Professional Documents
Culture Documents
محاضرات في النّظام القانوني للجنسيّة الجزائريّة السداسي السادس المجموعة الاولى
محاضرات في النّظام القانوني للجنسيّة الجزائريّة السداسي السادس المجموعة الاولى
مق ّدمة
الرعويهة اإلسالميهة ،ويستدعي اثنيا
إ هن احلديث عن النهظام القانوين للجنسيهة اجلزائريهة يستدعي هأوال احلديث عن مفهوم ه
احلديث عن مفهوم اجلنسيهة يف القانون الوضعي .واملفهومان خمتلفان .هأما ملاذا نتح هدث عن املفهومني معا ،فذلك لسببني:
األول :أل هن اجلزائر قبل أن تُبتلى ابالحتالل الفرنسي سنة ،1830كانت هلا دولتُها وهي دولة إسالميهة ،وكانت
السبب ه
-ه
وضمها إىل فرنسا قهرا ،زالت
الشريعة اإلسالميهة .وابحتالهلا ه
هلا رعويهتُها وهي رعويهة إسالميهة ،وكان هلا قانون واحد هو ه
الشرعيهة املتعلهقة
الشريعة اإلسالميهة ابستثناء األحكام ه
الرعويهة اإلسالميهة للجزائريني وزالت معهما ه
دولتها اإلسالميهة ومعها ه
متسك الغريق خبشبة
الشعب اجلزائري املسلم هبا ُّ
لتمسك ه
ابألُسرة اجلزائريهة امل سلمة ،مل تتم هكن فرنسا االستعماريهة من إزالتها ُّ
النهجاة.
السبب الثهاين :أل هن اجلزائر بعد استقالهلا سنة 1962قد تبنهت النهظام القانوين الوضعي املوروث عن عهد االستعمار
-ه
الرعويهة
السببان جيُهراننا إىل دراسة مفهوم ه
عامة ،مبا يف ذلك النهظام القانوين اخلاص ابجلنسيهة اجلزائريهة .هذان ه
الفرنسي بصفة ه
األول ،ومبا أ هن اهلدف من هذه
الشريعة اإلسالميهة ،ومفهوم اجلنسيهة يف القانون الوضعي ،وذلك يف الفصل ّ اإلسالميهة يف ه
احملاضرات هو دراسة اجلنسيهة اجلزائريهة يف القانون الوضعي اجلزائري ،فإنهنا نتص هدى هلا ابل هدراسة يف الفصل الثّاين ،وملا كان
ه
عامة ،مبا يف ذلك القانون الوضعي اجلزائري ،هي الّت تعرفها اجلنسيهة اجلزائريهة يف القانون الوضعي بصفة ه أهم املسائل ه
من ه
خصصنا الفصل الثالث لدراسة هذه املشكلة يف القانون اجلزائري ،ويف ألخري مشكلة التهنازع بني اجلنسيات فإنهنا قد ه
الرابع ،مثه نُنهي دراستنا خبامتة.
ندرس مسائل زوال اجلنسيهة اجلزائريهة ،وإثباهتا وذلك يف الفصل ّ
1
األول
الفصل ّ
الرعويّة اإلسالميّة واجلنسيّة يف القانون الوضع
مفهوما ّ
املفكرين اإلسالميني مصطلح« اجلنسية
ه وحّت بعض
استخدم فقهاء القانون الوضعي يف العامل العريب واإلسالمي ،ه
اإلسالمية » يف مقابل مصطلح اجلنسية القانونية يف القانون الوضعي ،يف حماولة منهم إلسقاط فكرة اجلنسية القانونية
ومعرفة يف القانون الوضعي على فكرة ما أمسوه ابجلنسية
جمسدة ه مبضامينها االجتماعية والسياسية والقانونية كما هي ه
اإلسالمية( ،)1وهو إسقاط يف غري حملهه ،إذ مل ينتبهوا إىل اختالف مفهوم «اجلنسية اإلسالمية » عن مفهوم اجلنسية يف
فضلنا استخدام مصطلح الرعوية اإلسالمية الّت ندرسها
القانون الوضعي اختالفا جذراي .وجتنُّبا هلذا اخللط بني املفهومني ه
نقسم هذا الفصل إىل مبحثني نتناول يف املبحث األول مفهوم الرعوية اإلسالمية ويف املبحث ونبني أحكامها الحقا .هلذا ه
ه
الثاين مفهوم اجلنسية يف القانون الوضعي.
املبحث األول
مفهوم الرعوية اإلسالمية
إ هن فكرة الرعوية اإلسالمية مرتبطة بوجود الدولة اإلسالمية ،هلذا حناول أن نُق هدم تعريفا للدولة اإلسالمية مع بيان أركان ها
عرف الرعوية اإلسالمية مع بيان عناصرها (املطلب الثاين) ،مثه نُ هبني أساس قيام ال ه
رعوي اإلسالمية (املطلب األول) ،مثه نُ ه
(املطلب الثالث).
املطلب األول
تعريف الدولة اإلسالمية مع بيان أركانـها
نتبني أركان ها (الفرع الثاين).
نتناول هنا تعريف الدولة اإلسالمية (الفرع األول) ،مثه ه
الفرع األول :تعريف الدولة اإلسالمية:
مرة واحدة يف قوله سبحانه وتعاىل« :كي ال يكون دولة بني األغنياء منكم»(،)2
وردت كلمة «دولة» يف القرآن ه
ولفظ دولة برفع ال هدال يعين الغلبة ابلتهداول بني اجلماعات اإلنسانية ،والغلبة تعين من مجلة ما تعنيه قيام امللك( ،)3أي
قيام سلطة سياسية حاكمة بتعبري العصر ،وال يقوم امللك إاله إذا توفهرت أسبابه :اجلماعة البشرية ،واحليهز اإلقليمي الذي
اّلل يف خلقه .ومعىن ذلك أ هن لفظ
تبسط سيادت ها عليهما ،وتلك ُسنهة ه
تستقر عليه تلك اجلماعة ،والسلطة السياسية الّت ُ
ُّ
الزمنية ،كما قد ينصرف إىل النُّب هوة ،وقد ينصرف
امللك يف القرآن إذا تعلهق األمر ابإلنسان ،ينصرف يف معناه إىل السلطة ه
الشريعة اإلسالمية ،أل هن اإلسالم حارب التهمييز بني النهاس على أساس اجلنس (العرق).
) -)1اجلنسيهة كمصطلح مل تعرفها ه
( -)2سورة احلشر ،اآلية .7
الرابعة ،بريوت ( -)3اإلمام أبو جعفر حممد بن جرير الطّربي :تفسري الطهربي ه
املسمى جامع البيان يف أتويل القرآن ،اجمللد الثاين عشر ،دار الكتب ،الطهبعة ه
لبنان ،2005ص.38
2
اّلل عليه وسلهم ،فقد كان نبيها ورسوال ،وحاكما من هفذا ألحكام اإلسالم وشريعته
إليهما معا ،كما حدث مع نبيهنا صلهى ه
منزهة من العصبية
فتكونت على يديه هأول وحدة سياسية ه استقر به املقام يف املدينة اامل ن ورة ،إثر هجرته إليها .ه
بعدما ه
الّت نُبيهنها الحقا.
العرقية ،الهّت عرفها اتريخ البشرية ،فتهيهأت بذلك أسباب قيام الدولة اإلسالمية بتوفهر أركان ها ،ه
الّت نصفها حنن يف وقتنا احلاضر ابلدولة
قسموا العامل إىل دارين ،دار اإلسالم وهي ه
ممها يُذكر هنا أ هن فقهاء اإلسالم قد ه
اإلسالمية ،ودار احلرب ،وهي ال هّت تشمل يف وقتنا هذا ،مجيع الدول األجنبية املوجودة خارج بالد اإلسالم .اختلف
الفقهاء يف تعريف دار اإلسالم لفظا ،ولكنههم مل خيتلفوا يف املعىن العام هلا .نذكر بعض التهعاريف فيما يلي:
عرفها اإلمام أبو حنيفة بقوله« :إ ّن ال ّدار تكون دار اإلسالم مىت كان األمان فيها للمسلمني مطلقا واخلوف للكفر
ه
مطلقا( ،»)1رأى هذا اإلمام الف هذ أ هن أساس التهفرقة بني دار اإلسالم ودار احلرب هو أ هن الدار تكون دار إسالم مّت كان
الشوكة واألمن واألمان على اإلطالق واخلوف للكفرة على اإلطالق(.)2
للمسلمني القوة واملنعة و ه
عرب عنه أبو حنيفة ابل ّدار.
تضمن فكرتني أساسيتني ،هي إقليم دولة اإلسالم ال هذي هحسب تقديري هذا التهعريف ه
الشوكة على اإلطالق واخلوف ِ
القوة واملنعة و ه
والثهانيهة هي أ هن ال هدار ال تكون دار اإلسالم إاله إذا كان للمسلمني يف أرضهم ه
لغريهم على اإلطالق .مبعىن آخر إاله إذا كانت سيادة دولة اإلسالم على إقليمها سيادة مطلقة .هكذا جند هذا اإلمام
قد حت هدث عن فكرة إقليم ال هدولة اإلسالميهة وسيادت ها بقرون عديدة ،قبل أن يتح هدث فقهاء القانون الوضعي يف العصر
احلديث عن إقليم ال هدولة وسيادت ها كركنني من أركان ال هدولة احلديثة.
السرخسي بقوله« :دار اإلسالم إسم املوضع الذي يكون حتت يد املسلمني وعالمة
عرفها اإلمام ّ
ويف نفس املعىن ه
شوكة"(.)4
القوة وال ّ
ذلك أن أيمن فيه املسلمون » وهذا "أل ّن البقعة إ ّّنا تنسب إلينا أو إليهم ابعتبار ّ
()3
الشوكة واألمن
القوة و ه
حسب تعريف هذا اإلمام ،مّت وقعت أرض ما حتت يدي املسلمني أي سلطتهم وكانت هلم فيها ه
السيادة ،وجرت فيها أحكام اإلسالم ،كانت دارا لإلسالم.
و ه
أبّنا« :ال ّدار اليت نزهلا املسلمون وجرت فيها أحكام اإلسالم»( ،)5غين عن الذكر
وعرفها اإلمام ابن قيّم اجلوزيّة ه
ه
أ هن نزول املسلمني أرضا ما ،هإما يكون سلما أو فتحا ،والنهزول يعين اإلقامة ال هدائمة على اإلقليم ،وعلى هذا تكون دار
دراز :فكرة تنازع القوانني يف الفقه اإلسالمي ،دار اجلامعة اجلديدة للنهشر ،اإلسكندرية ،2004 ،ص.148
حممد علي ه ( -)1د .رمزي ه
السابق.
( -)2نفس املرجع ه
الرسالة للطهباعة والنهشر ،بريوت لبنان ،الطهبعة الثهانيهة،
مؤسسة ه
الذميني واملستأمنني يف دار اإلسالم ،رسالة دكتوراه ،ه
( -)3د .عبد الكرمي زيدان :أحكام ه
،1988ص.27
السرخسي :املبسوط ،دار الفكر للطهباعة والنهشر والتهوزيع ،بريوت الطهبعة األوىل ،2000اجمللهد اخلامس ،اجلزء العاشر،
( -)4اإلمام مشس ال هدين أبو بكر ّ
ص.27
الذمة ،املكتبة العصريهة ،صيدا ،بريوت ،الطهبعة األوىل ،2007ص.260 ( -)5اإلمام ابن القيهم اجلوزية :أحكام أهل ه
3
ك أ هن
ذمتهم أحكام اإلسالم ،وال ش ه
اإلسالم هي النهطاق املكاين ال هذي يقيم فيه املسلمون وجتري عليهم فيه وعلى أهل ه
السنة وإمجاع املسلمني. ُّ
تستمد شرعيهتها من الكتاب و ُّ ذلك ال يتح هقق إاله بسلطة ذات سيادة
الوهاب خالف بقوله« :دار اإلسالم هي ال ّدار الّيت رجري عليها أحكام اإلسالم وأيمن
الشيخ عبد ّ
عرفها ه
-كما ه
من فيها أبمان املسلمني سواء كانوا مسلمني أم ذميني»() 1هذا التهعريف يعين أ هن أحكام اإلسالم جتري على إقليم
الذميون ال هذين أطلق عليهم فقهاء اإلسالم :أهل دار
ال هدولة اإلسالميهة وعلى ح هكامه ،وعلى احملكومني وهم املسلمون و ه
اإلسالم.
