You are on page 1of 30

47

‫حماية للهوية الإن�سانية‬


‫حماية التراث الثقافي لل�شعوب‬
2010/2009 VHj`a Km¨fnN<hm ËfHsgh vv`¨gh Ëdfgg ]wwol ndy nlpN<h Fdgwgg ]dgmvgh ]k[ggh Ku nmIa ]eBe G; nvwj
‫تراث اإلنسانية ته ّدده الحروب‬

‫النزاعات والنزوح وفقدان األقارب‪.‬‬ ‫القرن الثالث عشر قبل الميالد‪ ،‬رست سفن‬ ‫في‬
‫وإذ تبقى أولوية القانون الدولي اإلنساني‬ ‫رمسيس الثاني‪ ،‬فرعون مصر‪ ،‬على شواطئ‬
‫واتفاقياته هي حماية السكان المدنيين من آثار‬ ‫لبنان لينقش على صخور ضفاف نهر الكلب‬
‫هذه النزاعات وتجنيبهم ويالت الحرب‪ ،‬إال أن‬ ‫أولى اللوحات التي تؤرخ للحضارات التي توالت‬
‫واحدا من أهدافهم أيضا هو حماية ممتلكات‬ ‫على ذلك البلد الصغير‪.‬‬
‫هؤالء المدنيين بما في ذلك حماية إرثهم الثقافي‬ ‫وبعد الفراعنة جاء اآلشوريون والبابليون‬
‫وتاريخهم اللذين يشكالن هويتهم‪.‬‬ ‫واإلغريق والرومان والعرب والفرنسيون‬
‫ومن هنا يضيء ملف هذا العدد من "اإلنساني"‬ ‫والبريطانيون‪ ،‬فتركوا بدورهم نقوشا تؤرخ‬
‫على أهمية حماية التراث الثقافي لشعوب منطقة‬ ‫لوصولهم وتعلن بداية حكمهم للمنطقة‪.‬‬
‫الشرق األوسط وشمال أفريقيا من خالل مقاالت‬ ‫تركت هذه الحضارات إرثا تاريخيا يعتبر‬
‫لخبراء قانونيين ومقابالت معهم ومع آثاريين‬ ‫بعضه اليوم جزءا من التراث العالمي كأهرامات‬
‫ومسؤولين يعرضون للتحديات التي تواجه هذه‬ ‫مصر وآثار البتراء في األردن وقرطاج في تونس‬
‫القضية في منطقتنا‪ .‬كما يشمل هذا العدد عرضا‬ ‫وعرش ملكة سبأ في اليمن‪ ...‬إلخ‪ ،‬مما جعل‬
‫لبعض المالمح التاريخية والتراثية وارتباطها‬ ‫منطقتنا من األكثر ثراء في العالم من ناحية‬
‫بتاريخ البشرية وما وقع عليها من ضرر نتيجة‬ ‫الممتلكات الثقافية والتاريخية وحولها إلى قبلة‬
‫النزاعات‪.‬‬ ‫لألنظار يأتي إليها السياح من شتى أنحاء العالم‬
‫إلى ذلك تحوي المجلة مواضيع متنوعة أخرى‬ ‫لينبهروا بمعالمها التي تضم جزءا ال يستهان به‬
‫منها تقرير أصدرته اللجنة الدولية بمناسبة‬ ‫من عجائب الدنيا السبع‪.‬‬
‫مرور سنة على الحرب في غزة وتسلط الضوء‬ ‫وفي حين تصدح المنطقة بعبق التاريخ‬
‫على تجارب إنسانية في بعض دول المنطقة‪.‬‬ ‫والحضارات فهي أيضا‪ ،‬لألسف‪ ،‬تعاني من‬
‫كونها نقطة ساخنة في العالم تعرض فيها‬
‫«اإلنساني»‬ ‫المدنيون ومازالوا إلى تجارب قاسية في‬

‫الكاريكاتور‪ :‬نبيل‬

‫‪1863‬‬
‫السلمي‪ [ )1987-1941( ،‬مصر ]‬

‫‪csc.cai@icrc.org‬‬
‫‪www.icrc.org/ara |Äkmnj;gN‬‬
‫‪> h Ërmlgh‬‬

‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬
‫‪2010/2009‬‬
‫‪0 3‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫‪47‬‬
‫في سبتمبر‪/‬أيلول من العام ‪ 2003‬استعاد‬
‫العراق "قناع الوركاء" المعروف باسم‬
‫"موناليزا بالد ما بين النهرين"‪ ،‬أحد‬

‫غزة‪:‬‬
‫أهم القطع األثرية السومرية والذي‬
‫يعود تاريخه لخمسة آالف سنة‬

‫�آفاق العي�ش الكريم ال تزال م�سدودة‬


‫مضت بعد أن كان قد فقد‬
‫خالل عمليات نهب المتحف‪.‬‬

‫‪VHja‬‬

‫‪REUTERS‬‬
‫‪09‬‬
‫‪20‬‬
‫‪10/‬‬
‫‪20‬‬
‫‪05‬‬ ‫غزة‪ :‬آفاق العيش الكريم ال تزال مسدودة ‪.............................................................‬‬
‫‪09‬‬ ‫الملف‪ :‬حماية التراث الثقافي للشعوب‪ ..‬حماية للهوية اإلنسانية‬
‫بعد مرور قرابة‬ ‫‪10‬‬ ‫تدمير األعيان الثقافية أو احتالل التاريخ ‪ ..........................................‬د‪ .‬حسن جوني‬
‫سنة على العملية‬ ‫‪13‬‬ ‫"الحماية المعززة" للممتلكات الثقافية في فترات النزاع المسلح د‪ .‬محمد سامح عمرو‬
‫العسكرية المدمرة‬ ‫‪16‬‬ ‫شريف عتلم‪ :‬الدول العربية تحتاج لتشريعات وطنية تحمي تراثها حاورته‪ :‬زينب غصن‬
‫التي بدأت في قطاع‬ ‫د‪ .‬بهنام أبو الصوف‪ :‬ما حدث في المتحف العراقي جريمة إنسانية وتاريخية‬
‫‪19‬‬ ‫حاورته‪ :‬فردوس العبادي‬
‫غزة في ‪27‬‬
‫‪23‬‬ ‫سمر القاضي‬ ‫لبنان‪ :‬توقيع المعاهدات وحده ال يكفي لحماية تراث اإلنسانية‬
‫ديسمبر‪/‬كانون‬
‫حال آثار العراق بعيون صحافي من أهل البلد ‪ .....................................‬عامر الكبيسي‬
‫األول ‪2008‬‬ ‫‪26‬‬
‫صناعة الصابون في نابلس ‪ ...........................................‬مسعدة سيف ورماح الكيالني‬
‫واستغرقت ثالثة‬ ‫‪28‬‬
‫التراث المعماري اليمني سفر إلى عمق التاريخ ‪ ...............................‬عبد العزيز عوضه‬
‫أسابيع‪ ،‬ال تزال‬ ‫‪30‬‬
‫‪34‬‬ ‫هدية يوسف في العيد‪ ..‬أحضان أمه ‪ ..........................................‬صالح دباكة‬
‫غالبية سكان القطاع‬
‫‪36‬‬ ‫السودان‪ :‬صراع مرير بين األخضر والكثبان ‪ ........................................‬فتيحة الشرع‬
‫البالغ عددهم مليونا‬
‫‪39‬‬ ‫التصحر ظاهرة تهدد العالم ‪.................................................................................‬‬
‫ونصف المليون نسمة‬
‫‪40‬‬ ‫الصومال‪ :‬إمكانات زراعية هائلة يحد من استغاللها الجفاف وويالت النزاع‬
‫يكافحون من أجل‬
‫‪42‬‬ ‫عشر سنوات على االتفاقية الدولية لحظر األلغام ‪........................‬د‪ .‬محمد أمين الميداني‬
‫إعادة بناء حياتهم‬
‫‪44‬‬ ‫بيتر هيربي‪ :‬الضحايا أق ّل لكن المساعدات غير كافية ‪.............................................‬‬
‫واقتصادهم‪.‬‬
‫‪46‬‬ ‫عن نجم الدين الذي رفض الشفقة ‪........................................................................‬‬
‫‪48‬‬ ‫استكشاف القانون الدولي اإلنساني بيد الحكومات‪ :‬وزير التربية األردني يشرح رؤيته‬
‫‪50‬‬ ‫الشعائر الدينية تحافظ على الروابط األسرية ‪ ........................................‬ناديا دبسي‬

‫‪52‬‬ ‫بال رتوش‪ :‬النمور في اليوم العاشر ‪ .......................................................‬زكريا تامر‬


‫‪54‬‬ ‫شعر‪ :‬قصيدة ‪ ...............................................................................‬أبو القاسم الشابي‬
‫‪55‬‬ ‫أركان العالم ‪........................................................................................................‬‬
‫‪58‬‬ ‫إصدارات ‪...........................................................................................................‬‬
‫‪REUTERS‬‬

‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬ ‫‪0 4‬‬ ‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬


‫‪2010/2009‬‬
‫‪0 5‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫فيمكنك جبرها بطبيعة الحال‪ ،‬ولكن إذا‬ ‫التقليص من مساحة منطقة الصيد‪.‬‬ ‫لتحاول ترميمها اتقا ًء للبرد والمطر‪ .‬وهناك‬
‫كنت تعاني من فشل كلوي‪ ،‬على سبيل‬ ‫ويواجه الصيادون خطر إطالق النار عليهم‬ ‫ُ‬ ‫عدد قليل من العائالت ما تزال تعيش في‬
‫المثال‪ ،‬فإنك ستواجه دائ ًما احتماالت عدم‬ ‫من البحرية اإلسرائيلية‪ .‬وقد سقط العديد من‬ ‫الخيام‪.‬‬
‫االنتظام في غسيل الكلى بسبب نقص‬ ‫الضحايا منذ بداية هذه السنة‪ ،‬وصادرت‬ ‫وتظل مواد البناء غير متوافرة وإن توافرت‬
‫األدوية أو غيرها من اإلمدادات الضرورية‬ ‫إسرائيل عام ‪ 2009‬نحو ‪ 20‬قار ًبا وكذلك‬ ‫فهي تباع بأثمان باهظة‪ ،‬وتلك التي تصل إلى‬
‫أو يمكن أن تكون اآلالت معطوبة وعليك‬ ‫محركات ومعدات للصيد‪.‬‬ ‫قطاع غزة مهربة في معظمها وتباع بأسعار‬
‫أن تنتظر إصالحها ألن من الصعب ج ًدا‬ ‫أيضا السالمة مصدر قلق كبير‬ ‫وتشكل ً‬ ‫مرتفعة ج ًدا‪ .‬وعلى الرغم من أن سعر‬
‫الحصول على قطع الغيار في غزة‪ .‬بينما‬ ‫بالنسبة إلى المزارعين الذين يملكون أراضي‬ ‫انخفاضا طفيفًا في األشهر‬
‫ً‬ ‫اإلسمنت شهد‬
‫عدم تلقي عالج غسيل الكلى قد تكون له‬ ‫تقع بالقرب من السياج الذي يفصل غزة عن‬ ‫األخيرة‪ ،‬ال يزال الحصول عليه مستحيلاً‬
‫آثار خطيرة على المريض"‪.‬‬ ‫إسرائيل‪ .‬ويمكن لبعض المزارعين أن يعملوا‬ ‫بالنسبة إلى العديد من الناس‪ .‬أما الفوالذ‬
‫وتضيف آزغيرسدوتير قائلة "وإذا كنت‬ ‫مترا من السياج‪،‬‬
‫بحرية داخل مسافة ‪ً 350‬‬ ‫والزجاج فال وجود لهما بكل بساطة‪.‬‬
‫تعاني من مرض السرطان فليس هناك ما‬ ‫بينما يتعرض اآلخرون لخطر إطالق النار‬ ‫ويقول سعيد أبو شرخ‪ ،‬وهو فلسطيني‬
‫يضمن لك تلقي العالج العاجل الذي‬ ‫عليهم في حال اقترابهم إلى مسافة ‪1200‬‬ ‫يعيش في مدينة غزة‪" :‬ستة وعشرون منزال‬
‫تحتاجه‪ ،‬حيث ال تملك المستشفيات في‬ ‫متر‪ .‬وال يمكنهم في بعض المناطق‪ ،‬مثلما هو‬ ‫في الحي‪ ،‬بما فيها منزلي‪ ،‬دمرت بالكامل‬
‫بعض األحيان جميع األدوية الالزمة‬ ‫الحال شرق بلدة جباليا‪ ،‬الوصول إلى‬ ‫خالل قصف العام الماضي‪ ،‬وأقل ما‬
‫للعالج الكيميائي‪ .‬أما بالنسبة للعالج‬ ‫مزارعهم على اإلطالق‪.‬‬ ‫أستطيع قوله أنني شعرت بصدمة عندما‬
‫اإلشعاعي فعليك مغادرة غزة والذهاب إلى‬ ‫ونظرا إلى أنه ال يسمح للمزارعين بتصدير‬‫ً‬ ‫وجدت بيتنا مدم ًرا وجميع مالبسنا‬
‫أحد المستشفيات المتخصصة في إسرائيل‬ ‫منتجاتهم عبر إسرائيل‪ ،‬فإن حصادهم يباع‬ ‫وأثاثنا تالفة‪ .‬أنا وزوجتي فقيرا الحال‪،‬‬
‫أو القدس الشرقية‪ .‬ثم إن الحصول على‬ ‫محليًا‪ ،‬وال يوفر لهم ذلك إال دخلاً قليال‪ .‬ومن‬ ‫ولدينا سبعة أطفال يحتاجون إلى‬
‫تصريح للخروج في كل مرة تحتاج فيها‬ ‫المرجح‪ ،‬بما أن نقاط العبور إلى إسرائيل ال‬ ‫الرعاية‪ ،‬وليس بوسعنا أن نبني سوى‬
‫للعالج أمر طويل ومعقد‪ ،‬ويشمل سلطات‬ ‫تزال مغلقة أن تشهد الزراعة مزيدا من‬ ‫غرفة واحدة‪ ،‬وال نملك من المال ما يكفي‬
‫حماس واإلسرائيليين ومسؤولي الصحة‬ ‫التدهور‪ .‬وقد بات الكثير من المزارعين‬ ‫لبناء حتى سقف مناسب أو شراء زجاج‬
‫في السلطة الفلسطينية في الضفة‬ ‫يعتمدون حاليًا على أفراد أسرهم فقط للعمل‬ ‫النوافذ‪ .‬أطفالي يسألونني لماذا يتسرب‬
‫الغربية‪ .‬ومن الصعب ج ًدا تح ّمل هذه‬ ‫في الحقول سعيًا منهم لخفض التكاليف‪ ،‬مما‬ ‫الماء من السقف عندما ينزل المطر‪ .‬لقد‬
‫اإلجراءات الطويلة والسفر إلى مستشفيات‬ ‫يؤدي إلى فقدان آخرين لعملهم‪.‬‬ ‫شق عليهم فعلاً تدمير منزلنا‪ .‬كنت أكسب‬
‫بعيدة عندما تكون مصا ًبا بمرض خطير"‪.‬‬ ‫لقمة عيشي من تصليح المعدات‬
‫ومما يزيد من تفاقم الوضع الراهن توقف‬ ‫غياب الرعاية الصحية المالئمة‬ ‫ً‬
‫اإللكترونية‪ ،‬ولكن الدمار لحق أيضا‬
‫التعاون بين السلطات الفلسطينية في رام اهلل‬ ‫تضطر المرافق الطبية في كثير من األحيان‬ ‫ورشة عملي الصغيرة‪ .‬نحن اآلن نعيش‬
‫وغزة‪ .‬وتتأخر واردات قطع غيار المعدات‬ ‫في غزة إلى العمل في ظروف دون المستوى‬ ‫بفضل مساعدة وكاالت اإلغاثة‪ .‬هذه هي‬
‫الطبية من إسرائيل كثيرا إلى درجة أنه يتعين‬ ‫المطلوب‪ .‬وهي ال تواجه مشاكل إمدادات‬ ‫المعاناة الحقيقية‪ :‬أال يكون لديك عمل وال‬

‫‪REUTERS‬‬
‫البحث أحيانًا عن سبل أخرى إلصالح‬ ‫أيضا‬
‫المياه والصرف الصحي فحسب وإنما ً‬ ‫منزل يؤويك"‪.‬‬
‫المعدات الالزمة‪ .‬وقد أرسلت اللجنة الدولية‬ ‫مشاكل انقطاع إمدادات الطاقة وتقلبها مما‬ ‫وتشكو معظم العائالت في غزة من البطالة‬ ‫بعد أكثر من عام على الحرب‪ ،‬مازال بعض الغزاويين الذين دمرت منازلهم يعيشون في خيم‬
‫على سبيل المثال قطع غيار تالفة من أجهزة‬ ‫يؤدي إلى إلحاق ضرر بالمعدات التي يتعذر‬ ‫والفقر‪ .‬ورغم أن المواد الغذائية متاحة في‬
‫الغسيل الكلوي ألوروبا إلصالحها‪ ،‬ومن‬ ‫في الغالب إصالحها بعد تعطلها‪.‬‬ ‫األسواق والمحالت‪ ،‬فإن العديد من العائالت‬ ‫الدولي اإلنساني الحفاظ على ظروف تم ّكن‬ ‫المانحة في مارس‪/‬آذار ‪ 2009‬لمساعدة‬ ‫اإلغالق الصارم المفروض على‬ ‫يترك‬
‫المرجح أن يستغرق إصالح هذه القطع سنة‬ ‫وال تزال األدوية األساسية واإلمدادات‬ ‫ال تقدر على الحصول على وجبات مغذية‪.‬‬ ‫السكان من العيش حياة طبيعية بقدر‬ ‫االقتصاد الفلسطيني وإعادة بناء قطاع غزة‬ ‫آثارا خطيرة على الحياة اليومية‬
‫قطاع غزة ً‬

‫غزة‪ :‬آفاق العيش الكريم ال تزال مسدودة‬


‫بكاملها على األقل‪.‬‬ ‫الطبية محدودة أو غير متوافرة أصلاً ‪ .‬وبلغ‬ ‫وكثيرا ما تضطر المخابز للتوقف عن العمل‬ ‫ً‬ ‫اإلمكان‪ .‬ومع أن اللجنة الدولية تدرك تمام‬ ‫متاحا‪ .‬وفي شهر يونيو‪/‬حزيران‪،‬‬ ‫ً‬ ‫قد أصبح‬ ‫لمعظم الناس‪ ،‬ويعرقل الجهود الرامية إلى‬
‫وقد استغرق وصول قطع غيار سيارات‬ ‫عدد األدوية غير المتاحة في أواخر نوفمبر‪/‬‬ ‫لنقص الوقود الذي تحتاجه‪.‬‬ ‫اإلدراك حق إسرائيل في التصدي لشواغلها‬ ‫دعت اللجنة الدولية مرة أخرى الدول‬ ‫إعادة اإلعمار‪ .‬وقد لحق الدمار بسبل عيش‬
‫اإلسعاف ثمانية أشهر‪ .‬وكانت اللجنة الدولية‬ ‫تشرين الثاني ‪ 75 ،2009‬من أصل ‪460‬‬ ‫ويعتبر الصيادون من أشد المتضررين من‬ ‫األمنية المشروعة فهي ترى ضرورة موازنة‬ ‫والسلطات السياسية والمجموعات المسلحة‬ ‫الصيادين والمزارعين‪ ،‬وتفشت ظاهرة‬
‫قد حاولت خالل السنة الماضية دون جدوى‬ ‫دواء تعتبر أساسية‪ ،‬مثل المضادات الحيوية‬ ‫القيود المفروضة على الحركة‪ .‬وقد انخفض‬ ‫هذا الحق مع حق الفلسطينيين في العيش‬ ‫المنظمة المعنية إلى القيام باإلجراءات الالزمة‬ ‫البطالة والفقر‪ ،‬وأصبح توافر الرعاية الطبية‬
‫استيراد معدات السلكية لسيارات اإلسعاف‬ ‫لعالج التهابات الرئة‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬لم‬ ‫صيدهم خالل األشهر التسعة األولى من عام‬ ‫حياة طبيعية وكريمة‪.‬‬ ‫إلعادة فتح قطاع غزة‪ ،‬وحفظ حياة سكانها‬ ‫غير كاف‪ ،‬وانهارت خدمات المياه والصرف‬
‫لتمكينها من إجراء اتصاالت في ما بينها ومع‬ ‫يكن المخزون يحتوي على أكثر من ‪ 100‬نوع‬ ‫‪ 2009‬بنسبة ‪ 63‬في المائة مقارنة بما كان‬ ‫وال يزال الفلسطينيون في قطاع غزة‬ ‫المدنيين وصون كرامتهم‪ ،‬إال أن أية إجراءات‬ ‫الصحي‪.‬‬
‫غرف الطوارئ في المستشفيات‪ .‬وال يمكن‬ ‫من أصل ‪ 780‬من المستلزمات التي تطرح‬ ‫عليه خالل الفترة نفسها في عام ‪ 2008‬بعد‬ ‫ً‬
‫باهظا جراء تواصل األعمال‬ ‫يدفعون الثمن‬ ‫هامة لم تتخذ حتى اآلن‪ .‬ويدل اإلخفاق في‬ ‫ويقول رئيس بعثة اللجنة الدولية في‬
‫لخدمة سيارات اإلسعاف في قطاع غزة أن‬ ‫بعد االستعمال والتي يفترض توافرها‪ ،‬مما‬ ‫قرار إسرائيل في الشتاء الماضي بتقليص‬ ‫العدائية بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية‬ ‫االستجابة لنداءات اللجنة الدولية المتكررة‬ ‫إسرائيل واألراضي المحتلة "بيير فيتاش"‪:‬‬
‫تعمل بشكل سليم دون أن تكون مزودة بهذا‬ ‫اضطر الطاقم الطبي في قسم الوالدة إلى‬ ‫المساحة المخصصة لصيد األسماك من ستة‬ ‫واالشتباكات التي تحدث بين الفلسطينيين‪.‬‬ ‫بإنهاء عزلة غزة على غياب اإلرادة السياسية‬ ‫"لم يشهد الوضع العام منذ نهاية الحرب‬
‫النوع من المعدات الالسلكية‪.‬‬ ‫إعادة استخدام المواد التي ال تستخدم في‬ ‫إلى ثالثة أميال بحرية من ساحل غزة‪ ،‬مع‬ ‫التي ستسمح بإعادة اإلعمار‪.‬‬ ‫في غزة أي تحسن تقري ًبا‪ ،‬ومرد ذلك‬
‫وال يزال من الصعب ج ًدا توفير دورات‬ ‫األصل إال مرة واحدة مثل أنابيب التنفس‬ ‫العلم أن األسماك الكبيرة والسردين‪ ،‬التي‬ ‫تدمير سبل كسب العيش‬ ‫وتدعو اللجنة الدولية مرة أخرى إلى رفع‬ ‫أساسا اإلغالق الصارم الذي يحول دون‬ ‫ً‬
‫تدريبية ألفراد الخدمات الطبية بسبب‬ ‫الصناعي‪ ،‬األمر الذي يمكن أن يؤدي إلى‬ ‫كانت تمثل حوالي ‪ 70‬في المائة من الثروة‬ ‫ال تزال عملية إعادة اإلعمار على نطاق‬ ‫القيود المفروضة على حركة الناس‬ ‫االضطالع بإعادة اإلعمار‪ ،‬ولذلك يشعر‬
‫اإلغالق‪ .‬وال يسمح إال لعدد قليل من العاملين‬ ‫إصابات مميتة‪.‬‬ ‫السمكية قبل قرار تقليص منطقة الصيد‪،‬‬ ‫أمرا مستحيلاً اليوم بسبب اإلغالق‪.‬‬
‫واسع ً‬ ‫فورا‪ ،‬ألن من غير الممكن تحقيق‬ ‫والبضائع ً‬ ‫العديد من سكان غزة باليأس ذلك أنهم ال‬
‫في المجال الطبي بالخروج من غزة‬ ‫وتقول المسؤولة عن تنفيذ مشروع‬ ‫تتواجد على مسافة أبعد من ثالثة أميال‬ ‫وتعيش كثير من العائالت التي دمرت‬ ‫انتعاش اقتصادي مستدام ما لم تتخذ أطراف‬ ‫يرون أملاً في العيش حياة كريمة في‬
‫لالستفادة من هذه الدورات‪ ،‬وال يؤذن إال‬ ‫المستشفيات في اللجنة الدولية والتي تعمل‬ ‫بحرية‪ .‬ووفقًا لنقابة الصيادين في غزة‪،‬‬ ‫مساكنها بالكامل أو جزئيًا في شقق‬ ‫النزاع خطوات سياسية جريئة صوب عملية‬ ‫المستقبل القريب"‪.‬‬
‫لقلة من المتخصصين أو غيرهم من الخبراء‬ ‫في غزة‪" ،‬بالينا آسا آزغيرسدوتير"‪" :‬إذا‬ ‫انخفض متوسط الراتب الشهري ألعضائها‬ ‫مستأجرة أو مع األقارب‪ .‬وقد عادت بعض‬ ‫السالم‪.‬‬ ‫وال دالئل تشير إلى أن مبلغ ‪ 4.5‬مليار‬
‫القادرين على تقديم دورات تدريبية بالدخول‬ ‫كنت تعيش في غزة وكُسرت ذراعك‪،‬‬ ‫إلى أقل من النصف مما كان عليه قبل‬ ‫العائالت إلى منازلها التي دمرت جزئيًا‬ ‫ويتوجب على إسرائيل بموجب القانون‬ ‫دوالر أميركي الذي تعهدت بدفعه البلدان‬

‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬ ‫‪0 6‬‬ ‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬


‫‪2010/2009‬‬
‫‪0 7‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫اعتداء على هذا التراث‬
‫العالمي جريمة حرب يمكن‬
‫المنطقة العربية في‬ ‫تقع‬
‫قلب العالم القديم الذي شكل‬
‫معاقبة مرتكبيها أيا كانوا‬ ‫مهدا للحضارات على مر‬
‫وفي أي مكان في العالم‪.‬‬ ‫العصور‪ ،‬غير أنها كانت‪ ،‬وال‬
‫وال يقتصر التراث الثقافي‬ ‫تزال‪ ،‬أرضا خصبة‬
‫اإلنساني على المباني التي‬ ‫للصراعات والحروب‪.‬‬
‫لها قيمة دينية أو أثرية أو‬ ‫وبالتالي تتزايد أهمية حماية‬
‫تاريخية وإنما أيضا على ما‬ ‫المدنيين فيها أثناء النزاعات‬
‫تحتويه من منقوالت سواء‬ ‫المسلحة كما حماية التراث‬
‫أكانت آثارا أو وثائق أو‬ ‫الثقافي لهذه الدول‪ ،‬كإحدى‬
‫مؤلفات أو تراث تثبت قيمته‬ ‫أهم الوسائل للحفاظ على‬
‫التاريخية والثقافية في‬
‫حماية التراث الثقافي لل�شعوب‬
‫هوية شعوبها‪ ،‬وما تحتضنه‬
‫المحيط الموجود فيه‪.‬‬ ‫من تاريخ اإلنسانية‪.‬‬
‫ومع ذلك تشهد المنطقة‬
‫العربية العديد من االنتهاكات‬ ‫حماية للهوية الإن�شانية‬ ‫إذ تعتبر الممتلكات‬
‫واألعيان الثقافية للدول تراثا‬
‫التي تهدد هذا التراث‪ ،‬كما أن‬ ‫مشتركا وملكا لﻺنسانية‬
‫دوال عدة منها لم تتخذ‬ ‫جمعاء‪ ،‬لذا فإن حمايتها في‬
‫اإلجراءات الالزمة لتأمين الحماية له‪ ،‬إن من خالل التصديق على‬ ‫زمني الحرب والسلم شكلت تاريخيا إحدى مسؤوليات المجتمع‬
‫االتفاقيات الدولية التي تحميها أو من خالل وضع تشريعات‬ ‫الدولي الذي وضع تشريعات لذلك لعل أهمها ما جاء في اتفاقية‬
‫وطنية لذلك‪.‬‬ ‫العام ‪ 1954‬والبروتوكوالت التي تبعتها‪ .‬فقد أخرجت هذه‬
‫يحاول هذا الملف أن يسلط الضوء على بعض التحديات التي‬ ‫االتفاقية األعيان الثقافية من مظلة الحماية العامة لألعيان‬
‫مازالت تواجه حماية‬ ‫المدنية في زمن‬
‫تراث اإلنسانية في‬ ‫الحرب بحسب‬

‫‪REUTERS‬‬
‫المنطقة العربية كما‬ ‫القانون الدولي‬
‫على بعض التجارب‬ ‫اإلنساني‪ ،‬لتؤسس‬ ‫تأثر الصيادون كثيرا بالحصار على غزة وبعضهم فقد مصدر رزقه‪.‬‬
‫المضيئة في هذا‬ ‫لوضع خاص بها‬
‫المجال<‬ ‫وصوال إلى اعتبار أي‬ ‫ومن الضروري اتخاذ تدابير عاجلة‪ ،‬مثل‬ ‫"ال ُيسمح لنا حتى اآلن بجلب معظم‬ ‫إليها‪ .‬وعلى الرغم من أنه أمكن في بعض‬
‫بناء محطات لتحلية المياه وتحسين شبكات‬ ‫المواد الالزمة لصيانة البنية التحتية‬ ‫المستشفيات إقامة وصالت فيديوية مع‬

‫غزة‪ :‬آفاق العيش الكريم ال تزال مسدودة‬


‫الصرف الصحي لحل هذه المشكلة غير أن‬ ‫للمياه والصرف الصحي‪ ،‬وحتى إذا‬ ‫مؤسسات للتدريب في بلدان مثل مصر‪،‬‬
‫ذلك يتطلب استيراد كميات ضخمة من‬ ‫أردنا القيام ببعض اإلصالحات‬ ‫فقد بقيت الحاجة إلى التدريب المتخصص‬
‫مواد البناء‪.‬‬ ‫الصغيرة فعلينا أن نكافح إليجاد بدائل‬ ‫غير ملباة‪.‬‬
‫ومن شأن التحسينات التي يعتزم‬ ‫أخرى‪ :‬إما مواد يمكن شراؤها محل ًيا أو‬
‫إدخالها على محطات معالجة مياه الصرف‬ ‫مواد تح ّول ليعاد استخدامها‪ .‬ومن‬ ‫انهيار البنية التحتية للمياه‬
‫الصحي في رفح وخان يونس أن تساعد‬ ‫المحزن ح ًقا أال نرى أي تحسن على‬ ‫والصرف الصحي‬
‫حددت المادة ‪ 16‬من اتفاقية‬
‫الهاي لعام ‪ 1954‬شعا ًرا‬ ‫على التخفيف إلى حد ما من هذا الضغط‬ ‫أرض الواقع"‪.‬‬ ‫البنية التحتية الرئيسية في قطاع غزة‬
‫خاصا ممي ًزا يجب وضعه‬‫ً‬ ‫الشديد‪ .‬وسيكون من الممكن عما قريب‬ ‫وتعاني طبقة المياه الجوفية الرئيسية‬ ‫مهدمة ويعيش الناس تحت وطأة تهديد‬
‫أثناء النزاع المسلح وهو‬ ‫ترشيح مياه الصرف المعا َلجة في‬ ‫في غزة من خطر كبير جراء اإلفراط في‬ ‫مستمر من انهيار خدمات المياه والصرف‬
‫عبارة عن درع مدبب من‬ ‫المحطتين داخل الطبقة الجوفية من خالل‬ ‫الضخ الذي يزيد من مستوى ملوحة‬ ‫الصحي والكهرباء‪.‬‬
‫أسفل مكون من قطاعات‬
‫منفصلة ذات لون أزرق‬ ‫أحواض تسلل جديدة بدال من تصريف‬ ‫المياه‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬يؤدي انعدام‬ ‫ّ‬
‫ويشل اإلغالق إمكانيات القيام بأي بناء‬
‫وأبيض‪ .‬وهذا الدرع مكون‬ ‫النفايات غير المعالجة في البحر مباشرة‪.‬‬ ‫مرافق الصرف الصحي المناسبة وبعض‬ ‫جديد‪ ،‬إذ لم يسمح عام ‪ 2009‬بدخول أي‬
‫من مربع أزرق اللون يحتل‬ ‫وعلى الرغم من االنقطاع اليومي للتيار‬ ‫الممارسات الزراعية إلى تلويث المياه‬ ‫مواد بناء عبر نقاط العبور من إسرائيل‪ ،‬ما‬
‫إحدى زواياه القسم المدبب‬ ‫الكهربائي الذي قد يستمر لثماني ساعات‪،‬‬ ‫الجوفية‪ ،‬مما يفضي إلى وجود مستويات‬ ‫عدا بعض االستثناءات القليلة‪ ،‬مثل أنابيب‬
‫األسفل ويقع فوق هذا‬
‫المربع مثلث أزرق اللون‪،‬‬ ‫فإن إمدادات الكهرباء هي اآلن أفضل حاال‬ ‫عالية من النترات والملح في مياه الشرب‪.‬‬ ‫المياه التي استوردها القطاع الخاص‪.‬‬
‫وكالهما يحدد مثل ًثا أبيض‬ ‫مما كانت عليه في وقت سابق من هذا‬ ‫أما وفيرو الحال فيشترون مياه الشرب من‬ ‫ويقول منسق اللجنة الدولية في مجال‬
‫‪ICRC‬‬

‫من كل جانب‪.‬‬ ‫العام<‬ ‫شركات توريد المياه المحالة‪.‬‬ ‫المياه والصرف الصحي خافيير كوردوبا‪:‬‬

‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬ ‫‪0 8‬‬ ‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬


‫‪2010/2009‬‬
‫‪0 9‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫هدف حربي هام؛ وأن ال تستعمل هذه الممتلكات‬ ‫تعرضت له هذه اآلثار‪.‬‬
‫ألغراض عسكرية؛ وأن يتم تسجيل الممتلك في‬ ‫أمام هذا الواقع فإن عددا من األسئلة تطرح‬
‫السجل الدولي للممتلكات الثقافية تحت نظام‬ ‫نفسها‪ :‬كيف يع ّرف القانون الدولي اإلنساني‬
‫الحماية الخاصة من دون اعتراض أي دولة على‬ ‫األعيان الثقافية؟ وما هي قواعد وأعراف القانون‬
‫ذلك‪ :‬والقبول بجعل الممتلكات الثقافية تحت‬ ‫الدولي التي تحمي هذه األعيان؟ وهل تتمتع كل‬
‫الرقابة الدولية‪.‬‬ ‫هذه األعيان بالحماية نفسها؟ أم أن القانون‬
‫خاصا مميزًا‬
‫ً‬ ‫ا‬ ‫شعار‬
‫ً‬ ‫البروتوكول‬ ‫وقد فرض‬ ‫الدولي يميز في ما بينها؟ ومتى تفقد هذه‬
‫يجب وضعه أثناء النزاع المسلح‪ .‬كما أن‬ ‫األعيان حصانتها؟ ما هي المسؤولية المترتبة‬
‫لوسائل النقل التي تقوم بنقل الممتلكات الثقافية‬ ‫عن االنتهاكات التي تلحق بها؟ وما هو توصيف‬
‫حماية تكاملية وكذلك للموظفين المكلفين بحماية‬ ‫الجرائم التي ترتكب بحق األعيان الثقافية؟‬
‫هذه الممتلكات‪.‬‬
‫من المفيد أن نشير إلى أن االتفاقية الحظت‬ ‫كيف يحمي القانون الدولي اإلنساني‬
‫خاصا يرتكز‬‫ً‬ ‫نظاما‬
‫ً‬ ‫كيفية تطبيقها حيث وضعت‬ ‫هذه الممتلكات؟‬
‫على عدة أسس أهمها‪ :‬نظام الدول الحامية‬ ‫تتمتع األعيان الثقافية بحماية خاصة في‬
‫ومعاونة منظمة األمم المتحدة للتربية والعلوم‬ ‫القانون الدولي اإلنساني أقرتها العديد من‬
‫والثقافة (األونيسكو)‪ ،‬وضرورة إجراء اتفاقيات‬ ‫المعاهدات‪ ،‬لتضاف إلى الحماية الممنوحة لها‬
‫خاصة‪ ،‬ونشر االتفاقية وترجمتها‪ ،‬وتقديم‬ ‫باعتبارها أعيانا مدنية (المادة ‪ 52‬من‬
‫تقرير للمدير العام لمنظمة األمم المتحدة للتربية‬ ‫البروتوكول األول التفاقية جنيف)‪ .‬ومن‬
‫والعلوم والثقافة (األونيسكو) كل أربع سنوات‬ ‫المعاهدات التي حمت هذه األعيان اتفاقية الهاي‬

‫‪AFP‬‬
‫تدمير الأعيان الثقافية‬
‫حول اإلجراءات التي اتخذتها الدولة أو التي‬ ‫لعام ‪1907‬؛ واتفاقية الهاي لعام ‪ 1923‬حول‬
‫تنوي اتخاذها تطبيقًا لالتفاقية‪ .‬ولكن لألسف‪،‬‬
‫من النادر ما تنفذ الدول هذه الفقرة حيث إن‬
‫العتدا‪ A‬على‬ ‫الحرب الجوية؛ و"ميثاق روريخ"(‪Roerich( )1‬‬
‫‪ - )Pact or Pax Cultura‬واشنطن ‪1935‬؛‬
‫الممتلكات الثقافية‬
‫اأو احتالل التاريخ‬
‫‪ %20‬فقط من الدول تلتزم بها‪.‬‬ ‫وميثاق اليونسكو ‪1945‬؛ واتفاقية الهاي لعام‬
‫وعدم تقديم التقارير من بعض الدول‪،‬‬ ‫‪ 1954‬وبروتوكولها األول؛ ومعاهدتا اليونسكو‬
‫وبالنظر للتطورات التي حصلت في العالم‪،‬‬ ‫ل�شع‪ Ö‬هو اعتدا‪ A‬على‬ ‫لعامي ‪ 1970‬و ‪1972‬؛ والبروتوكوالن‬
‫وخصوصا الحروب المدمرة التي طالت األعيان‬ ‫اإلضافيان التفاقيات جنيف األربعة ‪1977‬؛‬
‫ً‬
‫الثقافية ودور العبادة من العراق إلى‬ ‫كل ‪T‬شعوب العالم‬ ‫والنظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية‬ ‫تشكل األعيان الثقافية رم ًزا وهوية وتاريخا للشعوب وتحتل مكانة مهمة‬
‫يوغوسالفيا وفلسطين ولبنان إلخ‪ ،‬تحول دون‬ ‫‪1998‬؛ والبروتوكول الثاني التفاقية الهاي‬
‫معاقبة مرتكبي االعتداءات على هذه الممتلكات‪.‬‬ ‫‪1999‬؛ واإلعالن العالمي لحماية التراث الثقافي‬
‫ليس فقط في الوعي إنما ً‬
‫أيضا في الالوعي عند كل شعب‪ ،‬لذلك فإن أي اعتداء‬
‫كما أن عدم وضوح بعض النقاط في اتفاقية‬ ‫من التدمير المتعمد ‪.2003‬‬ ‫على هذه الممتلكات يعتبر اعتداء على كرامة الشعوب كافة وتاريخها‪.‬‬
‫‪ 1954‬وضعف الحماية أثناء النزاعات المسلحة‬ ‫تشمل حماية الممتلكات الثقافية بموجب‬
‫غير الدولية‪ ،‬كل ذلك وغيرها من األسباب التي‬ ‫المسلحة‪ ،‬وهي‪ :‬الحماية العامة والحماية‬ ‫اتفاقية الهاي ‪ 1954‬وقاية هذه الممتلكات‬ ‫مهدا للحضارات من جهة‪ ،‬وألنها تعاني من جهة‬ ‫"بالممتلكات الثقافية" بحسب‬ ‫يقصد‬
‫أدت إلى توقيع البروتوكول الثاني التفاقية‬ ‫الخاصة والحماية المعززة (انظر مقالة د‪ .‬محمد‬ ‫وخصوصا في‬
‫ً‬ ‫واحترامها‪ .‬فالوقاية ضرورية‬ ‫أخرى‪ ،‬من نزاعات عسكرية مستمرة ومدمرة‬ ‫*‬
‫د‪� .‬سن �وني‬ ‫المادة األولى من اتفاقية ‪ 1954‬تلك الممتلكات‬
‫الهاي في ‪ 26‬مارس‪/‬آذار ‪ 1999‬والذي أقر‬ ‫سامح عمرو صفحة ‪.)13‬‬ ‫فترات السلم حيث ينبغي االستعداد لحماية هذه‬ ‫ذات طابع دولي أو داخلي‪.‬‬ ‫المنقولة أو الثابتة التي تتمتع بحد ذاتها بقيمة‬
‫مبدأ الحماية المعززة على الحماية العامة‬ ‫فالحماية العامة توجب احترام الممتلكات‬ ‫الممتلكات من األضرار التي قد تنجم عن نزاع‬ ‫ففي لبنان تأتي النتائج الدراماتيكية المدمرة‬ ‫شعوب العالم من هنا جاءت ديباجة اتفاقية‬ ‫فنية أو تاريخية أو بطابع أثري‪ ،‬وكذلك المباني‬
‫والحماية الخاصة لألماكن الثقافية‪.‬‬ ‫الثقافية واالمتناع عن أي عمل عدائي ضدها‬ ‫مسلح باتخاذ التدابير المناسبة‪.‬‬ ‫للعمليات العسكرية اإلسرائيلية المتكررة على‬ ‫الهاي لحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع‬ ‫والممتلكات المخصصة بصفة رئيسية وفعلية‬
‫وكذلك تحريم أية سرقة أو نهب أو تبديد لهذه‬ ‫وهنا ال بد لنا أن نشير إلى التجربة اللبنانية‬ ‫وخصوصا في العامين ‪ 1982‬و‪2006‬‬‫ً‬ ‫لبنان‬ ‫المسلح عام ‪ 1954‬لتنص على أن "األضرار‬ ‫لحماية وعرض الممتلكات الثقافية‪ ،‬والمراكز‬
‫حماية األعيان الثقافية تحت االحتالل‬ ‫الممتلكات وعدم االستيالء على الممتلكات‬ ‫في هذا المجال‪ ،‬حيث إنه مع بداية النزاع‬ ‫واحتالل جزء من أراضيه‪ ،‬إضافة إلى الحرب‬ ‫التي تلحق بممتلكات ثقافية يملكها أي شعب‬ ‫التي تحتوي على مجموعة كبيرة من الممتلكات‬
‫خصص القانون الدولي اإلنساني البروتوكول‬ ‫الثقافية المنقولة الكائنة في أراضي أي دولة‪،‬‬ ‫العسكري الداخلي في لبنان في العام ‪1975‬‬ ‫األهلية الداخلية وما نتج عنها من تدمير‪ ،‬لتبرهن‬ ‫كان‪ ،‬تمس التراث الثقافي الذي تملكه اإلنسانية‬ ‫الثقافية وكذلك اآلثار التاريخية واألعمال الفنية‬
‫األول التابع التفاقية الهاي ‪ 1954‬لحماية‬ ‫وكذلك االمتناع عن اتخاذ أي تدابير انتقامية‬ ‫تعرض المتحف الوطني للكثير من االعتداءات‬ ‫كيف أن القانون الدولي اإلنساني لم يكن‬ ‫جامعة‪ ،‬فكل شعب يساهم بنصيبه في الثقافة‬ ‫وأماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي أو‬
‫الممتلكات الثقافية تحت االحتالل‪ ،‬وأهم ما جاء‬ ‫تمس هذه الممتلكات‪ .‬كما تنص على ضرورة‬ ‫الحربية‪ ،‬بحكم موقعه على خط التماس‬ ‫محترما وخصوصاُ القواعد واألعراف التي‬‫ً‬ ‫العالمية‪ ".‬لذلك فإن المحافظة على التراث‬ ‫الروحي للشعوب إضافة إلى الممتلكات الثقافية‬
‫في هذا البروتوكول تعهد دولة االحتالل بـ‪:‬‬ ‫وضع شعار مميز على الممتلكات الثقافية‬ ‫العسكري‪ ،‬مما دفع إدارة المتحف‪ ،‬وبخطوة‬ ‫تحمي األعيان الثقافية والدينية‪ .‬إذ تشير‬ ‫الثقافي مهمة ومسؤولية اإلنسانية جمعاء لما‬ ‫المرتبطة بالمواقع الطبيعية‪.‬‬
‫< منع تصدير الممتلكات الثقافية الموجودة‬ ‫لتسهيل التعرف عليها‪.‬‬ ‫وقائية‪ ،‬إلى استغالل وقف إطالق النار لكي‬ ‫التقديرات بأن أكثر من ‪ 200‬موقع أثري أي ما‬ ‫لهذا التراث الثقافي من فائدة عظمى لجميع‬ ‫وحددت المادة ‪ 53‬من البروتوكول األول‬
‫على األراضي المحتلة‪ ،‬واتخاذ اإلجراءات‬ ‫أما الحماية الخاصة فتحددها المادة ‪ 8‬من‬ ‫تقوم ببعض اإلجراءات لحماية محتويات‬ ‫يوازي ‪ %25‬من األعيان األثرية المسجلة دمرت‬ ‫شعوب العالم ينبغي أن يحظى بحماية دولية‬ ‫التفاقية جنيف لعام ‪ 1977‬والمادة ‪ 16‬من‬
‫الالزمة لمنع التصدير‪.‬‬ ‫اتفاقية الهاي لعام ‪ 1954‬على أنه‪" :‬يجوز أن‬ ‫المتحف من الخطر‪ .‬ومن أهم ما قامت به إدارة‬ ‫وكذلك األمر بالنسبة إلى أماكن العبادة‪.‬‬ ‫كما جاء في ديباجة االتفاقية‪.‬‬ ‫البروتوكول الثاني الممتلكات الثقافية باآلثار‬
‫< حراسة الممتلكات في حال تم نقلها من‬ ‫يوضع تحت الحماية الخاصة عدد محدود من‬ ‫المتحف الوطني هو نقل محتوياته إلى الطوابق‬ ‫أما في العراق‪ ،‬الذي يعتبر ذاكرة العالم حيث‬ ‫وتبرز أهمية خاصة لحماية األعيان الثقافية‬ ‫التاريخية واألعمال الفنية وأماكن العبادة التي‬
‫األراضي المحتلة‪.‬‬ ‫المخابئ المخصصة لحماية الممتلكات الثقافية‬ ‫السفلى للمتحف وشيدت طبقات من الجدران‬ ‫يحتوي على أكثر من نصف مليون موقع أثري‬ ‫في منطقة الشرق األوسط التي تشكل خزانا‬ ‫تشكل التراث الثقافي أو الروحي للشعوب‪ .‬ومن‬
‫< تسليم الممتلكات الثقافية عند انتهاء‬ ‫المنقولة‪ ،‬ومراكز األبنية التذكارية‪ ،‬والممتلكات‬ ‫اإلسمنتية واألكياس الترابية للحماية‪ .‬ومع‬ ‫ومعلم تاريخي وحضاري‪ ،‬فقد تم االعتداء على‬ ‫قيّما لهذه األعيان كونها المنطقة التي انبثقت‬ ‫المالحظ استعمال عبارة "الشعوب" بدال من‬
‫العمليات الحربية‪.‬‬ ‫الثقافية األخرى ذات األهمية الكبرى‪ ".‬إال أن‬ ‫انتهاء الحرب تم إخراج هذه المحفوظات من‬ ‫األعيان الثقافية ودور العبادة بشكل منهجي‬ ‫منها األديان السماوية وشكلت منذ فجر التاريخ‬ ‫"الدول" كون هناك تراث قد يتجاوز حدود البلد‬
‫< عدم جواز احتجاز الممتلكات الثقافية‬ ‫التمتع بالحماية الخاصة ال يتحقق إال بتوفر عدة‬ ‫خلف الجدران وبذلك حفظت هذه الثروة‬ ‫بهدف محو تاريخ وحضارة هذا الشعب‪ .‬وقد‬ ‫الواحد كحال مدينة القدس المحتلة مثال‪.‬‬
‫بصفة تعويضات‪.‬‬ ‫شروط أهمها أن تكون الممتلكات الثقافية واقعة‬ ‫الوطنية‪.‬‬ ‫استخ ِد َمت أكثر من سبع مواقع أثرية مهمة‬ ‫(*) أستاذ القانون الدولي في كلية الحقوق‪،‬‬ ‫واالعتداء على الممتلكات الثقافية لشعب ما ال‬
‫< اتخاذ‪ ،‬بقدر المستطاع‪ ،‬اإلجراءات الوقائية‬ ‫على مسافة كافية من أي مركز صناعي كبير أو‬ ‫وهناك ثالث فئات من الحماية أثناء النزاعات‬ ‫كقواعد عسكرية‪ ،‬ناهيك عن النهب الذي‬ ‫الجامعة اللبنانية‬ ‫يشكل اعتداء عليه فقط بل اعتداء على كل‬

‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬ ‫‪1 0‬‬ ‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬


‫‪2010/2009‬‬
‫‪1 1‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫دولي تعتبر في القانون الدولي جرائم حرب‪.‬‬ ‫العاجلة بالتعاون مع السلطات الوطنية لحماية‬
‫يتحمل األفراد المسؤولية على ارتكابها‪ .‬هذه‬ ‫الممتلكات الثقافية‬

‫تدمير األعيان الثقافية أو احتالل التاريخ‬


‫المسؤولية مبنية على أساس اتفاقية ‪1954‬‬ ‫لألسف في أكثر األحيان لم يتم احترام هذه‬
‫والبروتوكول األول التفاقيات جنيف ‪1977‬‬ ‫وخصوصا في العراق ولبنان‪ ،‬حيث تم‬‫ً‬ ‫القواعد‬
‫والبروتوكول الثاني التفاقية الهاي ‪.1999‬‬ ‫نهب وتصدير جزء كبير من اآلثار أثناء النزاع‬
‫على هذا األساس اتهمت المحكمة الجنائية من‬ ‫ويكفي أن نذكر بأنه تم نهب أكثر من ‪12000‬‬
‫أجل محاكمة مجرمي الحرب في يوغوسالفيا‬ ‫قطعة أثرية من العراق وكذلك األمر بالنسبة إلى‬
‫السابقة بعض المتهمين بالتعدي على الممتلكات‬ ‫لبنان حيث تم نهب وتصدير جزء كبير من‬
‫الثقافية بارتكاب جرائم الحرب‪ .‬فالنتائج‬ ‫وخصوصا آثار مدينة صور التاريخية‪،‬‬‫ً‬ ‫اآلثار‬
‫الخطيرة التي تنتج عن العدوان على الممتلكات‬ ‫مما دفع بالجمعية العامة لألمم المتحدة ومنظمة‬
‫الثقافية أثناء النزاعات المسلحة قد تهدد‪ ،‬في‬ ‫األونيسكو بالطلب من القوات المتعددة الجنسية‬
‫بعض األحيان‪ ،‬وجود شعب بأكمله‪ ،‬حيث هناك‬ ‫في العراق ومن إسرائيل بإرجاع ما تم تصديره‬
‫ربط وعالقة بين الوجود البيولوجي والوجود‬ ‫إلى مواقعها‪.‬‬
‫الثقافي لشعب ما‪ .‬فاإلبادة الثقافية كانت في‬ ‫إال أن البروتوكول األول لم يمنع التنقيب‬
‫األساس مدرجة في مشروع اتفاقية منع جريمة‬ ‫عن اآلثار تحت االحتالل وذلك بالرغم من‬
‫إبادة األجناس والمعاقبة عليها (‪ ،)1948‬الذي‬ ‫االقتراح الذي قدمته آنذاك اليونان‪ ،‬بحجة أن‬
‫أعد آنذاك من قبل األمين العام لألمم المتحدة‬ ‫متأخرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫االقتراح وصل‬
‫وكذلك في المشروع الذي أعد من قبل اللجنة‬ ‫أمام هذا الواقع جاء البروتوكول الثاني‬

‫‪REUTERS‬‬
‫الخاصة باإلبادة‪ .‬وهذه اإلبادة كانت تغطي كل‬ ‫لعام ‪ ،1999‬ليمنع أي أعمال تنقيب عن‬
‫أسفرت جهود المجتمع‬ ‫عمل عن سابق تصميم يقترف بهدف تدمير‬ ‫اآلثار‪ ،‬باستثناء الحاالت التي يكون التنقيب‬

‫الدولي تحت مظلة منظمة‬


‫اللغة أوالدين أو ثقافة مجموعة من البشر‪،‬‬
‫كتدمير المكتبات والمتاحف والمدارس واألعيان‬ ‫بالرغم من كل الجهود‬ ‫ضرورة لحماية الممتلكات الثقافية‪ ،‬وكذلك منع‬
‫البروتوكول إجراء أي تغيير في هذه الممتلكات‬
‫اليونسكو عن وضع نظام دولي‬ ‫الثقافية وأماكن العبادة واألشياء الثقافية‬
‫للمجموعة أو منعها من استعمالها‪.‬‬
‫المبذولة دوليا لحمايتها‬ ‫تحت االحتالل‪.‬‬

‫جديد لتحقيق الحماية للممتلكات‬ ‫وجرت محاوالت عديدة من أجل اعتبار هذه‬ ‫مازالت األعيان الثقافية‬ ‫فقدان الحماية‬
‫الجريمة‪ ،‬أي جريمة االعتداء على األعيان‬ ‫إن الحماية التي تتمتع بها األعيان الثقافية‬
‫الثقافية في فترات النزاع المسلح‬ ‫الثقافية‪ ،‬جريمة إبادة وضرورة عدم فصلها عن‬ ‫تتعرض لالعتداءات‬ ‫ليست مطلقة ودائمة فهي تفقد الحماية التي تتمتع‬
‫من خالل تبنى البروتوكول‬ ‫جريمة اإلبادة الجسدية أو البيولوجية كون أن‬
‫أثناء النزاعات‬ ‫بها في حال اإلخالل ببعض الشروط سواء أكان‬
‫هذه الجرائم تكمل بعضها البعض‪ .‬إال أنه‪،‬‬ ‫بالنسبة للحماية العامة أو الخاصة أو المعززة‪.‬‬
‫الثاني التفاقية الهاي في‬ ‫ولألسف‪ ،‬لم يؤخذ بهذا الموقف واقتصرت‬ ‫ففيما يتعلق بالحماية العامة تفقد هذه‬
‫األعمال التي تشكل جريمة إبادة باإلبادة‬ ‫الممتلكات الحصانة في حالة الضرورة العسكرية‬
‫العام ‪ 1999‬والذي عرف‬ ‫الجسدية واإلبادة البيولوجية‪.‬‬ ‫القهرية كأن تكون هذه األعيان الثقافية قد تحولت‬
‫الممتلكات الثقافية يشكل انتها ًكا لهذا القانون‬
‫باسم نظام "الحماية‬ ‫بالرغم من كل الجهود المبذولة من قبل‬
‫تتحمل مسؤوليته الدول واألفراد‪ .‬فيترتب على‬
‫من حيث وظيفتها إلى هدف عسكري‪ ،‬وال يوجد‬
‫اللجنة الدولية للصليب األحمر‪ ،‬ومن قبل‬ ‫بديل لتحقيق ميزة عملية عسكرية مماثلة للميزة‬
‫المعززة"‪.‬‬ ‫اليونسكو‪ ،‬وبالرغم من أن االتفاقيات الدولية‬
‫الدولة إعادة الممتلكات الثقافية التي حصلت عليها‬
‫أثناء النزاع المسلح واالحتالل وكذلك عليها دفع‬ ‫التي يتيحها توجيه عمل عدائي ضد ذلك الهدف‪،‬‬
‫التي تحمي األعيان الثقافية‪ ،‬أصبحت اليوم‬ ‫تعويض للدولة المتضررة‪ .‬أما فيما يتعلق‬ ‫وبوجود إنذار مسبق فعلي‪.‬‬
‫تشكل جز ًءا أساسيًا من القانون الدولي‬ ‫بالمسؤولية الجنائية فقد حددت المادة ‪ 15‬من‬ ‫أما فيما يتعلق بالحماية الخاصة فالمادة ‪ 11‬من‬
‫اإلنساني العرفي‪ ،‬فإن األعيان الثقافية ما زالت‬ ‫البروتوكول الثاني قائمة بالمخالفات الجسيمة‬ ‫االتفاقية اعتبرت أن الممتلكات الثقافية التي تتمتع‬
‫تتعرض ألبشع االعتداءات أثناء النزاعات‬ ‫أهمها‪:‬‬ ‫بحماية خاصة تفقد الحصانة في حال استعمالها‬
‫المسلحة ذات الطابع الدولي أو غير الدولي ‪،‬‬ ‫< استهداف الممتلكات الثقافية المشمولة‬ ‫ألغراض حربية وعند الضرورات الحربية القهرية‬

‫"الحماية المعززة"‬
‫وذلك ليس فقط من قبل الدول التي لم تنضم‬ ‫بحماية معززة بالهجوم‬ ‫التي يقررها رئيس هيئة حربية تعادل في األهمية‬
‫أيضا من بعض الدول‬ ‫إلى هذه االتفاقيات‪ ،‬إنما ً‬ ‫< استخدام ممتلكات ثقافية مشمولة بحماية‬ ‫أو تفوق فرقة عسكرية؛ وإبالغ قرار رفع‬
‫التي انضمت إليها‪ .‬إن احتالل التاريخ عبر تدمير‬ ‫معززة أو باستخدام جوارها المباشر في دعم‬ ‫الحصانة كلما أمكن إلى الطرف المعادي قبل‬
‫ونهب األعيان الثقافية قد يكون أخطر بكثير من‬ ‫العمل العسكري‬ ‫تنفيذه بمدة كافية؛ وإبالغ المشرف العام على‬

‫للممتلكات الثقافية‬ ‫احتالل األرض‪ ،‬فاألرض تحرر‪ ،‬بينما عندما يتم‬


‫احتالل التاريخ فمن يحرره؟<‬
‫< إلحاق دمار واسع النطاق بممتلكات ثقافية‬
‫محمية أو االستيالء عليها بموجب االتفاقية ‪1954‬‬
‫وبروتوكولها الثاني‬
‫الممتلكات الثقافية‪ ،‬مع تحديد األسباب التي أدت‬
‫إلى رفع الحصانة‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق برفع الحصانة عن الحماية‬

‫في فترات النزاع الم�شل‪í‬‬


‫< ارتكاب سرقة أو نهب أو اختالس أو‬ ‫المعززة فذلك ممكن ولكن بعدة شروط (انظر‬
‫(‪ )1‬ميثاق روريخ" سمي نسبة إلى اسم المثقف‬ ‫تخريب لممتلكات ثقافية محمية بموجب‬ ‫مقالة الدكتور محمد سامح عمرو)‬
‫الروسي" نيقوالس سي روريخ"‪ ،‬الملهم األول‬
‫للمعاهدة الخاصة بحماية المؤسسات الفنية والعلمية‬
‫االتفاقية‬
‫واآلثار المدمرة التي أبرمت في واشنطن بتاريخ ‪15‬‬ ‫إن ارتكاب هذه االنتهاكات أثناء النزاعات‬ ‫مسؤولية عدم احترام قواعد القانون الدولي‬
‫ابريل‪/‬نيسان ‪1935‬‬ ‫المسلحة ذات طابع دولي أو ذات طابع غير‬ ‫إن عدم احترام قواعد القانون الدولي لحماية‬
‫‪AFP‬‬

‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬ ‫‪1 2‬‬ ‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬


‫‪2010/2009‬‬
‫‪1 3‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫وسائل الهجوم وأساليبه بهدف إنهاء ذلك‬ ‫المشمولة بالحماية المعززة‪ ،‬ويعالجان حالتي‬ ‫لعدم نجاح نظامي الحماية العامة‬ ‫كان‬
‫االستخدام وتجنب األضرار بالممتلكات‬ ‫هجوم واستخدام تلك الممتلكات‪ ،‬مع اعتبار أن‬ ‫*‬
‫د‪ .‬محمد �امح �مر‪Ë‬‬ ‫والحماية الخاصة الذين أوردتهما اتفاقية‬

‫"الحماية المعززة" للممتلكات الثقافية في فترات النزاع المسلح‬


‫الثقافية أو حصره في أضيق نطاق ممكن‪ .‬كما‬ ‫ذلك يشكل انتهاكا خطيرا أيا كان حجم الدمار‬ ‫الهاي (‪ )1954‬في تحقيق الحماية‬
‫أن أي أمر بالهجوم عليها ينبغي أن يصدر على‬ ‫الناتج عنه‪ ،‬في حين أن البروتوكول األول كان‬ ‫المنشودة للممتلكات الثقافية في فترات‬
‫أعلى المستويات التنفيذية للقيادة‪ ،‬ويصدر‬ ‫يعتبر الهجوم فقط على الممتلكات الثقافية ‪-‬‬ ‫عدم تحقق جميع الشــروط‪.‬‬ ‫النزاع المسلح‪ ،‬سوا ًء الدولي أو غير الدولي‬
‫إنذار مسبق فعلى إلى قوات المجابهة يتضمن‬ ‫وليس االستخدام‪ -‬انتهاكا جسيما بشرط أن‬ ‫في العقدين األخيرين من القرن العشرين‪،‬‬
‫أحكام الحماية والمسئولية الدولية‬
‫طلب إنهاء استخدام الممتلك الثقافي كهدف‬
‫عسكري‪ ،‬وأخيرا يجب أن تتاح لقوات المجابهة‬
‫من ال�شروري اأن ت�شع الدول ت�شريعات و‪W‬نية تكفل حماية‬ ‫يسفر عنه تدمير بالغ لهذه الممتلكات‪.‬‬
‫اعترافا من واضعي البروتوكول الثاني أن‬ ‫في حالة انتهاكها‬
‫أبلغ األثر في توجه المجتمع الدولي تحت‬
‫مظلة منظمة اليونسكو للعمل على إيجاد‬
‫فترة معقولة من الوقت تمكنها من تصحيح‬
‫األوضاع‪.‬‬
‫الممتلكات الثقافية وتجر‪ Ω‬المعتدين عليها‪.‬‬ ‫تعداد االنتهاكات ال يضمن في حد ذاته معاقبة‬
‫أي شخص يقترف أية جريمة من الجرائم‬
‫تتمتع الممتلكات الثقافية بالحماية المعززة‬
‫فور صدور قرار بإدراجها على القائمة‬
‫نظام دولي جديد يسعى إلى تحقيق الحماية‬
‫المنشودة للممتلكات الثقافية في فترات‬
‫ويتضح مما تقدم أن فقدان الحماية المعززة‬ ‫المشار إليها‪ ،‬نص البروتوكول على ضرورة‬ ‫بواسطة لجنة حماية الممتلكات الثقافية في‬ ‫النزاع المسلح‪ .‬وقد نجحت جهود المجتمع‬
‫يرتبط باستخدام الممتلك الثقافي كهدف‬ ‫أن تتبنى كل دولة طرف فيه التدابير الالزمة‬ ‫فترات النزاع المسلح‪ ،‬وعليه تلتزم الدول‬ ‫الدولي في تبنى البروتوكول الثاني في‬
‫عسكري‪ ،‬وليس إذا ما حول الممتلك بحكم‬ ‫العتبار الجرائم المشار إليها سلفا جرائم‬ ‫األطراف حال دخولها في نزاع مسلح ما‬ ‫الجلسة الختامية ألعمال المؤتمر‬
‫وظيفته إلى هدف عسكري‪ ،‬كما هو الحال‬ ‫بموجب أحكام القوانين الداخلية‪ ،‬وفرض‬ ‫باالمتناع عن استهداف الممتلكات الثقافية‬ ‫الدبلوماسي المنعقد في مدينة الهاي في‬
‫بالنسبة لفقدان الحماية العامة‪ .‬ويعكس السبب‬ ‫عقوبات مناسبة على مرتكبيها‪ .‬وتلتزم الدول‬ ‫المشمولة بحماية معززة سواء بالهجوم عليها‬ ‫‪ 26‬مارس‪/‬آذار ‪ ،1999‬متضمنًا أحكاما‬
‫المتقدم لفقدان الحماية المعززة الشروط‬ ‫األطراف‪ ،‬وهي بصدد ذلك‪ ،‬بمبادئ القانون‬ ‫أو استخدامها أو االستعانة بمناطق مجاورة‬ ‫وقواعد جديدة للحماية عرف باسم نظام‬
‫الالزم توافرها لقيد ممتلك ثقافي ما على‬ ‫العامة ومبادئ القانون الدولي‪ ،‬بما في ذلك‬ ‫لها مباشرة في دعم العمل العسكري‪ .‬وتغلب‬ ‫"الحماية المعززة"‪ ،‬بغية توفير الحماية‬
‫القائمة‪ ،‬حيث يتطلب أحد هذه الشروط عدم‬ ‫القواعد القاضية بمد نطاق المسئولية الجنائية‬ ‫أحكام الحماية المعززة على أحكام الحماية‬ ‫الدولية المنشودة للممتلكات الثقافية‪ ،‬التي‬
‫استخدام الممتلك الثقافي ألغراض عسكرية‪ ،‬أو‬ ‫الفردية إلى أشخاص غير أولئك الذين ارتكبوا‬ ‫الخاصة في حالة تمتع ممتلك ثقافي معين‬ ‫هي على جانب كبير من األهمية بالنسبة‬
‫كدرع لوقاية مواقع عسكرية‪ ،‬وان يصدر‬ ‫ِ‬ ‫الفعل الجنائي بشكل مباشر‪.‬‬ ‫بحماية خاصة طبقا ألحكام اتفاقية الهاي‬ ‫للبشرية‪ .‬وتتناول هذه الدراسة الموجزة‬
‫الطرف الذي يتولى أمر مراقبتها إعالنا يؤكد‬ ‫باإلضافة إلى ما تقدم فقد سمح‬ ‫(‪ .)1954‬وال شك أن تطبيق هذا الحكم سوف‬ ‫أهم األحكام الخاصة بنظام الحماية المعززة‬
‫على أنها لن تستخدم على هذا النحو‪.‬‬ ‫البروتوكول الثاني بتبنى التدابير التشريعية أو‬ ‫يؤدى إلى اندثار نظام الحماية الخاصة‬ ‫التي جاء بها البروتوكول الثاني‪.‬‬
‫وعلى الرغم من تشابه االلتزامات الملقاة‬ ‫اإلدارية أو التأديبية لقمع األفعال التي ترتكب‬ ‫للممتلكات الثقافية في فترات النزاع المسلح‪.‬‬ ‫ويشــترط البروتوكول الثاني توافر عدد‬
‫على عاتق القوات الهجومية لتوجيه األعمال‬ ‫عمدا الستخدام الممتلكات الثقافية على نحو‬ ‫وقد جاء البروتوكول الثاني مقررا ألول مرة‬ ‫من الشروط من أجل وضع أي ممتلك ثقافي‬
‫العدائية ضد الممتلكات الثقافية في حالة‬ ‫ينطوي على انتهاك التفاقية الهاي (‪ )1954‬أو‬ ‫أحكام المسئولية الجنائية الفردية األمر الذي‬ ‫تحــت نظام الحماية المعززة‪ ،‬كأن تكون هذه‬
‫فقدانها الحماية العامة أو الحماية المعززة‪ ،‬إال‬ ‫بروتوكولها الثاني‪ ،‬كذلك حالة تصدير أو النقل‬ ‫اعتبره البعض تطورا كبيرا لقواعد المسؤولية‬ ‫الممتلكات تراثا ثقافيا على درجة كبيرة مــن‬
‫أن الوضع يختلف بالنسبة للقوات التي تقع‬ ‫المادي غير المشروع أو نقل الملكية غير‬ ‫عن انتهاكات أحكام الحماية المقررة للممتلكات‬ ‫األهمية بالنسبة للبشــرية؛ وأن تكون محمية‬
‫الممتلكات الثقافية تحت مراقبتها أو‬ ‫المشروع للممتلكات الثقافية الواقعة على‬ ‫الثقافية في فترات النزاع المسلح‪ ،‬وواحدا من‬ ‫بتدابير قانونية وإدارية مناســبة على‬
‫اختصاصها‪ .‬ففي حالة شمول الممتلك الثقافي‬ ‫األراضي المحتلة انتهاكا التفاقية الهاي‬ ‫اإلنجازات التي حققها هذا البروتوكول في‬ ‫الصعيدالوطنــيعلــىنحــويعتــرفلهــا‬
‫بالحماية العامة‪ ،‬يجوز لهذه القوات – إذا ما‬ ‫(‪ )1954‬وبروتوكولها الثاني‪ .‬وأكد على عدم‬ ‫مجال القانون الدولي اإلنساني‪.‬‬ ‫بقيمتها الثقافية والتاريخية االســتثنائية‬
‫دعت الحاجة إلى ذلك – تحويل الممتلك الثقافي‬ ‫استبعاد أحكام المسؤولية الجنائية الفردية‬ ‫فقد حدد األعمال التي تعد انتهاكا خطيرا‬ ‫ويكفل لها أعلى مســتوى من الحماية‪ :‬وأال‬
‫إلى هدف عسكري إذا ما استخدمت ألغراض‬ ‫الواردة بهذا البروتوكول لقواعد المسؤولية‬ ‫التفاقية الهاي (‪ )1954‬وبروتوكولها الثاني‪،‬‬ ‫تستخدم ألغراض عســكرية أو كدرع لوقاية‬
‫عسكرية‪ ،‬بينما ال يجوز لها ذلك إذا ما كان‬ ‫الجنائية الفردية المقررة بموجب أحكام‬ ‫حيث اعتبر أن ارتكاب شخص ما‪ ،‬عن عمد‪ ،‬ألي‬ ‫مواقع عســكرية‪ ،‬مع إصدار الطرف الذي‬
‫الممتلك مشموال بالحماية المعززة‪ .‬فال يحق‬ ‫القوانين الوطنية أو أحكام القانون الدولي‬ ‫فعل من األفعال الواردة في البروتوكول يشكل‬ ‫يتولى أمر مراقبتها إعالنا يؤكد علــى ذلــك‪.‬‬
‫للقوات التي يخضع الممتلك الثقافي المشمول‬ ‫القابلة للتطبيق‪ .‬كما تضمن ما يفيد عدم تأثير‬ ‫جريمة‪ .‬وتتمثل هذه األفعال في استهداف‬ ‫مــعالعلــمأنــهيجــوزإدراجالممتلــكات‬
‫بالحماية المعززة لمراقبتها أو تحت‬ ‫أي حكم يتعلق بالمسؤولية الجنائية الفردية‬ ‫ممتلكات ثقافية مشمولة بحماية معززة‪،‬‬ ‫الثقافية‪ ،‬بشــكل اســتثنائي‪ ،‬على قائمة‬
‫اختصاصها – بأي حال من األحوال ‪ -‬تحويل‬ ‫على النحو الوارد فيه على القواعد الخاصة‬ ‫بالهجوم؛ أو استخدامها‪ ،‬أو جوارها المباشر‪،‬‬ ‫الحماية المعززة إذا ما تبين للجنــة حمايــة‬
‫الممتلك الثقافي إلى هدف عسكري من خالل‬ ‫بمسؤولية الدول طبقا ألحكام القانون الدولي‪،‬‬ ‫في دعم العمل العسكري؛ أو إلحاق دمار واسع‬ ‫الممتلكات الثقافية في فترات النزاع المســلح‬
‫استخدامه ألغراض عسكرية‪ .‬فتسجيل ممتلك‬ ‫بما في ذلك واجب تقديم التعويضات‪.‬‬ ‫النطاق بها أو االستيالء عليها؛ أو ارتكاب سرقة‬ ‫بــأن الطرف الطالب إدراجها على القائمــة ال‬
‫ثقافي ما على القائمة يتطلب من الدولة التي‬ ‫أو نهب أو اختالس أو تخريب لها‪.‬‬ ‫يســتطيع الوفاء بالشــروط القانونية‬
‫تتقدم بطلب التسجيل أن تدرس مقدما ما إذا‬ ‫فقدان الحماية المعززة‬ ‫وانطالقا مما سبق يمكن مالحظة أنها المرة‬ ‫واإلدارية المناســبة على الصعيد الوطني‬
‫كانت سوف تحتاج في المستقبل الستخدام‬ ‫حدد البروتوكول الثاني أسباب فقدان‬ ‫األولى التي يتم فيها تعداد لالنتهاكات التي‬ ‫المنصــوصعليهــافــياالتفاقيــة‪.‬‬
‫هذا الممتلك ألغراض عسكرية تحت أي ظرف‬ ‫الممتلكات الثقافية للحماية المعززة‪ .‬وتفقد‬ ‫يمكن أن توجه للممتلكات الثقافية في فترات‬ ‫وإذا كانت هذه الشــروط غير الزمة لطلب‬
‫من الظروف أم ال‪ .‬فإذا انتهت الدولة إلى أن‬ ‫الممتلكات الثقافية الحماية المعززة إذا ما‬ ‫النزاع المسلح وأن االنتهاكات الثالثة األولى‬ ‫القيدإالأنهــاضروريــةلبقــاءالممتلــكات‬
‫هناك إمكانية مستقبلية الستخدام الممتلك‬ ‫كانت‪ ،‬بحكم استخدامها‪ ،‬هدفا عسكريا‪ .‬وإن‬ ‫ليست إال تكرارا لالنتهاكات الجسيمة المشار‬ ‫الثقافية ذات األهمية الكبرى للبشــرية على‬
‫الثقافي في المستقبل كهدف عسكري‪ ،‬هنا‬ ‫كان حدد الشروط الالزم توافرها لتوجيه‬ ‫إليها باتفاقيات جنيف األربع (‪)1949‬‬ ‫القائمــة‪ .‬ألن عدم وفاء الدولة بالتزاماتها في‬
‫يجب عليها عدم التقدم بطلب تسجيله على‬ ‫األعمال العدائية ضد هذه الممتلكات‪ .‬وعليه ال‬ ‫وبروتوكولها األول (‪.)1977‬‬ ‫مرحلة ما بعد قيد الممتلك قــد يــؤدى إلــى‬
‫القائمة‪ .‬فاستخدام الممتلكات الثقافية‬ ‫يجوز أن تكون هذه الممتلكات هدفا لهجوم‬ ‫كذلك فإن االنتهاكين األول والثاني‬ ‫شــطبه من القائمة‪ .‬وفي حالة نشــوب نزاع‬
‫المشمولة بالحماية المعززة كأهداف عسكرية‬ ‫عسكري إال إذا كان الهجوم هو الوسيلة‬ ‫منحصران في حالة الممتلكات الثقافية‬ ‫مســلح‪ ،‬اســتنادا إلى حالة الطوارئ‪ ،‬يمكن‬
‫يعد انتهاكا جسيما ألحكام البروتوكول الثاني‬ ‫الوحيدة الممكنة إلنهاء استخدام الممتلكات‬ ‫للدول األطراف أن تطلــب إدراج الممتلــكات‬
‫ويعد جريمة حرب ويرتب المسؤولية الجنائية‬ ‫كهدف عسكري‪ .‬كما يجب في هذه الحالة‬ ‫الثقافية التي تخضع لواليتهــا أو مراقبتهــا‬
‫‪REUTERS‬‬

‫(*) أستاذ مساعد في القانون الدولي العام‬


‫الفردية<‬ ‫اتخاذ جميع االحتياطات الممكنة في اختيار‬ ‫بكلية الحقوق‪ -‬جامعة القاهرة‬ ‫على القائمة الحماية المعــززة على الرغم من‬

‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬ ‫‪1 4‬‬ ‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬


‫‪2010/2009‬‬
‫‪1 5‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫يقدم المستشار القانوني اإلقليمي للجنة الدولية في منطقة الشرق األوسط‬
‫�‪u‬ا— √�ر�‪ :t‬زي‪B� VM‬ن‬
‫وشمال إفريقيا‪ ،‬شريف عتلم‪ ،‬رؤيته لحال حماية التراث الثقافي في‬
‫المنطقة العربية والتحديات التي تواجه آليات تطبيق هذه الحماية‪.‬‬
‫لحماية الممتلكات الثقافية‬ ‫القواعد العرفية تلزم الدول‬ ‫ولكن األهم ان تضع الدول‬ ‫العربية‬ ‫المنطقة‬ ‫<‬
‫وصك القوانين الوطنية‬ ‫بغير التصديق فبالتالي هي‬ ‫تشريعات تكفل حماية هذه‬ ‫غنية بالممتلكات الثقافية التي‬
‫لذلك‪ .‬فحماية الممتلكات‬ ‫أداة ملزمة للدول اآلن‬ ‫الممتلكات الثقافية‪ .‬وبالتالي بدأ‬ ‫هي ملك لﻺنسانية جمعاء فما‬
‫الثقافية مكفولة بطريقتين‪:‬‬ ‫وتستطيع أي دولة أن‬ ‫العمل على وضع هذه التشريعات‬ ‫هو الوضع بالنسبة لحمايتها‬
‫وجود منظومة تشريعية‬ ‫تحاكم باعتبار أن هذه‬ ‫الوطنية لكن لألسف الشديد‪ ،‬حتى‬ ‫والسيما أننا في منطقة شهدت‬
‫وعدم استخدام اآلثار‬ ‫مخالفة للقواعد العرفية في‬ ‫يومنا هذا‪ ،‬ال يوجد قانون متكامل‬ ‫على مر التاريخ‪ ،‬وما تزال‪،‬‬
‫ألغراض عسكرية‪.‬‬ ‫القانون الدولي اإلنساني‬ ‫في أي من الدول العربية بشأن‬ ‫نزاعات كثيرة؟‬
‫طبعا هناك ضرورة‬ ‫بغض النظر عن سير‬ ‫حماية الممتلكات الثقافية في زمن‬ ‫من أهم النقاط التي أثيرت في‬
‫الستكمال منظومة الدول‬ ‫المنظومة الدولية‪ ،‬وبغير‬ ‫النزاعات المسلحة‪.‬‬ ‫المنطقة في الفترة األخيرة مسألة‬
‫العربية التي لم تصادق بعد‬ ‫تاريخ محدد‪.‬‬ ‫وتعمل حاليا اللجنة المصرية‬ ‫حماية الممتلكات الثقافية‪ .‬ففي العام‬
‫على بروتوكول ‪ 1954‬أو‬ ‫للقانون الدولي اإلنساني من خالل‬ ‫‪ ،2004‬كان للمنطقة العربية شرف‬
‫على البروتوكول ‪1999‬‬ ‫< تسجيل الممتلكات‬ ‫مجموعة عمل متخصصة من خمسة‬ ‫تنظيم العيد الخمسين التفاقية‬
‫وفي الجانب اآلخر هناك‬ ‫الثقافية أساس‬ ‫أعضاء على صياغة مشروع متكامل‬ ‫‪ 1954‬في القاهرة تحت مظلة‬
‫المنظومة الخاصة باعتماد‬ ‫للحماية فما هو‬ ‫يكفل حماية الممتلكات الثقافية وفقا‬ ‫جامعة الدول العربية واللجنة‬
‫التشريعات الوطنية الخاصة‬ ‫الوضع إذا تم‬ ‫التفاقية ‪ 1954‬وبروتوكوليها‪ .‬وهي‬ ‫الدولية للصليب األحمر ومنظمة‬

‫‪REUTERS‬‬
‫بحماية التراث الثقافي في‬ ‫االنتهاك ألعيان‬ ‫سوف تعمد إلى مراجعته مع‬ ‫"اليونسكو" واللجنة المصرية‬
‫زمن النزاعات المسلحة‪.‬‬ ‫موظفة عراقية في متحف بغداد‬ ‫غير مسجلة؟‬ ‫المتخصصين بحيث يكون مشروع‬ ‫للقانون الدولي اإلنساني‪ .‬وجاء هذا‬
‫معظم الدول لديها قوانين آثار عادية وفقا التفاقيات‬ ‫تخطو فوق كومة من المقتنيات‬ ‫عدم تسجيل اآلثار والممتلكات يجعلها ماال مباحا‬ ‫قانون عربي متاح لكل الدول‪.‬‬ ‫المؤتمر في توقيت هام جدا بعد غزو العراق وبعد أن‬
‫منظمة اليونسكو في زمن السلم ولكن االتفاقيات‬ ‫تضررت بفعل نهب اللصوص‬
‫للمتحف في العام ‪.2003‬‬
‫ألن الدولة ال تستطيع أن تثبت أن هذه اآلثار كانت‬ ‫شريف عتلم‪:‬‬ ‫شهدت المنطقة على استيالء وتدمير ممتلكات ثقافية‬
‫الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية في زمن النزاع‬ ‫بحوزتها أثناء النزاع المسلح‪ ،‬إذًا فهو إجراء وقائي‬ ‫< ولكن إلى أن يكون هناك قانون أو‬ ‫عدة فكانت نظرة المؤتمرين وغالبيتهم وفود‬
‫المسلح لم تنل بعد االهتمام الكافي من الدول‬
‫النفاذها داخل التشريعات الوطنية‪.‬‬
‫هام جدا يقي الدولة من نهب هذه اآلثار‪ .‬معظم دول‬
‫العالم التي لديها تراث ثقافي لديها لجان وطنية‬
‫تشريعات محلية فهل هنالك حماية؟‬
‫طبعا االتفاقية تكفل الحماية‪ .‬فغياب القانون‬
‫الدول العربية‬ ‫حكومية‪ ،‬أن هناك ضرورة لتفعيل اتفاقية ‪54‬‬
‫والبروتوكول األول الملحق بها ثم البروتوكول‬

‫< ما هو دور اللجنة الدولية في هذا اإلطار‬


‫خالل النزاع المسلح؟‬
‫بالتعاون مع منظمة اليونسكو لتسجيل هذه اآلثار‪.‬‬

‫< هل وضع االحتالل معالج أيضا؟‬


‫الداخلي ال يعني أن الجريمة ستكون من دون عقاب‪.‬‬
‫فقد شكل البروتوكول اإلضافي الخاص بحماية‬ ‫تحتا‪ê‬‬ ‫اإلضافي لعام ‪ .1999‬وقد صدر عن المؤتمر "إعالن‬
‫القاهرة" الذي ناشد الدول أن تبادر في التصديق‬
‫على اتفاقية ‪ 1954‬والبروتوكول األول الملحق بها ثم‬
‫لت�شريعات‬
‫الممتلكات الثقافية لسنة ‪ 1999‬سابقة ألنه نص على‬
‫تسهر اللجنة الدولية للصليب األحمر على تطبيق‬ ‫طبعا فاالتفاقيات الدولية تحظر على سلطات‬ ‫المسؤولية الجنائية الفردية وأيضا أسس لمبدأ‬ ‫البروتوكول الثاني‪ ،‬كما ناشدها أن تبادر إلى إنشاء‬
‫كافة أحكام القانون الدولي اإلنساني بما فيها‬ ‫االحتالل التعرض للممتلكات الثقافية للدولة المحتلة‪.‬‬ ‫االختصاص العالمي‪ ،‬أي أن المجرمين الذين يرتكبون‬ ‫السجل الخاص المكلفة به تحت رعاية منظمة‬
‫البروتوكول اإلضافي األول والثاني الذي ينص في‬
‫مواد خاصة على حماية الممتلكات الثقافية‪ .‬إذ يدخل‬
‫وهذا األمر معالج في البروتوكول اإلضافي األول‬
‫الذي يحظر على دولة االحتالل إجراء أي حفريات أو‬
‫جرائم في مواجهة التراث الثقافي لدولة يجوز‬
‫محاكمتهم في أي دولة أخرى في العالم‪.‬‬ ‫و‪W‬نية‬ ‫"اليونسكو" لتسجيل اآلثار الخاصة بها بعد أن تبين‬
‫في بعض الحاالت أن اآلثار المنهوبة من بعض‬

