You are on page 1of 132

‫جامعة اجلزائر‪ 1‬بن يوسف بن خدة‬

‫كلية احلقوق‪-‬قسم القانون اخلاص‬


‫السنة الثالثة ليسانس‪-‬اجملموع‬
‫الرحيم وبه أستعني‬
‫الرمحن ه‬
‫اّلل ه‬
‫بسم ه‬
‫حماضرات يف النّظام القانوين للجنسيّة اجلزائريّة‬
‫السداسي السادس السنة الدراسية ‪2022/2021‬‬
‫أستاذ املادة‪ :‬د‪.‬بوج ـنـانة عبدالقادر‬

‫مق ّدمة‬
‫الرعويهة اإلسالميهة‪ ،‬ويستدعي اثنيا‬
‫إ هن احلديث عن النهظام القانوين للجنسيهة اجلزائريهة يستدعي هأوال احلديث عن مفهوم ه‬
‫احلديث عن مفهوم اجلنسيهة يف القانون الوضعي‪ .‬واملفهومان خمتلفان‪ .‬هأما ملاذا نتح هدث عن املفهومني معا‪ ،‬فذلك لسببني‪:‬‬
‫األول‪ :‬أل هن اجلزائر قبل أن تُبتلى ابالحتالل الفرنسي سنة ‪ ،1830‬كانت هلا دولتُها وهي دولة إسالميهة‪ ،‬وكانت‬
‫السبب ه‬
‫‪ -‬ه‬
‫وضمها إىل فرنسا قهرا‪ ،‬زالت‬
‫الشريعة اإلسالميهة‪ .‬وابحتالهلا ه‬
‫هلا رعويهتُها وهي رعويهة إسالميهة‪ ،‬وكان هلا قانون واحد هو ه‬
‫الشرعيهة املتعلهقة‬
‫الشريعة اإلسالميهة ابستثناء األحكام ه‬
‫الرعويهة اإلسالميهة للجزائريني وزالت معهما ه‬
‫دولتها اإلسالميهة ومعها ه‬
‫متسك الغريق خبشبة‬
‫الشعب اجلزائري املسلم هبا ُّ‬
‫لتمسك ه‬
‫ابألُسرة اجلزائريهة امل سلمة‪ ،‬مل تتم هكن فرنسا االستعماريهة من إزالتها ُّ‬
‫النهجاة‪.‬‬
‫السبب الثهاين‪ :‬أل هن اجلزائر بعد استقالهلا سنة ‪ 1962‬قد تبنهت النهظام القانوين الوضعي املوروث عن عهد االستعمار‬
‫‪ -‬ه‬
‫الرعويهة‬
‫السببان جيُهراننا إىل دراسة مفهوم ه‬
‫عامة‪ ،‬مبا يف ذلك النهظام القانوين اخلاص ابجلنسيهة اجلزائريهة‪ .‬هذان ه‬
‫الفرنسي بصفة ه‬
‫األول‪ ،‬ومبا أ هن اهلدف من هذه‬
‫الشريعة اإلسالميهة‪ ،‬ومفهوم اجلنسيهة يف القانون الوضعي‪ ،‬وذلك يف الفصل ّ‬ ‫اإلسالميهة يف ه‬
‫احملاضرات هو دراسة اجلنسيهة اجلزائريهة يف القانون الوضعي اجلزائري‪ ،‬فإنهنا نتص هدى هلا ابل هدراسة يف الفصل الثّاين‪ ،‬وملا كان‬
‫ه‬
‫عامة‪ ،‬مبا يف ذلك القانون الوضعي اجلزائري‪ ،‬هي‬ ‫الّت تعرفها اجلنسيهة اجلزائريهة يف القانون الوضعي بصفة ه‬ ‫أهم املسائل ه‬
‫من ه‬
‫خصصنا الفصل الثالث لدراسة هذه املشكلة يف القانون اجلزائري‪ ،‬ويف ألخري‬ ‫مشكلة التهنازع بني اجلنسيات فإنهنا قد ه‬
‫الرابع‪ ،‬مثه نُنهي دراستنا خبامتة‪.‬‬
‫ندرس مسائل زوال اجلنسيهة اجلزائريهة‪ ،‬وإثباهتا وذلك يف الفصل ّ‬

‫‪1‬‬
‫األول‬
‫الفصل ّ‬
‫الرعويّة اإلسالميّة واجلنسيّة يف القانون الوضع‬
‫مفهوما ّ‬
‫املفكرين اإلسالميني مصطلح« اجلنسية‬
‫ه‬ ‫وحّت بعض‬
‫استخدم فقهاء القانون الوضعي يف العامل العريب واإلسالمي‪ ،‬ه‬
‫اإلسالمية » يف مقابل مصطلح اجلنسية القانونية يف القانون الوضعي‪ ،‬يف حماولة منهم إلسقاط فكرة اجلنسية القانونية‬
‫ومعرفة يف القانون الوضعي على فكرة ما أمسوه ابجلنسية‬
‫جمسدة ه‬ ‫مبضامينها االجتماعية والسياسية والقانونية كما هي ه‬
‫اإلسالمية(‪ ،)1‬وهو إسقاط يف غري حملهه‪ ،‬إذ مل ينتبهوا إىل اختالف مفهوم «اجلنسية اإلسالمية » عن مفهوم اجلنسية يف‬
‫فضلنا استخدام مصطلح الرعوية اإلسالمية الّت ندرسها‬
‫القانون الوضعي اختالفا جذراي‪ .‬وجتنُّبا هلذا اخللط بني املفهومني ه‬
‫نقسم هذا الفصل إىل مبحثني نتناول يف املبحث األول مفهوم الرعوية اإلسالمية ويف املبحث‬ ‫ونبني أحكامها الحقا‪ .‬هلذا ه‬
‫ه‬
‫الثاين مفهوم اجلنسية يف القانون الوضعي‪.‬‬
‫املبحث األول‬
‫مفهوم الرعوية اإلسالمية‬
‫إ هن فكرة الرعوية اإلسالمية مرتبطة بوجود الدولة اإلسالمية‪ ،‬هلذا حناول أن نُق هدم تعريفا للدولة اإلسالمية مع بيان أركان ها‬

‫عرف الرعوية اإلسالمية مع بيان عناصرها (املطلب الثاين)‪ ،‬مثه نُ هبني أساس قيام ال ه‬
‫رعوي اإلسالمية‬ ‫(املطلب األول)‪ ،‬مثه نُ ه‬
‫(املطلب الثالث)‪.‬‬

‫املطلب األول‬
‫تعريف الدولة اإلسالمية مع بيان أركانـها‬
‫نتبني أركان ها (الفرع الثاين)‪.‬‬
‫نتناول هنا تعريف الدولة اإلسالمية (الفرع األول)‪ ،‬مثه ه‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف الدولة اإلسالمية‪:‬‬

‫مرة واحدة يف قوله سبحانه وتعاىل‪« :‬كي ال يكون دولة بني األغنياء منكم»(‪،)2‬‬
‫وردت كلمة «دولة» يف القرآن ه‬
‫ولفظ دولة برفع ال هدال يعين الغلبة ابلتهداول بني اجلماعات اإلنسانية‪ ،‬والغلبة تعين من مجلة ما تعنيه قيام امللك(‪ ،)3‬أي‬
‫قيام سلطة سياسية حاكمة بتعبري العصر‪ ،‬وال يقوم امللك إاله إذا توفهرت أسبابه‪ :‬اجلماعة البشرية‪ ،‬واحليهز اإلقليمي الذي‬
‫اّلل يف خلقه‪ .‬ومعىن ذلك أ هن لفظ‬
‫تبسط سيادت ها عليهما‪ ،‬وتلك ُسنهة ه‬
‫تستقر عليه تلك اجلماعة‪ ،‬والسلطة السياسية الّت ُ‬
‫ُّ‬
‫الزمنية‪ ،‬كما قد ينصرف إىل النُّب هوة‪ ،‬وقد ينصرف‬
‫امللك يف القرآن إذا تعلهق األمر ابإلنسان‪ ،‬ينصرف يف معناه إىل السلطة ه‬

‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬أل هن اإلسالم حارب التهمييز بني النهاس على أساس اجلنس (العرق)‪.‬‬
‫)‪ -)1‬اجلنسيهة كمصطلح مل تعرفها ه‬
‫(‪ -)2‬سورة احلشر‪ ،‬اآلية ‪.7‬‬
‫الرابعة‪ ،‬بريوت‬ ‫(‪ -)3‬اإلمام أبو جعفر حممد بن جرير الطّربي ‪ :‬تفسري الطهربي ه‬
‫املسمى جامع البيان يف أتويل القرآن‪ ،‬اجمللد الثاين عشر ‪ ،‬دار الكتب‪ ،‬الطهبعة ه‬
‫لبنان ‪ ،2005‬ص‪.38‬‬

‫‪2‬‬
‫اّلل عليه وسلهم‪ ،‬فقد كان نبيها ورسوال‪ ،‬وحاكما من هفذا ألحكام اإلسالم وشريعته‬
‫إليهما معا‪ ،‬كما حدث مع نبيهنا صلهى ه‬
‫منزهة من العصبية‬
‫فتكونت على يديه هأول وحدة سياسية ه‬ ‫استقر به املقام يف املدينة اامل ن ورة‪ ،‬إثر هجرته إليها‪ .‬ه‬
‫بعدما ه‬
‫الّت نُبيهنها الحقا‪.‬‬
‫العرقية‪ ،‬الهّت عرفها اتريخ البشرية‪ ،‬فتهيهأت بذلك أسباب قيام الدولة اإلسالمية بتوفهر أركان ها‪ ،‬ه‬
‫الّت نصفها حنن يف وقتنا احلاضر ابلدولة‬
‫قسموا العامل إىل دارين‪ ،‬دار اإلسالم وهي ه‬
‫ممها يُذكر هنا أ هن فقهاء اإلسالم قد ه‬
‫اإلسالمية‪ ،‬ودار احلرب‪ ،‬وهي ال هّت تشمل يف وقتنا هذا‪ ،‬مجيع الدول األجنبية املوجودة خارج بالد اإلسالم‪ .‬اختلف‬
‫الفقهاء يف تعريف دار اإلسالم لفظا‪ ،‬ولكنههم مل خيتلفوا يف املعىن العام هلا‪ .‬نذكر بعض التهعاريف فيما يلي‪:‬‬
‫عرفها اإلمام أبو حنيفة بقوله‪« :‬إ ّن ال ّدار تكون دار اإلسالم مىت كان األمان فيها للمسلمني مطلقا واخلوف للكفر‬
‫ه‬
‫مطلقا(‪ ،»)1‬رأى هذا اإلمام الف هذ أ هن أساس التهفرقة بني دار اإلسالم ودار احلرب هو أ هن الدار تكون دار إسالم مّت كان‬
‫الشوكة واألمن واألمان على اإلطالق واخلوف للكفرة على اإلطالق(‪.)2‬‬
‫للمسلمني القوة واملنعة و ه‬
‫عرب عنه أبو حنيفة ابل ّدار‪.‬‬
‫تضمن فكرتني أساسيتني‪ ،‬هي إقليم دولة اإلسالم ال هذي ه‬‫حسب تقديري هذا التهعريف ه‬
‫الشوكة على اإلطالق واخلوف‬ ‫ِ‬
‫القوة واملنعة و ه‬
‫والثهانيهة هي أ هن ال هدار ال تكون دار اإلسالم إاله إذا كان للمسلمني يف أرضهم ه‬
‫لغريهم على اإلطالق‪ .‬مبعىن آخر إاله إذا كانت سيادة دولة اإلسالم على إقليمها سيادة مطلقة‪ .‬هكذا جند هذا اإلمام‬
‫قد حت هدث عن فكرة إقليم ال هدولة اإلسالميهة وسيادت ها بقرون عديدة‪ ،‬قبل أن يتح هدث فقهاء القانون الوضعي يف العصر‬
‫احلديث عن إقليم ال هدولة وسيادت ها كركنني من أركان ال هدولة احلديثة‪.‬‬
‫السرخسي بقوله‪« :‬دار اإلسالم إسم املوضع الذي يكون حتت يد املسلمني وعالمة‬
‫عرفها اإلمام ّ‬
‫ويف نفس املعىن ه‬
‫شوكة"(‪.)4‬‬
‫القوة وال ّ‬
‫ذلك أن أيمن فيه املسلمون » وهذا "أل ّن البقعة إ ّّنا تنسب إلينا أو إليهم ابعتبار ّ‬
‫(‪)3‬‬

‫الشوكة واألمن‬
‫القوة و ه‬
‫حسب تعريف هذا اإلمام‪ ،‬مّت وقعت أرض ما حتت يدي املسلمني أي سلطتهم وكانت هلم فيها ه‬
‫السيادة‪ ،‬وجرت فيها أحكام اإلسالم‪ ،‬كانت دارا لإلسالم‪.‬‬
‫و ه‬
‫أبّنا‪« :‬ال ّدار اليت نزهلا املسلمون وجرت فيها أحكام اإلسالم»(‪ ،)5‬غين عن الذكر‬
‫وعرفها اإلمام ابن قيّم اجلوزيّة ه‬
‫ه‬
‫أ هن نزول املسلمني أرضا ما‪ ،‬هإما يكون سلما أو فتحا‪ ،‬والنهزول يعين اإلقامة ال هدائمة على اإلقليم‪ ،‬وعلى هذا تكون دار‬

‫دراز‪ :‬فكرة تنازع القوانني يف الفقه اإلسالمي‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنهشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2004 ،‬ص‪.148‬‬
‫حممد علي ه‬ ‫(‪ -)1‬د‪ .‬رمزي ه‬
‫السابق‪.‬‬
‫(‪ -)2‬نفس املرجع ه‬
‫الرسالة للطهباعة والنهشر‪ ،‬بريوت لبنان‪ ،‬الطهبعة الثهانيهة‪،‬‬
‫مؤسسة ه‬
‫الذميني واملستأمنني يف دار اإلسالم‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬ه‬
‫(‪ -)3‬د‪ .‬عبد الكرمي زيدان‪ :‬أحكام ه‬
‫‪ ،1988‬ص‪.27‬‬
‫السرخسي‪ :‬املبسوط‪ ،‬دار الفكر للطهباعة والنهشر والتهوزيع‪ ،‬بريوت الطهبعة األوىل‪ ،2000‬اجمللهد اخلامس‪ ،‬اجلزء العاشر‪،‬‬
‫(‪ -)4‬اإلمام مشس ال هدين أبو بكر ّ‬
‫ص‪.27‬‬
‫الذمة‪ ،‬املكتبة العصريهة‪ ،‬صيدا‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطهبعة األوىل‪ ،2007‬ص‪.260‬‬ ‫(‪ -)5‬اإلمام ابن القيهم اجلوزية‪ :‬أحكام أهل ه‬
‫‪3‬‬
‫ك أ هن‬
‫ذمتهم أحكام اإلسالم‪ ،‬وال ش ه‬
‫اإلسالم هي النهطاق املكاين ال هذي يقيم فيه املسلمون وجتري عليهم فيه وعلى أهل ه‬
‫السنة وإمجاع املسلمني‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫تستمد شرعيهتها من الكتاب و ُّ‬ ‫ذلك ال يتح هقق إاله بسلطة ذات سيادة‬
‫الوهاب خالف بقوله‪« :‬دار اإلسالم هي ال ّدار الّيت رجري عليها أحكام اإلسالم وأيمن‬
‫الشيخ عبد ّ‬
‫عرفها ه‬
‫‪-‬كما ه‬
‫من فيها أبمان املسلمني سواء كانوا مسلمني أم ذميني»(‪) 1‬هذا التهعريف يعين أ هن أحكام اإلسالم جتري على إقليم‬
‫الذميون ال هذين أطلق عليهم فقهاء اإلسالم‪ :‬أهل دار‬
‫ال هدولة اإلسالميهة وعلى ح هكامه‪ ،‬وعلى احملكومني وهم املسلمون و ه‬
‫اإلسالم‪.‬‬
‫والقوة فيها‬
‫وعرفها اإلمام أبو زهرة بقوله‪« :‬دار اإلسالم هي الدولة الّيت حتكم بسلطان املسلمني وتكون املنعة ّ‬
‫‪ -‬ه‬
‫للمسلمني»(‪)2‬هذا التهعريف استخدم فيه صاحبه مصطلح دار اإلسالم مرادفا ملصطلح ال هدولة املستخدم دوليا يف العصر‬
‫وسيتبني لنا من خالل شرح أركان دولة اإلسالم‬
‫ه‬ ‫مرة واحدة‪ ،‬كما سبق البيان‪.‬‬
‫احلديث‪ ،‬وقد ورد مصطلح الدولة يف القرآن ه‬
‫توصل إليه اجتهاد فقهاء اإلسالم عن فكرة ال هدولة‪.‬‬
‫أ هن شكل الدولة احلديثة استنبطه فقهاء القانون الوضعي يف أورواب ممها ه‬
‫املتأمل يف هذه التهعاريف يدرك أ هن مصطلح دار اإلسالم مستنبط من اآلية الكرمية «والّذين تـبـوءوا ال ّدار واإلميان من‬
‫ه‬
‫قبلهم حيبّون من هاجر إليهم وال جيدون يف صدورهم حاجة ممّا أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان هبم خصاصة»(‪،)3‬‬
‫املنورة ابل هدار‪ ،‬وهي املوطن األصلي لألنصار‪ ،‬ودار إقامتهم ال هدائمة‪ .‬مثه إلتحق‬
‫اّلل سبحانه وتعاىل هنا‪ ،‬املدينة ه‬
‫فقد نعت ه‬
‫مقر إقامته ال هدائمة‪ ،‬اجتمعت له فيها‬
‫فاّتذها ه‬
‫اّلل عليه وسلهم‪ ،‬ه‬
‫هبم املهاجرون‪ ،‬وبعد ذلك التحق هبم رسول اهلدى صلهى ه‬
‫اّلل يف كتابه‬
‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬كما أنزهلا ه‬‫السلطة الزمنيهة وال هدينية‪ ،‬كان يسوس فيها املسلمني ويقضي فيهم أبحكام ه‬
‫الشريفة‪ ،‬تفسريا ألحكامها‪ ،‬وتنفيذا هلا‪ ،‬فكان ذلك إيذاان مبيالد ال هدولة اإلسالمية‪ ،‬الّت‬
‫يسنت فيها بسنهته ه‬
‫العزيز‪ ،‬وكان ُّ‬
‫الّت نتص هدى لبياّنا فيما بعد‪.‬‬
‫املنورة‪ ،‬بعدما هتيهأت أسباب قيامها بتوفهر أركاّنا‪ ،‬ه‬
‫أسسها يف املدينة ه‬
‫ه‬
‫كل بلد يكون حتت يد املسلمني وخيضع لسلطتهم تكون هلم‬
‫خالصة ملا سبق ميكن تعريف ال هدولة اإلسالميهة أب ّّنا ّ‬
‫القوة واملنعة والشوكة واألم واألمان يتوالّهم حاكم مسلم يلتزم تطبيق أحكام اإلسالم فيه تطبيقا كامال شامال‬
‫فيه ّ‬
‫السواء بشريعة اإلسالم أل ّّنم يش ّكلون معا أهل دار اإلسالم‪.‬‬
‫وحيكم يف رعاايها مسلمني وذميّني على ّ‬
‫السابقة لدار اإلسالم هأّنا تتهفق مجيعها على أ هن دار اإلسالم هي اإلقليم ال هذي جتري فيه أحكام‬
‫يُالحظ على التهعاريف ه‬
‫يتم ذلك إاله إذا خضع لسلطة املسلمني‪ ،‬فإن كان األمر كذلك كانت‬
‫اإلسالم‪ ،‬وحيكم فيه بشريعته كقانون واحد‪ ،‬وال ه‬

‫(‪ -)1‬د‪ .‬عبد الكرمي زيدان‪ :‬أحكام الذميهني واملستأمنني‪ ...‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.17،16‬‬
‫حممد أبو زهرة‪ :‬العالقات ال هدوليهة يف اإلسالم‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بدون اتريخ‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫(‪ -)2‬اإلمام ه‬
‫(‪ -)3‬سورة احلشر‪ ،‬اآلية ‪.9‬‬

‫‪4‬‬
‫والقوة واألمان فيه للمسلمني مطلقا‪ .‬وال ميكن ه‬
‫تصور ذلك إاله بوجود سلطة فوقيهة قويهة حتمي محى‬ ‫السيادة واملنعة ّ‬
‫ّ‬
‫السنة‪ .‬هكذا يتجلهى أ هن الدولة اإلسالمية‬
‫اإلسالم وتذود عن أهل داره‪ ،‬وتطبهق أحكامه‪ ،‬وحتكم بشريعته وفق الكتاب و ُّ‬
‫الشريفة‪،‬‬
‫ومفسر ابلسنهة النهبويهة ه‬
‫الشرع اإلسالمي‪ ،‬كما هو حم هدد يف الكتاب ه‬
‫اّلل وسنهة رسوله‪ ،‬فهي وليدة ه‬
‫مصدرها كتاب ه‬
‫فهو الهذي صاغها وح هدد شكلها وأهدافها وغايتها ووضع ضوابطها‪ .‬وبعبارة أخرى هو الهذي أوجدها‪ ،‬على خالف األمر‬
‫السابق ميكن استنباط أركان‬
‫يف الدول املعاصرة الّت هي من صنع القانون الذي وضعه اإلنسان نفسه‪ .‬من خالل التهعريف ه‬
‫الدولة اإلسالمية‪.‬‬
‫الفرع الثّاين‪ :‬أركان الدولة اإلسالمية‪:‬‬
‫نستنتج من تعريف الدولة اإلسالمية كما أوردانه أعاله أ هن هلا أربعة أركان نذكرها فيما يلي‪:‬‬
‫ّأوال‪-‬الركن األول‪ :‬أهل دار اإلسالم‪:‬‬
‫األول لنشأت ها يف املدينة‬
‫يعترب أهل دار اإلسالم ركنا من أركان الدولة اإلسالمية‪ .‬وقد تش هكل هذا الركن يف بداية العهد ه‬
‫وتكون يف بداية األمر من املسلمني أنصارا ومهاجرين إىل جانب‬
‫اّلل عليه وسلهم إليها‪ .‬ه‬
‫الرسول صلهى ه‬
‫املنورة بعد هجرة ه‬
‫ه‬
‫السماويهة من‬
‫توسع فيما بعد ليشمل املسلمني وأهل األداين ه‬
‫أقليهة يهوديهة حمميهة تقيم معهم‪ ،‬وهم من أهل الكتاب‪ .‬مثه ه‬
‫الذمة‪ ،‬وهو عقد أمان دائم‪،‬‬
‫ذمة املسلمني مبوجب عقد مسهاه فقهاء اإلسالم عقد ّ‬
‫يهود ونصارى وغريهم‪ ،‬الذين دخلوا يف ه‬
‫فصاروا يُعرفون ابلذميهني ابعتبارهم من أهل دار اإلسالم‪ ،‬أي شعب الدولة اإلسالميهة بتعبري العصر الهذي حنن فيه‪ ،‬وعلى‬
‫استقر املعىن الذي أخذه مصطلح أهل دار اإلسالم ليشمل املسلمني وهم أغلبية رعااي الدولة اإلسالمية‪ ،‬والذميني‬
‫ذلك ه‬
‫كل فئة من الفئتني تقيم إقامة دائمة يف دار اإلسالم‪ ،‬وتوصف الفئتان معا أبهل دار اإلسالم(‪ ،)1‬أي‬
‫وهم أقليهة رعاايها‪ ،‬و ه‬
‫رعااي الدولة اإلسالمية‪ ،‬فهم وطنيوها بتعبري القانون الدويل املعاصر‪.‬‬
‫الركن الثّاين‪ :‬إقليم الدولة اإلسالمية‪:‬‬
‫اثنيّا‪ّ -‬‬
‫الشريعة اإلسالمية يستلزم وجود حيهز من األرض يقيم عليه رعاايها إقامة دائمة وجتري عليه أحكام‬
‫إ هن قيام الدولة وفق ه‬
‫اّلل عليه وسلهم‬
‫املنورة أرضا خالصة للمسلمني بعد هجرة النهيب صلهى ه‬
‫الركن عندما صارت املدينة ه‬
‫اإلسالم‪ .‬وقد توفهر هذا ه‬
‫الرسول‪ ،‬الهذي آخى بينهم يف وحدة فريدة من نوعها‪،‬‬
‫حيث اجتمع املسلمون األوائل من املهاجرين واألنصار حول ه‬
‫إليها‪ُ ،‬‬
‫القوة واملنعة واألمن هلم‪ ،‬هأدت إىل قيام الدولة‬
‫وكان يعيش إىل جانبهم أهل الكتاب من اليهود‪ ،‬وبذلك توفهرت أسباب ّ‬
‫اّلل عليه وسلهم مهامه كرسول لل هدعوة اإلسالمية‪ ،‬ويف ذات الوقت مارس صالحياته‬
‫اإلسالمية‪ ،‬فباشر الهرسول صلهى ه‬
‫توسع إقليم الدولة اإلسالمية بفتح مكة ودخول سكان‬
‫كرئيس للدولة اإلسالمية على املستويني الداخلي واخلارجي‪ .‬وقد ه‬

‫العريب الكبري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬معهد البحوث وال هدراسات العربيهة ‪،1971‬ص‪.41‬‬
‫(‪-)1‬إبراهيم عبد الباقي‪ :‬اجلنسيهة يف قوانني املغرب ه‬
‫‪5‬‬
‫حّت اتهسعت أرجاء الدولة‬
‫وظل اإلقليم يتم هدد ويتهسع يف عهد خلفائه‪ ،‬ه‬ ‫اجلزيرة العربيهة يف اإلسالم زرافات ووحداان‪ ،‬ه‬
‫اإلسالمية اتهساعا عظيما عن طريق الفتوحات اإلسالمية(‪ ،)1‬الّت هأدت إىل انتشار ال هدعوة اإلسالمية‪ ،‬فكان هناك تالزم‬
‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬فتطابقت حدودها مع‬
‫بني اتهساع النهطاق اإلقليمي لدار اإلسالم وانتشار اإلسالم‪ ،‬وسراين أحكام ه‬
‫يتعني بقدرة املسلمني على تطبيق أحكام‬
‫حدود جراين أحكام اإلسالم‪ ،‬وهذا يعين أ هن حدود إقليم الدولة اإلسالمية ه‬
‫الشريعة اإلسالمية على األرض الّت وقعت حتت أيديهم بصورة كاملة‪ .‬وممها يذكر هنا أ ّن إقليم الدولة اإلسالمية قد نشأ‬
‫ه‬
‫مستقالا عن ملكية احلاكم املسلم فكان فقهاء اإلسالم يعتربون إقليم الدولة اإلسالمية ملكية ع هامة ل ه‬
‫ألمة‪ ،‬وال يدخل‬
‫اخلاصة للحاكم على خالف ما كان عليه الوضع يف القوانني الوضعية يف الغرب اىل وقت قريب‪ ،‬حيث كان‬
‫يف امللكية ه‬
‫ظل هذا الوضع‬
‫يتصرف يف سائر أمالكه‪ ،‬وقد ه‬
‫يتصرف فيه كما ه‬
‫حيق له أن ه‬
‫اإلقليم يُعترب جزءا من أمالك امللك أو األمري ُّ‬
‫العامة هي فكرة إسالميّة املنبت‪ ،‬أخذ ب ها‬
‫قائما إىل غاية ّناية القرن ‪ 18‬وبداية القرن ‪ 19‬امليالديني‪ .‬فكرة امللكيّة ّ‬
‫فقهاء القانون الوضعي يف العصر احلديث‪.‬‬
‫اثلثا‪-‬الركن الثالث‪ :‬السلطة السياسية احلاكمة ذات السيادة‪:‬‬
‫السيادة " وإهّنا تُستنبط من تعريفهم لدار اإلسالم‪ ،‬فقد‬
‫السياسية ذات ّ‬
‫السلطة ّ‬
‫مل يستخدم فقهاء اإلسالم عبارة " ُّ‬
‫وعربوا عن اإلقليم‬
‫شوكة واألمن‪ ،‬ه‬
‫ابلقوة واملنعة وال ّ‬
‫السيادة ّ‬ ‫السلطة احلاكمة بسلطان املسلمني ه‬
‫وعربوا عن ه‬ ‫عربوا عن ُّ‬
‫ه‬
‫اليت نزهلا املسلمون أو البقعة اليت خضعت لسلطاّنم وأقاموا فيها إقامة دائمة‪ ،‬ه‬
‫ألّنا امتنعت على غريهم‬ ‫ابألرض ّ‬
‫السياسية احلاكمة ذات‬
‫السلطة ّ‬
‫ذمتهم‪ ،‬وهكذا يبدو جليا أ هن فكرة ُّ‬
‫فصارت دار إقامة دائمة للمسلمني ومن دخل يف ه‬
‫السيادة ترجع ضمنيها يف أصلها اىل اجتهاد الفقه اإلسالمي‪ ،‬فجاء فقهاء القانون الوضعي يف العصر احلديث فاقتبسوها‬
‫ّ‬
‫السيادة هي فكرة حديثة ظهرت يف بداية القرن ‪ 16‬امليالدي وهي تعين‬
‫توصل إليه فقهاء اإلسالم‪ ،‬ذلك أ هن فكرة ه‬
‫ممها ه‬
‫السياسية يف الدولة فتجعل منها ُسلطة عُليا آمرة(‪.)2‬‬
‫السلطة ه‬
‫الّت تنفرد ب ها ُّ‬
‫جمموعة االختصاصات ه‬
‫تصور شريعة‬
‫السيادة فكراتن متالزمتان‪ ،‬ال وجود إلحدامها دون األُخرى‪ .‬فال ُميكن ه‬
‫السياسية احلاكمة‪ ،‬و ه‬
‫السلطة ه‬
‫إ هن ُّ‬
‫فالسيادة ترتبط بوجود الدولة‬
‫تبسط سيادت ها على اجملتمع داخليا وتعمل على احرتامها خارجيا‪ .‬ه‬
‫عامة ُ‬
‫عامة دون ُسلطة ه‬
‫ه‬
‫ارتباط لزوم‪ ،‬هلذا كان للدولة اإلسالميهة سلطة سياسية ذات سيادة على رعاايها وإقليمها‪ .‬غري أ هن مفهوم ه‬
‫السيادة يف‬
‫كل‬
‫فلما كان اإلسالم عقيدة تنبثق منها شريعة تُنظهم اجملتمع املسلم يف ه‬
‫اإلسالم خيتلف عن مفهومها يف القانون الوضعي‪ ،‬ه‬
‫أئمة‬
‫اّلل وسنهة رسوله‪ ،‬وإمجاع ه‬ ‫السياديهة من كتاب ه‬
‫الّت تستم هدُ سطتها ه‬
‫شؤونه‪ ،‬فإ هن ذلك استلزم قيام الدولة اإلسالمية‪ ،‬ه‬

‫السياسيهة‪ ،‬مطبعة دار الكتاب سنة ‪،1951‬ص‪.85‬‬ ‫(‪ -)1‬عبد القادر عودة‪ :‬اإلسالم وأوضاعنا ه‬
‫الرسالة‪ ،‬الطهبعة األوىل ‪،1981‬ص‪.117‬‬
‫(‪ -)2‬د‪ .‬وهبة الزحيلي‪ :‬العالقات ال هدوليهة يف اإلسالم‪ ،‬مقارنة ابلقانون ال هدويل احلديث‪ ،‬مؤسسة ه‬
‫‪6‬‬
‫السلطة كضرورة دينية فضال عن أنهها ظاهرة مدنية وسياسية‪ ،‬ي ّ‬
‫سميها فقهاء اإلسالم‬ ‫املسلمني‪ ،‬أل هن اإلسالم ينظُر إىل ُّ‬
‫اخلالفة‪ ،‬أو اإلمامة‪ ،‬أو والية األمر‪.‬‬
‫يستمد ُسلطته من أحكام الشريعة اإلسالمية الّت تسري عليه هو نفسه‪ ،‬فإ هن ذلك ال ينفي أ هن‬ ‫ُّ‬ ‫إذا كان احلاكم املسلم‬
‫تتم إاله ببيعتهم له على اإلم امة‪ ،‬ويف هذا قال اإلم ام املـ ـ ـ ـاوردي إ هن‪:‬‬
‫ُسلطته هي من ُسلطان املسلمني‪ ،‬أل هن إمامته ال ُّ‬
‫(‪)1‬‬
‫»‬ ‫ُّبوة يف حراسة ال ّدين وسياسة ُّ‬
‫الدنيا وعقدها ملن يقوم هبا واجب ابإلمجاع‬ ‫« اإلمامة موضوعة خلالفة الن ّ‬
‫الرسول وأويل األمر منكم» ‪ ،‬فطاعة ه‬‫اّلل وأطيعوا ّ‬
‫مصداقا لقوله تعاىل‪ « :‬أييُّها الّذين آمنوا أطيعوا ّ‬
‫(‪)2‬‬
‫ويل األمر على‬
‫اّلل ورسوله‪ ،‬وال تتح هقق هذه الطهاعة إاله بتطبيق أحكام اإلسالم تطبيقا كامال وشامال‪ ،‬أل هن‬
‫املسلمني فرض إذا أطاع ه‬
‫اّلل ُسبحانه‬
‫الكل يرجع إىل سيادة كليهة هي سيادة ّ‬
‫سيادة الدولة يف اإلسالم مستم هدة من سيادة الشريعة اإلسالمية‪ ،‬و ه‬
‫وتعاىل‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬الركن الرابع‪-‬جراين أحكام اإلسالم‪ :‬يُعترب جراين أحكام اإلسالم ُركنا جوهراي لقيام دولة اإلسالم‪ ،‬فهو الذي‬
‫الصفة اإلسالمية‪ ،‬وي ميهزها عن الدول غري اإلسالمية‪ ،‬بل إ هن األركان الثالثة الّت شرحناها سابقا‪ ،‬وهي أهل دار‬
‫يُعطيها ه‬
‫السيادة مل توجد كلُّها إاله من أجل هدف واحد هو حتقيق‬
‫السلطة احلاكمة ذات ه‬
‫اإلسالم‪ ،‬وإقليم الدولة اإلسالمية‪ ،‬و ُّ‬
‫جراين أحكام اإلسالم‪ ،‬واحلكم بشريعته ابعتبارها القانون األوحد الذي له الوالية ه‬
‫العامة يف دار اإلسالم(‪.)3‬‬
‫املطلب الثّاين‬
‫تعريف الرعوية اإلسالمية وعناصرها‬
‫نبدأُ بتعريف الرعوية اإلسالمية (الفرع األول) مثه نُ هبني عناصرها (الفرع الثاين)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف الرعوية اإلسالمية‪:‬‬
‫مل يرد مصطلح الرعوية اإلسالمية يف الفقه اإلسالمي صراحة‪ ،‬كما مل يستخدمه فقهاء القانون الوضعي يف العامل العريب‬
‫الصالة‬
‫الشريف‪ ،‬وهو حديث صحيح‪ ،‬الذي قال فيه عليه ه‬
‫واإلسالمي‪ ،‬وإهّنا اجتهدان يف استنباطه من احلديث النهبوي ه‬
‫السالم‪ « :‬كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته فاإلمام راع وهو مسؤول عن رعيّته‪ .)4(»...‬من هذا احلديث‬
‫و ه‬

‫العريب بريوت‪ ،‬الطهبعة‬ ‫حممد بن حبيب البصري البغدادي املاوردي‪ :‬األحكام ُّ‬
‫السلطانيهة يف الوالايت ال هدينيهة‪ ،‬دار الكتاب ه‬ ‫(‪ -)1‬اإلمام أبو احلسن علي بن ه‬
‫الثهالثة ‪ ،1999‬ص‪.29‬‬
‫(‪ -)2‬سورة النهساء‪ ،‬اآلية ‪.59‬‬
‫(‪ -)3‬للمزيد من اإلطهالع عن مفهوم الدولة اإلسالمية وتعريفها وأركاّنا ‪ ،‬راجع رسالتنا لنيل شهادة الدكتوراه‪ :‬ازدواجية اجلنسية وموقف القانون اجلزائري منها‪.‬‬
‫جامع اجلزائر ‪ ،1‬كليهة احلقوق‪ ،‬بن عكنون‪ ،‬نوقشت بتاريخ ‪ ،2014/05/13‬ص‪ 168‬وما بعدها‪.‬‬
‫األول‪ ،‬دار الكتب العلميهة‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬طبعة جديدة ‪ ،2017‬احلديث رقم‪ ،2409‬ص‪.434‬‬ ‫(‪ -)4‬اإلمام البُخاري يف صحيحه‪ ،‬اجلزء ه‬
‫السادس‪ ،‬احلديث رقم‪ ،4701‬ص‪.459‬‬ ‫‪ -‬أيضا اإلمام مسلم يف صحيحه‪ ،‬شرح اإلمام النهووي‪ ،‬دار ابن اهليثم‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطهبعة األوىل ‪ ،2003‬اجمللهد ه‬
‫‪ -‬وأيضا اإلمام أبو داود يف سننه‪ ،‬دار الكتب العلميهة‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطهبعة األول ‪ ،1996‬اجلزء الثهاين‪ ،‬احلديث رقم ‪ ،2928‬ص‪.339‬‬

‫‪7‬‬
‫السالم مصطلح رعية وراع وربط بينهما مبسؤولية الراعي‪-‬وهو اإلمام أو احلاكم‪-‬عن‬
‫الصالة و ه‬
‫الذي استخدم فيه عليه ه‬
‫رعيهته‪ ،‬تنبثق فكرة الرعوية اإلسالمية‪ ،‬الّت تعين انتساب الفرد الواحد إىل دار اإلسالم‪ ،‬فيكون من أهل دار اإلسالم‪ ،‬من‬
‫يتم ذلك‬
‫يتبني أ هن رعويهة األفراد يف دار اإلسالم ال تتح هقق إاله ببسط سلطان اإلسالم عليهم وفق شريعة اإلسالم‪ ،‬وال ُّ‬
‫هنا ه‬
‫إاله بقيام دار اإلسالم مّت توفهرت أركان ها األربعة الّت شرحناها سابقا‪ .‬ومن هذه األركان أهل دار اإلسالم‪ ،‬وهم جمموعة‬
‫الشخصية إىل دار اإلسالم ويُقيم فيها إقامة دائمة‬
‫كل واحد منهم بصفته ه‬
‫سب ه‬
‫من األفراد يُش هكلون معا مجاعة سياسية ينت ُ‬
‫اإلسالمي كما يلي‪ :‬الرعوية اإلسالمية هي انتساب‬
‫ه‬ ‫نعرف الرعوية‬
‫حّت جتري عليه أحكام اإلسالم‪ .‬وعلى هذا ُميكننا أن ه‬
‫ه‬
‫شريعة اإلسالمية اليت رجري عليه حبسب‬
‫الفرد اىل دار اإلسالم بصفته رعية من أهل دار اإلسالم وفقا ألحكام ال ّ‬
‫استخدمت هنا مصطلح االنتساب يف تعريف الرعوية اإلسالمية‪ ،‬أل هن النهسب ال يقبل‬
‫ُ‬ ‫ما إذا كان مسلما أو ذميّا‪.‬‬
‫التعدد على عكس مصطلح االنتماء املستخدم يف تعريف اجلنسية يف القانون الوضعي الذي يقبل االزدواجية والتع هدد‬ ‫ُّ‬
‫سيتبني ذلك الحقا‪ .‬من هذا التعريف ُميكن استخراج عناصر الرعوية اإلسالمية‪.‬‬
‫كما ه‬
‫الفرع الثّاين‪ :‬عناصر الرعويّة اإلسالمية‪:‬‬
‫الشريعة اإلسالمية‪ .‬فهو من صنعها‬
‫الرعوية اإلسالمية هي انتساب الفرد إىل دار اإلسالم‪ .‬هذا االنتساب يتح هدد وفق ه‬
‫السلطة احلاكمة يف دار اإلسالم‪ .‬وعلى هذا تتضافر يف الرعوية اإلسالمية ثالثة عناصر هي‪:‬‬
‫صنع ُّ‬
‫ال من ُ‬
‫أوال‪-‬العنصر األول‪ :‬دار اإلسالم أو الدولة اإلسالمية‪:‬‬
‫الشريعة اإلسالمية‪،‬‬
‫تُعترب دار اإلسالم عنصرا من عناصر الرعوية اإلسالمية‪ ،‬وهي كما عرفها فقهاء اإلسالم‪ ،‬وليدة ه‬
‫فالشريعة اإلسالمية‪-‬كما نعلم‪-‬قانون رهابين‪ ،‬مصادرها‬
‫فهذه األخرية هي الّت ح هددت إطارها ومضمون ها والغاية منها‪ .‬ه‬
‫صورة يف‬
‫أئمة املسلمني‪ .‬على العكس من ذلك جند الدولة احلديثة الالهئكية كما هي ُم ه‬
‫السنهة وإمجاع ه‬
‫األساسية الكتاب و ُ‬
‫القانون الوضعي‪ ،‬الّت ارتبطت هبا فكرة اجلنسية القانونية‪ ،‬والّت ندرس مفهومها الحقا قد أنشأها قانون وضعي سنه‬
‫الشريعة اإلسالمية‬
‫السلطة التشريعية‪ .‬فدار اإلسالم مل تنشأ إاله بتوافق مع أحكام ه‬
‫اإلنسان نفسه إبرادته عن طريق ُّ‬
‫يسنُّها االنسان من نفسه‪ ،‬وإهّنا‬
‫ومقاصدها‪ ،‬ومل تتعلهق يف نشأت ها إبرادة اإلنسان حاكما أو حمكوما‪ ،‬وال ابلقوانني الّت ُ‬
‫الشرع يف « حراسة ال ّدين وسياسة‬
‫ويل األمر أن يكون مستخلفا عن صاحب ه‬
‫الشرع اإلسالمي‪ ،‬الذي يُلزم ه‬
‫قامت على ه‬
‫ُّ‬
‫الدنيا»‪ ،‬وهلذا وجدان علماء اإلسالم اجملتهدين يتقيهدون هبذه القاعدة يف اجتهادات هم الّت ه‬
‫عرفوا ب ها دار اإلسالم‪،‬‬
‫الشريعة اإلسالمية الّت ح هددت يف ذات الوقت ضمنيا فكرة الرعوية اإلسالمية‪ ،‬الّت تستم هد‬
‫فاستنبطوا فكرت ها من أحكام ه‬
‫الشرع هو الذي يُ هبني كيفية التهمتُّع هبا وكيفية زواهلا‬
‫الشرع اإلسالمي‪ ،‬مبصادره املختلفة‪ ،‬أل هن هذا ه‬
‫نظامها القانوين من ه‬
‫يتسن ذلك إاله بعد التهمييز‬
‫وسلطتها احلاكمة ورعاايها‪ ،‬ومل ه‬
‫عمن متتهع ب ها‪ ،‬وهو الذي تسري أحكامه على دار اإلسالم ُ‬
‫ه‬

‫‪8‬‬
‫الّت جتري فيها أحكام اإلسالم على أهل‬
‫بني دار اإلسالم ودار احلرب‪ .‬وقد أشران فيما سبق أ هن دار اإلسالم هي ال هدار ه‬
‫شريعة اإلسالمية من‬
‫فالسيادة فيها ألحكام ال ّ‬
‫دار اإلسالم‪ ،‬وأيمن من فيها من املسلمني ومن الذميني أبمان اإلسالم‪ّ .‬‬
‫حيث نفاذها وممارسة شعائرها(‪.)1‬‬
‫هأما دار احلرب فهي ال ّدار اليت ال ختضع لسلطان املسلمني وال رجري فيها أحكام اإلسالم وال أيمن من فيها أبمان‬
‫املسلمني ‪ .‬ومن النتائج الّت تسفر عن هذا التهباين بني ال هدارين‪ ،‬اعرتاف ه‬
‫(‪)2‬‬
‫الشريعة اإلسالمية اعرتافا واقعيا وشرعيا بوجود‬
‫(‪)3‬‬
‫السيادة‬
‫حبق ه‬
‫يؤدي إىل االعرتاف ه‬
‫دول أُخرى يف هذا العامل‪ّ ،‬تتلف اختالفا طبيعيا وقانونيا عن دار اإلسالم ‪ ،‬وهذا ه‬
‫لكل دار أن ُّتضع رعاايها لقوانينها‪،‬‬
‫حيق ه‬
‫كل دار على ما يقع حتت أيديهم‪ ،‬وابلتهايل ُّ‬
‫السيادة القانونية ألهل ه‬
‫اإلقليمية و ه‬
‫كل األجانب املوجودين داخل إقليمها لقوانينها الوطنيهة‪.‬‬
‫بل خيضع ه‬
‫السياسية الدولية‪ .‬وب هذا أرسى الفقه‬
‫فكل دار هلا شخصيتها القانونية وكيان ها اخلاص ب ها‪ ،‬وابلتهايل هلا حدودها ه‬
‫ه‬
‫السلم واحلرب‪ .‬ومن ضمن‬ ‫اإلسالمي أُسس عالقة الدولة اإلسالمية بغريها من الدُّول املنتمية إىل دار احلرب‪ ،‬وذلك يف ه‬
‫الّت يلتزم هبا أهل دار اإلسالم من مسلمني وذميني‪ ،‬وتُطبهق عليهم‪ ،‬تلك امل تعلهقة ابملعامالت‪ ،‬والرعوية‬
‫أحكام اإلسالم ه‬
‫كل فرد من أفرادمها‪ ،‬مبعىن آخر ُحت هدد صفته الوطنية مبقتضى‬
‫اإلسالمية‪ ،‬الّت تقتصر على هاتني الفئتني‪ ،‬وحت هدد رعوية ه‬
‫الشرع اإلسالمي من خالل انتسابه إىل دار اإلسالم‪ .‬وبذلك يكون طرفا الرعوية اإلسالمية مها‪ ،‬دار اإلسالم من جهة‪،‬‬
‫ه‬
‫والفرد الذي يُعترب شرعا من أهل دار اإلسالم من جهة أخرى‪ ،‬سواء كان مسلما أو ذميا‪ ،‬وبذلك أيخذ وصف رعيّة دار‬
‫اإلسالم‪.‬‬
‫اثنيّا‪-‬العنصر الثاين‪ :‬رعيّة دار اإلسالم‪:‬‬
‫ينصرف مصطلح رعيهة دار اإلسالم إىل الفرد الذي ينتسب شرعا إىل دار اإلسالم‪ .‬يقتصر هذا االنتساب على صنفني‬
‫كل واحد منهما يُعترب رعيهة دار اإلسالم‪ .‬وجمموع املسلمني والذميني يوصفون أب هّنم أهل‬
‫من األفراد مها‪ :‬املسلم والذمي‪ .‬ه‬
‫دار اإلسالم أي مبعىن شعب الدولة اإلسالمية بتعبري العصر احلايل‪ .‬ه‬
‫كل فرد حيوز صفة رعيهة دار اإلسالم إذا كان‬
‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وخيضع لوالية‬
‫الصفة جرت عليه أحكام ه‬‫منتسبا شرعا إليها مع اإلقامة ال هدائمة فيها‪ .‬فإذا حاز تلك ه‬
‫دولة اإلسالم وسلطة احلاكم املسلم متييزا له عن أهل دار احلرب‪ ،‬الذين يُنعتون ابحلربيني (مبعىن األجانب)‪ ،‬وينتسبون إىل‬

‫الشريعة والقانون ابلقاهرة‪،1971‬‬


‫حممد أمحد‪ :‬مصادر التهمويل األجنيب يف الفقه اإلسالمي لل هدولة اإلسالميهة‪ ،‬رسالة دكتوره‪ ،‬كليهة ه‬
‫حممد سر اخلتم ه‬
‫(‪ -)1‬د‪ .‬ه‬
‫ص‪.32‬‬
‫الشؤون ال هدستوريهة واخلارجيهة واملاليهة‪ ،‬دار األنصار‪ ،‬القاهرة ‪،1977‬‬
‫الشرعيهة أو نظام ال هدولة اإلسالميهة يف ه‬
‫السياسة ه‬
‫الوهاب خالف‪ :‬ه‬
‫الشيخ عبد ه‬‫(‪ -)2‬ه‬
‫ص‪.71‬‬
‫الشريعة والقانون‪ ،‬القاهرة‪،1986‬‬
‫الشاذيل‪ :‬جرائم غري املسلمني وعقوبتها يف الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي‪ ،‬رسالة دكتوره‪ ،‬كليهة ه‬ ‫حممد نبيل ه‬
‫(‪ -)3‬د‪ .‬ه‬
‫ص‪.21‬‬

‫‪9‬‬
‫دار احلرب مع اإلقامة فيها فال ُّ‬
‫متتد إليهم والية دار اإلسالم‪ ،‬وال ُسلطة احلاكم املسلم‪ ،‬وال جتري عليهم أحكام اإلسالم‪،‬‬
‫وال يدخلون دار اإلسالم إاله بعقد أمان مؤقّت‪ ،‬حم هدد امل هدة‪ ،‬وإذا دخلوها مبوجب هذا العقد‪ ،‬أُطلق عليهم وصف‬
‫يتبني أ هن الرعوية اإلسالمية ال توجد إاله بوجود دار اإلسالم ورعاايها‪.‬‬ ‫املستأمنني‪ ،‬ه‬
‫سنبني حكمهم الحقا‪ .‬هكذا ه‬
‫اثلثا‪-‬العنصر الثّالث‪ :‬االنتساب إىل دار اإلسالم‪:‬‬
‫تعترب دار اإلسالم كياان شرعيا وسياسيا‪ ،‬ذات طبيعة دينية ومدنية يف آن واحد‪ ،‬ال ميكن الفصل بني ما هو ديين‪ ،‬وما‬
‫اّلل عليه وسلهم‪ ،‬فكان من الطهبيعي أن تبدأ العالقة‬
‫الرسول صلهى ه‬
‫املنورة على يدي ه‬ ‫هو سياسي فيها‪ .‬وقد نشأت يف املدينة ه‬
‫بني املسلم والدولة اإلسالمية من حلظة نشوئها ابلنهسبة ملن كان مسلما قبل ظهورها‪ ،‬ومن حلظة ميالده لِمن ُولد فيها‬
‫الصلة بينه وبني‬ ‫ِ‬
‫مسلما بعد ظهورها ‪ ،‬ومن حلظة دخوله يف اإلسالم ابلنهسبة لمن اعتنق اإلسالم بعد ظهورها‪ ،‬فتنشأ ه‬
‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬الّت تقتضي أن يكون والؤه لدار‬‫خالق العباد‪ ،‬وبينه وبني دار اإلسالم‪ ،‬ومن مثه يتأ هكد التزامه أبحكام ه‬
‫اإلسالم لتتح هقق فيه صفة رعيهة دار اإلسالم‪ ،‬ابنتسابه إىل دار اإلسالم كفرد مسلم‪ ،‬يكون انتسابه ذاك انتسااب دينيا‪،‬‬
‫سياسيها وشرعيها‪.‬‬
‫الصفة ابنتسابه إىل دار اإلسالم مبوجب عقد‬
‫هما ابلنهسبة للذمي الذي يعترب من أهل دار اإلسالم فتتح هقق فيه تلك ه‬
‫اّلل وسنهة رسوله صلهى‬
‫الذمة كتاب ه‬ ‫ذمة ه‬
‫خيوله اإلقامة ال هدائمة واألبدية فيها‪ ،‬ومصدر عقد ه‬ ‫يسمى عقد ال ّ‬
‫أمان دائم أبدي ه‬
‫أهم شروطه ان يقبل‬
‫مفصلة يف كتب الفقه اإلسالمي‪ ،‬ومن ه‬
‫أئمة املسلمني‪ .‬وقواعده وشروطه ه‬ ‫اّلل عليه وسلهم‪ ،‬وإمجاع ه‬
‫ه‬
‫ِ‬
‫الذمي أن جتري عليه أحكام اإلسالم‪.‬‬
‫ه‬
‫نستخلص ممها سبق أ هن االنتساب إىل دار اإلسالم حي هقق للفرد سواء كان مسلما أو ذميا صفة رعيّة دار اإلسالم‪ ،‬وعلى‬
‫لشريعة‬ ‫هذا تكون الرعوية اإلسالمية نظاما قانونيا إسالميا‪ .‬ومن ه‬
‫أهم ما يرتتهب عنها التزام أهل دار اإلسالم أبحكام ا ه‬
‫للذمي يف جانبها املتعلهق ابملعامالت‪،‬‬
‫اإلسالمية‪ ،‬ابلنهسبة للمسلم يف جانبها املتعلهق ابلعبادات واملعامالت‪ ،‬وابلنهسبة ه‬
‫لشرعي الذي يتوافق مع طبيعة االنتساب‬ ‫الذمي أبمانه‪ ،‬كلٌّ حسب مركزه ا ه‬
‫وكليهما آمن يف دار اإلسالم‪ ،‬املسلم إبميانه‪ ،‬و ه‬
‫لكل واحد منهما‪ ،‬فنستجليه يف املطلب الثالث‬
‫إىل دار اإلسالم‪ .‬هأما األساس ال هذي تقوم عليه الرعوية اإلسالمية ابلنهسبة ه‬
‫أدانه‪.‬‬
‫املطلب الثّالث‬
‫أساس قيام الّرعويّة اإلسالميّة‬
‫للذميني ابعتبار أ هن إقليمها خيضع لسلطة املسلمني‪ ،‬وجتري فيه‬
‫إ هن دار اإلسالم تعترب وطنا للمسلمني‪ ،‬وكذا وطنا ه‬
‫أحكام اإلسالم كلهها‪ ،‬لكن إىل جانب هؤالء الذين يُع هدون من أهل دار اإلسالم‪ ،‬هناك فئات أخرى يُصنهف أصحاب ها‬
‫حبسب عالقات هم بدار اإلسالم‪ ،‬وهم ليسوا من أهلها‪ ،‬منهم املستأمنون الذين أيتون من دار احلرب ليدخلوا دار اإلسالم‬
‫مبوجب عقد أمان مؤقّت‪ ،‬فيكون حكمهم ابلنهسبة للدولة اإلسالمية أشبه حبكم األجانب يف الدولة احلديثة‪ .‬ومنهم‬
‫تغريت صفتها بدخوهلا مع دار اإلسالم يف عهد‬ ‫املعاهدون الذين يسكنون دار العهد‪ ،‬ه‬
‫الّت هي يف أصلها دار حرب ه‬

‫‪10‬‬
‫نص عليها العهد إىل أمد(‪ .)1‬ومنهم احلربيون الذين يسكنون دار احلرب‬
‫الّت ه‬
‫لسلم ه‬
‫تلتزم فيه بعدم االعتداء واستمرار حالة ا ه‬
‫جمرد مصطلح للتهفرقة بني أهل دار اإلسالم وأهل‬
‫أو دار الكفر‪ ،‬وال يعين مصطلح حريب أ هن دمه وماله مباحان‪ ،‬بل إنهه ه‬
‫حّت يوجد داعي للحرب‪.‬‬
‫السلم ه‬
‫دار احلرب‪ ،‬أل هن األصل بني ال هدارين هو ه‬
‫كنها قد أوضحنا فيما سبق أ هن الرعوية اإلسالمية بعناصرها الثالثة ال توجد إاله بوجود دار اإلسالم أبركان ها األربعة‪ ،‬الّت‬
‫األول)‪،‬‬
‫شرحناها فيما سلف‪ .‬وبناء على ذلك نتص هدى لبيان أساس قيام الرعوية اإلسالمية ابلنهسبة للمسلمني (الفرع ّ‬
‫وأساسها ابلنهسبة للذميهني (الفرع الثّاين)‪ ،‬مثه ه‬
‫نعرج على بيان حكم املستأمنني يف دار اإلسالم‪ ،‬وإمكانيهة متتُّعهم ابلرعوية‬
‫اإلسالمية (الفرع الثّالث)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬أساس قيام الرعويّة اإلسالمية ابلنّسبة للمسلمني‪:‬‬
‫يُك هِون املسلمون يف دار اإلسالم مجاعة دينية وسياسية يف آن واحد‪ .‬فهم مجاعة دينية ألنههم مرتبطون بوحدة العقيدة‪،‬‬
‫احلق سبحانه وتعاىل‪« :‬إ ّن هذه ّأمتكم ّأمة واحدة وأان ربّكم‬ ‫ويش هكلون معا األ ّمة اإلسالمية‪ ،‬الّت قال فيها ه‬
‫فاعبدون»(‪ ،)2‬وقال تعاىل يف آية أخرى‪« :‬وإ ّن هذه ّأمتكم ّأمة واحدة وأان ربُّكم فاتّقون»(‪ ،)3‬ومعىن اآليتني أ هن دينكم‬
‫واحد‪ ،‬وشريعتكم واحدة وسنهتكم واحدة‪ ،‬ويف اجلملة هو اإلسالم(‪.)4‬‬
‫إ هن معيار التهمييز بني املسلمني وغريهم هو اإلسالم‪ .‬وهم مجاعة سياسية ألنههم جتمعهم وحدة الوالء والتهبعيهة لدار‬
‫تتضمن أحكاما شرعية الزمة لقيام‬‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬الّت ه‬
‫اإلسالم‪ ،‬أل هن اإلسالم دين ورعويهة ال يفصل بني العقيدة و ه‬
‫الشرعية‪ ،‬الّت تنظهم مسائل الرعوية‬
‫دار اإلسالم واستمرارها‪ ،‬يالزمها تطبيق أحكام اإلسالم فيها‪ ،‬مبا يف ذلك األحكام ه‬
‫اإلسالمية‪ ،‬دون أن يتوقهف ذلك على عقيدة الفرد‪ ،‬حيث يتع هدى األمر إىل النهظر إليه كشخص قانوين تتوفهر فيه شروط‬
‫ذمي‪.‬‬
‫الّت حيملها أهو مسلم أم ه‬
‫للصفة ه‬
‫الشرعي لرعيهة دار اإلسالم‪ ،‬تبعا ه‬
‫شغل املركز القانوين ه‬
‫الرعوية اإلسالمية ابلنهسبة للمسلم هو اإلميان‬
‫أتملنا التهعريف ال هذي ق هدمناه للرعوية اإلسالمية جند أ هن أساس قيام ه‬
‫إذا ه‬
‫املقرتن ابإلقامة ال ّدائمة يف دار اإلسالم‪ .‬لكن ملاذا اإلميان واإلقامة معا؟ جنيب عن ذلك يف الفقرتني اآلتيتني‪:‬‬
‫أوال‪-‬اإلميان والرعوية اإلسالمية‪:‬‬

‫(‪ -)1‬د‪ .‬عبد احلفيظ عبد ربهه‪ :‬فلسفة اجلهاد يف اإلسالم‪ ،‬دار الكتاب اللهبناين‪ ،‬بريوت ‪ ،1972‬ص‪ 74‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ -)2‬سورة األنبياء‪ ،‬اآلية ‪.92‬‬
‫(‪ -)3‬سورة املؤمنون‪ ،‬اآلية ‪.52‬‬
‫(‪ -)4‬اإلمام عماد ال هدين أيب الفداء إمساعيل ابن كثري‪ :‬تفسري القرآن العظيم‪ ،‬مكتبة ه‬
‫الصفا‪ ،‬مطابع دار البيان احلديثة‪ ،‬الطهبعة األوىل ‪ ،2002‬القاهرة‪ ،‬اجلزء‬
‫اخلامس‪ ،‬ص ‪ 216‬و ‪.276‬‬

‫‪11‬‬
‫اّلل يصبح عضوا يف مجاعة دينيّة تربطه أبفرادها وحدة‬
‫حممدا رسول ه‬
‫اّلل وأ هن ه‬
‫كل من ينطق بشهادة أ هن ال إله إاله ه‬
‫ه‬
‫ابألمة اإلسالمية(‪ ،)1‬فاملسلم يعترب عضوا فيها‬
‫تسمى هذه اجلماعة ه‬
‫العقيدة‪ ،‬دون اعتبار للعرق واللهغة واللهون واملكان‪ .‬ه‬
‫تتكون من املسلمني أصال‪ ،‬ومن الذميني من أهل‬
‫بصفته ال هدينية‪ ،‬ولكنهه يف ذات الوقت يعترب عضوا يف مجاعة سياسية ه‬
‫الكتاب ومن دخل يف حكمهم‪ .‬وهؤالء كلههم يش هكلون معا اجلماعة الّت أطلق عليها فقهاء اإلسالم أهل دار اإلسالم‪،‬‬

‫أي شعبها أو وطنيوها بتعبري القانون الدويل الوضعي‪ .‬وأساس انتساب املسلم إىل دار اإلسالم ابتداءً هو اإلميان‪ .‬وبناءً‬
‫اّلل عليه وسلهم حيمل صفة املسلم‪ ،‬وحبملها يكون رعيهة لدار اإلسالم إذا كان‬
‫ابّلل ورسوله صلهى ه‬
‫كل فرد آمن ه‬‫على ذلك ه‬
‫مقيما فيها‪ .‬لكن على ه‬
‫أي أساس تستند اإلقامة يف دار اإلسالم؟ هذا ما نُبيهنه يف الفقرة الثهانية أدانه‪.‬‬
‫والرعوية اإلسالمية ابلنّسبة للمسلم‪:‬‬
‫اثنيا‪-‬اإلقامة يف دار اإلسالم ّ‬
‫ابلرعوية اإلسالمية‪ ،‬بل الب هد أن يقرتن إميانه إبقامته‬
‫حّت يتمتهع ه‬
‫ال يكفي أن يعتنق الفرد اإلسالم‪ ،‬أو أن يولد مسلما ه‬
‫أصال يف دار اإلسالم‪ ،‬أو االنتقال لإلقامة والعيش فيها امتثاال لقوله تعاىل ذكره‪« :‬إ ّن الذين آمنوا و هاجروا وجاهدوا‬
‫اّلل والذين ءاووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ومل يهاجروا ما لكم‬
‫أبمواهلم وأنفسهم يف سبيل ّ‬
‫حىت يهاجروا» ‪ .‬هذه اآلية الكرمية وضعت أساسني متالزمني ه‬ ‫من واليتهم من شيء ّ‬
‫(‪)2‬‬
‫للرعوية اإلسالمية ابلنهسبة‬
‫للمسلمني مها اإلميان واإلقامة يف دار اإلسالم‪ .‬فإن كان الفرد مؤمنا ومل يرتك اتبعيهة دار الكفر‪ ،‬أي مل يهاجر إىل دار‬
‫(‪)3‬‬
‫الرعوية اإلسالمية‬
‫الرعوية اإلسالمية‪ ،‬هلذا تقتصر ه‬
‫اإلسالم ليستوطنها فإنهه ال يُع هد من أهل دار اإلسالم ‪ ،‬وابلتهايل ال حيمل ه‬
‫على املؤمنني الذين يسكنون دار اإلسالم‪ ،‬سواء الذين ُو ُلدوا فيها مسلمني‪ ،‬أو الذين اعتنقوا فيها اإلسالم‪ ،‬أو الذين‬
‫ابلرعوية اإلسالمية‪ ،‬ويكون بعضهم‬
‫حّت جتري عليهم أحكام اإلسالم‪ ،‬مبا فيها املتعلهقة ه‬
‫انتقلوا إليها من دار الكفر‪ ،‬وذلك ه‬
‫املقرر شرعا أ هن « والية املسلم ال تكون لغري املسلم » فقد جاء يف اآلية الكرمية األخرى‪:‬‬
‫أولياء بعض‪ ،‬أل هن املبدأ ه‬
‫«ال يتّذذ املؤمنون الكافرين أولياء من دون املؤمنني» ‪ ،‬فهنا ن هي صريح من ه‬
‫(‪)4‬‬
‫اّلل سبحانه وتعاىل للمؤمنني أن‬
‫اّلل عليه وسلهم قوله‪ « :‬أان بريء‬
‫اّلل صلهى ه‬
‫السياق نفسه جاء عن رسول ه‬
‫يتهخذوا الك هفار أولياء من دون املؤمنني‪ ،‬ويف ه‬
‫كل مسلم يقيم بني أظهر املشركني»‪ ،‬وقال يف حديث آخر‪« :‬من جامع املشرك وسكن معه فإنّه مثله»(‪.)5‬‬
‫من ّ‬
‫السكىن مع املشركني والك هفار والعيش بينهم قد يدفع املسلم إىل التهشبهه هبم‪ ،‬فقد قال الذي ال ينطق عن اهلوى‪« :‬من‬
‫أل هن ه‬
‫تشبّه بقوم‬

‫األمة يف اإلسالم‪ ،‬رسالتنا‪ ،‬مرجع سابق ص‪ 162‬إىل ‪.167‬‬ ‫(‪-)1‬راجع مفهوم ه‬


‫(‪-)2‬سورة األنفال‪ ،‬اآلية ‪.72‬‬
‫(‪ -)3‬أبو األعلى املودودي‪ :‬تدوين ال هدستور اإلسالمي‪ ،‬الدار السعودية للنشر والتوزيع ‪ ،‬أعاد طبعه برتخيص ‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية اجلزائر ‪ ،‬سنة‬
‫‪ 1985‬ص‪.64‬‬
‫أيضا الشيخ عبد هللا مصطفى املراغي‪ :‬التهشريع اإلسالمي لغري املسلمني‪ ،‬مكتبة دار األدب‪ ،‬دون اتريخ‪ ،‬ص‪ 22‬و ‪.23‬‬
‫(‪ -)4‬سورة آل عمران‪ ،‬اآلية ‪.28‬‬
‫العريب الطهبعة العاشرة‪ ،‬سنة ‪1422‬ه‪ ،‬ص‪.371‬‬‫حممد سعيد القحطاين‪ :‬الوالء والرباء يف اإلسالم‪ ،‬نشر الفتح لإلعالم ه‬ ‫(‪ -)5‬ه‬
‫‪12‬‬
‫السابقة أ هن والية دار اإلسالم ال متتد إىل املسلم‬ ‫فهو منهم»‪ .‬يفهم من اآليتني ال هسابقتني‪ ،‬ومن األحاديث النهبوية ه‬
‫الشريفة ه‬
‫حر دون إكراه البقاء يف دار احلرب‪ ،‬الّت ال ّتضع لسلطان املسلمني‬
‫أو األقلية املسلمة الّت آثرت عن رضا صريح واختيار ه‬
‫(‪،)1‬‬
‫حىت يهاجروا يف سبيل ا ّّلل»‬
‫وال تُطبهق فيها أحكام اإلسالم‪ ،‬وهذا ما أ هكدته آية أخرى‪ « :‬فال تتّذذوا منهم أولياء ّ‬
‫الشرك‪ ،‬ويفارقوا‬
‫حّت خيرجوا من دار ه‬‫ومعناها فال تتخ هذوهم أولياء إذا تركوا اهلجرة إىل دار اإلسالم‪ ،‬فليس لكم عليهم والية ه‬
‫اّلل‪ ،‬وهو سبيله ‪ ،‬فيصريوا عند ذلك مثلكم‪ ،‬ويكون هلم حينئذ حكمكم(‪.)2‬ول هما كان املؤمنون بعضهم‬ ‫أهلها‪ ،‬ابتغاء دين ه‬
‫اّلل تعاىل ذكره املواالة بينهم وبني الك هفار بقوله‪« :‬والذين كفروا بعضهم أولياء بعض»(‪ ،)3‬أي أ هن‬
‫أولياء بعض‪ ،‬قطع ه‬
‫حرم على املؤمن أن يقيم يف دار احلرب‪ ،‬أو أن يرتك اهلجرة إىل دار‬
‫اّلل ه‬
‫الك هفار بعضهم أنصار بعض‪ ،‬وفيها داللة على أ هن ه‬
‫اإلسالم(‪ ، )4‬بل جيب عليه أن يهاجر إىل دار اإلسالم‪ ،‬إذا وجد ضيما يف أرضه‪ ،‬فال جيوز له أن يعيش مستضعفا يف‬
‫وحريته‪ ،‬وهو حماسب‬‫األرض ما دامت فيه قدرة على االنتقال إىل دار اإلسالم ليكون هقوة عاملة فيها‪ ،‬وأتويه‪ ،‬وحتميه ه‬
‫صرح بذلك القرآن العظيم‪« :‬إ ّن ال ّذين توفّاهم‬ ‫(‪)5‬‬
‫يوم القيامة على بقائه يف ال هذل ومأواه جهنهم وساءت مصريا ‪ ،‬كما ه‬
‫اّلل واسعة فتهاجروا فيها‬‫املالئكة ظاملي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنّا مستضعفني يف األرض قالوا أمل تكن أرض ّ‬
‫فأولئك مأواهم جهنّم وساءت مصريا»(‪ .)6‬ذلك أ هن اإلسالم ألقى على عاتق املسلمني وحدهم تبعة محل النهظام‬
‫قرون أبحقيهته‪ ،‬فتُن هفذ فيهم أحكامه‪ ،‬ويلتزمون ابالمتثال إىل مجيع أحكامه املتعلهقة ابلعبادات‬
‫اإلسالمي كلهه‪ ،‬أل هّنم يُ ه‬
‫ويضحون ابلنهفس واملال‬
‫ه‬ ‫ويؤدون مجيع فرائضه وواجباته‪،‬‬
‫الّت جاء هبا‪ ،‬فيُسلهمون مبا فُرض عليهم‪ ،‬ه‬ ‫واملعامالت املختلفة ه‬
‫وحق إدارة شؤون دولتهم وال توسد املناصب‬
‫حق بيعة أولياء أمورهم‪ ،‬ه‬
‫دفاعا عن بيضة اإلسالم ودولته‪ ،‬وهم وحدهم هلم ه‬
‫السياسة والتهدبري وحنكة‬
‫األساسيهة فيها إاله ملن كان منهم أهال لذلك‪ ،‬ومتوفهرا على مميهزات من علم وتقوى وعدل وحسن ه‬
‫يتم ذلك إاله ابإلقامة يف دار اإلسالم‪ ،‬من أجل ذلك يطالب‬ ‫قيادة اجليوش لتتح هقق أهداف اإلسالم جبراين أحكامه‪ ،‬وال ه‬
‫الشريعة اإلسالميهة‪ ،‬وحيصل ب هم إعزاز‬
‫املسلمون املقيمون يف دار الكفر ابهلجرة إىل دار اإلسالم لتجري علهم احكام ه‬
‫الشوكة واألمن لإلسالم وأهله‪ .‬هلذا ال ُّ‬
‫متتد إليهم والية دار اإلسالم إذا أقاموا خارج إقليمها‬ ‫القوة و ه‬
‫ال هدين‪ ،‬وتتح هقق املنعة و ه‬
‫إاله إذا كانوا مستضعفني ومضطهدين يف دينهم‪ ،‬وعجزوا عن اهلجرة إىل دار اإلسالم‪ ،‬كأن ُمينعوا من اهلجرة إليها‪ ،‬فحينئذ‬
‫حّت يتم هكنوا من اهلجرة‪ ،‬وإن اقتضى األمر تُهيهأ هلم الظهروف املالئمة لذلك‪ ،‬فاحل هكام‬
‫جتب نُصرهتم ومحاية حريهتهم ال هدينية ه‬
‫املسلمون ملزمون بنصرهتم مصداقا لقوله تعاىل ذكره‪« :‬وإن ٱستنصروكم يف ال ّدين فعليكم النّصر إالّ على قوم بينكم‬
‫وبينهم ميثاق»(‪ .)7‬ممها سبق عرضه يظهر أ هن والية ال هدولة اإلسالميهة على املسلمني املقيمني خارجها ليست مطلقة‪ ،‬بل‬

‫(‪ -)1‬سورة النهساء‪ ،‬اآلية ‪.89‬‬


‫(‪ -)2‬اإلمام ابن جرير الطهربي‪ :‬جامع البيان يف أتويل القرآن‪ ،‬مرجع سابق اجمللهد ه‬
‫الرابع‪ ،‬ص‪.198‬‬
‫(‪ -)3‬سورة األنفال‪ ،‬اآلية ‪.73‬‬
‫السادس‪ ،‬ص‪.298‬‬‫السابق ذكره‪ ،‬اجمللهد ه‬ ‫(‪ -)4‬اإلمام الطهربي‪ ،‬نفس املرجع ه‬
‫حممد أبو زهرة‪ :‬العالقات ال هدوليهة يف اإلسالم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.60‬‬
‫(‪ -)5‬اإلمام ه‬
‫(‪ -)6‬سورة النهساء‪ ،‬اآلية ‪.97‬‬
‫(‪-)7‬سورة األنفال‪ ،‬اآلية ‪.72‬‬

‫‪13‬‬
‫هي مقيهدة بشرط اإلقامة أصال يف دار اإلسالم‪ ،‬أو اهلجرة إليها عند املقدرة‪ ،‬ويف حالة تع هذر ذلك متت هد إليهم واليتها إذا‬
‫تعرضوا للظهلم واالضطهاد يف دينهم وحريهتهم‪ ،‬وإهدار حقوقهم بسبب عقيدت هم‪.‬‬ ‫ه‬
‫الشريعة اإلسالميهة ال تعرتف أصال ابزدواج االنتساب إىل ال ّدارين يف آن واحد‪ ،‬بل ال تسمح‬
‫نستنتج ممها سبق أ هن ه‬
‫غري رعويهته اإلسالمية برعويهة دار احلرب‪ ،‬أل هن ذلك يُع هد ارتدادا عن ال هدين اإلسالمي وّتلهيا عن أحكام‬
‫مطلقا للمسلم أن يُ ه‬
‫اإلسالم‪ .‬فالفرد هإما أن يكون رعيهةً لدار اإلسالم‪ ،‬أو رعيه ًة لدار احلرب‪ ،‬وال ميكن اجلمع بينهما مطلقا‪.‬‬
‫الرعوية اإلسالمية ابلنّسبة للذميني‪:‬‬
‫الفرع الثّاين‪ :‬أساس قيام ّ‬
‫أمجع فقهاء اإلسالم على أ هن الذميني من أهل دار اإلسالم‪ ،‬أي من وطنييها‪ ،‬إذ يُعتربون من شعب الدولة اإلسالمية‪،‬‬
‫الضمان واألمان(‪،)1‬‬
‫الذمة لغة هي العهد و ه‬
‫الشريفة واإلمجاع‪ .‬و ه‬
‫اخلاصة هبم من القرآن والسنهة النهبوية ه‬
‫مستنبطني األحكام ه‬
‫الذمة هم املعاهدون من اليهود والنهصارى وغريهم ممهن يقيمون يف دار اإلسالم إقامة دائمة مبوجب عقد مسهاه فقهاء‬
‫وأهل ه‬
‫الّت قام عليها هذا‬
‫الشرعية ه‬
‫الذمة مع بيان النُّصوص ه‬‫الذمة‪ ،‬هلذا يتطلهب منها هنا أن نُق هدم تعريفا لعقد أهل ه‬
‫اإلسالم عقد ه‬
‫الرعوية اإلسالمية‬ ‫العقد‪ ،‬وذلك يف فقرة أوىل‪ ،‬مثه نستخلص من ذلك أ هن عقد ه‬
‫الذمة هو األساس األصلي الذي تقوم عليه ه‬
‫ابلنهسبة للذميهني‪ ،‬وذلك ما نبيهنه يف فقرة اثنيّة‪.‬‬
‫شرعية اليت قام عليها‪:‬‬
‫الذمة مع بيان النّصوص ال ّ‬
‫أوال‪-‬تعريف عقد ّ‬
‫قر احلاكم املسلم‪ ،‬أو انئبه أهل الكتاب أو غريهم من الك هفار على كفرهم‬ ‫الذمة‪ :‬عقد ه‬
‫الذمة هو أن يُ ه‬ ‫‪-)1‬تعريف عقد ّ‬
‫ليقيموا يف دار اإلسالم إقامة دائمة وأبديهة بشرطني األول أن يلتزموا أحكام اإلسالم يف اجلملة‪ ،‬والثاين أن يبذلوا اجلزية‬
‫(‪)2‬‬
‫يتبني أ هن املسلمني والذميني متساوون يف احلقوق‬
‫على أن يكون هلم ما للمسلمني وعليهم ما عليهم ‪ .‬من هذا التهعريف ه‬
‫كل يتعبهد حسب عقيدته‪ ،‬غري أنههم يُع هدون مجيعهم من أهل‬
‫والواجبات إاله ما تعلهق ابلعقيدة ال هدينية فإ هّنم خمتلفون فيها‪ ،‬ه‬
‫دار اإلسالم‪.‬‬
‫الذمة‪:‬‬
‫اليت قام عليها عقد ّ‬
‫شرعيّة ّ‬
‫‪-)2‬النّصوص ال ّ‬
‫الشريفة‪ ،‬ذلك ما نبيهن ه يف الفقرة األوىل والثانية أدن اه‪.‬‬
‫الذمة القرآن والسنهة النهبوية ه‬
‫األصل يف عقد ه‬
‫حيرمون ما‬
‫ابّلل وال ابليوم اآلخر وال ّ‬
‫الذمة‪ :‬هو قوله تعاىل ذكره‪« :‬قاتلوا الذيـن ال يؤمنون ّ‬
‫‪-1‬األصل القرآين لعقد ّ‬
‫حىت يعطوا اجلزية عن يد وهم صاغرون» ‪ .‬ه‬
‫اّلل ورسوله وال يدينون دين احل ّق من الذين أوتوا الكتاب ّ‬
‫حرم ّ‬
‫(‪)3‬‬
‫تسمى‬ ‫ّ‬
‫هذه اآلية آية اجلزية‪.‬‬
‫اّلل عليه وسلهم يف أحاديث نبويهة شريفة منها هذا احلديث‬ ‫الذمة‪ :‬دلهت عليه سنهة رسول ه‬
‫اّلل صلهى ه‬ ‫السّن لعقد ّ‬
‫‪-2‬األصل ّ‬
‫فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم‬
‫ّ‬ ‫عدوك من املشركني فادعهم إىل ثالث خصال‬
‫الصحيح حيث جاء فيه‪« :‬إذا لقيت ّ‬
‫ه‬

‫ِ‬
‫وض املُربِ ُع شرح زاد ال ُمست قنع‪ ،‬ه‬
‫مؤسسة املختار للنهشر والتهوزيع‪ ،‬الطهبعة األوىل‪ ،‬القاهرة ‪،2005‬‬ ‫(‪-)1‬اإلمام منصور بن يونس بن إدريس املعروف ابلبهويت‪ُّ :‬‬
‫الر ُ‬
‫ص‪.285‬‬
‫الصفحة‪.‬‬
‫السابق‪ ،‬نفس ه‬
‫توسعنا فيه اقتباسا من التهعريف الذي ق هدمه اإلمام البهويت‪ ،‬املرجع ه‬
‫(‪-)2‬هذا التهعريف ه‬
‫(‪ -)3‬سورة التهوبة‪ ،‬اآلية‪.29‬‬

‫‪14‬‬
‫كف عنهم‪...‬فإن هم أبوا فسلهم اجلزية فإن هم‬
‫كف عنهم مثّ ادعهم إىل اإلسالم فإن أجابوك فاقبل منهم و ّ‬
‫و ّ‬
‫ابّلل وقاتلهم» ‪ .‬من اآلية الكرمية واحلديث النهبوي ه‬
‫كف عنهم فإن هم أبوا فاستعن ّ‬
‫أجابوك فاقبل منهم و ّ‬
‫(‪)1‬‬
‫السابق‬
‫ذكرمها استنبط فقهاء اإلسالم أ هن أهل الكتاب من اليهود والنهصارى وغريهم ممهن دخل يف حكمهم من اجملوس والعجم‬
‫الذمة‪،‬‬
‫الشرطان الالهزمان النعقاد عقد ه‬ ‫الوثنيني عندما قبلوا أن يبذلوا اجلزية للمسلمني‪ ،‬وأن يلتزموا أحكام اإلسالم‪ ،‬ومها ه‬
‫حق املسلمني‪ ،‬ف ُِرتكوا وما‬
‫ذميني‪ ،‬وابلتهايل أصبحوا من أهل دار اإلسالم‪ ،‬فثبت يف ح هقهم ما هو اثبت يف ه‬
‫ال هذي صاروا به ه‬
‫الشرعيهة املعروفة‪" :‬أمران برتكهم وما يعتقدون"‪ .‬واجلزية هي مال يوضع على من دخل يف ه‬
‫ذمة‬ ‫يعتقدون وفقا للقاعدة ه‬
‫الشرعية القائلة‪« :‬إ ّّنا بذلوا اجلزية‬
‫املسلمني وعهدهم جزاءً على تركهم على كفرهم يف دار اإلسالم‪ ،‬طبقا للقاعدة ه‬
‫ليـتـركوا وما يعتقدون» ‪ ،‬فتُعصم دماؤهم وأمواهلم وأعراضهم‪ ،‬وتُكفل ه‬
‫(‪)2‬‬
‫حرايت هم‪ .‬واحلكمة من وضعها هي جراين أحكام‬
‫حّت يتساوى أهل‬
‫الّت هي واجبة عليهم بطريق العبادة‪ ،‬ه‬
‫اإلسالم‪ ،‬ويف مقابل فرضها عليهم فُرضت الهزكاة على املسلمني‪ ،‬ه‬
‫املقررة شرعا‪ ،‬وينتفعون مبنافع دار‬
‫وذميني‪ ،‬فيستظلهون براية واحدة‪ ،‬ويتمتهعون جبميع احلقوق ه‬ ‫دار اإلسالم من مسلمني ه‬
‫الذميني نظري دفاع املسلمني‬
‫اإلسالم املباحة شرعا بنسبة واحدة‪ ،‬إاله ما ارتبط منها ابلعقيدة‪ ،‬كما أ هن اجلزية أوجبت على ه‬
‫كل من قصدهم أبذى(‪ .)3‬فقد أوصى النهيب صلهى‬
‫عنهم ومحايتهم يف دار اإلسالم‪ ،‬الّت يُقيمون فيها‪ ،‬واحملافظة عليهم ودفع ه‬
‫الذمة خريا»(‪ ،)4‬هلذا قال ابن حزم يف مراتب اإلمجاع‪:‬‬
‫اّلل عليه وسلهم ابإلحسان إليهم حينما قال‪« :‬استوصوا أبهل ّ‬
‫ه‬
‫والسالح‬
‫الذمة وجاء أهل احلرب إىل بالدان يقصدونه وجب علينا أن خنرج لقتاهلم ابلكراع ّ‬ ‫«إ ّن من كان يف ّ‬
‫اّلل عليه وسلّم فإ ّن تسليمه دون ذلك إمهال لعقد‬ ‫اّلل ورسوله صلّى ّ‬
‫ذمة ّ‬‫ونـموت دون ذلك صوان لمن هم يف ّ‬
‫الذمة» ‪ ،‬أل هّنم من أهل دار اإلسالم‪ .‬وقد ه‬
‫(‪)5‬‬
‫السابقة أبنهها‬
‫الصغار الواردة يف اآلية ه‬
‫اّلل كلمة ه‬
‫الشافعي رمحه ه‬
‫فسر اإلمام ه‬ ‫ّ‬
‫(‪)6‬‬
‫أئمة اإلسالم آبية اجلزية وابألحاديث النهبوية‪،‬‬
‫استدل ه‬
‫الذمة ‪ ،‬أُسوة ابملسلمني‪ ،‬و ه‬
‫تعين جراين أحكام اإلسالم على أهل ه‬
‫حّت يصري من أهل دار اإلسالم‪ ،‬وهذا ما أ هكده رسول‬ ‫الذمة ه‬
‫كل كافر دخل يف عقد ه‬ ‫على أ هن اجلزية جيوز أن تُؤخذ من ه‬
‫اّلل عليه وسلهم عندما قال‪« :‬سنّوا ابجملوس سنّة أهل الكتاب»(‪ .)7‬واجملوس هم عبدة النهار‪ ،‬وأيخذ حكمهم‬
‫اهلدى صلهى ه‬
‫عبدة األواثن‪.‬‬
‫للذميني‪:‬‬
‫الرعوية اإلسالمية ابلنّسبة ّ‬
‫الذمة أساس أصلي لقيام ّ‬
‫اثنيا‪-‬عقد ّ‬

‫السادس‪ ،‬دار ابن اهليثم‪ ،‬الطهبعة األوىل‪ ،‬القاهرة ‪ ،2003‬ص‪315‬و ‪.316‬‬ ‫(‪ -)1‬صحيح اإلمام مسلم‪ ،‬شرح اإلمام النهووي‪ ،‬اجمللهد ه‬
‫ابلسرخسي‪ :‬املبسوط‪ ،‬اجمللهد الثهالث‪ ،‬اجلزء اخلامس‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص‪.36‬‬ ‫حممد املعروف ه‬ ‫(‪ -)2‬اإلمام مشس ال هدين أبو بكر ه‬
‫السنهة‪ ،‬اجلزء الثهالث‪ ،‬مكتبة دار الرتاث‪ ،‬القاهرة ‪ ،2005‬ص‪.47‬‬ ‫(‪ -)3‬السيهد سابق فقه ه‬
‫الصنهاجي املشهور ابلقرايف‪ :‬الفروق‪ ،‬املكتبة العصريهة‪ ،‬صيدا‪ ،‬بريوت‪ ،‬اجلزء الثهالث سنة ‪،2011‬‬ ‫(‪ -)4‬اإلمام القرايف‪ :‬شهاب ال هدين أمحد بن إدريس‪ ،‬ه‬
‫ص‪.11‬‬
‫الصفحة‪.‬‬‫السابق‪ ،‬و ه‬‫(‪ -)5‬اإلمام القرايف‪ ،‬نفس املرجع ه‬
‫(‪-)6‬اإلمام أبو أمحد احلسني بن مسعود املشهور ابلبغوي‪ :‬معامل التهنزيل يف التهفسري والتهأويل‪ ،‬دار ابن حزم للطهباعة والنهشر‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطهبعة األوىل سنة‬
‫‪1423‬ه‪2002 ،‬م‪ ،‬ص‪.551‬‬
‫السرخسي‪ :‬املبسوط‪ ،‬اجمللهد اخلامس‪ ،‬اجلزء العاشر‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.63‬‬ ‫(‪-)7‬اإلمام ه‬
‫‪15‬‬
‫الرعوية اإلسالمية ابلنهسبة‬
‫الشرعية الّت حتكمه أ هن أساس قيام ه‬
‫يتبني من خالل تعريف عقد الذ همة أعاله وبيان النهصوص ه‬ ‫ه‬
‫حق اإلقامة ال هدائمة واألبدية يف دار اإلسالم‪ ،‬سواء كان هذا العقد‬
‫كل واحد منهم ه‬ ‫خيول ه‬‫الذمة‪ ،‬الذي ه‬ ‫للذميني هو عقد ه‬‫ه‬
‫أئمة‬
‫اّلل وسنهة رسوله‪ ،‬مثه إمجاع ه‬
‫نص شرعي هو كتاب ه‬ ‫صرحيا‪ ،‬أو عن طريق القرائن ال هدالة عليه‪ ،‬أل هن ال هداللة قوامها وجود ه‬
‫شارع احلكيم‪ ،‬فإذا صار‬
‫اإلسالم‪ ،‬وما إرادة الدولة اإلسالمية يف هذا العقد‪ ،‬وإرادة احلريب املتعاقد إاله تعبري عن إرادة ال ّ‬
‫ذريته من بعده(‪ ،)1‬فيُصبح متمتهعا‬
‫الذمة الذي عقده صراحة أو ضمنيا سرى عليه هو نفسه‪ ،‬وعلى ه‬ ‫ذميا بعقد ه‬ ‫احلريب ه‬
‫ابلرعوية اإلسالمية‪ ،‬سواء كانوا صغارا حلظة دخوله يف‬
‫الذمة‪ ،‬فيتمتهعون هم بدورهم ه‬
‫ابلرعوية اإلسالمية وتبعه أوالده يف ه‬
‫ه‬
‫الرعوية اإلسالمية‪.‬‬
‫الذمة وحتوز مثله ه‬
‫الذمة أو ُولدوا بعد دخوله فيه‪ ،‬وكذلك زوجته تتبعه يف ه‬
‫عقد ه‬
‫الذمة‪،‬‬
‫يتغري أساس رعويته اإلسالمية‪ ،‬فال يعود هو عقد ه‬
‫الذمي إذا اعتنق اإلسالم‪ ،‬ه‬
‫بقي يف األخري أن نشري إىل أ هن ه‬
‫وإهّنا هو اإلميان واإلقامة يف دار اإلسالم‪ ،‬ألنهه صار مسلما(‪.)2‬‬
‫ابلرعوية اإلسالمية‪:‬‬
‫الفرع الثّالث‪ :‬حكم املستأمنني يف دار اإلسالم وإمكانية متتُّعهم ّ‬
‫نتناول يف فقرة أوىل حكم املستأمنني يف دار اإلسالم‪ ،‬مثه نعرض يف فقرة اثنيّة إمكانيهة متتُّعهم ه‬
‫ابلرعوية اإلسالمية‪ ،‬مثه‬
‫نبني يف فقرة اثلثة كيف ينتهي عقد األمان املؤقهت اخلاص ابملستأمنني‪.‬‬
‫ه‬
‫أوالّ‪-‬حكم املستأمنني يف دار اإلسالم‪:‬‬
‫كل حريب ينتمي إىل دار احلرب‪ ،‬ويدخل دار اإلسالم‪ ،‬فيُعطى أماان مبوجب عقد أمان مؤقهت‪ ،‬ليقيم‬ ‫املستأمن هو ه‬
‫السياحة‪ ،‬وغري ذلك من األسباب‪ .‬فإذا أُعطي‬ ‫فيها إقامة مؤقهتة‪ ،‬الغرض منها أداء رسالة‪ ،‬أو طلب علم‪ ،‬أو التهجارة‪ ،‬أو ه‬
‫األمان يكون قد أُستؤمن على نفسه‪ ،‬وعرضه‪ ،‬وماله‪ ،‬لكن بشرط أن يرتك قتال املسلمني‪ ،‬أو معادات هم‪ ،‬وأن يلتزم أحكام‬
‫يتعرض له أحد بسوء‪ .‬هلذا يُعترب أثناء‬
‫اإلسالم خالل م هدة إقامته يف دار اإلسالم‪ ،‬فيعيش فيها معصوم الدم واملال‪ ،‬وال ه‬
‫إقامته يف دار اإلسالم أجنبيا عنها‪ ،‬لكنهه ُمستأمن‪ .‬واألمان ُمينح للحريب (األجنيب) يف ه‬
‫السلم وأثناء احلرب‪ ،‬ولكن مل هدة‬
‫الزمن‪ ،‬فإذا انتهت ُرفع عنه األمان وعاد إىل مأمنه يف دار احلرب‪ ،‬ألنهه من أهلها‪ .‬واألصل يف عقد األمان‬
‫حم هددة من ه‬
‫نبني ذلك فيما أييت أدانه‪.‬‬
‫املؤقهت هو القرآن والسنهة‪ .‬ه‬
‫‪-)1‬األصل القرآين لعقد األمان املؤقّت‪ :‬هو قوله سبحانه تعاىل ذكره‪« :‬وإن أحد من املشركني استجارك فأجره‬
‫اّلل مثّ أبلغه مأمنه ذلك أبّنّم قوم ال يعلمون» ‪ .‬يف هذه اآلية خطاب من ه‬
‫حىت يسمع كالم ّ‬
‫(‪)3‬‬
‫اّلل سبحانه وتعاىل إىل‬ ‫ّ‬
‫اّلل‪ ،‬أي القرآن‬
‫حّت يسمع كالم ه‬
‫اّلل عليه وسلهم مفاده أنهه إذا جاءك أحد من الك هفار واستأمنك فأجبه اىل طلبه ه‬
‫نبيهه صلهى ه‬
‫(‪)4‬‬
‫عامة تقضي‬
‫حّت يرجع إىل بلده وداره ومأمنه ‪ .‬هذه اآلية وضعت قاعدة ه‬‫حجة عليه‪ ،‬واجعله آمنا مستمر األمان ه‬ ‫ليكون ه‬

‫(‪-)1‬السيهد سابق‪ :‬فقه السنهة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.47‬‬


