Professional Documents
Culture Documents
مادة الفقه
الفهرس
5 النجاسات
10 .5الميتة
12 .8الخمر
3
أكاديمية الفرقان
البــاب الثامــن مــن أبــواب الطهــارة فــي النجاســات ،النجاســة كمــا ذكرنــا
عيـ� ٌن مسـ�تقذرة تمنـ�ع مـ�ن الصـلاة ونحوهـ�ا.
أقسام النجاسات
والنجاســة ثالثــة أقســام.١ :نجاســة مخففــة.٢ ،نجاســة متوســطة،
.٣نجاسـ�ة مغلظـ�ة.
.1النجاســة المتوســطة :التــي هــي معظــم النجاســات عليهــا ،نجاســة
متوسـ�طة يجـ�ب أن تُغسـ�ل حتـ�ى تـ�زول عيـ�ن النجاسـ�ة ويذهـ�ب أثر النجاسـ�ة،
ً
مثــا :نجاســة البــول ،البــول إذا أصــاب البــدن البــد أن يُغســل الموضــع
الــذي أصابــه البــول حتــي يــزول أثــره ،هــذه النجاســة المتوســطة ،التــي هــي
العاديـ�ة.
قليــا :الشــرع غلــظ فيهــا ،كنجاســة ً .2لكــن هنــاك نجاســات أغلــظ
الكلــب فــي إنــا ِء أ َ َح ِدكــم
ُ لُعــاب الكلــب فــي اإلنــاء ،الكلــب« :إذا َولَــ َغ
ـراب» ((( ،فهــذه نجاســة غلــظ الشــرع فــي ات إِ ْحدَا ُهـ َّن بالتـ ِ فلْيَ ْغ ِســلْهُ َسـبْ َع َمـ َّ
ـر ٍ
شـ�أنها.
ً
مثــا :نجاســة المــذي، مــر معنــا
.3وهنــاك نجاســات مخففــة :كمــا َّ
المــذي إذا أصــاب الثيــاب ال يلــزم غســله ،بــل يكفــي أن يــرش عليــه مــن
المـ�اء ،يُنضـ�ح بشـ�يء مـ�ن المـ�اء.
يكون لدينا النجاسات ثالثة أقسام :
.1النجاسة المتوسطة :هي العادية ،التي معظم النجاسات عليها.
.2النجاسة المغلظة،
.3النجاسة المخففة :يتكلم الكتاب عن بعضها.
4
مادة الفقه
النجاسات
فــي المســألة الثانيــة مــن الكتــاب ،يتكلــم عــن بعــض األشــياء التــي ثبتــت
نجاستها ش��رعًا.
وعذرة األدمي
.1نجاسة َبول اآلدميَ ،
البــول والعــذرة ،العــذرة هــي الرجيــع ،وهــو الغائــط ،أي يــأكل ثــم يرجع
منــه شــيء ،فالبــول والغائــط نجاســتهما نجاســة متوســطة مــاذا يعنــي؟ مــا
أصــاب البــدن منــه البــد أن يُغســل ،لكــن ُخفــف فــي نجاســة البــول ،والغائط
علــى الســبيلين فقــط -علــى ال ُقبــل والدبــر -يمكــن أن يُغســل بالمــاء،
ويمكــن أن يســتجمر بالحجــر ونحــوه ،لكــن عمو ًمــا لــو البــول أو الغائــط
أصــاب البــدن أو أصــاب الثيــاب البــد مــن غســل الموضــع الــذي أصابــه.
أي أن أحـدًا أصابــه غائــط علــى قد ِمــه أو علــى يــده ،ال يمكــن أن يأتــي بحجر
مثــاً ويســتجمر علــى يــده ،أو علــى قدمــه ،بــل البــد أن يأتــي بمــاء ،وأن
يُغســل هــذه النجاســة ..هــذا الغائــط ،وكذلــك البــول لــو وقــع علــى البــدن
أو علــى الثيــاب البــد مــن غســله بالمــاء ،ال يلــزم غســل جميــع الثــوب ،بــل
يكفـ�ي غسـ�ل الموضـ�ع الـ�ذي أصابتـ�ه النجاسـ�ة فقـ�ط.
