Professional Documents
Culture Documents
مقياس الاقتصاد
مقياس الاقتصاد
19مارس1962
قسم الحقوق
1
مقياس االقتصاد السياسي:
املقدمة
كثريا ما نستخدم كلمة "اقتصاد" يف أحاديث الناس وخطبهم إىل ذلك احلد الذي يوحي أبن هلذه الكلمة
مفهوما واحدا وحمددا ،ولكن الواقع أن الكثري جيهلون ماهية علم االقتصاد وتطوراته التارخيية.
يعترب مقياس علم االقتصاد السياسي من املقاييس الضرورية اليت يتوجب على الطالب (ة) أن يلم مبفاهيمه
ومصطلحاته األساسية اليت متكنه من حماولة فهم وتفسري الظواهر االقتصادية فيجب معرفة عالقته ابلعلوم األخرى
وتداخله معها ،لدرجة أن له عالقة أتثري وأتثر ،وعليه أيضا معرفة اتريخ هذا الفكر االقتصادي ،فاالقتصاد مبعانيه
ومبادئ احلالية مل يكن وليد اللحظة بل كان منذ القدم ،وعليه أيضا معرفة مضمونه وماذا يدرس وعالقته ابملشكلة
االقتصادية وما معناها ،أركاهنا واحللول املقرتحة من النظامني االشرتاكي والرأمسايل هلا ،وعليه أيضا معرفة أهم
النظرايت الفكرية االقتصادية ،ما هي أسسها ومبادئها وحىت االنتقادات املوجهة هلا ،األنظمة االقتصادية ورأيتها
لعملية اإلنتاج ،النظام اإلسالمي أو االقتصاد اإلسالمي الذي يعترب األكثر جناعة من خالل تعاليمه ومبادئه
املأخوذة من القرآن الكرمي والسنة النبوية والقياس واإلمجاع ،وأخريا حاولنا كاإلضافة على املقرر املطلوب إعطاء
الطالب مفاهيم ملصطلحات تصادفه يوميا ،ولكن ال يعرف ما تعنيه كاالدخار -االكتناز -لالستثمار،
اخلوصصة ،وألمهية املقياس –علم االقتصاد السياسي -يف حياتنا السابقة واآلتية واحلاضرة ،وألننا يف سباق مع
العوملة أبنواعها ،وألنه ال وجود لدولة ال سياسيا وال اجتماعيا بدون أن يكون هلا اقتصاد مهم ،فهو ما يفرض
سيطرهتا على دولتها وعلى العامل ككل ويشكل محاية هلا من أي نوع من الضغوطات.
2
أما الصعوبة اليت صادفتها ابلنسبة هلذا املقياس هي مشكلة الوقت،الن هذا األخري يعد مقياسا سداسيا الثاين،
وهلذا كنت يف سباق مع الزمن،فمن جانب كمية املعلومات المنتهية يف هذا العلم،ومن جانب أخر احرتام الزمن
املسموح به.
استعنت ابملنهج التحليلي ،الوصفي لطرح حماور هذا املوضوع واإلجابة عن هذه اإلشكالية. -
3
املبحث األول :علم االقتصاد السياسي(تطور مفهومه،أنواعه و عالقاته ابلعلوم األخرى،مضمونه):
االقتصاد علم ،وهبذا له لغته و مصطلحاته اخلاصة به ،ليتميز هبا عن العلوم األخرى ،وليتعارف عليها أهل هذا
وابعتباره علما فله أيضا قواعد وأسس ونظرايت يقوم عليها ،وابلتايل علينا معرفة هذه األخرية لنطبقها على
الواقع له أيضا أدوات نعتمد عليها يف دراستنا له كالتحليل وقياس النتائج ،وألنه علم من العلوم االجتماعية مثله
مثل :علم االجتماع ،علم النفس ،علم السياسة واحلقوق...اخل،فهو يتعلق موضوعه ابجملتمعات ،وابلتايل تتغري
وتتبدل احللول االقتصادية بتغري احلالة االجتماعية ،فما يصلح كحل اقتصادي جملتمع ما قد ال يصلح آلخر،
وهذا عكس العلوم األخرى كعلم الفيزايء ،فالظواهر الفيزايئية ال تتغري بتغري الناس واجملتمعات ،فاملاء مثال يغلي
عند °100وهذا اثبت ،فال خيتلف ابختالف اجملتمعات من جمتمع فقري وغين ،متقدم ومتأخر.1
ألنه العلم الذي يدرس السلوك االقتصادي الفردي واجلماعي يف بيئته االجتماعية ،وجب علينا التعرف أكثر
على هذا العلم القائم بذاته ،الذي يتميز ابالستمرارية والتغري ،إذن فما هو مفهوم علم االقتصاد ،وما أنواعه
وعالقته ابلعلوم االجتماعية األخرى ابعتباره علما يدخل يف طياهتا ،و ما مضمون هذا العلم و أساسه ؟
تضاربت اآلراء واختلفت حول إعطاء مفهوم دقيق لعلم االقتصاد السياسي وهذا نظرا الختالف وجهات النظر
الفكرية والفلسفية ،فكل اجتاه يعرف االقتصاد السياسي من وجهة نظره ويدافع عنها بتحليالهتم أوال وقبل
الدخول يف اجتاهاهتم الفكرية ومناهجهم ،البد أن تعلم أن علم االقتصاد السياسي من العلوم االجتماعية احلديثة
النشأة ،فقد ظهر هذا العلم منذ أكثر قرنيني ابلرغم من أن البحث فيه كان قبل ذلك ،وأول من كان له الفضل
4
ابكتشافه هو العامل الفلسفي أرسطو وعىن به علم قوانني االقتصاد املنزيل ،ومصطلحه اللغوي اإلغريقي كان
أما املصطلح " "economie politiqueفقد ظهر ألول مرة عام 1615بفضل الكاتب الفرنسي "
االقتصاد السياسي ، Traite d’économiepolitiqueوحلل استخدامه لكلمة السياسي على انه له
عالقة بتدبري وإدارة األموال اخلاصة ابلدولة لتوفري ما يلزم اجملتمع من رفاهية.
وهبذا نرى انه استند يف مفهومه لعلم االقتصاد السياسي على انه وسع من املفهوم اإلغريقي لالقتصاد وكونه
يدل
دل فهو ّ
جمرد تدبري للشؤون املالية املنزلية ليعطيه نظرة شاملة ليصبح يهتم بشؤون الدولة وثرواهتا ،وهذا إن ّ
.dynamics
ابلرغم من أن علم االقتصاد يعين بدراسة العالقات بني النشاط اإلنساين والوسائل املستخدمة لتحقيق هذه
الغاايت ،إال أن له العديد من املفاهيم املختلفة منها ما هو لغوي بني أصل كلمة االقتصاد ومن هو ما هو
1علي خالفي ،املدخل إىل علم االقتصاد مفاهيم -مصطلحات – أسئلة – بدون طبعة ،أسامة للطباعة والنشر والتوزيع ،اجلزائر،2005 ،ص.18
لالقتصاد معاين لغوية كثرية ،فقد يعين به اإلنسان املقتصد الذي يقتصد يف االتفاق فال يسرف وال يبذر
وال يبالغ ،ويعين أيضا طريقة توظيف األموال وجذهبا أو طريقة إنفاقها والضوابط واألصول واملعايري يف ذلك.
وقد ذكرت كلمة االقتصاد أيضا يف القرآن الكرمي ،فيدل على معىن التوسط أي االعتدال ،أي التوازن يف
األخذ والعطاء ،واالقتصاد هو عكس التبذير واإلسراف وهو االستهالك املفرط لقوله تعاىل" :وال تبذر تبذيرا،
إن املبذرين كانوا إخوان الشياطني وكان الشيطان لربه كفورا" اإلسراء اآلية 27-26وسورة لقمان اآلية 19
"واقصد يف مشيك" واحلديث الشريف "ما عال مقتصد قط" أي ما افتقر من ال يسرف يف اإلنفاق وتطلق أيضا
هذه الكلمة –اقتصاد -على جمموع الثروة اليت يتطرق فيها اجملتمع ،وهلذا نقول اقتصاد وطين ،أو قومي ،وعلى
كل شخص يتوىل إدارة أموال املؤسسة أو العائلة أو الدولة فيقال له"مقتصد" وتطلق أيضا على احملاسب الذي
جيري احملاسبة االقتصادية ،ويطلق على عامل االقتصاد الشخص الذي له دراية ابلنظرايت و القواعد اليت حتكم
النشاط االقتصادي.
فهو العلم الذي يدرس السلوك االقتصادي لألفراد واجملتمعات كاإلنتاج واالستهالك واالدخار وتبادل
السلع واخلدمات ،أي مبنعى آخر يبحث يف كيفية االستخدام وختصيص املوارد االقتصادية النادرة أو احملدودة
إلشباع احلاجات اإلنسانية املتعددة الغري حمدودة أبقل تكلفة أي هو العلم الذي يسعى حلل املشكلة االقتصادية.1
ويعرفه أيضا سامويلسون بول أبنه :دراسة كيفية اختيار األفراد أو اجملتمع استخدام املوارد املنتجة يف إنتاج خمتلف
البضائع عرب الزمن ،ومن مث توزيعها على االستهالك اجلالب واملقبل بني خمتلف األفراد واجلماعات يف اجملتمع،
وعرفه ألفريد مارشال ( )1924-1842أبنه العلم املعين بدراسة أعمال اإلنسان للحصول على الرفاهية ويعرفه
6
آدم مسيث أبنه« :البحث عن أسباب منو االقتصاد القومي» ويرى ولتحقيق ذلك جيب تقسيم العمل يف
املؤسسات لزايدة اإلنتاج واإلنتاجية أما دافييد ريكاردو يرى أن املشكل األساسي يف االقتصاد هو مشكل توزيع
الناتج الكلي بني الطبقات اليت توجد يف اجملتمع -طبقة العمال -طبقة الرأمسالية وطبقة مالك األراضي.
وعدم استعمال وحذف تسمية "سياسي" "politicalتدل على االهتمام ابلفرد ال الدولة ،وبعد ذلك اختلفت
وجهات النظر ،وكل اجتاه يسمي هذا العلم حسب اقتناعه أبفكاره،فمنهم من يطلق عليه "علم االقتصاد" مثل
ومن هؤالء من يعرف االقتصاد السياسي على أساس فكريت إشباع احلاجات وتكوين الثروات ،ويرون على
هذا األساس أن كل ما يهدف لتحقيق غاية أساسية تشبع احلاجات فهو يدخل يف علم االقتصاد وهذه الفكرة
عرضتها لالنتقاد فال ميكن توسيع مفهوم االقتصاد على كل حاجة نشبعها وحنققها ،فهناك حاجات ال تدخل
يف جمال النشاط االقتصادي وميكننا إشباعها ،كالقراءة أو زايرة متحف مثال ،وبعد هذا أعادوا النظر هؤالء
املفكرين يف هذا التوسع مصرفني وحمددين احلاجة ابحلاجة املادية فقط واليت تدخل يف إطار االقتصاد ،وما
يالحظ عن هذين التعريفني أن األول يوسع ويفتح اجملال مبطلقه ليضم النشاط االقتصادي كل احلاجات والثاين
أما الفكرة الثانية اليت يعتمد عليها أيضا يف وضع مفهوم لالقتصاد ،هي تكوين الثروة ومن بني أصحاب هذا
الفكر آدم مسيث وجون ستيوارت ميل ويعترب ابلنسبة هلم أنه مىت حققت ثروة وزادت تكون أمام قوانني علم
أما ألفريد مارشال " "Alfred.Marchallاالقتصادي االجنليزي فيتفق مع رأي آدم مسيث وجون ستيوارت
ميل يف أن االقتصاد علم يضع قوانني لزايدة الثروة ولكن يضيف أيضا أنه يدرس النشاط الفردي واالجتماعي
7
ليحقق الرفاهية أما ساي j.p.sayفيعرف االقتصاد بتفسريه لزايدة الثروة ،فريى أنه علم يدرس كيفية إنتاج وتوزيع
واستهالك الثروة إال انه هذا الرأي أنتقد ابعتباره يضيف مفهوم الثروة والذي يعين به األموال املادية فقط ،يف
حني هناك خدمات هلا منقصها وقيمتها وحتقق أيضا الرفاهية للفرد واجملتمع وهبذا املفهوم ال تدخل يف إطار علم
أخريا نرى أن أصحاب هذا االجتاه اعتمدوا بشكل واسع على املعيار املادي ،ورأوا إن املادة فقط دون املنفعة
حتقق الرفاهية.1
زعيم هذا التيار G.Pirouبريو ،ويرى أن علم االقتصاد قائم على فكرة التبادل ،فكل فرد حباجة لتحقيق
منفعة ومقابلها يدفع مقابل لفرد آخر ،إذن كل عمليات التبادل بني األفراد عن مفهوم االقتصاد وهي مبثابة
ومت نقد هذا املوقف وحجج منتقديه انه ال يكون على االقتصاد إال يف املبادلة ،بل هناك نشاطات ال تدخل
يف دائرة التبادل ومع ذلك يهتم علم االقتصاد بدراستها كنشاط الفالح واستهالكه الشخص ملا أنتجه وهو مع
ذلك يزاول نشاطا زراعيا ،ويرون أيضا أن األخذ هبذا التعريف جيعلنا نستبعد االقتصاد العائلي الذي يتم بدون
مق ابل أو مبادلة وال يدخل يف الدورة االقتصادية ،ونفسه احلكم على املرافق العامة اليت تتصف مبجانية خدماهتا
للمجتمع.3
1حممود الطنطاوي اجلاز ،مدخل لدراسة االقتصاد السياسي ،بدون طبعة ،مؤسسة الثقافة اجلامعية ،اإلسكندرية،2004 ،ص.25
2مجال الدين لعريسات،مدخل إىل علم االقتصاد،بدون طبعة،دار إسهامات يف أدبيات املؤسسة،تونس،1996،ص.9
8 3حممود الطنطاوي اجلاز،املرجع السابق،ص.27
يرى أصحاب هذا املوقف أن علم االقتصاد هو الذي يدرس كيفية حصول اإلنسان على حاجاته النادرة
واملتعددة االستعماالت ،ولكن بشروط منها ،ال ميكن استفادة اإلنسان وحتقيق حاجاته كلها يف وقت واحد،
وإمكانياته احملدودة اليت ال تساعده يف اقتنائها وحتقيق غاايته ،وطور هنري فيتون H.Guittonهذا املفهوم
إبضافته لعامل آخر وهو عامل التالؤم ،أي أنه للقضاء على الندرة املسببة لعدم إشباع احلاجات اإلنسانية،
وجب التكيف أي توزيع السلع املوجودة بصفة كبرية يف مكان ما وزمان ما حبيث تفيض عن احلاجة ونقلها
ملكان آخر إلشباع حاجات أخرى غري م شبعة وكذلك يرى أن على اإلنسان التضحية ببعض احلاجيات فال
أما ماركس فقد عمل على تطوير مفهوم االقتصاد السياسي يف كتابه نقد االقتصاد السياسي وحوله إىل علم
دراسة قوانني تطور اجملتمع ،آخذا بكل األفكار السابقة لينتقل علم االقتصاد السياسي لعلم القوانني االجتماعية
اليت حتكم إنتاج السلع واخلدمات وتوزيعها على املستهلكني إلشباع حاجياهتم الفردية واجلماعية ويوافقه
إذن علم االقتصاد السياسي هو "العلم الذي يدرس العالقات االجتماعية بوضع قوانني اجتماعية لإلنتاج
لعلم االقتصاد فرعني أساسيني مها االقتصاد الكلي و اجلزئي و له عالقة وطيدة ببعض العلوم .
لعلم االقتصاد فروع عدة ،وكل تقسيم يراع فيه املقاربة الزاوية اليت ينظر منها ،فهناك اقتصاد وطين أو حملي
واقتصاد دويل إذا نظران من زاوية اجلنسية أو احلدود اجلغرافية ،اقتصاد إجيايب "وصفي" واقتصاد معياري وأنواع
9
أخرى من مدارس األفكار االقتصادية اقتصاد مجاعي ،اقتصاد قياسي ،اقتصاد بنكي ،إال أن علم االقتصاد يهتم
أ-اقتصاد الكلي:
يف هذا النوع من االقتصاد ،يهتم فيه التحليل االقتصادي الكلي بدراسة االقتصاد ككل أي يبحث يف اجملتمع
ككل ،1ظهر هذا املصطلح ألول مرة عند عامل االقتصاد النروجيي Ragnar Frischراجنر فريش ويقصد به
املقاربة النظرية اليت تدرس االقتصاد من خالل العالقات القائمة بني مكوانت اقتصادية كربى للبلدان،كتأثري
الدخل القومي ومعدالت التشغيل وتضخم األسعار ،معدل االستهالك الكلي ومعدل اإلنفاق االستثماري،
ب-االقتصاد اجلزئي:
أما االقتصاد اجلزئي فهو ذلك القسم من العلم الذي يبحث يف سلوك الوحدات اجلزئية أو التصرفات الفردية مبا
وقد اندى بعض املفكرين االقتصاديني لضرورة التوحيد بني الفرعني وإلغاء هذا التباين بينهما وهذا كان يف أواخر
السبعينات وأوائل الثمانينات وحجتهم يف ذلك أن االقتصاد اجلزئي الصلب يبىن على االقتصاد الكلي اجليد
واملؤسس ،ويف احلقيقة كل منها – االقتصاد اجلزئي والكلي -وجهني لعملة واحدة ،واألول خيدم الثاين والعكس.4
1أمحد حسني الرفاعي ،خالد واصف الوزين ،مبادئ االقتصاد الكلي بني النظرية والتطبيق،الطبعة الثانية ،دار وائل للنشر ،األردن،1997،ص.10
2عبد الوهاب األمني ،مبادئ االقتصاد الكلي،الطبعة األوىل ،احلامد للنشر والتوزيع ،عمان،األردن،2002،ص.13
من الصعب أن حندد بضبط املكانة اليت جيب أن حيتلها علم االقتصاد من بني العلوم االجتماعية والعلوم
التقنية وطبيعية ،ذلك ألن املواضيع واجلوانب الذي يتعرض هلا هذا العلم تتنوع وتتشابك إىل درجة أهنا ال تشكل
طابعا عاما منسجما ،هذه املالحظة تقود االقتصاديني إىل إعطاء صفات خمتلفة لعلم االقتصاد ،الذين يسلطون
انتباههم على عالقة القائمة بني اإلنسان والطبيعة ،يعتقدون أن موضوع االقتصاد يتجلى يف النضال ضد الندرة
االقتصادية وأنه ابلتايل يدرس األساليب اليت متكن اإلنسان من احلصول على أكرب منفعة ممكنة أبقل جهد ممكن،
وهبذا املع ىن فإنه اقتصاد ليس من العلوم اإلنسانية بل هو من العلوم التقنية والواقع أننا إذا أتملنا عن قرب مجيع
وهي اليت تتم عن طريق املعامالت االقتصادية بني األفراد وتعكس مكانتهم يف اجملتمع.
فعندما يباشر إنسان نشاط اقتصادي فهو حياول أن يستخلص أكرب املنافع املمكنة من الوسط الطبيعي
أي بني الطبيعة والطبيعة والتأثري املتبادل بينهما يف عملية اإلنتاج ،فمن املعلوم هذه العالقة تتحدد يف
كثري من األحيان حبجم اإلنتاج وأنواعه وأساليب تنفيذه وكمثال ،فإن التأثري الذي ميارسه املناخ على األرض
حيدد منه اإلنتاج الزراعي برمته ،فالعالقة املوجودة بني النبات والرتبة واألرض والتضاريس ومناخها للتأثري على
11
اإلنتاج وهكذا نستخلص أن علم االقتصاد يتعرض لثالثة جوانب خمتلفة منها ،اجلانب االجتماعي اإلنساين،
اجملموعة تشمل العلوم اليت تدرس الوسط الطبيعي وحتدد ابلتايل املواد املائية اليت يتوفر عليها هذا الوسط أي
اجلغرافيا بفروعها وعلم اجليولوجيا ودراسته لعلم ابطن األرض الذي يكشف عن املوارد الباطنية القابلة لالستثمار
اقتصاداي.
اجملموعة تتناول دراسة الوسط االجتماعي واليت حتدد اإلمكانيات البشرية واالجتماعية والتنظيمية اليت يتوفر
حيث عليها اجملتمع مثل علم املكان ،علم حيدد املوارد البشرية الالزمة يف النشاط االقتصادي وتركيبتها من
العمر واملهنة والثقافة والتوزيع اجلغرايف ،علم االجتماع وهو علم يدرس الرتكيب الطبقي هلؤالء السكان
لعلم االقتصاد عالقة وطيدة بعلم السياسة فمعظم املشاكل االقتصادية تؤثر على السياسة ألهنا أصال
ذات طبيعة سياسية وحىت القرارات السياسية تنتج عنها نتائج اقتصادية ،فمثال حتديد احلد األدىن
لألجور وفرض الضرائب وغريها ،هي قرارات سياسية هلا أبعاد اقتصادية فقط االختالف املوجود يف
12
مصدر هذه األخرية يعترب سياسيا ال اقتصاداي ،ولكن دائما ابللجوء إىل مستشارين اقتصاديون يفيدونه
اجملموعة الثالثة هي من العلوم اليت قد تزود االقتصاد ابألرقام الالزمة لقيام البحوث االقتصادية،
وهلا دور هام يف التشخيص مثل علم احملاسبة (وطنيا أو حمليا) حتدد نتائج األنشطة االقتصادية
املمارسة داخل اجملتمع وعلم اإلحصاء الذي حيدد عدد السكان وتنقالهتم ،وعلم الرايضيات ،علم
يكمن مضمون و حمتوى علم االقتصاد يف املشكلة االقتصادية و حماولة إجياد حل هلا.
يعين علم االقتصاد ابلدراسة والبحث يف املشكلة االقتصادية من انحية أسباهبا وكيفية عالجها ،لإلنسان
احتياجات ورغبات يسعى لتحقيقها بواسطة استخدامه للموارد االقتصادية ،ولكن قد يواجه هذا األخري مشكلة
كبرية ،وهي عدم التكافؤ بني ح اجاته واملوارد االقتصادية املتاحة له ولذروهتا النسبية ،وهذه هي ما تسمى
ابملشكلة االقتصادية ،واليت يعين علم االقتصاد بدراستها ،ويبحث عن أسباهبا وكيفية عالجها.
