You are on page 1of 12

‫اجمللة العلمية للدراسات التارخيية واحلضارية‬

‫العدد الثالث ‪2019 /‬م‬

‫الساحات العمومية بالجزائر أثناء الفترة الرومانية‬


‫إعداد ‪:‬‬
‫د‪ .‬بنت النبي مقدم‬
‫جامعة أبو القاسم سعد اهلل‪ -‬الجزائر‬
‫اجمللة العلمية للدراسات التارخيية واحلضارية‬

‫م‬2019 / ‫العدد الثالث‬

:‫ملخص‬

‫ إنه يمثل مركز المدينة والقلب‬،‫" لدى اإلغريق‬ "‫" عند الرومان مثله مثل األجورا‬ "‫الفوروم‬
‫ الدينية والسياسية لكونه يمثل المركز‬،‫ وترجع أهميته التاريخية‬،‫ ولكل المدن الرومانية‬،‫النابض لروما القديمة‬
‫ االحتفاالت الدينية‬،‫ حفالت األعراس‬:‫الذي تدور به وتتم أهم األحداث المميزة والهامة في المدينة‬
‫ ولكن خالل العهد اإلمبراطوري سيشهد النموذج القديم‬،‫واالستعراضات العسكرية وحتى الخطب السياسية‬
‫للفوروم تطوراً سريعاً ولكن ما يهمنا في هذه الورقة البحثية هو التعرف على الساحات العامة التي عرفت‬
. ‫ ومحاولة إحصائها‬،‫بالجزائر القديمة‬

The forum among the Romans as the Agora among the Greeks, it is the main square and
the living center of ancient Rome, and of every Roman city, Its historical, religious and
political importance makes it the place around which all life of the city is articulated:
celebration of weddings, ceremonies and religious festivals, military parades, political
proclamations; but at the time of the Roman Empire a fairly rapid evolution will change the
old type of the forum; But what is important for us in this article is to identify the public
squares known in ancient Algeria and try to list them .

107 2019 ‫يونيو‬


‫اجمللة العلمية للدراسات التارخيية واحلضارية‬

‫العدد الثالث ‪2019 /‬م‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫" هي واحدة من معالم المدينة بالجزائر القديمة خالل العهد الروماني‪.‬‬ ‫الساحة العامة أو الفوروم "‬
‫وهي تكتسي أهميتها اليوم‪ ،‬من كونها معلماً من المعالم األثرية والحضارية التي تدلنا على غنى ومعالم الفترة‬
‫الرومانية في الجزائر القديم‪ ،‬باعتبارها واحدة من المقاطعات الرومانية‪ ،‬ولذلك حاولنا تتبع هذا المعلم التاريخي‬
‫واألثري‪ ،‬في منطقة الجزائر بهدف مسح وإحصاء كل الساحات العمومية سواء تلك التي ال تزال آثارها شاهدة‬
‫عليها‪ ،‬أو تلك التي ذكرتها النقوش دون إمكانية التعرف عليها حتى يومنا هذا‪.‬‬

‫" له ستة معاني‪ ،‬فحين نجدها تسمى باسم أحدهم فهو‬ ‫ومصطلح الفوروم لغوياً حسب فيستوس‪" 1‬‬
‫الشخص الذي قام ببنائه بغرض الب يع والشراء‪ ،‬وثانياً هي مكان للعدالة ولالجتماعات وحيث تتحدث السلطة مع‬
‫الشعب‪ ،‬وثالثاً يجتمع فيها حاكم المقاطعة بحكام األقاليم‪ ،‬ورابعًا يشير إلى أن األقدمين سموا دهليز القبر‬
‫" يقصد به ألعاب السيرك‪،‬‬ ‫بالفوروم وخامساً هي جزء من السفينة‪ ،‬وسادساً جمع فوروم الذي هو فوري "‬
‫" لترمز للعروض الصغيرة ‪.‬‬ ‫واشتق منه كلمة فورولي"‬

