You are on page 1of 35

ّ

‫الحساني‬ ‫ علي حسين‬.‫ م‬.‫م‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫بالغـة الجمـهور املفـهوم وإلاجراء‬


"Rhetoric" of Audience the Concept and the Procedure
ّ
‫الحساني علي حسين‬ / ‫املدرس املساعد‬
)‫ (العراق‬،‫مديرية تربية محافظة البصرة‬،‫وزارة التربية‬
alhssani1981@gmail.com

0702/72/01:‫تاريخ النشر‬ 0702/70/02 :‫تاريخ القبول‬ 0702/70/ 05 :‫تاريخ إلارسال‬

Abstract
The addressee represents an active party in the process of
communicating with the speaker, as the speaker formulates his speech in the
light of the addressee's ability to be accepted and willing to listen, in order
to achieve his basic goal of this communication process. And if rhetoric is
concerned with the addressee in its cognitive orientation, then it is
concerned with analyzing and studying daily discourses, so that the
rhetorical lesson moves with it from its concern with “the rhetoric of the
speaker” to "rhetoric" of Audience. This cognitive approach, which is
concerned with studying the rhetorical responses that the audience produces
while receiving an authoritarian discourse, enables it to dismantle this
discourse and reproduce it with the pre-cognitive tools it possesses about the
power and effectiveness of the discourse.

key words: "Rhetoric" of Audience , Rhetoric and reception , authoritarian


discourse , power resistance , Humor and irony.

ً ً َ
‫ فاملتكلم يصوغ خطابه في‬،‫يمثل املخاطب طرفا فاعال في عملية التواصل مع املتكلم‬
َ
‫ بغية تحقيق هدفه ألاساس من عملية‬،‫ضوء قابلية املخاطب على التقبل والرغبة في الاستماع‬
ّ ‫املعرفي‬
ّ َ
‫فإنها بذلك تعنى بتحليل‬ ‫ وإذا ما عنيت البالغة باملخاطب في توجهها‬.‫التواصل هذه‬
ّ
‫البالغي من عنايته بـ"بالغة املتكلم" إلى "بالغة‬ ّ ‫الخطابات ا‬
‫ لينتقل معها الدرس‬،‫ليومية ودراستها‬
ّ
‫البالغية التي تصدر عن الجمهور‬ ‫املعرفي الذي ُيعنى بدراسة الاستجابات‬
ّ ‫ هذا التوجه‬."‫الجمهور‬

ّ
431 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 : ‫ (عدد خاص) التاريخ‬60 : ‫ العدد‬60 :‫مجلة العالمة املجلد‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫لخطاب سلطو ّي‪ ،‬فتمكنه من تفكيك هذا الخطاب وإعادة إنتاجه بما يمتلك من‬
‫ٍ‬ ‫في أثناء تلقيه‬
‫مسبقة عن سطوة الخطاب وفاعليته‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ّ‬
‫معرفي ٍة‬ ‫أدوات‬
‫ٍ‬
‫السلطو ّي ‪ ،‬مقاومة‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬بالغة الجمهور ‪ ،‬البالغة والتلقي ‪ ،‬الخطاب ّ‬
‫ّ‬
‫السلطة ‪ ،‬الفكاهة والسخرية‪.‬‬

‫مقدمة‬
‫باملتكلم‪ ،‬واهتمت ببالغة قوله وفصاحته‪ .‬حتى انتهى‬ ‫ّ‬
‫عنيت البالغة العربية منذ نشأتها‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫القزويني (‪937‬هـ) إلى تعريفها قائال‪" :‬وأما بالغة الكالم فهي مطابقته ملقتض ى الحال مع‬ ‫الخطيب‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫‪1‬‬
‫فصاحته" ‪ ،‬فهي وإن عنيت بدراسة املخاطب وأحواله فإنما هي تعضد بذلك املتكلم في قوله‬
‫َ‬
‫وبيانه‪ّ .‬إنها "بالغة املتكلم" الذي يتخذ من فن القول سلطة إلقناع املخاطب والتأثير فيه‪ ،‬من‬
‫ّ‬ ‫ذلك قول إبن ألاثير (‪039‬هـ)‪ّ :‬‬
‫أن "مدار البالغة كلها على استدراج الخصم إلى إلاذعان والتسليم‪،‬‬
‫ألنه ال انتفاع بإيراد ألافكار املليحة الرائقة وال املعاني اللطيفة الدقيقة من دون أن تكون‬ ‫ّ‬
‫ُ َ‬
‫مستجلبة لبلوغ غرض املخاطب بها"‪ .2‬حيث يفرض الخطاب البليغ سلطته على املتلقي وإن لم‬
‫ً‬
‫يكن مقتنعا به‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫يمثل املخاطب طرفا فاعال في عملية التواصل مع املتكلم‪ ،‬فاملتكلم يصوغ خطابه في‬
‫َ‬
‫ضوء قابلية املخاطب على التقبل والرغبة في الاستماع‪ ،‬بغية تحقيق هدفه ألاساس من عملية‬
‫املعرفي ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫فإنها بذلك تعنى بتحليل‬ ‫التواصل هذه‪ .‬وإذا ما عنيت البالغة باملخاطب في توجهها‬
‫ّ‬
‫البالغي من عنايته بـ"بالغة املتكلم" إلى "بالغة‬ ‫اليومية ودراستها‪ ،‬لينتقل معها الدرس‬ ‫ّ‬ ‫الخطابات‬
‫بالغية التي تصدر عن الجمهور‬ ‫املعرفي الذي ُيعنى بدراسة الاستجابات ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫الجمهور"‪ .‬هذا التوجه‬
‫لخطاب سلطو ّي‪ ،‬فتمكنه من تفكيك هذا الخطاب وإعادة إنتاجه بما يمتلك من‬ ‫ٍ‬ ‫في أثناء تلقيه‬
‫معرفية مسبقة عن سطوة الخطاب وفاعليته‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أدوات‬
‫ّ‬
‫اليومية‪،‬‬ ‫ُ‬
‫البالغي ـ بالغة الجمهور ـ الذي يعنى بدراسة خطابات الحياة‬ ‫ّ‬ ‫وهذا التوجه‬
‫يعيدنا إلى زمن تلك الدعوات التي انطلق بها دعاة التجديد والنهضة‪ .‬التي ظهرت في النصف‬
‫ّ‬
‫واملجتمعية‪ ،‬كما دعا‬ ‫ّ‬
‫الفكرية‬ ‫ألاول من القرن املاض ي‪ ،‬فقد أرادوا للبالغة أن تواكب النهضة‬
‫الخولي‪ ،‬ومصطفى ناصف‪ .‬واليوم من أبرز من‬ ‫ّ‬ ‫اليسوعي‪ ،‬وسالمة موس ى‪ ،‬وأمين‬ ‫ّ‬ ‫إليها‪ :‬خليل ّإده‬
‫البالغي املعاصر د‪ .‬عماد عبداللطيف‪ ،‬صاحب‬ ‫ّ‬ ‫أراد للبالغة أن تنهض بقضايا املجتمع هو‬
‫ً‬
‫أطروحة "بالغة الجمهور"‪ .‬والذي أفاد الباحثون كثيرا من أبحاثه وتنظيراته في هذا املجال‪ .‬وال‬
‫َ‬
‫سيما بحثه التأسيس ّي (بالغة املخاطب‪ :‬البالغة العربية من إنتاج الخطاب السلطو ّي إلى‬

‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪431 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫مقاومته)‪ .‬وكتابه (ملاذا يصفق املصريون؟ ـ بالغة التالعب بالجماهير في السياسة والفن) بوصفه‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫التطبيقية ألطروحة (بالغة الجمهور) وهي تكشف مواطن استدراج الجمهور‬ ‫جانبا من الجوانب‬
‫نحو تأييد الخطاب السياس ّي عبر فعل التصفيق‪.‬‬
‫مفهوم البالغة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ال يمكن لنا تجاوز الطروحات واملفاهيم التي وقفت عند "البالغة" مصطلحا أو اتجاها‬
‫وداللي‪ ،‬ومن ثم ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ًّ‬
‫البعد القدس ّي الذي‬ ‫ّ‬
‫وبياني‬ ‫تواصلي‬ ‫عد‬
‫نقديا‪ ،‬بما تحمل هذه املفاهيم من ب ٍ‬
‫ّ‬
‫فالحد ألاول من هذا‬ ‫والتأمل عند صياغة مفهوم "بالغة الجمهور"‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يمثل منطقة الوقوف‬
‫ّ‬
‫املفهوم يتشكل من مفردة "البالغة" والحد الثاني هو "الجمهور" والبالغة بحسب ما ورد في‬
‫يدل على الوصول إلى الش يء‪ .3‬وقد تركت‬ ‫اللغوية لفظ مأخوذ من الفعل "بلغ" الذي ّ‬ ‫ّ‬ ‫املعاجم‬
‫ً‬
‫الفكرة أثرا في أذهان الباحثين‪ ،‬إذ يقول أحمد مطلوب‪" :‬البالغة الانتهاء والوصول"‪ .4‬ويقول علي‬
‫الجندي في معنى البالغة‪" :‬انتهاء الش يء إلى غايته املطلوبة"‪ ،5‬وهذا ما التفت إليه الشاهد‬
‫معان للبالغة‪:6‬‬ ‫ّ‬
‫البوشيخي‪ ،‬ثم عاد فميز بين أربعة ٍ‬
‫الانتهاء إلى الغاية في التبيين وإلافهام بأفضل أسلوب‪.‬‬ ‫‪.0‬‬
‫جودة الكالم وحسنه‪.‬‬ ‫‪.0‬‬
‫الكالم البليغ نفسه‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫صناعة الكالم البليغ‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫يؤول فيه املعاني املعجمية‪ ،‬ويلحم املعنى باملعنى‪،‬‬ ‫وقد يذهب ذهن الباحث "مذهبا ِ‬
‫أن كلمة البالغة‪ ،‬من جهة اللغة واملعجم‪ ،‬تدور حول فكرة الوصول‬ ‫حتى يتوصل إلى القول َّ‬
‫أن حرص الباحثين على أن يقرنوا فكرة البالغة بمعنى الوصول ّ‬
‫مرده إلى‬ ‫والانتهاء‪ ،‬وأغلب الظن ّ‬
‫ً‬
‫مسبق يسكن عقل الباحث يريد من خالله أن يجعل البالغة حركة تنتهي إلى غاية ّربما‬ ‫ٍ‬ ‫موقف‬
‫ٍ‬
‫ً ‪7‬‬ ‫ُ‬
‫هي املتلقي الذي يتجه إليه الكالم البليغ ويحدث فيه أثرا" ‪.‬‬

‫تعزز قدرة البالغة على منح املتكلم هذه الصفة‪ .‬ولذا يرى أحد‬ ‫وكل هذه املعاني ّ‬
‫ّ‬
‫أن ابن منظور لم يقرن البالغة بداللة الوصول والانتهاء بل هو تكريس قدرة املتكلم‬‫الباحثين ّ‬
‫معان لها‪:8‬‬
‫وبالغته ليجد نفسه أمام ثالثة ٍ‬
‫البالغة تعبير عن النفس‪.‬‬ ‫‪.0‬‬
‫البالغة تأثير في املتلقي‪.‬‬ ‫‪.0‬‬
‫البالغة جمال القول‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪431 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫ونجد عالقة البالغة بالتواصل وفرز مناطق إلافهام عند املتلقي‪ ،‬فقد ّبين الجاحظ‬
‫ابي للبالغة " ّ‬
‫العت ّ‬ ‫ً‬
‫ناقال تعريف ّ‬
‫كل من أفهمك‬ ‫(‪022‬هـ) قدرة املتكلم على إيصال الهدف النبيل‪،‬‬
‫حاجته من غير إعادة وال ُحبسة وال استعانة فهو بليغ‪. "...‬‬
‫‪9‬‬

‫فهناك مقومات للبالغة والتواصل تؤدي وظيفة إلافهام‪:‬‬

‫‪ -0‬امتالكه قدرة وضوح التعبير‪.‬‬

‫‪ -0‬خلو كالمه من الحبسة‪.‬‬


‫ّ‬
‫الحرفي‪ ،‬كما هي عند‬ ‫ّ‬
‫اللفظي أو‬ ‫‪ -3‬الابتعاد عن عمليات الاستعانة‪ ،‬مثل الاستبدال‬
‫واصل بن عطاء وغيره‪.‬‬

‫فإن البالغة وهي جزء من‬ ‫فإذا كان املدار في البيان بمعناه العام على الفهم وإلافهام ّ‬
‫البيان بمعناه العام املدار فيها على الفهم بأسلوب عربي صحيح‪ ،‬وهي تبحث في ألاسلوب بعد أن‬
‫يكون قد بحث بواسطة علم النحو من ناحية الصحة والفساد‪.10‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫إن "بيان" الجاحظ هو بالغة الخطابة القائمة على املقام ومراعاة أحوال املخاطبين‪،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫إلاقناعي انطالقا من مفهوم "املقام‬ ‫وهو اعتبار وجه الجاحظ إلى التنظير ملقومات الخطاب‬
‫أن الجاحظ يستعمل "البالغة" و"الخطابة" بمرونة‬ ‫الخطابي"‪ ...‬ومن الوقائع التي تؤكد ذلك َّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫والسيد‬ ‫تقترب من الترادف كما يظهر مما نقله عن سهل بن هارون‪ ..." :‬إذا كان الخليفة بليغا‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫الخطابية‬ ‫فائقة بإثبات النصوص‬ ‫ٍ‬ ‫عناية‬
‫ٍ‬ ‫خطيبا"‪ ،11‬يضاف إلى ذلك ما أظهره الجاحظ من‬
‫أن الجاحظ متوجه في هذا الكتاب ـ ّ‬ ‫ً‬
‫دليال على ّ‬
‫أي البيان‬ ‫وتعقب أخبار الخطباء‪ ،‬وهو ما ينهض‬
‫ّ‬
‫إلاقناعي‪.12‬‬ ‫والتبيين ـ إلى وضع ألاسس العامة لنظرية الخطاب‬
‫ً‬
‫لقد "كان الجاحظ يقدم وسيلة للحوار في عصره بين الفرقاء في املجال الفكر ّي‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫العربي من جهة‪ ،‬وأحوال املخاطبين من جهة‬ ‫ّ‬
‫الخطابي‬ ‫والسياس ّي‪ ،‬الحوار من خالل الرصيد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أخرى‪ ،‬املهم‪ :‬كيف يكون الخطاب ناجعا فاعال"‪.13‬‬

‫وقد اهتم الجاحظ بقضية إلافهام‪ ،‬إفهام السامع وإقناعه وقمع املجادلة وإفحامه‪...‬‬
‫بيان‪ ،‬بهذا املعنى الذي يتجه فيه الاهتمام إلى السامع "والقارئ"‪ ،‬فلقد‬
‫وملا كان الجاحظ رجل ٍ‬
‫بيداغوجية ّ‬
‫بيانية في مؤلفاته وبكيفية خاصة في كتابيه ألاساسيين "الحيوان" و"البيان‬ ‫ّ‬ ‫سلك‬

‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪431 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بيداغوجية‪ ،‬تضع السامع وأحواله النفسية موضع الاعتبار الكامل‪ .‬من ذلك أنه يلجأ‬ ‫والتبيين"‬
‫ّ‬
‫في كتابه إلى التنويع والاستطراد قصد الترويح عن السامع وشد ُه إليه‪ ،‬حتى لو أدى به ذلك إلى‬
‫"الخروج عن املوضوع"‪.14‬‬

‫هذه العناية بـ"البيان" نابعة من عنايته بوظيفة الخطاب ونجاعته‪ ،‬حيث املدار على‬
‫الغايات واملقاصد التي يرسمها املتكلم لخطابه‪" ...‬املتكلم" عنده ناهض بوظيفة " ّ‬
‫بيانية"‬
‫ـينية" بطريق كشف قناع املعنى وتوضيحه للسامع‪ ،‬من أجل أن يتحقق "البيان"‪=" ،‬‬ ‫و"تبـي ّ‬
‫إلافهام"‪ ،‬الجاحظ بالسامع وظيفة‪" ،‬التبيين" "=الفهم" الذي يقتضيه التأمل في املعنى من أجل‬
‫ً‬
‫تفهمه‪ ،‬وهو جهد يجعل السامع شريكا للمتكلم في الفضل‪ ،‬إذ من دونه ال تتحقق "املقاصد"‬
‫َ‬
‫للمستمع‪/‬املخاطب الذي أصبح‬‫ِ‬ ‫التي يهفو إليها املتكلم‪ ،‬ولذلك أولى الجاحظ عناية خاصة‬
‫ّ‬ ‫البيانية‪ّ " ،15‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ً‬
‫ألن مدار ألامر على البيان والتبيين‪ ،‬وعلى إلافهام والتفهم‪ ،‬وكلما‬ ‫محددا في العملية‬
‫ّ ّ‬
‫كان اللسان أبين كان أحمد‪ ،‬كما أنه كلما كان القلب أشد استبانة كان أحمد‪ ،‬واملفهم لك‬
‫واملتفهم عنك شريكان في الفضل"‪.16‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫بيداغوجية في الكتابة بل هو أيضا‪ ،‬وبالدرجة ألاولى‪،‬‬ ‫لم يكن "البيان" عند الجاحظ‬
‫ّ‬
‫منطقي‬ ‫فن في القول له شروطه ومتطلباته‪ ...‬وقد سار مع كتابه "البيان والتبيين" حسب تصميم‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫البيانية بمختلف مراحلها‪ ،‬منطلقا من شروط "إلارسال"‬ ‫"مضمر" عرض من خالله العملية‬
‫ّ‬
‫الجيد إلى متطلبات الحصول على "الاستجابة" املرجوة‪ ...‬فالبيان ـ منظور إليه من زاوية وظيفته‬
‫ً‬ ‫"الكالمية" ـ هو قبل ّ‬
‫كل ش يء سلطة‪ ،‬سلطة املتكلم التي ال تقل تأثيرا عن سلطة الحاكم على‬
‫املحكوم‪.17‬‬
‫يقول ابن وهب الكاتب (‪332‬هـ) في كتابه "البرهان في وجوه البيان"‪ّ :‬‬
‫إن الناس قد‬
‫ً‬ ‫ذكروا البالغة ووصفوها بأوصاف لم تشتمل على ّ‬
‫حدها‪ ،‬وذكر الجاحظ كثيرا مما وصفت به‪،‬‬
‫وكل وصف يقصر عن إلاطاحة ّ‬
‫بحدها‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫وحد البالغة عنده‪" :‬القول املحيط باملعنى املقصود‪ ،‬مع اختيار الكالم‪ ،‬وحسن‬
‫النظام‪ ،‬وفصاحة اللسان"‪.18‬‬
‫ويقول أبو هالل العسكر ّي (‪372‬هـ) في تعريفها وبيان ّ‬
‫حدها‪ :‬البالغة ّ‬
‫كل ما تبلغ به‬
‫ّ‬
‫املعنى قلب السامع فتمكنه في نفسه لتمكنه في نفسك مع صورة مقبولة ومعرض حسن "وإنما"‬

‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪431 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫ً‬
‫شرطا في البالغة ّ‬
‫ألن الكالم إذا كانت عبارته رثة ومعرضة‬ ‫جعلنا حسنه املعرض وقبول الصورة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫خلقا لم يسم بليغا وإن كان مفهوم املعنى‪ ،‬مكشوف املغزى"‪.19‬‬
‫ّ‬
‫ووجه الشاهد في هذا املقتبس أنه يشترط في القول البليغ الحسن والجمال‪ُ ،‬وي َع ّد هذا‬
‫ً‬
‫ماهويا‪ ،‬بمعنى ّ‬
‫أن ماهية البالغة ليست تتحقق ما لم يستوف هذا الشرط‪ ،‬فإذا َعر َي‬ ‫الشرط‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الكالم عن الحسن لم يكن بليغا مهما يكن وافيا باملعنى يؤدي ملن يتلقى القول البليغ ويستهدفه‬
‫ًّ ّ ً‬ ‫َ‬
‫مميزا‬ ‫به فيفهم عنه املعنى وال يتردد فيه‪ .20‬ويجعل هذا التعريف من التأثير في املخاطب حدا‬
‫للبالغة‪.21‬‬
‫ً‬
‫فضال عن تأكيده على أهمية فكرة املطابقة التي تطابق في هذا املقتبس بين صورة‬
‫ً‬
‫املعنى مستقرا في نفس املتكلم وصورة املعنى املنتقل إلى املخاطب‪ ،‬فيستقر في نفسه استقراره‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫املخاطب‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫فإن ذلك كله يظل في‬ ‫في نفس املتكلم‪ ،‬ويطابق املعنى عند املتكلم املعنى املستلم عند‬
‫ً‬
‫عبارة العسكر ّي‪ ،‬مقيدا بشرط ُحسن القبول‪ .‬ال يكفي تطابق املعنى‪ ،‬وتحقق إلافهام‪ ،‬لكي يكون‬
‫ً‬
‫ضربا من ُ‬ ‫ً‬
‫الحسن والجمال‪.22‬‬ ‫الكالم بليغا‪ ،‬من هنا تغدوا البالغة‬

‫وهو غير غائب عن الشرح اللغوي ملادة "بلغ" وحضوره في هذا الشرح يجعل وجود‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فكرة البالغة بوصفها جماال وجودا طبيعيا كامنا في كلمة البالغة نفسها‪ ،‬وهنا تغدوا فكرة‬
‫ّ‬
‫ألادبي أو‬ ‫ّ‬
‫اللغوية‪ ،‬ليست ذات أهمية‪ ،‬فمعنى الجمال‬ ‫الوصول والانتهاء‪ ،‬التي جعلوها عمة املادة‬
‫اللغو ّي ال يقتضيها‪ ،‬وال ينبع منها ضرورة‪.‬‬

‫لقد توسع أبو هالل في كشف معنى البالغة من وجوهها املختلفة عند حديثه في‬
‫مواضيع كثيرة من "الصناعتين" وليس عند حديثه عن البالغة فحسب‪ ،‬وقد ذكر أبو هالل من‬
‫كل ذلك ّ‬
‫ألن البالغة والنقد عند‬ ‫أقوال الحكماء والفصحاء أكثر مما فعل الجاحظ (‪022‬هـ) قبله ّ‬
‫أبي هالل وجهان ملوضوع واحد‪ ،‬ولم تكن البالغة قد انفصلت عن النقد بعد‪ ،‬وال نستشف من‬
‫أقوال أبي هالل في تعريفاته للبالغة من وجوهها املختلفة أو ذكره ألقوال الحكماء والكتاب ما‬
‫يبين هذا الجفاف الذي نراه في "البالغة" في عصورنا املتأخرة بعده‪.23‬‬
‫ًّ‬ ‫عرف ّ‬
‫الس ّ‬ ‫ّ‬
‫حدا له‬ ‫كاكي (‪000‬هـ) البالغة بقوله‪" :‬هي بلوغ املتكلم في تأدية املعاني‬
‫اختصاص بتوفية خواص التراكيب حقها‪ ،‬وإيراد أنواع التشبيه واملجاز والكتابة على وجهها"‪.24‬‬

‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪431 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫إن هذا التعريف هو تعريف لعلمي املعاني "خواص التراكيب" والبيان "أنواع التشبيه‪...‬‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫معا فالبالغة في نظر ّ‬
‫الس ّ‬
‫كاكي‪ ،‬هي املعاني والبيان‪.25‬‬ ‫إلخ"‬

‫موضع آخر من كتابه "مفتاح العلوم" إلى ثنائية املقام‬ ‫الس ّ‬


‫كاكي (‪000‬هـ) في‬ ‫ويشير ّ‬
‫ٍ‬
‫واملقال "املطابقة ملقتض ى الحال"‪ ،‬أشهر فكرة في تعريف البالغة تنسب إليه وإلى تلميذه من‬
‫أن مقامات‬‫القزويني (‪937‬هـ)‪ ،‬يقول في كتابه "مفتاح العلوم"‪" :‬ال يخفى عليك ّ‬
‫ّ‬ ‫بعده الخطيب‬
‫الكالم متفاوتة‪ ،‬فمقام التشكر يباين مقام الشكاية‪ ،‬ومقام التهنئة يباين مقام التعزية‪ ،‬ومقام‬
‫يحدد‪ ،‬عناصر بالغة مقامية أساسها "مطابقة الكالم‬ ‫املدح يباين مقام الذم‪ ،26"...،‬وهو بهذا ّ‬
‫ملقتض ى الحال"‪ ،‬وتوافقه مع سياقات تلفظه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الخارجي‪ ،‬بل اعتبر العالقات بين املكونات‬ ‫واملالحظ أنه لم يقصر املقام على املوقف‬
‫حد ينتهي إليه الكالم مقام"‪ّ ،27‬‬
‫فإن " ّ‬ ‫لكل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫لكل كلمة مع‬ ‫اللغوية مقاما داخليا ملزما‪ ،‬فكما أن " ّ ٍ‬
‫ً‬
‫صاحبها مقام"‪ ،28‬فالحال يبني الخطاب والخطاب يبني بعضه بعضا‪.29‬‬

‫أما الخطيب القزويني (‪937‬هـ) فقد قال في تعريفها‪" :‬وأما بالغة الكالم فهي مطابقته‬
‫أن الفصاحة ليست البالغة نفسها‪،‬‬ ‫ملقتض ى الحال مع فصاحته"‪ ،30‬وعبارة "مع فصاحته" تعني ّ‬
‫ٌ‬
‫ولكنها شرط فيها‪.‬‬

‫وكلمة "الحال" التي وردت في التعريف تحتمل معنيين "فقد يكون صاحب الحال هو‬
‫البليغ‪ ،‬وقد يكون هو املخاطب بالكالم البليغ"‪ ،31‬هذان املعنيان لهما أسانيد من أقوال البلغاء‪،‬‬
‫ّ‬
‫العبدي‪ :‬ما هذه‬ ‫لصحار بن ّ‬
‫عياش‬ ‫ابي‪ :‬قال معاوية بن أبي سفيان ُ‬ ‫من ذلك ما قاله ابن إلاعر ّ‬
‫البالغة التي فيكم؟ قال‪ :‬ش ٌيء تجيش به صدورنا فتقذفه على ألسنتنا‪ ...‬وقال معاوية‪ :‬ما ّ‬
‫تعدون‬
‫صحار‪ :‬أن تجيب فال تبطئ‪،‬‬ ‫البالغة فيكم ؟ قال‪ :‬إلايجاز‪ .‬قال له معاوية‪ :‬وما إلايجاز ؟ قال ُ‬
‫وتقول فال تخطئ‪.32‬‬
‫َ‬
‫"والبالغة هنا تفترض املخاطب الذي ُيجاب عن سؤاله أو قوله‪ .‬وإذا كان الجانبان‬
‫حوار واحد بين بليغ وحاكم فإنه طبيعي أن يحضر في التعريف املعتمد للبالغة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫حاضرين في‬
‫ً‬
‫خصوصا ّ‬
‫أن املادة اللغوية "بلغ" تتضمنها على نحو أو آخر"‪.33‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫ومن تفسير الشراح للحال ُيقصد بها املخاطب‪ ،‬قول ابن قتيبة (‪090‬هـ) في كتابه أدب‬
‫َ‬ ‫ُ ّ‬
‫الكاتب‪ ،‬ونستحب له أن ينزل ألفاظه في كتبه فيجعلها على ق ِ‬
‫در الكاتب واملكتوب إليه‪ ،‬وأن ال‬

‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪411 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫ص ّ‬
‫أن‬ ‫يعطي خسيس الناس رفيع الكالم‪ ،‬وال رفيع الناس خسيس الكالم"‪ُ ،34‬يفهم من ّ‬
‫الن ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫اجتماعي يميز بين العامة والخاصة‪ ،‬أو بين‬ ‫الحال خاص‪ ،‬بمقام املخاطب في ضوء تقسيم‬
‫ولعل كلمة مقام التي يذكرها البالغيون في قولهم‪ّ :‬‬
‫لكل مقام مقال‪ ،‬قد‬ ‫ّ‬ ‫الحكام واملحكومين‪،‬‬
‫ّ‬
‫الاجتماعي‪ ،‬وعندما‬ ‫تسللت إلى تفسير كلمة الحال من مدخل مراعاة مقامات الناس في أوضاعهم‬
‫ّ‬
‫قال ابن قتيبة‪" :‬على قدر الكاتب واملكتوب إليه"‪ ،‬فإنه جمع بين حال الكاتب وحال املكتوب‬
‫إليه‪ ،‬أو املتلقي‪ ،‬وهما طرفان تلتبس بينهما كلمة الحال‪.35‬‬
‫ائال‪" :‬ومقتض ى الحال مختلف‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫فإن مقامات الكالم‬ ‫القزويني (‪937‬هـ) ق‬ ‫ويضيف‬
‫متفاوتة‪ ،‬فمقام التنكير يباين مقام التعريف‪ ،‬ومقام إلاطالق يباين مقام التقييد‪ ،‬ومقام‬
‫التقديم يباين مقام التأخير‪ ،‬ومقام الذكر يباين مقام الحذف‪ ،‬ومقام القصر يباين مقام‬
‫خالفه‪ ،‬ومقام الفصل يباين مقام الوصل‪ ،‬ومقام إلايجاز يباين مقام إلاطناب واملساواة‪ ،‬وكذا‬
‫خطاب الذكي يباين خطاب الغبي‪ .‬وكذا لكل كلمة مع صاحبتها مقام"‪.36‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫النفسية‪ ،‬فهو يحولها خصائص‬ ‫الاجتماعية وألاحوال‬ ‫فبدال من أن يحلل هذه املقامات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لغوية‪ ،‬يستمدها كلها من أبواب علم املعاني‪ ،‬أحد علوم البالغة الثالثة‪ ،‬وتكاد تكون الفقرة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تعدادا ملوضوعات علم املعاني‪ ،‬وبهذا تصبح الحال‪ ،‬أو املقام‪ ،‬نوعا من وظائف التراكيب‬
‫اللغوية ال من ألاوضاع الاجتماعية الداعية إلى الحديث البليغ‪.37‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الجرجاني "‪000‬هـ" البالغة في كتابة "التعريفات" قائال‪" :‬البالغة" في‬ ‫وعرف الشريف‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫املتكلم‪ :‬ملكة يقتدر بها على تأليف كالم بليغ‪ُ ،‬‬
‫فع ِلم أن كل بليغ‪ ،‬كالما كان أو متكلما‪ ،‬فصيح‪،‬‬
‫ً‬ ‫ألن الفصاحة مأخوذة في تعريف البالغة‪ ،‬وليس ُّ‬ ‫ّ‬
‫كل فصيح بليغا‪.‬‬

‫وفي الكالم‪ :‬مطابقة ملقتض ى الحال‪.‬‬

‫واملراد بالحال‪ :‬ألامر الداعي إلى التكلم على وجه مخصوص مع فصاحته‪ ،‬أي فصاحة‬
‫الكالم‪ .‬وقيل‪ :‬البالغة‪ُ " :‬تنبئ عن الوصول والانتهاء‪ ،‬يوصف بها الكالم واملتكلم فقط‪ ،‬دون‬
‫الفرد"‪.38‬‬
‫مفهوم ّ‬
‫السلطة‬
‫ّ‬
‫جاء في لسان العرب البن منظور (‪900‬هـ) مادة "سلط"‪" :‬السالطة‪ :‬القهر‪ ،‬وقد سلطه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واضحة لداللة السيطرة بتمثالتها‬
‫ٍ‬ ‫إشارة‬
‫ٍ‬ ‫هللا فتسلط عليهم‪ ،‬والاسم ُسلطة‪ ،‬الضم"‪ .39‬في‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪414 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫املختلفة‪ُ " ،‬‬


‫حديد اللسان بين السالطة والسلوطة"‪ ،40‬هنا ارتبطت‬ ‫فصيح‬ ‫ورج ٌل سليط أي‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫السلطة بفصاحة اللسان وقوة البرهان‪ ،‬مما يعني أن اللغة تعد سلطة للقول‪.‬‬
‫السلطان‪ :‬الحجة والبرهان‪ ،‬وال يجمع ّ‬
‫ألن مجراه مجرى‬ ‫السلطان"‪ ،‬و" ّ‬ ‫ومما ُ‬
‫اشتق منها " ُّ‬
‫والسليط ما ُيضاء به‪ ،‬ومن هنا قيل للزيت‪:‬‬
‫السليط‪ ،‬قال‪ّ :‬‬ ‫السلطان من ّ‬ ‫املصدر‪ ...‬واشتقاق ّ‬
‫َ ُ َ َّ ْ َ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫انفذوا ال ت ُنفذون ِإال ِب ُسلط ٍان"‪ ،‬أي حيث كنتم شاهدتم حجة‬ ‫سليط‪ ،‬قال‪ :‬وقوله عز وجل‪" :‬ف‬
‫وسلطان يدل على أنه ٌ‬
‫واحد‪.41‬‬ ‫ً‬ ‫هللا تعالى‬

‫وهذه داللة للحجة والبرهان والاهتداء‪ ،‬جاء في املعجم الفلسفي للدكتور جميل صليبا‬
‫َّ‬
‫أن "السلطة في اللغة القدرة والقوة على الش يء‪ ،‬والسلطان الذي يكون لإلنسان على غيره"‪،42‬‬
‫بمعان أخرى من أجل إغناء‬
‫ٍ‬ ‫هو لم يخرج عن إلاطار اللغوي ملفهوم السلطة‪ ،‬لكنه ربط السلطة‬
‫التعريف‪ ،‬ومن معاني السلطة لديه‪:43‬‬

‫النفسية‪ ،‬وهي ما نطلق عليه اسم السلطان الشخص ّي‪ ،‬أعني قدرة‬ ‫ّ‬ ‫السلطة‬ ‫‪.0‬‬
‫إلانسان على فرض إرادته على آلاخرين‪ ،‬لقوة شخصيته‪ ،‬وثبات جنانه‪ ،‬وحسن إشادته‪ ،‬وسحر‬
‫بيانه‪.‬‬
‫الشرعية‪ ،‬وهي السلطة املعترف بها في القانون لسلطة الحاكم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫السلطة‬ ‫‪.0‬‬
‫والوالد‪ ،‬والقائد‪ ،‬وهي مختلفة على حين أن صاحب القوة يوحي بالخوف والحذر‪ ،‬لذلك قيل أن‬
‫سلطة الدولة في النظام الديمقراطي مستمدة من إرادة الشعب‪ ،‬ألن الغرض منها حفظ حقوق‬
‫مستبد ظالم‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫الناس‪ ،‬وصيانة مصالحهم ال تستخيرهم إلارادة‬
‫وللوحي الذي أنزل هللا على أنبيائه‪ ،‬ولسنن الرسل‪ ،‬قرارات املجاميع املقدسة‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫واجتهادات ألائمة‪ ،‬سلطة يمكن تسميتها بالسلطة الدينية‪.‬‬
‫وجمع السلطة سلطات‪ ،‬وهي ألاجهزة الاجتماعية التي تمارس السلطة‬ ‫‪.4‬‬
‫كالسلطة السياسية‪ ،‬والسلطات التربوية‪ ،‬والسلطات الدينية‪ ،‬والسلطات القضائية‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫السوفياتي تعريفها على ّأنها‪" ،‬إحدى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفلسفي‬ ‫أما إلاصطالح فقد جاء في املعجم‬
‫الاجتماعي للمجتمع‪ّ ،‬إنها القوة آلامرة التي في حوزتها إلامكانية‬
‫ّ‬ ‫الوظائف ألاساسية للتنظيم‬
‫الفعلية لتسيير أنشطة الناس بتنسيق املصالح املتعارضة لألفراد أو الجماعات وبإلحاق تلك‬
‫املصالح بإدارة واحدة عن طريق إلاقناع أو القسر"‪ .44‬قريب من هذا التعريف ما يذهب إليه ج‪.‬‬
‫أن السلطة هي القدرة على التأثير في ألاشخاص ومجريات ألاحداث باللجوء إلى‬ ‫بيتي من ّ‬
‫مجموعة من الوسائل تتراوح بين إلاقناع وإلاكراه‪.45‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪411 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫هذه التعريفات تشير إلى حقيقتين على ألاقل هما‪" :‬أ‪ .‬السلطة أمر‪ ،‬ب‪ .‬السلطة واقع‬
‫اجتماعي"‪.46‬‬