‫تحمي تراثها‬
‫أوال من ضمن اهتمام الحركة الدولية للصليب األحمر‬ ‫تنقيب أو بحث أو استيالء أو نهب لﻶثار الموجودة‬ ‫أضف إلى ذلك أن النظام األساسي للمحكمة‬ ‫المتاحف لم يكن مسجال من قبل الدول التي تحتفظ‬
‫والهالل األحمر بكافة مكوناتها حماية ضحايا‬ ‫في اإلقليم المحتل وذلك بغرض الحفاظ على هوية‬ ‫الجنائية الدولية والتي انضمت إليها اليوم ‪ 110‬دول‬ ‫بها وهو ما يمكن أن يشكل صعوبة في المستقبل في‬
‫الحروب السيما المدنيين وتأتي في هذا اإلطار قضية‬ ‫هذا الشعب الخاضع لالحتالل‪.‬‬ ‫يأخذ بعين االعتبار أن هناك جريمة في زمن النزاع‬ ‫استرداد هذه اآلثار‪ .‬لكن األهم من ذلك ليس‬
‫حماية الممتلكات الثقافية‪ .‬وبالتالي المهمة تكاملية‬ ‫المسلح الدولي وغير الدولي وهي تدمير الممتلكات‬ ‫التصديق على االتفاقيات فقط وإنما وضع تشريعات‬
‫بين اللجنة الدولية ومنظمة اليونسكو في السهر على‬ ‫< ما هي أهم التحديات التي تواجه تطبيق‬ ‫الثقافية للشعوب‪.‬‬ ‫وطنية تكفل حماية الممتلكات الثقافية‪.‬‬
‫احترام هذه االتفاقيات‪.‬‬ ‫هذه االتفاقيات في المنطقة العربية؟‬
‫لكن من المهم التأكيد بداية أن مسؤولية وضع‬ ‫ال تقابل هذه االتفاقيات باعتراضات كبيرة باعتبار‬ ‫< لو حصل انتهاك في دولة لم تكن موقعة‬ ‫< بعد خمسين سنة هل ترى أن غالبية‬
‫الشارات وتسجيل اآلثار لحمايتها هي أوال مسؤولية‬ ‫أن هذا التراث الثقافي لن يجرؤ أحد على التعرض له‪.‬‬ ‫على االتفاقية هل يمكن تطبيق أحكامها؟‬ ‫الدول العربية لم تكن قد صدقت على‬
‫الدولة وبالتالي ال تستطيع اللجنة الدولية أن تقوم‬ ‫وفي المنطقة العربية كان هناك اعتقاد بأنه يكفي أن‬ ‫تخضع االتفاقيات الدولية لمبدأ أساسي في‬ ‫االتفاقية؟‬
‫هي بتسجيل اآلثار وتوفير الحماية لها‪ .‬ويأتي دور‬ ‫تكون الدولة طرفا في االتفاقية كي تحمي تراثها‬ ‫القانون الدولي وهي أنها ال تلزم إال أطرافها وبالتالي‬ ‫نستطيع أن نقول اليوم أن هناك ‪ 15‬دولة عربية‬
‫اللجنة الدولية تحت المظلة الخاصة بحماية الممتلكات‬ ‫الثقافي وبالتالي ال داعي لسن تشريعات خاصة أو‬ ‫الدولة ال تلتزم إال من تاريخ التصديق‪ .‬ميزة حماية‬ ‫صادقت على االتفاقية وأهمها الدول المعنية بالتراث‬
‫الثقافية في سعيها إلى ضمان احترام القانون الدولي‬ ‫وضع شارات للحماية باعتبار األمر مسلم به‪ .‬ولكن‬ ‫الممتلكات الثقافية أنها وردت في أكثر من صك‬ ‫الثقافي‪ .‬وهناك تزايد مطرد للدول العربية للمصادقة‬
‫اإلنساني في زمن النزاعات‪ .‬وإذا ما رأت اللجنة‬ ‫واقع اليوم يقول أن المسلمات تختلف من منظور إلى‬ ‫بحسبان األحكام الواردة في اتفاقية ‪ 1954‬باإلضافة‬ ‫على البروتوكول اإلضافي األول حيث صادقت ‪7‬‬
‫الدولية أن أحد أطراف النزاع ينتهك القانون الدولي‬ ‫آخر وبالتالي على الدول أن تتعامل مع الواقع وأن‬ ‫لألحكام الواردة في البروتوكول اإلضافي األول لعام‬ ‫دول عربية حتى اليوم عليه‪.‬‬
‫اإلنساني سواء كانت الدولة الموجود لديها هذا‬ ‫تحمي مخزونها الثقافي من خالل توفير آليات وطنية‬ ‫‪ 1977‬أصبحت من قبيل القواعد العرفية وهذه‬ ‫من الناحية النظرية هناك تجاوب مع إعالن القاهرة‬

‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬ ‫‪1 6‬‬ ‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬


‫‪2010/2009‬‬
‫‪1 7‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫شكلت صور نهب كنوز المتحف العراقي في العام ‪2003‬‬
‫صدمة للعالم أجمع لما في ذلك من اعتداء صريح على تاريخ‬
‫الحضارة اإلنسانية‪ .‬وفي هذا الحوار يستعيد عالم اآلثار‬
‫والمؤرخ العراقي د‪ .‬بهنام أبو الصوف بعضا من تلك‬
‫اللحظات ويشرح خطورتها‪.‬‬
‫أي انتهاك يقع على أراضيها‬ ‫التراث الثقافي أو الدولة التي‬
‫وهو ما يندرج ضمن‬ ‫تهاجم عمدا التراث الثقافي‬

‫شريف عتلم‪ :‬الدول العربية تحتاج لتشريعات وطنية تحمي تراثها‬


‫االختصاص الوطني للدولة‪.‬‬ ‫لدولة أخرى‪ ،‬فإن اللجنة‬
‫وإذا لم تمارس الدول‬ ‫تستخدم آليات العمل المنوطة‬
‫اختصاصها هذا نظرا لعدم‬ ‫بها لوقف هذا االنتهاك أو‬
‫وجود تشريعات محلية‬ ‫الحيلولة دون وقوعه وحماية‬
‫تنطبق على الواقعة فإن هناك‬ ‫األعيان الثقافية بنفس طريقة‬
‫آليتين أخريين‪ .‬األولى التي‬ ‫عملها لحماية المدنيين‬
‫وردت في البروتوكول‬ ‫واألعيان المدنية‪ ،‬والتي في‬
‫االضافي الثاني بوضع‬ ‫أغلبها تتضمن مفاوضات‬
‫تعريف لجرائم الحرب التي‬ ‫سرية مع أطراف النزاع‬
‫ترتكب في حق الممتلكات‬ ‫لضمان الحماية انطالقا من‬
‫الثقافية ووضع مبدأ لكل‬ ‫منهج السرية الذي تنتهجه‬
‫الدول االطراف في‬ ‫اللجنة الدولية‪.‬‬
‫البروتوكول بأنه يحق لها‬
‫محاكمة المنتهكين وإن كان‬ ‫< في حال لم تكن‬

‫‪AFP‬‬
‫االنتهاك لم يقع على أراضيها‪.‬‬
‫في سبتمبر‪/‬أيلول من العام ‪2003‬‬
‫الدولة قد سجلت‬
‫ثم تأتي المظلة األخرى لالختصاص الدولي الدائم‬ ‫استعاد العراق "قناع الوركاء"‬ ‫ممتلكاتها الثقافية واندلعت الحرب فما‬
‫والتي وردت في االتفاقية الخاصة بالمحكمة الجنائية‬ ‫المعروف باسم "موناليزا بالد ما بين‬ ‫هي اإلجراءات التي تتخذ للحفاظ عليها؟‬
‫الدولية حيث عدت الهجمات على اآلثار أو الممتلكات‬ ‫النهرين"‪ ،‬أحد أهم القطع األثرية‬ ‫هناك قاعدة عرفية تحظر على كل القوات مهاجمة‬
‫الثقافية أو االستيالء عليها بأي صورة من الصور‬ ‫السومرية والذي يعود تاريخه‬ ‫الممتلكات الثقافية للدولة واآلثار أثناء العمليات‬
‫لخمسة آالف سنة مضت بعد أن كان‬
‫سواء كان النزاع دوليا أو غير دولي من الجرائم‬ ‫قد فقد خالل عمليات نهب المتحف‪.‬‬ ‫العسكرية وإذا وقع االنتهاك فإنه تتم معالجة آثاره‪.‬‬
‫األساسية التي يمكنها محاكمة مرتكبيها‪.‬‬ ‫فإذا حصل تدمير كامل ألثر ما فهذه كارثة ألنه ال‬
‫يمكن إعادته مرة أخرى‪ ،‬كما حصل في قضية تماثيل‬
‫< متى يمكن اعتبار أن هناك جريمة حرب‬ ‫بوذا‪ .‬أما إذا طال االنتهاك أشياء منقولة أو منهوبة‬
‫على الممتلكات الثقافية ومن يمكنه أن يثبت‬ ‫فإن الدولة تملك أن تثبت بكافة سبل امتالكها لهذه‬
‫ذلك؟‬
‫عندما نتكلم عن جريمة حرب أو جناية ضد‬
‫حتى اليو‪ Ω‬ل يوجد‬ ‫الممتلكات الثقافية‪ ،‬ولكن األيسر واألفضل واألكثر‬
‫حماية للدولة هو أن تحتفظ بسجالت خاصة مرقمة‬
‫الممتلكات الثقافية يشكل القصد ركنا أساسيا في أي‬ ‫قانون متكامل في اأي‬ ‫وتشاركها مع منظمة اليونسكو ليكون معها شريك‬
‫جريمة‪ ،‬وعناصر القصد هي العلم واإلرادة‪ .‬أي أن‬ ‫دولي في استرداد هذه اآلثار عند حصول أي انتهاك‪.‬‬
‫الذي قام باالنتهاك يعلم أن هذا تراث ثقافي ويريد أن‬ ‫من الدول العربية‬ ‫وهناك تجربة شهدناها في مؤتمر العيد الخمسين‬
‫يدمره لينال من هوية هذا الشعب‪ .‬أما مسألة اإلثبات‬ ‫وهي التجربة المصرية في حماية اآلثار حيث قامت‬
‫فتخضع لتقدير القاضي بمعنى أنه من الممكن ألحد‬ ‫لحماية الممتلكات‬ ‫جمهورية مصر العربية باسترداد عدد كبير من اآلثار‬
‫الجيوش أن يتذرع بأن القذائف سقطت على األثر‬
‫بطريق الخطأ ولم تكن موجهة بالقصد إلى األثر‬
‫الثقافية في زمن‬ ‫من إسرائيل وفقا التفاقية "كامب ديفيد" التي‬
‫تضمنت بندا كامال خاصا باسترداد اآلثار ألن نهب‬
‫الثقافي وبالتالي عليه أن يثبت ذلك للمحكمة‪ .‬وبفرض‬
‫أن هناك حالة من حاالت الضرورات العسكرية التي‬
‫النزاعات الم�شلحة‪.‬‬ ‫اآلثار عمل محظور ويترتب عليه بطالن الحيازة‪،‬‬
‫وإعادة اآلثار للدولة التي تمتلكها‪.‬‬
‫حتمت الهجوم على األثر إال أن القانون لم يتركها‬

‫ما حدث في المتحف العراقي‬


‫على إطالقها وإنما قيد الهجوم على الممتلك الثقافي‬ ‫< بالنسبة لالجراءات القانونية تجاه‬
‫بعدة شروط أولها توجيه إنذار للدولة بأن ترفع‬ ‫االنتهاكات هل يحق للدولة المعنية فقط‬
‫االنتهاكات عن األثر الثقافي وان تخرج القوات منها‬ ‫أن تالحق المنتهكين أم أن المؤسسات‬

‫جريمة اإن�شانية وتاريخية‬


‫فإذا لم تستجب الدولة وكان لزاما على الطرف اآلخر‬ ‫الدولية أيضا لها الحق في ذلك؟‬
‫أن يهاجم الهدف‪ ،‬فإنه محدد فقط بالغرض العسكري‬ ‫وضعت االتفاقيات الدولية ثالث آليات لمالحقة‬
‫الموجود وال يدمر األثر الثقافي بالكامل<‬ ‫االنتهاكات‪ .‬أولى هذه اآلليات هي أن تحاكم الدولة‬

‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬


‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫‪1 8‬‬
‫وكانت هناك قوة عسكرية أميركية تنتشر في‬
‫جنبات المتحف تحقق في ما حدث وتدرسه‪..‬‬ ‫الدكتور بهنام أبو الصوف باحث ومؤرخ عراقي‪ .‬ولد في‬
‫أيضا الفوضى العارمة‬
‫ما كان الفتا لالنتباه ً‬
‫الموصل بمحافظة نينوى في العام ‪ .1931‬أكمل دراساته‬
‫التي ع ّمت دائرة اآلثار‪ .‬فقد سرقت المناضد‬
‫والكراسي والخزانات واألدوات الهندسية التي‬ ‫العليا في جامعة كمبريدج في األعوام ‪ 1966-1960‬وله‬
‫كان يستخدمها اآلثاريون في عملهم وبقيت‬ ‫اكتشافات أثرية مهمة من بينها‪" ،‬كنز نمرود" واكتشاف‬
‫هذه الفوضى أليام عدة‪.‬‬
‫حضارة في "تل الصوان" جنوب سامراء وفي "بلد"‪.‬‬
‫< كم هو عدد القطع األثرية المسروقة‬ ‫شغل د‪ .‬أبو الصوف منصب مدير عام آثار المنطقة‬
‫من المتحف بحسب علمكم؟‬
‫عالم اآلثار العراقي الدكتور بهنام أبو الصوف‪:‬‬
‫الشمالية لفترة طويلة وكان عضوا في المجلس الوطني‬

‫ما حدث في المتحف‬


‫علمت من بعض زمالئي العاملين في دوائر‬
‫العراقي حتى العام ‪.2003‬‬
‫المتحف واآلثار أن ما سرق من مخازن‬
‫المتحف وقاعاته يتجاوز األربعة آالف قطعة‬ ‫عمل مستشا ًرا في المتحف الوطني العراقي‪ ،‬ولدائرة‬
‫أثرية‪ ..‬لكن الذي أعلمه أن المو ّثق والمسجل‬

‫العراقي جريمة‬
‫اآلثار والتراث في العراق حتى العام ‪2003‬‬
‫في المتحف هو مائتا ألف قطعة‪ ،‬منها ما هو‬
‫وأشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه‪.‬‬
‫معروض ومنها ما هو مخزون‪..‬‬
‫ً‬
‫فضال عن العديد من البحوث‬ ‫لدكتور أبو الصوف ستة كتب‬
‫< وهل ثمة جهود جادة بذلت إلعادة ما‬
‫نهب من كنوز من المتحف العراقي؟‬
‫بعد أشهر أعقبت الحادث‪ ،‬أصدرت القوات‬
‫والدراسات‪ .‬ألقى العديد من المحاضرات في الجامعات‬
‫األوروبية واألميركية وهو متقاعد عن العمل الوظيفي‬
‫حال ًيا‪.‬‬
‫اإن�شانية وتاريخية‬
‫األميركية والبريطانية قرارات حذرت بموجبها‬
‫منتسبيها من نقل أو التعامل بآثار العراق‬
‫المسروقة‪ ،‬ومنعت دخول اآلثار العراقية‬
‫لبلدانها وأبلغت كذلك الدول األوروبية بهذا‬
‫القرار‪.‬‬
‫كما تألفت لجنة في الواليات المتحدة‬
‫األميركية من آثاريين من الجامعات والمتاحف‬ ‫بلدهم وكنوزه‪ ..‬هذه الخطوة تبعتها خطوات‬ ‫من يقوم بمهمة الحراسة داخل المتحف‪ ،‬وهو‬ ‫أيام ‪ 9 ،8‬و‪ 10‬أبريل‪/‬نيسان من العام ‪2003‬‬ ‫قليال من عالم‬ ‫منا‪ ،‬ممن اقترب ً‬ ‫البعض‬
‫اآلثارية األميركية غرضها التقصي عما يرد‬ ‫أخرى حيث استجاب كثيرون للنداءات العديدة‬ ‫يسجل لهم ويؤكد على اعتزازهم بأهمية‬
‫ّ‬ ‫أمر‬ ‫كنت واح ًدا من اآلثاريين غير البعيدين عن‬ ‫*‬
‫�‪u‬ا— √�ر�‪ :t‬فرد‪ ”Ë‬ال‪�F‬اد‪Í‬‬ ‫اآلثار والمؤرخ العراقي الدكتور بهنام أبو‬

‫ما حدث في المتحف العراقي جريمة إنسانية وتاريخية‬


‫للبالد من قطع أثرية عراقية مسروقة‪ ،‬ومن‬ ‫التي أطلقت من أجل إرجاع القطع األثرية‬ ‫هذا الصرح الكبير الذين عملوا بجهد للحفاظ‬ ‫علما أني لم أكن موظفًا‬‫موقع المتحف العراقي‪ً ،‬‬ ‫الصوف‪ ،‬أو عرفه عن كثب البد له أن يقرن‬
‫أبرز األسماء التي عملت وتعمل في هذا‬ ‫المسروقة إلى المتحف‪ ..‬وبعض القطع أعيدت‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫مستشارا للمتحف‬
‫ً‬ ‫في المتحف حينذاك بل‬ ‫ومع الرجل العارف بخبايا اللغة السومرية‬ ‫اسمه بكلكامش صاحب الملحمة الخالدة التي‬
‫المضمار زميلنا األستاذ الدكتور مغواير‬ ‫أيضا بعد تفتيش دور بعض المشتبه فيهم‬
‫ً‬ ‫ودائرة اآلثار‪ ..‬كنت متقاع ًدا‪.‬‬ ‫وكنوز "أكد" و"آشور"‪ ،‬ذهبت إلى حيث‬ ‫وثقتها كتابات العراقيين القدامى‪ ،‬فقدمت لنا‬
‫غيبسن أستاذ علم اآلثار الشرقي في جامعة‬ ‫وكان مثبتا على تلك القطع إشارة ورقم‬ ‫< ما الذي سرق بالضبط من المتحف‬ ‫أذكر أنني كنت واقفًا قرب السياج الخارجي‬ ‫إلي من خلف‬‫التاريخ القديم‪ ،‬أو ربما قدم هو ّ‬ ‫فكرة الفناء والخلود والصراع بينهما من خالل‬
‫شيكاغو‪..‬‬ ‫المتحف العراقي‪..‬‬ ‫الوطني العراقي؟‬ ‫سالما لم يمس بعد‪،‬‬
‫ً‬ ‫للمتحف الوطني الذي كان‬ ‫أسوار مدن الطين وباب عشتار؛ ال يهم المهم‬ ‫بطلي تلك الملحمة‪ ،‬كلكامش وأنكيدو ورحلتهما‬
‫سرقت قطع أساسية ونادرة مع األسف من‬ ‫وشاهدت إحدى الدبابات األميركية تقف بين‬ ‫أنني مازلت أنظر إليه من دون أن أشيح طرفي‬ ‫الطويلة في البحث عن عشبة الخلود‪.‬‬
‫نجاحا‬
‫ً‬ ‫< هل حققت جهود تلك اللجنة‬ ‫< دكتور بهنام هل لي أن أسأل‪ ،‬لماذا‬ ‫القاعات السومرية واألكدية‪ ،‬وتم فتح خزانات‬ ‫بناية المتحف ووزارة اإلسكان‪ ..‬توجهت إلى‬ ‫بحثا عن مالمح كلكامش في مالمح وتعابير‬ ‫من يجلس قبالة د‪.‬بهنام أبو الصوف البد أن‬
‫ما؟‬ ‫كان المتحف العراقي مستهد ًفا؟‬ ‫كثيرة من قاعات أخرى‪ ،‬وأخذت األختام‬ ‫الضابط الذي كان يعتلي الدبابة وطلبت منه أن‬ ‫وجهه وسألته‪:‬‬ ‫رسخت أوتاد‬‫ّ‬ ‫يعود معه إلى حقب خلت وأقوام‬
‫نعم‪ .‬لقد تكللت مجهودات هذه اللجنة خالل‬ ‫يتراءى لي أن ما حصل لم يكن فقط "فورة‬ ‫األسطوانية واألواني الفخارية ومختلف القطع‬ ‫يحركها إلى مدخل المتحف لمنع أية محاولة‬ ‫حضارات اندثرت‪ ،‬لكن ما بقي منها يشير إلى‬
‫السنوات الماضية ببعض النجاح وأعادت عددا‬ ‫فجائية" من بعض العراقيين الذين أخذوا بعد‬ ‫من الطين والحجر والرقم‪ ،‬الطينية المدونة‬ ‫لدخوله فأجابني أنه ال يملك صالحية نقل‬ ‫< هل أنا فقط من يظن أنك كلكامش؟‬ ‫عظمتها وتأثيرها في التراث اإلنساني‬
‫من القطع األثرية إلى المتحف‪ .‬ويجب أن أذكر‬ ‫االحتالل بمهاجمة كثير من مؤسسات‬ ‫بالخط المسماري من مخازن أبنية المتحف‪..‬‬ ‫موضع دبابته‪ ،‬فهو في مهمة قتالية وليس في‬ ‫بالطبع ال‪ ،‬فأنا أعتقد أنني كلكامش لكن‬ ‫باعتبارها أولى الحضارات في العالم‪..‬‬
‫بكل تقدير ما قامت وتقوم به حكومة األردن‬ ‫ومنشآت الدولة والحكومة‪ ،‬بل إنه في الواقع‪،‬‬ ‫من حسن الحظ أن الذي استولى على أربع‬ ‫واجب حراسة منشآت أخرى‪..‬‬ ‫صاحبي أنكيدو مع األسف توفي وأقصد الدكتور‬ ‫كنت قد التقيت الدكتور بهنام أبو الصوف‬
‫من جهود في هذا المجال‪ ،‬وكذلك حكومتا‬ ‫كما رأيت في حينه‪ ،‬ثمة رغبة في إيذاء‬ ‫قطع نفيسة ونادرة من القاعة السومرية‬ ‫طارق مظلوم فقد كنا متالزمين كما كلكامش‬ ‫في بغداد قبل أحداث العام ‪ 2003‬بعام واحد‬
‫المملكة العربية السعودية والجمهورية العربية‬ ‫العراقيين؛ وبالذات المتحف العراقي من قبل‬ ‫واألكدية هم شباب من بغداد قاموا بإعادتها‬ ‫< هذا يعني أنك لم تشهد اللحظة‬ ‫وأنكيدو في الملحمة الخالدة‪ ..‬رحمه اهلل‪.‬‬ ‫على األقل‪ ،‬وكان حديثنا عن التاريخ وحضارة‬
‫أيضا في إعادة‬
‫السورية وجهودهما المبذولة ً‬ ‫جهة أو جهات تضمر العداء للشعب العراقي‪.‬‬ ‫بعد أقل من عشرة أيام‪ .‬وتعد تلك القطع‬ ‫األولى لدخول المتحف من قبل تلك‬ ‫وادي الرافدين وشواهد عظمتها‪ .‬وبعد مضي‬
‫القطع األثرية للعراق‪.‬‬ ‫مفخرة المتحف العراقي بسبب قدمها وندرتها‪،‬‬ ‫المجاميع؟‬ ‫< نعود إلى أبريل‪ /‬نيسان من العام‬ ‫سنوات كثيرة على ذلك اللقاء وجدتني ألتقي‬
‫< بعد الهجوم على المتحف وسرقة‬ ‫كاإلناء النذري لﻶلهة عشتار ورأس الفتاة‬ ‫كال‪ .‬في اليوم التالي علمنا أن هجوماُ وقع‬ ‫‪ ،2003‬ماذا حدث في المتحف‬ ‫بالدكتور أبو الصوف ثانية ولكن هذه المرة‬
‫< مدينة بابل األثرية أصابها الكثير من‬ ‫وتدمير موجوداته‪ ،‬من المؤكد أنك‬ ‫السومرية من حجر المرمر األبيض من مدينة‬ ‫على المتحف العراقي وكسرت بعض بواباته‬ ‫الوطني العراقي‪ ..‬أسألك كواحد من‬ ‫في ع ّمان وليس في بغداد‪ ،‬والحديث مازال هو‬
‫الدمار نتيجة اتخاذها قاعدة‬ ‫كنت بحاجة لتكون في الموقع‪،‬‬ ‫الوركاء‪ ،‬إضافة إلى ما يعتقد أنه رأس الملك‬ ‫ً‬
‫فضال عن‬ ‫واخترقت قاعات العرض كلها‬ ‫أهم علماء اآلثار على مستوى‬ ‫هو لم يتغيرعن تلك الحضارة‪ ..‬الذي تغير فقط‬
‫عسكرية للقوات األميركية‪ ،‬ما حجم‬ ‫كيف وجدت المتحف بعد الحادث؟‬ ‫سرجون األكدي‪.‬‬ ‫المخازن‪ ..‬العملية بالنسبة لنا كانت بشعة‪،‬‬ ‫العراق والعالم؟‬ ‫أن شواهد عظمتها الموغلة في التاريخ والقدم‬
‫التدمير الذي أصاب هذه المدينة‬ ‫بعد يوم مما حدث ذهبت برفقة بعض‬ ‫والحدث ال يمكن تصوره‪ ..‬كنا على يقين تام‬ ‫بعد دخول القوات األميركية إلى مدينة بغداد‬ ‫تعرضت للكثير من التدمير والتخريب بد ًءا من‬
‫التاريخية من وجهة نظرك كآثاري؟‬ ‫زمالئي المستشارين واآلثاريين لزيارة‬ ‫< هل طمأنتكم إعادتها؟‬ ‫أن العراقيين أنفسهم سوف يحافظون على هذا‬ ‫سرقة موجودات المتحف الوطني العراقي‬
‫من المعروف أن مدينة بابل ليست فقط‬ ‫المتحف واالطالع على ما حصل له‪ ،‬فوجدت‬ ‫كثيرا وأكد لنا أن‬
‫ً‬ ‫بالتأكيد‪ ..‬أفرحنا ذلك‬ ‫الكيان التاريخي الهام لبلدهم‪ ..‬وينبغي أن‬ ‫(*) موظفة في قسم اإلعالم‬ ‫وتدمير قاعاته‪ ،‬وليس انتهاء باستمرار العبث‬
‫عاصمة العراق القديم في زمن حمورابي في‬ ‫القاعات في حالة ال تصدق من الفوضى‪،‬‬ ‫العراقيين الحقيقيين حريصون على تاريخ‬ ‫نذكر أن عددا من اآلثاريين الشبان كانوا هم‬ ‫في بعثة اللجنة الدولية في العراق‬ ‫بالمواقع األثرية العراقية وسرقة موجوداتها‪.‬‬

‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬ ‫‪2 0‬‬ ‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬


‫‪2010/2009‬‬
‫‪2 1‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫< ماذا كان رأي منظمة اليونسكو في‬ ‫مبالغ كبيرة إلحياء المدينة التاريخية من خالل‬ ‫مطلع األلف الثاني قبل الميالد‪ ،‬لكنها كانت‬
‫يشتهر لبنان بثراء ميراثه الثقافي الممتد عبر آالف السنين‪ .‬لكن ما يزيد على‬ ‫األمر؟‬ ‫صيانة وترميم عدد من قصورها ومبانيها‬ ‫نصر في المائة السادسة‬ ‫أيضا عاصمة نبوخذ ّ‬

‫ما حدث في المتحف العراقي جريمة إنسانية وتاريخية‬


‫المؤلم في األمر أن مسير اآلليات العسكرية‬ ‫ومعابدها ومسارحها القديمة‪ ..‬لكن من‬ ‫قبل الميالد‪ ،‬بل وعاصمة العالم القديم في‬
‫ثالثة عقود من الحروب الداخلية والخارجية‪ ،‬منها ‪ 15‬عاما من الحرب األهلية‬ ‫جوار المعابد والقصور القائمة أدى إلى تفكك‬ ‫المؤسف أن تتخذ القوات األميركية‪ ،‬خاصة‬ ‫زمنه‪ ..‬وهي ازدهرت بعمارتها ومعابدها‬
‫حتى المباني المرممة والمصانة‪ ..‬هذه الحال‬ ‫مقرا‬
‫بعد العام ‪ ،2003‬من العاصمة البابلية ً‬ ‫وبرجها المدرج ومعاهدها العلمية التي تعلوها‬
‫ونزاعات متكررة مع إسرائيل‪ ،‬وضعت المواقع الثقافية اللبنانية وكنوزها‬ ‫بقيت حتى أواخر العام ‪ 2008‬حيث أعيدت‬ ‫لها وتكون واحدة من قواعدها العسكرية‪،‬‬ ‫قباب استنطاق األبراج واألفالك لمعرفة حركة‬
‫األثرية المتنوعة في خطر كبير‪ ،‬وفي كثير من الحاالت‪ ،‬تعرضت هذه المواقع‬ ‫المدينة إلى الجهات اآلثارية‪ ..‬وتدخلت‬ ‫لتضع فيها الدبابات والشاحنات المحملة‬ ‫ومسيرة الكواكب والقمر‪ ..‬ومن المعروف أن‬
‫اليونسكو من خالل الدراسة التي قدمتها حول‬ ‫بالعتاد الثقيل‪.‬‬ ‫سبب اندثار معظم أقسام بابل التاريخية في‬
‫ألضرار و ُدمرت بعض اآلثار تدميرا كبيرا‪.‬‬ ‫ما أصاب المدينة من جراء إقامة قاعدة‬ ‫كما قامت القوات األميركية بحفر الخنــادق‬ ‫زمن حمورابي هو طغيان طبقة المياه الجوفية‬
‫عسكرية فيها‪ ..‬وهي تعمل‪ ،‬كما منظمات أخرى‪،‬‬ ‫ألغراضدفاعيــةعلــىأرضمدينــةبابــل‪،‬‬ ‫عليها من نهر الفرات المحاذي لها‪ ،‬كما تهدمت‬
‫اآلن بجهد كبير على وضع التدابير الالزمة‬ ‫رواحا‬
‫ً‬ ‫ويكفي أن تســير المعدات العســكرية‬ ‫معظم مبانيها الشامخة والمشهورة في زمن‬
‫لتقوية وترميم ما تأثر من المدينة األثرية‪.‬‬ ‫ومجيئًا في اليوم الواحد أكثر من مرة ليعمــل‬ ‫نصر بسبب الحروب والغزوات التي‬ ‫نبوخذ ّ‬
‫ذلك على تحطيــم بنيتها التحتية‪ ،‬ومــا تبطنــه‬ ‫اجتاحتها في العصر القديم‪..‬‬
‫< كيف تصف الذي حدث للمتحف‬ ‫أرض بابل من األســوار والمباني التاريخية‬ ‫وفي أواخر القرن العشرين وضعت الدولة‬
‫العراقي واآلثار العراقية بنحو‬ ‫من عهد نبوخذ نصر التي لم يكشــف عنها‬ ‫العراقية‪ ،‬وبمعونة األجهزة اآلثارية‬
‫عام؟‬ ‫بعــد‪..‬‬ ‫المتخصصة‪ ،‬مشاريع طموحة وخصصت‬
‫ما حدث في المتحف العراقي هو جريمة‬
‫إنسانية وتاريخية وقومية كبيرة‪ ،‬إذ أن ما‬ ‫موظفة في المتحف العراقي تقف بجوار تمثال آشوري‬
‫يحويه هذا المتحف العالمي الشهير من بقايا‬ ‫مع بدء أعمال ترميم اآلثار اآلشورية واإلسالمية في العام ‪.2008‬‬
‫أثرية تاريخية ليس ملكا للعراق فقط‪ ،‬بل هو‬
‫ملك لألمة ولإلنسانية جمعاء‪ ..‬لذا أدعو‬
‫األوساط اآلثارية وأهيب بالعاملين فيها أن‬
‫تتضافر جهودهم للبحث وإعادة ما سرق إلى‬
‫موطنه األصلي العراق‪.‬‬

‫< أخي ًرا‪ ،‬ماذا تقترح في ما يخص الحد‬


‫من ظاهرة سرقة اآلثار أو تهريبها؟‬
‫منذ النصف الثاني للقرن العشرين عملت‬
‫الدوائر اآلثارية المختصة على وضع‬
‫تشريعات وخطط كفيلة‪ ،‬ليس فقط بحماية‬
‫المباني والمواقع التاريخية‪ ،‬بل إنها كانت تمنع‬
‫التجاوز وتقوم بحماية المدن المندرسة‬
‫والمواقع السومرية والبابلية من الحفر غير‬
‫المشروع والسرقة‪ ..‬وقد وضعت عقوبات‬

‫لبنان‪ :‬توقيع المعاهدات وحد√ ل يكفي‬ ‫نافذة على المتجاوزين على اآلثار وسارقيها‪..‬‬
‫وفي الوقت نفسه خصصت الدولة أواخر‬
‫القرن العشرين مبالغ ضخمة لتكريم من يقدم‬

‫لحماية تراث الإن�شانية‬ ‫قطعا أثرية للمتحف أو يخبر عن وجودها‪ .‬مثل‬


‫هذه التدابير واإلجراءات عملت على إنهاء‬
‫تماما‪ ..‬لكن ما حدث بعد العام ‪2003‬‬ ‫ً‬ ‫السرقة‬
‫من أوضاع أمنية غير طبيعية وضياع للكثير‬
‫من القيم االجتماعية واألخالقية أعادت ظاهرة‬
‫‪ICRC‬‬

‫سرقة اآلثار لتبرز من جديد رغم كل التدابير‬


‫التي تتخذها الجهات اآلثارية‪..‬‬
‫القصف بشروخ في جدران قلعة بعلبك‪ ،‬وسقط حجر كبير‬ ‫العام ‪ ،1960‬وقَّع لبنان وصادق على اتفاقية الهاي لعام‬ ‫في‬ ‫ما أدعو له‪ ،‬ولكي نضع األمور في نصابها‬
‫�مر ال‪I‬ا{ي من أحد األعمدة الرومانية‪ ،‬بينما تأثر موقع جبيل الفينيقي‬
‫*‬
‫‪ 1954‬لحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح‪ .‬كما أن‬ ‫هو استحداث مديرية جديدة باسم شرطة‬
‫الساحلي من جراء انسكاب البترول من شاحنات الوقود التي‬ ‫إسرائيل من بين الدول الموقعة على هذه االتفاقية‪ .‬ورغم عدم‬ ‫اآلثار أسوة بأجهزة شرطة الجمارك‪ ،‬والنفط‬
‫ضربتها الطائرات اإلسرائيلية"‪ .‬وجدير بالذكر أن كال من موقعي بعلبك‬ ‫ضرب المواقع الثقافية مباشرة خالل حرب العام ‪ ،2006‬التي كانت الفصل‬ ‫والغاز‪ ،‬تزود باآلليات والسيارات المسلحة‬
‫وجبيل (بيبلوس) موجودان على قائمة اليونسكو للتراث العالمي‪.‬‬ ‫األخير من فصول النزاع المسلح مع إسرائيل‪ ،‬إال أن هذه المواقع عانت من‬ ‫وتعطى الصالحيات في كل أنحاء العراق‬
‫غير أن مواقع أخرى لها مثل ما لهذين الموقعين من أهمية استهدفت‬ ‫بعض التلف‪.‬‬ ‫لتجوب مواطن اآلثار في الجنوب والوسط‬
‫استهدافا مباشرا أثناء العقود الثالثة أو ربما أكثر‬ ‫يقول محمد الديني المسؤول بالمديرية العامة‬ ‫والشمال‪ ..‬وإمكانيات العراق المادية الحالية‬
‫(*) مسؤولة االعالم في بعثة اللجنة الدولية في بيروت من العنف الذي اجتاح لبنان‪.‬‬ ‫لﻶثار‪" :‬تسببت الهزات والذبذبات الناتجة عن‬ ‫تسمح بذلك<‬

‫‪AFP‬‬
‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬ ‫‪2 2‬‬ ‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬
‫‪2010/2009‬‬
‫‪2 3‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫الوزارات واألجهزة المعنية ليس لديها الموارد‬ ‫تحت األرض واالتصال باليونسكو لتذكير‬ ‫روما األساسي لعام ‪ 1998‬للمحكمة الجنائية‬ ‫يؤكد يونس "أن هناك ضرورة لبذل جهود‬ ‫وتعد قلعة "الشقيف" مثاال على ما عانته هذه‬
‫الكافية‪ ،‬سواء البشرية أو المالية للقيام‬ ‫إسرائيل بالتزاماتها بموجب اتفاقية الهاي"‪.‬‬ ‫الدولية‪.‬‬ ‫مشتركة بين الوزارات المعنية كوزارة‬ ‫المواقع‪ .‬فهذه القلعة التي بناها الصليبيون في‬

‫لبنان‪ :‬توقيع المعاهدات وحده ال يكفي لحماية تراث اإلنسانية‬


‫وكانت منظمة اليونيسكو قد شاركت في بناء‬
‫بذلك"‪.‬‬ ‫أما عن شارات الحماية‪ ،‬فيشير كريدي إلى أن‬
‫منظمة اليونسكو قامت بتوزيع عالمات على‬ ‫شارات وآليات الحماية‬ ‫خالل الحرب الأهلية تم‪â‬‬ ‫الثقافة والعدل والدفاع وأيضا المديرية‬
‫العامة لﻶثار من أجل حماية أفضل للتراث‬
‫حوالي العام ‪ 1139‬م‪ .‬شهدت جميع األحداث‬
‫التي لطخت البلد بالدم‪ .‬فبسبب موقعها‬
‫القدرات للعاملين في الوزارات‪ ،‬ونظمت حلقات‬ ‫مختلف المواقع منذ عشر سنوات‪ ،‬وأن بعض‬ ‫لكن كيف ترى اليونسكو جهود لبنان من أجل‬ ‫حماية المتحف الو‪W‬ني‬ ‫الثقافي‪ .‬إذ يمكن لوزارة العدل كفالة العملية‬ ‫االستراتيجي فوق قمة جبل‪ ،‬استخدمتها‬
‫دراسية‪ ،‬عقدت واحدة منها في فبراير‪/‬شباط‬ ‫هذه العالمات ال تزال موجودة في بعض األماكن‬ ‫الحفاظ على تراثه النفيس ومن بينه خمسة مواقع‬ ‫القانونية‪ ،‬ولكن ينبغي على الوزارات األخرى‬ ‫المقاومة الفلسطينية وحلفاؤها من أحزاب‬
‫‪ ،2009‬لرفع وعي األطراف المعنية باالتفاقية‪.‬‬ ‫مثل صور وبعلبك‪ .‬ويضيف قائال‪" :‬لقد عفا‬ ‫تضمها قائمة التراث العالمي؟ يقول مسؤول‬ ‫من خالل نقل القطع‬ ‫االضطالع بالجانب الفني مثل جرد المواقع‬ ‫اليسار اللبناني للمراقبة ولألغراض العسكرية‬
‫عن ذلك يقول كريدي‪" :‬كان برنامجا كامال‬ ‫الزمن بدرجة أو بأخرى عن استخدام‬ ‫البرنامج التراث العالمي في مكتب اليونسكو‬ ‫وإعداد قائمة بما يتعرض منها للخطر‪،‬‬ ‫منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي‪ .‬وبعد الغزو‬
‫لشرح االتفاقية وما تتطلبه‪ ،‬و ُوجه إلى جميع‬ ‫الشارات‪ .‬كان ذلك مفيدا في الماضي عندما‬ ‫اإلقليمي في بيروت جوزيف كريدي‪" :‬قام‬ ‫ال�شغيرة اإلى مخاب‪� Å‬شرية‬ ‫وضمان عدم وجود مواقع عسكرية بالقرب‬ ‫اإلسرائيلي للبنان في العام ‪ ،1982‬احتل الموقع‬
‫األطراف المعنية بما فيها وزارات الثقافة‬
‫والسياحة والعدل والدفاع وأيضا المديرية‬
‫كان على الطيارين تحديد أهدافهم بعيونهم‬
‫المجردة‪ ،‬أما بالتقنيات الحديثة فاألهداف‬
‫لبنان بعمل جيد" في ما يتعلق بالحفاظ على‬
‫مواقعه التاريخية‪ ،‬السيما أثناء النزاع األخير‬
‫تح‪ â‬الأر�ش‪ ,‬اأما القطع‬ ‫من المواقع الثقافية‪ ،‬ووضع شارة الحماية‬
‫الدولية على المواقع على نحو ظاهر‪ ،‬إلخ‪."...‬‬
‫من ِقبل القوات اإلسرائيلية وأصبح بالتالي‬
‫يشكل هدفا متكررا لعمليات المقاومة المسلحة‪.‬‬
‫العامة لﻶثار"‪ .‬وركزت التوصيات على أهمية‬
‫العمل الوقائي من خالل التدريب وإشراك القوات‬
‫تُحددها أجهزة الحاسوب‪ ،‬وليس بالضرورة‬
‫أن ترصد موقع الشارات"‪.‬‬
‫مع إسرائيل عام ‪ .2006‬فعندما بدأت الحرب‪،‬‬
‫اتخذ مدير عام المديرية العامة لﻶثار جميع‬
‫الكبيرة‪ ,‬فقد دفن‪ â‬تح‪â‬‬ ‫كما يؤكد يونس على أهمية وجود لجنة‬
‫وطنية تتكون من ممثلي الوزارات المعنية من‬
‫ومع انسحاب إسرائيل من لبنان في العام‬
‫‪ ،2000‬وعودة القلعة تحت السيطرة اللبنانية لم‬
‫المسلحة في الحفاظ على التراث الثقافي قبل‬ ‫وعندما سئل لماذا يمسك لبنان حتى اآلن عن‬ ‫التدابير الوقائية الضرورية‪ ،‬وعلى رأسها‬ ‫حوائط �شميكة من‬ ‫أجل تنسيق كل هذه الجهود‪ ،‬وهو ما لم يتوفر‬ ‫يكن قد بقي قائما من الموقع سوى أجزاء قليلة‬
‫النزاع وأثناءه وبعده‪ .‬كما كان من بين أهم‬ ‫تحريك قضايا ضد االنتهاكات التي ارتكبت ضد‬ ‫االتصال بالجيش اللبناني وحزب اﷲ إلبعاد‬ ‫بعد في لبنان‪" .‬إن وجود لجنة وطنية تهتم‬ ‫من سورها‪.‬‬
‫التوصيات جرد جميع الكنوز الثقافية الثابتة‬ ‫تراثه الثقافي‪ ،‬يرد كريدي بأن "التدابير‬ ‫العمليات العسكرية عن هذه المواقع‪ ،‬والحفاظ‬ ‫الخر�شانة الم�شلحة‪.‬‬ ‫بتنفيذ االتفاقيات الدولية‪ ،‬بما فيها القانون‬ ‫يقر السيد ديني بأنه كان ينبغي على الدولة‬
‫والمنقولة وإعداد قائمة حديثة بها‪ ،‬وإنشاء‬ ‫القانونية والقضائية شديدة التعقيد‪ ،‬وأن‬ ‫على الكنوز المنقولة بالمتاحف في مخابئ‬ ‫الدولي اإلنساني‪ ،‬ضرورة ال غنى عنها للقيام‬ ‫اللبنانية أن تكون أكثر عدوانية في الحفاظ على‬
‫"وحدة للتنسيق" تتكون من ممثلين من الوزارات‬ ‫بمهمة التنسيق بين‬ ‫تراثها الوطني الذي ال يملكه الشعب اللبناني‬
‫المعنية لتكون مسؤولة عن وضع خطة للعمل‬ ‫مختلف اإلدارات"‬ ‫فحسب‪ ،‬بل هو جزء من الثقافة العالمية أيضا‪،‬‬
‫الطارئ‪.‬‬ ‫يقول يونس‪.‬‬ ‫"فأول ما يتعين فعله هو إبعاد المواقع‬
‫إلى ذلك تعرض التراث الثقافي اللبناني أثناء‬ ‫وتبقى المواقع‬ ‫العسكرية عن المواقع الثقافية‪ ،‬ألن وجود أي‬
‫الحرب األهلية التي دامت خمسة عشر عاما‪ ،‬إلى‬ ‫الثقافية محمية بالفعل‬ ‫يستغل‬ ‫نشاط عسكري على مقربة من الموقع ُ‬
‫خطر كبير‪ .‬كانت سنوات الحرب األهلية بال شك‬ ‫بموجب القانون‬ ‫كمبرر الستهدافه واإلغارة عليه‪ .‬كما أن شارة‬
‫أصعب تجربة مر بها األمير موريس شهاب‬ ‫الدولي اإلنساني‬ ‫الحماية الخاصة بالممتلكات الثقافية ينبغي‪،‬‬
‫خالل عمله لفترة طويلة كمسؤول عن اآلثار في‬ ‫طالما أنها ال تستخدم‬ ‫كما تنص اتفاقية الهاي‪ ،‬وضعها في مكان‬
‫لبنان‪ .‬فقد كان المتحف الوطني يقع عند خط‬ ‫في األغراض‬ ‫ظاهر في المواقع الثقافية أثناء الحروب‪.‬‬
‫التماس بين المنطقة الشرقية لبيروت ذات‬ ‫ُ‬
‫العسكرية‪ .‬وقد أقرت‬ ‫ولكن لبنان لم يستخدم الشارات سواء في‬
‫الغالبية المسيحية والمنطقة الغربية ذات الغالبية‬ ‫اتفاقية الهاي ‪-‬‬ ‫حرب ‪ 2006‬أم في النزاعات التي سبقتها"‪.‬‬
‫المسلمة‪ .‬وبالرغم من الجهود التي بذلها األمير‬ ‫كمجموعة قوانين‬ ‫كما يعد النهج السلبي في معالجة انتهاكات‬
‫موريس‪ ،‬لم يتمكن من حماية المبنى من‬ ‫إضافية إلى القانون‬ ‫اتفاقية الهاي نقيصة أخرى تالم عليها السلطات‬
‫االحتالل على يد الميليشيات المتقاتلة‪.‬‬ ‫الدولي ‪ -‬لتوفير‬ ‫اللبنانية‪ ،‬إذ أن لبنان لم يقدم أي شكوى أو‬
‫ويشير ديني إلى أن "شهاب حاول إنقاذ‬ ‫مستوى أعلى من‬ ‫اتهاما رغم الدمار الذي لحق بتراثه‪ .‬ووفقا للسيد‬
‫مقتنيات المتحف األثرية من خالل "نقل‬ ‫الحماية للتراث‬ ‫ديني‪" ،‬كان يمكن ببساطة تحريك قضية‪،‬‬
‫القطع الصغيرة التي يمكن نقلها إلى مخابئ‬ ‫الثقافي الوطني الذي‬ ‫على سبيل المثال‪ ،‬أمام القضاء الدولي ضد‬
‫سرية تحت األرض‪ ،‬أما القطع الكبيرة‪،‬‬ ‫يجسد هوية الشعب‬ ‫إسرائيل‪ ،‬السيما إنها من بين الدول الموقعة‬
‫كالتوابيت الحجرية‪ ،‬التي لم يكن من السهل‬ ‫وتاريخه وإبداعه‪.‬‬ ‫على اتفاقية الهاي‪ ،‬ولكن لألسف لم يقم‬
‫نقلها‪ ،‬فقد دفنت تحت حوائط سميكة من‬ ‫يقول يونس‪" :‬من‬ ‫لبنان بذلك رغم أن االتفاقية وضعت‬
‫الخرسانة المسلحة لحمايتها من الدمار‬ ‫مصلحة لبنان‬ ‫لتُستخدم أثناء النزاعات المسلحة وبعدها‬
‫والنهب"‪.‬‬ ‫احترام المعاهدات‬ ‫من أجل التمسك بالحقوق والمطالبة‬
‫هل يتعين على الحكومة اللبنانية اتخاذ تدابير‬ ‫الدولية ومعرفة‬ ‫بالتعويض"‪.‬‬
‫إضافية لحماية التراث اللبناني؟ يرى كريدي أن‬ ‫حقوقه وواجباته‪.‬‬
‫"هناك دائما المزيد الذي يمكن عمله‪ ،‬ولكن‬ ‫فكيف يمكن له أن‬ ‫المصادقة على المعاهدات ال يكفي‬
‫يجب األخذ في االعتبار محدودية الموارد‬ ‫يحرك قضية أمام‬ ‫يرى المسؤول في وزارة العدل القاضي علي‬
‫المتاحة للحكومة‪ ،‬وأعتقد أن الوزارات‬ ‫العدالة الدولية إذا‬ ‫يونس أنه "ال يكفي التصديق على اتفاقية أو‬
‫المعنية والمديرية العامة لﻶثار تقوم بعمل‬ ‫كان لم يوقع على‬ ‫معاهدة‪ ،‬بل األهم هو متابعتها وضمان‬
‫جيد"‪ .‬لكن برأيه "من غير الكافي توقيع‬ ‫نظام روما‬ ‫تنفيذها على نحو مالئم"‪ ،‬ويضيف قائال‪:‬‬
‫اتفاقية والتصديق عليها‪ ،‬ولكن األهم هو‬ ‫األساسي؟"‪ .‬فلبنان‬ ‫"اتخذ لبنان الخطوات الضرورية من الناحية‬
‫كفالة آلية لضمان التنفيذ الجيد وكبح جماح‬ ‫لم يحرك قضايا‬ ‫القانونية عندما صادق على اتفاقية الهاي‪،‬‬
‫االنتهاكات"‪ .‬وينطبق األمر نفسه على كل‬ ‫بارتكاب "جرائم‬ ‫ولكن على الصعيد العملي‪ ،‬ال يزال هناك‬
‫االتفاقيات دولية بما فيها القانون الدولي‬ ‫حرب" ضد مواقعه‬ ‫الكثير يجب القيام به‪ ،‬وعلى رأس ذلك إصدار‬