إذًا بــول اآلدمــي وغائــط اآلدمــي نجــس ،ويســتثنى مــن ذلــك بــول
الصبــي الصغيــر الــذي لــم يــأكل الطعــام ،الطفــل الصغيــر الــذي ال يعتمــد
علــى أكل الطعــام ،الــذي هــو فــي حــدود أقــل مــن ســتة أشــهر ،هــذا بولــه
نجــس نجاســة مخففــة ،أي يكفــي أن يــرش بالمــاء ،يكفــي أن يُنضــح بالمــاء،
ـح ،
نضـ ُ ـرا؛ لقــول النبــي ﷺ« :بــو ُل ال ُغـ ِ
ـام يُ َ لكــن شــرط أن يكــون صبيًّــا ذكـ ً
غس ـ ُل» ((( ،وكذلـ�ك قـ�ول ﷺ أو فعـ�ل النبـ�ي ﷺ. وب ـ ْو ُل الجاري ـ ِة يُ َ
لمــا أتــت أم قيــس بنــت ُم ِحصــن بابــن لهــا صغيــر لــم يــأكل الطعــام
5
أكاديمية الفرقان
إلــى النبــي ﷺ ،فأجلســه ﷺ علــى حج ـ ِره ،فبــال عليــه ،الصبــي بــال علــى
حــهُ ولــم ِ
يغســلهُ ،((( .فبفعــل وبقــول ثــوب النبــي ﷺ ،فدعــا بمــا ٍء فنض َ
النبــي ﷺ ،فهمنــا ذلــك أن بــول الصبــي الصغيــر الــذي لــم يــأكل الطعــام
يعفــى عنــه ،أي يكــون نجــس نجاســة مخففــة ،يكفــي أن يُــرش بالمــاء.
إذًا لمــاذا َّ
فــرق الشــرع مــا بيــن بــول الصبــي وبــول الجاريــة؟ قيــل:
الحكمــة فــي ذلــك للتخفيــف؛ ألن بــول الغــام يُصيــب النــاس
كثيــرا ،والغــام فــي الغالــب يُحمــل ،ويخــرج بــه مــن البيــت أكثــر
ً
مــن الجاريــة – أكثــر مــن البنــت -فإصابــة بولــه لثيــاب النــاس
كثيــرة؛ فتخفي ًفــا مــن الشــرع خفــف الغســل إلــى الــرش أو النضــح.
وقيــل :ألن احتماليــة إصابــة البنــات فــي الســن المبكــرة بالتهابــات مجــرى
البــول أكبــر ،لوجــود فتحــة البــول بجــوار فتحة الغائــط ،وكثــرة إصابــة الغائط
بمــا فيــه مــن بكتريــا لمجــرى البــول؛ فيحصــل التهابــات بوليــة متكــررة عنــد
البنــات؛ فيكــون بولهــا أنتــن مــن بــول األوالد الصبيــان؛ فالحاصــل أن البــول
والغائــط كالهمــا نجــس ،لكــن بــول الصبــي الصغيــر الــذي لــم يــأكل الطعــام
يخفــف فــي تطهيــره.
.2بول وغائط الحيوانات غير مأكولة اللحم
كذلـك نجـس ،أي أن كذلـك مـن النجاسـات بـول وغائـط أو روث
الحيـوان غيـر مأكـول اللحـم ،مثـل :األسـد ،والذئـب ،والثعلـب ،هـذه
حيوانـات غيـر مأكولـة اللحـم ،بولهـا وروثهـا نجـس ،ألن النبـي ﷺ لما ُسـئل
عـن الميـاه التـي تكـون فـي الفلاة ،ومـا ينوبهـا مـن السـباع -ميـاه تكـون فـي
الصحـراء -وتأتـي عليهـا السـباع؛ السـباع لمـا تأتـي تشـرب منهـا ،وربمـا ينزل
6
مادة الفقه
منهـا لعـاب ،وربمـا تتبـول أو تتغـوط فـي الميـاه؛ فقـال النبـي ﷺ« :إذا بلـغ
كثيـرا فـي ً ـث» ((( ،أي أن المـاء الكثيـر إذا كان ـل ال َ
خبَ َ المـاءُ قُلَّتَيـ ِن لـم ي ْ
ح ِم ِ
الغالـب ال ينجـس ،لـو كانـت هـذه األشـياء التـي هـي فضلات السـباع غيـر
نجسـة لقـال النبـي ﷺ أنهـا ليسـت نجسـة ،لكـن قـال« :إذا بلـغ المـاءُ قُلَّتَيـ ِن
ـث» ،فـدل ذلـك علـى أن فضالت السـباع غيـر مأكولـة اللحم. ـل ال َ
خبَ َ ح ِم ِ لـم ي ْ
ـباع((( .؛ فـدل ذلـك على الس ِ أكل ُك ِّل ِذي ٍ
نـاب مـن ِّ ألن الرسـول ﷺ ن َ َهـى عـن ِ
أن فضلات السـباع أي بولهـا وروثها ،وعلى الراجـح أن لُعابها -لُعاب السـباع
-علـى الراجـح نجـس؛ ألن الرسـول ﷺ ُسـئل عـن مياه الفلاة ومـا يَنوبُها من
السـباع؛ يمكـن أن يأتـي السـبع ويشـرب فقـط؛ فـدل أن لعابِـه يلـوث الميـاه.
