :‬فال تصح إمارة النساء؛ حلديث ‪:‬لن يفلح قوم ولوا أمرهم‬
‫امرأة ‪.‬رواه البخاري من حديث أيب بكرة‪.‬‬

‫وألن هذا املنصب تناط به األعمال اخلطرية‪ ،‬واألعباء اجلسيمة؛ مما يتناىف مع‬
‫طبيعة املرأة‪ ،‬وأنوثتها‪ ،‬فاقتضت حكمة الشرع صرفها عنه‪ ،‬وعدم تكليفها به؛ رمحة‬
‫أوال‪ ،‬وصو ًان له هو اثنيًا من أن يوكل إىل من ال يستطيع القيام‬
‫هبا‪ ،‬وشفقة عليها ً‬
‫به‪ ،‬فيضيع‪.‬‬

‫‪-‬الكفاية‪ ،‬ولو بغريه‪ :‬والكفاية هي اجلرأة‪ ،‬والشجاعة‪ ،‬والنجدة‪ ،‬حبيث يكون‬


‫قيما أبمر احلرب‪ ،‬والسياسة‪ ،‬و ِّ‬
‫الذب عن األمة‪ ،‬أو مستعينًا أبهل الكفاية يف‬ ‫ً‬
‫ذلك‪.‬‬

‫‪-‬احلرية‪ :‬فال يصح عقد اإلمامة ملن فيه رق؛ ألنه مشغول خبدمة سيده‪ .‬وهذا‬
‫القدر من الشروط متفق عليه‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫ضابط الرتجيح‬

‫إذا كان يف االمامة الصغرى ورد احلديث ‪:‬‬

‫اب هللاِّ‪ ،‬فإ ْن‬ ‫عن أيب مسعود عقبة بن عمر‪ :‬قال رسول هللا ‪" :‬ويـ ُؤُّم ال َقوَم أَقْـرُؤُهم لِّ ِّكتَ ِّ‬
‫ْ َ ْ‬ ‫َ‬
‫السن ِّمة َس َواءً‪ ،‬فأقْ َد ُم ُه ْم ِّه ْجَرةً‪،‬‬
‫ابلسن ِّمة‪ ،‬فإ ْن َكانُوا يف ُّ‬‫فأعلَ ُم ُه ْم ُّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫َكانُوا يف القَراءَة َس َواءً‪ْ ،‬‬
‫فإ ْن َكانُوا يف اهلِّ ْجَرةِّ َس َواءً‪ ،‬فأقْ َد ُم ُه ْم ِّس ْل ًما‪َ ،‬وَال يـَ ُؤم من المر ُج ُل المر ُج َل يف ُس ْلطَانِِّّه‪َ ،‬وَال‬
‫ْرَمتِّ ِّه مإال إب ْذنِِّّه‪[ .‬ويف ِّرَوايٍَة] َمكا َن ِّس ْل ًما‪ِّ :‬سنًّا"‪ .‬رواه مسلم‬ ‫يـَ ْقعُ ْد يف بـَْيتِّ ِّه علَى تَك ِّ‬

‫ففي االمامة الكربى وردت االية ‪:‬‬

‫ني﴾ القصص ‪26 :‬‬ ‫قال هللا تعاىل ‪﴿ :‬إِّ من خري م ِّن استَأْجرت الْ َق ِّو ُّ ِّ‬
‫ي ْاألَم ُ‬ ‫َ َْ َ ْ َ ْ َ‬
‫ففي االية داللة على أن الوالية هلا ركنان ‪ :‬القوة واالمانة‬

