You are on page 1of 5

‫ذ‪ .

‬عبد الصبور لكرمات‬


‫‪1‬‬

‫المحاضرة ‪3‬‬

‫المناهج الكمية‬ ‫‪2020-2021‬‬


‫‪S3‬‬
‫إعداد‬
‫‪Pr. Khalid SAID‬‬
‫ذ‪ .‬عبد الصبور لكرمات‬
‫المنهج الكمي في العلوم االجتماعية‬
‫وسؤال الهوية‬
‫تقديـــــــــم‬

‫لقد حاولت المناهج الكمية في إطار العلم االجتماعي محاكاة العلوم الحقة‪ ،‬لقد عملت على مقاربة الموضوع االجتماعي‬
‫بإعمال مبدأ القياس والتكميم بهدف الوصول إلى الحقيقة االجتماعية بعيدا عن كل التأثيرات الجانبية‪ ،‬التي يمكن أن‬
‫تحدث بحكم تدخل الحس المشترك والتمثالت والتصورات والتوجهات والقيم التي نحملها كذوات‪ ،‬وهو ما يبين أهمية‬
‫التعرف من قريب على المناهج الكمية في علم االجتماع‪ .‬وبهذا المعنى‪ ،‬فالورقة هذه تعتبر محاولة لالقتراب من المنهج‬
‫الكمي‪ ،‬وما يتأسس عليه من أدوات منهجية مفاهيم وبراديغمات وقضايا‪ ،‬وعالقة كل ذلك بالواقع اإلنساني وبإمكان‬
‫إخضاع حياة اإلنسان للتحليل والتشريح انطالقا من القياس الكمي‪ .‬إنجاز من هذا القبيل يدفعنا إلى اعتماد مبدأ التنوع‬
‫وتجاوز طرق التفكير‪ ،‬التي تعمل على توحيد المعارف توحيدا تعسفيا‪ ،‬قد يؤدي إلى كلية النظر وكليانية الممارسة‪ .‬كما‬
‫سنعمل كذلك على إبراز مستويات التحليل الترابطي التي يتيحها المنهج الكمي من أجل تفسير ديناميكية الصراع القائم‬
‫بين الناس أفرادا وجماعات وفئات وطبقات‪ ،‬حول تملك الخيرات والسلطة والرموز إما بشكل مكشوف أو مستتر‪.‬‬

‫المنطلق الفكري‬

‫إن الظواهر االجتماعية تشكل أشياء ويجب أن تدرس‬


‫كأشياء‪ ...‬ألن كل ما يعطى لنا أو يفرض نفسه على‬
‫المالحظة يعتبر في عداد األشياء‪ ....‬ويجب علينا أن‬
‫ندرس الظواهر االجتماعية في ذاتها في انفصال تام عن‬
‫األفراد الواعين الذين يتمثلونها فكريا‪ ،‬ينبغي أن ندرسها‬
‫من الخارج كأشياء منفصلة عنا‪ ....‬إن هذه القاعدة‬
‫‪Les règles de la méthode sociologique – Emile‬‬ ‫تنطبق على الواقع االجتماعي برمته وبدون استثناء‪.‬‬
‫)‪Durkheim (1858 – 1917‬‬

‫– ‪Les règles de la méthode sociologique‬‬


‫‪Emile Durkheim‬‬
‫ذ‪ .‬عبد الصبور لكرمات‬
‫‪2‬‬

‫المنهج الكمي في العلوم االجتماعية‬


‫وسؤال الهوية‬

‫وجهة نظر‪...‬‬
‫أوغست كونت‬
‫ابن خلدون‬
‫ا‬
‫علم االجتماع معني بتفكيك خصائص العمران البشري‬
‫لدي اعتقاد بأني قد استكملت الشروط‬
‫ومعرفة طبائع وعوائد كل جيل‪ ،‬وذلك باالنتقال من البسيط‬ ‫الضرورية إلتمام مهمتي االجتماعية‪،‬‬
‫إلى المركب‪ ....‬تحقيق هذه الغاية يستدعي إعمال منهج‬ ‫والمتمثلة في إنشاء علم اجتماعي‬
‫علمي يقوم على المالحظة والتحليل والتفسير‬ ‫يعكس الحركية التطورية للمجتمع‪...‬‬
‫علم يقوم على المقاربة الوضعية‬
‫للحقيقة االجتماعية‬