‫"‪ 2‬فقد وضع شروطاً لبناء هذا المعلم المدني‪ ،‬بإشارته إلى أن‬ ‫أما المهندس الروماني فيتروف "‬
‫الساحات العامة عند اليونان مربعة‪ ،‬ومن حولها من الجهات األربع أروقة مزدوجة وواسعة‪ ،‬أعمدتها قريبة من‬
‫بعضها البعض‪ ،‬وهذا النموذج ال يمكن أن يُعتمد في ايطاليا ألنه من العادات القديمة للرومان‪ ،‬حضور الشعب‬
‫للساحة العامة للفرجة على القتال بين المتصارعين‪ ،‬ولهذا يتوجب أن تكون المسافة بين األعمدة أعرض بكثير‪.‬‬
‫وتحت الممرات العلوية محالت المتبادلين‪ ،‬أما األروقة فيجب أن تتوفر على المساحة الالزمة لتساعد على‬
‫التبادل التجاري‪ ،‬وتحصيل الضرائب‪ ،‬ويجب أن يتوافق اتساع الساحة العامة مع نسبة السكان بالمدينة حتى‬
‫تستطيع استيعاب المجتمعين بها؛ وحول الساحة العامة تقوم أهم األبنية الدينية‪ ،‬والمدنية كالكابيتول والمعابد‬
‫والب ازيليك ومنصات الخطابة والمحالت التجارية والسجن وغيرها من مرافق المدينة المختلفة‪ ،‬وغالباً ما تكون‬
‫) التي نراها بالمالحق المرافقة‬ ‫مستطيلة حسبما توضحه اللوحة التدعيمية بكتاب الهندسة لفيتروف (اللوحة‬
‫لهذا المقال‪ ،‬وقد اتضح الحقاً وبعد الحفريات األركيولوجية أن اللوحة التخطيطية تمثل مخطط فوروم بومبيا ‪.‬‬
‫وهكذا يمكننا القول إ ن الساحة العامة هي مركز المدينة االقتصادي‪ ،‬السياسي‪ ،‬القضائي والديني وحتى‬
‫االجتماعي الذي يلتقي به الكل ليتحدثوا في الشؤون العامة والخاصة أو حيث يمكنهم التسلية‪ ،‬والتسامر بطاوالت‬
‫" كتلك التي عثر عيها بالساحة العامة لمدينة تيمقاد‪ ،‬وهي عبارة عن طاولة تحتوي‬ ‫اللعب "‬
‫مربعاً‪ ،‬كل مربع مكتوب عليه حرف‪ ،‬وبقراءة مجموع حروف المربعات في نفس السطر تحصل على كلمة‬
‫ذات معنى ومدلول‪ ،‬بحيث يستمتع الالعبين بها بتغيير األحرف والكلمات المشكلة‪ ،‬وتعتبر األجمل بين بقية‬
‫طاوالت اللعب المشابهة لهذه‪ ،‬والتي عثر عليها بمختلف مناطق بالد المغرب القديم حسب وانسو‬
‫"‪ 3‬بسبب األشكال التي زينت بها‪ ،‬والعبارة المفرحة التي كتبت عليها والتي تلخص فلسفة الحياة‬ ‫"‬
‫السعيدة ‪.‬‬
‫وبما أن الساحة العامة تتوسط المدينة‪ ،‬فهي تعتبر نقطة التقاء الكاردو(شمال‪ -‬جنوب) بالديكومانوس (شرق‬
‫‪ -‬غرب) وهي مبلطة بالحجارة‪ ،‬ويمنع على العربات المرور بها‪ ،‬ومغلقة بسور من األروقة والمباني العامة‪،‬‬
‫ويالحظ أنه بالمدن الساحلية ذات الموانئ يوجد أحياناً ساحتين فإلى جانب الساحة العامة‪ ،‬التي تتوسط المدينة نجد‬
‫ساحة تجارية قرب الميناء‪ ،‬غير أنها تعتبر ثانوية‪ ،‬وطابعها تجاري اقتصادي‪ ،‬ومستوحاة من الساحة اليونانية‬