‫مفصال‪ ،‬رسالتنا‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ 213‬إىل ‪.224‬‬
‫الرعويهة اإلسالميهة ه‬
‫(‪-)2‬راجع أساس قيام ه‬
‫(‪-)3‬سورة التهوبة‪ ،‬اآلية ‪.6‬‬
‫الرابع‪ ،‬ص‪.66‬‬
‫(‪-)4‬اإلمام ابن كثري‪ :‬تفسري القرآن العظيم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬اجلزء ه‬
‫‪16‬‬
‫حّت يرجع إىل‬
‫مرتددا إىل دار اإلسالم ألسباب معيهنة ه‬
‫أ هن احلريب إذا طلب أماان من احلاكم املسلم أو انئبه أُعطيه مادام ه‬
‫بلده‪.‬‬
‫اّلل عليه وسلهم‪« :‬املسلمون تتكافأ دماؤهم وهم يد على‬
‫السّن لعقد األمان املؤقّت‪ :‬هو قوله صلهى ه‬
‫‪-)2‬األصل ّ‬
‫بذمتهم أدانهم» ‪ .‬هذا احلديث ه‬
‫من سواهم ويسعى ّ‬
‫(‪)1‬‬
‫الصحيح حيمل املعاين اآلتية‪:‬‬
‫‪-‬معىن «املسلمون تتكافأ دماؤهم»‪ :‬أ هّنم متساوون بينهم‪.‬‬
‫‪ -‬ومعىن «يد على من سواهم »‪ :‬أ هن النهصرة للمسلمني‪.‬‬
‫‪ -‬ومعىن «يسعى بذ ّمتهم أدانهم»‪ :‬يعين اآلحاد منهم الذي يكون أقرب هم إىل دار احلرب‪ ،‬وهو من يسكن‬
‫الثُّغور(‪ ،)2‬فيُمكن له أن ي منح األمان للحريب‪ ،‬فيكون مستأمنا أماان مؤقهتا ‪«.‬أدانهم» مشت هقة من الدنو أي القرب‪.‬‬
‫ال جرم أ هن األمان املؤقهت الذي يُستأمن به احلريب‪ ،‬قد يكون أماان صرحيا‪ ،‬أو أن يكون ابلتهبعية لغريه‪ ،‬أو قد حيصل‬
‫عليه بداللة العرف والعادة‪ ،‬فإذا أُعطيه كان مستأمنا‪ ،‬فيدخل دار اإلسالم آمنا‪ ،‬وجيب على املسلمني رعاية هذا األمان‪،‬‬
‫السالم‪« :‬يف‬
‫الصالة و ه‬
‫التحرز من الغدر به‪ ،‬امتثاال لقوله عليه ه‬ ‫وما يقتضيه‪ ،‬مادام قائما‪ ،‬ألنهه عندما بُلِهغ مأمنه وجب ُّ‬
‫العهود وفاء ال غدر فيه» ‪ .‬إ هن األمان املؤقهت ه‬
‫(‪)3‬‬
‫الصريح قد يكون خاصا أو عاما‪ .‬هأما األمان املؤقهت اخلاص فال يقتصر‬
‫كل مسلم بشرط أن يكون ابلغا‪ ،‬عاقال ذكرا أم أُنثى‪ ،‬إاله أ هن األمان املؤقهت الذي‬ ‫على اإلمام وانئبه‪ ،‬بل جيوز أن مينحه ه‬
‫مينحه الفرد املسلم ال يكون إاله لعدد قليل من احلربيني من الواحد على العشرة‪ ،‬أو قافلة صغرية أو حصن صغري(‪ .)4‬ولكن‬
‫نقضه‪ ،‬مراعاة ملصلحة املسلمني‪.‬‬
‫تبني لإلمام ضرره وجب عليه ُ‬ ‫إذا ه‬
‫يصح من آحاد‬
‫عامة‪ ،‬وال ُّ‬
‫هأما األمان املؤقهت العام فيقتصر منحه على إمام املسلمني أو انئبه‪ ،‬أل هن واليته عليهم ه‬
‫لتجمع منهم غري حمصور‪ ،‬أل هن املسألة تتعلهق مبصاحل املسلمني ودولتهم‪ ،‬فاألمان من‬
‫املسلمني‪ ،‬ومينح جلميع احلربيني‪ ،‬أو ُّ‬
‫هذا النهوع يُع هد من صميم واجبات احلاكم املسلم‪ ،‬فال ينبغي أن يُباشره غريه‪.‬‬
‫أئمة اإلسالم‪ .‬فرأى اإلمام أبو حنيفة وأصحابه أاله تزيد عن السنة الواحدة‪،‬‬
‫هأما م هدة األمان املؤقهت فقد اختلف فيها ه‬
‫الشافعية تكون من أربعة أشهر إىل حدود السنة الواحدة‪ ،‬هأما احلنابلة فجعلوها من سنة إىل عشر سنني‪ ،‬هأما عند‬ ‫وعند ه‬
‫املالكيهة فتُق هد ُر امل هدة بقدر احلاجة الّت تدعو إليها(‪.)5‬‬
‫عد أجنبيا يف دولة اإلسالم‪ ،‬لكنهه ابلدخول يف عقد األمان املؤقهت يصري معصوم النهفس‬‫يتبني أ هن امل ستأمن يُ ُّ‬
‫م هما سبق ه‬
‫واملال والعرض‪ ،‬ومتمتهعا ابحلماية يف دار اإلسالم‪ ،‬بل إ هن محايته والذب عنه واجبة على اإلمام (احلاكم)‪ ،‬فيمنع عنه‪ ،‬من‬

‫(‪-)1‬اإلمام ابن قيهم اجلوزيهة‪ :‬زاد املعاد يف هدي خري العباد‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬بريوت الطهبعة األوىل ‪ ،1999‬ص‪.409‬‬
‫السرخسي‪ :‬املبسوط‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬اجمللهد اخلامس‪ ،‬اجلزء العاشر‪ ،‬ص‪.22‬‬ ‫(‪-)2‬اإلمام ه‬
‫السابق‪ ،‬ص‪.69‬‬ ‫(‪-)3‬نفس املرجع ه‬
‫(‪-)4‬د‪ .‬عبد الكرمي زيدان‪ :‬أحكام الذميهني واملستأمنني يف دار اإلسالم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪40‬و‪.41‬‬
‫ُ‬
‫‪ 5‬رمزي حممد علي دراز ‪:‬فكرة تنازع القوانني يف الفقه اإلسالمي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.210‬‬

‫‪17‬‬
‫السواء‪ ،‬بل هو مطالب ابستنقاذه إذا أسره الك هفار وجيب عليه أن يسرتجع‬
‫يقصده ابألذى من املسلمني ومن الك هفار على ه‬
‫ما أُخذ منه من أموال(‪.)1‬‬
‫سمى يف القانون الدويل الوضعي امل عاصر مبركز األجانب أو حالة‬‫إ هن حكم امل ستأمنني يف دار اإلسالم يُشبه ما يُ ه‬
‫األجانب‪ ،‬وذلك يعين أ هن فكرة مركز األجانب يف القانون الوضعي مأخوذة من فكرة حكم املُستأمنني يف الشريعة‬
‫فالشرع اإلسالمي هو هأول من أعطى‬ ‫كل فكرة عن األُخرى‪ .‬وعلى هذا ه‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬مع اختالف يف مصادر وطبيعة ه‬
‫الراشدين‪،‬‬
‫السنهة‪ ،‬وعمل اخللفاء ه‬
‫الشخصية القانونية لألجانب وح هدد مركزهم شرعا بدقهة متناهيهة استنادا إىل ال ُقرآن و ُّ‬
‫ه‬
‫كل ذلك عن طريق االجتهاد أحكاما شرعيهة ضبطت حدود العالقة بينهم وبني أهل دار‬ ‫فاستنبط فقهاء اإلسالم من ه‬
‫وذميني من جهة‪ ،‬وبينهم وبني دار اإلسالم من جهة اثنية‪ ،‬بل إ هن الشريعة اإلسالمية قد فسحت‬‫اإلسالم من مسلمني ه‬
‫ابلرعوية اإلسالمية‪.‬‬
‫أمامهم إمكانية التمتُّع ه‬
‫ابلرعوية اإلسالمية‪:‬‬
‫اثنيا‪-‬إمكانيّة متتُّع املستأمنني ّ‬
‫ابلرعوية اإلسالمية إذا رغبوا فيها‪ ،‬وذلك من خالل القرائن وال هدالئل‬
‫للمستأمنني أن يتمتهعوا ه‬
‫أجازت الشريعة اإلسالمية ُ‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫‪-)1‬حتويل اإلقامة املؤقّتة يف دار اإلسالم إىل إقامة دائمة فيها‪ :‬إذا ه‬
‫حول املُستأمن إقامته املؤقهتة يف دار اإلسالم إىل‬
‫الذمة‪.‬‬
‫ابلرعوية اإلسالمية على أساس عقد ه‬
‫ذميا من أهل دار اإلسالم‪ ،‬ومتمتهعا ه‬
‫إقامة دائمة‪ ،‬فإنهه يصري ه‬
‫‪-)2‬شراء املستأمن أرضا خراجية يف دار اإلسالم‪ :‬إذا اشرتى املستأمن أرضا خراجية يف دار اإلسالم وزرعها صار‬
‫ُ‬
‫ذميا‪ ،‬وابلتهايل تضع الدولة اخلراج على تلك األرض‪ ،‬أل هن اخلراج وظيفته مالية ال يلتزم ب ها شرعا إاله من كان من أهل دار‬
‫ه‬
‫اإلسالم‪ ،‬أي من رعاايها احلاملني لرعويتها‪ ،‬بعبارة أُخرى من وطنيي دولة اإلسالم‪.‬‬
‫الزواج‪ :‬إذا ه‬
‫تزوجت احلربيهة ال ُمستأمنة رجال من أهل دار اإلسالم تكون قد‬ ‫ابلرعوية اإلسالمية عن طريق ّ‬
‫‪-)3‬التّمتُّع ّ‬
‫ّترج إاله إبذنه‪ ،‬فكأنهها عندما جعلت نفسها‬ ‫السكىن‪ ،‬ال ُ‬ ‫استوطنت دار اإلسالم‪ ،‬وصارت ذ همية‪ ،‬ألنهها تتبع زوجها يف ه‬
‫الرضا بطريق‬ ‫عد داللة‪ ،‬ك ه‬‫اتبعة لِمن هو من أهل دار اإلسالم قد رضيت اإلقامة فيها على وجه التهأبيد‪ ،‬فرضاها بذلك يُ ُّ‬
‫(‪)2‬‬
‫ابلرعوية اإلسالمية‪.‬‬
‫ذمية ‪ ،‬ومتتهعت ه‬ ‫اإلفصاح‪ ،‬فبهذا صارت ه‬
‫ابلرعوية اإلسالمية على أساس اإلميان واإلقامة ال هدائمة‬‫‪-)4‬اعتناق اإلسالم‪ :‬إذا اعتنق امل ستأمن اإلسالم‪ ،‬صار متمتهعا ه‬
‫يف دار اإلسالم‪ ،‬وهذا هو اهلدف املرجو من عقد األمان املؤقهت‪.‬‬
‫اليت ينتهي هبا عقد األمان املؤقّت اخلاص ابملستأمنني‪:‬‬
‫اثلثا‪-‬الكيفيّة ّ‬
‫ينتهي عقد األمان املؤقهت اخلاص ابل مستأمنني بع هدة طُرق‪ ،‬نوجزها فيما يلي‪:‬‬

‫دراز يف كتابه‪ :‬فكرة تنازع القوانني يف‬ ‫(‪ -)1‬اإلمام النهووي‪ :‬اجملموع شرح امله هذب‪ ،‬النهاشر زكراي علي يوسف‪ ،‬بدون اتريخ‪ ،‬ص‪ ،197‬ذكره د‪ .‬رمزي ه‬
‫حممد علي ه‬
‫الفقه اإلسالمي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.248‬‬
‫(‪-)2‬اإلمام السرخسي‪ :‬املبسوط ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬اجمللد اخلامس ‪ ،‬اجلزء العاشر ص‪.68‬‬

‫‪18‬‬
‫‪-)1‬بتحويل عقد األمان املؤقهت إىل عقد أمان دائم‪ ،‬أي إىل عقد ذمة‪ ،‬وذلك عندما يتوطهن امل ستأمن دار اإلسالم ويُقيم‬
‫فيها إقامة على وجه التهأبيد‪ ،‬فصري ذميا من أهل دار اإلسالم‪.‬‬
‫‪-)2‬بعودة امل ستأمن إىل دار احلرب ن هائيا ألنهه من أهل دارها‪ ،‬فإذا أراد العودة إىل دار اإلسالم من جديد فال يُمكنه‬
‫ذلك إاله بعقد أمان مؤقهت جديد‪.‬‬
‫‪-)3‬ينتهي عقد أمان ال مُستأمن ابعتناقه اإلسالم‪ ،‬فيصري رعيهةً لدار اإلسالم ومتمتهعا ابلرعوية اإلسالمية على أساس‬
‫اإلميان واإلقامة ال هدائمة يف دار اإلسالم‪.‬‬
‫الضرر‬
‫تبني أ هن يف استئمانه إحلاق ه‬ ‫للمستأمن بنقضه من احلاكم اامل سلم‪ ،‬إذا ه‬
‫‪-)4‬ينتهي عقد األمان املؤقهت املمنوح ُ‬
‫ب‬
‫ابملسلمني وبدار اإلسالم‪ ،‬ويف هذه احلالة ينبذ إليه عهده وأمانه لقوله تعاىل ذكره‪ « :‬وإما ختافن من قـوم خيانة فننبذ‬
‫ب ٱخلآئنني»(‪ ،)1‬وهذا يعين إبعاد ال ُمستأمن من دار اإلسالم‪ ،‬إذا صار يف استئمانه خطر‬
‫إليهم عل ٰى سوآء ۚ إن ٱّلل ال حي ُّ‬
‫عليها‪ ،‬وهو ما يُعرف يف القانون الدويل امل عاصر إببعاد األجانب من الدولة الّت يُقيمون فيها إذا كان وجودهم فيها‬
‫العامة يف الدولة للحفاظ على سالمتها‪ ،‬وأمنها‪،‬‬
‫السلطة ه‬‫يُش هكل خطرا على أمنها ونظامها العام‪ ،‬وقرار اإلبعاد تُصدره ُّ‬
‫العامة واحليوية‪.‬‬
‫س مبصاحلها ه‬ ‫كل ما ميُ ُّ‬
‫ومحاية جمتمعها‪ ،‬و ه‬
‫الّت ُجعلت له(‪.)2‬‬
‫‪-)5‬ينتهي عقد األمان املؤقهت ابنتهاء امل هدة ه‬

‫املبحث الثّاين‬
‫مفهوم اجلنسيّة يف القانون الوضعي‬
‫إ هن فكرة اجلنسية يف القانون الوضعي مرتبطة بوجود الدولة احلديثة‪ ،‬لكن هذه األخرية قامت ابتداءً على أساس مبدإ‬
‫األول) مثه‬
‫األمة احلديثة‪ ،‬هلذا نُق هدم تعريف اجلنسية من خالل التهمييز بني األمة والدولة (املطلب ّ‬
‫القومية املنبثق من فكرة ه‬
‫نبني عناصر اجلنسية القانونية (املطلب الثاين) وخنتم ببيان األسس الّت تقوم عليها اجلنسية القانونية (املطلب الثالث)‪.‬‬
‫ه‬
‫األول‬
‫املطلب ّ‬
‫األمة وال ّدولة‬
‫تعريف اجلنسيّة من خالل التّمييز بني ّ‬
‫مرة يف قاموس األكادمييهة الفرنسيهة سنة ‪ .)3( 1835‬هذا املصطلح‬
‫ألول ه‬
‫أستُخدم مصطلح اجلنسية ‪ Nationalité‬ه‬
‫األول)‪،‬‬
‫األمة وعالقته ا بفكرة اجلنس ية (الفرع ّ‬
‫يف وقتنا الراهن حيم ل معنيني اثنني‪ ،‬األول ينصرف يف معن اه إىل ه‬
‫والثهاين ينصرف إىل الدولة احلديثة وعالقتها بفكرة اجلنسيهة (الفرع الثّاين)‪.‬‬

‫(‪ -)1‬سورة األنفال‪ ،‬اآلية ‪.58‬‬


‫دراز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪208‬و ‪.209‬‬‫حممد علي ه‬
‫(‪ -)2‬د‪ .‬رمزي ه‬
‫ددوش ‪ :Jacqueline bendeddouche‬مفهوم اجلنسية واجلنسية اجلزائرية‪.‬‬ ‫(‪ -)3‬جاكلني بن ه‬
‫الشركة الوطنيهة للنهشر والتهوزيع )‪ ،(SNED‬الطهبعة الثهانيهة ‪ ،1982‬ص‪.30‬‬
‫‪ ، Notion de nationalité et nationalité Algerienne‬رسالة دكتوراه ه‬
‫‪19‬‬
‫األمة وعالقتها بفكرة اجلنسيّة‪:‬‬ ‫األول‪ّ :‬‬
‫الفرع ّ‬
‫اشتُ هق مصطلح اجلنسية ‪ Nationalité‬و ‪ Nationality‬يف اللهغتني اإلجنليزيهة والفرنسيهة على التوايل من كلمة‬
‫"أمة" املرادفة للقومية‪ ،‬وذلك تعبريا عن فكرة انتماء الفرد إىل مجاعة‬
‫الّت ت همت ترمجتها إىل اللهغة العربية ّ‬
‫‪ ، Nation‬ه‬
‫معني من األرض‪ ،‬تشرتك يف ع هدة عناصر تتميهز ب ها‪ ،‬تتمثهل يف وحدة األصل (اجلنس‪،‬‬
‫استقرت على إقليم ه‬
‫بشرية معيهنة ه‬
‫أو العرق)‪ ،‬واللهغة واملعتقد‪.‬‬
‫فمشتق من كلمة اجلنس مبعىن العرق أو األصل الواحد الذي تنحدر منه تلك‬ ‫ه‬ ‫هأما مصطلح اجلنسية يف اللهغة العربية‬
‫األمة يف القانون الوضعي الغريب‪ ،‬أل هن كلتيهما تعين‬
‫اجلماعة البشرية املش هكلة لقومية ما‪ ،‬فهي تلتقي يف املعىن مع فكرة ه‬
‫ابألمة نقوم أوال بتعريف ه‬
‫األمة يف‬ ‫االنتماء إىل مجاعة بشرية على أساس وحدة األصل‪ .‬ولتوضيح فكرة اجلنسية وعالقتها ه‬
‫نبني اثلثا خصائص‬ ‫القانون الوضعي‪ ،‬ومن خالل ذلك نقوم اثنيا بتعريف اجلنسية املرتبطة بفكرة ه‬
‫األمة مع بيان أساسها‪ ،‬مثه ه‬
‫هذه اجلنسية‪ ،‬وذلك فيما يلي‪:‬‬
‫أوال‪-‬تعريف األمة يف القانون الوضعي‪:‬‬
‫معني من األرض رجمعها عناصر‬
‫مستقرة على إقليم ّ‬
‫ّ‬ ‫ي مكن تعريف األ همة يف القانون الوضعي أبنـّـها مجاعة بشريّة‬
‫مؤثّرة هي وحدة األصل واللّغة وال ّدين أو املعتقد تولّدت عنها ال ّرغبة يف املعيشة املشرتكة اليت أنتجت اترخيا‬
‫وحدت هذه اجلماعة حبيث صار الفرد فيها يشعر أ ّن مصريه مرتبط بـها ارتباطا‬ ‫مشرتكا وأعرافا وعادات وتقاليد ّ‬
‫سد وحدة اجتماعية غري منفصمة‪ .‬من خالل هذا‬ ‫وجوداي ماداي ومعنواي فهي بـهذا املعىن تعترب ظاهرة اجتماعية رج ّ‬
‫لألمة ميكننا أن نستخلص تعريف اجلنسية املرتبطة ب ها‪ .‬إ هن هذا التهعريف يعين األ همة يف مفهومها االجتماعي‬
‫التهعريف ه‬
‫الصرف‪ ،‬أي عندما ال تكون على رأس األمة سلطة سياسية ذات سيادة تبسط سيادهتا على اإلقليم وعلى اجلماعة‬ ‫ه‬
‫البشرية املشكلة لألمة‪.‬‬
‫الصرف‪:‬‬
‫ابألمة يف مفهومها االجتماعي ّ‬
‫اثنيّا‪-‬تعريف اجلنسية املرتبطة ّ‬
‫الروحي‬‫شعور القومي الذي ُجي هسد اإلرتباط ه‬
‫ابألمة أب هّنا‪ :‬انتماء الفرد إىل هأمة معيهنة على أساس ال ّ‬
‫ميكن تعريف اجلنسيهة املرتبطة ه‬
‫سمي فقهاء القانون الوضعي هذه اجلنسية‪ ،‬ابجلنسية الفعلية(‪ Nationalité de fait ،)2‬أل هن‬ ‫(‪)1‬‬
‫والنهفسي للفرد أبمتهه أي بقوميته ‪ .‬ويُ ه‬
‫الصرف تفتقد إىل سلطة سياسية ذات سيادة حت ُكمها ‪ ،‬فكان انتماء الفرد إليها قائما على أساس‬
‫األمة يف مفهومها االجتماعي ه‬
‫ه‬
‫من الواقع االجتماعي‪.‬‬
‫اثلثا‪-‬خصائص اجلنسية الفعلية املرتبطة ابألمة‪:‬‬
‫ميكن حصر خصائصها فيما أييت‪:‬‬
‫تطور اجملتمعات البشرية‪ ،‬ال دخل فيها إلرادة اإلنسان‪.‬‬
‫‪-)1‬أ هن نشأت ها كانت عفوية وتلقائية خضعت لسنن ه‬

‫(‪ -)1‬راجع فكرة االنتماء على أساس الشُّعور القومي‪ ،‬رسالتنا‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪19‬و‪.20‬‬
‫(‪ -)2‬هنري ابتيفول‪ ، H.Batiffol ،‬وبول الغارد‪ : P.Lagarde ،‬القانون الدويل اخلاص‪.‬‬
‫‪Droit international privé, 6em Edition LGDJ ,Tome1 , 1974 Paris, p65.‬‬

‫‪20‬‬
‫األمة يف مفهومها االجتماعي‬
‫‪-)2‬أنهها ال تُنظهم مبوجب قانون صادر عن سلطة سياسية ذات سيادة‪ ،‬لعدم توفهر ه‬
‫احملض على سلطة سياسية ذات سيادة حتكمها‪.‬‬
‫األمة يف مفهومها‬
‫‪-)3‬أنهها موجودة واقعيا يف ضمري اجلماعة املش هكلة لأل همة وسلوكها وأحاسيسها‪ ،‬أل هن االنتماء إىل ه‬
‫االجتماعي الصرف‪ ،‬هو انتماء اجتماعي معنوي‪ ،‬وليس انتماء سياسيا وقانونيا‪.‬‬
‫الفرع الثّاين‪ :‬الدولة وعالقتها بفكرة اجلنسيّة‪:‬‬
‫وترسخت‬
‫اجلنسية يف معناها احلديث مرتبطة ابلدولة احلديثة‪ ،‬الّت أخذت معاملها تتش هكل مع بداية القرن ‪ 17‬امليالدي‪ ،‬ه‬
‫أسسها القانونية يف القرن ‪ 19‬امليالدي يف أورواب املسيحية‪ ،‬بعد قيام الثهورة الفرنسية سنة ‪ ،1789‬الّت كان من أهدافها‬
‫كل‬
‫فصل الدولة عن شخص احلاكم‪ ،‬فربطت فكرة سيادة الدولة بسيادة الشعب‪ ،‬فصارت إرادة الشعب هي مصدر ه‬
‫الشأن يف‬
‫السلطات‪ ،‬كما كان عليه ه‬ ‫السلطات‪ :‬التهشريعية‪ ،‬والتهنفيذية‪ ،‬والقضائية‪ ،‬ومل تعد إرادة احلاكم هي مصدر تلك ه‬
‫ه‬
‫(‪)1‬‬
‫عهد احلكم امل طلق ‪ ،‬ممها أدخل تغيريا جذراي على فكرة االنتماء‪ ،‬حبيث صار أفراد اجلماعة البشرية القائمة على أساس‬
‫فك‬
‫وحدة األصل ينتمون إىل الدولة ابعتبارها شخصا معنواي عاما‪ ،‬خماطبا أبحكام القانون الدويل املعاصر‪ ،‬وبذلك مته ه‬
‫السياسي‪ ،‬مش هكل ني ركن‬
‫اإلرتباط بني الدولة وشخص احل اكم ‪ ،‬فصار األفراد ينتمون إليه ا ويدينون هل ا وحدها ابلوالء ه‬
‫الشعب فيها‪ ،‬وقد حتكم يف حتديد فكرة االنتماء إىل الدولة احلديثة يف أورواب عنصران متضافران‪:‬‬
‫األول‪ :‬هو االنتماء القومي الذي يعين وحدة أصل أفراد الشعب الواحد‪ ،‬ه‬
‫الّت ميزهتا األساسية وحدة لغة‬ ‫‪-‬العنصر ّ‬
‫التهخاطب بني أفراده‪.‬‬
‫كل دولة من الدول األوروبية املسيحية إىل دين واحد هو ال هدين‬ ‫‪-‬العنصر الثّاين‪ :‬هو انتماء أغلب أفراد الشعب يف ه‬
‫وخلوه‬
‫السمة املميهزة لل هدين املسيحي هي روحانيته‪ ،‬ه‬ ‫املسيحي‪ ،‬بل إ هن هذا العنصر هو القاسم املشرتك بينها مجيعها‪ .‬إ هن ه‬
‫من أحكام وقواعد قانونية تنظهم حياة املسيحيني بعضهم ببعض من جهة‪ ،‬وعالقتهم بدولتهم من جهة اثنية‪ ،‬ممها فتح اجملال‬
‫لظهور أنظمة احلكم املطلق املستب هدة‪ .‬فكان ذلك من أسباب قيام الدولة احلديثة الالئكية‪ ،‬الّت مل تكن هتدف إىل عزل‬
‫عززت دوره يف ذلك من خالل عزل احل هكام‬ ‫يتصور البعض‪ ،‬بل هإّنا ه‬
‫ال هدين املسيحي عن فكرة االنتماء إىل الدولة‪ ،‬كما ه‬
‫أي إمكانية لظهور‬ ‫الت ألغت ه‬‫عن ال هدين‪ ،‬أل هّنم استغلهوه استغالال سيهئا هأدى إىل قيام أنظمة احلكم املطلق االستبدادية ه‬
‫احلرايت الفردية وحقوق املواطنة‪ .‬وبعزل الدولة وال هدين املسيحي عن شخص احلاكم ظهرت الدولة احلديثة‪ ،‬ولكن ظهورها‬
‫مل يكن يعين ّتلهيها عن ال هدين املسيحي‪ ،‬وإهّنا يعين محايته وإعزازه‪ .‬وعلى هذا فإ هن ال هدين املسيحي كان يف املاضي‪ ،‬وما‬
‫الت حت هدد فكرة االنتماء إىل الدولة يف الغرب املسيحي(‪.)2‬‬
‫يزال يف احلاضر‪ ،‬وسيبقى يف املستقبل أهم العناصر ه‬
‫الراهن انتماء الفرد اىل دولة ما‪ ،‬انتماء متع هدد‬
‫من خالل ما قُلناه أعاله‪ ،‬يبدو جليا أ هن اجلنسية صارت تعين يف وقتنا ه‬
‫يتوضح ذلك فيما بعد‪ ،‬هلذا نتص هدى أوال إىل تعريف الدولة احلديثة‪ ،‬مثه نق هدم اثنيا أهم التهعاريف الفقهية الّت‬
‫األبعاد‪ ،‬كما ه‬
‫قيلت يف اجلنسية القانونية املرتبطة هبا‪ ،‬وأخريا نق هدم التهعريف الذي نقرتحه‪ ،‬وذلك فيما يلي‪:‬‬

‫(‪ -)1‬راجع رسالتنا االنتماء على أساس الوالء املطلق للحاكم ‪ ،‬مرجع سابق ص‪16‬اىل ‪.19‬‬
‫(‪ -)2‬راجع فكرة االنتماء على أساس ال هدين‪ ،‬مفصلة ‪ ،‬رسالتنا مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 20‬إىل ‪.39‬‬

‫‪21‬‬
‫أوال‪-‬تعريف الدولة احلديثة‪ :‬ميكن تعريف الدولة احلديثة استنادا إىل ما ه‬
‫استقر عليه فقهاء القانون الدويل العام املعاصر‬
‫معني احلدود حتكمهم سلطة سياسية ذات سيادة‪.‬‬ ‫أب هّنا‪ :‬جمموع األفراد الذين يقيمون بصفة دائمة على إقليم ّ‬
‫يتبني من هذا التهعريف أ هن الدولة احلديثة نشأت وفق مبادئ وقواعد القانون الدويل املعاصر‪ ،‬وهي وإن كانت تُع هد ابتداءً‬
‫ه‬
‫عد أيضا وحدة قانونية هلا نظامها القانوين‪،‬‬ ‫عد أيضا وحدة سياسية‪ ،‬هلا نظامها ه‬
‫السياسي‪ ،‬وتُ ُّ‬ ‫وحدة اجتماعية‪ ،‬فهي تُ ُّ‬
‫تعد ظاهرة اجتماعية وسياسية وقانونية‪ ،‬ال تقوم هلا قائمة إاله إذا توفهرت أركاّنا الثهالثة‪ :‬وهي اإلقليم الشعب‬
‫وبذلك ُّ‬
‫السيادة‪ .‬ويُعترب ركن ه‬
‫الشعب أمههها‪ ،‬وهو يعين جمموع األفراد الذين يتمتهعون جبنسيتها‪ ،‬وبذلك‬ ‫السياسية ذات ّ‬
‫والسلطة ّ‬
‫ّ‬
‫الصفة الوطنية لدولتهم‪ ،‬إذ بوجوده ينشأ كيان الدولة كشخص معنوي عام خماطب أبحكام القانون الدويل العام‪.‬‬
‫حيملون ّ‬
‫متخضت‬
‫إذا كانت الدولة املعاصرة قد قامت ابتداءً على أساس مبدإ القوميات‪ ،‬أو مبدإ اجلنسيات يف القرن ‪ 19‬الذي ه‬
‫عنه الثهورة الفرنسية واحتضنه فقهاء القانون الدويل‪ ،‬ويف مق هدمتهم الفقيه اإليطايل مانشيين الذي كان يرى أ هن الدولة ال‬
‫األمة فإ هن هذا املبدأ قد نشأ يف بيئة أوروبية مسيحية خالصة‪ ،‬مسح بقيام دول يف أورواب على أساس قومي‬
‫تتكون إاله من ه‬
‫ه‬
‫كل هأمة من األمم األوروبية سلطة سياسية ذات سيادة حتكم أفراد شعبها وفق إرادة هذا األخري‪،‬‬
‫عندما قامت على رأس ه‬
‫ابألمة‪-‬الدولة‪ ،‬مبعىن أ هن ه‬
‫األمة تطابقت‬ ‫األمة والدولة نشأ عنه ما ميكن أن ه‬
‫نعرب عنه ّ‬ ‫فحدث وقتئذ توافق بني مفهومي ّ‬
‫كل واحدة منهما‪ ،‬وهو مبدأ القوميّة‪ ،‬وهذا هأدى بدوره إىل حدوث‬
‫مع الدولة الشرتاكها يف األساس الذي قامت عليه ه‬
‫عرفها فيما بعد‪ ،‬ومعىن ذلك أ هن‬ ‫ابألمة واجلنسية القانونية املرتبطة ابلدولة‪ ،‬ه‬
‫الت نُ ه‬ ‫تطابق بني اجلنسية الفعلية املرتبطة ّ‬
‫اجلنسية القانونية قامت ابتداءً على أساس العصبية العرقية‪ ،‬ه‬
‫الت هي قاعدة األساس يف منح اجلنسية يف أورواب املسيحية‪،‬‬
‫أهم شروط منحها أن يكون الفرد مندجما اندماجا كليّا يف جمتمع الدولة‪ ،‬الذي هو جمتمع قومي يف أساسه‪،‬‬
‫أل هن من ه‬
‫السياسية الّت اكتنفته ‪،‬‬
‫يتم حسب الظهروف التهارخيية و ه‬ ‫األمة والدولة ال حيدث دائما بصفة مطلقة‪ ،‬بل ه‬ ‫لكن التوافق بني ه‬
‫فقد أُريد أن يسود االعتقاد يف عصران احلايل أنهه ال يُشرتط لقيام الدولة احلديثة أن يتهح هد أفراد شعبها يف العرق واللهغة‬
‫وال هدين‪ ،‬هلذا ذهب البعض إلبعاد شبهة العصبية العرقية عن الدولة احلديثة يف أورواب ‪ ،‬إىل القول أ هن اجلنسية القانونية‬
‫حّت‬
‫املرتبطة ابلدولة احلديثة‪ ،‬ال ُميكن اختزاهلا يف عنصر واحد‪ .‬فال عنصر العرق‪ ،‬وال عنصر اللهغة‪ ،‬وال عنصر ال هدين‪ ،‬وال ه‬
‫(‪)1‬‬
‫الشعب‪ .‬فقد يلعب فيها‬‫العنصر اجلغرايف بكاف على حتديد اجلنسية ‪ ،‬وإهّنا هي تُستخلص من احلياة املشرتكة ألفراد ه‬
‫الشأن يف الوالايت املتهحدة األمريكية‪ ،‬وقد تنشأ اجلنسية رغم‬
‫العنصر اجلغرايف دورا مهيمنا رغم اختالف األعراق‪،‬كما هو ه‬
‫الشروط الالهزمة‬
‫االحتاد السويسري‪ ،‬الذي له ثالث لغات رمسية‪ ،‬وقد تتوفهر يف اجلماعة ه‬
‫اختالف اللهغة كما هي احلال يف ه‬
‫األمة‬
‫لوجود هأمة جتتمع فيها عناصر وحدة األصل واللهغة وال هدين دون أن تتخذ شكل الدولة‪ ،‬مثل ما كانت عليه حال ه‬
‫البولندية‪ ،‬أو اللهيتوانية‪ ،‬أو التشيكية قبل احلرب العاملية األوىل‪ ،‬حيث كانت هذه األمم لضعفها مشتهتة بني خمتلف الدول‬
‫األوروبية(‪.)2‬‬

‫السابق‪ ،‬ص‪.66، 65‬‬


‫(‪ -)1‬ه‪ .‬ابتيفول‪ ،‬و ب‪ .‬الغارد‪ ،‬املرجع ه‬
‫(‪-)2‬راجع‪ :‬ال هدولة وفكرة اجلنسيهة رسالتنا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪44‬إىل ‪.49‬‬

‫‪22‬‬
‫األمة والدولة يف القرن ‪19‬م‪ ،‬حيث ساد مبدأ القوميات‪،‬‬ ‫خنلص ممها تق هدم‪ ،‬أنهه إذا كان قد حدث توافق بني مفهومي ه‬
‫وتؤسس من أجل ذلك دولتها القومية‬ ‫األمة أن حتكم نفسها بنفسها‪ ،‬ه‬ ‫لكل مجاعة تتوفهر فيها شروط ه‬‫احلق ه‬
‫الذي أعطى ه‬
‫وجنسيتها القانونية اخلاصة هبا‪ ،‬فإ هن هذا املبدأ مل يكن مسلهما به على إطالقه يف القانون الدويل املعاصر‪ ،‬أل هن تطابق فكريت‬
‫كل الشعوب ذات القومية الواحدة ألسباب خمتلفة‪ .‬لكن هذا ال مينعنا من التهذكري أب هن مبدأ‬ ‫األمة والدولة ليس يف متناول ه‬ ‫ه‬
‫الصراع بني الدول الكربى‪ ،‬فال يُسمح به إاله ابلقدر الذي خيدم مصاحل هذه الدول‪ ،‬ويف هذا‬ ‫القوميات قد مته تسي يسه يف ه‬
‫الشيوعي يف أواخر القرن املاضي‪ ،‬أن‬ ‫الرأمسايل على املعسكر االشرتاكي‪ -‬ه‬ ‫السياق نشري أ هن من نتيجة انتصار املعسكر ه‬ ‫ه‬
‫الشيء‬‫كل قومية دولتها وجنسيتها على أساس مبدإ القومية‪ ،‬ونفس ه‬ ‫أسست ه‬ ‫السوفياتية و ه‬
‫انسلخت قوميات عن الدولة ه‬
‫الشرقية والغربية يف دولة واحدة على أساس قومي بعدما‬ ‫توحدت دولتا أملانيا ه‬
‫حدث لال هحتاد اليوغساليف‪ ،‬ويف مقابل ذلك ه‬
‫األمة‪-‬الدولة‬‫الرغم من أ هن أفضل صورة ميكن أن أيخذها شكل الدولة هي‪ّ :‬‬ ‫زالت علهة االنقسام األيديولوجي‪ .‬وعلى ه‬
‫نظرا ملا يتح هقق فيها من تطابق بني اجلنسية الفعلية واجلنسية القانونية وما ينجم عن ذلك من وحدة قويهة ودائمة يسودها‬
‫لكل‬
‫بتدخل قهري وخارجي‪ ،‬غري أ هن قيام مثل هذه الدولة غري متاح ه‬ ‫ارتباط متواصل‪ ،‬وثيق ومتني ودائم‪ ،‬ال ينقطع إاله ُّ‬
‫أي نزعة ترمي إىل توحيد شعوب هأمة واحدة يف‬ ‫األمم‪ ،‬أل هن القوى االستعمارية التقليدية واحلديثة ستقف ابملرصاد ض هد ه‬
‫دولة واحدة ّتتلف عنها دينيا وحضاراي‪ ،‬أل هن ذلك يف اعتقاد هذه القوى يتعارض مع مصاحلها‪ ،‬وأبرز مثل عن ذلك‬
‫األمة العربية واإلسالمية‪.‬‬
‫ه‬
‫غري وتب هدل ابستمرار‪ ،‬هي الّت أفضت أاله جتد‬ ‫تطورها من ت ُّ‬
‫إ هن العوامل الّت هأدت إىل ظهور الدولة احلديثة وما اكتنفها يف ه‬
‫كل واحد‬ ‫اجلنسية املرتبطة بفكرة الدولة املعاصرة تعريفا واحدا جامعا‪ ،‬مانعا هلا‪ ،‬عند مجيع فقهاء القانون الدويل‪ ،‬أل هن ه‬
‫يتبني من تعريف اجلنسية القانونية‪.‬‬
‫ينظر إليها من زاويهة معيهنة مبنظار زمانه‪ ،‬فجاءت تعاريفهم خمتلفة‪ ،‬وهذا ما ه‬
‫اثنيا‪-‬تعريف اجلنسية القانونية املرتبطة ابلدولة احلديثة‪:‬‬
‫اتهفق فقهاء القانون الدويل اخلاص على تسمية اجلنسية املرتبطة ابلدولة احلديثة على أ هّنا جنسية قانونية ‪Nationalité‬‬
‫فتم التهعبري‬
‫لشخص‪ ،‬أو الفرد اىل تلك الدولة‪ ،‬ه‬ ‫املعرب عن فكرة انتماء ا ه‬
‫‪ ، de droit‬غري أ هّنم اختلفوا يف استخدام املصطلح ه‬
‫السبب يف تع هدد‬‫الصفة‪ ،‬وكان هذا االختالف هو ه‬ ‫عنها مبصطلحات خمتلفة هي‪ :‬أ هّنا رابطة‪ ،‬أو صلة‪ ،‬أو انتماء أو ه‬
‫التهعاريف الّت قيلت بشأن اجلنسية القانونية‪ .‬ميكن حصرها يف ثالث اجتاهات فقهية رئيسية هي اآلتية‪:‬‬
‫الصلة اليت‬ ‫‪-)1‬االرجاه األول‪ :‬هتزعمه الفقيه الفرنسي أندري وايس ‪ ،A.WEISS‬الذي ه‬
‫عرف اجلنسية القانونية أب هّنا‪ّ « :‬‬
‫أبمة معيّنة»(‪Le lien qui rattache une personne à une nation déterminée« «.)1‬‬ ‫تربط شذصا ما ّ‬
‫السبب يف ذلك أ هن هذا الفقيه عاش يف القرن ‪ ،19‬الذي ساد فيه‬ ‫األمة‪ ،‬ويعود ه‬
‫هذا التهعريف ربط بني اجلنسية القانونية و ه‬
‫األمة والدولة فقامت اجلنسية القانونية على أساس قومي‪ ،‬فحدث تطابق‬ ‫مبدأ القوميات‪ ،‬حيث حدث تطابق بني فكريت ه‬
‫ابألمة‪.‬‬
‫بني اجلنسية القانونية املرتبطة ابلدولة احلديثة وبني اجلنسية الفعلية املرتبطة ه‬

‫(‪ -)1‬أندري وايس ‪ :A.Weiss‬مقاربة نظرية وعمليهة يف القانون ال هدويل اخلاص‪.‬‬


‫‪Traité theorique et pratique de droit international prive, 2 e edition, Larose et Tenin 1907,p1.‬‬
‫‪-‬لنفس املؤلهف‪ :‬الوجيز يف القانون ال هدويل اخلاص‪. Manuel de droit international prive, 6e edition 1909,p5 ،‬‬

‫‪23‬‬
‫‪-)2‬االرجاه الثاين‪ :‬يرى أصحابه أ هن اجلنسية رابطة بني الفرد والدولة‪ ،‬أو هي انتماء شخص ما إىل دولة ما‪ .‬فقد ه‬
‫توزعت‬
‫الرابطة‪ ،‬أو هذا‬
‫كل فقيه إىل هذه ه‬
‫الزاوية الّت نظر منها ه‬
‫تعاريف الفقهاء داخل هذا االجتاه إىل ثالثة تيهارات‪ ،‬حبسب ه‬
‫االنتماء‪ .‬نوضح تلك التهيارات فيما يلي‪:‬‬
‫الروحي يف رابطة اجلنسية‪،‬‬ ‫‪ -1‬التيار األول‪ :‬تص هدره الفقيه الفرنسي نبوييه ‪ ،Niboyet‬الذي رهكز على اجلانب ه‬
‫السياسي و ه‬
‫السياسية والروحية املوجودة بني الفرد والدولة»(‪.)1‬‬
‫الرابطة ّ‬
‫عرفها أب هّنا‪ّ « :‬‬
‫حيث ه‬
‫‪« le lien politique et spirituel qui existe entre un individu et un etat».‬‬
‫الروحي يف رابطة اجلنسية بني الفرد والدولة دون بعدها‬ ‫السياسي و ه‬
‫السمة املميهزة هلذا التهعريف أ هن صاحبه أبرز فيه البعد ه‬
‫ه‬
‫عرض تعريفه للنهقد‬‫ه ه‬ ‫ا‬‫مم‬ ‫القانوين‪.‬‬
‫عرف اجلنسية القانونية أب هّنا‪« :‬االنتماء القانوين‬
‫‪ -2‬التيار الثاين‪ :‬قاده الفقيه الفرنسي هنري ابتيفول ‪ H. Batiffol‬الذي ه‬
‫السكان املكونّني لدولة ما»(‪.)2‬‬‫لشذص ما إىل ّ‬
‫»‪ « L’appartenance juridique d’une personne a la population constitutive d’un etat‬هذا‬
‫السياسي فيها‪ ،‬الذي يتجلهى فيه الوالء‬ ‫التهعريف أبرز فيه الفقيه ابتيفول اجلانب أوالبعد القانوين للجنسية‪ ،‬وأمهل البعد ه‬
‫للشخص حنو دولته‪.‬‬ ‫السياسي ه‬ ‫ه‬
‫‪ -3‬التيار الثالث‪ :‬مثلهه الفقيه الفرنسي لريبور بيجونيري ‪ Lerebours Pigeonnier‬الذي ه‬
‫عرف اجلنسية القانونية‬
‫اليت تنشأ بقرار من دولة ما ابعتبارها شذصا دوليا فتجعل فردا‬ ‫السياسية والقانونية ّ‬
‫الرابطة ّ‬ ‫قائال‪« :‬اجلنسية هي ّ‬
‫ما اتبعا مبعىن عضوا فيها»(‪.)3‬‬
‫‪» La nationalité est le lien politique et juridique crée par la décision d’un Etat, personne‬‬
‫‪internationale, qui rend un individu sujet, c’est-a-dire membre de l’Etat».‬‬
‫الص واب م ن التهع اريف‬
‫السياس ي والق انوين للجنس ية‪ ،‬فه و أق رب إىل ه‬
‫ي متاز ه ذا التهعري ف أبنه ه مج ع ب ني البع دين ه‬
‫األخ رى ‪ ،‬يُالح ظ أ هن م ا جيم ع ب ني تع اريف ه ذه التهي ارات الثالث ة‪ ،‬أ هّن ا نظ رت إىل اجلنس ية القانوني ة م ن جه ة‬
‫اآلاثر املرتتهبة عنها‪.‬‬
‫‪-)3‬االرجاه الثالث‪ :‬ميثهله األستاذ بيري مايري ‪ Pièrre Mayer‬الذي ق هدم تعريفا للجنسية القانونية‪ ،‬خمالفا للتهعاريف‬
‫الشخصي للدولة ابعتبارها شخصا عاما‪ ،‬الّت بصفتها تلك متنح‬ ‫السابقة‪ ،‬انظرا إليها من جهة االختصاص احلصري أو ه‬ ‫ه‬
‫الشخصي يف مواجهة الدول األخرى‪،‬‬ ‫اجلنسية للفرد‪ ،‬فيجعلها ذلك هاجتاه الفرد املستفيد من جنسيتها صاحبة االختصاص ه‬
‫اليت متنح من قبل دولة ما فتجعل هذه األخرية ارجاه الفرد‬
‫الصفة ّ‬
‫أبّنا‪ّ « :‬‬
‫عرفها يف كنف القانون الدويل العام ه‬
‫هلذا ه‬
‫شذصي يف مواجهة ال ّدول األخرى(‪.)4‬‬
‫املستفيد صاحبة االختصاص ال ّ‬

‫(‪ -)1‬ج‪.‬ب‪ .‬نبواييه ‪ :J.P Niboyet‬دروس يف القانون ال هدويل اخلاص الفرنسي‪.‬‬


‫‪Cours de droit international privé Français, 2e edition serey 1949, N° 47, p.65.‬‬
‫(‪-)2‬ه‪ .‬ابتيفول‪ ،‬وب‪ .‬ال غارد‪ :‬القانون ال هدويل اخلاص‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬الفقرة ‪ ،59‬ص‪.266‬‬
‫(‪ -)3‬لريبور بيجيونيري ‪ :Lerebours Pigeonnier‬املختصر يف القانون ال هدويل اخلاص‪.‬‬
‫ددوش‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ ،17‬اهلامش‪.2‬‬ ‫‪é‬‬
‫‪ ، Précis de droit international privé, 6 edition 1954, N°59.‬ذكرته األستاذة جاكلني بن ه‬
‫(‪ -)4‬بيري مايري ‪ :Piere Mayer‬القانون ال هدويل اخلاص‪Droit international privé, 5e édition Delta, 1996 Liban, N°838. P546.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪« Elle est la qualité dont l’attribution par un Etat confère a celui-ci, à L’égard de l’in-‬‬
‫‪dividu attributaire une compétence personnelle opposable aux autres états».‬‬
‫الرابطة بني الدولة والفرد‪ ،‬على أ هن هذا األخري حبمله‬
‫هذا التهعريف ش هدد فيه صاحبه على أ هن اجلنسية عموداي تعين ه‬
‫جنسيتها يصري وطنيا من وطنييها‪.‬‬
‫السكان‪،‬‬
‫الرابطة الّت جتمع بني الوطنيني أنفسهم لتلك الدولة نفسها‪ ،‬الذين يش هكلون معا عنصر ه‬ ‫هأما اجلنسية أفقيا فتعين ه‬
‫األول أنهه مّت ُوجدت جمموعة من األشخاص فإ هّنم يُش هكلون معا هأمة تسبق قيام الدولة(‪،)1‬‬
‫الرابطة تعين يف منحاها ه‬‫هذه ه‬
‫الروابط االجتماعيهة بني أعضاء اجملموعة‬‫ولكن ابتداءً من قيام الدولة‪ ،‬فإ هن شخصيتها تستقطب ك هل العالقات يف جمال ه‬
‫ياسة والقانونية بني الدولة‬
‫الس ه‬
‫الروابط ه‬
‫الروابط الّت تقوم وتتش هكل على أساسها اجلنسية الفعلية‪ ،‬يُضاف إليها ه‬
‫نفسها‪ ،‬وهي ه‬
‫الشخصي أو احلصري العائد هلا هاجتاه األفراد الذين‬‫كل رعيهة من جهة أخرى‪ .‬فالدولة متارس االختصاص ه‬ ‫من جهة و ه‬
‫ينتمون إليها ابجلنسية‪ ،‬ومتارسه يف مواجهة الدول األخرى من خالل القيام أبعمال معيهنة‪ ،‬مثل احلماية ال هدبلوماسية‬
‫وسن القواعد القانونية الّت يكون موضوعها حتديد‬
‫الردعية‪ ،‬والقيام إبعداد ه‬‫لوطنييها‪ ،‬والتهعبئة والتهجنيد واملتابعة القضائية ه‬
‫السياسية والقيام بواجبات اخلدمة الوطنية‪،‬‬
‫كل اجملاالت‪ ،‬مثل ممارسة احلقوق املدنية و ه‬
‫العالقات بني املواطن والدولة يف ه‬
‫وااللتزامات الضريبية(‪....)2‬إخل‬
‫هذا التهعريف أشار ضمنيا إىل اجلوانب االجتماعية والسياسية والقانونية للجنسية‪ .‬ما نستخلصه من ك هل ما سبق‪ ،‬أ هن‬
‫اجلنسية القانونية قد قامت ابتداءً يف أورواب على أساس مبدإ القوميات‪ ،‬أو مبدإ اجلنسيات‪ ،‬الذي يعين انتماء الفرد إىل‬
‫كل هأمة سلطة‬‫األمة والدولة‪ ،‬ل مها قامت على رأس ه‬
‫الشعور القومي‪ ،‬وذلك عندما حدث تطابق بني ه‬ ‫هأمة معيهنة أساسه ه‬
‫الشعبية‪ ،‬وما تزال هذه القاعدة إىل وقتنا هذا هي أساس قيام اجلنسية‪ ،‬هلذا‬
‫سياسيهة ذات سيادة ‪ ،‬منبثقة من اإلرادة ه‬
‫كل فرد من أصول أجنبية غري أوروبية متتهع جبنسية أي دولة أوروبية‪ ،‬سواء كجنسية أصلية أو مكتسبة أن يندمج‬
‫يُطلب من ه‬
‫أي صلة أخرى غري صلة اجلنسية‬ ‫يف جمتمع الدولة املعنيهة‪ ،‬الذي هو جمتمع قومي ابألساس‪ ،‬وهذا يعين الته ه‬
‫جرد من ه‬
‫األوروبية‪.‬‬
‫السابقة‪ ،‬هي ا هن بعض الفقهاء عندما تعلهق األمر مبن حيمل جنسية‬
‫بقي لنا أن نشري إىل مسألة جوهريهة يف التهعاريف ه‬
‫الدولة استخدموا يف تعريفهم مصطلح الفرد ‪ L’individu‬وهم الفقهاء الذين ينكرون أن تكون ه‬
‫للشخص االعتباري‬
‫جنسية‪ .‬بينما استخدم بعضهم اآلخر مصطلح الشخص ‪ La personne‬ليشمل الشخص الطبيعي (الفرد) والشخص‬

‫االعتباري‪ ،‬وهم الفقهاء الذين يؤيّدون أن تكون لل هشخص االعتباري جنسية‪ .‬هلذا نرى أنهه ُ‬
‫جيب التهفرقة بني تعريف‬
‫نؤجل تعريف جنسية‬ ‫الشخص االعتباري‪ .‬لذلك نقرتح تعريفا جلنسية الفرد‪ ،‬على أن ه‬
‫جنسية الفرد‪ ،‬وتعريف جنسية ه‬
‫الشخص االعتباري إىل حني نتناول عناصر اجلنسية فيما بعد‪.‬‬
‫ه‬

‫السابق‪ ،‬الفقرة ‪ ،838‬ص‪.547‬‬


‫(‪-)1‬نفس املرجع ه‬
‫السابق‪.‬‬
‫(‪ -)2‬نفس املرجع ه‬
‫‪25‬‬
‫اثلثا‪-‬التّعريف املقرتح للجنسية القانونية ابلنّسبة للفرد‪:‬‬
‫اخلاصة ابلفرد‪ ،‬كاآليت‪ :‬اجلنسية القانونية هي‬
‫إ هن استقراء ما كتبناه سابقا‪ ،‬يُرشدان إىل صياغة تعريف اجلنسية القانونية ه‬
‫انتماء فرد ما اجتماعيا وسياسيا وقانونيا إىل دولة ما ذات سيادة فيصري عضوا يف شعبها مبعىن وطنيا هلا‪ .‬هذا‬
‫يتضمن األبعاد الثالثة الّت تدخل يف حتديد اجلنسية القانونية‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫التهعريف ه‬
‫‪-)1‬البعد االجتماعي للجنسية‪ :‬هو بعد مرتبط ابالنتماء االجتماعي إىل ه‬
‫األمة ابتداءً مثه إىل الدولة انتهاءً ابعتبارها‬
‫ظاهرة اجتماعيّة‪.‬‬
‫السيادة ابعتبارها ظاهرة سياسية‪.‬‬ ‫السياسي للجنسية‪ :‬هو بعد مرتبط ابالنتماء ه‬
‫السياسي إىل الدولة ذات ه‬ ‫‪ -)2‬البعد ّ‬
‫السياسي هلا دون سواها‪.‬‬
‫وتكمن أمهيهة انتماء األفراد سياسيا إىل الدولة يف والئهم ه‬
‫‪ -)3‬البعد القانوين للجنسية‪ :‬هو بعد مرتبط ابالنتماء القانوين إىل الدولة ابعتبارها ظاهرة قانونية‪ .‬فاجلنسية ال‬
‫تصري صفة يف الفرد وال يتمتهع هبا إاله بنصوص قانونية تضعها الدولة‪ ،‬فتُ هبني األسس الّت تقوم عليها اجلنسية‪ ،‬وشروط‬
‫الشعب فيها‪ .‬فالقانون هو الذي حيكم نشأة‬ ‫التمتُّع هبا‪ ،‬وبذلك تستطيع أن ُحت هدد من هم وطنيوها الذين يُش هكلون ركن ه‬
‫اجلنسية ومن يتمتهع هبا كجنسية أصليهة‪ ،‬أو مكتسبة‪ ،‬ومّت تزول عن الفرد الذي محلها‪ ،‬والكيفيهة الّت تزول هبا عنه‪ ،‬وهو‬
‫الدولية‪.‬‬
‫الذي يضبط الواجبات وااللتزامات املرتتهبة عنها‪ ،‬وكذا آاثرها الداخلية و ُ‬
‫السالفة يتجلهى بوضوح أ هن اجلنسية القانونية وجدت أصال من أجل‬
‫من خالل ما شرحناه سابقا‪ ،‬ومن التهعاريف الفقهية ه‬
‫ابلشخص االعتباري أيضا‪ ،‬وقد أخذت أغلب التهشريعات املقارنة هبذا‬‫الفرد‪ ،‬أي اإلنسان‪ ،‬ولكن بعض الفقهاء أحلقوها ه‬
‫الرأي‪.‬‬
‫ه‬
‫املطلب الثّاين‬
‫عناصر اجلنسية القانونية‬
‫مكوانت اجلنسية القانونية‪ ،‬فبعضهم استخدم أركان‬‫اختلف الفقهاء يف حتديد املصطلح أو العبارة الدالهة على ه‬
‫اجلنسية(‪ ،)1‬والبعض استخدم عبارة عناصر اجلنسية(‪ ،)2‬والبعض اآلخر استخدم عبارة مفرتضات اجلنسية(‪ ،)3‬وحنن ّنيل‬
‫املكونة‬
‫لكل كائن عناصره ه‬ ‫إىل استخدام عبارة عناصر اجلنسية‪ ،‬ال هن اجلنسية تُع هد كائنا اجتماعيا‪ ،‬سياسيا ‪ ،‬وقانونيا‪ ،‬و ه‬
‫الشخص الذي يتل هقى اجلنسية (الفرع‬
‫له‪ ،‬والعناصر املكونهة للجنسية ثالثة‪ ،‬هي الدولة املاحنة للجنسية (الفرع األول)‪ ،‬و ه‬
‫الشخص (الفرع الثالث)‪.‬‬ ‫الثاين)‪ ،‬و ه‬
‫الرابطة بني الدولة و ه‬
‫األول‪ :‬الدولة املاحنة للجنسية‪:‬‬
‫الفرع ّ‬
‫لكل فرد تراه أهال‬
‫وّتتص مبنحها ه‬
‫ه‬ ‫لكل دولة ذات سيادة حب هقها يف أن تنشئ جنسيهتها‪،‬‬
‫يعرتف القانون الدويل العام ه‬
‫حق منح اجلنسية عليها وحدها دون سواها من األشخاص املعنوية الدولية العامة األخرى‬
‫حلمل جنسيتها‪ .‬ويقتصر ه‬

‫(‪ -)1‬ال هدكتور فؤاد عبد املنعم رايض‪ :‬أصول اجلنسيهة يف القانون ال هدويل والقانون املصري املقارن‪ ،‬دار النههضة العربيهة‪ ،‬القاهرة‪،1995 ،‬ص‪.13‬‬
‫(‪ -)2‬ه‪ .‬ابتيفول‪ ،‬وب‪ .‬الغارد‪ :‬القانون ال هدويل اخلاص‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.70‬‬
‫(‪ -)3‬د‪.‬أمحد عبد الكرمي سالمة‪ :‬املبسوط يف شرح نظام اجلنسيهة‪ ،‬دار النههضة العربيهة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطهبعة األوىل ‪ ،1993‬ص ‪.39‬‬

‫‪26‬‬
‫ال مُخاطبة أبحكام القانون الدويل العام‪ ،‬وذلك استنادا إىل مبدإ املساواة يف السيادة بني الدول‪ ،‬الذي ينبثق منه مبدأ‬
‫آخر هام هو مبدأ حرية الدولة يف منح جنسيتها لألفراد الذين يُ ه‬
‫كونون ركن الشعب فيها‪ .‬فاجلنسية هبذا املعىن مرتبطة‬
‫أتسست وفق مبادئ القانون الدويل العام‬
‫ارتباطا وجوداي ابلدولة احلديثة ابعتبارها ظاهرة اجتماعية‪ ،‬سياسية‪ ،‬وقانونية‪ ،‬ه‬
‫تبسط سيادهتا على اإلقليم والشعب على املستوى الداخلي‪،‬‬‫السيادة الّت ُ‬
‫السلطة ذات ه‬ ‫أبركاّنا الثالثة‪ :‬اإلقليم‪ ،‬الشعب‪ ،‬و ُّ‬
‫وتعمل على أن حترتم الدول األخرى سيادهتا على املستوى الدويل‪ .‬لكن لكي متارس الدولة ح هقها يف منح جنسيتها لألفراد‬
‫كل واحد منهم حامال لصفة وطّن‬‫الذين تراهم جديرين حبمل جنسيتها‪ ،‬والذين يش هكلون ركن الشعب فيها‪ ،‬فيصري ه‬
‫‪ ،National‬جيب أن تتوفهر فيها ثالثة شروط أساسية هي‪:‬‬
‫حّت تتم هكن من وضع قواعد اجلنسية اخلاصة هبا‪.‬‬‫‪-)1‬أن تكون الدولة ذات سيادة‪ ،‬ه‬
‫‪-)2‬أن تكون معرتفا هبا من قبل اجملتمع الدويل‪ ،‬أل هن االعرتاف هو الذي يُعطيها احلق يف أن تكون عضوا فيه‪ ،‬فتصري‬
‫خماطبة أبحكام القانون الدويل العام ابعتبارها شخصا معنواي دوليا عاما‪.‬‬
‫السابقني‪ ،‬أي أن‬
‫الشرطني ه‬
‫الشرط األخري ال يكون إاله بتوفهر ه‬
‫ابلشخصية القانونية الدولية‪ ،‬وهذا ه‬
‫‪-)3‬أن تتمتهع الدولة ه‬
‫تكون الدولة ذات سيادة وأن تكون معرتفا هبا دوليا‪.‬‬
‫حبق حتديد من هم األشخاص الذين يُشكلهون ركن الشعب فيها‪ ،‬فيصريون وطنيني‬ ‫بناءً على ما سبق‪ ،‬فإ هن الدولة تتمتهع ه‬
‫بكل دولة‪ ،‬بل تنبع من سيادة الدولة نفسها‪،‬‬
‫الّت تدخل كمبدإ عام ضمن اجملال اخلاص ه‬ ‫هلا‪ ،‬أل هن اجلنسية تُع هد من املسائل ه‬
‫احلق يف تنظيم جنسيتها بتشريعها الداخلي‪ ،‬وعلى الدول األخرى أن تسلهم هبذا التهشريع‪ .‬هذه املبادئ مثبتة‬‫ممها يُعطيها ه‬
‫ومؤك هدة يف املواثيق الدولية‪.‬‬
‫سن قواعد اجلنسية ومنحها قد يرتتهب عنه حدوث ازدواجية اجلنسية أو تع ّددها‪ ،‬كما قد‬
‫حرية الدولة يف ه‬
‫غري أ هن مبدأ ه‬
‫يرتتهب عنه انعدام اجلنسية‪ ،‬ولتجاوز الظهاهرتني‪ ،‬وجتنُّب التهداخل بني الدول يف مادة اجلنسية ه‬
‫نصت اتهفاقيهة الهاي لسنة‬
‫اصة ابجلنسية يف املادة ‪ 12‬ع لى أ هن حرية الدولة يف س هن قواع د جنسيته ا ومنح ها مق يهدة « ابالتّفاقيات‬
‫‪ 1930‬اخل ه‬
‫الدولية والعرف الدويل ومبادئ القانون الدويل املعرتف هبا يف ما ّدة اجلنسية»(‪.)1‬‬
‫حرية الدولة يف منح جنسيتها‪ ،‬هي قيود االتهفاقيات الدولية‪ ،‬وقيود العرف الدويل‪ ،‬وقيود ترجع إىل‬
‫هناك قيود ترد على ه‬
‫العامة للقانون الدويل العام منه أو اخلاص‪.‬‬
‫املبادئ ه‬
‫الفرع الثاين‪ :‬الشذص الذي يتل ّقى اجلنسية‪:‬‬
‫الشخص الطهبيعي أي الفرد‬ ‫الشخص الذي يتل هقى اجلنسية يف معناها من الناحية القانونية اىل ه‬ ‫تنصرف عبارة ه‬
‫الشخص االعتباري ‪ ،‬الذي نتناول ابلدراسة جنسيته يف الفقرة الثانية‪ ،‬وإىل‬ ‫‪ l’individu‬نتناوله يف الفقرة األوىل‪ ،‬وإىل ه‬
‫جانب ذلك تُثار مسألة جنسية السفن والطائرات ‪،‬نتناوهلا يف الفقرة الثالثة‪ .‬نشرح كل ذلك فيما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الشذص الطبيعي (الفرد)‪:‬‬

‫(‪ -)1‬ه‪ .‬ابتيفول ‪ ،‬وب‪ .‬الغارد ‪ ،‬مرجع سابق الفقرة ‪ ، 71‬ص ‪.78‬‬

‫‪27‬‬
‫لكل فرد من أفراد شعبها‪ ،‬أل هن اجلنسية إهّنا ُوجدت من أجلهم‪ ،‬ألّنم هم الذين يش هكلون ركن‬
‫متنح الدولة جنسيتها ه‬
‫الشعب فيها‪ .‬لكن اجلنسية ال تثبت للفرد إاله إذا ثبتت له الشخصية القانونية ‪.personne juridique‬‬
‫يُفرتض يف زمننا أن كل فرد ُولد حيها تكون له الشخصية القانونية ‪ ،‬الّت تعين صالحيته ألن تكون له حقوق ‪ ،‬وعليه‬
‫التزامات فإذا كان األمر كذلك ‪ ،‬كان أهال وصاحلا لتل هقي اجلنسية‪ .‬هأما إذا كان منعدم الشخصية القانونية كما كان حال‬
‫الرقيق فيما مضى‪ ،‬فإنهه ال يصلح لتل هقي اجلنسية‪ ،‬لكون العبيد مل يكونوا أصحاب حق‪ ،‬مثلهم مثل األشياء‪ ،‬وإن كانوا‬
‫دائما حمال للحقوق (‪.)1‬‬
‫حّت‬
‫نصت عليه املواثيق الدولية ‪ ،‬فال جيوز حرمانه منها ه‬
‫لكن اجلنسية يف وقتنا هذا صارت ح هقا من حقوق اإلنسان ‪ ،‬ه‬
‫يتعني أن تُثبت له منذ حلظة ميالده إىل حني وفاته ‪ ،‬إذا كانت له صله حقيقية‬
‫ال يكون عدمي اجلنسية ‪ ،Apatride‬لذا ه‬
‫يؤهكدها الواقع ابلدولة الّت متنحها له ‪ ،‬سواء كانت الصلة برابطة حق الدم أو برابطة حق اإلقليم على أن تُراعي يف‬
‫منحها اندماج الفرد الذي تلقاها يف جمتمعها ‪ ،‬الذي يعين والءهُ هلا ‪ ،‬وتفانيه يف خدمتها ‪ ،‬واالنصياع لقوانينها‪ ،‬أبن‬
‫يتحمل االلتزامات الّت تفرضها عليه رابطة االنتماء اىل الدولة ‪ ،‬ويف مقابل ذلك تراعي الدولة مصاحله وتق هدم له احلماية‬
‫ه‬
‫الدولية مادامت جنسيتها هي الّت حت هدد هويته على املستوى الدويل‪.‬‬
‫اذا متتهع الفرد جبنسية دولة ما ‪ ،‬فإنهه يصري حامال صفة وطّن ‪ ، National‬لكنهه ال يصري مواطنا ‪ ، Citoyen‬إاله‬
‫إذا كان اهال للتمتهع ابحلقوق السياسية (‪ .)2‬فاجلنسية هبذا املعىن هي الّت حت هدد احلالة السياسية للفرد‪ ،‬وعلى ذلك يكون‬
‫كل مواطن وطنيا ‪ ،‬وليس ابلضرورة أن يكون كل وطين مواطنا(‪ ، )3‬فاملواطن هو الذي جيمع بني صفة الوطين وميزة‬
‫ه‬
‫تويل الوظائف‬
‫بشّت أنواعها ‪ ،‬ويكون له احلق يف ه‬
‫التمتهع ابحلقوق السياسية ‪ ،‬فيكون انخبا وقابال هو نفسه لالنتخاابت ه‬
‫أعم من اصطالح مواطن ‪ ،‬ألنه يشمل مجيع الوطنيني الذين حيملون صفة مواطن‬ ‫العامة يف الدولة ‪ .‬فاصطالح الوطين ه‬
‫إىل جانب صفة وطين ‪.‬‬
‫وقد أُستخدم أحياان مصطلح التابع ‪ ، le ressortissant‬للتعبري عن تبعية الفرد لدولة ما‪ ،‬دون أن يكون يف مرتبة‬
‫الوطين ابلنظر للمعاملة الّت يتل هقاها يف حياته اليومية ‪ ،‬كما أُستخدم مصطلح رعية ‪ ، )4( sujet‬أو رعية حملية ‪indigène‬‬
‫وهذه املصطلحات استخدمها املشرع االستعماري الفرنسي يف اجلزائر للتعبري عن تبعية اجلزائريني املسلمني لفرنسا خالل‬
‫فرتة االستعمار الفرنسي ‪ ،‬ابعتباهم السكان األصليني للجزائر ‪ ،‬كانوا خيضعون ملنظومة قانونية استثنائية متييزية‪ ،‬زجرية ‪،‬‬

‫(‪-)1‬نفس املرجع السابق ‪ ،‬الفقرة ‪ ، 63‬ص ‪70‬‬


‫(‪ -)2‬نفس املرجع السابق ‪ ،‬الفقرة ‪ ، 66‬ص‪.71‬‬
‫(‪ -)3‬د‪ .‬حممد الرويب ‪ :‬اجلنسية ومركز األجانب يف القانون املقارن ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 2005‬الفقرة ‪ ، 30‬ص ‪.33‬‬
‫(‪-)4‬مصطلح رعية يف القانون الوضعي غري مصطلح الرعية يف الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬الذي يعين انتساب الفرد إىل دار اإلسالم ‪ ،‬وقد سبق شرح ذلك فيما سلف‬
‫عندما درسنا عناصر الرعوية اإلسالمية‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫عرفت بنظام أطلق عليه ال ُم ستد ِمر الفرنسي(‪ ، )1‬اسم‬
‫ردعية ‪ ،‬قمعية خاصة هبم ‪ ،‬جعلتهم يف مرتبة أقل من مرتبة العبيد ‪ُ ،‬‬
‫نظام األهايل يف اجلزائر(‪. le régime de l’indigénat en Algérie )2‬‬
‫خنلص مما سبق إىل القول أبن قواعد اجلنسية ‪ ،‬الّت تضعها الدولة ‪ّ ،‬تاطب بصفة أصلية األشخاص الطبيعيني فردا فردا‬
‫فتخلع على كل واحد منهم جنسيتها ‪ ،‬وال تُعطى جملموعة من األفراد حّت لو احتدوا يف مجاعة مثل األسرة والعشرية‬
‫والقبيلة‪ ،‬ذلك أل هن اجلنسية قوامها شعور الفرد ابلوالء حنو الدولة واالنتماء إليها ‪ ،‬روحيا ‪ ،‬اجتماعيا ‪ ،‬سياسيا ‪ ،‬وقانونيا‪،‬‬
‫وترسبت آاثرها يف وجدانه ‪ ،‬فصارت تتحكم يف طريقة تفكريه‪،‬‬ ‫ترسخت يف ذهنيته ‪ ،‬ه‬ ‫يتجسد هذا االنتماء يف القيم الّت ه‬
‫ه‬
‫ون مط حياته ‪ ،‬وسلوكه االجتماعي ‪ ،‬السياسي ‪ ،‬فيكون ذلك سببا فيما حيدث من متايز بني شعوب الدول املختلفة ‪،‬‬
‫فتتح هدد بناءً على ذلك الرابطة الّت تربط بني الدولة والفرد ‪ ،‬ابعتبارها من العناصر املكونة للجنسية‪.‬‬
‫اثنيا‪-‬الشذص االعتباري‪:‬‬
‫املقصود ابلشخص االعتباري(املعنوي) هنا‪ ،‬هو الشخص االعتباري اخلاص‪ .‬اختلف فقهاء القانون الدويل اخلاص يف‬
‫مسألة متتعه ابجلنسية من عدمها‪ .‬فانقسموا إىل فريقني أحدمها ينكر أن تكون له جنسية‪ ،‬استنادا إىل أ هن الشخص‬
‫يقر بفكرة الشخصية القانونية للشخص االعتباري‪ ،‬وابلتايل‬‫االعتباري ليست له شخصية قانونية أصال‪ .‬والرأي الثاين ه‬
‫فقها وقضاءً وتشر ًيعا‪.‬‬
‫يؤيهد أن تكون له اجلنسية القانونية أسوة ابلشخص الطبيعي‪ ،‬وهذا الرأي هو الراجح ً‬
‫نعرف جنسية الشخص االعتباري يف فقرة أوىل‪ ،‬مث نذكر إبجياز أهم املعايري املعتمدة دوليا ملنح‬
‫بناء على ما سبق ذكره‪ ،‬ه‬
‫اجلنسية للشخص االعتباري وذلك يف فقرة اثنية وهي نفس املعايري الّت تبناها املشرع اجلزائري ملنح اجلنسية للشخص‬
‫االعتباري نتناوهلا ابلشرح يف فقرة اثلثة‪ .‬ه‬
‫نبني كل ذلك فيما يلي‪:‬‬
‫‪ )1‬تعريف جنسية الشذص االعتباري‪:‬‬
‫يفرق فقهاء القانون الدويل اخلاص‪ ،‬الذين أيهدوا حق الشخص االعتباري يف التمتع ابجلنسية عندما عرفوا اجلنسية‪،‬‬
‫مل ه‬
‫بني جنسية الشخص الطبيعي وجنسية الشخص االعتباري‪ ،‬وهذا يع هد من وجهة نظران خلال يف تعريفهم‪ ،‬لذا نرى ُوجوب‬
‫التفرقة بينهما‪ ،‬وذلك الختالف طبيعتيهما‪ .‬ومبا أنهنا قدمنا سابقا التعريف اخلاص جبنسية الشخص الطبيعي‪ ،‬فإنهنا نقرتح‬
‫هنا تعريفا خاصا جبنسية الشخص االعتباري يف الصياغة اآلتية‪ :‬جنسية الشذص االعتباري هي تبعيته السياسية‬
‫والقانونية لدولة ما‪.‬‬
‫ما يالحظ على تعريفنا هذا‪ ،‬أنهنا استخدمنا مصطلح التبعية بدال من مصطلح االنتماء‪ ،‬الذي استخدمناه عندما عرفنا‬
‫جنسية الفرد سابقا‪ .‬وذلك لسببني اثنني‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ـ السبب األول‪ :‬أ هن استخدام مصطلح االنتماء يف تعريف جنسية الفرد مرتبط ابلفكرة االجتماعية للجنسية‪ ،‬ألنهه‬
‫انبع من ذات الفرد نفسه‪ ،‬ألنهه بفطرته كائن اجتماعي‪ .‬فانتماء الفرد إىل الدولة وإن كان انتماءً اجتماعيا‪ ،‬سياسيا‬

‫(‪ -)1‬مصطلح «املستدمر» من ابتكار الوطين األصيل ‪ ،‬األستاذ العالمة املرحوم مولود قاسم انيت ابلقاسم رمحه هللا ‪ ،‬استخدمه يف كتاابته التارخيية عن االستعمار‬
‫الفرنسي للجزائر ‪ ،‬عوضا عن مصطلح «املستعمر»‪ ،‬املتداول يف كتاابت غريه‪.‬‬
‫(‪-)2‬راجع الوضعية القانونية والسياسية للجزائريني يف ظل التشريع االستعماري الفرنسي ‪ ،‬رسالتنا ‪،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪ 244‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫وقانونيا‪ ،‬فمصدره وجدانه وفكره ‪ ،‬إذ يقتصر دور الدولة على وضع القواعد القانونية الّت تؤهكد هذا االنتماء واقعيا وفعليا‪،‬‬
‫أل هن االنتماء فكرة حية ‪ ،‬مرتبطة ابإلنسان ‪ ،‬وهو خملوق حي ‪ّ ،‬تتلج يف نفسه املشاعر الّت حت هدد وجهة انتمائه ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ السبب الثاين‪ :‬أ هن استخدام مصطلح التبعية يف تعريف جنسية الشخص االعتباري مرتبط بطبيعته كمخلوق قانوين‬
‫جمازي ‪ ،‬ا بتدعه رجال الفكر القانوين ليسهل التعامل معه ‪ ،‬فهو صناعة قانونية ‪ ،‬مبعىن من صنع القواعد القانونية ‪ ،‬الّت‬
‫تضعها الدولة نفسها‪ .‬فقد استدعى االعرتاف له ابلشخصية القانونية االعتبارية ضرورة إجياد أسس قانونية تُبىن عليها‬
‫جتسد تبعيته السياسية والقانونية لدولة ما‪ .‬فالتبعية فكرة جامدة ملخلوق من صنع القانون‪،‬‬
‫جنسيته‪ ،‬تتالءم مع طبيعته‪ ،‬ه‬
‫يتبع الدولة جبنسية انبعة من مفهوم اجلنسية كنظام قانوين تضعه الدولة‪ ،‬وليس من مفهومها كرابطة اجتماعية‪.‬‬
‫‪ )2‬أهم املعايري املعتمدة دوليا ملنح اجلنسية للشذص االعتباري‪:‬‬
‫هناك عدة معايري معتمدة دوليا‪ ،‬تبنهتها التشريعات املقارنة‪ ،‬متنح على أساسها الدول جنسياهتا لألشخاص االعتبارية‪،‬‬
‫منها معايري ذات طابع موضوعي ‪ ،‬ومنها معايري ذات طابع شذصي ‪ ،‬ومعايري ذات طابع اتفاقي نشرح كل صنف من‬
‫هذه املعايري ابختصار فيما أييت‪:‬‬
‫‪ -1‬املعايري ذات الطابع املوضوعي املعتمدة دوليا‪:‬‬
‫هناك ثالثة معايري ذات طابع موضوعي معتمدة دوليا ملنح اجلنسية للشخص االعتباري‪ ،‬هي معيار مكان التأسيس‪،‬‬
‫ومعيار املقر االجتماعي‪ ،‬ومعيار مكان ممارسة النشاط‪ .‬نقدم عن كل واحد منها شرحا موجزا فيما يلي‪:‬‬
‫أ – معيار مكان التأسيس‪ :‬يقضي هذا املعيار أن ُمتنح للشخص االعتباري جنسية الدولة الّت ه‬
‫تتم فيها إجراءات أتسيسه‪،‬‬
‫مربراته يف أ هن‬
‫هذا املعيار ساد بصفة خاصة يف الدول األجنلو أمريكية‪ .‬وحسب جانب من الفقه فإ هن هذا املعيار جيد ه‬
‫قانون دولة مكان أتسيسه هو الذي يعرتف ابلشخصية القانونية للشخص االعتباري‪ ،‬ألن عقد التأسيس يربم وفق قواعده‬
‫تتم حتت سلطانه إجراءات التسجيل والنشر والشهر‪ ،‬وعلى هذا فهو الذي حيكم نظامه القانوين أي حالته‪.‬‬
‫القانونية‪ ،‬و ه‬
‫كما أ هن منح اجلنسية للشخص االعتباري على أساس مكان التأسيس يوفهر احلماية للغري الذي يتعامل معه ابلنظر اىل‬
‫تتم بينه وبني غريه‪.‬‬
‫أنه معيار واضح‪ ،‬واثبت يضمن االستقرار والطمأنينة يف العالقات واملعامالت الّت ه‬
‫غري أن هذا املعيار ُو هجه له نقد متثل أساسا يف أنه معيار قد ال تتوفر فيه تبعية جدية وحقيقية بني الشخص االعتباري‬
‫والدولة الّت منحته جنسيتها على أساسه ‪ ،‬ألنه يفسح جمال التحايل والغش أمام األفراد الذين يؤسسونه ‪ ،‬حيث أّنم قد‬
‫يلجؤون إىل أتسيسه يف دولة يرون أ هن نظامها القانوين يلبهي أكثر حاجياهتم ومصاحلهم‪ ،‬وهذا يتناف ى مع مبدإ الواقعية ‪،‬‬
‫تصرف‬
‫وفعلية التبعية يف منح اجلنسية املعمول به بشكل عام يف مادة اجلنسية‪ ،‬ويتجلهى هذا السلوك بصفة خاصة يف ه‬
‫تؤسس وفق هذا املعيار طبقا لقوانني الدول الكربى املعروفة هبيمنتها‬
‫الشركات العاملية الكربى متع هددة اجلنسيات ‪ ،‬الّت ه‬
‫على احلياة االقتصادية الدولية‪ ،‬بينما يرتهكز نشاطها أساسا يف الدول النامية‪ ،‬او املتخلهفة‪ ،‬فتكون النتيجة املباشرة هي‬

‫‪30‬‬
‫خضوع نظامها القانوين لقوانني دول مكان التأسيس‪ ،‬ممها جيعلها يف منأى عن سطوة قانون مكان ممارسة النشاط‪ ،‬وذلك‬
‫ما دفع الدول النامية ومنها اجلزائر أن تتبنه ى معيار مكان ممارسة النشاط كأساس لتمتهع الشخص االعتباري ابجلنسية‪.‬‬
‫ب – معيار املقر االجتماعي الرئيسي‪ :‬يقصد هبذا املعيار كأساس لتمتع الشخص االعتباري جبنسية دولة ما‪ ،‬املكان‬
‫املوجه لكل أنشطته الّت ح هدد مضموّنا القانون األساسي املنشئ هلا‪ ،‬ويستدل عليها بدالئل‬
‫يتجسد فيه القرار ه‬
‫الذي ه‬
‫معيهنة متكاملة‪ ،‬مثل اجلمعية العامة‪ ،‬وجملس اإلدارة الذي يتوىل مهمة تنفيذ مجيع القرارات خاصة به‪ ،‬وكذا إدارته املالية‪،‬‬
‫ومجيع األجهزة اإلدارية والتقنية الّت تتطلهبُها احلياة االقتصادية والتجارية للشخص االعتباري‪.‬‬
‫تبنه ى هذا املعيار الكثري من التشريعات املقارنة‪ ،‬ومنها التشريع اجلزائري كما نرى الحقا‪ .‬وأهم ميزة يف هذا املعيار أنه‬
‫قام على اعتبارات الرتكيز الواقعي واملوضوعي للشذص االعتباري (‪.)1‬‬
‫ج – معيار مكان ممارسة النشاط‪ :‬يفيد هذا املعيار أ هن الشخص االعتباري يتمتهع جبنسية دولة ما على أساس املكان‬
‫كل امكانياته البشرية واالقتصادية ترتهكز يف هذا املكان وذلك يعين‬
‫الذي ميارس فيه نشاطه بصفة أساسية‪ ،‬ابعتبار أ هن ه‬
‫وجود تبعية فعلية وحقيقية للدولة الّت حيمل جنسيتها على أساسه‪.‬‬
‫‪-2‬املعايري ذات الطابع الشذصي املعتمدة دوليا‪:‬‬
‫هناك معياران‪ ،‬مها معيار جنسية الشركاء ومعيار الرقابة‪ ،‬نشرحهما إبجياز فيما يلي‪:‬‬
‫أ – معيار جنسية الشركاء‪ :‬يقضي هذا املعي ار أ هن جنسية الش خص االعتباري تُستم ُّد من جنسية األفراد الذين ه‬
‫أسسوه‬
‫جتمع أفراد‪ ،‬هم أعضاؤه‪ ،‬فكان من نتيجة جتمعهم أن نشأت له الشخصية‬ ‫أل هن الشخص االعتباري ما هو يف حقيقته إاله ه‬
‫القانونية‪ ،‬الّت غالبا ما تكون وليدة عقد التأسيس املربم بينهم‪ .‬فجنسيته تتأثهر جبنسيتهم‪ ،‬فتكون له جنسية الدولة الّت‬
‫ينتمي إليها الشركاء‪ ،‬إذا احتدوا جنسية‪ ،‬فإذا اختلفوا جنسية‪ ،‬تكون جنسيته هي جنسية الدولة الّت ينتمي إليها أغلبهم‪.‬‬
‫ب‪-‬معيار الرقابة ‪ :‬هذا املعيار قد تفرضه الظروف السياسية واالقتصادية السائدة يف الدولة ‪ ،‬فهو معيار مسيهس ‪،‬‬
‫حت هكمت يف نشأته ابتداءً ظروف اترخيية استثنائية ‪ ،‬أثناء احلربني العامليتني ‪ ،‬األوىل سنة ‪1918-1914‬م ‪ ،‬والثانية سنة‬
‫‪1945-1939‬م ‪ ،‬وظهر بصفة خاصة يف فرنسا‪ .‬فقد رأت السلطة الفرنسية خالل احلربني العامليتني أ هن كثريا من الشركات‬
‫الّت تتمتهع ابجلنسية الفرنسية على أساس معيار املقر االجتماعي الرئيسي املوجود يف فرنسا ‪ ،‬هي يف واقعها شركات أملانية‬
‫ألّنا ّتضع يف إدارهتا كلها أو بعضها لشركاء كلهم أو‬
‫وّنساوية ‪ ،‬أو شركات تتبع سياسيا دوال متحالفة مع أملانيا ‪ ،‬ه‬
‫أغلبهم ينتمون جبنسيتهم اىل دولة معادية ‪ ،‬كما أ هن رأس ماهلا تبعا لذلك كلهه أو بعضه بني أيديهم بصفتهم من الرعااي‬
‫األعداء ‪ ،‬مبعىن أ هن اإلدارة واهليمنة على الشركاء هي يف الواقع تعود اىل رعااي دولة عدوة ‪،‬ممها حتهم إعادة النظر يف املعيار‬
‫الذي جيب أن تعامل وفقه جنسية تلك الشركات ‪ ،‬فاهتدت السلطة الفرنسية ومن ورائها القضاء الفرنسي إىل معيار‬
‫الرقابة لفرض احلراسة على شركات تبدو يف ظاهرها من الناحية القانونية أ هّنا فرنسية ‪ ،‬أل هّنا متتهعت ابجلنسية الفرنسية على‬

‫(‪ -)1‬د‪ .‬أمحد عبد الكرمي سالمة ‪ :‬املبسوط يف شرح نظام اجلنسية ‪ ،‬مرجع سابق ص‪.61‬‬
‫‪ -‬لنفس املؤلف‪ :‬القانون الدويل اخلاص‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ .2008‬ص ‪56‬و‪.57‬‬

‫‪31‬‬
‫أساس معيار املقر االجتماعي الرئيسي املوجود يف فرنسا‪ ،‬وابلتايل ال جيوز وضعها حتت احلراسة ‪ ،‬ولكنها من الناحية‬
‫الفعلية تتبع سياسيا دولة عدوة إذا نظران إليها من زاوية اجلنسية األجنبية للشركاء ‪ ،‬ورأمساهلا األجنيب‪ ،‬مما استوجب وضعها‬
‫توىل القضاء الفرنسي اصدار احكام‬‫– استثناءً‪ -‬حتت احلراسة لدرء خطرها عن فرنسا ‪ ،‬فكان من نتيجة ذلك أن ه‬
‫قضائية‪ ،‬أيهدته فيها حمكمة النقض الفرنسية ‪ ،‬الّت قضت بفرض احلراسة على شركات تبدو يف الواقع أ هن تبعيتها السياسية‬
‫ليست لفرنسا‪ ،‬وإهّنا لدول معادية ‪ ،‬مبعىن آخر أ هن جنسيتها الفعلية ليست فرنسية ‪ ،‬إذ لو ثبت أ هن جنسيتها الواقعية‬
‫فرنسية ملا فرضت عليها احلراسة‪ .‬لدى رأى جانب من فقهاء القانون الدويل اخلاص الفرنسي أ هن الرقابة تع هد معيارا لتحديد‬
‫جنسية الشركات يف الظروف االستثنائية بينما رأى جانب آخر منهم أ هن الرقابة تع هد معيارا لتحديد جنسية الشركات بصفة‬
‫عامة‪ ،‬بشرط أن تكون الشركة الّت يوجد مقرها االجتماعي الرئيسي يف فرنسا‪ ،‬أو أ هّنا متارس نشاطها يف فرنسا‪ ،‬خاضعة‬
‫لرقابة فرنسيني وحتقق املصاحل الفرنسية‪ ،‬وعلى العكس من ذلك تعترب الشركة أجنبية مّت خضعت لرقابة األجانب‪ ،‬ومثلت‬
‫مصاحل أجنبية‪ ،‬حّت لو ُوجد مقرها االجتماعي الرئيسي أو غريه من املعايري يف فرنسا (‪.)1‬‬
‫‪-3‬املعايري ذات الطابع االتفاقي‪ :‬ه‬
‫تنص عليها غالبا االتفاقيات الدولية الثنائية‪ ،‬خاصة منها املتعلقة ابالستثمار ومحايته‪،‬‬
‫نص هذا النوع من االتفاقيات املعايري الّت تتح هدد مبوجبها جنسية احدى الدولتني املتعاقدتني كجنسية للشخص‬
‫يتضمن ه‬
‫إذ ه‬
‫االعتباري‪ ،‬وقد يعتمد أحد امل عايري السابق شرحها أو معيارين أو عدة معايري يف آن واحد كأساس لتمتع الشخص‬
‫االعتباري جبنسية احدى الدولتني‪ .‬وقد يُمزج يف االتفاقية بني املعايري ذات الطابع املوضوعي وذات الطابع الشخصي‬
‫لتحديد جنسية الشخص االعتباري‪ ،‬هذا ما نبيهنه أدانه عندما ندرس املعايري املعتمدة يف اجلزائر ملنح اجلنسية اجلزائرية‬
‫للشخص االعتباري‪.‬‬
‫‪ )3‬املعايري املعتمدة يف اجلزائر ملنح اجلنسية للشذص االعتباري‪:‬‬
‫يتبني من بعض النصوص القانونية‬
‫مل يرد يف قانون اجلنسية اجلزائرية نص خاص جبنسية الشخص االعتباري ‪ ،‬ولكن ه‬
‫تبين فكرة اجلنسية ابلنسبة للشخص‬
‫املشرع اجلزائري قد مال ضمنيا إىل ه‬
‫املتفرقة ‪ ،‬الواردة يف القوانني اجلزائرية اخلاصة ‪ ،‬أ هن ه‬
‫االعتباري‪ ،‬وذلك يف القانون املدين والقانون التجاري ‪ ،‬ولكنه تبنهاها صراحة يف القانون البحري عندما حت هدث عن اجلنسية‬
‫اجلزائرية للسفينة ‪ ،‬حيث علهقها على اجلنسية اجلزائرية ملالكها ‪ ،‬سواء كان شخصا طبيعيا أو شخصا اعتباراي ‪ ،‬و فعل‬
‫نفس الشيئ عندما حتدث عن جنسية الطائرة يف قانون الطريان املدين ‪ .‬كما أ هن هناك اتفاقيات دولية أبرمتها الدولة‬
‫اجلزائرية مع دول أخرى‪ ،‬تتعلق ابالستثمار ومحايته‪ ،‬تبنهت يف نصوصها املعايري الّت متنح على أساسها اجلنسية للشخص‬