‫المنهج‬
‫المنهج العلمي‪ :‬ماهية المفهوم‬
‫المنهج ‪:méthode‬‬ ‫إنه ليس ثمة مشكلة أكثر خطورة بالنسبة‬
‫هو الطريقة أو الطريق الذي يفضي إلى غاية‪ /‬هدف مقصود ويحيل‬ ‫للعلم االجتماعي من مشكلة الوعي الذي‬
‫اللفظ في اللسان العربي على نهج بمعنى سلك وسار واتبع ويعرفه‬ ‫يستطيع أن يحصله الباحث عن واقعه‬
‫اندريه الالند بأنه برنامج منظم بطريقة مسبقة لسلسلة من العمليات‬ ‫االجتماعي وعن التجربة البشرية بما فيها‬
‫الواجب القيام بها والتي تعمل على تنبيه الباحث لألخطاء التي ينبغي‬ ‫من حيرة وقلق وتساؤل وتوثر وتعارض‬
‫عليه تفاديها لبلوغ النتائج المرسومة‪.‬‬ ‫وصراع بالتالي فعندما ال نجد حلول‬
‫جاهزة نتساءل عن المعنى الذي يسكن‬
‫عل َِم‪ ،‬وهو إدراك الشيء‬ ‫العلم في اللسان العربي مصدر من الفعل َ‬ ‫الواقعة‪ .‬حقا التفكير السوسيولوجي هو في‬
‫على حقيقته‪ ،‬ويحيل أيضا في منطوقه على المعرفة واليقين‪ ،‬إنه نسق‬ ‫الوقت نفسه فيه إثراء للتجربة البشرية‪.‬‬
‫من المعارف العلميّة ال ُمتراكمة أو مجموع ٍة من القواعد والمبادئ التي‬ ‫فحينما نفكر‪ ،‬فذاك يعني رفض بينات‬
‫من خاللها يت ّم تفسير سير الظواهر والعالقة القائمة بينها‪ .‬العلم معرفة‬ ‫الحواس ومتواترات الناس وليس التساؤل‬
‫منظمة تفترض إحالل النظام وهو ما يستدعي حضور المنهج ألنه ال‬ ‫السوسيولوجي غير تلك العملية التي‬
‫يمكن تصور علم بدون منهج‪.‬‬ ‫يصطنعها الباحث ليجادل التاريخ البشري‬
‫المنهج العلمي عموما هو طريقة تنظيم عملية اكتساب المعرفة العلمية‪.‬‬ ‫لكي يقهره على االعتراف بأنه شيء‪ ،‬كما‬
‫إنه مجموعة من الخطوات اإلجرائية التي تصون ذهن العالم من‬ ‫يقول غاستون باشالر‪ ،‬عملية انتزاع‬
‫الوقوع في الخطأ أو الزلل أو من أن يحمل الخطأ محمل الصواب‬ ‫االعتراف‪ ،‬تقوم في عمقها على منهج‬
‫غايته مالحظة النظام إحالل النظام وافتراض النظام‪ .‬بالتالي فهو إجراء‬ ‫علمي والسؤال هنا الذي يطرح نفسه هو‬
‫منهجي منطق ي غايته إحالل النظام في كل سيرورات وأشكال التحليل‬ ‫مادا نقصد بالمنهج العلمي؟ بالعلم؟‬
‫والتصور ويسمح ببلوغ الحقيقة العلمية‪.‬‬
‫ذ‪ .‬عبد الصبور لكرمات‬
‫‪3‬‬