‫‪AFP‬‬
‫اإلنساني الذي يتطلب أيضا الوسائل المالئمة‬ ‫الثقافية ألنه لم‬ ‫القرارات والمراسيم ذات الصلة التي تضمن‬
‫واإلرادة السياسية لضمان تنفيذه<‬ ‫قلعة "الشقيف" الصليبية التاريخية (‪ 1139‬ميالدية) دمرت أجزاء كبيرة منها بعد أن تحولت إلى موقع عسكري‪.‬‬ ‫يصادق على نظام‬ ‫التطبيق المالئم لالتفاقية‪".‬‬

‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬ ‫‪2 4‬‬ ‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬


‫‪2010/2009‬‬
‫‪2 5‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫لم نقل يجعل من المستحيل‪،‬‬ ‫يهتمون اليوم بالدرجة األولى‬ ‫أعلى المئذنة الملوية في مدينة سامراء‬ ‫من‬
‫�امر ال‪�J‬يسي* الوصول إلى توثيق األضرار التي‬ ‫بوضعهم األمني‪ ،‬ومن ثم‬ ‫شمال بغداد‪ ،‬تبدو األراضي متعرجة‪،‬‬
‫لحقت بتلك اآلثار‪ ،‬وال سيما أن‬ ‫المعيشي‪ ،‬ومن بعدها السياسي‪،‬‬ ‫والسبب في ذلك هو أن مدينة كاملة‪ ،‬كانت‬
‫المناطق تلك‪ ،‬تمثل مكانا لوجود آثار محتملة‬ ‫لكن االهتمام بالمتحف واآلثار‪ ،‬فإنه مع‬ ‫قبل حوالي ‪ 1300‬عاما مقرا للخالفة‬
‫وشواخص عمرانية في طور االكتشاف‪ ،‬وهي‬ ‫األسف الشديد‪ ،‬ال ينسجم والهواجس‬ ‫العباسية‪ ،‬موجودة تحت األرض‪ .‬لكن ومع‬
‫شديدة الحساسية وقد تتأثر بأقل نشاط في‬ ‫والمخاطر التي تحيق بهم‪.‬‬ ‫األسف الشديد‪ ،‬يروي أهل المدينة قصصا‬
‫محيطها فينبغي لفت االنتباه إليها باستمرار‪..‬‬ ‫الغريب في ما رأينا أن أركان المتحف‬ ‫كثيرا‪ ،‬كيف أن هذه المناطق التي ينبغي أن‬
‫لقد حرصت منظمة اليونسكو على إصدار‬ ‫العراقي لم تكن مقسمة بالطريقة التي كانت‬ ‫يتم التعامل معها بمنتهى الحذر‪ ،‬ومساحتها‬
‫العديد من التقارير والنصائح‪ ،‬التي ترصد‬ ‫عليها في السابق قبل العام ‪ ،2003‬كما أن‬ ‫تقدر بالكيلومترات‪ ،‬كانت ممرا في كثير من‬
‫األخطار المقبلة على المنظومة األثرية في‬ ‫القطع التي استعيدت بعد سرقتها‪ ،‬كانت‬ ‫األحيان لﻶليات العسكرية‪ ،‬ما أسهم في‬
‫العراق‪ ،‬سواء بالتصريح‪ ،‬أو من خالل‬ ‫منظمة بحسب تسلسل الدول التي جلبتها‪،‬‬ ‫تردي أوضاع المدينة األثرية التي تعتبر من‬
‫التدخل المباشر‪ ،‬كما حصل في مراحل بناء‬ ‫فتوضع عبارة "من األردن" مثال‪ ،‬على اآلثار‬ ‫بين ثالثة مواقع عراقية تحميها منظمة‬
‫قبة "مرقد اإلمام علي الهادي" (دمرت في‬ ‫العائدة من هناك‪ ،‬ومن أميركا وبريطانيا‬ ‫اليونسكو‪.‬‬
‫أحد االنفجاريات في العام ‪ ،)2006‬والتي‬ ‫وهكذا‪ ...‬وهي في طبيعتها مكتشفات أثرية‬ ‫من أعلى قمة المئذنة الملوية‪ ،‬الفريدة في‬
‫أريد لها أن تبنى بطريقة تختلف هندسيا‬ ‫مختلفة التصنيف وتعود ألزمنة مختلفة‪،‬‬ ‫الشكل المعماري والتصميم الهندسي‪ ،‬كنت‬
‫ومعماريا‪ ،‬عن شكلها األول‪ ،‬هذا باإلضافة‬ ‫لكنها وضعت معا بهذا الشكل إليصال رسالة‬ ‫أشاهد الدمار الذي لحق بها‪ .‬فأعلى المئذنة‬
‫إلى جعل سامراء ضمن دائرة التراث‬ ‫أنها كانت مسروقة ثم عادت‪.‬‬ ‫والذي يسمى بـ "الجاون" تم تدميره بتفجير‬

‫‪AFP‬‬
‫العالمي‪ ،‬وتشكيل لجان خاصة لمتابعة‬ ‫وعندما أبديت مالحظتي للموظفين عن أن‬ ‫عبوة ناسفة‪ .‬وبغض النظر عن الفاعل‪ ،‬الذي‬
‫التداعيات التي تحيق باآلثار العراقية‪.‬‬ ‫القطع في المتاحف توضع بطريقة أقدميتها‬ ‫تختلف الروايات حوله‪ ،‬لكن المحصلة‪ ،‬هي أن‬
‫وترسم الحالة األمنية في العراق مالمحها‬ ‫أو أهميتها‪ ،‬أو مع مثيالتها (الخزف مع‬ ‫ومدى تأثير المعارك عليها‪.‬‬ ‫العراق فقد الجزء العلوي من المعلم األثري‬
‫على كل مجريات األحداث‪ ،‬كما أن البعد‬ ‫الخزف أو المعادن مع المعادن‪ )..‬كان‬ ‫تحديات كثيرة واجهتني أيضا عندما قررت‬ ‫األهم من الحقبة العباسية كما يقول‬
‫الجغرافي للمواقع األثرية‪ ،‬وغياب الحماية‬ ‫الجواب من قبل بعض الموظفين هو أن‬ ‫الذهاب إلى المتحف العراقي في قلب بغداد‪.‬‬ ‫المؤرخون‪.‬‬
‫الكافية عنها‪ ،‬وعدم قدرتنا نحن كصحفيين‬ ‫التسمية الحقيقة للمتحف العراقي‪ ،‬هي‬ ‫فقبل أن أصل إلى منطقة المتحف قرب محطة‬ ‫وبعد ذلك التفجير‪ ،‬حرم أهل مدينة سامراء‬

‫حال اآثار العراق‬


‫من الوصول إلى معظم تلك المواقع ألسباب‬ ‫"معرض اآلثار العراقية"‪ ،‬وليس المتحف‪،‬‬ ‫"مرآب العالوي" في كرخ عاصمة الرشيد‪،‬‬ ‫من الصعود إلى قمة تلك المنارة‪ ،‬وهم الذين‬
‫أمنية‪ ،‬يجعل من الغوص عميقا في ما حصل‬ ‫ألنه ال يمتلك إلى اآلن‪ ،‬الشروط أو‬ ‫كان ال بد لي من أن أمر بعشرات نقاط‬ ‫كانوا يصعدون إليها منذ أكثر من ألف عام‪،‬‬
‫أمرا بعيد المنال‪.‬‬ ‫اإلمكانيات التي تؤهله ليكون متحفا حقيقيا‪.‬‬ ‫التفتيش‪ ،‬ومنعنا من التصوير على البوابات‬ ‫واألمر يتقاسمه المواطن والصحفي على حد‬

‫بعيون �شحافي‬
‫وفيما يحاول العراق استرداد بعض القطع‬ ‫في العراق عدد كبير من المناطق األثرية‪،‬‬ ‫الخارجية كما لم يسمح لنا بإدخال الهاتف‬ ‫سواء‪ ،‬فكل شيء بيد قوات األمن‪ ،‬التي تمنع‬
‫التي سرقت من هنا وهناك‪ ،‬فإن التجاوزات‬ ‫كما أنه كنز من كنوز المكتشفات األثرية التي‬ ‫ألي سبب‪ .‬وهكذا ال يتمكن العراقي من أن‬ ‫أو تسمح بالصعود إليها‪.‬‬
‫من قبل المواطنين على اآلثار لم تزل‬ ‫تشرح لإلنسانية حياة الشعوب األولى‪،‬‬ ‫يلتقط الصور للذكرى كما هو الحال في كل‬ ‫ومن الحديث عن تلك المنطقة التي زرتها‪،‬‬
‫مستمرة‪ ،‬بل وحتى عمليات النبش والتهريب‬ ‫وبداية صنعة العلم‪ ،‬ال سيما في الكتابة‬ ‫متاحف الدنيا‪ ،‬فالكاميرا ممنوعة ألسباب‬ ‫يقودني الحديث عن اآلثار العراقية بشكل‬

‫من اأهل البلد‬


‫كما تقول قوات األمن العراقية‪ .‬وكثيرا ما تم‬ ‫واختراع العجلة وانطالق الزراعة ومشاريع‬ ‫أمنية‪ ،‬أما الصحفيون‪ ،‬فال بد من حصولهم‬ ‫عام‪ .‬فقبل محاولتي كصحفي عراقي التوجه‬
‫اإلمساك بمهربين لﻶثار وعرضهم على‬ ‫الري البدائية‪.‬‬ ‫على موافقات مسبقة تستوجب جلب كتب‬ ‫لزيارة المنطقة األثرية في سامراء‪ ،‬كان لزاما‬
‫شاشات التلفزة‪ ،‬وهو دليل آخر على خطورة‬ ‫ويستغرب معظم الصحفيين العراقيين من‬ ‫رسمية من جهات العمل فقط لتصوير أي‬ ‫علي أن أحصل على موافقات معقدة‪ ،‬من‬
‫التعامل مع هذا الملف لوجود عصابات‬ ‫الطريقة التي أهدرت بها الثروة العراقية بعد‬ ‫جزء من المتحف‪.‬‬ ‫قوات األمن‪ ،‬وبالفعل كنت محظوظا‪ ،‬وسمحت‬
‫متخصصة‪ ،‬كما أنه مؤشر على أن‬ ‫مارس‪/‬آذار ‪ ،2003‬يوم أن ترك المتحف‬ ‫في حقيقة األمر وعندما كنت في المتحف‬ ‫هذه القوات بذلك‪ .‬وعلمت الحقا عندما شرعت‬
‫االستنزاف ما زال مستمرا‪ ،‬وال يبدو‪ ،‬في ظل‬ ‫وتم نهبه‪ .‬كما يبدو االستغراب جليا‪ ،‬من‬ ‫العراقي أنا وزميلي‪ ،‬كنا وحيدين في قاعات‬ ‫بالتصوير‪ ،‬أنني الصحفي الوحيد منذ ثالث‬
‫تحديات الملف األمني في العراق‪ ،‬أن ملف‬ ‫اتخاذ العديد من المواقع األثرية‪ ،‬ال سيما في‬ ‫المتحف كلها‪ ،‬ولم يكن يوجد أي زائر عراقي‬ ‫سنوات‪ ،‬الذي تمكن من الصعود إلى المنارة‬
‫اآلثار العراقية سيحظى باالهتمام‬ ‫بابل وسامراء‪ ،‬مقرات عسكرية‪،‬‬ ‫غيرنا‪ ،‬وهو بالتأكيد نتاج طبيعي لضغط‬ ‫العتيقة‪ ،‬وتوثيق حالتها بهذه الطريقة‪ .‬وهو‬
‫المطلوب<‬ ‫(*) صحافي عراقي‬ ‫األمر الذي يص ّعب بشكل كبير‪ ،‬إن‬ ‫الحياة على أبناء الشعب العراقي‪ ،‬فالعراقيون‬ ‫عمل يوثق لحال المواقع األثرية العراقية‬

‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬ ‫‪2 6‬‬ ‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬


‫‪2010/2009‬‬
‫‪2 7‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫تشكل صناعة الصابون إرثا ثقافيا واقتصاديا يعتز به‬
‫أهل مدينة نابلس غير أن هذه الصناعة الحرفية تأثرت‬
‫كثيرا باالحتالل وحال النزاع التي تعيشها المدينة ما‬
‫يهدد باختفاء إرث يعود ألكثر من ألف سنة‪.‬‬

‫باإلضافة إلى التدمير‬ ‫"الصابون النابلسي" رائحة‬ ‫يحمل‬


‫الجزئي لمعظم الصبانات‬
‫*‬
‫مس‪F‬د… �ي‪—Ë n‬ما‪ Õ‬ال‪J‬ي‪ö‬ني‬ ‫التاريخ والتراث معه أينما حل‪ ،‬وهو أحد‬
‫األخرى‪.‬‬ ‫المنتجات الصناعية لنابلس الفلسطينية‬
‫سعيد كنعان‪ ،‬أحد المالك‬ ‫وسفيرها الذي يحمل عالمة الجودة األولى في‬

‫العمليات الع�شكرية‬
‫المعروفين لواحدة من‬ ‫كل مدن العالم العربي والغربي‪.‬‬
‫الصبانات الموجودة بنابلس‬ ‫يعيد المؤرخون صناعة الصابون في نابلس‬
‫يقول‪" :‬إن صبانة عائلتي‬ ‫إلى أكثر من ألف عام مضت‪ ،‬مستدلين على ذلك‬

‫والمناف�شة اأ�شعفتها‬
‫يزيد عمرها على ‪ 500‬عام‬ ‫بالكثير من الكتابات التي دونها الرحالة‬
‫وتعتبر من اكبر الصبانات‬ ‫والمؤرخون القدماء‪ .‬ويتميز الصابون النابلسي‬
‫الموجودة في المدينة وكان‬ ‫بلونه األبيض متميزا بذلك عن أنواع الصابون‬
‫إنتاجها يصدر إلى مصر‬ ‫األخرى التي تصنع من زيت الزيتون‪.‬‬
‫واألردن"‪ .‬يتوقف سعيد عن‬ ‫يطلق على المكان الذي يصنع به الصابون‬
‫الحديث ليمسح دمعة فلتت‬ ‫"الصبانة" أو "المصبنة"‪ ،‬وهي عبارة عن بناء‬
‫منه على إرث ضاع ويفكر‬
‫هنيهة وكأنه يقلّب جمرات‬ ‫صناعة الصابون في نابلس‪:‬‬ ‫كبير ذي عدة أقسام ومستويات‪ ،‬يحتوي األول‬
‫على اآلبار ويقع تحت الطبقة األرضية للمبنى‬
‫من موقد الذاكرة ثم يضيف‪:‬‬ ‫وفيه يخزن الزيت؛ أما القسم الثاني فيحتل كل‬
‫"إن تدمير الصبانات يؤدي‬
‫إلى طمس تاريخ نابلس‬
‫إرث ألف عام مهدد باالندثار‬ ‫الطبقة األرضية ذات السقف العالي‪ ،‬والذي‬
‫صمم المتصاص الحرارة المنبعثة من عملية‬
‫وثقافته‪ .‬فالصبانة كانت‬ ‫طبخ الصابون وفي مؤخرة الطبقة األرضية‬
‫تشكل الدخل الرئيس‬ ‫وعلى جانبيها كانت تقوم مستودعات المواد‬
‫لعائلتي الممتدة وللعديد من العمال الذين‬ ‫القرنين الثامن والتاسع عشر في أحياء نابلس‬ ‫األولية األخرى‪ :‬القلو والشيد وخزان ماء؛‬
‫فقدوا مصدر رزقهم الوحيد واضطروا إلى‬ ‫العريقة كالحبلة والياسمينة والغرب‬ ‫ويسمى القسم الثالث من المصبنة "بالمفرض"‪،‬‬
‫ً‬
‫أصيال‬ ‫إيجاد وظائف جديدة‪ .‬لقد فقدت جز ًءا‬ ‫والقريون‪.‬‬ ‫وهو يحتل الطبقة الثانية كلها حيث ينشر‬
‫وعزي ًزا من إرث عائلتي التي طالما ارتبط‬ ‫عشية اندالع الحرب العالمية األولى كان عدد‬ ‫الصابون ويقطع ويجفف‪.‬‬
‫اسمها بصناعة الصابون"‪.‬‬ ‫مصانع الصابون في نابلس ‪ 29‬مصبنة منها‬ ‫تشكل المصابن واحدة من اإلرث الثقافي‬
‫ويعلق مدير مركز إحياء التراث في نابلس‪،‬‬ ‫‪ 23‬مصبنة كبيرة و‪ 6‬صغيرة‪ .‬أما اليوم‬ ‫الذي يعتز به أهل نابلس حيث يبلغ متوسط‬
‫نصير عرفات‪ ،‬قائال‪" :‬إن تدمير الصبانات‬ ‫وبحسب ما ذكرته أرقام غرفة تجارة وصناعة‬ ‫عمر الصبانات الموجودة اليوم أكثر من ‪300‬‬
‫وجه ضربة موجعة لتراث المدينة وتاريخها‬ ‫نابلس فيبلغ عدد المصابن المسجلة رسميا في‬ ‫عام‪ ،‬وكانت على مدى التاريخ مراكز جذب‬
‫الذي طالما اعتزت به‪ ،‬وإنه لمن المؤسف أن‬ ‫الغرفة‪ ،‬حتى نهاية العام ‪ 28 ،2002‬مصبنة‪،‬‬ ‫اقتصادية وحتى مراكز التخاذ القرارات‬
‫هذه الصبانات لم توضع على قائمة منظمة‬ ‫لكن عددا كبيرا منها توقف عن اإلنتاج منذ‬ ‫السياسية‪ ،‬إلى جانب كونها أماكن إلظهار‬
‫اليونسكو كأحد المعالم الثقافية"‪ .‬ويوضح‬ ‫سنوات‪ ،‬وبعضها اآلخر قلص إنتاجه بشكل‬ ‫النفوذ والثراء للعائالت النابلسية العريقة‪.‬‬
‫عرفات "أن بعض الصبانات التي دمرت‬ ‫كبير بسبب ضعف الطلب على هذا النوع من‬ ‫وأدت صناعة الصابون دورا اقتصاديا هاما‬
‫بشكل جزئي تم ترميمها الحقا ولكن ال يمكن‬ ‫الصابون مع ازدياد المنافسة من قبل الصابون‬ ‫في تاريخ نابلس فساهمت في ازدهار الوضع‬
‫عمل المثل للصبانات التي دمرت بشكل كامل‬ ‫الصناعي‪.‬‬ ‫االقتصادي لسكان المدينة‪ ،‬حيث كان أصحاب‬
‫ألنها ستفقد بذلك كثيرا من قيمتها‬ ‫في عام ‪ 2002‬وخالل عملية السور الواقي‬ ‫المصابن في الماضي من كبار الشخصيات‬
‫التاريخية"‪.‬‬ ‫التي نفذها الجيش اإلسرائيلي وأعيد خاللها‬ ‫االقتصادية والسياسية في المدينة‪ ،‬وكان‬
‫إن منافسة الصابون الصناعي والتدمير أثناء‬ ‫احتالل معظم مدن الضفة الغربية ومنها‬ ‫ّ‬
‫األغنياء ينشئون المصابن في األحياء ويشغلون‬
‫عملية السور الواقي لصبانات نابلس أضعف‬ ‫ً‬
‫كامال‬ ‫تدميرا‬
‫ً‬ ‫نابلس‪ ،‬تم تدمير ‪ 3‬صبانات‬ ‫العمال فيها‪.‬‬
‫بشكل كبير هذه الصناعة التي بدأت تضمحل‬ ‫وأسماء "المصري"‪ ،‬و"الرنتيسي"‪،‬‬
‫شيئا فشيئا فلم يبق اليوم غير صبانتين مازالتا‬ ‫(*) موظفتان في قسم الحماية في مكتب اللجنة‬ ‫و"كنعان"‪ ،‬و"الشكعة"‪ ،‬و"النابلسي" هي‬
‫‪ICRC‬‬

‫تعمالن من أصل ‪ 30‬صبانة<‬ ‫الدولية في نابلس‬ ‫أسماء ألشهر مصابن نابلس التي وجدت منذ‬

‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬ ‫‪2 8‬‬ ‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬


‫‪2010/2009‬‬
‫‪2 9‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫ويتميز الطراز المعماري الصنعاني بالتفرد‬ ‫"األبهر"‪ ،‬و"الطواشي"‪ ،‬و"الفليحي" باإلضافة‬ ‫العمارة اليمنية القديمة بخصائصها‬ ‫تمثل‬
‫عن غيره من الفنون المعمارية الشرقية حيث إن‬
‫*‬
‫��د ال‪eF‬ي‪� e‬و{‪t‬‬ ‫إلى المنظر السريالي الذي رسمته منازل‬ ‫نموذجا مثاليًا لما ينبغي أن تكون عليه‬
‫ً‬ ‫المميزة‬
‫واجهات العمارات تعد غريبة على المدن العربية‬ ‫"بروم" و"السائلة"‪ .‬كما نجد في حضرموت‬ ‫العمارة البيئية التي تجيد التعاطي مع البيئات‬
‫القديمة فتختلف واجهة كل منزل عن اآلخر حتى‬ ‫إلى منتصف القرن األول الميالدي تقريبًا وهو‬ ‫الغنية الرائعة بخصائص العمارة التراثية‪ً ،‬‬
‫مثاال‬ ‫المتعددة والمتفاوتة المحيطة بها‪ ،‬كما أنها تعد‬
‫وان كانا منزلين متالصقين‪.‬‬ ‫يذكر أن دولتي "سبأ" و"قتبان" كانتا‬ ‫آخر شاهدا على روعة التراث المعماري اليمني‪.‬‬ ‫شاه ًدا بارزًا على براعة المعماري اليمني‬
‫كما تتفرد صنعاء بوجود نظام تزيين حيطان‬ ‫تتقاسمان مدينة صنعاء التي ورد اسمها في‬ ‫التقليدي وانعكاسا الستيعابه أساسيات العمران‬
‫المنزل بالجبس في األجزاء البارزة وإطارات‬ ‫النقش باسم "هجرت‪ ،‬صنعو" بلغة "المسند"‬ ‫عمارة تحاكي البيئة والمناخ‬ ‫وتناغمه مع البيئة واستجابته الفطرية لعوامل‬
‫األبواب والنوافذ وعند الحدود بين الطوابق‪.‬‬ ‫اليمنية القديمة التي تستبدل حرف األلف بالواو‬ ‫يغيب أي تاريخ محدد لتأسيس مدينة صنعاء‬ ‫نجاح ذلك العمران‪.‬‬
‫وتتميز صنعاء القديمة بأن منازلها مندمجة‬ ‫فتكون كما ورد االسم "صنعاء"‪ .‬ووصفها‬ ‫وقد تعددت أسماؤها عبر التاريخ‪ .‬فإلى جانب‬ ‫ولعل أبسط وأبرز دليل على أهمية وقيمة‬
‫ومترابطة ومتالصقة تتجمع في نمط عمراني‬
‫متميز مع شبكة متعرجة وضيقة من الطرقات‪.‬‬
‫المستشرقون األجانب بأنها "من أجمل المدن‬
‫في الشرق كله‪".‬‬
‫اسم مدينة "سام" عرفت صنعاء باسم "آزال"‬
‫نسبة إلى "آزال بن يقطن بن العبيد بن عامر‬
‫العمارة اليمنية التقليدية يكمن في عمرها الطويل‬
‫وفيما أثبتته من صمود وشموخ عجيبين لمئات‬
‫التراث المعماري اليمني‬
‫�شفر اإلى عمق التاريخ‬
‫ولم يكن بناء المدينة على هذا النمط عبثيا بل إن‬ ‫يبلغ ارتفاع بعض دور صنعاء القديمة ثمانية‬ ‫بن شالح" حفيد سام بن نوح‪ .‬وظلت صنعاء‬ ‫السنين وفي ظروف مناخية متباينة‪.‬‬
‫عوامل اجتماعية وأمنية ومناخية واقتصادية‬ ‫طوابق كل مستقل بذاته وله خصائص مختلفة‬ ‫تعرف باسم مدينة "آزال" في الجاهلية وما زال‬ ‫فمن يشاهد العمارة اليمنية والسيما مدينة‬
‫أثرت في تحديد عمارة المدينة بهذا الشكل‪،‬‬ ‫عن اآلخر‪ .‬ويصل بين الطابق واآلخر حزام من‬ ‫االسم معروفًا حتى اليوم‪ ،‬وبحسب المؤرخين‬ ‫صنعاء القديمة ال يملك إال أن يرجع به الزمان‬
‫لتعبر بذلك عن النظام االجتماعي واألسري‬ ‫الخارج مصنوع من مادة البناء نفسها وبأشكال‬ ‫فقد ورد ذكرها في التوراة بهذا االسم‪.‬‬ ‫عشرات القرون إلى الوراء فيحيا مع التاريخ‬
‫المترابط‪ ،‬إلى جانب استجابتها للدواعي األمنية‪.‬‬ ‫هندسية رائعة الزخرفة‪.‬‬ ‫ويعود أقدم نقش تاريخي ذكرت فيه صنعاء‬ ‫ويشتم رائحته في شوارعها وأزقتها في مناطق‬

‫للعمارة التقليدية‬
‫اليمنية أهمية كبرى‬
‫وقيمة ومكانة‬
‫مرموقتان بسبب‬
‫الخصائص‬
‫المعمارية الفريدة‬
‫التي تميزها‪ ،‬ما‬
‫دفع منظمة‬
‫"اليونسكو" إلى‬
‫تسجيل ثالث مدن‬
‫يمنية هي صنعاء‬
‫وشبام وزبيد في‬
‫سجل التراث‬
‫العالمي لﻺنسانية‬

‫‪ICRC‬‬
‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬ ‫‪3 0‬‬ ‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬
‫‪2010/2009‬‬
‫‪3 1‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫اليمن قد نشأ واستوحيت خصائصه‬ ‫حضرموت وذلك ما بين العامين ‪ 420‬و‪450‬‬ ‫تحمل الحرارة وعدم السماح بنفاذها إلى داخل‬ ‫األدوار بمادة الياجور (الطوب المتفحم يميل‬ ‫وقد كان المناخ القاري للمدينة‪ ،‬ذو الحرارة‬
‫المعمارية من الدين اإلسالمي والنهضة‬ ‫بعد الميالد‪...‬‬ ‫المنزل في الصيف‪ ،‬كما أن لها القدرة على‬ ‫لالحمرار)"‪ .‬ويقول عيسى عن مواد البناء‬ ‫المرتفعة في الصيف والباردة نسبيًا في الشتاء‪،‬‬

‫التراث المعماري اليمني سفر إلى عمق التاريخ‬


‫العلمية التي أحدثها‪ ،‬إال انه يتنوع من منطقة‬ ‫وهي بنيت بشكلها الباقي حتى اليوم في‬ ‫االحتفاظ بالحرارة لمدة طويلة مما يجعلها‬ ‫المستخدمة في الطراز المعماري الصنعاني‬ ‫من أكبر العوامل في توجيه المباني في صنعاء‬
‫إلى أخرى تبعا للطقس ولﻺرث المعماري‬ ‫العقد الثاني من القرن التاسع الهجري حيث‬ ‫مصدرا لإلشعاع الحراري شتا ًء‪.‬‬
‫ً‬ ‫"أنها ال تخرج عن المواد المحلية كالطين‬ ‫القديمة نحو اتجاهات عمرانية متميزة طبقًا‬
‫والحضاري السابق لﻺسالم"‪.‬‬ ‫تضم حوالي ‪ 500‬منزل يتراوح ارتفاعها ما بين‬ ‫أيضا الشباك أو بيت‬ ‫أما المشربيات وتسمى ً‬ ‫واألحجار بأنواعها من البازلت والحجر الجير‬ ‫من ي�شاهد العمارة اليمنية في‬ ‫التجاهات الرياح ومسار الشمس طوال العام‪.‬‬
‫ويشرح المفلحي أن "نموذج الصحن‬ ‫‪ 25‬إلى ‪ 30‬مترا‪ ،‬وتتكون كل بناية من حوالي‬ ‫الشربة وهي عبارة عن نتوء زائد في جدار‬ ‫واآلجر المحروق‪ .‬وهذه المواد في طبيعتها‬ ‫ويستفيد سكان المدينة من هذا النمط‬
‫المفتوح مثال ينتشر في الجزء الساحلي‬ ‫ستة طوابق كما تلتف المنازل بشكل مربع حول‬ ‫البيت تكون عادة في الطوابق العليا منها ما‬ ‫تخزن الحرارة نها ًرا وتفقدها ببطء ً‬
‫ليال‪ ،‬مما‬ ‫مدينة �شنعا‪ A‬القديمة ل يمل∂‬ ‫العمراني في مواجهة الحرارة الشديدة صيفًا‬
‫الغربي من اليمن حيث تسود الحرارة‬ ‫جامع المدينة الذي يقع في المركز منها‪.‬‬ ‫يصنع من الخشب ومنها ما يصنع من الياجور‪.‬‬ ‫يعني الحفاظ على درجة حرارة معتدلة داخل‬ ‫حيث يقلل تالصق المباني من تعرض األسطح‬
‫الشديدة‪ ،‬بينما يختفي هذا النموذج في‬ ‫ويعود أقدم منازل المدينة‪" ،‬بيت جرهوم"‬ ‫وللمشربية وظائف عدة منها حفظ الماء‬ ‫المنزل"‪.‬‬ ‫اإل اأن يحيا مع التاريخ وي�شتم‬ ‫الخارجية للمنازل ألشعة الشمس المحرقة نتيجة‬
‫المرتفعات الجبلية في اليمن نتيجة األجواء‬
‫الباردة‪ ،‬وهذا الشكل شهد تغيرات عبر الزمن‬
‫الذي عملت اليونسكو على ترميمه والحفاظ‬
‫عليه‪ ،‬إلى أكثر من ‪ 750‬سنة مضت‪ ،‬إضافة إلى‬
‫والمشروبات األخرى باردة ومن هنا أتت‬
‫تسميتها‪ ،‬ووظيفة أمنية حيث عادة ما تستخدم‬
‫ويستخدم البناؤون مواد محلية ومن مصادر‬
‫البيئة القريبة من المدينة كاألخشاب للسقوف‬
‫رائحته في ‪T‬شوارعها واأزقتها‬ ‫تظليل المباني لبعضها‪ ،‬ولما يجاورها من مبان‬
‫وأسواق‪ .‬كما يستفيد المشاة في طرق المدينة‬
‫تبعا للظروف السياسية والمعيشية‬ ‫"حصن شبام" الذي بناه ابن مهدى في العام‬ ‫للتعرف على من يطرق الباب الن المشربية غالبًا‬ ‫واألبواب والنوافذ والنورة** والجبس (القص)‬ ‫وأزقتها الضيقة من عدم استقامة الشوارع في‬
‫والثقافية للمجتمعات اإلسالمية"‪.‬‬ ‫‪1221‬م‪.‬‬ ‫ما تكون مطلة على باب البيت الرئيسي‪ ،‬كما أنها‬ ‫للزخرفة والتجميل‪ ،‬والنورة المخلوطة بمواد‬ ‫تحاشي أشعة الشمس في فترة الظهيرة‪.‬‬
‫ودعا وزير الثقافة إلى تنمية وعي حقيقي‬ ‫ويحيط بشبام سور قديم من الحجر الطيني‬ ‫تؤدي دورا في تحريك الهواء الداخل إلى البيت‬ ‫أخرى "كالقضاض" وهي مادة اسمنتية قوية‪.‬‬ ‫إلى ذلك فإن معظم نوافذ أماكن الجلوس‬
‫لدى الشعوب بأهمية الحفاظ على التراث‬ ‫ولهذا يطلق عليها اسم المدينة المسورة‬ ‫والخارج منه‪.‬‬ ‫وفي البناء الخارجي استخدمت أحجار بازلتية‬ ‫والمقايل (مجالس القات) والمفارج (الحجرة‬
‫المعماري اإلسالمي من خالل تشجيع‬ ‫ويتراوح ارتفاعه من ‪ 7.5‬متر إلى ‪ 9‬أمتار‪.‬‬ ‫ذات مسميات مختلفة منها‪ :‬الجعم ويستخدم في‬ ‫المبنية في أعلى البيت) تتجه نحو الجنوب لكي‬
‫المؤسسات المهنية واألكاديمية على إعداد‬ ‫ونظرا لضيق المساحة التي أقيمت عليها‪،‬‬ ‫الطراز المعماري الحضرمي‬ ‫األساسات‪ ،‬والحبش والحجر األسود الصعدي‪،‬‬ ‫تستقبل الرياح الجنوبية الدافئة في فصل‬
‫كوادر متخصصة في مجاالت الصيانة‬ ‫وحفاظا على األراضي الزراعية‪ ،‬بنيت المدينة‬ ‫تتميز منطقة حضرموت (في الجزء الجنوبي‬ ‫وهي أحجار تتميز بصالبتها وتستخدم في‬ ‫الشتاء‪ ،‬والعكس في الصيف حيث تكون هذه‬
‫والزخرفة اإلسالمية ووسائل البناء وتقنياته‪،‬‬ ‫بشكل رأسي باستخدام الطين والخشب كمواد‬ ‫الشرقي من الجزيرة العربية وتطل على خليج‬ ‫الخطوط األولى بعد األساس وفي األركان‬ ‫األماكن معرضة للشمس بشكل أقل من الجهات‬
‫وتشجيع مشاريع الهندسة المعمارية الرائدة‬ ‫أساسية‪ .‬وتتميز منازل المدينة بتقسيمها الفريد‬ ‫عدن وبحر العرب) بغنى تراثها وأنماطها‬ ‫وللزينة في عقود األبواب والنوافذ وفي الحزام‬ ‫األخرى‪ .‬بالمقابل فإن معظم أماكن الخدمات‬
‫التي تمزج بين فنون العمارة اإلسالمية وفنون‬ ‫الذي يلبى كل احتياجات األسرة حيث يستخدم‬ ‫المعمارية الدينية والدنيوية‪ ،‬وتحمل رمزية‬ ‫الرابط بين األدوار‪.‬‬ ‫كالمطابخ والمخازن والحمامات تصمم باتجاه‬
‫العمارة الحديثة ‪.‬‬ ‫الدور األرضي كمخزن للمواد الغذائية‪ ،‬كما‬ ‫روحية تعبر عن هويتها في الثقافة والفكر‪ .‬ومن‬ ‫وفي األدوار الثاني والثالث تم استخدام‬ ‫الشمال حتى تتعرض للهواء البارد‪ .‬وخيارات‬
‫وعدد ممثل "المنظمة اإلسالمية للتربية‬ ‫يستخدم الدور األول للسكن فيما يستخدم‬ ‫خالل تتبع مراحل األنماط المعمارية التقليدية‬ ‫الحجرة البيضاء وهي ذات صالبة نسبية واخف‬ ‫العمارة هذه المبنية على الخبرة أثبتتها حديثًا‬
‫والعلوم والثقافة" (ايسيسكو) عبد العزيز‬ ‫الدور الثاني والثالث الستقبال الضيوف‪ ،‬ويتم‬ ‫في العصور القديمة والوسطى وما تالها يتجلى‬ ‫وزنًا من سابقاتها‪ ،‬وفي األدوار العليا يتم‬ ‫الدراسات التي بينت أن ‪ %80‬من اتجاهات‬
‫صالح سالم التحديات التي تواجه التراث‬ ‫تخصيص الدورين الرابع والخامس للنساء‪.‬‬ ‫البعد الحضاري الموروث واألهمية الفائقة لهذا‬ ‫نظرا لجمال منظرها وخفة‬ ‫استخدام الياجور ً‬ ‫الريح البارد في الشتاء تكون شمالية شرقية‬
‫المعماري "الذي يمثل الذاكرة الحقيقية‬ ‫ويبلغ متوسط ارتفاع المنازل حوالي ‪29.15‬‬ ‫التراث المعماري وارتباطه بتاريخ حضرموت‬ ‫وزنها وقوة صالبتها‪ ،‬وإمكانية التفنن في‬ ‫وشمالية غربية‪ ،‬وهو ما استغله سكان صنعاء‬
‫للشعوب" ومن بين هذه التحديات "هناك‬ ‫متر‪.‬‬ ‫وحضارتها‪ .‬وتشكل األنماط المعمارية لمدينة‬ ‫تشكيلها وهو ما ساعد البناء الصنعاني في‬ ‫القديمة في حفظ مخازنهم وأطعمتهم في جو‬
‫المخاطر الطبيعية والمناخية والكوارث فضال‬ ‫وتشير تقارير لمنظمات دولية مهتمة بالتراث‬ ‫"غيل باوزير" (إلى الشمال الشرقي من مدينة‬ ‫تشكيل واجهات المباني بأشكال مختلفة‬ ‫بارد‪ .‬وقد تعارف سكان المدينة القديمة على أن‬
‫عن االنعكاسات الناتجة عن التطورات‬ ‫العالمي إلى التفرد المعماري الذي يميز المدينة‬ ‫"المكال" عاصمة حضرموت) وضواحيها‬ ‫ومتميزة‪.‬‬ ‫اتجاهات النوافذ تؤثر في تثمين أو تسعير‬
‫االقتصادية والسياسية واالجتماعية‬ ‫والتي ال يمكن الدخول إليها إال من بوابة واحدة‬ ‫نموذجا لهذا التراث حيث تتجسد معالم فن‬
‫ً‬ ‫وأدى استخدام تلك المواد المحلية عبر مئات‬ ‫البيوت عند بيعها أو حتى عند إيجارها‪.‬‬
‫والعلمية‪".‬‬ ‫تفضي إلى ساحة كبيرة تسمى ساحة القصر‬ ‫معماري عريق في قصر "السلطان الكثيري"‬ ‫السنين إلى تجانس كبير ومميز وانسجام في‬
‫من ناحية ثانية ترى المهندسة ريم عبد‬ ‫نسبة إلى مقر "السالطين الكثيرين"‬ ‫في مدينة "سيئون" (وسط حضرموت)‪ ،‬الذي‬ ‫المنظر العام لمنازل المدينة‪.‬‬ ‫مميزات العمارة الخارجية‬
‫الغني "أن القيام بتوثيق كامل للتراث‬ ‫و"القعيطيين" الذين توالوا على حكم المدينة‬ ‫يمثل روعة في الجمال واإلبداع والتصميم ودقة‬ ‫أما فيما خص النوافذ والفتحات فإن أهم ما‬ ‫لصنعاء سور ضخم يبلغ طوله ‪ 6200‬متر‬
‫المعماري في وادي حضرموت‪ ،‬بل وكامل‬ ‫حتى العام ‪ .1967‬كما يتوسط شبام أشهر‬ ‫العمل‪.‬‬ ‫يمكن مالحظته هو أنها تكون صغيرة في األدوار‬ ‫ويعود تاريخه إلى العصر السبئي القديم‪..‬‬
‫اليمن‪ ،‬يشجع على الحفاظ عليه وصيانته‬ ‫الجوامع التاريخية في وادي حضرموت وهو‬ ‫وتعد مدينة شبام حضرموت أعجوبة من‬ ‫السفلى‪ ،‬لسببين رئيسين‪ :‬من اجل تماسك أقوى‬ ‫ويأخذ شكل رقم ثمانية (‪ )8‬باللغة اإلنجليزية‬
‫وإدماجه في التنمية المستدامة والسيما في‬ ‫جامع هارون الرشيد نسبة إلى الخليفة‬ ‫أعاجيب الفن المعماري في العالم نظرا لفرادة‬ ‫للبناء ولتأمين المباني من الناحية األمنية ومن‬ ‫وله ستة أبواب كانت تغلق بحلول الساعة‬
‫السياحة الثقافية‪ .‬إذ إن هناك ضرورة‬ ‫العباسي الذي بني الجامع بأمر منه‪.‬‬ ‫طابعها الذي كان والزال محط إعجاب من زارها‬ ‫السرقات واالعتداءات؛ وكلما صعدنا نحو األعلى‬ ‫الثامنة مساء وتفتح مع صالة الفجر‪ .‬وكان‬
‫لتشجيع وتعميق الوعي بأهمية هذا التراث‬ ‫وقد دخلت مدينة شبام‪ ،‬إلى جانب "صنعاء‬ ‫وشاهد بأم عينيه أول ناطحات سحاب في‬ ‫في الطوابق التالية كلما كبرت النوافذ حتى نصل‬ ‫للمدينة سبعة أبواب هي‪ :‬باب اليمن‪ ،‬وباب‬
‫الذي يعبر عن الهوية‪ ،‬وتشجيع البناء‬ ‫القديمة"‪ ،‬ضمن الئحة التراث اإلنساني العالمي‬ ‫العالم مبنية من الطين وفقا لنظام هندسي دقيق‬ ‫إلى األدوار العليا وخاصة المفرج‪ ،‬هو الغرفة‬ ‫السبح‪ ،‬وباب عامر‪ ،‬وباب البلقة‪ ،‬وباب شعوب‪،‬‬
‫بالطين ونشر مميزاته‪ ،‬وتحسين الطرق‬ ‫التي تضعها منظمة اليونسكو في العام ‪...1984‬‬ ‫توقف عنده الكثير من معماريي العالم‪ .‬فأطلق‬ ‫العليا للترويح واالستقبال والمقيل‪ ،‬حيث تتجاوز‬ ‫وباب القاع‪ ،‬وباب السالم اندثرت كلها ولم يبق‬
‫الفنية للصيانة وترميم المباني‪ ،‬وتدريب‬ ‫عليها الغربيون اسم "مانهاتن الصحراء"‬ ‫نوافذه المتر المربع‪.‬‬ ‫منها إال باب اليمن‪ .‬كما أن في صنعاء القديمة‬
‫الكوادر عليها وعلى حرفها التقليدية‪،‬‬ ‫الحماية من الحكومة‬ ‫وسماها أهل اليمن "أم القصور العوالي"‪ ،‬وهي‬ ‫وتقسم فتحات البيت الصنعاني إلى ثالثة‬ ‫حوالي ‪ 30‬سوقا متنوعة األغراض‪.‬‬
‫ودعمهم ماد ًيا إن أمكن نظ ًرا الرتفاع نفقات‬ ‫ويقوم اليمن بجهود عدة للحفاظ على التراث‬ ‫تالمس صحراء الربع الخالي بدثارها المزين‬ ‫أنواع رئيسية وهي‪ :‬الطاقة (النافذة) وهي أسفل‬ ‫وفي بحث له عن العمارة التقليدية في اليمن‪،‬‬
‫الترميم"<‬ ‫المعماري اليمني‪ .‬يقول وزير الثقافة اليمني د‪.‬‬ ‫بأشجار النخيل وتالمس السحب بتاجها‬ ‫القمرية؛ القمرية (شكل نصف دائري فوق‬ ‫قسم د‪ .‬عبد اﷲ زيد عيسى رئيس الهيئة العامة‬
‫محمد أبو بكر المفلحي أن "حماية التراث‬ ‫الطيني‪.‬‬ ‫الطاقة)؛ الشاقوص وهو فتحة صغيرة طولية‬ ‫للمحافظة على المدن التاريخية‪ ،‬أنواع المنازل‬
‫(*) صحافي يمني مهتم بالشؤون الثقافية ومسؤول‬ ‫المعماري اليمني اإلسالمي يتطلب إدخال‬ ‫يعود تاريخ مدينة شبام إلى القرن الرابع‬ ‫إلى جانب القمرية ومهمته التهوية عند إغالق‬ ‫اليمنية إلى أربعة أقسام‪ :‬منازل من طابقين‪،‬‬
‫الصفحة األولى في صحيفة "يمن أوبزرفر"‪.‬‬ ‫تقنيات جديدة تلبي احتياجات البعد الحداثي‬ ‫الميالدي وفيها أبنية بارتفاع ثمانية طوابق من‬ ‫الطاقة‪.‬‬ ‫ومنازل من ثالثة طوابق‪ ،‬ومنازل من أربعة‬
‫والتقني الذي يتوق إليه شعبنا‪ ،‬وفي الوقت‬ ‫الطين‪ .‬وتعرضت المدينة للعديد من الحروب‬ ‫ويستخدم في األسقف خشب األثل إلى جانب‬ ‫طوابق‪ ،‬وأخيرا منازل ما بين أربعة إلى ثمانية‬
‫(**) مادة كيميائية قلوية كلسية‪ ،‬هايدروكسيد‬ ‫نفسه نحافظ على العمارة اإلسالمية‬ ‫واألحداث التي تسببت في دمارها كليا أو جزئيا‬ ‫فروع األغصان التي تتشابك مع الطين المبلل‬ ‫طوابق‪ .‬وهو رأى "أن صنعاء القديمة تميزت‬
‫الكالسيوم‪ ،‬على شكل مسحوق أبيض اللون تستخدم‬
‫باعتبارها إحدى الركائز البارزة في تأكيد‬ ‫غير مرة وكان الدمار األول الذي تعرضت له‬ ‫حتى تعطي تماسكا أقوى وتغطى تلك المواد‬ ‫بالجمع بين األنواع األربعة السيما األخير‬
‫في البناء لمقاومتها المؤثرات الخارجية كالحرارة‬
‫والرطوبة وتسرب المياه والتشقق لذا استخدمت في‬ ‫الهوية الثقافية لمجتمعاتنا اإلسالمية ‪ .‬وعلى‬ ‫المدينة بحسب المؤرخين‪ ،‬عند تهدم "سد‬ ‫بالتراب الناعم بسمك خمسة إلى خمسة عشر‬ ‫الذي يتميز بجمال وروعة ليس لها مثيل‪،‬‬
‫سنتيمترا‪ .‬وقد أثبتت هذه المواد قدرتها على‬