والقوة فيها
وعرفها اإلمام أبو زهرة بقوله« :دار اإلسالم هي الدولة الّيت حتكم بسلطان املسلمني وتكون املنعة ّ
-ه
للمسلمني»()2هذا التهعريف استخدم فيه صاحبه مصطلح دار اإلسالم مرادفا ملصطلح ال هدولة املستخدم دوليا يف العصر
وسيتبني لنا من خالل شرح أركان دولة اإلسالم
ه مرة واحدة ،كما سبق البيان.
احلديث ،وقد ورد مصطلح الدولة يف القرآن ه
توصل إليه اجتهاد فقهاء اإلسالم عن فكرة ال هدولة.
أ هن شكل الدولة احلديثة استنبطه فقهاء القانون الوضعي يف أورواب ممها ه
املتأمل يف هذه التهعاريف يدرك أ هن مصطلح دار اإلسالم مستنبط من اآلية الكرمية «والّذين تـبـوءوا ال ّدار واإلميان من
ه
قبلهم حيبّون من هاجر إليهم وال جيدون يف صدورهم حاجة ممّا أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان هبم خصاصة»(،)3
املنورة ابل هدار ،وهي املوطن األصلي لألنصار ،ودار إقامتهم ال هدائمة .مثه إلتحق
اّلل سبحانه وتعاىل هنا ،املدينة ه
فقد نعت ه
مقر إقامته ال هدائمة ،اجتمعت له فيها
فاّتذها ه
اّلل عليه وسلهم ،ه
هبم املهاجرون ،وبعد ذلك التحق هبم رسول اهلدى صلهى ه
اّلل يف كتابه
الشريعة اإلسالمية ،كما أنزهلا هالسلطة الزمنيهة وال هدينية ،كان يسوس فيها املسلمني ويقضي فيهم أبحكام ه
الشريفة ،تفسريا ألحكامها ،وتنفيذا هلا ،فكان ذلك إيذاان مبيالد ال هدولة اإلسالمية ،الّت
يسنت فيها بسنهته ه
العزيز ،وكان ُّ
الّت نتص هدى لبياّنا فيما بعد.
املنورة ،بعدما هتيهأت أسباب قيامها بتوفهر أركاّنا ،ه
أسسها يف املدينة ه
ه
كل بلد يكون حتت يد املسلمني وخيضع لسلطتهم تكون هلم
خالصة ملا سبق ميكن تعريف ال هدولة اإلسالميهة أب ّّنا ّ
القوة واملنعة والشوكة واألم واألمان يتوالّهم حاكم مسلم يلتزم تطبيق أحكام اإلسالم فيه تطبيقا كامال شامال
فيه ّ
السواء بشريعة اإلسالم أل ّّنم يش ّكلون معا أهل دار اإلسالم.
وحيكم يف رعاايها مسلمني وذميّني على ّ
السابقة لدار اإلسالم هأّنا تتهفق مجيعها على أ هن دار اإلسالم هي اإلقليم ال هذي جتري فيه أحكام
يُالحظ على التهعاريف ه
يتم ذلك إاله إذا خضع لسلطة املسلمني ،فإن كان األمر كذلك كانت
اإلسالم ،وحيكم فيه بشريعته كقانون واحد ،وال ه
( -)1د .عبد الكرمي زيدان :أحكام الذميهني واملستأمنني ...مرجع سابق ،ص.17،16
حممد أبو زهرة :العالقات ال هدوليهة يف اإلسالم ،دار الفكر العريب ،القاهرة ،بدون اتريخ ،ص.19
( -)2اإلمام ه
( -)3سورة احلشر ،اآلية .9
4
والقوة واألمان فيه للمسلمني مطلقا .وال ميكن ه
تصور ذلك إاله بوجود سلطة فوقيهة قويهة حتمي محى السيادة واملنعة ّ
ّ
السنة .هكذا يتجلهى أ هن الدولة اإلسالمية
اإلسالم وتذود عن أهل داره ،وتطبهق أحكامه ،وحتكم بشريعته وفق الكتاب و ُّ
الشريفة،
ومفسر ابلسنهة النهبويهة ه
الشرع اإلسالمي ،كما هو حم هدد يف الكتاب ه
اّلل وسنهة رسوله ،فهي وليدة ه
مصدرها كتاب ه
فهو الهذي صاغها وح هدد شكلها وأهدافها وغايتها ووضع ضوابطها .وبعبارة أخرى هو الهذي أوجدها ،على خالف األمر
السابق ميكن استنباط أركان
يف الدول املعاصرة الّت هي من صنع القانون الذي وضعه اإلنسان نفسه .من خالل التهعريف ه
الدولة اإلسالمية.
الفرع الثّاين :أركان الدولة اإلسالمية:
نستنتج من تعريف الدولة اإلسالمية كما أوردانه أعاله أ هن هلا أربعة أركان نذكرها فيما يلي:
ّأوال-الركن األول :أهل دار اإلسالم:
األول لنشأت ها يف املدينة
يعترب أهل دار اإلسالم ركنا من أركان الدولة اإلسالمية .وقد تش هكل هذا الركن يف بداية العهد ه
وتكون يف بداية األمر من املسلمني أنصارا ومهاجرين إىل جانب
اّلل عليه وسلهم إليها .ه
الرسول صلهى ه
املنورة بعد هجرة ه
ه
السماويهة من
توسع فيما بعد ليشمل املسلمني وأهل األداين ه
أقليهة يهوديهة حمميهة تقيم معهم ،وهم من أهل الكتاب .مثه ه
الذمة ،وهو عقد أمان دائم،
ذمة املسلمني مبوجب عقد مسهاه فقهاء اإلسالم عقد ّ
يهود ونصارى وغريهم ،الذين دخلوا يف ه
فصاروا يُعرفون ابلذميهني ابعتبارهم من أهل دار اإلسالم ،أي شعب الدولة اإلسالميهة بتعبري العصر الهذي حنن فيه ،وعلى
استقر املعىن الذي أخذه مصطلح أهل دار اإلسالم ليشمل املسلمني وهم أغلبية رعااي الدولة اإلسالمية ،والذميني
ذلك ه
كل فئة من الفئتني تقيم إقامة دائمة يف دار اإلسالم ،وتوصف الفئتان معا أبهل دار اإلسالم( ،)1أي
وهم أقليهة رعاايها ،و ه
رعااي الدولة اإلسالمية ،فهم وطنيوها بتعبري القانون الدويل املعاصر.
الركن الثّاين :إقليم الدولة اإلسالمية:
اثنيّاّ -
الشريعة اإلسالمية يستلزم وجود حيهز من األرض يقيم عليه رعاايها إقامة دائمة وجتري عليه أحكام
إ هن قيام الدولة وفق ه
اّلل عليه وسلهم
املنورة أرضا خالصة للمسلمني بعد هجرة النهيب صلهى ه
الركن عندما صارت املدينة ه
اإلسالم .وقد توفهر هذا ه
الرسول ،الهذي آخى بينهم يف وحدة فريدة من نوعها،
حيث اجتمع املسلمون األوائل من املهاجرين واألنصار حول ه
إليهاُ ،
القوة واملنعة واألمن هلم ،هأدت إىل قيام الدولة
وكان يعيش إىل جانبهم أهل الكتاب من اليهود ،وبذلك توفهرت أسباب ّ
اّلل عليه وسلهم مهامه كرسول لل هدعوة اإلسالمية ،ويف ذات الوقت مارس صالحياته
اإلسالمية ،فباشر الهرسول صلهى ه
توسع إقليم الدولة اإلسالمية بفتح مكة ودخول سكان
كرئيس للدولة اإلسالمية على املستويني الداخلي واخلارجي .وقد ه
العريب الكبري ،دراسة مقارنة ،معهد البحوث وال هدراسات العربيهة ،1971ص.41
(-)1إبراهيم عبد الباقي :اجلنسيهة يف قوانني املغرب ه
5
حّت اتهسعت أرجاء الدولة
وظل اإلقليم يتم هدد ويتهسع يف عهد خلفائه ،ه اجلزيرة العربيهة يف اإلسالم زرافات ووحداان ،ه
اإلسالمية اتهساعا عظيما عن طريق الفتوحات اإلسالمية( ،)1الّت هأدت إىل انتشار ال هدعوة اإلسالمية ،فكان هناك تالزم
الشريعة اإلسالمية ،فتطابقت حدودها مع
بني اتهساع النهطاق اإلقليمي لدار اإلسالم وانتشار اإلسالم ،وسراين أحكام ه
يتعني بقدرة املسلمني على تطبيق أحكام
حدود جراين أحكام اإلسالم ،وهذا يعين أ هن حدود إقليم الدولة اإلسالمية ه
الشريعة اإلسالمية على األرض الّت وقعت حتت أيديهم بصورة كاملة .وممها يذكر هنا أ ّن إقليم الدولة اإلسالمية قد نشأ
ه
مستقالا عن ملكية احلاكم املسلم فكان فقهاء اإلسالم يعتربون إقليم الدولة اإلسالمية ملكية ع هامة ل ه
ألمة ،وال يدخل
اخلاصة للحاكم على خالف ما كان عليه الوضع يف القوانني الوضعية يف الغرب اىل وقت قريب ،حيث كان
يف امللكية ه
ظل هذا الوضع
يتصرف يف سائر أمالكه ،وقد ه
يتصرف فيه كما ه
حيق له أن ه
اإلقليم يُعترب جزءا من أمالك امللك أو األمري ُّ
العامة هي فكرة إسالميّة املنبت ،أخذ ب ها
قائما إىل غاية ّناية القرن 18وبداية القرن 19امليالديني .فكرة امللكيّة ّ
فقهاء القانون الوضعي يف العصر احلديث.
اثلثا-الركن الثالث :السلطة السياسية احلاكمة ذات السيادة:
السيادة " وإهّنا تُستنبط من تعريفهم لدار اإلسالم ،فقد
السياسية ذات ّ
السلطة ّ
مل يستخدم فقهاء اإلسالم عبارة " ُّ
وعربوا عن اإلقليم
شوكة واألمن ،ه
ابلقوة واملنعة وال ّ
السيادة ّ السلطة احلاكمة بسلطان املسلمني ه
وعربوا عن ه عربوا عن ُّ
ه
اليت نزهلا املسلمون أو البقعة اليت خضعت لسلطاّنم وأقاموا فيها إقامة دائمة ،ه
ألّنا امتنعت على غريهم ابألرض ّ
السياسية احلاكمة ذات
السلطة ّ
ذمتهم ،وهكذا يبدو جليا أ هن فكرة ُّ
فصارت دار إقامة دائمة للمسلمني ومن دخل يف ه
السيادة ترجع ضمنيها يف أصلها اىل اجتهاد الفقه اإلسالمي ،فجاء فقهاء القانون الوضعي يف العصر احلديث فاقتبسوها
ّ
السيادة هي فكرة حديثة ظهرت يف بداية القرن 16امليالدي وهي تعين
توصل إليه فقهاء اإلسالم ،ذلك أ هن فكرة ه
ممها ه
السياسية يف الدولة فتجعل منها ُسلطة عُليا آمرة(.)2
السلطة ه
الّت تنفرد ب ها ُّ
جمموعة االختصاصات ه
تصور شريعة
السيادة فكراتن متالزمتان ،ال وجود إلحدامها دون األُخرى .فال ُميكن ه
السياسية احلاكمة ،و ه
السلطة ه
إ هن ُّ
فالسيادة ترتبط بوجود الدولة
تبسط سيادت ها على اجملتمع داخليا وتعمل على احرتامها خارجيا .ه
عامة ُ
عامة دون ُسلطة ه
ه
ارتباط لزوم ،هلذا كان للدولة اإلسالميهة سلطة سياسية ذات سيادة على رعاايها وإقليمها .غري أ هن مفهوم ه
السيادة يف
كل
فلما كان اإلسالم عقيدة تنبثق منها شريعة تُنظهم اجملتمع املسلم يف ه
اإلسالم خيتلف عن مفهومها يف القانون الوضعي ،ه
أئمة
اّلل وسنهة رسوله ،وإمجاع ه السياديهة من كتاب ه
الّت تستم هدُ سطتها ه
شؤونه ،فإ هن ذلك استلزم قيام الدولة اإلسالمية ،ه
السياسيهة ،مطبعة دار الكتاب سنة ،1951ص.85 ( -)1عبد القادر عودة :اإلسالم وأوضاعنا ه
الرسالة ،الطهبعة األوىل ،1981ص.117
( -)2د .وهبة الزحيلي :العالقات ال هدوليهة يف اإلسالم ،مقارنة ابلقانون ال هدويل احلديث ،مؤسسة ه
6
السلطة كضرورة دينية فضال عن أنهها ظاهرة مدنية وسياسية ،ي ّ
سميها فقهاء اإلسالم املسلمني ،أل هن اإلسالم ينظُر إىل ُّ
اخلالفة ،أو اإلمامة ،أو والية األمر.