‫(‪ -)1‬راجع يف شأن معيار الرقابة كأساس لفرض احلراسة على الشركات ‪:‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬أمحد عبد الكرمي سالمة ‪ :‬املبسوط يف شرح نظام اجلنسية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 72‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬علي علي سليمان ‪ :‬مذكرات يف القانون الدويل اخلاص اجلزائري مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 178‬و‪.179‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬فؤاد عبد املنعم ري اض‪ :‬أصول اجلنسية ‪ ،...‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 147‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬الطيب زروت ي‪ :‬الوسيط يف اجلنسية اجل زائرية‪ ،‬مطبعة الكاهنة‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ص ‪ 98‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬حفيظة السيهد احلداد‪ :‬مدخل إىل اجلنسية ومركز األجانب دار املطبوعات اجلامعية اإلسكندرية ‪ ،2007‬ص‪ 369‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬حممد الرويب‪ :‬اجلنسية ومركز األجانب ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ 92‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫االعتباري‪ .‬ال ّتتلف املعايري املعتمدة يف نصوص القوانني اجلزائرية الّت ذكرانها آنفا عن املعايري املعتمدة دوليا الّت سبق‬
‫توزعت املعايري كلها املعتمدة يف اجلزائر ملنح اجلنسية للشخص االعتباري اىل معايري تشريعية‬
‫لنا شرحها إبجياز‪ .‬ويف اجلملة ه‬
‫ذات طابع موضوعي ذلك ما نتناوله يف الفقرة األوىل‪ ،‬وذات طابع شذصي ذلك ما نتناوله يف الفقرة الثانية‪ ،‬واىل جانب‬
‫ذلك معايري ذات طابع اتفاقي دويل ذلك ما نبيهنهُ يف الفقرة الثالثة‪ ،‬ممها يتحتهم علينا ان نتطرق اىل هذه املعايري ابلشرح‪،‬‬
‫نبني أخريا يف الفقرة الرابعة املعايري املعتمدة يف اجلزائر ملنح اجلنسية للسفينة والطائرة وذلك فيما يلي‪:‬‬
‫مث ه‬
‫‪-1‬املعايري ذات الطابع املوضوعي‪:‬‬
‫هناك معياران موضوعيان تبنهامها املشرع اجلزائري ملنح اجلنسية اجلزائرية للشخص االعتباري‪ ،‬أحدمها هو املقر االجتماعي‬
‫الرئيسي والفعلي للشخص االعتباري‪ ،‬وهو القاعدة العامة‪ ،‬والثاين هو معيار مكان ممارسة النشاط يف اجلزائر وهو‬
‫نوضحهما فيما أييت‪:‬‬
‫االستثناء من القاعدة العامة‪ ،‬ه‬
‫أ‪-‬معيار املقر االجتماعي الرئيسي والفعلي‪ :‬ه‬
‫نصت عليه املادة ‪ 3/10‬املع هدلة من القانون املدين اجلزائري الساري املفعول‬
‫حاليا‪ ،‬حيث جاء فيها‪ّ « :‬أما األشذاص االعتبارية من شركات ومجعيات ومؤسسات وغريها يسري على نظامها‬
‫القانوين قانون الدولة اليت يوجد فيها مقرها االجتماعي الرئيسي والفعلي»‪ .‬هذه املادة كما نعلم هي قاعدة اسناد‪،‬‬
‫عناصرها الثالثة هي‪:‬‬
‫‪-‬الفكرة املسندة‪ :‬هي النظام القانوين للشخص االعتباري أي حالته‪.‬‬
‫‪-‬ضابط االسناد‪ :‬هو املقر االجتماعي الرئيسي والفعلي للشخص االعتباري‪.‬‬
‫‪-‬القانون املسند اليه‪ :‬يعين القانون الواجب التطبيق على حالة الشخص االعتباري‪.‬‬
‫إذا أدرجنا النص السابق يف السياق العام لنص املادة ‪ 10‬برمتها‪ ،‬الّت تبنهت اجلنسية كضابط اسناد لتحديد القانون‬
‫الواجب التطبيق على حالة األشخاص بصفة عامة(‪ ،)1‬أدركنا أن املقصود بقانون املقر االجتماعي الرئيسي و الفعلي‬
‫للشخص االعتباري‪ ،‬إهّنا هو قانون جنسية الشذص االعتباري الذي يطبق على كل ماله صلة حبالته ‪ ،‬وهذا يعين أن‬
‫املشرع اجلزائري قد اعتمد ضمنيا معيار املقر االجتماعي الرئيسي والفعلي كأساس ملنح اجلنسية اجلزائرية للشخص‬
‫االعتباري‪.‬‬
‫يقصد مبعيار املقر االجتماعي الرئيسي والفعلي للشخص االعتباري كأساس لتمتهعه ابجلنسية اجلزائرية املكان الذي ترتهكز‬
‫ويستدل على ذلك بدالئل معيهنة متكاملة‪ ،‬مثل اجلمعية العامة‪ ،‬وجملس اإلدارة الذي‬
‫ه‬ ‫املوجه لكل أنشطته‬
‫فيه سلطة القرار ه‬
‫يتوىل تسيريه‪ ،‬وتنفيذ مجيع القرارات اخلاصة به‪ ،‬وكذا ادارته املالية‪ ،‬وكل األجهزة اإلدارية والتقنية الّت حتتاجها احلياة‬
‫معزز‬
‫االقتصادية والتجارية للشخص االعتباري‪ .‬وحسب تقديران – كما هو اثبت يف الواقع العملي – فإ هن هذا املعيار ه‬
‫ضمنيا مبعيارين موضوعيني آخرين مها معار مكان التأسيس‪ ،‬ومعيار مكان ممارسة النشاط يف اجلزائر‪ ،‬إذ كل شخص‬
‫اعتباري هاّتذ مقره االجتماعي الرئيسي والفعلي يف اجلزائر يكون قد أتسس فيها وفق القانون اجلزائري وميارس نشاطه يف‬

‫نصت املادة ‪ 1/10‬املع هدلة من القانون املدين اجلزائري على ان ‪« :‬يسري على احلالة املدنية لألشذاص‪ ،‬وأهليتهم قانون الدولة الّت ينتمون اليها جبنسيتهم»‬
‫(‪ -)1‬ه‬
‫ومصطلح األشخاص يف لغة القانون كما سبق شرحه ينصرف يف معناه اىل األشخاص الطبيعية واألشخاص االعتبارية ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫نصت عليه املادة ‪ 4/50‬يف شطرها األول من القانون املدين اجلزائري(‪ ،)1‬وهي قاعدة موضوعية ‪،‬‬
‫اجلزائر‪ .‬فإذا أضفنا ما ه‬
‫نصت عليه املادة ‪1/547‬‬
‫حيث جاء فيها أ هن موطن الشخص االعتباري هو املكان الذي يوجد فيه مقر إدارته ‪ ،‬وما ه‬
‫من القانون التجاري اجلزائري(‪ ،)2‬حيث قضت أن موطن الشركة يكون يف مقرها االجتماعي ‪ ،‬أدركنا أ هن فعلية تبعيّة‬
‫وطرحا لكل مظاهر الغش‬ ‫الشخص االعتباري ابجلنسية للدولة اجلزائرية قد حتققت ‪ ،‬وذلك إبعادا ألي صورية يف التبعية ‪ً ،‬‬
‫ستشف من عبارة املقر االجتماعي الرئيسي‬
‫ه‬ ‫والتحايل حنو القانون الواجب التطبيق على حالته ‪ ،‬وهذا هو املعىن الذي يُ‬
‫والفعلي ‪ .‬وختاما نقول إ هن أهم ميزة يف هذا املعيار أنهه قام على اعتبارات الرتكيز الواقعي واملوضوعي للشخص االعتباري‪،‬‬
‫حيث أ هن تبعيته ابجلنسية للدولة اجلزائرية هي تبعية واقعية وفعلية‪.‬‬
‫نصت عليه‬ ‫ب – معيار مكان ممارسة النشاط يف اجلزائر‪ :‬ه‬
‫تبىن املشرع اجلزائري هذا املعيار استثناءً من القاعدة العامة‪ ،‬ه‬
‫املادة ‪ 4/10‬املعدلة من القانون املدين‪ ،‬حيث جاء فيها‪« :‬غري أنه إذا مارست األشذاص االعتبارية األجنبية نشاطا‬
‫يف اجلزائر فإّنّا ختضع للقانون اجلزائري»‪ .‬ما يلفت االنتباه يف هذا النص أ هن املشرع نعت األشخاص االعتبارية فيه‬
‫أب هّنا أجنبية‪ ،‬ممها يعين أ هن جنسيتها ليست جزائرية ابتداءً‪ ،‬لكن إذا مارست نشاطها يف اجلزائر خضعت للقانون اجلزائري‪،‬‬
‫فكيف تكون هلا جنسية جزائرية مع وصفها أب هّنا أجنبية؟‬
‫اإلجابة عن هذا التساؤل تستدعي املالحظات اآلتية‪:‬‬
‫أتسس أصال يف اخلارج وفق قانون دولة أجنبية‪ ،‬مبعىن أ هن‬‫‪-‬يُفهم من النص السابق أ هن الشخص االعتباري األجنيب قد ه‬
‫نظامه القانوين قد حت هدد ابتداءً طبقا لقانون هذه الدولة األجنبية‪ ،‬وأ هن مقره االجتماعي الرئيسي يوجد بداهة يف اخلارج‪.‬‬
‫‪-‬أنهه إذا مارس الشخص االعتباري األجنيب نشاطا ما يف اجلزائر‪ ،‬الذي قد يكون اقتصاداي أو جتاراي(‪ ، )3‬أو خدمات أو‬
‫متيسرا جملرد أنهه ميارس نشاطه‬
‫ماليا ‪ ،‬خضع للقانون اجلزائري ‪ ،‬ولكن خضوعه للقانون اجلزائري يف هذه احلالة ال يكون ه‬
‫رخصت له الدولة اجلزائرية بذلك ‪ ،‬ومن شروط الرتخيص أن يكيهف نظامه القانوين مع ما يقتضيه القانون‬ ‫يف اجلزائر إاله إذا ه‬
‫اجلزائري ‪ ،‬أبن يباشر إجراءات أتسيس فرع له يف اجلزائر وفق القانون اجلزائري ‪ ،‬الذي حي هدد النظام القانوين هلذا الفرع‬
‫بشكل مستقل عن الشخص االعتباري األجنيب األصلي ‪ .‬فإذا مت ذلك يكون معيار مكان ممارسة النشاط يف اجلزائر قد‬
‫تعزز مبعيار املقر االجتماعي الرئيسي والفعلي للفرع املوجود يف اجلزائر ‪ ،‬وهذا ما أكدته املادة ‪ 4/50‬من القانون املدين‬
‫ه‬
‫اجلزائري املعدل الّت جاء فيها أ هن «الشركات اليت يكون مركزها الرئيسي يف اخلارج وهلا نشاط يف اجلزائر يعترب مركزها‬
‫تعزز مبعيار مكان أتسيس الفرع يف اجلزائر الذي خيضع من‬
‫يف نظر القانون الداخلي يف اجلزائر» ويكون أيضا قد ه‬

‫(‪-)1‬القانون املدين اجلزائري املعدل مبوجب قانون رقم ‪ 10-05‬املؤرخ يف ‪ 20‬يونيو سنة ‪.2005‬‬
‫(‪ -)2‬القانون التجاري اجلزائري نشر دار بلقيس دار البيضة اجلزائر طبعة ‪. 2014‬‬
‫نصت املادة ‪ 2/547‬من القانون التجاري اجلزائري على أن ‪ّ« :‬تضع الشركات الّت متارس نشاطها يف اجلزائر للتشريع اجلزائري »‪ ،‬يفهم من هذا النص‬ ‫(‪ -)3‬ه‬
‫أ هن الشركات التجا رية األجنبية الّت يكون مقرها االجتماعي الرئيسي يف اخلارج ‪ ،‬إذا مارست نشاطها يف اجلزائر خضعت للقانون اجلزائري ‪ .‬املالحظ على نص‬
‫هذه املادة ابللغة العربية أنهه ذكر فيها‪ّ« :‬تضع ‪ ...‬للتشريع اجلزائري» هأما ابللغة الفرنسية فقد ذكر فيها‪ »sont soumises à la loi Algérienne« :‬مبعىن‬
‫ّتضع للقانون اجلزائري‪ .‬فإذا أخذان النص ابللغة العربية نفهم منه أن األشخاص االعتبارية األجنبية الّت متارس نشاطها يف اجلزائر وجب أن تتكيهف مع التشريع‬
‫اجلزائري‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫حيث إجراءات أتسيسه وتسجيله وشهره إىل القانون اجلزائري ‪ ،‬يضاف إىل ذلك أ هن موطنه يكون موجودا يف اجلزائر وهذا‬
‫بنص املادتني ‪ 4/50‬من القانون املدين واملادة ‪ 1/547‬من القانون التجاري‪ .‬وذلك كله يعين وجود تبعية جدية وفعلية‬
‫بني الشخص االعتباري الذي ميارس نشاطه يف اجلزائر وبني الدولة اجلزائرية ابعتبار أ هن إدارة شؤونه ومصاحله املختلفة قد‬
‫يربر متتعه جبنسيتها على أساس معيار مكان ممارسة النشاط‬
‫وجتمعت يف الدولة اجلزائرية الّت ميارس فيها نشاطه ممها ه‬
‫ترهكزت ه‬
‫املبين على مبدإ الواقعية أو الفعلية يف منحه اجلنسية اجلزائرية‪ .‬فيكون القانون الواجب التطبيق على حالته هو قانون مكان‬
‫ممارسة النشاط يف اجلزائر ابعتباره قانون جنسيته‪.‬‬
‫‪-2‬املعايري ذات الطابع الشذصي‪:‬‬
‫تطرق املشرع اجلزائري إىل املعايري ذات الطابع الشخصي كأساس ملنح اجلنسية اجلزائرية لألشخاص االعتبارية يف نصوص‬ ‫ه‬
‫قانونية صرحية‪ ،‬نذكرها فيما بعد‪ ،‬وذلك عندما حت هدث عن اجلنسية اجلزائرية للسفينة والطائرة وعلهقها على اجلنسية اجلزائرية‬
‫ملالكيها‪ ،‬سواء كانوا اشخاصا طبيعية‪ ،‬أو أشخاصا اعتبارية خاصة‪ .‬سنتحدث عن جنسية السفينة والطائرة الحقا‪ .‬لقد‬
‫ح هدد املشرع اجلزائري معيارين شخصيني ُمتنح على أساسهما اجلنسية اجلزائرية لألشخاص االعتبارية مها‪ :‬معيار جنسية‬
‫الشركاء‪ ،‬ومعيار الرقابة‪ ،‬نشرحهما إبجياز فيما يلي‪:‬‬
‫أ – معيار جنسية الشركاء‪ :‬هذا املعيار يعين أ هن جنسية الشخص االعتباري تُستم هد من جنسية االفراد الذين ه‬
‫أسسوه‪،‬‬
‫جتمعهم فيه أن نشأت له‬ ‫جتمع أفراد‪ ،‬هم الشركاء فيه‪ ،‬فكان من نتيجة ه‬ ‫أل هن الشخص االعتباري ما هو يف حقيقته إاله ه‬
‫الشخصية القانونية‪ ،‬وتبعا لذلك أتثهرت جنسيته جبنسيتهم‪ ،‬مبعىن تكون له جنسية الدولة الّت ينتمي إليها الشركاء ابجلنسية‪،‬‬
‫إذا ا هحتدوا جنسيةً ‪ .‬فإذا اختلفوا جنسيةً تكون جنسيته هي جنسية الدولة الّت ينتمي إليها أغلبهم‪ .‬هذا ما نص عليه‬
‫املشرع اجلزائري صراحة يف املادة ‪ 28‬من القانون البحري اجلزائري (‪ ،)1‬واملادة ‪ 22‬من قانون الطريان املدين(‪ ،)2‬ومها ماداتن‬
‫متطابقتان يف احملتوى ‪ ،‬حيث منح مبوجبهما اجلنسية اجلزائرية على أساس معيار جنسية الشركاء لألشخاص االعتبارية‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬شركة التضامن‪ :‬تعترب جنسيتها جزائرية على أساس معيار جنسية الشركاء فيها‪ ،‬إذا كانوا كلههم من جنسية جزائرية‪.‬‬
‫‪ -‬شركة التوصية‪ :‬تعترب جنسيتها جزائرية على أساس معيار جنسية الشركاء‪ ،‬إذا كانوا كلهم من جنسية جزائرية‪.‬‬
‫إ هن شركة التضامن وشركة التوصية تعتربان من شركات األشخاص نص عليهما القانون التجاري اجلزائري‪ ،‬وعلى هذا‬
‫فتأسيسهما يتم بداهة وفق القانون اجلزائري ويكون مقرمها االجتماعي الرئيسي والفعلي يف اجلزائر‪ ،‬ويكون رأمساهلما جزائراي‬
‫مادام أ هن الشركاء فيهما كلهم جزائريون‪.‬‬

‫(‪-)1‬األمر رقم ‪ 04-10‬املؤرخ يف ‪ 15‬أوت ‪ ، 2010‬عدل ومتهم األمر ‪ 80-76‬املؤرخ يف ‪ 23‬أكتوبر ‪ ، 1976‬املتضمن القانون البحري ‪ ،‬الصادر يف‬
‫اجلريدة الرمسية بتاريخ ‪ 18‬أوت ‪ 2010‬العدد رقم ‪.46‬‬
‫(‪-)2‬القانون رقم ‪ 06-78‬املؤرخ يف‪ 27‬جوان ‪ 199‬احملدد للقواعد العامة املتعلقة ابلطريان املدين اجلزائري ‪،‬الصادر يف اجلريدة الرمسية الصادرة يف ‪ 28‬جوان‬
‫‪ 1998‬العدد رقم‪.48‬‬

‫‪35‬‬
‫ب‪-‬معيار الرقابة‪ :‬ظهر هذا املعيار ألول مرة يف فرنسا خالل احلربني العامليتني األوىل والثانية‪ ،‬يف كنف القضاء الفرنس‪،‬‬
‫فهو معيار قضائي فرض مبوجبه القضاء الفرنسي على شركات هي يف األصل شركات فرنسية على أساس معيار املقر‬
‫االجتماعي الرئيسي املوجود يف فرنسا‪ .‬لكنهها كانت تتكون من شركاء أغلبهم ينتمون جبنسيتهم اىل دولة معادية‪ ،‬وكذلك‬
‫أغلب رأمساهلا عاد هلم‪ ،‬ممها استدعى وضعها حتت احلراسة القضائية ِ‬
‫لدرء خطرها على فرنسا‪ .‬فهذا املعيار فرضته يف ذلك‬
‫الوقت الظروف االستثنائية لوضعية استثنائية انمجة عن حالة احلرب وقد زالت ابنتهاء احلرب‪.‬‬
‫هأما معيار الرقابة يف اجلزائر فقد نص عليه املشرع اجلزائري صراحة يف املادتني ‪ 28‬من القانون البحري واملادة ‪ 22‬من‬
‫القانون الطريان املدين‪ ،‬تبن ى فيهما معيار الرقابة كأساس ملنح اجلنسية اجلزائرية لألشخاص االعتبارية اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬الشركات ذات املسؤولية احملدودة‪ :‬تكون هلا اجلنسية اجلزائرية إذا كان املالكون ألغلبية حصصها من جنسية جزائرية‪.‬‬
‫‪ -‬شركات املسامهة أو ذات األسهم‪ :‬تكون هلا اجلنسية اجلزائرية إذا كان املالكون ألغلبية رأمساهلا من جنسية جزائرية‪،‬‬
‫كأن يكون الرئيس املدير العام وأغلبية أعضاء جملس اإلدارة من جنسية جزائرية مالكني ألغلبية الرأمسال‪ .‬أو أن تكون‬
‫اهليئة املديرة وأغلبية جملس املراقبة من جنسية جزائرية مالكني ألغلبية رأمساهلا‪.‬‬
‫‪ -‬اجلمعيات‪ :‬تكون جنسيتها جزائرية إذا كان املسريون وجممل األعضاء املنخرطني فيها من جنسية جزائرية‪.‬‬
‫املتأمل يف هذا املعيار أي معيار الرقابة يدرك أنه يرتكز على ثالثة حماور متكاملة‪ ،‬احملور األول هو أن تكون جنسية‬
‫أغلبية الشركاء جزائرية‪ ،‬والثاين أن تكون أغلبية الرأمسال جزائراي‪ ،‬والثالث أن تكون سلطة القرار بيد إداريني أو مسريين‬
‫من جنسية جزائرية‪.‬‬
‫أما الشركات املختلطة الّت تنشأ يف اجلزائر بني اجلزائريني واألجانب فهناك قاعدة عامة حتدد نسبة رأمساهلا حبيث تعود‬
‫أغلبية رأمساهلا للطرف اجلزائري بنسبة ‪ %51‬على األقل‪ ،‬ونسبة ‪ %49‬لألجانب على األكثر‪ ،‬حّت تكون الرقابة يف يد‬
‫الطرف اجلزائري‪.‬‬
‫‪-3‬املعايري االتفاقية‪:‬‬
‫املوجه الذي انتهجته يف عهد ما كان يسمى ابالختيار االشرتاكي‪ ،‬توجهت حنو‬ ‫بعد أن ّتلهت اجلزائر عن االقتصاد ه‬
‫التوجه أن انفتحت على الرأمسال األجنيب‪ ،‬وشرعت يف ابرام اتفاقيات دولية ثنائية مع‬‫النظام الرأمسايل‪ ،‬فكانت نتيجة هذا ه‬
‫بعض الدول رمت من خالهلا إىل تشجيع االستثمار األجنيب يف اجلزائر ومحايته‪ ،‬ويف املقابل تشجيع املستثمرين اجلزائريني‬
‫على االستثمار يف اخلارج‪ ،‬فكان البد من حتديد معايري اتفاقية ميكن على أساسها منح جنسية احدى الدولتني املتعاقدتني‬
‫للشخص االعتباري‪ .‬وال ّتتلف هذه املعايري عن املعايري الّت درسناها آنفا‪ ،‬بل هي نفسها‪ ،‬فكل ما يف األمر أ هن مصدرها‬
‫اتفاقي وليس تشريعي‪ .‬وهي معايري ظرفية‪ ،‬تنتهي ابستنفاد الغرض الذي أُنشئ من أجله الشخص االعتباري‪ ،‬أو حبله‬
‫قبل أوانه‪.‬‬
‫وقد أبرمت الدولة اجلزائرية ع هدة اتفاقيات ثنائية مع دول خمتلفة‪ ،‬متعلقة ابالستثمار األجنيب يف اجلزائر‪ ،‬أو ابالستثمار‬
‫اجلزائري يف اخلارج‪ ،‬تبنهت فيها معايري اتفاقية متنح على أساسها اجلنسية للشخص االعتباري‪ .‬فتبنهت أحياان معيارا موضوعيا‬

‫‪36‬‬
‫أحاداي‪ ،‬وأحياان معيارا موضوعيا ثنائيا‪ ،‬وأحياان أخرى معيارا ثالثيا مزج بني املعايري املوضوعية والشخصية‪ .‬نظرا لكثرة هذه‬
‫االتفاقيات نقدم ثالثة ّناذج منها فيما يلي‪:‬‬
‫أ – معيار اتفاقي أحادي هو مكان التأسيس‪ :‬هذا املعيار هو معيار موضوعي يف األصل ه‬
‫نصت عليه االتفاقية اجلزائرية‬
‫األردنية املربمة يف عمان بتاريخ ‪ 01‬أوت ‪ ،)1(1996‬حيث تبنهت املادة األوىل منها يف فقرهتا ‪2‬ب مكان التأسيس كمعيار‬
‫أتسس يف اجلزائر طبقا للقانون اجلزائري كانت جنسيته جزائرية‪ ،‬هأما إذا‬ ‫اتفاقي ه‬
‫تتعني به جنسية الشخص االعتباري‪ ،‬فإذا ه‬
‫يتبني أ هن جنسية الشخص االعتباري وفق هذه‬‫أتسس يف األردن طبقا للقانون األردين كانت جنسيته أردنية‪ .‬هكذا ه‬ ‫ه‬
‫االتفاقية تتوقهف على املكان الذي مت أتسيسه فيه‪ ،‬فإن كان يف اجلزائر فهي جزائرية‪ ،‬وإن كان يف األردن فهي أردنية‪.‬‬
‫نصت على هذا املعيار االتفاقية‬‫ب– معيار اتفاقي ثنائي هو مكان التأسيس مقرتن ابملقر االجتماعي الرئيسي‪ :‬ه‬
‫اجلزائرية‪-‬اإليطالية املربمة يف اجلزائر بتاريخ ‪ 18‬ماي ‪ 1991‬وذلك يف املادة األوىل الفقرة الثالثة منها‪ ،‬وهو معيار اتفاقي‬
‫ثنائي مركب من معيارين موضوعيني مها مكان التأسيس واملقر االجتماعي الرئيسي حبيث تكون للشخص االعتباري‬
‫اجلنسية اجلزائرية أو اجلنسية اإليطالية إذا اجتمع املعياران معا يف احدى الدولتني املتعاقدتني‪ .‬فتكون له اجلنسية اجلزائرية‬
‫إذا اجتمعا يف اجلزائر‪ ،‬وتكون له اجلنسية اإليطالية يف حالة العكس (‪.)2‬‬
‫ج – معيار اتفاقي ثالثي هو مكان التأسيس مع املقر االجتماعي أو معيار الرقابة‪ :‬تبنهت هذا املعيار االتفاقية‬
‫نصت املادة األوىل الفقرة الثالثة منها على أ هن عبارة «الشركات»‬ ‫(‪)3‬‬
‫اجلزائرية‪-‬الفرنسية املؤرخة يف ‪ 13‬فيفريي ‪ ، 1993‬فقد ه‬
‫أتسس على إقليم إحدى الدولتني املتعاقدتني طبقا لتشريع هذه األخرية‪ ،‬وهذا هو معيار‬
‫تنصرف اىل كل شخص اعتباري ه‬
‫مكان التأسيس ‪ ،‬وأن يكون مقره االجتماعي موجودا يف نفس إقليم الدولة الّت أتسس فيها ‪ ،‬وهذا هو معيار املقر‬
‫االجتماعي ‪ ،‬أو أن يكون مراقبا بطريقة مباشرة أو غري مباشرة من مواطين إحدى الدولتني املتعاقدتني ‪ ،‬أو من أشخاص‬
‫أتسست طبقا لتشريع هذه األخرية‪ ،‬وهذا هو‬
‫اعتبارية هلا مقرها االجتماعي على إقليم احدى الدولتني املتعاقدتني والّت ه‬
‫معيار الرقابة القائم على جنسية املسريين ‪.‬‬
‫ما يالحظ على نص هذه املادة املذكورة أعاله (‪ )4‬أ هن نقطة االرتكاز فيها هو مكان التأسيس ‪ ،‬يقرتن به مرة معيار‬
‫املقر االجتماعي كأساس ملنح اجلنسية للشخص االعتباري ‪ ،‬ويقرتن به مرة اثنية معيار الرقابة كأساس ملنحها له‪ .‬ما‬
‫نستخلصه من نصها امجاال هي وجود ثالث فرضيات تكون فيها جنسية الشخص االعتباري جزائرية‪ ،‬هي‪:‬‬
‫‪ -‬الفرضية األوىل‪ :‬تكون جنسية الشخص االعتباري جزائرية عندما يكون مكان أتسيس الشخص االعتباري موجودا‬
‫يف اجلزائر‪ ،‬وأن يكون مقره االجتماعي موجودا فيها أيضا‪ .‬ويف حالة ما إذا كاان موجودين يف فرنسا تكون جنسيته فرنسية‪.‬‬

‫(‪ -)1‬ص هدقت اجلزائر على االتفاقية ‪ ،‬مبوجب مرسوم رائسي رقم ‪ 103-97‬مؤرخ يف ‪ 05‬أفريل ‪ ،1997‬اجلريدة الرمسية‪ ،‬العدد ‪ ، 20‬سنة ‪.1997‬‬
‫(‪-)2‬ص هدقت اجلزائر على االتفاقية ‪ ،‬مبرسوم رائسي رقم ‪ ، 346-91‬مؤرخ يف ‪ 05‬أكتوبر ‪ ،1991‬اجلريدة الرسيمة ‪ ،‬العدد ‪ ، 46‬سنة ‪.1991‬‬
‫(‪ -)3‬ص هدقت اجلزائر على االتفاقية مبرسوم رائسي رقم ‪ ، 01-94‬مؤرخ يف ‪ 02‬جانفي ‪ ،1994‬اجلريدة الرسيمة ‪ ،‬العدد ‪ ، 01‬سنة ‪.1994‬‬
‫(‪-)4‬تنص املادة ‪ 3/1‬من االتفاقية اجلزائرية الفرنسية على ما يلي‪ « :‬عبارة (الشركات) تشري اىل كل شخص معنوي مش هكل على إقليم احد الطرفني املتعاقدين‬
‫طبقا لتشريع هذا األخري» ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫‪ -‬الفرضية الثانية‪ :‬تكون جنسية الشخص االعتباري جزائرية عندما يكون مكان أتسيس الشخص االعتباري موجودا‬
‫يف اجلزائر‪ ،‬وأن يكون مراقبا مراقبة مباشرة أو غري مباشرة من مواطنني جزائريني‪ ،‬أي أفراد حيملون اجلنسية اجلزائرية‪ .‬وتكون‬
‫له اجلنسية الفرنسية يف حالة العكس‪.‬‬
‫‪ -‬الفرضية الثالثة‪ :‬تكون جنسية الشخص االعتباري جزائرية عندما يكون مكان أتسيس الشخص االعتباري موجودا‬
‫وأتسست‬
‫يف اجلزائر‪ ،‬وأن يكون مراقبا مراقبة مباشرة أو غري مباشرة من أشخاص اعتبارية هلا مقرها االجتماعي يف اجلزائر ه‬
‫طبقا للقانون اجلزائري‪ ،‬أي أّنا ّتضع لرقابة اشخاص اعتبارية جزائرية‪ .‬ويف حالة العكس تكون له جنسية فرنسية‪.‬‬
‫يبني أ هن جنسية الشركات الّت قامت على أساس املعايري الّت ح هددهتا هذه االتفاقية هي جنسية‬ ‫لكن الواقع العملي ه‬
‫فرنسية‪ ،‬بدليل وجود الكثري من الشركات الفرنسية تستثمر أمواهلا يف اجلزائر‪ ،‬بينما االستثمار اجلزائري يف فرنسا ال يكاد‬
‫يُذكر‪ .‬فنصوص هذه االتفاقية ال تعكس واقع العالقات بني الدولتني‪ ،‬فهناك طرف واحد مهيمن عليها هو الطرف‬
‫الفرنسي‪.‬‬
‫رابعا‪-‬جنسية السفن والطائرات‪:‬‬
‫تُع هد السفن والطائرات من األشياء‪ ،‬وهذا يقتضي أن تكون ا‬
‫حمال للحقوق وليس صاحب حق‪ .‬فهل جيوز هلا وهي من‬
‫األشياء أن تتمتع ابجلنسية؟‬
‫إذا كنت اإلجابة بنعم‪ ،‬فما هو املعيار املعتمد دوليا ملنح اجلنسية للسفينة والطائرة ؟‪ ،‬وما هو األساس الذي اعتمده‬
‫املشرع اجلزائري ملنح اجلنسية اجلزائرية هلما؟ جنيب عن هذه األسئلة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -)1‬املعيار املعتمد دوليا ملنح اجلنسية للسفينة والطائرة‪ :‬يرجع السبب يف حبث مسألة جنسية السفينة والطائرة اىل‬
‫األمهية الّت تكتسيها كل واحدة منهما يف زمن احلرب والسلم ‪ .‬كالمها تعترب وسيلة هامة من وسائل النقل ‪ ،‬تساهم يف‬
‫حركة تنقل األشخاص عرب احلدود ‪ ،‬ويف تنمية العالقات القانونية الدولية اخلاصة ‪ ،‬ويف تعزيز املبادالت التجارية دوليا‪،‬‬
‫وكل واحدة منهما هي يف حقيقة أمرها أموال مادية منقولة ذات أمهية اقتصادية دولية ‪ ،‬تتطلب أن تكون هلما اتبعية‬
‫تتعني مبوجبها‬
‫لدولة ما ‪ ،‬هلذا درج شراح قانون اجلنسية على اطالق مصطلح اجلنسية جمازا ابلنسبة للسفينة والطائرة ‪ ،‬ه‬
‫يتعني القانون‬
‫تبعيهة كل واحدة منهما لدولة معيهنة ‪ ،‬جتنهبا للفوضى يف معاملتهما على املستوى الدويل ‪ ،‬إذ ابجلنسية أيضا ه‬
‫الذي حيكم النظام القانوين لكل واحدة منهما‪ .‬كما أن كل واحدة منهما تعترب جزءا من إقليم الدولة‪.‬‬
‫املعول عليه دوليا ملنح اجلنسية للسفينة فهو مكان تسجيل السفينة‪ ،‬حبيث حتمل السفينة جنسية دولة ما‬
‫هاما املعيار ه‬
‫مّت مته تسجيلها يف أحد موانئها الذي تبحر منه عادة‪.‬‬
‫سجلت فيه‪ ،‬وهذا ما أ هكدته اتفاقية الطريان‬
‫و هأما املعيار املعتمد كأساس ملنح اجلنسية للطائرة فهو أيضا املكان الذي ّ‬
‫نصت املادة ‪ 17‬منها على أن‪« :‬حتمل الطائرات جنسية‬
‫املدين الدويل املربمة يف شيكاغو بتاريخ ‪ ،1944/02/07‬إذ ه‬
‫الدولة اليت س ّجلت يف سجالهتا طبقا لقوانينها»(‪ .)1‬ويستلزم متتع السفينة والطائرة جبنسية دولة ما‪ ،‬أن حتمل علم الدولة‬

‫(‪-)1‬د‪ .‬أمحد عبد الكرمي سالمة القانون الدويل اخلاص مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص‪.47‬‬
‫‪ -‬أيضا د‪ .‬الطيب زرويت الوسيط يف اجلنسية اجلزائرية مرجع سابق‪ ،‬اهلامش ‪ ،1‬ص‪.79‬‬

‫‪38‬‬
‫الّت تتبعها ابجلنسية‪ ،‬وحبمل علمها ّتضع لسيادهتا‪ ،‬وتتوىل محايتها ورقابتها‪ ،‬فيرتتب على ذلك آاثر قانونية هامة‪ ،‬فمثال‬
‫كل من يولد على منت السفينة أو الطائرة يع هد مولودا على إقليم الدولة الّت حتمل السفينة أو الطائرة جنسيتها‪ ،‬وابلتايل‬
‫يتمتع جبنسيتها األصلية على أساس حق اإلقليم‪.‬‬
‫‪-)2‬املعيار املعتمد يف القانون اجلزائري ملنح اجلنسية اجلزائرية للسفينة والطائرة‪ :‬ما يسرتعي االنتباه ابلنسبة للقانون‬
‫اجلزائري أ هن متتهع السفينة أو الطائرة ابجلنسية اجلزائرية يتوقهف على جنسية مالكيها ‪ ،‬فإن كان مالكها شخصا طبيعيا ‪ ،‬أو‬
‫شخصا اعتباراي من جنسية جزائرية‪ ،‬كانت جنسية السفينة أو الطائرة جزائرية ‪ .‬نوضح ذلك فيما يلي‪:‬‬
‫نصت املادة ‪ 28‬من القانون البحري اجلزائري على ما يلي‪« :‬لكي حتصل السفينة على اجلنسية‬
‫‪ -‬ابلنسبة للسفينة‪ :‬ه‬
‫اجلزائرية جيب أن تكون ملكا كامال لشذص طبيعي من جنسية جزائرية أو لشذص اعتباري خاضع للقانون‬
‫اجلزائري‪.‬‬
‫وجيب يف هذه احلالة األخرية أن يكون من ذوي اجلنسية اجلزائرية»‪ّ ،‬نيهز يف هذا النص بني حالتني مها‪:‬‬
‫‪ -‬احلالة األوىل‪ :‬تكون جنسية السفينة جزائرية إذا كانت ملكا كامال لشخص طبيعي من جنسية جزائرية‪.‬‬
‫‪ -‬احلالة الثانية‪ :‬تكون جنسية السفينة جزائرية إذا كانت ملكا كامال ألحد األشخاص االعتبارية اجلزائرية اآلتية‪:‬‬
‫‪-‬شركة التضامن أو شركة التوصية‪ ،‬كل واحدة منهما هلا اجلنسية اجلزائرية‪.‬‬
‫‪-‬شركة ذات مسؤولية حمدودة جنسيتها جزائرية‪.‬‬
‫‪-‬شركة ذات أسهم جنسيتها جزائرية‪.‬‬
‫‪-‬مجعية جنسيتها جزائرية (‪.)1‬‬
‫يتبني أ هن السفينة تكون هلا جنسية جزائرية‪ ،‬إذا كانت ملكا كامال لشخص يتمتع ابجلنسية اجلزائرية‪ ،‬سواء كان‬
‫هكذا ه‬
‫شخصا طبيعيا أم شخصا اعتباراي‪ ،‬وهذا هو الشرط األول‪.‬‬
‫هأما الشرط الثاين هو أن تسجل السفينة يف أحد املوانئ اجلزائرية الذي تبحر منه ‪ ،‬فإذا توفهر فيها هذان الشرطان محلت‬
‫العلم اجلزائري متييزا هلا عن السفن األجنبية ‪ ،‬وهلذا تُسمى اجلنسية الّت تتمتع هبا السفينة جبنسية العلم ‪.‬‬
‫‪ -‬ابلنسبة الطائرة‪ :‬ه‬
‫نصت املادة ‪ 20‬من القانون رقم ‪ 06-98‬املؤرخ يف ‪ 27‬جوان ‪ ، 1998‬احملدد للقواعد العامة املتعلقة‬
‫ابلطريان املدين على أن‪« :‬متنح اجلنسية اجلزائرية لكل طائرة مقيّدة يف سجل ترقيم الطريان املدين وتلتزم الطائرة‬
‫املرقّمة يف هذه احلالة حبمل اإلشارات البارزة هلذه اجلنسية وفقا ملا هو حمدد عن طريق التنظيم» ‪ ،‬ه‬
‫يتبني من هذا‬
‫سجل الرتقيم اخلاص ابلطريان املدين‬‫النص أ هن املعيار املعتمد كأساس ملنح اجلنسية اجلزائرية للطائرة هو تسجيلها يف ه‬
‫نصت املادة ‪ 22‬من نفس القانون على عدم جواز ترقيم الطائرة هإال إذا كانت‬‫اجلزائري‪ ،‬لكن هذا وحده ال يكفي‪ ،‬فقد ه‬
‫ملكا كليها لشخص طبيعي من جنسية جزائرية أو لشخص اعتباري من جنسية جزائرية‪ .‬ونص هذه املادة متطابق مع نص‬

‫(‪-)1‬راجع ما سبق املعايري ذات الطابع الشخصي الّت اعتمدها املشرع اجلزائري كأساس ملنح اجلنسية اجلزائرية للشخص االعتباري‪ ،‬ص ‪ 35‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫املدة ‪ 28‬من القانون البحري اجلزائري‪ ،‬الّت درسناها سابقا‪ ،‬وال خيتلف عنه هإال يف لفظ الطائرة بدال من السفينة‪ ،‬فتكون‬
‫جنسية الطائرة جزائرية يف احلالتني اآلتيتني‪:‬‬
‫‪-‬احلالة األوىل‪ :‬إذا كانت الطائرة ملكا كامال لشخص طبيعي من جنسية جزائرية‪.‬‬
‫‪-‬احلالة الثانية‪ :‬إذا كانت الطائرة ملكا كامال ألحد األشخاص االعتبارية اجلزائرية األتية‪:‬‬
‫‪-‬شركة التضامن أو شركة التوصية‪ ،‬كل واحدة منهما هلا اجلنسية اجلزائرية‪.‬‬
‫‪-‬شركة ذات مسؤولية حمدودة جنسيتها جزائرية‪.‬‬
‫‪-‬شركة ذات أسهم جنسيتها جزائرية‪.‬‬
‫‪-‬مجعية من اجلمعيات جنسيتها جزائرية‪.‬‬
‫نستخلص مما سبق ان الطائرة تكون هلا اجلنسية اجلزائرية‪ ،‬إذا توفهر فيها الشرطان التاليان‪:‬‬
‫‪-‬أن تكون ملكا لشخص من جنسية جزائرية سواء كان شخصا طبيعيا أم شخصا اعتباراي‪ ،‬وأهم إشارة تربز جنسيتها‬
‫اجلزائرية هي محلها العلم اجلزائري‪ ،‬هلذا تسمى جنسية الطائرة جبنسية العلم‪.‬‬
‫‪-‬أن تكون مسجلة يف سجل الرتقيم اخلاص ابلطريان املدن اجلزائري‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬الرابطة بني الدولة والشذص‪:‬‬
‫اختلف فقهاء القانون الدويل اخلاص يف حتديد الطبيعة القانونية للرابطة بني الفرد والدولة‪ ،‬فمنهم من اعتربها رابطة‬
‫عقدية ‪ ،‬ومنهم من اعتربها رابطة تنظيمية ‪ .‬نشرح ذلك إبجياز شديد فيما يلي‪:‬‬
‫أوال‪-‬الرابطة بني الفرد والدولة رابطة عقدية‪:‬‬
‫أسسها‬
‫قاد الفقيه الفرنسي أندري وايس الرأي الفقهي القائل أب هن الرابطة بني الفرد والدولة هي رابطة عقدية‪ ،‬حيث ه‬
‫ويعرب رأيه هذا عن العقد االجتماعي الذي‬
‫على وجود عقد تباديل ‪ contrat synallagmatique‬بني الفرد والدولة‪ .‬ه‬
‫يربط بني األفراد والدولة ‪ ،‬حس ب نظرية ج ان ج اك روس و (‪ ، )1778-1712‬الذي جعل اإلرادة الشعبية هي مصدر‬
‫كل سلطة جتسيدا للعقد االجتماعي(‪ ،)1‬هلذا استنتج وايس ومن سايره من الفقهاء يف القرن التاسع عشر امليالدي أ هن‬
‫الرابطة بني الفرد والدولة انجتة عن توافق إرادتني ‪ ،‬إرادة الدولة املاحنة للجنسية من جهة ‪ ،‬ممثلة يف السلطة الّت تضع‬
‫القانون املنظم للجنسية ‪ ،‬وإرادة الفرد الذي يتلقاها من جهة اثنية ‪ ،‬ابعتباره عضوا يف شعب الدولة ‪ ،‬الذي انبثقت من‬
‫ارادته شرعية الدولة ‪ ،‬ومن ث م شرعية السلطة ذات السيادة‪ ،‬الّت تدير شؤوّنا نيابة عنه ألنهها من اختياره ‪ ،‬نتيجة كل‬
‫ووجه هلا نقد‬
‫ذلك رأى وايس أ هن الرابطة بني الفرد والدولة هي رابطة عقدية ‪ ،‬لكن نظريته هذه ّتلى عنها الفقه احلديث ه‬
‫من ع هدة أوجه منها ما يلي‪:‬‬
‫جمرد رابطة عقدية ‪ ،‬فهي أكرب من ذلك ‪ ،‬إذ يف كثري من األحيان ّتلع الدولة‬
‫‪ -)1‬إ هن اجلنسية ال ميكن اختزاهلا يف ه‬
‫بقوة القانون منذ حلظة ميالده ‪ ،‬دون أي اعتبار إلرادته ‪ ،‬كما هي احلال يف اجلنسية األصلية ‪.‬‬
‫جنسيتها على الفرد ه‬

‫(‪ -)1‬راجع املفكر جان جاك روسو‪ ،‬رسالتنا مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 31‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫‪-)2‬إ هن الرابطة بني الفرد والدولة ال تقوم على تالقي إرادتني لعدم وجود إحدامها أصال ‪ ،‬أل هن الدولة يف وقتنا احلاضر‪،‬‬
‫تسن القانون اخلاص ابجلنسية ‪ ،‬وتضع فيه قواعد عامة وجمردة تتضمن شروط التمتع جبنسيتها األصلية ‪ ،‬أو‬ ‫هي الّت ه‬
‫شروط اكتساب جنسيتها إبحدى الطرق الّت تُكتسب هبا جنسيتها‪ ،‬والّت نص عليها املشرع ‪ ،‬وهي يف كل ذلك ال‬
‫أتخذ يف حسباّنا هإال ما متليه عليها مصاحلها اجلوهرية ‪ ،‬وال هتتم إبرادة الفرد هإال ابلقدر الذي خيدم مصاحلها‪.‬‬
‫‪-)3‬إنهه إذا كانت إرادة الفرد تلعب دورا حمددا يف اكتساب اجلنسية مّت توفهرت فيه شروط اكتساهبا ‪ ،‬فإ هن الدولة رغم‬
‫ذلك ميكنها هأال متنحه إايها إذا رأت أنهه غري جدير هبا حّت لو توفرت شروط اكتساهبا‪ .‬فهي الّت متلك حق وضع قوانني‬
‫اجلنسية وقواعدها ومتلك حق جتريد الفرد منها وسحبها منه رغم أنفه إذا ثبت عدم أهليته هلا‪ ،‬أل هن رابطة اجلنسية ليست‬
‫عقدية وإهّنا هي رابطة تنظيمية‪.‬‬
‫اثنيا‪-‬الرابطة بني الفرد والدولة رابطة تنظيمية‪:‬‬
‫يذهب فقهاء القانون الدويل اخلاص يف زمننا هذا إىل القول أ هن الطبيعة القانونية للرابطة بني الفرد والدولة هي رابطة‬
‫هتم الدولة بشكل مباشر‪ ،‬فهي الّت يُناط هبا حتديد ركن الشعب فيها بواسطة اجلنسية مبا حيقق مصاحلها‬‫تنظيمية‪ ،‬أل هّنا ُّ‬
‫العليا‪ .‬فال تعت هد إبرادة الفرد هإال ابلقدر الذي جيعل كلمتها هي العليا‪.‬‬
‫ذلك أ هن اجلنسية نظام قانوين تنفرد الدولة بوضعه مبا متلك من ه‬
‫حرية يف هذا الشأن‪ ،‬تنبع من سيادهتا‪ ،‬فتُ هبني فيه‬
‫أحكامها‪ ،‬وشروطها الّت توفهرت يف الفرد منحته جنسيتها‪ ،‬فيصبح يف مركز قانوين هو مركز الوطّن‪ ،‬ويف نفس الوقت‬
‫تُ هبني فيه احلقوق والواجبات امللقاة على عاتقه واآلاثر املرتتهبة عنها وكيفية وشروط زواهلا عنه‪ ،‬لذا تُع هد الرابطة بني الفرد‬
‫والدولة رابطة تنظيمية‪ ،‬أل هن القانون هو الذي ينظمها(‪.)1‬‬
‫هأما الشخص االعتباري ‪ ،‬فقد رأينا أن عالقته ابلدولة الّت حيمل جنسيتها هي عالقة تبعية سياسية وقانونية للدولة‪،‬‬
‫اقتضتها طبيعته كمخلوق قانوين جمازي‪ ،‬رأت أغلبية الفقه الراجح أن تكون له جنسية ليسهل التعامل معه على املستويني‬
‫الداخلي والدويل‪.‬‬
‫املطلب الثالث‬
‫أسس قيام اجلنسية القانونية‬
‫اجلنسية القانونية هإما أن تكون جنسية أصلية (الفرع األول)‪ ،‬أو أن تكون جنسية مكتسبة (الفرع الثاين)‪ ،‬ه‬
‫نبني ذلك‬
‫بشرح موجز فيما يلي‪:‬‬
‫الفرع األول‪-‬اجلنسية القانونية االصلية‪:‬‬
‫يبني أ هن هناك أسسا معيهنة ال حتيد عنها‬
‫إ هن استقراء النصوص القانونية اخلاصة ابجلنسية القانونية يف الدول املختلفة ه‬
‫الدول يف حتديد كيفية التمتهع جبنسيتها كجنسية أصلية‪.‬‬

‫(‪-)1‬للمزيد من االطالع‪ :‬راجع الرابطة بني الفرد والدولة ‪ ،‬رسالتنا مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ 62‬إىل ‪.66‬‬

‫‪41‬‬
‫سمى أحياان جبنسية‬
‫ميكن تعريف اجلنسية األصلية أب هّنا جنسية دولة ما‪ ،‬الّت يتمتهع هبا فرد ما‪ ،‬منذ حلظة ميالده‪ .‬وهلذا ت ه‬
‫امليالد (‪ .)1‬وُمييهز فيها بني اجلنسية األصلية املبنية على أساس حق الدم ‪( jus sanguinis‬أوال)‪ ،‬واجلنسية األصلية ال مبنية‬
‫على أساس حق اإلقليم ‪( jus soli‬اثنيا)‪ ،‬وّتتلف التشريعات املقارنة يف تفضيل أحد األساسني السابقني على اآلخر‪،‬‬
‫حبسب الظروف اخلاصة بكل دولة (اثلثا)‪ .‬ه‬
‫نبني كل ذلك فيما يلي‪:‬‬
‫أوال – اجلنسية األصلية املبنية على أساس حق الدم‪:‬‬
‫يقصد حبق الدم بصفة عامة – يف وقتنا احلاضر – حق الفرد يف التمتهع جبنسية الدولة الّت ينتمي إليها آابؤه مبجرد‬
‫حتقق واقعة ميالده‪ .‬اترخييا يرجع حق الدم إىل تطور فكرة االنتماء على أساس وحدة األصل‪ ،‬الذي يعين احندار أفراد‬
‫(‪)2‬‬
‫تبين معيار حق الدم كأساس أصلي ملنح الدولة جنسيتها القانونية‬
‫اجلماعة البشرية الواحدة من دم واحد ‪ .‬يرجع ه‬
‫األصلية إىل ما جيمع أفراد شعبها من روابط قومية صلبة ومتينة ال تنفصم عراها‪ ،‬من وحدة األصل الّت تعين وحدة لغة‬
‫تتبىن دولة ما معيار حق الدم كأساس ملنح جنسيتها‬
‫التخاطب‪ ،‬ووحدة الدين واحلضارة والتاريخ املشرتك‪ .‬هلذا عندما ه‬
‫األصلية‪ ،‬تكون قد أخذت يف اعتبارها العنصر اإلنساين‪ ،‬املتمثل يف ركن الشعب فيها‪ ،‬املتماسك ابلعوامل الّت ذكرانها‬
‫سمى اجلنسية املبنية على أساس حق‬ ‫آنفا‪ .‬فنواة اجلنسية هنا هي األصل العائلي الذي ينحدر منه املولود بنسبه‪ ،‬هلذا تُ ه‬
‫(‪)3‬‬
‫متدرجا‪،‬‬
‫عول عليها يف بناء اجلنسية األصلية تطورا اترخييا ه‬ ‫الدم أحياان‪ ،‬جبنسية النسب ‪ .‬وقد عرفت فكرة النسب الّت يُ ه‬
‫فقد كانت ُمتنح لِمن ينحدر بنسبه من أب وطين كأصل عام ‪ ،‬ومل يكن لألم إاله دورا اثنواي ‪ ،‬أو احتياطيا يف نقل اجلنسية‬
‫إىل مولودها‪ ،‬وذلك يف حاالت معيهنة يتع هذر فيها حصول املولود على اجلنسية من جهة األب ‪ ،‬هإما أل هن أابه جمهول‬
‫اجلنسية أو أنهه معروف ولكنهه عدمي اجلنسية‪ ،‬بيد أ هن هذه التفرقة بني دور األب واألم يف نقل اجلنسية األصلية على أساس‬
‫حق الدم إىل األبناء قد تراجعت ابلتدريج مع تطور اجملتمع احلديث ‪ ،‬بل إ هن التمييهز بينهما قد زال عمليا ‪ ،‬وساد مبدأ‬
‫املساواة بينهما يف نقل اجلنسية األصلية املبنية على حق الدم إىل أبنائهما ‪ ،‬فقد أصبح هذا املبدأ من املبادئ األساسية ‪،‬‬
‫أقرهتا‬
‫الّت نصت عليها املواثيق الدولية‪ ،‬نذكر منها بصفة خاصة اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد املرأة‪ ،‬الّت ه‬
‫(‪)4‬‬
‫وتبعا هلذه االتفاقية الدولية‪ ،‬الّت ص هدقت عليها أغلب الدول يف‬
‫اجلمعية العامة لألمم املتحدة بتاريخ ‪ً ، 1979/12/18‬‬
‫العامل‪ ،‬ومنها اجلزائر(‪ ،)5‬أصبح مبدأ املساواة بني املرأة والرجل يف مادة اجلنسية منصوصا عليه يف الوقت الراهن يف أغلب‬
‫(‪)6‬‬
‫تكرس مبدأ عدم املساواة‬
‫دساتري دول العامل ومنها الدستور اجلزائري ‪ ،‬مما هأدى إىل تغيري قوانني اجلنسية ‪ ،‬الّت كانت ه‬

‫(‪-)1‬أنظر ‪ :‬د‪ .‬عز الدين عبد هللا‪ ،‬القا نون الدويل اخلاص اجلزء األول‪ ،‬اجلنسية واملوطن ومركز األجانب‪ ،‬مطابع اهليئة املصرية العامة للكتاب ‪ ،‬الطبعة احلادية‬
‫عشرة ‪ .1986‬الفقرة ‪ ،64‬ص ‪.154‬‬
‫(‪-)2‬راجع تطور فكرة اجلنسية من خالل تطور فكرة االنتماء ‪ :‬رسالتنا مرجع سابق ص ‪ 8‬اىل ‪.10‬‬
‫(‪-)3‬أنظر ‪ :‬د‪ .‬فؤاد عبد املنع م رايض ‪ :‬أصول اجلنسية يف القانون الدويل والقانون املصري املقارن ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪ ،1995‬الفقرة ‪ ،35‬ص ‪.46‬‬
‫نصت املادة ‪ 2/9‬من االتفاقية املذكورة على أن ‪« :‬متنح الدول األطراف املرأة حقا مساواي حلق الرجل فيما يتعلق جبنسية اطفاهلا»‪.‬‬ ‫(‪ -)4‬ه‬
‫انضمت اليها اجلزائر ابألمر رقم ‪ 03-96‬املؤرخ يف ‪ 10‬جانفي ‪ ، 1996‬اجلريدة الرمسية ‪ ،‬العدد ‪ ، 3‬سنة ‪.1996‬‬ ‫(‪ -)5‬ه‬
‫نصت املادة ‪37‬من الدستور اجلزائري املعدل بتاريخ ‪ 20‬ديسمرب‪ ،2020‬الساري حاليا ‪ ،‬على أ هن ‪« :‬كل املواطنني سواسية أمام القانون ‪ ،‬وهلم احلق يف‬ ‫(‪ -)6‬ه‬
‫أي شرط أو ظرف آخر ‪ ،‬شخصي أو اجتماعي » ‪.‬‬ ‫محاية متساوية‪ .‬وال ميكن أن يُتذرع أبي متييز يعود سببه إىل املولد‪ ،‬أو العرق ‪ ،‬أو الرأي أو اجلنس ‪،‬او ه‬
‫‪42‬‬
‫املشرع اجلزائري مبدأ املساواة يف ميدان اجلنسية األصلية املبنية على حق الدم‪،‬‬
‫تبىن ه‬‫بني املرأة والرجل يف مادة اجلنسية‪ .‬وقد ه‬
‫وأيضا يف نطاق اجلنسية اجلزائرية املكتسبة‪ ،‬كما سنرى ذلك الحقا‪ ،‬عند دراستنا اجلنسية اجلزائرية‪.‬‬
‫اثنيا‪-‬اجلنسية األصلية املبنية على أساس حق اإلقليم‪:‬‬
‫يقصد حبق اإلقليم كقاعدة عامة ‪ ،‬حق الفرد يف التمتهع جبنسية الدولة الّت يولد على إقليمها ‪ ،‬منذ حلظة ميالده‪،‬‬
‫بغض النظر عن األصل الذي ينحدر منه ‪ ،‬يرجع حق اإلقليم اترخييا اىل فكرة االنتماء على أساس مبدإ اإلقليمية الذي‬
‫ساد يف عهد النظ ام اإلقطاعي يف أورواب املسيحية يف القرون الوسطى ‪ ،‬حيث كان كل فرد يسكن اإلقطاعية ينتمي اىل‬
‫حترر من طابعه‬
‫شخص احلاكم اإلقطاعي على أساس الوالء املطلق له ‪ ،‬لكن مبدأ اإلقليمية يف ذلك العهد مل يكن قد ه‬
‫الشخصي ‪ ،‬ولكنه يُع هد أصل ما يعرف اليوم مببدإ حق اإلقليم يف مادة اجلنسية‪ ،‬الذي أُعتمد يف وقتنا الراهن كمعيار‬
‫ملنح اجلنسية األصلية على أساس حق اإلقليم ‪ ،‬وذلك بعد ما ه‬
‫جترد مبدأ اإلقليمية من طابعه الشخصي ‪ ،‬و هاّتذ صبغة‬
‫جمردة بظهور الدولة احلديثة يف القرنني ‪ 18‬و ‪ 19‬امليالديني ‪ ،‬كنتيجة حتمية لفصل الدولة والسيادة عن شخص احلاكم‪،‬‬‫ه‬
‫(‪)1‬‬
‫فصار الوالء السياسي للدولة دون غريها ‪ ،‬ابعتبارها شخصا معنواي دوليا عاما ‪ ،‬خماطبا أبحكام القانون الدويل العام‪،‬‬
‫تتبىن حق اإلقليم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية ‪ ،‬يصري متمتعا جبنسيتها‬
‫إذ كل فرد يولد على إقليم دولة ما‪ ،‬ه‬
‫األصلية على أساس حق اإلقليم ‪ ،‬يستوي يف ذلك أن يكون قد ُولد ألبوين وطنيني ‪ ،‬أو ألبوين أجنبيني متهحدي اجلنسية‬
‫أو خمتلفي اجلنسية ‪ ،‬أو ألبوين أحدمها وطين واألخر أجنيب ‪ ،‬أو ألبوين جمهولني أو عدميي اجلنسية‪.‬‬
‫نص عليه دستور اإلكوادور سنة ‪ 1946‬يف املادة ‪ ،1/9‬الّت‬ ‫من أمثلة الولد املولود ألبوين وطنيني أو ألبوين أجنبيني ما ه‬
‫جاء فيها‪« :‬يكون الشخص وطنيا لإلكوادور ابمليالد‪ ،‬إذا ُولد يف إقليم اإلكوادور‪ ،‬وكان أبواه وطنيني لإلكوادور»‪،‬‬
‫فاشرتطت هذه املادة اىل جانب حت هقق واقعة ميالد الطفل على اإلقليم االكوادوري أن يكون أبواه األجنبيان متوطنني يف‬
‫اإلكوادور وقت ميالد الطفل(‪.)2‬‬
‫نص عليه املشرع الفرنسي يف املادة ‪ 2°/1-19‬من قانون اجلنسية‬ ‫ومن أمثلة الولد املولود ألبوين أجنبيني أيضا ما ه‬
‫الفرنسية‪ ،‬حيث هقرر منح اجلنسية الفرنسية على أساس حق اإلقليم للطفل الذي يولد ألبوين أجنبيني‪ ،‬بشرط أاله يكون‬
‫(‪)3‬‬
‫ينص عليه قانون اجلنسية الفرنسية املؤرخ‬
‫ألي من والديه ‪ .‬ومن األمثلة أيضا ما كان ه‬ ‫حتصل على اجلنسية األجنبية ه‬ ‫قد ه‬
‫يف ‪ ،1889/06/26‬الذي كان الغرض منه تعزيز الوجود االستعماري الفرنسي يف اجلزائر من خالل اإلدماج السريع‬
‫لألوروبيني غري الفرنسيني املقيمني يف اجلزائر بصفتهم مستوطنني‪ ،‬حيث عُ هدلت مبوجبه املادة ‪ 8‬من القانون املدين الفرنسي‪،‬‬
‫فنصت يف فقرهتا الثالثة على أ هن األفراد املولودين يف اجلزائر من أجانب هم أنفسهم مولودين فيها‪ ،‬يُع هدون فرنسيني ّنائيا‬
‫ه‬

‫(‪ -) 1‬راجع‪ :‬االنتماء على أساس الوالء املطلق للحاكم ‪ ،‬رسالتنا ‪ ،‬مرجع سابق ص‪ 16‬اىل ‪.19‬‬
‫(‪-)2‬أنظر‪ :‬د‪ .‬عز الدين عبد هللا ‪ :‬القانون الدويل اخلاص ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬الفقرة ‪ ،66‬ص ‪.159‬‬
‫(‪ -)3‬قانون اجلنسية الفرنسية يف منت القانون املدين الفرنسي ‪ ،‬نشر داللوز ‪ ، 2004‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.92‬‬

‫‪43‬‬
‫دون أن يتم هكنوا من التخلهي عن هذه الصفة‪ .‬هكذا صارت اجلنسية الفرنسية ُّتلع على أبناء املستوطنني األوروبيني يف‬
‫اجلزائر على أساس امليالد املضاعف ‪ ، double naissance‬الذي يعين ميالد الولد وأبيه يف اجلزائر(‪.)1‬‬
‫ينص على منح اجلنسية الفرنسية على أساس حق اإلقليم لكل فرد يولد‬ ‫ومازال قانون اجلنسية الفرنسية اىل غاية اليوم ه‬
‫هو وأحد أبويه على األقل يف فرنسا‪ ،‬حيث جاء يف املادة ‪« 3-19‬يعترب فرنسيا الولد الشرعي أو الطبيعي الذي ُولد يف‬
‫فرنسا‪ ،‬إذا كان أحد أبويه على األقل هو نفسه مولود يف فرنسا» (‪ .)2‬وقد أخذ املشرع اجلزائري بفكرة ميالد املضاعف‬
‫كأساس ملنح اجلنسية اجلزائرية األصلية املبنية على أساس حق اإلقليم كما سنرى الحقا عند دراستنا اجلنسية اجلزائرية‪.‬‬
‫هأما ابلنسبة ملنح اجلنسية على أساس حق اإلقليم لِمن يولد ألبوين جمهولني مّت توفهرت شروط معيهنة‪ ،‬فيمكن ضرب‬
‫نص عليه قانون اجلنسية الفرنسية يف املادة ‪ 19‬حيث جاء فيها‪« :‬يعترب فرنسيا الولد املولود يف فرنسا من أبوين‬
‫املثال مبا ه‬
‫جمهولني» (‪.)3‬‬
‫نصت املادة ‪ 1-19‬من نفس القانون على أن‪« :‬يعترب فرنسيا الولد‬ ‫هأما ابلنسبة لِمن يولد من أبوين عدميي اجلنسية قد ه‬
‫املولود يف فرنسا من أبوين عدميي اجلنسية »(‪. )4‬‬
‫تتبىن حق الدم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية على أساسه‪ ،‬أتخذ يف‬ ‫ما يُالحظ إمجاال ممها سبق أ هن الدول الّت ه‬
‫ُحسباّنا العنصر اإلنساين املتمثل يف ركن الشعب (‪.)5‬‬
‫تتبىن حق اإلقليم كأساس أصلي ملنح جنسيتها على أساسه فتأخذ يف اعتبارها العنصر اجلغرايف املتمثهل‬
‫هأما الدول الّت ه‬
‫يف ركن اإلقليم‪ ،‬وهو كما نعلم ركن من أركان الدولة الّت لن تقوم هلا قائمة بدونه (‪.)6‬‬
‫هأما ملاذا هذا االختالف بني الدول‪ ،‬فهذا ما نبيهنه يف الفقرة الثالثة أدانه‪:‬‬
‫اثلثا‪-‬املفاضلة بني األساسني من قبل الدول‪:‬‬
‫تبين أحد املعيارين كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية على‬
‫ما ميكن قوله بداية‪ ،‬أ هن الدول قد اختلفت يف مسألة ه‬
‫كونون ركن الشعب فيها‪،‬‬ ‫أساسه‪ .‬فهناك دول تبنهت حق الدم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية لألفراد الذين يُ ه‬
‫آخذة يف اعتبارها العنصر البشري‪ ،‬الذي يتمثهل يف ركن الشعب‪ ،‬الذي يُع هد أهم ركن الزم لقيامها‪ ،‬وهي الدول الّت هلا‬
‫حق اإلقليم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية‪،‬‬
‫عمق اترخيي وحضاري ُمتج هذر يف اجملتمع اإلنساين‪ .‬وهناك دول تبنهت ه‬
‫آخذة يف اعتبارها العنصر اجلغرايف ‪ ،‬أي ركن اإلقليم الذي يُع هد الزما لقيامها‪ ،‬وهي دول أغلبها ليس هلا عمق اترخيي‬
‫وحضاري‪.‬‬
‫لكن هناك حقيقة ال ميكن القفز عليها هي أنهه ال توجد يف وقتنا احلاضر دولة أتخذ أبحد األساسني بصورة مطلقة‪،‬‬

‫(‪ -)1‬راجع ‪ :‬مسالة جتنهس األجانب األوروبيني الذين استوطنوا اجلزائر خالل حقبة االستعمار الفرنسي ‪ ،‬رسالتنا ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 282‬اىل ‪.288‬‬
‫(‪-)2‬قانون اجلنسية الفرنسية يف منت القانون املدين الفرنسي ‪ ،‬نفس املرجع السابق‪.‬‬
‫(‪-)3‬نفس املرجع السابق‪.‬‬
‫(‪ )4‬راجع اجلنسية األصلية ال مبنية على حق الدم‪ ،‬رسالتنا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 102‬اىل ‪.106‬‬
‫(‪ -)5‬راجع ‪ :‬الشرح املستفيض الذي ق هدمناه عن اجلنسية األصلية املبنية على أساس حق الدم‪ ،‬رسالتنا ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪102‬و‪.106‬‬
‫(‪ -)6‬راجع شرحا أكثر تفصيال عن اجلنسية املبنية على أساس حق اإلقليم‪ ،‬رسالتنا ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 107‬اىل ‪.112‬‬

‫‪44‬‬
‫فالدول الّت تبين جنسيتها األصلية على أساس حق الدم كأساس أصلي‪ ،‬تفسح اجملال حلق اإلقليم كأساس احتياطي‬
‫ليأخذ مكانه يف تشريعاهتا يف حاالت معيهنة‪ ،‬أو يف ظروف اترخيية واجتماعية واقتصادية وسياسية معيهنة‪.‬‬
‫والدول الّت تبنهت حق اإلقليم أساسا أصليا ملنح جنسيتها األصلية‪ ،‬هي بدورها فسحت اجملال حلق الدم كأساس‬
‫احتياطي ليأخذ مكانه يف تشريعها اخلاص ابجلنسية‪.‬‬
‫إ هن تفضيل أحد األساسني على اآلخر تتح هكم فيه ظروف كل دولة من حيث وجودها التارخيي واحلضاري والديين‪ ،‬ومن‬
‫حيث بنيتها االجتماعية والسياسية والقانونية‪ .‬لكن ما هي األسباب الّت يقوم عليها تفضيل أحد األساسني على اآلخر‬
‫من قبل الدول كمعيار أصلي ملنح جنسيتها األصلية ؟‪ .‬جنيب عن هذا السؤال فيما أييت‪:‬‬
‫‪-)1‬الدول اليت فضلت حق الدم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية‪:‬‬
‫ميكن حصر أسباب تفضيلها له فيما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬إ هّنا عندما تبنهت حق الدم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية على أساسه‪ ،‬تكون قد أخذت يف اعتبارها عنصر‬
‫االنسان الذي يتش هكل منه ركن الشعب فيها‪ ،‬وهي الدول الّت غلبت عليها ماضيا النزعة القومية املبنية على وحدة األصل‬
‫واللغة والدين‪ .‬ذلك أ هن الدول احلديثة يف أورواب املسيحية قد قامت ابتداءً على أساس قومي حمض‪ .‬فهذه الدول تتميهز‬
‫موجها أساسيا للجنسية فيها ‪ ،‬إذ يعترب هذا العمق التارخيي واحلضاري‬‫أب هن هلا عمقها التارخيي واحلضاري ‪ ،‬الذي يُع هد ه‬
‫الوعاء الذي تنصهر فيه كل عوامل الفرقة والتنافر ‪ ،‬وجتتمع فيه كل عوامل االنسجام والوحدة املتينة الّت ال تنفصم عراها‪،‬‬
‫فيتولهد عن كل ذلك شعور الفرد ابلوالء روحيا ‪ ،‬اجتماعيا ‪ ،‬سياسيا وقانونيا ‪ ،‬اجتاه الدولة الّت حيمل جنسيتها ‪ ،‬ميزته‬
‫الثهبات والدوام ‪ ،‬إذ يكون معيار حق الدم أكثر ارتباطا مبكوانت شعبها ‪ ،‬ممها حيافظ على متاسك أفراد شعبيها وانسجامهم‬
‫اجتماعيا وسياسيا ‪ ،‬فيعطيها ذلك قوة واستقرارا‪.‬‬
‫تبين معيار حق الدم كأساس ملنح اجلنسية األصلية جيعل الدولة مبنأى عن دخول العناصر األجنبية يف جنسيتها‪،‬‬ ‫‪-2‬إ هن ه‬
‫الّت إن دخلت يف جنسيتها قد تساهم يف ضعف نسيجها احلضاري والديين والتارخيي واالجتماعي والسياسي والقانوين‪،‬‬
‫الذي يكون أش هد متاسكا بدوّنا‪.‬‬
‫‪-3‬إ هن منح اجلنسية األصلية على أساس حق الدم يُبقي التواصل الروحي مستمرا بني الدولة وأفراد شعبها‪ ،‬ممها حيافظ على‬
‫ومقوماهتا‬
‫عمقها التارخيي وموروثها احلضاري‪ ،‬الذي يربط بني ماضيها وحاضرها ومستقبلها‪ ،‬فيحفظ هلا ميزهتا احلضارية ه‬
‫الدينية‪ ،‬وجيعل كياّنا على الدوام أكثر رسوخا‪ ،‬وثباات واستقرارا‪.‬‬
‫‪-4‬إ هن أساس حق الدم مينح الدولة الّت تتبنهاه ميزة ال تتوفهر عند غريها من الدول الّت متنح جنسيتها األصلية على أساس‬
‫حق اإلقليم ‪ ،‬فهي متنح جنسيتها األصلية لِمن ينحدر بنسبه من وطين أو وطنية بغض النظر عن مكان ميالده ‪ ،‬ممها‬
‫ِ‬
‫هجرة (املص هدرة) لوطنييها‪ ،‬فتسمح‬
‫جيعل وطنيوها يتبعوّنا ولو كانوا مقيمني يف اخلارج‪ ،‬خاصة إذا كانت من الدول امل ه‬
‫متسكوا بعقيدهتم الدينية ‪،‬‬
‫هبجرهتم اىل اخلارج لظروف معيهنة ‪ ،‬فإ هن ذلك قد يعطيها نفوذا يف الدول املستقبلة هلم‪ ،‬إذا ما ه‬
‫وه ِويتهم احلضارية بصفة عامة‪ ،‬خاصة يف عامل تقاربت فيه املسافات بني الشعوب ‪ ،‬واشت هد‬ ‫وعاداهتم وتقاليدهم وثقافتهم ‪ُ ،‬‬
‫فيه الصراع احلضاري والديين أكثر من أي وقت مضى‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫أتمل قوانني الدول الّت تعتمد حق الدم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية‪ ،‬أ هن هذه القوانني جتعل‬
‫يتبني من خالل ه‬
‫‪ -5‬ه‬
‫اال ختصاص التشريعي يف حالة تنازع القوانني دوليا من حيث املكان يف ميدان األحوال الشخصية ينعقد لقانون جنسية‬
‫الفرد ابعتباره قانوان شخصيا له‪ ،‬حبيث يطبهق قانون الدولة على عالقات وطنييها يف اخلارج‪ ،‬سواء فيما بينهم‪ ،‬أو بينهم‬
‫ووجدوا‪.‬‬
‫يعزز الشعور بذاهتم احلضارية وجيعلهم متعلقني بوطنهم الذي حيملون قوانينه أينما حلهوا وارحتلوا ُ‬
‫وبني األجانب‪ ،‬ممها ه‬
‫هأما عن الدول الّت تبنهت معيار حق الدم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية‪ ،‬فتأيت على رأسها الدول األوروبية ذات‬
‫األصل الالتيين مثل فرنسا‪ ،‬وإيطاليا‪ ،‬وإسبانيا والربتغال وغريها من الدول األخرى‪ .‬فهذه الدول بنت جنسيتها األصلية‬
‫على أساس حق الدم كأصل عام‪ ،‬ألّنا تعترب اجلنسية عالقة قائمة على الشعور القومي املرتبط بوحدة األصل ولغة‬
‫التخاطب‪ ،‬ووحدة العقيدة الدينية املسيحية‪ ،‬الذي من مساته اإلحساس القوي ابلرابطة الروحية بني الفرد والدولة‪ ،‬لذلك‬
‫تتجسد الرابطة االجتماعية – الروحية‪ ،‬الّت تقوم عليها‬ ‫ِ‬
‫حق للدولة أن متنح جنسيتها لمن يتوفهر فيه هذا الشعور‪ ،‬إذ فيه ه‬
‫الرابطة السياسية والقانونية للجنسية‪ .‬فاجلنسية تستم هد وجودها من العمق التارخيي‪ ،‬والديين‪ ،‬واحلضاري هلذه الدول‪.‬‬
‫هأما البلدان العربية واإلسالمية املغلوبة على أمرها ‪ ،‬فبِ ُحكم أ هّنا كانت مستعمرة استعمارا استيطانيا ‪ ،‬أو هأّنا كانت واقعة‬
‫حتت سيطرة القوى االستعمارية الكربى ‪ ،‬فقد فرض عليها بُعدها الديين واحلضاري أن ّتتار معيار حق الدم كأساس ملنح‬
‫جنسيتها األصلية‪ ،‬ابعتباره أفضل للحفاظ على ُهويتها اإلسالمية على األقل يف جمال األحوال الشخصية ‪ ،‬الّت مازالت‬
‫ّتضع ألحكام الشريعة اإلسالمية يف أغلب دول بالد اإلسالم ‪ ،‬ومنها اجلزائر ‪ ،‬ابلرغم من أ هن بعضها كان خاضعا‬
‫تتبىن حق اإلقليم كأساس أصلي ملنح جنسيتها‪.‬‬
‫لسيطرة بريطانيا االستعمارية ‪ ،‬الّت ه‬
‫ضلت حق اإلقليم كأساس ملنح جنسيتها األصلية‪:‬‬
‫‪ -)2‬الدول اليت ف ّ‬
‫ميكن تلخيص أسباب تفضيلها له فيما أييت‪:‬‬
‫‪ -1‬هإّنا عندما تبنهت معيار حق اإلقليم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية‪ ،‬تكون قد اعت هدت ابلعنصر اجلغرايف املتم ثهل‬
‫يف إقليم الدولة ابعتباره أحد األركان الثالثة الالزمة لقيامها‪ .‬فاجلنسية األصلية ابلنسبة هلذه الدول الّت تبنهت هذا املعيار‬
‫تكون على عالقة مباشرة أبحد أركان الدولة وهو اإلقليم‪.‬‬
‫‪-2‬إ هن أغلب الدول الّت بنت جنسيتها األصلية على أساس حق اإلقليم كمعيار أصلي‪ ،‬هي دول أعلبها افتقدت اىل‬
‫العمق التارخيي واحلضاري يف وجودها كوحدات اجتماعية وسياسية‪ ،‬ابستثناء بريطانيا الّت كان هلا عمق اترخيي وحضاري‬
‫وديين‪ ،‬ومع ذلك تبنهت حق اإلقليم كمعيار أصلي ملنح جنسيتها األصلية‪ ،‬لألسباب الّت نبيهنها الحقا‪ .‬فدول القارة‬
‫تتكون إاله حديثا‬
‫حق اإلقليم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية‪ ،‬أل هّنا مل ه‬
‫األمريكية بشماهلا ووسطها وجنوهبا قد تبنهت ه‬
‫تكونت شعوب ها من أعراق خمتلفة‪ ،‬لكنها يف أغلبها أوروبية‪ ،‬اختلفت يف األصل‬ ‫بعد اكتشاف القارة األمريكية‪ ،‬فقد ه‬
‫العرقي فكانت تتحدث لغات خمتلفة‪ ،‬وإن كان جيمعها دين واحد هو الدين املسيحي مبختلف مذاهبه‪.‬‬
‫فإما أ هّنم أبيدوا أو ُمههشوا‪ .‬فلم يكن من سبيل أمام تلك الدول الّت قامت يف القارة‬
‫هأما السكان األصليون اهلنود احلمر‪ ،‬ه‬
‫األمريكية إاله أن تبين جنسيتها األصلية على أساس حق اإلقليم‪ ،‬ألنهه كان الكفيل جبمع مشل الناس املختلفني عرقيا ولغة‪،‬‬
‫وخبلق وحدة اجتماعية وسياسية بني اعراق خمتلفة‪ ،‬لكنها مرتبطة ابإلقليم‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫‪-3‬السبب الثالث له عالقة ابلسببني السابقني‪ ،‬إذ اقتضت املصلحة الوطنية للدولة أن تعتمد حق اإلقليم كأساس أصلي‬
‫ملنح جنسيتها األصلية لتكوين ركن الشعب فيها‪ ،‬ألنهه اخليار املناسب هلا‪ ،‬أل هن معيار حق الدم يفرتض فيه احندار األفراد‬
‫يف الدولة من أصل واحد ولغة ّتاطب واحدة‪ .‬فدول القارة األمريكية مازالت إىل اليوم تستقبل املهاجرين إليها من مجيع‬
‫األعراق الوافدة اليها من مجيع القارات األخرى‪.‬‬
‫‪-4‬إ هن معيار حق اإلقليم كأساس أصلي للتمتع ابجلنسية األصلية ينهض على فكرة ارتباط االفراد ابألرض‪ ،‬وابلتوطهن‬
‫واإلقامة عليها‪ ،‬ممها جيعلهم عرضة للتأثهر ابلبيئة والوسط االجتماعي الذي يولدون فيه‪ ،‬فريتبطون ابلدولة الّت ُولدوا على‬
‫فيتعزز ذلك االرتباط ابلتعليم والرتبية‪ ،‬الّت تلبسهم طبائع‬
‫إقليمها‪ ،‬فيشرتكون مع أفراد شعبها يف معيشتهم وّنط حياهتم‪ ،‬ه‬
‫ومكوانت حضارته‪.‬‬‫وأخالق اجملتمع الذي يعيشون فيه‪ ،‬وعاداته وتقاليده وأعرافه‪ ،‬فينهلون من منابع ثقافته ه‬
‫فالفرد ابن بيئته الّت نشأ فيها‪ ،‬يسلك سلوك أفراد جمتمع تلك البيئة‪ ،‬ويشعر شعورهم فيشاركهم أسلوب وّنط حياهتم‪،‬‬
‫يقوي احساسه ابلوالء للدولة الّت يولد على‬
‫وتفكريهم ‪ ،‬ممها يؤدي اىل اندماجه فيه ‪ ،‬فينشأ لديه الشعور الوطين الذي ه‬
‫اقليمها ويقيم فيها إقامة دائمة‪.‬‬
‫‪-5‬ل هما كان حق اإلقليم كأساس أصلي للتمتهع ابجلنسية األصلية قائما على فكرة ارتباط الفرد إبقليم الدولة من خالل‬
‫يتعني به القانون الواجب التطبيق‬
‫التوطهن واإلقامة فيها‪ ،‬فإ هن الدولة الّت تتبنهاه‪ ،‬غالبا ما جتعل املوطن ضابط اسناد أصيل ه‬
‫على األحوال الشخصية يف ميدان تنازع القوانني دوليا من حيث املكان‪.‬‬
‫هأما عن الدول الّت تبنهت معيار حق اإلقليم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية فتأيت يف مقدمتها الدول األجنلو‪-‬‬
‫سكسونية‪ ،‬مثل الوالايت املتحدة األمريكية وبريطانيا‪ ،‬ودول القارة األمريكية بصفة عامة‪.‬‬
‫إ هن بريطانيا رغم أ هن هلا عمقا اترخييا وحضاراي ودينيا إاله أ هّنا احتفظت حبق اإلقليم املوروث عن عهد النظام االقطاعي‬
‫كأساس أصلي للجنسية األصلية ‪ ،‬أل هّنا مل تتعرض اىل ثورة من حجم الثورة الفرنسية ‪ ،‬الّت تكون قد استفادت منها يف‬
‫نقل السيادة من امللك اىل األمة ‪ ،‬ومن هذه األخرية اىل املواطنني ابعتبارهم مصدر السلطة ‪ ،‬وذلك ما اقتضته احلرية‬
‫الفردية ‪ ،‬الّت قام عليها النظام الرأمسايل يف الدول احلديثة يف الغرب‪ ،‬ابإلضافة اىل سبب آخر هو طبيعة نظامها القانوين‬
‫ملدون الذي يعتمد على السوابق القضائية ‪ ،‬جعلها أيضا حتتفظ حبق اإلقليم كأساس للجنسية األصلية‪.‬‬ ‫غري ا ه‬
‫‪-6‬هناك سبب يصدق على مجيع الدول‪ ،‬سواء تلك الّت أتخذ مبعيار حق اإلقليم كأساس أصلي ملنح اجلنسية األصلية‪،‬‬
‫أو تلك الّت أتخذ به كمعيار احتياطي اىل جانب معيار حق الدم كأساس أصلي ملنح اجلنسية األصلية‪ ،‬وهو األمن‬
‫االجتماعي والسياسي‪ ،‬الذي يش هكل ابستمرار هاجسا للدول‪ .‬فالدولة الّت تستجلب اجلاليات األجنبية لإلقامة على‬
‫إقليمها ‪ ،‬ألغراض قد تكون اقتصادية واجتماعية ‪ ،‬أو دميوغرافية وأحياان قد تكون سياسية ‪ ،‬تدرك متاما ما قد يرتتهب‬
‫على ذلك من أخطار هت هددها ‪ ،‬إذا مل أتخذ حيطتها ‪ ،‬ابلنظر اىل اختالف اجلاليات اختالفا قد يكون جذراي يف قيهمها‬
‫الدينية واحلضارية ‪ ،‬ويف طبائعها وعاداهتا واعرافها وتقاليدها عن القيهم السائدة يف جمتمعها ممها حيتهم عليها أن تتهبع سياسية‬
‫تشريعية اجتاه تلك اجلاليات ‪ ،‬هتدف اىل ادماجها يف جمتمعها عن طريق منح اجلنسية األصلية على أساس حق اإلقليم‬
‫لألبناء الذين يولدون على اقليمها آلابء أجانب دفعا لألخطار الّت قد حتدق بوحدة جمتمع الدولة وجتانسه ‪ ،‬وتعصف‬

‫‪47‬‬
‫مهمشون ‪ ،‬وال يقتصر األمر على‬‫بتوازنه االجتماعي واالقتصادي والسياسي ‪ ،‬واحلضاري ‪ ،‬وحّت الديين ‪ ،‬إذا بقي هؤالء ه‬
‫متمشية مع القيم‬
‫منح اجلنسية فقط ‪ ،‬لكن قد يستلزم االمر أن تعمل الدولة على انتهاج سياسة تعليمية تربوية متواصلة ‪ ،‬ه‬
‫تضطر يف سبيل ذلك اىل تلقني املعنيني دروسا يف املواطنة‪.‬‬
‫السائدة يف جمتمعها تؤهلهم لالندماج فيه ‪ ،‬وقد ه‬
‫‪-7‬هناك مربر آخر إنساين تقتضيه مصلحة اجملتمع الدويل‪ ،‬دفع الدول اىل ه‬
‫تبين معيار حق اإلقليم كأساس ملنح اجلنسية‬
‫األصلية‪ ،‬يصدق على مجيع الدول‪ ،‬حّت ال ُحيرم من اجلنسية أفراد ال يستطيعون احلصول عليها دون هذا املعيار‪ ،‬وهم‬
‫األوالد الذين يُولدون آلابء جمهولني أو عدميي اجلنسية‪ ،‬جتنهبا النعدام جنسيتهم‪ ،‬وحّت ال ُهتدر حقوقهم كبشر‪ ،‬أل هن‬
‫أقرته مجيع الدول يف قوانينها‪.‬‬
‫نصت عليه املواثيق الدولية‪ ،‬و ه‬
‫اجلنسية صارت يف وقتنا ح ًقا من حقوق االنسان‪ ،‬ه‬
‫كل ما سبق نستخلص أ هن الدول وإن اختلفت يف األساس األصلي الذي تبين عليه جنسيتها األصلية‪ ،‬إاله أ هن املسألة‬
‫من ه‬
‫تتغري يف الزمان واملكان حبسب ظروف كل دولة (‪ .)1‬فالدول الّت تبين جنسيتها األصلية على أساس حق الدم‬ ‫تبقى نسبية ه‬
‫أصال‪ ،‬تراعي يف ذلك بعدها التارخيي وعمقها احلضاري والديين‪ ،‬ألن اجلنسية وإن كانت رابطة اجتماعية وسياسية‬
‫وقانونية‪ ،‬فهي قبل كل شيء رابطة متثل القيم الراسخة يف ضمري األمة وجمتمعها‪ .‬فالدول األوروبية ذات األصل الالتيين‬
‫قد تبنهت معيار حق الدم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية ‪ ،‬أل هن ذلك حيفظ هلا موروثها احلضاري والتارخيي‪ ،‬لكنهها‬
‫تبين معيار حق اإلقليم استثناءً من األصل ملنح جنسيتها األصلية‬
‫عندما أعوزهتا احلاجة يف فرتات زمنية معينة جلأت اىل ه‬
‫ألوالد األجانب الذين ولدوا على اقليمها ‪ ،‬هبدف تعويض وطنييها الذين فقدهتم يف احلروب ‪ ،‬وقد تضطر أحياان اىل‬
‫تشبيب جمتمعاهتا اهلرمة ‪ ،‬الّت ارتفع فيها معدل العمر ابلتوازي مع تراجع النمو الدميوغرايف فيها ‪ ،‬نظرا لطغيان اجلانب‬
‫املادي على هذه اجملتمعات ‪ ،‬الّت هي حباجة دائمة اىل تطعيم خارجي يستنهض فيها حركية النمو الدميوغرايف ‪ ،‬لتسرتجع‬
‫تتبىن معيار حق اإلقليم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية لألفراد الذين يتع هذر‬
‫عن طريقه توازّنا االجتماعي ‪ .‬كما أ هّنا ه‬
‫عليهم احلصول على جنسيتها األصلية على أساس حق الدم‪ ،‬كما هي حال األوالد الذين يولدون على اقليمها ألبوين‬
‫جمهولني أو عدميي اجلنسية‪.‬‬
‫هأما ابلنسبة للدول الّت بنت جنسيتها األصلية على أساس حق اإلقليم كمعيار أصلي فهي كما سبقت اإلشارة‪ ،‬الدول‬
‫الّت افتقدت اىل العمق التارخيي واحلضاري كوحدات اجتماعية وسياسية‪ ،‬من أبرزها دول القارة االمريكية‪ .‬هأما بريطانيا‬
‫احملافظة على موروثها التارخيي‪ ،‬فرغم أ هن هلا عمقا اترخييا وحضاراي فقد رأت أ هن عمقها ذاك متعلق بفكرة االنتماء اىل‬
‫اإلقليم‪ ،‬الذي انتقل اليها من النظام اإلقطاعي (‪ .)2‬فهذه الدول بدورها فسحت اجملال ملعيار حق الدم كأساس احتياطي‬

‫(‪-)1‬مثال كانت فرنسا قد تبنهت معيار حق الدم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية يف املادة ‪ 10‬من القانون املدين النابوليوين الصادر سنة ‪ ، 1804‬حيث‬
‫نصت على أن يعترب فرنسيا كل طفل ولد ألب فرنسي حّت لو ولد يف اخلارج ‪ ،‬لكن عندما تعلهق األمر مبصلحتها كدولة استعمارية تبنهت قانوان آخر صدر يف‪26‬‬
‫نصت مادته الثامنة(‪ )8‬على أن‪« :‬كل شخص ولد يف فرنسا حّت لو كان أبواه أجنبيني يع هد فرنسيا» وبذلك منحت اجلنسية الفرنسية على أساس‬ ‫جوان ‪ 1889‬ه‬
‫حق اإلقليم للمستوطنني األوروبيني من غري الفرنسيني ‪ ،‬الذين جاءوا إثر احلملة االستعمارية الفرنسية اىل اجلزائر ليستوطنوها بعد ضم اجلزائر اىل فرنسا عنوة ‪،‬‬
‫حيث كان اإلقليم اجلزائري يعترب اقليما فرنسيا ابلنسبة للفرنسيني واألوروبيني من جنسيات أوروبية خمتلفة ‪ .‬هأما اجلزائريون املسلمون فقد اعتربهم املشرع االستعماري‬
‫جمرد اتبعني لفرنسا‪ ،‬خيضعون لقوانني استثنائية تتالءم مع وضعهم كتابعني‪.‬‬
‫(‪-)2‬راجع االنتماء على أساس الوالء املطلق للحاكم رسالتنا مرجع سبق ّترجيه‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫ملنح اجلنسية األصلية لِمن يولد يف اخلارج ألبوين وطنيني ‪ ،‬لكن بشرط أن يرتبط هبا ابإلقامة على إقليمها و هأال تستمر‬
‫إقامته يف اخلارج بشكل يقطع صلته بدولته األصلية ‪ ،‬فقد جاء يف األمر السادس من نظام ‪ 1907‬للوالايت املتحدة‬
‫األمريكية أ هن «كل طفل ولد خارج الوالايت املتحدة ألبوين أمريكيني واستمرت اقامته خارجها‪....‬يكون ملزما مبراجعة‬
‫القنصلية األمريكية عند بلوغه سن ‪ 18‬سنة للتعرف عن نيته يف أن يصبح مقيما‪ ،‬أو أن يبقى مواطنا للوالايت املتحدة‬
‫األمريكية‪ ،‬كما أ هن عليه فضال عن ذلك أن حيلف ميني الوالء هلا بعد بلوغه سن الرشد»(‪. )1‬‬
‫تبين أحد األساسني‪ ،‬من مراعاة ظروفها اخلاصة هبا‪ ،‬ومدى توافقه مع مصاحلها‬ ‫يتبني ممها سلف أن كل دولة تنطلق يف ه‬
‫ه‬
‫يعرب عن حقيقة‬
‫وأهدافها املختلفة‪ .‬فما قد يبدو صاحلا كأساس يف دولة ما‪ ،‬فال يبدو كذلك يف دولة أخرى‪ .‬فكل أساس ه‬
‫نسبية ال مطلقة‪ .‬ولكن املؤهكد أ هن مجيع الدول حترص على أن يكون الفرد الذي حيمل جنسيتها األصلية مرتبطا هبا ارتباطا‬
‫حقيقيا وفعليا‪ ،‬ي هنم عن اندماجه يف جمتمع الدولة‪ ،‬ويرتجم والءه هلا بصورة ال يشوهبا شك‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪-‬اجلنسية القانونية املكتسبة‪:‬‬
‫اجلنسية املكتسبة‪ ،‬أو الطارئة أو الالحقة على امليالد‪ ،‬هي اجلنسية الّت يكتسبها الفرد يف اتريخ الحق على ميالده‪،‬‬
‫حّت وإن أُستند يف منحها اىل سبب يرجع اىل يوم امليالد‪ .‬ويتم الدخول فيها بطرق شّت‪ ،‬نذكر منها أكثرها شيوعا على‬
‫أن أنخذ التشريع الفرنسي كعيهنة‪ ،‬ألن املشرع اجلزائري استلهم منه املبادئ األساسية الّت تقوم عليها اجلنسية اجلزائرية‬
‫املكتسبة ‪ ،‬الّت ندرسها عندما نتناول ابلبحث اجلنسية اجلزائرية اخلاصة ابلشخص الطبيعي يف الفصل الثاين من هذه‬
‫احملاضرات‪ .‬يُراعى يف هذا النوع من اجلنسية ووسائل اكتساهبا أن تكون تعبريا واقعيا عن توفر رابطة حقيقية وكافية بني‬
‫جتسد ارتباطه الفعلي هبا ومبجتمعها الوطين‪ .‬ولكن ما مييهز اجلنسية املكتسبة هي أن إرادة الفرد تلعب دورا‬
‫الفرد والدولة ه‬
‫ال يستهان به يف التمتهع هبا‪ ،‬يتزايد أو يتناقص حبسب موقف املشرع يف كل دولة من الدول‪ ،‬وحبسب الطريقة الّت تُكتسب‬
‫هبا اجلنسية‪ .‬فقد يكون دور اإلرادة إجيابيا إذا حتقق اكتساب الفرد جنسية الدولة بطلب صريح منه‪ ،‬وقد يكون سلبيا إذا‬
‫منحته الدولة جنسيتها دون طلب منه‪ ،‬على أن يكون له حق رفض هذه اجلنسية يف حاالت معينة إذا أراد ذلك‪.‬‬
‫من أهم الطرق الشائعة الكتساب اجلنسية‪ ،‬هي اكتساهبا ابمليالد على إقليم الدولة واإلقامة فيه (أوال)‪ ،‬اكتساهبا‬
‫ابلتجنهس (اثنيا)‪ ،‬اكتساهبا ابلزواج املختلط (اثلثا)‪ ،‬اكتساهبا ابالسرتداد (رابعا) وهناك طريقة أخرى مثرية للجدل هي‬
‫اكتساهبا ابلضم (خامسا)‪ ،‬نقدم شرحا موجزا عن كل ذلك فيما يلي‪:‬‬
‫أوال‪-‬اكتساب اجلنسية ابمليالد على اإلقليم واإلقامة فيه‪:‬‬
‫إ هن امليالد على إقليم الدولة واإلقامة فيه يُعدان عاملني أساسيني الكتساب اجلنسية هبذه الطريقة‪ ،‬إذ تُراعي الدولة يف‬
‫منحها هبا أن تقرتن واقعة ميالد الفرد على إقليمها إبقامته فيه إقامة معتادة ومنتظمة‪ ،‬تكون كافية الندماجه يف اجملتمع‬
‫الوطين للدولة‪ .‬ما يالحظ أ هن اجلنسية املكتسبة هبذه الطريقة ال تفرض على الفرد كما هو الشأن يف اجلنسية األصلية‬
‫فاكتساهبا إهّنا يكون إبرادة املعين نفسه رغبة واختيارا منه‪.‬‬