‫المنهج الكمي في علم االجتماع‬


‫الكم والقياس‬
‫موضوعية‪:‬‬ ‫ال يمكن تصور بناء معرفة علمية دون إعمال لمنهج علم‪ ،‬يسهم ف تحقيق نوع من التماسك‬
‫‪Objectivité‬‬ ‫المنطق والذي يمنح المعرفة العلمية مكانة مركزية ف إطار تاري خ العلم‪ .‬يؤكد رونيه ديكارت من‬
‫خاصية لما هو‬ ‫خالل كتابه مقالة ف المنهج عىل حسن استخدام العقل واحالل النظام‪ .‬وتبعا لهذا الفهم فتطبيق‬
‫موجود بشكل‬ ‫منهج معي عملية تستدع توضيح معالم الطريق وتبيان المحطات المنهجية الت ينبغ التوقف‬
‫مستقل عن الذات‬ ‫المتتال عندها للوصول إل اليقي واإليضاح واإلقناع‪ .‬تحديد هذه المحطات يتم بتتابع متناسق‬
‫في مقابل ما هو‬ ‫يؤدي ف نهاية المطاف إل التعيي الدقيق للوائح األفعال الملموسة‪ ،‬الواجب تنفيذها حت يتحقق‬
‫ذاتي‪ ،‬كما أن اللفظ‬ ‫الموقف العلم‪ .‬المنهج إذن هو منىح أو منطق ف رؤية األمور ومعالجتها‪ .‬إنه جملة مبادئ ينطلق‬
‫يدل على ما هو‬ ‫منها الباحث وتمكنه من تحديد السلوك العلم المالئم لكل وضعية ملموسة أو تحديد السلوك‬
‫متطابق مع واقعة‬ ‫ئ‬
‫الخاط عند الوقوع فيه أتناء إجراء البحث العلم‪ ،‬من حيث هو سيورة معرفية منظمة‪ ،‬بمنهج‬
‫ما‪.‬‬
‫علم‪ ،‬برؤية منهجية‪ ،‬ويقين ف عمقه بمبدأ الموضوعية‪.‬‬
‫الموضوعية موقف‬
‫لفهم الواقع هذا‬ ‫تقين المناهج الكمية ف جوهرها باليعة الوضعية من حيث ه امتداد لمناهج االستقراء التجريت‬
‫الموقف يتأسس‬ ‫بالتال فالمناهج الكمية تعكس ف عمقها لبحث تجريبت يحكمه منطق االستقراء‪ .‬ومن المعروف أن‬
‫على قاعدة قبول‬ ‫ئ‬
‫الجزئ إل الكىل من حيث المبدأ وقد بينا‬ ‫المناهج االستقرائية والتجريبية جزء منها‪ ،‬أنها تتجه من‬
‫كل شيء‬ ‫ذلك سالفا عندما تحدثنا عن مفهوم االستقراء‪ .‬وتبعا لهذا االعتبار يجري تعريف البحث الكم عىل‬
‫أنه البحث التجريت المنهىح لظاهرة يمكن مالحظتها عىل نحو ما وتكميمها بواسطة أدوات إحصائية‬
‫أو رياضية‪ .‬وتجدر اإلشارة إل أن مناهج البحث الكم تستخدم ف العلوم الطبيعة واالجتماعية وتقوم‬
‫"يمكننا تحديد‬ ‫عىل الدراسة الموضوعية لمعىط وضغ يمكن مالحظته ومراقبته وترجمته إل أرقام ذات معت‪.‬‬
‫مناهج التحقيقات‬
‫الكمية بأنها تلك‬ ‫يمكن توظيف المنهج الكم ألجل دراسة بعض الموضوعات الت تهم بعض الحقول االجتماعية الت‬
‫التي تسمح بجمع‬ ‫تتمتع بالخاصيات التالية‪ :‬القابلية للمالحظة‪ ،‬العالقة السببية‪ ،‬الموضوعية‪ .‬هذه الخصائص الثالث‬