ليسـت
ْ أيضـا مـن حديـث النبـي ﷺ فـي الهـرة لمـا قـال« :إنَّهـا ويُسـتفاد ذلـك ً
افـات»((( ،الهرة إذا شـربت مـن اإلناء ـس ،إنَّهـا ِمـن الط َّوافيـ َن عليكم والط َّو ِ ج ٍ بن َ َ
وشـربها من لُعابهـا طاهـر ،ألنهـا ليسـت بنجـس لمـاذا؟ يُكثـر دخولها البيـتُ ،
آنيـة البيـت ،ويَ ُشـق التحرز منهـا ،فبمفهوم المخالفـة يُفهم أن غيرها من السـباع
مأكولـة اللحـم لعابها نجـس ،فاألرجح من أقوال العلماء أن لعـاب الحيوان غير
مأكـول اللحـم نجـس ،أما الحيـوان مأكول اللحـم فلعابـه وبوله وروثـه فطاهر.
.3قيء اآلدمي
نجاســة قــيء اآلدمــي جمهــور أهل العلــم علــى نجاســته ،وإن كان ال يوجد
علــى ذلــك دليــل صحيــح صريــح ،أي ليــس هنــاك دليــل صريــح صحيــح على
نجاســة قــيء اآلدمــي ،فاالحتيــاط أن يعامله اإلنســان كنجس ،ويغســله ،يغســل
مــا أصــاب البــدن منــه ،ويغســل مــا أصــاب الثيــاب منــه ،لكــن كمــا ذكرنــا هذه
�ح صريح.المسـ�ألة نجاسـ�ة قـ�يء اآلدمـ�ي ليـ�س عليها دلي�ـ ٌل صحيـ ٌ
((( صححه األلباني
((( صححه األلباني
((( صححه األلباني
7
أكاديمية الفرقان
.4الدم المسفوح
مــن النجاســات كذلــك :نجاس�ةـ ال��دم المس�فـوح .الــدم الباقــي فــي
العــروق طاهــر عنــد عامــة أهــل العلــم ،فلــو اإلنســان ذبــح دجاجــة أو ذبــح
ماعــز أو ذبــح خروفًــا أو ذبــح بقــرة ،بعدمــا يســفح الــدم وينــزل ،هنــاك
دم يبقــى فــي العــروق ،فعندمــا تطبــخ طعــام – اللحــم – مــن الممكــن أن
يظهــر هــذا الــدم ..الــدم الباقــي فــي العــروق ،فهــذا طاهــر عنــد عامــة أهــل
العلــم ،لكــن الــدم المســفوح النــازل هــذا دم نجــس عنــد عامــة أهــل العلــم.
بــل هــو إجمــاع ،نقــل هــذا اإلجمــاع -إجمــاع الســلف -علــى نجاســة الــدم
ِعــدة مــن أهــل العلــم ،منهــم اإلمــام أحمــد ،لمــا ُســئل عــن القيــح ،والــدم:
هــل همــا ســواء؟ قــال« :ال ،الــدم لــم يختلــف النــاس فيــه ،أمــا القيــح فقــد
اختلـ�ف النـ�اس فيـ�ه» ،أي أن الـ�دم نجـ�س باإلجمـ�اع ،لكـ�ن القيـ�ح فيـ�ه خالف.
كذلــك نقــل اإلجمــاع علــى نجاســة الــدم ابــن حــزم ،وكذلــك نقــل
إجمــاع نجاســة الــدم الطحــاوي ،ونقــل اإلجمــاع علــى نجاســة الــدم ابــن
رشــد ،ونقــل إجمــاع نجاســة الدم :النــووي وابــن حجــر والقرطبــي ،وغيرهم
م��ن أه��ل العل��م .
فنجاســة الــدم أمــر مســتقر عنــد الســلف ،بعــض العلمــاء المتأخريــن
خالفــوا فــي هــذه المســألة كالشــوكاني وبعــض العلمــاء المعاصريــن ،وقالــوا
بطهــارة الــدم إذا كان مــن اإلنســان ،أو مــن الحيــوان مأكــول اللحــم ،لكــن
كمـ�ا ذكرنـ�ا عامـ�ة العلمـ�اء علـ�ى نجاسـ�ة الـ�دم.