‫قال ابن تيمية ‪" :‬وينبغي أن يعرف األصلح يف كل منصب‪ ،‬فإن الوالية هلا ركنان‪:‬‬
‫ني} [القصص‪:‬‬ ‫القوة‪ ،‬واألمانة‪ ،‬كما قال تعاىل‪{ :‬إِّ من خري م ِّن استَأْجرت الْ َق ِّو ُّ ِّ‬
‫ي ْاألَم ُ‬ ‫َ َْ َ ْ َ ْ َ‬
‫ني‬ ‫ِّ‬ ‫‪ ،]26‬وقال صاحب مصر ليوسف عليه الصالة والسالم‪{ :‬إِّن َ‬
‫مك الْيَـ ْوَم لَ َديْـنَا َمك ٌ‬
‫ني} [يوسف‪ ،]54 :‬وقال تعاىل يف صفة جربيل عليه السالم‪{ :‬إِّنمه لََقو ُل رس ٍ‬
‫ول‬ ‫ِّ‬
‫ُ ْ َُ‬ ‫أَم ٌ‬
‫ني} [التكوير‪.]21 - 19 :‬‬ ‫َك ِّرٍمي ِّذي قُـ موةٍ ِّعْن َد ِّذي الْ َع ْر ِّش َم ِّك ٍ‬
‫ني ُمطَ ٍاع مثَم أ َِّم ٍ‬
‫والقوة يف كل ٍ‬
‫والية حبسبها‪ ،‬فالقوة يف إمارة احلرب ترجع إىل شجاعة القلب‪ ،‬وإىل‬
‫اخلربة ابحلروب‪ ،‬واملخادعة فيها ـ فإن احلرب خدعة ـ و [إىل] القدرة على أنواع‬
‫القتال؛ ِّمن رم ٍي وطعن وضرب‪ ،‬ور ٍ‬
‫كوب وك ٍر وف ٍر‪ ،‬وحنو ذلك‪ ،‬كما قال تعاىل‪:‬‬
‫استَطَ ْعتُ ْم ِّم ْن قُـ موةٍ َوِّم ْن} [األنفال‪ .]60 :‬وقال النيب ‪-‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫{يـُ ْعجُزو َن َوأَع ُّدوا َهلُْم َما ْ‬

‫‪59‬‬
‫ومن تعلم َم‬
‫إيل من أن تركبوا‪َ ،‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪« :-‬ارموا واركبوا‪ ،‬وأن ترموا أحب م‬
‫الرمي مث نسيه فليس ِّمنما»‪ .‬ويف رواية‪« :‬فهي نعمةٌ َج َحدها» رواه مسلم‪.‬‬
‫َ‬
‫والقوة يف احلكم بني الناس ترجع إىل العلم ابلعدل الذي دل عليه الكتاب والسنة‪،‬‬
‫وإىل القدرة على تنفيذ األحكام‪.‬‬

‫قليال‪،‬‬
‫واألمانة ترجع إىل خشية هللا تعاىل وترك خشية الناس‪ ،‬وأال يشرتي آبايته مثنًا ً‬
‫وهذه اخلصال الثالث اليت أخذها هللا على كل َمن َح َكم على الناس يف قوله تعاىل‪:‬‬
‫اخ َش ْو ِّن َوَال تَ ْش َرتُوا ِّآب َايِّيت َمثَنًا قَلِّ ًيال َوَم ْن َملْ َْحي ُك ْم ِّمبَا أَنْـَزَل م‬
‫اَّللُ‬ ‫ماس َو ْ‬
‫{فَ َال َختْ َش ُوا الن َ‬
‫ك ُه ُم الْ َكافُِّرو َن} [املائدة‪ .]44 :‬وهلذا قال النيب ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪:-‬‬ ‫فَأُولَئِّ َ‬
‫عرف احل مق وقضى خبالفه‬ ‫فرجل َ‬ ‫«القضاة ثالثة‪ :‬قاضيان يف النار وقاض يف اجلنة‪ٌ .‬‬
‫علم احل مق وقضى به‬ ‫ورجل َ‬
‫ورجل قضى للناس على جهل فهو يف النار‪ٌ ،‬‬ ‫فهو يف النار‪ٌ ،‬‬
‫فهو يف اجلنة» رواه أهل السنن فالقاضي اسم لكل َمن حكم بني اثنني‪ ،‬سواء َُِّس َي‬
‫منصواب ليقضي ابلشرع‪ ،‬أو انئبًا له‪ ،‬حىت‬
‫ً‬ ‫خليفةً أو سلطا ًان أو انئبًا أو واليًا‪ ،‬أو كان‬
‫أصحاب رسول هللا ‪-‬‬
‫ُ‬ ‫َمن حيكم بني الصبيان يف اخلطوط إذا ختايروا‪ .‬هكذا ذكر‬
‫‪56‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪ ،-‬وهو ظاهر"‬