‫‪-----------------------------------------------------‬‬
‫‪1. Festus , De la signification des mots , VI , trad. , M.A.Savagner , Panckoucke , 1846‬‬
‫‪2 . Vitruve , De l’Architecture , I , 1‬‬
‫‪3. Poinssot(L), Inscriptions inédites de Lambèse et Timgade , CRAI , 1884 , p 92‬‬
‫‪108‬‬ ‫يونيو ‪2019‬‬
‫اجمللة العلمية للدراسات التارخيية واحلضارية‬

‫العدد الثالث ‪2019 /‬م‬

‫"؛ ولكن هذا ال ينف ممارسة التجارة بالساحة العامة أو‬ ‫التي كانت تستغل كسوق والمسماة آغورا "‬
‫‪4‬‬
‫الفوروم حيث نجد أنه كثيراً ما كانت تقام أسواق متخصصة وفي أيام محددة بها ‪ ،‬كما تزين أحياناً الساحة العامة‬
‫بعين مائية أو حوض مائي في الوسط ‪.‬‬
‫ويالحظ أن الساحة العامة أو الفوروم عرفت ببالد المغرب القديم عموماً تطوراً واختالفاً‪ ،‬يمكن حصره في‬
‫ثالثة نماذج‪ ،5‬حيث يتميز كل نموذج أو نوع بخصائص ينفرد بها‪ ،‬وتميزه عن النموذج اآلخر وهي مبينة في‬
‫الجدول التالي ‪:‬‬

‫الفترة‬ ‫الخصائص المميزة‬ ‫النموذج‬


‫‪ -‬ساحة مبلطة‬ ‫النموذج التقليدي‬
‫عهد أنطونينوس‬ ‫‪ -‬ساحة مستطيلة الشكل‬
‫‪ -‬بهو يحيط بالساحة من الجهات األربع‬
‫العهد السيفيري‬ ‫‪ -‬انعدام المعبد‬ ‫نموذج العهد السفيري‬
‫‪ -‬ذات طابع سياسي اقتصادي‬
‫العهد األسفل‬ ‫‪ -‬كثرة القاعات حول الساحة‬ ‫النموذج المُرّكب‬
‫‪ -‬وجود حدائق وأحواض‬

‫بقيت بعض آثار الساحات العامة لبعض مدن الجزائر القديمة شاهدة على حضورها لغاية يومنا هذا‪ ،‬غير أن‬
‫البعض اآلخر منها لم يبق منه شيئاً‪ ،‬ولهذا ال يمكن إحصاء كل الساحات التي كانت موجودة آنذاك وموقعها‬
‫بالضبط من المدينة وما أحاط بها من بنايات دينية ومدنية غير أنه يمكننا التطرق لبعض من تلك التي بقيت‬
‫أطاللها‪ ،‬وحتى لبعض من تلك التي لم يعثر بها إال على نقوش أو إشارات بمصادر أدبية معينة ويمكن حصر أهم‬
‫الساحات العامة بالجزائر القديمة في ما يلي ‪:‬‬

‫بحواف الفوروم كشفت‬ ‫– فوروم عنابة ‪ :‬يرجع بنائها إلى القرن األول الميالدي‪ ،‬حيث أن حفريات‬
‫م‪ ،‬في حين يرى البعض أنه يمكن‬ ‫عن إهداء لإلمبراطور كالوديوس يرجع تاريخه للنصف الثاني من سنة‬
‫" التي‬ ‫إرجاع تاريخ بنائها إلى تاريخ نقيشة البروقنصل كايوس باكيوس أفريكانوس‪" 6‬‬
‫م‪ ،‬ولكن رغم‬ ‫–‬ ‫‪ ،‬والتي نقشت على بالط الساحة العامة بعنابة حوالي‬ ‫عثر عليها في أكتوبر سنة‬
‫هذا التضارب ال يمكننا استبعاد أن هذا التاريخ يمكن أن يكون تاريخاً لتجديد بالط الفوروم ‪.‬‬

‫م أي خالل عهد فيسباسيانوس‪ ،‬رغم أنه لم يبق من‬ ‫– فوروم تبسة ‪ :‬يرجح بناء الساحة العامة لتبسة سنة‬
‫‪ ،‬حيث‬ ‫أطاللها اي شيء‪ ٍ،‬ولكن وبناءاً على شهادات بعض الضباط الفرنسيين‪ 7‬فإن آثارها ظلت لغاية‬