يستمد ُسلطته من أحكام الشريعة اإلسالمية الّت تسري عليه هو نفسه ،فإ هن ذلك ال ينفي أ هن ُّ إذا كان احلاكم املسلم
تتم إاله ببيعتهم له على اإلم امة ،ويف هذا قال اإلم ام املـ ـ ـ ـاوردي إ هن:
ُسلطته هي من ُسلطان املسلمني ،أل هن إمامته ال ُّ
()1
» ُّبوة يف حراسة ال ّدين وسياسة ُّ
الدنيا وعقدها ملن يقوم هبا واجب ابإلمجاع « اإلمامة موضوعة خلالفة الن ّ
الرسول وأويل األمر منكم» ،فطاعة هاّلل وأطيعوا ّ
مصداقا لقوله تعاىل « :أييُّها الّذين آمنوا أطيعوا ّ
()2
ويل األمر على
اّلل ورسوله ،وال تتح هقق هذه الطهاعة إاله بتطبيق أحكام اإلسالم تطبيقا كامال وشامال ،أل هن
املسلمني فرض إذا أطاع ه
اّلل ُسبحانه
الكل يرجع إىل سيادة كليهة هي سيادة ّ
سيادة الدولة يف اإلسالم مستم هدة من سيادة الشريعة اإلسالمية ،و ه
وتعاىل.
رابعا :الركن الرابع-جراين أحكام اإلسالم :يُعترب جراين أحكام اإلسالم ُركنا جوهراي لقيام دولة اإلسالم ،فهو الذي
الصفة اإلسالمية ،وي ميهزها عن الدول غري اإلسالمية ،بل إ هن األركان الثالثة الّت شرحناها سابقا ،وهي أهل دار
يُعطيها ه
السيادة مل توجد كلُّها إاله من أجل هدف واحد هو حتقيق
السلطة احلاكمة ذات ه
اإلسالم ،وإقليم الدولة اإلسالمية ،و ُّ
جراين أحكام اإلسالم ،واحلكم بشريعته ابعتبارها القانون األوحد الذي له الوالية ه
العامة يف دار اإلسالم(.)3
املطلب الثّاين
تعريف الرعوية اإلسالمية وعناصرها
نبدأُ بتعريف الرعوية اإلسالمية (الفرع األول) مثه نُ هبني عناصرها (الفرع الثاين).
الفرع األول :تعريف الرعوية اإلسالمية:
مل يرد مصطلح الرعوية اإلسالمية يف الفقه اإلسالمي صراحة ،كما مل يستخدمه فقهاء القانون الوضعي يف العامل العريب
الصالة
الشريف ،وهو حديث صحيح ،الذي قال فيه عليه ه
واإلسالمي ،وإهّنا اجتهدان يف استنباطه من احلديث النهبوي ه
السالم « :كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته فاإلمام راع وهو مسؤول عن رعيّته .)4(»...من هذا احلديث
و ه
العريب بريوت ،الطهبعة حممد بن حبيب البصري البغدادي املاوردي :األحكام ُّ
السلطانيهة يف الوالايت ال هدينيهة ،دار الكتاب ه ( -)1اإلمام أبو احلسن علي بن ه
الثهالثة ،1999ص.29
( -)2سورة النهساء ،اآلية .59
( -)3للمزيد من اإلطهالع عن مفهوم الدولة اإلسالمية وتعريفها وأركاّنا ،راجع رسالتنا لنيل شهادة الدكتوراه :ازدواجية اجلنسية وموقف القانون اجلزائري منها.
جامع اجلزائر ،1كليهة احلقوق ،بن عكنون ،نوقشت بتاريخ ،2014/05/13ص 168وما بعدها.
األول ،دار الكتب العلميهة ،بريوت ،لبنان ،طبعة جديدة ،2017احلديث رقم ،2409ص.434 ( -)4اإلمام البُخاري يف صحيحه ،اجلزء ه
السادس ،احلديث رقم ،4701ص.459 -أيضا اإلمام مسلم يف صحيحه ،شرح اإلمام النهووي ،دار ابن اهليثم ،القاهرة ،الطهبعة األوىل ،2003اجمللهد ه
-وأيضا اإلمام أبو داود يف سننه ،دار الكتب العلميهة ،بريوت ،لبنان ،الطهبعة األول ،1996اجلزء الثهاين ،احلديث رقم ،2928ص.339
7
السالم مصطلح رعية وراع وربط بينهما مبسؤولية الراعي-وهو اإلمام أو احلاكم-عن
الصالة و ه
الذي استخدم فيه عليه ه
رعيهته ،تنبثق فكرة الرعوية اإلسالمية ،الّت تعين انتساب الفرد الواحد إىل دار اإلسالم ،فيكون من أهل دار اإلسالم ،من
يتم ذلك
يتبني أ هن رعويهة األفراد يف دار اإلسالم ال تتح هقق إاله ببسط سلطان اإلسالم عليهم وفق شريعة اإلسالم ،وال ُّ
هنا ه
إاله بقيام دار اإلسالم مّت توفهرت أركان ها األربعة الّت شرحناها سابقا .ومن هذه األركان أهل دار اإلسالم ،وهم جمموعة
الشخصية إىل دار اإلسالم ويُقيم فيها إقامة دائمة
كل واحد منهم بصفته ه
سب ه
من األفراد يُش هكلون معا مجاعة سياسية ينت ُ
اإلسالمي كما يلي :الرعوية اإلسالمية هي انتساب
ه نعرف الرعوية
حّت جتري عليه أحكام اإلسالم .وعلى هذا ُميكننا أن ه
ه
شريعة اإلسالمية اليت رجري عليه حبسب
الفرد اىل دار اإلسالم بصفته رعية من أهل دار اإلسالم وفقا ألحكام ال ّ
استخدمت هنا مصطلح االنتساب يف تعريف الرعوية اإلسالمية ،أل هن النهسب ال يقبل
ُ ما إذا كان مسلما أو ذميّا.
التعدد على عكس مصطلح االنتماء املستخدم يف تعريف اجلنسية يف القانون الوضعي الذي يقبل االزدواجية والتع هدد ُّ
سيتبني ذلك الحقا .من هذا التعريف ُميكن استخراج عناصر الرعوية اإلسالمية.
كما ه
الفرع الثّاين :عناصر الرعويّة اإلسالمية:
الشريعة اإلسالمية .فهو من صنعها
الرعوية اإلسالمية هي انتساب الفرد إىل دار اإلسالم .هذا االنتساب يتح هدد وفق ه
السلطة احلاكمة يف دار اإلسالم .وعلى هذا تتضافر يف الرعوية اإلسالمية ثالثة عناصر هي:
صنع ُّ
ال من ُ
أوال-العنصر األول :دار اإلسالم أو الدولة اإلسالمية:
الشريعة اإلسالمية،
تُعترب دار اإلسالم عنصرا من عناصر الرعوية اإلسالمية ،وهي كما عرفها فقهاء اإلسالم ،وليدة ه
فالشريعة اإلسالمية-كما نعلم-قانون رهابين ،مصادرها
فهذه األخرية هي الّت ح هددت إطارها ومضمون ها والغاية منها .ه
صورة يف
أئمة املسلمني .على العكس من ذلك جند الدولة احلديثة الالهئكية كما هي ُم ه
السنهة وإمجاع ه
األساسية الكتاب و ُ
القانون الوضعي ،الّت ارتبطت هبا فكرة اجلنسية القانونية ،والّت ندرس مفهومها الحقا قد أنشأها قانون وضعي سنه
الشريعة اإلسالمية
السلطة التشريعية .فدار اإلسالم مل تنشأ إاله بتوافق مع أحكام ه
اإلنسان نفسه إبرادته عن طريق ُّ
يسنُّها االنسان من نفسه ،وإهّنا
ومقاصدها ،ومل تتعلهق يف نشأت ها إبرادة اإلنسان حاكما أو حمكوما ،وال ابلقوانني الّت ُ
الشرع يف « حراسة ال ّدين وسياسة
ويل األمر أن يكون مستخلفا عن صاحب ه
الشرع اإلسالمي ،الذي يُلزم ه
قامت على ه
ُّ
الدنيا» ،وهلذا وجدان علماء اإلسالم اجملتهدين يتقيهدون هبذه القاعدة يف اجتهادات هم الّت ه
عرفوا ب ها دار اإلسالم،
الشريعة اإلسالمية الّت ح هددت يف ذات الوقت ضمنيا فكرة الرعوية اإلسالمية ،الّت تستم هد
فاستنبطوا فكرت ها من أحكام ه
الشرع هو الذي يُ هبني كيفية التهمتُّع هبا وكيفية زواهلا
الشرع اإلسالمي ،مبصادره املختلفة ،أل هن هذا ه
نظامها القانوين من ه
يتسن ذلك إاله بعد التهمييز
وسلطتها احلاكمة ورعاايها ،ومل ه
عمن متتهع ب ها ،وهو الذي تسري أحكامه على دار اإلسالم ُ
ه
8
الّت جتري فيها أحكام اإلسالم على أهل
بني دار اإلسالم ودار احلرب .وقد أشران فيما سبق أ هن دار اإلسالم هي ال هدار ه
شريعة اإلسالمية من
فالسيادة فيها ألحكام ال ّ
دار اإلسالم ،وأيمن من فيها من املسلمني ومن الذميني أبمان اإلسالمّ .
حيث نفاذها وممارسة شعائرها(.)1
هأما دار احلرب فهي ال ّدار اليت ال ختضع لسلطان املسلمني وال رجري فيها أحكام اإلسالم وال أيمن من فيها أبمان
املسلمني .ومن النتائج الّت تسفر عن هذا التهباين بني ال هدارين ،اعرتاف ه
()2
الشريعة اإلسالمية اعرتافا واقعيا وشرعيا بوجود
()3
السيادة
حبق ه
يؤدي إىل االعرتاف ه
دول أُخرى يف هذا العاملّ ،تتلف اختالفا طبيعيا وقانونيا عن دار اإلسالم ،وهذا ه
لكل دار أن ُّتضع رعاايها لقوانينها،
حيق ه
كل دار على ما يقع حتت أيديهم ،وابلتهايل ُّ
السيادة القانونية ألهل ه
اإلقليمية و ه
كل األجانب املوجودين داخل إقليمها لقوانينها الوطنيهة.
بل خيضع ه
السياسية الدولية .وب هذا أرسى الفقه
فكل دار هلا شخصيتها القانونية وكيان ها اخلاص ب ها ،وابلتهايل هلا حدودها ه
ه
السلم واحلرب .ومن ضمن اإلسالمي أُسس عالقة الدولة اإلسالمية بغريها من الدُّول املنتمية إىل دار احلرب ،وذلك يف ه
الّت يلتزم هبا أهل دار اإلسالم من مسلمني وذميني ،وتُطبهق عليهم ،تلك امل تعلهقة ابملعامالت ،والرعوية
أحكام اإلسالم ه
كل فرد من أفرادمها ،مبعىن آخر ُحت هدد صفته الوطنية مبقتضى
اإلسالمية ،الّت تقتصر على هاتني الفئتني ،وحت هدد رعوية ه
الشرع اإلسالمي من خالل انتسابه إىل دار اإلسالم .وبذلك يكون طرفا الرعوية اإلسالمية مها ،دار اإلسالم من جهة،
ه
والفرد الذي يُعترب شرعا من أهل دار اإلسالم من جهة أخرى ،سواء كان مسلما أو ذميا ،وبذلك أيخذ وصف رعيّة دار
اإلسالم.