‫(‪ -)1‬راجع فكرة األخذ ابحلماية الدبلوماسية ملزدوج اجلنسية يف القضاء الدويل على أساس االرتباط ‪ ،‬رسالتنا مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 679‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫جرى العمل يف بعض الدول ومنها فرنسا الّت أخذ مشرعها هبذه الطريقة أن تعت هد أحياان ابإلرادة الضمنية للفرد يف‬
‫اكتساب جنسيتها‪ ،‬وأحياان أخرى ابإلرادة الصرحية‪ ،‬وقد جتمع بني االثنتني معا‪:‬‬
‫‪-)1‬االعتداد ابإلرادة الضمنية‪ :‬اعت هد املشرع الفرنسي يف قانون اجلنسية الفرنسية لسنة ‪ 1973‬ابإلرادة الضمنية الكتساب‬
‫نصت املادة ‪ 44‬منه على أ هن‪« :‬كل من يولد يف فرنسا ألبوين‬
‫اجلنسية الفرنسية ابمليالد على اإلقليم واإلقامة فيه ‪ ،‬حيث ه‬
‫أجنبيني يكتسب اجلنسية الفرنسية عند بلوغه سن الرشد ‪ ،‬إذا كانت له منذ سن ست عشرة سنة إقامة معتادة يف فرنسا»‬
‫اشرتطت هذه املادة شرطني أساسيني الكتساب اجلنسية الفرنسية مها‪:‬‬
‫‪-1‬ميالد املعين على اإلقليم الفرنسي ألبوين أجنبيني‪.‬‬
‫‪-2‬اإلقامة يف فرنسا إقامة معتادة ملدة ال تقل عن مخس سنوات عند بلوغه سن الرشد‪ ،‬الّت كانت يف ذلك الوقت ‪21‬‬
‫سنة‪.‬‬
‫نصت على إمكانية التنازل عن اجلنسية الفرنسية خالل السنة الّت تسبق سن الرشد‪،‬‬
‫غري أ هن املادة ‪ 45‬من نفس القانون ه‬
‫نصت املادة ‪ 51‬من القانون نفسه على إمكانية املطالبة ابجلنسية الفرنسية املكتسبة ابمليالد واإلقامة‬‫ويف ذات الوقت ه‬
‫قبل بلوغ سن الرشد(‪.)1‬‬
‫‪-)2‬االعتداد ابإلرادة الصرحية‪ :‬ه‬
‫غري املشرع الفرنسي وجهته اىل االعتداد ابإلرادة الصرحية للفرد ‪ ،‬الذي يريد أن يكتسب‬
‫اجلنسية الفرنسية ابمليالد واإلقامة يف فرنسا ‪ ،‬مل يعد يكتفي ابإلرادة الضمنية الّت تعين عدم رفض املعين اجلنسية الفرنسية‪،‬‬
‫احلجة يف ذلك أ هن اجلنسية عالقة قائمة على االنتماء االجتماعي ‪ ،‬السياسي ‪ ،‬القانوين ‪،‬‬‫الّت يكتسبها بقوة القانون‪ .‬و ه‬
‫واحلضاري والوجداين ‪ ،‬يؤكد اندماج الفرد يف جمتمع الدولة ‪ ،‬الّت حيمل جنسيتها ‪ ،‬وارتباطه هبا ‪ ،‬ومن ث م البد أن يكون‬
‫التعبري عن اإلرادة صرحيا وواضحا للدخول يف اجلنسية ‪ ،‬وال ينبغي االعتماد على اإلرادة الضمنية املستفادة من سكوت‬
‫املعين ‪ ،‬وعدم االعرتاض على اجلنسية ‪ ،‬أل هن عدم رفضها قد يكون نتيجة ِ‬
‫سلبية الفرد ‪ ،‬وال مباالته ‪ ،‬وليس دليال على‬
‫متسكه ابجلنسية ‪ ،‬كما أنهه ال يع هد دليال على اندماجه يف جمتمع الدولة وعلى شعوره فعال ابالنتماء اىل الدولة الفرنسية‪.‬‬
‫ه‬
‫نصت املادة ‪ 7-21‬منه‬ ‫سن املشرع الفرنسي القانون رقم ‪ 93/933‬املؤرخ يف ‪ ، 1993/07/22‬حيث ه‬ ‫لكل ما سبق ه‬
‫على أ هن ‪«:‬كل أجنيب ولد يف فرنسا ألبوين أجنبيني ‪ ،‬ميكنه ابتداءً من سن السادسة عشر اىل غاية سن الواحد والعشرين‪،‬‬
‫يعرب عن إرادته صراحة ‪ ،‬وأن يكون مقيما يف فرنسا عند اتريخ التعبري عن اإلرادة‬
‫أن يكتسب اجلنسية الفرنسية بشرط أن ه‬
‫وأن يثبت إقامة معتادة يف فرنسا خالل مخس سنوات الّت تسبق التعبري عن اإلرادة »(‪ ،)2‬فلم تعد حسب هذه املادة‬
‫اجلنسية الفرنسية املكتسبة على أساس امليالد واإلقامة يف فرنسا متنح بصورة آلية ‪ ،‬أي بقوة القانون كما كان سابقا ‪ ،‬على‬
‫جمرد إمكانية تتوقف على إرادة املعين من جهة‪ ،‬وبعدم وقوعه‬
‫أن يرفضها الشخص الذي تلقاها إن أراد ذلك ‪ ،‬بل صارت ه‬
‫حتت طائلة القيود العديدة الّت وضعتها املادة ‪ 8-21‬من جهة اثنية ‪ ،‬حيث اشرتطت املادة ما يل ي‪:‬‬

‫(‪-)1‬انظر‪ :‬ابتيفول والغارد ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬الفقرة ‪104‬و ‪ ، 104-1‬ص ‪.116‬‬


‫(‪-)2‬أحكام اجلنسية الفرنسية يف منت القانون املدين الفرنسي ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.102‬‬

‫‪50‬‬
‫ميس ابملصاحل احليوية لألمة‪،‬‬
‫أبي فعل يُكيهف على أنهه جناية أو جنحة ه‬ ‫‪-1‬أاله يقوم املعين يف ما بني ‪ 18‬سنة و‪ 21‬سنة ه‬
‫أو يُع هد عمال إرهابيا‪ ،‬يُدان فيه بعقوبة السجن مهما كانت مدهتا‪.‬‬
‫‪-2‬أاله يقوم أبي فعل يُكيف على أنه جرمية من اجلرائم الّت ح هددهتا املادة املذكورة‪ ،‬يدان فيها بعقوبة سجن انفدة مدهتا‬
‫تساوي أو تزيد عن ستة أشهر (‪.)1‬‬
‫تتضمن املادة ‪ 7-21‬السابقة‪ ،‬شرط‬
‫سن قانون ‪ 1993‬كان يهدف ان ه‬ ‫يتبني ممها سبق أ هن املشرع الفرنسي عندما ه‬
‫هكذا ه‬
‫التعبري عن اإلرادة من كل شخص يريد اكتساب اجلنسية الفرنسية على أساس امليالد واإلقامة يف فرنسا‪ .‬وذلك يعين أن‬
‫يؤكد هو نفسه تعلهقه ابجملتمع الفرنسي‪ ،‬ابالندماج فيه وبوالئه للدولة الفرنسية‪.‬‬
‫غ ري ا هن تقله ب اللعب ة السياس ية يف فرنس ا‪ ،‬وحبك م أّن ا دول ة ُمس تجلبة لألجان ب ق د أقح م اجلنس ية يف خض م‬
‫تل ك اللعب ة‪ ،‬إذ تض طر الس لطة السياس ية م ن وق ت آلخ ر اىل تكيي ف ق انون اجلنس ية م ع الظ روف السياس ية‪،‬‬
‫وم ع طبيع ة الق وى السياس ية املهيمن ة عل ى الس لطة التش ريعية (الربمل ان)‪ .‬تبع ا ل ذلك ف إ هن املش رع الفرنس ي ق د‬
‫يلج أ اىل املزاوج ة ب ني اإلرادة الض منية واإلرادة الص رحية الكتس اب اجلنس ية الفرنس ية عل ى أس اس امل يالد‬
‫واإلقامة يف فرنسا‪ ،‬وهذا ما نبيهنه أدانه‪.‬‬
‫‪ -)3‬االعتداد ابإلرادة الضمنية والصرحية يف آن واحد‪ :‬أعاد املشرع الفرنسي اكتساب اجلنسية الفرنسية بقوة القانون‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫نصت امل ادة‬
‫صوتت عليه أغلبي ة يسارية ‪ ،‬حيث ه‬
‫مبوجب القانون ‪ 98-170‬املؤرخ يف ‪ ، 1998/03/16‬الذي ه‬
‫‪ 7-21‬منه على أ هن ‪«:‬كل طفل ُولد يف فرنسا ألبوين أجنبيني يكتسب اجلنسية الفرنسية عند بلوغه سن الرشد ‪ ،‬إذا‬
‫كانت له يف هذا التاريخ إقامة يف فرنسا‪ ،‬أو كانت له إقامة معتادة يف فرنسا خالل فرتة متواصلة أو متقطعة ‪ ،‬ال تقل عن‬
‫مخس سنوات منذ سن احلادية عشرة»(‪ ،)3‬مل يشرتط املشرع الفرنسي يف هذا النص أن يكون التعبري عن اإلرادة صرحيا‪،‬‬
‫بل إ هن اكتساب اجلنسية الفرنسية يكون آليا مبجرد بلوغ املعين سن الرشد‪ ،‬لكنه منح املستفيد من اجلنسية إمكانية رفضها‪،‬‬
‫حسب املادة ‪ 8-21‬من نفس القانون‪ ،‬الّت جاء فيها‪« :‬للمعين إمكانية التصريح وفق الشروط املطلوبة يف املواد ‪ 26‬و‬
‫ما بعدها برفض الصفة الفرنسية خالل األشهر الستة الّت تسبق بلوغه سن الرشد‪ ،‬أو خالل اثنِي عشر شهرا الّت تلي‬
‫بلوغه سن الرشد ‪ ،‬مع التح هفظ أن يثبت أ هن له جنسية دولة أجنبية »(‪ ،)4‬فإذا مل يرفضها يف اآلجال احملددة له يكون قد‬
‫قبل اجلنسية الفرنسية ضمنيا‪ .‬لكن إذا اختار أن يرفضها حسب نفس املادة السابقة فال يتم قبول رفض اجلنسية الفرنسية‬
‫إاله إذا كان املعين متمتهعا جبنسية دولة أخرى‪ ،‬حّت ال يقع يف حالة انعدام اجلنسية‪.‬‬
‫نصت على أ هن‪« :‬كل شخص تتوفر فيه الشروط املنصوصة عليها يف املادة‬ ‫هأما املادة ‪ 9-21‬من ذات القانون فقد ه‬
‫ونصت الفقرة الثانية من‬
‫‪ 7-21‬الكتساب الصفة الفرنسية يفقد إمكانية رفضها‪ ،‬إذا تعاقد عامال يف اجليش الفرنسي»‪ .‬ه‬

‫(‪ -)1‬نفس املرجع السابق‪.‬‬


‫(‪-)2‬أنظر‪ :‬ب ‪ .‬مايري ‪ ، P.Mayer‬و ف ‪ .‬هوزي ‪ : V.Heuzé‬القانون الدويل اخلاص‪droit international privé édition , DELTA 2005‬‬
‫‪ 8e édition‬الفقرة ‪ 880‬ص‪.631‬‬
‫(‪ -)3‬أحكام قانون اجلنسية الفرنسية يف منت القانون املدين الفرنسي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.98‬‬
‫(‪ -)4‬نفس املرجع السابق ص ‪.101‬‬

‫‪51‬‬
‫انضم بصفة نظامية اىل اجليش الفرنسي بصفته عامال‪،‬‬ ‫نفس املدة على أن‪« :‬كل قاصر ُولد يف فرنسا ألبوين أجنبيني‪ ،‬ه‬
‫يكتسب اجلنسية الفرنسية ابتداءً من اتريخ االنضمام» (‪.)1‬‬
‫يتجلى ممها سبق أ هن املشرع الفرنسي قد اعت هد ابإلرادة الضمنية‪ ،‬الّت تعين قبول املعين اكتساب اجلنسية الفرنسية ابمليالد‬
‫واإلقامة يف فرنسا‪ ،‬مادام مل يرفضها يف اآلجال احملددة بنص املادة ‪ ،8-21‬بل إ هن هذا الرفض مقيهد‪ ،‬فلن يقبل منه إذا مل‬
‫يثبت أ هن له جنسية دولة أخرى‪ ،‬كما مل يقبل منه إذا كان قد اخنرط يف اجليش الفرنسي بصفته متعاقدا‪.‬‬
‫نصت على أ هن‪« :‬األحكام الواردة يف املادتني ‪ 7-21‬و ‪ 9-21‬ال تطبق على أطفال األعوان‬ ‫هأما املادة ‪ ،10-21‬فبعد ما ه‬
‫يؤدون مهامهم يف فرنسا بصفتهم تلك»‪،‬‬ ‫الدبلوماسيني والقنصليني األجانب‪ ،‬الذين ُولدوا يف فرنسا مادام هؤالء األعوان ه‬
‫ستقر العمل به يف هذا الشأن ‪ ،‬وكذلك االتفاقيات الدولية‪ ،‬حيث ُمتنع الدولة أن‬
‫وهذا يتوافق مع العرف الدويل الذي ا ه‬
‫تضفي من تلقاء نفسها جنسيتها على أبناء الدبلوماسيني الذين يُولدون على إقليمها‪ ،‬وأضافت الفقرة األخرية منها ‪:‬‬
‫تنص على‬
‫«غري أ هن هؤالء األطفال ميكنهم اكتساب اجلنسية الفرنسية إبرادهتم طبقا ألحكام املادة ‪ 11-21‬أدانه» ‪ ،‬الّت ه‬
‫أ هن ‪« :‬الولد القاصر املولود يف فرنسا ألبوين أجنبيني ‪ ،‬ميكنه ابتداءً من سن السادسة عشر أن يطلب اجلنسية الفرنسية‬
‫عن طريق تصريح‪ ،‬وفق الشروط املنصوص عليها يف املواد ‪ 26‬و ما بعدها ‪ ،‬إذا كانت له وقت التصريح إقامة يف فرنسا‪،‬‬
‫وإذا كانت له إقامة معتادة فيها خالل فرتة متواصلة أو غري متواصلة ‪ ،‬ال تقل عن مخس سنوات منذ سن احلادية عشرة»‪،‬‬
‫ونصت الفقرة الثانية من نفس املادة ‪ 11-21‬أنهه «وفق نفس الشروط ميكن طلب اجلنسية الفرنسية ابسم الطفل القاصر‬ ‫ه‬
‫املولود يف فرنسا ألبوين أجنبيني ابتداءً من سن الثالثة عشر وبرضاه الشخصي ‪ ،‬بشرط أن تكون اإلقامة املعتادة يف فرنسا‬
‫متوفهرة فيه ابتداءً من سن الثامنة»(‪.)2‬‬
‫هكذا يتبني أ هن املشرع الفرنسي يف قانون ‪ 1998‬السابق ذكره‪ ،‬قد زاوج بني اإلرادة الضمنية واإلرادة الصرحية الكتساب‬
‫اجلنسية الفرنسية على أساس اإلقامة يف فرنسا‪ ،‬فأخذ يف املادة ‪ 7-21‬ابإلرادة الضمنية‪ ،‬حيث يكتسب املعين اجلنسية‬
‫الفرنسية بشروط معيهنة دون حاجة اىل تصريح إرادي‪ ،‬مع إمكانية رفضها حسب املادة ‪ .8-21‬وأخذ يف املادتني ‪-21‬‬
‫‪ 10‬و‪ 11-21‬ابإلرادة الصرحية‪ ،‬حيث ال تكتسب اجلنسية الفرنسية هإال بتصريح إرادي لكن برضا املعين‪ ،‬مع مراعاة توفهر‬
‫الشروط الالزمة لذلك‪.‬‬
‫لكن التقلبات السياسية يف فرنسا‪ ،‬الّت تفرضها عملية التداول على السلطة بني اليسار واليمني‪ ،‬تؤدي دائما اىل ّتفيف‬
‫شروط دخول األجانب يف اجلنسية الفرنسية يف حالة فوز اليسار‪ ،‬أو اىل التهشديد يف الشروط يف حالة فوز اليمني (‪.)3‬‬
‫مهما يكن من أمر‪ ،‬ففي كل احلاالت حرص املشرع الفرنسي‪ ،‬وحيرص أن يكون من يكتسب اجلنسية الفرنسية مرتبطا‬
‫ارتباطا وثيقا بدولة فرنسا‪ ،‬ومندجما كلهيا يف اجملتمع الفرنسي‪ ،‬وهذا ما يتوافق مع فكرة الفعلية أو الواقعية يف اجلنسية‪.‬‬

‫(‪ -)1‬نفس املرجع السابق‪.‬‬


‫(‪-)2‬نفس املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 101‬و‪.102‬‬
‫(‪-)3‬أنظر ‪:‬ب ‪ .‬ماي ي ر ‪ ،‬و ف ‪ .‬هوزي ‪ ،‬نفس املرجع السابق‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫اثنيا‪-‬اكتساب اجلنسية ابلتجنس‪:‬‬
‫يُع هد التجنهس من أهم طرق اكتساب اجلنسية‪ ،‬الّت تلحق الفرد بعد ميالده‪ .‬وهو طريق مفتوح لكل أجنيب يقيم يف إقليم‬
‫ض النظر عن جنسه‪ ،‬ذكرا كان أم أنثى‪ .‬وهو يعين حصول الفرد على‬ ‫دولة ما ويريد الدخول يف جنسيتها إبرادته‪ ،‬بغ ه‬
‫(‪)1‬‬
‫أي‬
‫أي رابطة قانونية سابقة على دخوله يف جنسيتها ‪ ،‬لكن الدخول يف جنسية ه‬ ‫جنسية دولة ما‪ ،‬مل تكن تربطه هبا ه‬
‫دولة يكون وفق الشروط الّت تضعها الدولة املعنية‪ ،‬وبناءً على طلب صريح من املعين‪ ،‬على أن توافق الدولة على دخوله‬
‫يف جنسيتها ‪ .‬وعلى هذا ال يكون التجنهس إاله بتالقي إرادتني‪ ،‬إرادة الدولة من جهة‪ ،‬وإرادة الفرد من جهة أخرى‪ ،‬وذلك‬
‫احملصلة يع هد التجنهس منحة من الدولة لألجنيب‬
‫أبن يكون هناك إجياب من طالب التجنهس‪ ،‬وقبول من الدولة‪ ،‬لكن يف ه‬
‫الذي يطلب جنسيتها‪ .‬خيضع قرار منحها اىل سلطتها التقديرية‪ ،‬فهي ليست ملزم ة مبنحها تلقائي ا مبجرد ما تتوفهر‬
‫الشروط الّت تشرتطها الكتساب جنسيتها ابلتجنهس‪ ،‬بل ميكنها رفض طلب التجنهس دون تقدمي تربيرات الرفض‪ .‬إ هن‬
‫السلطة التقديرية للدولة يف منح جنسيتها ابلتجنس‪ ،‬أمر الزم لتتم هكن من مراقبة وحتديد األجانب الذين يدخلون يف‬
‫جنسيتها‪ ،‬مبا يتالءم مع حاجاهتا‪ ،‬وأغراضها السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬أل هن املصلحة العامة للدولة هي‬
‫الّت تتح هكم يف مسألة التجنس جبنسيتها‪.‬‬
‫يُدرج املشرع الفرنسي يف الوقت احلايل التجنس حتت عنوان «اكتساب اجلنسية الفرنسية بقرار من السلطة العامة»(‪،)2‬‬
‫جل التشريعات يف العامل على شروط معيهنة للتجنهس تش هكل قامسا مشرتكا بينها‪ ،‬منها شرط األهلية والشروط‬
‫وتتهفق ه‬
‫الالزمة الندماج األجنيب املتجنس يف اجلماعة الوطنية والشروط اخلاصة حبماية وسالمة جمتمع الدولة‪ .‬نشرحها‬
‫إبجياز فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -)1‬شرط األهلية‪:‬‬
‫هو شرط شخصي يتوقف على الشخص نفسه‪ ،‬يقضي أبن ال يتم التجنهس إاله على أساس عمل إرادي من جانب‬
‫الفرد‪ ،‬الذي يرغب أن يدخل يف جنسية دولة ما‪ ،‬وذلك بتقدمي طلب هلا‪ ،‬يعرب فيه عن إرادته صراحة للدخول يف‬
‫جنسيتها‪.‬‬
‫ل هما كان التجنس نظاما قانونيا تضعه الدولة إبرادهتا املنفردة‪ ،‬جتعل له شروطا معيهنة‪ ،‬تستلزمها فيمن يريد أن يتجنهس‬
‫جبنسيتها‪ ،‬فإ هن من ضمن هذه الشروط الّت جيب أن تتوفهر بداهة يف طالب التجنهس هو شرط األهلية الالزمة للتعبري عن‬
‫إرادته‪ ،‬وهي أهلية األداء‪ ،‬الّت تعين بلوغ املعين سن الرشد‪ ،‬الّت متكنه من اإلفصاح عن ارادته‪ ،‬مّت مل يشبها أي عارض‬
‫تدق فيه مسألة تعيني القانون الذي يُعتمد عليه‬
‫من عوارض األهلية‪ .‬لكن ما دام التجنس يُع هد من األعمال اإلرادية‪ ،‬فقد ه‬

‫(‪-)1‬راجع‪ :‬الرابطة بني الفرد والدولة ‪ ،‬رسالتنا ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ 62‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ ، » Acquisition de la nationalité française par décision de l’autorité publique «-)2‬املواد من ‪ 1-14-21‬اىل ‪ 1-25-21‬من‬
‫القانون املدين الفرنسي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 104‬إىل ‪.109‬‬

‫‪53‬‬
‫يف حتديد أهلية طالب التجنهس‪ ،‬هل هو قانونه الشخصي‪ ،‬أي قانون الدولة الّت ينتمي اليها ابجلنسية وقت تقدمي طلب‬
‫التجنس‪ ،‬أم هو قانون الدولة الّت يسعى للدخول يف جنسيتها‪ ،‬أم مها معا (‪ )1‬؟‪.‬‬
‫لإلجابة عن هذه األسئلة ينبغي التذكري أب هن األهلية كقاعدة عامة يف حالة تنازع القوانني دوليا من حيث املكان‪ ،‬تتح هدد‬
‫بناءً على القانون الشخصي للفرد‪ ،‬وهذا ما نصت عليه املادة ‪ 10‬من القانون املدين اجلزائري املعدل‪ ،‬والساري املفعول‬
‫حاليا‪ ،‬حيث جاء يف فقرهتا األوىل‪« :‬يسري على احلالة املدنية لألشخاص وأهليتهم قانون الدولة الّت ينتمون اليها‬
‫جبنسيتهم»‪ ،‬فاألهلية حسب هذا النص يطبهق عليها قانون الدولة الّت ينتمي إليها الشخص ابجلنسية‪ ،‬ولكن كيف يستقيم‬
‫هذا النص مع طبيعة املسألة الّت حنن بصدد معاجلتها؟ فمن غري املنطقي أن تتح هدد أهلية الشخص يف مسألة التجنهس‬
‫طبقا لقانون الدولة الّت حيمل جنسيتها وقت تقدمي طلب التجنس‪ ،‬يف حني أ هن ُمراده هو الدخول يف جنسية دولة أخرى‪،‬‬
‫لذا نرى أ هن القانون الذي جيب أن يؤخذ به لتحديد أهلية طالب التجنس هو قانون الدولة الّت يُراد الدخول يف جنسيتها‪،‬‬
‫نتصور أ هن املشرع الوطين يف أي دولة‪ ،‬وهو يضع‬
‫أل هن ذلك يتوافق مع مبدإ سيادة الدولة يف مادة اجلنسية‪ ،‬فال ميكن أن ه‬
‫الشروط اخلاصة ابلتجنهس‪ ،‬قد ف هكر ولو للحظة أ هن شرط األهلية جيب أن يتوفهر طبقا لقانون آخر غري قانون دولته‪.‬‬
‫سن شروط‬ ‫فتحديد األهلية طبقا لقانون الدولة الّت يُراد الدخول يف جنسيتها يتماشى مع ما قصده املشرع عندما ه‬
‫التجنهس‪ .‬وكان من األفضل لو أ هن املشرع اجلزائري نص صراحة على أ هن سن الرشد يف مسألة التجنس ابجلنسية اجلزائرية‬
‫تتح هدد طبقا للقانون اجلزائري وحده‪.‬‬
‫‪ -)2‬الشروط الالزمة لالندماج يف اجلماعة الوطنية‪:‬‬
‫تتوخى من خالهلا التأكد من اندماجه يف‬
‫تشرتط التشريعات يف الدول املختلفة شروطا معينة يف طالب التجنس‪ ،‬ه‬
‫مجاعتها الوطنية‪ ،‬تتلخص يف شرطني أساسيني مها‪:‬‬
‫‪-1‬شرط اإلقامة‪:‬‬
‫تشرتط جل التشريعات يف دول العامل املختلفة على األجنيب الذي يريد أن يتجنهس جبنسية دولة ما‪ ،‬أن يكون مقيما‬
‫يف إقليمها‪ ،‬خالل مدة معينة‪ّ ،‬تتلف الدول يف حتديد آجاهلا قصرا أو طوال‪ ،‬بل إ هن مدة اإلقامة املشرتطة قد ّتتلف يف‬
‫الدولة الواحدة من فرتة زمنية اىل أخرى‪.‬‬
‫كمثال على ذلك كان القانون الفرنسي قدميا‪ ،‬قبل سنة ‪ 1848‬حي هدد م هدة اإلقامة املشروطة للدخول يف اجلنسية الفرنسية‬
‫ابلتجنهس بعشر (‪ )10‬سنوات‪ ،‬مثه ل هم ا صدر املرسوم املؤرخ يف ‪ُ 1848/03/28‬خ هفضت اىل مخس(‪ )5‬سنوات‪ ،‬لكن كثرة‬
‫طلبات التجنس ابجلنسية الفرنسية دفعت السلطات الفرنسية اىل اصدار قوانني ‪13‬و‪ 21‬نوفمرب و‪ 3‬ديسمرب سنة ‪1849‬‬
‫رفعت مبوجبها اإلقامة من جديد اىل عشر (‪ )10‬سنوات مع اشرتاط التوطّن يف فرنسا‪ ،‬وموافقة جملس الدولة (‪ .)2‬مل يلبث‬
‫األمر على تلك احلالة إاله سنوات قليلة‪ ،‬مث قُلهصت مدة اإلقامة اىل ثالث(‪ )3‬سنوات مبوجب قانون ‪،1867/06/29‬‬
‫لكن قانون اجلنسية الصادر يف ‪ 26‬جوان ‪ 1889‬أنقص مدة التجربة يف بعض احلاالت اىل سنة واحدة ملواجهة نقص‬

‫(‪-)1‬انظر‪ :‬د‪ .‬فؤاد عبد املنعم ري اض‪ ،‬أصول اجلنسية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الفقرة ‪ ، 58‬ص ‪66‬و‪.67‬‬
‫(‪ -)2‬انظر‪ :‬ابتيفول والغارد ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬الفقرة ‪، 112‬ص ‪.130‬‬

‫‪54‬‬
‫املواليد(‪ ، )1‬وأيضا الستيعاب املستوطنني من جنسيات أوروبية خمتلفة ‪ ،‬الذين شاركوا يف استيطان اجلزائر بعد احتالهلا‬
‫وضمها عُنوة اىل فرنسا‪.‬‬
‫ه‬
‫هأما قانون اجلنسية الفرنسية الصادر سنة ‪ 1927‬فقد جعل مدة اإلقامة ثالث (‪ )3‬سنوات مع تقليصها اىل سنة واحدة‬
‫يف حاالت خاصة‪ ،‬بل اإلعفاء منها كليا يف حاالت جديدة (‪.)2‬‬
‫هكذا تعترب مدة اإلقامة يف التجنس فرتة جتربة لكل فرد يرتشح للدخول يف جنسية دولة ما ابلتجنس‪ ،‬تسمح له أن‬
‫حيتك أبفراد جمتمع الدولة‪ ،‬وأن يندمج فيه تدرجييا عن طريق اكتساب العادات‪ ،‬والتقاليد‪ ،‬واألعراف‪ ،‬والتأثهر ابلقيم‬‫ه‬
‫الروحية‪-‬الدينية والثقافية السائدة يف اجملتمع‪ ،‬والتطبهع بطبائعه‪ .‬كل ذلك يدل على مدى اندماج طالب التجنهس يف اجملتمع‬
‫الذي يرغب أن يكون عضوا فيه‪ ،‬يسمح للدولة املعنية التأكد من درجة اندماجه أو من عدمه‪ .‬ميكن للدولة كما ن هوهنا‬
‫آنفا أن ُّت هفض من شرط مدة اإلقامة التجريبية ألشخاص يتوفهرون على مؤهالت مميهزة هلم‪ ،‬أو ظروف خاصة هبم ال تتوفهر‬
‫يف غريهم من املتجنسني ابلشروط العادية‪ ،‬بل تعفيهم كليها من شروط التجنهس وهذا ما يُعرف ابلتجنهس االستثنائي‪.‬‬
‫أدرج املشرع الفرنسي احكام قانون اجلنسية الفرنسية الساري حاليا يف منت القانون املدين الفرنسي كما سبق أن ذكران‬
‫نصت املادة ‪ 17-21‬منه على ا هن التجنس ميكن أن مينح لألجنيب الذي يثبت إقامة معتادة يف فرنسا‬ ‫فيما سلف‪ .‬فقد ه‬
‫نصت على أ هن مدة اإلقامة مخس (‪)5‬‬‫خالل مخس (‪ )5‬سنوات السابقة على تقدمي الطلب‪ ،‬غري أن املادة ‪ 18-21‬منه ه‬
‫نصت عليها املادة ‪ 17-21‬السابقة ُّت هفض اىل سنتني‪:‬‬
‫سنوات الّت ه‬
‫‪ -‬ابلنسبة لألجنيب الذي أجنز بنجاح سنتني من الدراسات العليا‪ ،‬بغرض احلصول على دبلوم يسلم له من جامعة فرنسية‪،‬‬
‫أو مؤسسة تعليمية عليا فرنسية‪ ،‬حسب املادة ‪.1°/18-21‬‬
‫‪ -‬ابلنسبة لألجنيب الذي ق هدم أو ميكن أن يق هدم مبا لديه من مؤهالت وعبقرايت خدمات ذات أمهية قصوى لفرنس ا‬
‫(‪)3‬‬
‫لنص املادة ‪ 1/63‬من قانون اجلنسية الفرنسية الصادر ‪.)4(1973‬‬
‫(املادة ‪ . )2°/18-21‬وهذا النص مطابق ه‬
‫تضمنت فكرتني أساسيتني‪:‬‬ ‫نستخلص من املادة ‪ 18-21‬أّنا ه‬
‫أ‪-‬الفكرة األوىل نستش هفها من الفقرة األوىل‪ ،‬تفيد أن حصول أي فرد أجنيب على تكوين عايل املستوى يف إحدى اجلامعات‬
‫الفرنسية‪ ،‬أو يف أي مؤسسة من مؤسسات التعليم العايل الفرنسي‪ ،‬مع اإلقامة املعتادة يف فرنسا ملدة سنتني يع هد كافيا‬
‫الفرتاض اندماجه يف اجملتمع الفرنسي‪.‬‬

‫(‪ -)1‬نفس املرجع السابق‪.‬‬


‫(‪ -)2‬نفس املرجع السابق‪.‬‬
‫(‪ -)3‬أحكام قانون اجلنسية الفرنسية يف منت القانون املدين الفرنسي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.106‬‬
‫(‪ -)4‬أنظر ‪ :‬ابتيفول والغارد ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬الفقرة ‪ ، 114‬ص ‪.133‬‬

‫‪55‬‬
‫ب – الفكرة الثانية الّت تضمنتها الفقرة الثانية من نفس املادة‪ ،‬وهي فسح اجملال أمام السلطات اإلدارية الفرنسية لتسريع‬
‫جتنهس األفراد الذين تتوفهر فيهم املؤهالت والعبقرية‪ ،‬الّت ال تتوفهر يف غريهم إذا رغبوا الدخول يف اجلنسية الفرنسية بشرط‬
‫أن يكونوا قد ق هدموا فعال‪ ،‬أو ميكن أن يقدموا مستقبال خدمات تتحقق معها مصلحة الدولة الفرنسية‪.‬‬
‫مل يكت ف املش رع الفرنس ي مب ا س بق بيان ه أع اله‪ ،‬ب ل إنه ه م نح للدول ة الفرنس ية إمكاني ة إعف اء بع ض األف راد م ن‬
‫ش رطي اإلقام ة والس ن‪ ،‬ال واجبتني للتج نس مراعي ا يف ذل ك م دى م ا حت هق ق أو م ا س يتح هقق هل ا م ن مص احل‬
‫نص ت علي ه امل ادة ‪ 19-21‬يف ص درها ويف فقراهت ا‬ ‫سياس ية‪ ،‬اقتص ادية‪ ،‬ثقافي ة‪ ،‬اجتماعي ة وحض ارية‪ ،‬وذل ك م ا ه‬
‫ذات الصلة مبوضوعنا‪ ،‬حيث جاء فيها‪« :‬ميكن أن يتجنهس دون شرط التجربة‪:‬‬
‫‪-1°‬الطفل القاصر الذي بقي أجنبيا رغم اكتساب أحد أبويه اجلنسية الفرنسية‪،‬‬
‫‪-2°‬الزوج والطفل الراشد لشخص يكتسب أو اكتسب اجلنسية الفرنسية‪،‬‬
‫‪-3°‬ملغاة‪.‬‬
‫‪ -4°‬األجنيب الذي أدى فعليا خدمات عسكرية يف وحدة من وحدات اجليش الفرنسي أو الذي تعاقد إبرادته يف أوقات‬
‫احلرب للعمل يف اجليش الفرنسي أو يف جيش احللفاء‪،‬‬
‫‪-5°‬التابع ‪ ،ressortissant‬أو الذي كان فيما مضى اتبعا ِألقاليم ودول كانت فرنسا قد مارست عليها السيادة‪،‬‬
‫سواء كان ذلك محاية ‪ ،‬انتدااب ‪ ،‬أو وصاية ‪،‬‬
‫‪-6°‬األجنيب الذي قدم خدمات استثنائية لفرنسا‪ ،‬أو الذي يكون يف جتنهسه فائدة استثنائية لفرنسا‪ .‬يف هذه احلالة ال‬
‫ميكن اصدار مرسوم التجنس إاله بعد ابداء جملس الدولة رأيه يف ذلك استنادا اىل تقرير مسبهب من الوزير املختهص‪،‬‬
‫املتضمن إنشاء‬
‫ه‬ ‫‪-7°‬األجنيب الذي حصل على صفة الجئ تطبيقا للقانون رقم ‪ 893-52‬املؤرخ يف جويلية ‪،1952‬‬
‫ديوان فرنسي حلماية الالجئني وعدميي اجلنسية»‪.‬‬
‫هذه املادة اعفت مجيع من جتنس ابجلنسية الفرنسية وفقها من شرط اإلقامة يف فرنسا‪ .‬إ هن إمكانية التجنهس ابجلنسية‬
‫الفرنسية حسب هذه املادة مع اإلعفاء من شرط اإلقامة‪ ،‬قد ُمنحت لكل املذكورين فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬األطفال القصر الذين بقوا أجانب رغم اكتساب أحد األبوين اجلنسية الفرنسية‪.‬‬
‫‪ -‬الزوج والطفل الراشد لشخص اكتسب اجلنسية الفرنسية أو مرشح الكتساهبا‪ .‬والظاهر ممها سبق أن املشرع الفرنسي قد‬
‫أخذ يف حسبانه مسألة النمو الدميوغرايف الذي تعاين منه فرنسا‪.‬‬
‫‪ -‬كل أجنيب هأد ى خدمات عسكرية فعال يف وحدة من وحدات اجليش الفرنسي‪ ،‬أو تعاقد يف أوقات احلرب إبرادته‬
‫للعمل يف اجليش الفرنسي‪ ،‬أو يف جيش احللفاء‪ ،‬جزاءً له على ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬كل شخص اتبع لفرنسا أو كان فيما مضى اتبعا ألحد األقاليم الّت خضعت لسيطرهتا االستعمارية‪ ،‬وبسطت عليه‬
‫فرنسا سيادهتا‪ ،‬أو كان اتبعا إلحدى الدول الّت كانت خاضعة لفرنسا حتت عنوان احلماية‪ ،‬أو االنتداب‪ ،‬أو الوصاية‪.‬‬
‫مثل هذا املسلك من املشرع الفرنسي‪ ،‬إهّنا كان يهدف اىل حتقيق أغراض دميوغرافية‪ ،‬وسياسية وثقافية لغوية ترمي اىل‬
‫لعل ذلك يبقيها اتبعة هلا بصفة دائمة‪.‬‬
‫تعزيز نفوذ فرنسا يف مستعمراهتا السابقة ه‬

‫‪56‬‬
‫‪ -‬كل أجنيب قدم خدمات استثنائية لفرنسا واستوثقت منها‪ ،‬وأيضا كل أجنيب يكون يف جتنسه فائدة استثنائية لفرنسا يف‬
‫املستقبل‪ .‬الن أي دولة تسعى دائما اىل ضم أشخاص أجانب تستفيد منهم علميا‪ ،‬اقتصاداي‪ ،‬ثقافيا‪ ،‬أمنيا‪ ،‬اىل غري ذلك‬
‫من الفوائد الّت جتنيها الدول من متجنسني يتوفهرون على ُمؤهالت ومميهزات ال تتوفهر يف غريهم‪ .‬كل ما ذكرانه يف املادة‬
‫أعاله هو خاص ابألجانب الذين يتجنسون ابجلنسية الفرنسية جتنهسا استثنائيا‪.‬‬
‫‪ -‬كل أجنيب يتحصل على صفة الجئ سياسي‪ ،‬أو كان عدمي اجلنسية وهذا يتوافق مع املواثيق الدولية‪.‬‬
‫هكذا يتجلهى من كل ما سبق أ هن مدة اإلقامة املشرتطة للتجنس تعترب فرتة جتريبية للتأكد من اندماج طالب التجنس يف‬
‫جمتمع الدولة ‪ ،‬وقد ّت هفض أو يعفى منها ‪ ،‬إذا ما توفهرت عوامل تشري اىل سرعة اندماجه ‪ ،‬أو إذا ما أفصح سلوكه يف‬
‫حياته العامة واخلاصة أنه قد اندمج فعال يف جمتمع الدولة‪.‬‬
‫‪-2‬شرط االندماج‪:‬‬
‫ستدل عليه ابإلقامة الطويلة يف إقليم‬
‫ال تكتفي الدول بشرط اإلقامة التجريبية لذاهتا ‪ ،‬كشرط وحيد لالندماج الذي يُ ه‬
‫الدولة‪ ،‬بل تضيف عوامل أخرى تدل عليه ‪ ،‬ومن بني أهم العوامل الدالة على اندماج طالب التجنهس يف اجلماعة الوطنية‪،‬‬
‫نصت عليها بعض التشريعات املقارنة إتقانه لغة الدولة الّت يريد اكتساب جنسيتها ‪ ،‬ويف هذا الشأن مل يكتف املشرع‬ ‫الّت ه‬
‫املصري بشرط اإلقامة ملدة عشر(‪ )10‬سنوات متواصلة يف مصر للتح هقق من اندماج األجنيب الراغب يف التجنهس ابجلنسية‬
‫ملما ابللغة العربية(‪ ، )1‬وأمر اإلملام ابللغة العربية مرتوك‬
‫املصرية يف اجلماعة الوطنية ‪ ،‬بل استلزم اىل جانب ذلك أن يكون ه‬
‫لتقدير السلطة العامة ‪ .‬كما جاء يف املادة ‪ 4/12‬من قانون اجلنسية األردنية «أن يعرف اللغة العربية قراءة وكتابة» (‪.)2‬‬
‫هأما املشرع الفرنسي فكان أكثر حسما ووضوحا يف هذه املسألة‪ .‬ففي ميدان التمكني الثقايف واللغوي ‪ ،‬واحلفاظ على‬
‫نصت املادة ‪ 20-21‬من قانون اجلنسية الفرنسية على أن‪ « :‬ميكن أن يتجنهس‬ ‫تبعية املستعمرات السابقة لغواي وثقافيا ه‬
‫دون شرط التجربة ‪ ،‬الشخص الذي ينتمي اىل النخبة الثقافية واللغوية الفرنسية ‪ ،‬إذا كان اتبعا لألقاليم ‪ ،‬أو الدول الّت‬
‫تع هد فيها اللغة الفرنسية لغة رمسية ‪ ،‬أو هي إحدى اللغات الرمسية فيها ‪ ،‬سواء عندما تكون اللغة الفرنسية هي لغته عن‬
‫تدرس‬
‫يربر أنهه درس ملدة مخس(‪ )5‬سنوات على األقل يف إحدى املؤسسات التعليمية الّت ه‬ ‫طريق االمومة ‪ ،‬أو عندما ه‬
‫ابللغة الفرنسية »(‪ ، )3‬بل إ هن املشرع الفرنسي ذهب أبعد من ذلك عندما أعطى يف املادة ‪ 21-21‬من نفس القانون‬
‫لكل أجنيب ق هدم طلبا‬
‫السابق الذكر ‪ ،‬إمكانية منح اجلنسية الفرنسية ابلتجنهس دون شروط ‪ ،‬ابقرتاح من وزير اخلارجية‪ ،‬ه‬
‫بذلك إذا كان لسانه فرنسيا ‪ ، Francophone‬والذي يساهم أبعماله املستح هقة يف إشعاع فرنسا ‪ ،‬ويف ازدهار عالقاهتا‬
‫االقتصادية الدولية(‪.)4‬‬

‫(‪ -)1‬أنطر‪-:‬د‪ .‬هشام علي صادق ‪ ،‬القانون الدويل اخلاص ‪ ،‬دار الفكر اجلامعي االسكندرية ‪ ،‬ص ‪60‬و‪.61‬‬
‫‪ -‬وأيضا د‪ .‬حفيظة السيد احلداد‪ ،‬مدخل اىل اجلنسية ومركز األجانب‪ ،‬دار املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،2007‬ص ‪.173‬‬
‫(‪-)2‬أنظر ‪ -:‬د‪ .‬عامر حممود الكسواين ‪ ،‬اجلنسية واملوطن ومركز األجانب ‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع ‪ ،‬عمان ‪ ،2010‬ص ‪.173‬‬
‫(‪ -)3‬أحكام قانون اجلنسية الفرنسية يف منت القانون املدين الفرنسي ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.107‬‬
‫(‪-)4‬نفس املرجع السابق‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫نصت املادة ‪ 24-21‬من نفس‬ ‫هأما ابلنسبة لألشخاص العاديني الذين يرغبون يف التجنهس ابجلنسية الفرنسية فقد ه‬
‫يربر تشبهه ‪ son assimilation‬ابجلماعة‬ ‫القانون على أ هن‪« :‬ما من أحد ميكنه أن يتجنهس ابجلنسية الفرنسية مامل ه‬
‫(‪)1‬‬
‫تتم عن طريق تعلهمها‬
‫الفرنسية‪ ،‬خاصة مبعرفته معرفة كافية للغة الفرنسية »‪.‬الشك أ هن معرفة اللغة الفرنسية معرفة كافية ه‬
‫وعن طريق املعايشة الطويلة للفرنسيني ‪ ،‬وهكذا جعل املشرع الفرنسي املعرفة الكافية للغة الفرنسة أحد أهم العوامل ‪ ،‬بل‬
‫أمههها على اإلطالق ‪ ،‬الّت تؤ هشر على التشبهه ابلفرنسيني واالندماج يف مجاعتهم ‪ .‬وهي مسألة ّتضع لتقدير السلطة‬
‫اإلدارية حتت رقابة القضاء اإلداري‪ ،‬فال ميكن لِمن ال يعرف اللغة الفرنسية معرفة تؤهلهه لالندماج يف اجملتمع الفرنسي أن‬
‫يطمح يف احلصول على اجلنسية الفرنسية ابلتجنس‪ .‬فاللغة هي مفتاح الولوج اىل احلظرية الوطنية الفرنسية مبفهومها‬
‫احلضاري الديين‪ ،‬الثقايف‪ ،‬االقتصادي‪ ،‬االجتماعي والسياسي‪ ،‬وفهم ما جيري فيها‪ .‬فهي أداة اكتساب القيم والعادات‬
‫والتقاليد واألعراف‪ ،‬واألفكار واملثل والسلوك والطبائع‪ ،‬وبصورة عامة هي أداة التهوطني احلضاري والوجداين‪ ،‬الذي يُولهِد‬
‫اإلحساس ابالنتماء الفعلي للدولة وجمتمعها ‪ .‬فال نعجب أن جعلت فرنسا معرفة اللغة الفرنسية أهم عنصر من عناصر‬
‫االندماج على اإلطالق‪ ،‬وما أكثر املتجنسني املندجمني اليوم يف فرنسا بسبب اللغة‪ .‬فاإلقامة يف التشريع الفرنسي ليست‬
‫دائما شرطا الزما يف كل حاالت التجنس ابجلنسية الفرنسية‪ ،‬هأما اللغة الفرنسية فهي شرط الزم يف كل حاالت التجنس‪.‬‬
‫اثلثا‪-‬الشروط اخلاصة حبماية وسالمة جمتمع الدولة‪:‬‬
‫هناك شروط أخرى خاصة حبماية وسالمة جمتمع الدولة‪ ،‬اىل جانب شرط االهلية والشرطني اخلاصني ابالندماج ومها‬
‫اإلقامة ملدة معينة يف إقليم الدولة املعنية وشرط االندماج يف جمتمع الدولة‪ ،‬اللذين أوضحنامها أنفا‪.‬‬
‫كل دولة تسعى اىل ضم العناصر األجنبية الصاحلة جملتمعها‪ ،‬وتنبذ من ال تراه أهال حلمل جنسيتها‪ .‬هلذا تشرتط يف من‬
‫يرغب أن يتجنس جبنسيتها أاله يكون يف جتنسه مساس ابملصاحل األساسية هلا‪ ،‬أو لكياّنا االجتماعي واالقتصادي‬
‫والسياسي‪ ،‬وأبمنها العام بصفة عامة‪ .‬من هذه الشروط ما يلي‪:‬‬
‫‪ -)1‬أن تتوفّر يف طالب التجنّس حياة طيبة وأخالق حسنة‪:‬‬
‫نص املشرع الفرنسي يف املادة ‪ 23-21‬من قانون اجلنسية الفرنسية على أن ‪«:‬ال ميكن أن يتجنهس من مل تكن‬
‫فقد ه‬
‫له حياة طيهبة وأخالق حسنة ‪ ، Bonne vie et mœurs‬أو إذا كان قد صدر يف ح هقه إحدى اإلداانت املنصوص عليها‬
‫(‪)2‬‬
‫تضمنت املادة ‪ 27-21‬احلاالت الّت ُمتنع فيها اجلنسية الفرنسية املكتسبة‬
‫يف املادة ‪ 27-21‬من هذا القانون» ‪ ،‬فقد ه‬
‫تعرض إلدانة عن جناية أو‬
‫يسرتدها من ه‬
‫فنصت على أن‪« :‬ال ميكن أن يكتسب اجلنسية أو ه‬ ‫عن األجانب بصفة عامة ‪ ،‬ه‬
‫جنحة تُشكل مساسا ابملصاحل األساسية لألمة ‪ ،‬أو عن عمل إرهايب مهما كان اجلرم املرتكب ‪ ،‬إذا ما أُدين بعقوبة‬
‫تساوي أو تزيد عن ستة أشهر سجنا انفذا» ‪ ،‬وأضافت نفس املادة ‪«:‬أيضا كل من صدر يف حقه سواء قرار ابإلبعاد‬
‫برمته‪...‬وكل من أقام يف فرنسا بصفة غري‬
‫الذي مل يتم أتجيله أو إلغاؤه ‪ ،‬أو ابملنع من األراضي الفرنسية حّت لو مل يُن هفذ ه‬

‫(‪-)1‬نفس املرجع السابق‪.‬‬


‫(‪ -)2‬نفس املرجع السابق‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫نظامية خالفا للقوانني واالتفاقيات املتعلقة إبقامة األجانب يف فرنسا»(‪ ،)1‬كل من دخل يف احدى احلاالت السابقة يعترب‬
‫غري جدير حبمل اجلنسية الفرنسية املكتسبة مبا يف ذلك اكتساهبا ابلتجنس‪.‬‬
‫من جهته اشرتط املشرع املصري على األجنيب الراغب يف اجلنسية املصرية ابلتجنهس أن يكون حسن السلوك‪ ،‬حممود‬
‫السرية‪ ،‬مل يسبق احلكم عليه بعقوبة جنائية‪ ،‬أو بعقوبة مقيهدة للحرية يف جرمية خملة ابلشرف مامل يكن قد ُرد اليه اعتباره(‪.)2‬‬
‫نص املشرع األردين يف قانون اجلنسية األردنية يف املادة ‪ 12‬الفقرة الثانية‪ ،‬أاله يكون الراغب يف اجلنسية األردنية‬
‫كما ه‬
‫ماسة ابلشرف واألخالق» (‪.)3‬‬ ‫ابلتجنس «حمكوم عليه أبية جرمية ه‬
‫وذهب املشرع السعودي يف نفس املنحى‪ ،‬يف املادة التاسعة الفقرة الرابعة من نظام اجلنسية العربية السعودية لسنة‬
‫‪ 1374‬ه‪ ،‬املعدلة بتاريخ ‪ 8‬مجادي األوىل ‪ 1387‬ه‪ ،‬حيث جاء فيها أ هن الراغب يف التجنس «جيب أن يكون حسن‬
‫السرية والسلوك‪ ،‬ومل يسبق احلكم عليه بعقوبة خيانة‪ ،‬أو بعقوبة احلبس يف جرمية خملة ابلشرف ملدة تزيد عن ستة أشهر»(‪.)4‬‬
‫يتبني من هذا الشرط أن الدول حتجب جنسيتها ابلتجنهس عن األجانب الذين يقومون أبفعال تُكيهف على أ هّنا جرائم‬ ‫ه‬
‫ّتل ابألمن والنظام واالستقرار االجتماعي‪ ،‬فتعتربهم‬
‫وتصدر يف ح هقهم أحكام ابلسجن‪ ،‬أو أّنم اجرتحوا أعماال وتصرفات ه‬
‫غري مأموين اجلانب إذا انضموا اىل جمتمعاهتا لِما حيملون من هتديد لألمن والسلم االجتماعيني فيها‪.‬‬
‫‪ )2‬شرط سالمة اجلسد والعقل‪:‬‬
‫تشرتط الدول يف طالب التجنس جبنسيتها‪ ،‬أن يكون سليم اجلسد والعقل‪ .‬على سبيل املثال استلزم املشرع املصري‬
‫أن يكون املعين «سليم العقل غري مصاب بعاهة جتعله عالة على اجملتمع» (‪ .)5‬ونفس املوقف تبناه املشرع األردين يف املادة‬
‫‪ 12‬الفقرة ‪ ،6‬حيث جاء نصها مطابقا للنص املصري السالف (‪ ،)6‬ونفس النص هقرره املشرع السعودي يف املادة ‪ 9‬الفقرة‬
‫األوىل من قانون اجلنسية السعودية السابق ذكره (‪ .)7‬ونفس املوقف أخذ به املشرع اجلزائري كما سنرى الحقا عندما‬
‫ندرس اجلنسية اجلزائرية‪.‬‬
‫‪ )3‬شرط اثبات الوسائل الكافية للمعيشة‪:‬‬
‫هذا الشرط يتطلب أن يكون طالب التجنس قادرا على توفري وسائل معيشته بنفسه‪ ،‬مبا ميلك من مهارات يف ميدان‬
‫العمل‪ ،‬أو مؤهالت علمية‪ ،‬أو قدرات مالية تؤهله لالخنراط يف اجلماعة الوطنية بسالسة دون أو يكون عالة على الدولة‪،‬‬
‫وعليه أن يثبت ذلك‪.‬‬

‫(‪-)1‬نفس املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.110‬‬


‫(‪-)2‬أنظر ‪ :‬د‪ .‬هشام علي صادق‪ ،‬اجلنسية املصرية ‪ ،‬دار املطبوعات اجلامعية اإلسكندرية ‪ ، 2002 ،‬ص ‪.52‬‬
‫(‪-)3‬أنظر‪ :‬د‪ .‬عامر حممود الكسواين ‪ ،‬اجلنسية واملوطن ومركز األجانب ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.173‬‬
‫(‪-)4‬أنظر‪ :‬د‪ .‬حممد طلعت دويدار ‪ ،‬القانون الدويل اخلاص السعودي ‪ ،‬اجلنسية ‪ ،‬املوطن ‪ ،‬مركز األجانب ‪ ،‬تنازع االختصاص ‪ ،‬انزع القوانني ‪ ،‬منشأة املعارف‬
‫اإلسكندرية ‪ ، 1997‬ص‪.135‬‬
‫(‪-)5‬أنظر‪:‬د‪.‬هشام علي صادق ‪ ،‬اجلنسية املصرية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫(‪-)6‬أنظر ‪ :‬د‪ .‬عامر حممود الكسواين ‪ ،‬اجلنسية واملوطن ومركز األجانب‪ ،...‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.174‬‬
‫(‪-)7‬أنظر‪ :‬د‪ .‬حممد طلعت دويدار ‪،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫من األمثلة على ذلك اشرتط املشرع املصري أن يكون للمعين «وسيلة مشروعة للكسب» (‪ ،)1‬كما اشرتط املشرع‬
‫األردين يف املادة ‪ 12‬الفقرة ‪ 7‬من قانون اجلنسية األردنية «أن يكون له وسيلة مشروعة للكسب مع مراعاة عدم مزامحة‬
‫األردنيني يف املهن الّت يتوافر فيها عدد منهم» (‪ ،)2‬فلم يكتف املشرع أبن تكون له وسيلة مشروعة للكسب‪ ،‬بل علهق‬
‫ذلك على أن تكون املهنة الّت جتعله يف حكم من له وسيلة مشروعة للكسب أبن ال يوجد من ميتهنها من األردنيني أصال‬
‫أو ال يوجد من ميتهنها حلظة تقدمي طلب التجنس ‪.‬‬
‫هأما املشرع السعودي فأشرتط «أن حيمل شهادة عالية تعرتف هبا وزارة املعارف‪ ،‬تؤهله ألن يكسب عيشه بطريقة‬
‫مشروعة» حسب نص املادة التاسعة الفقرة الثالثة من قانون اجلنسية السعودي السالف ذكره (‪.)3‬‬
‫إ هن الشروط الثالثة الّت ذكرانها أعاله‪ ،‬تستلزمها الدول ألّنا ّتدم مصاحلها‪ ،‬الّت تفرض عليها أاله تقبل دخول أفراد‬
‫أجانب يف مجاعتها الوطنية ال تتوفهر فيهم األخالق الطيهبة والسرية احلسنة‪ ،‬أو كانوا ممهن سبق احلكم عليهم بعقوبة خملهة‬
‫ابلشرف أو أّنم مصابون أبمراض جسدية‪ ،‬أو إعاقة ذهنية‪ ،‬أو كانوا من األشخاص الذين ليست هلم القدرة على كسب‬
‫الرزق أبنفسهم‪ ،‬حّت ال يكونوا عالة عليها يف املستقبل‪.‬‬
‫يتبني أ هن الدول تُراعي يف اكتساب جنسيتها ابلتجنس أن يكون األجانب الذين يرغبون يف ذلك‪ ،‬مندجمني يف‬ ‫هكذا ه‬
‫مجاعتها الوطنية‪ ،‬ومن العناصر الصاحلة‪ ،‬وأن يكونوا متمتهعني ابلسالمة اجلسدية والعقلية‪ ،‬ومن ذوي اخلصال احلميدة‪،‬‬
‫والسلوك احلسن‪ ،‬واألخالق الطيبة‪ ،‬وممهن هلم وسائل مشروعة لكسب رزقهم‪ ،‬أبن يكون هلم مورد اثبت ومشروع للمعيشة‪،‬‬
‫ألنهه من غري املنطقي أن تسمح الدولة لألجانب أن يتجنهسوا جبنسيتها إذا مل تتوفهر فيهم الشروط السابقة‪ .‬أل هن القول‬
‫تنشده الدولة‪ ،‬بل قد يكون‬
‫خبالف ذلك يعين أن يدخل يف عضوية شعبها أشخاص ال يتح هقق من جتنسهم اهلدف الذي ُ‬
‫جتنهسهم مصدرا إلاثرة القالقل والفنت يف حالة إذا مل يكونوا مندجمني يف اجملتمع الوطين‪ ،‬فضال عن كوّنم عبئًا على الدولة‬
‫يعرض‬
‫واجملتمع‪ ،‬إذا كانوا من املرضى جسداي وعقليا‪ ،‬أو غري قادرين على كسب معيشتهم أبنفسهم بطرق مشروعة‪ ،‬ممها ه‬
‫األمن‪ ،‬والسلم االجتماعي‪ ،‬واالستقرار‪ ،‬والنظام العام يف الدولة اىل أخطار ال حتمد عقباها‪.‬‬
‫أخريا ال ميكننا أن ننهي احلديث عن التجنس كطريقة من طرق اكتساب اجلنسية دون أن نشري اىل أنهه صار يف وقتنا‬
‫الراهن أداة الدول الغربية جللب واستقطاب الكفاءات من الدول النامية ‪ ،‬وتسخريها خلدمة مصاحلها املختلفة ‪ ،‬بل إنهه‬
‫املتغربة لّت جنحت تلك الدول يف استدراجها‪ ،‬عن طريق‬ ‫حتول اىل أداة لالستعمار اجلديد من خالل متكني النخب ه‬ ‫ه‬
‫أسلوب اإلغراء والتذويب املمنهج هلا يف جمتمعات ها ‪ ،‬واالحتفاظ بِمن ترى يف وجودهم بني ظهرانيها فائدة ومصلحة هلا‪،‬‬
‫وإيفاد من ترى يف وجودهم داخل أوطاّنم األصلية أكثر فائدة هلا ‪ ،‬وضماان ملصاحلها ‪ ،‬أل هّنا تعترب تلك النخب ذات‬
‫التكوين الغريب‪ ،‬املتشبهعة ابلقيهم الثقافية والروحية النابعة من احلضارة الغربية امتدادا هلا يف عمق اجملتمعات األصلية هلؤالء‪،‬‬

‫(‪-)1‬أنظر‪ :‬د‪ .‬هشام علي صادق ‪ ،‬نفس املرجع السابق‪.‬‬


‫(‪ -)2‬أنظر ‪ :‬د‪ .‬عامر حممود الكسواين اجلنسية واملوطن ومركز األجانب ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.174‬‬
‫(‪-)3‬أنظر‪ :‬د‪ .‬حممد طلعت دويدار ‪ ،‬نفس املرجع السابق‪ .‬وأنظر أيضا‪ :‬د‪ .‬هشام علي صادق‪ ،‬نفس املرجع السابق‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫الّت غالبا ما كانت شعوب ها فيما مضى ّتضع للوجود االستعماري املباشر ‪ ،‬ولكن يف وقتنا احلاضر مل يعد هذا الوجود‬
‫املهمة النخب املستلبة فكراي ‪ ،‬الّت أصبحت الدول الغربية تراهم ممثلني هلا يف‬
‫شرطا ضروراي لالستعمار ‪ ،‬وإهّنا تقوم بتلك ه‬
‫يتم هلا االستحواذ على خريات البلدان النامية ‪ ،‬وبواسطتهم تستحوذ على سلطة‬ ‫أوطان هم‪ ،‬إذ عن طريق املتجنسني منهم‪ ،‬ه‬
‫تسري أنظمة احلكم فيها كما تشاء ‪ ،‬وتوجهها الوجهة الّت تلغي‬
‫القرار السياسي واالقتصادي والثقايف فيها وعن طريقهم ه‬
‫ومتحرر من هيمنة القوى االستعمارية الكربى‪.‬‬
‫ه‬ ‫أي دور حضاري أصيل ‪،‬‬
‫اثلثا‪-‬اكتساب اجلنسية ابلزواج املذتلط‪:‬‬
‫ميكن تعريف عقد الزواج املختلط أبنهه الزواج الذي ينعقد صحيحا بني رجل وامرأة خمتلفي اجلنسية‪ .‬إذا انعقد العقد يف‬
‫اخلارج وجب أن يكون صحيحا يف مفهوم قانون الدولة الّت يُراد اكتساب جنسيتها‪ ،‬وذلك على الرغم من أ هن كل واحد‬
‫منهما له والؤه السياسي للدولة الّت ينتمي اليها جبنسيته قبل وأثناء ابرام عقد الزواج‪ .‬لكن إبمتام عقد الزواج ترتتهب عنه‬
‫آاثر هامة ابلنسبة لطريف العالقة الزوجية‪ ،‬من تلك اآلاثر أن يكون الزواج سببا يف اكتساب أحد الزوجني جنسية الزوج‬
‫اآلخر بفعل الزواج‪ ،‬كما قد يكون سببا يف زوال جنسيته السابقة يف حالة اكتساب اجلنسية ابلزواج‪ .‬لكنهنا سنقتصر هنا‬
‫أي من الزوجني جنسية الزوج اآلخر‪.‬‬
‫على حبث أثر الزواج املختلط ابعتباره سببا من أسباب اكتساب ُ‬
‫بداية جيب التنبيه اىل أ هن الزواج املختلط‪ ،‬الذي يؤدي اىل اكتساب اجلنسية‪ ،‬كان فيما مضى – حّت ّناية الربع األول‬
‫من القرن العشرين امليالدي‪-‬يقتصر أثره على أتثهر جنسية الزوجة األجنبية جبنسية زوجها الوطين لدولة ما دون أن تتأثر‬
‫جنسيته جبنسيتها‪ ،‬أل هن االكتساب كان يف املاضي يسري يف اجتاه واحد‪.‬‬
‫لكن تطور فكرة املساواة بني املرأة والرجل بداية من ثالثينيات القرن املاضي اىل غاية اليوم‪ ،‬هأدت اىل إقرار مبدإ املساواة‬
‫بني اجلنسني يف مادة اجلنسية‪ ،‬فصار أتثري الزواج املختلط يف جنسية أحد الزوجني أتثريا متبادال ومتساواي‪.‬‬
‫ميكن القول أ هن اكتساب اجلنسية بفعل الزواج املختلط قد حت هكمت فيه اترخييا ثالثة مبادئ أساسية‪ ،‬هي مبدأ وحدة‬
‫اجلنسية يف العائلة ‪ ،‬ومبدأ استقاللية اجلنسية يف العائلة‪ ،‬ومبدأ التوفيق بني مبدأ وحدة اجلنسية يف العائلة ومبدأ استقاللية‬
‫اجلنسية فيها‪ .‬نقدم شرحا موجزا عنها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ )1‬مبدأ وحدة اجلنسية يف العائلة‪:‬‬
‫هو مبدأ قدمي تقليدي‪ ،‬يقضي أن تكتسب الزوجة األجنبية جنسي ة زوجها الوطين لدولة م ا‪ ،‬بقوة الق انون ‪de‬‬
‫مجرد ما ينعقد الزواج صحيحا ‪ ،‬حتقيقا ملبدإ وحدة اجلنسية يف العائلة ‪ .‬يستند هذا املبدأ اىل فكرة‬
‫‪ plein droit‬ب ه‬
‫قانونية تفيد أ هن الزوجة تتبع زوجها‪ ،‬فتدخل يف جنسيته وجواب بفعل الواقع ‪ ،ipso facto‬الذي خلقه الزواج (‪ .)1‬ويُع هد‬
‫دخوهلا فيها حتمية قانونية‪ ،‬بصرف النظر عن رغبتها‪.‬‬
‫لتطور اجملتمع الدويل‪،‬‬
‫مر مبرحلتني اثنتني تبعا ه‬
‫غري أ هن مبدأ وحدة اجلنسية يف العائلة مل يستقر على حال واحدة‪ ،‬فقد ه‬
‫جتسد فيهما اجتاهان‪:‬‬
‫ه‬
‫‪-1‬االرجاه األول‪ :‬كانت يف ظلهه تبعية املرأة لزوجها يف جنسيته آلية‪ ،‬أتسيسا على فكرة أ هن الزوج هو الرئيس األوحد‬

‫(‪-)1‬أنظر‪ :‬د‪ .‬أمحد عبد الكرمي سالمة ‪ ،‬املبسوط يف شرح نظام اجلنسية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬الفقرة ‪ ، 872‬ص‪.607‬‬

‫‪61‬‬
‫لألسرة‪ ،‬ذلك أ هن مبدأ وحدة اجلن سية يف العائلة يف املرحلة األوىل كان يتوافق مع الفكرة الّت سادت يف أغلب القوانني‬
‫املقارنة‪ ،‬و هي أ هن السلطة الزوجية ‪ l’autorité maritale‬واهليمنة اثبتة للزوج (‪ .)1‬وقد أرجع بعض فقهاء القانون‬
‫الوضعي سلطة الزوج اىل القانون الروماين‪ ،‬حيث كان يعترب الزوج هو رب األسرة ‪ ،pater familias‬ترتهب عن ذلك أن‬
‫تتبع الزوجة زوجها يف حالته‪ ،‬وكان ذلك قبل أن تتبلور تبعيتها له يف جنسيته بعد ظهور فكرة اجلنسية‪ .‬كانت الزوجة وفق‬
‫ذلك القانون خاضعة لزوجها مبا له من سلطة زوجية عليها‪ ،‬وسلطة أبوية على أبنائه منها‪ ،‬لذا فهي تتبعه يف اقامته وامسه‪،‬‬
‫وتوجهاهتا بتوجهاته‪ ،‬وشخصيتها بشخصيته‪ ،‬فال تكون هلا شخصية مستقلة‬ ‫وتتأثهر مفاهيمها مبفاهيمه‪ ،‬وتفكريها بتفكريه‪ ،‬ه‬
‫عن شخصيته‪ ،‬بل متتزج هبا امتزاجا كليا‪ ،‬لكل ذلك كان من املنطقي أن تتبعه يف جنسيته (‪.)2‬‬
‫كان القانون املدين الفرنسي النابوليوين الصادر ‪ 1804‬من أقدم التشريعات الوضعية‪ ،‬الّت تبنهت مبدأ وحدة اجلنسية يف‬
‫العائلة على أساس تبعيهة الزوجة لزوجها يف جنسيته‪ ،‬فقد رتهب على الزواج املختلط أثرا مباشرا وتلقائيا على جنسية الزوجة‬
‫يف منحيني اثنني‪:‬‬
‫‪ -‬املنحى األول‪ :‬ه‬
‫(‪)3‬‬
‫نصت عليه املادة الثانية عشرة(‪ )12‬منه‪ ،‬الّت قضت‪« :‬أ هن األجنبية الّت تتزوج فرنسيا تتبعه يف حالته»‬
‫أي تتبعه يف جنسيته‪.‬‬
‫‪ -‬املنحى الثاين‪ :‬ه‬
‫نصت عليه املادة التاسعة عشر(‪ )19‬من نفس القانون‪ ،‬الّت جاء فيها‪« :‬أ هن الفرنسية الّت تتزوج أجنبيا‪،‬‬
‫أّنا «تسرتجع صفت ها الفرنسي ة ‪la qualité‬‬
‫تتبع زوجها يف حالته»‪ ،‬أي يف جنسي ته‪ ،‬وتفقد جنسيته ا الفرنسية‪ ،‬إاله ه‬
‫ترملت ‪ ،‬بشرط أن تقيم يف فرنسا ‪ ،‬أو أن تدخل اىل فرنسا برتخيص من احلكومة الفرنسية ‪،‬‬ ‫‪ ،de française‬إذا ه‬
‫(‪)4‬‬
‫يعرب عن النظرة الّت كانت سائدة يف القرن‬
‫وتصرح عن رغبتها االستقرار فيها» ‪ .‬هذا املوقف من املشرع الفرنسي ه‬ ‫ه‬
‫(‪)5‬‬
‫‪19‬امليالدي‪ ،‬الّت ال تقبل النقاش يف مسألة وحدة اجلنسية يف العائلة ‪ ،‬والّت جيب أن تكون كاملة قدر املستطاع ‪ ،‬لكن‬
‫املشرع الفرنسي بدا يف ذلك الوقت كأ هن من صالحيته أن مينح اجلنسية األجنبية للمرأة الفرنسية املتزوجة من أجنيب ‪ ،‬بقوله‬
‫أ هّنا تتبعه يف جنسيته ‪ ،‬دون أن يراعي ما إذا كان قانون زوجها مينحها جنسيته أم ال مينحها هإايها‪ ،‬وقد تدارك هذا النقص‬
‫نص ‪« :‬إاله يف حالة إذا مل يؤد‬
‫كمل املادة ‪ 19‬السابق ذكرها ‪ ،‬عندما ه‬ ‫مبوجب القانون املؤرخ يف ‪ ،1889/06/26‬الذي ه‬
‫(‪)6‬‬
‫منعا الزدواجيتها ‪ ،‬وحتقيقا‬
‫منعا النعدام اجلنسية ‪ ،‬ويف ذات الوقت ً‬
‫زواجها اىل احلصول على جنسية زوجها» ‪ ،‬وذلك ً‬

‫(‪ -)1‬أنظر‪-:‬د‪ .‬عز الدين عبد هللا ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.202‬‬
‫(‪-)2‬أنظر‪ - :‬د‪ .‬أمحد عبد الكرمي سالمة ‪ ،‬املبسوط‪ ،...‬مرجع سابق ‪ ،‬الفقرة ‪ ، 875‬ص ‪.611‬‬
‫‪ -‬وأيضا د‪ .‬مصطفى حممد مصطفى الباز‪ :‬جنسية املرأة املتزوجة يف القانون الدويل اخلاص ‪ ،‬دراسة مقارنة مع الفقه اإلسالمي ‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية‬
‫احلقوق‪ ،‬جامعة عني الشمس ‪ ،‬القاهرة ‪ ،1999‬الفقرة ‪ ، 42‬ص‪.79‬‬
‫(‪-)3‬القانون املدين للفرنسيني ‪ code civil des français‬الذكرى املئوية الثانية ‪ ، 2004- 1804‬نشر داللوز ‪ ،2004‬ص‪.04‬‬
‫(‪-)4‬نفس املرجع السابق‪.‬‬
‫(‪-)5‬أنظر‪ :‬ابتيفول والغارد ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬الفقرة ‪ ،124‬ص ‪ 144‬و ‪.145‬‬
‫(‪-)6‬نفس املرجع السابق‪ ،‬اهلامش ‪ ، 37‬ص ‪.144‬‬

‫‪62‬‬
‫لوحدهتا يف العائلة‪ .‬فقد قام مبدأ وحدة اجلنسية يف العائلة على مربرات عديدة‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬سياسية‪ ،‬قانونية وثقافية‪،‬‬
‫نوجزها فيما يلي‪:‬‬
‫* املربرات االجتماعية‪ :‬تفيد هذه املربرات أ هن احتاد جنسية الزوجني يع هد شرطا أساسيا لقيام وحدة األسرة‪ ،‬تلك الوحدة‬
‫يقوي وحدة اجملتمع يف الدولة‪ ،‬املرتكزة‬
‫الّت يتح هقق معها التوافق الفكري والروحي بني أفراد العائلة الواحدة‪ ،‬بل إ هن ذلك ه‬
‫على متاسك األسرة فيه اجتماعيا من خالل االشرتاك يف األحاسيس‪ ،‬واألماين‪ ،‬واألهداف‪ ،‬واالجتاهات‪ ،‬واالنسجام‬
‫الروحي واملادي واحلضاري‪.‬‬
‫* املربرات السياسية‪ :‬وحدة اجلنسية ه‬
‫تتلخص يف أ هن الزواج املختلط الب هد أن يؤدي اىل نشوء وطن واحد ترتبط به األسرة‬
‫تعزز متانة االنتماء اىل الدولة‪ ،‬وصالبة ركن الشعب فيها‪ ،‬ليتح هقق االستقرار يف اجملتمع‪ ،‬القائم على الوالء‬
‫كلهها‪ ،‬حّت ت ه‬
‫السياسي لدولة واحدة‪.‬‬
‫* املربرات القانونية‪ :‬وحدة اجلنسية يف العائلة هي أن ينجم عنها احتاد النظام القانوين لألسرة‪ ،‬الذي يفضي اىل تطبيق‬
‫قانون واحد على مجيع أفراد العائلة يف أحواهلم الشخصية‪ ،‬ويف كل معامالهتم‪ ،‬ممها يقلهل من مسألة تنازع القوانني دوليا من‬
‫حيث املكان‪.‬‬
‫* املربرات الثقافية‪ :‬وحدة اجلنسية يف العائلة تعين وحدة لغة التعليم الذي يتلقاه األبناء‪ ،‬حبيث يكون معربا عن القيهم‬
‫املوحدة جنسيةً‪.‬‬
‫ترتسخ يف وجدان األسرة ه‬ ‫الروحية واحلضارية السائدة يف اجملتمع‪ ،‬الّت يُراد هلا أن ه‬
‫هذه هي الكيفية الّت نشأت يف ظلهها فكرة تبعيهة املرأة لزوجها ابتداءً يف كل شيء‪ ،‬مبا يف ذلك تبعيهتها له يف جنسيته‬
‫بقوة القانون دون أن يكون إلرادهتا دخل يف ذلك‪ ،‬كأثر مباشر حتمي لزواجها من زوج خيتلف عنها جنسيةً‪.‬‬ ‫ه‬
‫وقد ضربنا مثال عن ذلك ابملادتني ‪12‬و ‪ 19‬من القانون املدين للفرنسيني املعروف بقانون انبوليون‪ ،‬الذي سارت على‬
‫جل التشريعات املقارنة يف أورواب الالتينية‪ ،‬وفيما بعد التشريعات العربية‪.‬‬
‫منواله ه‬
‫‪-2‬اإلرجاه الثاين‪ :‬ه‬
‫جسد هذا االجتاه أيضا تبعية املرأة لزوجها يف جنسيته‪ ،‬لكن منحها حق رفض تلك جنسية زوجها‬
‫األجنيب عنها‪ ،‬وكان ذلك نتيجة تطور اجملتمع الدويل نفسه‪ ،‬حيث ظهرت أفكار جديدة تدعو اىل عدم انكار إرادة‬
‫بقوة القانون‪ ،‬واىل فسح اجملال أمامها لرتفضها إبرادهتا إذا كانت راغبة‬
‫الزوجة يف رفض جنسية زوجها‪ ،‬الّت تكتسبها ه‬
‫عنها‪ ،‬ممها يعين وفق هذا االجتاه أ هن الزواج املختلط وإن كان له أثر مباشر وتلقائي يف جنسية الزوجة ‪ ،‬إاله انه ليس حتميا‪،‬‬
‫بل يبقى معلهقا على عدم رفض جنسية زوجها‪.‬‬
‫إذًا حسب هذا االجتاه يرتتهب عن الزواج املختلط أن تدخل الزوجة يف جنسية زوجها دون حاجة اىل اعالن رغبتها يف‬
‫ذلك‪ ،‬ودون أن يكون لدولة الزوج رفض دخوهلا يف جنسيته‪ ،‬ولكن من حق الزوجة إذا أرادت أن ترفض اكتساب جنسية‬
‫زوجها وحتتفظ جبنسيتها السابقة‪ .‬نسوق مثالني عن ذلك‪:‬‬
‫نص عليه قانون اجلنسية البلجيكية الصادر سنة ‪ 1932‬يف املادة الرابعة (‪ ،)4‬حيث جاء فيها أ هن‪:‬‬
‫* املثال األول ما ه‬
‫« األجنبية الّت تتزوج بلجيكيا ‪ ،‬أو الّت أصبح زوجها بلجيكيا ابالختيار ‪ ،‬تتبع حالة زوجها ‪ ،‬ومع ذلك جيوز هلا خالل‬
‫ستة أشهر من اتريخ الزواج أن ترفض اجلنسية البلجيكية ‪ ،‬وذلك إبقرار وفق اإلجراءات املبيهنة ‪ ...‬وبشرط أن تثبت أ هّنا‬

‫‪63‬‬
‫تسرتدها مبجرد إقرارها إذا كانت قد فقدهتا»(‪ ، )1‬فقد رتهب املشرع البلجيكي يف‬
‫ال تزال تتمتهع ابجلنسية األجنبية ‪ ،‬أو ه‬
‫هذا النص أثرا فوراي على جنسية الزوجة األجنبية لزوج بلجيكي ‪ ،‬فتكتسب اجلنسية البلجيكية بقوة القانون ‪ ،‬ولكنه‬
‫أعطاها إمكانية رفضها خالل ستة أشهر من اتريخ الزواج‪ ،‬بشرط أاله تكون قد فقدت جنسيتها السابقة ‪ ،‬وإذا فقدهتا‬
‫تسرتدها مبجرد إقرار منها ‪ ،‬حّت ال تكون عدمية اجلنسية ‪ ،‬ويف نفس الوقت مل يعلهق املشرع البلجيكي اكتساب اجلنسية‬
‫أن ه‬
‫البلجيكية ابلزواج من بلجيكي على ِ‬
‫فقد الزوجة األجنبية جنسيتها السابقة ‪ ،‬ممها جيعلها يف وضعية ازدواج اجلنسية ‪ ،‬إذا‬
‫كان قانون دولتها ال حيرمها من جنسيتها ابلزواج من أجنيب ‪ ،‬كما أنهه قيهد دولة الزوج ومنعها من حرمان الزوجة األجنبية‬
‫من اكتساب جنسية الزوج بقوة القانون‪.‬‬
‫* املثال الثاين خاص مبوقف املشرع الفرنسي‪ ،‬فقد كان أكثر وضوحا عندما نص يف املادة ‪ 37‬من قانون اجلنسية الفرنسية‬
‫الصادر سنة ‪ 1945‬على أ هن «األجنبية الّت تتزوج فرنسيا تصبح فرنسية حلظة إبرام عقد الزواج‪ ،‬إاله إذا رفضت اكتساهبا‬
‫اجلنسية الفرنسية» (‪ .)2‬أضافت املادة ‪ 38‬من نفس القانون على أ هن «أن للزوجة األجنبية بعد ابرام عقد الزواج أن ترفض‬
‫اجلنسية الفرنسية مّت كان قانوّنا الوطين جييز هلا االحتفاظ جبنسيتها» (‪ .)3‬فاكتساب األجنبية اجلنسية الفرنسية يكون‬
‫فوراي ومباشرا‪ ،‬غري أ هن هلا بعد ابرام عقد الزواج أن ترفضها إذا كان قانوّنا الوطين يسمح هلا أن حتتفظ جبنسيتها السابقة‪،‬‬
‫لكن رفض اجلنسية معلق على عدم فقد جنسيتها السابقة‪.‬‬
‫نصت على أ هن الفرنسية الّت تتزوج أجنبيا حتتفظ جبنسيتها الفرنسية إاله إذا رفضتها‬
‫هأما املادة ‪ 94‬من ذات القانون فقد ه‬
‫صراحة (‪ .)4‬الظاهر من النصوص السابقة أن املشرع الفرنسي رتهب أثرا مباشرا للزواج املختلط على جنسية الزوجة من‬
‫خالل مسلكني‪:‬‬
‫‪ -‬املسلك األول هو اكتساب األجنبية جنسية زوجها الفرنسي‪ ،‬مع منحها حق رفضها‪ ،‬ومن الطبيعي أ هن الرفض ال‬
‫يكون إاله إذا كانت قد احتفظت جبنسيتها السابقة‪.‬‬
‫‪ -‬املسلك الثاين هو اكتساب الفرنسية جنسية زوجها األجنيب مع احتفاظها ابجلنسية الفرنسية إاله إذا رفضتها هي نفسها‬
‫إبرادهتا الصرحية‪.‬‬
‫ممها يُذكر أ هن املشرع الفرنسي كان قد أردف املادتني ‪ 37‬و ‪ 38‬السابقتني بنص املادة ‪ 39‬من نفس القانون‪ ،‬الّت جرى‬
‫تعديلها بقانون صادر يف ‪ 24‬ماي ‪ ،1951‬حيث جاء فيها‪« :‬للحكومة يف خالل ستة أشهر أن تعرتض مبرسوم على‬
‫اكتساب الزوجة اجلنسية الفرنسية»(‪. )5‬‬

‫(‪-)1‬أنظر‪ :‬د‪ .‬عز الدين عبد هللا ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.206‬‬
‫وأيضا د‪ .‬مصطفى حممد مصطفى الباز ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫(‪-)2‬أنظر ‪ -:‬ابتيفول والغارد ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬الفقرة ‪ ،125‬ص ‪..146‬‬
‫(‪-)3‬أنظر‪ -:‬د‪ .‬عز الدين عبد هللا ‪ ،‬نفس املرجع السابق‪.‬‬
‫(‪-)4‬أنظر‪ -:‬ابتيفول والغارد ‪ ،‬نفس املرجع السابق‪.‬‬
‫(‪-)5‬أنظر‪ :‬د‪ .‬عز الدين عبد هللا ‪ ،‬نفس املرجع السابق‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫فنص يف املادة ‪ 08‬من قانون اجلنسية الكويّت‬
‫ذهب املشرع الكويّت يف نفس االجتاه الذي ذهب فيه املشرع الفرنسي‪ ،‬ه‬
‫الصادر سنة ‪ 1959‬على أن« املرأة األجنبية ‪ ،‬الّت تتزوج كويتيا تصبح كويتية إاله إذا أعلنت عن رغبتها يف االحتفاظ‬
‫ابجلنسية السابقة خالل سنة من اتريخ الزواج»(‪ .)1‬وعلى هذا يكون من مزااي هذا االجتاه الثاين أنهه تبىن مبدأ وحدة‬
‫اجلنسية يف العائلة‪ ،‬ولكنه ترك الباب مفتوحا أمام الزوجة األجنبية لكي ترفض جنسية زوجها إذا مل تكن راغبة فيها‪ ،‬فكان‬
‫ذلك بداية التمهيد لظهور مبدإ آخر‪ ،‬وإيذاان بتأسيسه‪ ،‬هو مبدأ استقاللية اجلنسية يف العائلة‪.‬‬
‫‪ )2‬مبدا استقاللية اجلنسية يف العائلة‪:‬‬
‫عمت اجملتمع الدويل‬
‫استند مبدأ استقاللية اجلنسية يف العائلة يف بداية ظهوره اىل فكرة املساواة بني املرأة والرجل‪ ،‬الّت ه‬
‫تغريت الكثري من املعطيات بفعل األفكار وااليديولوجيات االجتماعية الّت سادت اجملتمع الدويل بعد ّناية‬
‫احلديث‪ .‬فقد ه‬
‫الربع األول من القرن العشرين ‪ ،‬فب زغت اىل الوجود اجتاهات فكرية وسياسية اندت ابستقالل اجلنسية بني الزوجني ‪،‬‬
‫تتزوج أحد الوطنيني ‪ ،‬فال تُضفى عليها جنسية‬ ‫كل أثر على جنسية الزوجة األجنبية الّت ه‬‫وّتليص الزواج املختلط من ه‬
‫احلرة ‪ ،‬فإن شاءت حلقت جبنسية‬
‫زوجها كنتيجة حتمية للزواج ‪ ،‬بل يبقى اكتساهبا جنسية زوجها متوقهفا على إرادهتا ه‬
‫(‪)2‬‬
‫ظل‬
‫متصورا يف ه‬
‫زوجها ‪ ،‬وإن رغبت عن ذلك ظلهت حمتفظة جبنسيتها املستقلة عن جنسية زوجها ‪ .‬وما كان هذا األمر ه‬
‫النظرية القدمية الّت سادت القوانني الوضعية يف الغرب‪ ،‬الّت كانت تنظر اىل املرأة على ا هّنا انقصة األهلية وشخصيتها‬
‫اتبعة لشخصية زوجها‪ ،‬ولكن حركة حترير املرأة من سطوة الزوج الّت عرفتها اجملتمعات الغربية احلديثة عرفت ّن اوا متواصال‬
‫تعزز ذلك مبا أصبحت تقوم‬ ‫ومطردا‪ ،‬هأدت اىل حصول املرأة على أهليتها القانونية الكاملة مع بداية القرن العشرين‪ .‬وقد ه‬
‫به املرأة يف اجملتمعات احلديثة من دور يكاد يكون مساواي لدور الرجل‪ ،‬لذلك اندى فقهاء القانون الوضعي‪ ،‬وحركات‬
‫حترير املرأة ابحرتام إرادة املرأة‪ ،‬وحقها يف جنسية مستقلة عن جنسية زوجها‪ .‬وهذا يعين ابلضرورة االعتداد إبرادة الزوجة‬
‫األجنبية عند منحها جنسية زوجها الوطين‪ ،‬فإن شاءت دخلت فيها‪ ،‬وإن رغبت عنها احتفظت جبنسيتها‪ ،‬أل هّنا من‬
‫يقررها‬
‫الناحية الواقعية مستقلة عن زوجها اجتماعيا‪ ،‬سياسيا‪ ،‬قانونيا واقتصاداي‪ ،‬فهي تتمتع جبميع احلقوق والواجبات الّت ه‬
‫قانوّنا الوطين‪ ،‬شأن ها يف ذلك شأن زوجها الذي يتمتع جبميع احلقوق والواجبات الّت يقررها قانونه الوطين‪ ،‬ومن هذه‬
‫احلقوق احلق يف اجلنسية‪ .‬فكما أ هن الزوج له احلق يف التمتهع جبنسية دولته‪ ،‬كذلك زوجته األجنبية هلا احلق يف البقاء على‬
‫جنسيتها الوطنية‪ ،‬وذلك يتماشى ليس مع مبدإ املساواة بني اجلنسني فحسب‪ ،‬ولكن يتماشى أيضا مع مبدإ املساواة بني‬
‫الدول يف مادة اجلنسية‪ ،‬فكل دولة يكون من مصلحتها أن حيتفظ رعاايها جبنسيتهم الّت منحتهم إايها‪ ،‬حّت لو دخلوا‬
‫يف عالقات زوجية مع األجانب‪.‬‬
‫غري أ هن ما يالحظ على مبدإ استقاللية اجلنسية يف العائلة أنهه كان يُنظر اليه من جانب مدى أتثري الزواج املختلط‬
‫أي أتثري يف جنس ية زوجها‪ ،‬وكان هذا الوض ع جيعل املرأة األجنبية الّت تت هزوج‬ ‫يف جنس ية الزوجة وحدها دون أن حيدث ُ‬
‫جمسدة يف التشريعات املقارنة‪ ،‬نذكرها إبجياز فيما يلي‪:‬‬
‫وطنيا أمام خيارات ثالثة‪ ،‬ه‬

‫(‪ -)1‬نفس املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 206‬و ‪.207‬‬


‫(‪-)2‬انظر ‪ :‬د‪ .‬أمحد عبد الكرمي سالمة ‪ ،‬املبسوط ‪...‬مرجع سابق ‪ ،‬الفقرة ‪ ،882‬ص ‪.614‬‬

‫‪65‬‬
‫‪-1‬اخليار األول‪ :‬أن تكون جنسية الزوجة األجنبية مستقلة متاما عن جنسية زوجها‪:‬‬
‫أي أثر‬
‫جيسد نظرية استقالل جنسية الزوجني يف صورهتا املطلقة‪ ،‬حبيث ال يكون لزواج األجنبية من وطين ه‬
‫وهو خيار ه‬
‫على جنسيتها‪ ،‬فال ميكن هلا أن تكتسب جنسية الزوج إاله ابلتجنهس‪ ،‬شأّنا يف ذلك شأن أي أجنيب‪ .‬فإن أرادت أن‬
‫حتصل على جنسية زوجها ما عليها إاله سلوك سبيل التجنهس اخلاضع للشروط العامة الّت سنهها املشرع الوطين‪ ،‬وعلى‬
‫السلطة العامة أن تقبل جتنهسها أو ترفضه‪ ،‬فذلك يبقى خاضعا لسلطتها التقديرية‪ ،‬وهذا هو موقف املشرع اجلزائري يف‬
‫قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر سنة ‪ 1970‬قبل تعديله‪ .‬فقد أخذ ضمنيا هبذا اخليار عندما سكت مطلقا عن أثر الزواج‬
‫املختلط يف جنسية الزوجة األجنبية املتزوجة من جزائري‪ .‬ومل يرتك أمامها إاله طريق التجنهس العادي إذا أرادت أن تكتسب‬
‫لنص ملادة الثالثة(‪ )3‬من نفس‬
‫جنسية زوجها اجلزائري‪ ،‬ولكن عليها يف هذه احلالة أن تتخلهى عن جنسيتها السابقة طبقا ه‬
‫قانون اجلنسية املذكور آنفا‪ .‬ونفس األمر ينسحب على األجنيب الذي يتزوج من جزائرية‪ ،‬فال تتأثر جنسيته بزواجه من‬
‫جزائرية‪ ،‬وما عليه إذا أراد اكتساب اجلنسية اجلزائرية إاله ان يتجنهس وفق الشوط العامة الّت وضعها املشرع اجلزائري يف‬
‫املادة العاشرة(‪ )10‬من القانون املذكور‪.‬‬
‫أخذ هبذا اخليار املشرع الروسي يف املادة اخلامسة(‪ )5‬من قانون اجلنسية الروسية الصادر ‪ 1938‬الّت قضت أ هن زواج‬
‫شخص من أحد مواطين االحتاد السوفيايت ال يؤثر يف جنسيته (‪.)1‬‬
‫كل من‬
‫ينص يف مادته السادسة (‪ )6‬على أ هن الزواج ال يؤثر على جنسية ه‬
‫هأما الدستور الكويب الصادر ‪ 1952‬فقد كان ه‬
‫الزوجني وأوالدهم‪ ،‬وأ هن الكوبية الّت تتزوج أجنبيا حتتفظ جبنسيتها‪ ،‬واألجنبية الّت تتزوج كوبيًا حتتفظ جبنسيتها‪ ،‬وكذلك‬
‫األجنيب الذي يتزوج كوبية حيتفظ جبنسيته (‪.)2‬‬
‫نص يف املادتني ‪7‬و‪ 8‬من قانون اجلنسية الصينية‪ ،‬الصادر يف ‪10‬‬ ‫وقد ذهب املشرع الصيين يف نفس االجتاه عندما ه‬
‫نصت عليه املادة‬
‫ديسمرب ‪ ،1980‬على أ هن الزوجة األجنبية ال تكتسب جنسية زوجها الصيين إاله ابلتجنهس‪ ،‬ونفس األمر ه‬
‫‪ 5‬من قانون اجلنسية الكندية الصادر سنة ‪.)3(1997‬‬
‫ما يالحظ على هذا اخليار بصفة عامة أنهه حي هقق مبدأ استقاللية جنسية الزوجني استقالال اتما‪ ،‬وابلتايل مينع ازدواج‬
‫جنسية الزوجني‪.‬‬
‫‪ -2‬اخليار الثاين‪ :‬إمكانية اكتساب الزوجة جنسية زوجها مع فقدها جنسيتها السابقة‪ :‬يتيح هذا اخليار إمكانية‬
‫استقالل جنسية الزوجة األجنبية عن جنسية زوجها‪ ،‬هإال إذا أرادت أن تتبعه يف جنسيته‪ ،‬ففي هذه احلالة األخرية عليها‬
‫أن تتخلهي إبرادهتا عن جنسيتها السابقة‪ .‬هبذا أخذ املشرع اجلزائري يف قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر سنة ‪ ،1963‬حيث‬
‫تتزوج جزائراي اجلنسية اجلزائرية ‪ ،‬لكن‬
‫نصت املادة الثانية عشرة (‪ )12‬منه‪ ،‬على إمكانية اكتساب املرأة األجنبية الّت ه‬‫ه‬
‫بشروط ‪ ،‬أن تعلن صراحةً عن ّتلهيها عن جنسيتها السابقة قبل االحتفال ابلزواج ‪ ،‬وميكنها أن تعلن ذلك دون إذن‪،‬‬