تواجه كل اجملتمعات املشكلة االقتصادية ولكن ختتلف حدهتا من دولة ألخرى بصرف النظر عن طبيعة النظام
االقتصادي ودرجة التقدم االقتصادي 1أوال قبل معرفة األسباب جيب معرفة أوال ما هي احلاجات واملوارد.
-1سكينة بن محود ،مدخل لعلم االقتصاد ،بدون طبعة،دار احملمدية العامة ،اجلزائر ،2009 ،ص.19
13
أ-احلاجات وتعددها:
يف احلقيقة ال يوجد تعريف دقيق للحاجات ألهنا غري حمدودة ،فلذلك كل ما يرغب فيه اإلنسان هو حاجة
سواء سلبية (ضارة) أو إجيابية (انفعة) فالتدخني مثال حاجة لكنها مضرة ،فاحلاجة االقتصادية ال ينظر يف
مفهومها السليب واختلف الفالسفة حول مصطلح الرغبة واحلاجة ،فريون أن احلاجة تدل على احتياج اإلنسان
بفعل هلا أي يتضرر بعدم حتقيقها واحلصول عليها ،أما الرغبة فهي أعم من األوىل حبيث تدخل مجيع الرغبات
الضارة واجليدة ،ابإلضافة إىل ذلك قد يرغب اإلنسان يف شيء بدون احتياجه له وهذا التفريق بني املصطلحني
أما املفهوم االقتصادي فال فرق بني احلاجة والرغبة ما دام جيب إشباع كالمها.
إذن احلاجة هي تلك الرغبة اإلنسانية يف احلصول على وسائل الزمة لوجوده أو للمحافظة عليه أو لتقدمه ،دون
أن يلزم لقيامها أن يكون حائزا لتلك الوسائل وللحاجة شروط إلشباعها:
-وجود ومعرفة الوسيلة أو املادة االستهالكية ذات املنفعة االقتصادية أي اليت هلا قيمة استعماليه إلطفاء
14
ولإلشارة فليس كل ما حيتاجه اإلنسان يدخل يف ابب احلاجات االقتصادية وابلتايل يف علم االقتصاد ،فاحلاجة
للنوم مثال ليس حاجة اقتصادية يف هذه احلالة ال هتتم ابحلاجة يف حد ذاهتا بل بنتائجها االقتصادية وهلا خصائص
أ-1-خصائص احلاجات:
متيز احلاجات اإلنسانية بتعددها وتطورها وتزايدها فهي مرتبطة ابلتقدم احلضاري وبتغري اجملتمعات وعاداهتم،
فما يعترب حاجة اليوم قد ال يعترب حاجة غدا ،وحىت له أشبعت حاجة معينة تظهر حاجات أخرى فهي كثرية
تفوق القدرة على إشباعها وال حد هلا ،وهذا مرتبط أيضا بتقدم اإلنسان يف استغالل الطبيعة ،وقد ختتلف مفهوم
احلاجة بني جمتمع متطور وجمتمع أقل تطورا ،فما يعترب حاجة يف الدول األقل تطورا يعترب كمايل يف الدول
املتقدمة.2
أما عن فكرة التنافسية أو االستبدال ،فتعين إمكانية حل إشباع حاجة بوسائل متعددة فقد ال يقدر الفرد على
إشباع حاجة معينة لسبب مثال ارتفاع سعرها ودخله احملدود ،وهذا ما يدفع الختيار البدائل املتوفرة واملتاحة،
فالرغبة يف شرب القهوة قد تتنافس مع شرب الشاي مثال ،الرغبة مثال يف برجمة رحلة لفضاء عطلة صيفية قد
تتنافس مع الرغبة يف شراء سيارة وهنا تدخل فكرة االختيار اليت سنعرض هلا الحقا.
أ-2-1-التكامل :هناك بعض احلاجات املكملة ألخرى ،وهكذا ال ميكن إشباعها وحتقيقها إال بتواجد
حاجات ورغبات أخرى فهي تتكامل مع بعضها ،فالرغبة يف شرب القهوة قد ال تتحقق إال إبضافة الرغبة
األخرية ،وال ميكن إشباعها فال نكون أمام حاجة اقتصادية وال يتناوهلا التحليل االقتصادي ،ويكون إشباع
الرغبة أو احلاجة ابستعمال سلعة أو خدمة معينة مرة أو عدة مرات ،بينما هناك حاجات ال ميكن إشباعها
إال مبرور مدة معينة كحب املعرفة ،فكلما حاولنا إشباع هذه احلاجة زادت عندان حاجات ورغبات أخرى.
أما عن نسبية اإلشباع فهذه احلالة ختتلف من فرد لفرد آخر ،ومن مكان آلخر.
ال يوجد قانون يف علم االقتصاد هلذه احلاجات وترتيبها ،وهذا نظرا لشعب الوسائل واألغراض إلشباعها،
وألنه ال ميكن وضع حدودية هلذه احلاجات ولكن نرى انه ميكن تصنيفها كما يلي:
ابعتبار احلاجات هي تلك الرغبات امللحة لدى الفرد للحصول على السلع أو اخلدمات ،وألهنا تتصف
1كامل بكري وحممود يونس ،عبد النعيم مبارك ،املوارد واقتصادايهتا،بدون طبعة ،دار النهضة العربية للطباعة والنشر ،بريوت،دون اتريخ،ص.24
16
أ-2-3-حاجات املنظمات :هناك حاجات أيضا للشركات واملؤسسات حىت ابعتبارهم أشخاص معنوية،
فلهم أيضا احتياجات كتوزيع منتوجاهتا ،التنافس إلعطاء اجلودة واسم هلذه املنظمات ،الربح وهي أيضا من
أ-3-3-حاجات اجملتمع :للمجتمع أيضا حاجات حىت كونه متكون من جمموعة من األفراد ،فالفرد له
حاجات مستقلة يريد إشباعها واجملتمع ككل له أيضا حاجات أخرى يريد حتقيقها كالقضاء على البطالة،
وهذا الرتتيب إذ أخذان بفكرة األولوية ولكن هذه الفكرة غريان حجة ألن ما هو ضروري وأويل يف دولة معينة هو
ب-مفهوم املوارد:
تعرف املوارد على أهنا كل الوسائل أو املصادر سواء الطبيعية أو البشرية واليت هي من خلق هللا تعاىل ،وتكون
يف صورة مباشرة وهي الطبيعية ،وتكون أمام صورهتا غري املباشرة إذا ما استعملناها إلنتاج السلع واخلدمات اليت
ب-1-أنواع املوارد:
إذن هناك نوعني من املوارد ،موارد طبيعية أو غري اقتصادية ،وموارد اقتصادية يهتم هبا علم االقتصاد.
ب-1-1-املوارد الطبيعية (غري اقتصادية) :تعترب املوارد الطبيعية خريات أوجدها هللا يف الطبيعة ليستفيد منها
اإلنسان وحيقق هبا حاجاته ويشبعها ،مثل :اهلواء املستنشق ،الرايح اليت حتتاجها النبااتت ،ضوء الشمس الذي
يضيء جماان ،فهذه املوارد ال تتطلب تدخل لإلنسان أي ال تشرتط جهد وال مقابل ،وهذا ما جيعلها خارجة عن
علم االقتصاد ،إال يف حالة ما قام اإلنسان إبضافة جهده العضلي والفكري عليها ليغري طبيعتها من مواد طبيعية
17
إىل مواد مصنعة ،ونفس الشيء ابلنسبة للموارد اجملانية 1املتوفرة بكثرة فهنا ال تدخل جمال الدراسة االقتصادية
أيضا حىت ولو كانت حتقق حاجات معينة أو منفعة حمددة مثال :فالح ميتلك أرضا ال يستخدمها لتحقيق عائد
فال تدخل يف املوارد االقتصادية ،فالكثري من دول العامل الثالث ال تستطيع استغالل واستخراج بعض املوارد
املوجودة يف أراضيها نظرا الرتفاع تكاليف االستثمار فيها أو تود االستفادة منها مستقبال فهي ال تدخل يف بوابة
املوارد االقتصادية ألهنا مل تستغل بعد ومل تساهم يف حتقيق الناتج القومي للدولة وال حتقق الدخل لألفراد ،إذن
فمثال املاء يف القريب فقط أصبح موردا اقتصاداي ،وهذا بعدما كان موردا طبيعيا ،بعدما قام املنتجني ابستغالله
وإنشاء أانبيب لنقله ،وصرف نفقات وأموال عليه ،وتغريت صورته من ماء ابملنابع إىل ماء ابلقارورات.2
وهبذا ندرك أن املوارد الطبيعية هلا خصائص خترجها من حمور الدراسة يف علم االقتصاد وهي:
-وفرهتا ،فهي موجودة بكميات كبرية يف الطبيعة ،وهذا ينفي فكرة الندرة النسبية املوجودة يف املوارد
االقتصادية.
تشبع حاجات اإلنسان ورغباته بصورة مباشرة وهي غري مضرة وال تشكل خطرا عليه ومن هددته ابخلطر
ب-2-1-املوارد االقتصادية:
1حممد جامد عبد هللا ،اقتصادايت املوارد ،الطبعة األوىل ،جامعة امللك سعود ،اململكة العربية السعودية ،1991 ،ص.2
2حممود الطنطاوي اجلاز ،املرجع السابق،ص.26
18
هي عكس امل وارد الطبيعية فهي كل مورد حيقق منفعة ويليب حاجة ولكن إضفاء جهد اإلنسان عليه
واالستعانة بتكاليف إلنتاجه أو استخراجه ،املهم تغري صورته األوىل اليت كان عليها ،مما جيعلها اندرة وحمدودة
نسبيا إذا كانت هذه املوارد أقل من الطلب الذي يزيد عليها خاصة إذا كان هلا منافع عدة ،1ونقصد هنا ابلندرة
واحملدودية ليس قلة املوارد بل هي حمدودة إذا ما قارانها ابحلاجات اليت تفوقها ،وهكذا ميكننا القول أن هذه
املوارد ،لكي تسمى موارد اقتصادية جيب توفرها على خصائص معينة هي:
-اتصافها ابلندرة أو احملدودية النسبية ونبه إليها "مالتس" منذ القرن 18حني قال أن معدل منو
السكان يسري وفق متتالية هندسية بينما الزايدة يف املوارد أتخذ شكل املتتالية العددية.
-وجود مثن للموارد ويتحدد الثمن هنا ابلنظر لندرهتا ،فكلما كانت أكثر ندرة ارتفع مثنها ألن الطلب
-يتطلب هذا النوع من املوارد جهدا عضلي أو فكري واستخدام املعرفة التقنية ليتحول لالستهالك،
-حركية املواد االقتصادية :ال تبقى هذه األخرية اثبتة نظرا لعدم ثبوت زمن معني ،فتغري الزمن وتطور
امل عرفة وفق املستوايت التكنولوجية والثقافية وحىت العوملاتية تنعكس على طلبات ورغبات اإلنسان
فهي أيضا تتطور وما كان كماليا سابقا أصبح ضروراي اليوم فعلى الرغم من استقرار املعطيات الطبيعية
إال أن املوارد متغرية وال حدود هلا 3وتزداد أمهيتها االقتصادية ،فالسكان يف ازدايد وابلتايل تزداد
حاجاهتم أيضا.4
-1إميان عطية انصف ،مبادئ اقتصادايت املوارد والبيئة ،بدون طبعة ،املكتب اجلامعي احلديث ،2007 ،ص.9
-2طلعت الدمرداش إبراهيم ،املوارد االقتصادية ،الطبعة األوىل ،مكتبة القدس ،مصر ،2007 ،ص.10
3احملدودية ال تعين الثبات بل االزدايد والنقصان.
4
،2000ص.20
أمال إمساعيل شاور ،املوارد االقتصادية ،بدون طبعة،القاهرة،مصر19 ،
-املوارد االقتصادية هلا الصفة التبادلية هلا واستخدامات متعددة:
ومعىن هذا أن كل املوارد االقتصادية هلا أكثر من استخدام بديل أي مورد واحد نستخدمه إلنتاج أكثر من
سلعة ،فاملاء مثال يستخدم لري األراضي الزراعية وللشرب ولرتبية احليواانت واالستعماالت املنزلية...اخل .وميكن
أيضا إحالل مورد من املوارد االقتصادية حمل آخر لتقليل تكاليف اإلنتاج ،إذن ميكن تصنيف املوارد االقتصادية
إىل:
وهكذا الندرة هي احملور الرئيسي الذي يدور حوله علم االقتصاد وهي سبب وجوده وسبب خلق املشكلة
ب-1-2-وسائل االستهالك:
تعرف هذه الوسائل أو املواد على أهنا تلك اليت توجه لالقتناء من قبل اإلنسان ،أي بغرض االستهالك
النهائ ي ،فكل منتوج يشبع حاجات ورغبات اإلنسان دون إجراء عمليات حتويلية كاملواد الغذائية واملالبس وهلا
-السلع الضرورية أو اإلجبارية :أي تلك السلع اليت ال يقدر اإلنسان أن يتخلى عنها أي كل ما يدخل يف
-السلع الكمالية :وهي تلك السلع اليت يستطيع اإلنسان التخلي عنها ،واحلصول عليها أييت بعد احلصول على
السلع الضرورية.
20
ومعيار التفرقة بني هذين النوعني ،أمر صعب ابعتبار أن ما يعترب كمايل لشخص قد يعترب ضروري لشخص
آخر ،ونفس الشخص قد يتغري تفكريه واحتياجه بتغري الزمن ،فما هو كمايل يصبح ضروري بعد زمن.
-السلع العادية :هي تلك السلع اليت حيكمها الطلب ،فكلما زاد دخل املستهلك أو قل سعرها يزيد الطلب
-السلع الدنيا :أي تلك اليت يستهلكها اإلنسان الذي يقل دخله ألهنا ذات جودة ضعيفة وسعر منخفض
ويتخلى عنها بزايدة دخله ليبحث عن سلعة أكثر جودة حىت ولو بسعر مرتفع.
-الوسائل الدائمة أو املعمرة :اليت حيتاج هلا اإلنسان بشكل مستمر ودائم وهلا استعماالت عدة أي ميكن لإلنسان
استعماهلا عدة مرات واالستفادة مبنفعتها كاملقاعد مثال والسيارات أو الفانية أو املالبس ،اآلالت واملعدات.1
-الوسائل احلظية (آنية) :هي كل الوسائل اليت تستعمل للخطة فقط أي ليس هلا استعماالت متعددة بل تستعمل
ملرة واحدة فقط كاخلبز مثال السيجارة...اخل أي تستنفد قدرهتا اإلشباعية مبجرد استعماهلا ملرة واحدة.
-الوسائل املتكاملة :وهي تلك الوسائل أو املواد املكملة لبعضها البعض فال تتحقق املنفعة إال ابجتماع بعض
الوسائل اليت تعترب مهمة تكاملها كالسي ارة فهي حتتاج حملرك وقطع غيار أخرى والورق والقلم ،الكهرابء والتلفاز
-الوسائل املتناوبة أو البديلة :هي تلك الوسائل اليت تنوب فيها وسيلة مكان وسيلة أخرى إلشباع احلاجة
والوصول للمنفعة املرغوب فيها ،فمثال عوض استعمال احلافلة للنقل نستعمل سيارة أجرة وعوض القهوة أشرب
شاي.
21
ب-2-2-الوسائل اإلنتاجية :تدخل يف جمال هذه الوسائل تلك اليت تستعمل يف دائرة اإلنتاج لتصل يف
األخري على شكل منتوجات اقتصادية بعدما كانت طبيعية وحتولت إىل مصنعة ،ولكن هذه األخرية ال أتخذ
هذا الشكل إال مبرورها على مراحل إنتاجية تستعمل فيها وسائل عمل ومواد عمل زايدة على ذلك أيضا مواد
إضافية.
-وسائل العمل :هي الوسيط الذي يستعمل كجعل املادة األولية مادة حمولة ومصنعة لتصل يف الصورة االستهالكية
والتجهيزات املختلفة وهي اآلالت اليت ميارس هبا اإلنسان عمله ،فبدوهنا ال يستطيع إجراء أي تغيري على حالة
املادة األوىل.
-مواد العمل :هي املادة األولية املوجودة يف الطبيعة واليت يتم حتويلها إىل مادة مصنعة أو مادة قابلة لالستهالك.
-املواد اإلضافية :هي املواد املساعدة على حتويل املادة األولية ملادة مصنعة لتتعاون مع وسائل العمل لتجعل يف
-وأخريا جيب أن نالحظ أن وسائل العمل هي اليت تستعمل عدة مرات عكس مواد العمل اليت تستعمل ملرة
واحدة.
تعين ابلقيمة األمهية االقتصادية وهي وصول الفرد إلشباع حاجاته ،وهنا تسمى ابلقيمة االستعمالية أما
وصول اجملتمع ككل إلشباع احلاجيات العامة فهي تدعى ابلقيمة املتبادلة ،ودائما السوق هو املؤشر احلقيقي
1حممد يسرى إبراهيم عيسى "املوارد االقتصادية ،ماهيتها ،أنواعها ،اقتصادايهتا ،بدون طبعة ،دار املعارف ،اإلسكندرية،مصر،1996 ،ص.12
2عادل أمحد حشيش ،زينب حسني عوض هللا ،مبادئ علم االقتصاد ،بدون طبعة ،دار اجلامعة اجلديدة للنشر ،اإلسكندرية ،مصر ،1999 ،ص
.191
22
وكانت هناك نظرايت مفسر للقيمة ،فمنهم من يرى أن القيمة ال خترج من كوهنا استعماليه وآخرون يروهنا تبادلية.
ب-1-3-القيمة االستعمالية أو الفردية :يرون أنصار هذا الفكر أن القيمة تتحدد مبقدار املنفعة
اليت حيصل عليها اإلنسان ويستفيد من الشيء مبجرد استعماله إلشباع حاجاته ،أما درجة اإلشباع
فيحددها الشيء املستعمل ومواصفاته ،أي أنخذ بعني االعتبار املادة املستعملة يف ح ّد ذاهتا وال
تتحدد قيمتها ابلسوق ،وال شيط لتحققها تداوهلا بدائرة التداول ،بل هي قيمة 17شخصية وفردية
يستطيع اإلنسان حتقيقها منفردا ومنعزال عن اجملتمع أما األصول فهي دائما تصنف على أهنا مدخل
ب-2-3-القيمة التبادلية :أنصار هذا الفكر أو املوقف يرون أن القيمة تنحصر يف اجملتمع
وانتفاعه ابلشيء ،ويكون ذلك يف السوق أين يقع التبادل بني أفراد اجملتمع ،ويرون انه مىت كانت
املنفعة مقسمة على جمموعة من األفراد ويتم تبادهلا بشيء آخر حتققت القيمة فالندرة النسبية
ويرون أن املبادلة تقوم كما يف السابق ابملقايضة أي الشيء ابلشيء أما اليوم تطور هذا املفهوم وأصبحت السلعة
هلا قيمة تبادلية نقدية أي مثن وهو ما يعكس قيمتها يف السوق ،إذن حيصرون القيمة يف البضاعة املعروضة
للتداول.2
والبضائع هي كل منتوج اقتصادي موجه يف السوق قصد االستهالك من طرق الغري ،أي مبعىن املخالفة أي
بضاعة ال تعرض يف السوق وتدخل دائرة املبادلة ال ينطبق عليها وصف البضاعة ،وهذا ما ينفي هذه الصفة
على املنتوجات اليت يستهلكوهنا أصحاهبا دون املرور على السوق وتفقد بذلك قيمتها التبادلية ،فاإلنتاج الزراعي
مثال يذهب معظمه يف دول العامل الثالث لالستهالك العائلي مما جيعلها ال قيمة تبادلية هلا.
1عادل أمحد حشيش ،زينب حسني عوض هللا ،املرجع السابق ،ص .192
2حممود الطنطاوي الباز ،املرجع السابق ،ص.80
23
و اختلف مفهوم القيمة عند االقتصاديون وعواملها احملددة هلا ،فكل مفكر اقتصادي يرى مصدرا للقيمة.
يرى هذا املفكر االقتصادي والذي تعمق يف البحث عن القيمة ومصدرها األساسي ،أن القيمة تتحقق
ابملنفعة االستعمالية أي الفردية واملنفعة التبادلية االجتماعية املبنية على الندرة النسبية ،ويرى تكامال بني القيمتني،
هذا املفكر يرى عكس أرسطو ،فهو يشري يف دراسته هلذه النقطة ،أن القيمة االستعمالية والتبادلية ال
تتكامالن وبينهما تناقض ،فليس كل ما له قيمة استعماليه كبرية ينتج عنه قيمة تبادلية كبرية بل تكون له قيمة
تبادلية ضئيلة وضرب جمموعة من األمثلة على ذلك ،فاملاء وامللح هلا قيمة قليلة ولكن منفعتهما كبرية ،أما األملاس
والذهب قيمتهم ا كبرية أما منفعتهما ضئيلة (يف احلالة األوىل القيمة االستعمالية > القيمة التبادلية ،أما احلالة
إذن هو يرى أن العمل هو الذي حيدد القيمة ،فيجب قياس مقدار العمل الالزم إلنتاج السلع ،أما
يف اجملتمع األكثر تقدما فتقاس القيمة اجلهد املبذول واألرض ورأس املال أي نفقات اإلنتاج ،ووضع آدم مسيث
1حمي حممد مسعد ،الوجيز يف مبادئ علم االقتصاد،بدون طبعة ،الدار اجلامعية اجلديدة ،اإلسكندرية ،مصر ،2004 ،ص .98
2عادل أمحد حشيش ،زينب حسي عوض هللا ،املرجع السابق ،ص .193
24
فالثمن األول حيدده العرض والطلب ،أما الثمن الطبيعي فهو ما يعكس الصعوابت واألمل الذي يتعرض
ويرى آدم مسيث يقاس بتطور اجملتمعات ،فمىت كان اجملتمع بدائي كان األمل أكرب ،ألهنا تعتمد أكثر
على العمل وحده ،عكس اجملتمعات املتطورة اليت تعتمد ابإلضافة للعمل عل رأس املال وعنصر األرض.