اثنيّا-العنصر الثاين :رعيّة دار اإلسالم:
ينصرف مصطلح رعيهة دار اإلسالم إىل الفرد الذي ينتسب شرعا إىل دار اإلسالم .يقتصر هذا االنتساب على صنفني
كل واحد منهما يُعترب رعيهة دار اإلسالم .وجمموع املسلمني والذميني يوصفون أب هّنم أهل
من األفراد مها :املسلم والذمي .ه
دار اإلسالم أي مبعىن شعب الدولة اإلسالمية بتعبري العصر احلايل .ه
كل فرد حيوز صفة رعيهة دار اإلسالم إذا كان
الشريعة اإلسالمية ،وخيضع لوالية
الصفة جرت عليه أحكام همنتسبا شرعا إليها مع اإلقامة ال هدائمة فيها .فإذا حاز تلك ه
دولة اإلسالم وسلطة احلاكم املسلم متييزا له عن أهل دار احلرب ،الذين يُنعتون ابحلربيني (مبعىن األجانب) ،وينتسبون إىل
9
دار احلرب مع اإلقامة فيها فال ُّ
متتد إليهم والية دار اإلسالم ،وال ُسلطة احلاكم املسلم ،وال جتري عليهم أحكام اإلسالم،
وال يدخلون دار اإلسالم إاله بعقد أمان مؤقّت ،حم هدد امل هدة ،وإذا دخلوها مبوجب هذا العقد ،أُطلق عليهم وصف
يتبني أ هن الرعوية اإلسالمية ال توجد إاله بوجود دار اإلسالم ورعاايها. املستأمنني ،ه
سنبني حكمهم الحقا .هكذا ه
اثلثا-العنصر الثّالث :االنتساب إىل دار اإلسالم:
تعترب دار اإلسالم كياان شرعيا وسياسيا ،ذات طبيعة دينية ومدنية يف آن واحد ،ال ميكن الفصل بني ما هو ديين ،وما
اّلل عليه وسلهم ،فكان من الطهبيعي أن تبدأ العالقة
الرسول صلهى ه
املنورة على يدي ه هو سياسي فيها .وقد نشأت يف املدينة ه
بني املسلم والدولة اإلسالمية من حلظة نشوئها ابلنهسبة ملن كان مسلما قبل ظهورها ،ومن حلظة ميالده لِمن ُولد فيها
الصلة بينه وبني ِ
مسلما بعد ظهورها ،ومن حلظة دخوله يف اإلسالم ابلنهسبة لمن اعتنق اإلسالم بعد ظهورها ،فتنشأ ه
الشريعة اإلسالمية ،الّت تقتضي أن يكون والؤه لدارخالق العباد ،وبينه وبني دار اإلسالم ،ومن مثه يتأ هكد التزامه أبحكام ه
اإلسالم لتتح هقق فيه صفة رعيهة دار اإلسالم ،ابنتسابه إىل دار اإلسالم كفرد مسلم ،يكون انتسابه ذاك انتسااب دينيا،
سياسيها وشرعيها.
الصفة ابنتسابه إىل دار اإلسالم مبوجب عقد
هما ابلنهسبة للذمي الذي يعترب من أهل دار اإلسالم فتتح هقق فيه تلك ه
اّلل وسنهة رسوله صلهى
الذمة كتاب ه ذمة ه
خيوله اإلقامة ال هدائمة واألبدية فيها ،ومصدر عقد ه يسمى عقد ال ّ
أمان دائم أبدي ه
أهم شروطه ان يقبل
مفصلة يف كتب الفقه اإلسالمي ،ومن ه
أئمة املسلمني .وقواعده وشروطه ه اّلل عليه وسلهم ،وإمجاع ه
ه
ِ
الذمي أن جتري عليه أحكام اإلسالم.
ه
نستخلص ممها سبق أ هن االنتساب إىل دار اإلسالم حي هقق للفرد سواء كان مسلما أو ذميا صفة رعيّة دار اإلسالم ،وعلى
لشريعة هذا تكون الرعوية اإلسالمية نظاما قانونيا إسالميا .ومن ه
أهم ما يرتتهب عنها التزام أهل دار اإلسالم أبحكام ا ه
للذمي يف جانبها املتعلهق ابملعامالت،
اإلسالمية ،ابلنهسبة للمسلم يف جانبها املتعلهق ابلعبادات واملعامالت ،وابلنهسبة ه
لشرعي الذي يتوافق مع طبيعة االنتساب الذمي أبمانه ،كلٌّ حسب مركزه ا ه
وكليهما آمن يف دار اإلسالم ،املسلم إبميانه ،و ه
لكل واحد منهما ،فنستجليه يف املطلب الثالث
إىل دار اإلسالم .هأما األساس ال هذي تقوم عليه الرعوية اإلسالمية ابلنهسبة ه
أدانه.
املطلب الثّالث
أساس قيام الّرعويّة اإلسالميّة
للذميني ابعتبار أ هن إقليمها خيضع لسلطة املسلمني ،وجتري فيه
إ هن دار اإلسالم تعترب وطنا للمسلمني ،وكذا وطنا ه
أحكام اإلسالم كلهها ،لكن إىل جانب هؤالء الذين يُع هدون من أهل دار اإلسالم ،هناك فئات أخرى يُصنهف أصحاب ها
حبسب عالقات هم بدار اإلسالم ،وهم ليسوا من أهلها ،منهم املستأمنون الذين أيتون من دار احلرب ليدخلوا دار اإلسالم
مبوجب عقد أمان مؤقّت ،فيكون حكمهم ابلنهسبة للدولة اإلسالمية أشبه حبكم األجانب يف الدولة احلديثة .ومنهم
تغريت صفتها بدخوهلا مع دار اإلسالم يف عهد املعاهدون الذين يسكنون دار العهد ،ه
الّت هي يف أصلها دار حرب ه
10
نص عليها العهد إىل أمد( .)1ومنهم احلربيون الذين يسكنون دار احلرب
الّت ه
لسلم ه
تلتزم فيه بعدم االعتداء واستمرار حالة ا ه
جمرد مصطلح للتهفرقة بني أهل دار اإلسالم وأهل
أو دار الكفر ،وال يعين مصطلح حريب أ هن دمه وماله مباحان ،بل إنهه ه
حّت يوجد داعي للحرب.
السلم ه
دار احلرب ،أل هن األصل بني ال هدارين هو ه
كنها قد أوضحنا فيما سبق أ هن الرعوية اإلسالمية بعناصرها الثالثة ال توجد إاله بوجود دار اإلسالم أبركان ها األربعة ،الّت
األول)،
شرحناها فيما سلف .وبناء على ذلك نتص هدى لبيان أساس قيام الرعوية اإلسالمية ابلنهسبة للمسلمني (الفرع ّ
وأساسها ابلنهسبة للذميهني (الفرع الثّاين) ،مثه ه
نعرج على بيان حكم املستأمنني يف دار اإلسالم ،وإمكانيهة متتُّعهم ابلرعوية
اإلسالمية (الفرع الثّالث).
الفرع األول :أساس قيام الرعويّة اإلسالمية ابلنّسبة للمسلمني:
يُك هِون املسلمون يف دار اإلسالم مجاعة دينية وسياسية يف آن واحد .فهم مجاعة دينية ألنههم مرتبطون بوحدة العقيدة،
احلق سبحانه وتعاىل« :إ ّن هذه ّأمتكم ّأمة واحدة وأان ربّكم ويش هكلون معا األ ّمة اإلسالمية ،الّت قال فيها ه
فاعبدون»( ،)2وقال تعاىل يف آية أخرى« :وإ ّن هذه ّأمتكم ّأمة واحدة وأان ربُّكم فاتّقون»( ،)3ومعىن اآليتني أ هن دينكم
واحد ،وشريعتكم واحدة وسنهتكم واحدة ،ويف اجلملة هو اإلسالم(.)4
إ هن معيار التهمييز بني املسلمني وغريهم هو اإلسالم .وهم مجاعة سياسية ألنههم جتمعهم وحدة الوالء والتهبعيهة لدار
تتضمن أحكاما شرعية الزمة لقيامالشريعة اإلسالمية ،الّت ه
اإلسالم ،أل هن اإلسالم دين ورعويهة ال يفصل بني العقيدة و ه
الشرعية ،الّت تنظهم مسائل الرعوية
دار اإلسالم واستمرارها ،يالزمها تطبيق أحكام اإلسالم فيها ،مبا يف ذلك األحكام ه
اإلسالمية ،دون أن يتوقهف ذلك على عقيدة الفرد ،حيث يتع هدى األمر إىل النهظر إليه كشخص قانوين تتوفهر فيه شروط
ذمي.
الّت حيملها أهو مسلم أم ه
للصفة ه
الشرعي لرعيهة دار اإلسالم ،تبعا ه
شغل املركز القانوين ه
الرعوية اإلسالمية ابلنهسبة للمسلم هو اإلميان
أتملنا التهعريف ال هذي ق هدمناه للرعوية اإلسالمية جند أ هن أساس قيام ه
إذا ه
املقرتن ابإلقامة ال ّدائمة يف دار اإلسالم .لكن ملاذا اإلميان واإلقامة معا؟ جنيب عن ذلك يف الفقرتني اآلتيتني:
أوال-اإلميان والرعوية اإلسالمية:
( -)1د .عبد احلفيظ عبد ربهه :فلسفة اجلهاد يف اإلسالم ،دار الكتاب اللهبناين ،بريوت ،1972ص 74وما بعدها.
( -)2سورة األنبياء ،اآلية .92
( -)3سورة املؤمنون ،اآلية .52
( -)4اإلمام عماد ال هدين أيب الفداء إمساعيل ابن كثري :تفسري القرآن العظيم ،مكتبة ه
الصفا ،مطابع دار البيان احلديثة ،الطهبعة األوىل ،2002القاهرة ،اجلزء
اخلامس ،ص 216و .276
11
اّلل يصبح عضوا يف مجاعة دينيّة تربطه أبفرادها وحدة
حممدا رسول ه
اّلل وأ هن ه
كل من ينطق بشهادة أ هن ال إله إاله ه
ه
ابألمة اإلسالمية( ،)1فاملسلم يعترب عضوا فيها
تسمى هذه اجلماعة ه
العقيدة ،دون اعتبار للعرق واللهغة واللهون واملكان .ه
تتكون من املسلمني أصال ،ومن الذميني من أهل
بصفته ال هدينية ،ولكنهه يف ذات الوقت يعترب عضوا يف مجاعة سياسية ه
الكتاب ومن دخل يف حكمهم .وهؤالء كلههم يش هكلون معا اجلماعة الّت أطلق عليها فقهاء اإلسالم أهل دار اإلسالم،
أي شعبها أو وطنيوها بتعبري القانون الدويل الوضعي .وأساس انتساب املسلم إىل دار اإلسالم ابتداءً هو اإلميان .وبناءً
اّلل عليه وسلهم حيمل صفة املسلم ،وحبملها يكون رعيهة لدار اإلسالم إذا كان
ابّلل ورسوله صلهى ه
كل فرد آمن هعلى ذلك ه
مقيما فيها .لكن على ه
أي أساس تستند اإلقامة يف دار اإلسالم؟ هذا ما نُبيهنه يف الفقرة الثهانية أدانه.