‫أن "السلطة" بمعناها العام هي الحق في ألامر‪ ،‬فهي‬ ‫ويقول ناصف نصار في تعريفات ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الحق في إصدار أمر إلى املأمور‪ ،‬ومأمور عليه واجب الطاعة‬ ‫تستلزم آمرا ومأمور وأمرا‪ ،‬آمرا له‬
‫لآلمر بتنفيذ ألامر املوجه إليه"‪ ،‬هذا التعريف يؤكد على خصيصة مهمة‪ ،‬هي ضرورة توفر‬
‫طرفين في الخطاب لكل منهما دورة‪ ،‬فأحدهما آمر وآلاخر مأمور‪ ،‬وال يتبلور الفعل اللغوي‬
‫"ألامر" إال في الخطاب وبالخطاب‪ ،‬مهما كانت عالمة الخطاب املستعملة‪ ،‬وعليه فالطرفان هما‪:‬‬
‫املُرسل واملُ َ‬
‫رسل إليه‪.47‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُيمثل املُرسل‪/‬املُخاطب‪ ،‬واملُ َ‬
‫التواصلية‪،‬‬ ‫رسل إليه‪/‬املخاطب طرفي الخطاب في العملية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫رسل ال يكون هناك خطاب‪ ،‬ألنه طرف الخطاب ألاول الذي يتجه به إلى الطرف الثاني‬ ‫فبدون امل ِ‬
‫ّ‬
‫العيني أو‬ ‫ليكمل العملية التخاطب ّـية‪ ،‬بقصد إفهامه مقاصده أو التأثير فيه‪ ،‬وذلك بحضوره‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫رسل وموقفه منه ومن املوضوعات التي يتناولها‬ ‫الذهني‪ ،‬انطالقا من عالقاته السابقة بامل ِ‬
‫كل ذلك يترك أثره‪ ،‬بوصفه هو الذي يمارس تفكيك الخطاب ويؤوله‪ ،‬ملعرفة مقاصد‬ ‫الخطاب‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫رسل وأهداف الخطاب التي يرى أنه يريد تحقيقها‪.‬‬ ‫امل ِ‬
‫وما يجمع طرفي الخطاب في إلاطار العام الذي يسهم في ترجيح أدوات بعينها واختيار‬
‫آليات مناسبة لعملية إلافهام والفهم هو السياق‪ .‬وذلك من خالل عدد من العناصر‪ ،‬فمن‬
‫عناصر العالقة بين املتخاطبين سواء كانت سلب ّـية أم إيجاب ّـية‪ ...‬الزمان واملكان اللذين يتلفظ‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫رسل بخطابه من عناصره الهامة‪ ،‬فما يصح لزمان قد ال يصلح آلخر‪ ،‬وما يناسب مكانا‬ ‫فيهما امل ِ‬
‫ً‬
‫قد ال يناسب مكانا آخر‪ ،‬فمعرفة عناصر السياق تسهم في عملية التعبير عن املقاصد‬
‫والاستدالل إلدراكها‪ ...48‬هذه العناصر الثالثة السابقة باجتماعها يكون‪ :‬الخطاب‪.‬‬

‫السلطة" في اللغة والاصطالح من ّأنها العالقة مع ألاقوى‪ ،‬والقادر‬


‫وبالعودة إلى "مفهوم ّ‬
‫وأن "السلطة عبارة عن عالقات‬ ‫على إصدار ألامر وقابلية تنفيذه‪ ،‬مما يعني وجود طرفين‪ّ ...‬‬
‫ّ ُ‬ ‫ّ‬
‫رسل يأخذها بعين الاعتبار في‬‫تحدث في املجتمع‪ ،‬وألن العالقات قد تكون غير متكافئة‪ ،‬فإن امل ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الربط بينها‪ ،‬وجودا أو عدما‪ ،‬وبين استعمال اللغة في الخطاب عند إنتاجه‪ ،‬مما يجعل الخطاب‬
‫هو إلاطار الذي تتجسد فيه"‪.49‬‬

‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪413 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫ّ‬
‫اللغوية التي تستغني فيها اللغة‬ ‫وأحد ألادلة على سلطتها‪ ،‬وذلك من خالل انجاز بعض ألافعال‬
‫‪50‬‬ ‫السيميائية ألاخرى‪ ،‬مثل ّ‬
‫سن القوانين وتفسيرها ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بنفسها عن العالمات‬
‫السلطو ّي‬
‫الخطاب ّ‬
‫ّ‬
‫السلطو ّي بأنه "ذلك النسج اللغو ّي املنطوق واملكتوب‪ ،‬املترابط‬ ‫يوصف الخطاب ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫سياق‬
‫ٍ‬ ‫واملنسجم املشحون بالسياسة فكرا وسلوكا‪ ،‬تفاعال وممارسة‪ ،‬فاعلين ومتفاعلين‪ ،‬في‬
‫مكاني) ومعرفة وإشكاالت‪ ،‬املكتمل في داللته بذاته‪ ،‬ذو‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫زماني‪،‬‬ ‫اجتماعي‪ ،‬لغو ّي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫مخصوص (‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫التداولية" ‪ّ .‬‬
‫‪51‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويعرفه مازن الوعر قائال‪" :‬تركيب من الجمل‪،‬‬ ‫والخصوصية‬ ‫الاتصالي‬ ‫الغرض‬
‫موجه عن قصد إلى املتلقي‪ ،‬بقصد التأثير فيه وإقناعه بمضمون الخطاب‪ ،‬عن طريق الشرح‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫سياسية‪ ،‬أو يكون موضوع هذا الخطاب‬ ‫والتحليل وإلاثارة‪ ،‬ويتضمن هذا املضمون أفكارا‬
‫ًّ‬
‫سياسيا‪ ،‬ويهدف السياس ّي من خطابه إلى تغيير النفوس والعقول وألافكار والواقع‪ ،‬مما يجعله‬
‫في حالة لها صفات وسمات وهيئة معينة"‪.52‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫السلطو ّي هو كونه خطابه نهائيا وشامال‪،‬‬ ‫آلايديولوجي ّ‬
‫ّ‬ ‫وأول ما يتميز به الخطاب‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫ويكشف‪ ،‬بهذه الطريقة‪ ،‬عن طبيعته ذات املرجع الذاتي‪ .‬إنه مكان تردد فيه املبادئ القائمة‬
‫أي خطاب‪ ،‬من حقها الوصول إلى ّ‬
‫السلطة‬ ‫ّ‬
‫سياسية‪ ،‬ضمن ّ‬ ‫مجد‪ ،‬وتنطلق ّ‬
‫كل كلمة‬ ‫ُوت ّ‬
‫ً‬
‫والاحتفاظ بها‪ ،‬كما يعتمد نجاحها على معطيات وأحداث خارجية ـ سواء أكان الحدث تحركا‬
‫ألاخالقية‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬
‫إن هذه‬ ‫اجتماعيا ـ‪ ،‬وال يعتمد على قيمتها‬ ‫عسكريا‪ ،‬وضعا اقتصاديا أم‬ ‫سياسيا أم‬
‫الفورية التي تطال جميع ألامور وألاشخاص الذين ال‬ ‫ّ‬ ‫تفسر التنحية‬ ‫الحاجة إلى الاستبداد ّ‬
‫يدخلون في القالب الذي وضعته‪.53‬‬
‫ّ‬
‫التعرف على الامكانات التي تخولها اللغة‬ ‫البالغي لبالغة ّ‬
‫السلطة‬ ‫ّ‬ ‫ويقتض ي مقاومة ألاثر‬
‫ّ‬
‫البالغي للشعوب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السلطوية والتي تمكنهم من السيطرة على الفضاء‬‫الطبيعية ملنتجي الخطابات ّ‬
‫ّ‬
‫ودراسة مفعول الكنايات والاستعارات التي تختفي وراءها ألاحالم وألاوهام املفارقة للواقع‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫الس ّ‬ ‫املتسم بغير ما تبشر به الخطابات ّ‬
‫بالغيا وحاجة لبالغة‬ ‫لطوية الشعوب‪ .‬مما يستدعي وعيا‬
‫الجمهور‪.54‬‬
‫اللغة ّ‬
‫والسلطة‬
‫ّ‬
‫السياسية‪ ،‬فهي أداة إقناع وإخضاع‪ ،‬ومن خاللها‬ ‫ُت ُّ‬
‫عد اللغة أحد أهم أركان اللعبة‬
‫يتم قلب الحقائق‪ّ ،‬‬
‫ولي أعناق الوقائع‪ ،‬وتبديل القناعات‪ ،‬وكسب التأييد‪ ،‬وجمع املناصرين‪،‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪411 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫ّ‬
‫السياسية تعج بالكثير من الشواهد على ذلك‪ ،55‬ويقول روالن‬ ‫وتحجيم املعارضين‪ ،‬وألاحداث‬
‫ّ‬
‫بارت‪" :‬اللغة سلطة تشريعية‪ ،‬اللسان قانونها‪ ،‬إننا ال نلحظ ّ‬
‫السلطة التي ينطوي عليها اللسان‪،‬‬
‫وأن ّ‬ ‫كل لسان تصنيف‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ألننا ننس ى ّ‬
‫أن ّ‬
‫كل تصنيف ينطوي على نوع من القهر‪ Ordo :‬تعني في‬
‫ذات الوقت التوزيع وإلارغام‪ ،‬هذا ما أوضحه ياكوبسون ‪ّ Jakobson‬‬
‫أن ّ‬
‫كل لهجة تتعين‪ ،‬ال بما‬
‫إن اللغة‪ ،‬أما أن ينطق بها‪ ،‬حتى وإن ظلت مجرد همهمة‪،‬‬ ‫تخول قوله بل بما ترغم على قوله‪ّ ...‬‬‫ّ‬
‫فهي تصبح في خدمة سلطة بعينها"‪ ،56‬وتكمن سلطتها‪ ،‬فيما لها من قواعد وأنظمة معينة‪ ،‬إذ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫صوتي‬ ‫نظام‬
‫ٍ‬ ‫تصبح هذه ألانظمة قيودا‪ ،‬بإلزامها للمرسل في التقيد بأنظمتها العامة‪ ،‬من‬
‫ّ‬
‫وتركيبي"‪.57‬‬ ‫ّ‬
‫وداللي‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ومعجمي‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وصرفي‪،‬‬

‫إن الوظائف التي تقوم بها اللغة ال يمكن حصرها‪ .‬فهي أداة‬‫ويقول عماد عبداللطيف‪ّ " :‬‬
‫ّ‬
‫مهمة في الوصول إلى السلطة والاحتفاظ بها أو مقاومتها‪ .‬وهي تساهم في تأسيس شرعية ٍ‬
‫نظام ما‬
‫سياسية ما وحجبها عن نظام أو جماعة أخرى‪ .‬كما تمثل ألاداة ألاهم في معظم‬ ‫ّ‬ ‫أو جماعة‬
‫السياسية والتفاوض السياس ّي واملناظرات السياسيةّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألانشطة السياسية مثل الدعاية‬
‫ً‬
‫وغالبا ما تكون تجليات التحالف السياس ّي أو الصراع السياس ّي لغويةّ‬ ‫ّ‬
‫السياسية‪.‬‬ ‫والخطابات‬
‫ّ‬
‫الرئيسية للعمل السياس ّي‪ ،‬فبواسطة‬ ‫باألساس‪ .‬وعلى مدار تاريخ البشرية كانت اللغة هي ألاداة‬
‫اللغة كان ـ وما يزال ـ ُينجز معظم النشاط السياس ّي"‪ .58‬فعلى الفرد أن يستجيب في النهاية للغة‬
‫وقوانينها وسلطتها"‪.59‬‬

‫مفهوم الجمهور‬

‫أورد ابن منظور (‪900‬هـ) في لسان العرب في مادة (جمهر) أن الليث قال‪ :‬الجمهور‬
‫ُّ‬
‫الاصمعي‪ :‬هي الرملة املشرفة على ما حولها مجتمعة‪ ،‬والجمهور من‬ ‫الرمل املتراكم الواسع‪ ،‬وقال‬
‫الرمل‪ :‬ما ّ‬
‫تعقد وانقاد‪ ،‬وقيل‪ :‬هو ما أشرف منه‪.‬‬
‫والجمهور‪ :‬ألارض املشرفة على ما حولها‪ ،‬والجمهورة‪ّ :‬‬
‫حرة لبني سعد بن بكر‪ ،‬ابن‬
‫ٌ‬
‫إلاعرابي‪ :‬ناقة مجمهرة إذا كانت مداخلة الخلق كأنها جمهور الرمل‪ ،‬وجمهور كل ش يء‪ :‬معظمه‪،‬‬
‫وقد جمهره‪.‬‬
‫ّ‬
‫وجمهور الناس‪ :‬جلهم‪ ،‬وجماهير القوم‪ :‬أشرافهم‪ .‬وفي حديث ابن الزبير قال ملعاوية‪ :‬إنا‬
‫ال ندع مروان يرمي جماهير قريش بمشا ِق ِص ِه‪ّ ،‬‬
‫أي جماعاتها‪ ،‬واحدها جمهور‪.‬‬

‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪411 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫ّ ّ‬ ‫ُ‬
‫النخعي‪ :‬أنه‬ ‫وجمهرت الش يء إذا جمعته‪ ،‬ومنه حديث‬ ‫وجمهرت القوم إذا جمعتهم‪،‬‬
‫الجمهوري ألنّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الجمهوري‪ ،‬وهو العصيد املطبوخ الحالل‪ ،‬وقيل له‬ ‫ّ‬ ‫أهدي له ُ‬
‫بح ٌ‬
‫تج‪ ،‬قال هو‬
‫ُ‬ ‫ٌ ّ‬ ‫ٌ‬
‫جمهر‪ُ :‬مكث ٌر‪ ،‬والجمهرة‪ :‬املجتمع‪.60‬‬ ‫وعدد ُم‬ ‫جمهور الناس يستعملونه أي أكثرهم‪.‬‬

‫أن الجمهور‪ ،‬بالضم‪ :‬الرملة املشرفة‬ ‫وجاء في القاموس املحيط للفيروز آبادي (‪009‬هـ) ّ‬
‫ّ‬
‫على ما حولها‪ ،‬ومن الناس‪ :‬جلهم‪ ،‬ومعظم كل ش يء‪ ،‬وحرة بني سعد‪ ،‬واملرأة الكريمة‪.61‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫تدل هذه املعاني اللغوية على الكثرة‪ ،‬خصوصا إذا ارتبطت الكلمة بوصف إلانسان‪...‬‬
‫كل ش يء‪ ،‬كما ّ‬
‫تدل على العدد الكبير من الناس‪ ،‬بحيث‬ ‫تدل على الرمل الكثير‪ ،‬ومعظم ّ‬ ‫فهي ّ‬
‫ّ‬
‫يمثل ذلك العدد أغلبهم وجلهم‪.62‬‬

‫وقد استخدم لفظ "الجمهور" كترجمة للمصطلحين الانكليزيين "‪ "Audience‬و"‪"Public‬‬


‫رغم ما بينهما من اختالف‪ ،‬فاصطالح "‪ "Public‬يشير إلى املجموع العام لألفراد أو الشعب في‬
‫مجتمع ما‪ ،‬بينما يشير مصطلح "‪ "Audience‬إلى مجموع ألافراد الذين يقرأون أو يستمعون أو‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يشاهدون أيا من وسائل إلاعالم أو وحداته‪ ،‬فالفرد من حيث هو يعتبر جزءا من "‪ "Public‬بينما‬
‫ً‬
‫يلزم كي يكون جزءا من "‪ "Audience‬أن يقوم بعمل ما‪ ،‬كأن يقرأ أو يشاهد أو يستمع‪.63‬‬