يرى هذا العامل االقتصادي أن القيمة ال تتحدد ابملنفعة بل مبنفعة اإلنتاج ،وال خيتلف ريكاردو مع آدم
مسيث يف تقسيمه للقيمة اجلارية أو سعر السوق والقيمة احلقيقية أو الطبيعية بل خيتلق معه ويقسم القيمة احلقيقية
إىل السلع اليت يضاعف عرضها واليت تتحدد قيمتها بكمية العمل وطبيعته ،سواء كان عبارة عن اآلالت أو املباين
أما السلع اليت ال ميكن مضاعفة عرضها هي تلك اليت تتصف ابلندرة النسبية ،واليت فيها نوع من
إذن ريكاردو يرجع حتديد القيمة للعمل وحده واستبعد الربح الذي ال يسهم يف حتديد القيمة ويرى
25
-1أهنا مل تفسر أسعار الكثري من السلع اليت تتمتع بقيمة تبادلية مرتفعة على الرغم من أنه مل يبذل
جهد كبري يف إنتاجها كاملعادن النفسية اليت سعرها مرتفع بسبب ندرهتا ال للجهد املبذول يف
إنتاجها.1
-2مل تفسر النظرية كيف تتغري قيمة السلع مع مرور الوقت لتزداد قيمتها بفعل الزمن ال اجلهد املبذول.
-3مل ينجح آدم مسيث وريكاردو يف إجياد العالقة بني املنفعة والسعر.
ظهرت هذه النظرية على أعقاب النظرية السابقة يف الربع األخري من القرن ،19ويرون أصحاهبا أن
فاملنفعة احلدية هي اليت تعطيها وحدة منفعية من وحدات املنتوج ،أما املنفعة الكلية فهي جمموع املنافع
فمىت كانت املنفعة على أشدها تكون حدية ولكن إذا تكررت املنفعة تفقد هذه القيمة لتتحول ملنفعة
كلية.
1حريب حممد موسى عريقات ،مبادئ االقتصاد – التحليل اجلزئي ، -الطبعة األوىل ،دار وائل للنشر والتوزيع ،األردن ،2005 ،ص .42
2حمي حممد مسعد ،املرجع السابق ،ص .98
3حممود الطنطاوي اجلاز ،املرجع السابق،ص.24
26
مثال ،أكل برتقالة واحدة متتعنا ابملنفعة احلدية ،أما أكل أكثر من برتقالة تفقدان املنفعة والرغبة الشديدة
ألكلها.
ومفاد ذلك أن اإلنسان ال يستطيع استهالك سلعة معينة إىل ما ال هناية بل هناك حدا إلشباعه.
وانتقدت أيضا هذه النظرية ،وحاول مارشال اجلمع للحصول على القيمة بني املنفعة والنفقة.1
كما سبق وأن رأينا أن لإلنسان رغبات متعددة وكثرية ،فكلما قام إبشباع رغبة تتولد عنه رغبة أخرى
ويطمح للحصول على سلع وخدمات أكثر ،فلم يتبقى رغبة اإلنسان حمدودة يف الغذاء واللباس بل تطورت
بتطوره .2
وتنشأ املشكلة االقتصادية نتيجة احلاجة غري منتهية وال حمدودة لإلنسان أمام ندرة نسبية للموارد ،ويف
أ-الندرة النسبية.
ب-مشكلة االختيار.
أ-الندرة النسبية.
إذا تكلمنا أوال على الندرة النسبية ،فنقول أهنا موجودة يف كافة اجملتمعات ولكن ختتلف درجاهتا،
وبسببها ميكن يف ندرة املوارد أو الوسائل اليت تشبع حاجات اإلنسان ،ومىت توفرت هذه املوارد وتوازنت أو فاقت
مرتبط هبا وهو العلم الذي يدرسها وحياول إجياد احللول هلا.1
أوال جيب معرفة نوع السلع واخلدمات وكمياهتا املراد إنتاجها ،وهل يف ذلك حنن حباجة إىل السلع
احلرة واليت هي بدون سعر وتكلفة متوفرة بكثرة كاهلواء والشمس ،واليت ال يدخل يف إنتاجها عناصر إنتاج بل
هي موجودة طبيعيا وتشبع حاجات اإلنسان بصورة مباشرة وألكثر من مرة فهي سلع معمرة كالغذاء مثال.
والتفرقة بني هذه األخرية والسلع االقتصادية ومدى احتياجنا هلا وهي تلك السلع اليت يدخل يف
إنتاجها عناصر اإلنتاج لتتغري صورهتا مباشرة إىل غري مباشرة أو مصنعة ،وهلا سعر يعكس تكلفة إنتاجها ،وهي
سلع غري معمرة تستهلك ملرة واحدة ومنها ما هو ضروري ال يستطاع التخلي عنه ،وما هو كمايل أي أييت يف
وهنا يطرح السؤال حول األسلوب املتبع للحصول على إنتاج للسلع واخلدمات لتلبية حاجات
اإلنسان ،فمثال يراعي عنصر من عناصر اإلنتاج واملتوفر ،ففي جمتمع يتوفر على موارد بشرية كبرية ،يستخدم فيه
عنصر العمل ويستفاد من هذه اليد العاملة عوض استخدام اآلالت عكس اجملتمع الذي يعاين من قلة اليد
العاملة ،فيستفاد هنا من اآلالت اليت حتل حملهم ،وهكذا يعتمد عنا على عنصر رأس املال.
يف هذه احلالة تدرس كيفية توزيع اإلنتاج اخلاص ابلسلع واخلدمات ومعرفة بذلك متطلبات السوق
حسب طلب املستهلكني واألخذ ابالعتبار أيضا العوامل املؤثرة علي الطلب قبل اإلنتاج وأثنائه وبعده لنصل
ب -االختيار:
ألن احتياجات اإلنسان متعددة وغري منتهية ،جيد نفسه هذا األخري مضطرا وجمربا على االختيار بني
حاجات والتضحية أبخرى حبسب درجة االحتياج ليضع بذلك سلما للحاجات األولية والضرورية اليت ال يستطيع
التخلي عنها.
ومشكلة الفرد هي نفسها مشكلة اجملتمع والدولة ككل ،فعليهما أيضا التفكري واختيار ما جيب توفريه
بشكل ملح والتخلي عنه ابلنظر الستخدامات املوارد احملدودة وحماولة إجياد طرق لالستفادة من موارد حمدودة
وهنا ك مثال اجنليزي يقول أنه "حينما ختتار ختسر" ومفاده أنه ابختيار الفرد مثال شراء عقار خيسر
مثال شراء سيارة ،أي حينما ختتار فرصة معينة فأنت تضيع األخرى.
29
ومع صعوبة االختيار والذي يعترب يف حد ذاته مشكلة ،حاول الفقه االقتصادي إجياد حلول وعالج
هلذه مشكلة االقتصادية ،فاختلفت بعض األنظمة االقتصادية يف اقرتاحها حلل هلذه األخرية ومنها النظام الرأمسايل
متيزت احلضارات الشرقية القدمية ابلتطور والتنظيم املركزي واالقتصادي واالجتماعي ،فسواء احلضارة
املصرية أو البابلية أو حىت الصينية القدمية كلها كانت حضارات منظمة بدقة ،وكانت السلطة موضوعة يف يد
واحدة وهي اليت تسيطر على الوضع واحلياة االقتصادية وتتحكم فيها.
عرفت احلضارة املصرية والعراقية منوا واضحا يف جمال الزراعة والري ،وهذا ما يعكس اهتمام هذين
احلضاراتن بتنظيم دقيق هلا ،وهذا ما أبعد عنها املشاكل االقتصادية والسياسية واالجتماعية اخلطرية ،مل يكن
هناك مفهوم حمدد للملكية والقيمة لدى هذه احلضارات ،حىت الكتاابت املصرية القدمية كانت ذات طابع فلسفي
ديين وكانت احلياة االقتصادية تستند على السيطرة األبوية ،وكان النفوذ الديين والسياسي لطبقة احلكماء ورجال
واهتمت هذه احلضارة على الزراعة واألرض ابعتبار هذه األخرية هي املظهر األساسي للثروة وامللكية.
أما التجارة فكانت جمازة عن حمرمة ،وابلتايل حضيت ابهتمام وكانت متطورة هي أيضا ومرتبطة
ابلتعاليم الدينية آنذاك ،واليت ال تبيح الفائدة (الراب) فيما بني اليهود القدماء يف مصر ،وحتيزها مع غريها.
30
وهكذا خنلص إىل أنه مل يكن هناك فكرا اقتصادي واضح ،حيدد معامل النظام االقتصادي يف تلك
الفرتة.
حنن نعلم أن البداايت األوىل للحضارة اليواننية كان فيها االقتصاد عائلي ومنها عرف االقتصاد عندهم
فكل عائلة تكون وحدة اقتصادية بسيطة مبشكلها واليت ال تتطلب حللول فعالة وأفكار اقتصادية
ابرزة.
ومع تقدم الزمن ظهرت مشاكل معتربة يف العاصمة أثينا نتيجة لتوسع احلضارة اليواننية وازدهار التجارة
مما جعل املفكرين والفالسفة االقتصاديني يعرضون أفكارهم لوضع قواعد تنظم احلياة االقتصادية وأمههم
أفالطون وأرسطو.1
كان له كتاب اجلمهورية والقوانني وفيهما تطرق جملموعة من األفكار الفلسفية اليت من شأهنا حل
يرى أن نشأة الدولة تعود العتبارات أساسية اقتصادية ،ألن حاجات اإلنسان متعددة ومتزايدة، -
وهذا ما جيعل الضرورة الجتماع األفراد يف كيان سياسي إلشباع هذه احلاجات.
31
وجعل أفالطون للدولة (املدينة) حيزا مثاليا ،فحدد عدد األفراد بـ 5040فردا لتكون املدينة فاضلة
ويرى أنه جيب تقسيم العلم والتخصص فيه ،ووضع مزااي بني الطبقات االجتماعية ،فجعل الطبقة
العليا احلاكمة للفالسفة واحلكماء مث تليها طبقة النبالء واحملاربون أما الطبقة األخرية فهي للعمال واملزارعني
وأفكار أفالطون تنص على إلغاء امللكية اخلاصة للطبقة احلاكمة ألهنا تسبب االحنراف ،واهنيار الدولة
مرتبط ابهنيار هذه الطبقة ،فيجب أن تسعى هذه األخرية لتحقيق املصلحة العامة.
وحفز على امللكية اخلاصة الفردية للمزارعني والعمال واحلرفيني ألهنم يهدفون للربح واملصلحة اخلاصة.
أما الرق والعبيد عند أفالطون فالبد منه ألنه عنصر مرتسخ يف احلضارة اإلنسانية.
يرى أرسطو تلميذ أفالطون أن املصلحة الفردية قد تتوافق مع املصلحة العامة اجلماعية ،فبالدوافع
الشخصية حتقق الدوافع العامة ورفض إلغاء امللكية اخلاصة حىت ابلنسبة لطبقة احلكام وقد فسر الظواهر
االقتصادية بعمق فيما خيص القيمة والنقود وامللكية ،حيث فرق بني القيمة االستعمالية والتبادلية ،ويرى أن الثمن
العادل هو فكرة أخالقية ومنع االحتكار ،والنقود ما هي إال نتيجة لفشل املقايضة.2
كان هناك اهتمام واسع ابلسياسة والتشريع ،فقد ميزوا بني ثالثة قوانني وهي :القانون املدين ميثل الشريعة الرومانية
تطبق على الرومانيني فقط .القانون الثاين ،قانون الشعوب يطبق على كامل الشعوب .القانون الثالث ،الطبيعي
والرومانيني تبع املفكرين الكالسيكيني اإلغريق ويعتربون امللكية اخلاصة غري مقيدة بشروط.
هذه احلقبة التارخيية متتد من بداية سقوط اإلمرباطورية الرومانية يف القرن اخلامس ميالدي ،واستمرت
ومتيزت الفكر االقتصادي يف هذه املرحلة خبضوعه للنظرة الدينية واألخالقية سواء يف أوراب أو يف العامل
العريب.
سادت فلسفة أرسطو يف التدريس طيلة قرون عديدة وكان أتباعه املعروفون ابملدرينني ،يهتمون يف
حتليل على البحث يف القيمة والثمن العادل ومنهم توماس األكويين الذي اندى بتطبيق هذه الفكرة مضيفا عليها
فكرة األجر العادل والربح العادل فكل احنراف عليهما هو ال أخالقي وأخذ أيضا أبفكار أرسطو وقرارات
الكنيسة يف حترمي الفائدة أو الراب وكل عمل يدخل يف هذا اجملال فهو غري ديين وال أخالقي ،وما نالحظه على
33
هذه األفكار أهنا كانت تسيطر عليها الكنيسة أبفكارها ،وهذا ما جيعلها خترج من ابب التحليل العلمي لألفكار
االقتصادية.
كانت التحليالت االقتصادية عن املفكرين العرب غري ممنهجة وغري منسجمة إال مبجيء اإلسالم
الذي نظم هذه األفكار ،ووضع هناية للمجتمع العتيق املبين على السلطة األبوية والقبلية ،فاعرتف اإلسالم
مبجموعة من املبادئ.
مبدأ احلرية االقتصادية ،مبدأ العدالة االجتماعية ،مبدأ امللكية املزدوجة ،وأوجد تشريعات اقتصادية
مهمة يتخذ بعضها صيغة األمر والنهي مستمدة هذه القوانني من القرآن والسنة وأعمال الصحابة واخللفاء
أمثال ابن خلدون صاحب كتاب التاريخ وابن تيمية وأبو يوسف األنصاري كتاب اخلراج يف عهد
اخلليفة هارون الرشيد ،أو حامد الغزايل يف كتابه (إحياء علوم الدين) ،تقي الدين أمحد بن علي املقريزي.1
34
وهو أب االقتصاد السياسي يف كتابه البحث حول طبيعة وأسباب ثروة األمم الصادر بـ 1776وفيه
يدافع عن السوق ورأس املال الذي تنظمه املنافسة بصورة تلقائية ،ويرى أن العمل جيب تقسيمه ورأس املال جيب
تقسيمه ورأس املال جيب تكديسه ألهنما سببان يف ثراء األمم ويرى أن املصلحة الفردية هي احملققة للتنافس الفر
وبلوغ اجلودة املطلوبة يف السوق ويرى أن يد السوق اخلفية هي التوفيق بني املصلحة الفردية والعامة ،وكلما
وجدت ميزة مطلقة يف إنتاج سلعة ما ازدادت ضرورة وأمهية التجارة الدولية.
أحد رواد الفكر الكالسيكي وهو فرنسي اجلنسية ،أتثر أبفكار آدم مسيث حول احلرية االقتصادية
وحرية السوق وبني على أساسها نظريته املتعلقة ابلعرض والطيب واملسماة بـ (قانون ساي )Loi de Sayله
مؤلف شهري صدر يف ،1803وعرف ابنتقاده لفكرة آدم مسيث يف القيمة (قيمة العمل) واستبدهلا بنظرية القيمة
منفعة.1
ويرى أن العرض مرتبط بعملية التوزيع للمداخيل تسمح بتسويق إنتاج جديد ،ويتعقد أنه ال يكون
يسمى أيضا الكالسيكي الكبري ،له مؤلف شهري جدا حول "مبادئ االقتصاد السياسي والضرائب
يف 1817يكمل هذا املفكر أفكار آدم مسيث بتحليل أكثر عمق خاصة يف جمال التوزيع والنمو االقتصادي،
35
وكذلك االنعكاسات النقدية على االقتصاد ،ويعترب عند الكثري من االقتصاديني كأحد رموز تطوير الفكر
عرف بنظريته حول السكان يف ،1795ويرى أن عدد السكان يتنامى أكثر وأكثر وفق متتالية
هندسية بينما األرض ال تسمح سوى بزايدة بطيئة يف املنتوجات وفق متتالية حسابية وهذا ما ينتج عنه نقص يف
الغذاء والسكن.
يعترب اإلصالحيني كل املفكرين الذين انتقدوا يف مؤلفاهتم النظام الرأمسايل دون الطعن يف وجوده،
جون ستيورات ميل (:)1873 – 1806اجنليزي اجلنسية ،له العديد من املؤلفات االقتصادية منها مبادئ
االقتصاد السياسي ويرى أنه البد من الفصل بني القوانني اليت حتكم اإلنتاج ونظريتها اليت حتكم التوزيع ،ويرى
أنه البد على النظرايت االقتصادية يف جمملها أن تكون خادمة ملصلح اجملتمع ،واندى حبل املشاكل االجتماعية
اليت تصاحب تطور رأس املال ،عن طريق النقاابت والتعاونيات اإلنتاجية.
36
املدرسة النمساوية ،مدرسة لوران ،مدرسة كامربيل:1
هذه املدارس ختتلف قليال يف النظرة الشخصية للظواهر االقتصادية ويف املواضيع والطرق املستعملة
-النظرة الليربالية لالقتصاد :فهذه املدارس هي امتداد للمدرسة التقليدية فيما يتعلق ابختيار
االقتصادي حيث أهنا تنطلق أيضا من مبدأ الليربالية لالقتصاد ال خترج من إيطار امللكية اخلاصة.
-النظرة النفعية :حيث تعترب هذه املدارس أن قيمة املنتوجات حتددها املنفعة وال حيددها العمل.
اعتمد هؤالء احلديون على أسلوب حتليلهم االقتصادي على األسلوب الرايضي واملقارابت اجلربية
الرايضية هلذا يطلق عليهم البعض املدرسة الرايضية ،وهلذا يرون أنه كان البد للفكر االقتصادي الكالسيكي أن
يتماشى مع تطور الفكر البشري يف جمال التحليل ابستعمال أساليب رايضية تعطى لالقتصاد صبغة علمية
-التكلفة احلدية :هي تكلفة آخر وحدة يتم استعماهلا يف اإلنتاج ومدى كفائتها ابلنسبة للعائد
على االستثمار.
يف أواخر الستينات من القرن املاضي ،ظهرت العديد من املشاكل االقتصادية كالتضخم والبطالة ،ومل
تنفع يف هذه احلالة السياسات الكنزية التدخلية ،فظهر تيار يف الوالايت املتحدة األمريكية على يد ميلتون
الفرع األول:مدرسة شيكاغو :قادها هاميتون فريدمان اقتصادي أمريكي حاز على جائزة نوبل يف
االقتصاد ،له مؤلفات شهرية كـ "الرأمسالية واحلرية" و "حرية االختيار" ،ويعتمدون يف تفسرياهتم على
املنهج التجرييب أي أهنم خيتربون قوة النظرايت ويرون أنه على احلكومة أن تقلل كثريا من تدخلها
لالقتصاد ،فهم يعتقدون أن السياسيني يفرتضون أبن احلكومة املثالية ترى إخفاق السوق وميكنها تويل
األمور ومعاجلة املشكلة ويرون أن هذا غري صحيح فيجب أن نقارن بني األسواق غري مثالية بكل
عيوهبا وبني احلكومة غري املثالية وبكل املشكالت اليت تكتنف عملها.1
الفرع الثاين:الكنزيون املعتدلون :بنيت هذه األفكار يف هناية السبعينات من القرن املاضي ،وبنيت
أفكار املدرسة الكينزية اجلديدة على فرضية التوقعات الرشيدة ،ألن الكنزيون اجلدد يعتمدون على
38
فكر توازن السوق بشكل دائم ومستمر ،أما األجور واألسعار جامدة لكنها تتحرك لألعلى بشكل
سهل أما حتركها لألسفل فنادر ،فالبطالة ظاهرة متأصلة يف النظام االقتصادي وليس حادث عرضي.
واهتموا مبشكل الركود االقتصادي والكساد ،وحسبهم أن اخنفاض الطلب الكلي ينتج عنه اخنفاض
له جذور يف ،1961حيث طور بعض املفكرين االقتصاديني من أمثال :جون ميث نظرية التوقعات
الرشيدة اليت تفسر سلوك األسواق املالية ،ومت تطبيق هذه النظرية وتعميمها على االقتصاد الكلي للدولة من
طرف "روبرت ليك" ،إىل جانب جمموعة من املفكرين من أتباع مدرسة شيكاغو.
وقد قام الفكر الكالسيكي اجلديد على أساس التشكيك بفرضيات الفكر الكينزي.
-التوقعات هلا عالقة مباشرة بقيم املتغريات االقتصادية يف املستقبل كالقيم اخلاصة ابإلنتاج والتشغيل
واألسعار.
-التوازن يف االقتصاد له عالقة مباشرة ابلتوقعات االقتصادية املستقبلية ،أي هناك توقعات معدلة كالرقم
القياسي ملتغريها كاألجور واألسعار والتوقعات الرشيدة اليت تستند على الرشادة الفردية وسلوك الوحدة
فالتوقعات الرشيدة لكل من املنتجني (العرض) واملستهلكني (الطلب) كفيلة بتحقيق التوازن املستمر
39
املبحث الثالث :األنظمة االقتصادية.
يف احلقيقة هناك أربعة أنواع أساسية يف األنظمة االقتصادية ،وهي االقتصاد التقليدي أو البدائي،
االقتصاد املوجه ،االقتصاد السوق ،االقتصاد املختلط ،االقتصاد اإلسالمي كل هذه األنظمة حاولت أن تعاجل
املشكلة االقتصادية حمور االقتصاد ،فمنها من جنح يف أفكار وانتقد يف أخرى وسنعرضها فيما يلي:
هذا النوع من االقتصاد هو أقدم نوع يعترب تقليدي ،وهو مرتبط ابألماكن اليت حتافظ على التقاليد
والعادات ،وإنتاجهم مرتبط مبعتقداهتم الدينية ،وهذه املناطق هي الريفية يف العامل الثاين والثالث أي األقل
واألضعف تقدما فيعتمد فيها على االقتصاد الزراعي ،فلهم صلة وثيقة ابألرض وخدمتها وبذلك يف رأيهم
يضمنون توفري حاجاهتم املتواضعة مبواردهم الزراعية واليت يستطيعون بيعها ومقايضتها والتجارة فيها على العموم.