والرعوية اإلسالمية ابلنّسبة للمسلم:
اثنيا-اإلقامة يف دار اإلسالم ّ
ابلرعوية اإلسالمية ،بل الب هد أن يقرتن إميانه إبقامته
حّت يتمتهع ه
ال يكفي أن يعتنق الفرد اإلسالم ،أو أن يولد مسلما ه
أصال يف دار اإلسالم ،أو االنتقال لإلقامة والعيش فيها امتثاال لقوله تعاىل ذكره« :إ ّن الذين آمنوا و هاجروا وجاهدوا
اّلل والذين ءاووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ومل يهاجروا ما لكم
أبمواهلم وأنفسهم يف سبيل ّ
حىت يهاجروا» .هذه اآلية الكرمية وضعت أساسني متالزمني ه من واليتهم من شيء ّ
()2
للرعوية اإلسالمية ابلنهسبة
للمسلمني مها اإلميان واإلقامة يف دار اإلسالم .فإن كان الفرد مؤمنا ومل يرتك اتبعيهة دار الكفر ،أي مل يهاجر إىل دار
()3
الرعوية اإلسالمية
الرعوية اإلسالمية ،هلذا تقتصر ه
اإلسالم ليستوطنها فإنهه ال يُع هد من أهل دار اإلسالم ،وابلتهايل ال حيمل ه
على املؤمنني الذين يسكنون دار اإلسالم ،سواء الذين ُو ُلدوا فيها مسلمني ،أو الذين اعتنقوا فيها اإلسالم ،أو الذين
ابلرعوية اإلسالمية ،ويكون بعضهم
حّت جتري عليهم أحكام اإلسالم ،مبا فيها املتعلهقة ه
انتقلوا إليها من دار الكفر ،وذلك ه
املقرر شرعا أ هن « والية املسلم ال تكون لغري املسلم » فقد جاء يف اآلية الكرمية األخرى:
أولياء بعض ،أل هن املبدأ ه
«ال يتّذذ املؤمنون الكافرين أولياء من دون املؤمنني» ،فهنا ن هي صريح من ه
()4
اّلل سبحانه وتعاىل للمؤمنني أن
اّلل عليه وسلهم قوله « :أان بريء
اّلل صلهى ه
السياق نفسه جاء عن رسول ه
يتهخذوا الك هفار أولياء من دون املؤمنني ،ويف ه
كل مسلم يقيم بني أظهر املشركني» ،وقال يف حديث آخر« :من جامع املشرك وسكن معه فإنّه مثله»(.)5
من ّ
السكىن مع املشركني والك هفار والعيش بينهم قد يدفع املسلم إىل التهشبهه هبم ،فقد قال الذي ال ينطق عن اهلوى« :من
أل هن ه
تشبّه بقوم
13
هي مقيهدة بشرط اإلقامة أصال يف دار اإلسالم ،أو اهلجرة إليها عند املقدرة ،ويف حالة تع هذر ذلك متت هد إليهم واليتها إذا
تعرضوا للظهلم واالضطهاد يف دينهم وحريهتهم ،وإهدار حقوقهم بسبب عقيدت هم. ه
الشريعة اإلسالميهة ال تعرتف أصال ابزدواج االنتساب إىل ال ّدارين يف آن واحد ،بل ال تسمح
نستنتج ممها سبق أ هن ه
غري رعويهته اإلسالمية برعويهة دار احلرب ،أل هن ذلك يُع هد ارتدادا عن ال هدين اإلسالمي وّتلهيا عن أحكام
مطلقا للمسلم أن يُ ه
اإلسالم .فالفرد هإما أن يكون رعيهةً لدار اإلسالم ،أو رعيه ًة لدار احلرب ،وال ميكن اجلمع بينهما مطلقا.
الرعوية اإلسالمية ابلنّسبة للذميني:
الفرع الثّاين :أساس قيام ّ
أمجع فقهاء اإلسالم على أ هن الذميني من أهل دار اإلسالم ،أي من وطنييها ،إذ يُعتربون من شعب الدولة اإلسالمية،
الضمان واألمان(،)1
الذمة لغة هي العهد و ه
الشريفة واإلمجاع .و ه
اخلاصة هبم من القرآن والسنهة النهبوية ه
مستنبطني األحكام ه
الذمة هم املعاهدون من اليهود والنهصارى وغريهم ممهن يقيمون يف دار اإلسالم إقامة دائمة مبوجب عقد مسهاه فقهاء
وأهل ه
الّت قام عليها هذا
الشرعية ه
الذمة مع بيان النُّصوص هالذمة ،هلذا يتطلهب منها هنا أن نُق هدم تعريفا لعقد أهل ه
اإلسالم عقد ه
الرعوية اإلسالمية العقد ،وذلك يف فقرة أوىل ،مثه نستخلص من ذلك أ هن عقد ه
الذمة هو األساس األصلي الذي تقوم عليه ه
ابلنهسبة للذميهني ،وذلك ما نبيهنه يف فقرة اثنيّة.
شرعية اليت قام عليها:
الذمة مع بيان النّصوص ال ّ
أوال-تعريف عقد ّ
قر احلاكم املسلم ،أو انئبه أهل الكتاب أو غريهم من الك هفار على كفرهم الذمة :عقد ه
الذمة هو أن يُ ه -)1تعريف عقد ّ
ليقيموا يف دار اإلسالم إقامة دائمة وأبديهة بشرطني األول أن يلتزموا أحكام اإلسالم يف اجلملة ،والثاين أن يبذلوا اجلزية
()2
يتبني أ هن املسلمني والذميني متساوون يف احلقوق
على أن يكون هلم ما للمسلمني وعليهم ما عليهم .من هذا التهعريف ه
كل يتعبهد حسب عقيدته ،غري أنههم يُع هدون مجيعهم من أهل
والواجبات إاله ما تعلهق ابلعقيدة ال هدينية فإ هّنم خمتلفون فيها ،ه
دار اإلسالم.
الذمة:
اليت قام عليها عقد ّ
شرعيّة ّ
-)2النّصوص ال ّ
الشريفة ،ذلك ما نبيهن ه يف الفقرة األوىل والثانية أدن اه.
الذمة القرآن والسنهة النهبوية ه
األصل يف عقد ه
حيرمون ما
ابّلل وال ابليوم اآلخر وال ّ
الذمة :هو قوله تعاىل ذكره« :قاتلوا الذيـن ال يؤمنون ّ
-1األصل القرآين لعقد ّ
حىت يعطوا اجلزية عن يد وهم صاغرون» .ه
اّلل ورسوله وال يدينون دين احل ّق من الذين أوتوا الكتاب ّ
حرم ّ
()3
تسمى ّ
هذه اآلية آية اجلزية.
اّلل عليه وسلهم يف أحاديث نبويهة شريفة منها هذا احلديث الذمة :دلهت عليه سنهة رسول ه
اّلل صلهى ه السّن لعقد ّ
-2األصل ّ
فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم
ّ عدوك من املشركني فادعهم إىل ثالث خصال
الصحيح حيث جاء فيه« :إذا لقيت ّ
ه
ِ
وض املُربِ ُع شرح زاد ال ُمست قنع ،ه
مؤسسة املختار للنهشر والتهوزيع ،الطهبعة األوىل ،القاهرة ،2005 (-)1اإلمام منصور بن يونس بن إدريس املعروف ابلبهويتُّ :
الر ُ
ص.285
الصفحة.
السابق ،نفس ه
توسعنا فيه اقتباسا من التهعريف الذي ق هدمه اإلمام البهويت ،املرجع ه
(-)2هذا التهعريف ه
( -)3سورة التهوبة ،اآلية.29
14
كف عنهم...فإن هم أبوا فسلهم اجلزية فإن هم
كف عنهم مثّ ادعهم إىل اإلسالم فإن أجابوك فاقبل منهم و ّ
و ّ
ابّلل وقاتلهم» .من اآلية الكرمية واحلديث النهبوي ه
كف عنهم فإن هم أبوا فاستعن ّ
أجابوك فاقبل منهم و ّ
()1
السابق
ذكرمها استنبط فقهاء اإلسالم أ هن أهل الكتاب من اليهود والنهصارى وغريهم ممهن دخل يف حكمهم من اجملوس والعجم
الذمة،
الشرطان الالهزمان النعقاد عقد ه الوثنيني عندما قبلوا أن يبذلوا اجلزية للمسلمني ،وأن يلتزموا أحكام اإلسالم ،ومها ه
حق املسلمني ،ف ُِرتكوا وما
ذميني ،وابلتهايل أصبحوا من أهل دار اإلسالم ،فثبت يف ح هقهم ما هو اثبت يف ه
ال هذي صاروا به ه
الشرعيهة املعروفة" :أمران برتكهم وما يعتقدون" .واجلزية هي مال يوضع على من دخل يف ه
ذمة يعتقدون وفقا للقاعدة ه
الشرعية القائلة« :إ ّّنا بذلوا اجلزية
املسلمني وعهدهم جزاءً على تركهم على كفرهم يف دار اإلسالم ،طبقا للقاعدة ه
ليـتـركوا وما يعتقدون» ،فتُعصم دماؤهم وأمواهلم وأعراضهم ،وتُكفل ه
()2
حرايت هم .واحلكمة من وضعها هي جراين أحكام
حّت يتساوى أهل
الّت هي واجبة عليهم بطريق العبادة ،ه
اإلسالم ،ويف مقابل فرضها عليهم فُرضت الهزكاة على املسلمني ،ه
املقررة شرعا ،وينتفعون مبنافع دار
وذميني ،فيستظلهون براية واحدة ،ويتمتهعون جبميع احلقوق ه دار اإلسالم من مسلمني ه
الذميني نظري دفاع املسلمني
اإلسالم املباحة شرعا بنسبة واحدة ،إاله ما ارتبط منها ابلعقيدة ،كما أ هن اجلزية أوجبت على ه
كل من قصدهم أبذى( .)3فقد أوصى النهيب صلهى
عنهم ومحايتهم يف دار اإلسالم ،الّت يُقيمون فيها ،واحملافظة عليهم ودفع ه
الذمة خريا»( ،)4هلذا قال ابن حزم يف مراتب اإلمجاع:
اّلل عليه وسلهم ابإلحسان إليهم حينما قال« :استوصوا أبهل ّ
ه
والسالح
الذمة وجاء أهل احلرب إىل بالدان يقصدونه وجب علينا أن خنرج لقتاهلم ابلكراع ّ «إ ّن من كان يف ّ
اّلل عليه وسلّم فإ ّن تسليمه دون ذلك إمهال لعقد اّلل ورسوله صلّى ّ
ذمة ّونـموت دون ذلك صوان لمن هم يف ّ
الذمة» ،أل هّنم من أهل دار اإلسالم .وقد ه
()5
السابقة أبنهها
الصغار الواردة يف اآلية ه
اّلل كلمة ه
الشافعي رمحه ه
فسر اإلمام ه ّ
()6
أئمة اإلسالم آبية اجلزية وابألحاديث النهبوية،
استدل ه
الذمة ،أُسوة ابملسلمني ،و ه
تعين جراين أحكام اإلسالم على أهل ه
حّت يصري من أهل دار اإلسالم ،وهذا ما أ هكده رسول الذمة ه
كل كافر دخل يف عقد ه على أ هن اجلزية جيوز أن تُؤخذ من ه
اّلل عليه وسلهم عندما قال« :سنّوا ابجملوس سنّة أهل الكتاب»( .)7واجملوس هم عبدة النهار ،وأيخذ حكمهم
اهلدى صلهى ه
عبدة األواثن.
للذميني:
الرعوية اإلسالمية ابلنّسبة ّ
الذمة أساس أصلي لقيام ّ
اثنيا-عقد ّ
السادس ،دار ابن اهليثم ،الطهبعة األوىل ،القاهرة ،2003ص315و .316 ( -)1صحيح اإلمام مسلم ،شرح اإلمام النهووي ،اجمللهد ه
ابلسرخسي :املبسوط ،اجمللهد الثهالث ،اجلزء اخلامس ،مرجع سبق ذكره ،ص.36 حممد املعروف ه ( -)2اإلمام مشس ال هدين أبو بكر ه
السنهة ،اجلزء الثهالث ،مكتبة دار الرتاث ،القاهرة ،2005ص.47 ( -)3السيهد سابق فقه ه
الصنهاجي املشهور ابلقرايف :الفروق ،املكتبة العصريهة ،صيدا ،بريوت ،اجلزء الثهالث سنة ،2011 ( -)4اإلمام القرايف :شهاب ال هدين أمحد بن إدريس ،ه
ص.11
الصفحة.السابق ،و ه( -)5اإلمام القرايف ،نفس املرجع ه
(-)6اإلمام أبو أمحد احلسني بن مسعود املشهور ابلبغوي :معامل التهنزيل يف التهفسري والتهأويل ،دار ابن حزم للطهباعة والنهشر ،بريوت ،لبنان ،الطهبعة األوىل سنة
1423ه2002 ،م ،ص.551
السرخسي :املبسوط ،اجمللهد اخلامس ،اجلزء العاشر ،مرجع سبق ذكره ،ص.63 (-)7اإلمام ه
15
الرعوية اإلسالمية ابلنهسبة
الشرعية الّت حتكمه أ هن أساس قيام ه
يتبني من خالل تعريف عقد الذ همة أعاله وبيان النهصوص ه ه
حق اإلقامة ال هدائمة واألبدية يف دار اإلسالم ،سواء كان هذا العقد
كل واحد منهم ه خيول هالذمة ،الذي ه للذميني هو عقد هه
أئمة
اّلل وسنهة رسوله ،مثه إمجاع ه
نص شرعي هو كتاب ه صرحيا ،أو عن طريق القرائن ال هدالة عليه ،أل هن ال هداللة قوامها وجود ه
شارع احلكيم ،فإذا صار
اإلسالم ،وما إرادة الدولة اإلسالمية يف هذا العقد ،وإرادة احلريب املتعاقد إاله تعبري عن إرادة ال ّ
ذريته من بعده( ،)1فيُصبح متمتهعا
الذمة الذي عقده صراحة أو ضمنيا سرى عليه هو نفسه ،وعلى ه ذميا بعقد ه احلريب ه
ابلرعوية اإلسالمية ،سواء كانوا صغارا حلظة دخوله يف
الذمة ،فيتمتهعون هم بدورهم ه
ابلرعوية اإلسالمية وتبعه أوالده يف ه
ه
الرعوية اإلسالمية.
