You are on page 1of 3

‫‪ -‬ازدواجية اللغة من فيرغاسون إلى والد‪:‬‬

‫لم يظهر مصطلح االزدواجية اللغوية (‪ )Diglossie‬في أدبيات اللسانيات إال في‬
‫عام ‪ 1959‬حين استخدم اللساني األمريكي شارل فرغيسون (‪)Charles Ferguson‬‬
‫هذا المصطلح المأخوذ من اللغة اإلغريقية‪ .‬ولئن كان هذا المصطلح ال يعني في اللغة‬
‫اإلغريقية سوى الثنائية اللغوية فإنه يكتسب عند فرغيسون معنى أدق من ذلك‪ ،‬فقد حدد‬
‫الكاتب االزدواجية اللغوية انطالقا من أحوال أربعة يعتبرها مثالية( وهي المنطقة‬
‫األلمانية في سويسرا‪ ،‬ومصر وهايتي‪ ،‬واليونان)‪ ،‬على أنها العالقة الثابتة بين ضربين‬
‫لغويين بديلين ينتميان إلى أصل جيني واحد‪ :‬أحدهما راق واآلخر وضيع (كالعربية‬
‫الفصحى والعاميات‪ ،‬كاإلغريقية الشعبية الحديثة واإلغريقية "المهذبة الصافية"‪...‬الخ)‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫يقابل التوزيع الوظيفي المختزل إلى أدنى درجته‪ :‬بين استعمال اللغة "الفصحى"‬
‫(‪ )High‬واستعمال اللغة العامية (‪ )Low‬المستقاة من اللهجات‪ .‬لقد طبق مفهوم‬
‫االزدواجية اللغة في مرحلة أولية على أربعة شواهد‪ :‬اللغة العربية‪ ،‬اليونانية الحديثة‪،‬‬
‫السويسرية األلمانية‪ ،‬ولغة المستعمرات الهجينة في هايتي حيث يستخدم الرمز "‪ "L‬في‬
‫صيغة الجمع ويدل على اللهجات الجهوية‪ ،‬في حين أن الرمز "‪ "H‬يندرج في نطاق‬
‫التنوع المتطابق‪ .‬كما يلعب الشكل الكتابي دورا فاعال في هذه الشواهد‪ ،‬ويعتبر كافيا كي‬
‫‪2‬‬
‫نعرف استعمال اللغة الفصحى "‪."H‬‬
‫ّ‬

‫وفي غضون السنوات الماضية‪ ،‬ومنذ أن استعمله فيرغيسون ألول مرة‪ ،‬أصبح‬
‫هذا المصطلح متداوال وشائعا في أوساط المتخصصين في سوسيولوجيا اللغة‪ .‬بيد أن‬
‫معناه لم يتمدد كثيرا وتمت تنقيته من الشوائب‪.‬‬

‫لويس جان كالفي‪ ،‬حرب اللغات و السياسات اللغوية ‪ ،‬ترجمة د‪.‬حسن حمزة ‪ ،‬توزيع مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬المنظمة‬ ‫‪1‬‬

‫العربية للترجمة ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬بيروت‪،2008 ،‬ص ‪.78‬‬

‫بيار أشار‪ ،‬سوسيولوجية اللغة‪ ،‬منشورات عويدات‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،1996 ،1‬ص ‪.48 -47‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪1‬‬
‫لقد استعمل هذا المصطلح في البداية كي يدل على مجتمع يقر بوجود وبتعايش‬
‫لغتين أو أكثر من أجل تأمين حاجات التواصل بين أعضاء الجماعة‪ .‬لقد اكتشفنا في‬
‫مرحلة الحقة‪ ،‬أنه في داخل هذا المجتمع يسود استعمال عدة دساتير لغوية (‪)Codes‬‬
‫منفصلة‪...‬إن استبدال أحدهما باآلخر‪ ،‬بعد انقضاء فترة من الزمن‪ ،‬كان مرتهنا‬
‫بالخدمات التي يؤمنها أحدهما ومختلفا عن الوظائف المتخصصة للدستور اآلخر‬
‫ويحدث هذا االنفصال انسجاما مع توجهين اثنين‪ :‬تستعمل لغة "‪( "H‬الراقية) في‬
‫الخطاب الديني‪ ،‬وفي التعليم وفي بعض جوانب الثقافة‪ ،‬أما اللغة "‪( "L‬المشتركة)‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫كانت تستخدم في الموضوعات اليومية وفي المنزل والعائلة‪.‬‬