‫‪ICRC‬‬
‫التشييد وكطالء‪.‬‬ ‫الرغم من أن الطراز المعماري اإلسالمي في‬ ‫مأرب" الذي كانت مياهه تصل حتى وادي‬ ‫حيث تبنى األدوار األولى بالحجر وباقي‬

‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬ ‫‪3 2‬‬ ‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬


‫‪2010/2009‬‬
‫‪3 3‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫الستعادة ابنها"‪ .‬ويضيف خالد حسن‪ ،‬وهو‬ ‫تكن لتجد توقيتا أفضل من أواخر شهر‬ ‫لم‬
‫مسؤول آخر في فريق البحث عن المفقودين ممن‬ ‫رمضان الماضي‪ ،‬قبل عيد الفطر المبارك بأيام‬
‫*‬
‫صالح دباكة‬
‫ساهموا بالعمل على هذه الحالة‪" :‬بعدها تم تبادل‬ ‫قليلة‪ ،‬ليرى "يوسف محمد" أمه بعد انفصال دام‬
‫عدد من رسائل الصليب األحمر بين األم‬ ‫إحدى عشرة سنة‪.‬‬
‫واالبن"‪.‬‬
‫كان فريق اللجنة الدولية يعمل جاهدا في ذات‬
‫الوقت للتوصل إلى نتيجة أفضل‪ ،‬وما لبثوا أن‬
‫انعطافة كبيرة شهدتها حياة يوسف ذي السبعة‬
‫عشر عاما وتأثرا ما بعده تأثر‪ .‬فبعد دوامة من‬
‫المكالمات الهاتفية واإلجراءات اإلدارية‪ ،‬وجد‬
‫هدية يو�سف في العيد‪..‬‬
‫بشروا يوسف بالنبأ العظيم‪ :‬لم يتمكنوا فقط من‬
‫معرفة مكان والدته وأحد أبناء عمها‪ ،‬بل نظموا أيضا‬
‫رحلة طيران إلى الخرطوم لثالثتهم ليلتقوا هناك‪.‬‬
‫يوسف نفسه على متن طائرة من طائرات اللجنة‬
‫الدولية للصليب األحمر تقله من "الفاشر" في‬
‫شمال دارفور إلى الخرطوم للقاء أمه التي فقد‬
‫�أح�ضان �أمه‬
‫ومنذ تلك اللحظة‪ ،‬تسارعت األحداث كما لو أن‬ ‫االتصال بها لسنوات طويلة‪.‬‬ ‫تشكل قضية إعادة الروابط العائلية إحدى مهام اللجنة الدولية األبرز‪.‬‬
‫العناية اإللهية أرادت تقديم هدية ليوسف بمناسبة‬ ‫إحدى عشرة سنة مرت منذ أن تف ّرقت األم عن‬
‫العيد‪ :‬ستحضر أمه بنفسها لتتسلمه!‬ ‫ابنها‪ .‬فبعد طالقها من أبي يوسف في العام ‪،1998‬‬ ‫وقصة لقاء يوسف السوداني بأمه بعد أحد عشر عاما من الفراق بسبب‬
‫يقول تيسير حسون‪ ،‬أحد مسؤولي البحث عن‬ ‫عاشت األم في منطقة "الجزيرة" شمالي السودان‬ ‫الحرب هي واحدة من مئات القصص التي تنتهي نهايات سعيدة وتشهد‬
‫المفقودين باللجنة الدولية في الفاشر أن يوسف‬ ‫مع أحد أبنائها‪ ،‬بينما ظل يوسف في دارفور مع‬
‫"مر بأوقات عصيبة‪ ،‬لكنه شاهد أيضا تضامنا‬ ‫أبيه وأخ أصغر له‪ .‬ومع نشوب النزاع في دارفور‬ ‫عليها بعثات اللجنة الدولية حول العالم‪.‬‬
‫سودانيا حقيقيا‪ .‬فهو عاش في دارفور من دون‬ ‫في العام ‪ ،2003‬عبر يوسف‪ ،‬وكان عمره وقتها‬
‫أي نقود‪ ،‬لكنه وجد الطعام والمأوى يوميا من‬ ‫عشر سنوات‪ ،‬الحدود مع أبيه وأخيه إلى تشاد‬
‫أناس كانوا طيبين معه من دون حتى أن‬ ‫ليلحقا بكثيرين غيرهم من أهل دارفور في مخيم‬
‫يعرفوه"‪.‬‬ ‫لالجئين في "أبيشيه" على الحدود بين السودان‬
‫"تحدث يوسف مع والدته للمرة األولى عبر‬ ‫وتشاد‪.‬‬
‫الهاتف في الثاني من سبتمبر‪/‬أيلول عندما‬ ‫"كانت فكرة رؤية أمه مرة ثانية تسيطر‬
‫حضر إلى اللجنة الدولية في الفاشر للتوقيع‬ ‫عليه" تقول آن تشاسينج‪ ،‬مندوبة اللجنة الدولية‬
‫على اتفاق َل ِّم الشمل" تقول آن تشاسينج‪،‬‬ ‫في "الفاشر" والتي تابعت قصته سعيا إلى إيجاد‬
‫وتضيف "ظل منذ ذلك الحين يحادثني بشكل‬ ‫حل لمعاناته‪ .‬وربما كان زواج أبيه من امرأة غير‬
‫متواصل ليسألني متى عساه أن يسافر إليها‪.‬‬ ‫عجل بقراره ترك مخيم النازحين والعودة‬ ‫أمه قد َّ‬
‫وعندما تركته في طائرة اللجنة الدولية‪ ،‬كان‬ ‫إلى السودان بحثا عنها‪.‬‬
‫متوترا تملؤه التوقعات‪ ،‬وتغمره فكرة أنه‬ ‫عندما أخبر يوسف أباه عن خططه‪ ،‬شعر األب‬
‫سيلتقي بأمه أخيرا"‪.‬‬ ‫بالقلق على ابنه من هذه المخاطرة الكبرى‪ ،‬ولكنه لم‬
‫لكن ما يدعو لإلعجاب حقيقة أن يوسف استغل‬ ‫يستطع إثناءه‪ .‬في أكتوبر‪/‬تشرين األول ‪ 2008‬بدأ‬
‫‪ICRC‬‬

‫وقته في مخيم الالجئين خير استغالل‪ .‬يقول‬ ‫يوسف رحلة العودة إلى السودان بمفرده سيرا‬
‫يوسف يالعب أخاه غير الشقيق‪.‬‬ ‫"ذهبت إلى المدرسة وأكملت الصف السابع‪،‬‬ ‫على األقدام حينا‪ ،‬وباحثا عن وسيلة تنقله مع من‬
‫وأتمنى االنتهاء من المدرسة ودراسة اإلنجليزية‬ ‫يقبله معه حينا آخر ليصل في أواخر الشهر نفسه‬

‫‪ICRC‬‬
‫في إحدى جامعات الخرطوم أو جوبا"‪ .‬وكان‬ ‫إلى نياال في جنوب دارفور ويقرر مواصلة رحلته‬ ‫يوسف في مكاتب اللجنة الدولية في الخرطوم قبل يوم واحد من لقائه بوالدته‬
‫تساعد اللجنة الدولية في السودان أفراد األسر الذين‬ ‫يوسف استفاد من كون أبيه يعمل في إحدى‬ ‫شماال‪ .‬وجد يوسف طريقه إلى مجمع "العملية‬
‫منظمات المعونة في المخيم في أبيشيه‪ ،‬فتعلم‬ ‫المختلطة لالتحاد األفريقي واألمم المتحدة في‬
‫تفرقوا بسبب النزاع على استعادة الصلة بينهم‪ ،‬ويجري‬ ‫اإلنجليزية التي يتحدثها اليوم بطالقة‪.‬‬ ‫دارفور" (‪ )UNAMID‬في مدينة "شنقل طوباي"‪،‬‬
‫ذلك عادة من خالل رسائل الصليب األحمر التي تحتوي‬ ‫السعادة واالمتنان والحزن والضحك مشاعر‬ ‫ومنها عرف طريقه إلى محمد عيسى‪ ،‬أحد متطوعي‬
‫على أخبار شخصية وعائلية‪ ،‬وتوزع عبر أنحاء البالد‬ ‫متناقضة اختلطت في السابع عشر من سبتمبر‪/‬‬ ‫اللجنة الدولية الذي استضافه في بيته لبضعة‬
‫أيلول الماضي حين التقى يوسف بأمه وابن عمها‬ ‫أسابيع قبل أن ينقله إلى بعثة اللجنة الدولية الفرعية‬
‫من خالل شبكة متطوعي الهالل األحمر السوداني‪ .‬فضال‬ ‫في مقر بعثة اللجنة الدولية في الخرطوم‪" .‬لم أره‬ ‫في الفاشر حيث سجل اسمه في نهاية يوليو‪/‬تموز‬
‫عن ذلك‪ ،‬تسعى اللجنة الدولية جاهدة إلى تحديد مكان‬ ‫منذ إحدى عشرة سنة‪ ،‬وهي فترة طويلة جدا‬ ‫‪ 2009‬لبدء البحث عن أمه‪.‬‬
‫أفراد األسر المفقودين‪ ،‬وأينما تسنى األمر‪ ،‬وإعادة‬ ‫على أم أال ترى ابنها‪ .‬أنا في غاية السعادة" هكذا‬ ‫أعطى يوسف عنوان أمه إلى فريق اللجنة الدولية‬
‫عبرت أم يوسف عن حالها‪ .‬هذا اللقاء غمر فريق‬ ‫في الفاشر للبحث عنها وتحديد مكانها‪ .‬ولحسن‬
‫األطفال الذين تفرقوا عن أسرهم إليها‪ ،‬وكذا غيرهم من‬ ‫اللجنة الدولية بشعور عارم من اإلنجاز والرضا‬ ‫حظ يوسف تمكن أحد مسؤولي فريق البحث عن‬
‫األشخاص األكثر ضعفا‪ ،‬مثل كبار السن وذوي اإلعاقات‬ ‫بعد أن بذل قصارى جهده على مدى األسبوع‬ ‫المفقودين في اللجنة الدولية بالخرطوم عبد الفراج‬
‫الجسدية والعقلية‪.‬‬ ‫السابق لضمان احتفال األسرة بالعيد معا‪ .‬أما‬ ‫محمد من تحديد مكانها‪ .‬يقول عبد الفراج‬
‫يوسف‪ ،‬فهو ال يزال غير مصدق أن ما يحصل معه‬ ‫"سافرت من الفاشر إلى مدينة "المناقل" في‬
‫ليس حلما بل هو واقعه الجديد<‬ ‫والية الجزيرة‪ ،‬أي نحو ‪ 325‬كم جنوب غرب‬
‫الخرطوم‪ ،‬للبحث عن أمه حيث وجدتها وقد‬
‫كتبت أمه إليه فورا رسالة وأرسلتها عبر‬

‫‪ICRC‬‬
‫(*) مسؤول اإلعالم في بعثة اللجنة الدولية‬
‫في الخرطوم‬ ‫الصليب األحمر‪ ،‬كما وقعت اتفاق َل ِّم الشمل‬ ‫يوسف مع والدته وأخيه‬

‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬ ‫‪3 4‬‬ ‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬


‫‪2010/2009‬‬
‫‪3 5‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫ال�سودان‪� :‬صراع مرير بين الأخ�ضر والكثبان‬ ‫ظاهرة الت�صحر تهدد �أفريقيا‬

‫فتيحة الشرع‬

‫فتيحة الشرع‬
‫هذا التراجع الواضح في المحاصيل‬ ‫هذه الوضعية تبيّن في شقها األكبر‪ ،‬بحسب‬ ‫رؤوس الحيوانات التي‬
‫قرى‬ ‫من‬ ‫السديرة‬ ‫تسمى‬ ‫قرية‬ ‫هناك‬ ‫كانت‬ ‫أنه‬ ‫يحكى‬ ‫طويلة سكن‬ ‫لسنوات‬
‫اإلستراتيجية للسودان باألساس إلى تدهور‬ ‫*‬
‫فتيحة الشرع‬ ‫المتخصص نفسه‪ ،‬الغياب الكلي للتقدير‬ ‫ترعى في هذه المناطق ومدة‬ ‫الشيخ مولى وعائلته الكبيرة‬
‫التربة‪ .‬وتتكون تركيبة هذه األخيرة من الطين‪،‬‬ ‫الصحيح لكميات المياه المتوفرة وقدرة التربة‬ ‫بقائها أثناء عملية الرعي‬ ‫منطقة كنار الواقعة جنوب الخرطوم والتي ح ّول اإلنكليز‬ ‫في السديرة‪ ،‬حيث شكلت‬
‫يجف تذروه بسهولة الرياح على شكل‬‫ّ‬ ‫وحين‬ ‫النيلين األبيض واألزرق‪ ،‬وتعتبر تضاريسها‬ ‫على اإلنتاج‪ .‬يقول السيد التيجاني "هناك ‪15‬‬ ‫داخل نفس األراضي‬ ‫الزراعة األساس الذي قام عليه‬
‫غبار‪ .‬وهذه العواصف تغطي السماء وتحجب‬ ‫مثالية فيما يتعلق بالسقي بواسطة الجاذبية‪.‬‬ ‫والية من ضمن ‪ 26‬أخرى (‪ 13‬في الشمال و‪2‬‬ ‫المحدودة‪ ،‬هذه الحالة هي‬ ‫جزءا كبيرا منها في الماضي إلى مشروع ضخم أطلق‬ ‫التواجد السكاني في هذه‬
‫الرؤية وتسبب االختناق‪ ،‬وهو ما يفسر انتشار‬ ‫وتستغل الزراعة الطمي المتراكم بعد كل‬ ‫في الجنوب) تأثرت بشكل خطير بفعل‬ ‫أحد العوامل القوية‬ ‫عليه اسم "الجزيرة" لتكون الناحية مخزن ومصدر‬ ‫األطراف‪.‬‬ ‫األراضي الممتدة‬
‫األمراض التنفسية وأنواع الحساسية بين‬ ‫فيضان لوادي النيل والذي يحدث بصورة‬ ‫ظاهرة التصحر منها منطقة النيل‪ ،‬والبحر‬ ‫والمباشرة التي أدت إلى‬ ‫فاألرض كانت تعطي بسخاء‬
‫السودانيين‪.‬‬ ‫موسمية‪ .‬وتساهم من جهتها الدلتا بتزويد‬ ‫األحمر‪ ،‬وشمال كردفان‪ ،‬وشمال دارفور‪،‬‬ ‫فقدان إنتاجية هذه المنطقة‬ ‫حبوب أفريقيا بأكملها‪ .‬هذه القرية التي كانت آهلة‬ ‫منقطع النظير‪ ،‬وتعددت فيها‬
‫يقول الدكتور عباس شاه الدين األستاذ‬ ‫األراضي بالتربة ذات الخصوبة العالية‪ ،‬ومع هذا‬ ‫وغرب كردفان‪ ،‬وغرب دارفور‪ ،‬وكسلة‪،‬‬ ‫وحتى باقي المناطق التي‬ ‫الزراعات بفضل التوفر الدائم‬
‫بجامعة شمبات "في وادي مدني‪ ،‬جانب من‬ ‫كله لم تصمد طويال المنطقة أمام الرمال‬ ‫وغضارف‪ ،‬وخرطوم النيل األبيض‪،‬‬ ‫تحتضر حاليا تحت عباءة‬ ‫بالبشر ومزدانة باألخضر لم يبق منها سوى اسم بائس‬ ‫للمياه وبكميات تبشر دائما‬
‫نهر النيل بمنطقة الجزيرة‪ ،‬ترمي المصانع‬ ‫المتحركة المتسببة في مخاطر كبرى بالشمال‬ ‫والجزيرة‪ ،‬وسنار‪ ".‬وتشغل هذه المناطق‬ ‫التصحر الخانقة‪ .‬أما العامل‬ ‫محفور في ذاكرة من تبقى من الجيل الماضي‪.‬‬ ‫بجودة الغالل‪" .‬في تلك‬
‫نفاياتها مباشرة في مياه النيل ودون أدنى‬ ‫الغربي‪ .‬إذ غطت هذه الرمال معظم سواقي الري‪.‬‬ ‫مجتمعة حوالي ‪ 178‬مليون هكتار‪ ،‬أي ‪72‬‬ ‫الثاني فهو قطع األشجار‬ ‫األيام‪ ،‬كان الناس يمارسون‬
‫معالجة‪ .‬واليوم وبعد مرور سنوات اختفى‬ ‫في عام ‪ ،1999‬نشرت منظمة التغذية‬ ‫بالمائة من المساحة اإلجمالية للبالد‪ .‬لقد تحول‬ ‫بغاية التزود بالوقود وصناعة التحف‬ ‫وأبادته الرمال بفعل التصحر‪.‬‬ ‫أنشطة متنوعة مرتبطة باألرض‪ .‬كنا نعيش‬
‫كليا عدد كبير من األصناف الحية‪ .‬فالتلوث‬ ‫والزراعة تقريرا يفيد بأنه "خالل األربعين‬ ‫تقريبا الشمال السوداني إلى صحراء فال تظهر‬ ‫التقليدية وكذلك بناء األكواخ‪".‬‬ ‫حياة هادئة ومتوازنة" يتذكر العجوز مولى‬
‫يسبق دائما عملية التصحر‪".‬‬ ‫سنة الماضية‪ ،‬انخفض المردود الزراعي‬ ‫الفصول األربعة إال على ضفاف النيل‪.‬‬ ‫يشاركه الرأي التيجاني محمد صالح‪،‬‬ ‫لكل مأساة بداية‬ ‫بحسرة تخنق صوته المرتجف‪.‬‬
‫بصورة كبيرة‪ :‬الفول السوداني من ‪ 1000‬إلى‬ ‫صاحب كتاب البرامج التطبيقية لمكافحة‬ ‫منذ حوالي عقد مضى بدأت األمور تتدهور‬ ‫اليوم‪ ،‬تمر قوافل الجمال بجوار المكان وتقف‬
‫آليات مكافحة التصحر‬ ‫‪ 600‬كلغ‪/‬الهكتار‪ ،‬والذرة المسماة السورغو‬ ‫مطمورة السودان مهددة‬ ‫التصحر‪ .‬ويعتبر السيد التيجاني أحد أهم‬ ‫شيئا فشيئا‪ ،‬وبينما الوقت يمر كان التصحر‬ ‫بعضها برهة أمام بقايا العمران المتآكل‬
‫تلقى فكرة المساحات المحمية رواجا كبيرا‬ ‫من ‪ 900‬إلى ‪ 600‬كلغ‪/‬الهكتار‪ ،‬والسمسم من‬ ‫الجزيرة هذه المنطقة القاحلة‪ ،‬لم يكن‬ ‫المتخصصين في مجال مكافحة التصحر‪ ،‬إذ‬ ‫يزحف على المكان رويدا رويدا دون أن يتنبه‬ ‫واألراضي الجرداء‪ .‬فال أثر للحياة وال أثر حتى‬
‫باعتبارها خطوة نحو تخفيف آثار التصحر "هذا‬ ‫‪ 400‬إلى أقل من ‪ 200‬كلغ‪/‬الهكتار‪ ".‬ويعزى‬ ‫اختيارها عشوائيا من قبل اإلنكليز في عهدهم‬ ‫أمضى سنوات طواال في دراسة مسببات الظاهرة‬ ‫أحد إلى هذا الغزو الصامت‪.‬‬ ‫للطيور التي ترافق عادة القوافل لتقتات من‬
‫ال يعني توسيع رقعة المساحات المزروعة‬ ‫االستعماري بالسودان لتكون سلة الغذاء‪ .‬فهي‬ ‫وآثارها التي ال يمكن عكسها في السودان‪ ،‬لكن‬ ‫وبحسب األستاذ عوض عثمان أبو سوار‬ ‫الفتات‪ .‬إذ يبدو المكان غارقا في حزن كبير بعد‬
‫دون التفكير منطقيا في العوارض التي قد‬ ‫(*) صحافية جزائرية متخصصة في شؤون البيئة‬ ‫تقع في الجهة الشمالية للحوض الذي يربط‬ ‫كل ذلك بقي رهن جدران مكاتب أصحاب القرار‪.‬‬ ‫"فإن ازدياد عدد القطعان وبالتوالي عدد‬ ‫فقدان بهاء األخضر الذي ساد في الماضي‪،‬‬

‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬ ‫‪3 6‬‬ ‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬


‫‪2010/2009‬‬
‫‪3 7‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫شعر العرب والتي تنتحب على األطالل‬ ‫تطرأ مستقبال نتيجة التغيرات المناخية‬
‫ووحشة المكان‪ ،‬وعاد صوت الشيخ مولى‬ ‫كالجفاف وانتشار بعض اآلفات وغيرها!"‬

‫ظاهرة التصحر تهدد أفريقيا السودان‪ :‬صراع مرير بين األخضر والكثبان‬
‫إلى آذاننا لكن هذه المرة ثابتا قويا "في‬ ‫بحسب التيجاني محمد صالح‪.‬‬
‫السنوات األخيرة‪ ،‬ومنذ أن زاد عدد‬ ‫‪ 15‬والية من �ضمن ‪ 26‬في‬ ‫يحدد البحث العلمي أي نوع من األصناف‬
‫السيارات التي تجوب هذه األراضي بعيدا‬ ‫النباتية ينبغي اختيارها كمصدات للرياح‬
‫عن الطرق المسفلتة أو المعبدة‪ ،‬خصوصا‬ ‫ال�سودان ت�أثرت ب�شكل خطير‬ ‫ومثبتات للرمال‪ .‬وعلى ضوء ذلك تم إنجاز‬
‫مركبات الوزن الثقيل التي تسير بسرعة‬
‫آكلة األرض وما عليها‪ ،‬بدأنا نالحظ‬
‫بظاهرة الت�صحر‬ ‫حزام أخضر من شجر "الكاليبتوس" شمال‬
‫الجزيرة‪ ،‬وأضيف الصنف المسمى "المسكيت"‬
‫تدمير بعض النباتات وانخفاض قدرة‬ ‫‪ mesquite‬شرق النيل األبيض في منطقة‬
‫بعضها على التجدد وهي التي كانت فيما‬ ‫هشبة‪ .‬فيما مضى كانت هناك قطع غابية في‬
‫مضى مصدر التداوي من أمراض ج ّمة‪.‬‬ ‫المتخ�ص�صون يدعون �إلى‬ ‫متناول البحوث التي تقودها محطة البحوث‬
‫فرص التربة بفعل ضغط المركبات‬ ‫ّ‬ ‫الزراعية (سوبا)‪ ،‬وحاليا‪ ،‬وللغاية نفسها‪ ،‬يجري‬
‫المتواصل جعل نمو األخضر مستحيال‬ ‫�ضرورة ت�شجيع الممار�سات‬ ‫التنسيق بين كرسي اليونسكو لمكافحة التصحر‬
‫كما زاد من جرف الرياح لها‪ ".‬وهو الرأي‬
‫نفسه وجدناه عند الباحثين الذين يتابعون‬
‫الزراعية ال�صحيحة التي‬ ‫ومعاهد ومراكز البحوث وكذا الجامعات‬
‫ومستغلي األراضي الفالحية‪ .‬إال أن هذا التنسيق‬

‫‪AFP‬‬
‫الظاهرة وانتشارها‪ ،‬لكنهم بالمقابل ال يلقون‬ ‫تتوافق مع احتياجات الإن�سان‬ ‫الذي في الغالب هو تطوعي‪ ،‬يفتقر إلى دعم مالي‬
‫التصحر ظاهرة تهدد العالم‬ ‫آذانا مصغية‪.‬‬
‫أما الحكومة السودانية‪ ،‬فلها رأيها الخاص‬
‫متين ومتابعة ميدانية عن كثب م ّما يحول دون‬
‫بلوغ األهداف وتثمين جهود الباحثين‪.‬‬
‫إذ تجد أن عملية مكافحة التصحر ليست‬ ‫ومن المثبطات التي تعرقل عملية مكافحة‬
‫قضية بلد دون غيره مبرزة موقع‬ ‫التصحر‪ ،‬تلك القناعة اآلخذة في االنتشار‬
‫وقاية وإصالح وإعادة تأهيل لألراضي لن تتكلف سوى نصف هذا‬ ‫التصحر مشكلة عالمية تعانى منها العديد من البلدان في‬ ‫يعتبر‬ ‫بلدها الذي يجعله منفتحا على تسع‬
‫جبهات من بينها ما هو متصحر وما‬
‫بين الكثيرين والتي ترى في هذه العملية‬
‫تحديا يصعب رفعه بسبب كون ظاهرة‬
‫المبلغ (ما بين ‪ 22.4 - 10‬بليون دوالر سنويا)‪.‬‬ ‫كافة أنحاء العالم ومنها الدول العربية‪ ،‬التي هي‪ ،‬بحكم موقعها‬
‫ومع تزايد خطر التصحر قامت األمم المتحدة بوضع معاهدة دولية‬ ‫الجغرافي‪ ،‬من أكثر المناطق الجافة باألساس‪ .‬ويؤدي التغير ألمناخي‬ ‫هو مهدد بالتصحر ككينيا والصومال‪.‬‬ ‫التصحر ال تعترف بالحدود‪ .‬فهي قد‬
‫لمكافحة ظاهرة التصحر وأصبحت سارية المفعول في ديسمبر‪/‬‬ ‫الذي يشهده العالم دورا مهما في زيادة مخاطر التصحر في هذه الدول‪.‬‬ ‫هذا الواقع المفروض بثقله يستدعي‬ ‫تنشأ هنا وتنتشر لتصل هناك‪ .‬وحين‬
‫كانون األول من العام ‪.1996‬‬ ‫ويع ّرف التصحر على أنه "تراجع خصوبة التربة‪ ‬في المناطق‬ ‫التعاون والتنسيق حتى ولو كان‬ ‫تزداد حدتها تغزو المناطق المجاورة‬
‫وتهدف هذه المعاهدة إلى إلزام الدول المعنية بتنفيذ إجراءات على‬ ‫القاحلة وشبه القاحلة وفي المناطق الجافة وشبه الرطبة‪ .‬وهذا ينتج‬ ‫الخطر فقط على مستوى الحدود‪،‬‬ ‫وتتسبب في خسائر تكبر مع ضعف‬
‫أرض الواقع لمكافحة التصحر وحماية البيئة والمصادر الطبيعية‪.‬‬ ‫عن عوامل مختلفة منها التغيرات المناخية والنشاطات البشرية"‪.‬‬ ‫فالحدود النائية لبلد قد تكون أطراف‬ ‫قدرة البلد المتضرر على المكافحة‪.‬‬
‫ويعتبر التغير المناخي الذي تشهده األرض منذ سنوات أحد‬ ‫والتصحر في حقيقة األمر هو تناقص في قدرة اإلنتاج الحيوي‬ ‫مدن في آخر‪ .‬وتتعالى أصوات بعض‬ ‫ومع ذلك يدعو المتخصصون الذين‬
‫العوامل المهمة التي تؤدي إلى التصحر‪ .‬فهو يسبب‪:‬‬ ‫لألرض أو تدهور خصوبة األراضي المنتجة بالمعدل الذي يكسبها‬ ‫المسئولين السودانيين لتطالب‬ ‫يستندون إلى البحوث العلمية إلى‬
‫الهيئات الدولية بتمويل بعض‬ ‫ضرورة تشجيع الممارسات الزراعية‬

‫‪ICRC‬‬
‫‪-‬ارتفاعا في درجة الحرارة وقلة األمطار أو ندرتها ما يساعد على‬ ‫ظروف تشبه األحوال المناخية الصحراوية‪ ،‬كما انه يشكل‪ ‬مظهرا من‬
‫سرعة التبخر وتراكم األمالح في األراضي المزروعة (فترات‬ ‫مظاهر التدهور الواسع لألنظمة البيئية ومن ثم التأثير سلبيا ً على إعالة‬ ‫المشاريع ذات الصفة التشاركية‬ ‫الصحيحة والتي أساسها التوافق مع‬
‫الجفاف)‪.‬‬ ‫الوجود البشري‪.‬‬ ‫ودعم التبادل في المجال العلمي البحثي‬ ‫المتوفرة طبيعيا لمكافحة التصحر‪ ،‬لم يتم‬ ‫احتياجات اإلنسان وعدم تجاوزها ولو بالقليل‪،‬‬
‫‪ -‬السيول التي تجرف التربة وتقتلع المحاصيل مما يهدد‬ ‫وقد بلغ مجموع المساحات المتصحرة في العالم حوالي ‪ 46‬مليون‬ ‫سيّما ما تعلق بالقارة اإلفريقية‪.‬‬ ‫توظيفها بشكل مدروس ونزيه تماشيا مع‬ ‫مع الحفاظ على التنوع الحيوي لألنظمة‬
‫خصوبتها‪.‬‬ ‫كيلومتر مربع يخص المنطقة العربية منها حوالي ‪ 13‬مليون كيلومتر‬ ‫في انتظار خطوات عملية ميدانية عاجلة‪،‬‬ ‫أهداف مخطط العمل الوطني لمكافحة التصحر ‪.‬‬ ‫اإليكولوجية داخل المناطق الجافة وشبه الجافة‪.‬‬
‫‪-‬زحف الكثبان الرملية التي تغطى الحرث والزرع بفعل الرياح‪.‬‬ ‫مربع أي حوالي ‪ % 28‬من جملة المناطق المتصحرة في العالم‪ .‬كما‬ ‫يتحول السودان في صمت إلى امتدادات‬ ‫(‪)NAPODR‬‬
‫متصحرة تميزها الحرارة الشديدة‪ ،‬وفي‬ ‫كما يصبح تعويض استعمال الحطب والفحم‬ ‫الطريق اآلخر‪...‬‬
‫‪-‬ارتفاع منسوب المياه الجوفية‪.‬‬ ‫ُيقدر برنامج األمم المتحدة للبيئة القيمة اإلنتاجية المفقودة سنويا في‬
‫‪-‬الزراعة التي تعتمد على األمطار‪.‬‬ ‫الدول النامية بسبب التصحر بـ ‪ 16‬مليار دوالر‪ .‬كما أن حوالي ثلث‬ ‫المقابل نجد أن المبادرات التي شرع فيها‬ ‫أمرا واجبا وضروريا للحد من تفاقم خطر‬ ‫من جهته يرى مختار أحمد مصطفى‪ ،‬مدير‬
‫‪-‬االعتماد على مياه اآلبار في الري‪ ،‬وهذه المياه الجوفية تزداد‬ ‫أراضي الكرة األرضية معرضة للتصحر بصفة عامة‪.‬‬ ‫مؤخرا تسير بخجل ال يرقى للمأمول‪.‬‬ ‫التصحر‪.‬‬ ‫الدراسات حول التصحر وتشجير الصحراء‬
‫درجة ملوحتها بمرور الوقت مما يرفع درجة ملوحة التربة وتصحرها‪.‬‬ ‫ويؤثر التصحر على القارة اإلفريقية بشكل خاص‪ ،‬حيث تمتد‬ ‫ويخشى الكثيرون ممن التقيناهم‪ ،‬ليس فقط‬ ‫وتشير االستنتاجات األولية لتحقيق قام به‬ ‫وعضو مكتب اليونسكو بالسودان‪ ،‬أهمية‬
‫‪-‬الرياح التي تؤدى إلى سرعة جفاف النباتات وذبولها الدائم خاصة‬ ‫الصحاري على طول شمال أفريقيا تقريباً‪ .‬كما أنها أصبحت تمتد‬ ‫عملية التصحر‪ ،‬بل حتى عملية خصخصة‬ ‫فريق من الطلبة من جامعة الخرطوم أن اإلفراط‬ ‫"تحسين ممارسات تسيير وحماية الموارد‬
‫إذا استمرت لفترة طويلة‪ .‬هذا باإلضافة إلى أنها تمزق النباتات‬ ‫جنوباً‪ ،‬حيث إنها اقتربت من خط االستواء بمقدار ‪ 60‬كم ع َ ّما كانت‬ ‫مشروع الجزيرة الجارية‪ .‬فهي بالنسبة‬ ‫في استغالل الحطب هو السبب الرئيس للتدهور‬ ‫الطبيعية بفضل تكثيف الغطاء الغابي في‬
‫وتقتلعها وخاصة ذات الجذور الضحلة مما يؤدي إلى إزالة الغطاء‬ ‫عليه من ‪ 50‬سنة‪ ،‬ففي السودان‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬يتقدم خط جبهة‬ ‫للمالحظين تهديد لألمن الغذائي السوداني‬ ‫الخطير لحالة شمال منطقة الجزيرة‪ .‬ولحل ذلك‬ ‫المناطق المعرضة لخطر التصحر‪ ،‬باعتباره‬
‫النباتي‪.‬‬ ‫التصحر بمعدل ‪ 90‬إلى ‪ 100‬كم في السنة‪.‬‬ ‫جراء التحول إلى الزراعات األحادية‪ ،‬التي‬ ‫أوصت الدراسة بالتعجيل بإدخال مصادر‬ ‫حال ال يمكن تجاوزه‪".‬‬
‫وباإلضافة إلى تأثير عوامل الطقس على عملية التصحر فإن الكثير‬ ‫وفي أكثر من ‪ 100‬بلد من بالد العالم يتأثر ما يقارب البليون نسمة‬ ‫ستستحوذ على المساحات الخصبة‬ ‫الطاقة المتوفرة في السودان وذلك تلبية‬ ‫فبسبب مساحته البالغة مليونين ونصف‬
‫من العوامل البشرية أيضا تؤدي إليه السيما االستغالل المفرط أو غير‬ ‫من إجمالي سكان العالم البالغ عددهم ‪ 6‬باليين نسمة بعملية تصحر‬ ‫الشاسعة‪ ،‬وهي ما تبقى من عرق المزارعين‬ ‫لحاجيات السكان المتنامية‪ .‬ومن بين هذه‬ ‫المليون كلم مربع‪ ،‬وهي األكبر في إفريقيا‪ ،‬فإن‬
‫المناسب لألراضي الزراعية والذي يؤدي إلى استنزاف التربة؛ وإزالة‬ ‫أراضيهم؛ مما يرغمهم على ترك مزارعهم والهجرة إلى المدن من أجل‬ ‫البسطاء الذين تحملوا الح ّر والحاجة ليوفروا‬ ‫المصادر يمكن للسودان استغالل الغاز الطبيعي‬ ‫السودان هو البلد األكثر تضررا بظاهرة‬
‫الغابات التي تساعد على تماسك تربة األرض والري الجائر الذي يؤدي‬ ‫كسب العيش‪ .‬وفي سنة ‪ 1988‬فقط كان هناك ‪ 10‬ماليين الجئ بيئي‪.‬‬ ‫الغذاء بسعر معقول لالستهالك المحلي أوال‬ ‫في انتظار تطوير كل من مصادر الطاقة‬ ‫التصحر من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب‪.‬‬
‫إلى حرمان األرض من حشائشها باإلضافة إلى الفقر وعدم االستقرار‬ ‫ويكلف التصحر العالم ‪ 42‬بليون دوالر سنو ًّيا‪ ،‬في حين تقدر األمم‬ ‫قبل التصدير‪ .‬إن ذلك قد يكون بمثابة‬ ‫الشمسية والرياح والطاقة الحرارية‪.‬‬ ‫وحوالي ‪ %76‬من سكانه يعيشون في المناطق‬
‫أيضا وكل هذا يؤثر سلبًا على األراضي الزراعية<‬ ‫السياسي ً‬ ‫المتحدة أن التكاليف العالمية من أجل األنشطة المضادة للتصحر من‬ ‫القطرة التي يفيض معها اإلناء فتجرف آماال‬ ‫الجافة وشبه الجافة برغم الرطوبة المنبعثة من‬
‫وخبرة زراعية عريقة كانا من الممكن أن‬ ‫لمن يعود القرار؟‬ ‫النيل ومجاريه‪ ،‬الذي يقطع ‪ 900‬كلم داخل هذا‬
‫يجعال من السودان مخزن إفريقيا‪ ..‬كل‬ ‫في هذه القرية المنسية كما آثارها‬ ‫البلد‪ .‬أما من جهة بعض الخبراء فهم يالحظون‬
‫إفريقيا<‬ ‫الخاوية‪ ،‬عادت إلى أذهاننا تلك األبيات من‬ ‫أن اإلمكانيات‪ ،‬سواء التي أتيحت أو حتى تلك‬

‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬ ‫‪3 8‬‬ ‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬


‫‪2010/2009‬‬
‫‪3 9‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫المستفيدين بالتعاون مع الجماعات المحلية وممثليها‬ ‫يعاني الصومال‪ ،‬إلى جانب الحرب التي تمزقه منذ‬ ‫هي تبعات الجفاف الذي يعانيه‬ ‫ما‬
‫حقائق جغرافية‬ ‫(الشيوخ والقادة التقليديون)‪ ،‬وغرضنا الوحيد من‬
‫كل ذلك هو إنعاش اإلنتاج الزراعي‪.‬‬
‫ونأمل على المدى الطويل‪ ،‬أن نساهم في تشييد‬
‫حوالي عشرين سنة‪ ،‬من الجفاف السائد في بلدان‬
‫الصومال؟‬
‫‪ -‬إن أكثر أجزاء البالد تضررا من الجفاف هي تلك‬
‫المناطق الواقعة في الوسط وعلى طول الشريط‬
‫المحيط جنوب غربي مقديشيو‪.‬‬ ‫تقع جمهورية الصومال في شرقي إفريقيا‪،‬‬ ‫البنى التحتية الزراعية مثل أحواض تصفية المياه‬
‫القرن األفريقي في السنوات األخيرة‪ .‬وقد وضعت‬
‫الحدودي العريض مع إثيوبيا وصوال إلى الحدود مع‬
‫يتسم مناخ الصومال بأنه مداري حار‬ ‫فيما ُيعرف بالقرن اإلفريقي‪ ،‬وهو أقصى‬ ‫وشبكات الري والمساحات المروية‪ .‬ويشمل عملنا‬ ‫اللجنة الدولية برامج من أجل إنعاش اإلنتاج‬ ‫كينيا‪ .‬وكان متوسط األمطار التي سقطت في هذه‬
‫جاف وشبه جاف‪ ،‬والتغير في درجات‬ ‫امتداد إلفريقيا صوب الشرق‪ .‬وتط ُّل على‬ ‫أيضا إقامة بوابات صغيرة للتحكم في قنوات الري‬ ‫المناطق خالل السنتين األخيرتين وما قبل‪ ،‬منخفضا‬
‫الحرارة بين فصول السنة قليل‪.‬‬ ‫خليج عدن من جهة الشمال بساحل يزيد‬ ‫من أجل تسهيل عملها‪ ،‬وبناء الجسور فوق القنوات‬ ‫الزراعي والتخفيف بذلك من معاناة السكان‪.‬‬ ‫بشكل واضح عن المستوى المعتاد‪ ،‬وأدى ذلك إلى‬
‫كبيرا على الثروة‬‫تعتمد الصومال اعتما ًدا ً‬ ‫طوله على ألف كلم‪ ،‬وعلى المحيط الهندي‬
‫الحيوانية حيث تُغ ِّطي المراعي الطبيعية نحو‬ ‫بساحل يزيد طوله على ‪ 2,100‬كم‪ .‬أما حدود‬
‫لوقايتها من حركة تنقل العربات‪ ،‬وتقديم المضخات‬ ‫المهندس الزراعي هنري مانديو‪ ،‬الذي عاد من‬ ‫انخفاض المحاصيل وتدهور حالة المواشي بما أثر‬
‫والمساعدة على بناء مآ ٍو تحميها‪ .‬وقد أفاد ‪8 000‬‬ ‫تأثيرا مباشرا في األمن الغذائي للسكان‪.‬‬
‫‪ %50‬من مساحة البالد‪ .‬وتصل نسبة الرعاة‬ ‫الصومال البرية فهي مع جيبوتي في الشمال‬ ‫شخص هذه السنة من برامج الري خاصة في جنوب‬ ‫مهمة قادته إلى الصومال لمدة سنتين يتحدث عن‬ ‫ولم تسقط في موسم األمطار الكبير األخير‪ ،‬من‬
‫إلى ‪ %60‬من مجموع السكان‪ .‬وللداللة على‬ ‫الغربي وأثيوبيا في الغرب والشمال الغربي‪،‬‬ ‫البالد‪.‬‬ ‫أبريل‪ /‬نيسان إلى يونيو‪/‬حزيران‪ ،‬إال كميات قليلة‬
‫أهمية الرعي يكفي أن نشير إلى أن اسم‬ ‫وكينيا في الجنوب الغربي‪.‬‬ ‫الوضع هناك‪.‬‬ ‫من األمطار‪ .‬فكانت المعدالت في المناطق الوسطى‬
‫ِ‬
‫الصومال اشتق من فعل "سومال" أي لت َْحلب‬ ‫تبلغ مساحة الصومال نحو ‪ 638‬ألف كم‪²‬‬ ‫< ما أهمية وجود المهندس الزراعي في‬ ‫وعلى طول الحدود مع إثيوبيا منخفضة بل منعدمة‪.‬‬
‫أو اذهب ِ‬
‫واحلب‪.‬‬ ‫على أن الصوماليين ينتشرون في مساحة ال‬ ‫الميدان؟‬ ‫وحتى في المناطق األخرى من البالد والسيما مناطق‬
‫وتُقدر نسبة األراضي الصالحة للزراعة‬ ‫تقل عن مليون كم‪ ²‬فيما ُيطلق عليه‬ ‫‪ -‬ال يمكن إنجاز هذه البرامج دون امتالك‬ ‫الجنوب القريبة من الساحل لم يتجاوز معدل سقوط‬
‫بنحو ‪ %12‬من المساحة الكلية (نحو ‪ 8‬ماليين‬ ‫الصوماليون الصومال الكبير‪ .‬وتقع بعض‬ ‫الخبرات الالزمة في مجال الزراعة‪ .‬ويستدعي ذلك‬ ‫األمطار المستوى المتوسط‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يمكن للسكان‬
‫هكتار)‪ .‬وهناك نوعان من الزراعة‪ :‬زراعة‬ ‫أجزاء الصومال الكبير في غربي أثيوبيا‬ ‫االستجابة المناسبة الحتياجات السكان مع مراعاة‬ ‫أن يأملوا في جني ولو قسط ضئيل من المحصول‬
‫تعتمد على مياه األمطار‪ ،‬مثل زراعة الحبوب‬ ‫وشمالي كينيا‪.‬‬ ‫التنوع الكبير في الظروف المناخية الزراعية في‬ ‫الزراعي بفضل المياه القليلة التي سقطت‪.‬‬
‫وكثيرا ما‬
‫ً‬ ‫(الذرة‪ ،‬الذرة الرفيعة‪ ،‬واللوبيا)‪.‬‬ ‫يتميز سطح الصومال بأنه هضبي المظهر‪،‬‬ ‫البالد‪ ،‬فالشمال شديد الجفاف تكثر فيه محاصيل‬ ‫كما أدى انعدام األمن المتزايد في البالد إلى‬
‫تتعرض الزراعة المطرية لموجات الجفاف كما‬ ‫بصفة عامة‪ ،‬مع وجود بعض السهول‬ ‫الواحات‪ .‬أما في الجنوب‪ ،‬على طول مجاري المياه‬ ‫حركات نزوح سكاني‪ ،‬إذ ف ّر بعض السكان من المدن‬
‫حدث في النصف الثاني من سنة ‪.1983‬‬ ‫الساحلية وسهول نهري جوبا وشبيلي‪ .‬وال‬ ‫ومنطقة "باي" ومنطقة "باكول" والمناطق الوسطى‪،‬‬ ‫الكبيرة بحثا عن مكان يحتمون فيه بين عشائرهم في‬
‫والنوع الثاني من الزراعة هو الزراعة التي‬ ‫توجد منطقة جبلية بمعنى الكلمة إال في اإلقليم‬ ‫فإن إمكانيات الزراعة في المساحات المروية متعددة‪.‬‬ ‫المناطق الريفية‪ ،‬ونتج عن ذلك زيادة عدد سكان تلك‬
‫تعتمد على مياه نهري شبيلي وجوبا (نحو‬ ‫الشمالي"‪ ،‬حيث تمتد المرتفعات بصفة عامة‬ ‫فقد كانت مساحات حقول األرز وأشجار الموز‬ ‫المناطق المتضررة أصال من انخفاض اإلنتاج‬
‫‪ 70,000‬هكتار)‪ ،‬وغالبًا ما ُيسمى هذا النمط‬ ‫من الشرق إلى الغرب بمحاذاة خليج عدن‬ ‫عاما‪ .‬كما أن‬
‫وقصب السكر شاسعة قبل عشرين ً‬ ‫الزراعي‪.‬‬
‫من الزراعة بالزراعة التجارية‪ .‬وأهم‬ ‫حتى رأس غردافوي‪ .‬وأعلى قمم الصومال‬ ‫الزراعة المعتمدة على األمطار ممكنة في كل المناطق‬ ‫ويشكل سوء التغذية بين األطفال‪ ،‬المرتفع بصورة‬
‫حاصالتها الموز والباباي وقصب السكر‬ ‫"سورود عد" التي يصل ارتفاعها إلى‬ ‫الوسطى والمناطق المحيطة باألنهار التي لم تعد‬ ‫خاصة بالمقارنة مع المعايير الدولية‪ ،‬مبعث قلق آخر‪.‬‬
‫والقطن والجريب فروت والفول السوداني‪.‬‬ ‫‪2,408‬م‪ ،‬وتقع بالقرب من مدينة عيرغابو‪.‬‬ ‫مروية‪ ،‬إذا كان معدل سقوط األمطار جي ًدا خالل‬ ‫لذلك بدأت مؤخرا اللجنة الدولية‪ ،‬وهي إحدى‬
‫ويأتي الموز في مقدمة صادرات الصومال‬ ‫ويفصل النطاق الجبلي عن الساحل سهل‬ ‫الموسمين‪.‬‬ ‫المنظمات اإلنسانية القليلة التي تعمل في الصومال‪،‬‬
‫ص ِدّر منه سنة ‪ 80 1987‬ألف‬ ‫الزراعية حيث ُ‬ ‫غوبان (أي األرض المحروقة) بسبب جفافه‬ ‫بتنفيذ برنامج للتغذية في منطقة "غلغادود" في‬

‫‪ICRC‬‬
‫طن‪.‬‬ ‫وارتفاع درجة حرارته معظم فصول السنة‪.‬‬ ‫< ما هي الصعوبات الرئيسية التي‬ ‫وسط البالد‪ ،‬من أجل مواجهة هذه المشكلة‪ .‬وينفذ‬
‫وخصوصا‬
‫ً‬ ‫األسماك‬ ‫صيد‬ ‫حرفة‬ ‫ُمارس‬ ‫ت‬‫و‬ ‫وأهم ما يميز سطح جنوبي الصومال‬ ‫واجهتكم أثناء إنجاز تلك المشاريع؟‬ ‫المهندس الزراعي هنري مانديو‬ ‫هذا البرنامج بالتعاون مع الهالل األحمر الصومالي‪.‬‬
‫في السواحل الشمالية‪ .‬وتقدر نسبة العاملين‬ ‫وجود نهرين دائمين هما نهر جوبا ونهر‬ ‫وكيف تغلبتم عليها؟‬ ‫ويبقى جزء كبير من الصوماليين الذين ال يأتيهم‬

‫ال�صومال‪:‬‬
‫بصيد األسماك بنحو ‪ %1‬من األيدي العاملة‪،‬‬ ‫شبيلي‪ ،‬اللذان ينبعان من هضبة أثيوبيا في‬ ‫‪ -‬العقبة الوحيدة التي اصطدمنا بها هي القيود‬ ‫دعم مالي عائلي من الخارج معتم ًدا اليوم على‬
‫وأهم األسماك على السواحل الصومالية‬ ‫الغرب‪ .‬ويصب نهر جوبا في المحيط الهندي‪،‬‬ ‫التي حالت دون وصولنا إلى بعض المناطق بسبب‬ ‫المساعدات اإلنسانية‪.‬‬
‫التونا‪ ،‬والسردين‪ ،‬والروبيان‪ .‬وتمثل األسماك‬ ‫لكن نهر شبيلي ال يصل إلى المحيط بسبب‬ ‫تدهور الظروف األمنية‪ .‬لذلك‪ ،‬حيثما تيسر لزمالئنا‬
‫‪ %4‬من قيمة الصادرات‪ .‬وبسبب الجفاف‬ ‫وجود كثبان رملية تحول دون وصوله‪ ،‬ولذا‬ ‫الصوماليين الوصول إلى المناطق التي يتعذر على‬ ‫< ما هي مبادرات اللجنة الدولية في إطار‬

‫�إمكانات زراعية هائلة‬


‫الذي تتعرض له البالد يتحول بعض الرعاة‬ ‫ينتهي في بعض المستنقعات أو في منطقة‬ ‫مندوبي اللجنة الدولية التنقل إليها‪ ،‬نتبادل تقارير‬ ‫المشاريع الزراعية؟‬
‫إلى حرفة صيد األسماك<‬ ‫رملية بالقرب من جِ لِب على بعد ‪ 300‬كم من‬ ‫التقييم والصور عبر شبكة االنترنت ثم نتخذ‬ ‫‪ -‬نبدأ قبل كل شيء بتوزيع الحبوب مثل الذرة‬
‫القرارات عن بعد في ما يتعلق بالمتابعة الالزمة‪.‬‬ ‫البيضاء والذرة الصفراء وذرة "نييبي" (نوع من‬
‫ولحسن الحظ‪ ،‬كانت االتصاالت عبر الهاتف‬
‫واالنترنت جيدة‪.‬‬ ‫يحد من ا�ستغاللها الجفاف‬ ‫الفاصوليا الصغيرة) والجلجان‪ .‬فقد وزعنا ‪ 15‬كلغ‬
‫من الحبوب على كل أسرة من مجموع ‪23 000‬‬

‫وويالت النزاع‬
‫< ما هي أهم ذكرى ستبقى عالقة في ذهنك‬ ‫أسرة تحسبا لموسم األمطار الكبير األخير‪ ،‬وزودنا‬
‫بعد سنتين من العمل في الصومال؟‬ ‫األسر بالمواد الغذائية حتى ال تستعمل الحبوب‬
‫‪ -‬أستذكر منظرا أدهشني جماله في جنوب "بليت‬ ‫الموزعة للغذاء‪ .‬وتسلمت ‪ 20 000‬أسرة إضافية‬
‫واين" على طول نهر "شابل"‪ .‬كانت مزرعة صغيرة‬ ‫مساعدات مماثلة في شهر أكتوبر‪/‬تشرين األول‬
‫من أشجار الفواكه التي تنبت الموز وثمرة الغوافة‬ ‫استعدا ًدا لموسم األمطار الصغير الذي يمتد إلى‬
‫والليمون والليمون الهندي فضال عن الخضروات‬ ‫منتصف ديسمبر‪/‬كانون األول‪.‬‬
‫المزروعة بين األشجار‪ ،‬وكانت المزرعة التي فرشت‬ ‫ونعمل أيضا كلما سمحت لنا الظروف بالتعاون‬
‫بساطا أخضر وكأنها حقا مرفأ أمان وسالم‬‫ً‬ ‫األرض‬ ‫مع الهالل األحمر الصومالي على توزيع بذور‬
‫في خضم الحرب التي تمزق البالد منذ عشرين سنة‪.‬‬ ‫الخضروات‪ ،‬وهي ستة أنواع من الخضروات‪ ،‬في‬
‫‪ICRC‬‬

‫لذلك أقول‪ :‬نعم‪ ،‬إن الصومال ينعم بإمكانات هائلة<‬ ‫(*) المصدر‪ :‬موسوعة "المعرفة" الحرة على االنترنت ‪www.marefa.org‬‬ ‫المناطق المالئمة للزراعة‪ .‬فنقوم بتحديد فئات‬

‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬ ‫‪4 0‬‬ ‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬


‫‪2010/2009‬‬
‫‪4 1‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫عشر سنوات على االتفاقية الدولية لحظر األلغام‬
‫حاجة لآليات تنفيذية تحقق الأهداف‬
‫نقلها ألغراض استحداث تقنيات الكشف عن‬ ‫الستكمال المعلومات التي تضمنها تقريرها‬ ‫تحظر مساعدة أحد‪ ،‬أيا كان‪ ،‬أو حثه أو تشجيعه‬ ‫في ‪ 18‬سبتمبر‪/‬أيلول ‪ 1997‬ودخلت حيز التنفيذ‬ ‫اعتماد اتفاقية حظر األلغام (اتفاقية‬ ‫يشكل‬
‫األلغام‪ ،‬أو إزالتها أو تدميرها والتدريب عليها"‬ ‫األولي‪.‬‬ ‫على القيام بهذه األنشطة المحظورة‪ ،‬من ناحية‬ ‫في األول من مارس‪/‬أبريل ‪ ،1999‬إلى الديباجة‪،‬‬ ‫*‬
‫د‪ .‬محمد أمين الميداني‬ ‫أوتاوا)‪ ،‬خطوة هامة على درب حماية األفراد‪ ،‬من‬
‫وهي واحدة من عدة مميزات خاصة باتفاقية‬ ‫إلى ذلك يسمح لكل دولة طرف في االتفاقية‬ ‫ثانية‪.‬‬ ‫‪ 22‬مادة‪ ،‬لكل منها عنوان خاص يحدد الهدف‬ ‫ناحية‪ ،‬وتطور القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬من‬
‫(أوتاوا)‪.‬‬ ‫بتقديم طلب‪ ،‬عن طريق األمين العام لألمم‬ ‫وهي تعرف "اللغم" على أنه‪" :‬ذخيرة‬ ‫منها‪.‬‬ ‫بحسب ما نصت عليه المادة ‪ 17‬من االتفاقية‪.‬‬ ‫ناحية ثانية‪ .‬ويندرج االجتماع الذي عقد في‬
‫وال يشترط أن يبدأ نفاذ االتفاقية حتى تبدأ‬ ‫المتحدة‪ ،‬لدولة طرف أخرى لالستفسار عن‬ ‫مصممة لتوضع تحت سطح األرض أو تحت‬ ‫وحتى أبريل‪/‬نيسان الماضي صادقت على‬ ‫وسبق أن تم اعتماد هذه االتفاقية التي تحظر هذا‬ ‫قرطاجنة بين ‪ 29‬نوفمبر‪/‬تشرين الثاني و ‪4‬‬
‫الدول األطراف بتطبيقها وذلك بهدف وهو ما يدل‬ ‫امتثالها لاللتزامات التي تنص عليها هذه االتفاقية‬ ‫رقعة سطحية أخرى أو فوق أو قرب أي منهما‬ ‫هذه االتفاقية الدولية والمعروفة باسم "اتفاقية‬ ‫النوع الخطير والفتاك من القنابل‪ ،‬في العاصمة‬ ‫ديسمبر‪/‬كانون األول تعزيزا لجهود المجتمع‬
‫على االهتمام بضرورة اإلسراع في التوقف عن‬ ‫حيث يمكن تشكيل لجنة لتقصي الحقائق‬ ‫وتنفجر بفعل وجود شخص أو مركبة عندها‬ ‫أوتاوا" لعام ‪ ،1997‬إحدى عشرة دولة عربية‬ ‫األيرلندية دبلن في ‪ 30‬مايو‪ /‬أيار ‪ 2008‬من‬ ‫الدولي ومختلف منظماته‪ ،‬ومن بينها اللجنة‬
‫استخدام األلغام المضادة لألفراد وإنتاجها‪،‬‬ ‫وإيفادها إلى إقليم الدولة المطلوب منها تقديم‬ ‫أو قريبا منها أو مس أحدهما لها"‪ .‬أما "اللغم‬ ‫هي‪ :‬األردن (‪ ،)1998‬وتونس (‪ ،)1999‬وجيبوتي‬ ‫قبل ‪ 107‬دول‪.‬‬ ‫الدولية للصليب األحمر‪ ،‬لتفعيل آلية اتفاقية حظر‬
‫بالتجاوز لما هو متعارف عليه من تطبيق الدول‬ ‫إيضاحات عن امتثالها ألحكام االتفاقية على أن‬ ‫المضاد لألفراد" فهو‪" :‬لغم مصمم لالنفجار‬ ‫(‪ ،)1998‬والجزائر (‪ ،)2001‬وجزر القمر‬ ‫ويأتي التوقيع على هذه االتفاقية كخطوة هامة‬ ‫األلغام‪ ،‬وذلك من خالل اعتماد خطة عمل يتم‬
‫ألحكام االتفاقيات التي تصادق أو تنضم أو‬ ‫ترفع اللجنة تقريرها إلى اجتماع الدول األطراف‬ ‫بفعل وجود شخص عنده أو قريبا منه أو‬ ‫(‪ ،)2002‬والعراق (‪ ،)2007‬وقطر (‪،)1998‬‬ ‫من الخطوات التي خطاها المجتمع الدولي في‬ ‫تنفيذها على مدى خمس سنوات‪ ،‬لتحقيق‬
‫توافق عليها بعد فترة زمنية محددة اللتزامها بها‪،‬‬ ‫أو إلى االجتماع الخاص لهذه الدول عن طريق‬ ‫مسه له‪ ،‬ويؤدي إلى شل قدرات أو جرح أو‬ ‫والسودان (‪ ،)2003‬والكويت (‪،)2007‬‬ ‫الكفاح ضد القنابل واأللغام التي أوقعت اآلالف‬ ‫مجموعة من األهداف من بينها‪ :‬تطهير المناطق‬
‫وما ذلك إال لتفاقم مشكلة هذه األلغام وخطورتها‬ ‫األمين العام لألمم المتحدة‪ .‬وهناك إمكانية إلحالة‬ ‫قتل شخص أو أكثر"‪ ،‬وتبحث المادة الثالثة في‬ ‫وموريتانيا (‪ ،)2000‬واليمن (‪.)1998‬‬ ‫من الضحايا في مختلف النزاعات والحروب حول‬ ‫الملغومة؛ ومساعدة ضحايا األلغام؛ وتدمير‬
‫على حياة األفراد‪.‬‬ ‫هذا التقرير إلى مجلس األمن التابع لهذه المنظمة‬ ‫استثناءات االحتفاظ بعدد من األلغام المضادة‬ ‫وشكل لقاء قمة قرطاجنة االجتماع‬ ‫العالم‪ .‬حيث اهتم المجتمع الدولي بقضايا األلغام‪،‬‬ ‫مخزون األلغام المتبقية‪.‬‬
‫إلى ذلك تحظر االتفاقية‪ ،‬تقديم أية تحفظات‬ ‫في حاالت الضرورة القصوى‪.‬‬ ‫لألفراد أو نقلها‪ ...‬إلخ‪.‬‬ ‫االستعراضي الرئيسي الثاني الخاص بتنفيذها‪.‬‬ ‫وسعى لتحضير اتفاقية تحظرها‪ ،‬منذ تسعينيات‬ ‫لكن‪ ،‬ال يكفي اعتماد االتفاقية لحسن تنفيذها‬
‫تتعلق بمختلف موادها وفقراتها وهو ما يعني‬ ‫وتسعى االتفاقية لتسوية النزاعات التي قد‬ ‫وتفرض االتفاقية على الدول األطراف فيها‪،‬‬ ‫وسيكون من المفيد‪ ،‬وبغرض أن تتضح لنا‬ ‫القرن الفائت‪ .‬ويمكن أن نشير في هذا الصدد إلى‬ ‫إذ من الضروري إيجاد آلية تسمح بتنفيذ‬
‫بأن تطبيقها يجب أن يتم بشكل كلي‪ ،‬وأن تحترم‬ ‫تنشأ بين الدول األطراف فيها‪ ،‬ويمكن عرض أي‬ ‫تدمير أو ضمان تدمير كل مخزون األلغام‬ ‫التزامات الدول األطراف في االتفاقية‪ ،‬أن نقدم‬ ‫تأثر ‪ 12‬دولة عربية باأللغام ومخلفات الحروب‪،‬‬ ‫األهداف الهامة لهذه االتفاقية‪ ،‬مثل‪ :‬تدريب‬
‫التزاماتها بشكل مطلق‪ ،‬وأن تسعى الدول‬ ‫نزاع ينشأ على اجتماع الدول األطراف‪.‬‬ ‫المضادة لألفراد التي لديها أو تكون خاضعة‬ ‫أحكامها‪ ،‬ونطلع على آليتها‪ ،‬ونرى أخيرا‬ ‫وهي‪ :‬األردن‪ ،‬وتونس‪ ،‬والجزائر‪ ،‬والعراق‪،‬‬ ‫مجموعة من الشباب في الدول التي سبق‬
‫المصدقة عليها أو المنضمة إليها إلى تنفيذ‬ ‫وأتاحت االتفاقية لكل من "األمم المتحدة‬ ‫لواليتها‪ ،‬وذلك في أقرب مدة ممكنة‪ ،‬على أن ال‬ ‫المميزات التي تتمتع بها في ضوء نتائج االجتماع‬ ‫وعمان‪ ،‬والكويت‪ ،‬وفلسطين‪ ،‬وسورية‪ ،‬ولبنان‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وانضمت إلى اتفاقية حظر األلغام‪ ،‬وبخاصة في‬
‫أهدافها وتحقيق الغايات التي اعتمدت هذه‬ ‫والمنظمات أو المؤسسات الدولية األخرى‬ ‫يتعدى ذلك "أربع سنوات" من بدء نفاذ االتفاقية‬ ‫األخير‪.‬‬ ‫وليبيا‪ ،‬ومصر‪ ،‬واليمن‪ .‬وجاء التحضير التفاقية‬ ‫الدول العربية إلى انضمت إلى هذه االتفاقية‪،‬‬
‫االتفاقية من أجلها‪.‬‬ ‫والمنظمات اإلقليمية ذات الصلة واللجنة الدولية‬ ‫في حقها‪ ،‬هذا من ناحية‪ .‬كما على الدول‬ ‫حظر األلغام خالل عامي ‪ 1996‬و‪،1997‬‬ ‫للقيام بتطهير المناطق الملغومة‪ .‬وتأسيس مراكز‬
‫ويبقى‪ ،‬أخيرا وليس آخرا‪ ،‬أن تقوم الدول‬ ‫للصليب األحمر والمنظمات غير الحكومية‬ ‫األطراف‪ ،‬من ناحية ثانية‪ ،‬تدمير األلغام المضادة‬ ‫أحكام االتفاقية‬ ‫وشاركت العديد من دول المجتمع الدولي‪،‬‬ ‫لمساعدة ضحايا األلغام في الدول التي لم‬
‫العربية التي لم تصادق بعد على اتفاقية حظر‬ ‫المعنية" حضور كل مؤتمرات االستعراض ولكن‬ ‫لألفراد في المناطق الملغومة التي تخضع‬ ‫تنص االتفاقية على االلتزامات العامة الملقاة‬ ‫والمنظمات غير الحكومية في مراحل هذا‬ ‫تؤسس بعد مثل هذه المراكز‪ -‬وكم تفتقر البلدان‬
‫األلغام بالمصادقة عليها‪ ،‬وبالذات تلك التي تتأثر‬ ‫بصفة مراقبين‪.‬‬ ‫لواليتها في فترة ال تتعدى عشر سنوات من‬ ‫على عاتق الدول األطراف فيها‪ ،‬وهي التزامات‬ ‫التحضير‪.‬‬ ‫العربية لمثلها‪ ،-‬وتزويدها باألطباء واألجهزة‬
‫باأللغام ومخلفات الحروب‪ ،‬هذا من جهة‪ .‬كما‬ ‫تاريخ بدء نفاذ االتفاقية‪ .‬ويجب على هذه الدول‬ ‫على نوعين‪ :‬تعهد بعدم استعمال األلغام المضادة‬ ‫وتتضمن اتفاقية حظر األلغام‪ ،‬التي اعتمدت‬ ‫األساسية لخدمة هؤالء الضحايا‪ .‬ويجب أال يغيب‬
‫يجب أن تعمل الدول التي صادقت عليها‪ ،‬من جهة‬ ‫مميزات االتفاقية‬ ‫تحديد المناطق المزروعة باأللغام المضادة‬ ‫لألفراد وما يتبع ذلك من استحداثها أو إنتاجها‬ ‫عن أذهاننا أن تدمير مخزون األلغام في مختلف‬
‫ثانية‪ ،‬على احترام نصوصها وأحكامها‪ ،‬وبخاصة‬ ‫تسمح االتفاقية للدول التي تملك ألغاما‬ ‫لألفراد وحمايتها بسياج أو غيره من الوسائل‪،‬‬ ‫أو حيازتها أو تخزينها أو االحتفاظ بها أو نقلها‬ ‫(*) رئيس المركز العربي للتربية على القانون الدولي‬ ‫الدول مرهون بالسياسات العامة للدول ومدى‬
‫أنها كانت من الدول السباقة للتصديق عليها<‬ ‫"باالحتفاظ بعدد من األلغام المضادة لألفراد أو‬ ‫ووضع عالمات حول الحدود الخارجية لحقول‬ ‫بشكل مباشر أو غير مباشر‪ ،‬هذا من ناحية‪ .‬كما‬ ‫اإلنساني وحقوق اإلنسان‪ -‬ستراسبورغ‪ ،‬فرنسا‬ ‫مصداقيتها باحترام التزاماتها الدولية‪.‬‬
‫هذه األلغام تماشيا مع المعايير المحددة في‬ ‫وكان المجتمع الدولي قد احتفل في الرابع من‬
‫البروتوكول المتعلق بحظر وتقييد استعمال‬ ‫شهر أبريل‪/‬نيسان ‪ 2009‬باليوم الدولي للتوعية‬
‫األلغام والفخاخ المتفجرة واألجهزة األخرى‪،‬‬ ‫باأللغام والمساعدة في مكافحتها‪ .‬ويسعى هذا‬
‫المعتمد في ‪ 1961/5/2‬بصيغته المعدّلة‪.‬‬ ‫المجتمع من خالل دوله ومنظماته اإلقليمية‬
‫والدولية لحظر القنابل على اختالف أنواعها‪،‬‬
‫آلية االتفاقية‬ ‫واأللغام على اختالف أشكالها‪ ،‬وللحد من‬
‫تتميز اتفاقية حظر األلغام بآلية حماية وتنفيذ‬ ‫انتشارها‪ ،‬وإيجاد أفضل الوسائل‪ ،‬وأنجع الحلول‬
‫للمواد التي تنص عليها‪ .‬فهي تلقي على عاتق كل‬ ‫لمعالجة ما يمكن أن تخلفه من نتائج وآثار‬
‫دولة طرف تقديم تقرير أولي مفصل حول‬ ‫إنسانية واجتماعية وبيئية‪.‬‬
‫مخزون األلغام لديها وكمياتها وأنواعها والمواقع‬ ‫كما تم التوقيع في العاصمة النرويجية أوسلو‬
‫المزروعة به‪ ...‬إلخ‪ ،‬ومواقع كل المناطق‬ ‫يوم ‪ ،2008/12/3‬على المعاهدة الدولية لحظر‬
‫المزروعة باأللغام الخاضعة لواليتها‪ ،‬وحالة‬ ‫القنابل العنقودية من قبل ‪ 92‬دولة من أصل ‪125‬‬
‫برامج تدمير األلغام المضادة لألفراد تطبيقا‬ ‫دولة شاركت باالحتفال على توقيع هذه االتفاقية‪.‬‬
‫للمادتين ‪ 4‬و‪ ،5‬وأنواع وكميات األلغام المدمرة‬ ‫ووقعت خمس دول عربية فقط على هذه‬
‫بعد دخول االتفاقية حيز التنفيذ‪ ،‬في مهلة ال‬ ‫االتفاقية‪ ،‬وهي‪ :‬تونس‪ ،‬وجزر القمر‪،‬‬
‫تتجاوز ‪ 180‬يوما من بدء تنفيذ االتفاقية‪ .‬وهو ما‬ ‫والصومال‪ ،‬والعراق‪ ،‬ولبنان‪ .‬ولم تدخل هذه‬
‫يندرج تحت عنوان "تدابير شفافية"‪ .‬كما تقدم‬ ‫االتفاقية حيز التنفيذ بعد‪ ،‬حيث يجب إيداع‬

‫‪REUTERS‬‬
‫الدول األطراف في االتفاقية تقريرا سنويا‬ ‫ثالثين وثيقة تصديق‪ ،‬أو انضمام‪ ،‬أو قبول‪،‬‬
‫‪AFP‬‬

‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬ ‫‪4 2‬‬ ‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬


‫‪2010/2009‬‬
‫‪4 3‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫بعد مضي أكثر من عشر سنوات‬ ‫اآلن‬
‫على إطالق حملة حظر األلغام‬
‫عشر سنوات على االتفاقية الدولية لحظر األلغام‬ ‫األرضية واعتماد اتفاقية حظر‬
‫األلغام‪ ،‬ما الذي تحقق من إنجازات؟‬
‫‪ -‬حققت االتفاقية نتائج مبهرة في غضون‬
‫فترة وجيزة‪ .‬فبعد أن بادرت ‪ 156‬دولة‪ ،‬أي ‪80‬‬
‫في المائة من مجموع دول العالم‪ ،‬إلى‬
‫االنضمام إلى االتفاقية‪ ،‬قامت الدول األطراف‬
‫م ًعا بتدمير أكثر من ‪ 44‬مليون لغم وإزالة‬
‫ماليين األلغام والمتفجرات األخرى من‬

‫بيتر هيربي‪:‬‬ ‫مخلفات الحرب‪ ،‬متيحة بذلك للمجتمعات‬


‫المحلية استخدام مناطق آمنة من جديد‪ .‬واألهم‬
‫من ذلك أن عدد ضحايا األلغام الجدد انخفض‬

‫ال�ضحايا �أقلّ‬ ‫بشكل الفت للنظر وبمعدل الثلثين أو أكثر في‬


‫بعض المناطق‪.‬‬

‫لكن‬
‫وكان لالتفاقية أيضا وقع على الدول التي لم‬
‫تصدق عليها‪ ،‬إذ توقف إنتاج األلغام المضادة‬
‫لألفراد في ‪ 38‬دولة‪ ،‬أربع دول منها ليست‬
‫طرفا في االتفاقية واختفى عمليًا االتجار‬

‫الم�ساعدات غير كافية‬


‫الشرعي بهذه األسلحة‪.‬‬
‫ويجب أال ننسى رغم كل هذا التقدم المحقق‪،‬‬
‫أن آالف المدنيين األبرياء ال يزالون يتعرضون‬
‫للقتل أو التشويه سنويا بسبب األلغام المضادة‬
‫لألفراد‪ .‬وتؤدي األعداد الكبيرة من األلغام التي‬

‫‪REUTERS‬‬
‫ال يزال من الضروري إزالتها إلى إعاقة جهود‬
‫إعادة اإلعمار والتنمية في المجتمعات المحلية‬
‫لغم أرضي قديم كان مزروعا في جنوب لبنان‬
‫عبر العالم حيث ثمة حاجة ماسة ألراض‬
‫الجهود الالزمة للتخفيف من وقع تلك األسلحة‬ ‫لتعبئة الموارد والتأكد من أن المتاح منها‬ ‫الدول األطراف في االتفاقية ينبغي لها أن تلتزم‬ ‫ورغم تحسن الحالة في بعض األماكن‪ ،‬فإن‬ ‫كان عليه الحال قبل بضع سنوات عن التحديات‬ ‫صالحة للزراعة والستعماالت حيوية أخرى‪.‬‬
‫على المدنيين‪ .‬وفي سبيل بلوغ هذه الغاية‪،‬‬ ‫يستعمل بأكبر قدر ممكن من الفعالية‪.‬‬ ‫بإيالء األولوية إلى مساعدة الناجين من األلغام‬ ‫الغالبية العظمى من الناجين من األلغام ال‬ ‫التي ال يزال علينا مواجهتها لضمان التنفيذ‬ ‫وهناك تسعة وثالثون بلدا آخر‪ ،‬منها تلك‬
‫تثابر الحركة على التعريف بالمعاهدات‬ ‫< تعمل الحركة الدولية للصليب‬ ‫وإمدادهم بالخدمات الالزمة للمشاركة في بناء‬ ‫يزالون ينتظرون تحسنا جوهريا في حصولهم‬ ‫الكامل لالتفاقية‪.‬‬ ‫التي تملك مخزونا هائال من األلغام المضادة‬
‫المناسبة من القانون الدولي اإلنساني وإنجاز‬ ‫األحمر والهالل األحمر على ترويج‬ ‫مجتمعاتهم بشكل كامل وعلى قدم المساواة مع‬ ‫على الرعاية الطبية وخدمات إعادة التأهيل‬ ‫أوال‪ ،‬لقد انتهت في هذه السنة مواعيد‬ ‫لألفراد‪ ،‬لم تنضم بعد إلى االتفاقية‪ .‬وإن كانت‬
‫األنشطة التي تهدف إلى تقليص حجم المخاطر‬ ‫إستراتيجية جديدة مناهضة لأللغام‬ ‫اآلخرين‪.‬‬ ‫والدعم النفسي والخدمات االجتماعية وفرص‬ ‫السنوات العشر األولى المحددة إلزالة األلغام‪.‬‬ ‫أغلبية البلدان التي تحتفظ باأللغام المضادة‬
‫في المجتمعات المحلية المتضررة وتوفير‬ ‫والمتفجرات من مخلفات الحرب‬ ‫وينبغي للقمة أيضا أن تعيد التشديد على‬ ‫التعليم والعمل‪ .‬وال تزال معظم البلدان‬ ‫إال أن ‪ 16‬دولة من مجموع ‪ 24‬دولة طرفا في‬ ‫لألفراد لم تستعملها في السنوات األخيرة‪ ،‬فإن‬
‫المعونة للضحايا‪.‬‬ ‫والذخائر العنقودية‪ .‬ما فحوى هذه‬ ‫االلتزام بتطهير المناطق الملوثة "في أقرب‬ ‫المتضررة من مشكلة األلغام في طور التنمية‬ ‫االتفاقية طلبت تمدي ًدا بعد أن انتهت المهل‬ ‫عددا صغيرا من الدول وعددا من الجماعات‬
‫< ما هي الرسالة التي أرادت اللجنة‬ ‫اإلستراتيجية وما الجديد فيها؟‬ ‫وقت ممكن" وفقا لما تنص عليه االتفاقية‪.‬‬ ‫االقتصادية‪ ،‬بعد أن عانت في أغلب األوقات‬ ‫المحددة لها عام ‪ 2009‬ومنحت لها تمديدات‬ ‫المسلحة من غير الدول لم تكف عن‬
‫الدولية أن توجهها إلى القادة‬ ‫‪ -‬تقر اإلستراتيجية الجديدة بأن العواقب‬ ‫ويجب أن يبقى ذلك هدف جميع الدول األعضاء‬ ‫سنوات من النزاع المسلح‪ .‬فضال عن أن العديد‬ ‫تصل إلى عشر سنوات إضافية‪ .‬وبينما طلبت‬ ‫استخدامها‪ .‬ومن المؤكد أنه تم التنديد بوجود‬
‫السياسيين في قمة قرطاجنة؟‬ ‫الجسيمة التي تخلفها األلغام األرضية والذخائر‬ ‫المتضررة من األلغام بما فيها تلك التي منحت‬ ‫من ضحايا األلغام يعيشون في مناطق ريفية‬ ‫بعض الدول تمديد المهلة الزمنية بسبب أهمية‬ ‫األلغام المضادة لألفراد‪ ،‬لكن ال سبيل إلى‬
‫‪ -‬ترى اللجنة الدولية أن قمة قرطاجنة‬ ‫العنقودية وغيرها من المتفجرات من مخلفات‬ ‫لها تمديدات إضافية‪ .‬لكن إذا صارت التمديدات‬ ‫نائية‪ .‬كما أن فرص الحصول على الخدمات‬ ‫المشكالت التي تصادفها في هذا المضمار‬ ‫استئصال هذه األلغام بشكل تام إال إذا قبلت‬
‫سانحة مهمة لتذكير المجتمع الدولي‪ ،‬ليس‬ ‫الحرب على المدنيين‪ ،‬حتى بعد توقف النزاع‬ ‫هي القاعدة بدال من االستثناء‪ ،‬فإن ذلك‬ ‫الطبية واالجتماعية غالبا ما تكون محدودة في‬ ‫والصعوبات التي تواجهها في تطهير بعض‬ ‫جميع الدول قبوال كامال بضرورة حظرها‪.‬‬
‫القادة السياسيين فحسب بل الجمهور العام‬ ‫المسلح بسنوات أو عقود عديدة في بعض‬ ‫سينعكس سلبًا على مصداقية المعاهدة‪.‬‬ ‫حين أن توفير هذه الخدمات تزاحمها المطالب‬ ‫المناطق الملوثة‪ ،‬يتضح أن عمليات التخطيط‬ ‫< برغم انخفاض عدد ضحايا األلغام‬
‫أيضا‪ ،‬بأن األلغام المضادة لألفراد ال تزال‬ ‫األحيان‪ ،‬تتطلب اتخاذ تدابير إنسانية ال تقل‬ ‫وفي ما يتعلق بتدمير مخزون األلغام‪ ،‬يتعين‬ ‫الملحة األخرى على الموارد الشحيحة‪.‬‬ ‫والتنفيذ أيضا بدأت متأخرة جدا في العديد من‬ ‫بشكل مهم في جميع أنحاء العالم‬
‫خطرا يتهدد حياة المدنيين في آالف المجتمعات‬‫ً‬ ‫أهمية عن تلك اآلثار‪ .‬فمنذ اعتماد اإلستراتيجية‬ ‫على الدول التي لم تتمكن من احترام مواعيد‬ ‫< ما هي األولويات التي تأمل اللجنة‬ ‫الحاالت‪.‬‬ ‫منذ أن اعتمدت اتفاقية حظر األلغام‬
‫عبر العالم‪ .‬لذلك يجب قطع التزامات على أرفع‬ ‫األولى للحركة بشأن األلغام األرضية عام‬ ‫السنوات األربع الماضية أن تلتزم بتدمير‬ ‫الدولية أن تراها مجسدة في نتائج‬ ‫أما التحدي اآلخر المطروح فيتصل بتدمير‬ ‫المضادة لألفراد عام ‪ ،1997‬ال يزال‬
‫المستويات السياسية واستثمار موارد مالية‬ ‫‪ ،1999‬تعلمنا الكثير بشأن الخسائر البشرية‬ ‫المخزونات المتبقية دون إبطاء وأن تعلن تاريخ‬ ‫قمة قرطاجنة خالل السنوات‬ ‫مخزون األلغام المضادة لألفراد‪ .‬وللمرة‬ ‫‪ 5 000‬شخص على األقل يموتون أو‬
‫في السنوات القادمة لضمان تحقيق كل‬ ‫التي تحدثها هذه األسلحة وكيفية التخفيف من‬ ‫المهلة المحددة إلنهاء عملية التدمير‪.‬‬ ‫المقبلة؟‬ ‫األولى‪ ،‬تبين أن ثالث دول أطراف لم تحترم‬ ‫يشوهون سنويا في حوادث انفجار‬
‫األهداف المحددة في االتفاقية وال سيما إنهاء‬ ‫آثارها على المدنيين‪ .‬زد على ذلك اعتماد‬ ‫وفي األخير‪ ،‬يبدو من الواضح أن الدول‬ ‫‪ -‬إن اللجنة الدولية تشعر بارتياح بالغ‬ ‫التزامها بتدمير مخزونها من األلغام المضادة‬ ‫األلغام‪ ،‬وال تزال المواعيد المحددة‬
‫عملية إزالة األلغام وتقديم المساعدات المناسبة‬ ‫البروتوكول المتعلق بالمتفجرات من مخلفات‬ ‫األطراف مضطرة إلى تسخير المزيد من‬ ‫لرؤية مسألة تقديم المساعدات إلى ضحايا‬ ‫لألفراد ضمن موعد األربع سنوات المحددة‬ ‫إلزالة األلغام ال تحترم كلية‬
‫للضحايا‪ .‬ويبقى الهدف النهائي من اتفاقية‬ ‫الحرب عام ‪ 2003‬واالتفاقية المتعلقة بالذخائر‬ ‫الموارد خالل السنوات القادمة لمواجهة‬ ‫األلغام تحتل صدارة المسائل المستعرضة في‬ ‫لها‪ ،‬ومن المتوقع أن تخفق دولة رابعة أخرى‬ ‫باإلضافة إلى أن الكثير من الضحايا‬
‫حظر األلغام هو وضع حد للمعاناة واإلصابات‬ ‫العنقودية عام ‪.2008‬‬ ‫التحديات الرئيسية التي تعرقل تنفيذ االتفاقية‬ ‫هذه القمة‪ .‬وآن األوان للتركيز على عملية‬ ‫في االلتزام بهذا الموعد السنة المقبلة‪ .‬وتملك‬ ‫ال يتلقون إلى اآلن المساعدات‬
‫الناجمة عن األلغام المضادة لألفراد‪ .‬فمن المهم‬ ‫وتلتزم اللجنة الدولية وجمعيات الصليب‬ ‫حاليًا‪ ،‬ومن أجل إزالة األلغام ومساعدة الضحايا‬ ‫التنفيذ بعد أن شهدت السنوات الخمس‬ ‫هذه الدول مجتمعة عدة ماليين من األلغام‪.‬‬ ‫المناسبة‪ .‬ما هي األسباب التي أدت‬
‫إذًا أن تظل الدول األطراف ملتزمة بمتابعة‬ ‫األحمر والهالل األحمر واالتحاد الدولي‬ ‫على وجه الخصوص‪ .‬ونعتقد أنه ينبغي للدول‬ ‫الماضية تقدما في إعداد الخطط وتحديد‬ ‫وفي األخير‪ ،‬كان التقدم األصعب تحقيقا‬ ‫إلى تعثر تنفيذ االتفاقية؟‬
‫جهودها إلى أن يتحقق هذا الهدف<‬ ‫بموجب اإلستراتيجية الجديدة بمواصلة بذل‬ ‫األطراف أن تنظر في اتباع استراتيجيات جديدة‬ ‫األهداف على الصعيد الوطني‪ .‬ونعتقد أن كل‬ ‫يتصل بمجال تقديم المساعدات إلى الضحايا‪.‬‬ ‫‪ -‬صارت لدينا اآلن صورة أوضح بكثير مما‬

‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬ ‫‪4 4‬‬ ‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬


‫‪2010/2009‬‬
‫‪4 5‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫عن نجم الدين الذي رف�ض ال�شفقة‬
‫وبعد مرور شهر واحد‪ ،‬أصبح محمود‬ ‫نجم الدين هالل‬ ‫اسمي‬
‫أسرع عمال الورشة‪.‬‬ ‫أنا واحد من آالف األفغان الذين فقدوا‬
‫أنا أعلم اآلن أن "إعادة تأهيلي" لم تكتمل‬ ‫ساقهم بسبب األلغام األرضية‪ .‬كان عمري‬
‫إال في ذلك اليوم ويرجع الفضل في ذلك إلى‬ ‫‪ 18‬عاما عندما وقع لي الحادث‪ ،‬وكانت‬
‫محمود‪ .‬فمنه تعلمت أنه ال يوجد من يطلق‬ ‫معجزة أني لم أمت‪ ،‬وإن كنت أقر بعدم‬
‫عليه "حطام رجل" وأن لكل فرد الحق في‬ ‫مباالتي بالموت في ذلك الحين‪.‬‬
‫الحصول على فرصة إلعادة بناء حياته‬ ‫قضيت ستة شهور في المستشفى‪ ،‬ثم‬
‫وأنني لم أكن استثناء‪ .‬لقد تعلمت أن األحكام‬ ‫عدت إلى البيت‪ .‬أحضرت زوجا من السيقان‬
‫المسبقة وانعدام الثقة بالنفس هي أكثر‬ ‫من محل لألطراف االصطناعية الذي كان‬
‫خطورة من اإلعاقة نفسها‪.‬‬ ‫الوحيد في كابول في ذاك الوقت‪ .‬كانت‬
‫لكن‪ ...‬نعم هناك لكن‪ .‬علينا أال ندع قصة‬ ‫إحدى الساقين أقصر من األخرى بثالثة‬
‫محمود التي قصصتها والعمل الجيد الذي‬ ‫سنتيمترات‪ ،‬ولكنهما مكناني على األقل من‬
‫تؤديه اللجنة الدولية والمنظمات األخرى‬ ‫الوقوف والسير خطوات قليلة‪.‬‬
‫تجعلنا نعتقد بأن مشاكل المعاقين في‬ ‫كنت أشعر أنني شخص محطم بدنيا‬
‫أفغانستان قد حلت‪ .‬فالحقيقة بعيدة عن ذلك‬ ‫ونفسيا‪ .‬وكنت أتساءل دائما‪ ،‬و"ما العمل‬

‫‪ICRC‬‬
‫كل البعد‪.‬‬ ‫اآلن؟" كنت االبن األكبر؛ وكان أبي يضع‬
‫نجم الدين هالل‬
‫ففي الوقت الذي تم فيه إحراز بعض‬ ‫علي آماال كبرى‪" .‬ما العمل اآلن؟ "‪ ،‬ما‬
‫ّ‬
‫التقدم في مجال إعادة التأهيل البدني‪ ،‬هناك‬ ‫العمل اآلن؟"‬
‫قدر هائل من العمل الذي لم ُينجز بعد في‬ ‫أحضر لي أبي مقعدا خشبيا حتى ال‬
‫مجال إعادة اإلدماج االجتماعي‪.‬‬ ‫ومن حسن الحظ‪ ،‬كانت هناك وظيفة‬ ‫أضطر إلى المكوث داخل المنزل طيلة الوقت‪،‬‬
‫اتخذت أفغانستان بعض اإلجراءات‬ ‫شاغرة في ورشة النجارة حيث نقوم‬ ‫كان مقعدا غالي السعر‪ .‬ففي أفغانستان‪،‬‬
‫التشريعية المهمة‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬يشير‬ ‫بصناعة األطراف االصطناعية‪ .‬كانت‬ ‫نجلس غالبا على األرض على السجاد أو‬
‫الدستور الجديد إلى األشخاص المعاقين‬ ‫الوظيفة بسيطة وهي وضع الغراء والضغط‬ ‫فوق بعض الوسائد‪ .‬وضعت المقعد أمام‬
‫ويكفل الحماية لهم كما أنه جرت مؤخرا‬ ‫على باطن القدم‪ .‬إال أنني كنت أشك في‬ ‫المنزل وجلست أنظر إلى الناس والسيارات‬

‫‪ICRC‬‬
‫الموافقة على القانون المعني باإلعاقة عام‬ ‫قدرته على القيام بذلك‪ .‬وقلت في نفسي‪:‬‬ ‫نجم الدين يساعد أحد الرجال األفغان الذي فقد ساقه على الوقوف والسير باستخدام ساق اصطناعية‬ ‫والحياة‪ ،‬الحياة التي استبعدت منها‪ .‬وما لبث‬
‫‪ .2008‬وبرجاء مالحظة أنني قلت "الموافقة"‬ ‫"سيخيب أمله ومن األفضل عدم‬ ‫علي جالسا هناك حتى‬ ‫الجيران أن اعتادوا ّ‬
‫ولم أقل التنفيذ"! إال أن تقديم المساعدة‬ ‫نهاية‬ ‫في‬ ‫ولكن‬ ‫المحاولة‪ ،‬فإعاقته كبيرة"‪.‬‬ ‫أنني أصبحت عالمة من عالمات المنطقة‪،‬‬
‫أمرا مترو ًكا للنوايا‬
‫ألشخاص مثلي يعد ً‬ ‫األمر وبعد إدخال بعض التعديالت في‬ ‫قائال‪" :‬لقد سبق لكم مساعدتي على‬ ‫ولكن كان ينقصني شيء ما‪.‬‬ ‫لم أشعر منهم باألسف على حالي‪.‬‬ ‫فكانوا يقولون‪" :‬الشارع الذي يجلس عنده‬
‫الحسنة للمنظمات غير الحكومية والمنظمات‬ ‫الورشة‪ ،‬قررنا إعطاءه فرصة للتجربة لمدة‬ ‫المشي من الجديد‪ ،‬لكم كل الشكر على‬ ‫بالرغم من أنني كنت على يقين من أن‬ ‫حصلت على زوج من السيقان‪ ،‬واحتاج‬ ‫قعد" وفي أصواتهم شفقة‪.‬‬ ‫الم َ‬
‫ُ‬
‫األخرى‪ .‬وإلى اآلن‪ ،‬مازالت المساعدة تعد‬ ‫شهر‪.‬‬ ‫ذلك‪ ،‬واآلن رجائي لكم أن تساعدوني على‬ ‫األشخاص المعاقين لديهم كل الحق في‬ ‫األمر بعض الوقت لكي أتعلم السير‪ ،‬ولكني‬ ‫"وما العمل اآلن؟" ال يمكن أن تستمر‬
‫عمال خير ًيا وليس حقًا مكتسبًا‪.‬‬ ‫التخلص من مهنة التسول‪ .‬فأنا‬ ‫إعادة بناء حياتهم‪ ،‬كنت أرى في تجربتي‬ ‫تعلمته‪ .‬بعد ذلك جربت حظي‪ ،‬وطلبت‬ ‫حياتي هكذا‪.‬‬
‫نحن بحاجة إلى دعم المجتمع‬ ‫أشعر بالخزي أمام أطفالي الذين‬ ‫نو ًعا من االستثناء‪.‬‬ ‫وظيفة‪ .‬كان الرد‪" :‬لم ال؟ سوف نرى"‪ .‬غير‬ ‫طلبت من أبي مساعدتي على إيجاد‬
‫الدولي وتدخله للتأكد من أن‬ ‫يكبرون‪ .‬ثم قال كلمات لن‬ ‫إلى أن جاء اليوم الذي صادفت فيه رجلاً‬ ‫معقول! لم يقولوا ال!‪.‬‬ ‫وظيفة‪ ،‬أية وظيفة‪ ،‬حتى وإن كانت دون‬
‫حقوقنا معرب عنها بوضوح في‬ ‫أنساها طوال حياتي‪" :‬أنا أعلم‬ ‫يدعى محمود ليتغير كل شيء‪.‬‬ ‫واألكثر عجبا أنهم حادثوني بعد بضعة‬ ‫أجر‪ .‬لم أعد أطيق االستمرار في الجلوس‬
‫القانون ويجري إنفاذها بموجب‬ ‫أنني حطام رجل ولكن إذا قدمتم‬ ‫تعرض محمود لحادثين جراء األلغام فقد‬ ‫أسابيع ودعوني لكي أصبح مساعد معالج‬ ‫على هذا المقعد‪ .‬ولكن كانت الردود كلها‬
‫القانون بشكل تفصيلي ودقيق‪.‬‬ ‫لي يد المساعدة فأنا على‬ ‫على أثرهما ساقيه وذراعه واتخذ من‬ ‫طبيعي‪.‬‬ ‫سلبية‪ ،‬إذ لم يصدق أحد أنه بإمكان شخص‬
‫هذا هو السبيل الوحيد‪ .‬وإال‬ ‫استعداد للقيام بأي عمل حتى لو‬ ‫التسول مهنته حتى يطعم أفواه أطفاله‬ ‫لم يكن األمر سهال‪ ،‬فقد كان علي تعلم‬ ‫مثلي أن يفكر في طلب وظيفة‪.‬‬
‫سيظل معظم األفغان المعاقين‬ ‫اضطررت للزحف في الوحل"‪.‬‬ ‫الثالثة‪.‬‬ ‫المهنة من الصفر ومواجهة المنافسة مع‬ ‫مرت خمس سنوات طويلة كئيبة على هذا‬
‫جالسين في مكان ما‪ ،‬مستبعدين‬ ‫أي نوع من األعمال يمكن‬ ‫كان اللقاء معه في يوم رهيب من أيام عام‬ ‫بعض العاملين غير المعوقين‪ ،‬ممن لم‬ ‫المنوال‪ .‬وقد كرهت المقعد رغم أنه كان‬
‫من الحصول على حقهم الكامل في‬ ‫إسنادها إلى رجل بال ساقين ولديه‬ ‫‪ 1994‬إبان الحرب األهلية في كابول‪ ،‬حيث‬ ‫يسعدهم أن يكون لهم زميل مثلي‪ .‬ولكني‬ ‫الجسر الوحيد الذي يربطني بالعالم‪.‬‬
‫أن يحيوا حياة كريمة!‬ ‫ذراع واحدة ويجهل القراءة‬ ‫كانت شوارع المدينة تتعرض يوميًا للقصف‬ ‫واصلت التعلم‪ ،‬ومحاولة التطور راجيا أال‬ ‫في أحد األيام‪ ،‬سمعت بافتتاح ورشة‬
‫لقد نسيت أن أذكر المقعد الذي‬ ‫والكتابة؟ اجتاحني شعور طاغ‬ ‫الصاروخي والقتال‪ .‬لقد دعوناه للقدوم إلينا‬ ‫أخيب ظن من أعطوني الفرصة لهذه‬ ‫تقويم عظام جديدة في كابول‪ ،‬تديرها‬
‫ابتاعه لي والدي‪ .‬لقد أحرقته يوم‬ ‫بالشفقة تجاه هذا الرجل وقلت له‬ ‫والحصول على ساقين اصطناعيتين‪ .‬وجاء‬ ‫الوظيفة‪.‬‬ ‫منظمة سويسرية تدعى اللجنة الدولية‬
‫أن حصلت على عملي ولم أخبر‬ ‫"سوف نرى" بالرغم من قناعتي‬ ‫بالفعل وأمضى عدة أسابيع لتعلم المشي‪.‬‬ ‫وبكثير من الجهد وبعض الحظ سارت‬ ‫للصليب األحمر‪ ،‬فذهبت إلى هناك‪.‬‬
‫‪ICRC‬‬

‫والدي بذلك أب ًدا<‬ ‫نجم الدين يشرح ألفغاني فقد ساقه كيفية تركيب الساق االصطناعية‪.‬‬ ‫الكاملة باستحالة ذلك‪.‬‬ ‫وبعد مضي عام تقريبًا‪ ،‬عاد مرة أخرى‬ ‫األمور على خير وحصلت على ترقية‪.‬‬ ‫أول ما استرعى انتباهي فورا هناك أنني‬

‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬ ‫‪4 6‬‬ ‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬


‫‪2010/2009‬‬
‫‪4 7‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫معظم مفاهيم ومبادئ القانون الدولي اإلنساني‪،‬‬ ‫سبع سنوات من العمل المشترك بين‬ ‫بعد‬
‫وأصبحت هذه المفاهيم جز ًءا ال يتجزأ من المحتوى‬ ‫اللجنة الدولية ووزارات التربية والتعليم في الدول‬
‫العلمي للكتب المدرسية وبالتالي فإن المحافظة على‬ ‫العربية في برنامج استكشاف القانون الدولي‬
‫البرنامج وضرورة تطويره بما يخدم المباحث‬ ‫اإلنساني‪ ،‬سلمت اللجنة الدولية في أكتوبر‪ /‬تشرين‬
‫الدراسية هو من صميم رسالة التربية والتعليم التي‬ ‫األول الماضي راية هذا البرنامج ومتابعته إلى‬
‫تسعى دائما إلى مواكبة التطورات في كافة‬ ‫شركائها ومن بينهم وزارة التربية والتعليم في‬
‫المجاالت‪ ،‬كما أن اعداد بعض البرامج واألنشطة‬ ‫األردن‪.‬‬
‫التدريبية المتعلقة بالبرنامج والذي سيتم التدريب‬ ‫وبرنامج استكشاف القانون اإلنساني هو‬
‫عليه ضمن خطة عمل موضوعة لذلك تعدان من‬
‫األساليب المتبعة للمحافظة على البرنامج‪.‬‬ ‫ا�ستك�شاف القانون‬ ‫برنامج تعليمي أعد في إطار تربوي وموجه لفئة‬
‫الشباب تمنحهم فرصة لتعلم المبادئ اإلنسانية‬

‫الدولي الإن�ساني‬
‫والحدود في النزاعات المسلحة والقانون في‬
‫< ما هي آليات تقييمكم لنجاح أو فشل هذا‬ ‫التطبيق والصعوبات في طريق تحقيق العدالة كما‬
‫البرنامج على المدى الطويل؟‬ ‫تعرفهم بالواجبات المفروض عليهم القيام بها‬
‫‪ -‬إن نجاح أو فشل أي برنامج يتوقف على‬
‫مقدار توافق طبيعة البرنامج ومحتواه وأهدافه مع‬
‫الفئة المستهدفة‪ ،‬باإلضافة إلى كيفية تطبيقه وآليات‬
‫بيد الحكومات ‪:‬‬ ‫للتصدي لعواقب النزاعات المسلحة‪.‬‬

‫< كيف سيتم إدماج القانون الدولي‬


‫ذلك‪ .‬ويمكن لوزارة التربية والتعليم تقييم البرنامج‬
‫من خالل معرفة مدى فعالية البرنامج ومعرفة مدى‬
‫وزير التربية األردني‬ ‫االنساني في البرامج المدرسية في‬
‫األردن؟‬
‫استجابة الطلبة والمعلمين لنشاطات البرنامج‬
‫وتمثلهم للقيم اإلنسانية والتي تعتبر من صميم‬
‫يشرح رؤيته‬ ‫‪ -‬كان لوزارة التربية والتعليم السبق بإدماج‬
‫مفاهيم القانون الدولي اإلنساني في المناهج‬
‫الدين اإلسالمي الحنيف‪.‬‬ ‫والكتب المدرسية في السنوات األخيرة‪ ،‬وقد تمثل‬
‫ذلك بإدخال مفاهيم القانون الدولي اإلنساني في‬
‫< ما هي التحديات التي تواجه الوزارة في‬ ‫كتاب "تاريخ العرب والعالم المعاصر" للصف‬
‫تطبيق برنامج استكشاف القانون‬ ‫الثاني الثانوي منذ العام ‪ ،1999‬وستستمر الوزارة‬

‫‪ICRC‬‬
‫الدولي اإلنساني في المناهج المدرسية‪،‬‬ ‫في إدماج العديد من هذه المفاهيم في الكتب‬
‫وما هي آلية التغلب عليها؟‬ ‫والمناهج المدرسية التي تم تحديدها ومراجعتها‬
‫‪ -‬ال بد من اإلشارة هنا‪ ،‬إلى أن أي برنامج‬ ‫بالتعاون مع مكتب اللجنة الدولية للصليب األحمر‬ ‫أجرت بعثة اللجنة الدولية في ع ّمان‬
‫يواجه بعض الصعوبات والتحديات عند التطبيق‪.‬‬ ‫اعتبارا من العام الدراسي ‪.2011/2010‬‬
‫ً‬ ‫في عمان‪،‬‬
‫ولعل أبرز الصعوبات في هذا المجال تتعلق في‬ ‫كذلك سيدرج محور برنامج القانون الدولي‬ ‫حوارا مع وزير التربية والتعليم األردني‬
‫كيفية تضمين مفاهيم القانون الدولي اإلنساني‬ ‫اإلنساني ضمن التنمية المهنية المستدامة للمعلمين‬
‫ومبادئه في المناهج والكتب المدرسية وهل يتوافق‬ ‫في وزارة التربية والتعليم حيث سيتم تدريبهم على‬
‫الدكتور وليد المعاني حول رؤيته لكيفية استكمال‬
‫المحتوى العلمي لها مع طبيعة األنشطة للبرنامج‪.‬‬ ‫هذه المفاهيم المدمجة من خالل برنامج تدريبي‬ ‫برنامج استكشاف القانون الدولي اإلنساني‬
‫وقد تم التغلب على ذلك كون المناهج والكتب‬ ‫يعد بعد االنتهاء من عملية الدمج‪ ،‬ليشمل التدريب‬
‫المدرسية‪ ،‬وخاصة المباحث اإلنسانية كالتاريخ‬ ‫أعدادا جديدة من المعلمين في كافة المدارس‪ .‬كما‬ ‫وآليات استمراريته واالستفادة منه‬
‫والتربية الوطنية والمدنية والتربية اإلسالمية‬ ‫ستستمر الوزارة في تطبيق هذا البرنامج في‬ ‫في تثقيف األجيال األردنية القادمة‪.‬‬
‫وكذلك مبحث اللغة العربية‪ ،‬تناولت العديد من‬ ‫المدارس التي طبقته في السنوات السابقة‪.‬‬
‫المفاهيم اإلنسانية والمتعلقة بشكل مباشر بأنشطة‬ ‫* ما هي أبرز اإلجراءات التي قامت بها الوزارة‬
‫القانون الدولي اإلنساني‪.‬‬ ‫من أجل تحقيق ذلك؟‬
‫‪ -‬يعتبر األردن من أول البلدان التي سلمت‬
‫< ما هو تصوركم لطبيعة العمل مع‬ ‫التقرير الختامي لتجربته في تطبيق برنامج‬
‫اللجنة الدولية على هذا البرنامج في‬ ‫استكشاف القانون الدولي اإلنساني إلى اللجنة‬
‫المستقبل؟‬ ‫الدولية للصليب األحمر‪ ،‬وقد تم ذلك في أكتوبر‪/‬‬
‫‪ -‬إن وزارة التربية والتعليم ومن خالل رسالتها‬ ‫تشرين األول الماضي في احتفال رعته الوزارة‬
‫النبيلة تهدف إلى المحافظة على القيم اإلنسانية‬ ‫بحضور كافة اللجان والمعنيين منها ومن اللجنة‬
‫والعالمية وتحرص على تزويد الطلبة بها‬ ‫الدولية‪ .‬وستقوم الوزارة بالعمل على تنفيذ ما‬
‫وتطويرها‪ ،‬وهي تفتح أبوابها دائما لما هو مفيد‪،‬‬ ‫تضمنت بنوده فيما يتعلق باإلدماج والتدريب‬
‫دوما إلى مشاركة فاعلة مع مختلف‬‫وتتطلع ً‬ ‫والتطبيق الميداني‪.‬‬
‫الجهات‪ ،‬راجين استمرار التعاون مع اللجنة الدولية‬
‫في مجال الدعم الفني‪ ،‬وأن تبقى وزارة التربية‬ ‫< كيف تنوي الوزارة الحفاظ على‬
‫والتعليم على اطالع بالمستجدات اإلقليمية والدولية‬ ‫استمرارية هذا البرنامج على المدى‬
‫حول تنفيذ برنامج استكشاف القانون الدولي‬ ‫الطويل؟‬
‫اإلنساني في الدول األخرى<‬ ‫‪ -‬لقد تم تضمين المناهج والكتب المدرسية‬

‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬ ‫‪4 8‬‬ ‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬


‫‪2010/2009‬‬
‫‪4 9‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫في‬

‫‪ICRC‬‬
‫العام ‪ 1967‬أدى احتالل الجوالن‬
‫*‬
‫ناديا دبسي‬ ‫إلى قطع األوصال ما بين سكانه السوريين‬
‫وأقربائهم في سوريا‪ .‬وتبلغ مساحة‬
‫المعبر ومن ثم إلى سوريا وحزن أولئك‬ ‫المنطقة المحتلة من الجوالن قرابة ‪1200‬‬
‫الذين ينتظرون دورهم آملين أن تسنح لهم‬ ‫كيلومتر مربع‪ .‬وقد ضمت إسرائيل‬
‫الفرصة للقاء أهلهم وأقاربهم‪ .‬وقد باتت‬ ‫الجوالن في ديسمبر‪/‬كانون األول من‬
‫المشاركة في المراسم الدينية السنوية‬ ‫العام ‪ ،1981‬بطريقة أحادية الجانب وقامت‬
‫ونادرا‬
‫ً‬ ‫مقتصرة على المشايخ الرجال فقط‬ ‫بتطبيق قوانينها وواليتها القضائية وإدارتها‬
‫ما تمنح النساء تصاريح للعبور باستثناء‬ ‫على سكانه العرب السوريين الذين يقدر‬
‫واحد حصل في العام ‪ 2008‬عندما سمحت‬ ‫عددهم بحوالي ‪ 21‬ألف نسمة ويعيشون‬
‫السلطات اإلسرائيلية لعشر نساء فقط‬ ‫في خمس مدن رئيسية‪ .‬كذلك يقطن اليوم‬
‫بالمرور‪ .‬تستمر اللجنة الدولية للصليب‬ ‫في الجوالن نحو ‪ 19‬ألف إسرائيلي في ‪33‬‬
‫األحمر في جهودها لفتح المجال لمشاركة‬
‫ترك قطع العالقات‬ ‫أكبر للنساء في المراسم الدينية السنوية‬
‫مستوطنة‪.‬‬
‫وبغياب أي عالقات دبلوماسية ما بين‬
‫االجتماعية والثقافية‬ ‫في سوريا‪ .‬ففي العام ‪ ،2009‬تمت‬
‫الموافقة على مرور قرابة ‪ 500‬من‬
‫إسرائيل وسوريا‪ ،‬تعمل اللجنة الدولية‬
‫للصليب األحمر مع الطرفين بصفتها‬ ‫الحج ال�سنوي لم�شايخ الدروز‬

‫‪ICRC‬‬
‫والعائلية أثرًا كبيرًا‬
‫ال�شعائر الدينية تحافظ على‬
‫كل بدوره يتم التأكد من وجود أسماء الحجاج المسموح لهم بدخول‬ ‫المشايخ باإلضافة إلى ‪ 43‬امرأة فوق سن‬ ‫وسيطا محاي ًدا منذ العام ‪ 1967‬من أجل‬‫ً‬
‫سوريا في مكتب صغير للجنة الدولية يقع في المنطقة المحايدة‬ ‫السبعين‪.‬‬ ‫الحفاظ على الروابط األسرية ما بين العرب‬
‫المنزوعة السالح بين مرتفعات الجوالن المحتل واألراضي السورية‪.‬‬ ‫في نفوس العرب‬ ‫ولدى الغالبية العظمى من العرب‬ ‫السوريين في الجوالن وأقربائهم في‬

‫السوريين في‬
‫السوريين في الجوالن المحتل أقارب‬
‫يعيشون في أماكن أخرى من سوريا لكنهم‬
‫سوريا من خالل تسهيل عبور األشخاص‬
‫مثل المشايخ‪ ،‬والطالب والعرائس بين‬ ‫الروابط الأ�سرية في الجوالن المحتل‬
‫الجوالن المحتل‬ ‫ال يستطيعون زيارتهم بسبب منطقة الفصل‬
‫المغلقة بإحكام‪ .‬تولت اللجنة الدولية في‬
‫الجانبين وكذلك تساهم في تسهيل تصريف‬
‫المنتجات الزراعية للمنطقة مثل التفاح عبر‬
‫الماضي إدارة برنامج للزيارات العائلية‪،‬‬ ‫تسهيل عبورها إلى الجانب السوري‪.‬‬
‫وهو ما أتاح الفرصة ألفراد العائالت‬ ‫أيضا نقل المستندات‬‫وتتولى اللجنة الدولية ً‬
‫االلتقاء ببعضهم البعض في سوريا مرة في‬ ‫الرسمية كشهادات الميالد والوفاة والزواج‬
‫السنة لمدة أسبوعين لكن هذا البرنامج‬ ‫وغيرها باإلضافة إلى رسائل الصليب‬
‫توقف بشكل مفاجئ في العام ‪ ،1992‬ما‬ ‫األحمر ما بين الجوالن وكافة المناطق في‬
‫دفع اللجنة الدولية للقيام بمناشدات عديدة‬ ‫سوريا‪ .‬تحافظ اللجنة الدولية على وجود‬
‫إلى السلطات اإلسرائيلية من أجل استئناف‬ ‫كامل لها في الجوالن المحتل منذ افتتاح‬
‫الزيارات‪ ،‬وما تزال‪ ،‬لكنها لم تجد حتى اآلن‬ ‫مكتب لها في مدينة مجدل شمس في العام‬
‫آذانًا مصغية‪.‬‬ ‫‪.1988‬‬
‫وقد ترك قطع العالقات االجتماعية‬ ‫وفي أوائل شهر أيلول من كل عام‪،‬‬
‫كبيرا في نفوس‬
‫ً‬ ‫أثرا‬
‫والثقافية والعائلية ً‬ ‫يتوجه مئات المشايخ الدروز إلى معبر‬
‫العرب السوريين في الجوالن المحتل الذين‬ ‫القنيطرة‪ ،‬نقطة العبور الوحيدة من‬
‫يرون في استئناف الزيارات العائلية قضية‬ ‫الجوالن المحتل إلى سوريا والواقعة على‬
‫من أهم القضايا ذات الصلة باالحتالل هناك‬ ‫خط وقف إطالق النار‪ .‬وبعد االنتهاء من‬
‫والتي تحتاج إلى حل‪ .‬وتعتبر اللجنة الدولية‬ ‫المعامالت عند المعبر‪ ،‬يتوجه المشايخ إلى‬
‫استئناف هذا البرنامج أولوية بالغة األهمية‬ ‫مقام "النبي هابيل" في الزبداني بالقرب‬
‫بالنسبة لها‪ .‬إذ تعد مسألة إعادة الروابط‬ ‫من العاصمة السورية دمشق حيث تقام‬
‫عنصرا رئيسيًا في‬
‫ً‬ ‫العائلية والحفاظ عليها‬ ‫المراسم الدينية الدرزية بمشاركة آالف‬
‫المهمات اإلنسانية األساسية للحركة‬

‫‪ICRC‬‬
‫المشايخ من أبناء الطائفة من لبنان‬
‫الدولية للصليب األحمر والهالل األحمر‬ ‫وسوريا‪ .‬ويعتقد الكثيرون من أبناء المنطقة‬ ‫في ‪ 24‬سبتمبر‪/‬أيلول ‪ 2009‬سمح لحوالي ‪ 560‬من المشايخ الدروز‬
‫بالعبور إلى سوريا عبر معبر القنيطرة في مرتفعات الجوالن المحتل‪.‬‬
‫حيث تخلف النزاعات وحاالت العنف‬ ‫أن هابيل‪ ،‬أحد أبناء جدي البشرية آدم‬
‫األخرى عددا ال يحصى من األشخاص‬ ‫وحواء‪ ،‬مدفون هناك بعد أن قتله أخوه‬
‫والعائالت المشتتة واحترام وحدة العائلة‬ ‫قابيل (أو قايين)‪.‬‬
‫في سبتمبر‪ /‬أيلول الماضي سهلت اللجنة الدولية‬
‫يسير جنبا إلى جنب مع احترام الكرامة‬ ‫يبذل مشايخ الجوالن جهدهم في‬ ‫عبور حوالي ‪ 500‬من رجال الدين الموحدين الدروز‬
‫البشرية<‬ ‫التوفيق ما بين أداء واجباتهم الدينية‬
‫وزيارة أقربائهم قبل انتهاء مدة تصاريح‬ ‫من الجوالن المحتل إلى سوريا عبر معبر القنيطرة‬
‫نادرا ما تتعدى ‪ 48‬ساعة‪.‬‬
‫ً‬ ‫العبور والتي‬ ‫لزيارة المقامات الدينية وهو أحد نشاطات اللجنة‬
‫(*) مسؤولة برنامج الزيارات العائلية في‬ ‫ففي هذا اليوم تختلط المشاعر ما بين‬
‫الدولية المستمرة منذ ‪ 14‬سنة في الجوالن‪.‬‬
‫‪ICRC‬‬

‫قسم اإلعالم ببعثة اللجنة الدولية في القدس‬ ‫فرح أولئك الذين يستقلون الحافلة باتجاه‬

‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬ ‫‪5 0‬‬ ‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬


‫‪2010/2009‬‬
‫‪5 1‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫أنت اآلن تحوم في قفصك‪ ،‬وحين أقول لك‪ :‬قف‪ ،‬فعليك أن تقف‪.‬‬ ‫الغابات بعي ًدا عن النمر السجين في قفص‪ ،‬ولكنه لم يستطع‬ ‫رحلت‬
‫قال النمر لنفسه‪ :‬إنه فعلاً طلب تافه‪ ،‬وال يستحق أن أكون عني ًدا وأجوع‪.‬‬ ‫نسيانه‪ ،‬وحدق غاض ًبا إلى رجال يتحلقون حول قفصه وأعينهم تتأمله‬
‫وصاح المروض بلهجة قاسية آمرة‪ :‬قف‪.‬‬ ‫بفضول ودونما خوف وكان أحدهم يتكلم بصوت هادئ ذي نبرة آمرة‪ :‬إذا‬
‫فتجمد النمر ت ًوا‪ ،‬وقال المروض بصوت مرح‪ :‬أحسنت‪.‬‬ ‫أردتم ح ًقا أن تتعلموا مهنتي‪ ،‬مهنة الترويض‪ ،‬عليكم أال تنسوا في أي لحظة‬
‫فسر النمر‪ ،‬وأكل بنهم‪ ،‬بينما كان المروض يقول لتالميذه‪ :‬سيصبح بعد‬ ‫أن معدة خصمكم هدفكم األول‪ ،‬وسترون أنها مهمة صعبة وسهلة في آن‬
‫أيام نم ًرا من ورق‪.‬‬ ‫واحد‪.‬‬
‫وفي اليوم الرابع‪ ،‬قال النمر للمروض‪ :‬أنا جائع فاطلب مني أن أقف‪.‬‬ ‫زكريا تامر‬
‫*‬ ‫انظروا اآلن إلى هذا النمر‪ :‬إنه نمر شرس متعجرف‪ ،‬شديد الفخر بحريته‬
‫فقال المروض لتالميذه‪ :‬ها هو ذا قد بدأ يحب أوامري‪.‬‬ ‫وقوته وبطشه‪ ،‬ولكنه سيتغير ويصبح ودي ًعا ومطي ًعا كطفل صغير‪ ..‬فراقبوا‬
‫ثم تابع موج ًها كالمه إلى النمر‪ :‬لن تأكل اليوم إال إذا قلدت مواء القطط‪.‬‬ ‫**‬
‫الرسم ‪ :‬برهان كركوتلي‬ ‫ما سيجري بين من يملك الطعام وبين من ال يملكه‪ ،‬وتعلموا‪.‬‬
‫وقلد مواء القطط‪ ،‬فعبس المروض‪ ،‬وقال باستنكار‪ :‬تقليدك فاشل‪.‬‬ ‫فبادر الرجال إلى القول إنهم سيكونون التالميذ المخلصين لمهنة‬
‫هل تعد الزمجرة مواء‪ .‬فقلد النمر ثانية مواء القطط‪ ،‬ولكن المروض ظل‬ ‫الترويض‪.‬‬
‫متجهم الوجه‪ ،‬وقال بازدراء‪ :‬اسكت‪ ..‬اسكت‪ ..‬تقليدك ما زال فاشلاً ‪.‬‬

‫النمور‬
‫سأتركك اليوم تتدرب على مواء القطط‪ ،‬وغ ًدا سأمتحنك‪.‬‬
‫فإذا نجحت أكلت أما إذا لم تنجح فلن تأكل‪ .‬وابتعد المروض عن قفص‬
‫النمر وهو يمشي بخطى متباطئة‪ ،‬وتبعه تالميذه وهم يتهامسون متضاحكين‪.‬‬

‫في اليوم‬
‫ونادى النمر الغابات بضراعة‪ ،‬ولكنها كانت نائية‪.‬‬
‫وفي اليوم الخامس‪ ،‬قال المروض للنمر‪ :‬هيا‪ ،‬إذا قلدت مواء القطط بنجاح‬
‫نلت قطعة كبيرة من اللحم الطازج‪.‬‬
‫قلد النمر مواء القطط‪ ،‬فصفق المروض‪ ،‬وقال بغبطة‪ :‬عظيم! أنت تموء كقط‬

‫العا�شر‬
‫في شباط‪.‬‬
‫ورمى إليه بقطعة كبيرة من اللحم‪.‬‬ ‫***‬
‫وفي اليوم السادس‪ ،‬وما إن اقترب المروض من النمر حتى سارع النمر إلى‬
‫تقليد مواء القطط‪ ،‬ولكن المروض ظل واج ًما مقطب الجبين‪ ،‬فقال النمر‪ :‬ها أنا‬
‫قد قلدت مواء القطط‪.‬‬
‫قال المروض‪ :‬قلد نهيق الحمار‪.‬‬ ‫فابتسم المروض مبتهجا‪ ،‬ثم خاطب النمر متسائال بلهجة ساخرة‪ :‬كيف‬
‫قال النمر باستياء‪ :‬أنا النمر الذي تخشاه حيوانات الغابات‪ ،‬أُقلد الحمار؟‬ ‫حال ضيفنا العزيز؟ قال النمر‪ :‬أحضر لي ما آكله‪ ،‬فقد حان وقت طعامي‪.‬‬
‫سأموت ولن أنفذ طلبك!‬ ‫فقال المروض بدهشة مصطنعة‪ :‬أتأمرني وأنت سجيني؟ يا لك من نمر‬
‫فابتعد المروض عن قفص النمر دون أن يتفوه بكلمة‪.‬‬ ‫مضحك!! عليك أن تدرك أني الوحيد الذي يحق له هنا إصدار األوامر‪ .‬قال‬
‫وفي اليوم السابع‪ ،‬أقبل المروض نحو قفص النمر باسم الوجه وديعا‪،‬‬ ‫النمر‪ :‬ال أحد يأمر النمور‪.‬‬
‫وقال للنمر‪ :‬أال تريد أن تأكل؟‬ ‫قال المروض‪ :‬ولكنك اآلن لست نم ًرا‪.‬‬
‫قال النمر‪ :‬أُريد أن آكل‪.‬‬ ‫أنت في الغابات نمر‪.‬‬
‫قال المروض‪ :‬اللحم الذي ستأكله له ثمن‪ ،‬انهق كالحمار تحصل على‬ ‫وقد صرت في القفص‪ ،‬فأنت اآلن مجرد عبد تمتثل لألوامر وتفعل ما أشاء‪.‬‬
‫الطعام‪.‬‬ ‫قال النمر بنزق‪ :‬لن أكون عب ًدا ألحد‪.‬‬
‫فحاول النمر أن يتذكر الغابات‪ ،‬فأخفق‪ ،‬واندفع ينهق مغمض العينين‪ ،‬فقال‬ ‫قال المروض‪ :‬أنت مرغم على إطاعتي؛ ألني أنا الذي أملك الطعام‪.‬‬
‫ناجحا‪ ،‬ولكني سأعطيك قطعة من اللحم إشفا ًقا عليك‪.‬‬ ‫ً‬ ‫المروض‪ :‬نهيقك ليس‬ ‫قال النمر‪ :‬ال أريد طعامك‪.‬‬
‫وفي اليوم الثامن‪ ،‬قال المروض‪ :‬سألقي مطلع خطبة‪ ،‬وحين سأنتهي صفق‬ ‫قال المروض‪ :‬إذن جع كما تشاء‪ ،‬فلن أرغمك على فعل ما ال ترغب فيه‪.‬‬
‫(*) كاتب قصة قصيرة سوري‬
‫إعجابا‪.‬‬ ‫صاحب تأثير قوي على القصة‬ ‫وأضاف مخاط ًبا تالميذه‪ :‬سترون كيف سيتبدل؛ فالرأس المرفوع ال يشبع‬
‫قال النمر‪ :‬سأصفق‪.‬‬ ‫العربية في السبعينيات يعيش‬ ‫معدة جائعة‪.‬‬
‫فابتدأ المروض إلقاء خطبته‪ ،‬فقال‪" :‬أيها المواطنون‪ ..‬سبق لنا في‬ ‫منذ سنوات في لندن‪.‬‬ ‫وجاع النمر‪ ،‬وتذكر بأسى أيا ًما كان فيها ينطلق كريح دون قيود مطار ًدا‬
‫مناسبات عديدة أن أوضحنا موقفنا من كل القضايا المصيرية‪ ،‬وهذا الموقف‬ ‫(**) فنان سوري (‪-1931‬‬ ‫فرائسه‪.‬‬
‫الحازم الصريح لن يتبدل مهما تآمرت القوى المعادية‪ ،‬وباإليمان سننتصر‪".‬‬ ‫‪ )2004‬درس في القاهرة‪ ،‬واهتم‬ ‫وفي اليوم الثاني أحاط المروض وتالميذه بقفص النمر‪ ،‬وقال المروض‪:‬‬
‫برسم الحياة الشعبية في‬
‫قال النمر‪ :‬لم أفهم ما قلت‪.‬‬ ‫ألست جائ ًعا؟ أنت بالتأكيد جائع جو ًعا يعذب ويؤلم‪ ..‬قل إنك جائع فتحصل‬
‫سوريا‪.‬‬
‫قال المروض‪ :‬عليك أن تعجب بكل ما أقول‪ ،‬وأن تصفق إعجا ًبا به‪.‬‬ ‫على ما تبغي من اللحم‪.‬‬
‫(***) مجموعة قصص‬
‫مي وكالمك رائع وسأصفق كما تبغي‪.‬‬ ‫قال النمر‪ :‬سامحني أنا جاهل أ ُ ٌّ‬ ‫صدرت في طبعتها الرابعة عام‬ ‫ظل النمر ساك ًتا‪ ،‬فقال المروض له‪ :‬افعل ما أقول وال تكن أحمق‪.‬‬
‫وصفق النمر فقال المروض‪ :‬أنا ال أحب النفاق والمنافقين ستحرم اليوم من‬ ‫‪ 2000‬عن دار رياض الريس‬ ‫اعترف بأنك جائع فتشبع فو ًرا‪.‬‬
‫الطعام عقا ًبا لك‪ .‬وفي اليوم التاسع جاء المروض حاملاً حزمة من الحشائش‪،‬‬ ‫للكتب والنشر‪ ،‬بيروت‬ ‫قال النمر‪ :‬أنا جائع‪.‬‬
‫وألقى بها للنمر‪ ،‬وقال‪ :‬كل‪ ،‬قال النمر‪ :‬ما هذا؟ أنا من آكلي اللحوم‪.‬‬ ‫فضحك المروض وقال لتالميذه ‪:‬ها هو ذا قد سقط في فخ لن ينجو منه‪.‬‬
‫قال المروض‪ :‬منذ اليوم لن تأكل سوى الحشائش‪.‬‬ ‫وأصدر أوامره‪ ،‬فظفر النمر بلحم كثير‪.‬‬
‫ولما اشتد جوع النمر حاول أن يأكل الحشائش فصدمه طعمها‪ ،‬وابتعد‬ ‫وفي اليوم الثالث قال المروض للنمر‪ :‬إذا أردت اليوم أن تنال طعا ًما‪ ،‬فنفذ‬
‫عنها مشمئ ًزا‪ ،‬ولكنه عاد إليها ثانية‪ ،‬وابتدأ يستسيغ طعمها روي ًدا روي ًدا‪.‬‬ ‫ما سأطلب منك‪.‬‬
‫وفي اليوم العاشر اختفى المروض وتالميذه والنمر والقفص؛ فصار النمر‬ ‫قال النمر‪ :‬لن أطيعك‪.‬‬
‫مواط ًنا‪ ،‬والقفص مدينة<‬ ‫قال المروض‪ :‬ال تكن متسر ًعا‪ ،‬فطلبي بسيط جدا‪.‬‬

‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬ ‫‪5 2‬‬ ‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬


‫‪2010/2009‬‬
‫‪5 3‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫من أركان العالم‬

‫*‬
‫ا‪HC‬و ال≤‪ º°SÉ‬ال‪HÉ°û‬ي‬
‫‪°üb‬ي‪Ió‬‬
‫َائ ِ‬
‫نــات‪ُ ،‬م َع ﱠذ ًبــا‪َ ،‬م ْه ُمومــا‬ ‫فــي الك ِ‬ ‫ِ‬
‫الحيــاة‪ُ ،‬م َفكِّــ ًرا‬ ‫ﱠ‬
‫قضيــتُ أ ْدوا َر‬

‫وس الز ِ‬
‫ﱠمــان َجحي َمــا‬ ‫ووجــدتُ ِف ْ‬
‫ــر َد َ‬ ‫أعــراس ال ُوجــود مآت ًمــا‬
‫َ‬ ‫َف َو َجــ ْدتُ‬

‫مشــبو َب ٍة‪َ ،‬تــ َذ ُر الجيــا ُل هشــي َما‬ ‫ص ٍر‪،‬‬ ‫ض ﱠجــة ِ َ‬


‫ص ْر َ‬ ‫َتــ ْدوي َم َخا ِر ُمــ ُه ِب َ‬

‫مســمو ًما‬ ‫آج ًنــا‪،‬‬ ‫شــرا ًبا‪،‬‬ ‫إالّ‬ ‫وحضرتُ مائــدة َ الحيــاة‪ ،‬فلم أج ْد‬

‫محمو َمــا‬ ‫ُم ْت َع ًبــا‬ ‫ســكو ًنا‪،‬‬ ‫إال‬ ‫أج ْد‬ ‫ض ِ‬


‫اء‪َ ،‬فلَــ ْم ِ‬ ‫أعمــاق ال َف َ‬
‫َ‬ ‫َو َن ْ‬
‫فضــتُ‬

‫أشــواق ال ّنفــوس َوجو َمــا‬


‫ُ‬ ‫وتمــوتُ‬ ‫بات ِ‬
‫ــه‬ ‫مــار فــي َج َن ِ‬
‫ــر األَ ْع ُ‬ ‫ﱠ‬
‫تتبخ ُ‬

‫َم ْكلُومــا‬ ‫دام ًيــا‪،‬‬ ‫أني ًنــا‪،‬‬ ‫إال‬ ‫ولمســتُ أوتــا َر الدهور‪ ،‬فلــم ت ُِف ْ‬
‫ض‬

‫اللجنة الدولية والهالل األحمر يغيثان سكان المدينة من الفيضانات‬ ‫الخرطوم‪:‬‬ ‫ويصيــر أفــراح الحيــاة همو َمــا‬
‫ُ‬ ‫أقاصيص التﱠعاســة ِ واألســى‬
‫َ‬ ‫َي ْتلُو‬

‫‪ICRC‬‬
‫مــا كانَ ي ْو ًمــا واج َمــا‪ ،‬مغمو َمــا‬ ‫ــماوي الذي‬
‫ِّ‬ ‫ُشــ ِّر ْدتُ عن َو َط ِني ﱠ‬
‫الس‬
‫ذلك‪ ،‬تولى متطوعو الهالل األحمر مستخدمين خمس شاحنات تابعة للجنة‬ ‫تسبب هطول األمطار بغزارة في الخرطوم في أغسطس‪ /‬آب الماضي في‬
‫تضررا‬
‫ً‬ ‫الدولية توزيع الصناديق التي قدمتها اللجنة الدولية في أكثر المقاطعات‬ ‫حدوث فيضانات خلفت ‪ 27‬قتيال وأكثر من ‪ 13800‬مشرد وفقًا لتقرير مفوض‬
‫ـقي‪ ،‬فعشــت مشــطو َر الفؤاد‪ ،‬يتي َما‪..‬‬
‫ّ‬ ‫ُشــ ِّر ْدتُ َع ْن وطني الجميل‪ ..‬أنا ﱠ‬
‫الشـ‬
‫في الخرطوم خالل الفترة بين ‪ 6‬و‪ 8‬سبتمبر‪/‬أيلول‪.‬‬ ‫الشؤون اإلنسانية في السودان‪ .‬فقد حولت ست ساعات من األمطار الغزيرة‬
‫وذكر مدير جمعية الهالل األحمر السوداني خليل سماني‪ ،‬أن أكثر من ‪450‬‬ ‫التي هطلت على نحو غير معتاد في ليلة ‪ 26‬أغسطس‪/‬آب ‪ 2009‬أجزاء من‬
‫ضــي‪ِ ،‬ع ً‬
‫طاشــا‪ِ ،‬هيمــا‪...‬‬ ‫أشــوا ُقها َت ْق ِ‬ ‫ربــة‪ُ ،‬روح ﱠي ٍ‬
‫ــة‪َ ،‬ملْ ُعونــة‬ ‫فــي ُغ ٍ‬
‫متطو ًعا شاركوا في تقييم الوضع وتوزيع المأوى ومواد اإلغاثة على ضحايا‬ ‫عاصمة السودان إلى بحيرات السيما في األحياء الفقيرة ومدن الصفيح المحيطة‬
‫الفيضانات‪ .‬وأوضح سماني "إن توزيع مواد اإلغاثة كان أول شيء قمنا به‬ ‫بالمدينة ما أدى إلى فقدان السكان فيها كل ممتلكاتهم‪.‬‬
‫وقد حصل ما مجموعه ‪ 45‬ألف شخص أو ‪ 9‬آالف أسرة على المساعدة‪".‬‬ ‫وقد عملت جمعية الهالل األحمر السوداني واللجنة الدولية واالتحاد الدولي‬ ‫في ال ﱠن ِ‬
‫ــاس يحيا‪َ ،‬ســائ ًما‪َ ،‬م ْســ ُؤوما‬ ‫يــا ُغربــ َة الــ ﱡروحِ المفكِّــر إ ّنــه‬
‫هذا وقد خصص االتحاد الدولي لجمعيات الصليب األحمر والهالل األحمر‬ ‫لجمعيات الصليب األحمر والهالل األحمر على تقديم اإلغاثة الطارئة لضحايا‬
‫أكثر من ‪ 230‬ألف دوالر أمريكي من صندوقه لإلغاثة من الكوارث في حاالت‬ ‫الفيضانات‪.‬‬ ‫فيهــا ُيــ َر ِّو ُع َراحــ ًال ومقيمــا‬ ‫ِللدنيــا‪َ ..‬و ُك ٌّل تائــ ٌه‬ ‫ُشــ ِّردتُ‬
‫الطوارئ لتغطية تكاليف التقييم والتوزيع وغيرها من النفقات‪.‬‬ ‫فوزعت جمعية الهالل األحمر ‪ 3‬آالف صندوق تحتوي على مواد تمس الحاجة‬
‫وكانت المياه غمرت العديد من المدارس والمباني الحكومية والمناطق السكنية‬ ‫إليها‪ ،‬بما في ذلك قطع القماش المشمع‪ ،‬واألفرشة‪ ،‬والمالبس‪ ،‬وأواني المطبخ‪،‬‬ ‫لي ُد ﱠســ ُه َت ْحــتَ التﱡــرابِ َرميمــا‬ ‫الردى‬
‫جيب سوى ﱠ‬
‫يدعو الحياة‪ ،‬فال ُي ُ‬
‫إلى درجة أن الناس لم يتمكنوا من االلتحاق بالمدارس أو بالعمل‪.‬‬ ‫والصابون‪ ،‬والبطانيات‪ ،‬وغيرها من الضروريات األساسية لألسر‪ .‬عالوة على‬
‫مــا كان يو ًمــا صاح ًبــا وحمي َمــا‬ ‫َو َت َظــ ﱡل َس ِ‬
‫ــائر ًة‪ ،‬كأنّ فقيدهــا‬
‫االحتفال بالذكرى الستين التفاقيات جنيف‬ ‫ع ّمان‪:‬‬
‫ــب فــي ﱠ‬
‫الظــال ِم ُن ُجوما‪..‬؟‬ ‫َحتﱠــام َت ْر ُق ُ‬ ‫الســرى‬
‫الســاري! لقد طال ﱡ‬
‫يــا أ ﱡيها ّ‬
‫وأكد الوزير جودة خالل الحفل على‬ ‫نظمت اللجنة الدولية للصليب األحمر‬
‫"أهمية تطبيق اتفاقيات جنيف التي‬ ‫في األردن تحت رعاية معالي وزير‬ ‫َ‬
‫هنــاك َم ُرومــا‬ ‫هيهــاتَ ! َلــ ْن َتلْقــى‬ ‫ِ‬
‫البعيد ال ُم ْر َتجى ؟‬ ‫أتخــا ُل في الوادي‬
‫شكلت نقطة تحول في القانون‬ ‫الخارجية األردني ناصر جودة‬
‫الدولي اإلنساني وثورة في هذا‬ ‫وبالتعاون مع االتحاد السويسري‬ ‫صــون َح ِطيما‬
‫ِ‬ ‫مش َ‬
‫ــوق ال ُغ‬ ‫خلﱠفــتَ ـ َم ُ‬ ‫اس َت َط ْعتَ ‪َ ،‬ف َس ْو َف تُلقي ـ مثلما‬
‫سر ما ْ‬
‫ْ‬
‫المجال بعد الحرب العالمية الثانية"‪.‬‬ ‫احتفاال في ‪ 12‬أغسطس‪/‬آب الماضي‬
‫وأضاف جودة "أن األردن يؤمن بأنه‬ ‫بمناسبة الذكرى السنوية الستين‬
‫يجب أن يكون قدوة في هذا المجال‬ ‫التفاقيات جنيف األربع‪ .‬وحضر الحفل‬
‫وهو كان وسيبقى في الطليعة من‬ ‫الذي ضم أيضا معرضا للصور بعنوان‬
‫حيث الترويج التفاقيات جنيف‬ ‫"اآلثار اإلنسانية المترتبة على النزاعات‬
‫وتطبيق القانون الدولي اإلنساني‬ ‫المسلحة" عدد من الوزراء‬
‫والتعاون مع الصليب األحمر‬ ‫والدبلوماسيين والقانونيين وأعضاء من‬
‫‪ICRC‬‬

‫والجهات ذات العالقة بهذا المجال"‪.‬‬ ‫المجتمع المدني‪.‬‬ ‫(*) شاعر تونسي ولد في ‪ 24‬فبراير‪/‬شباط ‪ 1909‬وتوفي في ‪ 9‬أكتوبر‪ /‬تشرين األول ‪.1934‬‬

‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬ ‫‪5 4‬‬ ‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬


‫‪2010/2009‬‬
‫‪5 5‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫من أركان العالم‬
‫بعثات اللجنة الدولية للصليب األحمر في المنطقة‬ ‫القاهرة‪:‬‬

‫القاهرة‪ 31 :‬شارع جدة‪ ،‬حي المهندسين‪ ،‬القاهرة ‪ ،12411‬ج‪.‬م‪.‬ع‬


‫االجتماع اإلقليمي السادس‬
‫هاتف‪ )++202( 33379282/37619332 :‬فاكس‪)++202( 37618487 :‬‬ ‫لبرنامج استكشاف القانون اإلنساني‬
‫البريد اإللكتروني‪cairo.cai@icrc.org :‬‬
‫نظمت بعثة اللجنة الدولية للصليب األحمر بالقاهرة بالتعاون مع وزارة التربية‬
‫ع ّمان‪ :‬دير غبار‪ ،‬حي الديار‪ ،‬شارع يوسف أبو شحوت صندوق بريد ‪ 9058‬عمان ‪111191‬‬ ‫والتعليم المصرية "االجتماع اإلقليمي السادس لبرنامج استكشاف القانون‬
‫هاتف‪ )++9626( 4604300/5921472 :‬فاكس‪)++9626( 5921460 :‬‬
‫الدولي اإلنساني" في الفترة من ‪ 25‬إلى ‪ 27‬أكتوبر‪ /‬تشرين األول بحضور‬
‫البريد اإللكتروني‪amman.amm@icrc.org :‬‬
‫مندوبين عن وزارات التربية والتعليم في خمسة بلدان عربية هي األردن‬
‫بغداد‪( :‬بغداد) العلوية‪ :‬ص‪.‬ب ‪3317‬‬ ‫والمغرب واليمن وفلسطين ومصر‪.‬‬
‫هاتف‪ )++964 79( 01922464 :‬فاكس‪)++873( 763 712266 :‬‬ ‫است ّهل االجتماع بكلمات افتتاحية لمساعد وزير التربية والتعليم في مصر‬
‫(ع ّمان)‪ :‬غرب أم أذينة‪ ،‬ش البصرة‪ ،‬بالقرب من فندق الفور سيزونز‪ ،‬بناية رقم ‪ 5‬و ‪14‬‬ ‫الدكتور رضا أبو سريع‪ ،‬ومدير اإلدارة القانونية بجامعة الدول العربية رضوان‬
‫(ع ّمان)‪ :‬هاتف‪ )++962( 65523994 :‬فاكس‪)++962( 65523954 :‬‬ ‫بن خضرا‪ ،‬ورئيس بعثة اللجنة الدولية بالقاهرة كالوس شبرايرمان‪ .‬وقد‬
‫البريد اإللكتروني‪iraq.iqs@icrc.org :‬‬
‫ناقش المجتمعون المحطات المختلفة التي مر بها برنامج استكشاف القانون‬
‫الدولي اإلنساني منذ بدايته في العام ‪ 2002‬وصوال إلى المرحلة الراهنة والتي‬
‫دمشق‪ :‬أبو رمانة‪ ،‬ساحة الروضة‪ ،‬شارع مصر‪ ،‬بناء الجرد‪ ،‬الطابق الثالث صندوق بريد ‪3579‬‬
‫هاتف‪ )++96311( 3339034/3310476 :‬فاكس‪)++96311( 3310441 :‬‬ ‫انتقلت فيها صالحيات تنفيذ هذا البرنامج بالكامل إلى وزارات التربية والتعليم‬
‫البريد اإللكتروني‪damas.dam@icrc.org :‬‬ ‫في الدول العربية‪ ،‬وهو ما اعتبرته اللجنة الدولية والمشاركون تتويجا لنجاحات‬
‫البرنامج خالل مراحله المختلفة‪.‬‬
‫الفلسطينية المحتلة‪ :‬شارع النبي شعيب رقم (‪ )8‬منطقة الشيخ جراح‪ ،‬القدس‬ ‫األراضي‬
‫‪ ،91202‬صندوق بريد ‪20253‬‬

‫‪ICRC‬‬
‫هاتف‪ )++9722( 5917900 :‬فاكس‪)++9722( 5917920 :‬‬
‫البريد اإللكتروني‪jerusalem.jer@icrc.org :‬‬ ‫‪ ...‬ودورة لﻺعالميين المصريين‬ ‫القاهرة‪:‬‬
‫أهمية القانون الدولي اإلنساني وتطويره بعد ‪ 60‬عاما‬ ‫بيروت‪:‬‬
‫بيروت‪ :‬بناية منصور‪ ،‬شارع السادات‪ ،‬الحمرا‪ ،‬صندوق بريد ‪11-7188‬‬
‫هاتف‪ )++9611(739299/739298/739297 :‬فاكس‪)++9611(740087 :‬‬ ‫قانون العفو العام الصادر مع نهاية‬ ‫الحرب األهلية"‪ .‬ورأى "وجوب‬ ‫حقوق اإلنسان رصد سير العمليات‬ ‫في إطار إحياء ذكرى مرور ستين‬
‫البريد اإللكتروني‪beyrouth.bey@icrc.org :‬‬ ‫برأ أمراء‬
‫الحرب األهلية اللبنانية ّ‬ ‫محاكمة إسرائيل على الجرائم التي‬ ‫العدائية وجمع األدلة من الناحية‬ ‫عاما على اتفاقيات جنيف‪ ،‬نظمت بعثة‬‫ً‬
‫الحرب اللبنانيين وجعلهم قادة‬ ‫ارتكبتها‪ ،‬ولكن على لبنان أيضا أن‬ ‫القانونية‪ ،‬لكن لألسف واجهتنا‬ ‫اللجنة الدولية في بيروت حلقة نقاش‬
‫الخرطوم‪ :‬العمارات شارع رقم ‪ - 33‬منزل رقم ‪ - 16‬االمتداد الجديد‬ ‫سياسيين‪ ...‬ينبغي أن نبدأ بتطبيق‬ ‫يرتب بيته الداخلي بمعنى أنه‬ ‫صعوبات في العثور على خبراء في‬ ‫حول أهمية القانون الدولي اإلنساني‬
‫صندوق بريد ‪ 11111 - 1831‬الخرطوم‬ ‫القانون الدولي اإلنساني على أنفسنا‬ ‫ينبغي تقديم أولئك الذين ارتكبوا‬ ‫القانون الدولي اإلنساني لمساعدتنا‬ ‫في الحروب التي تدور حاليًا‪ .‬وقد‬
‫هاتف‪( ++ )249183( 476464/65 :‬خمس خطوط) فاكس‪++ )249183( 467709 :‬‬
‫من أجل تعزيز موقفنا قبل أن نشير‬ ‫جرائم حرب ضد المدنيين خالل‬ ‫من الناحية الفنية السيما في وزارة‬ ‫أقيمت هذه الحلقة على هامش معرض‬
‫البريد اإللكتروني‪khartoum.kha@icrc.org :‬‬
‫بالبنان إلى االنتهاكات التي يرتكبها‬ ‫الحرب األهلية إلى العدالة"‪ .‬وأضاف‬ ‫العدل حيث يوجد نقص كبير في‬ ‫"أيام العلوم" الذي نظم من ‪ 14‬إلى ‪17‬‬
‫تونس‪ :‬المندوبية اإلقليمية بتونس‪( ،‬تغطي أنشطتها‪ :‬تونس ‪ -‬المغرب ‪ -‬ليبيا ‪ -‬موريتانيا ‪-‬‬ ‫اآلخرون"‪.‬‬ ‫حوري قائال‪" :‬مما يؤسف له أن‬ ‫عدد المتخصصين في هذا المجال"‪.‬‬ ‫أكتوبر ‪ /‬تشرين األول في ميدان سباق‬
‫الصحراء الغربية) نهج بحيرة كنستنس‪ ،‬رواق البحيرة عمارة أ‪ ،‬ضفاف البحيرة تونس ‪1053‬‬ ‫من جانبه‪ ،‬أكد الدكتور عمر نشابة‬ ‫الخيل في بيروت وبرعاية بلدية جنيف‪.‬‬
‫هاتف‪ )++21671( 960196/960154/960179 :‬فاكس‪)++21671( 960156 :‬‬ ‫على أهمية تعليم القانون الدولي‬ ‫وشارك في هذا االجتماع مسؤولون‬
‫البريد اإللكتروني‪tunis.tun@icrc.org :‬‬ ‫اإلنساني لألجيال وتحويله إلى ثقافة‬ ‫وخبراء في القانون الدولي اإلنساني‬
‫بغداد‪:‬‬ ‫وإيديولوجية يستوعبها المجتمع المدني‬ ‫وحقوق اإلنسان من بينهم ممثال‬
‫الجزائر‪ 42 :‬شارع المعز ابن باديس بوارسون سابقًا – األبيار ‪ -‬الجزائر‬
‫صندوق بريد ‪ 16606 :‬الجزائر‬
‫إنهاء برنامج زيارة المحتجزين‬ ‫باإلضافة إلى نشره في كل من الدوائر‬ ‫وزارتي العدل والداخلية‪ ،‬الدكتور عمر‬
‫في معسكر بوكا مع إغالقه‬

‫‪ICRC‬‬
‫هاتف ‪ )++213( 21 92 40 73 / 21 92 43 03 :‬فاكس‪)++213( 21 92 43 18 :‬‬ ‫السياسية والعسكرية‪" ،‬فنص القانون‬ ‫الناطور والدكتور عمر نشابة‪،‬‬
‫البريد اإللكتروني‪alger.alg@icrc.org :‬‬ ‫الدولي جيد" بحسب رأيه "إال أننا‬ ‫والرئيس السابق للجنة حقوق اإلنسان‬
‫نظمت بعثة اللجنة الدولية بالقاهرة دورتين تدريبيتين لإلعالميين المصريين‬ ‫في شهر سبتمبر‪/‬أيلول ‪ ،2009‬قامت العائالت العراقية برحلتها األخيرة إلى‬ ‫نريد آلية أو هيكلية تُعنى بتنفيذه‬ ‫في البرلمان اللبناني النائب غسان‬
‫صنعاء‪ :‬شارع بغداد‪ ،‬رقم ‪ ،19‬منزل رقم ‪ 20‬صندوق بريد‪ 2267 :‬صنعاء‬ ‫حول القانون الدولي اإلنساني والحركة الدولية للصليب األحمر والهالل األحمر‪.‬‬ ‫أقصى جنوب البالد قرب البصرة‪ ،‬لزيارة أقاربها المحتجزين في معسكر بوكا‪،‬‬ ‫ورصد االنتهاكات التي تطاله"‪.‬‬ ‫مخيبر‪ ،‬والناشط في منظمات المجتمع‬
‫هاتف‪ )++9671( 21 38 44 / 467873/4 :‬فاكس‪)++9671( 46 78 75 :‬‬
‫انعقدت الدورة األولى بالتعاون مع وزارة اإلعالم المصرية‪ ،‬وشارك فيها ‪22‬‬ ‫التابع للسلطات األمريكية‪ .‬فمع إغالق هذا المعسكر‪ ،‬أنهت اللجنة الدولية للصليب‬ ‫وأشار شريف عتلم‪ ،‬مستشار‬ ‫المدني الدكتور كامل مهنا‪ ،‬ومدير فرع‬
‫البريد اإللكتروني‪sanaa.san@icrc.org :‬‬
‫إعالميا من المذيعين والمخرجين والمعدين العاملين في مؤسسات حكومية‪،‬‬ ‫األحمر برنامج دعم الزيارات العائلية‪ ،‬الذي م ّكن عائالت عشرات اآلالف من‬ ‫اللجنة الدولية‪ ،‬إلى أن "المجتمع‬ ‫منظمة رصد حقوق اإلنسان "هيومان‬
‫الكويت‪ :‬البعثة اإلقليمية لدول مجلس التعاون الخليجي (تغطي أنشطتها‪ :‬الكويت‪ ،‬السعودية‪،‬‬ ‫وذلك يومي ‪ 28‬و‪ 29‬أكتوبر‪ /‬تشرين األول الماضي بمقر اتحاد اإلذاعة‬ ‫المحتجزين من زيارة أقاربها‪.‬‬ ‫الدولي أقر في العام ‪ 1993‬بأنه ال‬ ‫رايتس واتش" في لبنان نديم حوري‬
‫اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬قطر‪ ،‬البحرين‪ ،‬سلطنة عمان) الجابرية‪ ،‬قطعة ‪ ،5‬شارع رقم ‪ ،3‬منزل رقم‬ ‫والتليفزيون المصري‪.‬‬ ‫ولم تكن الرحلة إلى بوكا طويلة وشاقة ومحفوفة بالمخاطر فحسب‪ ،‬بل كانت‬ ‫يوجد داع التفاقيات جنيف "جديدة"‬ ‫والمستشار القانوني اإلقليمي للجنة‬
‫‪ 32‬صندوق بريد‪ - 28078 :‬الصفاة ‪13141‬‬ ‫وتأتي هذه الدورة تنفيذا لقرارات اللجنة الوطنية للقانون الدولي اإلنساني‬ ‫تكبّد عائالت المحتجزين أعبا ًء مالية تثقل كاهلها‪ .‬ومنذ أكتوبر‪/‬تشرين األول‬ ‫ولكن ما ينقص هو وجود آلية قوية‬ ‫الدولية شريف عتلم‪.‬‬
‫هاتف‪ )++965( 25322098/25322062/25322061 :‬فاكس‪)++965( 25324598 :‬‬ ‫بمصر‪ ،‬والتي أوصت في اجتماعها األخير بعقد دورات خاصة لإلعالميين‬ ‫‪ ،2005‬أسهمت اللجنة الدولية بتخفيف ذلك العبء المالي من خالل تغطية جزء‬ ‫لتنفيذ القانون الدولي اإلنساني‬ ‫وخالل اللقاء أكد النائب غسان‬
‫البريد اإللكتروني‪koweit.kow@icrc.org :‬‬
‫لتعريفهم بالقانون الدولي اإلنساني ودور اللجنة الوطنية في ضمان تطبيقه على‬ ‫من التكاليف‪ .‬ويتذكر ثامر‪ ،‬الموظف الميداني لدى اللجنة الدولية فيقول‪" :‬كانت‬ ‫ونشره"‪ .‬وأضاف قائال‪" :‬من الصعب‬ ‫مخيبر على ضرورة رفع مستوى‬
‫الصعيد الوطني‪.‬‬ ‫العائالت تزور أقاربها المحتجزين كل يوم وكان يتعين علينا مرافقتها‬ ‫جدا وضع آلية دولية لمراقبة عملية‬ ‫الوعي والمعرفة بالقانون الدولي‬
‫بعثة الصومال‪ ،Denis Pritt Road :‬صندوق بريد‪ 00200 - 73226 :‬نيروبي‪ ،‬كينيا‬
‫هاتف‪ )++25420( 2713367/8/9 - 3963/4/5 :‬فاكس‪++ 254 2027 13731 :‬‬ ‫أما الدورة الثانية فكانت بعنوان "أخالقيات التغطية الصحفية في زمن‬ ‫لتوفير المساعدة لها أثناء ذلك"‪ .‬ويضيف قائال‪ ":‬شاركتنا العديد من‬ ‫التنفيذ لذا يتعين على جميع الدول‬ ‫اإلنساني في بلد مثل لبنان تعصف به‬
‫البريد اإللكتروني‪somalia.sok@icrc.org :‬‬ ‫النزاعات المسلحة"‪ ،‬وحضرها ‪ 30‬صحافيا وإعالميا مصريا من صحف وقنوات‬ ‫العائالت قصصها ودموعها‪ .‬أحيا ًنا‪ ،‬كانت تجري حوالي ‪ 350‬زيارة يوم ًيا‪،‬‬ ‫الموقعة على االتفاقيات العمل على‬ ‫الحروب منذ عقود على الصعيدين‬
‫تلفزيونية مصرية رسمية وخاصة‪ .‬وناقشت الدورة‪ ،‬باإلضافة إلى القانون‬ ‫وعمال مك ّث ًفا‪".‬‬
‫ً‬ ‫وكان ذلك يتطلب جه ًدا‬ ‫كفالة التنفيذ السليم للقانون على‬ ‫الداخلي والخارجي‪ .‬ويضيف مخيبر‬
‫طهران‪ :‬كميته بين المللي صليب سرخ‪ ،‬تهران ‪ -‬بلوار أفريقا ‪ -‬خيابان تابان شرقي ‪ -‬شماره ‪18‬‬ ‫الدولي اإلنساني‪ ،‬العديد من القضايا التي تهم الصحفيين مثل المحكمة الجنائية‬ ‫وخالل السنوات األربع الماضية التي شهدت عمل البرنامج‪ ،‬تلقى حوالي ‪30‬‬ ‫أراضيها فضال عن أراضي الغير"‪.‬‬ ‫أن "ليس هناك مع األسف وعي كاف‬
‫هاتف‪ ++98 21 8878 5503-4:‬فاكس‪++98 21 8878 3370 :‬‬ ‫الدولية والمصطلحات القانونية التي تستخدم في اإلعالم‪ ،‬واألخالقيات التي‬ ‫والحظ مدير منظمة "هيومان رايتس‬
‫ألف محتجز ‪ 146‬ألف زيارة تقريبًا من أقاربهم‪ ،‬بفضل الدعم المالي للجنة الدولية‪.‬‬ ‫بأهمية هذا القانون في لبنان بالرغم‬
‫البريد اإللكتروني‪tehran.teh@icrc.org :‬‬
‫ينبغي أن يتحلى بها الصحفي لتقديم تغطية محايدة ونزيهة‪ .‬كما قدم عدد من‬ ‫وتعتبر إعادة الروابط العائلية والحفاظ عليها بين المحتجزين وعائالتهم من‬ ‫واتش" نديم حوري "أن إسرائيل‬ ‫من كل الحروب التي مررنا بها "‪.‬‬
‫موريتانيا‪ :‬صندوق بريد‪ ،5110 :‬نواكشوط‬ ‫الصحفيين المشاركين شهادات عن خبراتهم في العمل في أماكن النزاعات‬ ‫أهم أولويات اللجنة الدولية للصليب األحمر في العراق وفي كافة الدول حيث‬ ‫والميليشيات اللبنانية انتهكت‬ ‫وأشار مخيبر إلى أنه "خالل حرب‬
‫هاتف‪ ++222 52 447 38 :‬فاكس‪++222 52 446 97 :‬‬ ‫المسلحة‪.‬‬ ‫تنفذ اللجنة الدولية أنشطتها اإلنسانية‪.‬‬ ‫القانون الدولي اإلنساني خالل‬ ‫صيف العام ‪ ،2006‬حاولت لجنة‬

‫‪ÄkHskN>h‬‬ ‫‪VHj`a‬‬ ‫‪5 6‬‬ ‫‪2010/2009 VHj`a‬‬ ‫‪ÄkHskN>h‬‬


‫‪2010/2009‬‬
‫‪5 7‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬ ‫‪Al-Insani‬‬ ‫‪Winter 2009/2010‬‬
‫إصدارات‬
‫ وإنشاء‬،"‫في حاالت الكوارث‬
AL-INSANI . 47 . Winter 2009/ 2010 ‫الفريق المعني بتنفيذ‬
The Protection of Peoples' Cultural Heritage is a Protection of Human Identity ‫استراتيجية إعادة الروابط‬
,‫ وعلى الصعيد المحلي‬.‫العائلية‬
Contents Editorial ‫تبذل جهود حثيثة من أجل‬
‫إعادة الروابط العائلية بين آالف‬
• Gaza: One Year After War, Still no Prospect of Decent Life Wars Risk the Heritage of Humanity where civilian populations are
‫األشخاص ومن بينهم النازحون‬

I
One year after the devastating three-week military operation in the Gaza Strip that began on 27 December 2008, the ICRC issued a report on
the conditions of the people and the challenges they face. exposed to hard experiences
‫ ويتضمن هذا‬.‫في باكستان‬
Dossier n the 13th century BC, the due to conflicts, displacements,
‫العدد من النشرة اإلخبارية‬
• The Protection of Peoples' Cultural Heritage is a Protection of Human Identity
fleet of King Ramsis II, and loss of relatives. ‫تشرين األول‬/‫لشهر أكتوبر‬
This dossier highlights some challenges hampering the protection of human heritage in the Arab region. This is particularly important
because this region lies at the heart of the old world which was the cradle of civilizations over history, and it is now a fertile soil for conflicts Pharaoh of Egypt, ‫ مقاالت عن فريق‬،2009
and wars. Although International
anchored off the shores of ‫المتخصصين في إعادة الروابط‬
• Destruction of Cultural Property or Occupation of History Lebanon. To chronicle his arrival, Humanitarian Law and its ‫العائلية الذي يعد أحد العناصر‬
By: Dr. Hassan Jouni, International Law Professor, Faculty of Law, Lebanese University
conventions' main priority is ‫تعريف الشباب‬ ‫الرئيسية الستراتيجية إعادة‬ ‫المبادئ األساسية‬
Cultural property represent a symbol, identity and history for the people. Therefore, any aggression on these properties is an aggression on the he carved, in the rocky banks of
dignity of all peoples and their history. protecting victims of armed ‫بالقانون الدولي اإلنساني‬ ‫الروابط العائلية والذي يهدف‬ ‫للحركة الدولية للصليب‬
the Lycus River (El-Kalb River),
• "Enhanced Protection" of Cultural property in Times of Armed Conflict the first of many stone tablets conflicts and sparing them the ‫إلى االستجابة السريعة‬ ‫األحمر‬
By: Dr. Mohamed Sameh Amr, Assistant Professor of International Public Law, Faculty of Law, Cairo University.
‫صدرت نسخة جديدة وحديثة‬
Efforts made by the international community under the umbrella of the UNESCO have resulted in a new international instrument aimed at the that announced the successive painful effects of wars, they also ‫من البرنامج التعليمي‬ ‫لالحتياجات الخاصة بإعادة‬
protection of cultural property in times of armed conflicts
hegemony of several civilizations aim to protect the properties of ‫الستكشاف القانون الدولي‬ ‫الروابط العائلية في أوقات‬ ‫المبادئ األساسية مجموعة‬
• Arab Countries Need National Legislations to Protect Their Heritage ICRC Regional Legal Adviser, Sharif Atlam, presents in an over the region. these victims, including their ‫اإلنساني المعد لألساتذة لتعريف‬ .‫الطوارئ‬ ‫من القيم المشتركة توحد‬
Interview By: Zeinab Ghosn his views about the protection of cultural property in the Arab Region, and the problems on the way of applying this cultural heritage and history, ‫وترشد عناصر حركة الصليب‬
protection. 13 ‫الشباب من الفئة العمرية بين‬
Following the Pharaohs, came which constitute a part of their ‫عاما بالقواعد والمبادئ‬
ً 18 ‫إلى‬ ‫ والتي‬،‫األحمر والهالل األحمر‬
• What Happened in Iraqi Museums is a Humanitarian and Historical Crime An interview with Iraqi archeologist Dr. Bahnam Abu El-Souf,
in which he recalls the theft of a great number of the collections of Iraqi Museum in 2003 by: Fardaws El-Abbady, Communication the Assyrians, Babylonians, identity. ‫األساسية للقانون الدولي‬ ‫تضم اللجنة الدولية للصليب‬
Departement, IQS.
Greek, Romans, Arabs, French, ‫ تحتوي هذه المجموعة‬.‫اإلنساني‬ ‫األحمر والجمعيات الوطنية‬
• The Condition of Iraqi Monuments as viewed by a Local Journalist By: Amer Al-Kubaissy, Iraqi Journalist and British. They left behind, in Hence, this issue of Al Insani ‫على جميع الوحدات التعليمية‬ ‫واالتحاد الدولي لجمعيات‬
their turn, inscriptions recording magazine highlights the ‫باإلضافة إلى دليل للمصطلحات‬ .‫الصليب األحمر والهالل األحمر‬
• Lebanon: Signing a Treaty is Not Enough By: Samar Al-Qadi, Communication Departement, ICRC Beirut
Three decades of internal and external wars, have placed Lebanon's cultural sites and diverse archaeological treasures at risk. importance of the protection of .‫وآخر للقانون الدولي اإلنساني‬ ،‫تستعرض هذه المطوية‬
their arrival, and announcing the
cultural heritage of the Middle ,‫ بإيجاز‬،‫الصادرة باللغة العربية‬
• Soap Industry in Nablus: One-thousand Years Legacy is Threatened with Extinction beginning of their reign in the
By: Mes'ada Seif and Rimmah El-Kilany, ICRC Nablus. East and North Africa. It includes ‫المبادئ السبعة التي يجب‬
Soap industry is a cultural and economic legacy of which the people of Nablus are proud. Unfortunately, this handicraft industry was deeply region.
affected, by the occupation and conflict. a number of articles by, and ‫اتباعها في جميع التحركات التي‬
interviews with, legal experts, ‫تضطلع بها عناصر الحركة في‬
• Yemeni Architecture, or Delving Into History By: Abdul-Aziz Awdha, Yemeni Journalist Specialist in Cultural Affairs These civilizations left behind a
Traditional architecture in Yemen enjoys special importance and status for its value and unique characteristics. archeologists, and officials who ‫ ويأتي في‬.‫جميع األوقات‬
substantial historical heritage, .‫مقدمتها مبدأ اإلنسانية‬
• A Real Eid Treat, By: Saleh Dabbakeh, Communication Departement, ICRC Khartoum some of which is part of today's bring up the challenges faced in
The story of uniting Youssouf, a Sudanese young man, with his mother after eleven years of separation because of war. the region in this regard. The
international heritage such as :‫الذخائر العنقودية‬
• Sudan: A fierce Struggle Between the Greenery and the Dunes By: Fatiha El-Chara, Algerian Journalist Specialist in Environment Affairs the pyramids of Egypt, the issue also reviews some
This article tackles the phenomenon of desertification, which threatens Africa in general, and Sudan in particular. It discusses possible social
historical and cultural sites and
‫حان وقت العمل‬
disturbances that may occur due to this phenomenon. archeological sites of Petra in
their connection to the history of ‫حماية الممتلكات الثقافية‬
• Somalia: Drought and Conflict Limit the Country’s Vast Agricultural Potential Jordan, Qartage in Tunisia, and ‫تشكل الذخائر العنقودية‬
Somalia, ravaged by war, is also a victim of the drought that has afflicted the Horn of Africa in recent years. Henri Maindiaux is an agricultural the kingdom of the Queen of humanity, and the damage ‫في القانون الدولي اإلنساني‬
specialist explains the programs developed by the ICRC to re-start agricultural production and ease people’s suffering. .‫مشكلة مستمرة لعقود طويلة‬
Sheba in Yemen, etc. These inflicted upon them as a result of
‫تمتاز منطقة الشرق األوسط‬ ‫فقد قتلت هذه األسلحة أو‬
• EHL Program is in the Hands of Governments
historical and cultural properties, a conflict.
The Jordanian Minister of Education, Dr. Waleed El-Ma'any, explaines his views on how the joint Program “Exploring Humanitarian Law” would ‫وشمال إفريقيا بثرائها في مجال‬ ‫جرحت عشرات اآلالف من‬
continue, and the mechanisms needed to secure it so that new Jordanian generations continue to benefit from it. which include several of the ‫التراث الثقافي والتاريخي وهي‬ ‫المدنيين في البلدان المتأثرة‬
• Religious Rituals Keep Family Together in the Occupied Golan By: Nadia Debsy, Family Visits Programme, ICRC Jerusalem. Seven Wonders of the World, This issue, in addition, contains ‫التي احتضنت على مر التاريخ‬ ‫أيار من‬/‫ وفي مايو‬.‫بالحروب‬ ‫نشرة إعادة الروابط‬
Every year, the ICRC facilitates the passage of the Druze pilgrims from the Occupied Golan to "Prophet Habil' shrine in Syria via Kuneitra have made the Middle East and a variety of other topics such as ‫عشرات الحضارات المتعاقبة‬ ‫ اعتمدت أكثر من‬،2008 ‫العام‬ ‫العائلية‬
crossing point. This is a main activity through which the ICRC contributes to maintaining family links in the region.
North Africa one of the world's the report issued by the ‫ لكنها أيضا منطقة‬.‫والمتجاورة‬ ‫ دولة االتفاقية الخاصة‬100
• Ten Years after the International Treaty on Landmines: Implementation Mechanisms are Needed By: Dr. Mohamed Amin Al-Midani- International Committee of the
President of The Arab Center for Education on International Humanitarian law and Human Rights, Strasbourg, France richest regions, and turned it ‫تشهد منذ سنوات العديد من‬ ‫ والتي تحظر‬،‫بالذخائر العنقودية‬ ‫يوشك تنفيذ استراتيجية‬
This article reviews the conclusions of the conference held by state parties to the Convention on the Prohibition of Anti-personnel mines in into a center of attention where Red Cross one year after the ‫النزاعات المسلحة ما ألحق‬ ‫استخدام أو تطوير أو إنتاج أو‬ ‫إعادة الروابط العائلية على‬
Cartagena, Colombia, between 29 November and 4 December 2009, under the slogan "A Mine-Free World".
tourists come from all over the War on Gaza. It also sheds the ‫أضرارا جسيمة بالممتلكات‬ ‫تخزين أو نقل هذا النوع من‬ ‫ وبالرغم من‬،‫دخول عامه الثالث‬
• Peter Herby: Despite Progress Made, Victim Assistance Falls Short
world to be dazzled by its light on some humanitarian ‫الثقافية التي توصي االتفاقات‬ ‫ كما أنها تطالب الدول‬.‫الذخائر‬ ‫أننا ال نزال في مرحلة مبكرة إال‬
Since the adoption of the Conventions Prohibiting Anti-personnel Mines ten years ago, the number of victims has tangibly decreased. However,
victims still expect considerable progress in the basic needs they get, as explained by Peter Herby, Head of the ICRC's Arms Unit in Geneva. magnificence. experiences in some countries ‫ وقد أصدرت‬.‫الدولية بحمايتها‬ ‫األطراف في االتفاقية بتدمير‬ ‫أن هناك عددا من اإلنجازات‬
• Najmuddin Who Said No To Pity
of the region. ‫اللجنة الدولية للصليب األحمر في‬ ‫مخزونها من هذه الذخائر‬ ،‫التي تحققت ويمكن تقييمها‬
An inspiring story about Najmuddin Helal, one of mines' victims in Afghanistan who overcame his disability. Regrettably, while this region ‫الشرق األوسط وشمال إفريقيا‬ ‫وتطهير مخلفاتها ومساعدة‬ ‫مثل األنشطة المتبادلة بين‬
• Without Retouch Tigers on the Tenth Day By: Zakaria Tamer –Syrian novelist and Journalist enjoys such an intense history, it ‫ تحت‬2010 ‫روزنامتها للعام‬ ‫ هذا الفيلم يقدم في‬.‫ضحاياها‬ ‫الجمعيات الوطنية على‬
‫عنوان "حماية الممتلكات الثقافية‬ ‫ دقيقة لمحة عامة عن مشكلة‬16 ‫ وتشكيل‬،‫المستوى اإلقليمي‬
• Poetry "I spent phases of life….contemplating" suffers as well of being one of
In the 100th anniversary of Tunisian poet Abu El-Qasim El-Shabbi, Al-Insani publishes one of his poems. "‫في القانون الدولي اإلنساني‬ ‫ واألحكام‬،‫الذخائر العنقودية‬ ‫فريق المتخصصين في إعادة‬
the hottest spots in the world, “Al-Insani” ‫تضمنت صورا لبعض أهم األعيان‬ ‫الرئيسية لالتفاقية والخطوات‬ ‫ وإعداد "الدليل‬،‫الروابط العائلية‬
• Around the World
.‫الثقافية التي توجب حمايتها‬ .‫المطلوبة للوفاء بالتزاماتها‬ ‫الميداني إلعادة الروابط األسرية‬

ÄkHskN>h VHj`a 5 8 2010/2009 VHj`a ÄkHskN>h


2010/2009
5 9 Al-Insani Winter 2009/2010 Al-Insani Winter 2009/2010

You might also like