‫ظهر مصطلح الجمهور ‪ Audience‬ألول مرة في اللغة الانجليزية في القرن الرابع عشر‬
‫امليالدي‪ ،‬ويشير استخدامه ألاصلي إلى الاستماع‪ ،‬تشتق جذور املصطلح املعجمية من سياقات‬
‫ً‬
‫وجها لوجه‪ ،‬والتفاعالت التي كانت تنتظم بشكل تراتبي ‪ hierarchically‬وفي الواقع ّ‬
‫فإن‬ ‫التواصل‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫حيازة الجمهور كانت تعني حيازة مستمعين‪ ،‬وهو ما اعتبر مصدرا للسلطة‪ ،‬نمت الكلمة عبر‬
‫ُ‬
‫الزمن لتمثل جماعة من املستمعين‪ ،‬بما فيهم ق ّراء أو مشاهدين ملؤلفين محددين‪ ،‬أو متحدثين‪،‬‬
‫أو أعمال منشورة‪.64‬‬
‫ّ‬ ‫ُي ّ‬
‫عرف عماد عبداللطيف الجمهور البليغ بأنه "من يقوم بإنتاج استجابات بليغة‪،65‬‬
‫ُ‬ ‫ُي َ‬
‫درس دور الجمهور ضمن املوضوعات التي تعنى بها "بالغة الجمهور" من حيث طرق وأساليب‬
‫إنتاج استجابات بالغية‪ ،‬مثل دور الجمهور في عملية الاتصال‪ ،‬وأثر نوع الخطاب "سياس ي‪،‬‬
‫دعائي‪... ،‬الخ" والسياق الذي ينشأ فيه "مجموع الظروف الاجتماعية والاقتصادية‪ "...‬والوسائط‬
‫املستخدمة في نقله‪" ،‬التلفزيون‪ ،‬إلاذاعة‪...،‬الخ" في استجابة الجمهور‪.‬‬

‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪411 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫وأنواع الجمهور "نص ّي‪ّ ،‬‬


‫فعلي‪...،‬الخ‪ ،‬مثقف‪ /‬محدود املعرفة" والاستجابات التي يمكن‬
‫أن ينتجها كل نوع‪ ،‬وقدرة كل منهم على مقاومة الخطاب السلطوي‪ ،‬واملهارات التي يحتاجها‬
‫لتحقيق ذلك‪ ،‬وطبيعة استجابة الجمهور "لفظية‪ ،‬غير لفظية‪ ...،‬مباشرة ‪ /‬غير مباشرة‪،...‬‬
‫خطابية ‪/‬غير خطابية‪...‬الخ" وطرق تطويرها‪ .‬وخصائص الاستجابة البليغة‪ ،‬والعالقة بين‬
‫الاستجابات الخطابية والسلطة‪.66‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫قدم عماد عبداللطيف رصدا ملالمح التغير في العالقة بين الجمهور والخطابات‬
‫فضال عن انتشار وسائل الاتصال الجماهير ّي‬ ‫ً‬
‫الجماهيرية بفضل تقنيات التواصل الافتراض ّي‪،‬‬
‫كبير في درجة مشاركة ألاشخاص العاديين في‬ ‫منذ مطلع القرن العشرين‪ ،‬والذي نتج عنه تحو ٌل ٌ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الشأن العام في معظم دول العالم‪ ،‬كان هذا التحول عامال حاسما في بزوغ ما أصبح ُيعرف‬
‫ً‬
‫بـ"عصر الجماهير الغفيرة" وهو ـ بحسبه ـ تعبير يحمل ضمنيا داللة على أن ظاهرة الجماهير‬
‫ّ‬
‫الجماهيرية على مخاطبة‬ ‫ألن قدرة وسائل إلاعالم‬ ‫الغفيرة ملمح مميز للعصر الذي نعيشه‪ ،‬نظ ًرا ّ‬
‫أعداد ال حصر لها من البشر في الوقت نفسه ـ متجاوزة قيود املكان ـ كان لها تأثير بالغ الخطورة‬
‫في معظم ألانشطة البشرية في القرن العشرين‪.67‬‬
‫ثم يتحدث عماد عبداللطيف عن "عصر استجابات الجمهور" معتب ًرا ّ‬
‫أن التغير‬
‫الجذر ّي الحادث في قدرة الجمهور على الاستجابة الفعالة للخطابات التي يتلقاها‪ ،‬ومدى قدرة‬
‫الاستجابات التي يقوم بها على النفاذ إلى ساحة الخطاب العام‪ ،‬فلم يعد الجمهور الغفير مجرد‬
‫سلبي لوسائل إلاعالم الجبارة‪ ،‬ولم يعد مستمع إلاذاعة‪ ،‬أو قارئ الجريدة‪ ،‬أو مشاهد‬ ‫ّ‬ ‫ستقب ٍل‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫م ِ‬
‫في ِعمل فيه فكره‪،‬‬‫التلفزيون‪ ،‬أو متصفح الانترنت يتلقى ما ُيلقى إلى سمعه أو يمر أمام عينيه ُ‬
‫ويستخرج معناه فحسب‪ ،‬بل أصبح هذا املتلقي يستطيع نشر رأيه وموقفه مما قرأه أو سمعه أو‬
‫شاهده‪ ،‬في شكل استجابات خطابية مباشرة آنية‪ ،‬أو تكون موازية له فتضيف إليه أو‬
‫ّ‬
‫ألاصلي بصلة‪...‬‬ ‫تستبدله‪ ،‬أو تكون على هامش فتقدم خطابها الخاص الذي قد ال يمت للخطاب‬
‫ً‬
‫بفضل التكنولوجيا التفاعلية أصبح الجمهور العادي قادرا للمرة ألاولى في تاريخ البشرية على‬
‫إنتاج استجابات للرسائل التي يتلقاها‪ ،‬لها نفس انتشار الرسائل ألاصلية التي يستجيب لها‪،‬‬
‫ً‬
‫ودرجة ال تقل كثيرا عن قوتها الرمزية‪.68‬‬

‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪411 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫خصائص استجابات الجمهور‬

‫قدم عماد عبداللطيف خمس خصائص الستجابات الجمهور في الفضاء الافتراض ّي‪،‬‬ ‫ّ‬
‫هذه الاستجابات الجديدة تتسم بعدة خصائص تميزها عن أشكال الاستجابات ألاخرى التي‬
‫كانت متاحة للجمهور فيما مض ى هذه الخصائص هي‪:69‬‬
‫ً‬
‫آلانية‪ :‬استجابات الجمهور في الوقت الراهن توزع وتستهلك تقريبا في نفس‬ ‫‪.0‬‬
‫زمن توزيع الرسالة ألاصلية واستهالكها‪ ،‬وذلك ألن الوسائط التي تنشر هذه الاستجابات ـ مثل‬
‫صفحات الانترنت ـ غير محدودة بقيود مشابهة لتلك التي تقيد الوسائط القديمة مثل الصحف‬
‫الورقية أو البث إلاذاعي‪.‬‬
‫ضعف الخضوع للرقابة وإعادة املعالجة‪ :‬الاستجابات الراهنة تتمتع بمساحة‬ ‫‪.0‬‬
‫أكبر من الحرية والنفاذ‪ ،‬بالطبع ال تزال هناك بعض محددات لالستجابة في بعض الفضاءات‬
‫تخص كم الكلمات املكتوبة أو طبيعة الكالم املكتوب وأسلوبه‪ ،‬كما توجد أشكال من‬
‫الاستبعاد املنظم لبعض الاستجابات‪ ،‬غير أن هذه املمارسات ال تقارن بالقيود القديمة على‬
‫استجابات الجمهور‪.‬‬
‫ضخامة حجم الاستجابات وتعدد أنواعها‪ :‬استجابات الجمهور في الوقت‬ ‫‪.3‬‬
‫ً‬
‫الراهن ال تواجه أي قيود في الحجم وكثيرا ما يتجاوز حجم بعض الاستجابات حجم الرسالة‬
‫ألاصلية‪ ،‬وعلى النحو ذاته تتعدد في الوقت الراهن أنواع استجابات الجمهور‪ ،‬فقد تأخذ شكل‬
‫رسائل لغوية أو شكل تسجيالت مسموعة أو مرئية أو شكل رسائل بصرية مثل اللوحات أو‬
‫إلاشارات الحركية‪.‬‬
‫قابلية تجهيل املصدر وصعوبة التتبع‪ :‬فقد أتاحت وسائل الاتصال‬ ‫‪.4‬‬
‫الالكترونية إمكانيات ال حصر لها لتجهيل مصدر استجابات الجمهور‪ ،‬فاألسماء املستعارة أو‬
‫الرموز واستخدام الحواسيب العامة أو الهواتف النقالة‪ ،‬كلها وسائل تتيح تجهيل مصدر‬
‫الاستجابة‪ ،‬ومن ثم يمكن معرفة القليل للغاية عن هوية منتج الاستجابة سواء من ناحية‬
‫العمر أو النوع أو الجنسية‪...‬الخ‪.‬‬
‫سهولة القابلية لحصر والقياس‪ :‬كل ش يء قابل للحصر والقياس على الفضاء‬ ‫‪.2‬‬
‫الافتراض ي‪ ،‬وال تشذ عن ذلك استجابات الجمهور‪ ،‬فتعليقات الجمهور على الخطاب ألاصلي‪،‬‬
‫وإعادة إرساله‪ ،‬ووضعه أو حذفه من دائرة التفضيالت‪ ،‬وغيرها من ألافعال‪ ،‬يمكن قياسها‬
‫وحصرها وتفسير العالقة بينها وبين الخطاب ألاصلي‪.‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪411 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫هذه الاستجابات الجديدة للجمهور مقارنة بأشكال الاستجابات ألاخرى التي كانت‬
‫متاحة فيما مض ى‪ ،‬تكشف ـ بحسب عماد عبد اللطيف ـ عن إلامكانيات الهائلة الستجابات‬
‫الجمهور‪ ،‬والقوة العظيمة التي تنطوي عليها‪ ،‬ويجد بأن أفضل توظيف لهذه إلامكانيات على‬
‫أفضل نحو ممكن في إعادة النظر في العلوم التي أسهمت في تشكيل خطابات السلطة القديمة‪،‬‬
‫ُ ً‬ ‫ً‬
‫ويأتي على رأس هذه العلوم "علم البالغة" من أجل أن تنجز أهدافا جديدة ربما تكون أكثر نبال‬
‫وأخالقية‪.‬‬

‫جمهور الخطبة السياسية‬

‫قسم عماد عبداللطيف الجمهور من حيث طبيعة تلقيه للخطبة‪ ،‬وإمكانية الدمج‬ ‫ُي ّ‬
‫ِ‬
‫‪70‬‬
‫بين استجابته وخطاب املتكلم‪ ،‬حيث ينقسم إلى ‪:‬‬

‫الجمهور املشارك‪ :‬هو الذي يتلقى الخطبة السياسية بشكل مباشر دون‬ ‫‪.0‬‬
‫ً‬
‫وسيط إعالمي‪ ،‬ويستطيع أن ينقل استجابته للخطيب بشكل مباشر دون وسيط إعالمي أيضا‪،‬‬
‫وهو يتكون من ألاشخاص الحاضرين في نفس مكان الخطبة‪ ،‬ممن يستطيعون رؤية الخطيب‬
‫وسماعه ويستطيع رؤيتهم وسماعهم بشكل مباشر‪ ،‬وهو جمهور مشارك ألن وجوده مكمل‬
‫للحدث الخطابي‪ ،‬فهو يشارك في إنتاج الحدث‪ ،‬ألن الاستجابة التي يقوم هذا الجمهور بإنتاجها‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫تعد جزءا من خطاب املتكلم ذاته‪.‬‬
‫ً‬
‫الجمهور غير املشارك‪ :‬وهو الذي يتلقى الخطبة عبر وسيط قد يكون سمعيا‬ ‫‪.0‬‬
‫ً‬
‫كاإلذاعة‪ ،‬أو مرئيا كشاشات العرض العمالقة أو الانترنيت أو التلفزيون‪ ،‬وهؤالء ال يستطيعون‬
‫في كثير من الحاالت نقل استجاباتهم بشكل مباشر للخطيب‪ ،‬ومن ثم فإن هذه الاستجابات ال‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تدمج في خطاب املتكلم‪ ،‬هذا الجمهور غالبا ما يكون ألاكثر عددا وأهمية بالنسبة للمتكلم‪،‬‬
‫وعلى الرغم من أن استجابته ال تصل إلى املتكلم بشكل مباشر‪ ،‬فإن هذه الاستجابة قد تكون‬
‫الغاية النهائية للخطاب نفسه‪ .‬لقد نما مفهوم الجمهور عبر الزمن من كونه عبارة عن مستمعين‬
‫ً‬
‫لكالم معين إلى كونه معبرا عن مصطلح مهم لعديد من الحقول املعرفية والتكنولوجيات‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وإدارات ألاعمال واملمارسات‪ ،‬لقد أثار توسع مفهوم الجمهور ـ مقترنا بتنوع تجلياته ـ نقاشا عبر‬
‫الحقول املعرفية الفرعية‪ ،‬يحيل إلى ألاسئلة املشتركة ويعزز التطورات النظرية املستقبلية‪،‬‬
‫ً‬
‫ويكشف كيف غدا الجمهور آلان ـ كما كان منذ قديم ألازل ـ حقال بالغ ألاهمية للفكر واملمارسة‬
‫البالغية‪.71‬‬
‫‪.3‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪411 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫البالغة والتلقي‬

‫ص واملتلقي‪ ،‬وهذا ألافق ـ كما‬ ‫يمثل لنا مفهوم (أفق الانتظار) العالقة التفاعلية بين ّ‬
‫الن ّ‬
‫دبية التي يتوفر عليها املتلقي‪ ،‬ومن مجموع ألاعمال السابقة‬ ‫يراه ياوس ـ يتكون من التجربة ألا ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ألادبي‪ ،‬وبين الكالم‬ ‫التي يفترض في العمل الفني أن يكون ملما بها‪ ،‬ثم من التعارض بين ألاثر‬
‫ص‪ ،‬فإذا وافق‬ ‫الجدلية بين املتلقي ّ‬
‫والن ّ‬ ‫ّ‬ ‫أي بين املتخيل والواقع‪ ،‬وبهاذ إلاطار تكون‬ ‫اليومي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫النص ما يتوقعه املتلقي أحدث ما أطلق عليه ياوس (إندماج ألافق) أما إذا لم يحدث التوافق‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫جديد‪ ،‬يعتمد عليه في‬
‫ٍ‬ ‫بين النص واملتلقي‪ ،‬أدى إلى تغيير ألافق‪ ،‬فيقف القارئ على بناء ٍ‬
‫أفق‬
‫ّ‬
‫ألادبي وسبر أغواره‪.72‬‬ ‫ّ‬
‫تفهم العمل‬

‫ومن أجل إعادة تشكيل أفق توقع الجمهور ألاول ـ بحسب ياوس ـ بغية وصف تلقي‬
‫ّ‬
‫النفسانية التي‬ ‫ّ‬
‫ألادبية للقارئ من النزعة‬ ‫العمل وألاثر الذي يحدثه‪ ،‬كفيلة بتخليص التجربة‬
‫املوضوعي‪ ،‬الذي ُينتج‪ ،‬وبالنسبة‬
‫ّ‬ ‫تهدده‪ ،‬ويقصد بأفق الانتظار "نسق إلاحاالت‪ ،‬القابل للتحديد‬
‫‪74‬‬
‫ويتحدد لديه بثالثة عوامل أساسية ‪:‬‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التاريخية التي ظهر فيها"‪.73‬‬ ‫ّ‬
‫ألي عمل اللحظة‬
‫ّ‬
‫ألادبي الذي ينتمي إليه هذا العمل‪.‬‬ ‫تمرس الجمهور السابق بالجنس‬ ‫‪.0‬‬
‫ُ َ‬
‫أشكال وموضوعات أعمال ماضية تفترض معرفتها في العمل‪.‬‬ ‫‪.0‬‬
‫التعارض بين اللغة الشعرية واللغة العملية‪ ،‬بين العالم الخيالي والعالم‬ ‫‪.3‬‬
‫اليومي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويتضح من ذلك ـ بحسب ناظم عودة ـ أننا أمام حقيقتين هما‪ :‬أن التطور الذي يجري‬
‫ّ ّ‬
‫ألادبي إنما يتم من خالل "فهم" سابق للمقومات ألاساسية للنوع في شكله وثيماته‬ ‫على النوع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وأسلوبه ولغته‪ّ ،‬‬
‫أي أن ألاعمال املؤسسة إنما تتطور في نوعها من خالل تراكم "الفهم"‬
‫والقراءات املتعددة‪ ،‬حيث يكون النوع عرضة لتفسيرات شتى‪ ،‬بعضها من داخل ألادب نفسه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫والبعض آلاخر من العلوم املجاورة‪ ،‬وتعمل تلك التفسيرات ـ وهي تحمل طابعا شخصيا للفهم ـ‬
‫ً‬
‫على جعل النوع مستعدا ألن يتطور‪.75‬‬
‫املبدئي لألثر ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فتوافق ألافق مع ّ‬
‫الن ّ‬
‫الفني‪ ،‬أما عدم‬ ‫ص تفاعال مباشرا‪ ،‬عكس لنا الوقع‬
‫ّ‬
‫الفني‪ ،‬ويحاول‬ ‫أفق جد ٍيد‪ ،‬حتى يتسنى له استيعاب الواقع‬‫توافقه‪ ،‬فيملي على القارئ بناء ٍ‬
‫التأويلية‪ ،‬وبذلك يتحقق له امتالك ّ‬
‫الن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫ص وفك‬ ‫املعرفي‪ ،‬وقدرته‬ ‫تبريره معتمدا على إطاره‬
‫شفراته‪.76‬‬

‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪411 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫كل ما تبلغ به قلب السامع‪ ،‬فتمكنه في نفسه‪،‬‬ ‫عرف أبو هالل العسكر ّي البالغة ّ‬
‫بأنها‪ّ " :‬‬ ‫ّ‬
‫لتمكنه في نفسك في صورة مقبولة ومعرض حسن"‪ ،77‬ينم هذا التعريف عن تقص للبالغة في‬
‫مستوى النشأة والنص ("الصورة" و"املعرض") واملآل‪ .‬ويؤكد املستوى الثاني على أهمية محور‬
‫ّ‬
‫ألادبي‪ ،‬وهي أهمية تش ي بها وفرة‬ ‫املتقبل في تحديد نجاعة الكالم البليغ وعملية التواصل‬
‫ّ‬
‫الحدود املوضوعة للبالغة القائمة على معنى إلافهام كقول العسكري "وسميت البالغة بالغة‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫ألنها تنهي املعنى إلى قلب السامع فيفهمه"‪ ،78‬ويعسر أن تعتبر هذا التصور واقعا على هامش‬
‫أن البالغة بحث في القوانين والكليات التي تفسر جمالية‬ ‫املشاغل البالغة ألاساسية بما ّ‬
‫الكالم‪.79‬‬
‫ّ‬
‫القزويني في تعريفها‪" :‬أما بالغة الكالم فهي‪ :‬مطابقته ملقتض ى الحال مع‬ ‫وقال الخطيب‬
‫ّ‬
‫التلقي والبالغة‪ ،‬فرأس ألامر في‬ ‫فصاحته"‪ ،80‬من هذا التعريف يمكن إدراك الصلة الوطيدة بين‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫رسل قادرا على إبالغ الرسالة‪ ،‬لتصل إلى أفهام املتلقين بسالسة دون‬ ‫البالغة أن يكون امل ِ‬
‫تعثر"‪.81‬‬
‫ّ‬
‫وكذلك قال ابن ألاثير‪" :‬مدار البالغة كلها على استدراج الخصم إلى إلاذعان والتسليم‪،‬‬
‫ّ‬
‫ألنه ال انتفاع بإيراد ألافكار املليحة الرائقة وال املعاني اللطيفة الدقيقة دون أن تكون مستجلبة‬
‫ً‬ ‫ُ َ‬
‫لبلوغ غرض املخاطب بها"‪ ،82‬فالبالغة تهدف إلى إيصال املعنى وافيا إلى الهدف‪ ،‬وهو املتلقي‪،‬‬
‫ص‬ ‫أن ّ‬
‫الن ّ‬ ‫ص‪ ،‬إذ ّ‬ ‫أن البالغة تفعل فعلتها حتى لو كان املتلقي ضد ّ‬
‫الن ّ‬ ‫وفي عبارة ابن ألاثير نجد ّ‬
‫ً‬
‫البليغ يمارس على املتلقين سلطة ترغمهم على إلاذعان والتسليم‪ ،‬فينتفعون بما فيه من أفكار‬
‫صاغها املؤلف لهم بقصدية‪ ،‬فقصدية املؤلف بارزة‪ ،‬وهي مثار جدل في النقد املعاصر بين قبو ٍل‬
‫ولعل عبارة "مطابقة الكالم‬‫ّ‬ ‫ورفض‪ ،‬بينما ظلت ذات قيمة في القراءات النقدية القديمة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫‪83‬‬ ‫ّ‬
‫ملقتض ى الحال"‪ ،‬التي وردت في تعريف القزويني وغيره من أدل العبارات على هذه الصلة ‪ ،‬فقد‬
‫َّ‬
‫ألح عليها البالغيون‪.‬‬
‫ّ‬
‫البالغي العربي ألطراف‬ ‫وبالعودة إلى مقولة ابن الاثير (‪039‬هـ) والوقوف على رؤية هذا‬
‫ً‬ ‫وأي هذه ألاطراف أهم‪ّ ،‬‬ ‫ص‪ ،‬والقارئ‪ّ ،‬‬ ‫العملية إلابداعية الثالثة‪ :‬املبدع‪ّ ،‬‬
‫والن ّ‬
‫وأيها أكثر حضورا‬
‫كل طرف ؟ يمكن إد اك ّ‬
‫أن مدار البالغة‪ ،‬العناية بإيصال املعنى للمتلقي الذي يبدو ـ‬ ‫وما دور ّ‬
‫ر‬
‫طاغ‪ ،‬فأوفى العبارات تدور حوله‪ ،‬وتعمل على‬ ‫حضور ٍ‬
‫ٍ‬ ‫من خالل تحليل النص السابق ـ ذا‬
‫ً‬
‫مراعاة أفق توقعه‪ ،‬وتوفير أقص ى ما يمكن توفيره لتقديم املعنى جاهزا للفهم دون عناء ملء‬
‫الفراغات أو سد الفجوات التي عرضتها النظريات الحديثة‪.‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪414 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫وكان ّ‬


‫الن ّ‬
‫ص ألاكثر نصيبا من العناية‪ ،‬كما كان املبدع حاضرا بوصفه املنتج‪ ،‬لذا جاءت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العبارات حوله كلها تبدأ بأفعال مضارعة‪ ،‬ينبغي‪ ،‬يعرف‪ ،‬يوازن‪ ،‬يقسم‪ ،‬ذلك ألنه العنصر‬
‫ً‬ ‫الفاعل في العملية إلابداعية في النقد القديم‪ ،‬بينما جاء ّ‬
‫النص جاهزا للتقبل‪ ،‬وما على املتلقي‬
‫ّ‬
‫إال استقباله دون بذل أدنى مجهود‪ ،‬وذلك يتنافى مع التفاعل بين القارئ واملقروء الذي أولته‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫نظرية التلقي اهتماما كبيرا‪.84‬‬
‫ُ َ‬
‫حرص على حضور املتلقي ]السامع‪ ،‬املخاطب‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫العربي ّأيما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫النقدي‬ ‫وقد حرص التراث‬
‫ً‬
‫املقول له[‪ ،‬وقد جاء ذلك موازيا لحرصهم الشديد على توصيل الرسالة‪/‬القصيدة من دون‬
‫تعقيد أو إبهام‪ ،‬ومنه قول أبي هالل العسكر ّي "وينبغي أن يتجنب الكاتب جميع ما يكسب‬
‫صحيحا ويتجنب السقيم منه"‪ ،85‬ويبدو ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أن اهتمام التراث‬ ‫الكالم تعمية فيرتب ألفاظه ترتيبا‬
‫باملتلقي ـ كما ترى إيمان عيس ى الناصر ـ يعود باألساس إلى سببـين رئيسين‪ ،86‬هما‪:‬‬
‫ّ‬
‫العقلي للسامع‪.‬‬ ‫‪ -0‬ربط املتلقي بالنشاط‬
‫ُ َ‬
‫‪ -0‬مراعاة مقتض ى حال املخاطب‪.‬‬
‫وتستشهد لذلك بما جاء في كتاب "العمدة" من قول أبي الطيب‪:‬‬
‫َ ُّ‬
‫يلذ بها سمعي ولو ضمنت شتمي‬ ‫ألفاظ ِه اللغة التي‬
‫ِ‬ ‫وأسم ُع من‬
‫َ‬

‫]فاللذة‪ ،‬والشتم[ دالان ال يلتقيان على معنى "الامتناع"‪ ،‬ولكن املتلقي ينشد املتعة‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫أخالقي‪،‬‬ ‫الفنية التي تنسجها وتمنحها اللغة السامية حتى عندما يتعارض ذلك اجتماعيا مع فعل‬
‫وهنا تظهر روح ذلك املتلقي التي تستبطن اللذة الجمالة في أقص ى ممكناتها من دون أن تتقيد‬
‫محدودة‪.87‬‬
‫ٍ‬ ‫بصفة‬
‫ٍ‬
‫الهتافات وتفكيك سلطة الخطاب‬ ‫ُ‬
‫يشكل ُ‬
‫الهتاف في الاحتجاجات الجماهيرية وميادين التحرير إيقونة ذات داللة فاعلة في‬
‫تفكيك سلطة الخطاب‪ ،‬فهو فعل منجز عبر القول والكلمات تنتجه الجماهير املشاركة في انتاج‬
‫ً‬
‫حدث سابق يقاوم الجمهور‬ ‫ٍ‬ ‫الحدث‪ .‬وهذه الاستجابة تكون مباشرة وآنية‪ ،‬أو تأتي ردا على‬
‫ً‬ ‫سطوته في إلاقناع‪ ،‬كما ّ‬
‫الهتاف تختلف تبعا للسياق الذي ينتج فيه‪ ،‬فهناك ُهتافات‬ ‫أن صور ُ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ينتجها الجمهور في التظاهرات سواء كان مؤيدا او رافضا‪ ،‬ونوع آخر ُينتج ضمن السياق‬

‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪411 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫الانتخابي وهو ُّرد فعل على حركة املرشح والتفاعل معه‪ ،‬وهتافات أخرى منتجة برعاية‬
‫ّ‬
‫السلطة‪.88‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّّ‬ ‫ُوت ُّ‬
‫عد ُ‬
‫ألاهمية‬ ‫الهتافات من أبرز تجليات خطاب الثورة ِ‬
‫وأهمها؛ إذ تقوم بوظائف بالغة‬
‫ـ حسب عماد عبداللطيف ـ أهمها‪:89‬‬
‫ّ‬
‫بالغي موجز‪.‬‬ ‫شكل‬
‫ٍ‬ ‫صياغة مطالب الثورة في ٍ‬
‫جماعي عالمة على حصولها على قبو ٍل ّ‬
‫عام‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بشكل‬ ‫ويصبح ترديدها‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫الفردية‪ ،‬وذلك‬ ‫جماعية بين أفراد الثوار املتباينين في ُه ّوياتهم‬
‫ّ‬ ‫الهتافات ُه ّوية‬
‫كما تخلق ُ‬
‫توح ُدهم حول هتافات مطلبية أو مبدئية واحدة‪.‬‬
‫من خالل ُّ‬

‫ّ‬
‫إلايجابي لشحنات الغضب والرفض‬ ‫ّ‬
‫نفسية هي التفريغ‬ ‫كذلك تقوم ُ‬
‫الهتافات بوظيفة‬
‫الهتاف املُتواصل؛ إذ يقوم ُ‬
‫الهتاف ـ عادة ـ بتقليل مخاطر مشاعر القلق‬ ‫من خالل الانخراط في ُ‬
‫ّ‬
‫والتوتر التي قد تصاحب أفعال الاحتجاج‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُوي ُّ‬
‫عد فعل الامر "ارحل" من ابرز الهتافات التي انتجت في ثورة ‪ 02‬يناير في مصر‪ ،‬وهو‬
‫ً‬
‫جماهيريا ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫متعددة بحسب السياقات‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫موجه الى‬ ‫لكنه في هذه الثورة مثل هتافا‬ ‫فعل له دالالت‬
‫ً‬
‫وجوبا (أنت)َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫النظام السياس ي ومعنون بالرئيس‪ّ ،‬‬
‫أي أن الفعل ضميره املفرد املخاطب املستتر‬
‫عبر الجمهور من خالل هذا الضمير عن تصميمه‬ ‫أنت" كناية عن املؤسسة الحاكمة‪ ،‬وقد ّ‬ ‫لكن " َ‬
‫ّ‬
‫ّ ً‬
‫في تحقيق مطالبه‪" ،‬املوجه للنظام السياس ّي ممثال في شخص رئيسه"‪ ،‬والذي يعبر عن تصميم‬
‫الجمهور في تحقيق مطالبه‪ .‬وتنظر الجماهير إلى بقاء الرئيس في السلطة ّ‬
‫تحد لها‪ .‬هذا املطلب‬‫ٍ‬
‫الجماهير ّي اشتركت معه ُهتافات أخرى منها‪" :‬مش هنمش ي ‪ُ ...‬ه َّو يمش ي" الذي يحمل نبرة تحدّ‬
‫ٍ‬
‫صارمة‪ .‬فهو بالغة مضادة انتجتها الجماهير التي تطلب رحيل النظام‪ ،‬مع التأكيد على البقاء‬
‫(مش همنش ي)‪ ،‬كما هناك هتافات متعلقة بالهتاف "ارحل"‪ ،90‬ومن أجل أن يؤكد الجمهور‬
‫تماسكه تجاه محاوالت زرع الفتنة والعزف على وتر الطائفية التي أراد النظام الحاكم إشاعتها‬
‫الهتافات مثلت‬‫بين أبناء الشعب‪ّ ،‬ردد الجمهور ُهتاف "مسلم ‪ ...‬مسيحي ‪ ...‬إيد واحدة"‪ .91‬هذه ُ‬
‫الاستجابة التي واجه بها الجمهور خطاب السلطة‪ ،‬إذ لم يتمكن أن يمارس سطوته في إقناعها‪،‬‬
‫ّ‬
‫إنما كانت هذه البالغة الوليدة التي أعادت ما أنتجته البالغة البائدة‪ ،‬التي هي بالغة السلطة‪.‬‬
‫السلطة التي كانت تسعى إلى‬ ‫الهتافات كذلك عن وعي الجمهور في تفويت الفرصة على ّ‬ ‫وكشفت ُ‬

‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪413 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫ّ‬
‫سلمية"‬ ‫الدموية‪ ،‬فكان ُهتاف الجمهور " ّ‬
‫سلمية ‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫سحب الجمهور ملبادلتها بالعنف واملواجهة‬
‫‪92‬‬ ‫ّ‬
‫سلمية الثورة‪ ...‬ويحول دون الانسياق وراء هذه الدعوات" ‪،‬‬ ‫وهو ُهتاف " ُينجز الحفاظ على‬
‫وليؤكد صدق الجمهور الثائر في مطالبه‪.‬‬
‫وكذلك تكشف ُ‬
‫الهتافات عن وعي الجمهور للمواقف الداخلية بين جمهور الثورة‪،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫والقومية‪ ،‬فكان من ُ‬ ‫ّ‬
‫الهتافات البارزة أيضا‪،‬‬ ‫الطائفية‬ ‫والتي كانت تستهدف العزف على وتر‬
‫ّ‬
‫ُهتاف "إيد واحدة" الذي كان يقوم بإنجاز وظائف ملموسة على أرض امليدان‪ ،‬تتمثل في‪:‬‬
‫ّ‬
‫"مقاومة محاوالت بث الخالف والوقيعة والتمزق بين الثوار من ناحية‪ ،‬ومقاومة محاوالت‬
‫الاستئثار بامليدان من ناحية أخرى"‪ .93‬لتنتقل معه "بالغة الجمهور" من مقاومة خطاب ّ‬
‫السلطة‬
‫ّ‬
‫الحكومية‪ ،‬إلى مقاومة سلطة الجماعات التي تحاول مصادرة الجمهور‬ ‫املتمثلة باملؤسسة‬
‫ّ‬
‫وسحب البساط إليها لتكون على رأس هرم السلطة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫وتأخذ ُ‬
‫الفكاهي املطالب بالرحيل‪ ،‬كما في‪" :‬ارحل‬ ‫حجاجيا في إطارها‬ ‫الهتافات بعدا‬
‫يعني إمش ي‪ ،‬يللي مبتفهمش ي"‪" ،‬إرحل بقى إيدي وجعتني"‪" ،‬إمش ي بقى عايز استحمى"‪ ،‬وغيرها‬
‫ً‬ ‫الهتافات‪ .‬فقد لعبت هذه ُ‬‫من ُ‬
‫الهتافات دورا في إقناع الجمهور ألاهم والتأثير فيه‪" ،‬الجمهور‬
‫ّ‬
‫ألاولي ودفعه الفضول لزيارة امليدان ومحاولة فهم طبيعة ما‬ ‫ّ‬
‫املرجح الذي لعب دور الخصم‬ ‫ِ‬
‫ً‬
‫يحدث‪ ،‬بدال من الاكتفاء بمتابعة الحدث عبر شاشة التلفاز‪ .‬هذا الجمهور هو موضع الرهان‬
‫الشرعية والخطابات املفندة لها‪ ،‬ومن هنا تنبع أهمية التركيز على الجانب‬ ‫ّ‬ ‫بين خطابات‬
‫ّ ‪94‬‬ ‫ّ‬
‫الحجاجي لهذا املحتوى الخطابي" ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وهنا صار لـ"بالغة الجمهور" إمكانية في تفنيد مزاعم ّ‬
‫السلطة فقد "ركزت خطابات‬
‫شرعية مبارك على اتصاف مبارك بالتأني والحذر والتريث‪ ،‬مدللة على ذلك بتجنيبه البالد‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫الخارجية وآثار القرارات غير املحسوبة‪ ،‬مؤثرا الحوار على الصراع‪.‬‬ ‫تبعات الاندفاع في املغامرات‬
‫‪95‬‬ ‫ّ‬
‫"وهي حجة تستمد قوتها إلاقناعية من النفوذ الذي يمتلكه مصدرها" ‪ .‬في املقابل‪ ،‬يضع‬
‫ً‬
‫املحتجون تأخر مبارك في الرحيل في سياق مغاير‪ ،‬واصفين مبارك ـ ضمنيا ـ بالبالدة والتأخر في‬
‫ً‬
‫فضال عن التمسك ّ‬
‫بالسلطة‪ ،‬ال الترفع عنها"‪ .96‬وأصبح الجمهور‬ ‫ّرد الفعل والعناد غير املحمود‪،‬‬
‫ً‬
‫من خالل هذه الاستجابات قادرا على محاورة ال ّسلطة والخوض معها في جدال بعد أن كان‬
‫ً‬
‫لسلطة خطابها‪ ،‬وبإمكانه إقناع الجمهور آلاخر من خالل تفاعله مع ُهتافاته‪.‬‬ ‫مذعننا ّ‬

‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪411 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫ّ‬
‫بالغية‬ ‫الالفتة ‪ :‬عالمة‬
‫الالفتة هي عبارة عن قطعة من القماش أو الورق املقوى‪ ،‬تكتب عليها شعارات‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الجمهور وعباراته‪ .‬تتنوع في شكلها وحجمها‪ ،‬ثابتة أو متحركة‪ .‬هي أيضا تمثل نوعا من أنواع‬
‫إلاستجابة التي تصاحب الاستجابات ألاخرى التي ينتجها الجمهور من أجل إعادة إنتاج خطاب‬
‫السلطة وعدم الخضوع لسطوة البالغة البائدة‪ .‬وهناك وظائف ـ حسب عماد عبداللطيف ـ‬
‫يمكن أن تحققها الالفتات‪ ،‬وهي‪:97‬‬
‫ّ‬
‫الخارجية املضادة للثورة وتفنيدها والسخرية منها؛ مثل‬ ‫الاستجابة ّ‬
‫آلانية للخطابات‬
‫الالفتات التي تسخر من الاشاعات التي ّروجها التلفزيون املصر ّي عن وجبات الكنتاكي والعمالء‬
‫ألاجانب‪ ،‬مثل‪" :‬أنا زهقت من الكنتاكي ‪ ...‬ارحمني‪ ،‬وارحل"‪.‬‬

‫كذلك ساهمت الالفتات في تفنيد ألاساطير التي روجت عن املتظاهرين‪ ،‬والتمييز بين‬
‫شباب ّ‬
‫الثوار وعصبة البلطجة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫كما َّ‬
‫تخص نظام الحكم والقوى‬ ‫فندت بعض الالفتات كثيرا من ألاساطير التي‬
‫ّ‬
‫السياسية الفاعلة فيه مثل الالفتة التي تقول‪" :‬مصر هي أمي ‪ ...‬بس مبارك مش أبويا"‪ ،‬وهي‬
‫الفتة تفكك خطاب السلطة ألابو ّي‪.98‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كما كانت بعض الالفتات تعبيرا دقيقا عن آمال الثورة وطموحاتها‪ ،‬كما هو الحال مع‬
‫وعرض يزيد عن خمسة أمتار‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫الفتة شديدة الضخامة‪ ،‬بطو ٍل يزيد على عشرة طوابق كاملة‪،‬‬
‫ّ‬
‫وحملت مطالب الثورة مرتبة كما يلي‪:‬‬

‫إسقاط الرئيس‬
‫ّ‬
‫حل مجلس ي الشعب والشورى‬
‫ً‬
‫إنهاء حالة الطوارئ فورا‬

‫تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية‬


‫ّ‬
‫رئاسية‬ ‫برملان منتخب يقوم بعمل التعديالت الدستورية إلجراء انتخابات‬

‫محاكمات فورية للمسؤولين عن قتل شهداء الثورة‬

‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪411 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫محاكمات عاجلة للفاسدين وسارقي ثروات الوطن‬

‫(إلامضاء‪ :‬شباب مصر املعتصمين)‬

‫الالفتات من أبرز الاستجابات البالغية التي ينتجها الجمهور في فضاء التواصل العام‪.‬‬
‫وسيجدها املتابع في صدارة ما يظهره إلاعالم من تغطية مليادين الثورات‪ .‬أما في فضاء التواصل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألالكتروني‪ ،‬فقد استدعت هذه الالفتات الكثير من الاهتمام العام‪ ،‬الذي تجلى في اتساع نطاق‬
‫املعنية بالثورة‪ّ .‬‬
‫وربما يرجع ذلك إلى سهولة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألالكترونية‬ ‫تداولها‪ ،‬وفي انتشارها في معظم املواقع‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫تلقيها؛ لكونها ال‬
‫تداولها نسبيا؛ لكونها ال تشغل مساحة كبيرة من ذاكرة ألاجهزة‪ ،‬وإلى سهولة ِ‬
‫تحتاج إلى زمن طويل لإلحاطة بمضمونها ودالالتها‪.‬‬

‫الفتات الفكاهة واملقاومة بالضحك‬


‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ُ ُ‬
‫جاء في لسان العرب أن "الفكاهة‪ ،‬بالضم‪ :‬ا ِملزاح‪ ،‬وقيل‪ :‬الفاكه ذو الفكاهة كالتامر‬
‫ُ َُ ُ َ ُ‬ ‫َ ً َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬ ‫َّ‬
‫مازحة‪.‬‬ ‫الكالم وا ِملز ِاح‪ ،‬واملفاكهة‪ :‬امل‬
‫ِ‬ ‫القوم ُمفاكهة ُبمل ِح‬
‫َ‬ ‫ماز ُح‪ .‬وفاك ْه ُت‬
‫الت ُ‬
‫فاك ُه‪َّ :‬‬ ‫والالبن‪ .‬والت‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫فاكه أ َم ْه وال ت ُب ْل على أك َم ْه‪.‬‬
‫وفي املثل‪ :‬ال ت ِ‬
‫الط ّي ُب النفس‪ ،‬وقد َفك َه َف َك ًها"‪ .99‬وأما في الاصطالح ّ‬
‫فإن ُ‬
‫الفكاهة "هي تلك‬
‫َ ُ َّ‬
‫ِ‬ ‫والف ِكه‪ِ :‬‬
‫الصفة في العمل أو في الكالم أو في املوقف أو في الكتابة التي ُتثير الضحك لدى ّ‬
‫النظارة أو‬
‫والفكاهة بحسب أحد الباحثين "هي املفهوم العام أو الظاهرة العامة‪ ،‬أما الضحك أو‬ ‫القراء"‪ُ .100‬‬
‫الحماقة والكوميديا والنكتة ‪ ...‬إلخ‪ ،‬فهي مظاهر دالة عليها"‪.101‬‬

‫ومما أنتجته "بالغة الجمهور" هو املقاومة بالضحك عبر الالفتات التي ترفع في ميادين‬
‫الاعتصام‪ ،‬بعد أن كان "الضحك" من أساليب استدراج الجمهور نحو "فخاخ التصفيق"‪ .‬وقد‬
‫يتجول بها الشباب في جنبات امليدان أن تقتنص‬ ‫ّ‬ ‫استطاعت عشرات الالفتات الفكاهية التي‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ابتسامات الحاضرين‪ ،‬وربما ضحكاتهم أيضا‪ ...‬وقد عبر الشباب بالفتات منها‪" :‬ارحل بقى ‪ ...‬ايدي‬
‫ً‬
‫وجعتني"‪" ،‬ارحل بقى ‪ ...‬عايز استحمى"‪" ،‬رئيس الجمهورية ‪ ...‬عفوا لقد نفذ رصيدكم"‪Game " ،‬‬
‫ّ‬
‫الجوية‬ ‫‪" ،"Over‬قولوا له أل ـ فاضلة زقه"‪" ،‬فاضل له زلطة ويطلع بره"‪" ،‬يل ريته ضربنا الضربة‬
‫‪ ...‬وحكم إسرائيل ‪ 36‬سنة"‪" ،‬لو كان عفريت كان انصرف"‪.102‬‬

‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪411 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫ّ‬
‫ألاهمية‬ ‫وقد كانت هذه الشعارات الفكاهية أثناء ثورة ‪ 02‬يناير في مصر تقوم بوظائف بالغة‬
‫ّ‬
‫لنفسية الثائر‪ ،‬ومنها‪:103‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أوال‪ :‬تقلل من درجة التوتر والقلق التي يعانيها ّ‬
‫الثوار غالبا في أوقات الثورة‪.‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫الجزئي عنه حتى‬ ‫ثانيا‪ :‬تكسر من ِح َّدة الحدث وتتيح درجة بسيطة من الانفصال‬
‫ّ‬
‫تتمكن من السخرية منه‪.‬‬
‫ً‬
‫خاصة ّ‬ ‫اجتماعي بين َمن يلقيها َومن ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫وأن الضحك‬ ‫يتلقاها‪،‬‬ ‫ثالثا‪ :‬خلق حالة تفاعل‬
‫ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫بطبيعته ٌ‬
‫اجتماعي ال يكتمل إال في حضرة آلاخرين‪ .‬كما كانت الفكاهة تقوم بعد الثورة‬ ‫فعل‬
‫بوظائف الاحتفاء بالنصر واسترداد طاقة الفرح‪ ،‬مثل‪" :‬ارجع يا ريس كنا بنهزر معاك"‪.‬‬

‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪411 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫ً‬ ‫ُوت ُّ‬


‫عد السخرية هنا "من أكثر أشكال الفكاهة أهمية‪ ،‬وهدفها عموما‪ ،‬مهاجمة الوضع‬
‫فإن هذا الوضع الراهن ال ُب َّد من أن‬ ‫الراهن في ألاخالق والسياسة والسلوك والتفكير‪ ،‬وبالطبع ّ‬
‫عدة خاطئة سابقة‪ ،‬مما ينذر بأخطار ينبغي التحذير منها‪ ،‬ويكون ألادب‬ ‫يكون محصلة ملمارسات ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫الساخر أو الفن الساخر عموما إحدى عالمات هذا التحذير‪ ،‬إنه كما يقول آرثر برجر ‪A. Berger‬‬
‫جدلي يعتمد على الاستفهام‬ ‫ّ‬ ‫أحد أشكال املقاومة‪ ،‬أو قوة خاصة للمقاومة"‪ .104‬وهي "منهج‬
‫ّ‬
‫املعرفي"‪.105‬‬ ‫ّ‬
‫الثنائية والتعليم على البعد‬ ‫ّ‬
‫البالغي إذ تغير طريقه في توليد‬ ‫بمفهومه‬
‫ّ‬
‫العامية‬ ‫ّ‬
‫وألاسلوبي في محتوى الالفتات بين اللغة الفصحى واللغة‬ ‫هذا التنوع اللغو ّي‬
‫مركزي ًة هي "الشعب يريد إسقاط النظام"‪ .‬وقد ّ‬
‫عبر‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫فضال عن اللغات ألاخرى‪ ،‬ينتج لنا ثيمة‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫الخارجي الذي يتابع الحدث عبر‬ ‫ّ‬
‫الداخلي الذي يتكلم بلغة البلد‪ ،‬وللمتلقي‬ ‫الجمهور عنها للمتلقي‬
‫الفضائية‪ .‬وهذا التعبير اللغو ّي‬
‫ّ‬ ‫وسائل إلاعالم املتنوعة‪ ،‬والتي تغطى من قبل مراسلي القنوات‬
‫ّ‬
‫الخولي من مواكبة البالغة ملتطلبات‬ ‫املتنوع من قبل الجمهور يتفق ودعوة سالمة موس ى وأمين‬
‫‪106‬‬ ‫ّ‬
‫الحياة‪ ،‬وأثرها في النهوض بواقع املجتمع‪ .‬وهذا التنوع اللغوي يعكس أمرين مختلفين ‪:‬‬
‫ُّ ّ‬ ‫ّ‬
‫وتعدد اللغات التي يسعون للتعبير من خاللها عن‬ ‫الثقافي للمشاركين في الثورة‪،‬‬ ‫ألاول‪ :‬التنوع‬
‫احتجاجهم‪.‬‬
‫َ‬ ‫الثاني‪ُّ :‬‬
‫تعدد املخاطب املستهدف بهذه الالفتات‪.‬‬

‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪411 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫الخاتمة‬
‫املعرفية ألطروحة "بالغة الجمهور" هو بحث في املدونة التر ّ‬
‫اثية‬ ‫ّ‬ ‫البحث في ألاصول‬
‫ً‬ ‫عصرية‪ ،‬واستنطاق ّ‬‫ّ‬
‫نصوصها التي جمدت في قوالب التقعيد‪ .‬فضال عن إلافادة‬ ‫بلغة‬
‫وقراءتها ٍ‬
‫ّ‬
‫املعرفي‪ .‬فبعد أن‬ ‫ّ‬
‫النقدية الحديثة والعلوم ألاخرى التي تسهم في عضد هذا التوجه‬ ‫من املناهج‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫املعرفي ـ بالغة‬ ‫املعرفية‪ ،‬أصبحت على وفق هذا التوجه‬ ‫كانت البالغة أداة من أدوات السيطرة‬
‫ً‬
‫الجمهور ـ أداة من أدوات التحرر وإلارتقاء بنمط تفكير الجمهور‪ .‬وهذا يبرز أثر البالغة في‬
‫املجتمع وفاعليتها لدى الجمهور وهي تكشف آيدولوجيا ّ‬
‫السلطة املضمرة في خطابها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الاجتماعي بعد أن كان‬ ‫وأصبح الجمهور وفقا لهذه ألاطروحة فاعال في عملية التواصل‬
‫ومنصة ملقاومة خطاب ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫السلطة‪ ،‬منها‬ ‫ٍ‬ ‫ميدان‬
‫ٍ‬ ‫ُينظر إليه طرفا سلبيا‪ .‬وأصبح للجمهور أكثر من‬
‫ّ‬
‫الاجتماعي‪ ... ،‬وغيرها‪ .‬لتكون معه الاستجابة‬ ‫ميادين الاعتصامات‪ ،‬وصفحات وبرامج التواصل‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫البالغية مؤشرا على ثقافة الجمهور ووعيه‪ .‬وكذلك تكشف املدونات الالكترونية ـ رغم جهل‬
‫ً‬
‫بعض املصادر ـ عن نمط تفكير الجمهور وفاعليته في التأثير‪ .‬فهي ترسم منهجا من مناهج‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫املعرفي أكثر‬ ‫التفكير‪ ،‬ومنهجا من مناهج تحليل الخطاب‪ .‬فهذه ألاطروحة ترتسم معالم إسهامها‬
‫بما يسهم به الباحثون من دراسات تنطلق في أفقها‪.‬‬
‫ّ‬
‫وقد كشف الاجراء عن دقة التحليل ملضمرات الخطاب‪ ،‬على اختالفها من عالمات‬
‫وإيحائية تكشف عن الاستجابات لدى الجمهور‪ ،‬وكيف يستطيع الجمهور‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫داللية‬ ‫ذات طاقة‬
‫ّ‬
‫جديدة؛ ذلك أن الحياة محملة بمختلف العالمات‪ ،‬وأصبحت هذه‬ ‫ّ‬ ‫صياغة‬ ‫توجيهها نحو‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫الاجتماعية؛ ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫لفظية‪ ،‬فضال عن اللغة‬ ‫ألنها وسيلة تواصل غير‬ ‫العالمات مؤثرا في املمارسات‬
‫ّ‬
‫اليومية‬ ‫أن اللغة تمأل مفاصل الحياة‬‫إلانسانية‪ .‬فكما ّ‬
‫ّ‬ ‫ودورها في التواصل املهيمن في املجتمعات‬
‫أن الخطباء السياسيين والزعماء وكتاب ّ‬ ‫ّ‬
‫إال ّ‬
‫السلطة يستعملون اللغة‬ ‫في إطار التواصل العادي‪،‬‬
‫ّ‬
‫اللغوية على الجمهور وهم يعرفون أدواتها‪ ،‬بغية تحقيق إلاقناع والتأثير‪.‬‬ ‫بنمط ُيخفي سلطتهم‬
‫السلطة عبر امتالكها للغة مؤسـسة الخطاب‪ ،‬وهنا يبرز دور "بالغة الجمهور" في تفكيك‬ ‫لتصبح ّ‬
‫منظومة ّ‬
‫السلطة‪.‬‬
‫والحمد هلل ّ‬
‫رب العاملين‬
‫ِ‬

‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪411 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫املصادر واملراجع‪:‬‬

‫ً‬
‫‪ ‬أبو هالل العسكري ناقدا‪ ،‬أمل املشايخ‪ ،‬وزارة الثقافة ـ عمان‪0660 ،‬م‪.‬‬
‫‪ ‬الاتجاهات اللسانية ودورها في الدراسات ألاسلوبية‪ ،‬مازن الوعر‪ ،‬مجلة عالم الفكر‪،‬‬
‫مج‪ ،00‬ع‪ ،4-3‬الكويت ـ ‪0774‬م‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ ‬الاتصال الجماهيري وسؤال القيم ـ دراسة في نظريات الاتصال الجماهيري املؤسسة ‪،‬‬
‫املكي‪ ،‬مركز نماء للبحوث والدراسات‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪0600 ،0‬م‪.‬‬‫د‪ .‬هشام ّ‬
‫أدب الكاتب‪ ،‬ابن قتيبة‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد الدالي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ً‬
‫استراتيجيات إلاقناع والتأثير في الخطاب السياس ّي ـ خطب الرئيس السادات نموذجا‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫د‪ .‬عماد عبداللطيف‪ ،‬الهيئة العامة املصرية للكتاب‪ ،‬ط‪0600 ،0‬م‪.‬‬
‫إستراتيجية الخطاب‪ ،‬عبد الهادي بن ظافر الشهري‪ ،‬دار الكتاب الجديد املتحدة ـ‬ ‫‪‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪0664 ،0‬م‪.‬‬
‫ألاصول املعرفية لنظرية التلقي‪ ،‬ناظم عودة خضير‪ ،‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫عمان ـ ألاردن‪ ،‬ط‪0779 ،0‬م‪.‬‬
‫إلاعالم وسيلة ورسالة‪ ،‬جون ميرال‪ ،‬رالف لوينشتاين‪ ،‬ترجمة‪ :‬ساعد خضر العرابي‬ ‫‪‬‬
‫الحارثي‪ ،‬دار املريخ ـ السعودية‪0707 ،‬م‪.‬‬
‫‪ ‬الانثروبولوجيا السياسية‪ ،‬جورج باالندييه‪ ،‬املؤسسة الجامعية للدراسات والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪0400 ،0‬هـ ـ ‪0669‬م‪.‬‬
‫ّ‬
‫القزويني‪ ،‬شرح وتعليق‬ ‫‪ ‬إلايضاح في علوم البالغة ـ املعاني والبيان والبديع‪ ،‬الخطيب‬
‫وتحقيق د‪ .‬محمد عبد املنعم خفاجي‪ ،‬ط‪0403 ،3‬هـ‪.‬‬
‫‪ ‬إلايضاح‪ ،‬شرح وتعليق وتحقيق د‪ .‬محمد عبد املنعم خفاجي‪ ،‬ط‪0403 ،3‬هـ‪.‬‬
‫‪ ‬البرهان في وجوه البيان‪ ،‬ابن وهب الكاتب‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬أحمد مطلوب‪ ،‬د‪ .‬خديجة‬
‫ّ‬
‫الحديثي‪ ،‬بغداد ـ العراق‪ ،‬ط‪0709 ،0‬م‪.‬‬
‫‪ ‬بالغة الاقناع في املناظرة‪ ،‬عبداللطيف عادل‪ ،‬منشورات ضفاف‪ ،‬منشورات‬
‫الاختالف‪ ،‬دار ألامان‪ ،‬ط‪0434 ،0‬هـ ـ ‪0603‬م‪.‬‬

‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪411 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫‪ ‬البالغة الجديدة بين التخييل والتداول‪ ،‬د‪ .‬محمد العمري‪ ،‬أفريقيا الشرق ـ املغرب‪،‬‬
‫ط‪0600 ،0‬م‪.‬‬
‫‪ ‬بالغة الحرية ـ معارك الخطاب السياس ّي في زمن الثورة‪ ،‬عماد عبداللطيف‪ ،‬دار التنوير‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪0603 ،0‬م‪.‬‬
‫‪ ‬بالغة الحرية ‪ ...‬حرية البالغة‪ ،‬د‪ .‬صالح حسن حاوي‪ ،‬مجلة الكوفة‪ ،‬العدد‪0602 ،7‬م‪.‬‬
‫‪ ‬بالغة جمهور الخطاب السياس ي املغربي املعاصر ـ قضايا ونماذج‪ ،‬عبدالوهاب‬
‫صديقي‪ ،‬ط‪ ،0‬دار أمجد للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان ـ ألاردن‪0600 ،‬م‪.‬‬
‫‪ ‬بنية العقل العربي‪ ،‬د‪ .‬محمد عابد الجابري‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية ـ بيروت‪،‬‬
‫ط‪ ،7‬آب ‪ /‬أغسطس ‪0667‬م‪.‬‬
‫ّ‬
‫الخانجي ـ القاهرة‪،‬‬ ‫‪ ‬البيان والتبيين‪ ،‬الجاحظ‪ ،‬ج‪ ،0‬تحقيق‪ :‬عبدالسالم هارون‪ ،‬مكتبة‬
‫ط‪0400 ،9‬هـ ـ ‪0770‬م‪.‬‬
‫‪ ‬بين خطاب السلطة وسلطة الخطاب‪ ،‬د‪ .‬خالد بن سليمان القوس ي‪ ،‬ضمن كتاب‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الكتابة ّ‬
‫والسلطة (بحوث علمية محكمة)‪ ،‬إشراف وتنسيق‪ :‬د‪ .‬عبدهللا بريمي‪ ،‬د‪ .‬سعيد‬
‫كريمي‪ ،‬د‪ .‬البشير التهالي‪ ،‬ط‪ ،0‬دار كنوز املعرفة ـ عمان‪0430 ،‬هـ ـ ‪0602‬م‪.‬‬
‫‪ ‬تلقي املعلقات ـ دراسة في الاستقبال التعاقبي‪ ،‬د‪ .‬عبد هللا بن عودة العطوي‪،‬‬
‫‪ ‬جمالية ألالفة‪ ،‬د‪ .‬شكري املبخوت‪ ،‬املجمع التونس ّي لآلداب والعلوم والفنون ـ بيت‬
‫الحكمة‪ ،‬ط‪0773 ،0‬م‪.‬‬
‫‪ ‬جمالية التلقي ـ من أجل تأويل جديد للنص ألادبي‪ ،‬هانس روبيرت ياوس‪ ،‬ترجمة‪:‬‬
‫رشيد بنجدو‪ ،‬املجلس ألاعلى للثقافة‪ ،‬ط‪.0664 ،0‬‬
‫‪ ‬درس السيميولوجيا‪ ،‬روالن بارت‪ ،‬تقديم‪ :‬عبدالفتاح كليطو‪ ،‬دار توبقال للنشر‬
‫والتوزيع ـ املغرب‪ ،‬ط‪0773 ،3‬م‪.‬‬
‫ّ‬
‫الوطني‬ ‫‪ ‬عن البالغة ـ دراسة في تحوالت املفهوم‪ ،‬ص‪ ،070‬مجلة عالم الفكر‪ ،‬املجلس‬
‫للثقافة والفنون ـ الكويت‪ ،‬مج‪ ،40‬ع‪ ،0‬أكتوبر ـ ديسمبر ‪0603‬م‪.‬‬
‫‪ ‬الفكاهة والضحك ـ رؤية جديدة‪ ،‬د‪ .‬شاكر عبدالحميد‪ ،‬سلسلة عالم املعرفة (‪،)007‬‬
‫الكويت ـ ‪0663‬م‪.‬‬
‫‪ ‬فلسفة اللغة‪ ،‬سامي أدهم‪ ،‬املؤسسة الجامعية للدراسات والنشر ـ بيروت‪0773 ،‬م‪.‬‬
‫‪ ‬فن التشبيه‪ ،‬علي الجندي‪ ،‬مكتبة نهضة مصر‪ ،‬ط‪0720 ،0‬م‪.‬‬

‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪414 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫‪ ‬القاموس املحيط‪ ،‬الفيروز آبادي‪ ،‬تحقيق‪ :‬مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة‪،‬‬
‫إشراف‪ :‬محمد نعيم العرقسوس ّي‪ ،‬مؤسسة الرسالة ـ بيروت‪ ،‬ط‪0400 ،0‬هـ ـ ‪0662‬م‪.‬‬
‫‪ ‬قضية إلاعجاز وأثرها في تدوين البالغة العربية‪ ،‬عالم الكتب ـ بيروت‪ ،‬ط‪0462 ،0‬هـ ـ‬
‫‪0702‬م‪.‬‬
‫ّ‬
‫الجرجاني‪ ،‬دار إلايمان للطبع والنشر والتوزيع ـ مصر‪ ،‬د‪.‬‬ ‫‪ ‬كتاب التعريفات‪ ،‬الشريف‬
‫ط‪ ،.‬د‪ .‬ت‪.‬‬
‫‪ ‬كتاب الصناعتين ـ الكتابة والشعر‪ ،‬أبو هالل الحسن بن عبدهللا بن سهل العسكر ّي‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬د‪ .‬مفيد قميحة‪ ،‬دار الكتب العلمية ـ بيروت‪ ،‬ط‪0467 ،0‬هـ ـ ‪0707‬م‪.‬‬
‫‪ ‬لسان العرب‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبدهللا علي الكبير‪ ،‬محمد أحمد‬
‫حسب هللا‪ ،‬هاشم محمد الشاذلي‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬
‫‪ ‬لسان العرب‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبدهللا علي الكبير‪ ،‬محمد أحمد‬
‫حسب هللا‪ ،‬هاشم محمد الشاذلي‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬
‫‪ ‬ملاذا يصفق املصريون؟ ـ بالغة التالعب بالجماهير في السياسة والفن‪ ،‬عماد‬
‫عبداللطيف‪ ،‬دار العين للنشر ـ مصر‪ ،‬ط‪0667 ،0‬م‪.‬‬
‫‪ ‬ما البالغة‪ ،‬مجدي أحمد توفيق‪ ،‬دار سندباد للنشر والتوزيع ـ القاهرة‪0603 ،‬م‪.‬‬
‫قدمه وعلق عليه‪ :‬د‪.‬‬‫‪ ‬املثل السائر في أدب الكاتب والشاعر‪ ،‬ضياء الدين بن ألاثير‪ّ ،‬‬
‫أحمد الحوفي‪ ،‬د‪ .‬بدوي طبانة‪ ،‬دار نهضة مصر للطباعة والنشر ـ القاهرة‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ،.‬د‪ .‬ت‪.‬‬
‫‪ ‬مصطلحات نقدية وبالغية‪ ،‬الشهد البوشيخي‪ ،‬دار القلم للنشر والتوزيع ـ الكويت‪،‬‬
‫ط‪0402 ،0‬هـ ـ ‪0772‬م‪.‬‬
‫ّ‬
‫اللبناني ـ بيروت‪ ،‬د‪ .‬ط‪0700 ،.‬م‪.‬‬ ‫‪ ‬املعجم الفلسفي‪ ،‬د‪ .‬جميل صليبا‪ ،‬دار الكتاب‬
‫‪ ‬معجم املصطلحات ألادبية املعاصرة‪ ،‬د‪ .‬سعيد علوش‪ ،‬دار الكتاب اللبناني ـ بيروت‪،‬‬
‫سوشبريس ـ الدار البيضاء‪ ،‬ط‪0462 ،0‬هـ ـ ‪0702‬م‪.‬‬
‫‪ ‬معجم املصطلحات البالغية وتطورها‪ ،‬أحمد مطلوب‪ ،‬مكتبة لبنان ناشرون ـ بيروت‪،‬‬
‫ط‪0669 ،0‬م‪.‬‬
‫‪ ‬معجم املصطلحات العربية في اللغة وألادب‪ ،‬مجدي وهبة وكامل املهندس‪ ،‬ط‪،0‬‬
‫مكتبة لبنان ـ بيروت‪0704 ،‬م‪.‬‬

‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪411 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫‪ ‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬أبو الحسن أحمد بن فارس بن زكريا‪ ،‬اعتنى به‪ :‬د‪ .‬محمد عوض‬
‫ّ‬
‫العربي ـ بيروت‪ ،‬ط‪0400 ،0‬هـ ـ‬ ‫مرعب‪ ،‬ألانسة فاطمة محمد أصالن‪ ،‬دار إحياء التراث‬
‫‪0660‬م‪.‬‬
‫وقدم له‬‫حققه ّ‬ ‫السكاكي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬مفتاح العلوم‪ ،‬أبو يعقوب يوسف بن أبي بكر محمد بن علي‬
‫وفهرسه‪ :‬د‪ .‬عبدالحميد هنداوي‪ ،‬دار الكتب العلمية ـ بيروت‪ ،‬ط‪0406 ،0‬هـ ـ ‪0666‬م‪.‬‬
‫‪ ‬موسوعة البالغة‪ ،‬تحرير‪ :‬توماس أ‪ .‬سلوان‪ ،‬ترجمة‪ :‬نخبة‪ ،‬إشراف وتقديم‪ :‬د‪ .‬عماد‬
‫ّ‬
‫القومي للترجمة ـ مصر‪ ،‬ط‪0600 ،0‬م‪.‬‬ ‫عبداللطيف‪ ،‬املركز‬
‫‪ ‬ميشال فوكو‪ ،‬املعرفة والسلطة‪ ،‬عبد العزيز العبادي‪ ،‬املؤسسة الجامعية للدراسات‬
‫للنشر والتوزيع ـ بيروت‪ ،‬ط‪0404 ،0‬هـ ـ ‪0774‬م‪.‬‬
‫‪ ‬نحو سيمياء الخطاب السلطوي‪ ،‬آلن غولدشليغر‪ ،‬مجلة بيت الحكمة‪ ،‬العدد‬
‫الخامس‪ ،‬املغرب‪ ،‬أبريل ‪0709‬م‪.‬‬
‫‪ ‬نظرية التلقي في تراثنا البالغي والنقدي‪ ،‬د‪ .‬شعبان عبدالحكيم محمد‪ ،‬مؤسسة‬
‫الوراق للنشر والتوزيع ـ ألاردن‪ ،‬ط‪0600 ،0‬م‪.‬‬
‫‪ ‬وحدة النص وتعدد القراءات التأويلية في النقد العربي املعاصر‪ ،‬د‪ .‬إيمان عيس ى‬
‫الناصر‪ ،‬املؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬ط‪0600 ،0‬م‪.‬‬
‫ّ‬
‫حجاجية ـ الهجمات الشخصية ضد‬ ‫‪ ‬يسقط يسقط ! بالغة الجمهور بوصفها ممارسة‬
‫ً‬
‫مبارك نموذجا‪ ،‬أحمد عبدالحميد عمر‪ ،‬ضمن كتاب (بالغة الجمهور ـ مفاهيم‬
‫وتطبيقات) تحرير‪ :‬د‪ .‬صالح حسن حاوي‪ ،‬د‪ .‬عبدالوهاب صديقي‪ ،‬ط‪ ،0‬دار شهريار ـ‬
‫العراق‪0609 ،‬م‪.‬‬
‫الهوامش وإلاحاالت‬
‫ّ‬
‫القزويني‪ ،‬شرح وتعليق وتحقيق د‪ .‬محمد عبد‬ ‫‪ .1‬إلايضاح في علوم البالغة ـ املعاني والبيان والبديع‪ ،‬الخطيب‬
‫املنعم خفاجي‪ ،‬ط‪0403 ،3‬هـ‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.40‬‬
‫‪ .2‬املثل السائر في أدب الكاتب والشاعر‪ ،‬ضياء الدين بن ألاثير‪ ،‬قدمه وعلق عليه‪ :‬د‪ .‬أحمد الحوفي‪ ،‬د‪ .‬بدوي‬
‫طبانة‪ ،‬دار نهضة مصر للطباعة والنشر ـ القاهرة‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ،.‬د‪ .‬ت‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.04‬‬
‫‪ .3‬ينظر‪ :‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬ابن فارس‪ ،‬ص‪ .039‬وينظر‪ :‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ 3‬ص‪.349-342‬‬
‫‪ .4‬معجم املصطلحات البالغية وتطورها‪ ،‬أحمد مطلوب‪ ،‬مكتبة لبنان ناشرون ـ بيروت‪ ،‬ط‪0669 ،0‬م‪ ،‬ص‪.034‬‬
‫‪ .5‬فن التشبيه‪ ،‬علي الجندي‪ ،‬مكتبة نهضة مصر‪ ،‬ط‪0720 ،0‬م‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.00‬‬

‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪413 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫‪ .6‬مصطلحات نقدية وبالغية‪ ،‬الشهد البوشيخي‪ ،‬دار القلم للنشر والتوزيع ـ الكويت‪ ،‬ط‪0402 ،0‬هـ ـ ‪0772‬م‪،‬‬
‫ص‪.70 – 70‬‬
‫‪ .7‬ما البالغة‪ ،‬مجدي أحمد توفيق‪ ،‬دار سندباد للنشر والتوزيع ـ القاهرة‪0603 ،‬م‪ ،‬ص‪.09-00‬‬
‫‪ .8‬ينظر‪ :‬ما البالغة‪ ،‬ص‪.00‬‬
‫ّ‬
‫‪ .9‬البيان والتبيين‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبدالسالم هارون‪ ،‬مكتبة الخانجي ـ القاهرة‪ ،‬ط‪0400 ،9‬هـ ـ ‪0770‬م‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.000‬‬
‫‪ .10‬قضية إلاعجاز وأثرها في تدوين البالغة العربية‪ ،‬عالم الكتب ـ بيروت‪ ،‬ط‪0462 ،0‬هـ ـ ‪0702‬م‪ ،‬ص‪.000‬‬
‫‪ .11‬البيان والتبيين‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.76‬‬
‫ّ‬
‫الوطني للثقافة والفنون ـ‬ ‫‪ .12‬ينظر‪ :‬عن البالغة ـ دراسة في تحوالت املفهوم‪ ،‬مجلة عالم الفكر‪ ،‬املجلس‬
‫الكويت‪ ،‬مج‪ ،40‬ع‪ ،0‬أكتوبر ـ ديسمبر ‪0603‬م‪ ،‬ص‪.070‬‬
‫‪ .13‬البالغة الجديدة بين التخييل والتداول‪ ،‬د‪ .‬محمد العمري‪ ،‬أفريقيا الشرق ـ املغرب‪ ،‬ط‪0600 ،0‬م‪ ،‬ص‪.37‬‬
‫‪ .14‬ينظر‪ :‬بنية العقل العربي‪ ،‬د‪ .‬محمد عابد الجابري‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية ـ بيروت‪ ،‬ط‪ ،7‬آب ‪/‬‬
‫أغسطس ‪0667‬م‪ ،‬ص‪.00 – 02‬‬
‫‪ .15‬ينظر‪ :‬عن البالغة‪ ،‬ص‪.070‬‬
‫‪ .16‬البيان والتبيين‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.00‬‬
‫‪ .17‬ينظر‪ :‬بنية العقل العربي‪ ،‬ص‪.00‬‬
‫ّ‬
‫‪ .18‬البرهان في وجوه البيان‪ ،‬ابن وهب الكاتب‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬أحمد مطلوب‪ ،‬د‪ .‬خديجة الحديثي‪ ،‬بغداد ـ العراق‪،‬‬
‫ط‪0709 ،0‬م‪ ،‬ص‪.003‬‬
‫‪ .19‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.07‬‬
‫‪ .20‬ما البالغة‪ ،‬ص‪.04‬‬
‫‪ .21‬ينظر‪ :‬منهجيات دراسة الجمهور ـ دراسة مقارنة‪ ،‬د‪ .‬عماد عبداللطيف‪ ،‬ضمن كتاب (بالغة الجمهور ـ‬
‫مفاهيم وتطبيقات)‪ ،‬ص‪.000‬‬
‫‪ .22‬ينظر‪ :‬ما البالغة‪ ،‬ص ‪.02 -04‬‬
‫ً‬
‫‪ .23‬أبو هالل العسكري ناقدا‪ ،‬أمل املشايخ‪ ،‬وزارة الثقافة ـ عمان‪0660 ،‬م‪ ،‬ص‪.00‬‬
‫وقدم له وفهرسه‪ :‬د‪.‬‬ ‫حققه ّ‬ ‫السكاكي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .24‬مفتاح العلوم‪ ،‬أبو يعقوب يوسف بن أبي بكر محمد بن علي‬
‫عبدالحميد هنداوي‪ ،‬دار الكتب العلمية ـ بيروت‪ ،‬ط‪0406 ،0‬هـ ـ ‪0666‬م‪ ،‬ص‪.200‬‬
‫‪ .25‬البالغة الجديدة بين التخييل والتداول‪ ،‬محمد العمري‪ ،‬ص‪.49‬‬
‫‪ .26‬مفتاح العلوم‪ ،‬ص‪.000‬‬
‫‪ .27‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.000‬‬
‫‪ .28‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.000‬‬
‫‪ .29‬بالغة إلاقناع في املناظرة‪ ،‬منشورات ضفاف‪ ،‬منشورات الاختالف‪ ،‬دار ألامان‪ ،‬ط‪0434 ،0‬هـ ـ ‪0603‬م‪ ،‬ص‬
‫‪.90‬‬
‫‪ .30‬إلايضاح‪ ،‬شرح وتعليق وتحقيق د‪ .‬محمد عبد املنعم خفاجي‪ ،‬ط‪0403 ،3‬هـ‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.40‬‬
‫‪ .31‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.00‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪411 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫‪ .32‬البيان والتبيين‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.70‬‬