‫تقيم االزدواجية اللغوية التي يتحدث عنها فرغيسون مقابلة بين ضربين بديلين من‬
‫ضروب اللغة‪ ،‬تُرفع منزلة أحدهما "فيعتبر المعيار"‪ ،‬ويكتب به األدب المعترف به‪،‬‬
‫‪4‬‬ ‫ّ‬
‫وتحط منزلة اآلخر‪ ،‬ولكن تتحدث به األكثرية‪.‬‬ ‫ولكن ال تتحدث به إال األقلية‪،‬‬

‫يفترض فيشمان أن االزدواجية اللغوية قائمة على وجود اختالف وظيفي بين‬
‫لغتين‪ ،‬مهما كانت درجة هذا االختالف طفيفة جدا أو عميقة جدا‪ .‬وليس من الضروري‬
‫‪5‬‬
‫أن تكون بين الشكلين المختلفين عالقة جينية‪.‬‬

‫وهذا ما يؤكده أندري مارتيني ‪ André martinet‬في الموسوعة الجغرافية‬


‫قائال أن " إن االزدواجية اللغوية هي الوضع الذي توجد فيه لغتان في نفس البلد‪،‬‬
‫إحداهما لغة األغلبية واألخرى لغة األقلية ولهما نفس الوضع القانوني واإلعالمي‬
‫‪6‬‬
‫وكذلك في الدوائر الحكومية"‬

‫بيار أشار‪ ،‬سوسيولوجية اللغة‪ ،‬ص ‪.49‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪4‬‬
‫لويس جان كالفي‪ ،‬حرب اللغات و السياسات اللغوية ‪ ،‬ص ‪.79‬‬

‫‪5‬‬
‫لويس جان كالفي‪ ،‬حرب اللغات و السياسات اللغوية ‪ ،‬ص ‪80‬‬

‫‪ 6‬ينظر‪ :‬دليلة فرحي‪ ":‬االزدواجية اللغوية مفاهيم و إرهاصات"‪ ،‬مجلة المخبر‪ -‬أبحاث في اللغة و األدب الجزائري‪ ،‬قسم األدب‬
‫العربي جامعة بسكرة‪،‬ع‪، 2009، 5‬ص‪270‬‬
‫‪2‬‬
‫كما حدد الباحث الفرنسي وليام مارسي ‪ Marsais William‬مفهوم االزدواجية‬
‫اللغوية في كتابه «االزدواجية اللغوية العربية«« ‪ «arabe diglossie‬قائال «‪ :‬هي‬
‫حالة لغوية يتعايش فيها نظامان لغويان في مجتمع واحد‪ ،‬فيؤديان وظائف تواصلية‬
‫مختلفة‪ ،‬وهو ما يمكن أن نعبر عنه في جميع اللغات بوجود لغة مشتركة و قد تسمى‬
‫فصيحة أو رسمية لغة خاصة‪ ،‬وقد تسمى لهجة أو عامية فينتج عن ذلك وجود مستويين‬
‫‪7‬‬
‫واحد رفيع‪ ،‬واآلخر وضيع "‪.‬‬

‫‪ 7‬الحبيب النصراوي‪" :‬في االزدواجية اللغوية والهوية العربية"‪ ،‬مجلة اإلذاعة العربية‪ ،‬تصدر عن اتحاد إذاعات الدول العربية‪،‬‬
‫ع‪، 2013، 4‬ص‪2‬‬
‫‪3‬‬

You might also like