وهذا النوع من االقتصاد بعيد عن فكرة الربح والفائض عكس االقتصادايت األخرى.
ومع هذا يفتقد هؤالء الشعوب إىل املوارد الالزمة اآلالت املساعدة يف حتصيل إنتاجهم ،وغالبا ما
يسيطر عليها ممتلكون هذه املواد واآلالت من أثرايء االقتصادايت األخرى حتت السيطرة والقوة واالستعمار.
وانتقد هذا النوع من االقتصاد على أساس أنه حيافظ على القيم والعادات ولكنه يثبت عجلة النمو
40
ي عترب اثين اقتصاد عرفته البشرية بعد االقتصاد التقليدي من حيث التقدم االقتصادي ،يعتمد هذا
األخري على امللكية العامة لوسائل اإلنتاج ،وهبذا تدخل الدولة بشكل كبري يف توجيه السياسات
االقتصادية عن طريق تبين سياسة املخططات التوجيهية واليت تعتمد على دعم الدولة بشكل مباشر،
ويرون أنصاره أن املنفعة العامة واملصلحة العامة مها املعاجلان للمشكلة االقتصادية فما دامت السلطة
مركزية وبيد الدولة وامللكية مجاعية لوسائل اإلنتاج فهذا جيعل الدولة تستحوذ على اجملاالت احليوية
واليت توازي بني املوارد واحلاجات اخلاص ابجملتمع ،ويرى هذا االقتصاد أنه مىت توفرت احلاجات بكثرة
وانتقد هذا االقتصاد على أساس أنه جيعل الفرد متكال دائما على الدولة ،وال ختلق روح املبادرة الفردية
وال تشجع األفراد على بذل جهودهم يف رفع اإلنتاج وتنويعه وجعله ذا جودة ونوعية ألهنا ال تدخل عنصر الربح
الذي هو أهم معيار إلغواء األفراد على العمل واالستفادة من احملفزات املادية واملعنوية هذا من جهة ومن جهة
1
أخرى يتوقف جناح سياسة املخططات على وعي وعقالنية من الدولة ومرونة جهازها اإلداري.
يرى أنصار هذا النظام أن املشكلة االقتصادية مشكلة فردية تواجه كل فرد وعليه أن حياول إجياد حل
هلا ليتالءم مع مصلحته اخلاصة ،دون ما تدخل من الدولة وعدم سيطرهتا ال على املوارد احليوية أو على أي
مورد آ خر يف االقتصاد ،وهكذا يكون الفرد له احلرية يف التصرف يف اإلنتاج والدخل وملكية اخلاصة لوسائل
اإلنتاج للحصول على الربح جيعل حتركات وتداول يف أسعار السلع واخلدمات واالعتماد على جهاز الثمن.2
وفق للشعار الرأمسايل آلدم مسيث "دعه يعمل أتركه مير" ،ومعىن ذلك إعطاء احلرية الفردية يف االستهالك
واالستغالل ،فلك فرد له حرية يف استغالل ماله واتفاقه كما يشاء وعلى ما يشاء أي هو الذي خيتار نوع السلعة
والرقابة على النشاط االقتصادي تكون بواسطة الثمن الذي يعترب عنصر ميكانيكي أي الذي يعكس
حتركات وتداول السلع وتفاعلها يف السوق املبين على العرض والطلب أي إنتاج السلع امللح عليها دون تضييع
فاملنتج واملستهلك هلما هدفني :األول هدفه حتقيق الربح والثاين إشباع حاجاته اليت حيكمها الثمن
وجهاز الثمن يساعد املنتجني على إنتاج كمية كبرية من اإلنتاج أبقل تكلفة وبطرق ذات كفاءة عالية،
فتح جمال املنافسة أيضا من بني مبادئ الرأمسالية ،فكل فرد يطمح للربح ابلضرورة ينافس فردا آخر،
وهذا ما جيعل الفرد دائما يطمح لالبتكار واالخرتاع جبودة عالية تنافسية ،ألن البقاء لألصلح يف السوق.
وانتقد هذا االقتصاد أيضا ،على أساس أنه صح يفصل بني الدولة والسوق ولكنه يشجع االحتكار
والطبقية.
42
هذا النظام أو االقتصاد ميزج بني النظامني (الرأمسايل واالشرتاكي) ،حىت أنه يسمى أيضا ابالقتصادي
املزدوج ،هذا النوع من االقتصاد أخذت به بعض الدول مستغلة نقاط ضعف وجتارب الدول السابقة يف النظامني
فجعلت شق اقتصاد حتكمه أسواق حرة وشق آخر مسيطرة عليه من قبل احلكومة ،وجند اشرتاكيات معتدلة
يكون السوق حرا من ملكية احلكومة بشكل أكثر أو أقل ابستثناء عدد قليل من اجملاالت الرئيسية.
ومع هذا شهدت أمريكا يف السنوات املائة األخرية ارتفاعا يف سلطة احلكومة ومل يكن هذا فقط لفرض
القوانني واللوائح ،لكن كان هناك يف الواقع كسب للسيطرة من قبل احلكومة مما جعلها أكثر صعوبة يف الوصول،
وأقل مرونة مع مرور الوقت ،وهذه هي النزعة واالجتاه املشرتك بني االقتصادايت املختلطة.
ولكن ومع ذلك انتقد على أساس أن حىت هذا النظام مل يسلم مطبقيه من األزمات االقتصادية.
جاء الدين اإلسالمي عامة لينظم احلياة البشرية ،سواء االجتماعية ،االقتصادية ،الثقافية ،السياسية،
الدينية ...اخل ،فجاء مبجموعة من املبادئ املوجودة يف مصادرة الشرعية (القرآن والسنة) ،وحىت يف القياس
نظم الدين اإلسالمي ،االقتصاد واألصول واملبادئ االقتصادية ،اليت حتكم النشاط االقتصادي سواء
الزراعة أو الصناعة وحىت التجارة وهذا ما يطلع عليه مبصطلح االقتصاد اإلسالمي.
43
ومن أهم مبادئ االقتصاد اإلسالمي هي أن املال ملك هلل واإلنسان ما هو إال مستخلف فيه ،فال
جيوز له ال أن حيبسه وال إنفاقه فيما ال يرضي هللا ،ويضر العبد ،وللمال أداة لقياس القيمة ووسيلة للتبادل
التجاري ،وليس سلعة من السلع ،فال جيوز بيعه وشراؤه (راب الفضل) وال أتجريه (راب النسيئة).
وقد حدد اإلسالم شروط يف التجارة وهي ثالثة تنظم عملية البيع والشراء وهي البلوغ أي أن يبلغ
سن معينة تعكس قدرته العقلية ويصطلح عليه يف الشريعة ابحللم ،ويف هذه احلالة يؤخذ بتعامالته وتكون صحيحة
وجائزة.
عدم احلظر عليه وهو الشخص الذي تغل يده على أمالكه فال يبيع وال يشرتي أي كان السبب سواء
إلفالسه أو لسفهه.
)1الرتاضي يف قوله تعاىل" :إال أن تكون جتارة عن تراضي منكم" سورة النساء .29
)3أن يكون املال مشروعا ،أي ال جيوز بيع األشياء النجسة واحملرمة كامليتة واخلنزير واخلمر...اخل.
)7أن يكون الثمن معلوما ،جيب حتديد الثمن مسبقا قبل انعقاد العقد وإال كان فاسدا.
44
-املشاركة يف املخاطر أي التساوي يف الربح واخلسارة.
-امللكية العامة واخلاصة تكلم عليها أيضا اإلسالم (حق الفرد يف امتالك األراضي والعقارات ووسائل
-الشفافية ،أي خيار الرؤية يف اإلسالم وحرم الدين اإلسالمي الكثري من املعامالت االقتصادية كالراب
-حترمي االجتار يف احملرمات وهكذا نستنتج أن االقتصاد اإلسالمي يؤمن ابلسوق ودوره يف االقتصاد
مسح االقتصاد اإلسالمي أبدوات تعترب اآلن استثمارية ،كاملضاربة واملراحبة واملشاركة واإلجازة والسلم
املطلب األول:االدخار.
يقصد ابالدخار ذلك اجلزء من الدخل اجلاري الذي مل يستخدم يف االستهالك اجلاري خالل فرتة معينة ،وإمنا
مت توجيهه لبناء الطاقات اإلنتاجية اليت تعمل على زايدة هذا الدخل أو حتافظ على مستواه احملقق فعال من خالل
واالدخار قد يكون نقداي أو عينيا :فاالدخار النقدي ميثل الصورة الغالبة يف الوقت احلايل ،وذلك ألن الطابع
45
وأيخذ عدة أشكال كاألصول املالية أو األصول السائلة كالودائع اجلارية ،وكذلك الودائع االدخارية أبنواعها
واملدخرات التعاقدية ،واليت ميكن حتويلها إىل الصورة السائلة بسهولة نسبية.
أما االدخار العيين فيمثل الصورة احملدودة جدا لالدخار يف االقتصاد املعاصر ،وقد يتخذ شكل فائض سلعي أو
فائض عمل ،فاألوىل يتوفر يف القطاع الزراعي وذلك يف احملاصيل اليت حيتفظ هبا املزارعون الستخدامها جلذور أو
الستهالكها يف فرتات اتلية ،أما الثاين فيتحقق يف حالة القيام بعمل إضايف يبذل ويتبلور مباشرة يف شكل استثمار
إنتاجي والصني دليل على ذلك فهي تزيد من االستثمارات دون إنقاص االستهالك اجلاري.
واالدخار سواء العيين أو النقدي يؤول يف النهاية لشكل من أشكال االستثمار العيين ،وهذه هي العالقة بني
املطلب الثاين:االكتناز.
يتشابه مع االدخار ،ألن كل منهما جزء من الدخل اجلاري الذي مل ينفق على االستهالك اجلاري ،وخيتلفان
يف أن االكتناز ميثل احتجاز كجزء من الدخل سواء نقدي أو عيين بعيدا عن دورة النشاط االقتصادي ،فهو
تلك الرغبة يف االحتفاظ ابلثروة -وهذا ما يشابه رأي كينز عن تفضيل السيولة -وهذا هبدف دفع املخاطر
ويتخذ االكتناز عدة صور منها احتفاظ األفراد ابلذهب أو العمالت األجنبية وكذلك املبالغ السائلة يف
صورة نقود حيتفظ هبا قطاع األعمال املنظم ،كما ميكن أن يكون االكتناز يف صورة نقود حيتفظ هبا األفراد ملدة
-1عبد املطلب عبد احلميد ،مبادئ وسياسات االستثمار ،الطبعة األوىل ،دار اجلامعية ،اإلسكندرية ،2010 ،ص.28
46
قصرية جدا مثل احتفاظ املوظف مبرتبه إلنفاقه طوال الشهر – االدخار االحتياطي -احتياطيا ملواجهة احلاجة
لالستهالك يف املستقبل.1
املطلب الثالث:االستثمار.
يلعب االستثمار املباشر دورا مهما يف عملية التنمية االقتصادية ،ابعتباره من أهم مصادر التمويل سواء املتوسطة
إال أن االستثمار املباشر أحيط ابهتمام زائد ،ملا يرى فيه املستثمر األجنيب ،والدول النامية والعربية منها من
اجيابية ،فهذا النوع من االستثمار يسمح فيه ابإلشراف و املراقبة والتحكم ،و هذا ما يشعر املستثمر األجنيب
أما الدول النامية فاهتمامها هبذا النوع من االستثمار واضح ،ألنه ال ينقل فقط رؤوس األموال ،بل يصحب
معه نقال للتكنولوجيا بواسطة نقل الفنون اإلنتاجية واملنتجات احلديثة ،و كذلك مهارات إدارية و تنظيمية و
كما تساهم هذه االستثمارات املباشرة بدمج العمالة الوطنية و جعلها أكثر ختصصا ،وابإلضافة ملشاركة الرأس
املال احمللي ،و هذا ما ينتج عنه متخض الفوائد إضافية للدول النامية يف صورة زايدة االستثمارات من قبل القطاع
اخلاص احمللي ،و من مث زايدة العمالة ،و ختفيض معدالت البطالة اليت تعاين منها الدول النامية.4
-1شوام بوشامة ،مدخل يف اقتصاد العام ،اجلزء األول ،دار الغرب للنشر والتوزيع ،وهران ،2000 ،ص28
-2أمرية حسب هللا حممد ،حمددات االستثمار املباشر و غري امل باشر يف البيئة االقتصادية العربية "دراسة مقارنة" تركيا-كوراي اجلنوبية -مصر ،بدون
طبعة ،الدار اجلامعية ،القاهرة ،2004،ص.102
-3أمرية حسب هللا حممد ،املرجع السابق ،ص.103
47
-4حيث أن االستثمار األجنيب املباشر كان مسئوال عن %60من الوظائف يف الصناعات التحويلية يف بعض الدول مثل سنغافورة.
إن هذه االستثمارات حتقق إيرادات إضافية للدول النامية املضيفة يف صورة ضرائب على املشروعات الناجتة
عن هذه االستثمارات ،كما أهنا ال يرتتب عليها عبء اثبت على ميزان املدفوعات ،حيث ال حيصل املستثمر
األجنيب على أي دخل إال عندما يدر االستثمار رحبا ،و ابلتايل فإن السداد مرتبط برحبية املشروع ،يف حني أن
األموال املقرتضة ينبغي خدمتها -بغض النظر عن جناح املشروع أو فشله -و ابلتايل فإن االستثمارات األجنبية
املباشرة تنقل املخاطر ،املرتتبة على االستثمار من املستثمرين احملليني إىل املستثمرين األجانب.
كما تعترب هذه االستثمارات مصدرا للحصول على النقد األجنيب ،و هذا عندما يركز على اإلنتاج من أجل
التصدير. 1
إن االستثمارات األجنبية املباشرة ،تدفع املنتجني الوطنيني إىل تطوير أساليب إنتاجهم عن طريق حماكاهتم
للمستثمرين األجانب ،هذا فضال عن مسامهتها يف االرتقاء أبذواق املستهلكني ،و تطوير أمناط االستهالك
التقليدية مبا تنتجه من أنواع السلع مرتفعة اجلودة ،واليت تروج هلا بوسائل إعالنية متقدمة.2
كما حتفز أيضا اخلربات الوطنية على عدم اهلجرة إىل اخلارج مبا يوفره من فرص ،وظروف العمل اليت تسعى
إليها هذه اخلربات خارج البالد ،و ابلتايل فإن هذه االستثمارات تعمل على اتفاق عملية استنزاف اخلربات
الوطنية ،و اليت تشكو منها الدول النامية ،و هي ما تعرف بظاهرة استنزاف العقول البشرية.
ويكون العبء على ميزان املدفوعات يف حالة االستثمار األجنيب املباشر أقل من نظريه يف حالة االستثمار
األجنيب غري املباشر ،و ذلك ألن األرابح يف املراحل األوىل للتنمية تكون قليلة ،كما أن احتمال الستعادة رأس
املال من الدولة املضيفة ،يكون أقل إذا ما قورن ابستثمار احلافظة املالية.3
-1غري أن ذلك ال يتحقق عادة وقد اقتصر على عدد حمدود من الدول و هي الدول حديثة العهد ابلتصنيع فقط .
-2حامد عبد اجمليد دراز ،السياسات املالية ،بدون طبعة ،مركز اإلسكندرية للكتاب ،اإلسكندرية،2000 ،ص .128-124
-3و جيدر ابلذكر هنا أن استثمار احلافظة يتميز عن االستثمار األجنيب املباشر يف أن تكلفته أقل من حيث معدل الفائدة ،وميتلك املواطنون
سيطرة أكرب على استخدامه ،و يكون للمسئولني قدرة أكرب على توجيهه ،وفقا خلطط و برامج التنمية ،إال أنه يفتقد مزااي االستثمار األجنيب
48
املباشر .
و شهد العامل تنافسا جلذب االستثمار املباشر خاصة مع تراجع دور الدولة ،و االجتاه حنو اقتصادايت السوق
احلرة ،و اليت تعترب االستثمار األجنيب من أهم آلياهتا ،لتحقيق اإلصالح والنمو االقتصادي.
و هلذا تتجه الدول وخاصة الدول النامية للتسابق على جذب املستثمرين األجانب ،وذلك بتقدمي احلوافز و
الضماانت ،و توفري املناخ االستثماري املناسب واملالئم ،وغري املتعارض مع السياسات االقتصادية و الظروف
االجتماعية و السياسية ،و إال كان العائد من هذه االستثمارات األجنبية املباشرة سلبيا ،و هذا ما يؤدي إىل
و تسعى الدول النامية إىل حتقيق أهداف من وراء استقطاب االستثمار األجنيب املباشر ،و اليت تتمثل فيما
يلي:
-زايدة معدالت االستثمار ،و من مث زايدة اإلنتاج وحتقيق معدالت مرتفعة من النمو االقتصادي.
-زايدة معدالت العمالة ،و تقليل البطالة فضال عن تدريب و تنمية القوة العاملة.
و قد صرح انئب رئيس الشبكة من أجل احلد من الفقر ،و التسيري االقتصادي يف البنك العاملي السيد
"أواتفيانو كانوتو" ،أن الدول النامية أصبحت قاطرة النمو العاملي يف الوقت الذي تستمر فيه الدول الغنية يف
االستقرار بعد األزمة االقتصادية ،مشريا إىل أنه و حسب التقديرات اليت وردت يف دراسة أعدها البنك العاملي
دليل حول التوجهات املستقبلية للسياسات االقتصادية يف الدول النامية ،فإن منو الدول النامية سيبلغ % 6.1
يف 2010و % 5.9يف عام 2011يف حني لن يتجاوز منو الدول املتقدمة ،و ذات الدخل املرتفع .%2.6
-1فمثال ت رتب على التناقض الذي نشأ بسبب الدعم و احلماية لبعض القطاعات يف فنزويال و املغرب ،يف الوقت الذي تشجعان فيه االستثمار
األجنيب املباشر ،عدم كفاءة اإلنتاج و من مث حتقيق عوائد سلبية على اقتصادايهتا.
49
و أشارت الدراسة أن الدول املصدرة للنفط ملنطقة الشرق األوسط و مشال إفريقيا ،السيما اجلزائر تلعب دورا
حموراي يف تقومي املنطقة بفضل ارتفاع أسعار النفط ،1واستقرار أكرب لقطاعها املايل.
االستثمار مصطلح لغوي له تعريف ،و مفهوم خاص فهو مشتق من الثمر أي محل الشجر ،وأمثر الشجر
خرج مثره ،وأمثر الرجل معناه كثر ماله ،أو مبعىن الذهب و الفضة و مثّر ماله معناه مناه ،2و يستفاد هذا املعىن
من قوله تعاىل ﴿ و كان له مثر فقال لصاحبه وهو حياوره أان أكثر منك ماال و أعز نفرا﴾.3
و على ضوء ذلك فقد عرف جممع اللغة العربية االستثمار ،أبنه " استخدام األموال يف اإلنتاج ،إما مباشر
بشراء اآلالت و املواد األولية ،وإما بطريق غري مباشر كشراء السندات و األسهم".4
أما من الناحية االصطالحية ،فقد تعددت التعريفات اليت صيغت لالستثمار األجنيب بتعدد الكتاب الذين
تناولوا هذا املوضوع ،وهذه التعريفات من الكثرة حبيث يصعب اختيار تعريف واحد لالستثمار يضم مجيع
عناصره ،حيث تعددت تعريفات فقهاء القانون و فقهاء االقتصاد ،وملا كان االستثمار عملية مركبة جتمع بني
عناصر اقتصادي ة و أخرى قانونية ،فمن الضروري الوقوف على مفهوم االستثمار لدى االقتصاديني حيث عرفوا
االستثمار ،أبنه " قيام املستثمر األجنيب بتحويل كمية من املوارد املالية و التكنولوجية ،واخلربة الفنية يف مجيع
-1يقدم قطاع احملروقات يف اجلزائر %41من PIBيف سنة 2000و %77من مداخيل الدولة %97من مداخيل االستغالل.
-2ابن منظور ،لسان العرب ،قاموس عريب ،من إنتاج فليبس 19ديسمرب،1994ابب التاء ،مادة مثر.
-3سورة الكهف ،اآلية رقم 37من القرآن الكرمي.
- 4أمحد شرف الدين ،استثمار املال العريب ( أتثري فكرته االقتصادية يف ق
50واعد قانونية ) ،جملة غرفة اإلسكندرية التجارية ،العدد ،436
اإلسكندرية ،يناير – فرباير ،1985ص .40
5أمحد شرف الدين ،املرجع السابق ،ص.40
كما ذهب فريق آخر يف تعريفه لالستثمار ،أبنه عبارة عن عملية إمناء الذمة املالية لبلدها من خالل حركة
رؤوس األموال اململوكة له عرب احلدود ،ودخوهلا يف مشروعات اقتصادية تعمل على توفري احتياجات خمتلفة و
حتقيق أرابح مالية ،1و أنه التوظيف طويل املدى لرأس املال يف الصناعة ،الزراعة واملواصالت ،وغريها من اجملاالت
االقتصادية املهمة.2
و معىن هذا ،أن االستثمار عند االقتصاديني إىل توظيف النقود أو األموال ،سواء ألجل طويل مخس سنوات
و يعين أيضا توظيف النقود يف صورة شراء سلع أو شراء أسهم أو وضع املدخرات ،لدى أفراد أو مؤسسات
و حناول أخريا ،وضع تعريف االستثمار على سبيل االجتهاد لعلنا نوفق يف ذلك ،فنرى أنه التزام تنتقل بواسطته
رؤوس األموال جبميع صورها ( مادية أو معنوية ،نقدية أو عينية ،حق فكري أو حق صناعي ) و املوجهة
لالستثمار ،يتم بني مستثمر وطين وأجنيب ال حيمل جنسية الدولة الواقع هبا االستثمار ،هبدف جىن األرابح مبا
يتفق مع قوانني الدولة املضيفة ،و ما يتالءم مع خطط التنمية االقتصادية هبا.