الذمة وحتوز مثله ه
الذمة أو ُولدوا بعد دخوله فيه ،وكذلك زوجته تتبعه يف ه
عقد ه
الذمة،
يتغري أساس رعويته اإلسالمية ،فال يعود هو عقد ه
الذمي إذا اعتنق اإلسالم ،ه
بقي يف األخري أن نشري إىل أ هن ه
وإهّنا هو اإلميان واإلقامة يف دار اإلسالم ،ألنهه صار مسلما(.)2
ابلرعوية اإلسالمية:
الفرع الثّالث :حكم املستأمنني يف دار اإلسالم وإمكانية متتُّعهم ّ
نتناول يف فقرة أوىل حكم املستأمنني يف دار اإلسالم ،مثه نعرض يف فقرة اثنيّة إمكانيهة متتُّعهم ه
ابلرعوية اإلسالمية ،مثه
نبني يف فقرة اثلثة كيف ينتهي عقد األمان املؤقهت اخلاص ابملستأمنني.
ه
أوالّ-حكم املستأمنني يف دار اإلسالم:
كل حريب ينتمي إىل دار احلرب ،ويدخل دار اإلسالم ،فيُعطى أماان مبوجب عقد أمان مؤقهت ،ليقيم املستأمن هو ه
السياحة ،وغري ذلك من األسباب .فإذا أُعطي فيها إقامة مؤقهتة ،الغرض منها أداء رسالة ،أو طلب علم ،أو التهجارة ،أو ه
األمان يكون قد أُستؤمن على نفسه ،وعرضه ،وماله ،لكن بشرط أن يرتك قتال املسلمني ،أو معادات هم ،وأن يلتزم أحكام
يتعرض له أحد بسوء .هلذا يُعترب أثناء
اإلسالم خالل م هدة إقامته يف دار اإلسالم ،فيعيش فيها معصوم الدم واملال ،وال ه
إقامته يف دار اإلسالم أجنبيا عنها ،لكنهه ُمستأمن .واألمان ُمينح للحريب (األجنيب) يف ه
السلم وأثناء احلرب ،ولكن مل هدة
الزمن ،فإذا انتهت ُرفع عنه األمان وعاد إىل مأمنه يف دار احلرب ،ألنهه من أهلها .واألصل يف عقد األمان
حم هددة من ه
نبني ذلك فيما أييت أدانه.
املؤقهت هو القرآن والسنهة .ه
-)1األصل القرآين لعقد األمان املؤقّت :هو قوله سبحانه تعاىل ذكره« :وإن أحد من املشركني استجارك فأجره
اّلل مثّ أبلغه مأمنه ذلك أبّنّم قوم ال يعلمون» .يف هذه اآلية خطاب من ه
حىت يسمع كالم ّ
()3
اّلل سبحانه وتعاىل إىل ّ
اّلل ،أي القرآن
حّت يسمع كالم ه
اّلل عليه وسلهم مفاده أنهه إذا جاءك أحد من الك هفار واستأمنك فأجبه اىل طلبه ه
نبيهه صلهى ه
()4
عامة تقضي
حّت يرجع إىل بلده وداره ومأمنه .هذه اآلية وضعت قاعدة هحجة عليه ،واجعله آمنا مستمر األمان ه ليكون ه
(-)1اإلمام ابن قيهم اجلوزيهة :زاد املعاد يف هدي خري العباد ،دار ابن حزم ،بريوت الطهبعة األوىل ،1999ص.409
السرخسي :املبسوط ،مرجع سبق ذكره ،اجمللهد اخلامس ،اجلزء العاشر ،ص.22 (-)2اإلمام ه
السابق ،ص.69 (-)3نفس املرجع ه
(-)4د .عبد الكرمي زيدان :أحكام الذميهني واملستأمنني يف دار اإلسالم ،مرجع سبق ذكره ،ص 40و.41
ُ
5رمزي حممد علي دراز :فكرة تنازع القوانني يف الفقه اإلسالمي ،مرجع سابق ،ص .210
17
السواء ،بل هو مطالب ابستنقاذه إذا أسره الك هفار وجيب عليه أن يسرتجع
يقصده ابألذى من املسلمني ومن الك هفار على ه
ما أُخذ منه من أموال(.)1
سمى يف القانون الدويل الوضعي امل عاصر مبركز األجانب أو حالةإ هن حكم امل ستأمنني يف دار اإلسالم يُشبه ما يُ ه
األجانب ،وذلك يعين أ هن فكرة مركز األجانب يف القانون الوضعي مأخوذة من فكرة حكم املُستأمنني يف الشريعة
فالشرع اإلسالمي هو هأول من أعطى كل فكرة عن األُخرى .وعلى هذا ه اإلسالمية ،مع اختالف يف مصادر وطبيعة ه
الراشدين،
السنهة ،وعمل اخللفاء ه
الشخصية القانونية لألجانب وح هدد مركزهم شرعا بدقهة متناهيهة استنادا إىل ال ُقرآن و ُّ
ه
كل ذلك عن طريق االجتهاد أحكاما شرعيهة ضبطت حدود العالقة بينهم وبني أهل دار فاستنبط فقهاء اإلسالم من ه
وذميني من جهة ،وبينهم وبني دار اإلسالم من جهة اثنية ،بل إ هن الشريعة اإلسالمية قد فسحتاإلسالم من مسلمني ه
ابلرعوية اإلسالمية.
أمامهم إمكانية التمتُّع ه
ابلرعوية اإلسالمية:
اثنيا-إمكانيّة متتُّع املستأمنني ّ
ابلرعوية اإلسالمية إذا رغبوا فيها ،وذلك من خالل القرائن وال هدالئل
للمستأمنني أن يتمتهعوا ه
أجازت الشريعة اإلسالمية ُ
اآلتية:
-)1حتويل اإلقامة املؤقّتة يف دار اإلسالم إىل إقامة دائمة فيها :إذا ه
حول املُستأمن إقامته املؤقهتة يف دار اإلسالم إىل
الذمة.
ابلرعوية اإلسالمية على أساس عقد ه
ذميا من أهل دار اإلسالم ،ومتمتهعا ه
إقامة دائمة ،فإنهه يصري ه
-)2شراء املستأمن أرضا خراجية يف دار اإلسالم :إذا اشرتى املستأمن أرضا خراجية يف دار اإلسالم وزرعها صار
ُ
ذميا ،وابلتهايل تضع الدولة اخلراج على تلك األرض ،أل هن اخلراج وظيفته مالية ال يلتزم ب ها شرعا إاله من كان من أهل دار
ه
اإلسالم ،أي من رعاايها احلاملني لرعويتها ،بعبارة أُخرى من وطنيي دولة اإلسالم.
الزواج :إذا ه
تزوجت احلربيهة ال ُمستأمنة رجال من أهل دار اإلسالم تكون قد ابلرعوية اإلسالمية عن طريق ّ
-)3التّمتُّع ّ
ّترج إاله إبذنه ،فكأنهها عندما جعلت نفسها السكىن ،ال ُ استوطنت دار اإلسالم ،وصارت ذ همية ،ألنهها تتبع زوجها يف ه
الرضا بطريق عد داللة ،ك هاتبعة لِمن هو من أهل دار اإلسالم قد رضيت اإلقامة فيها على وجه التهأبيد ،فرضاها بذلك يُ ُّ
()2
ابلرعوية اإلسالمية.
ذمية ،ومتتهعت ه اإلفصاح ،فبهذا صارت ه
ابلرعوية اإلسالمية على أساس اإلميان واإلقامة ال هدائمة-)4اعتناق اإلسالم :إذا اعتنق امل ستأمن اإلسالم ،صار متمتهعا ه
يف دار اإلسالم ،وهذا هو اهلدف املرجو من عقد األمان املؤقهت.
اليت ينتهي هبا عقد األمان املؤقّت اخلاص ابملستأمنني:
اثلثا-الكيفيّة ّ
ينتهي عقد األمان املؤقهت اخلاص ابل مستأمنني بع هدة طُرق ،نوجزها فيما يلي:
دراز يف كتابه :فكرة تنازع القوانني يف ( -)1اإلمام النهووي :اجملموع شرح امله هذب ،النهاشر زكراي علي يوسف ،بدون اتريخ ،ص ،197ذكره د .رمزي ه
حممد علي ه
الفقه اإلسالمي ،مرجع سبق ذكره ،ص.248
(-)2اإلمام السرخسي :املبسوط ،مرجع سابق ،اجمللد اخلامس ،اجلزء العاشر ص.68
18
-)1بتحويل عقد األمان املؤقهت إىل عقد أمان دائم ،أي إىل عقد ذمة ،وذلك عندما يتوطهن امل ستأمن دار اإلسالم ويُقيم
فيها إقامة على وجه التهأبيد ،فصري ذميا من أهل دار اإلسالم.
-)2بعودة امل ستأمن إىل دار احلرب ن هائيا ألنهه من أهل دارها ،فإذا أراد العودة إىل دار اإلسالم من جديد فال يُمكنه
ذلك إاله بعقد أمان مؤقهت جديد.
-)3ينتهي عقد أمان ال مُستأمن ابعتناقه اإلسالم ،فيصري رعيهةً لدار اإلسالم ومتمتهعا ابلرعوية اإلسالمية على أساس
اإلميان واإلقامة ال هدائمة يف دار اإلسالم.
الضرر
تبني أ هن يف استئمانه إحلاق ه للمستأمن بنقضه من احلاكم اامل سلم ،إذا ه
-)4ينتهي عقد األمان املؤقهت املمنوح ُ
ب
ابملسلمني وبدار اإلسالم ،ويف هذه احلالة ينبذ إليه عهده وأمانه لقوله تعاىل ذكره « :وإما ختافن من قـوم خيانة فننبذ
ب ٱخلآئنني»( ،)1وهذا يعين إبعاد ال ُمستأمن من دار اإلسالم ،إذا صار يف استئمانه خطر
إليهم عل ٰى سوآء ۚ إن ٱّلل ال حي ُّ
عليها ،وهو ما يُعرف يف القانون الدويل امل عاصر إببعاد األجانب من الدولة الّت يُقيمون فيها إذا كان وجودهم فيها
العامة يف الدولة للحفاظ على سالمتها ،وأمنها،
السلطة هيُش هكل خطرا على أمنها ونظامها العام ،وقرار اإلبعاد تُصدره ُّ
العامة واحليوية.
س مبصاحلها ه كل ما ميُ ُّ
ومحاية جمتمعها ،و ه
الّت ُجعلت له(.)2
-)5ينتهي عقد األمان املؤقهت ابنتهاء امل هدة ه
املبحث الثّاين
مفهوم اجلنسيّة يف القانون الوضعي
إ هن فكرة اجلنسية يف القانون الوضعي مرتبطة بوجود الدولة احلديثة ،لكن هذه األخرية قامت ابتداءً على أساس مبدإ
األول) مثه
األمة احلديثة ،هلذا نُق هدم تعريف اجلنسية من خالل التهمييز بني األمة والدولة (املطلب ّ
القومية املنبثق من فكرة ه
نبني عناصر اجلنسية القانونية (املطلب الثاين) وخنتم ببيان األسس الّت تقوم عليها اجلنسية القانونية (املطلب الثالث).