‫‪-----------------------------------------------------‬‬
‫‪4‬‬
‫‪2010‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪41‬‬
‫‪6 . Marec(E), « Les fouilles d’Hippone » , CRAI,1948 ,V.92, N°4 , p 559-560‬‬
‫‪1999‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪68‬‬ ‫‪67‬‬
‫‪109‬‬ ‫يونيو ‪2019‬‬
‫اجمللة العلمية للدراسات التارخيية واحلضارية‬

‫العدد الثالث ‪2019 /‬م‬

‫نقلت أحجار الفوروم الحقاً لبناء الثكنة العسكرية‪ ،‬وحالياً يوجد بمتحف المدينة بقايا الفوروم كبعض األحجار‬
‫م‪.‬‬ ‫–‬ ‫المنحوتة والتيجان وأعمدة من الرخام وإفريز يرجع تاريخه لسنة‬

‫م‬ ‫– فوروم تيمقاد ‪ :‬بنيت في عهد تراجانوس‪ ،‬شكلها مستطيل‪ ،‬ويقدر طول هذا المستطيل ب‬
‫م‪.‬‬ ‫م وعرضها‬ ‫م‪ ،‬أما إذا أدرجنا ما يحيط بالساحة من مباني وأروقة نجد طولها‬ ‫وعرضه ب‬
‫"‪ ،‬غير أنه تنبغي‬ ‫مدخلها الرئيسي يطل على طريق الدوكيمانوس ماكسيموس "‬
‫اإلشارة إلى أن أرضية الدوكيمانوس وأرضية الساحة ليستا بنفس المستوى‪ ،‬حيث ترتفع هذه األخيرة عن األولى‬
‫درجات ليتمكن الداخل للساحة العامة من الدخول مثلما نشاهد‬ ‫بحوالي م‪ ،‬ولذلك تم بناء درج مكون من‬
‫بالصورة؛ كانت الساحة المزينة بالكثير من التماثيل والغير مغطاة محاطة بأربعة أروقة بأعمدة كورنثية الطراز‪،‬‬
‫" حيث تقام اجتماعات المجلس البلدي‪ ،‬وبالجهة الشرقية البازيليك‬ ‫ويالحظ بالجهة الغربية لها الكوري "‬
‫‪8‬‬
‫القضائية كما ي بدو واضحاً بمخطط فوروم تيمقاد‪ ،‬أما بالجهة الجنوبية للساحة فتتواجد مجموعة من الدكاكين في‬
‫حين خصص شمالها الشرقي إلقامة مراحيض عمومية ‪.‬‬

‫) ‪ :‬تعتبر جميلة واحدة من المدن التي عرفت ارتفاعاً في عدد سكانها خالل منتصف‬ ‫‪ -‬فوروم جميلة (‬
‫القرن الثاني الميالدي وبداية الثالث‪ ،‬مما أدى النتشار المباني الخاصة والعامة وتوسيع مخططها الهندسي غير‬
‫المنظم‪ ،‬ولذلك فهي من المدن التي وجدت بها ساحتين عامتين مثلما نرى بمخطط المدينة‪ :‬واحدة قديمة صغيرة‬
‫والثانية جديدة شُيِّدت عرفت بساحة السفيريين؛ مساحة الفوروم القديمة حوالي نصف هكتار يحاذيها الكاردو‬
‫ماكسيموس الذي يمر على طول المدينة‪ ،‬عثر بساحتها على الكثير من اإلهداءات لبعض المعبودات مثل جوبيتر‬
‫" وغيرهما‪ ،‬وأيضاً لبعض األباطرة كهادريانوس وفالفيوس كلوديوس يوليانوس‬ ‫"‪ ،‬مارس "‬ ‫"‬
‫) وكذا لشخصيات مرموقة شغلوا منصب ليغاتوس وحاكم‬ ‫–‬ ‫"(‬ ‫"‬
‫"‪ 9‬التي أهدى لها زوجها وأبنائها‬ ‫المدينة‪ ،‬وإهداءات لشخصيات محلية جارجيليا ماركيانا "‬
‫تمثاالً وضع في الساحة العامة؛ تطل على الكابيتول من الشمال الشرقي وسوق كوزنيوس من‬ ‫الثالثة سنة‬
‫" المهدى لفينوس األم‬ ‫الشمال الغربي أما من الجهة الغربية فبازيليك يوليا‪ ،‬في حين معبد جنتريكس "‬
‫من الناحية الجنوبية الغربية ‪.‬‬