‫(‪-)1‬أنظر‪ :‬د‪ .‬حممد مصطفى حممد الباز ‪ ،‬جنسية املرأة املتزوجة ‪..‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫(‪-)2‬نفس املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.94‬‬
‫(‪-)3‬ا نظر‪ :‬د‪ .‬حسام الدين فتحي انصف‪ ،‬نظام اجلنسية يف القانون املقارن‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ، 2007‬ص ‪.135‬‬

‫‪66‬‬
‫حّت لو كانت قاصرة‪ ،‬وأن تق هدم طلبا لوزير العدل ‪ ،‬الذي ميكنه أن يرفضه ‪ ،‬وإذا مل يرفضه يف خالل ستة أشهر ‪ ،‬تكتسب‬
‫ه‬
‫عتبارا من اتريخ الزواج ‪ ،‬لكن جيب هأال يكون الزواج قد أُبطل أو ُح هل وقت موافقة وزير العدل صراحة‬
‫اجلنسية اجلزائرية ا ً‬
‫أو ضمنيًا(‪ . )1‬هكذا ترك املشرع اجملال مفتوحا أمام الزوجة األجنبية املتزوجة من جزائري لكي حتتفظ جبنسيتها السابقة‬
‫أتكيدا ملبدإ استقالل جنسية الزوجة عن جنسية زوجها اجلزائري‪ ،‬ويف ذات الوقت منحها‬ ‫إذا رغبت عن اجلنسية اجلزائرية ً‬
‫إمكانية اكتساب اجلنسية بفعل الزواج من جزائري مع ّتلهيها عن جنسيتها السابقة حتقيقا ملبدإ وحدة اجلنسية يف العائلة‪.‬‬
‫لكن أمر اكتساهبا اجلنسية اجلزائرية يبقى خاضعا لتقدير السلطة العامة يف الدولة اجلزائرية‪ ،‬الّت ميثهلها وزير العدل‪ ،‬فإن‬
‫شاءت قبلت دخول الزوجة األجنبية يف جنسية زوجها اجلزائري‪ ،‬وان شاءت رفضت ذلك‪.‬‬
‫من التشريعات الّت تبنهت هذا اخليار قانون اجلنسية السعودية الصادر سنة ‪1374‬ه يف املادة السادسة عشر(‪ )16‬منه‪،‬‬
‫نصت على أن «تكتسب املرأة األجنبية جنسية زوجها السعودي إذا تنازلت عن جنسيتها‬ ‫املع هدلة سنة ‪ 1380‬ه‪ .‬الّت ه‬
‫وقررت رغبتها يف اكتساب اجلنسية العربية السعودية» (‪ ،)2‬حيث علهق املشرع السعودي اكتساب املرأة األجنبية‬
‫السابقة‪ ،‬ه‬
‫جنسية زوجها السعودي على تنازهلا عن جنسيتها السابقة‪ .‬ويف نفس االجتاه ذهب قانون جنسية دولة اإلمارات العربية‬
‫نصت املادة ‪ 1/3‬منه على أن «ال يرتتهب على زواج األجنبية مبواطن يف الدولة‬
‫املتحدة الصادر سنة ‪ 1975‬املعدل‪ ،‬إذ ه‬
‫استمرت الزوجية قائمة م هدة ثالث سنوات‬
‫أن تكتسب جنسية زوجها هإال إذا أعلنت وزارة الداخلية برغبتها يف ذلك‪ ،‬و ه‬
‫من اتريخ إعالّنا هبذه الرغبة ‪ ،‬ويشرتط أن تتنازل عن جنسيتها السابقة (‪ .»)3‬وسلكت أغلب التشريعات نفس املنحى‪،‬‬
‫منها قانون اجلنسية البحرينية الصادر سنة ‪ 1963‬املعدل سنة ‪ 1981‬يف املادة السابعة (‪ )7‬منه وقانون اجلنسية الكويتية‬
‫يف املادة الثامنة منه املعدلة سنة ‪ 1980‬وقانون اجلنسية املصرية (‪ ،)4‬وقانون اجلنسية الليبية (‪.)5‬‬
‫هأما التشريعات غري العربية الّت أخذت هبذا اخليار نذكر منها قانون اجلنسية االكوادورية الصادر سنة ‪ ،1950‬حيث‬
‫نصت املادة ‪ 1/6‬منه على أ هن األجنبية الّت تتزوج اكوادوراي تكتسب جنسية زوجها مّت أبدت الرغبة يف ذلك وقت الزواج‬
‫أو يف أي وقت بعد الزواج بشرط أن تتخلهى عن جنسيتها السابقة وأن يوافق وزير اخلارجية على طلبها (‪ .)6‬وكذلك ما‬
‫قضت به املادة ‪ 5/12‬من دستور السلفادور الصادر سنة ‪ ،9501‬حيث تعترب مواطنة سلفادورية األجنبية الّت تتزوج‬
‫سلفادوراي إذا اختارت اجلنسية السلفادورية وأقامت مدة سنتني ابلسلفادور (‪.)7‬‬
‫تبىن مبدئيًا استقالل جنسية الزوجة عن جنسية زوجها‪ ،‬حبيث ال تكتسب جنسيته‪،‬‬ ‫ما يالحظ على هذا اخليار أنهه ه‬
‫غري أنهه فتح اجملال أمامها لتحقيق مبدإ وحدة اجلنسية يف العائلة‪ ،‬إذا اختارت الزوجة جنسية زوجها وّتلهت عن جنسيتها‬

‫(‪- )1‬انظر نص املادة يف القانون رقم ‪ 39/63‬املؤرخ يف ‪ 27‬مارس ‪ 1963‬املتضمن قانون اجلنسية اجلزائرية‪ ،‬منشور يف اجلريدة الرمسية بتاريخ ‪ 2‬أفريل ‪.1963‬‬
‫(‪-)2‬انظر ‪ :‬د‪ .‬طلعت حممد دوي دار ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.163‬‬
‫(‪-)3‬انظر‪ :‬د‪ .‬أمحد عبد الكرمي سالمة املبسوط يف شرح نظام اجلنسية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.622‬‬
‫(‪ -)4‬نفس املرجع السابق‪.‬‬
‫(‪ -)5‬انظر‪ :‬مصطفى حممد مصطفى الباز ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫(‪ -)6‬نفس املرج السابق ‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫(‪ -)7‬نفس املرجع السابق‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫السابقة‪ ،‬لكن إذا ما احتفظت جبنسيتها برفض جنسية زوجها فإ هن جنسيتها تبقى مستقلة عن جنسية زوجها وبذلك‬
‫يتحقق مبدأ استقاللية اجلنسية يف العائلة‪.‬‬
‫‪-3‬اخليار الثالث‪ :‬اكتساب الزوجة جنسية زوجها مع احتفاظها جبنسيتها السابقة‪:‬‬
‫مينح هذا اخليار إمكانية أن تكتسب الزوجة األجنبية جنسية زوجها مع احتفاظها جبنسيتها السابقة‪ ،‬فلم يتش هدد يف‬
‫مبدإ استقاللية جنسية الزوجة عن جنسية زوجها‪ ،‬ومل أيخذ به على إطالقه كما هي احلال يف اخليار األول‪ ،‬ومل يشرتط‬
‫على الزوجة أن تتخلهى عن جنسيتها السابقة كما هو الشأن يف اخليار الثاين‪.‬‬
‫األصل هو عدم أتثري الزواج على جنسية الزوجة‪ ،‬فتبقى حمتفظة جبنسيتها‪ ،‬لكن جيوز هلا أن تكتسب جنسية زوجها إذا‬
‫أرادت ذلك طبقا للشروط الّت حي هددها قانون جنسية دولة الزوج خبصوص اكتساب جنسية الزوج ابلزواج‪ ،‬الذي قد أيخذ‬
‫ميسرة وخم هففة‪ ،‬وخباصة التوطهن أو اإلقامة يف إقليم دولة الزوج‪.‬‬
‫صورة التجنهس بشروط ه‬
‫من التشريعات الّت أخذت هبذا اخليار قانون اجلنسية التونسية الصادر يف ‪ 28‬فيفري ‪ ،1963‬حيث جاء يف مادته‬
‫تزوجها‬
‫الرابعة عشر (‪«:)14‬ميكن للمرأة األجنبية املتزوجة بتونسي ‪ ،‬الّت مبوجب قانوّنا حتتفظ جبنسيتها األصلية رغم ه‬
‫أبجنيب أن تطلب اجلنسية التونسية بتصريح يقع طبق الشروط املنصوص عليها ابلفصل ‪ 39‬من هذه اجمللهة ‪ ،‬وذلك إذا‬
‫كان الزوجان مقيمني بتونس منذ عامني على األقل»(‪.)1‬وقد كان القانون اإلجنليزي الصادر سنة ‪ 1948‬يقضي يف مادته‬
‫تتزوج أحد وطنيي اململكة املتحدة واملستعمرات يكون هلا احلق إذا ما‬
‫السادسة (‪ )6‬الفقرة ‪ 3‬منها على أن «املرأة الّت ه‬
‫سن الرشد ‪،‬وكاملة‬
‫طلبت و هأدت ميني الوالء يف أن تقيد كوطنية للمملكة واملستعمرات‪ ،‬سواء أكانت أو مل تكن ابلغة ه‬
‫األهلية يف مجاعة األمم الربيطانية»(‪ ،)2‬ورغم أ هن املشرع اإلجنليزي اشرتط على املرأة األجنبية املتزوجة من اجنليزي إن أرادت‬
‫ؤدي ميني الوالء لربيطانيا إاله أنهه مل يشرتط عليها أن تتخلهى عن‬
‫اكتساب جنسيته أن تقدم طلبا خبصوص ذلك‪ ،‬وأن ت ه‬
‫جنسيتها السابقة‪.‬‬
‫هأما املشرع الياابين فقد نص يف املادة السابعة (‪ )7‬من قانون اجلنسية الياابنية الصادر سنة ‪ 1985‬على إمكانية اكتساب‬
‫املرأة األجنبية‪ ،‬جنسية زوجها الياابين بشرط أن تكون قد أقامت أو توطنت م هدة ثالث سنوات يف الياابن‪ ،‬مع أ هن م هدة‬
‫التجنهس العادي وفق املادة اخلامسة(‪ )5‬من ذات القانون هي مخس سنوات (‪.)3‬‬
‫نص يف املادة ‪11‬منه على «أاله تكتسب املرأة األجنبية‬
‫كما أ هن قانون اجلنسية النمساوية الصادر يف ‪ 3‬مارس ‪ 1983‬قد ه‬
‫امليسرة‪ ،‬وهي وجود‬‫املتزوجة من ّنساوي جنسيته بقوة القانون‪ ،‬بل عليها إذا أرادت ذلك أن تطلبها بشروط التجنهس ه‬
‫حنل خالل تلك الفرتة‪ ،‬وأن تكون الزوجة األجنبية متوطهنة يف‬
‫زواج صحيح‪ ،‬وقائم منذ سنة على األقل‪ ،‬وأاله يكون قد ا ه‬

‫(‪ -)1‬انظر جملة اجلنسية التونسية ‪ ،‬املطبعة الرمسية للجمهورية التونسية ‪ ،1989‬ص ‪.7‬‬
‫(‪ -)2‬أنطر‪ :‬د‪ .‬عز الدين عبد هللا ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ ،207‬واهلامش ‪ 135‬من نفس الصفحة‪.‬‬
‫(‪ -)3‬انظر ‪ :‬د‪ .‬أمحد عبد الكرمي سالمة ‪ ،‬املبسوط ‪ ،‬مرجع سابق الفقرة ‪ ،890‬ص ‪620‬و‪.621‬‬

‫‪68‬‬
‫استمر الزواج سنتني‪ُّ ،‬ت هفض م هدة التوطن يف النمسا إىل ثالث‬
‫ه‬ ‫النمسا م هدة أربع سنوات متتالية على األقل‪ ،‬وإذا‬
‫سنوات»(‪.)1‬‬
‫هناك بعض التشريعات الّت أخدت هبذا اخليار مل تستلزم أي شرط لكي تكتسب الزوجة األجنبية جنسية زوجها الوطين‬
‫غري إعالن رغبتها يف ذلك‪ ،‬نذكر منها قانون اجلنسية الزائريية الصادر يف ‪ 29‬يونيو ‪ ،1981‬حيث جاء يف املادة ‪ 19‬منه‬
‫أ هن الزوجة األجنبية الّت تتزوج زائرياي تكتسب جنسيته إذا أعلنت رغبتها يف ذلك خالل اثنِي عشر شهرا التالية إلبرام‬
‫الزائريية ابلتجنهس (‪.)2‬‬
‫عقد الزواج‪ ،‬أو التالية الكتساب زوجها جنسيته ه‬
‫ما يتميهز به هذا اخليار أنهه يؤدي اىل ازدواج جنسية الزوجة األجنبية يف حالة ما إذا اكتسبت جنسية زوجها مادام‬
‫قانون دولة الزوج ال يشرتط عليها أن تتخلهى عن جنسيتها السابقة‪ ،‬وابلتايل يؤدي هذا الوضع إىل ازدواج جنسية األبناء‬
‫لكل من الزوجني يقيم اجلنسية األصلية الّت متنح اىل األبناء‬
‫املنحدرين عن هذه الرابطة الزوجية‪ ،‬إذا كان القانون الوطين ه‬
‫على أساس حق الدم من جهة كل واحد منهما‪.‬‬
‫يتبني من عرضنا للخيارات الثالثة السابقة املتعلقة مببدإ استقالل جنسية الزوجة عن جنسية زوجها‪ ،‬أنهه كان ينظر اليه‬ ‫ه‬
‫من جهة أتثري الزواج املختلط على جنسية الزوجة وحدها دون جنسية الزوج‪ ،‬ولكن هذا األمر مل يعد مقبوال يف وقتنا‬
‫تكرس مبدأ املساواة بني الرجل واملرأة يف مادة اجلنسية‪ ،‬بعدما انتصرت‬
‫احلاضر‪ ،‬أل هن التمييز بني اجلنسني مل يعد قائما‪ ،‬فقد ه‬
‫األفكار الداعية اىل تقرير املساواة بينهما‪ .‬فإذا كان الب هد أن حيدث الزواج املختلط أثرا على اجلنسية‪ ،‬ف لي ُكن ذلك على‬
‫أساس املساواة بني الزوجني‪ ،‬فيمكن للزوجة أ تكتسب جنسية زوجها إن أرادت ذلك‪ ،‬وميكن للزوج أن يكتسب جنسية‬
‫زوجته إذا أراد ذلك‪ ،‬حتقي ًقا ملبدإ املساواة‪ .‬وهذا ما هأدى إىل ظهور مبدإ اثلث حاول التوفيق بني مبدإ وحدة اجلنسية يف‬
‫استنادا اىل مبدإ املساواة بني اجلنسني‪ .‬هذا ما نتناوله أدانه‪.‬‬
‫ً‬ ‫العائلة ومبدإ استقالل اجلنسية يف العائلة‬
‫‪ )3‬مبدأ التوفيق بني مبدإ وحدة اجلنسية يف العائلة ومبدإ استقالل اجلنسية فيها‪:‬‬
‫تكرس يف مرحلة اثنية بشكل واضح يف ظل‬‫تتوضح يف ظل عصبة األمم‪ ،‬مثه ه‬ ‫بدأت مالمح مبدإ التوفيق يف مرحلة أوىل ه‬
‫منظمة األمم املتحدة‪ ،‬مثه تبنهاه جملس التعاون األورويب (االحتاد األورويب حاليا)‪ ،‬وأخذت به التشريعات املختلفة‪ .‬هذا ما‬
‫نذكره إبجياز فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬يف ظل عصبة األمم‪ُ :‬حظيت مسألة استقالل جنسية الزوجة عن جنسية زوجها ابهتمام ملحوظ يف ه‬
‫ظل عصبة‬
‫األمم ‪ ،‬وذلك عندما أوصى مؤمتر الهاي الذي تُ هوج إببرام اتفاقية الهاي يف ‪ 12‬أفريل ‪ ،1930‬الّت كان الغرض منها‬
‫حث املؤمتر الدول املتعاقدة أبن‬
‫تقنني القانون الدويل ‪ ،‬ووضع بعض احللول ملسألة تنازع القوانني يف مادة اجلنسية ‪ ،‬فقد ه‬
‫حتجز يف تشريعاهتا مكاان ملبدإ املساواة بني اجلنسني يف مسألة اجلنسية ‪ ،‬فتُض ِمنُّه تشريعاهتا الداخلية ‪ ،‬وحترص على هأال‬

‫(‪ -)1‬نفس املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.621‬‬


‫(‪ -)2‬نفس املرجع ‪ ،‬ص ‪.623‬‬

‫‪69‬‬
‫تتأثهر جنسية الزوجة جبنسية زوجها ‪ ،‬و هاال تتأثهر بتغيري زوجها جنسيته ما مل توافق الزوجة على ذلك صراحة وإبرادهتا(‪،)1‬‬
‫و يف هذا املعىن نصت املادة ‪ 10‬من االتفاقية على أ هن‪« :‬جتنهس الزوج أثناء الزوجية ال يستتبع تغيري جنسية زوجته هإال إذا‬
‫ارتضت ذلك»(‪ ،)2‬مل تعاجل هذه املادة هإال مسألة عدم أتثر جنسية الزوجة بتغيري الزوج جنسيته أثناء احلياة الزوجية ‪ ،‬ومل‬
‫تعاجل الفرض الذي تكون فيه جنسية الزوجني خمتلفة ‪ ،‬و إن كان يُفهم من عموم نص املادة أ هن هذا الفرض األخري يدخل‬
‫ضمن ما رمت إليه ‪.‬‬
‫انقشت اجلمعية العامة لعصبة األمم يف سنة ‪ 1932‬مسألة تعديل االتفاقية ابلشكل الذي يكفل املساواة بني اجلنسني‪،‬‬
‫املهمة اىل جهود العلماء واجلمعيات العلمية‪ ،‬الّت ينشطون‬
‫تتوصل اىل اتفاق يف هذا الشأن‪ ،‬فاكتفت أبن أوكلت ه‬‫ولكنهها مل ه‬
‫أقرهتا‬
‫فيها‪ ،‬أبن ميارسوا نفوذهم وضغوطهم على احلكومات من خالل دعوهتا اىل وضع تشريعات تتهسق مع املبادئ الّت ه‬
‫االتفاقية‪ ،‬ومع مبدإ املساواة بني املرأة والرجل‪.‬‬
‫ما يالحظ عموما على اتفاقية الهاي أّنا حاولت أن توفهق بني مبدإ وحدة اجلنسية يف العائلة ومبدإ استقالل جنسية‬
‫الزوجة عن جنسية زوجها حتقي ًقا ملبدإ املساواة‪ ،‬ولكنهها أغفلت أي دور لتأثري جنسية املرأة يف جنسية زوجها متاشيا مع‬ ‫ه‬
‫يسن من القواعد ما يراه حم هق ًقا ملبدإ املساواة‪.‬‬
‫مبدإ املساواة نفسه‪ .‬هلذا بقيت املبادرة يف هذا الشأن للمشرع الوطين أن ه‬
‫أتكيدا للنظرية الوليدة آنذاك‬ ‫أما معهد القانون الدويل يف دورته املنعقدة أبوسلو سنة ‪ 1932‬فقد جاء يف توصياته ً‬
‫الداعية اىل املساواة بني اجلنسيتني على أ هن «جنسية أحد الزوجني‪ ،‬وعلى األخص تغيريها أثناء الزواج ال ميكن أن ميت هد‬
‫اىل اآلخر على خالف إرادته ‪ ....‬وأنهه يف احلالة الّت يكون فيها الزوجان خمتلفي اجلنسية ميكن ألحدمها أن يكتسب‬
‫جنسية الزوج اآلخر أبسهل وأسرع ما ميكن» (‪.)3‬‬
‫نص يف‬ ‫ِِ‬
‫هاما إتفاق ُمنتيفيديُو اخلاص ابجلنسية املنعقد يف ‪ 16‬ديسمرب ‪ 1933‬بني دول أمريكا اجلنوبية والوسطى‪ ،‬فقد ه‬
‫املادة ‪ 6‬على أن «ال يؤثر الزواج أو احنالله يف جنسية الزوج أو الزوجة أو أوالدمها» (‪ ،)4‬حتقيقا ملبدإ املساواة ‪.‬اىل جانب‬
‫ذلك اندت احلركات النسائية اىل حترير املرأة‪ ،‬ودعت اىل إقرار مبدإ املساواة بينها وبني الرجل ‪ ،‬وابلتايل استقالل جنسيتها‬
‫عن جنسية زوجها ‪ ،‬وضمان ذلك يف االتفاقيات الدولية ‪ ،‬وذلك ما حتقق يف ظل هيئة األمم املتحدة‪.‬‬
‫‪-2‬يف ظل هيئة األمم املتحدة‪ :‬تواصل االهتمام مببدإ املساواة بني الرجل واملرأة يف مادة اجلنسية بشكل الفت يف ظل‬
‫نص اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان‬
‫منظمة األمم املتحدة‪ ،‬الّت حلهت حمل عصبة األمم بعد احلرب العاملية الثانية‪ .‬فقد ه‬
‫الصادر عن اجلمعية العامة لألمم املتحدة بتاريخ ‪10‬ديسمرب ‪ 1948‬يف املادة ‪ 15‬منه على حق كل فرد يف التمتهع جبنسية‬

‫(‪ -)1‬انظر د‪ .‬عبد احلكيم مصطفى عبد الرمحان‪ :‬جنسي ة املرأة املتزوجة وآاثرها على حميط األسرة يف القانون املصري والفرنسي والسوداين ‪ ،‬دراسة مقارنة ‪،‬‬
‫مكتبة النصر ‪ ،‬جامعة القاهرة ‪ ،1991‬ص ‪.11‬‬
‫(‪ -)2‬أنظر أمحد عبدالكرمي سالمة ‪ :‬املبسوط‪...‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.625‬‬
‫(‪-)3‬نفس املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪625‬و‪.626‬‬
‫‪ -‬أيضا عبد احلكيم مصطفى عبد الرمحان‪ :‬جنسية املرأة املتزوجة‪ ،‬مرجع سابق ص‪.12‬‬
‫(‪-)4‬راجع اتفاق ُمنتِ ِيفيديُو اخلاص ابجلنسية املنعقد سنة ‪ ،1933‬رسالتنا ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪622‬و‪.623‬‬

‫‪70‬‬
‫ما وعلى عدم حرمانه من جنسيته بطريقة حت هكمية وعدم جواز منعه من تغيريها (‪ .)1‬فقد ارتقت اجلنسية يف هذا اإلعالن‬
‫فصارت ح هقا من حقوق اإلنسان األساسية‪ .‬إذ إبقرار حق الفرد يف تغيري جنسيته‪ ،‬تكون هيئة األمم املتحدة قد رفضت‬
‫تقرر حق الفرد يف تغيري جنسيته فإ هن له احلق يف التنازل‬
‫مبدأ الوالء الدائم الناجم عن تبعية الفرد لدولة ما‪ ،‬ألنهه مادام قد ه‬
‫عنها بشرط هأال يقع يف حالة انعدام اجلنسية‪ .‬فقد هأدى اهتمام منظمة األمم املتحدة ابجلانب املتعلهق جبنسية املرأة املتزوجة‬
‫منذ سنة ‪ 1948‬إىل صدور قرارات عن اجلمعية العامة‪ ،‬وإىل إبرام اتفاقيات دولية هامة عاجلت هذه املسألة‪ .‬ويف هذا‬
‫الصدد نذكر القرار الدي صدر عن اجمللس االقتصادي واالجتماعي التابع ملنظمة األمم املتحدة سنة ‪ ،1949‬حيث‬
‫أوصى إبعداد اتفاقية حتكم جنسية املرأة املتزوجة‪ ،‬يكون من شأّنا أتكيد املساواة بني الرجال والنساء)‪ . (2‬وابلفعل فقد‬
‫مته يف إطار هيئة األمم املتحدة إبرام اتفاقيتني هامتني يف هذا الشأن‪ ،‬نذكرمها إبجياز فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪-‬اتفاقية جنسية املرأة املتزوجة املؤرخة يف ‪ :1957/02/20‬استبعدت هذه االتفاقية كل أثر تلقائي للزواج على جنسية‬
‫(‪)3‬‬
‫‪،‬أبال‬
‫نصت املادة األوىل منها على أن « أن ترتضي كل دولة ه‬ ‫املرأة املتزوجة ‪ .‬وقد بدأ سرايّنا يف ‪11‬أوت ‪،1958‬وقد ه‬
‫يؤثهر الزواج أو احنالله بني أحد الزوجني الوطنيني وأحد األجانب ‪ ،‬وال تغيري الزوج جنسيته أثناء الزواج ‪ ،‬تلقائيا على‬
‫جنسية الزوجة»‪ ،‬ويف ذات الوقت هقررت املادة الثانية منها على أن «ال حيول االكتساب اإلرادي ألحد الوطنيني جلنسية‬
‫دولة أخرى وال التنازل عن اجلنسية من جانب أحد الوطنيني‪ ،‬دون أن حتتفظ زوجته جبنسيتها»‪ ،‬وأ هكدت املادة الثالثة‬
‫الفقرة األوىل منها على أن تقر كل دولة متعاقدة‪ ،‬أن «الزوجة األجنبية ألحد الوطنيني ميكنها بناء على طلبها أن تكتسب‬
‫جنسية زوجها ‪ ،‬من خالل إجراءات جتنهس خاصة متميهزة ‪ ،‬وميكن أن خيضع منح اجلنسية مع ذلك للقيود الّت تقتضيها‬
‫مصلحة األمن الوطين العام(‪ ،»)4‬وما يلفت االنتباه يف هذه االتفاقية أ هّنا وإن استبدلت مبدأ وحدة اجلنسية يف العائلة‬
‫مببدإ استقالليتها ابتداء ‪ ،‬هإال أ هّنا حاولت التوفيق بينهما من خالل ترك اجملال حلرية املرأة يف اختيار جنسيتها أو االحتفاظ‬
‫تعرب عن إرادهتا حّت تظل حمتفظة جبنسيتها‪ ،‬ولكنهها ألزمتها التعبري عن إرادهتا‬
‫هبا‪ ،‬دون دخل إلرادة أخرى‪ .‬فلم تلزمها أن ه‬
‫إذا أرادت تغيري جنسيتها‪ .‬فإذا رغبت عن جنسية زوجها كان هلا ذلك حتقيقا ملبدإ استقاللية اجلنسية يف العائلة‪ ،‬وإن‬
‫دخلت يف جنسية زوجها وّتلهت إبرادهتا عن جنسيتها السابقة‪ ،‬حت هقق مبدأ وحدة اجلنسية يف العائلة‪ .‬وهناك مالحظة‬
‫أخرى على هذه االتفاقية‪ .‬فهي وإن كانت قد سارت يف اجتاه ُمي ههد لتكريس مبدإ املساواة بني املرأة والرجل يف مادة‬
‫تقر مبدأ املساواة‬
‫اجلنسية‪ ،‬هإال أ هّنا حت هدثت عن عدم أتثري الزواج املختلط على جنسية األجنبية املتزوجة من وطين دون أن ه‬
‫بينهما بصفة اتمة يف هذه املسألة‪ ،‬كما أ هن االتفاقية تركت اجملال مفتوحا الزدواج جنسية املرأة يف كل مرة ال يكون‬
‫تقر مبدأ املساواة بني املرأة‬
‫اكتساهبا جنسية زوجها معلهقا على فقدها جنسيتها السابقة‪ .‬وقد كان ال بد من اتفاقية أخرى ُّ‬

‫(‪- )1‬املواثيق الدولية حلقوق اإلنسان‪ ،‬مركز دراسات حقوق اإلنسان يف مصر‪ ،‬دار الطليعة للطباعة والنشر‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األوىل ديسمرب ‪،1981‬‬
‫ص‪.22.‬‬
‫(‪-)2‬أنظر‪ :‬د‪ .‬مصطفى حممد مصطفى الباز‪ :‬جنسية املرأة املتزوجة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.102.‬‬
‫(‪-)3‬انظر‪ :‬ابتيفول والغارد ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬الفقرة ‪ ،126‬اهلامش ‪ ،45‬ص‪.147.‬‬
‫(‪-)4‬انظر د‪ .‬أمحد عبد الكرمي سالمة‪ :‬املبسوط يف شرح نظام اجلنسية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الفقرة ‪ ،895‬ص‪ 626.‬و‪.627‬‬

‫‪71‬‬
‫والرجل بشكل اتم‪ .‬وهذا ما حدث يف االتفاقية اخلاصة ابلقضاء على كل أشكال التفرقة والتمييز اجتاه املرأة الّت نتناوهلا‬
‫أدانه‪.‬‬
‫ب‪-‬االتفاقية اخلاصة ابلقضاء على كل أشكال التمييز ارجاه املرأة املؤرخة يف ‪ 18‬ديسمرب ‪: )1(1979‬سبق هذه‬
‫اال تفاقية اإلعالن اخلاص ابستبعاد التمييز يف مواجهة املرأة الصادر عن اجلمعية العام لألمم املتحدة سنة ‪ ،1967‬حيث‬
‫نصت املادة اخلامسة منه على أن يكون للمرأة نفس حقوق الرجل يف جمال اكتساب اجلنسية وتغيريها أو االحتفاظ هبا‪،‬‬
‫وأن الزواج من أجنيب ال يرتب آاثرا تلقائية على جنسية املرأة ‪ ،‬وقد عهد اإلعالن إىل الدول األعضاء واملنظمات املتخصصة‬
‫واملنظمات غري احلكومية املهتمة ابملسألة أن تقدم اقرتاحاهتا لألمني العام لألمم املتحدة الّت تضمن عالنية اإلعالن ‪،‬‬
‫وكذا اإلجراءات الّت ميكن اّتاذها لتطبيق مبادئه ‪،‬على أن يقدم تقرير بذلك كل أربع سنوات عن تطبيق اإلعالن ‪ ،‬مث‬
‫ُخ هفضت املدة إىل سنتني‪ .‬وما هو جدير ابإلشارة هنا‪ ،‬هو أ هن اإلعالن السابق مل خيرج عن كونه توصية من توصيات‬
‫اجلمعية العامة‪ .‬هأما االتفاقية اخلاصة ابلقضاء على كل إشكال التمييز ضد املرأة الّت حنن بصدد التطرق إليها هنا‪ ،‬والّت‬
‫بدأ العمل هبا يف ‪09‬سبتمرب ‪ ،1981‬فقد نصت املادة التاسعة منها يف فقرهتا األوىل (‪/09‬ف‪ )1‬على أن «متنح الدول‬
‫األطراف يف االتفاقية للنساء حقوقا مساوية حلقوق الرجل فيما يتعلهق ابالكتساب والتغيري واالحتفاظ ابجلنسية‪ ،‬وتضمن‬
‫أي أثر تلقائي على جنسية الزوجة‪ ،‬أو أن‬ ‫بوجه خاص هأال يرتتب عن الزواج من أجنيب‪ ،‬أو تغيري جنسيته أثناء الزواج ه‬
‫يؤدي إىل أن تصبح عدمية اجلنسية أو أن تُفرض عليها جنسية زوجها»‪ .‬يالحظ على هذه االتفاقية هأّنا سعت إىل تثبيت‬
‫أقرت األصل وهو عدم أتثري الزواج على اجلنسية‪،‬‬ ‫مبدإ املساواة بني اجلنسني يف ميدان اكتساب اجلنسية ابلزواج‪ ،‬أبن ه‬
‫دون أن تغلق الباب يف وجه أحد الزوجني الكتساب جنسية الزوج اآلخر إبرادته‪ ،‬وعلى قدم املساواة‪ ،‬ودون تفرقة‪ .‬كما‬
‫انضمت إليها الحقا‪ .‬وما يُؤهكد ذلك أ هن‬
‫أ هن هذه االتفاقية تتمتهع ابلقوة امللزمة اجتاه الدول األطراف الّت وقعت عليها أو ه‬
‫الدول األطراف الّت وقعتها أو الّت انضمت إليها فيما بعد‪ ،‬قد استقت أحكام تشريعاهتا يف مادة اجلنسية من املبادئ‬
‫عد جديدا جاءت‬ ‫الّت نصت عليها االتفاقية‪ .‬ومنها مبدأ املساواة بني اجلنسني يف اكتساب اجلنسية ابلزواج‪ ،‬ومبدأ آخر يُ ُّ‬
‫به االتفاقية‪ ،‬نصت عليه املادة التاسعة يف فقرهتا الثانية(‪/9‬ف‪ ،)2‬وهو مبدأ املساواة الكاملة بني املرأة والرجل يف نقل‬
‫اجلنسية األصلية ايل األبناء‪ ،‬املبنية على أساس النسب‪ .‬وقد أخذ هبا املشرع اجلزائري بعدما انضمت اجلزائر إىل االتفاقية‬
‫فتم تعديل قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر سنة ‪ 1970‬مبوجب األمر رقم ‪ 01-05‬املؤرخ ‪ 27‬فرباير‬
‫املذكورة سنة ‪ ،1996‬ه‬
‫نتبني ذلك الحقا (‪.)2‬‬
‫‪ .2005‬وكان من نتيجة ذلك أن انفتح ابب ازدواج اجلنسية على مصراعيه كما ه‬
‫‪ -3‬يف ظل جملس التعاون األورويب(االحتاد األورويب حاليا)‪ :‬ميكن أن نقدم كأبرز مثال على املستوى اإلقليمي أو‬
‫تبىن قرارا بتاريخ ‪ 27‬ماي ‪ ،1977‬أ هكد يف على مبدإ املساواة‬
‫القاري األعمال الّت قام اجمللس األورويب ‪ ،‬حيث كان قد ه‬
‫القانونية بني اجلنسني يف مادة اجلنسية وأن تقبل الدول األعضاء فيه املساواة يف املعاملة بني الرجال والنساء خبصوص‬

‫انضمت إليها اجلزائر مبوجب األم رقم ‪ 03 -96‬املؤرخ يف ‪ 10‬جانفي ‪ ، 1996‬منشور يف اجلريدة الرمسية ‪ ،‬العدد ‪ 03‬سنة ‪.1996‬‬ ‫(‪ -)1‬ه‬
‫(‪ -)2‬راجع أسباب ازدواج اجلنسية يف ميدان اجلنسية اجلزائرية األصلية املبنية على أساس حق الدم يف ظل األمر ‪ 01 -05‬املؤرخ يف ‪ 27‬فرباير ‪، 2005‬‬
‫رسالتنا مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 454‬وما بعدها ‪ ،‬وراجع أيضا أسباب ازدواج اجلنسية الالحقة للميالد يف ظل نفس األمر ‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪ 520‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫تبىن مبدأ استقاللية‬
‫الشروط الّت يتمكن من خالهلا أحد الزوجني أن يكتسب جنسية الزوج اآلخر‪ ،‬غري أ هن اجمللس وإن ه‬
‫اجلنسية بني الزوجني حتقيقا ملبدإ املساوة ‪ ،‬فإنهه ابملقابل أشار يف ذات الوقت إىل أ هن وحدة اجلنسية يف العائلة الواحدة‬
‫يبقى شيئا مأموال فيه ‪ ،‬وملن أراد ذلك من األزواج أن تُق هدم له التهسهيالت لتحقيقه ‪ ،‬وأن تُتاح إمكانية اكتساب أحد‬
‫الطرفني جنسية الطرف اآلخر وفق إجراءات خاصة ومتميهزة(‪.)1‬‬
‫إ هن التم هعن يف نصوص املواثيق واالتفاقيات الّت ذكرانها أعاله‪ ،‬يفضي بنا إىل استكشاف رغبتني جاحمتني ولكنههما‬
‫متناقضتني‪ ،‬حتكمتا يف سلوك الدول الّت سنهت نصوصا قانونية يف مادة اجلنسية‪ ،‬متماشية مع النصوص الدولية‪:‬‬

‫‪-‬الرغبة األوىل هي ه‬
‫سن قواعد تكفل مبدأ استقاللية جنسية الزوجني يف حالة الزواج املختلط حتقيقا ملبدإ املساواة بينهما‪،‬‬
‫أي طرف من طريف العالقة الزوجية‪.‬‬
‫حبيث ال تتأثهر جنسية ه‬
‫ألي من الزوجني أن يكتسب إبرادته جنسية الزوج اآلخر حتقيقا ملبدإ وحدة‬ ‫‪ -‬الرغبة الثانية هي ترك اجملال مفتوحا ه‬
‫اجلنسية يف العائلة‪ ،‬الذي ترى فيه كل دولة من الدول الغاية املرجوة يف ّناية األمر‪ ،‬أل هن ذلك حي هقق االرتباط الفعلي للعائلة‬
‫ابلدولة ويؤدي إىل االستقرار واالنسجام االجتماعي القائم على متاسك األسرة يف قيهمها وانتمائها ووالئها ابعتبارها أساس‬
‫اجملتمع القوي‪ ،‬واملتماسك يف الدولة‪.‬‬
‫أخريا نشري إىل أ هن مبدأ التوفيق بني مبدإِي وحدة اجلنسية واستقالليتها يف العائلة تتح هكم فيه عدة اعتبارات‪:‬‬
‫ً‬
‫االعتبار األول هو ما تقضي به األصول املثالية يف مادة اجلنسية املكتسبة من االعتداد إبرادة الفرد‪ .‬فال تفرض الدولة‬
‫عمال مببدإ وحدة اجلنسية‪ ،‬وإهّنا جيب أن يكون ذلك انبعا من إرادة املعين‬ ‫جنسيتها على من يتزوج من أحد رعاايها ً‬
‫احرتاما ملبدإ استقاللية اجلنسية بني الزوجني‪ ،‬وأيضا احرتاما ملبدإ املساواة بينهما‪ ،‬فال يؤثر الزواج يف اجلنسية تلقائيا وبقوة‬
‫القانون‪.‬‬
‫فإذا كانت مصلحة األسرة تقتضي أن تكون جنسية أفرادها واحدة‪ ،‬فإ هن مصلحة كل طرف يف العالقة الزوجية قد‬
‫تقتضي أن يبقى مستقال جبنسيته‪ ،‬فال تكون هناك رابطة بني الزواج واجلنسية أصال‪.‬‬
‫االعتبار الثاين هو مصلحة الدولة الّت تفرض عليها أن تُراعي ظروفها السكانية والسياسية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫فتتصرف وفق ما يالئمها‪ ،‬محاية ملصاحلها يف الداخل واخلارج‪ ،‬فتفتح اجملال لدخول األزواج األجانب يف جنسيتها‬
‫واألمنية‪ ،‬ه‬
‫إذا رأت يف ذلك مصلحة هلا‪ُّ ،‬‬
‫وتسد الباب يف وجوههم إذا هقررت أ هّنم غري جديرين ابكتساب جنسيتها وأ هن دخوهلم فيها‬
‫قد يه هدد النسيج االجتماعي فيها‪ ،‬ويش هكل خطرا حمدقا على أمنها واستقرارها‪.‬‬
‫االعتبار الثالث هو مصلحة الفرد‪ ،‬الّت قد تقتضي أن يكتسب الزوج األجنيب جنسية دولة الزوج اآلخر إذا ما رغب يف‬
‫ذلك وإبرادته‪ .‬خاصة إذا ما توفهرت عوامل ارتباطه فعليا وواقعيا بتلك الدولة عن طريق اإلقامة الدائمة يف إقليمها وتشبهعه‬
‫مبنظومة القيم السائدة فيها‪ ،‬وانقطاع صلته بدولته األصلية‪ ،‬فيتح هقق يف هذه احلالة مبدأ وحدة اجلنسية يف العائلة‪.‬‬
‫هأما يف حالة العكس فمن حقه أن حيتفظ جبنسية دولته ‪ ،‬ويف هذه احلالة يتحقق مبدأ استقالل اجلنسية بني الزوجني ‪،‬‬
‫ولكن فرضية ازدواج جنسية األطفال تكون قائمة أل هّنم قد يتمتهعون جبنسيتني أصليتني على أساس رابطة الدم من جهة‬

‫(‪-)1‬انظر د‪ .‬أمحد عبدالكرمي سالمة ‪ ،‬املبسوط‪ ...‬مرجع ساب ق ‪ ،‬ص‪.628.‬‬

‫‪73‬‬
‫تتبىن معيار حق الدم كأساس ملنح اجلنسية األصلية ‪ ،‬أصبحت‬ ‫األب ‪ ،‬ومن جهة األم ‪ ،‬أل هن أغلب التشريعات املقارنة الّت ه‬
‫يف وقتنا الراهن تُسوي بني املرأة والرجل يف نقل اجلنسية إىل األبناء ‪ ،‬ومنها التشريع اجلزائري ‪ ،‬فقد أخذ مببدإ املساواة بني‬
‫املرأة والرجل يف مادة اجلنسية ‪ ،‬سواء يف اجلنسية اجلزائرية األصلية القائمة على أساس حق الدم أو يف اجلنسية اجلزائرية‬
‫املكتسبة ابلتجنهس وابلزواج املختلط ‪ ،‬ذلك ما سنعرفه عندما ندرس يف الفصل الثاين اجلنسية اجلزائرية ‪.‬‬
‫رابعا‪-‬اكتساب اجلنسية ابالسرتداد‪:‬‬
‫يُقصد ابالسرتداد رجوع الفرد إىل اجلنسية الّت زالت عنه‪ ،‬بعد ما كان قد فقدها إبرادته أو دون إرادته‪ ،‬نتيجة اكتسابه‬
‫وسعت من نطاقه‬ ‫جنسية أخرى‪ .‬وقد اختلفت التشريعات املقارنة يف حتديد نطاق أو جمال االسرتداد‪ ،‬فالبعض منها ه‬
‫عما إذا كانت اجلنسية الّت فقدها أصلية‬
‫بغض النظر ه‬
‫حبيث يشمل اسرتداد اجلنسية الّت فقدها الفرد إبرادته أو دون إرادته ه‬
‫أو مكتسبة‪ .‬غري أ هن املشرع اجلزائري كما سنرى الحقا عند دراستنا اجلنسية اجلزائرية اخلاصة ابلشخص الطبيعي قد قصر‬
‫إمكانية اسرتداد اجلنسية اجلزائرية على من كان يتمتهع هبا كجنسية أصلية فقط‪ ،‬مثه فقدها إبحدى طرق الفقد املنصوص‬
‫اسرتدها وفق شروط االسرتداد املنصوص عليها يف قانون اجلنسية اجلزائرية‪،‬‬
‫عليها يف التشريع اخلاص ابجلنسية اجلزائرية‪ ،‬فإذا ه‬
‫أصبح يف حكم مكتسب اجلنسية اجلزائرية‪ .‬يُع هد االسرتداد إجراءً قانونيا تسمح مبقتضاه الدولة ملن فقد جنسيتها أن‬
‫يقره‬
‫يسرتدها الحقا‪ ،‬إذا زال عنه السبب الذي ترتهب عنه الفقد لينضم من جديد إىل عضوية شعبها‪ .‬واالسرتداد قد ه‬ ‫ه‬
‫القانون كحق للفرد يتح هقق له مبجرد التعبري عن رغبته يف ذلك‪ ،‬فال ميكن للدولة يف هده احلالة أن حتول دون عودته إىل‬
‫جنسيتها‪ .‬وقد يكون ذلك مرتوكا للسلطة التقديرية الّت تتمتهع هبا الدولة فتقبل طلب الفرد ابلرجوع إىل جنسيتها‪ ،‬كما‬
‫متلك رفض طلبه رغم توفهر كافة شروط االسرتداد (‪.)1‬‬
‫ميكن ضرب املثال على ذلك ابلتشريع الفرنسي الذي استلهمت منه التشريعات العربية األحكام املتعلهقة ابالسرتداد ‪،‬‬
‫نصت على إمكانية اسرتداد اجلنسية ‪ ،‬حيث‬ ‫إذ يعترب القانون املدين الفرنسي الصادر سنة ‪1804‬من أقدم التشريعات الّت ه‬
‫يسرتدها إذا دخل إىل فرنسا برتخيص‬
‫نصت املادة ‪ 18‬منه على أن « ميكن دائما للفرنسي الذي فقد الصفة الفرنسية أن ه‬ ‫ه‬
‫مصرحا برغبة اإلقامة فيها ‪ ،‬على أن يتخلهى عن كل ما من شأنه أن يتعارض مع القانون الفرنسي »‪ .‬هأما‬
‫من احلكومة ‪ ،‬ه‬
‫ترملت‬ ‫تسرتد املرأة الفرنسية الّت تزوجت أجنبيا وتبعته يف حالته صفتها الفرنسية إذا ه‬
‫املادة ‪ 19‬منه فقد نصت على أن « ه‬
‫وصرحت عن رغبتها يف اإلقامة الدائمة‬
‫بشرط أن تكون مقيمة يف فرنسا أو دخلت إليها برتخيص من احلكومة ‪ ،‬ه‬
‫(‪)2‬‬
‫نصت املادة ‪24‬‬‫فيها» ‪ .‬هأما قانون اجلنسية الفرنسية احلايل امل درج يف منت القانون املدين الفرنسي الساري حاليا فقد ه‬
‫منه على أ هن « إعادة اإلدماج يف اجلنسية الفرنسية ‪ La réintégration dans la nationalité Française‬ابلنسبة‬
‫يتم مبرسوم أو بتصريح حسب احلاالت أدانه»(‪.)3‬ميهزت هذه املادة‬
‫لألشخاص الذين كانوا حائزين على الصفة الفرنسية ه‬
‫بني االسرتداد مبرسوم أو بتصريح بسيط ‪.‬‬

‫(‪ -)1‬د‪ .‬فؤاد عبد املنعم رايض ‪ :‬أصول اجلنسية‪ ...‬مرجع سابق ‪ ،‬الفقرة ‪ ، 314‬ص ‪.346‬‬
‫(‪ -)2‬القانون املدين للفرنسيني الذكرى املئوية الثانية ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.6‬‬
‫(‪ -)3‬القانون املدين الفرنسي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.114‬‬

‫‪74‬‬
‫نصت عليه ‪ 1-24‬من القانون املدين الفرنسي حيث قضت على أن «ميكن أن يتم االسرتداد‬ ‫هأما االسرتداد مبرسوم فقد ه‬
‫يف كل مراحل العمر ودون شرط التجربة‪ .‬ما عدا ذلك فهو خيضع إىل شروط وقواعد التجنهس»‪ .‬فقد اعترب املشرع‬
‫االسرتداد يف هذه احلالة جتنهسا‪ ،‬ممها يعين أ هن صاحبه خيضع للتحقيقات املعمول هبا يف جمال التجنهس‪ ،‬ولكن شروط التجنهس‬
‫تعرض‬‫هنا خم هففة وأقل صرامة‪ .‬من هذه الشروط شرط إقامة املعين يف فرنسا وقت التوقيع على املرسوم‪ ،‬و هأال يكون قد ه‬
‫يتم التأكد من شروط اندماجه جم هددا يف اجملتمع الفرنسي‪.‬‬‫للطرد منها أو ُوضع حتت اإلقامة اجلربية وأن ه‬
‫خيص األشخاص الذين فقدوا جنسيتهم الفرنسية بسبب الزواج من أجنيب ‪،‬أو بسبب‬ ‫هأما االسرتداد بتصريح بسيط فهو ُّ‬
‫تطرقت إليه املادة ‪ 2-24‬من نفس القانون ‪ ،‬حيث نصت على إمكانية‬ ‫اكتساهبم جنسية أجنبية مببادرة منهم ‪ ،‬فقد ه‬
‫اسرتدادها ابكتتاب تصريح يف فرنسا أو يف اخلارج وفق أحكام املاد ‪ 26‬وما بعدها من نفس القانون ‪ ،‬ولكن بشرط هأال‬
‫يسرتد اجلنسية‬
‫يكون االسرتداد متعارضا مع أحكام املادة ‪ ، 27-21‬الّت قضت على أن « ال ميكن مطلقا‪...‬أن ه‬
‫الفرنسية م ن صدرت يف حقه إدانة من أجل جرائم تُع هد جناية أو جنحة تشكل مساسا ابملصاحل اجلوهرية لألمة ‪ ،‬أو قام‬
‫بعمل إرهايب مهما كان‪ ،‬يرتتهب عنه إدانة ابلسجن تساوي أو تزيد على ستة أشهر‪ ...‬أو صدر يف حقه قرار بطرده من‬
‫فرنسا مل يتم أتجيله أو إلغاؤه‪ ...‬أو صدر قرار منعه من اإلقليم الفرنسي ‪ ،‬ولو مل يتم تنفيذه ‪ ،‬وأيضا كل من أقام يف فرنسا‬
‫بطريقة غري نظامية خالفا لنصوص االتفاقيات املتعلهقة إبقامة األجانب»‪.‬‬
‫رتهب املشرع الفرنسي على االسرتداد آاثرا قانونية متتد إىل األوالد القصر‪ ،‬فقد نصت املادة ‪ 3-24‬من القانون املدين‬
‫على أ هن االسرتداد مبرسوم أو بتصريح يُنتج آاثره يف مواجهة األطفال الذين تقل أعمارهم عن مثان عشرة(‪ )18‬سنة وفق‬
‫الشروط املنصوص عليها يف املادتني ‪ 1-22‬و‪ 2-22‬من نفس القانون‪ .‬ففي هذا السياق نصت املادة ‪ 1-22‬على أ هن‬
‫«الطفل القاصر‪ ،‬سواء كان شرعيا‪ ،‬طبيعيا‪ ،‬أو مته تبنهيه تبنه يًا كامال‪ ،‬الذي اكتسب أحد أبويه اجلنسية الفرنسية يصبح‬
‫فرنسيا بقوة القانون إذا كانت له إقامة معتادة معه‪ ،‬أو يقيم بصفة متناوبة معه يف حالة االنفصال بني األبوين‪ ،‬أو الطالق‬
‫نصت على أن «ال تنطبق أحكام املادة السابقة على الطفل القاصر املتزوج»‪.‬‬
‫بينهما » ‪ .‬غري أ هن املادة ‪ 2-22‬ه‬
‫يفرقون بني االسرتداد ‪ La réintégration‬والرد‬‫شراح القانون الدويل اخلاص ه‬
‫ال يفوتنا أن نشري هنا إىل أ هن كثريا من ه‬
‫‪ Restitution‬فيقصرون اصطالح الرد على احلاالت الّت يكون فيها الشخص فقد جنسيته على سبيل العقاب بسحبها‬
‫منه أو جتريده منها‪ ،‬أو إسقاطها عنه‪ ،‬بينما ينصرف مصطلح االسرتداد إىل احلاالت الّت يكون فيها الشخص قد فقد‬
‫جنسيته إبرادته‪ ،‬او لغري ذلك من األسباب (‪.)1‬‬
‫إ هن االسرتداد كمبدإ أجازته أغلب التشريعات اخلاصة ابجلنسية يف خمتلف الدول غري إ هّنا ّتتلف يف طريقة تطبيقه‪ ،‬فقد‬
‫يتحقق تطبيقه بقوة القانون عندما يكون حقا للفرد‪ ،‬فال ميكن للدولة يف هذه احلالة أن حتول بني الفرد وعودته إىل‬
‫جنسيتها‪ .‬وقد يكون مرتوكا إلرادة الدولة وسلطتها التقديرية‪ ،‬الّت متلك حق السماح للفرد ابسرتداد اجلنسية الّت فقدها‪،‬‬
‫حّت لو توفهرت كافة الشروط الالزمة لذلك (‪ .)2‬وقد أقر املشرع اجلزائري إمكانية‬
‫كما متلك حق رفض طلب االسرتداد ه‬

‫(‪-)1‬د‪.‬جمد الدين طاهر خرب وط ‪ :‬مشكلة تعدد اجلنسيات ‪،‬رسالة دكتوراه كلية احلقوق‪ ،‬جامعة عني الشمس القاهرة ‪ ،1997‬ص‪85.‬و‪.86‬‬
‫(‪-)2‬د‪.‬فؤاد عبداملنعم ري اض ‪ :‬أصول اجلنسية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.346‬‬

‫‪75‬‬
‫اسرتداد اجلنسية اجلزائرية لِمن فقدها كجنسية جزائرية أصلية‪ ،‬وعلهق اإلمكانية على إرادة الفرد من جهة‪ ،‬وإرادة الدولة‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬فجعل االسرتداد ممكنا عندما يرغب الفرد يف ذلك‪ ،‬لكنهه ترك تقدير ذلك للسلطة العامة يف الدولة‪ ،‬فإن‬
‫شاءت وافقت عل االسرتداد مّت توفهرت شروطه‪ ،‬وإن أبت رفضته رغم توفهر مجيع شروطه‪ .‬نؤجل حبث هذه املسألة إىل‬
‫حني دراستنا املفصلة لالسرتداد كطريقة من طرق اكتساب اجلنسية اجلزائرية يف الفصل الثاين‪.‬‬
‫خامسا‪-‬اكتساب اجلنسية بضم اإلقليم‪:‬‬
‫يُقصد بضم اإلقليم أن تقوم دولة ما غالبة بضم إقليم أو جزء من إقليم دولة أخرى مغلوبة إىل إقليمها‪ .‬ويسلم فقهاء‬
‫الضم يؤدي إىل تغيري السيادة على اإلقليم املضموم‪ .‬غري أ هن القول أب هن ضم دولة جلزء من إقليم دولة‬
‫القانون الدويل أ هن ه‬
‫أخرى أو ضم اإلقليم كله إىل إقليمها يؤدي إىل اكتساب سكان اإلقليم املضموم جنسية الدولة الضامة‪ ،‬قول ينطوي على‬
‫مآخذ كثرية وعلى سوء يف التقدير‪ ،‬أل هن مسألة الضم وما يتمخض عنه من نتائج‪-‬حسب تقديران‪-‬تتح هكم فيه عوامل‬
‫ومعطيات خمتلفة‪ ،‬منها الوضع التارخيي لإلقليم واملوقع اجلغرايف له‪ ،‬واإلطار احلضاري والديين لسكانه‪ .‬فما ينطبق على‬
‫ضم إقليم دولة أوروبية مسيحية من مثيلتها يف أورواب ال ينطبق على ضم إقليم دولة تنتمي إىل العامل اإلسالمي إىل إقليم‬
‫حتركه‬
‫دولة أوروبية مسيحية‪ .‬ففي املثال األول غالبا ما يتم الضم نتيجة صراع دول هلا حضارة ومدنية واحدة مشرتكة ه‬
‫توجهات سياسية معينة‪ .‬وهكذا وجدان يف مرحلة اترخيية من هذا‬‫الرغبة يف االستحواذ على أسباب القوة والسيطرة وفرض ه‬
‫ض هم إىل دولة محل‬
‫الصراع بولونيا مثال مقسمة إىل عدة أجزاء ُوزعت على عدة دول أوروبية مسيحية ‪ ،‬كل جزء منها ُ‬
‫سكانه جنسية تلك الدولة ‪ ،‬ومثل هذا الضم ال يثري أي مشكلة ابلنسبة للجنسية بسبب االشرتاك يف العقيدة الدينية‬
‫واالنتماء إىل القارة األوروبية ‪ ،‬وإن كان فيه غنب وظلم ‪ ،‬أل هن األمة الواحدة ُجهزئت إىل عدة أجزاء ‪ ،‬ومثل هذا الوضع ال‬
‫ميكن إسقاطه على حالة ضم إقليم دولة مسلمة إىل إقليم دولة أوروبية مسيحية ‪ ،‬أل هن الضم يف هذه احلالة خيتلف يف‬
‫غاايته وأهدافه وجوهره ‪ ،‬أل هن إطاره هو إطار حضاري ديين ابلدرجة األوىل ‪ ،‬فالضم هنا يعين انتصار حضارة ومدنية–‬
‫ولو مؤقتا–على حضارة ومدنية أخرى ‪ ،‬فال ميكن القول أنهه يف هذه احلالة ينتج كل آاثره ابلنسبة جلنسية السكان األصليني‬
‫يف اإلقليم املضموم ‪ ،‬وال ميكن أن يكون سببا يف اكتساب السكان األصليني املسلمني يف اإلقليم املضموم جنسية الدولة‬
‫الضامة‪ ،‬أل هن واقع الظاهرة االستعمارية األوروبية املسيحية الّت عانت منها بالد اإلسالم يؤكد ما ذهبنا إليه آنفا ‪ ،‬وخري‬
‫برمته إىل فرنسا بعد احتالهلا اجلزائر ابلقوة سنة ‪ ، 1830‬حيث مل‬
‫مثال ميكن أن نضربه على ذلك ‪ ،‬ضم اإلقليم اجلزائري ه‬
‫يرتتب مع الضم اكتساب اجلزائريني اجلنسية الفرنسية بسبب التنافر الديين واحلضاري وبسبب الظاهرة االستعمارية نفسها‬
‫القائمة على القوة واإلكراه ‪ ،‬وهضم حقوق الغري (‪ ،)1‬فالقول أب هن الضم هو وسيلة من وسائل اكتساب سكان اإلقليم‬
‫املضموم‪ ،‬جنسية الدولة الضامة ‪ ،‬قول مردود عليه إذا تعلهق األمر مبجتمعات هلا مدنيات خمتلفة يف جوهرها احلضاري‬
‫والديين ‪ ،‬وإهّنا ذلك القول هو من نتائج أساطني الفكر االجتماعي والسياسي والقانوين االستعماري وجهابذته ومنظريه‪،‬‬
‫املطبوع ابلنظرة االستعالئية ‪ ،‬إلعطاء الشرعية القانونية الدولية للظاهرة االستعمارية ‪ .‬وما يؤسف له أ هن رجال الفكر‬
‫القانوين يف العامل العريب واإلسالمي ينقلون إلينا تلك األفكار األجنبية وكأ هّنا مسلمات جيب علينا اتهباعها‪ ،‬لذلك كان‬

‫(‪ -)1‬راجع املركز القانوين للجزائريني خالل احلقبة االستعمارية الفرنسية ‪ ،‬رسالتنا ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ 231‬وما بعدها ‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫طرحهم انعكاسا لطروحات الفقه القانوين يف الغرب املسيحي‪ .‬وعلى أي حال ميكننا أن نوجز أهم ما ورد من آراء فقهية‬
‫يف هدا املضمار فيما يلي‪:‬‬
‫ض هم إقليمها سيادهتا‬
‫‪-‬يرى الفقه القانوين الغريب أ هن ضم إقليم دولة إىل إقليم دولة ض اما كليا يؤدي إىل فقد الدولة الّت ُ‬
‫عليه وعلى سكانه‪ ،‬وابلتايل تزول هذه الدولة وتفىن جنسيتها معها‪ ،‬ويكتسب رعاايها جنسية الدولة الضامة‪ .‬ففي هذه‬
‫احلالة ال تطرح إشكالية خاصة ابجلنسية (‪ .)1‬ويف تقديران أ هن هذا قد يكون صحيحا ابلنسبة للمجتمعات الّت تكون هلا‬
‫نفس املنابع احلضارية والدينية‪ ،‬ولكن ال ينطبق على اجملتمعات الّت ّتتلف حضاراي ودينيا‪ ،‬كما سبق أن أوضحنا فيما‬
‫سلف‪ .‬ذلك أ هن اجلنسية ليست انتماء ماداي ألجساد بشرية إىل كيان جمرد امسه الدولة وإ ّّنا هي انتماء روحي‬
‫جيسده اإلحساس والشعور الوجداين ابالنـتماء االجتماعي والسياسي والقانوين إىل كيان له هويته‬
‫وفكري ووجداين ّ‬
‫الدينية واحلضارية‪ .‬فزوال هذا الكيان قسرا وابلقوة ال يقضي على الروح الكامنة املسترتة يف النفوس‪ ،‬الّت تكون حافزا‬
‫للشعوب الّت ُسلبت منها دولتها وجنسيتها من أجل التحرر واالنعتاق عندما حتني الفرصة املناسبة لذلك‪ ،‬وخري مثال‬
‫يضرب يف هذا الشأن كفاح الشعب اجلزائري ضد املستعمر الفرنسي‪.‬‬
‫انضمت دولتان إىل بعضهما البعض إبرادت يهما‪ ،‬وهذا ما حيدث غالبا مع الشعوب والقوميات الّت‬ ‫‪ -‬هأما إذا حدث أن ه‬
‫مزقتها احلروب واأليديولوجيات‪ ،‬كما هو الشأن ابلنسبة ألملانيا بعد احلرب العاملية الثانية‪ ،‬الّت انشطرت إىل دولتني بسبب‬
‫ه‬
‫االن هزام يف احلرب وبروز الصراع األيديولوجي بني املعسكر الشيوعي بقيادة االحتاد السوفيايت‪ ،‬واملعسكر الرأمسايل بقيادة‬
‫الوالايت املتحدة األمريكية‪ ،‬فبمجرد ما إن هار األساس االيديولوجي الذي قام عليه التقسيم بني املنتصرين‪ ،‬اندجمت‬
‫الدولتان يف دولة واحدة‪ .‬فمثل هذا االندماج ال يثري إشكالية ابلنسبة للجنسية ألنهه حيقق األمنية يف الوحدة على أساس‬
‫قومي‪ .‬بل إ هن الضم الذي يقوم على القوة واإلكراه غالبا ما يؤدي إىل انفصال األقاليم الّت تقطنها الشعوب والقوميات‬
‫عن الدولة الضامة‪ ،‬واالستقالل عنها بدوهلا وجنسيتها‪ ،‬وخري مثال يُضرب على ذلك انفصال الشعوب والقوميات الّت‬
‫كانت تدخل يف تركيبة دولة االحتاد السوفيات ي‪.‬‬
‫ض هم جزء من إقليم دولة اىل إقليم دولة أخرى ‪ ،‬فإ هن الفقهاء يرون أ هن املسألة قد تدق يف هذه احلالة‪،‬‬
‫‪ -‬هأما إذا حدث أن ُ‬
‫أل هن الدولة الّت أنتُ ِزع منها جزء من إقليمها تبقى قائمة وكذلك جنسيتها ‪ ،‬فال ميكن اجلزم حبلول جنسية الدولة الضامة‬
‫حمل جنسية الدولة الّت فقدت جزءًا من إقليمها بصفة آلية ‪ ،‬ولكن يف ذات الوقت ال ميكن للدولة هاال تفرض جنسيتها‬
‫على سكان اإلقليم املضموم الذي أصبح جزءا من إقليمها أل هن سيادة الدولة عينية (إقليمية) وشخصية يف آن واحد(‪.)2‬فال‬
‫يتصور حسب هدا املنظور أن تكتفي الدولة الضامة بسيادة إقليمية فقط ‪ ،‬دون أن أتخذ يف اعتبارها التبعية السياسية‬
‫ضم جزء من إقليم‬
‫يقر ه‬
‫لسكان اإلقليم املضموم ‪ ،‬لكن هذا القول مردود عليه ‪ ،‬ألنهه يتعارض مع القانون الدويل الذي ال ه‬
‫دولة إىل إقليم دولة أخري ابلقوة‪ .‬والسؤال الذي جيب طرحه هو ماهي املعايري املعتمدة من قبل الدولة الضامة إلدخال‬

‫(‪ -)1‬راجع يف نفس املعىن د‪ .‬فؤاد عبد املنعم ري اض ‪ :‬أصول اجلنسية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬الفقرة ‪ ، 73‬ص ‪.213‬‬
‫(‪ -)2‬أنظر د‪ .‬فؤاد عبد النعم رايض ‪ ،‬نفس املرجع السابق ‪ - .‬وأيضا د‪ .‬عزالدين عبد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.213‬‬

‫‪77‬‬
‫سكان اإلقليم املضموم يف جنسيتها؟‪ ،‬يرى الفقه الدويل إجاب ًة عن هذا السؤال أ هن االتفاقيات الدولية وكذا املمارسة الدولية‬
‫جرت على إعمال املعايري التالية‪:‬‬
‫‪ -‬املعيار األول‪ :‬أن متنح الدولة الضامة جنسيتها لسكان اإلقليم املضموم جتنهبا النعدام اجلنسية (‪ .)1‬أل هّنم أصبحوا بعد‬
‫الضم خاضعني لسيادة الدولة الضامة‪ ،‬وسيادهتا تكون عينية وشخصية يف آن واحد (‪ ،)2‬ويرى البعض أ هن منح جنسية‬
‫الدولة الضامة يقتصر على من ُولد على اإلقليم املضموم‪ ،‬هأما البقية فيظلون حمتفظني جبنسيتهم األصلية (‪.)3‬‬
‫‪ -‬املعيار الثاين‪ :‬يكتسب جنسية الدولة الضامة كل من توطهن اإلقليم املضموم وقت ضمه‪ .‬وعلى هذا ال يكون أي أتثري‬
‫للضم على جنسية من غادر اإلقليم قبل نفاذ الضم (‪.)4‬‬
‫‪ -‬املعيار الثالث‪ :‬يشرتط يف من يكتسب جنسية الدولة الضامة أن يكون قد ُولِد على اإلقليم املضموم ومتوطنا فيه (‪.)5‬‬
‫‪ -‬املعيار الرابع‪ :‬يكتسب جنسية الدولة الضامة كل شخص كان متوطنا أو مولودا يف اإلقليم املضموم‪ ،‬وعلى هذا يدخل‬
‫يف جنسيتها مجيع السكان املتوطنني ابإلقليم وقت ضمه‪ ،‬كما يكتسب جنسيتها كل من ُولد على اإلقليم املضموم ولو‬
‫كان غري مستقر فيه وقت حدوث الضم (‪ .)6‬ولكن هذه املعايري قد تصدق عندما تضم أجزاء من أقاليم دول لتصبح‬
‫أجزاءً من أقاليم دول أخرى‪ ،‬هأما إذا مت ضم اإلقليم برمته عن طريق القوة واإلكراه فإ هن األمر خيتلف متاما‪ .‬واملثال على‬
‫ذلك أ هن فرنسا اال ستعمارية قد ضمت اإلقليم اجلزائري برمته دون يكتسب اجلزائريون اجلنسية الفرنسية‪ ،‬ألنههم رفضوها‬
‫وهي مل تشأ أن متنحهم جنسيتها بسبب التعارض الديين واحلضاري (‪.)7‬‬

‫(‪-)1‬أنظر بيري مايري ‪ :‬القانون الدويل اخلاص ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.552‬‬


‫(‪-)2‬أنظر د‪ .‬عزالدين عبد هللا ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.215‬‬
‫(‪-)3‬د‪ .‬فؤاد عبداملنعم ري اض ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.83‬‬
‫(‪- )4‬نفس املرجع السابق‪.‬‬
‫(‪-)5‬راجع قوردن ‪ : Gorden‬التنازل عن األقاليم وأث ره على جنسية السكان ‪ ،‬اجلنسية يف العلوم االجتماعية ‪ ،‬ص ‪ 123‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ Le cessions de territoires et leurs effets sur la nationalité des habitnts in la nationalité dans la science sociale.p123 et s.‬ذكره‬
‫د‪ .‬فؤاد عبد املنعم رايض ‪ ،‬أصول اجلنسية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.83‬‬
‫(‪-)6‬نفس املرج السابق ‪.‬‬
‫(‪ -)7‬راجع ‪ :‬املركز القانوين اخلاص ابجلزائريني إابن احلقبة االستعمارية الفرنسية ‪ ،‬رسالتنا مرجع ‪ ،‬سبق ّترجيه ‪ ،‬ص‪ 231‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫الفصل الثاين‬
‫اجلنسية اجلزائرية اخلاصة ابلشذص الطبيعي‬
‫اجلنسية القانونية اخلاصة ابلفرد هإما أن تكون جنسية أصلية أو جنسية مكتسبة‪ .‬اختلفت الدول يف املعيار الذي اعتمدته‬
‫كأساس ملنح جنسيتها األصلية للفرد‪ .‬فمنها من اعتمدت معيار حق الدم ‪ jus sanguinis‬كأساس ملنح جنسيتها‬
‫آخذة بعني االعتبار ركن الشعب‪ ،‬أي عنصر االنسان‪ .‬ومنها من اعتمدت معيار حق اإلقليم ‪ jus soli‬كأساس ملنح‬
‫جنسيتها األصليهة‪ ،‬آخذة بعني االعتبار ركن اإلقليم‪.‬‬
‫لكن الدول الّت تبنهت أحد املعيارين كقاعدة عامة ملنح جنسيتها األصلية‪ ،‬فسحت اجملال لتطبيق املعيار اآلخر كاستثناء‬
‫من القاعدة العامة‪ .‬واجلنسية األصلية يقصد هبا اجلنسية اليت متنحها الدولة للفرد منذ حلظة ميالده‪.‬‬
‫أما اجلنسية املكتسبة فهي اجلنسية اليت يكتسبها الفرد يف اتريخ الحق على ميالده‪ ،‬وهناك ع هدة طرق الكتساب‬
‫اجلنسية‪ ،‬وِمن أهم الطرق الشائعة الكتساب ها هي‪ :‬اكتساب ها ابمليالد على إقليم الدولة واإلقامة فيها‪ ،‬واكتساب ها ابلتجنس‬
‫العادي واالستثنائي‪ ،‬واكتساب ها ابلزواج املختلط‪ ،‬وابالسرتداد‪.‬‬
‫مبا أنهنا بصدد دراسة اجلنسية اجلزائرية اخلاصة ابلفرد‪ ،‬ألنهنا كنها قد درسنا اجلنسية اجلزائرية اخلاصة ابلشخص االعتباري‬
‫عندما درسنا عناصر اجلنسية القانونية فيما سلف‪ ،‬فإنهنا نق هدم هنا تعريف اجلنسية اجلزائرية اخلاصة ابلفرد‪ ،‬فنقول‪ :‬إ ّن‬
‫اجلنسية اجلزائرية اخلاصة ابلفرد هي انتماء فرد ما اجتماعيا سياسيا وقانونيا إىل الدولة اجلزائرية فيصري عضوا يف‬
‫شعبها أي وطنيّا هلا‪.‬‬
‫واجلنسية اجلزائرية كغريها من اجلنسيات يف التشريعات املقارنة‪ ،‬هإما أن تكون جنسية أصلية (املبحث األول) أو جنسية‬
‫مكتسبة (املبحث الثاين)‪.‬‬
‫املبحث األول‬
‫اجلنسية جلزائرية األصلية‪.‬‬
‫بناها املشرع اجلزائري أصال على أساس النسب أو حق الدم (املطلب األول) واستثناءً على أساس حق اإلقليم‬
‫(املطلب الثاين)‪.‬‬
‫املطلب األول‬
‫اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس النسب أو حق الدم‪.‬‬
‫نتطرق ابختصار إىل اجلنسية اجلزائرية األصلية املبنية على أساس النسب يف ظل قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر سنة‬
‫‪( 1963‬الفرع األول) مث يف ظل قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر يف ‪ 15‬ديسمرب ‪ 1970‬قبل تعديله (الفرع الثاين) مث‬

‫‪79‬‬
‫نتناول ابلدراسة اجلنسية اجلزائرية األصلية املبنية على أساس حق الدم يف ظل قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪ 1970‬بعد‬
‫تعديله (الفرع الثالث)‪.‬‬
‫الفرع األول ـ ـ ـ اجلنسية اجلزائرية األصلية ابلنسب يف ظل قانون سنة ‪:1963‬‬
‫نصت املادة اخلامسة (‪ )5‬من هذا القانون على أن‪« :‬يعترب من اجلنسية اجلزائرية ابلنسب‪:‬‬
‫‪ 1‬الولد املولود من أب جزائري‬
‫‪ 2‬الولد املولود من أم جزائرية وأب جمهول»‪.‬‬
‫لكل ولد احندر بنسبه من أب جزائري (املادة ‪.)1/5‬‬
‫يتبني من هذا النص أن اجلنسية اجلزائرية األصلية ابلنسب متنح ه‬
‫ه‬
‫لكل ولد احندر بنسبه من جهة هأم جزائرية يف حالة واحدة هي عندما يكون الولد جمهول األب كما يبدو‬
‫ومتنح استثناءً ه‬
‫حّت ال يكون عدمي اجلنسيهة‪.‬‬
‫من نص(املادة ‪ ،)2/5‬وذلك عندما يتع هذر منحها له ابلنهسب من جهة األب اجلزائري ه‬
‫ظل قانون ‪ 1970‬قبل تعديله‪:‬‬
‫الفرع الثاين‪-‬اجلنسية اجلزائرية األصلية ابلنسب يف ّ‬
‫نصت املادة السادسة (‪ )6‬من قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر يف ‪ 1970/12/15‬على أن‪« :‬يعترب من اجلنسية اجلزائرية‬
‫ابلنسب‪:‬‬
‫‪ 1‬الولد املولود من أب جزائري‪،‬‬
‫‪ 2‬الولد املولود من أم جزائرية وأب جمهول‪،‬‬
‫‪ 3‬الولد املولود من أم جزائرية وأب عدمي اجلنسية»‪.‬‬
‫لكل ولد احندر بنسبه من أب جزائري (املادة ‪.)1/6‬‬
‫حسب نص هذه املادة متنح اجلنسية األصلية ابلنسب أصال ه‬
‫األم اجلزائريهة‪ ،‬عندما يتع هذر منحها ابلنهسب من جهة األب اجلزائري وذلك يف‬
‫ومتنح استثناءً على أساس النهسب من جهة ه‬
‫حالتني مها‪ ،‬حالة كون الولد جمهول األب (املادة ‪ ،)2/6‬وحالة كون أب الولد عدمي اجلنسيهة (املادة ‪ .)3/ 6‬واحلكمة من‬
‫ذلك حّت ال يكون الولد عدمي اجلنسية‪.‬‬
‫الفرع الثالث ـ ـ اجلنسية اجلزائرية األصلية حبق الدم يف ظل قانون سنة ‪ 1970‬بعد تعديله‪:‬‬
‫املتمم ابألمر ‪ 01 05‬املؤرخ يف‬
‫نصت املادة السادسة(‪ )6‬من قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر سنة ‪ 1970‬املع هدل و ه‬
‫‪ 2005/02/27‬على أن‪« :‬يعترب جزائراي الولد املولود من أب جزائري أو هأم جزائرية»‪.‬‬
‫نص هذه املادة ما يلي‪:‬‬
‫يُالحظ على ه‬
‫أ هن املشرع اجلزائري قد حذف كلمة «النّسب» الّت كان ه‬
‫ينص عليها يف قانون اجلنسية الصادر يف‪ 27‬مارس ‪1963‬‬
‫حق الدم كأساس ملنح اجلنسية األصلية‬
‫تبىن معيار ه‬
‫وقانون اجلنسية الصادر يف ‪ 15‬ديسمرب ‪ 1970‬قبل تعديله‪ ،‬وكأنهه قد ه‬
‫مصور يف القانون الوضعي‪.‬‬
‫مبفهومه الكامل‪ ،‬كما هو ه‬
‫أنهه قد أخذ يف هذه املادة مببدإ املساواة بني األب واألم اجلزائريني يف نقل اجلنسية اجلزائرية األصلية املبنية على حق الدم‬
‫إىل األبناء دون متييز بينهما‪ ،‬وهو املبدأ الذي نصت عليه املادة ‪/9‬ف‪ 2‬من االتفاقية الدولية اخلاصة ابلقضاء على مجيع‬
‫أشكال التمييز ضد املرأة املؤرخة يف ‪.1979/12/18‬‬
‫‪80‬‬
‫بناءً على ما سبق‪ ،‬فكل ولد يولد من أب جزائري أو أم جزائرية يتمتع ابجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق الدم‬
‫من جهة األب اجلزائري‪ ،‬أو من جهة األم اجلزائرية‪ ،‬بغض النظر عن املكان الذي ُولد فيه الولد أهو يف اجلزائر أم خارجها‪.‬‬
‫أبي قيد كان‪ ،‬مما يؤدي إىل استفحال ظاهرة ازدواج‬
‫أنهه أخذ مببدإ املساواة بني اجلنسني على إطالقه دون أن يقيهده ه‬
‫اجلنسية أو تع ّددها بشكل غري مسبوق إذ يرتتب عنه أن حيمل اجلنسية اجلزائرية األصلية القائمة على أساس حق الدم‬
‫ودب‪.‬‬
‫هب ه‬
‫كل من ه‬
‫املطلب الثاين‬
‫اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم‬
‫نتناول هنا أيضا اجلنسية اجلزائرية األصلية املبنية على أساس حق اإلقليم يف ظل قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪ 1963‬وذلك‬
‫يف (الفرع األول) ويف ظل قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪ 1970‬قبل تعديله (الفرع الثاين) ويف ظل قانون اجلنسية اجلزائرية‬
‫لسنة ‪ 1970‬بعد تعديله (الفرع الثالث)‪.‬‬
‫الفرع األول ‪-‬اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم يف ظل قانون ‪:1963‬‬
‫نصت على ذلك املادة السادسة(‪ )6‬من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪ ،1963‬حيث جاء فيها‪« :‬يعترب من اجلنسية‬
‫ه‬
‫ابلوالدة يف اجلزائر‪:‬‬
‫‪ 1‬الولد املولود يف اجلزائر من هأم جزائرية وأب عدمي اجلنسية‪.‬‬
‫‪ 2‬الولد املولود يف اجلزائر من أبوين جمهولني‪.‬‬
‫غري أن الولد املولود يف اجلزائر من أبوين جمهولني يع هد كأنهه مل يكن جزائراي قط إذا ثبت خالل قصوره‪ ،‬انتسابه إىل أجنيب‬
‫وكان ينتمي إىل جنسية هذا األجنيب وفقا لقانون جنسية هذا األخري‪.‬‬
‫إ هن الولد احلديث الوالدة الذي عثر عليه يف اجلزائر يع هد مولودا فيها مامل يثبت خالف ذلك‪.‬‬
‫‪ 3‬الولد املولود يف اجلزائر من هأم جزائرية ومن أب أجنيب هو نفسه مولود يف اجلزائر إاله إذا رفض اجلنسية اجلزائرية خالل‬
‫سن الرشد»‪.‬‬
‫السنتني السابقتني على بلوغه ه‬
‫نصت‬
‫قبل أن نشرح نص هذه املادة ابختصار‪ ،‬نذ هكر أ هن املادة الرابعة من قانون اجلنسية اجلزائرية الذي حنن بصدده‪ ،‬قد ه‬
‫على ما يلي‪« :‬يقصد بعبارة "يف اجلزائر" جمموع الرتاب اجلزائري واملياه اإلقليمية اجلزائرية والسفن والطائرات اجلزائرية»‬
‫ومعناها أ هن كل من يولد على جمموع الرتاب اجلزائري والسفن والطائرات اجلزائرية متنح له اجلنسية اجلزائرية األصلية على‬
‫أساس حق اإلقليم‪.‬‬
‫تضمنت ثالث حاالت متنح فيها اجلنسية اجلزائرية األصلية‬
‫أتملنا نص املادة السادسة من القانون املعين‪ ،‬جندها قد ه‬
‫إذا ه‬
‫على أساس حق اإلقليم هي‪:‬‬
‫احلالة األوىل (املادة ‪ :)1/6‬هي الولد املولود يف اجلزائر من ّأم جزائرية وأب عدمي اجلنسية‪:‬‬
‫متنح له اجلنسية اجلزائرية على أساس حق اإلقليم‪ ،‬إذا توفهرت فيه الشروط اآلتية‪:‬‬
‫‪81‬‬
‫‪ 1‬أن يولد الولد يف اجلزائر مبفهوم املادة الرابعة الّت ذكرانها أعاله‪.‬‬
‫عما إذا كانت جنسيتها‬
‫بغض النظر ه‬
‫‪ 2‬أن ينحدر بنسبه من أم جزائرية‪ ،‬مبعىن تكون حاملة اجلنسية اجلزائرية حلظة ميالده‪ ،‬ه‬
‫اجلزائرية أصلية أم مكتسبة‪ ،‬فال تكفي واقعة ميالد الولد على اإلقليم اجلزائري وحدها لكي متنح له اجلنسية اجلزائرية األصلية‬
‫على أساس حق اإلقليم‪ ،‬بل البهد أن تقرتن ابلنهسب من جهة هأمه اجلزائرية‪.‬‬
‫‪ 3‬أن يكون أبوه حلظة ميالده عدمي اجلنسية‪ .‬إذا توفهرت هذه الشروط الثالثة متنح له اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس‬
‫حق اإلقليم‪ ،‬حّت ال يكون عدمي اجلنسية‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬هي حالة الولد املولود يف اجلزائر من أبوين جمهولني (املادة ‪:)2/6‬‬
‫يتبني من نص املادة ‪ ،2/6‬أ هن الولد املولود من أبوين جمهولني أيخذ وضعيتني اثنتني‪:‬‬
‫ه‬
‫تدل على أ هن‬
‫يستدل عليها من عبارة «الولد املولود يف اجلزائر من أبوين جمهولني»‪ .‬فهذه العبارة ه‬
‫ه‬ ‫أ ـ ـ الوضعية األوىل‪:‬‬
‫تضعهن أمهاهتم يف املستشفيات والعيادات ويف‬
‫ه‬ ‫الزمان‪ ،‬وهي حالة األوالد الذين‬ ‫واقعة امليالد يف اجلزائر اثبتة يف املكان و ه‬
‫كل مكان تكون فيه واقعة امليالد يف اجلزائر اثبتة يف الزمان واملكان‪.‬‬
‫ب ـ ـ الوضعية الثانية‪ :‬هي الّت نصت عليها املادة ‪ ،2 /6‬الشطر األخري منها‪ ،‬وهي وضعية الولد احلديث الوالدة الذي‬
‫يُعثر عليه يف اجلزائر يع هد مولودا فيها مامل يثبت خالف ذلك‪ .‬وهذه هي وضعية اللقيط الذي تع هد واقعة ميالده يف اجلزائر‬
‫مفرتضة‪ ،‬قابلة إلثبات العكس‪ .‬كالمها متنح له اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم‪.‬‬
‫غري أ هن الولد اجملهول األبوين الذي ولد يف اجلزائر‪ ،‬سواء كانت واقعة ميالده يف اجلزائر اثبتة أم مفرتضه‪ ،‬يفقد اجلنسية‬
‫اجلزائرية املبنية على حق اإلقليم إذا توفهرت فيه شروط الفقد املنصوص عليها يف الفقرة الثانية من البند ‪ .2‬وهي‪:‬‬
‫‪ 1‬أن يظهر أجنيب ي هدعي نسب الولد إليه‪.‬‬
‫‪ 2‬أن يكون الولد مازال قاصرا وقت هادعاء النسب‪.‬‬
‫‪ 3‬أن يثبت نسب الولد إىل األجنيب م هدعي النسب‪.‬‬
‫‪ 4‬أن يكون قانون جنسية األجنيب الذي ثبت نسب الولد إليه مينح اجلنسية هلذا الولد على أساس حق الدم‪.‬‬
‫إذا توفهرت هذه الشروط يفقد الولد اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم تلقائيا كأنهه مل يكن قد متتهع هبا‬
‫ط‪ ،‬واحلكمة من هذا الفقد الذي يع هد فقدا غري إرادي‪ ،‬تكمن يف الوقاية من ظاهرة ازدواجية اجلنسية‪ ،‬ال هن علهة منحه‬ ‫قه‬
‫اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم قد زالت بتمتهعه جبنسية دولة أجنبية‪.‬‬
‫احلالة الثالثة (املادة ‪ :)3/6‬هي حالة «الولد املولود يف اجل زائر(‪ )1‬من هأم جزائرية ومن أب أجنيب هو نفسه مولود يف‬
‫الرشد» ‪.‬‬ ‫اجلزائر إاله إذا رفض اجلنسية اجلزائرية خالل السنتني السابقتني على بلوغه سن ه‬
‫يتجلهى من هذا النص أ هن اجلنسية اجلزائرية األصلية القائمة على أساس حق اإلقليم متنح ملن هذه حالته‪ ،‬إذا توفهرت فيه‬
‫الشروط األتية‪:‬‬
‫‪ 1‬أن يولد الولد يف اجلزائر‪ ،‬أي على اإلقليم اجلزائري مبفهوم املادة ‪ 4‬من هذا القانون‪.‬‬

‫(‪-)1‬نصت املادة‪ 4‬من قانون لسنة ‪ 1963‬على أن يفهم من عبارة "يف اجلزائر" جمموع الرتاب الوطين واملياه اإلقليمية اجلزائرية والسفن والطائرات اجلزائرية‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫يسمى ابمليالد املضاعف (‪ )1‬وذلك أل هن الولد وأابه‬
‫‪ 2‬أن يكون أبوه األجنيب هو نفسه مولودا يف اجلزائر‪ ،‬وهذا ما ّ‬
‫األجنيب مولودان يف اجلزائر‪.‬‬
‫‪ 3‬أن تكون هأمه حاملة اجلنسية اجلزائرية وقت ميالد الولد‪.‬‬
‫‪ 4‬أاله يرفض الولد اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم خالل السنتني السابقتني لبلوغه سن الرشد‪ .‬مع‬
‫العلم أن سن الرشد كانت تق هدر يف ظل هذا القانون بواحد وعشرين (‪ )21‬سنة‪ .‬فإذا توفهرت هذه الشروط يف الولد الذي‬
‫هذه هي حالته متتهع ابجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم (‪.)2‬‬
‫ظل قانون ‪ 1970‬قبل تعديله‪:‬‬‫الفرع الثاين‪ :‬اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم يف ّ‬
‫السابعة (‪ )7‬من قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر يف ‪ 15‬ديسمرب ‪ 1970‬قبل تعديله‪ ،‬حيث جاء‬ ‫نصت على ذلك املادة ه‬
‫فيها ما يلي‪« :‬يعترب من اجلنسية اجلزائرية ابلوالدة يف اجلزائر‪:‬‬
‫‪ 1‬الولد املولود يف اجلزائر من أبوين جمهولني‪.‬‬
‫غري أ هن الولد املولود يف اجلزائر من أبوين جمهولني يع هد كأنهه مل يكن جزائراي قط إذا ثبت خالل قصوره انتسابُه إىل أجنيب‬
‫وكان ينتمي إىل جنسية هذا األجنيب وفقا لقانون جنسية هذا األخري‪.‬‬
‫إ هن الولد احلديث الوالدة الذي عثر عليه يف اجلزائر يع هد مولودا فيها مامل يثبت خالف ذلك‪.‬‬
‫‪ 2‬الولد املولود يف اجلزائر من أم جزائرية ومن أب أجنيب هو نفسه مولود يف اجلزائر إاله إذا رفض اجلنسية اجلزائرية يف أجل‬
‫سن الرشد»‪.‬‬
‫عام قبل بلوغه ه‬
‫تضمنت حالتني متنح فيهما اجلنسية اجلزائرية على أساس حق اإلقليم مها‪:‬‬
‫هذه املادة ه‬
‫نص املادة ‪ 2/6‬من‬ ‫احلالة األوىل (املادة ‪ :)1/7‬هي حالة الولد املولود يف اجلزائر من أبوين جمهولني‪ .‬و ه‬
‫نصها متطابق مع ه‬
‫قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪ ،1963‬الّت شرحناها سابقا‪ ،‬ممها يغنينا عن إعادة الشرح هنا‪.‬‬
‫احلالة الثانية (املادة ‪ :)2/7‬هي حالة الولد املولود يف اجلزائر من أم جزائرية وأب أجنيب هو نفسه مولود يف اجلزائر‪ .‬ه‬
‫نصها‬
‫متطابق مع نص املادة ‪ 3/6‬من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪ ،1963‬وال خيتلف عنه إاله يف جزئية واحدة‪ ،‬وهي‪ :‬أاله‬
‫سن الرشد بدال من خالل سنتني قبل بلوغه سن الرشد يف قانون ‪.1963‬‬
‫يرفض اجلنسية اجلزائرية خالل سنة قبل بلوغه ه‬
‫الفرع الثالث ـ ـ اجلنسية اجلزائرية االصلية على أساس حق اإلقليم يف ظل قانون ‪ 1970‬بعد تعديله‪:‬‬
‫املتمم ابألمر رقم ‪ 01-05‬املؤرخ يف ‪27‬‬
‫نصت املادة ‪ 7‬من قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر يف ‪ 1970/12/15‬املع هدل و ه‬
‫فرباير ‪ 2005‬على أن‪« :‬يعترب من اجلنسية اجلزائرية ابلوالدة يف اجلزائر‪:‬‬
‫‪-1‬الولد املولود يف اجلزائر من أبوين جمهولني‪.‬‬

‫(‪– )1‬نص على فكرة امليالد املضاعف ألول مرة قانون اجلنسية الفرنسية املؤرخ يف‪ 26‬جواان‪ .1889‬للمزيد من االطالع راجع‪ :‬مسألة جتنس األجانب من‬
‫األوروبيني الذين استوطنوا اجلزائر‪ ،‬رسالتنا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 282‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ – )2‬راجع الشرح املستفيض لنص املادة ‪ 6‬من قانون اجلنسية لسنة ‪ ،1963‬رسالتنا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 462‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫غري أ هن الولد املولود من أبوين جمهولني يع هد كأنهه مل يكن جزائراي قط إذا ثبت خالل قصوره‪ ،‬انتسابُه إىل أجنيب أو أجنبية‬
‫وكان ينتمي إىل جنسية هذا األجنيب أو هذه األجنبية وفقا لقانون جنسية أحدمها‪.‬‬
‫إ هن الولد احلديث الوالدة الذي عثر عليه يف اجلزائر يع هد مولودا فيها مامل يثبت خالف ذلك‪.‬‬
‫مسماة يف شهادة ميالده دون بياانت أخرى متكن من إثبات جنسيتها»‪.‬‬
‫‪-2‬الولد املولود يف اجلزائر من أب جمهول وأم ه‬
‫تضمنت حالتني يتمتهع فيهما الولد املولود يف اجلزائر ابجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم مها‪:‬‬
‫هذه املادة ه‬
‫احلالة األوىل (املادة ‪ :)1/7‬هي حالة الولد املولود يف اجلزائر)‪( 1‬من أبوين جمهولني‪.‬‬
‫نالحظ أن نص املادة ‪ 1/7‬من األمر ‪ 01-05‬املع هدل واملت همم لقانون اجلنسية الساري حاليا‪ ،‬يتطابق يف مضمونه من‬
‫النصني الواردين‪ :‬يف نص املادة ‪2/6‬من قانون اجلنسية لسنة ‪ ،1963‬ويف نص املادة ‪ 1/7‬من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة‬
‫ه‬
‫الشكلية‪ ،‬أخدت طابعا توضيحيا أو تفسرياي‪ ،‬أُريد من‬ ‫‪ 1970‬قبل تعديله‪ .‬فهو ال خيتلف عنهما إاله يف بعض اجلزئيات ه‬
‫املشرع اجلزائري يف‬
‫خالهلا التأكيد على مبدإ املساواة بني األب واألم يف نقل اجلنسية إىل األبناء‪ .‬وهو مبدأ دويل أخذ به ه‬
‫يتبني من النص السابق‪ ،‬الذي ذكر فيه أن الولد جمهول األبوين‪ ،‬الذي ولد يف‬
‫األمر ‪ 01-05‬املشار إليه سابقا‪ .‬هذا ما ه‬
‫اجلزائر يفقد اجلنسية اجلزائريهة األصلية‪ ،‬الّت متتهع هبا على أساس حق اإلقليم‪ ،‬إذا ثبت انتسابه أثناء قصره إىل أجنيب أو‬
‫أجنبية‪ ،‬وكان ينتمي إىل جنسية هذا األجنيب أو هذه األجنبية طبقا لقانون جنسية أحدمها‪.‬‬
‫ممها يذكر هنا أنهنا عندما كنها نشرح قانون اجلنسية اجلزائرية درجنا دائما على تفسري العبارة الّت وردت يف نصي املادتني‬
‫‪ 3/6‬و ‪ 1/7‬من القانونني السابقني‪ ،‬الّت اقتصرت على ذكر «انتسابه إىل أجنيب» دون ذكر «أو أجنبية» على أ هّنا‬
‫تنصرف يف معناها إىل األب األجنيب وإىل األم األجنبية (‪ ،)2‬متاما مثل عبارة «الولد املولود» الّت تنصرف يف معناها إىل‬
‫يغري من األمر شيئا‪ .‬هأما فيما عدا‬
‫الذكر أو األنثى‪ .‬ممها يعين أ هن التعديل الذي أتى به املشرع اجلزائري هو تعديل شكلي مل ه‬
‫هذه الشكلية فالشروط الواجب توفهرها للتمتع ابجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم هي نفسها الشروط الّت‬
‫وردت يف النصوص السابقة على هذا النص‪ ،‬كما أ هن شروط فقد اجلنسية اجلزائرية تلقائيا أبثر رجعي هي أيضا الشروط‬
‫نفسها‪ ،‬ممها يغنينا عن إعادة ذكرها هنا‪.‬‬
‫احلالة الثانية (املادة ‪ :)2/7‬هي حالة الولد املولود يف اجلزائر من أب جمهول وأم ه‬
‫مسماة يف شهادة ميالده دون بياانت‬
‫أخرى تُم هكن من إثبات جنسيتها تعترب هذه احلالة جديدة مل تكن موجودة يف النصوص السابقة‪ ،‬على األقل من انحية‬
‫صياغتها الشكلية‪ ،‬هأما من انحية مضموّنا فهي ال ّتتلف عن احلالة املذكورة يف املادة ‪ 1/7‬أعاله‪ ،‬فما احلكمة من وضعها‬
‫هنا إذن؟ ‪.‬‬
‫حّت ميكننا أن‬
‫اإلجابة عن التساؤل تقتضي منها أن حنلهل هذه احلالة على ضوء الشروط الّت جيب أن تتوفهر يف املعين‪ ،‬ه‬
‫نقول أنهه يتمتهع ابجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم‪ ،‬وهذه الشروط ابختصار شديد هي‪:‬‬