ه
األول
املطلب ّ
األمة وال ّدولة
تعريف اجلنسيّة من خالل التّمييز بني ّ
مرة يف قاموس األكادمييهة الفرنسيهة سنة .)3( 1835هذا املصطلح
ألول ه
أستُخدم مصطلح اجلنسية Nationalitéه
األول)،
األمة وعالقته ا بفكرة اجلنس ية (الفرع ّ
يف وقتنا الراهن حيم ل معنيني اثنني ،األول ينصرف يف معن اه إىل ه
والثهاين ينصرف إىل الدولة احلديثة وعالقتها بفكرة اجلنسيهة (الفرع الثّاين).
( -)1راجع فكرة االنتماء على أساس الشُّعور القومي ،رسالتنا ،مرجع سبق ذكره ،ص19و.20
( -)2هنري ابتيفول ، H.Batiffol ،وبول الغارد : P.Lagarde ،القانون الدويل اخلاص.
Droit international privé, 6em Edition LGDJ ,Tome1 , 1974 Paris, p65.
20
األمة يف مفهومها االجتماعي
-)2أنهها ال تُنظهم مبوجب قانون صادر عن سلطة سياسية ذات سيادة ،لعدم توفهر ه
احملض على سلطة سياسية ذات سيادة حتكمها.
األمة يف مفهومها
-)3أنهها موجودة واقعيا يف ضمري اجلماعة املش هكلة لأل همة وسلوكها وأحاسيسها ،أل هن االنتماء إىل ه
االجتماعي الصرف ،هو انتماء اجتماعي معنوي ،وليس انتماء سياسيا وقانونيا.
الفرع الثّاين :الدولة وعالقتها بفكرة اجلنسيّة:
وترسخت
اجلنسية يف معناها احلديث مرتبطة ابلدولة احلديثة ،الّت أخذت معاملها تتش هكل مع بداية القرن 17امليالدي ،ه
أسسها القانونية يف القرن 19امليالدي يف أورواب املسيحية ،بعد قيام الثهورة الفرنسية سنة ،1789الّت كان من أهدافها
كل
فصل الدولة عن شخص احلاكم ،فربطت فكرة سيادة الدولة بسيادة الشعب ،فصارت إرادة الشعب هي مصدر ه
الشأن يف
السلطات ،كما كان عليه ه السلطات :التهشريعية ،والتهنفيذية ،والقضائية ،ومل تعد إرادة احلاكم هي مصدر تلك ه
ه
()1
عهد احلكم امل طلق ،ممها أدخل تغيريا جذراي على فكرة االنتماء ،حبيث صار أفراد اجلماعة البشرية القائمة على أساس
فك
وحدة األصل ينتمون إىل الدولة ابعتبارها شخصا معنواي عاما ،خماطبا أبحكام القانون الدويل املعاصر ،وبذلك مته ه
السياسي ،مش هكل ني ركن
اإلرتباط بني الدولة وشخص احل اكم ،فصار األفراد ينتمون إليه ا ويدينون هل ا وحدها ابلوالء ه
الشعب فيها ،وقد حتكم يف حتديد فكرة االنتماء إىل الدولة احلديثة يف أورواب عنصران متضافران:
األول :هو االنتماء القومي الذي يعين وحدة أصل أفراد الشعب الواحد ،ه
الّت ميزهتا األساسية وحدة لغة -العنصر ّ
التهخاطب بني أفراده.
كل دولة من الدول األوروبية املسيحية إىل دين واحد هو ال هدين -العنصر الثّاين :هو انتماء أغلب أفراد الشعب يف ه
وخلوه
السمة املميهزة لل هدين املسيحي هي روحانيته ،ه املسيحي ،بل إ هن هذا العنصر هو القاسم املشرتك بينها مجيعها .إ هن ه
من أحكام وقواعد قانونية تنظهم حياة املسيحيني بعضهم ببعض من جهة ،وعالقتهم بدولتهم من جهة اثنية ،ممها فتح اجملال
لظهور أنظمة احلكم املطلق املستب هدة .فكان ذلك من أسباب قيام الدولة احلديثة الالئكية ،الّت مل تكن هتدف إىل عزل
عززت دوره يف ذلك من خالل عزل احل هكام يتصور البعض ،بل هإّنا ه
ال هدين املسيحي عن فكرة االنتماء إىل الدولة ،كما ه
أي إمكانية لظهور الت ألغت هعن ال هدين ،أل هّنم استغلهوه استغالال سيهئا هأدى إىل قيام أنظمة احلكم املطلق االستبدادية ه
احلرايت الفردية وحقوق املواطنة .وبعزل الدولة وال هدين املسيحي عن شخص احلاكم ظهرت الدولة احلديثة ،ولكن ظهورها
مل يكن يعين ّتلهيها عن ال هدين املسيحي ،وإهّنا يعين محايته وإعزازه .وعلى هذا فإ هن ال هدين املسيحي كان يف املاضي ،وما
الت حت هدد فكرة االنتماء إىل الدولة يف الغرب املسيحي(.)2
يزال يف احلاضر ،وسيبقى يف املستقبل أهم العناصر ه
الراهن انتماء الفرد اىل دولة ما ،انتماء متع هدد
من خالل ما قُلناه أعاله ،يبدو جليا أ هن اجلنسية صارت تعين يف وقتنا ه
يتوضح ذلك فيما بعد ،هلذا نتص هدى أوال إىل تعريف الدولة احلديثة ،مثه نق هدم اثنيا أهم التهعاريف الفقهية الّت
األبعاد ،كما ه
قيلت يف اجلنسية القانونية املرتبطة هبا ،وأخريا نق هدم التهعريف الذي نقرتحه ،وذلك فيما يلي:
( -)1راجع رسالتنا االنتماء على أساس الوالء املطلق للحاكم ،مرجع سابق ص16اىل .19
( -)2راجع فكرة االنتماء على أساس ال هدين ،مفصلة ،رسالتنا مرجع سابق ،ص 20إىل .39
21
أوال-تعريف الدولة احلديثة :ميكن تعريف الدولة احلديثة استنادا إىل ما ه
استقر عليه فقهاء القانون الدويل العام املعاصر
معني احلدود حتكمهم سلطة سياسية ذات سيادة. أب هّنا :جمموع األفراد الذين يقيمون بصفة دائمة على إقليم ّ
يتبني من هذا التهعريف أ هن الدولة احلديثة نشأت وفق مبادئ وقواعد القانون الدويل املعاصر ،وهي وإن كانت تُع هد ابتداءً
ه
عد أيضا وحدة قانونية هلا نظامها القانوين، عد أيضا وحدة سياسية ،هلا نظامها ه
السياسي ،وتُ ُّ وحدة اجتماعية ،فهي تُ ُّ
تعد ظاهرة اجتماعية وسياسية وقانونية ،ال تقوم هلا قائمة إاله إذا توفهرت أركاّنا الثهالثة :وهي اإلقليم الشعب
وبذلك ُّ
السيادة .ويُعترب ركن ه
الشعب أمههها ،وهو يعين جمموع األفراد الذين يتمتهعون جبنسيتها ،وبذلك السياسية ذات ّ
والسلطة ّ
ّ
الصفة الوطنية لدولتهم ،إذ بوجوده ينشأ كيان الدولة كشخص معنوي عام خماطب أبحكام القانون الدويل العام.
حيملون ّ
متخضت
إذا كانت الدولة املعاصرة قد قامت ابتداءً على أساس مبدإ القوميات ،أو مبدإ اجلنسيات يف القرن 19الذي ه
عنه الثهورة الفرنسية واحتضنه فقهاء القانون الدويل ،ويف مق هدمتهم الفقيه اإليطايل مانشيين الذي كان يرى أ هن الدولة ال
األمة فإ هن هذا املبدأ قد نشأ يف بيئة أوروبية مسيحية خالصة ،مسح بقيام دول يف أورواب على أساس قومي
تتكون إاله من ه
ه
كل هأمة من األمم األوروبية سلطة سياسية ذات سيادة حتكم أفراد شعبها وفق إرادة هذا األخري،
عندما قامت على رأس ه
ابألمة-الدولة ،مبعىن أ هن ه
األمة تطابقت األمة والدولة نشأ عنه ما ميكن أن ه
نعرب عنه ّ فحدث وقتئذ توافق بني مفهومي ّ
كل واحدة منهما ،وهو مبدأ القوميّة ،وهذا هأدى بدوره إىل حدوث
مع الدولة الشرتاكها يف األساس الذي قامت عليه ه
عرفها فيما بعد ،ومعىن ذلك أ هن ابألمة واجلنسية القانونية املرتبطة ابلدولة ،ه
الت نُ ه تطابق بني اجلنسية الفعلية املرتبطة ّ
اجلنسية القانونية قامت ابتداءً على أساس العصبية العرقية ،ه
الت هي قاعدة األساس يف منح اجلنسية يف أورواب املسيحية،
أهم شروط منحها أن يكون الفرد مندجما اندماجا كليّا يف جمتمع الدولة ،الذي هو جمتمع قومي يف أساسه،
أل هن من ه
السياسية الّت اكتنفته ،
يتم حسب الظهروف التهارخيية و ه األمة والدولة ال حيدث دائما بصفة مطلقة ،بل ه لكن التوافق بني ه
فقد أُريد أن يسود االعتقاد يف عصران احلايل أنهه ال يُشرتط لقيام الدولة احلديثة أن يتهح هد أفراد شعبها يف العرق واللهغة
وال هدين ،هلذا ذهب البعض إلبعاد شبهة العصبية العرقية عن الدولة احلديثة يف أورواب ،إىل القول أ هن اجلنسية القانونية
حّت
املرتبطة ابلدولة احلديثة ،ال ُميكن اختزاهلا يف عنصر واحد .فال عنصر العرق ،وال عنصر اللهغة ،وال عنصر ال هدين ،وال ه
()1
الشعب .فقد يلعب فيهاالعنصر اجلغرايف بكاف على حتديد اجلنسية ،وإهّنا هي تُستخلص من احلياة املشرتكة ألفراد ه
الشأن يف الوالايت املتهحدة األمريكية ،وقد تنشأ اجلنسية رغم
العنصر اجلغرايف دورا مهيمنا رغم اختالف األعراق،كما هو ه
الشروط الالهزمة
االحتاد السويسري ،الذي له ثالث لغات رمسية ،وقد تتوفهر يف اجلماعة ه
اختالف اللهغة كما هي احلال يف ه
األمة
لوجود هأمة جتتمع فيها عناصر وحدة األصل واللهغة وال هدين دون أن تتخذ شكل الدولة ،مثل ما كانت عليه حال ه
البولندية ،أو اللهيتوانية ،أو التشيكية قبل احلرب العاملية األوىل ،حيث كانت هذه األمم لضعفها مشتهتة بني خمتلف الدول
األوروبية(.)2
22
األمة والدولة يف القرن 19م ،حيث ساد مبدأ القوميات، خنلص ممها تق هدم ،أنهه إذا كان قد حدث توافق بني مفهومي ه
وتؤسس من أجل ذلك دولتها القومية األمة أن حتكم نفسها بنفسها ،ه لكل مجاعة تتوفهر فيها شروط هاحلق ه
الذي أعطى ه
وجنسيتها القانونية اخلاصة هبا ،فإ هن هذا املبدأ مل يكن مسلهما به على إطالقه يف القانون الدويل املعاصر ،أل هن تطابق فكريت
كل الشعوب ذات القومية الواحدة ألسباب خمتلفة .لكن هذا ال مينعنا من التهذكري أب هن مبدأ األمة والدولة ليس يف متناول ه ه
الصراع بني الدول الكربى ،فال يُسمح به إاله ابلقدر الذي خيدم مصاحل هذه الدول ،ويف هذا القوميات قد مته تسي يسه يف ه
الشيوعي يف أواخر القرن املاضي ،أن الرأمسايل على املعسكر االشرتاكي -ه السياق نشري أ هن من نتيجة انتصار املعسكر ه ه
الشيءكل قومية دولتها وجنسيتها على أساس مبدإ القومية ،ونفس ه أسست ه السوفياتية و ه
انسلخت قوميات عن الدولة ه
الشرقية والغربية يف دولة واحدة على أساس قومي بعدما توحدت دولتا أملانيا ه
حدث لال هحتاد اليوغساليف ،ويف مقابل ذلك ه
األمة-الدولةالرغم من أ هن أفضل صورة ميكن أن أيخذها شكل الدولة هيّ : زالت علهة االنقسام األيديولوجي .وعلى ه
نظرا ملا يتح هقق فيها من تطابق بني اجلنسية الفعلية واجلنسية القانونية وما ينجم عن ذلك من وحدة قويهة ودائمة يسودها
لكل
بتدخل قهري وخارجي ،غري أ هن قيام مثل هذه الدولة غري متاح ه ارتباط متواصل ،وثيق ومتني ودائم ،ال ينقطع إاله ُّ
أي نزعة ترمي إىل توحيد شعوب هأمة واحدة يف األمم ،أل هن القوى االستعمارية التقليدية واحلديثة ستقف ابملرصاد ض هد ه
دولة واحدة ّتتلف عنها دينيا وحضاراي ،أل هن ذلك يف اعتقاد هذه القوى يتعارض مع مصاحلها ،وأبرز مثل عن ذلك
األمة العربية واإلسالمية.