ومــن قالــوا بطهــارة الــدم ،قالــوا ذلــك لمــاذا؟ قالــوا ألنــه ثبــت عــن
بعــض الســلف أنهــم كانــوا يصلــون رغــم نــزول الــدم مــن جراحهــم ،أي
ـرةً فــي صالتــه وأكمــل الصــاة ،وعمــر بــن الخطــاب
ابــن عمــر عصــر بَثْـ َ
8
مادة الفقه
َ�بـ د ًم��ا ،والحس��ن البصرــي ق��ال« :ال ي ـزَا َل ال ْ ُم ْس ـ ِل ُمو َن
صل��ى وجرح��ه يَثْع ُ
صلُّــو َن فِــي جِ َرا َحاته ـ ْم”
يُ َ
صيــب بســه ٍم فنزعــه وأكمــل صالتــه، وقصــة الصحابــي الــذي أ ُ ِ
صيــب ونزعــه وأكمــل صيــب بســه ٍم ونزعــه وأكمــل صالتــه ،وأ ُ ِ
وأ ُ ِ
صالتــه ،وهــو يحــرس المســلمين ويُ ِقيــم الليــل ،فهــذه كلهــا
قصــص تــدل علــى أن الصحابــة كانــوا يتعاملــون مــع الــدم علــى
أنــه طاهــر؛ فلذلــك قــال بعــض العلمــاء المعاصريــن بطهــارة الــدم.
لكــن كمــا ذكرنــا نفهــم الكتــاب والســنة بفهــم ســلف األمــة ،هــؤالء الســلف
تصرفــوا هــذه التصرفــات ،لكــن هــل نقــل عنهــم أنهــم قالــوا أن الــدم طاهــر؟
لــم ينقــل عنهـ�م ذلـ�ك ،بـ�ل نقـ�ل ِع��دة إجماعــات علىــ نجاسـ�ة الدــم ،فمــا
تفســير هــذه التصرفــات منهــم؟ هــذه التصرفــات تفســر بشــي ٍء مــن اثنيــن:
ً
أول :أن يكــون الــدم قليـ ً
ـا ،فيعفــى عــن يســيره ،وهــذا الصحيــح فــي نجاســة
ـيرا نقطــة ونقطتيــن يُعفــى عنهــا ،يعفــى عــن يســيره
الــدم :أن الــدم إذا كان يسـ ً
،كالبثــرة التــي يعصرهــا ،فيخــرج منهــا شــيء قليــل مــن الــدم ،فهــذا يعفــى
عنـ�ه.
كثيــرا فهــو نجــس ،والبــد مــن تطهيــره ،لكــن إن كان
ً ثانيًــا :وإن كان
ـتمرا فهــذا مــن بــاب مــن نجســه دائــم ،أي أن اإلنســان ينــزف وهــو يصلي،
مسـ ً
هنــاك نجاســة ،لــو قطــع صالتــه سيســتمر الــدم بالنــزول مــرة ثانيــة ،ولــو
غســله ســينزف مــرة ثالثــة ،ولــو اســتمر فــي الغســل ســينزف ،فهــذا يســمى
إنســان «نجســه دائــم» كمــن حدثــه دائــم ،فيوجــد إنســان مــن الممكــن أن
ـتمرا،
ـتمرا ،مــن الممكــن أن يكــون نجســه دائ ًمــا مسـ ً
يكــون حدثــه دائ ًمــا مسـ ً
مــن الممكــن أن يكــون االثنيــن :الحــدث والنجــس كالهمــا دائــم مســتمر.
ـال.1 :أ َ َح ـ ٌد عنــده ســلس البــول ،ســلس البــول هــذا حــدث
نضــرب مثـ ً
9
أكاديمية الفرقان
ونجــس دائــم ،االثنيــن مــع بعضهمــا البعــض ..حــدث دائــم ونجــس دائــم.
.2أ َ َح ٌد عنده انفالت ريح ..هذا حدث دائم ،لكن ليس ً
نجسا دائ ًما.
.3أ َ َحـ ٌد عنــده نزيــف -دم ينــزل -مــن يــده باســتمرار ،أي مجــروح وال
يوجــد خياطــة للجــرح ،فالــدم يظــل ينــزف ،إمــا يــوم أو ســاعة أو ســاعتين أو
ثـلاث أو أربـ�ع سـ�اعات إلـ�ى أن ينقطـ�ع ..فهـ�ذا اسـ�مه نجسـ�ه دائـ�م.