‫معلومات متشابهة‬ ‫ه المحددات األساس لما يعرف بالمنهج التجريت‪ .‬وبالعودة إل تاري خ العلم وتحديدا إل المدرسة‬
‫من عنصر آلخر‬ ‫التجريبية يمكن القول بأن فرنسيس بيكون ق ‪ 17‬هذا المفكر االنجليي يعتي من األوائل الذين‬
‫من مجموع‬
‫حددوا المعالم والمبادئ األساسية المشكلة للمنهج التجريت كمنهج وضغ غي ذائ‪ .‬بعده نجد جون‬
‫العناصر‪ ،‬وتسمح‬
‫هذه التشابهية بين‬
‫لوك ودفيد هيوم (السببية) جورج بركىل تم الحقا ج س ميل الذي وضع أهم كتبه " نسق المنطق "‬
‫المعلومات بقيام‬ ‫كمحاولة منه لوضع لوائح لالستقراء‪.‬‬
‫اإلحصاءات‬
‫إذا كانت التجريبية االنجليية وتحديدا خالل العرص الفكتوري قد عملت عىل صياغة روح العلم‪ ،‬فإن‬
‫وبشكل أعم التحليل‬
‫الكمي للمعطيات‪.‬‬
‫التنوير الفرنس قد عمل عىل تطوير هذه الروح وتوضيحها‪ .‬بحيث سيتم العمل عىل ترجمة هذه‬
‫تعريف من هذا‬ ‫المبادئ وصياغتها ف إطار إبستيم تحكمه نزعة وضعية {اليعة الوضعية تعت اليكي عىل ما هو‬
‫القبيل يدفعنا إلى‬ ‫مباش ف العالم الواقغ التجريت‪ }.‬ف فرنسا يعتي سان سيمون هذا المفكر‬ ‫موضوع يحرص بشكل ر‬
‫العودة إلى‬ ‫الطوباوي من األوائل الذين استخدموا لفظ وضغ‪ -‬الدراسة العلمية للنسان والمجتمع‪ -‬وهو اتجاه‬
‫األصول الفكرية‬ ‫إيجائ ‪-‬كما يفيد اللفظ‪ .‬بعد ذلك نجد تلميذ وسكرتي سان سيمون أوغست كونت‪ ،‬الذي عمل عىل‬
‫لهذا التوجه‬ ‫نقل هذه المبادئ المنهجية من مجال العلوم الحقة إل مجال العلوم التجريبية‪ ،‬كما عمل أيضا عىل‬
‫المنهجي‪".‬‬
‫وضع الصياغة المعتمدة للمذهب الوضغ‪ ،‬والذي يمثل األصول النظرية للمناهج الكمية (ونشي هنا‬
‫ريمون آرون‬ ‫إل أن الوضعية قد ظلت حاضة بقوة ف الفلسفة الفرنسية بفضل أتباع كونت خصوصا إميل لييه‬
‫مناهج علم االجتماع‬ ‫‪)E Littre‬‬
‫ذ‪ .‬عبد الصبور لكرمات‬
‫‪4‬‬
‫النظر العقىل وفقا للتصور الوضغ لم يحقق شيئا مقارنة بالتقدم الباهر الذي أحرزه العلم الوضغ‬
‫أو العقلية العلمية‪ .‬فاليهنة العقلية ال تكق لمعرفة الواقع‪ ،‬ومعت هذا أن المجال الحقيق للعقل‬
‫البشي إنما هو الوقائع والقواني‪ ،‬أعت الظواهر وما يقوم بينها من عالقات ثابتة ‪ (.‬تطور العلم‬ ‫ر‬
‫تجربة‬ ‫عش ف تصور كونت إنما هو الرصاع القائم بي‬ ‫وقانون األطوار الثالثة)‪ .‬إن ما يمي القرن التاسع ر‬
‫‪Expérience‬‬ ‫العقلية الوضعية والعقلية الميتافييقية‪ ،‬وهو ضاع البد أن ينته حتما بانتصار العلم الوضغ الذي‬
‫يستعمل اللفظ‬ ‫يمثل الطور الثالث‪ .‬تقوم هذه المرحلة ف عمقها عىل تفسي الظواهر بربط بعضها ببعض وفقا لما‬