‫وكذلك على اإلمام ينبغي ان يكون له حظ من صفات النبوة ‪ ،‬ألن اإلمامة خالفة‬
‫النبوة يف حراسة الدين وسياسة الدنيا ‪ ،‬ومن أظهر صفات النبوة ‪ :‬الصدق واألمانة‬
‫والتبليغ والفطانة‬

‫فالصدق ‪ :‬ان يكون صادقا مع ربه ونفسه وغريه‬

‫السياسة الشرعية البن تيمية ص ‪18 :‬‬ ‫‪56‬‬

‫‪60‬‬
‫األمانة ‪ :‬أن يكون أمينا يف محل مسؤولية اإلمامة واإلمارة‬

‫والتبليغ ‪ :‬أن يقول ابحلق حيثما كان وأينما كان‬

‫الفطانة ‪ :‬أن يكون فطنا ذكيا الن اإلمام يواجه مجيع قضااي ومشاكل الدولة ‪ ،‬فال‬
‫بد من أخذ القرار االصلح للشعب يف أمورهم الدينية والدنيوية‬

‫ولكن ال بد من التنبيه على املسألة املهمة وهي إذا افتقدت هذه املواصفات الختيار‬
‫االمام ‪ ،‬فال جيوز ترك التصويت ابلكلية ولكن ليصوت من كان أخف ضررا على‬
‫االسالم واملسلمني على قاعدة أخف الضررين‬

‫‪61‬‬
‫اخلامتة‬

‫يف ختام هذا البحث ‪ ،‬أود ذكر بعض النتائج ‪ ،‬وهي ‪:‬‬

‫‪ -1‬أمر االنتخاابت مما يعم به البلوى يف جل البالد االسالمية ‪ ،‬فهي الطريق الوحيد‬
‫املعترب قانونيا لتنصيب اإلمامة يف مثل هذا البلد‬
‫‪ -2‬املقصود ابالمامة هنا األمامة الكربى ال الصغرى‬
‫‪ -3‬اإلمامة موضوعة خلالفة النبوة يف حراسة الدين‪ ،‬وسياسة الدنيا‬
‫‪ -4‬إن اإلمامة من أعظم واجبات الدين‬
‫يتم إبحدى الطُُّرق الشرعية التمالية‬ ‫ِّ‬
‫اإلمامة الكربى ُّ‬ ‫انعقاد‬
‫‪ُ -5‬‬
‫‪ -‬االختيار والبيعة ِّم ْن أهل ِّ‬
‫احلل والعقد‬
‫‪ -‬ثبوت البيعة بتعيني ِّ‬
‫ويل العهد‬
‫ويل العهد‬ ‫‪ -‬ثبوت البيعة بتعيني ٍ‬
‫مجاعة ختتار م‬
‫‪ -6‬ثبتت االمامة ولو ابلطرق غري الشرعية ‪ ،‬مثل ابلق موة والغلبة والقهر ‪ ،‬ومنها‬
‫التصويت يف االنتخاابت‬
‫‪ -7‬االنتخاابت من مواليد النظم الدميقراطية اليت ال يعرفها االسالم‬
‫‪ -8‬االصل عدم املشاركة فيها‬
‫‪ -9‬إذا ظهرت مصلحة املشاركة يف االنتخاابب فيجوز بل يشرع املشاركة فيها مع‬
‫احرتام من رأى عدم االشرتاك مطلقا لَلصل‬
‫القضية سياسية فقهية أصولية مقاصدية ‪ ،‬ال منهجية فال يبىن عليها‬ ‫‪-10‬‬
‫الوالء والرباء‬
‫الواجب يف ابب الوالايت هو تعيني األمثل واألكمل فإن تعذر الكامل‬ ‫‪-11‬‬
‫تعني الصريورة إىل من هو مقارب له‬