و االستثمار له أنواع تتمثل يف كل من التجاري و الصناعي ،التكنولوجي و املايل ،االستثمار املباشر وغري
-1عبد السالم أبو قحف ،اقتصادايت االستثمار الدويل ،الطبعة الثالثة ،املكتب العريب احلديث ،القاهرة ،1991 ،ص .21
-2حازم مجعة ،احلماية الدبلوماسية للمشروعات املشرتكة ،رسالة دكتوراه ،كلية احلقوق ،عني مشس ،القاهرة ،1981 ،ص .157
-3صفوت أمحد عبد احلفيظ أمحد ،دور االستثمار األجنيب يف تطوير أحكام القانون الدويل اخلاص ،بدون طبعة ،دار النهضة العربية،
لالستثمار أنواع خمتلفة حبسب الزاوية اليت ينظر منها ،فيتنوع مابني ما هو جتاري يهدف فيه لتحقيق األهداف
التجارية ،ومنه ما هو صناعي يركز فيه على املواد املنتجة وتصنيعها ابلدرجة األوىل ،وما هو استثمار تكنولوجي
يركز أهدافه يف نقل التكنولوجية ،وأهم العقود املساعدة على ذلك ،وهناك االستثمار املايل أيضا ،هذا من انحية
أما من زاوية كونه استثمارا مباشرا أو غري مباشرا فينظر فيه ملعيار التحكم املباشر أو الفعلي ،وهناك أيضا ما
هو استثمارا حمليا وطنيا أو دوليا ،و هذا عندما يكون املستثمر حامال جلنسية بلد أخر ،و ما هو خاص أو عام
إذن ما هي أهم أنواع االستثمار؟ وما هي معايري االختالف بني هذه األنواع؟
يعتمد االستثمار التجاري على عملية التصدير ،و هذا ما جيعله ال يركز على حتويل مركز اإلنتاج يف البلد
املستقبل ،و هلذا تفضله الدول املصدرة على الصناعي ،ألنه خيدم موازين مدفوعاهتا عن طريق عقود التصدير،
بعكس االستثمار الصناعي الذي يلجأ فيه املستثمر األجنيب إىل التموقع يف البلد املستقبل ،و هذا ما جيعل
الدول املستقبلة هلذا املستثمر تفضله ،ابملقارنة ابالستثمار األول ملا له من اجيابية يف زايدة طاقاهتا اإلنتاجية،
52
وختشاه الدول املصدرة للرأس املال ابعتباره مرتبا إلعادة استرياد املواد املنتجة عن طريق ذلك االستثمار ،و مشكال
أما االستثمار التكنولوجي ،فهو تلك العمليات اليت تنجزها شركات أجنبية تنطوي على قدر عال من
التكنولوجيا و اخلربات اإلدارية ،و يتجلى العامل التكنولوجي يف قدرة املستثمر األجنيب على إنتاج منتجات
جديدة ،ذات قدرة تنافسية تتيح له التواجد أبسواق الدول املضيفة نتيجة االبتكارات و احلقوق اليت ميلكها.
و معىن هذا أن االستثمار ،ال يعين فقط نقل رؤوس األموال الضخمة ،و إمنا نقل التكنولوجيا ،ألن ختلفها
التكنولوجي قد جيربها على اللجوء إىل االستثمارات األجنبية املباشرة ،و هذا ما يظهر يف دول اخلليج العريب،
حيث تتميز معظم االستثمارات لديها أبهنا ذات طابع تكنولوجي أكثر منه مايل.
إذن يهدف لنقل التكنولوجيا بشكل أويل ،فيعتمد على عقود يف ذلك ،كعقد املساعدة الفنية ،عقد الرتخيص
الصناعي و التجاري ،عقود بيع اجملمعات الصناعية ،كعقد املفتاح يف اليد ،عقد التدريب ،عقد املقاولة من
الباطن ،و هذا النوع من االستثمار تعرض النتقادات عديدة أمهها ،أنه ال ينقل التكنولوجيا ابملعىن احلقيقي للبلد
أما االستثمار املايل ،فهو يتمثل يف حركة رؤوس األموال من و إىل الدولة املضيفة أو املصدرة ،حبيث تسمح
الدولة من خالل أنظمتها القانونية حبرية حتويل أو ترحيل األموال الضرورية ،هبدف متويل نشاطات اقتصادية يف
البلد املضيف ،و الذي جيب أن يتوفر على سوق لألوراق املالية أي البورصة.
إىل جانب هذا النوع من االستثمارات ،هناك أيضا نوعا أخر يتمثل يف االستثمار املباشر و غري املباشر ،فما
1قادري عبد العزيز ،االستثمارات الدولية ( التحكيم التجاري الدويل ،ضمان االستثمارات) ،بدون طبعة ،دار هومة ،بوزريعة ،اجلزائر،2004 ،
ص.21
يقصد ابالستثمار املباشر الصفقة املتكاملة ،و اليت تشمل جمموعة من املوارد النقدية أو العينية اخلاضعة للتقومي
اليت جيلبها املستثمر ،و كل تنظيم للمشروعات التكنولوجية واخلربات التنظيمية و اإلدارية و املعارف ،وأتهيل
اإلطارات.
و سنتعرض الحقا لالستثمار املباشر ،عند التطرق حملل عقد االستثمار الدويل املباشر.
أما فيما خيص االستثمار األجنيب غري املباشر ،فتزايدت أمهيته يف التسعينات ،و ما ساعد على انتشار هذا
النوع من االستثمار االخنفاض النسيب يف أسعار الفائدة ،وهذا ما أدى إىل اجتذاب املستثمرين إىل العائد املرتفع
ا ملتاح لالستثمارات ابألسهم والسندات يف األسواق الناشئة ،وهلذا عمدت الدول إىل حترير أسواق رأمساهلا ،و
من العوامل اليت ساعدت على هذا التحرر ،استقرار أسعار الصرف و معدالت التضخم ،و هكذا مت االهتمام
هبذا النوع من االستثمار ،و هذا ابالعتماد على السياسة التحفيزية لدعم ،و زايدة تدفقات رؤوس األموال.
و هذا النوع من االستثمار يقتصر على تقدمي األموال فقط -لدى يطلق عليه البعض االستثمار املايل-
وذلك من طرف املتعاقد مع الدولة ،هبدف متويل املشروعات اليت سيتم إنشاؤها ،دون أن يكون هلذا املتعاقد أية
سيطرة أو رقابة على املشروع ،1و هو يف الغالب يكون بصورة قروض تقدمها اهليئات اخلاصة أو األفراد أو صورة
شراء األسهم و السندات الدولية طويلة األجل أي االستثمار يف احلوافظ املالية ،و هو استثمار قصري األجل
-1علي حسني ملحم ،دور املعاهدات الدولية يف محاية االستثمارات األجنبية اخلاصة يف الدول النامية ،رسالة دكتوراه ،كلية احلقوق ،جامعة القاهرة،
،1998ص .18
54
مقارنة ابالستثمار و املبادرة ،1و ترتب على هذا االستثمار عدم نقل املهارات و اخلربات الفنية ،والتكنولوجية
و يكمن معيار التمييز بني ما هو مباشر ،و ما هو غري مباشر يف مسألة التحكم الفعلي Controle
Effectifيف الشركة ،و عليه فإذا كان الشخص املستثمر متحكما يف الشركة ،وذلك حسب مقدار املسامهة،
فإذا كان له األغلبية فله حق اإلشراف ،و هو يعد مستثمرا مباشرا ،أما إذا مل يكن فهو غري مباشر.3
و يظهر عنصر التحكم أو املراقبة يف التعريف ،الذي وضعه صندوق النقد الدويل F.M.Iلالستثمار املباشر،
"االستثمارات اليت جترى هبدف احلصول على فوائد مستمرة يف شركة متارس نشاطاهتا يف إقليم اقتصاد ليس
اقتصاد املستثمر ،و هدف هذا األخري يتمثل يف احلصول على سلطة قرار فعلية يف تسيري الشركة".4
و االستثمار األجنيب بشقيه املباشر وغري املباشر ،مازال قائما إال أن االستثمار األول أصبح الشكل السائد،
ألنه يساعد على خلق فرص جديدة للعمل ،أيضا يساعد على تنمية املوارد البشرية يف الدول النامية و تدريبها
و استغالهلا ،و يعد مصدرا جيدا و فعاال لنقل التكنولوجيا ،و التقنيات احلديثة و املتطورة إىل الدول النامية اليت
تسعى جلذبه.5
و هناك نوع أخر ،ينظر فيه من زاوية القائم ابالستثمار ،هل هو وطين أو دويل؟ وهل خاص أو عام؟
جنسية البلد املضيف أو املستقبل لالستثمارات ،و ما يكون أجنيب أو دويل ،هو كل مستثمر سواء طبيعي أو
معنوي حيمل جنسية أخرى غري جنسية البلد املضيف ،أما االستثمار اخلاص فهو كل استثمار يقوم به شخص
مستقل عن شخص الدولة ،أي شخص عادي ال ميلك سيادة و ال سلطة ،عكس االستثمار العام الذي تقوم
به الدولة أو أحد هيئاهتا وأجهزهتا التابعة هلا ،و الذي اختلف فيه كثريا و خاصة يف مسألة خضوع العقود املربمة
من طرف الدولة لسيادهتا املطلقة أم ال؟ و احتدم النقاش و وصلت اآلراء أبن الدولة يف إبرامها لعقود االستثمار
جذب االستثمارات األجنبية ،وحماولة إرجاع االستثمارات العربية واألجنبية واجلزائرية املوجودة ابخلارج
وذلك ابلعمل على هتيئة بيئة استثمارية مستقرة واثبتة منها تبسيط اإلجراءات اإلدارية وحتديد جلنة أو وكالة
واحدة لتوجيه وتقييم هذه االستثمارات وابلتايل الرد املوضوعي السريع على اصطحاب امللفات ،1إىل جانب
تطوير التشريعات والقوانني املنظمة لعمليات االستثمار األجنيب وإزالة القيوم أمامها حماولني قدر اإلمكان أن
1عيد الرمحن تومي ،واقع وآفاق االستثمار األجنيب املباشر من خالل اإلصالحات االقتصادية يف اجلزائر ،مذكرة ماجستري ،جامعة اجلزائر،
،2001ص .45
2عيد الرمحن تومي،املرجع السابق،ص.45
56
ويعترب األمر رقم 03/01الصادر يف 20أوت 2001واملعدل واملتعلق بتطوير االستثمار يف اجلزائر
كخطوة يف االجتاه الصحيح وحنو زايدة فرص اجلزائر يف استقطاب االستثمار األجنيب وجيب أن تتلوها خطوات
تشجيع إنشاء املؤسسات الصغرية واملتوسطة ملا هلذه املؤسسات من أمهية يف عملية التنمية االقتصادية
وامتصاص البطالة إىل جانب قيام هذه املؤسسات إبعادة أتهيل وتنمية مواردها البشرية ملواكبة متطلبات
التكنولوجيا احلديثة ،الشرط األساسي لتطور هذه املؤسسات وتطور االقتصاد اجلزائري.2
إن للسياحة غاايت من املمكن إدراكها بسهولة ،فهي القطاع األكثر جذاب لالستثمارات األجنبية
املباشرة وهي القطاع الذي ميكن أن يسهم يف تطوير القطاعات األخرى ،ولذا نرى أن السيادة يف بعض الدول
حتتل مكانة مرموقة من بني القطاعات األخرى يف االقتصاد انطالقا مما تدره من النقد األجنيب ،ويف احلقيقة إذا
كما أريد أن تكون للسياحة مكانتها الالئقة هبا يف اجلزائر ،فإن الطريق املؤدية إليها ال تزال يف بدايتها ومع ذلك
-تسخري وسائل اإلعالم للتعريف ابلكنوز السياحية املتنوعة اليت تزخر هبا بالدان.
-وضع اسرتاتيجيات سياحية ترتكز على املنطق وتنبثق من واقع اجلزائر وتنفتح على الثقافات
-إنشاء معاهد متخصصة يف السياحة تعمل على إرساء ثقافة سياحية لدى القائمني على املرافق
السياحية املختلفة كل يف موقعة ولدى املواطنني بواسطة اإلشهار للتمكن من استمرارية اجلهود
-صياغة منوذج لكل منطقة من املناطق السياحية ،حبيث ينفرد كل منوذج عن اآلخر مبا يتالءم
-إتقان اللغات األجنبية األكثر رواجا يف العامل كاللغة اإلجنليزية من طرف املرشدين إلمكانية التحاور
-وجوب التحلي ابللياقة األدبية يف التعامل مع السياح ،حمليني كانوا أم أجانب وال ميكن أن حيدث
-اعتماد الصدق يف الكلمة والتفاين يف العمل واحلفاظ على األمانة والرزانة يف التعامل.
1هدير عبد القادر ،واقع السياحة يف اجلزائر وآفاق تطويرها ،مذكرة ماجستري ،جامعة اجلزائر ،2006 ،ص .200
58
جيب إعادة االعتبار لقطاع الفالحة من خالل سياسة استثمارية جريئة وذلك إبنشاء السدود ،الشيء
الذي يساعد على تنشيط خمتلف املنتجات الزراعية خاصة احلبوب إىل جانب تشجيع البحث الزراعي وزايدة
الدعم املقدم هلذا القطاع ،حيث أن اجلزائر ال تقدم سوى % 5من الدعم إىل الزراعة ،يف حني أن املنظمة
العاملية للتجارة تسمح بدعم أقصى قدره % 10وأن بعض الدول أعضاء فيها تطبق نسب جتاوزت بكثري هذا
إصالح املنظومة البنكية ،وذلك اببتعادها عن التسيري اإلداري وإتباعها األدوات وقواعد التسيري البنكي
املتعارف عليها دوليا ،فال يعقل أن تبقى 2800ملف طلب قروض مشاريع يف البنك الوطين اجلزائري معلقة
إن احلل األمثل لتطوير النظام املصريف اجلزائري هو خبصخصة البنوك العمومية اليت تعرف ابخلدمة
الرديئة لغياب املنافسة ،فكما هو احلال اليوم نرى الرتدد الواضع من طرف احلكومة احلالية يف فتح رأمسال بنك
القرض الشعيب اجلزائري رغم أن هذا احلل هو األمثل لتطوير القطاع والذي ال مناص منه.
تقدمي الدعم إىل بعض الصناعات ،حيث أن ترتيبات النظام اجلديد للتجارة تسمح بتقدمي أنواع عديدة
من الدعم الصناعية خاصة الدعم املقدم لربامج البحث والتطوير ،حيث ال تتجاوز نسبة نفقات البحث والتطوير
يف اجلزائر إىل الناتج الوطين اإلمجايل % 0.3وهي نسبة ضعيفة جدا ،لذلك جيب تشجيع مشاريع البحث
طريقها إىل التطبيق ،وذلك بتوطيد العالقة بني اجلامعات ومراكز البحث واملؤسسات واإلدارة االقتصادية الشيء
وذلك بنهج سياسة إعالمية انجحة ووضع برامج إعالمية كاملة للرتويج عن جماالت وأدوات االستثمار
يف اجلزائر وتوفري املعلومات املالية اإلحصائية الالزمة للمستثمرين إضافة إىل استعمال بورصة اجلزائر كوسيلة
خلوصصة املؤسسات العمومية واالستعانة ابخلربات والتجارب األجنبية وتوفري الكادر املؤهل لتسيريها وتطوير
التشريعات والقوانني املديرة هلذه البورصة تتالءم مع التطورات العاملية يف هذا اجملال.2
جاء قرار انضمام اجلزائر إىل املنظمة العاملية للتجارة يف واقع األمر كنتيجة حتمية إلجراء سابق يتمثل
يف التزام اجلزائر بتطبيق برانمج التعديل اهليكلي والذي ينص بصريح العبارة على توظيف بعض اآلليات اليت تؤثر
على عنصر العرض خصوصا (كالتعديل اجلبائي ،اخلوصصة ،تشجيع االستثمارات ،حترير األسعار واملبادالت
التجارية من وإىل األسواق اجلزائرية) ،فالسلطة اجلزائرية تراهن على حتقيق اإلصالح االقتصادي بشقيه الكلي
1موازي بالل ،االستثمار والتنمية االقتصادية جتربة اجلزائر ،مذكرة ماجستري ،جامعة اجلزائر ،2003 ،ص .152
2مروان عطون ،األسواق املالية والنقدية ،اجلزء األول ،ديوان املطبوعات اجلامعية ،اجلزائر ،1993 ،ص .112
3مروان عطون،املرجع السابق،ص.112
60
واجلزئي انطالقا من برانمج التعديل اهليكلي ،والذي يتزامن مع سنة 1998يعين انتقال االقتصاد اجلزائر إىل
فلك االقتصادايت اليت تعتمد على آليات السوق وحتقيق األهداف التالية:
ابستثناء التوازانت االقتصادية الكربى املتمثلة يف حترير املبادالت التجارية وحترير األسعار ورفع الدعم
من مواد االستهالك والشروع يف خوصصة املؤسسة العامة اليت كانت حمور التنمية يف العهود السابقة ،فإن احملللني
االقتصاديني الوطنيني والدوليني جيمعون على أن التوازانت االقتصادية اجلزائية وعلى مستوى اجلهاز اإلنتاجي
فتحرير املبادالت التجارية يف غياب أو ندرة املنتوج اجلزائري وما يعانيه من مصاعب على املستويني
الكمي والنوعي ،جنم عنه تدفقات سلعية أجنبية غزيرة إىل األسواق الوطنية واليت حتمل عالمات جتارية متنوعة.
إن هذا التحرر التجاري غري املتكافئ برزت آاثره السلبية على املدى القصري حبيث أصبحت السلع
األجنبية بديال منافسا للمنتجات الوطنية وال ندهش إذ قلنا أن كثريا من املؤسسات اإلنتاجية العمومية واملتخصصة
يف النسيج وحتويل املواد الكيمياوية وغريها تعرضت إىل هزات عنيفة أودت هبا يف النهاية إىل احلل والتصفية أو
إىل اخلوصصة.
إن انفتاح السوق اجلزائرية على الشركات األجنبية قد يؤدي إىل إشراك املؤسسات اجلزائرية يف امتحان
61
إلزام املؤسسة اإلنتاجية اجلزائرية على طرح وبيع منتجاهتا يف األسواق العاملية حتت عالمة منتوج
جزائري ،لكن الواقع الذي تعيشه هذه املؤسسات مبختلفة أشكاهلا صغرية متوسطة ،كبرية ،خاصة أو عامة ال
مما سبق يتبني لنا أن اجلهاز اإلنتاجي لالقتصاد اجلزائري ومبختلف مكوانته يفتقد إىل الكفاءة التنافسية
إن هذه العوامل سامهت يف إنعاش اقتصادايت الدول املتقدمة ومكنتها يف احملافة على تفوقها اإلنتاجي
إن هذا التحفظ ال يعين البتة الرجوع إىل السياسة االقتصادية التقليدية ،واليت تكرس سياسة احلماية
وغلق األسواق واحتكار السلطات العمومية للتجارة اخلارجية ،بل أنه من الضرورية توفري احلد األدىن من الشروط
والظروف اليت متكن االقتصاد الوطين من اإلقالع ودفع بقوة جهازي اإلنتاج والتوزيع ألن يقوما مبا هو مناط
هبما.
املطلب الرابع:اخلوصصة
أصبح من شائع على أمساعنا ،كلمات هامة مثل اخلوصصة واخلصخصة واخلوصنة ،ختتلف هذه
التسميات ابختالف اقتصادايت الدول ،ودرجة االهتمام ابلقطاع اخلاص ،وهذا املصطلح يشري إىل حقائق
رئيسية من أمهها تقلص االقتصاد االشرتاكي ،واحنصار ملكية الدولة وازدايد دور القطاع اخلاص.
فبعد سقوط املنظومة االشرتاكية اليت كانت متثل اإلحتاد السوفيايت والدميقراطية الشعبية ،صارت هذه
الدول حنو انتهاج سياسة اخلوصصة ،وإعطاء دور أكثر أمهية لقطاع اخلاص ويف عملية التنمية تقف الدول الكربى
واملؤسسات املالية وراء الدعوى إىل حتويل ملكية الدولة إىل القطاع اخلاص ،وجعلت من ذلك تصفية القطاع
62
العام كأحد أهم الشروط لتقدمي املساعدات املالية ،هذا إىل جانب الضغوطات اليت يفرضها النظام الدويل اجلديد،
واملتمثلة يف إعادة اهليكلة اليت تشكل نقطة التحول حنو االقتصاد السوق ،والقطاع اخلاص قد أبرز سيماهتا.