فلذلــك اســتمروا فــي الصــاة؛ ألن النجاســة دائمــة ،وال يمكــن إزالتهــا
بالكليــة ،ولــو ُغســلت ســينزل الــدم مــرة أخــرى ،فهــذا هــو تفســير تصرفــات
الســلف؛ لذلــك الصحيح قول عامــة أهل العلم وهو أن الدم المســفوح نجس.
ع
َ ٓ ُ َ َ َّ ُ َ
م َّر ًمــا َ َ ٰ وح إِل ـد ِف مــا أ ِدليــل نجاســة الــدم :قــول اهلل { :قُــل َّلٓ أَجـ ُ
ِ
َ َ ــة أَ ۡو َد ٗمــا َّم ۡســف ً
ُ َ ۡ َ ُ ُ ٓ َّ ٓ َ َ ُ َ َ ۡ َ ً
يــر ِزنخ ل َ
ــم وحا أ ۡو ۡ ِــم يطعمــهۥ إِل أن يكــون ميت َ
ِ ٖ طاع ٖ
ـس}((( ،عامــة العلمــاء علــى «ف َ ِإنَّــه» تعــود علــى جميــع مــا ســبق، فَإنَّـ ُ
ـهۥ ر ۡجـ ٌ
ِ ِ
بمـ�ا فيهـ�ا الـ�دم.
.5الميتة
َّ ٓ َ َ ُ َ َ ۡ َ ً َۡ
كذل��ك م��ن النجاس��ات ال َميْتَةــ؛ فال َميْتَــة نجســة {إِل أن يكــون ميتــة أو
َ ٗ َّ ۡ ُ ً َ
ـس} ((( ،والنبــي ﷺ قــال« :أيُّمــا ـم خِزنيــر فَإنَّـ ُ
ـهۥ ر ۡجـ ٌ وحا أ ۡو َ ۡ
لـ َ دمــا مســف
ِ ِ ٖ ِ
ـاب دُبِــغ ،ف َ َقــد َط ُهــر»((( ،فــدل علــى أن جِ لــد الميتــة قبــل أن يُدبــغ يكــون
إِ َهـ ٍ
نجســا «ف َ َقــد َط ُهــر» ،فالميتــة نجســة ،ويُســتثنى مــن نجاســة الميتــة 4ميتـ�ات: ً
�ر معنـ�ا فـ�ي الحديـ�ث:
.١ميتــة اآلدمــي :إذا مـ�ات فليـ�س بنجـ�س ،كمـ�ا مـ َّ
�س. «فـ�إ َّن َميِّتِكـ�م ليـ َ
�س بنَجـ ٍ
حديث قيل بتصحيح مرفوعًا إلى النبي ﷺ ،وصح موقوفًا كذلك.
10
مادة الفقه
.2يسـ�تثنى كذلـ�ك مـ�ن نجاسـ�ة الميتـ�ة :ميتــة البحــر :حيوانــات البحــر
كلهــا الســمك ،وغيــر الســمك مــن الحيوانــات المائيــة الخالصــة التــي ال
تعي��ش إال ف��ي الم��اء ،ولي��س البرمائي��ات ،فحيوان��ات البح��ر ميتته��ا طاه��رة.
النبي ﷺ قال في البحرُ « :ه َو ال َّط ُهو ُر مَا ُؤهُ ،ال ْ ِح ُّل مَيْتَتُهُ»(((.
٣ـ وكذلــك الجــراد« :أ ُ ِحـ َّل لنــا ميتتــان ،ودمــان ،فأمــا الميتتــان :الســمك،
والجراد» (((.
.4وكذلــك مــا ال نفــس لــه ســائلة :الحشــرات الصغيــرة التــي ال نفس لها
ســائلة ،أي ال تنــزف إذا ذُبِحــت أو إذا ف ُ ِعصــت أو قُتِلــت ،الدليــل علــى ذلــك
ـاب فِــي إنــا ِء أ َح ِد ُك ـ ْم ،فَلْيَ ْغ ِم ْس ـهُ كلَّ ـهُ
النبــي ﷺ أمــر ،فقــال« :إذَا وق َـ َع ال ُّذبـ ُ
ث ُـ َّم ليَ ْط َر ْح ـ ُه ،فــإ َّن فِــي أ ْح ـ َد َجنا َحيْـ ِه داءًَ ،وفِــي اآل َخ ـ ِر ِشــفاء»((( ،فاإلنســان
خصوصــا لــو كان اإلنــاء
ً إذا غمــس الذبــاب فــي اإلنــاء ســيموت الذبــاب،
تنجيســا
ً فيــه ســائل ســاخن ،ســيموت الذبــاب فــي اإلنــاء ،وهــذا ليــس فيــه
ُ
لإلنــاء؛ ألن النبــي أ ِمـ َ
�ر بذلـ�ك.