‫" أو ساحة السفيريين‪ ،10‬فمحاذية من الجنوب الشرقي لمعبد خصص‬ ‫أما الساحة الجديدة "‬
‫والمعالم المدنية‬ ‫م في عهد ألكسندر سفيروس‪ ،‬وبعض المباني العامة‬ ‫لعبادة األسرة االمبراطورية سنة‬
‫م أما‬ ‫" سنة‬ ‫غرباً كقوس النصر المهدى لكراكال‪ ،‬وبالقرب منه بني سوق األقمشة "‬
‫"‪ ،‬ولقد تمّ ترميم رواق الفوروم الجديد أو ساحة‬ ‫شماالً فيحدها بعض المنازل كمنزل كاستوريوس "‬
‫"‪.‬‬ ‫م بتمويل الفالمنيكوس توليوس ماكسيموس "‬ ‫السفيريين سنة‬

‫)‪ : 11‬تقع قرب زانة البيضاء التابعة لوالية باتنة‪ ،‬كانت الساحة‬ ‫– فوروم زانة (‬
‫العامة بهذه المدينة مبلطة ومستطيلة الشكل‪ ،‬غير أنه خالل العهد البيزنطي بني مكانها كنيسة بحجارة المباني‬
‫‪-----------------------------------------------------‬‬
‫‪8. Gsell(S) , Monuments antiques de l’Algerie , T.I , Paris , 1901 , pp 121 – 125‬‬
‫‪9. Lancel (S) , L’Algérie antique . , p 101‬‬
‫‪10 .Gsell(S) , op.cit , p 126 ; Drici(S) , « Djemila , l’antique Ciucul » , in l’Algérie en héritage , art et‬‬
‫‪histoire ,Institut du monde Arabe/Actes sud , France, Arles ,2003 , p 145 – 146‬‬
‫‪11. Gsell(S) , op . cit , p 127‬‬
‫‪110‬‬ ‫يونيو ‪2019‬‬
‫اجمللة العلمية للدراسات التارخيية واحلضارية‬

‫العدد الثالث ‪2019 /‬م‬

‫المدنية الرومانية التي كانت محيطة بالفوروم‪ ،‬يحتمل أنه كان يزين مدخل الساحة العامة شرقاً قوس صغير‪،‬‬
‫والذي عثر على عموده األيمن بالواجهة األمامية للكنيسة البيزنطية‪ ،‬أما قوس النصر ذو الثالثة مداخل الذي شيد‬
‫م ) فكان موقعه يحاذي الجهة الشمالية‬ ‫–‬ ‫"(‬ ‫في عهد ماكرينوس "‬
‫للفوروم عند تقاطع الكاردو ماكسيموس‪ ،‬أما قوس المدخل الذي كان يطل على الدوكيمانوس فيعتقد أنه أقدم من‬
‫القوسين اآلخرين بحوالي نصف قرن ‪.‬‬

‫كم جنوب غرب قالمة‪ ،‬ساحتها كبيرة‬ ‫) ‪ :‬مدينة عنونة تقع على بعد‬ ‫– فوروم عنونة (‬
‫ومستطيلة‪ ،‬مدخلها الرئيسي مزين بقوس مثلما نرى بصورة الفوروم وهي محفوفة بثالثة أروقة ويحيط بها معبد‬
‫" الثرية‪ ،12‬والتي اشتهرت خالل عهد ماركوس أوريليوس‬ ‫وبازيليك ومنزل لعائلة األنتيستي "‬
‫وكومودوس بفردين منها شغال منصب قنصل ‪.‬‬