وقد أصبحت ظاهرة نقل امللكية من العام إىل اخلاص جتتاح العامل ككل فبعد قرن من التجربة مع
مناذج خمتلفة من االقتصاد االشرتاكي ،أصبحت هناك ضرورة بعدم تدخل الدولة يف حياة االقتصاد وترك اجملال
وكانت هذه من مجلة األسباب اليت أدت ابجلزائر لتتبىن هذا النمط االقتصادي يف حلة قانونية
هتدف من وراء ذلك ،التطلع االقتصادي الدويل اجلديد واملشاركة يف مجلة االتفاقيات االقتصادية وكذا الشراكة
األوروبية واملنظمة العاملية للتجارة بتحويل اقتصاد التنموي مييل إىل النوعية أكثر من الكمية ،وقد اختذت يف ذلك
مجلة من التشريعات تنظم هذه التحوالت من بينها قوانني خاصة ابالستثمار واخلوصصة ابدئة من ذلك أبوامر
متهيدية مهدت أرضية اليت تقام عليها هذه التحوالت إىل أن قررت اجلزائر وضع أمر خاص حيدد فيه اخلوصصة
كطريقة جديدة للتحول وإعطاء فرصة للقطاع اخلاص للخروج من العجز ومت ذلك أبمر 22-95املؤرخ يف 26
أوت .11995
وضحت فيه معىن اخلوصصة واختياراهتا واألجهزة املكلفة بتنفيذها ومل يشهد تعديل املبادئ األساسية
للخوصصة وإمنا مشل بعض املواد فقط وهي قليلة جدا ،كما جاء أمر 12-97املؤرخ يف 19مارس ،21997
كما شهد هذا األمر تعديال له وقد جاء كنتيجة لتعديل اجلانب التنظيمي للمؤسسات العمومية وهذا ما نص
عليه أمر 04-01املؤرخ يف 20أوت ،32001كما شهدت هذه األوامر تطبيقات عديدة من شركات هلذا
1
األمر 22-95املؤرخ يف 26أوت .1995
2األمر 12-97املؤرخ يف 19مارس .1997
3األمر 04-01املؤرخ يف 20أوت .2001
63
النمط كخوصصة جممع صيدال وفندق األوراسي وقطاع التأمني وقطاع املناجم وخوصصة املؤسسات املصرفية
ومشروع خوصصة الربيد واملوصالت والتعاقد مع شركة أوراس كوم وخوصصة اهلاتف النقال والنقل ،كشركة آل
اخلليفة وهذا ما سوف نتطرق له يف البحوث املستقبلية كل هذه املعطيات جتعلنا نطرح عدة إشكاليات هلذا
-ما أسباب ظهور هذا املفهوم اجلديد ،الدخيل على الدول النامية؟
-ما أنواع هذه األهداف وجماالهتا؟ وعلى ما تقع اخلوصصة ،وما هي اختياراهتا وإجراءاهتا املسبقة هلا؟
اختلف االقتصاديون القانونيون على كل شيء مبا يف ذلك التعاريف ومبادئ الكثري من املتغريات
االقتصادية ،1مبا يف ذلك إشكالية اخلوصصة ،ومبادئها األساسية من مفاهيم وأسباب وأهداف وأخريا شروط
نظرا لالختالف والتضارابت اخلاصة مبفهوم اخلوصصة ،هذا املصطلح اجلديد الذي اخرتق كل األبواب
فكان الكثري من تصادم حول تعريف اخلوصصة وجعلها مصطلح حمددا ،فمنهم من عرفها على أهنا
إلعادة ملكية القطاع العام إىل األفراد ،وتعين عند البعض اآلخرين جمرد العودة للعمل آبليات اقتصاد السوق دون
1حممد رايض األبرش ،نبيل مرزوق ،اخلصخصة (آفاقها وأبعادها) ،الطبعة األوىل ،دار الفكر املعاصر ،لبنان ،1999 ،ص .3
64
فما هي االختالفات الواردة على مفهوم اخلوصصة؟
فقد عرفها البعض على أهنا متثل مسألة حتويل األصول واملمتلكات ذات الطبيعة العمومية سواء أصوال
أو ممتلكات إنتاجية أو مالية جتارية أو خدمات وغريها إىل أصول وممتلكات ذات الطبيعة اخلاصة.1
ويقصد من هذا التعريف" :أهنا – اخلوصصة – تغري أو حتويل كل ممتلك عمومي اقتصادي إىل أصول
ومنهم من عرفها على أهنا توسيع امللكية اخلاصة ومنح القطاع اخلاص أمهية كربى يف االقتصاد ،أي
أن الدولة تقوم بتصفية القطاع العام (كليا أو جزئي) عن طريق عقود اإلجيار ،ومنح امتيازات ،وتسيري توسيع
امللكية اخلاصة إىل عدم اخلروج املفاجئ ،واملباشر للقطاع العام من النشاط االقتصادي ،وإمنا يشري إىل اخنفاض
1بوعشة مبارك ،اخلوصصة ابعتبارها إحدى األدوات األساسية لإلصالح االقتصادي ،عدد ،8جملة العلوم اإلنسانية ،جامعة قسنطينة،1997 ،
ص .151
2بوعشة مبارك،املرجع السابق،ص.152
65
ومن االقتصاديني الذين رأوا أهنا الوسيلة للتخلص من الوحدات اخلاسرة يف القطاع العام واليت تعين
أنه بتحول هذه الوحدات إىل القطاع اخلاص ستحقق إنتاجية ورحبية أعلى ،وكانت بريطانيا وأسرتاليا من الدول
الرائدة اليت طبقت هذا املفهوم ،رغبة يف انتشال اقتصادها من عثرة وذلك ابلتخلص من أنشطة الدولة اخلاسرة
وهناك من أدرج مفهوم فلسفي للخوصصة ،فريى أن املصطلح جاء رغبة منه يف التخلص من االقتصاد
االشرتاكي ابعتبارها فلسفة اقتصادية واجتماعية بدأت تتقلص من العامل ،وذلك نظري التحول حنو اقتصاد السوق
ومواكبة النظام العاملي اجلديد ،أي أهنا الرغبة يف التحول االقتصادي ودول أوراب هي الدول اليت اتبعت هذه
املفهوم وطبقته ألنه املفهوم الذي يناسب ظروفها ،بعض الدول اليت مازالت تتمسك ابلنموذج االشرتاكي مثل،
الصني وكواب وبدأت ابلفعل بطريقة بطيئة وغري معلنة تتبىن هذا املفهوم.
وهناك عدة تعاريف أفرزهتا مفاهيم اقتصادية مرتبطة ابملرودية والفائدة اليت حيققها السوق ،وكذا املنافسة
ويطلق عليها أيضا التخصص ،اخلوصصة ،التفريد ،التمليك للخواص ،إال أن التعاريف ترمجة لكلمة La
وابإلضافة للمفاهيم االقتصادية هناك أيضا مفاهيم قانونية وهذا ما سوف تتطرق له يف النقطة التالية.
مبا أن اخلوصصة حاليا هي ظاهرة متيز خمتلف السياسات االقتصادية اإلصالحية وبرامج إعادة اهليكلة،
ليس فقط يف البلدان النامية بل حىت يف البلدان املتقدمة ،وحىت يف مفهومها احلديث – اخلوصصة – ال تعين
اختفاء أو تراجع كبري لدور الدولة يف تنميتها االقتصادية واالجتماعية والثقافية حتت إشراف الدولة الوطنية
66
ومازالت اخلوصصة تواجه مطالبني بضرورة اإلبقاء على بعض األنشطة حتت إشراف السلطات العمومية أو
املؤسسات العامة.1
أما على املشرع اجلزائري فتعين اخلوصصة يف ظل األمر 22-95املؤرخ يف 29ربيع األول عام
1416املوافق يف 26أوت 1995املتعلق خبوصصة املؤسسات العمومية ،يف املادة ،1فتنص على أن القيام
إما بتحويل ملكية كل األصول املادية أو املعنوية يف مؤسسة عمومية أو جزء منها أو كل رأمساهلا أو
إما حتويل تسري مؤسسات عمومية إىل أشخاص طبيعيني أو معنويني اتبعني للقانون اخلاص.
ذلك بواسطة صيغ تعاقدية جيب أن حتدد كيفيات حتويل التسيري وممارسته وشروطه "ونالحظ أنه من
خالل هذه املادة نلمس التعريف الذي أضافه املشرع على معىن اخلوصصة أهنا القيام مبعاملة أو معامالت تتجسد
يف حتويل ملكية األصول املادية كلها أو جزء منها إىل أشخاص طبيعيني أو معنويني اتبعني للقانون اخلاص أو
حتويل التسيري املؤسسات العمومية إىل القطاع اخلاص ولكن يف حيز تعاقدي اليت تعدد طريقة وكيفية حتويل هذا
التسيري.
رقم 22-95املؤرخ يف 29ربيع األول 1416املوافق 26أوت 1995خوصصة املؤسسات العمومية 2جاء
ليحدد مفهومها يف ملكية الرأمسال االجتماعي للمؤسسات العمومية بصفة مباشر أو غري مباشرة لألشخاص
1عبد الوهاب مشام ،دراسة حول اخلوصصة والتحوالت اهليكلية ،العدد ،8جملة العلوم اإلنسانية ،جامعة قسنطينة ،1997 ،ص .194
2املادة 1من األمر 22-95املؤرخ يف 29ربيع األول 1416املوافق لـ 26أوت 1995املتعلق خبوصصة املؤسسات العمومية.
67
املعنويني التابعني للقانون العام ويعين ذلك كل ما يدخل يف رأمسال العام مبا فيه االشرتاكيات ،األرابح ،اخلسائر،
ملكية تعين اخلوصصة ،ابإلضافة إىل األصول املكونة لوحدة مستمرة مستقلة عن املؤسسات التابعة للدولة ،أما
التعريف الذي جاء به أمر 04-2001املؤرخ يف 1مجادى الثانية عام 1422املوافق لـ 20أوت 2001
املتعلق بتنظيم املؤسسات العمومية االقتصادية وتسيريها ،1وخوصصتها يقصد ابخلوصصة كل صفقة تتجسد يف
نقل امللكية إىل أشخاص طبيعيني أو معنويني خاضعني للقانون اخلاص من غري املؤسسات العمومية وتشمل هذه
امللكية:
كل رأمسال املؤسسة أو جزء حتوزه الدولة مباشرة أو غري مباشرة أو األشخاص املعنويون اخلاضعون
للقانون العام ،وذلك عن طريق التنازل عن أسهم أو احلصص اجتماعية أو اكتتاب لزايدة يف الرأمسال وكذلك
األصول اليت تشكل وحدة استغالل مستقلة يف املؤسسات التابعة لدولة ،فهنا املشرع بني لنا مفهوم امللكية املراد
خوصصتها.2
كما تعترب اخلوصصة طريقة من طرف االستثمار وذلك جللب أكرب قدر ممكن املستثمرين سواء وطنني
أو أجانب وذلك يظهر جليا يف عبارة اإلعادة اهليكلة ابستعادة النشاطات يف إطار خوصصة جزئية أو كلية هذا
من املعروف أنه لكل شيء سبب ،للخوصصة طبعا كذلك أسباب هي اليت أدت إىل خلق هذا املبدأ
– اخلوصصة –.
لكل تغري أو حتول أسباب ودوافع قد تكون اقتصادية حمضة أو سياسية وحىت أسباب اجتماعية ودرسنا
يف هذا املطلب هذه األسباب حيث قسمناها إىل فرع أول درسنا األسباب السياسية من انحتني داخلية وخارجية
والفرع الثاين درسنا أسباب اقتصادية أما الفرع الثالث فكان من نصيب األسباب االجتماعية.
يعترب اجلانب السياسي يف أي دولة كانت الطابع واملنهج الذي يعكس النظر الداخلية هلذه الدولة،
ويعترب كذلك معيار يقاس به اجلانب التنموي هلا يف مجيع اجملاالت وبفساده تفسد مجيع اجملاالت األخرى،
اقتصادية ،اجتماعية ،ثقافية ،قانونية ...إدن إن اإلعتبار السياسي تداخل يف مجيع قطاعات الدولة داخليا
وخاصة القطاع العام الذي يعترب املسرح األول لعرض العمليات السياسية لكبار املسئولني ،إذن فاخللل الذي
وأصبحت البريوقراطية تتغلغل داخل هذا القطاع ابلرغم من تطعيمه بعناصر تنفيذية وإدارية وتقنية
جديدة ،وأ صبح هذا القطاع يتفكك هبيئاته وأنشطته وكان من األفضل أن يرتك إىل القطاع اخلاص" ،كما أن
تسري هذا القطاع أصبح يطغى عليه اعتبارات سياسية يف تعني كبار مسؤويل اإلدارة" ، 1حيث أصبح فعال هذا
69
القطاع يتم فيه تعني كبار مسؤويل اإلدارة والشؤون الفين ،مما أدى إىل انعدام طابعها اإلداري وحتول إىل طابع
سياسي حمظ ،يتماشى وفق لسياسات سياسية معينة خططت هلا للوصول إىل أغراض معينة ،ومنهم من يرى أن
اجلانب السياسي قد قدرة اإلدارة على التحكم يف جانب تسيري وحىت يف حجم العمال ،1وهذا اخللط أدى إىل
وأن هذه األسباب السياسية الداخلية ليست وحدها كافية خللق هذا املفهوم – اخلوصصة – بل
تدخلت أسباب سياسية خارجية أملتها علينا املنظمات الدولية واملؤسسات املالية العاملية يف شروط وأدوات
اقتصادية ،لكنها كانت ذات بعد سياسي مستغلة للوضع الداخلي املتدهور الذي ألت إليه البالد ،ويتمثل هذا
البعد يف القضاء على النظام االشرتاكي من جذوره إبدخال الدول اليت كانت سابقا اشرتاكية يف النظام األحادي
"الليربالية" واالقتصاد احلر وهذه امليكانيزمات املالية الدولية أعطت بعد للوصول إىل نتيجة واحدة هي حسب
ولذلك وجدت اجلزائر نفسها حتت رمحة إيديولوجية أحادية الفكر والفلسفة ،اليت تشرع حسب
مصاحلها اخلاصة االقتصادية والسياسية ،لذلك قامت ابإلصالحات االقتصادية واهليكيلية تتكيف مع الوضع
اجلديد من خالل وضع التشريعات وفق منهج يتجاوب مع اإلسرتاتيجية األمريكية ألن هذه األخرية هي اليت
متلك حق املوافقة يف التمويل من عدمه وتوجيه رؤوس األموال ونقل التكنولوجيا إىل الدول حسب إرادهتا املنفردة،
70
لقد رجح الكثري من رجال السياسة والقانون واالقتصاد إىل أن سبب اخلوصصة هو سبب اقتصادي
حمظ ،ذلك نظرا للخلل الذي أصاب اهليكل االقتصادي برمته وإن اجلزائر كغريها من الدول تعاين من اخنفاض
معدالت التنمية على املستوى االقتصادي وهذا ما ملسناه جليا يف العشرية األخرية بعدما تفاقمت املشاكل
جبوانبها املختلفة.
فاجلزائر أصبحت تعاين من العجز يف ميزانيتها العامة اجتاه األعباء واملصاريف وهلذا فهي ترى أهنا
حتاول ختفيض اإلنفاق العام بقدر اإلمكان ،وال ميكن أن يتم ذلك إال من خالل ختلص الدول من جزء األنشطة
العامة وجعل القطاع اخلاص يقوم ملا فيبقى هو املسؤول الوحيد واحملتمل لتكلفتها.1
وهلذا ترى الدولة برانمج اخلوصصة يهدف إىل حتقيق االتفاق العام ورفع العبء عن الدولة ،ومحايتها
من وجودها يف جمموعة ديون ال تستطيع اخلروج منها ،كما أهنا ترى يف اخلوصصة اجتاه موجب وهو محاية
املؤسسات الفاشلة من االختفاء وزايدة التدفق يف خزينة الدولة ،كما يرى بعض احملللني أن السبب االقتصادي
وفعال هذا القطاع مت اإلفراط يف تكاليفه حىت أصبحت نسبة تدعيمه تفوق نسبة فوائده وإنتاجيته.
وكذلك سوء اختيار التكنولوجيا املالئمة للمشاريع ،فهذا أيضا سبب يف انعدام سياسة املخططات
التنموية الصحيحة وانعدام املنهجية اليت ال تتماشى مع الوضع االقتصادي ،وأدى هذا أيضا إىل عدم قدرة الدولة
على مواجهة العجز وانعدام الرقابة املالية وتراكم املخزون وابلتايل مشاكل متعلقة ابلسيولة ابإلضافة إىل سواء
اختيار الفنيني من ذوي اخلربة والكفاءة العالية اليت ال تتماشى مع تكنولوجيا املشاريع ،رغم وجود %30من
املؤسسات العمومية االقتصادية والتقليل من هيمنة احتكار املؤسسات العمومية مع إدخال عنصر املنافسة لتوفري
وحتسني نوعية اخلدمات وتطوير اإلدارة وجلب تقنيات جديدة من خالل الشراكة األجنبية.2
أما على املستوى اخلارجي فكان البد على اجلزائر أن تدخل بعض التقنيات لرفع املستوى االقتصادي
تتماشى والوضع االقتصادي واخلارجي سواء جمربة أو خمرية يف إتباع سياسات جديدة تتلوها مجلة تشريعية لضبط
• ضغوطات املؤسسات العاملية املالية يف انتهاج سياسة اقتصادية تتماشى مع شروطها ومقتضياهتا
(كصندوق النقد الدويل ،البنك العاملي ،اتفاقية الشراكة احلديثة واملنظمة العاملية للتجارة) اليت
• تقلبات يف أسعار النفط والبرتول وأسعار الفائدة خاصة اليت تعترب النفط من ضرورايت التصدير.
• فتح االقتصاد اجلزائري على االقتصاد الدويل ومتكينه من جماهبة املطالب املتزايدة للسكان.3
• حماولة رفع اجلودة للدخول يف املنافسات الدولية ابلتنسيق مع الصندوق النقد الدويل إلنعاش
القطاع الصناعي.
• عدم التمكن من التوصل إىل التحكم التام يف جمال الواردات ونذكر على السبيل املثال حجم
الزراعة الذي بلغت وارداهتا 2.5دوالر سنة 1995وهذا مؤشر سليب "اختالل امليزان التجاري
الوطين".
إن ضالة اإلنتاج اليد العاملة الفنية واخلربة وكثرة البطالة أدى إىل عدم االلتزام ابلقواعد انضباط السلوك
االجتماعي ،وكذا ظهور التالعبات االجتماعية يف صور احملسوبية وعدم احملاسبة واإلمهال وانعدام ما يسمى بروح
املساءلة.
وهلذه األسباب رأوا من األجدر – االقتصاديني – أن يتكفل القطاع اخلاص وميتص هذه املشاكل
كما أن اخلوصصة هي وسيلة للقضاء على التواكل واحملسوبية وعدم التغاضي على احملاسبة املخطئني
وللخوصصة ابب واسع يف فتح اجملال أمام حىت عما ،للمسامهة يف العروض املعتادة للمسامهة أبسهم وال تنسى
أنه – اخلوصصة – تفتح جمال لتكنولوجية اليد العاملة للمشاركة يف عجز القطاع االقتصادي.
وتعترب اخلوصصة كهدف يف حد ذاهتا ،قد تعطي العملية أبعاد سياسية وإيديولوجية أكثر منها اقتصادية.1
73
إذا قلنا أن اخلوصصة هتدف إىل جعل املؤسسات أكثر جناعة ذات فعالية أكثر يف القيام مبختلف
وظائفها ،فإن السؤال الذي ميكن طرحه هو هل من الضروري خوصصة مؤسسة ما حىت تصبح مرحية وفعالة؟
لإلجابة على ذلك تتطلب منا متييز بني اخلوصصة كهدف يف حد ذاهتا واخلوصصة كوسيلة من
الوسائل الرتشيد الوطين ،واالنتقال به إىل اقتصاد السوق ،هذا التميز هو الذي يسهل عملية اختيار منط اخلوصصة
وأدواهتا األكثر مالئمة مع ظروف االقتصاد والبلد املطبقة فيه وهذه األهداف ذكرانها يف فروع التالية:
من أهم األهداف السياسية الداخلية للخوصصة أهنا حتقق تدرجييا التماشي مع قواعد االستثمار على
املستوى الوطين ،وذلك برفع العجز الذي آلت إليه املؤسسات العمومية ذات الطابع االقتصادي ،وكذلك جلب
أكرب قدر ممكن من املستثمرين وبشكل دقيق لطمأنة هؤالء جيب أن تكون الدولة ذات سياسة مستقرة تشريعيا
وقانونيا وحق من الناحية األمنية وكذلك إعطاء حقوق دستورية لدى ننادي بتعديل الدستور ليكون موازي
للقوانني األخرى ،وخاصة مبدأ احرتام احلقوق وامللكيات املكتسبة اليت تبىن عليها عملية االستثمار ،كطريقة من
طرق اخلوصصة وكذلك احرتام إجراءات نزع امللكية للمنفعة العامة واالبتعاد عما يسمى ابلنزع االرجتايل ،كذلك
من أهداف اخلوصصة االبتعاد عن سياسة الدعم يف التسيري والتخفيف من تكاليف اإلنتاج من خالل إزاحة
74
احلواجز البريوقراطية والسرعة يف اختاذ القرارات وجتديد أساليب سياسية ،وجعلها تواكب أحدث وأحسن الطرق
لصريورة املؤسسات.1
أما على املستوى السياسي اخلارجي فتهدف اخلوصصة إىل التطلع إىل الفكر العاملي االقتصادي
اجلديد عن طريق هاته األطر السياسية وذلك بدخول اجلزائر كمصدر يف االتفاقيات الدولية واملنظمات العاملية
كشرط من شروط انضمامها هلا ،وكهدف من هاته املنظمات لطغيان املفهوم الليربايل يف العامل ،وهذا جللب
املستثمرين األجانب وكان البد من الدواة اجلزائرية أن تغري من تشريعاهتا اليت ال تتماشى وفقا هلذه السياسات
مثال ضمان مبدأ احرتام احلقوق وامللكيات اليت يشغل فيها األجنيب جزء كبري ولذلك كان البد من وضع امتيازات
وضماانت أكثر جناعة لثبات هذا املستثمر داخل الوطن مثال على ذلك احرتام حقوق امللكية املكتسبة وقد
إن اهلدف السياسي كان له أثر اقتصادي الذي أجنز عنه عدم الفصل بني السياسة واالقتصاد وهلذا
متثل هذه األهداف على املستوى الداخلي يف إنعاش االقتصاد الوطين ورفع العجز عنه:
• زايدة إيرادات الدولة من الواردات املالية خاصة يف فرتات نقص هذه املوارد.
• فسح اجملال للمبادرة اخلاصة والتقليل من التحكم احلكومي يف النشاط االقتصادي أي انسحاب
التدرجيي للقطاع العام من ميادين اإلنتاج ابالستثناء البعض منها ذات األمهية احليوية واإلسرتاتيجية
75
• ختلي الدولة عن القيام مبساعدات العاجزة أو ذات مردودية ضعيفة (القضاء على سياسة الدعم).
• زايدة فرص االستثمار أمام رؤوس األموال املتداولة خارج القنوات الرمسية لالقتصاد الوطين :السوق
السوداء.
• إعادة الثقة يف هيكل وقنوات االقتصاد الوطين جيلب االدخار احمللي واخلارجي.
• ختفيف تكاليف اإلنتاج من خالل إزاحة احلواجز البريوقراطية والسرعة يف اختاذ القرارات.
• جتديد أساليب اإلدارة واإلطارات املسرية ،وجعلها تواكب أحسن وأحدث أساليب الطرق العاملية
وكنتيجة لألهداف االقتصادية كانت هناك ،كذلك أهداف اجتماعية تتطرق هلا يف النقطة التالية.