‫للداللة على ما‬
‫تقدمه لنا التجربة من وقائع بالتال فالظاهرة االجتماعية يمكن مالحظتها مراقبتها عىل نحو ما‬
‫تقدمه الحواس من‬
‫معطيات حسية‬
‫وتكميمها بواسطة أدوات إحصائية أو رياضية‪.‬‬
‫خارجية ويحيل‬ ‫لقد بي كارل بيسون ف هذا اإلطار كيف أن وظيفة العلم ه تصنيف الوقائع والتعرف عىل ما بينها‬
‫اللفظ في المجال‬
‫من تتابع والكشف عن داللتها النسبية‪ .‬فالعلم الموضوع ينبغ أن يعمل عىل تشكيل األحكام انطالقا‬
‫العلمي على‬
‫اللحظة المنهجية‬ ‫من الوقائع دون التأثر بالوجدان الشخص‪ .‬إن وظيفة العلم تقين بالتصنيف العلم‪ ،‬تنظيم الوقائع‪،‬‬
‫التي يتم فيها‬ ‫إثبات التتابع والتعاقب بي القضايا‪ ،‬التحرر من الوجدان الشخص مع االعياف بما لكل واقعة منها‬
‫اختبار الفروض‬ ‫من داللة نسبية أو معت محدود‪ .1‬وهو ما عي عنه برتراند راسل بالعلمية المحضة‪ .‬بناء الحقائق‬
‫العلمية ف تصوره وبغض النظر عن مجاالت االشتغال‪ ،‬ينبغ أن تقوم عىل استبعاد اليعات‬
‫الرومانتيكية والصوفية من دائرة اشتغال العلم‪ .‬وذاك جوهر اشتغال المناهج الكمية‪ .‬إن الحقيقة‬
‫االجتماعية وتبعا لوجهة النظر الكمية يمكن أن ننظر إليها كموضوع يمكن تملكه أو حيازته‪ .‬فالحدث‬
‫االجتماع يمكن أن نعده كحقلة ضمن سلسلة وأن نفهم الواقعة اإلنسانية عىل أنها مجرد جزء ضمن‬
‫كل‪.2‬‬
‫إن غاية العلم الموضوع وتبعا لوجهة النظر الكمية‪ ،‬ه أن يقدم لنا وصفا رياضيا شامال للظواهر أي‬
‫أن يتم العمل عىل إعادة صياغة الحقائق االجتماعية ف صورة رياضية دقيقة وهو األمر الذي يقتص‬
‫موضوع‪Objet /‬‬
‫اعتماد مبدأ البساطة واختيار أبسط التفسيات واستخدام أقل قسط ممكن من المفاهيم العقلية‪ .‬إن‬
‫ما هو مفكر فيه‬ ‫المقصد األساس من العلم ال يتوقف عند حدود إجراء المشاهدات والمالحظات ولكن المطلوب‬
‫وخاضع لنشاط‬ ‫إجراء عمل منهىح‪ ،‬يسمح بإمكانية رد وقائع الحس إل أرقام ولوحات ورسومات بيانية‪ ،‬فلم يعد‬
‫الذات العارفة‪ ،‬أو‬
‫المهم وفقا لهذا التصور التوقف عند حدود المالحظة الحسية ولكن األهم هو االنتقال إل المعت‬
‫ما تضعه الذات‬
‫وتتخذه مادة‬ ‫الذي يسكن قانون الرمز‪ .‬ذلك أن البحث عن الحقيقة االجتماعية ينبغ أن يقوم عىل فهم جديد‬
‫البشية بيجمة معطيات المالحظة التجريبية إل رموز وقواني ه منها بمثابة‬ ‫يربط بناء المعرفة ر‬
‫للمعرفة‬
‫المعائ أو الدالالت لتصبح بذلك الحقيقة االجتماعية عبارة عن صياغات رياضية رمزية‪.‬‬