‫(‪- )1‬عبارة «يف اجلزائر» حسب املادة ‪ 5‬من األمر ‪ 01-05‬تعين‪ :‬جمموع الرتاب اجلزائري واملياه اإلقليمية اجلزائرية والسفن والطائرات اجلزائرية‪.‬‬
‫(‪-)2‬د‪ .‬علي علي سليمان ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 245‬وأيضا د‪ .‬الطيب زرويت ‪ :‬الوسيط‪ ..‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.299‬‬

‫‪84‬‬
‫‪ 1‬أن يكون الولد مولودا يف اجلزائر‪ ،‬سواء كان ذكرا أو أنثى‪ .‬وعبارة «يف اجلزائر تعين جمموع الرتاب اجلزائري واملياه‬
‫اإلقليمية اجلزائرية‪ ،‬والسفن والطائرات اجلزائرية»‪ .‬وميكن أن نضيف إليها عرابت السكك احلديدية‪ .‬وظاهر النص يوحي‬
‫أ هن واقعة امليالد يف اجلزائر اثبتة يف الزمان واملكان‪ ،‬وقد تق هدم شرح ذلك يف احلاالت السابقة‪ ،‬مبا فيه الكفاية‪.‬‬
‫‪ 2‬أن يكون أبوه جمهوال‪ ،‬وجهالة األب تعين عدم ثبوت نسب الولد إىل أبيه قانوان‪ ،‬ولو كان األب معروفا من حيث‬
‫الواقع )‪.(1‬‬
‫مسماة يف شهادة امليالد دون بياانت مت هكن من‬
‫‪ 3‬الشرط الثالث هو من وجهة نظران شرط صوري‪ ،‬وهو أن تكون هأمه ه‬
‫املسماة يف شهادة ميالد الولد‪ ،‬وهو قطعا ليس‬
‫شرع اجلزائري من يعطي هذا االسم لألم ه‬
‫يوضح امل ه‬
‫إثبات جنسيتها‪ .‬ومل ه‬
‫يسهل إجراءات إثبات واقعة‬
‫املشرع اجلزائري من خالل هذا الشرط أراد أن ه‬
‫امسها احلقيقي‪ ،‬بل هو اسم صوري‪ ،‬وكأ هن ه‬
‫ألمه دفعا للحرج عنها وحتقيقا ملصلحة الولد‪.‬‬‫امليالد يف اجلزائر‪ ،‬أبن يثبت يف شهادة ميالد الولد امسا صوراي ه‬
‫ألم ِه ال يتح هقق إاله بذكر اللقب العائلي لألم وامسها احلقيقي يف شهادة‬
‫من املعلوم أ هن إثبات نسب الولد الذي ُجيهل أبوه ه‬
‫ألمه غري اثبت يف هذه احلالة‪ .‬وكأ هن املشرع هدف من وراء ذلك إىل معاجلة‬ ‫ميالده‪ .‬ومعىن هذا الكالم أ هن نسب الولد ه‬
‫نتائج ظاهرة اجتماعية خطرية‪ ،‬دخيلة على اجملتمع اجلزائري املسلم‪ ،‬هي ظاهرة األبناء غري الشرعيني الناجتني عن عالقات‬
‫للرمي والنبذ وأحياان للقتل خوفا من العار‬
‫التعرض ه‬
‫البغاء والدعارة‪ ،‬أو بتعبري آخر أبناء الزان‪ ،‬بغية محاية هؤالء األبرايء من ه‬
‫املخصصة لذلك‪،‬‬
‫ه‬ ‫أوالدهن غري الشرعيني يف املستشفيات والعيادات‬
‫ه‬ ‫والفضيحة‪ ،‬بتشجيع األمهات الزانيات على وضع‬
‫أو يف أي مكان آخر من اإلقليم اجلزائري تكون فيه واقعة امليالد معروفة يف الزمان واملكان‪ .‬دون أن يتعهرضن للمساءلة‬
‫سرية الوضع مكفولة مبوجب قانون الصحة (‪ ،)2‬رغم خمالفة ذلك ألحكام الشريعة اإلسالمية‬ ‫والبحث والتحقيق‪ ،‬بل إن ه‬
‫الت ي تنسب األوالد غري الشرعيني إىل أمهاهتم وجواب‪.‬‬
‫يسهل إجراءات إثبات واقعة امليالد يف اجلزائر لتمكني هؤالء من حقهم يف اجلنسية‬
‫فإذا كان املشرع قد حرص على أن ه‬
‫اجلزائرية على أساس حق اإلقليم‪ ،‬فقد كان األحرى واألوىل أاله يهدر حقهم يف النسب حقيقة إىل أمهاهتم الالهئي ولدن هم‬
‫أقرته الشريعة اإلسالمية‪ .‬وأخريا نقول ففي ماذا ّتتلف هذه احلالة عن احلالة املنصوص عليها يف املادة ‪1/7‬‬ ‫وهو حق ه‬
‫أعاله ؟‪ ،‬إذ يف احلالتني‪ ،‬األب جمهول واألم جمهولة‪ ،‬مادام نسب الولد إليها غري اثبت على حقيقته‪ ،‬ومادامت جنسيتها‬
‫جمهولة‪ .‬ففي كلتيهما واقعة امليالد يف اجلزائر اثبته يف الزمان واملكان بشهادة امليالد‪ .‬واالختالف فيهما يكون يف شكل‬
‫يدون اسم صوري لألم‪ ،‬هي من هذه الناحية‬ ‫يدون الولد جمهول األبوين‪ ،‬ويف احلالة الثانية ه‬
‫هذه الوثيقة‪ .‬يف احلالة األوىل ه‬
‫كمهُ هو حكم الولد جمهول األبوين‪ .‬إذا توفرت الشُّروط الّت ذكرانها أعاله‪ ،‬أعترب الولد جزائراي مند والدته‬‫جمهولة‪ .‬ف ُح ُ‬
‫على أساس حق اإلقليم‪ .‬واحلكمة من منحه اجلنسية اجلزائرية على هذا األساس‪ ،‬هي حّت ال يكون عدمي اجلنسية‪.‬‬

‫املتمم ابألمر رقم ‪ 02-05‬املؤرخ ‪ 27‬فرباير ‪ 2005‬على أن‪ « :‬ينسب الولد ألبيه مّت كان الزواج‬
‫تنص املادة ‪ 41‬من قانون األسرة املؤرخ يف ‪ 9‬جوان ‪ 1984‬املع هدل و ه‬
‫(‪ )1‬ه‬
‫شرعيا وأمكن االتصال ومل ينفه ابلطرق املشروعة»‬
‫(‪-)2‬كانت املادة ‪ 245‬من قانون الصحة تنص على ما يلي‪ « :‬إذا كانت نزيلة املستشفى تطلب االستفادة من سرية قبوهلا يف املستشفى بقصد احملافظة على‬
‫السر املتعلق ابحلمل والوالدة ‪ ،‬وجب تلبية طلبها ‪ ....‬وال جمال لطلب أية وثيقة تعريف وال إجراء أي حتقيق»‪.‬‬
‫ه‬
‫‪85‬‬
‫املبحث الثاين‬
‫اجلنسية اجلزائرية املكتسبة‪.‬‬
‫ظل قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪( 1963‬املطلب األول)‪ ،‬مثه اكتساهبا يف ظل قانون‬
‫نتناول اكتساب اجلنسية اجلزائرية يف ه‬
‫اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪ 1970‬قبل تعديله (املطلب الثاين)‪ ،‬مثه اكتساهبا يف ظل قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪ 1970‬بعد‬
‫تعديله (املطلب الثالث)‪.‬‬
‫املط ــلب األول‬
‫) ‪(1‬‬
‫اكتساب اجلنسية اجلزائرية يف ظل قانون ‪1963‬‬
‫نص املشرع اجلزائري على اجلنسية اجلزائرية املكتسبة يف الفصل الثالث من هذا القانون‪ ،‬ح هدد فيه ثالث طرق أساسية‬
‫ه‬
‫الكتساهبا‪ ،‬األوىل هي اكتساهبا بفضل القانون ‪( par le bienfait de la loi‬الفرع األول) ‪ ،‬والثانية اكتساهبا ابلتجنهس‬
‫كل ذلك إبجياز فيما يلي‪:‬‬‫(الفرع الثاين) والثالثة هي اكتساهبا ابالسرتداد (الفرع الثالث) ‪ ،‬نشرح ه‬
‫الفرع األول ـ ـ اكتساب اجلنسية اجلزائرية بفضل القانون‪:‬‬
‫هناك أربع حاالت تكتسب فيها اجلنسية اجلزائرية بفضل القانون هي‪ :‬اكتساهبا ابملشاركة يف الثورة التحريرية ( ّأوال)‬
‫اكتساهبا مبوجب مبدإ االختيار املنصوص عليه يف اتفاقيات إيفيان (اثنيّا)‪ ،‬واكتساهبا ابمليالد واإلقامة يف اجلزائر (اثلثا)‬
‫واكتساهبا بزواج أجنبية من جزائري (رابعا)‪ ،‬نقدم شرحا موجزا عن كل حالة من احلاالت األربع فيما أييت‪:‬‬
‫أوال ـ ـ اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابملشاركة يف الثورة التحريرية ‪:1954‬‬
‫نصت على ذلك املادة ‪ 8‬من القانون املعين‪ ،‬حيث جاء فيها‪ « :‬ه‬
‫كل من شاركوا يف الثورة التحريرية‪ ،‬ويقيمون يف اجل زائ ر‬
‫هلم احلق يف اكتساب اجلنسية اجلزائرية ‪ ،‬مامل يعارض وزير العدل ‪ ،‬على أن يق هدموا تصرحيا بذلك لوزير العدل خالل ستة‬
‫أشهر من اتريخ إصدار هذا القانون»‪.‬‬
‫كل من شاركوا يف الثورة التحريرية» تنصرف يف معناها إىل األجانب‪ ،‬سواء‬
‫نص هذه املادة‪ ،‬أ هن عبارة « ه‬
‫املالحظ على ه‬
‫قر هبم املقام‬
‫منهم الذين كانوا يقيمون يف اجلزائر عند اندالع الثورة التحريرية‪ ،‬أو الذين التحقوا ابلثورة من اخلارج مثه است ه‬
‫يف اجلزائر بعد االستقالل‪ .‬تع هد هذه الطريقة الكتساب اجلنسية اجلزائرية مؤقتة وحم هددة بفرتة زمنية ال تتجاوز ستة أشهر‪،‬‬
‫حتسب من اتريخ صدور قانون اجلنسية يف ‪ 27‬مارس ‪ .1963‬واكتساب اجلنسية اجلزائرية هبذه الوسيلة يعترب دون شك‬
‫ض النظر عن‬ ‫منحة من الدولة اجلزائرية تقديرا ملن ساهم يف الثورة التحري رية من األجانب‪ ،‬ومكافأة هلم على ذلك‪ ،‬بغ ه‬
‫طبيعة هذه املشاركة‪ .‬فقد تكون حبمل السالح وخوض غمار احلرب‪ ،‬أو ابلدعم املايل واملعن وي‪ ،‬ابلتأييد والرتويج وال هدعاية‬
‫ملبادئ الثورة‪ ،‬وغريها من أساليب املشاركة الّت جتعل من الشخص يف حكم من شارك يف الثورة‪.‬‬

‫نص هذا القانون كامال يف‬


‫الرمسيهة بتاريخ ‪ 02‬أفريل ‪ .1963‬راجع ه‬
‫املؤرخ يف ‪ 27‬مارس ‪ُ ،1963‬حهرر ابللهغة الفرنسيهة وحدها‪ ،‬نُشر يف اجلريدة ه‬
‫(‪-)1‬القانون رقم ‪ 63-96‬ه‬
‫‪ :Jacqeline Ben Deddouche‬مفهوم اجلنسيهة واجلنسيهة اجلزائريهة ‪Notion de Nationalité et Nationalité Algerienne‬‬ ‫ددوش‬
‫رسالة دكتوراه األستاذة جاكلني بن ه‬
‫الشركة الوطنيهة للنهشر والتهوزيع )‪ ،1982 ،(SNED‬ص‪.192-185‬‬
‫ه‬

‫‪86‬‬
‫هأما الشروط الالزمة الكتساب اجلنسية اجلزائرية هبذه الطريقة‪ ،‬فنستنبطها من نص املادة نفسها‪ ،‬وتتمثهل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ 1‬املشاركة املادية أو املعنوية يف الثورة التحري رية‪.‬‬
‫‪ 2‬اإلقامة يف اجلزائر دون حتديد م هدهتا‪ ،‬كدليل على االستعداد لالندماج يف اجملتمع اجلزائري‪.‬‬
‫‪ 3‬تقدمي تصريح من املعين إىل وزي ر العدل‪ ،‬يعرب فيه عن رغبته يف قبول املنحة‪ ،‬وذلك خالل األشهر الستة الّت تلي‬
‫إصدار القانون‪.‬‬
‫كل‬
‫‪ 4‬أاله يعرتض وزير العدل على تصريح املعين‪ ،‬ألسباب هلا عالقة ابلسلطة التقديرية املمنوحة له يف هذا الشأن‪ .‬فليس ه‬
‫حّت‬
‫من شارك يف الثورة التحريرية ظاهرا شارك فيها فعال‪ .‬ومل يشرتط املشرع على املعين أن يتخلهى عن جنسيته األجنبية ه‬
‫يكتسب اجلنسية اجلزائرية‪.‬‬
‫اثنيا ـ ـ اكتساب اجلنسية اجلزائرية مببدإ االختيار املنصوص عليه يف اتفاقيات إيفيـان‪:‬‬
‫نصت عليها ذلك املادة ‪ 9‬من القانون‬ ‫اكتساب اجلنسية اجلزائرية هبذه الطريقة خاصة ببعض املستوطنني الفرنسيني ه‬
‫نصت على ما يلي‪« :‬يكتسب اجلنسية اجلزائرية بطلب التسجيل أو أتكيد تسجيلهم يف القوائم االنتخابية‬ ‫املعين‪ ،‬حيث ه‬
‫خالل ثالث سنني ابتداءً من فاتح جويلية ‪:1962‬‬
‫‪ 1‬األشخاص الذين ولدوا يف اجلزائر وأثبتوا عشر سنوات من اإلقامة املعتادة واملنتظمة يف اإلقليم اجلزائري إىل غاية تقرير‬
‫املصري‪.‬‬
‫‪ 2‬األشخاص الذين أثبتوا اإلقامة املعتادة واملنتظمة مل هدة عشر سنوات يف اإلقليم اجلزائري إىل غاية تقرير املصري على أن‬
‫يكون أحد األبوي ن‪ ،‬األب أو األم مولودا يف اجلزائر‪ ،‬واستوىف أو ميكن أن يستويف الشروط اخلاصة مبمارسة احلقوق املدنية‬
‫اجلزائرية‪.‬‬
‫‪ 3‬األشخاص الذين أثبتوا اإلقامة املعتادة واملنتظمة يف اإلقليم اجلزائري ملدة عشرين سنة إىل غاية يوم تقرير املصري‪.‬‬
‫غري أ هن الولد املولود قبل اكتساب أبيه أو أمه اجلنسية اجلزائرية مبوجب أحكام الفقرات الثالث أعاله حيتفظ جبنسيته‬
‫األصلية‪ .‬على أن ميكن له اكتساب اجلنسية اجلزائرية عند بلوغه سن الرشد بتقدمي تصريح حسب األشكال اإلدارية‬
‫املنصوص عليها يف الفصل اخلامس‪ ،‬يف املادتني ‪ 27‬و‪ 28‬من هذا القانون»‪.‬‬
‫حيق هلم اكتساب اجلنسية اجلزائرية عن طريق االختيار بني‬
‫عيهنت هذه املادة ثالث فئات من املستوطنني الفرنسيني ه‬
‫اجلنسية اجلزائرية واجلنسية الفرنسية‪ .‬هذه الفئات من املستوطنني الفرنسيني ليس أمامهم إاله االختيار بني الدخول يف‬
‫اجلنسية اجلزائرية أو البقاء يف اجلنسية الفرنسية)‪ .(1‬وليس هناك طريقا آخر‪.‬‬
‫كل فئة من هذه الفئات‪ ،‬فهي اآلتية‪:‬‬
‫هأما الشروط الّت جيب أن تتوفهر يف ه‬
‫ابلنسبة للفئة األوىل (املادة ‪ :)1/9‬تتمثل الشروط فيما يلي‪:‬‬
‫‪ 1‬امليالد يف اإلقليم اجلزائري‪.‬‬
‫‪ 2‬اإلقامة املعتادة واملنتظمة يف اجلزائر ملدة عشر سنني إىل غاية تقرير املصري‪.‬‬

‫(‪ -)1‬راجع مبدأ وحدانيهة اجلنسيهة اجلزائريهة يف اتهفاقيات إيفي ان املربمة يف ‪ 18‬مارس ‪ ،1962‬رسالتنا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 398‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫‪ 3‬التسجيل يف القوائم االنتخابية اجلزائ رية‪ ،‬أو أتكيد التسجيل فيها‪ ،‬وذلك خالل ثالث سنني ابتداءً من الفاتح جويلية‬
‫أتخرت إىل غاية ‪ 30‬ماي ‪.1963‬‬ ‫‪ ،1962‬غري أ هن بداية التسجيالت قد ه‬
‫ابلنسبة للفئة الثانية (املادة ‪ :)2/9‬تتمثهل الشروط فيما يلي‪:‬‬
‫‪ 1‬إثبات اإلقامة املعتادة واملنتظمة يف اجلزائر ملدة عشر سنني إىل غاية تقرير املصري‪.‬‬
‫‪ 2‬أن يكون أحد األبوي ن‪ ،‬األب أو األم مولودا يف اجلزائر ومستوفيا‪ ،‬أو ميكن أن يستويف شروط ممارسة احلقوق املدنية‬
‫تضمنتهما اتفاقيات إيفيان)‪.(1‬‬
‫نص عليها التصريح العام وإعالن الضماانت اللهذان ه‬
‫اجلزائرية‪ .‬وهذه الشروط قد ه‬
‫‪ 3‬التسجيل يف القوائم االنتخابية‪ ،‬أو أتكيد التسجيل فيها‪ ،‬وذلك خالل ثالث سنوات ابتداءً من أول جويلية ‪.1962‬‬
‫ابلنّسبة للفئة الثّالثة (املادة ‪ :)3/9‬تتمثهل ه‬
‫الشروط فيما أييت‪:‬‬
‫‪-1‬اثباث اإلقامة املعتادة واملنتظمة يف اجلزائر مل هدة عشرين سنة إىل غاية تقرير املصري‪.‬‬
‫‪-2‬التهسجيل يف القوائم االنتخابيهة اجلزائريهة‪ ،‬أو أتكيد التهسجيل فيها خالل ثالث سنني ابتداءً من هأول جويلية ‪.1962‬‬
‫نصت عليه املادة ‪ 10‬الّت قضت أبن‪« :‬ال ميكن أن يستفيد‬
‫ميكن إضافة شرط آخر يشمل الفئات الثالث السابق ذكرها ه‬
‫من األحكام الواردة يف املادة السابقة األشخاص الذين ارتكبوا جرائم ضد األمة بعد ‪ 18‬مارس ‪ .»1962‬وهو التاريخ‬
‫الذي مته فيه التوقيع على اتفاقية ايفيان املربمة بني وفد جبهة التحرير الوطين والسلطة الفرنسية‪ .‬ويعين نص املادة ‪ 10‬أ هن‬
‫نصت عليه اتفاقيات إيفيان أعضاء‬ ‫املشرع اجلزائري استثىن من اكتساب اجلنسية اجلزائرية مبوجب حق االختيار الذي ه‬
‫املسماة « املنظمة العسكرية السرية ‪ »O.A.S‬الذين‬
‫املتكونة من غالة املستعمرين املتطرفني ه‬
‫املنظمة اإلرهابية الفاشية‪ ،‬ه‬
‫متردوا على السطلة املركزية يف ابريس ‪ ،‬فخاضوا حراب عمياء ‪ ،‬قاموا‬
‫رفضوا مبدأ حق تقرير املصري ‪ ،‬واستقالل اجلزائر ‪ ،‬و ه‬
‫العزل ‪ ،‬يُندى هلا جبني البشرية ‪ ،‬تُصنهف يف خانة اجلرائم ضد‬‫من خالهلا أبعمال إجرامية ضد أفراد الشعب اجلزائري ه‬
‫اإلنسانية ‪ ،‬وهي يف احلقيقة استمرار جلرائم أسالفهم‪.‬‬
‫كل من ينتمي إىل إحداها اجلنسية اجلزائرية ابالختيار وفق اتفاقيات‬
‫كل فئة الشروط اخلاصة هبا‪ ،‬اكتسب ه‬ ‫إذا توفهرت يف ه‬
‫إيفيان‪ ،‬ومبقتضى املادة ‪ 9‬الّت ثبهتت النص حرفيا كما ورد يف تلك االتفاقيات‪ .‬ومعىن هذا يُعترب مكتسبا اجلنسية اجلزائرية‬
‫كل من اختار اجلنسية اجلزائ رية‪ ،‬غري أ هن مبدأ االختيار هذا مل يكن له يف الواقع األثر الذي‬
‫و متخلهيا عن اجلنسية الفرنسية ه‬
‫ظن أنهه سيُحدثه‪ ،‬وذلك بسبب اهلجرة اجلماعية للمستوطنني الفرنسيني‪ ،‬وفرارهم من اجلزائ ر بعد توقيف إطالق‬ ‫كان يُ ه‬
‫النهار يوم ‪ 19‬مارس ‪ ،1962‬ومل ينتظروا نتائج استفتاء تقرير املصري ألّنم كانوا يدركون أ هن نتيجته احلتمية هي انتصار الثورة‬
‫التحريرية‪ ،‬واستقالل اجلزائر‪.‬‬

‫حق االختيار‪ ،‬رسالتنا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 407‬وما بعدها‪.‬‬


‫(‪-)1‬راجع‪- :‬التهصريح العام وضماانت ه‬
‫الضماانت يف جانبه املتعلهق ابلفرنسيني ال هذين اختاروا اجلنسيهة اجلزائريهة‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪ 409‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪-‬إعالن ه‬

‫‪88‬‬
‫اثلثا ـ ـ اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلوالدة واإلقامة يف اجلزائر‪:‬‬
‫نصت على هذه الطهريقة املادة ‪ 11‬من نفس القانون‪ ،‬حيث جاء فيها‪« :‬يكتسب اجلنسية اجلزائرية خالل السنتني‬
‫)‪(1‬‬
‫مّت‬ ‫صرح عن رغبته يف اكتساب ها مامل يعارض وزير العدل وفقا للمادة ‪ 28‬أدن اه‬
‫سن الرشد إذا ه‬
‫السابقتني لبلوغ ه‬
‫كانت له وقت التصريح إقامة معتادة ومنتظمة يف اجلزائر ‪:‬‬
‫‪ 1‬الولد املولود يف اجلزائر من أم جزائرية وأب أجنيب مولود خارج اإلقليم اجلزائري‪.‬‬
‫‪ 2‬الولد املولود يف اجلزائر من أبوين أجنبيني مها نفسهما مولودان فيها بعد إصدار هذا القانون‪.‬‬
‫إ هن سكوت وزير العدل بعد انقضاء مهلة ستة أشهر ابتداءً من اتريخ إيداع الطلب يع هد موافقة»‪.‬‬
‫تضمنت هذه املادة حالتني‪:‬‬
‫ه‬
‫‪-)1‬احلالة األوىل ‪ :‬هي حالة الولد املولود يف اجلزائر من أم جزائرية وأب أجنيب مولود خارج اإلقليم اجلزائري حسب‬
‫املدعم‬
‫املشرع اجلزائري يف منح اجلنسية اجلزائرية املكتسبة يف هذه احلالة على حق اإلقليم ه‬‫نص(املادة ‪ .)1/11‬اعتمد ه‬
‫ابإلقامة املعتادة واملنتظمة يف اجلزائ ر‪ ،‬وحبق ال هدم من جهة األم اجلزائرية‪ ،‬يتجلهى ذلك من الشروط الّت اشرتطها يف هذه‬
‫احلالة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ 1‬أن يولد الولد يف اإلقليم اجلزائري‪ ،‬حبيث تكون واقعة امليالد فيه اثبتة‪.‬‬
‫‪ 2‬أن تكون أمه جزائرية وقت ميالده‪ ،‬سواء كانت جنسيتها اجلزائرية أصلية أم مكتسبة‪.‬‬
‫‪ 3‬أن يكون أبوه أجنبيا مولودا خارج اإلقليم اجلزائري‪ .‬وهذا يعين أنه حيمل اجلنسية األجنبية‪.‬‬
‫سن الرشد‪.‬‬ ‫‪ 4‬أن يُعلن املعين عن رغبته يف اكتساب اجلنسية اجلزائرية خالل السنتني السابقتني على بلوغه ه‬
‫املشرع‬
‫‪ 5‬أن تكون له إقامة معتادة ومنتظمة يف اجلزائر وقت التصريح عن رغبته يف اكتساب اجلنسية اجلزائ رية‪ ،‬مل حي هدد ه‬
‫م هدهتا‪ ،‬على افرتاض أن امل هدة جيب أن تكون كافية الندماجه يف اجملتمع اجلزائري‪.‬‬
‫‪ 6‬أاله يعرتض وزير العدل على تصرحيه طبقا ألحكام املادة ‪ 28‬من نفس القانون‪ ،‬الّت تعطيه حق االعرتاض على‬
‫حّت لو توفهرت الشروط املطلوبة قانوان‪.‬‬
‫التصريح‪ ،‬ه‬
‫يبت يف التصريح حسب املادة ‪ 29‬من نفس القانون خالل ستة أشهر‪ ،‬ابتداء من يوم ثبوت‬ ‫جيب على وزير العدل أن ه‬
‫اترخيه‪ ،‬فإذا سكت خالل تلك املدة‪ُ ،‬عد ذلك قبوال منه الكتساب املعين اجلنسية اجلزائرية‪ ،‬وينتج هذا االكتساب أثره‬
‫من يوم ثبوت اتريخ التصريح‪ ،‬وهذا ما أ هكدته الفقرة األخرية من املادة ‪.11‬‬
‫نالحظ كما أشران سابقا أ هن اكتساب اجلنسية اجلزائرية يف هذه احلالة كان نتيجة تضافر ثالثة أسس‪ ،‬هي حق اإلقليم‬
‫مدعمة‬
‫و لكنهه ليس يف صورته املطلقة‪ ،‬فواقعة امليالد يف اجلزائر وحدها غري كافية يف ذاهتا إلحداث األثر القانوين‪ ،‬بل ه‬
‫دعمهما أبساس اثلث هو اإلقامة يف‬
‫أبساس أخر هو حق الدم من جهة األم اجلزائرية‪ ،‬ومل يكتف املشرع هبما‪ ،‬بل ه‬

‫ين ابألمر‪.‬‬
‫الشروط القانونيهة‪ ،‬يُعلُن وزير العدل عن عدم قبوله الطهلب أو التهصريح مبوجب قرار معلهل‪ ،‬يُبلهغ إىل املع ه‬
‫املادة ‪ 28‬على أ هن‪" :‬إذا مل تتوفهر ه‬
‫تنص ه‬ ‫(‪ -)1‬ه‬
‫املعين ابألمر‪ ،‬أن يرفُض أو يعرتض على التهصريح يف حالة ما إذا كانت هذه املعارضة ُمعرتف‬
‫الشروط القانونيهة يستطيع وزير العدل مبوجب قرار يبلهغ إىل ه‬
‫إذا توفهرت ه‬
‫هبا‪".‬‬

‫‪89‬‬
‫اجل زائر‪ ،‬فاجتماع هذه األسس الثالثة يف الشخص على ما رأى املشرع كفيلة بتوثيق الصلة بينه وبني الدولة اجلزائرية‬
‫وحتقيق االنتماء والوالء هلا‪.‬‬
‫‪ )2‬ـ ـ احلالة الثّانيّة ‪ :‬هي حالة الولد املولود يف اجلزائر من أبوين أجنبيني مها نفسهما ُولدا فيها بعد إصدار هذا القانون‬
‫حسب (املادة ‪:)2/11‬‬
‫املشرع يف منح اجلنسية اجلزائرية املكتسبة للمعين‪ ،‬يف هذه احلالة على حق اإلقليم‪ ،‬الذي يعين ميالده يف اجل زائ ر‪،‬‬
‫اعتمد ه‬
‫عززه ابإلقامة املعتادة واملنتظمة يف اجلزائر ‪ ،‬ومبيالد أبويه األجنبيني يف اجلزائر ‪ ،‬على‬
‫ولكن ليس يف صورته املطلقة ‪ ،‬بل ه‬
‫تؤدي إىل اندماج الفرد يف اجملتمع‬
‫ان تكون واقعة امليالد يف اجل زائر بعد صدور هذا القانون ‪ ،‬فتضافر هذه العناصر الثالثة ه‬
‫اجلزائري ‪ ،‬خاصة إذا كان أبواه مسلمني ‪ .‬وتلحقه اجلنسية اجلزائرية املكتسبة يف هذه احلالة ابلشروط اآلتية‪:‬‬
‫‪ 1‬أن يولد الولد يف اجلزائر‪ ،‬وذلك بثبوت واقعة امليالد يف اإلقليم اجلزائري وفق مفهوم املادة ‪ 4‬من هذا القانون‪ ،‬الّت بيهنت‬
‫أ هن عبارة «مولود يف اجلزائر» تعين أن يولد الولد على جمموع الرتاب اجلزائري واملياه اإلقليمية اجلزائرية والسفن والطائرات‬
‫اجلزائرية‪.‬‬
‫‪ 2‬أن يكون أبواه أجنبيني مولودين يف اجلزائر بعد صدور قانون اجلنسية يف ‪ 27‬مارس ‪.1963‬‬
‫‪ 3‬أن يكون املعين مقيما يف اجلزائر إقامة معتادة ومنتظمة وقت التصريح برغبته يف اكتساب اجلنسية اجلزائرية‪.‬‬
‫يصرح املعين عن رغبته يف اكتساب اجلنسية اجلزائرية خالل السنتني السابقتني على بلوغه س هن الرشد‪ ،‬ويف هذه‬ ‫‪ 4‬أن ه‬
‫الفرتة يكون الولد مازال قاصرا يف رعاية والديه ممها يفيد هأّنما مقيمان معه يف اجلزائر‪ ،‬إضافة إىل إقامتهما فيها وقت ميالده‪،‬‬
‫فإقامته من إقامتهما‪.‬‬
‫‪ 5‬أاله يعرتض وزير العدل على تصرحيه خالل ستة أشهر ابتداءً من ثبوت اترخيه‪ ،‬كما سبق توضيح ذلك يف احلالة األول ى‬
‫املذكورة أعاله ويعترب سكوت وزير العدل بعد انقضاء مهلة االعرتاض قبوال الكتساب املعىن اجلنسية اجلزائرية‪.‬‬
‫صر لِمن اكتسب‬ ‫ص األبناء ال ُق ه‬
‫ما هو جدير ابلذكر هنا أ هن املشرع قد رتهب يف احلالتني السابقتني آاثرا مجاعية ّتُ ُّ‬
‫نصت املادة ‪ 1/20‬على أن‪« :‬يصبح‬ ‫اجلنسية اجلزائرية على أساس امليالد واإلقامة يف اجلزائر مبوجب املادة ‪ ،11‬حيث ه‬
‫صر ألشخاص يكتسبون اجلنسية اجلزائرية مبوجب املادة ‪ 11‬من هذا القانون‪ ،‬جزائريني يف نفس الوقت م ع‬ ‫األوالد ال ُق ه‬
‫بقوة القانون مع أصلهم ما داموا قاصرين‪.‬‬‫أصلهم » وهذا يعين أّنم يكتسبوّنا ه‬
‫رابعا ـ ـ اكتساب اجلنسية اجلزائرية بزواج أجنبية من جزائري‪:‬‬
‫نصت على ذلك املادة ‪ 12‬من القانون املعين‪ ،‬حيث جاء فيها‪« :‬ميكن للمرأة األجنبية الّت تتزوج جزائراي أن تكتسب‬ ‫ه‬
‫اجلنسية اجلزائرية أبثر الزواج‪.‬‬
‫جيب عليها أن تعلن صراحة قبل حفل الزواج عن ّتلهيها عن اجلنسية األصلية‪.‬‬
‫ميكن هلذا التصريح أن يتم دون ترخيص حّت لو كانت املرأة قاصرة‪.‬‬
‫وجه الطلب إىل وزي ر العدل‪ ،‬الذي إبمكانه أن يرفضه‪.‬‬
‫يُ ه‬

‫‪90‬‬
‫إذا مل يرفض خالل مهلة ستة أشهر تكتسب املعنية اجلنسية اجلزائرية ويسري مفعول االكتساب ابتداءً من اتريخ ال زواج‬
‫بشرط أاله يكون الزواج قد أُبطل أو ُح هل وقت موافقة وزير العدل الصرحية أو الضمنية‪.‬‬
‫تبقى العقود الّت أبرمتها املرأة وفق قانون جنسيتها السابقة صحيحة‪.‬‬
‫تزوجن جزائراي قبل إصدار هذا القانون»‪ .‬نالحظ على ه‬
‫نص هذه‬ ‫الالئي ه‬‫تطبهق نفس األحكام على النساء األجنبيات ه‬
‫املادة أ هن اكتساب اجلنسية اجلزائرية بزواج امرأة أجنبية من جزائري‪ ،‬قد ورد حتت عنوان اكتساهبا ابمليالد واإلقامة يف‬
‫اجلزائ ر‪ ،‬ويع هد هذا خطأ من املشرع اجلزائري ‪ ،‬أل هن طريقة اكتساب املرأة األجنبية اجلنسية اجلزائرية أبثر زواجها من جزائري‬
‫قد تكون هلا عالقة ابإلقامة يف اجلزائر لكن ليس هلا عالقة ابمليالد يف اجلزائر‪.‬‬
‫جمرد إمكانية‪ ،‬يتوقهف ذلك على إرادة املرأة األجنبية‪ ،‬فإذا أرادت اكتساهبا‬ ‫إ هن اكتساب اجلنسية اجلزائرية هبذه الطريقة بقي ه‬
‫ميكنها ذلك‪ .‬وإذا اكتسبتها حت هقق مبدأ وحدة اجلنسية يف العائلة وهو اهلدف املأمول‪ ،‬ألنه يقوي رابطة العائلة ابلدولة‬
‫موحدة‪.‬‬‫اجلزائرية والوالء هلا‪ ،‬ويؤدي إىل تطبيق قانون واحد على أفراد العائلة‪ ،‬هو قانون الدولة الّت ينتمون إليها جبنسية ه‬
‫أما إذا رغبت املرأة األجنبية عن اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلزواج من جزائري‪ ،‬بقيت حمتفظة جبنسيتها األجنبية فيتح هقق‬
‫تبعا لذلك مبدأ استقاللية اجلنسية يف العائلة الذي يعين أاله ُّتلع جنسية الزوج الوطين على املرأة األجنبية املتزوجة منه‬
‫احلرة‪ .‬فإن شاءت دخلت فيها‪ ،‬وإن أبت احتفظت جبنسيتها األجنبيهة‪.‬‬ ‫آلياه‪ ،‬بل يتوقف اكتساهبا على إرادهتا ه‬
‫هأما الشُّروط الّت جيب أن تتوفهر يف املرأة األجنبية الّت تتزوج جزائراي وفق املادة ‪ ،12‬لكي تكتسب اجلنسية اجلزائرية‬
‫أبثر زواجها منه‪ ،‬فهي اآلتية‪:‬‬
‫‪ 1‬أن يكون الزواج صحيحا طبقا ملفهوم الزواج يف القانون اجلزائري‪ ،‬الذي تنظهمه وحتكمه أحكام الشريعة اإلسالمية‪،‬‬
‫حّت يف ظل وجود االستعمار الفرنسي يف اجلزائ ر‪ ،‬كانت تطبق على الزواج أحكام الشريعة اإلسالمية إذا كان‬ ‫وذلك ه‬
‫الزواج املختلط بني زوجني مسلمني حّت ولو كانت الزوجة من جنسية دولة أخرى‪ ،‬مثل املغرب أو تونس‪ ،‬ألن األحوال‬
‫الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫الشخصية اخلاصة ابملسلمني كانت تطبق عليها يف اجلزائر أحكام ه‬
‫احلرة ّتلهيها عن جنسيتها األصلية)‪ ،(1‬وذلك قبل حفل‬
‫‪ 2‬أن تُعلن املرأة األجنبية الّت تتزوج جزائراي صراحة إبرادهتا ه‬
‫الزواج ‪ ،‬وميكنها أن تعلن ذلك دون حاجة إىل إذن حّت لو كانت قاصرة‪.‬‬
‫‪ 3‬أن تقدم طلبا إىل وزير العدل خبصوص رغبتها يف اكتساب اجلنسيهة اجلزائرية‪ ،‬الذي إبمكانه أن يرفضه خالل ستة‬
‫أشهر من اتريخ تقدمي الطلب‪.‬‬
‫حيل وقت موافقة وزير العدل صراحة أو ضمنياه‪ .‬واملوافقة الضمنية تعين‬
‫‪- 4‬أن يكون الزواج مازال قائما مل يُبطل‪ ،‬ومل ه‬
‫سكوت وزير العدل خالل مهلة ستة أشهر‪ ،‬الّت منحت له لالعرتاض على الطلب‪ ،‬فإذا سكت فيها ُع هد ذلك قبوال منه‬

‫(‪-)1‬كان األحسن لو قال املشرع « ّتلهيها عن جنسيتها السابقة» ألن املرأة األجنبية الّت ه‬
‫تتزوج جزائراي قد تكون جنسيتها أصلية أو مكتسبة ‪،‬فعبارة «اجلنسية السابقة» تشمل‬
‫هذه وتلك‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫فإذا توفرت الشروط املذكورة أعاله‪ ،‬اكتسبت املرأة األجنبية اجلنسية اجلزائرية بفعل زواجها من جزائري‪ ،‬وبذلك تتح هقق‬
‫وحدة اجلنسية يف األسرة‪ .‬هأما إذا رغبت عن اجلنسية اجلزائرية‪ ،‬احتفظت جبنسيتها األجنبية‪ ،‬حتقيقا ملبدإ استقاللية جنسية‬
‫الزوجة عن جنسية زوجها‪ .‬مبعىن استقاللية اجلنسية يف العائلة‪.‬‬
‫الفرع الثاين ـ ـ اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلتجنس‪:‬‬
‫ظل قانون اجلنسيهة لسنة ‪ 1963‬ابلتهجنُّس‪ ،‬الذي قد يكون جتنهسا عاداي (أوالّ)‪ ،‬أو يكون‬
‫تكتسب اجلنسية اجلزائرية يف ه‬
‫جتنهسا استثنائيا (اثنيّا)‪ ،‬كما ميكن اكتساهبا ابآلاثر اجلماعية للتجنس (اثلثا)‪.‬‬
‫أوال ـ ـ اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلتجنّس العادي‪:‬‬
‫نصت على ذلك املادة ‪ 13‬من القانون املعين‪ ،‬حيث جاء فيها‪« :‬ي مكن لألجنيب الذي يقدم طلبا الكتساب اجلنسية‬
‫ه‬
‫اجلزائرية أن حيصل عليها بشرط‪:‬‬
‫‪ )1‬أن يكون مقيما يف اجلزائر منذ ‪ 5‬سنني على األقل بتاريخ تقدمي الطلب‪.‬‬
‫‪ )2‬أن يكون مقيما يف اجلزائر وقت التوقيع على املرسوم الذي مينح التجنهس‪.‬‬
‫‪ )3‬أن يكون ابلغا سن الرشد‪.‬‬
‫‪ )4‬أن يكون حسن السرية والسلوك ومل يسبق احلكم عليه بعقوبة خملهة ابلشرف‪.‬‬
‫‪ )5‬أن يثبت الوسائل الكافية ملعيشته‪.‬‬
‫‪ )6‬أن يكون سليم اجلسد والعقل‪.‬‬
‫ويق هدم الطلب إىل وزير العدل‪ ،‬الذي يستطيع دائما رفضه ضمن شروط املادة ‪ 28‬أدانه»‪ .‬املادة ‪ 28‬من هذا القانون‬
‫سبق ذكرها فيما سلف‪ .‬نق هدم شرحا موجزا للشروط املذكورة أعاله‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ـ الشرط األول‪ :‬أن يقيم األجنيب الراغب يف التجنهس ابجلنسية اجلزائرية يف اجلزائر م هدة ال تقل عن ‪ 5‬سنني بتاريخ تقدمي‬
‫التعرف على عاداته و تقاليده وأعرافه‪ ،‬والتطبهع بطبائع الشعب اجل زائري‪،‬‬
‫الطلب‪ ،‬تسمح له ابالحتكاك ابجملتمع اجلزائري‪ ،‬و ه‬
‫ومعرفة لغته ‪ ،‬وقوانينه ‪ ،‬وعقيدته الدينية ‪ ،‬واترخيه وحضارته‪ ،‬ونظامه السياسي ‪ ،‬كل ذلك قد يسمح له ابالندماج يف‬
‫اجملتمع اجلزائري املسلم‪.‬‬
‫املشرع أمهل شرط االندماج يف اجملتمع اجلزائري يف هذه املادة‪ ،‬وإن كان قد تدارك ذلك يف قانون اجلنسية لسنة‬
‫غري أ هن ه‬
‫اجملردة من عوامل االندماج‪ ،‬تبقى غري كافية للحكم ابندماج األجنيب يف‬ ‫‪ ،1970‬كما سنرى ذلك الحقا‪ .‬إ هن اإلقامة ه‬
‫اجملتمع اجلزائري‪ ،‬بل البد من توفر عوامل االندماج فيه‪ .‬هذا ما سنراه عند دراستنا التجنهس العادي يف ظل قانون اجلنسيهة‬
‫لسنة ‪.1970‬‬
‫‪2‬ـ ـ الشرط الثاين‪ :‬أن يكون مقيما يف اجلزائر وقت توقيع املرسوم‪ ،‬إذ بذلك يتأ هكد حرص الشخص وجديهة طلبه‪ ،‬ورغبته‬
‫يف التجنهس ابجلنسية اجلزائرية‪ ،‬ونية االستقرار واالرتباط ابجلزائر دولة وجمتمعا‪.‬‬
‫سن الرشد‪ ،‬أل هن‬ ‫‪3‬ـ ـ الشرط الثالث‪ :‬أن يكون ابلغا سن ه‬
‫الرشد‪ ،‬يعين أن تكون له أهلية األداء‪ ،‬الّت ال حتصل إاله ببلوغ ه‬
‫التجنهس إهّنا هو عمل إرادي من جانبه‪ ،‬لذلك يقتضي أن تكون له أهلية كاملة للتعبري عن إرادته‪ .‬والقانون الذي حيكم‬
‫‪92‬‬
‫أهليته حسب تقديري هو القانون اجلزائري ابعتباره قانون الدولة الّت يريد طالب التجنهس الدخول يف جنسيتها‪ ،‬فهذا‬
‫القانون هو الذي حي هدد ما إذا كان أهال حلمل األعباء النامجة عن اكتسابه اجلنسية اجلزائرية وتبعاهتا‪ ،‬وذلك ما يتفق مع‬
‫املنطق والواقع‪ .‬فال يعقل أن تلتجئ الدولة الّت يُر ُاد اكتساب جنسيتها إىل البحث يف مسألة أهليه طالب التجنهس جبنسيتها‬
‫إىل قانون الدولة التابع هلا أصال وقت التق هدم بطلبه‪ ،‬أل هن ذلك يتناقض مع مبدإ سيادة الدولة وما متلك من حرية تنظيم‬
‫الرشد الالزمة للتجنهس‪.‬‬
‫سن ه‬‫جنسيتها‪ ،‬وحتديد شروط اكتساهبا مبا يف ذلك ه‬
‫‪-4‬الشرط الرابع‪ :‬أن يكون األجنيب طالب التجنهس حسن السرية والسلوك‪ ،‬ومل يسبق احلكم عليه بعقوبة خملهة ابلشرف‪،‬‬
‫والعقوبة املخلهة ابلشرف املذكورة هنا جيب أن تكون كذلك يف مفهوم القانون اجلزائري‪ ،‬والغرض من هذا الشرط إمجاال‬
‫هو إبعاد األجانب غري املرغوب فيهم‪ ،‬الذين قد يش هكلون خطرا على األمن والسالمة والنظام العام يف اجلزائر‪.‬‬
‫‪5‬ـ ـ الشرط اخلامس‪ :‬أن يثبت الوسائل الكافية ملعيشته‪ .‬وهذا يستلزم أن يكون األجنيب طالب التجنهس قادرا على كسب‬
‫الرزق بنفسه ابلطرق املشروعة‪ .‬حّت ال يكون عالة على الدولة وعبئا على اجملتمع‪.‬‬
‫‪6‬ـ ـ الشرط السادس‪ :‬أن يكون سليم اجلسد والعقل‪ .‬هذا الشرط اقتضتهُ احملافظة على الصحة العامة وسالمة اجملتمع من‬
‫األمراض‪ ،‬واآلفات االجتماعية ذات الطبيعة اإلنسانية‪ ،‬وجتنهب أعباء اجتماعية إضافية تكون الدولة يف غىن عنها‪ .‬هذه‬
‫تسمى بشروط محاية وصيانة اجملتمع والدولة من األجانب الذين‬ ‫الشروط الثالثة األخرية‪ ،‬أي ‪ 4‬و‪ 5‬و‪ ،6‬هي الّت ه‬
‫يش هكلون عبئا على اجملتمع‪ ،‬وإخالال بسالمته وابألمن وابلنظام العام فيه‪.‬‬
‫‪7‬ـ ـ هناك شرط سابع‪ :‬هو أن يق هدم املعين طلب التجنهس إىل وزير العدل‪ ،‬وفق اإلجراءات اإلدارية املنصوص عليها يف‬
‫يبت يف طلب التجنهس خالل ستة أشهر من اتريخ تقدمي الطلب‪،‬‬
‫املادتني ‪27‬و ‪ 28‬من نفس القانون‪ ،‬حيث جيب عليه أن ه‬
‫وميكن له أن يرفض طلب التجنهس حّت لو توفهرت الشروط القانونية املطلوبة يف املعين‪ ،‬ملا له من سلطة تقديرية يف ذلك‪،‬‬
‫للبت يف الطلب‪،‬‬
‫أل هن التجنهس إهّنا يع هد منحة من الدولة‪ .‬وجيب أن تكون موافقته صرحية‪ ،‬أل هن سكوته خالل املهلة احملددة ه‬
‫يعترب بعد انقضائها رفضا للتجنهس‪ .‬هأما إذا قبل الطلب فستمنح له اجلنسية اجلزائرية مبوجب مرسوم حسب املادة ‪ 15‬من‬
‫القانون املعين‪.‬‬
‫اثنيا ‪-‬ا كتساب اجلنسية جلزائرية ابلتجنّس االستثنائي‪:‬‬
‫نصها كم ا يلي‪« :‬ي مكن احلك ومة‬
‫نص املشرع اجلزائري على إمكانية التجنهس االستثنائي يف املادة ‪ 14‬حيث جاء ه‬
‫ه‬
‫أاله أتخذ بعني االعتبار أحكام اإلخالل ابلشرف الصادرة يف اخلارج‪.‬‬
‫ميكن لألجنيب املصاب بعاهة أو مرض من جراء عمل قام به خدمة للجزائر‪ ،‬أو لفائدهتا أن يتجنهس ابجلنسية اجلزائرية‬
‫وذلك بقطع النظر عن أحكام الفقرة ‪ 6‬من املادة ‪ 13‬أعاله‪.‬‬
‫ميكن لألجنيب الذي ق هدم خدمات استثنائية للجزائر‪ ،‬أو الذي يكون يف جتنهسه فائدة استثنائية للجزائر أن يتجنهس ابجلنسية‬
‫توىف أجنيب عن زوجته وأوالده‪ ،‬وكان إبمكانه‬‫اجلزائرية بقطع النظر عن الشروط املنصوص عليها يف املادة ‪ 13‬أعاله‪ .‬إذا ه‬
‫أثناء حياته أن يدخل يف الصنف املشار إليه يف هذه الفقرة‪ ،‬فيمكن هؤالء أن يطلبوا جتنهسه بعد الوفاة يف نفس الوقت‬
‫الذي يطلبون فيه جتنهسهم»‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫تضمنت‬
‫تضمن ثالثة أصناف من األجانب ميكنهم أن يتجنهسوا ابجلنسية اجلزائرية جتنهسا استثنائيا‪ .‬وقد ه‬
‫نص هذه املادة ه‬
‫ه‬
‫املادة ثالث فقرات نشرحها إبجياز فيما أييت‪:‬‬
‫نصت هذه الفقرة من املادة املعينة على أن «ي مكن احلكومة هأال أتخذ بعني‬
‫‪-)1‬الفقرة األوىل (املادة ‪/14‬ف‪ :)1‬ه‬
‫االعتبار أحكام االخالل ابلشرف الصادر يف اخلارج » ‪ .‬إ هن ما ورد يف هذا ه‬
‫النص جيد سنده يف مبدإ إقليمية القانون‬
‫ّتل بشرف اإلنسان تستوجب حماكمته عليها جنائيا‪ ،‬وإصدار حكم‬
‫اجلنائي‪ ،‬فما قد يعترب يف اخلارج من األفعال الّت ه‬
‫يتضمن العقوبة املناسبة لتلك األفعال‪ ،‬قد ال تكون كذلك يف القانون اجلزائري‪ ،‬هلذا أجاز املشرع ‪-‬حسب‬
‫قضائي ه‬
‫تقديران للحكومة اجلزائرية أن أتخذ أو ال أتخذ ابألحكام القضائية األجنبية الّت تعاقب على مثل هذا الفعل‪ ،‬إذا كان‬
‫هذا الفعل من وجهة نظر القانون اجلزائري ال يعترب خماله ابلشرف‪ ،‬وال يستوجب العقاب‪ .‬واألمر مرتوك لتقديرها‪.‬‬
‫‪)2‬ـ ـ الفقرة الثانية (املادة ‪/14‬ف‪ :)2‬خاصة ابلصنف األول من األجانب الذي ميكنه أن يتجنهس ابجلنسية اجلزائرية‬
‫جتنهسا استثنائيا ‪ ،‬وهو األجنيب الذي أصيب بعاهة أو مرض نتيجة عمل قام به خدمة للجزائر أو لفائدهتا أعفاه املشرع‬
‫نصت عليها املادة ‪ 13‬اخلاصة ابلتجنهس العادي ‪ ،‬الّت شرحناها سابقا ‪ ،‬وهو شرط‬
‫من شرط واحد من الشروط الّت ه‬
‫«أن يكون سليم اجلسد والعقل » ‪ .‬وبناء على ما سبق يتبني أن إمكانية التجنهس االستثنائي ابلنسبة هلذا الصنف من‬
‫األجانب‪ ،‬تبقى متوقفة على توفر الشروط اآلتية‪:‬‬
‫‪ 1‬أن يكون املعين قد قام فعال بعمل خدم به اجلزائر‪ ،‬أو كان لفائدهتا‪ ،‬ومعىن ذلك أ هن إمكانية التجنهس أتت ي بعد ما‬
‫يكون املعين قد أجنز عمله خدمة للجزائر أو لفائدهتا‪.‬‬
‫‪2‬ـ ـ أن يكون السبب املباشر إلصابته ابلعاهة أو املرض هو العمل الذي قام به خدمة للجزائر أو لفائدهتا‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أن تتوفر فيه الشروط األخرى الّت مل يُعف منها‪ ،‬الّت نصت عليها املادة ‪ 13‬اخلاصة ابلتجنس العادي‪ ،‬وقد سبق لنا‬
‫شرحها ممها يغنينا عن إعادهتا هنا‪.‬‬
‫إن التجنهس االستثنائي يف هذه احلالة‪ ،‬يُع هد مكافأة من الدولة اجلزائرية لألجنيب على ما أصابه من ضرر نتيجة عمل قام‬
‫به خدمة للجزائر أو لفائدهتا‪.‬‬
‫‪)3‬ـ ـ الفقرة الثالثة (املادة ‪/14‬ف‪ :)3‬هذه الفقرة خاصة ابلصنفني الثاين والثالث من األجانب ‪ ،‬اللذين إبمكاّنما أن‬
‫يتجنهسا جتنهسا استثنائيا ابجلنسية اجلزائرية مع إعفائهما من مجيع الشروط املنصوص عليها يف املادة ‪ ، 13‬مها‪:‬‬
‫ـ ـ الصنف الثاين‪ :‬هو األجنيب الذي قدم خدمات استثنائية للجزائر أعفاه املشرع من مجيع الشروط املنصوص عليها يف‬
‫املادة ‪ ،13‬لكن جتنهسه أييت بعد ما يكون قد قدم فعال خدمة استثنائية للجزائر‪ ،‬أل هن املشرع استخدم فعل «ق هدم» جاء‬
‫يف صيغة املاضي يقابله ابلفرنسية «‪ » qui a rendu‬مما يعين أ هن إمكانية جتنهسه ال تكون إاله بعد تقدمي اخلدمة االستثنائية‬
‫للجزائر ‪ ،‬وما عليه إاله أن يق هدم طلبا لوزير العدل ‪ ،‬الذي ميكنه أن يقبله أو يرفضه ‪ ،‬خالل املهلة املمنوحة له‪ .‬ويع هد‬
‫سكوته رفضا‪ ،‬كما سبق بيان ذلك يف التجنهس العادي‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫ـ ـ الصنف الثالث‪ :‬هو األجنيب الذي يكون يف جتنهسه فائدة استثنائية للج زائر أعفاه املشرع أيضا من مجيع الشروط‬
‫املنصوص يف املادة ‪ .13‬نالحظ هنا أ هن املشرع استخدم فعل «يكون» يف صيغة املضارع الذي يعين احلاضر أو املستقبل‪،‬‬
‫يقابله ابلفرنسية ‪ ،v.présente‬ممها يعين أ هن هذا الصنف من األجانب ميكنه أن يتجنهس ابجلنسية اجلزائرية جتنهسا استثنائيا‬
‫قبل أن حتصل اجلزائر منه على الفائدة االستثنائية‪ ،‬ال هن الغرض من جتنهسه هو أن حتصل الدولة اجلزائرية على تلك الفائدة‬
‫االستثنائية منه‪.‬‬
‫اثلثا ـ ـ اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابآلاثر اجلماعية للتجنّس‪:‬‬
‫نصت على إمكانية امتداد اآلاثر اجلماعية للتجنهس املادة ‪/20‬ف‪ 3‬من القانون الذي حنن بصدد شرح مو هاده‪ ،‬حيث جاء‬
‫ه‬
‫فيها‪:‬‬
‫«ي مكن لعقد التجنهس أن مينح اجلنسية اجلزائرية لألوالد القصر لألجنيب املتجنهس‪ ،‬على أ هن هلم حرية التنازل عن اجلنسية‬
‫اجلزائرية خالل الفرتة املرتاوحة بني ‪ 18‬و‪ 21‬سنة من عمرهم»‪.‬‬
‫كل من جتنهس من‬
‫مل مييهز املشرع يف هذا النص بني اآلاثر اجلماعة للتجنهس العادي والتجنهس االستثنائي‪ ،‬وذلك يعين أ هن ه‬
‫األجانب ابجلنسية اجلزائرية جتنهسا عاداي أو جتنهسا استثنائيا‪ ،‬ميكن أن متت هد آاثر جتنهسه إىل أوالده القصر‪ ،‬على أن يكون‬
‫هلم حرية التنازل عن اجلنسية اجلزائرية خالل الفرتة املمت هدة بني ‪ 18‬و‪ 21‬سنة من عمرهم‪ ،‬وذلك أبن يشملهم مرسوم‬
‫‪/20‬ف‪.3‬‬ ‫جتنُّس أصلهم‪ ،‬حسب نص املادة‬
‫جمرد إمكانية متنح مبوجبه الدولة جنسيتها لألجنيب الذي يرغب‬
‫يستحق التهنبيه إليه هنا‪ ،‬أ هن التجنهس بصفة عامة هو ه‬
‫ه‬ ‫ممها‬
‫خص صنفا واحدا من األجانب‬
‫يف جنسيتها حال حياته‪ .‬لكن املشرع اجلزائري ‪ ،‬كما هو واضح من النص السابق ‪ ،‬ه‬
‫ميكنه أن يتجنهس ابجلنسية اجلزائرية جتنهسا استثنائيا بعد وفاته‪ ،‬وهو الصنف الثاين من األجانب الذي بينها حكمه فيما‬
‫سلف ‪ ،‬أي األجنيب الذي ق هدم خدمات استثنائية للجزائر حيث أجاز املشرع أن ميت هد أثر جتنهسه بعد وفاته إىل زوجته‬
‫نص املادة ‪/14‬ف‪ 3‬يف شطرها األخري ‪ ،‬حيث قضت أنهه‬ ‫وأوالده ‪ ،‬سواء كانوا قصرا أو راشدين ‪ ،‬هذا ما نستش هفه من ه‬
‫«إذا ه‬
‫توىف أجنيب عن زوجته وأوالده ‪ ،‬وكان إبمكانه أثناء حياته أن يدخل يف الصنف املشار إليه يف هذه الفقرة ‪ ،‬فيمكن‬
‫هلؤالء أن يطلبوا جتنهسه بعد الوفاة يف نفس الوقت الذي يطلبون فيه جتنهسهم »‪.‬‬
‫غين عن البيان أ هن طلب جتنهس املعين بعد وفاته جيب أن يقدم من زوجته وأوالده ابلتوازي مع طلب جتنهسهم هم أنفسهم‪،‬‬
‫فإذا منحته الدولة اجلزائرية اجلنسية اجلزائرية امت هد أثر جتنهسه إليهم‪ ،‬أل هن جتنهسهم متوقف على جتنهسه هو‪.‬‬
‫ما نقوله بشأن هذا النهص األخري أ هن إمكانية جتنس الفرد بعد وفاته وامتداد أثر جتنهسه إىل أسرته‪ ،‬حكم انفرد به املشرع‬
‫اجلزائري‪ ،‬إذ من املعروف أ هن التجنهس عمل إرادي يسعى من أجله املعين به ذاته حال حياته‪ ،‬فيق هدم من أجل ذلك طلبا‬
‫يعرب فيه إبرادته الصرحية عن رغبته يف التجنهس‪ .‬لكن املشرع اجلزائري العتبارات خاصة هفوض زوجته وأوالده يف حالة ما‬
‫إذا طلبوا التجنهس ابجلنسية اجلزائرية أن يطلبوا جتنهسه ابملوازاة مع طلب جتنهسهم إذا أرادوا ذلك‪ .‬وإذا كان النص واضحا‬
‫ابلنسبة إلعفائه هو نفسه من مجيع الشروط املنصوص عليها يف املادة ‪ ،13‬فإ هن ذلك غري واضح ابلنسبة لزوجته وأوالده‪،‬‬

‫‪95‬‬
‫املشرع اجلزائري يف هذا التجنهس غري العادي قد أخذ مببدإ‬
‫فهل يشملهم هذا اإلعفاء ؟‪ ،‬الظاهر من النص وسياقه أ هن ه‬
‫التبعية العائلية يف التجنهس الذي يرتهب آاثرا مجاعية على عائلة املتجنهس حيث تكتسب زوجته وأوالده اجلنسية اجلزائرية‬
‫تبعا الكتسابه هلا‪ ،‬بناء على الطلب الذي يق هدمونه هم أنفسهم عنه‪ ،‬نظرا لتع هذر تقدميه بنفسه حال وفاته‪ ،‬وال فرق يف‬
‫ذلك بني أوالده القصر والراشدين‪ ،‬أل هن حالة التجنهس هذه‪ ،‬هي حالة استثنائية وغري عادية‪ ،‬وألن علهة جتنسهم تكمن يف‬
‫جتنسه هو‪ .‬ومادام األمر كذلك فإ هن اإلعفاء من شروط التجنهس مجيعها يشمل حسب رأينا الزوجة واألوالد أيضا مّت‬
‫اقرتن طلب جتنهسه بطلب جتنهسهم‪ ،‬أل هن التجنس هنا كما أشران آنفا حالة خاصة واستثنائية‪ ،‬الغرض منه اجلزاء عن خدمات‬
‫استثنائية ق هدمها املعين للجزائ ر‪ ،‬ويف ذات الوقت يعترب تكرميا للمعين‪ ،‬وابلتبعية تكرميا ألسرته‪ ،‬نتيجة اإلخالص والوالء‬
‫كل ذلك يرجع إىل تقدير السلطة العامة املاحنة للجنسية‪.‬‬
‫للدولة اجلزائرية ‪ ،‬واألمر يف ه‬
‫الفرع الثالث ـ ـ اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابالسرتداد‪:‬‬
‫االسرتداد بصفة عامة يُع هد طريقة من طرق اكتساب اجلنسية‪ ،‬أجازته أغلب التشريعات اخلاصة ابجلنسية يف خمتلف‬
‫بقوة القانون عندما يكون ح هقا للفرد‪ ،‬فال ميكن للدولة‬
‫الدول غري هأّنا اختلفت يف كيفية تطبيقه‪ ،‬فقد يتح هقق عند بعضها ه‬
‫يف هذه احلالة أن حتُول بني الفرد وعودته إىل جنسيتها‪ .‬وقد يكون مرتوكا إلرادة الدولة وسلطتها التقديرية‪ ،‬الّت متلك حق‬
‫كل الش روط الالزمة‬‫السماح للفرد ابسرتداد جنسيتها الّت فقدها‪ ،‬كما قد مت لك حق رفض طلب االست رداد رغم توفهر ه‬
‫)‪(1‬‬
‫تبىن هذا املوقف األخري‪ ،‬فجعل االسرتداد كطريقة من طرق اكتساب اجلنسية اجلزائرية‬
‫لذلك ‪ ،‬هأما املش رع اجلزائري فقد ه‬
‫نصت عليه املادة ‪ 17‬من قانون سنة ‪ ،1963‬إذ جاء‬
‫جمرد إمكانية تتوقف على إرادة السلطة املاحنة للجنسية‪ ،‬وهذا ما ه‬
‫ه‬
‫كل شخص كان متمتهعا هبا كجنسية أصلية وفقدها‪ ،‬وذلك عن‬ ‫فيها‪« :‬ميكن أن ه‬
‫يسرتد اجلنسية اجلزائرية مبوجب مرسوم ه‬
‫طريق تقدمي طلب بعد ‪ 18‬شهرا على األقل من اإلقامة املعتادة واملنتظمة يف اجلزائر»‪ .‬نص هذه املادة متطابق مع نص‬
‫املادة ‪ 14‬من قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر سنة ‪ 1970‬قبل وبعد تعديله‪ .‬نستخلص من هذا النص تعريف االسرتداد‬
‫يف مفهوم قانون اجلنسية اجلزائرية أوال مثه األشخاص الذين ميكنهم اسرتداد اجلنسية اجلزائرية اثنيا مثه الشروط الالهزمة‬
‫السرتداد اجلنسية اجلزائرية اثلثا وأخريا اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابآلاثر اجلماعية لالسرتداد رابعا‪:‬‬
‫أوال ـ ـ تعريف االسرتداد يف مفهوم قانون اجلنسية اجلزائرية‪:‬‬
‫يقصد ابال سرتداد يف مفهوم قانون اجلنسية اجلزائرية إمكانية رجوع الفرد إىل اجلنسية اجلزائرية الّت فقدها إبرادته أو دون‬
‫إرادته بسبب متتهعه جبنسية دولة أجنبية‪ ،‬سواء كانت أصلية أو مكتسبة‪.‬‬

‫(‪ -)1‬راجع‪ :‬اكتساب اجلنسية ابالسرتداد ‪ ،‬رسالتنا ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ 154‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫يتبني من التعريف السابق أ هن إمكانية اسرتداد اجلنسية اجلزائرية تبقى معلهقة على إرادة الفرد من جهة‪ ،‬وإرادة الدولة من‬
‫ه‬
‫جهة اثنية‪ .‬فقد جعل املشرع االسرتداد ممكنا عندما يرغب الفرد يف ذلك‪ ،‬لكنه ترك تقدير االسرتداد من عدمه للسلطة‬
‫العامة يف الدولة‪ ،‬فالكلمة العليا هلذه األخرية‪ ،‬فإن شاءت وافقت على االسرتداد مّت توفهرت شروطه‪ ،‬وإن أبت رفضته‬
‫ألي فرد كان‪ ،‬مصلحتها العامة قبل مصلحة الفرد‪.‬‬
‫أي دولة تراعي يف منح جنسيتها ه‬
‫حّت لو توفهرت مجيع شروطه‪ .‬أل هن ه‬
‫ه‬
‫اثنيا ‪-‬األشذاص الذين إبمكاّنم اسرتداد اجلنسية اجلزائرية‪:‬‬
‫يتجلهى من نص املادة ‪ ،17‬الذي أوردانه أعاله أ هن إمكانية اسرتداد اجلنسية اجلزائرية مقتصرة على اجلزائريني الذين متتهعوا‬
‫هبا كجنسية أصيلة وفق املادتني ‪ 5‬و‪ 6‬من قانون اجلنسية لسنة ‪ 1963‬سبق شرحهما مثه فقدوها إبحدي طرق الفقد‬
‫يعرب عنه ابلفقد غري‬
‫يعرب عنه ابلفقد اإلرادي‪ ،‬أو دون إرادهتم وهذا ما ه‬
‫نص عليها هذا القانون سواء إبرادهتم وهذا ما ه‬
‫الّت ه‬
‫االرادي‪.‬‬
‫لكن من هم اجلزائريون الذين يفقدون جنسيتهم اجلزائرية األصلية إبرادهتم‪ ،‬ومن هم الذين يفقدوّنا دون إرادهتم؟ نشرح‬
‫ذلك إبجياز حتت عنوان الفقد اإلرادي مثه حتت عنوان الفقد غري اإلرادي‪:‬‬
‫‪-)1‬الفقد اإلرادي ‪ :‬هناك ثالث حاالت ه‬
‫نصت عليها املادة ‪ 21‬من قانون اجلنسية الصادر سنة ‪ ،1963‬تُفقد فيها‬
‫نصت عليها املادة ‪ 3/6‬من‬
‫اجلنسية اجلزائرية األصلية إبرادة املعنيني ‪ ،‬وهناك حالة رابعة هي عبارة عن فقد شبه إرادي ه‬
‫نبني هذه احلاالت فيما أييت ‪:‬‬
‫نفس القانون‪ ،‬سبق دراستها فيما سلف ه‬
‫‪1‬ـ ـ احلالة األوىل (املادة ‪ :)1/21‬هي حالة اجلزائري الذي اكتسب عن طواعية يف اخلارج جنسية أجنبية وأُذن له مبوجب‬
‫مرسوم للتخلهي عن اجلنسية اجلزائرية فطبقا هلذا النص كل من كان جزائراي أصيال واكتسب جنسية أجنبية يف اخلارج‬
‫إبرادته مهما كانت طريقة االكتساب‪ ،‬وإن كان التجنس هو أبرز هذه الطرق‪ ،‬يفقد اجلنسية اجلزائرية بصفتها جنسية‬
‫أصلية‪.‬‬
‫‪2‬ـ ـ احلالة الثانية (املادة ‪ :)2/21‬هي حالة اجلزائري ولو كان قاصرا الذي له جنسية أجنبية أصلية وأُذن له مبوجب‬
‫كل من كان جزائراي أصيال ومتتهع جبنسية أجنبية‪ ،‬يفقد اجلنسية‬
‫مرسوم للتهخلهي عن اجلنسية اجلزائرية فحسب هذا النص ه‬
‫اجلزائرية بصفتها جنسية أصلية‪ ،‬سواء كانت مبنية على أساس حق الدم أو على أساس حق اإلقليم‪.‬‬
‫‪-3‬احلالة الثالثة (املادة ‪ :)3/21‬هي حالة املرأة اجلزائرية املتزوجة من أجنيب وتكتسب من جراء زواجها جنسية زوج ها‬
‫وأذن ل ها مبوجب مرسوم قبل حفل الزواج للتخلهي عن اجلنسية اجلزائرية‪ .‬وفق هذا النص كل امرأة كانت هلا جنسية جزائرية‬
‫تزوجت أجنبيا واكتسبت جنسية زوجها األجنيب بفعل الزواج منه‪.‬‬
‫أصلية تفقدها‪ ،‬إذا ه‬
‫لكن لكي يتم التخلهي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية يف احلاالت الثالث السابقة جيب أن تتوفر الشروط اآلتية‪:‬‬
‫يتضمن اإلعالن عن الرغبة يف التخلي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية‪.‬‬
‫أ أن يُق هدم طلب إىل وزير العدل‪ ،‬ه‬
‫ب‪-‬أن يكون من ق هدم طلب التخلهي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية حامال اجلنسية األجنبية وقت تقدمي الطلب‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫لكل من طلب منها يف احلاالت الثالث‪ ،‬التخلهي عن اجلنسية اجلزائرية‬
‫ج أن أتذن السلطة اجلزائرية مبوجب مرسوم ه‬
‫األصلية‪.‬‬
‫كل من ق هدم طلب التخلهي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية مقيما يف اخلارج‪ ،‬وهذا يعين ضعف الصلة أو‬
‫د أن يكون ه‬
‫انقطاعها بينه وبني الدولة اجلزائرية‪ .‬والسلطة التقديرية يف ذلك تعود هلذه األخرية‪.‬‬
‫‪-4‬احلالة الرابعة‪ :‬عبارة عن فقد شبه إرادي نصت عليها املادة ‪ 3/6‬من نفس القانون‪ ،‬هي حالة الولد املولود يف اجلزائر‬
‫من أم جزائرية وأب أجنيب هو نفسه مولود يف اجلزائر إاله إذا رفض اجلنسية اجلزائرية خالل السنتني السابقتني على بلوغه‬
‫سن الرشد‪ .‬وهو الولد الذي يتمتع ابجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم (‪ ،)1‬منحه املشرع إمكانية رفض‬
‫اجلنسية اجلزائرية إذا أراد ذلك‪ ،‬خالل السنتني السابقتني على بلوغه سن الرشد‪ .‬لكن إذا توفرت الشروط اآلتية‪:‬‬
‫أ أن يكون قد متتهع ابجلنسية اجلزائرية على أساس حق اإلقليم‪ ،‬ويف ذات الوقت حيمل اجلنسية األصلية األجنبية على‬
‫أساس حق الدم من جهة أبيه األجنيب‪.‬‬
‫ب أن يق هدم طلبا للسلطة اجلزائرية ممثهلة يف وزير العدل‪ ،‬يرفض فيه اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم‪،‬‬
‫خالل السنتني السابقتني على بلوغه سن الرشد‪.‬‬
‫بغض النظر‬
‫ج أن توافق احلكومة اجلزائرية على طلب رفض اجلنسية اجلزائرية‪ .‬لكن تبقى هلا السلطة التقديرية يف ذلك‪ ،‬ه‬
‫متوفرة‪ .‬فإذا مل تتوفر يعلن وزير العدل عن عدم قبوله‬‫ع هما إذا كانت الشروط القانونية الالزمة لرفض اجلنسية متوفهرة أم غري ه‬
‫لرد على‬
‫الطلب مبوجب مقرر يبلهغ للمعين‪ .‬هأما إذا توفهرت فيمكنه رفض الطلب مبوجب مقرر يبلهغ له‪ .‬على أن يكون ا ه‬
‫الطلب خالل ستة أشهر ابتداء من اتريخ إعداد امللف بصورة كاملة‪ ،‬ويف حالة املوافقة يفقد املعين اجلنسية اجلزائرية ابتداء‬
‫من اتريخ الطلب‪.‬‬
‫املتصور أن توافق‬
‫د أن يكون املعين مقيما يف اخلارج م هدة كافية‪ ،‬تضعف ارتباطه ابلدولة اجلزائرية ووالءه هلا‪ .‬إذ من غري ه‬
‫السلطة العامة يف الدولة على طلب رفض جنسيتها األصلية ل من هو مقيم يف اجلزائر ويعيش فيها‪ .‬أل هن فكرة الفعلية يف‬
‫ترسخت يف نطاق القانون الدويل‪ ،‬تع هد من أهم مساهتا اإلقامة واالستقرار يف إقليم الدولة الّت حيمل الفرد‬
‫اجلنسية الّت ه‬
‫يؤدي ذلك إىل قلهة االحتكاك مبجتمع الدولة‪ ،‬أو انقطاع‬
‫جنسيتها‪ ،‬فإذا انتقل إىل اإلقامة يف اخلارج واالستقرار هناك‪ ،‬قد ه‬
‫الصلة به متاما‪.‬‬
‫‪)2‬ـ ـ الفقد غري اإلرادي‪ :‬هناك حالتان يفقد فيهما الفرد اجلنسية اجلزائرية األصلية دون إرادته ‪ ،‬مها‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ احلالة األوىل‪ :‬هي حالة اجلزائري الذي يقوم خبدمة يف دولة أجنبية أو يف جيش أجنيب وحيتفظ هبا بعد مرور ستة أشهر‬
‫من إنذار احلكومة اجلزائرية له بوجوب االستقالة منها‪ :‬نصت عليها املادة ‪/21‬ف‪ 5‬من قانون اجلنسية لسنة ‪ .1963‬هذا‬
‫يتوىل‬
‫اجلزائري له جنسية جزائرية أصلية على أساس النسب‪ ،‬ال ّتلو حالته من أمرين يف عالقته ابلدولة األجنبية الّت ه‬

‫(‪ )1‬راجع ما سبق‪ :‬شرح املادة ‪ 3/6‬من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪ 1963‬ص ‪.84‬‬

‫‪98‬‬
‫الظن أ هن الدولة‬
‫خدمة عمومية فيها‪ ،‬أو خدمة جيشها‪ .‬األمر األول أنه حيمل جنسيتها‪ ،‬والثاين أنهه مرشح لذلك‪ .‬أغلب ه‬
‫املعنية هنا‪ ،‬هي دولة فرنسا االستعمارية وجيشها‪ .‬هأما شروط فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية يف هذه احلالة‪ ،‬فهي اآلتية‪:‬‬
‫وىل خدمة عمومية يف دولة أجنبية‪ ،‬أو يف جيش أجنيب‪.‬‬ ‫أ أن يشغل املعن ي‪ ،‬أو يت ه‬
‫ب أن تنذره احلكومة اجلزائرية بوجوب االستقالة من اخلدمة العامة يف الدولة األجنبية‪ ،‬أو من اخلدمة يف اجليش األجنب ي‬
‫فتمنحه مهلة ستة أشهر لالستقالة‪.‬‬
‫ج أن حيتفظ رغم إنذاره ابخلدمة العامة يف الدولة األجنبية‪ ،‬أو ابخلدمة يف اجليش األجنيب بعد انقضاء مهلة ستة أشهر‬
‫ابتداء من اتريخ إنذاره‪.‬‬
‫إذا توفرت هذه الشروط ف قد املعين اجلنسية اجلزائرية األصلية‪ ،‬ابتداء من نشر مرسوم الفقد الذي يُعلن فيه فقده هلا‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ احلالة الثانية‪ :‬هي حالة الولد املولود يف اجلزائر من أبوين جمهولني الذي متتهع ابجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس‬
‫حق اإلقليم طبقا للمادة ‪ ،2/6‬سواء كانت واقعة ميالده يف اجلزائر اثبتة يف الزمان واملكان‪ ،‬أو كانت مفرتضة يف حالة ما‬
‫إذا كان الولد اجملهول األبوين لقيطا عُثر عليه يف اجلزائر‪ ،‬وكان حديث الوالدة‪ .‬هذا الولد اجملهول األبوين يفقد جنسيته‬
‫اجلزائرية األصلية املبنية على أساس حق اإلقليم دون إرادته وأبثر رجعي كأنهه مل يكن قد متتهع هبا قط‪ ،‬إذا توفهرت فيه شروط‬
‫الفقد‪ ،‬وهي‪ :‬أن يظهر أجنيب أثناء قصر الولد اجملهول األبوين‪ ،‬وي هدعي انتسابه إليه‪ ،‬ويثبت نسبه إليه فعال‪ ،‬ويكون قانون‬
‫هذا األجنيب مينحه اجلنسية األصلية على أساس حق الدم من جهته (‪.)1‬‬
‫سن الرشد‪ ،‬فإ هن الولد يبقى‬
‫غري أنهه إذا مل يظهر األجنيب الذي ي هدعي نسب الولد إليه أثناء قصره‪ ،‬وظهر بعد بلوغه ه‬
‫حمتفظا ابجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم‪ ،‬لكن إبمكانه أن يفقدها إذا أراد مبوجب املادة ‪/21‬ف‪ 2‬الّت‬
‫شرحناها أعاله‪.‬‬
‫بقي أن نذكر هنا أ هن املشرع اجلزائري قد رتهب يف املادة ‪ 23‬آاثرا مجاعية للفقد‪ ،‬متت هد إىل األوالد القصر بقوة القانون‬
‫ابلنسبة ملن فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية يف احلالتني الواردتني يف املادة ‪1/21‬و‪ ،2‬بشرطني‪ :‬أن يكون األوالد القصر غري‬
‫‪/23‬ف‪.1‬‬ ‫متزوجني‪ ،‬ويعيشون معه فعال حسب نص املادة‬
‫أما فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية يف احلالة الواردة يف املادة ‪ ،5/21‬فإ هن أثر الفقد ال ميتد إىل األوالد القصر إاله إذا نص‬
‫مرسوم الفقد صراحة على ذلك‪ ،‬حسب نص املادة ‪/23‬ف‪ .2‬وهبذا نصل إىل أ هن األشخاص الذين يفقدون اجلنسية‬
‫كل واحد منهم أن يسرتد اجلنسية اجلزائرية إذا توفرت فيه الشروط‬
‫اجلزائرية األصلية يف احلاالت الّت شرحناها أعاله‪ ،‬ميكن ه‬
‫الّت نبيهنها أدانه‪.‬‬
‫اثلثا ـ ـ الشروط الالّزمة السرتداد اجلنسية اجلزائرية‪:‬‬
‫نستخلص هذه الشروط من نص املادة ‪ 17‬الذي أوردانه سابقا‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ )1‬أن يكون طالب االسرتداد ممهن كان متمتهعا ابجلنسية اجلزائرية األصلية طبقا ألحكام املادتني ‪5‬و‪ 6‬من نفس القانون‬
‫مث فقدها أبحد األسباب املذكورة يف املادة ‪ ، 5° ،3° ،2° ، 1°/21‬ويف املادة ‪2/6‬و‪.3‬‬

‫(‪ )1‬راجع ما سبق‪ :‬شرح املادة ‪ 2/6‬اخلاصة حبالة الولد املولود يف اجلزائر من أبوين جمهولني‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫‪ -)2‬جيب أن يكون مقيما يف اجلزائر وقت تقدمي الطلب مل هدة ال تقل عن مثانية عشر (‪ )18‬شهرا‪ ،‬إقامة معتادة ومنتظمة‬
‫ويقصد ابإلقامة املعتادة واملنتظمة يف اجلزائر أن تكون وفق التنظيم القانوين اجلزائري الذي حيكم وينظم إقامة األجانب‬
‫فيها‪ .‬وتع هد هذه اإلقامة قصرية مقارنة مع اإلقامة املشرتطة يف حالة التجنهس العادي (املادة ‪ )1/13‬املق هدرة خبمس سنوات‪،‬‬
‫ويرجع السبب يف ذلك إىل افرتاض أ هن املسرتد كان جزائراي أصيال قبل فقده اجلنسية اجلزائرية‪ ،‬فاندماجه من جديد يف‬
‫قحا‪.‬‬
‫اجملتمع اجلزائري يكون أسهل وأسرع وأيسر من كونه أجنبيها ه‬
‫‪ - )3‬أن يقدم طلب اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابالسرتداد إىل وزير العدل وفق اإلجراءات اإلدارية املنصوص عليها يف‬
‫املادتني ‪ 27‬و ‪ 28‬من ذات القانون‪ ،‬يعرب فيه عن إرادته الصرحية يف اسرتداد اجلنسية اجلزائرية ‪ .‬ومن انفلة القول أنهه‬
‫جيب أن يكون كامل األهلية وقت تقدمي الطلب‪.‬‬
‫‪ -)4‬ميكن إضافة شرط آخر يُستفاد ضمنيها من النصوص السابقة ‪ ،‬وهو زوال سبب فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية ‪ ،‬وهو‬
‫قد يصدق يف حالة دون حالة أخرى ‪ .‬مثال كأن يكون القانون األجنيب يعلهق اكتساب املرأة اجلزائرية جنسية زوجها‬
‫تسرتد اجلنسية‬
‫فحّت ال تصري عدمية اجلنسية ميكنها أن ه‬
‫األجنيب على استمرار احلياة الزوجية‪ ،‬فإذا حدث الطالق فقدهتا‪ .‬ه‬
‫اجلزائرية‪.‬‬
‫لكن ما يالحظ يف شأن اسرتداد اجلنسية اجلزائرية أ هن املشرع اجلزائري ل هما أعطى إمكانية اسرتدادها ملن توفهرت فيه‬
‫يسرتدها كجنسية مكتسبة‪ ،‬ال كجنسية أصلية‪ .‬واحلكمة من ذلك حسب تقديران أ هن الذي‬ ‫الشروط السابقة‪ ،‬إهّنا جعله ه‬
‫ينم سلوكه هذا عن استهتاره هبذه اجلنسية‪ ،‬أو عن اهتزاز يف‬ ‫يقدم إبرادته على التخلهي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية‪ ،‬إهّنا ه‬
‫شخصيته الوطنية‪ ،‬قد ترتمجه ضعف صلته ورابطته ابجملتمع اجلزائري وابلدولة اجلزائرية نتيجة اإلقامة الطويلة يف اخلارج‪،‬‬
‫كل شيء هي انتماء فكري‬ ‫تتداخل فيها عوامل عديدة‪ ،‬ذات طابع لغوي‪ ،‬ثقايف‪ ،‬فكري‪ ،‬حضاري‪ .‬فاجلنسية قبل ه‬
‫وحضاري‪ ،‬قبل أن تكون انتماءً اجتماعيا‪ ،‬وسياسيا وقانونيا‪ ،‬أل هن هذا االنتماء األخري إهّنا هو تتويج لالنتماء األول وتعبري‬
‫عنه‪.‬‬
‫هأما إذا فقد الشخص اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم دون إرادته‪ ،‬يف حالة الولد املولود يف اجلزائر من‬
‫أبوين جمهولني‪ ،‬فإنهه يفقدها تلقائيا أثناء قصره إذا ثبتت له جنسية أجنبية أصلية على أساس حق الدم من جهة أجنيب‪،‬‬
‫واحلكمة من هذا الفقد هي الوقاية من ازدواج اجلنسية‪ ،‬أل هن منحه اجلنسية اجلزائرية األصلية ابتداء يكمن يف حماربة انعدام‬
‫اجلنسية‪ ،‬فإذا زالت علهة انعدامها‪ ،‬زالت معها علهة منحه اجلنسية اجلزائرية‪.‬‬
‫و هأما الفقد غري اإلرادي يف حالة اجلزائري األصيل الذي يشغل خدمة عامة يف دولة أجنبية أو يف جيش أجنيب‪ ،‬فإنهه‬
‫يع هد عقااب له على عدم استجابته لطلب الدولة اجلزائرية بوجوب استقالته من تلك اخلدمة‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫رابعا ـ ـ اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابآلاثر اجلماعية لالسرتداد‪:‬‬
‫رأينا يف آخر الفقرة السابقة أن املشرع اجلزائري قد رتهب آاثرا مجاعية للفقد فاستلزم ذلك أن تكون يف املقابل آاثر مجاعية‬
‫السرتداد اجلنسية اجلزائرية‪ .‬وقد نصت على ذلك املادة ‪/20‬ف‪ ،2‬حيث جاء فيها‪« :‬يسرتد أو يكتسب اجلنسية اجلزائرية‬
‫سرتد اجلنسية اجلزائرية إذا كانوا مقيمني فعال معه»‪ .‬نقدم شرحا موجزا‬
‫بقوة القانون األوالد القصر غري املتزوجني لشخص ا ه‬
‫هلذا النص فيما يلي‪:‬‬
‫بقوة القانون‬
‫كنها قد بينها فيما سبق أ هن املشرع قد رتهب يف املادة ‪ 23‬آاثرا مجاعية على الفقد ‪ ،‬متت هد إىل األوالد القصر ه‬
‫إذا فقد أصلهم اجلنسية اجلزائرية األصلية وفق املادة ‪1/21‬و‪ ، 2‬بشرطني ‪ :‬أن يكون هؤالء األوالد القصر غري متزوجني‬
‫نصت عليه املادة ‪/23‬ف‪. 1‬فإذا اسرتهد أصلهم اجلنسية‬
‫ويعيشون فعال مع أصلهم الذي فقد اجلنسية اجلزائرية هذا ما ه‬
‫سرتدها أو اكتسبها معه أوالده القصر بقوة القانون بشرطني ‪ ،‬أن يكونوا غري متزوجني ومقيمني فعال معه‬
‫اجلزائرية ا ه‬
‫حسب نص املادة ‪/20‬ف‪ 2‬أعاله ‪ ،‬فهذه املادة ح هددت وضعيتني لألوالد القصر استخلصنامها من عبارة « يسرتد أو‬
‫يكتسب» الواردة فيها ‪ ،‬نوضحهما أدانه‪:‬‬
‫‪ )1‬ـ الوضعية األوىل‪ :‬هي أن ميت هد إليهم أثر فقد أصلهم اجلنسية اجلزائرية األصلية بقوة القانون حسب نص املادة ‪/23‬ف‪1‬‬

‫سرتدها معه أوالده القصر الذين فقدوها معه ‪ ،‬إذا كانوا غري متزوجني‬
‫اسرتد أصلهم اجلنسية اجلزائرية ا ه‬
‫وبناء على ذلك إذا ه‬
‫ومقيمني معه فعال حسب املادة ‪/20‬ف‪.2‬‬
‫‪ )2‬ـ الوضعية الثانية‪ :‬هي أن يولد أوالد للشخص الذي فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية بعد فقده هلا‪ ،‬فإذا ا ه‬
‫سرتدها هو‬
‫وكان أوالده قصرا‪ ،‬وغري متزوجني ‪ ،‬ومقيمني فعال معه اكتسبوها معه بقوة القانون ‪ .‬وهكذا ندرك الفرق بني الوضعيتني‬
‫اسرتدها هو نفسه‪ .‬أما األوالد الذين ولدوا بعد‬
‫يسرتدوّنا إذا ه‬
‫فاألوالد القصر الذين فقدوا اجلنسية اجلزائرية مع أصلهم ه‬
‫سرتدها أصلهم‪ .‬ويف الوضعيتني جيب أن تتوفر فيهم الشروط الّت ذكرانها أعاله‪.‬‬
‫فقده هلا فيكتسبون اجلنسية اجلزائرية إذا ا ه‬
‫أما حالة اجلزائري الذي يشغل خدمة عامة يف دولة أجنبية‪ ،‬أو يف جيش أجنيب فقد رأينا أنهه يفقد اجلنسية اجلزائرية‬
‫األصلية طبقا للمادة ‪ .5/21‬فإذا فقدها ال ميت هد أثر فقده هلا إىل أوالده القصر إاله إذا ه‬
‫نص مرسوم الفقد صراحة على‬
‫ذلك أل هن الفقد هنا عقوبة شخصية للشخص نفسه لعدم استجابته لطلب احلكومة‬ ‫‪/23‬ف‪2‬‬ ‫ذلك حسب نص املادة‬
‫يسرتدوّنا معه‬
‫يبني يف حالة ما إذا مشلهم مرسوم الفقد‪ ،‬هل ه‬ ‫املشرع مل ه‬
‫اجلزائرية بوجوب االستقالة من تلك اخلدمة‪ .‬لكن ه‬
‫اسرتدها وكانوا قد ُولدوا بعد فقده هلا‪ .‬يف تقديري أ هّنم‬
‫إذا كانوا قد فقدوها معه‪ ،‬أو هل يكتسبوّنا معه يف حالة ما إذا ه‬
‫اسرتدها وكانوا قد ُولدوا بعد فقده هلا‪.‬‬
‫يسرتدوّنا معه إذا كانوا قد فقدوها معه‪ ،‬أو يكتسبوّنا معه إذا ما ه‬
‫ه‬
‫كل شخص‬
‫خنتم كل ما سبق ابلقول إ هن اكتساب اجلنسية اجلزائرية بصفة عامة يرتتهب عنه أيضا آاثر فردية‪ ،‬حيث يتمتهع ه‬
‫اكتسب اجلنسية اجلزائرية إبحدى طرق االكتساب الّت شرحناها سابقا جبميع احلقوق املتعلقة ابلصفة اجلزائرية ابتداء من‬
‫نصت عليه املادة ‪ 18‬من ذات‬
‫اتريخ اكتساهبا‪ .‬وذلك يعين التمتهع جبميع احلقوق املدنية والسياسية اجلزائرية هذا ما ه‬
‫القانون‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫غري أنهه يف حالة اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلتجنهس ال جيوز أن تسند لألجنيب املتجنهس نيابة انتخابية ملدة ‪ 5‬سنني‪،‬‬
‫إاله إذا أُعفي من هذا املنع املؤقت مبوجب مرسوم التجنهس‪ ،‬حسب نص املادة ‪ 19‬من نفس القانون‪.‬‬