ـا :تمــر وفيــهفالميتــات مثــل :الحشــرات الصغيــرة ليســت نجســة ،مثـ ً
ســوس ،هــذا الســوس إذا ابتلعــه اإلنســان ،أو إذا كان ميتًــا فــي التمــر ..ال
ينجــس التمــر ،ربمــا يقــال بالمنــع منــه مــن أجــل الضــرر الطبــي ،لكــن ليــس
ألنــه ميتــة نجســة ،هــذه مــن الميتــات المســتثنى فــي نجاســتها.
.6المذي والودى
كذل��ك مـ�ن النجاس��ات :الم��ذي وال��ودى ،وقدــ م�رـ معن��ا ذل��ك .المــذي:
نجـ�س ،ولكـ�ن نجاسـ�ته مخففـ�ة إذا أصـ�اب.
11
أكاديمية الفرقان
«توضــأْ» يــدل
َّ واغسـ ْل ذ َكـ َ
ـرك» (((، ِ «توضــأ ْ
َّ النبــي ﷺ فــي المــذي قــال:
ـرك» يــدل علــى أنــه نجاســة لكــن النجاســة «واغس ـ ْل ذ َكـ َ
ِ علــى أنــه حــدث،
ـك أ ْن
مخففــة ،ألن فــي حديــث ســهل بــن حنيــف :قــال النبــي ﷺ« :يكفيـ َ
ـرى أن َّـهُ أصـ َ
ـاب ِمن ْـهُ» ،فــدل ـح بِـ ِه ثوبَـ َ
ـك حيـ ُ
ـث تـ َ تأ ُخ ـ َذ ك ًّفــا ِم ـ ْن مــا ٍء َ
فتنضـ َ
ذلــك علــى أن نجاســة المــذي ومثلــه الــودي نجاســة مخففــة ،أمــا المنــي
فهـ�و طاهـ�ر ،كمـ�ا ذكرنـ�ا أوضـ�ح أقـ�وال العلمـ�اء أنـ�ه طاهـ�ر.
.7دم الحيض
خصوصــا ال يختلــف النــاس فيــه؛ حتــى بعــض المعاصريــن الذيــن قالــوا
ً
خصوصــا بنجاســته ،ألنــه
ً بطهــارة الــدم المســفوح ،قالــوا فــي دم الحيــض
ورد فيـ�ه حديـ�ث صريـ�ح أن النبـ�ي ﷺ أمـ�ر بغسـ�له ،حديـ�ث أسـ�ماء :لمـ�ا
اللُ عليـ ِه وســلَّ َم ،فقالــت :إ َّن إحدانــا يصيـ ُ
ـب ـي صلَّــى َّ
ـاءت امــرأةٌ إلــى النَّبـ ِّ
جـ ِ
صــه بالمــا ِء، دم الحيضـ ِة ،كيـ َ
ـف تصنـ ُع بِــه ؟ قــا َل« :تحتُّـهُ ،ثـ َّم ُ
تقر ُ ثوبَهــا مــن ِ
حــه ث ـ َّم تصلِّــي فيــه» (((« .تحتُّـهُ» أي تحكــه« ،ثـ�م تقرصـ�ه بالمـ�اء» ث ـ َّم ت َ َ
نض ُ
حه ث َّم تصلِّي فيه». أي تصب الماء عليه من الدلك «ث َّم ت َ َ
نض ُ
.8الخمر
كذلــك مــن النجاســات عنــد جمهــور أهــل العلــم الخمــر ،وكثيــر مــن
العلمــاء بــل جمهــور المذاهــب األربعــة نجاســة الخمر اســتدلوا بقــول اهلل عز
َ ـر َو ۡٱلَ َ ـوا ْ إ َّن َمــا ۡ َ َ َ
ـاب َو ۡٱل ۡز َلٰــمُ
نصـ ُ ـر َوٱل ۡ َم ۡيـ ِ ُ
ٱل ۡمـ ُ {يأ ُّي َهــا َّٱلِيـ َ
ـن َء َام ُنـ ٓ وجــلٰٓ :
ِ
َ َّ ۡ َ ٰ َ ۡ َ ُ ُ َ َ َّ ُ ۡ ُ ۡ ۡ َ َ ۡ ّ ٞ
ـم تفل ُِحــون ،(((}٩٠وذهــب ـل ٱلشــيط ِن فٱجتنِبــوه لعلكـ رِجــس ِمــن عمـ ِ
بعــض العلمــاء إلــى أن :نجاســة الخمــر نجاســة معنويــة ال حســية ،ممــن
12
مادة الفقه
ذهــب إلــى ذلــك :ربيعــة شــيخ اإلمــام مالــك ،والمزنــي تلميــذ الشــافعي،