تتمثل أهداف اخلوصصة يف هذا اجلانب يف اخنفاض يف الفوارق الطبقية إلعطاء الفرصة للمشاركة
االجتماعية يف التسيري واإلنتاج داخل هذا القطاع االقتصادي ،يف املؤسسات ابإلضافة إىل حتول النقاابت العمالية
من مناقضني إىل مناصرين لعملية اخلوصصة ،وهذا ما يؤدي إىل كسب التأييد السياسي إلقناع هذه املؤسسات
بعمليات اخلوصصة وكذا بيع منازل الدولة إىل سكان وذلك بتحويل القاعدة العقار "يف القطاع العام إىل مشرتي
خاص مع شرط احملافظة على أهداف املؤسسة وبعض الشروط اخلاصة اليت تشرتط هلا يف اجلانب القانوين
للخصوصية ،عما يرى البعض منهم أن هذه األخرية الطريقة االستثمارية اهلدف منها امتصاص البطالة وإعطاء
الفرصة ملشاركة اليد العاملة اخلرية والفنية يف تسيري وشراء هذه املؤسسات لتطبيق خرباهتم الفنية فيها ،ونالحظ
76
لقد وضع املشرع اجلزائري ،منهجية الختيار املؤسسات اليت وقعت عليها اخلوصصة ،وإجراءات مسبقة
يتوفر كل هذه األسباب واألهداف وجب يف املرحلة احلالية اختيار املؤسسة القابلة للخوصصة
واإلجراءات املتبعة يف اجملال هذا ما سنتكلم عنه يف املطلب الرابع الذي أدرجناه يف نقطتيني:
ملعرفة التجربة اجلزائرية يف اخلوصصة ،وما كان اختيارها يف هذا اجملال وجب إدراجها يف النقطة التالية.
املؤسسة العمومية يف اجلزائر تشغل جانب هام ملسامهتها يف التنمية االقتصادية ،وهذا ما جعلها من
جانب االجتماعي والسياسي هي اللبنة األساسية لتطبيق الواقع احلقيقي لالقتصاد ،ورغم ذلك فهي تشهد
صعوابت ليست جبديدة علينا منذ مدة طويلة ،والشيء الذي جعل هذه األخرية يف الواجهة ،هم املؤسسات
املالية ،العاملية اليت أفرزت لنا ما يسمى إبعادة هيكلة املؤسسات العمومية اجلزائري ،وأقرنتها إبجراءات أخرى
تتعلق بربامج اإلصالحات اهليكلية ،وهلذا وقع االختيار على املؤسسة العمومية االقتصادية ،للنهوض من العجز
واألزمة اليت أصابت القطاع العام ،وذلك بعد مفاوضات مرة على مراحل عديدة منذ 1994مع هذه املؤسسات
املالية وكنتيجة هلذه املفاوضات أمليت علينا شروط للدخول يف اقتصاد السوق املنظم ،وكانت اخلوصصة هي
برانمج إلعادة هيكلة هذه املؤسسات ،1وكذلك بسبب االختيار الذي وقع على هذه املؤسسات ،هو دورها
الفعال واألجنع يف االقتصاد الوطين ففشل هذا األخري مرهون بفشل هذه املؤسسات العمومية ،وقد آلت هذه
1
Leila abdeladim : les privatisations d’entreprises publiques dans les pays du Maghreb
(Maroc-Algérie-Tunis) les éditions internationales septembre 1998, page 24-25.
77
املؤسسات إىل تدهور واحنطاط بسبب ضعف النفقات العمومية اليت تدعمها وأصبحت الدولة تفرط يف تكاليفها
ابلرغم من تطعيمها جبملة من التشريعات مثل قانون 01-88املؤرخ يف 22مجادى األوىل 1408
املوافق لـ 12يناير 1988واملتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية االقتصادية املعدل واملتمم وكذلك
قانون 02-88املؤرخ يف نفس السنة املتعلق ابلتخطيط املعدل واملتمم للقانون 03-88املؤرخ يف نفس السنة
واملتعلق بصناديق املسامهة ،القانون 04-88املؤرخ يف نفس السنة الذي يعدل ويتمم القانون التجاري وحيدد
القواعد اخلاصة املطبقة على املؤسسات العمومية االقتصادية ،إال أن هذه املؤسسات بقية تشكو من العجز
الذي أصاهبا فكانت الدولة جمربة االختيار هذا النمط االقتصادي كمخرج أيمل فيه ،رفع السياسة التنموية
لالقتصاد اجلزائري ،وكي جنسد هذا االختيار وجب املرور ابإلجراءات مسبقة للخوصصة.
لتطبيق اخلوصصة البد من توفر إجراءات مسبقة تضمن تسهيالت على أرضية الواقع ونذكر هذه
• البد كأول خطوة أن تكون املؤسسات العمومية االقتصادية قد مت تطهريها وتعزيز قدراهتا اإلدارية
أي إجراء تقدمي علمي وصارم ألصول هذه املؤسسات حىت وإن تطلب ذلك االستعانة خبدمات خرباء
بغرض إقناع املؤسسات العمومية وخاصة أبمهية املؤسسة ومن مث اختيار اسرتاتيجيات اليت حتقق أكرب
قدر ممكن من التأييد السياسي ولتويل اخلوصصة وتنفيذها جيب أن يتوىل وضعها متخصصون مدرسون يف
امليدان.1
وإنشاء وزارة خاصة (جهاز خاص) خيول له مهام برانمج اخلوصصة املتكامل ،وكذلك إعادة هيكلة
النظام املصريف مبا خيدم التوجيهات اجلديدة واملتطلبات ملرحلة االنتقالية وابإلضافة إىل وضع اإلطار القانوين
لعمليات إنشاء املؤسسات ،املنافسة ،إبرام العقود ،اإلفالس ،احملاكم املختصة بذلك اخل...
إصدار قانون للعمل حيدد طبيعة العالقات بني أرابب العمل والعمال خاصة يف جماالت :التوظيف،
التسريح ،األجور ،التعويضات ،التأمينات ،اخل ،...أي بتعبري آخر لتهيئة الظروف لظهور سوق للعمل وقد
تستغرق عملية توفري مثل هذه الشروط حسب بعض الباحثني ما بني 5إىل ،10كل هذه التقنيات جاءت
تفاداي لألخطاء املعتادة للوقوع فيها بسبب انعدام التخطيط وانساب الوظائف واألجهزة لغري متخصصيها وغياب
اإلسرتاتيجية الواعية.
ويعترب األمر 22-95هو القاعدة األولية يف تبين اخلوصصة ،كمبدأ للنهوض ابالقتصاد الوطين.
-فما هي أهم املبادئ اليت جاء هبا األمر 22-95املؤرخ يف 26أوت 1995؟
79
وقد حدد هذا األمر يف أربعة طرق تطبيقية للخوصصة ،ميكن اللجوء إىل إحداها لنقل وحتويل عملية
ملكية ملؤسسة ما إىل شخص طبيعي أو معنوي خاضع للقانون اخلاص ،كما أشار إىل األجهزة املكلفة بتنفيذها
على التجاوزات يف هذا امليدان وهذا ما أدى إىل تقسيم ثالثة نقاط:
يشمل املؤسسات اليت متتلك فيها الدولة جزء من رأمساهلا أو كله بتحول ملكية كل األصول املادية أو
املعنوية يف املؤسسات أو جزء منها ،لصاحل أشخاص طبيعيني أو معنويني اتبعني للقانون اخلاص ،ويهم هذا األمر
املؤسسات التابعة للقطاعات التنافسية ويظهر الدولة لضمان استمرارية اخلدمة العمومية عندما ختوصص مؤسسة
عمومية تضطلع مبهمة اخلدمة العمومية ألن ذلك ميس هدف عام بصفتها صاحبة السلطة والسيادة يف حتقيق
املنفعة العامة ،وال ينطبق هذا القرار أو يرخص له إال أذا كانت الغاية من املؤسسات هذه إصالح املؤسسات أو
80
ويقصد بذلك أن اخلوصصة مسموح هبا بشرط اإلبقاء على مناصب الشغل كليا أو جزئيا ،ابإلضافة
إىل إبقاء املؤسسة يف حالة نشاط ملدة 5سنوات كحدة أدىن ،ويقصد من ذلك إعادة اعتبار وحتديث املؤسسة
مع شرط يدرج لدى الشخص اخلاص املشرتي للمؤسسة وإبقاء املؤسسة يف نفس التشغيل وملدة 5سنوات هذا
وقد تعرض املشرع اجلزائري للسهم النوعي يف املادة 07من األمر 22-95وهو الشخص ليس
خاص ابجلزائر فقط بل جنده أيضا موجود يف إجنليز وفرنسا حيث جاءت به السيدة أتشر سيدة العامل احلر اليت
أو ما يسمى ابلسهم الذهيب الذي نقله الفرنسيون ابسم l’action spécifique
وهذا األسلوب يكون بغرض زايدة رأمسال أو التوسيع للمؤسسة العمومية ،وأتخذ هذه اخلوصصة
طابع احتفاظ الدولة جبزء من األسهم أو أبسهم خاصة (السهم الذهيب) للمحافظة على إمكانية التدخل يف
جملس اإلدارة وتوجيه االستثمارات أو الرقابة على عمل املنشأة بعد ختصيصها وتلجأ عادة هلا الدولة يف القطاعات
اإلسرتاتيجية األساسية ،وهذا السهم أقرنه ملدة 5سنوات للحفاظ على نشاط املؤسسة.1
ولن يطبق هذا األمر على مجيع املؤسسات االقتصادية العمومية بل أهنا حددت على سبيل احلصر
هذه املؤسسات كما جاء يف برانمج اخلوصصة ،خيضع إلعداد قائمة املؤسسات املعينة ابخلوصصة وهذا حسب
ما جاء يف نص املادة 2من األمر 22-95املؤرخ يف 26أوت 1995ويكون هذا التحول داخل دفرت
81
الشروط منصوص عليه وهذا األخري اخلاص حبقوق وواجبات املتنازل واملتنازل له وقد نصت عليه املادة 6من
األمر نفسه ،أما عن طرق اخلوصصة فسوف نتطرق هلا يف النقطة التايل:
وخصص لكل طريقة فصل مستقل من الباب الرابع من هذا األمر وهذه الطرق قسمناها كالتايل:
1
-1التنازل عن طريق السوق املالية.
املادة 25حتتوي على فقرتني وتنص على ما يلي "ميكن أن يتم التنازل ابللجوء للسوق املالية ،حسب
الشروط القانونية والتنظيمية املعمول هبا ،إما بعرض بيع أسهم وقيم منقولة أخرى يف بورصة القيم املنقولة ،وإما
بعرض علين للبيع بسعر اثبت وإما بتضافر هذين األسلوبني معا وينبغي عند الدخول إىل بورصة القيم املنقولة أن
82
يكون حتديد السعر األول مساواي على األقل لسعر العرض الذي حدده اجمللس "ومعناه أن هذه الطريقة تعين
طرح املؤسسة العمومية املراد بيعها يف السوق املالية أو البورصة وهذه الطريقة ضبطت أبسلوبني اختياريني حددمها
املشرع يف هذه املادة على سبيل احلصر ال املثال ،ومها أسلوب عرض بيع األسهم والقيم املنقولة األخرى يف
بورصة القيم املنقولة أو بعرض علين للبيع بسعر اثبت أو بدمج األسلوبني معا" تتطلب هذه الطريقة وجود سوق
مالية نشطة وشفافية عالية يف تقييم أوضاع املنشآت املطروحة للبيع ،وختضع إىل شروط قانونية وتنظيمية كأن
يكون حتديد السعر األول مساواي على األقل لسعر العرض الذي حدده جملس اخلوصصة.
ويتم يف هذين األسلوبني وجود وسيط سواء من مؤسسات مالية عامة أو مؤسسات أسهم تعمل
رئيسيا بصفتها رئيسية جملمع الوسطاء يف عمليات البورصة مثال مؤسسة سوجيفي وكذلك سوفيكوب ،الراشد
املايل ،وكذلك شروط تتعلق ابألشخاص الطبيعية واملعنويني (املشرتي) كتحديد اهلوية واتريخ اإليداع واالسم
وابلضرورة حتديد نوع اخلوصصة جزئية أو كلية وحتديد مثن العرض واتريخ بداية بيع األسهم ،وكذلك
التكاليف املتعلقة ابلعملية كي تكون هذه طريقة داخل قالب قانوين حمض وهذا ما حددته املادة 26من األمر
22-95اليت تنص "حتدد شروط متلك اجلمهور لألسهم والقيم األخرى املعروضة للبيع وكيفية ذلك عن طريق
التنظيم" ،كما أن هذه الطريقة تتيح لصغار املدخرين املشاركة يف السوق املالية ولكن من الناحية العملية فكبارهم
غري أن هذه الطريقة هي قليلة التطبيق نظرا للوضع املايل للجهاز املصريف الوطين ،ابإلضافة إىل هذه
الطريقة يوجد طرق أخرى ومنها التنازل عن طريق املزايدة وهذا ما نتطرق له يف القسم .2
1دفرت الشروط ،اخلاص ابلعرض العمومي ،للبيع واخلاص ابصيدال ،الصادر يف .1998 / 12 / 24
2حممد رايض األبرش ،املرجع السابق ص .172
83
-2التنازل عن طريق املزايدة:
ويشمل ذلك كل مؤسسة مؤهلة للخوصصة أو أي جزء منها خاضع لذلك ويتم التنازل يف هذه احلالة
عن األسهم والقيم املنقولة األخرى وكذلك التنازل الكلي واجلزئي يف أصول املؤسسة العمومية القابلة للخوصصة
عن طريق مزايدة حمدودة أو مفتوحة اآلجال وسواء كانت هذه املزايدة وطنية أو دولية وهنا نلتمس اهلدف احلقيقي
من اخلوصصة واملتمثل يف فتح اجملال لالستثمار اخلارجي وإعطاء أكرب فرص ممكنة للمنافسة الوطنية واألجنبية
واشرتط املشرع اجلزائري يف هذه املادة بعض اإلجراءات كنشر هذه الطريقة "املزايدة يف جريدة رمسية
لإلعالانت القانونية ويبني هذا اإلعالن إذا ما تعلق مثال ابملزايدة ابألسهم منقولة تتضمن اسم املؤسسة العمومية
املعنية ومقرها االجتماعي ،وهدفها ورأمساهلا والنسبة املئوية لألسهم وكذلك شهادات االستثمار املتنازل عنها
ونشاط السوق ونتائج االستغالل للسنوات الثالثة األخرية وكذلك سعر عرض التنازل ،أما إذا تعلق األمر بتنازل
عن األصول فيجب ذكر اسم املؤسسة املعنية ومقرها االجتماعي وهدفها ورأمساهلا ،وابإلضافة إىل التحقق إذا
اقتضى األمر ،وجيب أيضا اإلشارة إىل هوية الشخص العمومي املالك وأجل تقدمي العروض السعر األدىن للعرض،
وجيب على هؤالء املشرتين أن توضع حتت تصرفهم املذكرة اإلعالمية عن الوضعية االقتصادية واملالية للمؤسسة
أو أصول موضوع التنازل ،كذلك دفرت الشروط الذي حيدد شروط التنازل القانونية واملالية االقتصادية
واالجتماعية.2
1املادة ،2من األمر 03-01املؤرخ يف 01مجادى الثانية ،1422املوافق لـ 20أوت ،2001املتعلق بتطور االستثمار.
2املادة 27من األمر .28-29
84
كما أن كراسة الشروط تضبط حتويل ملكية املؤسسات العمومية املخصوصة تسيريها يف دفاتر الشروط
اخلاصة اليت حتدد فيها حقوق املتنازل واملمتلك وواجباهتا وينص دفرت الشروط عند االقتضاء االحتفاظ املؤقت
ابلسهم النوعي إال يف فرتة ال تتجاوز 5سنوات وهي حاالت واردة على سبيل احلصر وهذا ما ذكرانه سابقا.1
وتنص املادة 28من األمر 22-95على شرط أن يكون سعر البيع على األقل مساواي لسعر
العرض ،كما جيب أن تقدم هذه العروض اخلاصة ابملمتلكني اليت يقدمها العارضون إىل رئيس اجمللس طبقا
للتشريع املعمول به وتتوىل اللجنة املعينة لفتح الظروف يرأسها رئيس اجمللس أو ممثليه وتتكون هذه األخرية من
عضو اجمللس خيتاره رئيسه وممثل وزير القطاع املعين وممثلني من جلنة املراقبة كما يبلغ العارضني بتاريخ وساعة فتح
هذه الظروف ،2أما الطريقة الثالثة فهي اليت سنتطرق إليها يف القسم .3
ونصت عليها املادة 30من هذا األمر وهي املادة الوحيدة الواردة بشأن خوصصة التسيري بينت طرق
حتقق اخلوصصة ،كذلك ألقت التزام على اجلهة العارضة أبن تقدم للعارضني املعنيني دفرت الشروط الذي من
شأنه حتديد شروط اخلوصصة يف هذا امليدان غري أن هذا النص مل حيلنا إىل عقود إجيار التسيري الواردة يف الباب
الثاين من القانون التجاري املادة 203و 214وما بعدها ،غري أن املادة 32من هذا األمر تعرض اهليئة على
احلكومة تقرير خيص ابللجوء إىل إجراء الرتاضي وتعيني املمتلك املقرتح أو املمتلكني املقرتحني للتفاوض يف التنازل
أو يف خوصصة التسيري وعند القيام هبذا اإلجراء األخري يكون هنا التفاوض إما للتنازل أو جملرد خوصصة التسيري
أو جملرد عقد إجيار مع اإلدارة أو عقد تسيري دون امتالك املؤسسة.3
1لعشب حمفوظ ،سلسلة القانون االقتصادي ،ديوان املطبوعات اجلامعية ،الطبعة الثالثة،الساحة املركزية،بن عكنون ،1997،ص .90 – 70
2املادة 29من أمر .22-95
3
لعشب حمفوظ ،املرجع السابق ،ص .76-75
85
واملشرع اجلزائر مل يوضح يف املادة 30ماهية خوصصة التسيري وإجراءاهتا ما عدا ذكره ألهنا حتدد بدفرت
الشروط وأن تكون حمدودة أو مفتوحة وطنية أو دولية وأخر طريقة كانت عن طريق الرتاضي.
وهي طريقة استثنائية حسب نص املادة 15من هذا األمر 1وميكن اللجوء إليها يف حالة التحول
التكنولوجي النوعي أو يف حالة ضرورة اكتساب متخصص ويقصد من ذلك أنه يتم هذا العقد يف حالة تغيري
النوعية الداخلية للمؤسسة أو ضرورة اكتساب مسريين متخصصني ينتج عنها تسيري متخصص وتعرض اهليئة
على احلكومة تقرير يرخص ابل لجوء إىل إجراءات الرتاضي وتعيني املمتلك املقرتح للتفاوض يف التناول أو يف
خوصصة التسيري ويتم هذا األخري عن طريق اجمللس حتت سلطة اهليئة وميكنه أن يستعني أبي خبري يرى أن
مسامهته مفيدة كما يعد اجمللس تقرير ظريف عن نتائج املفاوضات ويرسله إىل اهليئة اليت تبلغه بدورها إىل احلكومة
من أجل اختاذ القرار بشأهنا والبد من احرتام هذه اإلجراءات وإال اعتربت خمالفة للنظام املعمول به وهذا ما جاء
وكل هذه الطرق البد أن جتسدها أجهزة مكلفة أبمر من القانون للتحكم يف هذه العملية وهذا ما
86
نص األمر 22-95على ثالثة أجهزة مكلفة بتطبيق اخلوصصة والسهر على احرتام مبادئها ،وهذا
ت-3-جلنة املراقبة.
نصت عليها املادة 8إىل غاية 13من األمر 122-95حيث تعني احلكومة أو عند احلاجة تعني
اهليئة املكلفة بتنفيذ اخلوصصة ومهامها يتمثل يف التشاور مع وزراء القطاعات املعينة ومن مهامها ما يلي :تنفيذ
برانمج اخلوصصة الذي صادقت عليه احلكومة وتعرض إجراءات حتويل امللكية أو خوصصة التسيري وكيفياهتا
على احلكومة الختاذ قرارها بشأهنا ،بعد اإلطالع على تقرير اجمللس واللجنة ،تطلب من املؤسسات واهليئات
تبليغها ابلواثئق والدراسات واملعلومات الالزمة إلجناز مهمتها ،حتافظ على الصلة الوثيقة جبميع اهليئات املعنية
بعمليات اخلوصصة بعد استشارة اجمللس تكلف اهليئة عند احلاجة ابقرتاح اإلجراءات على احلكومة وحتدد عن
-2إجراءات املزايدة.
87
-3قواعد اإلشهار.
-5ينجز حتويل امللكية حسب األشكال املطلوبة قانوان بطلب من اهليئة املكلفة ابخلوصصة.
-6حيدد إجراء التنازل عن األسهم والقيم املنقولة األخرى لصاحل األشخاص طبيعيني ،قرار من اهليئة
ابإلضافة إىل هذه اهليئة التنفيذية يوجد أيضا جهاز اثين جملس اخلوصصة.
ت-2-جملس اخلوصصة:
نصت عليه املادة 11من األمر 22-95ومت تنصيبه الفعلي يف 1996/09/21واملتعلق خبوصصة
املؤسسات العمومية ،يتكون من 7إىل 9أعضاء مبا فيهم الرئيس خيتار األعضاء حبكم كفاءهتم اخلاصة يف ميدان
تسيري القانون االقتصادي والتكنولوجي ويعني أعضاء اجمللس مبرسوم تنفيذي ملدة 3سنوات قابلة للتجديد ،أما
-1تنفيذ برانمج اخلوصصة الذي صادقت عليه احلكومة طبقا لتشريع والتنظيم املعمول هبا.
-2يديل بتوجيهات ختص سياسة اخلوصصة واملناهج األكثر مالئمة لكل مؤسسة عمومية أو ألصوهلا.
-3يقوم بتقدير أو يكلف من يقدر قيمة املؤسسات العمومية أو أصوهلا املتنازل عليها.
-4يعد تقرير ظرفيا عن العرض املقبول ويرسله إىل اهليئة بعد دراسة العرض وانتقادها.
-6ميسك السجالت وحيفظ املعلومات ويؤسس إجراءات إدارية لضمان سرية املعلومات.