‫" بهذا االسم من‬ ‫) ‪ :‬عرفت الساحة القديمة "‬ ‫– فوروم خميسة (‬
‫‪13‬‬
‫خالل نقيشة التينية ‪ ،‬ويبدو أن الساحة كانت موجودة في الحي الشرقي للمدينة آنذاك‪ ،‬كان يحاذيها معبد ذو‬
‫طابع معماري بونيقي بأعمدة قصيرة وعريضة؛ أما الفوروم الحقيقية حسب ستيفان غزال‪ 14‬فبنيت في الجهة‬
‫الغربية من المدينة‪ ،‬وكان مدخلها مزين بقوس بثالثة أبواب‪ ،‬وبالقرب منها حمامات وهذه الحمامات ليست‬
‫الوحيدة في المدينة حيث عثر على أخرى في الجنوب الشرقي للمدينة قرب الساحة القديمة‪.‬‬

‫)‪ : 15‬يبدو أن الساحة العامة لهذه المدينة كانت مربعة الشكل‪ ،‬ومحاطة‬ ‫– فوروم تازولت (‬
‫بأروقة‪ ،‬ويوجد من حولها كابيتول ومعبد والكوري ‪.‬‬

‫م‪ ،‬مدخلها الرئيسي من‬ ‫م وعرضها‬ ‫– فوروم تيبازة ‪ :‬هي عبارة عن ساحة غير مغطاة‪ ،‬طولها‬
‫"‬ ‫الجنوب‪ ،‬ويمكننا الدخول إليها أيضاً من الجنوب الغربي عن طريق الكريبتوبوتيكوس"‬
‫أو الرواق المغطى والرابط بينها وبين البازيليك؛ يحيط بالساحة العامة ثالثة أروقة من الجهات ‪ :‬الشرقية‪،‬‬
‫الجنوبية والغربية‪ ،‬ولم يبق من معالم هذه األروقة إال قواعد األعمدة التي كانت ترتكز عليها السقوف‪ ،‬ومثلها‬
‫مثل بقية الساحات العمومية في الجزائر القديمة‪ ،‬كانت تتوسط مجموعة من المباني المدنية‪ 16‬العامة كالكابيتول‬
‫من جهتها الشمالية والكوري من الناحية الشمالية الشرقية والبازيليك القضائية من الجهة الجنوبية ‪.‬‬

‫كم شمال غرب قسنطينة‪.‬‬ ‫)‪ : 17‬تقع على بعد‬ ‫‪ -‬فوروم تيديس (‬
‫ويتضح من خالل ما تبقى من أطالل الساحة العامة الصغيرة ثالث قاعات‪ ،‬واحدة منهن كانت مخصصة‬
‫الجتماعات المجالس البلدية‪ ،‬ونظراً لطبيعة المدينة الجغرافية باعتبارها منطقة جبلية يمكن القول أن جزءاً من‬
‫درجة ليربط هذا الجزء‬ ‫المدينة‪ ،‬كان منخفضاً عن الفوروم المرتفع‪ ،‬مما أدى لبناء درج يحتوي ما يقارب‬
‫المنخفض من المدينة والدوكيمانوس ماكسيموس بحي الفوروم المرتفع ‪.‬‬
‫وأما بالنس بة لبعض الساحات العمومية الخاصة بمدن الجزائر القديمة األخرى‪ ،‬فالزال ال يُعرف عنها‬
‫أحياناً إال ذكرها من خالل بعض النقوش أو بعض المصادر األدبية‪ ،‬ألنه لم يبق من آثارها أي شيء‪ ،‬مثلما هو‬

‫‪-----------------------------------------------------‬‬
‫‪12. Ibid , p 119 – 120‬‬
‫‪13 .CIL VIII , 4878‬‬
‫‪14. Gsell(S) , p 61 ; 118‬‬
‫‪15. Ibid , p 128 ; 129 n° 1‬‬
‫‪16. Bouchenaki(M) , Tipasa , éd., ENAG , A lger , 1988 , p 53 – 57‬‬
‫‪17. Lancel(S) , op.cit , p 116 – 117‬‬
‫‪111‬‬ ‫يونيو ‪2019‬‬
‫اجمللة العلمية للدراسات التارخيية واحلضارية‬