والليــث بــن ســعد فقيــه مصــر ،وابــن حــزم ،وبعــض العلمــاء المعاصريــن
حســا ،ولكنهــا نجســة نجاســة معنويــة ،واســتدلوا
قالــوا :بــأن الخمــر طاهــرة ً
علــى ذلــك بــأن :الميســر واألنصــاب واألزالم فــي اآليــة نجاســتهم نجاســة
نجســا حســيًّا بــل نجاســته معنويــة ،وليس��ت حســية ،أي أن الصنــم ليــس ً
َّ ـن َع َ نجاســة معنويــة ،بدليــل قــول اهلل { :ر ۡجـ ٞ
ـس ّمِـ ۡ
(((
ـي َطٰ ِن}
ٱلشـ ۡ ـل
ِ ـ م ِ
ـل» :فهــذه األشــياء أعمالهــا هــي شــرب النجاســة ،عبــادة األوثــان، « َع َمـ ِ
االستقســام بــاألزالم ،لعــب الميســر األعمــال هــذه أعمــال نجســة لقــول
ـون َنَـ ٞ
ـس} ((( ،نجاستــهم نجاســة معنويـ�ة نجاســة
َّ َ ۡ ُ ۡ ُ َ
شك ـ
اهلل { :إِنمــا ٱلم ِ
االعتقــاد ،والعمــل ليســت بــه نجاســة حســية ،فأبــدان المشــركين ليســت
نجســة.
حســا ،ولكــن
فبعــض العلمــاء كمــا ذكرنــا قالــوا بطهــارة الخمــر ً
حســا ،مــاذا نســتفيد مــن ذلــك؟ بالطبــع الخمــر
الجمهــور علــى نجاســتها ً
السـ ْكر ،الغــول
المــادة الفعالــة فيــه أو المــادة المســكرة التــي فيــه هــي ســبب َ
الــذى فــي الخمــر الــذى يغتــال العقــول ،والغــول الــذى يغتــال العقــول هــو
الكحــول اإليثيلــي ،معظــم الخمــور فــي العالــم هــو الكحــول اإليثيلــي المادة
المسـ�كرة تكـ�ون فيـ�ه.
لدينــا الكحــول الميثيلــى لكنــه ســام يقتــل قبــل أن يُ ْس ِ
ــكر ،ولذلــك
ـرا ،أي ال يأخــذ حكــم الخمــر ،كذلــك األظهــر -واهلل أعلــم -أنــه ليــس خمـ ً
الكحــول البروبيلــي ،ونفــس الفكــرة ً
أيضــا يقتــل قبــل أن يســكر ،ال يعتبــر
ـرا علــى الراجــح.
خمـ ً
((( [سورة المائدة]90:
((([سورة التوبة]28:
13
أكاديمية الفرقان
14
مادة الفقه
اإليثيلــي ،أي مــن الممكــن أن يســتعمل العطــور الخــام فــي بــاب العطــور،
أو أن يســتعمل المطهــرات األخــرى غيــر المحتويــة علــى الكحــول ،كغســل
اليــد بالمــاء والصابــون ،واســتعمال الكلــور المخفــف فــى تطهيــر األســطح،
اســتعمال الســافلون ،اســتعمال برمنجنــات ،اســتعمال صبغــه اليــود البيتادين،
أي بدائــل أخــرى فــي بــاب التطهيــر والعطــور الخــام غيــر المحتويــة علــى
الكحـ�ول فـ�ى بـ�اب العطـ�ور.
كيفية تطهير النجاسة
المســالة الثالثــة مــن البــاب :كيفيــة تطهيــر النجاســة ،كيــف ن ُ َط ِّهــر
النجاســة؟ قلنــا أننــا عندنــا هنــاك نجاســة مغلظــة ،وهنــاك نجاســة متوســطة،
وهن��اك نجاس��ة مخفف��ة.