88
-7ميكن للمجلس عند احلاجة تقومي املؤسسات العمومية القابلة للخوصصة حسب املناهج والتقنيات
املالئمة يف جمال التنازل الكلي أو اجلزئي عن املؤسسات العمومية أو عن أصوهلا املادية واملعنوية.
-8حيدد اجمللس فارق األسعار لتحديد سعر عرض التنازل عن األسهم واحلصص والقيم املنقولة
-9يرسل تقرير التقومي وفارق األسعار إىل اهليئة اليت تبلغها إىل احلكومة لتوافق عليها بعد استشارة
-10ينشر اجمللس عن كل عملية اخلوصصة ينوي القيام هبا ،تفاصيل منهج اخلوصصة ،شروط
املناقصة يف جريدتنا وطنيتني ،أو دوليتني مرتني على األقل بينهما 07أايم.
-12يتعني على اجمللس أن يقدم للجنة مراقبة عمليات اخلوصصة يف أقرب اآلجال ملف حيتوي على
تقارير حتليلية وعلى نتائج عمليات منجزة وعن الشروط اليت جيب أن تتوفر يف أعضاء اجمللس
وذلك حسب املاتني " "07-06من املرسوم التنفيذي رقم 104-94املؤرخ يف 02شوال
1416املوافق لـ 11مارس 1996الذي حيدد كيفيات تنظيم جملس اخلوصصة وسريه ،وهذه
الشروط هي:
-1ال ميكن ألعضاء اجمللس أن يتولوا عضوية جملس اإلدارة أو جملس مراقبة أو مهمة تسيري أي شركة جتارية
-2يلتزم أعضاء اجمللس ابلسر املهين كل املعلومات اليت قد يطلعون عليها ،أثناء ممارسة مهامهم.
89
-3ال ميكن ألعضاء اجمللس وكذلك شركائهم عند االقتضاء أن يشرتي بصفة مباشرة أو غري مباشرة أسهما
أو قيما منقولة أخرى أو أصوال يف شركات خمصصة طوال مدة ممارسة مهامهم و 03سنوات بعد
انتهائها.
ابإلضافة إىل هذا اجلهاز هناك جهاز تناط له مهمة املراقبة وهذا مما ستعرض له الفرع الثالث.
يتضمن حتديد كيفيات تنظيم املراقبة عمليات اخلوصصة وسريها وكذلك كيفيات تعيني أعضاءها وقانوهنم
األساسي.
وحسب املادة الثانية منه تكلف جلنة مراقبة عمليات اخلوصصة ابلفصل يف عمليات اخلوصصة
ومطابقتها ،كما تتمتع هذه اللجنة ابالستقالل املايل واإلداري وهي تتكون:
أ -من السلك القضائي :رئيسا للجنة يتعني بناءا على اقرتاح وزير العدل ويشرتط أن يكون خمتصا
ج -ممثل عن نقابة األجراء األكثر متثيال يف املؤسسة العمومية ويتعني على هؤالء األعضاء أتدية اليمني
90
"أقسم ابهلل العظيم أن أقوم مبهميت ،أبمانة وصدق وأحافظ على السر املهين ،وأراعي يف كل
األحوال والواجبات املفروضة علي ،وأن أسلك سلوك املسئول الرتبية" ،كما جيب أن تتوفر فيهم
نفس شروط أعضاء جملس اخلوصصة وعن مهام اللجنة ،تصادق اللجنة اخلاصة به على تقرير
التقومي ،الذي حيدده اجمللس وفارق السعر املقرر وإجراءات التنازل وكيفياته املتوخاة ،وذلك خالل
شهر واحد ابتداء من اتريخ استالمها للملف وعند انقضاء هذا األجل تصبح املصادقة حاصلة،
ويف حالة رفض املصادقة ترسل اللجنة تقرير ظرفيا وتقوم اللجنة بسهر على احرتام قواعد الشفافية
-1جتتمع اللجن ة كلما دعت الضرورة وبقوة القانون وذلك جملرد استالمها امللفات اليت يرسلها إليها
جملس اخلوصصة.
-2تبلغ اللجنة اهليئة املكلفة ابخلوصصة رأيها يف تقرير التقومي واملعتمد طبقا للمادة 14من األمر
.22-95
-3تبلغ اللجنة اهليئة املكلفة ابخلوصصة موافقتها من امللف املتضمن جمموعة عناصر التحليل بشأن
عملية التنازل وذلك يف أجل أقصاه شهرا من اتريخ استالم امللف ،1وتنص املادة 40من األمر
22-95على ضرورة تزويد اللجنة بكل الوسائل البشرية واملادية الضرورية لتأدية مهمتها كما
ميكنها ،اإلطالع على أية وثيقة مرتبطة بعملية اخلوصصة املعنية كما ميكنها أن تستعني برأي خبري
ومل يبقى األمر 22-95بنوده ،هو الوحيد الذي حيدد أسلوب اخلوصصة ،وهناك أمر آخر وهو
91
ويتمم األمر رقم 22-95املؤرخ يف 29ربيع األول عام 1416املوافق لـ 26أوت 1995
اخلامتة:
رأينا أن علم االقتصاد بنظرايته االقتصادية و أبفكار فقهائه ،يساعد كل دولة على التخطيط و
دراسة اقتصادها و معرفة ما ينقصه و ما يكمله ،و على هذا األساس تتخذ كل دولة سياسة
اقتصادية للوصول إىل تطورا و حتقيق تنمية اقتصادية يصل هبا لالكتفاء الذايت لشعبها و تصدير
منتجاهتا للعامل.
و اجلزائر كأي دولة تسعى لتفعيل املؤسسة اإلنتاجية يف النشاط االقتصادي الوطين وحتضريها
لأللفية الثالثة ملواجهة التحدايت والضغوطات النامجة عن قرار اجلزائر ابالنضمام إىل املنظمة العاملية للتجارة
-تشكيل وتوسيع البنية التحتية اليت تساعد على األداء اإلنتاجي املتميز للمؤسسة وتساعد على
رفع الكفاءة اإلنتاجية هلا (مطارات ،طريق سريعة ،موانئ ،ورش إنتاج غيار.)...
-استحداث مكاتب متخصصة يف التنشيط الوظيفي للمؤسسات ،واليت تستخدم أحدث تقنيات
-ربط املؤسسة ابملكاتب واملخابر التقنية املتخصصة يف األحباث الصناعية ،واليت تقوم بتسويق نتائج
-تشجيع إجناز النشاطات اإلنتاجية وفقا ملا اتفق عليه ابإلجناز ابلباطن ،واليت تقوم هبا مؤسسات
92
-إلزام املؤسسات بعقود الكفاءة واليت جترب املؤسسات العامة أبن ترقي نشاطاهتا اإلنتاجية والتوزيعية،
-إلزام عقود الشراكة يف اإلطار اإلقليمي واجلهوي والقاري لالستفادة من الكفاءة والتجربة
-تشجيع االستثمارات األجنبية املباشرة ملا هلا من أمهية يف توطني التكنولوجيا ،وخلق فرص عمل
إن هذه اإلجراءات ال ميكن حتقيقها إال يف إطار إسرتاتيجية محائية انتقائية تستفيد منها املنتجات
الوطنية لفرتة زمنية حمدودة ،تتمكن من خالهلا املؤسسة من اكتساب املناعة الكافية لتجاوز املنافسة األجنبية.
-و االستقرار التشريعي والقانوين أيضا من شأنه جذب هؤالء املستثمرين ألن كل تشريع ينص على محاية
أمالك املستثمر من فائدة هذا األخري أن يكون اثبتا ال تعديل فيه ،وضرورة التنسيق بني القوانني حىت
-إعطاء ضماانت وامتيازات للمستثمرين األجانب بصيغة قانونية ،لتشجيعهم على نقل أمواهلم وخرباهتم
للدولة املضيفة.
93
املراجع:
الكتاب الديين:
القاموس:
-ابن منظور ،لسان العرب ،قاموس عريب ،من إنتاج فليبس 19ديسمرب.1994
-الكتب:
-ابللغة العربية:
-إميان عطية انصف ،مبادئ اقتصادايت املوارد والبيئة ،بدون طبعة ،املكتب اجلامعي احلديث،
.2007
-أمحد حسني الرفاعي ،خالد واصف الوزين ،مبادئ االقتصاد الكلي بني النظرية والتطبيق،الطبعة الثانية ،دار
وائل للنشر ،األردن.1997،
-حريب حممد موسى عريقات ،مبادئ االقتصاد – التحليل اجلزئي ، -الطبعة األوىل ،دار وائل للنشر
والتوزيع ،األردن.2005 ،
-داوود إبراهيم ،حماضرات يف االقتصاد اجلزائي ،بدون طبعة ،املؤسسة الوطنية للكتاب.1984 ،
-سكينة بن محود ،مدخل لعلم االقتصاد ،بدون طبعة،دار احملمدية العامة ،اجلزائر.2009 ،
94
-شوام بوشامة ،مدخل يف اقتصاد العام ،اجلزء األول ،دار الغرب للنشر والتوزيع ،وهران2000 ،
صبحي اتترس قريصة،مقدمة يف االقتصاد،بدون طبعة،دار اجلامعات املصرية،اإلسكندرية1997،
-صفوت أمحد عبد احلفيظ أمحد ،دور االستثمار األجنيب يف تطوير أحكام القانون الدويل اخلاص ،بدون
-ضياء جميد املوسوي ،اإلصالح النقدي ،الطبعة األوىل ،دار الفكر ،اجلزائر.1993 ،
-طلعت الدمرداش إبراهيم ،املوارد االقتصادية ،الطبعة األوىل ،مكتبة القدس ،مصر.2007 ،
-عادل أمحد حشيش ،زينب حسني عوض هللا ،مبادئ علم االقتصاد ،بدون طبعة ،دار اجلامعة اجلديدة للنشر،
-عبد السالم أبو قحف ،اقتصادايت االستثمار الدويل ،الطبعة الثالثة ،املكتب العريب احلديث ،القاهرة،
.1991
-عبد اللطيف بن شنهو ،مدخل إىل علم االقتصاد السياسي،بدون طبعة،ديوان املطبوعات
اجلامعية،اجلزائر.2004،
-عبد املطلب عبد احلميد ،مبادئ وسياسات االستثمار ،الطبعة األوىل ،دار اجلامعية ،اإلسكندرية2010 ،
-عبد الوهاب األمني ،مبادئ االقتصاد الكلي،الطبعة األوىل ،احلامد للنشر والتوزيع ،عمان،األردن.2002،
-علي خالفي ،املدخل إىل علم االقتصاد مفاهيم -مصطلحات – أسئلة –بدون طبعة ،أسامة للطباعة
-قادري عبد العزيز ،االستثمارات الدولية ( التحكيم التجاري الدويل ،ضمان االستثمارات) ،بدون طبعة،
-كامل بكري وحممود يونس ،عبد النعيم مبارك ،املوارد واقتصادايهتا،بدون طبعة ،دار النهضة العربية للطباعة
والنشر ،بريوت،دون اتريخ.
95
-لعشب حمفوظ ،سلسلة القانون االقتصادي ،ديوان املطبوعات اجلامعية ،الطبعة الثالثة،الساحة املركزية،بن
عكنون.1997،
-حممد بلقاسم حسن هبلول ،سياسة متويل التنمية وتنظيمها يف اجلزائر ،بدون طبعة،ديوان املطبوعات اجلامعية،
.1991
-حممد جامد عبد هللا ،اقتصادايت املوارد ،الطبعة األوىل ،جامعة امللك سعود ،اململكة العربية السعودية،
.1991
-حممد رايض األبرش ،نبيل مرزوق ،اخلصخصة (آفاقها وأبعادها) ،الطبعة األوىل ،دار الفكر املعاصر ،لبنان،
.1999
-حممد يسرى إبراهيم عيسى "املوارد االقتصادية ،ماهيتها ،أنواعها ،اقتصادايهتا ،بدون طبعة ،دار املعارف،
اإلسكندرية،مصر.1996 ،
-حممود الطنطاوي اجلاز ،مدخل لدراسة االقتصاد السياسي ،بدون طبعة ،مؤسسة الثقافة اجلامعية ،اإلسكندرية،
.2004
-حمي حممد مسعد ،الوجيز يف مبادئ علم االقتصاد،بدون طبعة ،الدار اجلامعية اجلديدة ،اإلسكندرية ،مصر،
.2004
-مىن حممود مصطفى ،املنازعات الدولية لالستثمار األجنيب املباشر و دور التحكيم يف تسوية منازعات
االستثمار ،بدون طبعة ،دار النهضة العربية ،القاهرة.1990،
ابللغة األجنبية :
96
-علي حسني ملحم ،دور املعاهدات الدولية يف محاية االستثمارات األجنبية اخلاصة يف الدول النامية ،رسالة
رسائل املاجستري:
-عبد الرمحن تومي ،واقع وآفاق االستثمار األجنيب املباشر من خالل اإلصالحات االقتصادية يف اجلزائر،
مذكرة ماجستري ،جامعة اجلزائر.2001 ،
-موازي بالل ،االستثمار والتنمية االقتصادية جتربة اجلزائر ،مذكرة ماجستري ،جامعة اجلزائر.2003 ،
-مروان عطون ،األسواق املالية والنقدية ،اجلزء األول ،ديوان املطبوعات اجلامعية ،اجلزائر.1993 ،
-هدير عبد القادر ،واقع السياحة يف اجلزائر وآفاق تطويرها ،مذكرة ماجستري ،جامعة اجلزائر.2006 ،
املقاالت:
-أمحد شرف الدين ،استثمار املال العريب ( أتثري فكرته االقتصادية يف قواعد قانونية ) ،العدد 436جملة غرفة
اإلسكندرية التجارية ،اإلسكندرية ،يناير – فرباير .1985
-بوعشة مبارك ،اخلوصصة ابعتبارها إحدى األدوات األساسية لإلصالح االقتصادي ،عدد ،8جملة العلوم
اإلنسانية ،جامعة قسنطينة.1997 ،
-عبد الوهاب مشام ،دراسة حول اخلوصصة والتحوالت اهليكلية ،العدد ،8جملة العلوم اإلنسانية ،جامعة
قسنطينة.1997 ،
-ندير حسني ،مقالة االحتاد األورويب ،املنظم من طرف احتاد احملامني العرب ،فندق السوفيتال ،اجلزائر،
.2001
النصوص القانونية :
-األمر 22-95املؤرخ يف 29ربيع األول 1416املوافق لـ 26أوت 1995املتعلق خبوصصة املؤسسات
العمومية.
-األمر 12-97املؤرخ يف 11ذو القعدة 1417املوافق لـ 19مارس 1997املتعلق لتنظيم املؤسسات
العمومية واالقتصادية ،تسيريها و خوصصتها.
-األمر 03-01املؤرخ يف 11ربيع الثاين 1422املوافق لـ 20أوت 2001املعدل املتعلق بتطوير
االستثمار.
-األمر 04 – 2001املؤرخ يف 1مجادى الثانية عام 1422املوافق لـ 20أوت 2001املتعلق لتنظيم
املؤسسات العمومية واالقتصادية ،تسيريها و خوصصتها.
97
الفهرس:
01 املقدمة:
03 املبحث األول :علم االقتصاد السياسي (تطور مفهومه ،أنواعه وعالقاته ابلعلوم األخرى ،مضمونه.
03 املطلب األول :تطور مفهوم علم االقتصاد.
05 الفرع األول :املعىن اللغوي األصلي لكلمة االقتصاد.
05 الفرع الثاين :املعىن االصطالحي لالقتصاد.
09 املطلب الثاين :فروع االقتصاد وعالقته ابلعلوم األخرى
09 الفرع األول :الفروع األساسية لالقتصاد.
09 االقتصاد الكلي. أ-
10 ب -االقتصاد اجلزئي.
10 الفرع الثاين :االقتصاد وعالقته ببعض العلوم األخرى.
11 أ -عالقة علم االقتصاد بعلم السياسة.
12 عالقة علم االقتصاد بعلوم اجلغرافيا واجليولوجيا. ب-
12 ت-عالقة علم االقتصاد ابلعلوم االجتماعية و السياسية.
12 ث-عالقة علم االقتصاد بعلوم الرايضيات والتكنولوجيا.
12 املطلب الثالث :مضمون علم االقتصاد.
13 الفرع األول :املشكلة االقتصادية.
13 أ -احلاجات وتعددها.
14 أ -1-خصائص احلاجات االقتصادية.
14 أ-1-1-قابليتها للتعدد والتنافسية.
15 أ- 2-1-التكامل.
15 أ-3 -1-القابلية لإلشباع ونسبيتها.
16 أ -2-تصنيف احلاجات االقتصادية.
16 أ -3-أنواع احلاجات.
98
16 أ-1-3-حاجات األفراد.
16 أ- 2-3-حاجات املنظمات.
16 أ -3-3-حاجات اجملتمع.
17 ب -1 -أنواع املوارد.
17 ب 1-1-املوارد الطبيعية (غري اقتصادية).
18 ب 2-1-املوارد االقتصادية.
20 ب -2-تصنيف املوارد االقتصادية.
20 ب 1-2-وسائل االستهالك.
21 ب 2-2-الوسائل اإلنتاجية.
22 ب -3-قيمة املوارد االقتصادية.
23 ب 1-3-القيمة االستعمالية.
23 ب 2-3-القيمة التبادلية.
24 ب 1-2-3-القيمة عند أرسطو.
24 ب 2-2-3-القيمة عند آدم مسيث.
25 ب 3-2-3-القيمة عند ريكاردو.
26 ب 4-2-3-القيمة عند احلديني.
27 الفرع الثاين :أسباب املشكلة االقتصادية.
27 أ -الندرة النسبية.
29 ب -مشكلة االختيار.
30 املبحث الثاين :تطور الفكر االقتصادي واألنظمة االقتصادية.
30 املطلب األول :تطور الفكر االقتصادي.
31 الفرع األول :الفكر االقتصادي للحضارات الشرقية القدمية.
31 الفرع الثاين :الفكر االقتصادي عند اليوانن (احلضارة اليواننية القدمية).
31 أ -الفكر االقتصادي عند أفالطون.
99
32 ب-الفكر االقتصادي ألرسطو.
33 الفرع الثالث :الفكر االقتصادي للحضارة الرومانية.
33 الفرع الرابع :الفكر االقتصادي يف العصور الوسطى.
33 أ -يف أورواب.
34 ب -يف العامل العريب.
34 الفرع اخلامس :الفكر االقتصادي الليربايل.
35 أ-آدم مسيث.
35 ب -جون ابتيست ساي.
36 ت-دافيد ريكاردو
36 ث-توماس روبرت مالتس.
36 الفرع السادس :التيار اإلصالحي.
37 الفرع السابع :نظرايت املدرسة احلديثة.
38 الفرع الثامن :املدرسة الكنزية أو احلديثة.
38 الفرع التاسع :االجتاهات املعاصرة للفكر االقتصادي.
38 أ -مدرسة شيكاغو.
39 ب -الكنزيون املعتدلون.
39 ت-الفكر الكالسيكي اجلديد.
40 املطلب الثاين:األنظمة االقتصادية.
41 الفرع األول :النظام التقليدي.
42 الفرع الثاين:النظام املوجه أو االشرتاكي.
42 الفرع الثالث :نظام اقتصاد السوق.
43 الفرع الرابع:النظام االقتصادي املختلط.
44 الفرع اخلامس :االقتصاد اإلسالمي.
46 املبحث الرابع :بعض ملفاهيم االقتصادية(االدخار و االكتناز ،االستثمار و اخلوصصة).
100
46 املطلب األول :االدخار.
47 املطلب الثاين:االكتناز.
47 املطلب الثالث:االستثمار.
50 الفرع األول :مفهوم االستثمار .
52 الفرع الثاين :أنواع االستثمار.
53 أ -االستثمار التجاري و الصناعي ،التكنولوجي و املايل:
54 ب -االستثمار املباشر و االستثمار غري املباشر:
56 ت -االستثمار احمللي والدويل ،اخلاص و العام:
57 الفرع الثالث :جذب االستثمار األجنيب واالهتمام مبجموعة من القطاعات .
57 أ -جذب االستثمارات األجنبية.
58 ب -االهتمام ابملؤسسات الصغرية واملتوسطة.
58 ت -إصالح اهلياكل والقطاعات االقتصادية.
58 ت -1-إعادة االعتبار لقطاع السياحة.
59 ت -2-إعادة االعتبار لقطاع الفالحة.
60 ت 3-إصالح املنظومة البنكية.
60 ت -4-دعم بعض الصناعات.
61 ت -5-تنشيط بورصة اجلزائر.
61 ت-6-تعزيز مكانة اجلزائر ومصاحلها على الساحة الدولية.
63 املطلب الرابع:اخلوصصة
65 الفرع األول :مفاهيم اخلوصصة.
66 أ -املفهوم االقتصادي للخوصصة
67 ب -املفهوم القانوين للخوصصة.
70 الفرع الثاين :أسباب اخلوصصة.
70 أ -األسباب السياسية.
101
71 ب -األسباب االقتصادية.
74 ت -األسباب االجتماعية.
75 الفرع الثالث :أهداف اخلوصصة.
76 أ -األهداف السياسية.
77 ب -األهداف االقتصادية.
78 ت -األهداف االجتماعية.
78 الفرع الرابع :اختيارات اخلوصصة واإلجراءات املسبقة هلا.
78 أ -املؤسسة العمومية كاختيار للخوصصة.
79 ب -اإلجراءات املسبقة للخوصصة.
80 الفرع اخلامس :اخلوصصة يف ظل األمر .22-95
81 أ -األحكام العامة الواردة يف األمر .22-95
83 ب -طرق اخلوصصة.
83 -1التنازل عن طريق السوق املالية.
85 -2التنازل عن طريق املزايدة:
86 -3التنازل عن طريق عقود اإلدارة (خوصصة التسيري)
87 -4التنازل عن طريق الرتاضي .
88 ت -األجهزة املكلفة ابخلوصصة.
88 ت-1-اهليئة املكلفة بتنفيذ اخلوصصة.
89 ت -2-جملس اخلوصصة.
91 ت-3-جلنة املراقبة
93 اخلامتة
95 املراجع
99 الفهرس
102