‫‪ .33‬ما البالغة‪ ،‬ص‪.06‬‬
‫‪ .34‬أدب الكاتب‪ ،‬ابن قتيبة‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد الدالي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ص‪.00‬‬
‫‪ .35‬ينظر‪ :‬ما البالغة‪ ،‬ص‪.00‬‬
‫‪ .36‬إلايضاح في علوم البالغة‪ ،‬القزويني‪ ،‬ص‪.43 – 40‬‬
‫‪ .37‬ما البالغة‪ ،‬ص‪.00‬‬
‫ّ‬
‫‪ .38‬كتاب التعريفات‪ ،‬الشريف الجرجاني‪ ،‬دار إلايمان للطبع والنشر والتوزيع ـ مصر‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ،.‬د‪ .‬ت‪ ،‬ص‪.24‬‬
‫‪ .39‬لسان العرب‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬ج‪ 04‬ص‪.0602‬‬
‫‪ .40‬املصدر نفسه‪ ،‬ج‪ 04‬ص‪.0602‬‬
‫‪ .41‬املصدر نفسه‪ ،‬ج‪ 04‬ص‪.0602‬‬
‫ّ‬
‫‪ .42‬املعجم الفلسفي‪ ،‬د‪ .‬جميل صليبا‪،‬دار الكتاب اللبناني ـ بيروت‪ ،‬د‪ .‬ط‪0700 ،.‬م‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.096‬‬
‫‪ .43‬املرجع نفسه‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.096‬‬
‫‪44. Dictionnaire phiosophique, Ed. Du progress, p.409.‬‬
‫‪ .45‬الانثروبولوجيا السياسية‪ ،‬جورج باالندييه‪ ،‬املؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،0‬‬
‫‪0400‬هـ ـ ‪0669‬م‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫‪ .46‬ميشال فوكو‪ ،‬املعرفة والسلطة‪ ،‬عبد العزيز العبادي‪ ،‬املؤسسة الجامعية للدراسات للنشر والتوزيع ـ‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪0404 ،0‬هـ ـ ‪0774‬م‪ ،‬ص‪.43‬‬
‫‪ .47‬إستراتيجية الخطاب‪ ،‬عبد الهادي بن ظافر الشهري‪ ،‬دار الكتاب الجديد املتحدة ـ بيروت‪ ،‬ط‪0664 ،0‬م‪،‬‬
‫ص‪.000‬‬
‫‪ .48‬ينظر‪ :‬إستراتيجية الخطاب‪ ،‬ص ‪.VI - V‬‬
‫‪ .49‬إستراتيجية الخطاب‪ ،‬ص‪.000 – 000‬‬
‫‪ .50‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.004‬‬
‫ّ‬
‫‪ .51‬بين خطاب السلطة وسلطة الخطاب‪ ،‬د‪ .‬خالد بن سليمان القوس ي‪ ،‬ضمن كتاب‪ :‬الكتابة والسلطة (بحوث‬
‫ّ‬
‫علمية محكمة)‪ ،‬إشراف وتنسيق‪ :‬د‪ .‬عبدهللا بريمي‪ ،‬د‪ .‬سعيد كريمي‪ ،‬د‪ .‬البشير التهالي‪ ،‬ط‪ ،0‬دار كنوز‬
‫املعرفة ـ عمان‪0430 ،‬هـ ـ ‪0602‬م‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫‪ .52‬الاتجاهات اللسانية ودورها في الدراسات ألاسلوبية‪ ،‬مازن الوعر‪ ،‬مجلة عالم الفكر‪ ،‬مج‪ ،00‬ع‪ ،4-3‬الكويت‬
‫ـ ‪0774‬م‪ ،‬ص‪.093‬‬
‫‪ .53‬نحو سيمياء الخطاب السلطوي‪ ،‬آلن غولدشليغر‪ ،‬مجلة بيت الحكمة‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬املغرب‪ ،‬أبريل‬
‫‪0709‬م‪ ،‬ص‪.030-039‬‬
‫‪ .54‬بالغة جمهور الخطاب السياس ي املغربي املعاصر ـ قضايا ونماذج‪ ،‬عبدالوهاب صديقي‪ ،‬ط‪ ،0‬دار أمجد‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان ـ ألاردن‪0600 ،‬م‪ ،‬ص‪.00‬‬
‫‪ .55‬بين خطاب السلطة وسلطة الخطاب‪ ،‬ص‪.20‬‬

‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪411 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫‪ .56‬درس السيميولوجيا‪ ،‬روالن بارت‪ ،‬تقديم‪ :‬عبدالفتاح كليطو‪ ،‬دار توبقال للنشر والتوزيع ـ املغرب‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫‪0773‬م‪ ،‬ص‪.03-00‬‬
‫‪ .57‬ينظر‪ :‬إستراتيجية الخطاب‪ ،‬ص‪.002-004‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫‪ .58‬استراتيجيات إلاقناع والتأثير في الخطاب السياس ي ـ خطب الرئيس السادات نموذجا‪ ،‬د‪ .‬عماد عبداللطيف‪،‬‬
‫الهيئة العامة املصرية للكتاب‪ ،‬ط‪0600 ،0‬م‪ ،‬ص‪.06‬‬
‫‪ .59‬فلسفة اللغة‪ ،‬سامي أدهم‪ ،‬املؤسسة الجامعية للدراسات والنشر ـ بيروت‪0773 ،‬م‪ ،‬ص‪.023‬‬
‫‪ .60‬لسان العرب‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبدهللا علي الكبير‪ ،‬محمد أحمد حسب هللا‪ ،‬هاشم محمد‬
‫الشاذلي‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬ج‪ 0‬ص‪.076‬‬
‫‪ .61‬القاموس املحيط‪ ،‬الفيروز آبادي‪ ،‬تحقيق‪ :‬مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة‪ ،‬إشراف‪ :‬محمد نعيم‬
‫العرقسوس ّي‪ ،‬مؤسسة الرسالة ـ بيروت‪ ،‬ط‪0400 ،0‬هـ ـ ‪0662‬م‪ ،‬ص‪.300‬‬
‫‪ .62‬الاتصال الجماهيري وسؤال القيم ـ دراسة في نظريات الاتصال الجماهير ّي املؤسسة ‪ ،‬د‪ .‬هشام ّ‬
‫املكي‪ ،‬مركز‬
‫نماء للبحوث والدراسات‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪0600 ،0‬م‪ ،‬ص‪.37‬‬
‫‪ .63‬إلاعالم وسيلة ورسالة‪ ،‬جون ميرال‪ ،‬رالف لوينشتاين‪ ،‬ترجمة‪ :‬ساعد خضر العرابي الحارثي‪ ،‬دار املريخ ـ‬
‫السعودية‪0707 ،‬م‪ ،‬ص‪.002‬‬
‫‪ .64‬موسوعة البالغة‪ ،‬تحرير‪ :‬توماس أ‪ .‬سلوان‪ ،‬ترجمة‪ :‬نخبة‪ ،‬إشراف وتقديم‪ :‬د‪ .‬عماد عبداللطيف‪ ،‬املركز‬
‫لقومي للترجمة ـ مصر‪ ،‬ط‪0600 ،0‬م‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.009‬‬ ‫ّ‬ ‫ا‬
‫‪ .65‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.03‬‬
‫‪ .66‬ينظر‪ :‬ملاذا يصفق املصريون‪ ،‬ص‪.03‬‬
‫‪ .67‬ينظر‪ :‬تحليل الخطاب بين بالغة الجمهور وسيميائيات ألايقونات الاجتماعية‪ ،‬عماد عبد اللطيف‪ ،‬مجلة‬
‫فصول‪ ،‬العددان ‪ ،04-03‬خريف – شتاء ‪0603-0600‬م‪ ،‬ص‪.203‬‬
‫‪ .68‬ينظر‪ :‬تحليل الخطاب بين بالغة الجمهور وسيميائيات ألايقونات الاجتماعية‪ ،‬عماد عبد اللطيف‪ ،‬ص‪.202‬‬
‫‪ .69‬انظر‪ :‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.200 – 202‬‬
‫‪ .70‬ملاذا يصفق املصريون‪ ،‬ص‪.009‬‬
‫‪ .71‬موسوعة البالغة‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.046‬‬
‫‪ .72‬نظرية التلقي في تراثنا البالغي والنقدي‪ ،‬د‪ .‬شعبان عبدالحكيم محمد‪ ،‬مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع ـ‬
‫ألاردن‪ ،‬ط‪0600 ،0‬م‪ ،‬ص‪.003‬‬
‫‪ .73‬جمالية التلقي ـ من أجل تأويل جديد للنص ألادبي‪ ،‬هانس روبيرت ياوس‪ ،‬ترجمة‪ :‬رشيد بنجدو‪ ،‬املجلس‬
‫ألاعلى للثقافة‪ ،‬ط‪ ،0664 ،0‬ص‪.44‬‬
‫‪ .74‬ينظر‪ :‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.44‬‬
‫‪ .75‬ألاصول املعرفية لنظرية التلقي‪ ،‬ناظم عودة خضير‪ ،‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان ـ ألاردن‪ ،‬ط‪،0‬‬
‫‪0779‬م‪ ،‬ص‪.037‬‬
‫‪ .76‬نظرية التلقي في تراثنا البالغي والنقدي‪ ،‬ص‪.004‬‬

‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪411 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫‪ .77‬كتاب الصناعتين ـ الكتابة والشعر‪ ،‬أبو هالل الحسن بن عبدهللا بن سهل العسكر ّي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬مفيد‬
‫قميحة‪ ،‬دار الكتب العلمية ـ بيروت‪ ،‬ط‪0467 ،0‬هـ ـ ‪0707‬م‪ ،‬ص‪.07‬‬
‫‪ .78‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.02‬‬
‫ّ‬
‫‪ .79‬جمالية ألالفة‪ ،‬د‪ .‬شكري املبخوت‪ ،‬املجمع التونس ي لآلداب والعلوم والفنون ـ بيت الحكمة‪ ،‬ط‪0773 ،0‬م‪،‬‬
‫ص‪.00‬‬
‫ّ‬
‫‪ .80‬إلايضاح في علوم البالغة ـ املعاني والبيان والبديع‪ ،‬الخطيب القزويني‪ ،‬شرح وتعليق وتحقيق د‪ .‬محمد عبد‬
‫املنعم خفاجي‪ ،‬ط‪0403 ،3‬هـ‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.40‬‬
‫‪ .81‬تلقي املعلقات ـ دراسة في الاستقبال التعاقبي‪ ،‬د‪ .‬عبد هللا بن عودة العطوي‪ ،‬ص‪.300‬‬
‫‪ .82‬املثل السائر في أدب الكاتب والشاعر‪ ،‬ضياء الدين بن ألاثير‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.04‬‬
‫‪ .83‬ينظر‪ :‬تلقي املعلقات ـ دراسة في الاستقبال التعاقبي‪ ،‬ص‪.300‬‬
‫‪ .84‬ينظر‪ :‬تلقي املعلقات ـ دراسة في الاستقبال التعاقبي‪ ،‬ص‪.300 – 300‬‬
‫‪ .85‬كتاب الصناعتين‪ ،‬ص‪.096‬‬
‫‪ .86‬وحدة النص وتعدد القراءات التأويلية في النقد العربي املعاصر‪ ،‬د‪ .‬إيمان عيس ى الناصر‪ ،‬املؤسسة العربية‬
‫للدراسات والنشر‪ ،‬ط‪0600 ،0‬م‪ ،‬ص‪.00‬‬
‫‪ .87‬ينظر‪ :‬وحدة النص وتعدد القراءات التأويلية في النقد العربي املعاصر‪ ،‬ص‪.00‬‬
‫‪ .88‬ينظر‪ :‬الخطاب الانتخابي فـي العـراق ـ بالغـة السـلطة واسـتجابة الجمهـور‪ ،‬د‪ .‬صـالح حسـن حـاوي‪ ،‬مجلـة آداب‬
‫البصرة‪ ،‬العدد ‪0600 ،02‬م‪ ،‬ص‪.043‬‬
‫ّ‬
‫‪ .89‬بالغــة الحريــة ـ ـ ـ ـ معــارك الخطــاب السياس ـ ي فــي زمــن الثــورة‪ ،‬عمــاد عبــداللطيف‪ ،‬دار التنــوير للطباعــة والنشــر‬
‫والتوزيع‪ ،‬ط‪0603 ،0‬م‪ ،‬ص‪.32-34‬‬
‫‪ .90‬بالغة الجمهور مفاهيم وتطبيقات‪ ،‬ص‪.000‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ .91‬ينظر‪ :‬ماذا تقدم بالغة الجمهور للبالغة العربية ؟ إلاسهام‪ ،‬الهوية املعرفية‪ ،‬النقد‪ ،‬د‪ .‬عماد عبداللطيف‪،‬‬
‫ضمن كتاب (بالغة الجمهور ـ مفاهيم وتطبيقات) تحرير‪ :‬د‪ .‬صالح حسن حاوي‪ ،‬د‪ .‬عبدالوهاب صديقي‪ ،‬ط‪،0‬‬
‫دار شهريار ـ العراق‪0609 ،‬م‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫‪ .92‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫‪ .93‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫‪ .94‬يسقط يسقط ! بالغة الجمهور بوصفها ممارسة حجاجية ـ الهجمات الشخصية ضد مبارك نموذجا‪ ،‬أحمد‬
‫عبدالحميد عمر‪ ،‬ضمن كتاب (بالغة الجمهور ـ مفاهيم وتطبيقات) تحرير‪ :‬د‪ .‬صالح حسن حاوي‪ ،‬د‪.‬‬
‫عبدالوهاب صديقي‪ ،‬ط‪ ،0‬دار شهريار ـ العراق‪0609 ،‬م‪ ،‬ص‪.000‬‬
‫‪ .95‬بالغة الاقناع في املناظرة‪ ،‬عبداللطيف عادل‪ ،‬منشورات ضفاف‪ ،‬منشورات الاختالف‪ ،‬دار ألامان‪ ،‬ط‪،0‬‬
‫‪0434‬هـ ـ ‪0603‬م‪ ،‬ص‪.74‬‬
‫‪ .96‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.007‬‬
‫‪ .97‬بالغة الحرية‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫‪ .98‬بالغة الحرية‪ ...‬حرية البالغة‪ ،‬د‪ .‬صالح حسن حاوي‪ ،‬مجلة الكوفة‪ ،‬العدد‪0602 ،7‬م‪ ،‬ص‪.036‬‬
‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪411 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬
‫ّ‬
‫الحساني‬ ‫م‪ .‬م‪ .‬علي حسين‬ ‫بالغة الجمهور املفهوم وإلاجراء‬

‫‪ .99‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ 03‬ص‪.020‬‬


‫‪ .100‬معجم املصطلحات العربية في اللغة وألادب‪ ،‬مجدي وهبة وكامل املهندس‪ ،‬ط‪ ،0‬مكتبة لبنان ـ بيروت‪،‬‬
‫‪0704‬م‪ ،‬ص‪.009‬‬
‫‪ .101‬الفكاهة والضحك ـ رؤية جديدة‪ ،‬د‪ .‬شاكر عبدالحميد‪ ،‬سلسلة عالم املعرفة (‪ ،)007‬الكويت ـ ‪0663‬م‪،‬‬
‫ص‪.03‬‬
‫‪ .102‬بالغة الحرية‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫‪ .103‬بالغة الحرية‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪ .104‬الفكاهة والضحك ـ رؤية جديدة‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫‪ .105‬معجم املصطلحات ألادبية املعاصرة‪ ،‬د‪ .‬سعيد علوش‪ ،‬دار الكتاب اللبناني ـ بيروت‪ ،‬سوشبريس ـ الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬ط‪0462 ،0‬هـ ـ ‪0702‬م‪ ،‬ص‪.006‬‬
‫‪ .106‬بالغة الحرية‪ ،‬ص‪.30‬‬

‫ّ‬
‫مجلة العالمة املجلد‪ 60 :‬العدد ‪( 60 :‬عدد خاص) التاريخ ‪411 ISSN 2478-0197 - ESSN 2676-1718 - 0600/60/60 :‬‬

You might also like