‫العدد الثالث ‪2019 /‬م‬

‫) التي ورد‬ ‫) التي ذكرت في نقيشتين‪ ،18‬وفوروم مداورش (‬ ‫األمر بالنسبة لفوروم قسنطينة (‬
‫‪19‬‬
‫ذكرها في رسالة الخطيب ماكسيموس للقديس أوغسطينوس ‪ ،‬وفي رد هذا األخير عليه‪ ،‬أما فوروم قالمة‬
‫) فتمت االشارة إليها من خالل نقيشة ترجع للقرن الرابع الميالدي‪ ،‬في حين نجد نقيشة أخرى ترجع‬ ‫(‬
‫)‬ ‫)‪ ،‬ونقيشة تذكر فوروم سور الغزالن (‬ ‫للقرن األول الميالدي تتحدث عن فوروم سكيكدة (‬
‫‪20‬‬
‫الواقعة جنوب شرق خنشلة فتم التعرف‬ ‫)‪ ،‬أما فوروم هنشير القُصات‬ ‫وأخرى تشير لفوروم بجاية (‬
‫على فورومها من خالل نقيشة ترجع لفترة متأخرة ‪.‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫تعتبر الساحات العمومية معلماً من المعالم التاريخية واألثرية‪ ،‬التي تشهد على حقبة تاريخية ثرية‬
‫ومميزة ‪ ،‬تشير إلى تعايش األجناس واأل ثنيات رغم اختالف أصولها‪ ،‬وتدل على حسن استغالل مساحة المدينة‬
‫والتنويع في معالمها المدنية والحضارية‪ ،‬من خالل اختيار مركزها للفوروم‪ ،‬ومهما اختلفت مساحتها من مدينة‬
‫الى أخرى وسواء أطل موقعها على البحر‪ ،‬أو كانت بمكان مرتفع في المدينة أو منخفض‪ ،‬فإنما أنشئت بغرض‬
‫ت يسير مهمة اللقاء وتبادل األحاديث ومختلف االهتمامات لجماعة المواطنين‪ ،‬وحتى تساهم في تسهيل مهمة‬
‫انخراط الفرد في المجتمع‪.‬‬

‫‪-----------------------------------------------------‬‬
‫‪18. CIL VIII , 7046 ; 7013‬‬
‫‪19 .Saint Augustin , Lettres , XVI – XVII‬‬
‫‪20 .Calama : CIL VIII , 5178 = 17268 ; Rusicade : CIL VIII , 7986 ; Auzia : CIL VIII 9067 ; Saldae : CIL VIII ,‬‬
‫‪8935 ; Henchir Gouçat , CIL VIII , 10704 ; Gsell(S) , op.cit , p 129 n ° 4‬‬
‫‪112‬‬ ‫يونيو ‪2019‬‬
‫اجمللة العلمية للدراسات التارخيية واحلضارية‬

‫العدد الثالث ‪2019 /‬م‬

‫المالحق‪:‬‬

‫‪113‬‬ ‫يونيو ‪2019‬‬


‫اجمللة العلمية للدراسات التارخيية واحلضارية‬

‫العدد الثالث ‪2019 /‬م‬

‫‪114‬‬ ‫يونيو ‪2019‬‬


‫اجمللة العلمية للدراسات التارخيية واحلضارية‬

‫العدد الثالث ‪2019 /‬م‬

‫‪115‬‬ ‫يونيو ‪2019‬‬


‫اجمللة العلمية للدراسات التارخيية واحلضارية‬

‫العدد الثالث ‪2019 /‬م‬

‫‪116‬‬ ‫يونيو ‪2019‬‬


‫اجمللة العلمية للدراسات التارخيية واحلضارية‬

‫العدد الثالث ‪2019 /‬م‬

‫‪117‬‬ ‫يونيو ‪2019‬‬

You might also like