‫‪62‬‬
‫هذا فتوى مجهور العلماء املعاصرين ‪ ،‬منهم ‪ :‬اللجنة الدائمة و الشيخ‬ ‫‪-12‬‬
‫عبد العزيز بن ابز و الشيخ حممد بن صاحل العثيمني و الشيخ األلباين و الشيخ‬
‫عبد احملسن العباد و الشيخ عبد الرمحن الرباك و الشيخ صاحل اللحيدان و الشيخ‬
‫عبد هللا العبيالن و الشيخ وصي هللا عباس واملشايخ يف مركز اإلمام األلباين و‬
‫الشيخ عبيد اجلابري و الشيخ فاحل احلريب و الشيخ أمحد بن حيىي النجمي‬
‫أفىت الشيخ مشهور خبصوص أمر انتخاابت اندونيسيا ‪2024‬‬ ‫‪-13‬‬
‫ابلتصويت لَلفضل واألصلح‬
‫ضابط اختيار الرئيس الواجب ‪ :‬االسالم والتكليف والذكورة والكفاية‬ ‫‪-14‬‬
‫ولو ابلغري واحلرية‬
‫ضابط الرتجيح للتصويت ‪ :‬القوة واالمانة والصدق والتبليغ والفطانة‬ ‫‪-15‬‬
‫ان افتقدت هذه املواصفات ‪ ،‬فالضابط الشرعي هو أخف الضررين‬ ‫‪-16‬‬

‫ويف اخلتام ‪ ،‬وهللا أسأل ان يرزقنا علما انفعا وعمال صاحلا فإنه ويل ذلك والقادر‬
‫فاطر السماوات واألرض‪ ،‬عاملَ الغيب‬ ‫ِّ‬ ‫عليه‪ ،‬الله مم م ِّ‬
‫رب جربائيل‪ ،‬وميكائيل‪ ،‬وإسرافيل‪َ ،‬‬
‫والشهادة‪ ،‬أنت حتكم بني عبادك فيما كانوا فيه خيتلفون‪ ،‬اهدان ملا اختُلِّف فيه من احلق‬
‫إبذنك‪ ،‬إنمك هتدي من تشاء إىل صر ٍ‬
‫اط مستقي ٍم‬ ‫َ‬
‫وصل هللا وسلم وابرك على خامت النبيني وسيد االنبياء واملرسلني وعلى اله وصحبه‬
‫ومن اهتدى هبديه اىل يوم الدين‬

‫مت حترير هذه الرسالة يف سيدايو جاوى الشرقية ‪ 5 ،‬رجب ‪ 1445‬ه ـ‬


‫بقلم‬
‫أمحد سابق أيب يوسف‬
‫مجعا وترتيبا لفتاوى وتقريرات العلماء‬

‫‪63‬‬
‫املراجع األساسية ‪:‬‬

‫‪ -1‬األئمة من قريش ألمحد سابق – حبث تكميلي ملادة السياسة الشرعية جبامعة‬
‫املدينة العاملية‪-‬‬
‫‪ -2‬طرق تنصيب إمام املسلمني للشيخ حممد علي فركوس‬
‫‪ -3‬املشاركة يف االنتخاابت النيابية وحنوها للشيخ ايب ألعباس يف موقع كل السلفيني‬
‫‪ -4‬االنتخاابت وأحكامها يف الفقه اإلسالمي للشيخ فهد العجالن‬

‫‪64‬‬

You might also like