‫املطلب الثــان ــي‬


‫ظل قانون اجلنسية لسنة ‪ 1970‬قبل تعديله‪:‬‬
‫اكتساب اجلنسية اجلزائرية يف ّ‬
‫تكتسب اجلنسية اجلزائرية يف ظل قانون اجلنسية الصادر يف ‪ 15‬ديسمرب ‪ 1970‬قبل تعديله بثالث طرق أساسية‪ ،‬جاءت‬
‫يف الفصل الثالث من هذا القانون‪ ،‬وهي اكتساهبا بفضل القانون (الفرع األول)‪ ،‬و اكتساهبا ابلتجنهس (الفرع الثاين)‬
‫واكتساهبا ابالسرتداد (الفرع الثالث)‪.‬‬
‫قبل أن نشرع يف شرح طرق االكتساب يف هذا القانون‪ ،‬جيب التنبيه إىل أ هن املشرع اجلزائري قد اشرتط يف املادة الثالثة‬
‫كل من يرغب يف اكتساب اجلنسية اجلزائرية إبحدى الطرق الّت ذكرانها أعاله‪ ،‬أن يق هدم تصرحيا ابلتخلي‬ ‫منه على أ هن ه‬
‫عن اجلنسية السابقة‪ ،‬على أن يسري مفعول ذلك التصريح من يوم اكتساب اجلنسية اجلزائرية (‪.)1‬‬
‫الفرع األول ـ ـ اكتساب اجلنسية اجلزائرية بفضل القانون‪:‬‬
‫نصت عليها املادة‬
‫ظل هذا القانون على حالة واحدة تكتسب فيها اجلنسية اجلزائرية بفضل القانون‪ ،‬ه‬
‫اقتصر املشرع يف ه‬
‫التاسعة(‪ ،)9‬حيث جاء فيها‪« :‬تُكسب اجلنسية اجلزائرية ابلوالدة واإلقامة يف اجلزائر‪.‬‬
‫يكتسب الولد املولود يف اجلزائر من أم جزائرية وأب أجنيب مولود خارج الرتاب اجلزائ ري (‪ ،)2‬اجلنسية اجلزائرية إذا أعلن‬
‫سن الرشد إذا كانت له وقت التصريح إقامة معتادة‬ ‫عن رغبته يف اكتساب هذه اجلنسية خالل ‪ 12‬شهرا السابقة لبلوغه ه‬
‫ومنتظمة يف اجلزائر مامل يعارض وزير العدل يف ذلك وفقا للمادة ‪ 26‬بعده»‪.‬‬
‫نص املادة ‪ 1/11‬من قانون جنسية ‪ ،)3(1963‬إذ تكتسب فيهما اجلنسية‬ ‫نص هذه املادة متطابق مع ه‬ ‫نالحظ أن ه‬
‫اجلزائرية بنفس الشروط‪ ،‬ممها يغنينا عن إعادهتا هنا جتنهبا للتكرار‪ ،‬إهّنا االختالف بني نص املادتني يتمثل فيما أييت‪:‬‬
‫يتم‬
‫‪-)1‬يف املهلة احمل هددة للمعين إلبداء رغبته يف اكتساب اجلنسية اجلزائرية مبوجب تصريح يق هدم إىل وزير العدل حيث ه‬
‫ذلك يف قانون ‪ 1963‬خالل السنتني السابقتني لبلوغه سن الرشد بينما يف قانون ‪ 1970‬قبل تعديله يتم ذلك خالل‬
‫السنة السابقة لبلوغه سن الرشد ‪.‬مع العلم أ هن سن الرشد يف القانونني هي ‪21‬سنة‪.‬‬

‫(‪ )1‬نصت املادة ‪ 3‬على أن‪« :‬يشرتط يف اكتساب اجلنسية اجلزائرية تقدمي تصريح ابلتخلهي عن اجلنسية األصلية‪ ،‬ويسري مفعول هذا التصريح من يوم اكتساب اجلنسية‬
‫اجلزائرية»‪ .‬استخدم املشرع عبارة «التخلي عن اجلنسية األصلية» واألصح التخلي عن اجلنسية السابقة‪.‬‬
‫(‪-)2‬األحسن القول ‪«:‬مولود خارج إقليم اجلزائر» أل هن اإلقليم يشمل الرتاب اجلزائري واملياه اإلقليمية اجلزائرية والسفن والطائرات اجلزائرية ‪.‬‬
‫(‪-)3‬راجع ما سبق‪ :‬املادة ‪ 1°/11‬من قانون ‪ : 1963‬حالة الولد املولود من أم جزائرية وأب أجنيب مولود خارج اإلقليم اجلزائري ‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫للبت يف تصريح االكتساب املق هدم من املعين ‪ ،‬فهو يف قانون ‪1963‬‬
‫‪ -)2‬خيتلف القانوانن يف األجل املمنوح لوزير العدل ه‬
‫مق هدر بستة (‪ )6‬أشهر ابتداء من يوم ثبوت اترخيه (‪،)1‬وهو يف قانون ‪ 1970‬قبل تعديله مق هدر إبث ن ي عشر (‪ )12‬شهرا‬
‫ابتداء من إعداد امللف بصورة كاملة (‪ ،)2‬ويف كليهما يع هد سكوت وزير العدل بعد انقضاء األجل موافقة‪.‬‬
‫‪-)3‬هناك اختالف آخر بني القانونني ذكرته أعاله ‪ ،‬يتعلهق بنص املادة ‪ 3‬من قانون اجلنسية لسنة ‪ 1970‬قبل تعديله‪،‬‬
‫حيث ألزم املشرع اجلزائري كل شخص يريد أن يكتسب اجلنسية اجلزائرية أن يقدم تصرحيا للسلطة اجلزائرية يتخلهى مبوجبه‬
‫عاما ‪ ،‬يشمل مجيع طرق االكتساب واحلاالت الواردة فيها ‪ ،‬وهذا ما كان غائبا‬ ‫عن جنسيته السابقة ‪ ،‬وقد جاء النص ه‬
‫يف قانون اجلنسية لسنة ‪ ،1963‬إاله يف حالة واحدة هي اكتساب املرأة األجنبية املتزوجة من جزائري اجلنسية اجلزائرية كأثر‬
‫لزواجها من جزائري‪ ،‬اشرتط عليها املشرع أن تقدم تصرحيا تعلن فيه صراحة قبل حفل الزواج عن ّتليها عن جنسيتها‬
‫السابقة ‪ ،‬حسب املدة ‪ 12‬من القانون املعين(‪.)3‬‬
‫نص املادة ‪ 3‬من قانون ‪ 1970‬قبل تعديله يتماشى مع مبدإ االختيار املعمول به يف جمال فقه اجلنسية‪ ،‬إذا ما اعتربان‬
‫إ هن ه‬
‫ذلك اختيارا من املعين‪ ،‬ومع مبدإ تعليق اكتساب جنسية الحقة على فقد جنسية سابقة‪ .‬غري أن الصيغة الّت جاء هبا‬
‫جمرد تقدمي التصريح ابلتخلهي عن اجلنسية السابقة ال يفضي حتما إىل‬
‫نص املادة ‪ ،3‬ال يؤدي إىل نتائج حامسة‪ ،‬أل هن ه‬
‫فقدها من الناحية القانونية‪ .‬والظاهر من النص أ هن املشرع اجلزائري أحجم عن أن يشرتط على املعين أن حيصل على إذن‬
‫متيسر‪ ،‬إذا مل يكن‬
‫حّت يكتسب اجلنسيهة اجلزائريهة‪ ،‬أل هن ذلك أمر غري ه‬
‫من دولته األصليهة يسمح له ابلتخلهي عن جنسيتها‪ ،‬ه‬
‫مسا مببدإ حريهة ال هدولة يف تنظيم‬
‫قر مبثل هذا اإلذن‪ .‬مثه إ هن هناك اجتاها فقهيها يرى ذلك ه‬
‫املشرع الوطين لتلك ال هدولة يُ ه‬
‫ه‬
‫جنسيتها ‪ .‬فمسألة التخلهي عن اجلنسيهة الوطنيهة أمر مرتوك ه‬
‫(‪)4‬‬
‫كل دولة‪ ،‬ينبع من مبدإ حريهتها يف تنظيم جنسيتها‪،‬‬
‫ملشرع ه‬
‫املشرع اجلزائري أخذ مببدإ اإلذن ابلتخلهي عن اجلنسيهة اجلزائريهة يف املادة ‪ 21‬من قانون ‪،1963‬‬
‫وكنها قد رأينا فيما سلف أ هن ه‬
‫وأخذ به يف املادة ‪ 18‬يف قانون ‪ 1970‬قبل وبعد تعديله كما نرى ذلك الحقا‪ .‬فما قيمة النهص الوارد يف املادة الثالثة من‬
‫قانون اجلنسية الصادر سنة ‪ 1970‬قبل تعديله ؟‪ ،‬الريب أ هن قيمته تظهر يف عالقة املعين ابل هدولة اجلزائريهة بعد اكتسابه‬
‫ويدل على والئه‬
‫السابقة يوحي ابندماجه يف اجملتمع اجلزائري‪ ،‬ه‬ ‫اجلنسيهة اجلزائريهة‪ ،‬فتقدميه التهصريح ابلتهخلهي عن اجلنسيهة ه‬
‫حجة عليه وسالحا يف يد ال هدولة اجلزائريهة‬ ‫لل هدولة اجلزائريهة‪ ،‬هذا من جهة‪ ،‬من جهة أخرى فإ هن هذا التهصريح سيكون ه‬
‫هرب منها‪ ،‬بل تلزمه هبا‪،‬‬ ‫الصفة اجلزائريهة‪ ،‬فال ميكنه الته ه‬
‫التنصل من األعباء النهاجتة من محله ه‬
‫تُشهره يف وجهه إذا ما حاول ُّ‬
‫وال أتخذ بعني االعتبار كونه مازال من النهاحيهة القانونيهة متمتهعا جبنسيهة ال هدولة األخرى على األقل من وجهة نظر قانون‬
‫حق ال هدولة األصليهة‪ ،‬إذا ما هادعت‬
‫تلك ال هدولة‪ ،‬فهو من وجهة نظر ال هدولة اجلزائريهة يُع هد جزائرهاي فقط‪ ،‬ول هكن هذا ال يُسقط ه‬
‫نصت عليه املادة‬
‫السابقة‪ ،‬ال هذي ه‬ ‫أنهه من وطنييها‪ ،‬ألنهه ما برح حيمل جنسيتها‪ .‬فكأ هن شرط التهصريح ابلتهخلهي عن اجلنسيهة ه‬
‫الثالثة ‪ ،3‬إهّنا هو التزام معنوي أكثر منه قانوين‪ ،‬ألنهه ال يُرتهب أي آاثر قانونيهة يف مواجهة ال هدولة األصليهة للمعين‪ ،‬ولذلك‬

‫(‪-)1‬املادة ‪ 29‬من قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر سنة ‪.1963‬‬


‫(‪-)2‬املادة ‪ 27‬من قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر سنة ‪ 1970‬قبل تعديله ‪.‬‬
‫(‪ -)3‬راجع ما سبق ‪ :‬شرح املادة ‪ 12‬اخلاصة ابكتساب اجلنسية اجلزائرية بزواج أجنبية من جزائري ص‪94‬و‪.95‬‬
‫(‪ -)4‬د‪ .‬فؤاد ديب ‪ :‬القانون الدويل اخلاص ‪ ،‬اجلنسية‪ ،‬منشورات جامعة حلب ‪ ،‬كلية احلقوق ‪ ،1992‬ص ‪126‬و ‪.127‬‬

‫‪103‬‬
‫مبجرد اكتسابه اجلنسيهة اجلزائريهة‪ ،‬إذا كان قانون دولة أبيه األجنيب مينحه اجلنسيهة األصليهة على‬
‫تُلح ُقه ازدواجيهة اجلنسيهة ه‬
‫حّت لو ُولد يف اخلارج‪.‬‬
‫حق ال هدم من جهته ه‬‫أساس ه‬
‫صر أثناء اكتسابه اجلنسيهة‬
‫للمعين أوالد قُ ه‬
‫هأما عن اآلاثر اجلماعيهة الكتساب اجلنسيهة اجلزائريهة هبذه الطهريقة‪ :‬فإنهه إذا كان ه‬
‫بقوة القانون يف نفس الوقت ال هذي‬ ‫اجلزائريهة فإ هن اآلاثر اجلماعيهة هلذا االكتساب ُّ‬
‫متتد إليهم‪ ،‬فيكتسبون اجلنسيهة اجلزائريهة ه‬
‫نصت عليه املادة ‪/17‬ف‪ 1‬من نفس القانون حيث جاء فيها‪" :‬يُصبح األوالد ال ُق ه‬
‫صر ألشخاص‬ ‫اكتسبها هو فيه‪ ،‬وهذا ما ه‬
‫اكتسبوا اجلنسيهة اجلزائريهة مبوجب املادة ‪ 9‬من هذا القانون‪ ،‬جزائريني يف نفس الوقت كأصلهم (‪.)1‬‬
‫الفرع الثّاين‪-‬اكتساب اجلنسيّة اجلزائريّة ابلتّجنُّس‪:‬‬
‫هامة من طُرق اكتساب اجلنسيهة اجلزائريهة يف ظل قانون اجلنسيهة لسنة ‪ 1970‬قبل‬ ‫يُع هد التهجنهس ابجلنسيهة اجلزائريهة طريقة ه‬
‫شخصا أجنبيها بناءً على طلبه اجلنسيهة اجلزائريهة إذا توفهرت فيه الشروط‬
‫ه‬ ‫تعديله‪ .‬يُقصد ابلتهجنُّس أن متنح ال هدولة اجلزائريهة‬
‫املختصة يف ال هدولة على جتنُّسه جبنسيتها‪ .‬فالتهجنُّس وإن كان‬
‫ه‬ ‫السلطة‬
‫شرع اجلزائري‪ ،‬ووافقت ه‬ ‫الّت اشرتطها امل ه‬
‫القانونية ه‬
‫اداي من الفرد األجنيب‪،‬‬ ‫نظاما قانونيها تُنشئه ال هدولة إبرادهتا املنفردة لتنظيم اكتساب األجانب جنسيهتها‪ ،‬فهو يُ ُّ‬
‫عد تعبريا إر ه‬
‫الضن هبا عليه إذا كان غري‬ ‫الّت تتمته ُع بسلطة تقديريهة واسعة يف منح جنسيهتها ملن تراه أهال حلملها‪ ،‬أو ه‬
‫وقبوال من ال هدولة‪ ،‬ه‬
‫كل األحوال إاله بتالقي إرادة الفرد طالب اجلنسيهة من جهة‪ ،‬وإرادة ال هدولة املاحنة‬
‫لكن التجنُّس ال يكون يف ه‬ ‫جدير هبا‪ .‬ه‬
‫ب عنه أثر قانوين‬ ‫جوهره توافق إرادتني‪ ،‬يرتته ُ‬
‫الرتاضي‪ُ ،‬‬
‫عد عمال قانونيا قائما على ه‬‫للجنسيهة من جهة أُخرى‪ ،‬وهبذه امل ث ابة يُ ُّ‬
‫هام هو أن يصري الفرد عضوا يف شعب ال هدولة‪ ،‬وحامال لصفة وطين من وطنييها‪ .‬وهو هإما أن يكون جتنهسا عاداي (الفقرة‬
‫األوىل)‪ ،‬أو جتنهسا استثنائيا (الفقرة الثانية)‪ ،‬أو يكون ابمتداد اآلاثر اجلماعية للتجنهس (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫أوال‪-‬اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلتّجنُّس العادي‪:‬‬
‫نصت على إمكانية التجنهس ابجلنسية اجلزائرية جتنهسا عاداي املادة ‪ 10‬من قانون اجلنسية الصادر سنة ‪ 1970‬قبل‬
‫تعديله‪ ،‬ح يث جاء فيها‪« :‬يُمكن لألجنيب ال هذي يق هدم طلبا الكتساب اجلنسية أن حيصل عليها بشروط‪:‬‬
‫‪-)1‬أن يكون مقيما يف اجلزائر منذ ‪ 7‬سنوات على األقل بتاريخ تقدمي الطلب‪.‬‬
‫‪-)2‬أن يكون مقيما يف اجلزائر وقت التهوقيع على املرسوم الذي مينح التهجنُّس‪.‬‬
‫الرشد‪.‬‬
‫سن ُّ‬
‫‪-)3‬أن يكون ابلغا ه‬
‫ابلشرف‪.‬‬
‫‪-)4‬أن تكون سريتُه حسنة ومل يسبق احلكم عليه بعقوبة ُّت ُّل ه‬
‫‪-)5‬أن يثبت الوسائل الكافية ملعيشته‪.‬‬
‫‪-)6‬أن يكون سليم اجلسد والعقل‪.‬‬
‫‪-)7‬أن يثبت اندماجه يف اجملتمع اجلزائري‪.‬‬

‫األصح هو "كأصلهم"‪ .‬النهص ابللهغة العربية جاء غري دقيق‪ ،‬وابللهغة الفرنسية جاء‬
‫(‪-)1‬ورد يف النهص ابللغة العربية "كوالديهم" وابللغة الفرنسية » ‪ « Que leur auteur‬و ه‬
‫دقيقا وحمكما‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫ويُق هدم الطلب إىل وزير العدل الذي يستطيع دائما رفصه ضمن شروط املادة ‪ 26‬بعده»‪.‬‬
‫نُالحظ أ هن شروط التجنُّس العادي هنا تكاد تكون متطابقة مع شرط التهجنُّس العادي الوارد يف املادة ‪ 13‬من قانون‬
‫شرع يف القانون‬
‫اجلنسية لسنة ‪ ،1963‬وال ّتتلف عنها إاله يف بعض اجلزئيات‪ ،‬مع إضافة شرط االندماج الذي أغفله امل ه‬
‫الرتكيز على ما استجد‪ ،‬وذلك فيما يلي‪:‬‬
‫الشروط الواردة هنا تفاداي للتكرار مع ه‬
‫السابق‪ .‬هلذا نشرح إبجياز ه‬
‫ه‬
‫‪-1‬الشرط األول‪ :‬أن يكون مقيما يف اجلزائر منذ ‪ 7‬سنني على األقل بتاريخ تقدمي الطلب‪ .‬إ هن شرط اإلقامة م هدة معيهنة‬
‫عد من عوامل االندماج يف جمتمع الدولة‪ .‬لكن اإلقامة وحدها ال تكفي لتحقيق االندماج‪ ،‬بل البُ هد‬‫يف التهجنُّس العادي‪ ،‬يُ ُّ‬
‫أن تؤدي إليه‪ ،‬وقد جعلها املشرع هنا سبع(‪ )7‬سنني عوضا عن(‪ )5‬سنني يف املادة ‪ 13‬من قانون ‪ .1963‬وحتديد امل دة‬
‫الّت حت هد ُد يف قانوّنا املدة الّت تراها‬
‫الالزمة لالندماج يف جمتمع الدولة‪ ،‬يبقى خاضعا لتقدير السلطة العامة يف الدولة‪ ،‬ه‬
‫وترجع ُسرعة االندماج إىل مدى تقا ُرب األجنيب مع‬ ‫ُ‬ ‫تعززت بعوامل أُخرى ليتح هقق اندماج األجنيب يف شعبها‪.‬‬
‫كافية‪ ،‬إذا ه‬
‫توفرت فيه خاصية من هذه اخلصائص كان أقرب إىل االندماج‪.‬‬ ‫أفراد جمتمع الدولة لُغواي‪ ،‬دينيا‪ ،‬ثقافيا‪ ،‬وحضاراي‪ .‬فكلهما ه‬
‫مينح التجنُّس‪:‬‬
‫‪-2‬الشرط الثاين‪ :‬أن يكون مقيما يف اجلزائر وقت التوقيع على املرسوم الذي ُ‬
‫هذا الشرط منفصل عن الشرط األول‪ ،‬ولكنه مالزم له‪ ،‬وهو يؤهكد حرص املعين على التهجنُّس ابجلنسية اجلزائرية ونية‬
‫االستقرار بعد التجنهس يف اجلزائر‪ ،‬وكأ هن ال مشهرع بشرطه هذا أراد أن يستوثق من رغبة املعن ي وج هديته فيما أقدم عليه‪.‬‬
‫الرشد ذلك يعين أن تكون له أهلية األداء‪ .‬ومن الطبيعي واملنطقي أن تكون‬ ‫‪-3‬الشرط الثّالث‪ :‬أن يكون ابلغا ه‬
‫سن ُّ‬
‫له أهلية األداء وفق القانون اجلزائري‪ .‬وقد شرحنا هذا الشرط عندما درسناه يف املادة ‪ 13‬من قانون ‪ ،1963‬ممها جيعلنا‬
‫حل من إعادة شرحه هنا (‪.)1‬‬
‫يف ه‬
‫ابلشرف‪،‬‬
‫قصد هنا ابلعقوبة املخلهة ه‬ ‫‪-4‬الشرط الرابع‪ :‬أن تكون سريتُه حسنة ومل يسبق احلكم عليه بعقوبة ُِّت هل ه‬
‫ابلشرف يُ ُ‬
‫غض النهظر عن‬ ‫ستوجب العُقوبة‪ ،‬بِ ه‬
‫ُ‬ ‫تلك العقوبة النهامجة عن فعل يُكيهف وفق القانون اجلزائري على أنهه عمل إجرامي ي‬
‫احملكمة الّت أصدرت احلكم‪ ،‬أهي حمكمة جزائرية أم أجنبية‪.‬‬
‫‪-5‬الشرط اخلامس‪ :‬أن يثبت الوسائل الكافية ملعيشته وذلك ه‬
‫حّت ال يكون عالة على اجملتمع والدولة اجلزائريني‪.‬‬
‫العامة يف اجملتمع اجلزائري‪،‬‬
‫الصحة ه‬ ‫‪-6‬الشرط السادس‪ :‬أن يكون سليم اجلسم والعقل‪ .‬هذا ه‬
‫الشرط تستلزمه احملافظة على ه‬
‫وجتنُّب أعباء اجتماعية إضافية تكون الدولة يف غىن عنها‪.‬‬
‫الشروط الثهالثة رقم‪ 6،5،4‬إبجياز أل هّنا مطابقة متاما للشروط رقم‪ 6،5،4‬الواردة يف املادة ‪ 13‬من قانون ‪،1963‬‬
‫رت ه‬‫ذك ُ‬
‫أي جتنُّس يكون فيه املساس بسالمة اجملتمع اجلزائري‬
‫سبق يل أن شرحتُها‪ ،‬وهي شروط ترمي إىل محاية اجملتمع والدولة من ه‬
‫وأمنه العام‪ ،‬سواء من الناحية املادية والصحية واالخالقية‪.‬‬
‫‪-7‬الشرط السابع‪ :‬أن يثبت اندماجه يف اجملتمع اجلزائري‪ .‬هذا الشرط جديد مل ينص عليه قانون اجلنسية لسنة ‪،1963‬‬
‫تك ابجملتمع ويندمج فيه تدرجييا‪ .‬فهي من‬
‫ومعلوم أ هن االندماج ال يكون دون إقامة حم هددة امل هدة‪ ،‬تسمح لألجنيب أن حي ه‬

‫(‪ -)1‬راجع ما سبق‪ :‬األهلية كشرط من شروط التجنُّس يف قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪ ،1963‬ص ‪95‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫تسنُّها تشريعات ال ُدول املختلفة‪ ،‬وجتعلُها شرطا أساسيا لتجنُّس األجانب جبنسيتها جتنُّسا عاداي‪،‬‬‫الشروط اجلوهرية الّت ُ‬
‫إىل جانب شرط االندماج‪ .‬ال ندري ملاذا فصل املشرع اجلزائري يف هذه املادة بني اإلقامة واالندماج فجعل ُهما شرطني‬
‫عنصرا من عناصر االندماج إاله هأّنا ال تكفي يف‬
‫عد ُ‬ ‫منفصلني‪ ،‬مادام مل يُ ِهبني قرائن االندماج‪ .‬ومع أ هن اإلقامة الطويلة تُ ُّ‬
‫ك أ هن القرائن‬
‫ذاهتا لالندماج يف اجملتمع اجلزائري‪ .‬وكان األحرى به أن يُ هبني قرائن االندماج يف اجملتمع اجلزائري‪ ،‬وال ش ه‬
‫يستدل هبا على اندماج األجنيب يف شعب الدولة‪ ،‬هي معرفة لغتها الوطنيهة معرفة كافية (‪ ،)1‬أو‬‫ُّ‬ ‫األُخرى غري اإلقامة‪ ،‬الّت‬
‫اإلملام هبا (‪ ،)2‬وكذا معرفة اترخيها‪ ،‬وحضارهتا‪ ،‬ونظامها السياسي‪ ،‬واملشاركة يف احلياة االجتماعية والثقافية واالرتباط ابجملتمع‬
‫تدل على االندماج‪.‬‬ ‫من خالل الزواج برعية من رعااي الدولة والتخلهي عن اجلنسية السابقة‪ ،‬إىل غري ذلك من القرائن الّت ه‬
‫حتب أن ترى فيمن يريد أن يتجنهس جبنسيتها أن يصري سلوكه العام من سلوك وطنييها‪ ،‬يف تفكريه‪ ،‬وعاداته‪،‬‬ ‫كل دولة ُّ‬
‫ه‬
‫وتقاليده‪ ،‬وأحاسيسه كأنهه واحد منهم‪ ،‬يفرح ألفراحهم‪ ،‬وجيزن ألحزاّنم‪ ،‬ي ت زي بزيِههم‪ ،‬ويظهر مبظاهرهم‪ ،‬فيأكل ممها أي ُكلون‪،‬‬
‫يتكلم بلِساّنم‪ ،‬ويفكر بلغتهم‪ .‬وابلنهسبة للجزائر فإ هن أفضل ما يكون عليه األجنيب الذي يُريد أن‬ ‫يلبسون‪ُ ،‬‬ ‫ويلبس ممها ُ‬
‫ُ‬
‫أغلب سكاّنا ابإلسالم‪ ،‬وأحسن‬‫األقل يكون منتميا إىل دولة أجنبية يدين ُ‬ ‫يتجنهس جبنسيتها أن يكون مسلما‪ ،‬أو على ه‬
‫أهم‬
‫أي دولة يتوقهف على ه‬ ‫من ذلك أن يكونوا يف أغلبهم مسلمني‪ ،‬لغتُهم هي اللهغة العربية‪ .‬إ هن شرط االندماج يف جمتمع ه‬
‫الراغب يف التجنُّس‬
‫أهم عوامل االندماج يف اجملتمع اجلزائري هي أن يكون ه‬ ‫عوامل االندماج فيه‪ .‬ويف تقديري أ هن من ه‬
‫تقن اللغة العربية بصفتها اللغة الوطنية الرس مية للدولة اجلزائرية‪ ،‬نطقا وكتابة‪ ،‬أو يُتقن احلديث‬
‫ابجلنسية اجلزائرية مسلما ويُ ُ‬
‫ائري املسلم‪.‬‬
‫أي هلجة من هلجات الشعب اجلز ه‬
‫ابألمازيغية أو ه‬
‫املادة ‪ ،3‬وهو شرط تقدمي تصريح ابلتخلهي عن اجلنسية السابقة‪ ،‬ويسري مفعول‬ ‫‪-8‬أما الشرط الثامن‪ :‬فقد ه‬
‫نصت عليه ه‬
‫هذا التهصريح يف مواجهة املعين من يوم اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلتجنس‪.‬‬
‫يؤدي يف الواقع من الناحية القانونية‬
‫جمرد التزام أخالقي ومعنوي ألنهه ال ه‬
‫نت سابقا فإ هن هذا التهصريح يبقى ه‬
‫لكن وكما بيه ُ‬
‫إىل فقد اجلنسية السابقة مادام مل يفقدها طبقا لقانون دولته األصلية‪.‬‬
‫‪-9‬الشرط التاسع‪ :‬هو أن يق هدم املعين طلب التجنُّس إىل وزير العدل‪ ،‬وفق اإلجراءات اإلدارية الّت ه‬
‫نصت عليها املادة‬
‫الشهادات واملستندات الّت من شأّنا‪:‬‬ ‫‪ 25‬مصحواب ابلواثئق و ه‬
‫‪-‬أن تثبت أ هن الطلب تتوفهر فيه الشروط القانونية املطلوبة‪.‬‬
‫مربًرا من الوجهة الوطنية‪.‬‬
‫‪-‬أن تسمح ابلبت فيما إذا كان جتنُّس املعين ه‬
‫قرر ُمعلهل‪ ،‬يُبله ُغ إىل املعين‪ .‬هأما‬
‫إذا مل تتوفهر الشروط القانونية للتجنهس يُعلن وزير العدل عن عدم قُبوله الطلب مبوجب ُم ه‬
‫قرر يُبله ُغ للمعين حسب املادة ‪.26‬‬
‫الشروط فيستطيع وزير العدل دائما رفض الطلب مبوجب ُم ه‬
‫إذا توفهرت ه‬

‫املتضمن أحكام قانون اجلنسيهة الفرنسيهة‪ ،‬نشر داللوز ‪ 2005‬على أنههُ‪" :‬ال أحد ميكنه أن يتجنهس مامل يُثبت اندماجه‬
‫ه‬ ‫نصت املادة ‪ 24-21‬من القانون املدين الفرنسي‬ ‫(‪ -)1‬ه‬
‫يف اجملتمع الفرنسي‪ ،‬خاصة مبعرفته اللهغة الفرنسيهة معرفة كافيهة"‬
‫"ملما ابللهغة العربيهة"‪ .‬أنظر يف شأن ذلك‪ :‬د‪ .‬هشام علي صادق‪ ،‬القانون ال هدويل اخلاص‪،‬‬
‫س ابجلنسيهة املصريهة أن يكون ه‬
‫املشرع املصري فيمن يتجنه ُ‬
‫(‪-)2‬اشرتط ه‬
‫دار الفكر اجلامعي‪ ،‬االسكندريهة ‪ ،2005‬ص‪.61 ،60‬‬

‫‪106‬‬
‫هأما عن ُمهلة البت يف الطلب فتكون خالل إثن ي عشر (‪ )12‬شهرا ابتداء من إعداد امللف بصورة كاملة‪ ،‬فإذا سكت‬
‫املادة ‪ .27‬وذلك يعين أ هن موافقته على طلب‬
‫وزير العدل خالل تلك املهلة أعترب سكوته رفضا لطلب التجنُّس حسب ه‬
‫كل األحوال يُع هد التجنُّس منحة من الدولة‪ ،‬خيضع لسلطتها التقديرية‪ .‬فإذا قبلت‬
‫جيب أن تكون صرحية‪ .‬ويف ه‬
‫التجنُّس ُ‬
‫املادة ‪/12‬ف‪ ،1‬وجيوز له أن يطلب تغيري امسه ولقبه‪ ،‬ويتولهى ضابط‬
‫الطلب منحت املعين اجلنسية اجلزائرية مبرسوم وفق ه‬
‫سجل احلالة املدنية (املادة ‪/12‬ف‪2‬و‪.)3‬‬
‫احلالة املدنية تسجيل ذلك يف ه‬
‫اثنيا‪-‬اكتساب اجلنسيّة اجلزائريّة ابلتجنّس االستثنائي‪:‬‬
‫أتخذ بعني االعتبار أحكام اإلخالل‬
‫مكن للحكومة أاله ُ‬
‫املادة ‪ ،11‬حيث جاء فيها‪« :‬ي ُ‬
‫نصت على التجنهس االستثنائي ه‬
‫ه‬
‫ابلشرف الصادرة يف اخلارج‪.‬‬
‫ض أجل ‪ 7‬سنوات املنصوص عليها يف املقطع األول من املادة ‪ 10‬إىل ‪ 18‬شهرا ابلنسبة للولد املولود يف اخلارج من‬ ‫ُخي هف ُ‬
‫أم جزائرية وأب أجنيب‪.‬‬
‫كن لألجنيب امل صاب بعاهة أو مرض من جراء عمل قام به خدمة للجزائر أو لفائدهتا أن يتجنهس ابجلنسية اجلزائرية‬ ‫ُمي ُ‬
‫وذلك بقطع النظر عن أحكام الفقرة ‪ 6‬من املادة ‪ 10‬أعاله‪.‬‬
‫ميكن لألجنيب الذي ق هدم خدمات استثنائية للجزائر أو أ هن يف جتنُّسه فائدة استثنائية للجزائر‪ ،‬أن يتجنهس ابجلنسية اجلزائرية‬
‫الشروط املنصوص عليها يف املادة السابقة‪.‬‬ ‫وذلك بقطع النظر عن ه‬
‫الصنف امل شار إليه يف هذه الفقرة فيُكمن‬‫ِ‬
‫يدخل يف ه‬ ‫توىف األجنيب عن زوجه وأوالده وكان إبمكانه أثناء حياته أن ُ‬ ‫إذا ه‬
‫(‪)1‬‬

‫هلؤالء أن يطلُبوا جتنُّسه بعد الوفاة يف نفس الوقت الذي يطلُبون فيه جتنُّسهم‪».‬‬
‫قسمة إىل مخس (‪ )5‬فقرات‪ .‬نشرح هذه الفقرات فيما يلي‪:‬‬ ‫املادة ُم ه‬
‫هذه ه‬
‫ابلشرف‬
‫أتخذ بعني االعتبار أحكام اإلخالل ه‬ ‫‪-)1‬الفقرة األوىل (املادة ‪/11‬ف‪ :)1‬ه‬
‫نصت على أن « ُميكن للحكومة أاله ُ‬
‫املادة ‪/14‬ف‪ 1‬من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪ 1963‬الذي شرحناه سابقا‬ ‫لنص ه‬
‫الصادر يف اخلارج» هذا النهص ُمطابق ه‬‫ه‬
‫ممها يُغنينا عن إعادة شرحه يف هذا املوضع‪ .‬مضمون هذه الفقرة يُطبهق على ك هل من ُميكنه أن يتجنهس ابجلنسية اجلزائرية‬
‫تضمنت أربع حاالت ُمت هكن‬
‫نصت عليها املادة ‪ 11‬يف فقرات ها األربع املتبقية‪ ،‬حيث ه‬ ‫جتنُّسا استثنائيا يف احلاالت الّت ه‬
‫أصحاب ها أن يستفيدوا‪-‬كل حسب وضعيته‪-‬من ّتفيض مدة شرط اإلقامة‪ ،‬أو اإلعفاء من أحد شروط التجنُّس‪ ،‬أو‬
‫اإلعفاء منها مجيعُها‪ ،‬هذا ما نشرحه أدانه‪.‬‬

‫الرجل‪ ،‬بينما استخدم‬


‫الزوج يف اللهغة العربية تنصرف يف معناها إىل املرأة و ه‬
‫توىف أجنيب عن زوجه» وكلمة ه‬
‫املشرع يف النهص ابللهغة العربيهة عبارة «إذا ه‬
‫(‪-)1‬استخدم ه‬
‫الّت ُحهرر فيها قانون اجلنسية‬
‫املشرع اجلزائري يف الفرتة التهارخييهة ه‬
‫األصح‪ .‬أل هن ه‬
‫ابللهغة الفرنسيهة عبارة » ‪ « La femme de l’étranger décédé‬والنهص ابلفرنسية هو ه‬
‫الرمسية للدولة اجلزائرية‪ ،‬لكن النهصوص ُحتهرر‬
‫الرجل يف مادة اجلنسية‪ .‬مع األسف اللهغة العربية هي اللهغة ه‬
‫سنة ‪ 1970‬مل ي ُكن مستعداا إلقرار مبدأ املساواة بني املرأة و ُ‬
‫مشوهة إىل اللهغة العربية‪.‬‬
‫ابللهغة الفرنسية وتُرتجم ه‬

‫‪107‬‬
‫‪-)2‬الفقرة الثانية (املادة ‪/11‬ف‪ :)2‬تضمنهت هذه الفقرة حالة الولد املولود يف اخلارج من هأم جزائرية وأب أجنيب‪ .‬يستفيد‬
‫نصت‬
‫هذا الولد من ّتفيض م هدة اإلقامة يف اجلزائر ال مقدرة سبع (‪ )7‬سنني كشرط من شروط التجنُّس العادي الذي ه‬
‫إىل مثانية عشر (‪ )18‬شهرا‪ .‬يتهضح من قراءة نص املادة ‪/11‬ف‪ 2‬أ هن املشرع اجلزائري قد جعل‬ ‫‪/10‬ف‪)1‬‬ ‫عليه (املادة‬
‫أم جزائرية سببا للتجنُّس ابجلنسية اجلزائرية إبقامة مُخ هفضة من سبع (‪ )7‬سنني إىل مثانية عشر شهرا (‪)18‬‬
‫االحندار من دم ه‬
‫شهرا استثناءً يف القاعدة العا همة‪.‬‬
‫هأما ُشروط التجنُّس يف هذه احلالة فهي اآلتية‪:‬‬
‫‪-1‬أن تكون أُمه جزائرية وقت ميالد الولد‪ ،‬يستوي يف ذلك أن تكون جنسيتها وقتئذ جزائرية أصلية أو مكتسبة‪.‬‬
‫‪-2‬أن يكون أبوه أجنبيا‪ ،‬وهذا ال هشرط يقتضي أن يكون األب حامالً جنسية دولة أجنبية‪.‬‬
‫الشك‪.‬‬‫‪-3‬أن يكون الولد قد ُولد يف اخلارج‪ ،‬ومعىن ذلك أ هن واقعة ميالده يف اخلارج اثبتة ال يرقى إليها ه‬
‫‪-4‬أن يكون املعين ُمقيما يف اجلزائر م هدة ال ت هقل عن مثانية عشر شهرا (‪ )18‬وقت تقدمي طلب التجنُّس‪ ،‬وال غرو أ هن‬
‫ّتفيض م هدة اإلقامة يف اجلزائر قائم على افرتاض أ هن االحندار من دم أ هُم جزائرية يع هد عامال مساعدا على قابلية االندماج‬
‫ك‬‫عاداي‪ ،‬خاصة إذا كانت األُم حتمل اجلنسية اجلزائرية ابلنهسب‪ ،‬فال ش ه‬ ‫يف اجلماعة الوطنية بوترية أسرع ممها لو كان جتنُّسا ً‬
‫ترتدد مع ولدها على أُسرت ها‬
‫كل ذلك إليه‪ ،‬والريب أ هّنا ه‬ ‫أ هّنا تتكلهم اللهغة العربية أو األمازيغية وتدين ابإلسالم‪ ،‬فتن ُق ُل ه‬
‫اصل واالرتباط ابستمرار بينه وبني املجتمع اجلزائري‪ ،‬فيُساعد ذلك‬ ‫قوي عملية التهو ُ‬‫اجلزائرية املسلمة حال طُفولته‪ ،‬ممها يُ ه‬
‫ُ‬
‫على اندماجه فيه‪.‬‬
‫نصت عليها املادة ‪ ،10‬من إقامة يف اجلزائر وقت التهوقيع على مرسوم التهجنُّس‪،‬‬ ‫الّت ه‬
‫الشروط األُخرى ه‬ ‫‪-5‬أن تتوفهر فيه مجيع ه‬
‫وأهلية‪ ،‬والشروط اخلاصة بسالمة ومحاية األمن العام يف الدولة واجلماعة الوطنية‪ ،‬إىل جانب شرط االندماج وشرط التهصريح‬
‫الشروط شرحناها عندما درسنا التهجنُّس العادي‪ ،‬ممها جيعلُنا يف غىن عن إعادت ها هنا‪،‬‬
‫ابلتهخلهي عن اجلنسية السابقة‪ .‬وهذه ه‬
‫وبت فيه يف األجل املمنوح له ابملوافقة‪ ،‬اكتسب‬‫الشروط‪ ،‬وق هدم املعين طلب التهجنُّس إىل وزير العدل ه‬
‫كل تلك ه‬ ‫فإذا توفهرت ه‬
‫منحها على أساس‬‫اجلنسية اجلزائرية ابلتجنُّس‪ ،‬ومادام أبوه أجنبيا فقد حيمل اجلنسية األجنبية األصلية إذا كانت دولة أبيه ت ُ‬
‫حق اإلقليم‪ ،‬إذا ُولد يف إقليم دولة تُقيم جنسيتها‬
‫حيمل اجلنسية األصلية املبنيهة على أساس ه‬
‫حق الدم من جهة أبيه‪ ،‬وقد ُ‬ ‫ه‬
‫األصلية على هذا األساس‪ ،‬فتلح ُقه ازدواج اجلنسية أو تعدُّدها‪.‬‬
‫املادة املعنية على أن « ُميكن لألجنيب امل صاب بعاهة أو مرض‬ ‫‪-)3‬الفقرة الثالثة (املادة ‪/11‬ف‪ : )3‬ه‬
‫نصت هذه الفقرة من ه‬
‫جراء عمل قام به خدمة للجزائر أو لفائدهتا أن يتجنهس ابجلنسية اجلزائرية وذلك بقطع النظر عن أحكام الفقرة ‪ 6‬من‬
‫من ه‬
‫املادة ‪ 10‬أعاله»‪.‬‬
‫الصنف األول من‬
‫يتضمن حالة ّ‬
‫هذا النص ُمطابق لنص املادة ‪/14‬ف‪ 2‬من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪ ،1963‬وهو ه‬
‫األجانب الذي ُميكنه أن يتجنهس جتنُّسا استثنائيا ابجلنسية اجلزائرية مع إعفائه من شرط واحد من ُشروط التجنس العادي‬
‫الذي نصت عليها املادة ‪/10‬ف‪ ،6‬وهو شرط " أن ي ُكون سليم اجلسد والعقل" الوارد يف املادة املعنية‪ .‬وقد علهق امل شرع‬
‫اإلعفاء منه‪ ،‬أبن يكون العمل الذي قام به خدمة للجزائر او لفائدهتا هو السبب امل باشر إلصابته بعاهة عقلية أو جسدية‪،‬‬

‫‪108‬‬
‫السلم‬
‫أو مرض جسدي‪ .‬ويرجع تقدير ذلك إىل السلطة العامة يف الدولة املاحنة للجنسية‪ .‬ويستوي أن يكون ذلك وقت ه‬
‫لكل عمل تكون فيه خدمة للجزائر‪ ،‬أو‬ ‫املشرع جمال هذه اخلدمة أو الفائدة‪ ،‬بل إ هن جماهلا يتهسع ه‬
‫أو احلرب‪ ،‬ومل ُحي هدد ه‬
‫فيجب أن تتوفهر‬
‫ُ‬ ‫لفائدهتا‪ .‬أ هما ابقي الشُّروط األُخرى‪ ،‬الّت شرحناها سابقا عندما تناولنا التجنُّس العادي طبقا للمادة ‪10‬‬
‫يف املعين مجيعُها (‪ .)1‬يُ ُّ‬
‫عد التجنُّس االستثنائي يف هذه احلالة مكافأة من الدولة اجلزائرية للمعين‪ ،‬تكرميا على ما أصابه من‬
‫ضرر بسبب العمل الذي قام به خدمة للجزائر أو لفائدت ها‪.‬‬
‫ُّسا‬
‫ابلصنفني الثاين والثالث اللذين ُميكنهما أن يتجنهسا جتن ً‬ ‫‪-)4‬الفقرة الرابعة (املادة‪/11‬ف‪ُّ :)4‬‬
‫نص هذه الفقرة خاص ه‬
‫ُّ‬
‫نستشفه من النهص ذاته‪،‬‬ ‫استثنائيا ابجلنسية اجلزائرية مع إعفائهما من مجيع الشروط املنصوص عليها يف املادة ‪ .10‬هذا ما‬
‫حيث جاء فيه «يُمكن لألجنيب الذي ق هدم خدمات استثنائية للجزائر أو أ هن يف جتنُّسه فائدة استثنائية للجزائر أن يتجنهس‬
‫ُ‬
‫الشروط املنصوص عليها يف املادة السابقة»‪ .‬هذا النهص ُمطابق ه‬
‫لنص املادة‬ ‫ابجلنسية اجلزائرية وذلك بقطع النظر عن ه‬
‫‪/14‬ف‪ 3‬من قانون اجلنسية لسنة ‪ .1963‬وهو يعين كما سبقت اإلشارة صنفني من األجانب مها‪:‬‬
‫لسابق‬
‫الصنف من األجانب كما يبدو من النهص ا ه‬ ‫‪-‬الصنف الثاين‪ :‬األجنيب الذي ق هدم خدمات استثنائية للجزائر‪ .‬هذا ه‬
‫ال ُميكنه أن يتجنهس ابجلنسية اجلزائرية جتنُّسا استثنائيا إاله بعدما يكون قد ق هدم خدمات استثنائية للجزائر‪ ،‬أل هن املشرع‬
‫استخدم فعل "ق هدم" يف صيغة املاضي‪ ،‬وذلك يعين أ هن إمكانية جتنُّسه أتت ي بعد تقدميه فعال تلك اخلدمات االستثنائية‬
‫نصت عليها املادة ‪ ،10‬وما عليه حينئذ إاله أن‬ ‫للجزائر‪ ،‬فإذا كان قد ق هدمها أعفاه املشرع من مجيع ُشروط التجنُّس الّت ه‬
‫ت فيه خالل ُمهلة إثن ي عشر (‪ )12‬شهرا‪ُ ،‬ميكنُه فيها أن يقبل الطلب‬ ‫يُق هدم طلب التجنُّس إىل وزير العدل‪ ،‬الذي يبُ ُّ‬
‫البت فيه ُع هد ُسكوتُه رفضا‪ .‬وقد سبق لنا بيا ُن ذلك يف التجنُّس العادي‪،‬‬
‫أو يرفُضه‪ ،‬فإذا انقضت املهلة وسكت الوزير عن ه‬
‫نفسها يف التجنُّس االستثنائي‪.‬‬
‫أل هن اإلجراءات هي ُ‬
‫‪-‬الصنف الثالث‪ :‬هو األجنيب الذي يكون يف جتنُّسه فائدة استثنائية للجزائ ر‪:‬‬
‫يبدو من عبارة " أو أ هن يف جتنُّسه فائدة استثنائية للجزائر" اخلاصة هبذا ه‬
‫الصنف‪ ،‬الّت تُقابلُها ابللهغة الفرنسية عبارة‪:‬‬
‫»‪«Ou dont la naturalisation présente un intérêt exceptionnel pour L’Algerie‬‬
‫إذا دقهقنا ترمجة هذه العبارة ابللغة الفرنسية إىل اللهغة العربية وجدان صيغتها كما يلي‪:‬‬
‫"أو الذي يكون يف جتنُّسه فائدة استثنائية للجزائر" وبذلك يستقيم النهص ابللغة العربية ويتوافق مع ما رمى إليه املشرع‪،‬‬
‫يؤدي إىل ا هن هذا الصنف من األجانب ُميكنه‬‫أل هن استخدام فعل "يكون" يف صيغة املضارع‪ ،‬الذي يعين احلاضر واملستقبل ه‬
‫حتصل اجلزائر منه على الفائدة االستثنائية‪ .‬فإذا كان األمر كذلك‪،‬‬
‫أن يتجنهس ابجلنسية اجلزائرية جتنُّسا استثنائيا قبل أن ُ‬
‫ضع جتنُّسه لنفس اإلجراءات الّت شرحناها فيما سبق‪.‬‬‫نصت عليها املادة ‪ .10‬وخي ُ‬ ‫جتنهس مع إعفائه من مجيع الشروط الّت ه‬
‫ظل قانون اجلنسية‬
‫ندرس التجنُّس االستثنائي يف ه‬ ‫سنُق هدم شرحا ُمفصالً عن هذه األصناف الثالثة من األجانب عندما ُ‬
‫اجلزائريهة لسنة ‪ 1970‬بعد تعديله‪.‬‬

‫اخلاصة ابلتهجنُّس العادي‪ ،‬ص‪ .‬من‪ 107‬و‪108‬‬


‫املادة ‪ 10‬ه‬
‫(‪-)1‬راجع ما سبق‪ :‬شرح ه‬

‫‪109‬‬
‫اثلثا‪-‬اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابآلاثر اجلماعية للتجنس‪:‬‬
‫نصت على ذلك املادة ‪/17‬ف‪ ،3‬حيث جاء فيها‪« :‬ي مكن لعقد التجنهس أن مينح اجلنسية اجلزائرية لألوالد القصر‬ ‫ه‬
‫التنازل عن اجلنسية اجلزائرية خالل الفرتة املرتاوحة بني ‪ 18‬و‪ 21‬سنة من عُمرهم»‪.‬‬ ‫لألجنيب املتجنهس‪ ،‬على ا هن هلم حرية ُ‬
‫املادة ‪/20‬ف‪ 3‬من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪ ،1963‬الّت شرحناها سابقا ممها يُغنينا عن‬ ‫هذا النص ُمطابق لنص ه‬
‫(‪)1‬‬
‫خص صنفا واحدا من األصناف األجانب الثالثة الذين بينهاهم أعاله‪ُ ،‬ميكنُه أن يتجنهس‬ ‫املشرع ه‬
‫إعادة الشرح هنا ‪ .‬لكن ه‬
‫ابجلنسية اجلزائرية جتنُّسا استثنائيا بعد وفاته‪ ،‬إذا مل ي ُكن قد جتنهس حال حياته‪ ،‬وهو الصف الثاين أي األجنيب الذي ق هدم‬
‫صًرا أو راشدين‪،‬‬ ‫ِ‬
‫املشرع أن ي مت هد أثر جتنُّسه بعد وفاته إىل زوجته وأوالده‪ ،‬سواء كانوا قُ ه‬
‫خدمات استثنائية للجزائر أجاز ه‬
‫توىف أجنيب عن زوجته وأوالده‪ ،‬وكان إبمكانه أثناء حياته أن‬ ‫نصت عليه املادة‪/11‬ف‪ 5‬الّت جاء فيها‪ «:‬إذا ه‬ ‫وهذا ما ه‬
‫(‪)2‬‬
‫ُّسه بعد الوفاة يف نفس الوقت الذي يطلُبون‬ ‫الصنف امل شار إليه يف هذه الفقرة فيُمكن هلؤالء‪ ،‬أن يطلُبوا جتن ه‬
‫يدخل يف ه‬ ‫ُ‬
‫نص املادة ‪/14‬ف‪ 3‬يف قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪ ،1963‬الّت شرحناها سابقا‬ ‫فيه جتنُّسهم»‪ .‬هذا النهص ُمتطابق مع ه‬
‫الشرح هنا (‪.)3‬‬
‫حل من إعادة ه‬
‫م هما جيعلُنا يف ه‬
‫الفرع الثالث‪-‬اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابالسرتداد‪:‬‬
‫الّت جاء فيها‪« :‬يُمكن اسرتداد اجلنسية اجلزائرية‬
‫نصت على االسرتداد يف قانون اجلنسية ‪ 1970‬قبل تعديله املادة ‪ ،14‬ه‬
‫ه‬
‫كل شخص كان متمتهعا هبا كجنسية أصلية‪ ،‬وفقدها‪ ،‬وذلك عن طريق تقدمي طلب بعد ‪ 18‬شهرا على‬ ‫مبوجب مرسوم ه‬
‫األقل من اإلقامة املعتادة واملنتظمة يف اجلزائر»‪ .‬نص هذه املادة متطابق مع نص املادة ‪ 17‬من قانون اجلنسية اجلزائرية‬
‫ظل قانون‬
‫الشروح الّت ق هدمناها سابقا عندما درسنا االسرتداد يف ه‬
‫أهم ما نتناوله هنا مع اإلحالة على ه‬
‫لسنة ‪ .1963‬نقدم ه‬
‫‪ ،1963‬نبدأُ ابألشخاص الذين ميكنُهم اسرتداد اجلنسية اجلزائرية‪ ،‬هذا أوال‪ ،‬مثه الشروط الالهزمة السرتداد اجلنسية اجلزائرية‬
‫اثنيا مثه اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابآلاثر اجلماعية لالسرتداد اثلثا‪.‬‬
‫أوال‪-‬األشذاص الذين إبمكانـهم اسرتداد اجلنسية اجلزائرية‪:‬‬
‫يتبني من نص املادة ‪ 14‬أعاله أ هن إمكانية اسرتداد اجلنسية اجلزائرية يقتصر على اجلزائريني الذين متتهعوا هبا كجنسية‬
‫ه‬
‫أصلية وفق املادتني ‪6‬و‪ 7‬من قانون اجلنسية لسنة ‪ 1970‬قبل تعديله‪-‬سبق شرحهما‪-‬مثه فقدوها إبحدى طُُرق الفقد الّت‬
‫نص عليها هذا القانون‪ ،‬سواء إبرادت هم‪ ،‬وذلك هو الفقد اإلرادي أو دون إرادت هم‪ ،‬وذلك هو الفقد غري اإلرادي‪ .‬نشر ُح‬
‫ذلك ابختصار فيما يلي‪:‬‬

‫(‪-)1‬راجع ما سبق اكتساب اجلنسيهة اجلزائريهة ابآلاثر اجلماعيهة للتجنهس‪ ،‬املادة ‪/ 20‬ف‪ 3‬من قانون اجلنسيهة لسنة ‪. 1963‬‬
‫مقسم إىل أربع فقرات ‪ ،‬هلذا كان األصح لو ت همت اإلحالة من الفقرة اخلامسة‬
‫مقسم إىل مخس فقرات ‪ ،‬بينما ابللغة الفرنسية ه‬ ‫(‪-)2‬نص املادة ‪ 11‬ابللغة العربية ه‬
‫إىل الفقرة الرابعة ‪ ،‬وذلك أبن تكتب كما يلي‪ « :‬الصنف املشار إليه يف الفقرة الرابعة أعاله» وليس« الصنف املشار إليه يف هذه الفقرة »أل هن ذلك يتوافق مع‬
‫حترر النهصوص القانونيهة بلغة املستعمر‬
‫الصنف املشار إليه يف هذه الفقرة" مع األسف ه‬
‫الن ص ابللغة الفرنسيهة أل هن اإلحالة متهت فيه إىل نفس الفقرة‪ ،‬هلذا جاء فيه" ه‬
‫بنص ال هدستور اللهغة الرمسية للدولة اجلزائرية‪.‬‬
‫مشوهة إىل اللهغة العربية‪ ،‬الّت هي ه‬
‫مثه ترتجم ه‬
‫املادة ‪/11‬ف‪ 5‬من قانون اجلنسيهة اجلزائريهة لسنة ‪ 1970‬قبل‬
‫املادة ‪/14‬ف‪ 3‬من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪ 1963‬املتطابقة مع ه‬
‫(‪-)3‬راجع ما سبق شرح ه‬
‫تعديله ‪.‬‬
‫‪110‬‬
‫ملادة ‪ ،18‬وهناك‬ ‫‪-)1‬الفقد اإلرادي‪ :‬هناك ثالث حاالت يفقد فيها اجلزائريون اجلنسية اجلزائرية األصلية‪ ،‬ه‬
‫نصت عليها ا ه‬
‫املادة ‪ 2/7‬من نفس القانون‪ .‬هأما احلاالت الثهالث الّت تُفقد فيها‬
‫نصت عليه ه‬ ‫حالة رابعة هي عبارة عن فقد شبه إرادي ه‬
‫اجلنسية اجلزائرية االصلية وفق املادة ‪ ،18‬فهي اآلتية‪:‬‬
‫يكتسب عن طواعية يف اخلارج جنسية أجنبية‪ ،‬وأذن له مبوجب مرسوم للتخلي‬
‫ُ‬ ‫‪-1‬احلالة األوىل‪ :‬هي حالة اجلزائري الذي‬
‫عن اجلنسية اجلزائرية (املادة ‪.)1/18‬‬
‫‪-2‬احلالة الثانية‪ :‬هي حالة اجلزائري‪-‬ولو كان قاصرا‪-‬الذي له جنسية أصلية اجنبية‪ ،‬وأُذن له مبوجب مرسوم للتخلي عن‬
‫اجلنسية اجلزائرية (املادة ‪.)2/18‬‬
‫هااتن احلالتان مطابقتان للحالتني املنصوص عليهما يف املادة ‪1/21‬و‪ 2‬من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪ ،1963‬وتفاداي‬
‫كل إعادة‪.‬‬
‫الشرح الذي ق هدمناه سابقا للمادة ‪1/21‬و‪ .2‬فهو يُغين عن ه‬
‫للتهكرار ُحنيل على ه‬
‫‪-3‬احلالة الثالثة‪ :‬هي حالة املرأة اجلزائرية املتزوجة أبجنيب وتكتسب من ه‬
‫جراء زواجها جنسية زوجها وأذن هلا مبوجب‬
‫املادة ‪ 3/21‬من قانون‬
‫ّتتلف هذه احلالة عن احلالة الواردة يف ه‬
‫ُ‬ ‫مرسوم للتخلي عن اجلنسية اجلزائرية (املادة ‪ .)3/18‬ال‬
‫املادة ‪ 3/21‬هي عبارة "قبل حفل الزواج" حيث كان النهص‪" :‬املرأة‬
‫تضمنتها ه‬
‫اجلنسية لسنة ‪ 1963‬إاله يف عبارة واحدة ه‬
‫املتزوجة أبجنيب‪.........‬وأذن هلا مبوجب مرسوم قبل حفل الزواج للتخلي عن اجلنسية اجلزائرية"‪.‬‬
‫اجلزائريهة ه‬
‫ي فرتة زمنية‪ ،‬وإهّنا يبقى‬
‫فحذفت عبارة قبل حفل الزواج يف املادة ‪ 3/18‬من قانون ‪ 1970‬قبل تعديله‪ ،‬ومل يُقيهد اإلذن أب ه‬
‫ُ‬
‫ذلك رهن إرادة الراغبة يف التخلي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية‪ .‬هأما عن شروط التخلي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية يف‬
‫السابق ذكرها‪ ،‬فقد خلهصناها فيما سلف عندما درسنا املادة ‪ 3،2،1/21‬من قانون ‪.1963‬‬ ‫احلاالت الثالث ه‬
‫املادة ‪ 2/7‬من القانون الذي حنن بصدد دراسته‪ ،‬وهي‬ ‫‪-4‬أ ّما احلالة الرابعة‪ :‬هي عبارة عن فقد شبه إرادي ه‬
‫نصت عليه ه‬
‫حالة الولد املولود يف اجلزائر من هأم جزائرية وأب أجنيب هو نفسه مولود يف اجلزائر إاله إذا رفض اجلنسية اجلزائرية خالل‬
‫الرشد‪ .‬هذا الولد يتمتهع ابجلنسية اجلزائرية على أساس ح هق اإلقليم‪ ،‬منحه ه‬
‫املشرع إمكانية‬ ‫سن ُّ‬
‫السنة السابقة على بلوغه ه‬
‫الرشد‪ .‬هذه احلالة الواردة يف املادة ‪ 2/7‬تتطابق‬
‫سن ُّ‬
‫السابقة على بُلوغه ه‬
‫السنة ه‬‫رفض اجلنسية اجلزائرية إذا أراد ذلك خالل ه‬
‫مع احلالة الواردة يف املادة ‪ 3/6‬من قانون اجلنسية لسنة ‪ ،1963‬ال ّتتلف عنها إاله يف امل دة املمنوحة للمعين للتخلي عن‬
‫يتم‬
‫الرشد‪ ،‬بينما ه‬
‫سن ُّ‬‫حيث أ هن رفض اجلنسية اجلزائرية هنا يتم خالل السنة السابقة على بُلوغ املعين ه‬
‫اجلنسية اجلزائرية‪ُ ،‬‬
‫فشروط الفقد هي نفسها‪.‬‬ ‫الرشد‪ .‬هلذا ُ‬
‫سن ُّ‬
‫السابقتني على بُلوغ املعين ه‬
‫السنتني ه‬
‫رفضها هناك يكون خالل ه‬
‫‪-)2‬الفقد غري اإلرادي‪ :‬تُفقد اجلنسية اجلزائرية األصلية هنا فقدا غري إرادي يف حالتني‪ ،‬مها‪:‬‬
‫‪-1‬احلالة األوىل‪ :‬هي حالة الذي يفقد اجلنسية اجلزائرية األصلية دون إرادته ه‬
‫نصت عليها املادة ‪ ،19‬حيث ج اء في ه ا‪:‬‬
‫« ُميكن أن يفقد اجلنسية اجلزائرية ه‬
‫كل جزائري الذي يشغل وظيفة يف بلد أجنيب أو منظمة دولية ليست اجلزائر عضوا فيها‪،‬‬
‫يتخل عن منصبه‪ ،‬أو مساعدته ابلرغم من إنذاره من قبل احلكومة اجلزائرية‪ُ .‬‬
‫وحي هدد‬ ‫عامة يق هدم هلا مساعدته ومل ه‬
‫أو بصفة ه‬
‫أقل من ‪ 15‬يوما وأكثر من شهرين»‪.‬‬
‫اإلنذار أجال ال جيوز أن يكون ه‬

‫‪111‬‬
‫حسب نص هذه املادة من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪ 1970‬قبل تعديله ُميكن أن يفقد اجلزائري الذي هذه هي‬
‫حالتُه جنسيته اجلزائرية األصلية دون إرادته‪ ،‬بل رغما عنه إذا شغل وظيفة يف بلد أجنيب‪ ،‬أو منظمة دولية ليست اجلزائر‬
‫عضوا فيها‪ ،‬أو يق هدم هلا مساعدته رغم اإلنذار الذي ق هدمته احلكومة اجلزائرية بوجوب التخلي عن منصبه أو مساعدته‬
‫أقل من ‪ 15‬يوما وأكثر من شهرين‪ .‬يُعترب الفقد غري اإلرادي هنا حالة ج وازي ة ّتضع‬
‫خالل أجل ال جيوز أن يكون ه‬
‫نصت عليها‬‫لتقدير السلطة العام ة‪ ،‬فإن شاءت أجرت الفقد‪ ،‬وإن شاءت امتنعت عنه‪ ،‬وهي حالة شبيهة ابحلالة الّت ه‬
‫عربت عن ظروف املرحلة الّت ُوضعت فيها‪،‬‬ ‫كل واحدة منهما ه‬ ‫املادة ‪5/21‬من قانون اجلنسية لسنة ‪ ،1963‬ولكن ه‬ ‫ه‬
‫واألهداف املنشودة منها‪ ،‬فتح هدثت املادة ‪ 5/21‬من قانون اجلنسية لسنة ‪ 1963‬عن اجلزائري الذي يقوم خبدمة عامة يف‬
‫دولة أجنبية‪ ،‬أو جيش أجنيب وهي وإن جاءت بصيغة العموم‪ ،‬فإ هّنا كانت تُشري ضمنيا إىل من كان يشغل الوظائف يف‬
‫الدولة الفرنسية أو اجليش الفرنسي‪ ،‬ولكن هذا ال يعين هأّنا ال تشمل أيضا من كان يشغل تلك الوظائف يف دولة أجنبية‬
‫أُخرى‪.‬‬
‫بينما حت هدثت املادة ‪ 19‬من قانون اجلنسية لسنة ‪ 1970‬قبل تعديله عن اجلزائري الذي يشغل وظيفة يف بلد أجنيب دون‬
‫استخدام مصطلح الدولة‪ ،‬أو منظمة دولية ليست اجلزائر عضوا فيها‪ ،‬أو يُق هدم هلا مساعداته‪ .‬فإذا وضعنا نص املادة ‪19‬‬
‫يف سياقه التارخيي جند أنهه صدر يف مرحلة اترخيية كانت اجلزائر قد فصلت فيها يف مسألة اختيار نظامها السياسي‬
‫واالقتصادي‪ ،‬حيث تبنهت نظاما ذا تو ُّجه اشرتاكي‪ ،‬متأثرة ابلفكر االشرتاكي الذي كان يُصور االستعمار على أنهه نتيجة‬
‫التحرر السياسي واالقتصادي قصد اإلفالت من املؤسسات‬‫تهج سياسة ه‬ ‫النظام الرأمسايل‪ ،‬وكانت اجلزائر يف تلك املرحلة تن ُ‬
‫واملنظمات الدولية‪ ،‬الّت متثهل الدول الرأمسالية‪ ،‬سواء منها ذات الطابع املايل مثل صندوق النقد الدويل‪ ،‬والبنك الدويل‬
‫لإلنشاء والتعمري‪ ،‬أو ذات الطابع التجاري مثل املنظمة الدولهة للتجارة‪ ،‬أو ذات الطابع العسكري مثل حلف الشمال‬
‫األطلسي‪ ،‬وغريها من املنظمات‪ ،‬الّت كانت تعمل على فرض هيمنتها على سياسة واقتصاد الدول النامية‪ ،‬من خالل‬
‫تضع شروطا متكيهفة مع النظام الرأمسايل لالستفادة من ال ُقروض الّت متنحها‪ ،‬ترمي يف‬
‫املؤسسات املالية الدولية‪ ،‬الّت ُ‬
‫جوهرها إىل فرض النمط الرأمسايل للتنمية من خالل شرط تشجيع القطاع اخلاص‪ ،‬وشرط انتهاج سياسة اخلوصصة‪ ،‬وفتح‬
‫الشكات الرأمسالية متع هددة اجلنسيات الستغالل ثروات الدول النامية‪ ،‬واالمتناع عن سياسة التهأميم‪ ،‬وغريها من‬
‫اجملال أمام ه‬
‫الشؤون الداخلية للدول النامية‪ ،‬ويف ميدان التجارة الدولية تقف منظمة التهجارة‬
‫دخال يف أدق تفاصيل ه‬ ‫الشروط الّت تُعترب ت ه‬
‫ه‬
‫الدولية نفس املوقف‪ ،‬فهي تعبري عن جوهر النظام الرأمسايل يف اجملال التجاري‪ .‬هأما منظمة احللف األطلسي فهي احلارس‬
‫صف املعسكر الرأمسايل بقيادة الوالايت‬
‫جر الدول النامية إىل الوقوف يف ه‬ ‫األمني للنظام الرأمسايل‪ ،‬فكانت تعمل على ه‬
‫السوفيايت‪ .‬واجلزائر وإن كانت عضوا فاعال يف حركة‬‫املتهحدة يف عدائه املستحكم ض هد املعسكر االشرتاكي بقيادة اال هحتاد ه‬
‫عدم االحنياز‪ ،‬إاله هأّنا كانت تنظُر كغريها من الدول احلديثة االستقالل الّت انتهجت االشرتاكيهة طريقا للتنمية‪ ،‬إىل هذه‬
‫املنظمات على أ هّنا أداة سيطرة وتبعية‪ ،‬ووسيلة يف يد الدول الرأمسالية االستعمارية بقيادة الوالايت املتحدة األمريكية لفرض‬
‫التحرر السياسي واالقتصادي‪ ،‬الّت سلكتها اجلزائر‪ .‬لذا كانت اجلزائر تقف‬
‫الرأمسايل‪ ،‬الذي يتعارض مع سياسة ُّ‬
‫النمط ه‬
‫أي مسعى يدفعُها إىل االنضمام إليها‪ ،‬وكان يعين أ هن عمل اجلزائريني يف‬
‫موقفا مناهضا لسياسة تلك املنظمات‪ ،‬وترفُض ه‬

‫‪112‬‬
‫تصرفا وموقفا معاكسا‪ ،‬ومتناقضا‬ ‫تلك املنظمات ويف تلك احلقبة التارخيية ُّ‬
‫يعد عمال غري حمبهذ وغري مرغوب فيه‪ ،‬بل يُعترب ُّ‬
‫توجهات الدولة اجلزائرية واختياراهتا‪ ،‬ممها قد يرتتهب عنه أن يفقد اجلزائري الذي يعمل يف تلك املنظمات اجلنسية‬
‫مع ُّ‬
‫املادة ‪ ،19‬وهي‪:‬‬
‫نستخلصها من ه‬
‫ُ‬ ‫اجلزائرية ابلشروط الّت‬
‫خاصة‪ ،‬أو يف منظهمة‬
‫مؤسسة ه‬‫عامة أو يف ه‬
‫مؤسسة ه‬ ‫‪-1‬أن يشغل اجلزائري وظيفة يف بلد أجنيب‪ ،‬سواء كانت وظيفة يف ه‬
‫دولية ليست اجلزائر عُضوا فيها أو يُق هدم هلا مساعدته‪.‬‬
‫يقل عن ‪ 15‬يوما‪ ،‬وال يزيد عن شهرين للتخلي عن الوظيفة‬
‫متنحه فيه أجال ال ُّ‬
‫توجه له احلكومة اجلزائرية إنذارا ُ‬ ‫‪-2‬أن ه‬
‫الّت يشغلُها أو املساعدة الّت يُق هدمها‪.‬‬
‫ه‬
‫‪-3‬أاله يتخلهى عن منصبه أو مساعدته خالل أجل اإلنذار الذي ُمنح له‪ ،‬بشرط أن تُعطى له فُرصة تقدمي مالحظاته‬
‫حسب املادة ‪ .3/20‬فإذا توفهرت هذه الشروط جاز للحكومة اجلزائرية أن تُصدر مرسوما تُعلن فيه عن فقد املعين اجلنسية‬
‫صدوره إذا ما أثبت املعين أنهه كان‬
‫اجلزائرية‪ ،‬غري أنهه حسب املادة ‪ 3/20‬يف شطرها األخري‪ُ ،‬ميكن إلغاء مرسوم الفقد بعد ُ‬
‫يستحيل عليه أن يتخلى عن وظيفته يف اخلارج أو يتوقهف عن تقدميه املساعدة يف األجل املضروب له‪.‬‬
‫‪-2‬احلالة الثّانية‪ :‬ه‬
‫الّت تُفقد فيها اجلنسية اجلزائرية فقدا غري إرادي‪ ،‬هي حالة الولد املولود يف اجلزائر من ابوين جمهولني‬
‫حق اإلقليم طبقا للمادة ‪ .)1(1/7‬هذا الولد يفقد جنسيته اجلزائرية دون‬
‫الذي متتهع ابجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس ه‬
‫إرادته إذا توفهرت فيه الشروط اآلتية‪:‬‬
‫‪-1‬أن يظهر أجنيب ب هدعي نسب الولد إليه‪.‬‬
‫‪-2‬أن يكون الولد مازال قاصرا وقت هادعاء النهسب‪.‬‬
‫‪-3‬أن يث بت نسب الولد إىل األجنيب أثناء قصره‪.‬‬
‫‪_4‬أن يكون قانون جنسية األجنيب الذي ثبت نسب ال ولد إليه‪ ،‬مينح هذا الولد اجلنسية األصلية على أساس حق الدم‬
‫من جهته‪.‬‬
‫ط قد متتهع‬
‫إذا توفهرت هذه الشروط يفقد الولد اجلنسية اجلزائرية على أساس حق اإلقليم تلقائيا أبثر رجعي كأنهه مل يكن ق ه‬
‫تكم ُن يف الوقاية من ظاهرة ازدواجية اجلنسية‪ ،‬أل هن علهة منحه‬ ‫هبا‪ .‬واحلكمة من هذا الفقد الذي يُ ُّ‬
‫عد فقدا غري إرادي‪ُ ،‬‬
‫فلما زالت هذه العلهة بتمتُّعه جبنسية‬
‫حق اإلقليم هي حماربة ظاهرة انعدام اجلنسية‪ ،‬ه‬
‫اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس ه‬
‫دولة أجنبية‪ ،‬فقد اجلنسية اجلزائرية تلقائيا وأبثر رجعي‪.‬‬
‫الرشد‪ ،‬فإ هن الولد يبقى حمتفظا‬
‫سن ُّ‬
‫هأما إذا مل يظهر األجنيب الذي ي هدعي نسب الولد إليه أثناء قصره‪ ،‬وظهر بعد بُلوغه ه‬
‫وحتصل على جنسيته من جهته على‬
‫حّت لو ثبت نسبه إىل أجنيب ه‬
‫ابجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم‪ ،‬ه‬

‫ظل قانون ‪ 1970‬قبل تعديله‪ ،‬املادة ‪ 1/7‬منه‪.‬‬


‫(‪-)1‬راجع ما سبق‪- :‬اجلنسية اجلزائرية على أساس حق اإلقليم يف ه‬
‫الّت سبق شرحها‪ ،‬وهي متطابقة مع‬
‫املادة ‪ 2/6‬منه‪ ،‬ه‬
‫ظل قانون اجلنسية لسنة ‪ ،1963‬ه‬‫‪-‬اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم يف ه‬
‫املادة ‪.1/7‬‬

‫‪113‬‬
‫أساس حق الدم‪ ،‬غري أنهه إبمكانه أن يفقد اجلنسية اجلزائرية فقدا إراداي طبقا للمادة ‪ 2/18‬من نفس القانون الذي شرحناها‬
‫سابقا‪.‬‬
‫يبتدئ أثر فقد اجلنسية اجلزائرية يف احلاالت املنصوص عليها يف املادة ‪ 3،2،1/18‬ابتداءً من نشر املرسوم يف اجلريدة‬
‫الرمسية‪ ،‬الذي أيذ ُن للشخص املعين ابألمر أن يتخلهى عن جنسيته اجلزائرية‪ .‬ونفس الشيء يف حالة الفقد غري اإلرادي‬
‫املنصوص عليه يف املادة ‪ ،19‬ينتُج أثره ابتداءً من نشر املرسوم يف اجلريدة الرمسية‪ ،‬الذي يُعلن فقد املعين اجلنسية اجلزائرية‪.‬‬
‫نصت املادة ‪ 21‬من نفس القانون على أن ميت هد أثر الفقد‬
‫هأما عن اآلاثر اجلماعية لفقد اجلنسية اجلزائرية األصلية فقد ه‬
‫إىل األوالد ال ُقصر ابلنسبة ملن فقدها يف احلالتني املنصوص عليهما يف املادة ‪ 2،1/18‬اللهتني شرحنامها فيما سلف‪ ،‬لكن‬
‫متزوجني والثهاين إذا كانوا يعيشون فعال مع أصلهم الذي فقد اجلنسية‬
‫صر غري ه‬ ‫األول هو إذا كان األوالد ال ُق ه‬
‫بشرطني‪ ،‬ه‬
‫اجلزائرية األصلية إبرادته يف احلالتني املذكورتني‪.‬‬
‫اثنيّا‪-‬الشروط الالزمة السرتداد اجلنسية اجلزائرية‪:‬‬
‫إ هن نص املادة ‪ 14‬من قانون اجلنسية لسنة ‪ 1970‬قبل تعديله متطابق مع نص املادة ‪ 17‬من قانون اجلنسية لسنة‬
‫(‪)1‬‬
‫نوجزها فيما يلي‪:‬‬
‫نفسها‪ُ ،‬‬
‫‪ 1963‬املتعلهقة ابالسرتداد ‪ .‬لذا تكون شروط االسرتداد هي ُ‬
‫‪-)1‬أن يكون من طلب اسرتداد اجلنسية ممهن كان قد متتهع هبا كجنسية جزائرية أصليهة طبقا ألحكام املادتني ‪6‬و‪ 7‬من‬
‫اداي أبحد األسباب املذكورة يف املادة ‪ .3،2،1/18‬أو فقدها‬
‫قانون اجلنسية لسنة ‪ 1970‬قبل تعديله‪ ،‬مثه فقدها فقدا إر ً‬
‫املادة ‪.1/7‬‬
‫فقدا شبه إرادي وفق املادة ‪ ،2/7‬أو فقدها فقدا غري إرادي وفق املادة ‪ ،19‬أو ه‬
‫تقل عن مثانية عشر شهرا‪ ،‬إقامة معتادة ومنتظمة‪.‬‬
‫‪-)2‬ن يكون قد أقام يف اجلزائر وقت تقدمي الطلب م هدة ال ُّ‬
‫عرب فيه عن‬
‫‪-)3‬أن يُق هدم طلب اسرتداد اجلنسية اجلزائرية إىل وزير العدل وفق اإلجراءات املنصوص عليها يف املادة‪ ،25‬يُ ه‬
‫ت فيه خالل اث ن ي عشر (‪ )12‬شهرا ابتداءً من‬ ‫الصرحية يف اسرتداد اجلنسية اجلزائرية‪ ،‬وعلى وزير العدل أن ي بُ ه‬
‫اإلرادة ه‬
‫اتريخ إعداد امللف بصورة كاملة‪.‬‬
‫‪-)4‬أن يكون من طلب اسرتداد اجلنسية اجلزائرية كامل األهلية وقت تقدمي الطلب‪ ،‬مبعىن أن تكون له أهلية األداء‪.‬‬
‫لسابقة‪ ،‬هو زوال سبب فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية‪.‬‬
‫‪-)5‬هناك شرط خامس يُستخلص ضمنيًا من النهصوص ا ه‬
‫اثلثا‪-‬اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابآلاثر اجلماعية لالسرتداد‪:‬‬
‫بقوة القانون‬
‫نصت على امتداد اآلاثر اجلماعية لفقد اجلنسية اجلزائرية األصلية ه‬
‫مادام أ هن املادة ‪ 21‬من القانون املعين قد ه‬
‫املادة ‪ .2،1/18‬فإنهه يرتتهب عن ذلك ما يلي‪:‬‬
‫للشخص الذي فقدها إبرادته وفق ه‬
‫صر ه‬‫إىل األوالد ال ُق ه‬
‫صر بقوة القانون إذا كانوا فقدوها معه وقت فقده هإايها‪.‬‬
‫أوالده ال ُق ه‬
‫يسرتدها معه ُ‬
‫‪-)1‬أن ه‬
‫صر الذين ُو ُلدوا بعد فقده هإايها‪.‬‬
‫اسرتدها أوالده ال ُق ه‬
‫بقوة القانون إذا ه‬ ‫‪-)2‬أن يكتسبها معه ه‬
‫يسرتدوّنا معه أو يكتسبوّنا معه‪ ،‬فإ هن ذلك يبقى ُمتوقهفا على شرطني‪:‬‬ ‫صر الذين ه‬ ‫لكن سواء تعلهق األمر ابألوالد ال ُق ه‬
‫القصر غري متزوجني‪.‬‬‫‪-1‬الشرط األول أن يكون األوالد ه‬
‫املادة ‪ 17‬من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪.1963‬‬
‫لشروط الالهزمة السرتداد اجلنسية اجلزائرية الواردة يف ه‬
‫(‪-)1‬راجع ما سبق‪ :‬شرح ا ه‬
‫‪114‬‬
‫يكتسب‬
‫ُ‬ ‫يسرتد أو‬
‫حيث جاء فيها‪ُّ « :‬‬ ‫نصت عليه املادة ‪17‬ف‪ُ ،2‬‬ ‫‪-2‬الشرط الثاين أن يكونوا مقيمني فعال معه‪ .‬هذا ما ه‬
‫املتزوجني لشخص اسرتد اجلنسية اجلزائرية‪ ،‬إذا كانوا ُمقيمني معه»‪.‬‬
‫صر غري ه‬ ‫اجلنسية اجلزائرية حبكم القانون‪ ،‬األوالد ال ُق ه‬
‫تقتصر على من فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية‪ ،‬سواء كان فقدا‬
‫ُ‬ ‫إ هن إمكانيهة اسرتداد اجلنسية اجلزائرية كما سبق البيان‬
‫اداي أو فقدا غري إرادي‪ .‬وقد ح هددان املواد القانونية الّت تُفق ُد فيها اجلنسية اجلزائرية األصلية‪ ،‬رغم أ هن فكرة الفقد يف هذه‬
‫إر ً‬
‫عامة تشمل اجلنسية اجلزائرية األصلية أو املكتسبة‪ ،‬ولكنهنا اكتفينا فيها بذكر حاالت فقد اجلنسية اجلزائرية‬ ‫املواد‪ ،‬هي فكرة ه‬
‫سرتد كجنسية ُمكتسبة وليست كجنسية أصلية وقد سبق لنا ذكر‬
‫األصلية لعالقتها ابسرتداد اجلنسية اجلزائرية‪ ،‬لكنهها تُ ُّ‬
‫املادة ‪ 17‬من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪.1963‬‬
‫احلكمة من ذلك عندما درسنا ه‬
‫يتبني أ هن اكتساب‬
‫ظل قانون اجلنسية لسنة ‪ 1970‬قبل تعديله‪ ،‬ه‬ ‫خالصة ملا درسناه من طُُرق اكتساب اجلنسية اجلزائرية يف ه‬
‫حّت‬
‫السلطة التهقديريهة لوزير العدل‪ ،‬إذ ُميكنُه أن يرفض طلب االكتساب ه‬ ‫اجلنسية اجلزائرية هي ُجمهرد إمكانيهة متوقهفة على ُّ‬
‫ت‬
‫نص املادة‪ ،26‬ويُعتربُ سكوت وزير العدل خالل امل هلة املمنوحة له للب ه‬
‫الشروط الالهزمة لذلك حسب ه‬ ‫لو توفهرت مجيع ه‬
‫قبوال‪ ،‬إذا تعلهق األمر ابكتساب اجلنسية اجلزائرية بفضل‬
‫يف طلب اكتساب اجلنسية اجلزائرية‪ ،‬وهي اث ن ي عشر (‪ )12‬شهرا ً‬
‫عاداي‬
‫القانون (املادة‪ ،)9‬أو ابالسرتداد (املادة ‪ ،)14‬لكنهه يُعترب رفضا إذا تعلهق األمر ابلتجنهس‪ ،‬سواء كان جتنُّسا ً‬
‫نصت عليه املادة‪ 27‬يف القانون املعين‪.‬‬
‫(املادة‪ ،)10‬أو جتنُّسا استثنائيا (املادة‪ ،)11‬هذا ما ه‬
‫ظل قانون اجلنسية لسنة ‪ 1970‬قبل تعديله‪ ،‬جيب التهذكري أ هن‬
‫بعد ما أّنينا دراسة طُرق اكتساب اجلنسية اجلزائرية يف ه‬
‫كل شخص اكتسب اجلنسية‬ ‫يث يتمتهع ه‬
‫أبي طريقة كانت‪ ،‬يرتتهب عنه آاثر فردية حب ُ‬
‫اكتساب اجلنسية اجلزائرية يف ظلهه ه‬
‫نصت عليه املادة ‪ 15‬من ذات القانون‪.‬‬
‫ابلصفة اجلزائرية ابتداء من اتريخ اكتساهبا‪ ،‬هذا ما ه‬
‫اجلزائرية جبميع احلقوق املتعلهقة ه‬
‫أبي قيد مهما كان‪.‬‬
‫املشرع التمتُّع هبا ه‬
‫واحلقوق املقصودة هي احلقوق املدنية والسياسية اجلزائرية‪ ،‬ومل يُقيهد ه‬

‫املطلب الثالث‬
‫ظل قانون اجلنسية لسنة ‪ 1970‬بعد تعديله‬
‫اكتساب اجلنسية اجلزائرية يف ّ‬
‫املؤرخ‬
‫الصادر يف ‪ 15‬ديسمرب ‪ 1970‬مبوجب األمر رقم ‪ 01-05‬ه‬ ‫قام املشرع اجلزائري بتعديل قانون اجلنسية اجلزائرية ه‬
‫يف ‪ 27‬فرباير ‪ ،2005‬أدخل عليه تعديالت جوهريهة‪ ،‬إذ قام إبلغاء املادة الثهالثة (‪ ،)03‬الّت كانت تشرتط فيمن يكتسب‬
‫اجلنسية اجلزائرية أبحد طُرق االكتساب املنصوص عليها يف قانون اجلنسيهة لسنة ‪ 1970‬قبل تعديله أن يق هدم تصرحيا‬
‫ص على اكتساب اجلنسية اجلزائرية بفضل‬ ‫ابلتخلي عن اجلنسية السابقة‪ ،‬وأيضا قام إبلغاء املادة التهاسعة (‪ ،)9‬الّت كانت تنُ ُّ‬
‫القانون‪ ،‬وهي حالة الولد املولود يف جلزائر من هام جزائرية وأب أجنيب مولود خارج اإلقليم اجلزائري‪ ،‬أل هن هذه احلالة صار‬
‫صاحبُها يتمتهع ابجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق الدم من جهة هأمه اجلزائرية‪ ،‬طبقا ألحكام املادة السادسة (‪)6‬‬
‫تضمنتها‬
‫األم اجلزائرية يف نقل اجلنسية اجلزائرية إىل األبناء‪ ،‬كما ألغى حالة واحدة ه‬
‫سوت بني األب اجلزائري و ه‬‫الّت ه‬
‫املع هدلة‪ ،‬ه‬
‫املادة احلادية عشرة يف فقرهتا الثانية (‪/11‬ف‪ ،)2‬تتعلهق ابكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلتجناس االستثنائي‪ ،‬هي حالة الولد‬
‫املولود يف اخلارج من أ هُم جزائرية وأب أجنيب‪ ،‬أل هن هذا الولد صار يتمتهع ابجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق الدم‬
‫‪115‬‬
‫الت ندرسها‬
‫نص املادة‪ ،11‬ه‬ ‫من جهة هأمه اجلزائرية بعد تعديل املادة السادسة(‪ ،)6‬كما أدخل تعديالت على ما بقي من ه‬
‫اكتساهبا‬
‫ُ‬ ‫املشرع ابستحداث طريقة جديدة يف مضموّنا‪ ،‬الكتساب اجلنسية اجلزائرية‪ ،‬وهي‬
‫السياق قام ه‬ ‫الحقا‪ .‬ويف ذات ه‬
‫الرجل واملرأة يف جمال أتثري‬
‫مرة مبدأ املساواة بني ه‬
‫ألول ه‬
‫تبىن فيها ه‬
‫مكرر‪ ،‬ه‬
‫نصت عليها املادة التاسعة (‪ )9‬ه‬
‫ابلزواج امل ختلط‪ ،‬ه‬
‫املشرع ثالث طُُرق الكتساب اجلنسية اجلزائرية يف‬
‫احملصلة تبىن ه‬
‫متساواي‪ .‬ويف ه‬
‫ً‬ ‫كل واحد منهما أتثريا‬
‫الزواج على جنسية ه‬
‫ه‬
‫األول) واكتساهبا ابلتجنهس (الفرع الثّاين) واكتساهبا ابالسرتداد‬
‫ظل هذا القانون‪ ،‬هي اكتساهبا ابلزواج املختلط (الفرع ّ‬
‫ه‬
‫(الفرع الثّالث)‪.‬‬
‫ابلزواج املذتلط‪:‬‬
‫األول‪-‬اكتساب اجلنسيّة اجلزائريّة ّ‬
‫الفرع ّ‬
‫ابلزواج املختلط هنا أن يُربم عقد زواج صحيح يف مفهوم القانون اجلزائري‪ ،‬بني طرفني خمتلفي اجلنسية‪ ،‬أحدمها‬
‫يُقصد ه‬
‫تزوج جزائرية أن يكتسب اجلنسية اجلزائرية بفعل‬
‫لكل أجنيب ه‬
‫ذكرا أم أُنثى‪ .‬وتبعا هلذا التهعريف ُميكن ه‬
‫جزائرًاي‪ ،‬سواء كان ً‬
‫نصت على ذلك‬ ‫تزوجت جزائرًاي أن تكتسب اجلنسية اجلزائرية بفعل زواجها منه‪ .‬ه‬
‫لكل أجنبية ه‬‫الزواج منها‪ .‬كما ُميكن ه‬ ‫ه‬
‫حيث جاء فيها ‪ُ «:‬ميكن‬
‫املتمم لقانون اجلنسية لسنة ‪ُ ،1970‬‬
‫كرر من األُمر رقم ‪ 01- 05‬املع هدل و ه‬
‫املادة التاسعة(‪ُ )9‬م ه‬
‫اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلزواج من جزائري أو جزائرية مبوجب مرسوم مّت توفهرت الشروط اآلتية‪:‬‬
‫الزواج قانونيا وقائما فعليا منذ ثالث (‪ )3‬سنوات على األقل‪ ،‬عند تقدمي طلب التجنُّس‪.‬‬‫‪-‬أن يكون ه‬
‫‪-‬اإلقامة امل عتادة واملنتظمة ابجلزائر م هدة عامني (‪ )2‬على األقهل‪.‬‬
‫السلوك‪.‬‬
‫السرية و ُّ‬
‫‪-‬التهمتُّع حبسن ه‬
‫‪-‬إثبات الوسائل الكافيهة للمعيشة‪.‬‬
‫الصادرة يف اخلارج»‪.‬‬
‫ُميكن أاله تُؤخذ بعني االعتبار العقوبة ه‬
‫قراءة هذه املادة قراءة متأنهية تقودان إىل استكشاف ثالثة مبادئ أساسية تبنهاها ال مشرع يف ميدان اكتساب اجلنسية‬
‫ابلزواج املختلط‪ ،‬هذا أوال ُمثه إىل حتديد الشروط الالهزمة الكتساهبا‪ ،‬اثنيا‪ُ .‬‬
‫نوجز شرح ذلك فيما يلي‪:‬‬ ‫اجلزائريهة ه‬
‫كرر وهي‪:‬‬
‫أوالّ‪-‬املبادئ األساسية الثالثة الواردة يف املادة ‪ 9‬م ّ‬
‫‪-)1‬مبدأ املساواة‪:‬‬
‫ألي واحد منهما أن يكتسب مبوجبه‬
‫حبيث ُميكن ه‬
‫تبىن املشرع اجلزائري يف املادة املذكورة مبدأ املساواة بني املرأة والرجل‪ُ ،‬‬
‫ه‬
‫الزواج يف اجلنسية متساواي و متبادال‪،‬‬
‫اجلنسية اجلزائرية ابلزواج املختلط‪ ،‬متجاوزا بذلك التفرقة بني اجلنسني‪ ،‬فجعل أتثري ه‬
‫يستوي يف ذلك أن يكون عقد الزواج ُمربما بني جزائري وأجنبية‪ ،‬أو بني جزائرية وأجنب ي (‪.)1‬‬

‫الزواج‬
‫الصادر يف ‪ 27‬مارس ‪ ،1963‬أ هن أتثري ه‬ ‫ظل قانون اجلنسية ه‬ ‫(‪-)1‬كنها قد رأينا عندما درسنا إمكانيهة اكتساب اجلهنسية اجلزائرية ابلزواج املختلط بني جزائري وأجنبية يف ه‬
‫يسري يف هاجتاه واحد‪ ،‬هو أن تتهبع الزوجة األجنبيهة الزوج اجلزائري يف جنسيته إذا أرادت ذلك حسب املادة ‪ 12‬من القانون املعين‪ .‬هأما قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪1970‬‬
‫ابلزواج‪.‬‬
‫ينص مطلقا على إمكانيهة اكتساب اجلنسية اجلزائرية ه‬ ‫قبل تعديله فلم ه‬
‫‪116‬‬
‫ابلزواج املذتلط‪:‬‬
‫‪--)2‬مبدأ اإلرادة يف اكتساب اجلنسيّة اجلزائريّة ّ‬
‫هذا املبدأ يعين أ هن إمكانيهة اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلزواج من جزائري أو جزائرية ُمتوقهف على إرادة الطهرف األجنيب‬
‫يف عقد الزواج إن شاء دخل فيها‪ ،‬وإن شاء امتنع عن ذلك‪.‬‬
‫غري أ هن املوافقة على اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلزواج تبقى رهن إرادة الدولة اجلزائرية‪ ،‬فلهذه األخرية ُسلطة التهقدير يف‬
‫نص املادة ‪/26‬ف‪ 2‬من قانون‬ ‫الشروط الالهزمة الكتساهبا‪ ،‬حسب ه‬ ‫حّت لو توفهرت مجيع ه‬ ‫ذلك‪ ،‬إذ إبمكاّنا أن ترفُض ه‬
‫الساري املفعول حاليًا‪ .‬فالدولة تُراعي يف منح جنسيتها لألجانب مصلحتها قبل أي مصلحة أُخرى‪.‬‬ ‫اجلنسية اجلزائرية ه‬
‫‪ -)3‬مبدأ التوفيق بني مبدإ وحدة اجلنسية يف العائلة ومبدإ استقالل اجلنسية فيها‪:‬‬
‫املشرع اجلزائري مبدأ التهوفيق هذا يف صورته الكاملة‪ ،‬بني مبدأ وحدة اجلنسية يف العائلة‪ ،‬وبني مبدأ استقالل اجلنسية‬
‫تبىن ه‬‫ه‬
‫فيها استنادا إىل مبدإ املساواة بني املرأة والرجل يف مادة اجلنسية‪ ،‬فهو من جهة أوىل فتح إمكانية أن يكتسب الزوج‬
‫رجال كان أو امرأة‪-‬اجلنسية اجلزائرية إبرادته‪ ،‬فإذا وافقت الدولة اجلزائرية على طلب االكتساب مبوجب مرسوم‬ ‫األجنيب‪ُ -‬‬
‫الزوجني صارا حيمالن اجلنسية اجلزائرية معا‪ ،‬وأ هن األوالد الذين ينحدرون‬
‫حت هقق مبدأ وحدة اجلنسية يف العائلة على اعتبار أ هن ه‬
‫منهما سيحملون اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق الدم‪ ،‬ومن جهة اثنية إذا امتنع الزوج األجنيب عن اكتساب‬
‫الزوجني جنسية‬
‫لكل واحد من ه‬
‫اجلنسية اجلزائرية ابلزواج كان له ذلك‪ ،‬احرتاما ملبدإ استقاللية اجلنسية يف العائلة فتكون ه‬
‫الدولة الّت ينتمي إليها‪ ،‬استقالال عن جنسية الزوج اآلخر(‪.)1‬‬
‫اثنيا‪-‬الشروط الالزمة الكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلزواج املذتلط‪:‬‬
‫يتبني من نص املادة ‪9‬مكرر‪ ،‬أنهه لكي يكتسب الزوج األجنيب‪ ،‬رجال كان أم امرأة‪ ،‬اجلنسية اجلزائرية ابلزواج من زوج‬
‫ه‬
‫خاصة ابلتّجنُّس‪،‬‬
‫ابلزواج املذتلط ذاته‪ ،‬وشروط أخرى ّ‬
‫خاصة ّ‬
‫جيب أن تتوفهر فيه شروط ّ‬
‫رجال كان أم امرأة‪ُ ،‬‬
‫جزائري‪ُ ،‬‬
‫نُبيهنها ابختصار فيما يلي‪:‬‬
‫‪-)1‬الشروط اخلاصة ابلزواج وهي اآلتية‪:‬‬
‫نص عليها‬
‫حيث شروطه املوضوعية الّت ه‬
‫الزواج صحيحا من ُ‬ ‫عقد ه‬
‫جيب أن يكون ُ‬‫الزواج قانونيها‪ ،‬مبعىن ُ‬
‫‪-1‬أن يكون ه‬
‫لكل طرف (‪.)2‬‬
‫الشخصي ه‬ ‫خيص أهلية الزواج فيسري عليها القانون ه‬
‫القانون اجلزائري (قانون األسرة) إاله فيما ُّ‬