.1النجاســة المغلظــة :هــي لعــاب الكلــب فــي اإلنــاء ،النبــي ﷺ قــال:
ـب فــي إِنَــا ِء أ َ َح ِد ُكــم فليَ ْغ ِســلهُ َس ـبْع َمــرات» ((( ،فــي روايــة: «إِذَا َول َـ َغ الكلـ ُ
ـراب» ((( ،وفــي روايــة: ُ
ـراب» ،وفــي روايــة« :أوالهــن بالتُّـ َ «إحداهــن بالتُّـ َ
(((
ُّــراب» ((( ،فالبــد أن تكــون إحــدى هــذه المــرات ــروهُ الثَّا ِمنَــةَ بالت َ« َو َع ِّف ُ
ب أن تكــون هــي المــرة األولــى كمــا فــي روايــة «أُوالهــن ح ُّ
بالتــراب ،ويُ ْسـتَ َ
ُّــراب» ليــس المقصــود آخــر مــرة، ــروهُ الثَّا ِمنَــ َة بالت َُّــراب» ،أمــا « َو َع ِّف ُبالت َ
المفتــرض ســبع مــرات بالتــراب ،وفــي المــرة الثامنــة التــي هــي غيــر الســبعة
س�تـبقى بالترــاب ،المــرة التــي هــي غيــر المــرات الســبعة -التــي هــي مــرة
بالتــراب -أي واحــدة «إحداهــن» ،واألفضــل أن تكــون األولــى «أوالهــن».
هــل يُقــاس علــى نجاســة الكلــب فــي اإلنــاء غيــر ذلــك؟ الظاهــر ال ،هذه
15
أكاديمية الفرقان
نجاســة ُمغلظــة تعبديــة ال يقــاس عليهــا غيرهــا ،أي أن ســائر النجاســات ال
يَل��زم أن تُغس��ل سـ�بع مــرات ،كنجاس��ة الكلـ�ب .بعــض األبحــاث المعاصــرة
الطبيــة فــي خطــورة لُعــاب الكلــب ،ودوره فــي نقــل الجراثيــم ،ودور التــراب
فـ�ي تطهيـ�ر ذلـ�ك ،المهـ�م أنـ�ه أمـ�ر تعبـ�دي ال يقـ�اس عليـ�ه غيـ�ره.
.2ســائر النجاســات تُغســل ،التــي هــي النجاســات المتوســطة :تُغســل
غس��لة واح��دة ،أو اثنتي��ن ،أو ث�لاث ،أو أربعــ ،أو مائــة غسلــة .المهــم أنهــا
ت�زـول بعيـ�ن النجاسـ�ة ،الغســات هــذه فــي النهايــة تزيــل عيــن النجاســة ،البد
أن تغســل بحيــث تزيــل عيــن النجاســة ،لقــول النبــي « :و َه ِري ُقــوا علَــى
ج ًل ِمــن َمــا ٍء ،أ ْو ذَنُوبًــا ِمــن َمــا ٍء»((( ،فيكفــي مــرة إن أزالــت عيــن
ب َ ْول ِـ ِه َس ـ ْ
النجاســة ،وإن لــم تــزل عيــن النجاســة فمرتيــن ،ثالثــة ،أربعــة ،إلــى أن تزيــل
عيــن النجاسـ�ة ،ال يشــترط عــدد معيــن مــن الغســات ،فلــو أن إنســانًا مثـ ً
ـا
أصــاب بدنــه ،أو ثوبــه ،أو المــكان الــذي فيــه نجاســة عاديــة مــن النجاســات
المتوسـ�طة ،فالبـ�د أن تغسـ�ل النجاسـ�ة حتـ�ى يَـ�زول عيـ�ن النجاسـ�ة.
.3أما النجاسات المخففة :التي ورد الشرع بالتخفيف في التطهير منها:
.1كبول الصبي الصغير الذي لم يأكل الطعام يرش.
.2وكالمذي والودي على الثياب يُرش.
.3وكذيــل المــرأة :النبــي ﷺ ،قــال « :ي َط ِّهـ ُ
ـرهُ مــا بع ـ َدهُ» ،ذيــل المــرأة
الــذي هــو مــا يطــول مــن ثيــاب المــرأة بحيــث يمــس األرض ،ربمــا مــرت
أرض طاهــرة «ي َط ِّهـ ُ
ـرهُ». ٍ علــى نجاســات ،فــإذا مــرت بعــده علــى
.4النع��ل -:نع�لـ اإلنســان -إذا وص��ل إل��ى المس��جد ،قــال النبــي ﷺ:
«إِذا َجــاءَ أ َ َح ُد ُكــم إِلِــى المســجد فَلْيُ َقلِّــب نَعْلَيْــهَ ،ولْيَن ُظــر فِي ِه َمــا فَــإِن َرأَى
((( رواه البخاري
16
مادة الفقه
17