‫كسء‬ ‫موضوع العلم االجتماع ووفقا لمنطق التحليل الكم‪ ،‬إذن‪ ،‬هو دراسة الحدث االجتماع ر‬
‫موضوع‪ ،‬يمكن نقله والتعبي عنه بإعمال خطاب علم‪ ،‬أي لغة علمية قياسية‪ ،‬تمكننا من التعبي‬
‫عن الحقائق االجتماعية بواسطة رموز المنطق الرياض فق كتاب له عن األخالق نجد ليق برول‬
‫ينظر لألفعال اإلنسانية بوصفها ظواهر طبيعية‪ ،‬وينتقد ف المقابل التوجهات الفكرية الت تنظر‬
‫للفعل اإلنسائ كفعل معياري‪ .‬فالعلم ف تصوره يقوم عىل الدراسة الوصفية للظواهر مع تحديد‬
‫القواني المتحكمة ف سيها‪ ،‬ر‬
‫السء الذي يقتص القبول بالفرضية القائلة بأن الطبيعة اإلنسانية‬
‫فردية أو اجتماعية ه واحدة ف كل زمان ومكان وأنه يمكن تعيي المبادئ المفشة لكل وضعية من‬
‫الوضعيات االجتماعية‪.‬‬

‫‪- 1‬زكرياء ابراهيم‪ ،‬مشكلة الفلسفة‪ ،‬ط األولى‪ ،‬مكتبة مصر‪ ،1971 ،‬ص‪.132‬‬
‫‪2‬‬
‫‪CF.Gabriel Marcel: Le Mystère de l être , T.I. Paris, Aubier (Editions Montaigne) 1951, 4 -ème Leçons, pp 67-‬‬
‫‪89.‬‬
‫ذ‪ .‬عبد الصبور لكرمات‬
‫‪5‬‬
‫من خالل كل ذلك ننته إل العناض التالية‪:‬‬

‫االرتباط برؤية علمية تعمل عىل صياغة الواقع ف شكل رياض يتيح إمكانية تفكيك اآلراء‬ ‫‪‬‬
‫‪opinion‬الخاصة بمجتمع معي‪ ،‬وجهات نظره والسلوكات وطرق الفعل الخاصة‬
‫بالذوات الفردية أو الجماعية‬
‫ر‬
‫العدد والقياس هما الشكالن األكي حضورا وشيوعا ف المناهج الكمية‪ ،‬قياس المواقف‬ ‫‪‬‬
‫واالتجاهات‪ ،‬اآلراء‪ ،‬السلوكات‪ ،‬التطلعات‪ ،‬األحاسيس واألفعال‪.‬‬
‫التعبي عن الظواهر أو الوقائع االجتماعية ف شكل جداول إحصائية ومبيانات يتم العمل‬ ‫‪‬‬
‫عىل تحليل مكوناتها الجزئية ومفرداتها مع إيجاد اليابطات القائمة بينها‪.‬‬
‫تكميم السلوكات والمواقف‪ ،‬التحليل‪ ،‬اختبار الفرضيات لنصل ف النهاية إل صياغة‬ ‫‪‬‬
‫نظريات مفشة بإعمال مبدأ التحليل اليابىط بي مجموع المتغيات المشكلة للظاهرة‪ .‬ألن‬
‫السوسيولوجيا كعلم ال يتوقف عند حدود ما هو آئ‪ ،‬وظيفته األساسية ال تتوقف عند‬
‫حدود الوصف بل تتعداه إل مستوى االستدالل العلم وتكوين استنتاجات حول الحقيقة‬
‫االجتماعية‬

‫ذ‪ .‬عبد الصبور لكرمات‪ ،‬أستاذ علم االجتماع‪ ،‬كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬جامعة ابن طفيل‪.‬‬

You might also like