‫املفصلة راجع‪:‬‬
‫(‪-)1‬لإلست زادة ه‬
‫‪-‬مبدأ وحدة اجلنسيهة يف العائلة‪ ،‬رسالتُنا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 134‬إىل‪.139‬‬
‫‪-‬مبدأ استقالليهة اجلنسيهة يف العائلة‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪ 139‬إىل ‪.144‬‬
‫‪-‬مبدأ التهوفيق بني مبدإِي وحدة اجلنسيهة واستقالليتها يف العائلة‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪ 144‬إىل ‪.154‬‬
‫الزواج يسري عليها‬‫بصحة ه‬
‫اخلاصة ه‬
‫الشروط املوضوعية ه‬ ‫الساري حاليا‪ ،‬وهي قاعدة إسناد‪ ،‬على أ هن ه‬ ‫املادة ‪ 13‬من القانون املدين اجلزائري‪ ،‬املع هدل و ه‬
‫نصت ه‬ ‫(‪ -)2‬ه‬
‫الشخصي‪.‬‬ ‫كل طرف تتح هدد وفق قانونه ه‬ ‫ص األهليهة‪ .‬معىن ذلك أ هن أهليهة زواج ه‬
‫الزواج‪ ،‬إاله فيما خيُ ُّ‬
‫الزوجني جزائري ا وقت انعقاد ه‬‫القانون اجلزائري وحده إذا كان أحد ه‬
‫ابلزواج للقانون اجلزائري‪ .‬وهذا ما أ هكدته‬
‫اصة ه‬
‫جيب أن ّتضع أهليهته اخل ه‬‫الزواج فيها ُ‬ ‫ويتم إبرام عقد ه‬ ‫غري أنهنا نرى أنهه إذا كان الطهرف األجنيب ُمقيما يف اجلزائر‪ُّ ،‬‬
‫كل املواطنني اجلزائريني وعلى غريهم من املقيمني يف اجلزائر‪"...‬‬‫الّت قضت أب هن‪ " :‬يُطبهق هذا القانون على ه‬ ‫املادة ‪ 221‬من قانون األسرة ه‬ ‫ه‬
‫‪117‬‬
‫‪-2‬أن يكون الزواج قائما فعليًا منذ ثالث (‪ )3‬سنني على األقل عند تقدمي طلب اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلزواج‪،‬‬
‫الشرعي والقانوين‬
‫الغش واالحتيال‪ ،‬يكون اهلدف منه عدم إحداث األثر ه‬ ‫صوري مبين على ه‬ ‫كل زواج ُ‬‫وذلك الستبعاد ه‬
‫للزواج وفق املفهوم اجلزائري له‪ .‬هلذا علهق املشرع اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلزواج على شرط استمرار احلياة الزوجية‬
‫الفعلية مل هدة ال تق هل كح هد أدىن عن ثالث سنني عند تقدمي طلب االكتساب‪.‬‬
‫‪-)2‬الشروط اخلاصة ابلتجنس‪:‬‬
‫اعترب املشرع اجلزائري اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلزواج من جزائري أو جزائرية جتنُّسا‪ .‬يتجلى ذلك من عبارة " عند‬
‫تقدمي طلب التجنُّس" الواردة يف املادة ‪ 9‬مكرر‪ /‬يف آخر البند األول أعاله‪ ،‬ولكنهه جتنهس بشروط خم هففة‪ ،‬وعلهة ّتفيفها‬
‫هي الزواج من مواطن جزائري أو مواطنة جزائرية‪ُ .‬ميكن تلخيص هذه الشروط فيما أيت ي‪:‬‬
‫اتمة الكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلزواج‪ ،‬وذلك بتقدمي طلب‬
‫يعرب األجنيب‪-‬ذكرا كان أم أنثى‪-‬عن إرادته حبرية ه‬
‫‪-1‬أن ه‬
‫ّتضع للقانون‬
‫ُ‬ ‫الصادقة يف اكتساهبا‪ .‬ويقتضي ذلك منه أن تكون له أهلية األداء‪ ،‬وهي‬
‫لوزير العدل ُجي هسد فيه رغبته ه‬
‫اجلزائري‪ ،‬سبق لنا أن أوضحنا ذلك فيما سلف (‪.)1‬‬
‫تقل عن سنتني (‪ ،)2‬وذلك وفق التهنظيم القانوين املعمول به يف‬ ‫‪-2‬أن يثبت إقامته املعتادة واملنتظمة يف اجلزائر م هد ًة ال ُّ‬
‫وحي هدد إقامة األجانب فيها‪ .‬وذلك يعين أن تكون إقامته يف اجلزائر شرعية وقانونية‪ .‬فقد خ هفف املشرع‬ ‫اجلزائر الذي يُنظهم ُ‬
‫اجلزائري من شرط اإلقامة هنا‪ ،‬أبن خ هفضها إىل سنتني على األقل بدال من سبع (‪ )7‬سنني يف التجنُّس العادي‪ .‬واإلقامة‬
‫نصر من عناصر االندماج يف اجملتمع اجلزائري‪ ،‬كما شرحنا ذلك فيما سبق‪ .‬مثه إ هن الزواج من جزائري أو جزائرية‬ ‫كما نعلم عُ ُ‬
‫سرع من وترية االندماج‪ ،‬أل هن احتكاك الزوج األجنيب أو الزوجة األجنبية ابجملتمع اجلزائري‬ ‫سهل ويُ ه‬
‫مع اإلقامة يف اجلزائر يُ ه‬
‫صار احتكاكا مباشرا من خالل األُسرة اجلزائرية للزوج أو للزوجة اجلزائريني‪ .‬وهذا شرط يتكامل مع الشروط األُخرى‬
‫صورية يف العالقة‬‫غش أو زيف أو ُ‬ ‫ألي ه‬ ‫اخلاصة ابلزواج الّت أوضحناها أعاله‪ .‬فهذا التهكامل كفيل أبن يكون مانعا ه‬ ‫ه‬
‫الزوجية‪ ،‬أل هن الزواج يف اجلزائر يُع هد شيئا ُمق هدسا‪ ،‬فهو قاعدة األساس يف األُسرة اجلزائرية املسلمة‪.‬‬
‫‪-3‬أن يتمتهع الزوج األجنيب‪-‬ذكرا كان أم أُنثى‪-‬حبُسن السرية والسلوك‪ .‬هذا الشرط يقتضي أاله تدخل يف اجلنسية اجلزائرية‬
‫الصاحلة‪.‬‬
‫إاله العناصر األجنبية ه‬
‫أي التباس إذا كان‬‫‪-4‬أن يثبت من يُريد اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلزواج الوسائل الكافية ملعيشته‪ ،‬هذا الشرط ال يُثري ه‬
‫عقد الزواج قد أُبرم بني أجنب ي وجزائرية‪ ،‬أل هن هذا األجنيب يُفرتض فيه أنهه مسلم‪ ،‬واملرأة اجلزائرية املسلمة حمهرم عليها شرعا‬
‫(‪)2‬‬
‫يقع على كاهل زوجها طبقا ألحكام الشريعة‬ ‫تتزوج غري املُسلم ‪ ،‬لذلك فإ هن عبء اإلنفاق على الزوجة اجلزائرية ُ‬ ‫أن ه‬
‫اإلسالمية‪ .‬إ ًذا فشرط إثبات الوسائل الكافية للمعيشة يستقيم مع فكرة إنفاق الزوج على زوجته شرعا‪.‬‬

‫(‪-)1‬أهلية الت جنس ينبغي أن ُحت هدد وفق قانون الدولة الّت يُراد التجنُّس جبنسيتها‪ .‬كمثال على ذلك املشرع املصري الذي قرر يف املا هدة ‪ 23‬من قانون اجلنسية‬
‫الشأن د‪ .‬هشام علي صادق‪،‬‬ ‫اخلاصة ابملتجنهس ابجلنسية املصرية ُحت هدد طبقا للقانون املصري‪ .‬أنظر يف هذا ه‬ ‫الرشد‬
‫سن ُّ‬
‫املصرية الصادر سنة ‪ 1975‬على أ هن ه‬
‫ه ُ‬
‫القانون الدويل اخلاص‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.62‬‬
‫الساري حاليا‪ ،‬يف فقرهتا األخرية‪.‬‬
‫(‪-)2‬املادة ‪ 30‬من قانون األسرة ه‬
‫‪118‬‬
‫جيب عليها‬ ‫هأما إذا كان عقد الزواج بني جزائري وأجنبية‪ ،‬فهذا الشرط يُثري االلتباس‪ .‬فهل يُفهم منه أ هن الزوجة األجنبية ُ‬
‫أن تكون قادرة على إعاشة نفسها بنفسها؟‪ ،‬مع أ هن النفقة على الزوجة تقع شرعا على عاتق الزوج‪ ،‬بل إ هن عدم اإلنفاق‬
‫يسمح هلا أن تطلُب التهطليق من زوج ها (‪ .)1‬حسب تقديري إ هن هذا الشرط يف مواجهة الزوجة األجنبية‪ ،‬إهّنا ين ِبين‬ ‫ُ‬ ‫عليها‬
‫جيب أن يكون قادرا‪-‬مبا ميلك من‬ ‫يدخل من األجانب يف اجلنسية اجلزائرية‪ ،‬سواء كان ذكرا أو أُنثى ُ‬ ‫على فكرة أ هن من ُ‬
‫مؤهالت‪-‬على امل سامهة اإلجيابية يف احلياة املادية للمجتمع اجلزائري إذا اقتضت الضرورة ذلك‪ ،‬فهو شرط ال يُسقط حق‬ ‫ه‬
‫الزوجة على زوجها يف النفقة‪.‬‬
‫أي جتنُّس بفعل الزواج املختلط‪ ،‬يكون‬ ‫إ هن الشرطني الثالث (‪ )3‬والرابع (‪ )4‬أعاله‪ ،‬يهدفان إىل محاية اجملتمع والدولة من ه‬
‫فيه مساس بسالمة اجملتمع اجلزائري من الناحية األخالقية واملادية‪.‬‬
‫هامة‪ ،‬هي أ هن املشرع اجلزائري عندما تبىن مبدأ املساواة بني املرأة والرجل يف ميدان‬ ‫أخريا نلفت االنتباه إىل مسألة ه‬
‫ابي قيد‪ ،‬وذلك يعين أنهه فتح الطريق بشكل غري معهود الزدواجية اجلنسية ابلنسبة‬ ‫اكتساب اجلنسية ابلزواج مل يُقيهده ه‬
‫لطرف ي العالقة الزوجية نفسها‪ ،‬وازدواجيتها أو تعدُّدها ابلنهسبة ألوالدمها‪ ،‬خباصة وأنهه مل يعُد يشرتط فيمن يكتسب اجلنسية‬
‫توجد آاثر مجاعية‬ ‫جتدر اإلشارة أنهه ال ُ‬
‫اجلزائرية أن يتخلهى عن جنسيته السابقة بعد تعديل قانون اجلنسية اجلزائرية‪ .‬كما ُ‬
‫الكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلزواج‪ ،‬أل هن األوالد الذين ينحدرون من الزوج اجلزائري‪-‬ذكرا أو أُنثى‪-‬يتمتهعون ابجلنسية‬
‫اجلزائرية األصلية على أساس حق الدم من جهة أبيهم اجلزائري أو أُمهم اجلزائرية‪ .‬وإذا افرتضنا أ هن الزوج األجنيب‪-‬سواء‬
‫قصر من عالقة زوجية سابقة على زواجه من طرف جزائري‪ ،‬فإ هن هؤالء حيملون جنسية‬ ‫كان ذكر أو أُنثى‪-‬كان له أوالد ه‬
‫أبيهم األجنيب‪ ،‬أو جنسية هأمهم األجنبية‪ ،‬هإما على أساس حق الدم‪ ،‬أو على أساس حق اإلقليم حبسب األساس الذي‬
‫تبنهته الدولة األجنبية الّت حيمل أصلُهم جنسيتها حلظة ميالدهم‪ .‬لكن ميكنهم أن يتجنهسوا ابجلنسية اجلزائرية جتنهسا عاداي‬
‫سن الرشد‪.‬‬
‫بعد بلوغهم ه‬
‫الفرع الثاين_ اكتساب اجلنسية اجلزائريّة ابلتجنس‪:‬‬
‫املتمم ابألمر ‪ 01-05‬املؤرخ يف‪ 27‬فرباير ‪2005‬‬ ‫تُكتسب اجلنسية اجلزائرية يف ظل قانون اجلنسية لسنة ‪ 1970‬املع هدل و ه‬
‫الشأن قبل تعديله‪ ،‬وهو هإما أن يكون جتنُّسا عاداي (أوالّ) أو جتنُّسا استثنائيا (اثنيا) كما تُكتسب‬ ‫ابلتهجنُّس كما هو ه‬
‫ابآلاثر اجلماعيهة (اثلثا)‪.‬‬
‫أوال_ اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلتجنّس العادي‪:‬‬
‫الصادر سنة ‪ 1970‬بعد تعديله‪ ،‬مبوجب األمر رقم ‪01_05‬‬
‫نصت على ذلك املادة العاشرة (‪ )10‬من قانون اجلنسية ه‬
‫ه‬
‫أي تغيري يُذكر‪ ،‬لذا ُحنيل‬
‫السابق ذكره‪ ،‬وهي متطابقة مع املادة (‪ )10‬من نفس القانون قبل تعديله‪ ،‬الّت مل يطرأ عليها ه‬
‫ه‬
‫(‪)2‬‬
‫ظل هذا القانون مببدإ املساواة بني املرأة والرجل‬
‫الشرح الذي ق هدمناه هلذه املادة فيما سبق ‪ .‬لكن املشرع أخذ يف ه‬
‫على ه‬
‫سيتوضح ذلك الحقا‪.‬‬
‫ه‬ ‫يف ميدان التجنُّس كما‬

‫(‪-)1‬املادة ‪/53‬بند‪ 1‬من قانون األسرة‪.‬‬


‫ظل قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪ 1970‬قبل تعديله‪ ،‬املادة (‪ )10‬منه ‪.‬‬
‫(‪-)2‬راجع ما سبق‪ :‬اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلتجنس العادي يف ه‬
‫‪119‬‬
‫اثنيا_ اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلتجنس االستثنائي‪:‬‬
‫نصت على ذلك املادة احلادية عشرة (‪ )11‬من نفس القانون‪ ،‬الّت أدخل املشرع عليها –كما سبق الذكر‪-‬تعديالت‬
‫ه‬
‫نصها كما يلي‪« :‬ميكن‬
‫جوهرية‪ ،‬فصارت تشمل ثالث (‪ )3‬فقرات بدال من مخس(‪ )05‬فقرات قبل تعديلها‪ ،‬حيث جاء ُّ‬
‫جراء عمل قام به خدمة للجزائر أو لفائدهتا‪،‬‬
‫لألجنيب الذي ق هدم خدمات استثنائية للجزائر أو امل صاب بعاهة أو مرض ه‬
‫بغض النظر عن أحكام املادة ‪ 10‬أعاله‪.‬‬ ‫أن يتجنهس اجلنسية اجلزائرية ه‬
‫وميكن أيضا لألجنيب الذي يكون يف جتنهسه فائدة استثنائية للجزائر أن يتجنهس ابجلنسية اجل زائرية‪ ،‬بغض النظر عن الشروط‬
‫املنصوص عليها يف املادة ‪ 10‬أعاله‪.‬‬
‫الصنف املذكور يف الفقرة األوىل أعاله‪ ،‬فيمكن‬
‫ويف أجنيب عن زوجه وأوالده وكان إبمكانه أثناء حياته أن يدخل يف ه‬ ‫إذا تُ ه‬
‫هلؤالء أن يطلُبوا جتنُّسه بعد الوفاة يف نفس الوقت الذي يطلبون فيه جتنُّسهم»‪.‬‬
‫إذا قرأان هذه املادة قراءة ُمتأنيهة أدركنا أ هن امل شرع قد أخذ مببدإ املساواة بني املرأة والرجل األجنبيني يف اكتساب اجلنسية‬
‫نصت عليها‬
‫كل من جتنهس هبذه الطريقة من مجيع شروط التجنُّس العادي الّت ه‬
‫اجلزائرية ابلتهجنُّس االستثنائي‪ ،‬مع إعفاء ه‬
‫املادة ‪ .10‬لذا يكون من املفيد أن نُق هدم أوال تعريفا للتجنُّس االستثنائي‪ ،‬يتوافق مع روح املادة ‪ 11‬امل ع هدلة‪ُ ،‬مثه نُ هبني اثنيا‬
‫أصناف األجانب ذكورا أو إاناث الذين ُميكنهم أن يتجنهسوا ابجلنسية اجلزائرية جتنُّسا استثنائيا‪ ،‬وذلك فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -)1‬تعريف التجنّس االستثنائي وفق املادة ‪ 11‬املع ّدلة‪:‬‬
‫الصيغة اآلتية‪ :‬التّجنُّس االستثنائي هو رجنُّس غري عادي قائم على اعتبارات ّ‬
‫خاصة ذاتية تقضي إبمكانية‬ ‫ُميكن تعريفه حسب ه‬
‫منح اجلنسية اجلزائرية ألفراد أجانب معيّنني يتميّزون مبميّزات ال تتوفّر يف غريهم مع إعفائهم من مجيع شروط التجنُّس العادي اليت‬
‫لكل أجنيب ذكرا كان أم أنثى أن يتجنهس ابجلنسية‬
‫نصت عليها املادة ‪ 10‬اخلاصة ابلتجنّس العادي‪ .‬وفق هذا التهعريف ُميكن ه‬ ‫ّ‬
‫اخلاصة ابلتجنُّس العادي‪ ،‬وذلك إذا‬
‫الّت اشرتطها املشرع يف املادة ‪ ،10‬ه‬
‫بغض النظر عن الشروط ه‬
‫اجلزائرية جتنُسا استثنائيا ه‬
‫الرتتيب الوارد يف املادة احلادية عشرة يف فقرتيها األوىل‬
‫كان داخال يف أحد األصناف الثالثة الذين نُبيهنهم أدانه‪ ،‬حسب ه‬
‫(املادة ‪/11‬ف‪1‬و‪.)2‬‬
‫والثانية ه‬
‫‪-)2‬أصناف األجانب املعنيني ابلتّجنّس االستثنائي هم ثالثة أصناف اآلت ي ذكرهم ‪:‬‬
‫الصنف األول‪ :‬ورد يف املادة ‪/11‬ف‪ 1‬يف شطرها األول‪ ،‬وهو األجنيب الذي "قدم خدمات استثنائية للجزائر"‪ .‬ه‬
‫نص‬ ‫‪ّ -1‬‬
‫هذه العبارة جاء يف صيغة املاضي‪ ،‬نستنتج ذلك من استخدام املشرع فعل "ق هدم" الذي يعين أ هن هذا الصنف من األجانب‬
‫ال ُميكنه أن يتجنهس ابجلنسية اجلزائرية إاله بعدما يكون قد ق هدم فعال خدمات استثنائية للجزائر واستوثقت الدولة اجلزائرية‬
‫منها‪ ،‬كأن يكون قد قام ابكتشاف علمي لصاحل اجلزائر‪ ،‬أو ق هدم معلومات تكنولوجية وعسكرية حتمي األمن الوطين‪ ،‬أو‬
‫ق هدم أفكارا اقتصادية هأدت إىل حتسني األداء االقتصادي يف اجلزائر‪ ،‬وغري ذلك من اخلدمات‪ .‬فتجنُّسه االستثنائي مع‬
‫نصت عليها املادة ‪ ،10‬أيت ي بعدما يكون قد ق هدم اخلدمة االستثنائية للجزائر فعال‪ .‬هأما إذا‬
‫إعفائه من مجيع الشروط الّت ه‬
‫مل يتجنهس حال حياته‪ ،‬فيُمكنه أن يتجنهس بعد وفاته‪ ،‬إذا طلب زوجه وأوالده ذلك ابملوازاة مع طلب جتنُّسهم هم أنفسهم‪،‬‬
‫ذلك ما نشرحه ال حقا عند ما نتناول اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابآلاثر اجلماعية للتجنس‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫‪-2‬الصنف الثاين‪ :‬ورد يف املادة ‪/11‬ف‪ 1‬يف شطرها الثاين‪ ،‬وهو األجنيب" امل صاب بعاهة أو مرض ه‬
‫جراء عمل قام به‬
‫جمردة من‬
‫الصنف للجزائر قد وردت ه‬ ‫خدمة للجزائر أو لفائدهتا" ما يُالح ُ‬
‫ظ هنا أ هن اخلدمة أو الفائدة الّت قام هبا هذا ه‬
‫حيث أمهيهته ونوعيهته إىل مستوى‬
‫الصفة االستثنائية ممها يعين أ هن العمل الذي قام به خدمة للجزائر أو لفائدهتا ال يرقى من ُ‬
‫ه‬
‫الصنف األول‪ .‬هلذا ربط املشرع إمكانية جتنُّس هذا ه‬
‫الصنف جتنُّسا استثنائيا ابجلنسية‬ ‫اخلدمات االستثنائية الّت ق هدمها ه‬
‫ابلسبب املباشر إلصابته بعاهة أو مبرض‪ ،‬وهو العمل‬
‫نصت عليها املادة ‪ ،10‬ه‬‫اجلزائرية‪ ،‬مع إعفائه من مجيع الشروط الّت ه‬
‫تكمن فيما‬ ‫ِ‬
‫الذي قام به خدمة للجزائر أو لفائدهتا جزاءً له على ما حلقه من أضرار‪ .‬فالعلهة يف منحه اجلنسية اجلزائرية ُ‬
‫أصابه من أضرار نتيجة عمل قام به خدمة للجزائر أو لفائدهتا‪.‬‬
‫نصت عليه املادة ‪/11‬ف‪ ،2‬وهو " األجنيب الذي يكون يف جتنُّسه فائدة استثنائية للجزائر"‪ .‬الظهاهر‬
‫‪-3‬الصنف الثالث ‪ :‬ه‬
‫الصنف من األجانب ُميكنه أن يتجنهس ابجلنسية اجلزائرية جتنُّسا استثنائيا قبل أن حتصل منه‬
‫من نص هذه الفقرة أ هن هذا ه‬
‫املرجوة من جتنُّسه وهذا واضح من عبارة " يكون يف جتنُّسه فائدة استثنائية للجزائر" الّت‬
‫اجلزائر على الفائدة االستثنائية ه‬
‫جاءت يف صيغة الفعل امل ضارع الذي يعين احلاضر وامل ستقبل‪ ،‬أل هن الغرض من التجنُّس االستثنائي هنا هو أن حتصل‬
‫الدولة اجلزائرية على تلك الفائدة االستثنائية من جتنُّس املعين بعد جتنهسه‪ ،‬وقد يكون ذلك بسبب أ هن العمل الذي يقوم به‬
‫ومؤهالت ال تتوفهر يف العناصر الوطنية األصلية‪ ،‬ولكن القيام مبثل هذا العمل يستلزم أن يكون‬
‫األجنيب يتطلهب مهارات ه‬
‫خاصة أنهه قد يطلهع على أسرار ال تُتاح لغري الوطنيني املوثوق‬
‫الصفة الوطنية اجلزائرية‪ ،‬ه‬
‫الشخص الذي يقوم به حائزا على ه‬
‫فيهم‪ ،‬فال ُميكن أن تُغامر السلطة العامة يف الدولة اجلزائرية مبنح جنسيتها هلذا األجنيب إاله إذا كانت قد استوثقت من‬
‫شجعُه على طلب اجلنسية اجلزائرية مع إعفائه من مجيع‬ ‫ارتباطه ابجلزائر‪ ،‬ومن والئه للدولة اجلزائرية‪ ،‬ويف هذه احلالة قد تُ ه‬
‫الصنف من‬
‫شروط التجنهس العادي‪ ،‬لتحصل منه على الفائدة االستثنائية املنشودة‪ .‬وبناء على ما سبق فإ هن جتنُّس هذا ه‬
‫األجانب يكون أثناء حياته فقط أل هن الفائدة االستثنائية ال أتت ي إاله بعد جتنُّسه‪.‬‬
‫اثلثا‪-‬اكتساب اجلنسيّة اجلزائريّة ابآلاثر اجلماعيّة للتّ ـجنُّس‪:‬‬
‫ميكن اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابآلاثر اجلماعية للتجنهس‪ ،‬سواء كان التجنهس جتنهسا عاداي طبقا ألحكام املادة ‪10‬‬
‫الساري حاليا‪ ،‬أو كان جتنُّسا استثنائيا طبقا‬
‫الصادر سنة ‪ 1970‬امل ع هدل و ه‬
‫تضمن قانون اجلنسية ه‬ ‫من األمر ‪ 01-05‬امل ه‬
‫ألحكام املادة ‪ 11‬من نفس القانون‪ .‬وقد تبىن املشرع مبدأ املساواة بني املرأة والرجل يف امتداد اآلاثر اجلماعية للتجنهس‪،‬‬
‫كل ذلك نُبيهنه فيما يلي‪:‬‬
‫‪-)1‬اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابآلاثر اجلماعية للتّجنّس العادي‪:‬‬
‫صر لشخص اكتسب اجلنسية‬
‫حيث جاء فيها‪« :‬يُصبح األوالد ال ُق ه‬
‫املادة ‪ 17‬من األمر ‪ُ 01-05‬‬ ‫نصت على ذلك ه‬ ‫ه‬
‫املادة ‪ 10‬من هذا القانون جزائريني يف نفس الوقت كوالدهم‪.‬‬
‫اجلزائرية مبوجب ه‬
‫الرشد»‪ .‬تضمنهت هذه املادة فقرتني‬
‫سن ُّ‬
‫على أ هن هلم حرية التنازل عن اجلنسية اجلزائرية خالل سنتني ابتداءً من بُلوغهم ه‬
‫نشرحهما فيما يلي‪:‬‬

‫‪121‬‬
‫أقر فيها امتداد اآلاثر‬
‫نص هذه املادة أدركنا أ هن املشرع اجلزائري قد ه‬ ‫تضمنتها املادة ‪/17‬ف‪ :1‬إذا ه‬
‫أتملنا ه‬ ‫‪-1‬الفقرة األوىل ّ‬
‫لكل شخص جتنهس ابجلنسية اجلزائرية جتنُّسا عاداي‪ .‬لكن اجلديد فيها أنهه تبنه ى يف‬ ‫صر ه‬ ‫اجلماعية للتجنُّس إىل األوالد ال ُق ه‬
‫صر‪ ،‬مبدأ امل ساواة بني األب واألم األجنبيني املتجنهسني‪ ،‬وهذا ما‬ ‫مسألة امتداد اآلاثر اجلماعية للتجنُّس إىل األوالد ال ُق ه‬
‫نشرحه فيما أيت ي‪:‬‬
‫‪-‬إ هن امتداد اآلاثر اجلماعية للتهجنُّس يقتصر على األوالد ال ُق ه‬
‫صر للشخص الذي جتنهس جتنهسا عاداي طبقا ألحكام املادة‬
‫العاشرة(‪.)10‬‬
‫بغض النظر عن جنس امل تجنهس‪ ،‬سواء كان أاب أجنبيا أو هأما أجنبية‪،‬‬‫صر ه‬ ‫‪-‬إ هن اآلاثر اجلماعية للتجنُّس متتد إىل األوالد ال ُق ه‬
‫وهذا القول حيتمل تفسريين اثنني‪:‬‬
‫قدم زوجان أجنبيان يربطهما عقد زواج‪ ،‬يف آن واحد على التجنهس ابجلنسية اجلزائرية جتنهسا‬ ‫أ‪-‬التفسري األول‪ :‬هو أن ي ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كل واحد منهما منفردا‪ ،‬طلب التجنهس اخلاص به إىل وزير العدل الذي‬ ‫ِ‬
‫املادة ‪ ،10‬على أن يُق هدم ه‬ ‫عاداي طبقا ألحكام ه‬
‫نص املادة ‪ 26‬من‬ ‫ُميكنه أن يرفض الطلب رغم توفهر الشروط القانونية الالهزمة لذلك‪ ،‬مبوجب قرار يُبلهغ إىل املعين‪ ،‬حسب ه‬
‫صر‪،‬‬
‫كل واحد منهما‪ ،‬امت هدت اآلاثر اجلماعية لتجنهسهما إىل األوالد ال ُق ه‬
‫القانون املعين‪ .‬لكن إذا قبل الوزير طلب جتنُّس ه‬
‫فيصبحون يف نفس الوقت جزائريني كوالديهم‪.‬‬
‫ب‪-‬التّفسري الثاين‪ :‬أن يتجنهس أحد الوالدين األجنبيني ًأاب كان أم أُاما ابجلنسية اجلزائرية جتنُّسا عاداي وفق املادة ‪،10‬‬
‫بقوة القانون جزائريني مثله‪.‬‬
‫صر فيصريون يف نفس الوقت ه‬ ‫فتمتد اآلاثر اجلماعية لتجنُّسه إىل أوالده ال ُق ه‬
‫السابقني يستندان‪-‬كما سبقت اإلشارة‪-‬إىل مبدإ املساواة بني املرأة والرجل يف إمكانية التجنهس العادي‬ ‫إ هن التهفسريين ه‬
‫الرغم من أ هن نص املادة‬
‫صر‪ .‬نقول ذلك على ه‬ ‫ابجلنسية اجلزائرية‪ُّ ،‬‬
‫فتمتد آاثر جتنُّس كليهما‪ ،‬أو أحدمها إىل األوالد ال ُق ه‬
‫صر يصبحون جزائريني يف نفس الوقت كوالدهم‪ ،‬بصيغة امل فرد‪ ،‬الذي قد‬ ‫‪/17‬ف‪ 1‬ابللهغة العربية قذ ذكر أ هن األوالد ال ُق ه‬
‫يُفهم منه أ هن امتداد اآلاثر اجلماعية للتجنهس العادي يقتصر على جتنُّس األب األجنيب دون األم األجنبية‪ .‬لكن هذا اللهبس‬
‫يف النهص ابللهغة العربية‪ ،‬يزول إذا ُعدان إىل النهص ابللهغة الفرنسية الذي ذُكر فيه يُصبحون جزائريني يف نفس الوقت‬
‫(‪)1‬‬
‫الساري املفعول حاليا‪ ،‬الذي تبىن فيه‬
‫كوالديهم‪ ،‬وهو األصح ‪ .‬إ هن هذا التهفسري يتوافق مع روح قانون اجلنسية اجلزائرية ه‬
‫عامة‪ .‬مع ال م الحظة أ هن امتداد اآلاثر اجلماعية‬
‫املشرع اجلزائري مبدأ امل ساواة بني املرأة والرجل يف ما هدة اجلنسية بصفة ه‬
‫وبقوة القانون فيكتسبون اجلنسية اجلزائرية يف نفس الوقت الذي‬ ‫س يكون تلقائيا ه‬ ‫القصر للمتجنه ِ‬
‫للتجنهس إىل األوالد ه‬
‫يكتسبها فيه أصلهم‪ ،‬أل هن النهص يُفيد معىن الوجوب وليس اجلواز(‪.)2‬‬

‫(‪-)1‬النهص ابللهغة الفرنسية جاء فيه » ‪ « Deviennent algériens en méme temps que leurs parents‬على خالف النهص ابللهغة العربية‪ ،‬الذي جاء‬
‫فيه‪" :‬يف نفس الوقت كوالدهم"‪.‬‬
‫صر لألجنيب املتجنهس‬
‫املادة ‪/17‬ف‪ 3‬من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪ 1970‬قبل تعديله تُفيد أ هن امتداد اآلاثر اجلماعية للتهجنُّس إىل األوالد ال ُق ه‬
‫(‪-)2‬كانت ه‬
‫القصر لألجنيب املتجنهس‪."...‬‬
‫ص على أن‪ " :‬ميكن لعقد التجنهس أن مينح اجلنسية اجلزائرية لألوالد ه‬ ‫يبقى ُجمهرد إمكانية وليس على سبيل اإللزام ‪ ،‬حيث كانت تنُ ه‬
‫‪122‬‬
‫تضمنتها املادة ‪/17‬ف‪ :2‬منح فيها املشرع اجلزائري األوالد ال ُق ه‬
‫صر الذين امت هدت إليهم اآلاثر اجلماعية‬ ‫‪-2‬الفقرة الثانية ّ‬
‫(‪)1‬‬
‫ي يف الفرتة‬
‫الرشد ‪ ،‬أ ه‬
‫سن ُّ‬
‫السنتني اللهتني تليان بلوغهم ه‬
‫التنازل عن اجلنسية اجلزائرية خالل ه‬
‫للتجنُّس العادي‪ ،‬حرية ُ‬
‫سن‬
‫املرتاوحة بني ‪ 19‬و‪ 21‬سنة من عمرهم‪ ،‬كما هو واضح من النهص أعاله‪ .‬فإذا أرادوا أن يتنازلوا عنها عند بُلوغهم ه‬
‫عربون فيه عن إرادهتم للتخلي عن اجلنسية‬
‫الرشد خالل الفرتة امل ح هددة هلم‪ ،‬ما عليهم إاله أن يُق هدموا طلبا إىل وزير العدل يُ ه‬
‫ُّ‬
‫اجلزائرية الّت اكتسبوها ابآلاثر اجلماعية للتجنس‪ ،‬ويكون ّتلهيهم عنها وفق املادة ‪/18‬ف‪ 4‬من ذات القانون‪ ،‬وبذلك‬
‫يفقدوّنا فقدا إراداي إذا وافق وزير العدل على ذلك‪ ،‬ويُع هد هذا النهوع من الفقد معاجلة الزدواجية اجلنسية عن طريق‬
‫اختيار اجلنسية األجنبية‪ ،‬ويبدأ أثر فقد اجلنسية يف هذه احلالة ابتداءً من يوم ثبوت اتريخ الطلب امل ق هدم بصفة قانونية من‬
‫نصت عليه املادة ‪/20‬بند‪ 2‬من نفس القانون‪.‬‬ ‫املوجه إىل وزير العدل‪ ،‬حسبما ه‬
‫قبل املعين ابألمر‪ ،‬و ه‬
‫‪-)2‬اكتساب اجلنسية اجلزائريّة ابآلاثر اجلماعية للتجنّس االستثنائي‪:‬‬
‫نصت على ذلك املادة ‪/11‬ف‪ 3‬املع هدلة‪ ،‬الّت جاء فيها‪« :‬إذا توف ي أجنيب عن زوجه وأوالده وكان إبمكانه أثناء حياته‬
‫ه‬
‫يدخل يف الصنف املذكور يف الفقرة األوىل أعاله‪ ،‬فيمكن هلؤالء أن يطلُبوا جتنُّسه بعد الوفاة يف نفس الوقت الذي‬
‫أن ُ‬
‫يطلبون فيه جتنُّسهم »‪.‬‬
‫خاصتني ابألصناف الثالثة من األجانب الذين ُميكنهم‬
‫نالحظ على املادة ‪/11‬ف‪ 3‬أ هن املشرع قد ميه ز فيها بني وضعيتني ه‬
‫نص نفس املادة‪ ،‬أ هن املشرع قد أخذ‬
‫أن يتجنهسوا ابجلنسية اجلزائرية جتنُّسا استثنائيا‪ .‬ابإلضافة إىل ذلك يتجلى من سياق ه‬
‫كل واحد منهما اجلنسية اجلزائرية ابلتجنُّس االستثنائي‪ ،‬وتبعا لذلك‬
‫مببدإ املساواة بني املرأة والرجل يف إمكانية اكتساب ه‬
‫كل واحد منهما يدخل يف الصنف األول أو يف الصنف‬ ‫إمكانية امتداد اآلاثر اجلماعية لتجنُّسهما إىل عائلتيهما إذا كان ه‬
‫كل ذلك فيما يلي‪:‬‬
‫الثاين من األجانب الذين ُميكنهم أن يتجنهسوا استثنائيا ابجلنسية اجلزائرية‪ ،‬نشرح ه‬
‫‪ -1‬الوضعيّة األوىل‪ :‬هي إمكانية أن يتجنهس األصناف الثالثة من األجانب‪-‬الذين سبق بياّنم‪ -‬ابجلنسية اجلزائرية جتنُّسا‬
‫صر‪ ،‬أل هن املشرع‬ ‫استثنائيا أثناء حياهتم‪ ،‬فإذا جتنهسوا فعال يف حياهتم‪ ،‬فإ هن اآلاثر اجلماعية لتجنُّسهم ال ُّ‬
‫متتد إىل أوالدهم ال ُق ه‬
‫بقوة القانون إىل األوالد‬
‫اقتصر يف املادة ‪/17‬ف‪ ،1‬اخلاصة ابآلاثر اجلماعية للتجنُّس‪ ،‬على ذكر امتداد اآلاثر اجلماعية ه‬
‫صر للشخص الذي جتنهس ابجلنسية جتنُّسا عاداي طبقا ألحكام املادة ‪ ،10‬فيُصبحون يف نفس الوقت جزائريني كأصلهم‬ ‫ال ُق ه‬
‫سواء كان هذا األصل أُهما أجنبية أو ًأاب أجنبيا(‪.)2‬‬
‫‪-2‬الوضعية الثانية‪ :‬هي إمكانية التجنُّس االستثنائي ابجلنسية اجلزائرية بعد الوفاة‪ ،‬مع إمكانية امتداد اآلاثر اجلماعية هلذا‬
‫ّتص صنفني من أصناف األجانب الثالثة‪ُ ،‬ميكنهما أن يتجنهسا ابجلنسية اجلزائرية‬
‫التهجنُّس إىل العائلة‪ .‬هذه اإلمكانية ُّ‬
‫جتنُّسا استثنائيا بعد وفاهتما‪ ،‬إذا مل يكوان قد جتنهسا أثناء حياهتما‪ ،‬مها الصنف األول وهو األجنيب الذي ق هدم خدمات‬

‫سن‬
‫املادة ‪ 3‬منه‪ ،‬وهي نفسها ه‬
‫نص ه‬
‫ظل قانون اجلنسيهة لسنة ‪ُ 1963‬مق هدرة بواحد وعشرين (‪ )21‬سنة‪ ،‬حسب ه‬ ‫مادة اجلنسيهة يف ه‬‫الرشد يف ه‬
‫سن ه‬
‫(‪-)1‬كانت ه‬
‫الرشد املدين وهي ‪ 19‬سنة‪،‬‬
‫لسن ُّ‬
‫الرشد موافقة ه‬
‫سن ُّ‬
‫املادة ‪ 4‬منه‪ ،‬هأما بعد تعديله فقد صارت ه‬
‫نص ه‬ ‫الرشد يف قانون اجلنسيهة لسنة ‪ 1970‬قبل تعديله‪ ،‬حسب ه‬ ‫ه‬
‫املادة ‪ 4‬منه‪.‬‬
‫ه ه‬ ‫نص‬ ‫حسب‬
‫(‪-)2‬راجع ما سبق ‪:‬اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابآلاثر اجلماعية للتجنهس العادي ‪ ،‬وفق االمر ‪.01-05‬‬

‫‪123‬‬
‫استثنائية للجزائر والصنف الثاين وهو األجنيب الذي أُصيب بعاهة أو مرض نتيجة عمل قام به خدمة للجزائر أو‬
‫نصت عليهما املادة ‪/11‬ف‪ ،1‬الّت أحالت إليها املادة ‪/11‬ف‪ 3‬عندما تعلهق األمر ابآلاثر اجلماعية للتجنُّس‬
‫لفائدهتا‪ .‬ه‬
‫لكل واحد منهما أن يتجنهس بعد وفاته‪ ،‬إذا كان قد تويف عن زوجه وأوالده ومل يتجنهس أثناء حياته‪،‬‬
‫االستثنائي‪ ،‬ميكن ه‬
‫فإذا كان األمر كذلك‪ ،‬فيمكن لزوجه وأوالده أن يطلُبوا جتنُّسه يف نفس الوقت الذي يطلبون فيه هم جتنُّسهم‪ ،‬وهكذا‬
‫امتدادا لآلاثر اجلماعية لتجنهسه هو ابجلنسية‬
‫عد ً‬ ‫يكون جتنُّسهم متوقهفا على جتنُّسه هو‪ ،‬ممها يدعوان إىل القول أ هن جتنُّسهم يُ ُّ‬
‫اجلزائرية جتنُّسا استثنائيا مع إعفائه من مجيع ُشروط التجنُّس العادي املنصوص عليها يف املادة ‪ ،10‬وابلتبعية لذلك يُعفى‬
‫صر‬
‫نص املادة‪/11‬ف‪ 3‬هأّنا مل ُمتيهز يف امتداد اآلاثر اجلماعية للتجنُّس بني األوالد ال صق ه‬
‫منها زوجه وأوالده ‪.‬ممها يُالحظ على ه‬
‫الراشدين‪ ،‬ممها يعين أنهه يشملهم مجيعا‪.‬‬
‫واألوالد ه‬
‫هأما الصنف الثالث من األجانب الذي ميكنه أن يتجنهس ابجلنسية اجلزائرية جتنُّسا استثنائيا‪ ،‬فقد ه‬
‫نصت عليه املادة‬
‫‪/11‬ف‪ ،2‬وهو األجنيب الذي يكون يف جتنُّسه فائدة استثنائية للجزائر فإمكانية جتنُّسه ُمتاحة له أثناء حياته فقط‪ ،‬هذا ما‬
‫نص املادة ‪/11‬ف‪ ،3‬لّت أحالت على املادة ‪/11‬ف‪ 1‬اخلاصة ابلصنفني األول والثاين ومل ُحتل على الفقرة الثانية‬ ‫يُفهم من ه‬
‫من املادة ‪/11‬ف‪ 2‬اخلاصة ابلصنف الثالث أل هن جتنهسه يكون يف حياته فقط‪ .‬هاما عن سبب جتنُّسه أثناء حياته فقط‪،‬‬
‫السبب املنشود من جتنُّسه‪ ،‬وهو أن حتصل اجلزائر منه بعد جتنُّسه على الفائدة االستثنائية‪ .‬فتجنُّسه يرتتهب‬
‫فذلك يعود إىل ه‬
‫شجعه على التجنُّس جبنسيتها‬ ‫عنه الحقا حصول تلك الفائدة وليس العكس‪ .‬ومثل هذا الصنف ُميكن للدولة اجلزائرية أن تُ ه‬
‫حّت حتصل هلا الفائدة االستثنائية املنشودة من جتنُّسه‪ .‬ومادام جتنُّسه يكون حال حياته فال متت هد اآلاثر اجلماعية لتجنُّسه‬
‫ه‬
‫نصت صراحة على أ هن إمكانية امتداد‬ ‫إىل زوجه وأوالده‪ ،‬وهذا ما شرحناه يف الوضعية األوىل أعاله‪ ،‬مثه إ هن املادة ‪/11‬ف‪ 3‬ه‬
‫أتخر جتنُّسهما إىل ما بعد وفاهتما‪ ،‬وهذا‬ ‫األول والثهاين إذا ه‬
‫الصنفني ه‬‫اآلاثر اجلماعية للتجنُّس االستثنائي تقتصر على عائلة ه‬
‫ما شرحناه يف الوضعية الثهانية أعاله‪.‬‬
‫‪-3‬مبدأ املساواة بني املرأة والرجل‪ :‬يتجلى بوضوح من املادة ‪/11‬ف‪ 3‬أ هن املشرع قد تبىن مبدأ املساواة بني املرأة والرجل‬
‫ألي منهما أن‬
‫الشأن‪ ،‬إذ ُميكن ه‬
‫يف إمكانية اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلتجنُّس االستثنائي‪ ،‬حيث سوى بينهما يف هذا ه‬
‫أي منهما‪ ،‬حبيث متت هد اآلاثر‬
‫يكتسبها مبفرده‪ ،‬ويف نفس الوقت سوى بينهما يف إمكانية امتداد اآلاثر اجلماعية لتجنُّس ه‬
‫نص املادة ‪/11‬ف‪3‬‬ ‫صرا أم راشدين‪ .‬هذا ما يُستفاد من ه‬ ‫اجلماعية لتجنُّسه إىل الزوج اآلخر وإىل أوالده‪ ،‬سواء كانوا قُ ه‬
‫نفسها‪ ،‬الّت جاءت فيها عبارة " إذا تويف أجنيب عن زوجه وأوالده"‪ .‬استخدم فيها املشرع ابللهغة العربية ُمصطلح "الزوج"‬
‫الذي ينصرف يف معناه إىل الزوج والزوجة إقر ًارا منه مببدإ املساواة بني املرأة والرجل يف اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلتجنُّس‬
‫االستثنائي ويف اكتساهبا ابآلاثر اجلماعية هلذا التجنُّس‪ ،‬حيث متت هد اآلاثر اجلماعية إىل الزوج اآلخر وأوالده منه‪ ،‬سواء‬
‫حيث جاء فيها‪:‬‬
‫صرا أو راشدين‪ ،‬وهذا ما أ هكدته العبارة ابللهغة الفرنسية الواردة يف نفس املادة ُ‬ ‫كانوا قُ ه‬
‫املشرع مصطلح ‪Le conjoint‬‬ ‫» ‪ « Le conjoint et le enfants de l’étranger décédé‬استخدم فيها ه‬
‫بدال من مصطلح الزوجة ‪ La femme‬الذي كان قد استخدمه يف قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪ )1(1963‬ويف قانون‬
‫ً‬

‫ظل قانون اجلنسيهة لسنة ‪.1963‬‬


‫(‪-)1‬راجع ما سبق‪- :‬اكتساب اجلنسيهة اجلزائريهة ابلتهجنُّس االستثنائي يف ه‬
‫‪124‬‬
‫اجلنسية لسنة ‪ 1970‬قبل تعديله ‪ ،‬ألنهه مل يكن يف ذلك احلني مستع ادا لكي ه‬
‫(‪)1‬‬
‫يسوي بني املرأة والرجل يف جمال اكتساب‬
‫اجلنسية اجلزائرية ابلتجنُّس االستثنائي وآباثره اجلماعية‪ ،‬وإهّنا مسح للرجل األجنيب أن يكتسبها اثناء حياته هبذه الطريقة‪،‬‬
‫فإذا تويف ومل يكن قد اكتسبها حال حياته‪ ،‬أجاز املشرع لزوجته وأوالده أن يطلُبوا جتنهسه بعد وفاته يف نفس الوقت الذي‬
‫يطلبون فيه هم أنفسهم جتنهسهم‪ ،‬فإذا وافق وزير العدل على جتنهسه امت هدت آاثر جتنهسه إىل زوجته وأوالده‪.‬‬
‫جيب أن تتوفهر الشروط‬
‫لكن الكتساب اجلنسية اجلزائرية ابآلاثر اجلماعية للتجنُّس االستثنائي وفق املادة ‪/11‬ف‪ 3‬املع هدلة‪ُ ،‬‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫‪-1‬إن يكون األجنيب الذي ميكنه أن يتجنهس ابجلنسية اجلزائرية جتنُّسا استثنائيا‪ ،‬سواء كان رجال أو امرأة‪ ،‬داخال يف‬
‫الصنف األول‪ ،‬وهو األجنيب الذي ق هدم خدمات استثنائية‬‫نصت عليهما املادة ‪/11‬ف‪ ،1‬ومها‪ :‬ه‬ ‫الصنفني اللهذين ه‬
‫أحد ه‬
‫الصنف الثاين وهو األجنيب الذي أُصيب بعاهة أو مرض نتيجة عمل قام به خدمة للجزائر أو لفائدهتا‪.‬‬ ‫للجزائر فعال‪ .‬و ه‬
‫‪-2‬إ هن إمكانية امتداد اآلاثر اجلماعية للتجنُّس االستثنائي تكون بعد وفاة املعين‪ ،‬الذي كان إبمكانه أثناء حياته أن‬
‫الصنفني اللهذين ذكرانمها أعاله‪ ،‬لكنهه مل يتجنهس أثناء حياته‪.‬‬
‫يدخل يف أحد ه‬
‫‪-3‬إ هن إمكانية امتداد اآلاثر اجلماعية للتجنُّس ُمتوقهف على الطلب الذي يُق هدمه زوج املعين وأوالده إىل وزير العدل‬
‫يطلبون فيه جتنهسه يف نفس الوقت الذي يطلبون فيه جتنهسهم‪ ،‬إذ بدون جتنهسه هو ال يستطيعون اكتساب اجلنسية‬
‫اجلزائرية هبذه الطريقة‪ ،‬هلذا يُ ُّ‬
‫عد جتنُّسهم أثرا مجاعيا لتجنُّسه هو ابجلنسية اجلزائرية جتنُّسا استثنائيا‪.‬‬
‫‪-4‬إ هن امتداد اآلاثر اجلماعية للتجنُّس متوقهف على وجود زوج املعين وأوالده‪ ،‬فإذا ُوجدوا ومل يكن قد جتنس أثناء حياته‬
‫وق هدموا طلبا إىل وزير العدل يطلبون فيه جتنهسهم‪ ،‬ووافق وزير العدل على جتنُّسه امت هدت اآلاثر اجلماعية لتجنُّسه إىل زوجه‪،‬‬
‫صرا أو راشدين‪ ،‬أو كانوا قُصًرا وراشدين يف آن واحد‪ ،‬جزاءً للمعين نفسه وتقديرا له‪ ،‬وتكرميا لعائلته‪،‬‬
‫وأوالده‪ ،‬سواء كانوا قُ ً‬
‫نتيجة ملا جنته منه اجلزائر يف حياته‪ .‬إ هن جتنُّس شخص بعد وفاته وامتداد أثر جتنُّسه إىل عائلته‪ ،‬هي حالة انفرد هبا املشرع‬
‫اجلزائري دون غريه‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪-‬اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابالسرتداد‪:‬‬
‫أي تغيري بعد تعديله مبوجب‬
‫حيث مل يطرأ عليها ه‬
‫نصت على ذلك املادة ‪ 14‬من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪ُ ،1970‬‬
‫ه‬
‫‪ ،01-05‬إذ جاء فيها «ي مكن اسرتداد اجلنسية اجلزائرية مبوجب مرسوم لك هل شخص كان متمته ًعا هبا كجنسية أصلية‬
‫وفقدها‪ ،‬وذلك عن طريق تقدمي طلب بعد ‪ 18‬شهرا على االقل من اإلقامة ال معتادة واملنتظمة يف اجلزائر» هذا النص‬
‫متطابق أيضا مع نص املادة ‪ 17‬من قانون اجلنسية لسنة ‪ .1963‬كنا قد بيه نا فيما سبق أ هن االسرتداد يقتصر على من‬
‫الشرح الذي‬
‫فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية فقط‪ .‬ال أبس أن نقوم بشرح موجز‪ ،‬نذكر فيه بعض االختالف اجلزئي عن ه‬
‫ظل قانون اجلنسية لسنة ‪ 1970‬قبل تعديله‪ .‬وذلك من خالل حتديد األفراد الذين ُميكنهم أن‬
‫ق هدمناه للمادة ‪ 14‬يف ه‬

‫ظل قانون اجلنسية لسنة ‪ 1970‬قبل تعديله ‪.‬‬


‫(‪ -)1‬راجع ما سبق‪ - :‬اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلتجنُّس االست ثنائي يف ه‬
‫ظل نفس القانون‪.‬‬
‫‪ -‬أيضا اكتساهبا ابآلاثر اجلماعيهة يف ه‬

‫‪125‬‬
‫نبني الشروط الالهزمة السرتداد اجلنسية اجلزائرية (اثنيا) أ هما اآلاثر اجلماعية السرتداد‬
‫يسرتدوا اجلنسية اجلزائرية (أوال) مثه هُ‬
‫حيث كانت تنص عليها املادة ‪/17‬ف‪،2‬‬
‫اجلنسية اجلزائرية فلم ينص عليها املشرع بعد تعديل قانون اجلنسية لسنة ‪ُ ،1970‬‬
‫قبل تعديله‪.‬‬
‫أوال‪-‬األشذاص الذين يـمكنهم اسرتداد اجلنسية اجلزائرية‪:‬‬
‫يتجلى من نص املادة ‪ ،14‬الذي أوردانه أعاله‪ ،‬أ هن إمكانية اسرتداد اجلنسية اجلزائرية‪ ،‬يقتصر على اجلزائريني الذين‬
‫كانوا قد متتهعوا هبا كجنسية أصلية وفق املادتني ‪6‬و‪ 7‬من قانون اجلنسية لسنة ‪ 1970‬بعد تعديله‪-‬اللهتني سبق لنا شرحهما‪-‬‬
‫مثه فقدوها إبحدى حاالت الفقد الّت نص عليها هذا القانون‪ .‬والفقد قد يكون فقدا إراداي كما قد يكون فقدا غري‬
‫إرادي‪ .‬نشرح حاالت الفقد اإلرادي وغري اإلرادي إبجياز شديد فيما يلي‪:‬‬
‫يتم يف أربع حاالت(‪ ،)1‬بينما‬ ‫‪-)1‬الفقد اإلرادي ‪ :‬كان الفقد اإلرادي يف ه‬
‫ظل قانون اجلنسية لسنة ‪ 1970‬قبل تعديله ه‬
‫يتم الفقد اإلرادي بعد تعديله يف ثالثة حاالت نصت عليها املادة‪ 18‬املع هدلة‪ ،‬حيث يفقد فيها اجلزائريون جنسيتهم‬ ‫ه‬
‫األصلية إبرادهتم‪ ،‬ولكن بعد أن أتذن هلم احلكومة اجلزائرية مبوجب مرسوم لل تخلي عن اجلنسيهة اجلزائرية مع منحهم إمكانية‬
‫يسرتدوها‪ ،‬لكن كجنسية مكتسبة إذا توفهرت الشروط القانونيهة الالهزمة السرتدادها‪ .‬وحاالت الفقد الثالث هي‪:‬‬
‫أن ُّ‬
‫‪-1‬احلالة األوىل‪ :‬هي حالة «اجلزائري الذي اكتسب عن طواعية يف اخلارج جنسية أجنبية وأُذن له مبوجب مرسوم للتخلي‬
‫كل جزائري كان متمتهعا ابجلنسية اجلزائرية األصلية‪ ،‬مثه‬
‫ّتص ه‬
‫نصت عليها املادة ‪ .1/18‬وهي حالة ه‬ ‫عن اجلنسية اجلزائرية» ه‬
‫أبي طريقة أُخرى من طُرق االكتساب الّت يتوقهف فيها اكتسابه‬
‫اكتسب إبرادته جنسية أجنبية يف اخلارج ابلتجنُّس‪ ،‬أو ه‬
‫فض ًال هإايها على اجلنسية اجلزائرية األصلية‪ ،‬ف قد هذه األخرية‪ ،‬لكن منحه املشرع‬
‫جنسية أجنبية على إرادته‪ ،‬فإذا اختارها ُم ه‬
‫إمكانية اسرتدادها كجنسية مكتسبة وليست كجنسية أصلية‪ .‬وعلى هذا ه‬
‫كل جزائري أصيل اكتسب جنسية أجنبية يف‬
‫اخلارج دون إرادته ال تنطبق عليه أحكام ‪.1/18‬‬
‫‪-2‬احلالة الثانيّة‪ :‬هي حالة «اجلزائري‪ ،‬ولو كان قاصرا‪ ،‬الذي له جنسية أجنبية أصلية وأُذن له مبوجب مرسوم للتخلي‬
‫كل جزائري يتمتهع ابجلنسية‬
‫ّتص‪-‬فيما حنن بصدد دراسته ‪ -‬ه‬ ‫عن اجلنسية اجلزائرية»‪ .‬ه‬
‫نصت عليها املادة ‪ .2/18‬وهي حالة ه‬
‫اجلزائرية األصلية‪ ،‬سواء كانت مبنية على أساس حق الدم‪ ،‬أو على أساس حق اإلقليم‪ ،‬ويف ذات الوقت يتمتهع جبنسية‬
‫أجنبية أصلية‪ ،‬مبنية هإما على أساس حق الدم او على أساس حق اإلقليم‪ ،‬فإذا كان هذا اجلزائري األصيل راشدا‪ ،‬أي له‬
‫أهلية األداء‪ ،‬ورغب عن اجلنسية اجلزائرية األصلية‪ ،‬فيمكنه إذا أراد أن يفقدها طبقا ألحكام هذه املادة‪ ،‬مّت حصل على‬
‫ختصة ‪ ،‬للتخلي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية اختيارا منه اجلنسية األجنبية‬‫إذن مبوجب مرسوم من السلطة اجلزائرية امل ه‬
‫األصلية‪.‬‬
‫هأما إذا كان قاصرا فيمكن لِمن ينوب عنه قانوان أن يُق هدم طلبا نيابة عنه للتخلي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية‪ ،‬فإذا‬
‫حصل على إذن مبوجب مرسوم للتخلي عنها فقدها‪ ،‬اختيارا منه اجلنسية األجنبية االصلية‪ .‬مثال ذلك أن يتجنهس زوجان‬

‫ظل قانون اجلنسية لسنة ‪ 1970‬قبل تعديله‪ ،‬بعدما كانوا قد فقدوها فقدا إراديه ا ‪.‬‬
‫(‪-)1‬راجع ما سبق‪ :‬األشخاص الذين ميكنهم اسرتداد اجلنسية اجلزائرية يف ه‬
‫‪126‬‬
‫جزائراين مقيمني يف أمريكا ابجلنسية األمريكية‪ ،‬مثه يولد هلما ولد يف أمريكا‪ ،‬فإ هن هذا الولد يتمتهع ابجلنسية األمريكية‬
‫األصليهة على أساس حق اإلقليم‪ ،‬ويتمتهع ابجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق الدم من جهة أبويه اجلزائريني‪.‬‬
‫فإذا افرتضنا أ هن أبويه هقررا التخلي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية اختيارا منهما اجلنسية األمريكية الّت اكتسباها ابلتجنس‪،‬‬
‫لكل واحد منهما مبوجب مرسوم للتخلي عن اجلنسية‬ ‫خيصه‪ -‬طلبا للتخلي عنها‪ ،‬وأُذن ه‬ ‫كل واحد منهما‪-‬فيما ه‬ ‫وق هدم ه‬
‫اجلزائرية األصلية فقداها إبرادتيهما‪ ،‬ولكن على افرتاض أ هن ولدمها مازال قاصرا‪ ،‬فبما أ هن املشرع اجلزائري بعد تعديل قانون‬
‫الساري املفعول حاليا‪ ،‬قد أقر أبن ال متت هد اآلاثر اجلماعية لفقد اجلنسية اجلزائرية يف احلاالت‬‫اجلنسية لسنة ‪ 1970‬ه‬
‫املادة ‪ 18‬إىل األوالد ال ُقصر(‪ ،)1‬فلكي يفقد هذا الولد اجلنسية اجلزائرية األصلية‪ ،‬ميكن ألبيه بصفته‬
‫املنصوص عليها يف ه‬
‫ويل أمره أن ينوب عنه يف تقدمي طلب مستقل للتخلي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية‪ ،‬فإذا أُذن له مبوجب مرسوم ف قد‬ ‫ه‬
‫اجلنسية اجلزائرية األصلية املبنية على حق الدم‪ ،‬اختيارا منه اجلنسية األمريكية املبنية على حق اإلقليم‪ ،‬لكن ُميكنه أن يسرتد‬
‫الرشد إذا رغب فيها‪ ،‬على أن تكون جنسيته جزائرية مكتسبة وليست أصلية‪.‬‬ ‫سن ُّ‬
‫اجلنسية اجلزائرية بعد بُلوغه ه‬
‫‪-3‬احلالة الثّالثة‪ :‬وهي حالة «اجلزائرية املتزوجة أبجنيب وتكتسب ه‬
‫جراء زواجها جنسية زوجها وأُذن هلا مبوجب مرسوم‬
‫للتخلي عن اجلنسية اجلزائرية»‪.‬‬
‫كل امرأة جزائرية تتمتهع ابجلنسية اجلزائرية األصليهة‪ ،‬مثه تكتسب‬
‫نصت على هذه احلالة املادة ‪ ،3/18‬الّت يُستفاد منها أ هن ه‬
‫جنسية زوجها األجنيب بفعل الزواج‪ ،‬إذا أرادت أن تتخلى عن جنسيتها اجلزائرية األصلية‪ ،‬ما عليها إاله أن تُق هدم طلبا إىل‬
‫عرب فيه عن إرادهتا للتخلي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية‪ ،‬اختيارا منها اجلنسية األجنبية املكتسبة‬
‫ختصة تُ ه‬
‫السلطة اجلزائرية امل ه‬
‫ابلزواج‪ ،‬فإذا أذنت هلا مبوجب مرسوم للتخلي عنها‪ ،‬فقدهتا إبرادهتا‪ ،‬لكن يبقى هلا إمكانية اسرتدادها مستقبال كجنسية‬
‫جزائرية مكتسبة‪.‬‬
‫هذه هي احلاالت الثالث الّت ميكن أن تُفقد فيها اجلنسية اجلزائرية األصلية فقدا إراداي‪ ،‬اختيارا من أصحاهبا اجلنسية‬
‫(‪)2‬‬
‫يتبني ممها سلف أنهه لكي تُفقد اجلنسية اجلزائرية األصلية فقدا إراداي يف‬
‫االجنبية‪ ،‬سواء كانت أصلية أو مكتسبة ‪ ،‬ه‬
‫تتوفر الشروط اخلمسة اآلتيهة‪:‬‬
‫جيب أن ه‬‫احلاالت الثالث السابقة ُ‬
‫‪-1‬أن يُق هدم طلب للدولة اجلزائرية ممثهلة يف شخص وزير العدل يُعلن فيه صاحبه عن الرغبة يف التخلي عن اجلنسية اجلزائرية‬
‫األصلية‪.‬‬
‫‪-2‬أن يكون من ق هدم طلب التخلي عن اجلنسية اجلزائرية االصلية حامال فعال اجلنسية األجنبية وقت تقدمي الطلب‪.‬‬
‫لكل من طلب منها يف احلاالت الثالث‪ ،‬التخلي عن اجلنسية‬ ‫ختصة مبوجب مرسوم ه‬ ‫‪-3‬أن أتذن السلطة اجلزائرية امل ه‬
‫اجلزائرية األصلية‪.‬‬

‫متمم لقانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪ 1970‬على أن " ال ميت هد اثر فقدان اجلنسية اجلزائرية‬
‫املؤرخ يف ‪ 27‬فرباير املع هدل وال ه‬
‫تنص املادة ‪ 21‬من األمر‪ 01-05‬ه‬
‫(‪ -)1‬ه‬
‫صر‪".‬‬‫املادة ‪ 18‬أعاله إىل األوالد ال ُق ه‬
‫يف احلاالت املنصوص عليها يف ه‬
‫ينص عليها قانون اجلنسية لسنة ‪ 1963‬يف املادة‪3،2،1/21‬‬ ‫(‪-)2‬احلاالت الثالث الواردة يف املادة ‪ 3،2،1/18‬املع هدلة‪ ،‬هي احلاالت الثالث نفسها الّت كان ه‬
‫وهي نفسها احلاالت الثالث املنصوص عليها يف املادة ‪ 3،2،1/18‬من قانون اجلنسية لسنة ‪ 1970‬قبل تعديله‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫‪-4‬أن يكون من ق هدم طلب التخلي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية ُمتمتعا أبهلية األداء وقت تقدمي الطلب‪ ،‬إاله يف احلالة‬
‫الثانية إذا كان املعين ولدا قاصرا‪ ،‬فإ هن الذي ينوبه يف تقدمي الطلب هو ويل أمره‪ ،‬بشرط أن يكون هذا األخري ُمتمتهعا هو‬
‫نفسه أبهلية األداء حلظة تقدمي الطلب عن املعين‪.‬‬
‫ينص عليه املشرع صراحة‪ ،‬لكن يُستخلص ضمنيا من نص املادة ‪ ،3،2،1/18‬نفسها‪ ،‬وهو‬ ‫‪-5‬الشرط اخلامس واألخري مل ه‬
‫كل من ق هدم طلب التخلي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية مقيما يف اخلارج‪ .‬وهذا يعين ضعف الصلة بينه وبني‬ ‫أن يكون ه‬
‫حصلة يعين ضعف الوالء السياسي للدولة اجلزائرية أو انعدامه أصال‪ .‬والسلطة‬
‫الدولة اجلزائرية‪ ،‬أو انقطاعها متاما‪ ،‬ويف امل ه‬
‫التقديرية يف كل ذلك تعود هلذه األخرية‪.‬‬
‫نصت املادة ‪ 1/20‬املع هدلة على أن‪« :‬يبدأ فقدان اجلنسية‬
‫هأما عن سراين مفعول الفقد يف احلاالت الثالث السابقة فقد ه‬
‫اجلزائرية يف احلاالت املنصوص عليها يف الفقرات ‪ 3،2،1‬من املادة ‪ 18‬أعاله‪ ،‬ابتداء من نشر املرسوم الذي أيذن للمعين‬
‫ابألمر يف التنازل عن اجلنسية اجلزائرية يف اجلريدة الرمسية للجمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية»‪.‬‬
‫هأما ابلنسبة ِالمتداد أثر الفقد إىل األوالد ال ُقصر للمعين ابألمر فلم يعد موجودا بعد التعديل الذي أدخله املشرع على‬
‫املادة ‪ 18‬أعاله إىل‬
‫نصت على أن‪« :‬ال ميت هد أثر فقدان اجلنسيهة اجلزائريهة يف احلاالت املنصوص عليها يف ه‬ ‫املادة ‪ ،21‬الّت ه‬
‫القصر» والذي يعنينا من تلك احلاالت‪ ،‬هي احلاالت الثالث الّت شرحناها آنفا‪ .‬وذلك يعين أ هن األوالد القصر‬ ‫األوالد ه‬
‫بغض النظر عن فقد‬
‫للجزائريني األُصالء الذين فقدوا جنسيتهم اجلزائرية فقدا إراداي حيتفظون جبنسيتهم اجلزائرية األصلية ه‬
‫الرشد طبقا ألحكام املادة ‪ 2/18‬نفسها‪.‬‬
‫سن ه‬
‫أصلهم هلا‪ .‬غري أ هّنم ميكنهم أن يفقدوها إبرادهتم عند بلوغهم ه‬
‫‪-)2‬الفقد غري اإلرادي‪ :‬هذا الفقد خاص بفقد اجلنسية اجلزائرية األصلية القائمة على أساس حق اإلقليم‪ ،‬حيث تُفقد‬
‫فقدا غري إرادي يف حالة واحدة‪ ،‬هي حالة الولد املولود يف اجلزائر من أبوين جمهولني سواء كانت واقعة ميالده يف اجلزائر‬
‫اثبتة يف الزمان واملكان‪ ،‬أو كانت واقعة ميالده يف اجلزائر ُمفرتضة‪ ،‬والذي كان قد مت تهع ابجلنسية اجلزائرية األصلية على‬
‫أساس حق اإلقليم طبقا ألحكام املادة‪ .)1(1/7‬هذا الولد يفقد جنسيته اجلزائرية األصلية القائمة على أساس حق اإلقليم‬
‫نصت عليه املادة ‪ 1/7‬يف شطرها الثاين‪ ،‬لكن إذا توفهرت‬ ‫فقدا غري إرادي أبثر رجعي كأنهه مل يكن قد متتهع هبا قط‪ ،‬هذا ما ه‬
‫شروط الفقد اآلتية‪:‬‬
‫‪-1‬أن يظهر أحد أبويه‪ ،‬سواء كان أاب أجنبيا أو هأما أجنبية‪ ،‬وي هد ِعي نسب الولد إليه‪ ،‬ذكرا كان أم أُنثى‪.‬‬
‫‪-3‬أن يكون الولد مازال قاصرا وقت هادعاء أحد األبوين األجنبيني نسبه إليه‪.‬‬
‫‪-3‬أن يثبت نسب الولد إىل أبيه األجنيب‪ ،‬أو إىل هأمه األجنبية أثناء قصره‪.‬‬
‫‪-4‬أن يكون قانون جنسية أحد األبوين األجنبيني‪ ،‬الذي ثبت نسب الولد إليه‪ ،‬مينح هذا الولد اجلنسية األصلية على‬
‫الساري حاليا‪.‬‬
‫أساس حق الدم من جهته‪ .‬هذا ما يُستخلص من نص املادة ‪ 1/7‬من قانون اجلنسية ه‬
‫مسماة يف شهادة ميالده‬
‫هأما احلالة املنصوص عليها يف املادة‪ ،2/7‬وهي حالة الولد املولود يف اجلزائر من أب جمهول و هأم ه‬
‫من دون بياانت أُخرى ُمت هك ُن من إثبات جنسيتها فحكمه‪-‬حسب تقديران‪ -‬هو نفس حكم الولد جمهول األبوين‪ ،‬الذي‬

‫ظل قانون اجلنسيهة اجلزائريهة لسنة ‪ 1970‬بعد تعديله ‪.‬‬


‫حق اإلقليم يف ه‬
‫املادة ‪ ،1/7‬اجلنسيهة اجلزائريهة األصليهة على أساس ه‬
‫(‪-)1‬راجع ما سبق‪ :‬شرح ه‬
‫‪128‬‬
‫نصت عليه املادة‪ ،1/7‬مادامت هأمه جمهولة اجلنسية( ‪ ، )1‬فإذا ظهرت هأمه وكانت أجنبية‪ ،‬أو ظهر أبوه وكان أجنبيا‪ ،‬وادعى‬
‫ه‬
‫أي منهما نسب الولد إليه أثناء قصره‪ ،‬ومته إثبات نسبه فعال ألحدمها‪ ،‬وكان قانون جنسية أحد األبوين األجنبيني مينحه‬‫ه‬
‫اجلنسية األصلية على أساس حق الدم من جهة أحدمها‪ ،‬ف قد الولد املعين اجلنسية اجلزائرية األصلية‪ ،‬الّت متتع هبا على‬
‫أساس حق اإلقليم تلقائيا‪ ،‬ودون إرادته‪ ،‬وأبثر رجعي كأنهه مل يكن قد متتهع هبا قط‪.‬‬
‫نصت على أ هن منح صفة وطين جزائري منذ الوالدة‪ ،‬وكذا‬ ‫يعزُز ما ذهبنا إليه أ هن املادة ‪/8‬ف‪ 2‬من نفس القانون ه‬ ‫ما هِ‬
‫بصحة العقود املربمة من قبل املعين ابألمر وال‬
‫ميس ه‬ ‫الصفة أو التخلي عنها مبوجب أحكام املادة ‪ 7‬أعاله‪ ،‬ال ُّ‬ ‫سحب هذه ه‬
‫ُ‬
‫بصحة احلقوق الّت اكتسبها الغري استنادا إىل اجلنسية اجلزائرية الّت متتهع هبا املعين سابقا‪ ،‬فلم مييهز املشرع يف املادة‪ 2/8‬بني‬
‫ه‬
‫احلالة الواردة يف املادة ‪ ،1/7‬واحلالة الواردة يف املادة‪ 2/7‬واعتربمها حالة واحدة‪ ،‬إذا تعلهق األمر بفقد املعين اجلنسية اجلزائرية‬
‫األصلية على أساس حق اإلقليم‪ ،‬والفقد هإما أن يكون بسحبها منه أو بتخلهيه عنها إبرادته‪ .‬هذا ما يُفهم من نص املادة‬
‫‪/8‬ف‪ 2‬نفسها‪.‬‬
‫نص عليه املشرع يف املادة ‪/8‬ف‪ 2‬فيقصد به الفقد غري اإلرادي إذا توفهرت يف املعين الشروط الّت‬
‫السحب الذي ه‬‫هأما ه‬
‫ذكرانها أعاله‪ ،‬ال فرق يف ذلك بني احلالة املنصوص عليها يف املادة ‪ ،1/7‬أو املنصوص عليها يف املادة ‪ .2/7‬واحلكمة‬
‫من الفقد غري اإلرادي أو ال هسحب التهلقائي للجنسية اجلزائرية هي الوقاية من ازدواجية اجلنسية أل هن املعين ُمنحت له‬
‫عه جبنسية أجنبية أصلية على أساس حق‬ ‫اجلنسية اجلزائرية حّت ال يكون عدمي اجلنسية‪ ،‬فلما زالت علهة منحه إايها بتمته ِ‬
‫ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬
‫الدم من جهة أحد أبويه األجنبيني فقدها تلقائيا‪ ،‬أو ُسحبت منه تلقائيا‪.‬‬
‫نصت عليه املادة ‪/8‬ف‪ ،2‬فيُقصد به أنهه إذا مل يظهر أحد األبوين األجنبيني الذي‬ ‫هأما التخلي عن اجلنسية اجلزائرية الذي ه‬
‫حّت ولو متتع‬
‫الرشد‪ ،‬فال يفقد اجلنسية اجلزائرية ه‬
‫سن ُّ‬
‫ي هدعي نسب الولد إليه أثناء قصره‪ ،‬وظهر بعدما يكون الولد قد بلغ ه‬
‫ابجلنسية األجنبية األصلية على أساس حق الدم من جهة أحد أبويه‪ ،‬بل يبقى ُحمتفظا ابجلنسية اجلزائرية‪ ،‬ويكون حينئذ‬
‫مزدوج اجلنسية غري أنهه ميكنه أن يفقدها ابلتخلي عنها وفقا ألحكام املادة ‪/18‬ف‪ ،2‬الّت سبق شرحها‪ ،‬ويكون فقده‬
‫هإايها فقدا إراداي‪ ،‬ويُع هد هذا الفقد معاجلة الزدواجية اجلنسية‪.‬‬
‫بقي لنا أن نذ هكِر أ هن فقد اجلنسية اجلزائرية طبقا ألحكام املادة ‪ ،3،2،1/18‬مل يعد يرتتهب عنه امتداد أثر الفقد إىل األوالد‬
‫نصت عليه املادة ‪ 21‬من نفس القانون‪.‬‬ ‫القصر‪ ،‬هذا ما ه‬ ‫ه‬
‫ي امتداد‬‫هأما الفقد غري اإلرادي‪ ،‬أو ال هسحب التهلقائي للجنسية اجلزائرية‪ ،‬املنصوص عليه يف املادة ‪ 7‬فال يرتتهب عنه أ ه‬
‫ينص عليه مطلقا‪.‬‬‫ألثر الفقد أل هن املشرع مل ه‬
‫اثنيّا_ الشروط القانونية الالزمة السرتداد اجلنسية اجلزائرية‪:‬‬
‫ال ّتتلف هذه الشروط كثريا عن الشروط الّت ذكرانها عندما درسنا املادة ‪ 14‬من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪1970‬‬
‫قبل تعديله‪ ،‬وهي الشروط اآلتية‪:‬‬

‫(‪-)1‬راجع ما سبق ‪ :‬شرح املادة ‪ 2/7‬من نفس القانون ‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫‪-)1‬أن يكون من يطلب اسرتداد اجلنسية اجلزائرية م مهن كان قد متتهع هبا كجنسية أصلية وفق أحكام املادتني ‪6‬و‪ 7‬من‬
‫قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ‪ 1970‬بعد تعديله‪ ،‬مثه فقدها فقدا إراداي أبحد األسباب املذكورة يف املادة ‪ ،3،2،1/18‬أو‬
‫فقدها فقدا غري إرادي وفق املادة‪ 7‬من نفس القانون‪.‬‬
‫تقل عن مثانية عشرة(‪)18‬‬
‫‪-)2‬أن يكون من طلب اسرتداد اجلنسية اجلزائرية قد أقام يف اجلزائر وقت تقدمي الطلب م هدة ال ه‬
‫شهرا‪ ،‬إقامة معتادة ومنتظمة يف اجلزائر طبقا للقانون املنظهم إلقامة األجانب يف اجلزائر‪.‬‬
‫للبت يف الطلب وفق اإلجراءات املنصوص‬ ‫ِ‬
‫املخول قانوان ه‬
‫‪-)3‬أن يق هدم طلب اسرتداد اجلنسية اجلزائرية إىل وزير العدل ه‬
‫عليها يف املادتني ‪25‬و‪ 26‬من قانون اجلنسية الساري حاليا ‪ ،‬يعرب فيه عن إرادته الصرحية السرتداد اجلنسية اجلزائرية ‪.‬‬
‫‪-)4‬أن يكون من ق هدم طلب اسرتداد اجلنسية اجلزائرية كامل األهلية وقت تقدمي الطلب‪ ،‬مبعىن أن تكون له أهلية األداء‪.‬‬
‫‪-)5‬ي مكن إضافة شرط خامس يُستخلص ضمنيا من النهصوص ال هسابقة‪ ،‬وهو زوال سبب فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية‪،‬‬
‫وهو قد يصدق على حالة دون أخرى ‪ .‬مثال ذلك أن يكون القانون األجنيب يعلهق اكتساب املرأة اجلزائرية جنسية زوجها‬
‫فحّت ال تصري عدمية اجلنسية ميكنها أن‬
‫األجنيب على استمرار احلياة الزوجية‪ ،‬فإذا انقطعت أو حدث الطالق فقدهتا‪ .‬ه‬
‫تسرتد اجلنسية اجلزائرية ‪ .‬لكن ما يالحظ يف هذا الشأن أ هن املشرع اجلزائري مل ها أعطى إمكانية اسرتداد اجلنسية اجلزائرية‬
‫يسرتدها كجنسية مكتسبة ال كجنسية أصلية‪ .‬واحلكمة من ذلك حسب‬ ‫ِ‬
‫لم ن تتوفهر فيه الشروط السابقة‪ ،‬إهّنا جعله ه‬
‫تقديران ‪ ،‬أ هن الشخص الذي أقدم إبرادته على التخلي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية ‪ ،‬خاصة منها القائمة على أساس‬
‫ينم سلوكه ذاك عن استهتاره هبذه اجلنسية ‪ ،‬أو عن اهتزاز يف هويته وشخصيته الوطنية ‪ ،‬قد يرتمجه ضعف‬ ‫حق الدم ‪ ،‬إهّنا ه‬
‫صلته أو رابطته ابجملتمع اجلزائري وابلدولة اجلزائرية نتيجة اإلقامة الطويلة يف اخلارج ‪ ،‬قد تتداخل فيها عوامل عديدة ‪،‬‬
‫ذات طابع لغوي ‪ ،‬ثقايف‪ ،‬فكري ‪ ،‬ديين ‪ ،‬حضاري ‪ ،‬أل هن اجلنسية هي قبل كل شيئ انتماء وجداين ‪ ،‬ونفسي‪ ،‬فكري ‪،‬‬
‫وحضاري قبل أن تكون انتماءً اجتماعيا وسياسيا وقانونيا ‪ ،‬أل هن هذا االنتماء األخري ‪ ،‬إهّنا هو تتويج لالنتماء األول‬
‫وتعبري عنه ‪.‬‬
‫أخريا نعيد التذكري هنا أ هن املشرع اجلزائري قد نص يف املادة ‪ 21‬من قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر ‪ 1970‬بعد تعديله‬
‫أي أثر مجاعي لفقد اجلنسية اجلزائرية األصلية إىل األوالد القصر للشخص الذي فقدها وفق احلاالت‬ ‫على عدم امتداد ه‬
‫الثالث املنصوص عليها يف املادة ‪ ، 18‬الّت شرحناها أعاله ‪ ،‬وكان ِمن نتيجة ذلك أن انتفت علهة امتداد األثر اجلماعي‬
‫لالسرتداد إىل األوالد القصر ملسرتد النسية اجلزائرية ‪ ،‬وذلك خالفا لنص املادة ‪/20‬ف‪ 2‬من قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر‬
‫سنة ‪ ، 1963‬وخالفا أيضا للمادة ‪/17‬ف‪ 2‬من قانون اجلنسية الصادر سنة ‪ 1970‬قبل تعديله ومها ماداتن متطابقتان‬
‫يف النص سبق لنا شرحهما فيما سلف (‪ ،)1‬أل هن القانونني املعنيني كاان يرتهِبان على فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية امتداد‬

‫(‪-)1‬تنص املادة ‪/20‬ف‪ 2‬من قانون اجلنسية الصادر سنة ‪ 1963‬على أن‪ ":‬يسرتد أو يكتسب اجلنسية اجلزائرية بقوة القانون األوالد القصر غري املتزوجني‬
‫لشخص اسرتد اجلنسية اجلزائرية إذا كانوا مقيمني فعال معه" هذا النص مطابق لنص املادة ‪/17‬ف‪ 2‬من قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر سنة ‪ 1970‬قبل تعديله‪.‬‬
‫فإّنم‬
‫ومقتضى هذا النص أ هن األوالد القصر لشخص فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية إبرادته‪ ،‬إذا كانوا قد فقدوها معه نتيجة امتداد األثر اجلماعي للفقد إليهم ه‬
‫قصرا‪ ،‬وأن يكونوا غري متزوجني‪ ،‬ويعيشون معه فعال‪ .‬هأما األوالد الذين ُولِ ُدوا بعد‬
‫يسرتدون ها معه بقوة القانون‪ ،‬بشروط هي‪ :‬أن يكونوا أثناء اسرتداده هلا مازالوا ً‬
‫ه‬
‫فقده هلا فيكتسبون ها معه ابآلاثر اجلماعية لالسرتداد بقوة القانون وبنفس الشروط‪.‬‬

‫‪130‬‬
‫اآلاثر اجلماعية للفقد بقوة القانون‪ .‬إذن فإمكانية اسرتداد اجلنسية اجلزائرية ابآلاثر اجلماعية لالسرتداد يف ظل قانون‬
‫نص يف املادة ‪ 21‬من نفس القانون على أال‬
‫اجلنسية اجلزائرية الصادر سنة ‪ 1970‬بعد تعديله منعدمة‪ ،‬أل هن املشرع قد ه‬
‫متت هد اآلاثر اجلماعية للفقد اإلرادي املنصوص عليه يف املادة ‪/18‬ف‪1‬و‪2‬و‪ 3‬إىل األوالد القصر للشخص الذي فقد جنسيته‬
‫اجلزائرية األصلية إبرادته‪ ،‬ممها يعين أ هّنم يبقون متمتهعني ابجلنسية اجلزائرية األصلية‪ .‬هأما األوالد الذين ُو ُلدوا بعد فقد أصلهم‬
‫اجلنسية اجلزائرية إذا كانوا قصرا عند اسرتداد أصلهم اجلنسية اجلزائرية فال ميكنهم اكتساب ها معه‪ ،‬لكن يبقى الطريق أمامهم‬
‫الرشد‪.‬‬
‫سن ه‬‫مفتوحا الكتساب ها عن طريق التجنس العادي طبقا ألحكام املادة ‪ 10‬عند بلوغهم ه‬
‫هأما الذين فقدوا جنسيتهم اجلزائرية األصلية املبنيهة على أساس حق اإلقليم فقدا غري إرادي وفق املادة ‪ ،7‬فلم ينص املشرع‬
‫مطلقا على إمكانية امتداد أثر الفقد إىل أوالدهم القصر‪ ،‬ألنههم هم أنفسهم فقدوها وهم قصر‪.‬‬
‫ظل قانون اجلنسية لسنة ‪ 1970‬بعد تعديله‪ ،‬تستلزم أن نذكر أ هن اكتساب‬ ‫إ هن دراسة طرق اكتساب اجلنسية اجلزائرية يف ه‬
‫أبي طريقة كانت‪ ،‬سواء ابلزواج املختلط‪ ،‬أو ابلتجنس العادي أو االستثنائي‪ ،‬أو ابالسرتداد يرتتهب‬
‫اجلنسية اجلزائرية وفقه ه‬
‫حيث جاء فيها‪« :‬يتمتهع الشخص الذي يكتسب اجلنسية‬ ‫نصت عليها املادة ‪ 15‬من ذات القانون‪ُ ،‬‬ ‫عنه آاثر فردية ه‬
‫ابلصفة اجلزائرية ابت داء من اتريخ اكتساهبا» وهذه احلقوق هي احلقوق املدنية والسياسية‬
‫اجلزائرية جبميع احلقوق املتعلهقة ه‬
‫اجلزائرية‪.‬‬
‫نستنتج ممها سبق أ هن اسرتداد فرد ما اجلنسية اجلزائرية يتوقهف على من سبق له أن فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية‪ ،‬فإذا‬
‫يسرتدها كجنسية جزائرية مكتسبة وليست كجنسية جزائرية أصلية‪ .‬والفقد واالسرتداد‬ ‫فقدها إبرادته‪ ،‬أجاز له املشرع أن ه‬
‫كالمها خيضعان لرقابة وموافقة الدولة اجل زائرية‪ ،‬الّت تتمتهع بسلطة تقديرية واسعة يف هذا الشأن‪ ،‬فلها أن توافق على ذلك‬
‫او ترفض‪ ،‬أل هن مصلحتها تسبق مصلحة األفراد‪.‬‬
‫هناك عرباتن نستخلصهما من فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية فقدا إراداي‪ ،‬وفق احلاالت الثالث املنصوص عليها يف املادة‬
‫‪ 18‬املع هدلة من قانون اجلنسية اجلزائرية الساري املفعول حاليا‪ ،‬وكذا من اسرتداد اجلنسية اجلزائرية وفق املادة ‪ 14‬من نفس‬
‫القانون‪ ،‬تتمثهالن فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬العربة األوىل نستخلصها من فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية فقدا إراداي‪ ،‬وهي معاجلة ظاهرة ازدواج اجلنسية عن طريق‬
‫اختيار اجلنسية األجنبية والتخلي عن اجلنسية اجلزائرية حتت رقابة الدولة اجلزائرية‪.‬‬
‫‪ -‬العربة الثانية نستخلصها من إمكانية اسرتداد اجلنسية اجلزائرية‪ ،‬وهي حماربة ظاهرة انعدام اجلنسية‪ .‬لكن اسرتداد‬
‫اجلنسية اجلزائرية قد يرتتهب عنه ازدواج اجلنسية إذا مل يفقد الشخص الذي ه‬
‫اسرتد اجلنسية اجلزائرية جنسيتهُ األجنبية نتيجة‬
‫اسرتداده اجلنسية اجلزائرية‪.‬‬
‫اخلامتة‪ :‬يتبني لنا من الفصل األول الذي درسنا فيه مفهوم الرعوية اإلسالمية ومفهوم اجلنسية يف القانون الوضعي‪ ،‬أ هن‬
‫الرعوية اإلسالمية قوامها الشرع اإلسالمي‪ .‬فقد نشأت متالزمة مع نشوء الدولة اإلسالمية يف املدينة املنورة ابتداء‪ .‬لكن‬
‫االنتساب اىل دار اإلسالم قائم على أساس أحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬ومستلهم من طبيعة اإلسالم كعقيدة دينية وشريعة‬

‫‪131‬‬
‫حياة‪ ،‬فهي هبذا املعىن انتساب اجتماعي وسياسي وشرعي (قانوين)‪ ،‬غري قابل للتغيري ابلنسبة للمسلمني وإن كان تغيريه‬
‫متاح ابلنسبة للذميني إذا انتقلوا لإلقامة الدائمة خارج إقليم دار اإلسالم‪.‬‬
‫إ هن االنتماء اىل الدولة احلديثة‪ ،‬اجتماعيا‪ ،‬سياسيا وقانونيا‪ ،‬الذي تقوم عليه فكرة اجلنسية يف القانون الوضعي يؤدي‬
‫حتما إىل ازدواجية اجلنسية وتعددها‪ ،‬أل هن ذلك مرتبط ارتباطا وجوداي ابلقانون الوضعي الذي يسمح للفرد أن حيمل‬
‫ً‬
‫جنسيتني أو اكثر يف آن واحد‪ ،‬فهي منبثقة من طبيعة القانون الوضعي الذي يسنهه االنسان نفسه‪ ،‬حسب أهوائه ومصاحله‬
‫م مها أد ى ايل اختالف األسس الّت تقوم عليها اجلنسية يف القوانني الوضعية اخلاصة ابجلنسية‪ ،‬فكان من نتيجة ذلك‬
‫حدوث ظاهرة ازدواجية اجلنسية‪.‬‬
‫هأما الشريعة اإلسالمية فال تعرف ازدواجية الرعوية‪ ،‬وال ميكن تصورها مطلقا‪ ،‬أل هن النظام القانوين الذي حيكم الرعوية يف‬
‫اإلسالم هو نظام واحد ال يتغيه ر‪ ،‬هو الشريعة اإلسالمية‪ ،‬ال دخل لإلنسان يف وضع قواعدها‪ ،‬وإهّنا هو مستنبط من‬
‫الكتاب والسنة واإلمجاع‪ .‬أما عن اجلزائر فقد كان هلا قبل أن تُبتلى ابالستعمار االستيطاين الفرنسي الغاشم دولتها وهي‬
‫دولة إسالمية‪ ،‬ورعويتها وهي رعوية إسالمية لكنههما زالتا بفعل االستعمار الفرنسي‪ ،‬لكن الشريعة اإلسالمية مل تتمكن‬
‫فرنسا االستعمارية من إزاحتها من حياة اجلزائريني‪ ،‬خاصة منها األحكام الشرعية املتعلقة ابألسرة اجلزائرية املسلمة رغم‬
‫حماوالت االحتواء واالدماج الّت اتهبعتها أثناء احتالهلا اجلزائر وسعيها الدائم للقضاء على الشخصية االسالمية للشعب‬
‫تبىن املشرع الوضعي‬‫اجلزائري املسلم‪ .‬رغم أ هن اجلزائر مل تعرف اجلنسية القانونية هإال بعد استقالهلا سنة ‪ ،1962‬حيث ه‬
‫اجلزائري املفاهيم القانونية اخلاصة ابجلنسية املوروثة عن عهد االستعمار الفرنسي ‪ ،‬غري أنهه مل يستطع أن يتجاوز فكرة‬
‫سن قواعد اجلنسية اجلزائرية األصلية ابلنسب يف املادة اخلامسة من قانون‬
‫االنتساب الّت عرفتها الرعوية اإلسالمية عندما ه‬
‫اجلنسية لسنة ‪ 1963‬واملادة السادسة من قانون اجلنسية لسنة ‪ 1970‬قبل تعديله‪ ،‬وال ميكن ألي كان أن يثبت جنسيته‬
‫اجلزائرية األصلية ابلنسب يف وقتنا هذا هإال إذا اثبت أنهه ينحدر من أصلني ذكرين من جهة األب أو األم مولودين يف‬
‫اجلزائر و متمتهعني ابلشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫‪132‬‬

You might also like