ه
غري وتب هدل ابستمرار ،هي الّت أفضت أاله جتد تطورها من ت ُّ
إ هن العوامل الّت هأدت إىل ظهور الدولة احلديثة وما اكتنفها يف ه
كل واحد اجلنسية املرتبطة بفكرة الدولة املعاصرة تعريفا واحدا جامعا ،مانعا هلا ،عند مجيع فقهاء القانون الدويل ،أل هن ه
يتبني من تعريف اجلنسية القانونية.
ينظر إليها من زاويهة معيهنة مبنظار زمانه ،فجاءت تعاريفهم خمتلفة ،وهذا ما ه
اثنيا-تعريف اجلنسية القانونية املرتبطة ابلدولة احلديثة:
اتهفق فقهاء القانون الدويل اخلاص على تسمية اجلنسية املرتبطة ابلدولة احلديثة على أ هّنا جنسية قانونية Nationalité
فتم التهعبري
لشخص ،أو الفرد اىل تلك الدولة ،ه املعرب عن فكرة انتماء ا ه
، de droitغري أ هّنم اختلفوا يف استخدام املصطلح ه
السبب يف تع هددالصفة ،وكان هذا االختالف هو ه عنها مبصطلحات خمتلفة هي :أ هّنا رابطة ،أو صلة ،أو انتماء أو ه
التهعاريف الّت قيلت بشأن اجلنسية القانونية .ميكن حصرها يف ثالث اجتاهات فقهية رئيسية هي اآلتية:
الصلة اليت -)1االرجاه األول :هتزعمه الفقيه الفرنسي أندري وايس ،A.WEISSالذي ه
عرف اجلنسية القانونية أب هّناّ « :
أبمة معيّنة»(Le lien qui rattache une personne à une nation déterminée« «.)1 تربط شذصا ما ّ
السبب يف ذلك أ هن هذا الفقيه عاش يف القرن ،19الذي ساد فيه األمة ،ويعود ه
هذا التهعريف ربط بني اجلنسية القانونية و ه
األمة والدولة فقامت اجلنسية القانونية على أساس قومي ،فحدث تطابق مبدأ القوميات ،حيث حدث تطابق بني فكريت ه
ابألمة.
بني اجلنسية القانونية املرتبطة ابلدولة احلديثة وبني اجلنسية الفعلية املرتبطة ه
23
-)2االرجاه الثاين :يرى أصحابه أ هن اجلنسية رابطة بني الفرد والدولة ،أو هي انتماء شخص ما إىل دولة ما .فقد ه
توزعت
الرابطة ،أو هذا
كل فقيه إىل هذه ه
الزاوية الّت نظر منها ه
تعاريف الفقهاء داخل هذا االجتاه إىل ثالثة تيهارات ،حبسب ه
االنتماء .نوضح تلك التهيارات فيما يلي:
الروحي يف رابطة اجلنسية، -1التيار األول :تص هدره الفقيه الفرنسي نبوييه ،Niboyetالذي رهكز على اجلانب ه
السياسي و ه
السياسية والروحية املوجودة بني الفرد والدولة»(.)1
الرابطة ّ
عرفها أب هّناّ « :
حيث ه
« le lien politique et spirituel qui existe entre un individu et un etat».
الروحي يف رابطة اجلنسية بني الفرد والدولة دون بعدها السياسي و ه
السمة املميهزة هلذا التهعريف أ هن صاحبه أبرز فيه البعد ه
ه
عرض تعريفه للنهقده ه امم القانوين.
عرف اجلنسية القانونية أب هّنا« :االنتماء القانوين
-2التيار الثاين :قاده الفقيه الفرنسي هنري ابتيفول H. Batiffolالذي ه
السكان املكونّني لدولة ما»(.)2لشذص ما إىل ّ
» « L’appartenance juridique d’une personne a la population constitutive d’un etatهذا
السياسي فيها ،الذي يتجلهى فيه الوالء التهعريف أبرز فيه الفقيه ابتيفول اجلانب أوالبعد القانوين للجنسية ،وأمهل البعد ه
للشخص حنو دولته. السياسي ه ه
-3التيار الثالث :مثلهه الفقيه الفرنسي لريبور بيجونيري Lerebours Pigeonnierالذي ه
عرف اجلنسية القانونية
اليت تنشأ بقرار من دولة ما ابعتبارها شذصا دوليا فتجعل فردا السياسية والقانونية ّ
الرابطة ّ قائال« :اجلنسية هي ّ
ما اتبعا مبعىن عضوا فيها»(.)3
» La nationalité est le lien politique et juridique crée par la décision d’un Etat, personne
internationale, qui rend un individu sujet, c’est-a-dire membre de l’Etat».
الص واب م ن التهع اريف
السياس ي والق انوين للجنس ية ،فه و أق رب إىل ه
ي متاز ه ذا التهعري ف أبنه ه مج ع ب ني البع دين ه
األخ رى ،يُالح ظ أ هن م ا جيم ع ب ني تع اريف ه ذه التهي ارات الثالث ة ،أ هّن ا نظ رت إىل اجلنس ية القانوني ة م ن جه ة
اآلاثر املرتتهبة عنها.
-)3االرجاه الثالث :ميثهله األستاذ بيري مايري Pièrre Mayerالذي ق هدم تعريفا للجنسية القانونية ،خمالفا للتهعاريف
الشخصي للدولة ابعتبارها شخصا عاما ،الّت بصفتها تلك متنح السابقة ،انظرا إليها من جهة االختصاص احلصري أو ه ه
الشخصي يف مواجهة الدول األخرى، اجلنسية للفرد ،فيجعلها ذلك هاجتاه الفرد املستفيد من جنسيتها صاحبة االختصاص ه
اليت متنح من قبل دولة ما فتجعل هذه األخرية ارجاه الفرد
الصفة ّ
أبّناّ « :
عرفها يف كنف القانون الدويل العام ه
هلذا ه
شذصي يف مواجهة ال ّدول األخرى(.)4
املستفيد صاحبة االختصاص ال ّ
24
« Elle est la qualité dont l’attribution par un Etat confère a celui-ci, à L’égard de l’in-
dividu attributaire une compétence personnelle opposable aux autres états».
الرابطة بني الدولة والفرد ،على أ هن هذا األخري حبمله
هذا التهعريف ش هدد فيه صاحبه على أ هن اجلنسية عموداي تعين ه
جنسيتها يصري وطنيا من وطنييها.
السكان،
الرابطة الّت جتمع بني الوطنيني أنفسهم لتلك الدولة نفسها ،الذين يش هكلون معا عنصر ه هأما اجلنسية أفقيا فتعين ه
األول أنهه مّت ُوجدت جمموعة من األشخاص فإ هّنم يُش هكلون معا هأمة تسبق قيام الدولة(،)1
الرابطة تعين يف منحاها ههذه ه
الروابط االجتماعيهة بني أعضاء اجملموعةولكن ابتداءً من قيام الدولة ،فإ هن شخصيتها تستقطب ك هل العالقات يف جمال ه
ياسة والقانونية بني الدولة
الس ه
الروابط ه
الروابط الّت تقوم وتتش هكل على أساسها اجلنسية الفعلية ،يُضاف إليها ه
نفسها ،وهي ه
الشخصي أو احلصري العائد هلا هاجتاه األفراد الذينكل رعيهة من جهة أخرى .فالدولة متارس االختصاص ه من جهة و ه
ينتمون إليها ابجلنسية ،ومتارسه يف مواجهة الدول األخرى من خالل القيام أبعمال معيهنة ،مثل احلماية ال هدبلوماسية
وسن القواعد القانونية الّت يكون موضوعها حتديد
الردعية ،والقيام إبعداد هلوطنييها ،والتهعبئة والتهجنيد واملتابعة القضائية ه
السياسية والقيام بواجبات اخلدمة الوطنية،
كل اجملاالت ،مثل ممارسة احلقوق املدنية و ه
العالقات بني املواطن والدولة يف ه
وااللتزامات الضريبية(....)2إخل
هذا التهعريف أشار ضمنيا إىل اجلوانب االجتماعية والسياسية والقانونية للجنسية .ما نستخلصه من ك هل ما سبق ،أ هن
اجلنسية القانونية قد قامت ابتداءً يف أورواب على أساس مبدإ القوميات ،أو مبدإ اجلنسيات ،الذي يعين انتماء الفرد إىل
كل هأمة سلطةاألمة والدولة ،ل مها قامت على رأس ه
الشعور القومي ،وذلك عندما حدث تطابق بني ه هأمة معيهنة أساسه ه
الشعبية ،وما تزال هذه القاعدة إىل وقتنا هذا هي أساس قيام اجلنسية ،هلذا
سياسيهة ذات سيادة ،منبثقة من اإلرادة ه
كل فرد من أصول أجنبية غري أوروبية متتهع جبنسية أي دولة أوروبية ،سواء كجنسية أصلية أو مكتسبة أن يندمج
يُطلب من ه
أي صلة أخرى غري صلة اجلنسية يف جمتمع الدولة املعنيهة ،الذي هو جمتمع قومي ابألساس ،وهذا يعين الته ه
جرد من ه
األوروبية.
السابقة ،هي ا هن بعض الفقهاء عندما تعلهق األمر مبن حيمل جنسية
بقي لنا أن نشري إىل مسألة جوهريهة يف التهعاريف ه
الدولة استخدموا يف تعريفهم مصطلح الفرد L’individuوهم الفقهاء الذين ينكرون أن تكون ه
للشخص االعتباري
جنسية .بينما استخدم بعضهم اآلخر مصطلح الشخص La personneليشمل الشخص الطبيعي (الفرد) والشخص
االعتباري ،وهم الفقهاء الذين يؤيّدون أن تكون لل هشخص االعتباري جنسية .هلذا نرى أنهه ُ
جيب التهفرقة بني تعريف
نؤجل تعريف جنسية الشخص االعتباري .لذلك نقرتح تعريفا جلنسية الفرد ،على أن ه
جنسية الفرد ،وتعريف جنسية ه
الشخص االعتباري إىل حني نتناول عناصر اجلنسية فيما بعد.
ه
( -)1ال هدكتور فؤاد عبد املنعم رايض :أصول اجلنسيهة يف القانون ال هدويل والقانون املصري املقارن ،دار النههضة العربيهة ،القاهرة،1995 ،ص.13
( -)2ه .ابتيفول ،وب .الغارد :القانون ال هدويل اخلاص ،مرجع سابق ،ص.70
( -)3د.أمحد عبد الكرمي سالمة :املبسوط يف شرح نظام اجلنسيهة ،دار النههضة العربيهة ،القاهرة ،الطهبعة األوىل ،1993ص .39
26
ال مُخاطبة أبحكام القانون الدويل العام ،وذلك استنادا إىل مبدإ املساواة يف السيادة بني الدول ،الذي ينبثق منه مبدأ
آخر هام هو مبدأ حرية الدولة يف منح جنسيتها لألفراد الذين يُ ه
كونون ركن الشعب فيها .فاجلنسية هبذا املعىن مرتبطة
أتسست وفق مبادئ القانون الدويل العام
ارتباطا وجوداي ابلدولة احلديثة ابعتبارها ظاهرة اجتماعية ،سياسية ،وقانونية ،ه
تبسط سيادهتا على اإلقليم والشعب على املستوى الداخلي،السيادة الّت ُ
السلطة ذات ه أبركاّنا الثالثة :اإلقليم ،الشعب ،و ُّ
وتعمل على أن حترتم الدول األخرى سيادهتا على املستوى الدويل .لكن لكي متارس الدولة ح هقها يف منح جنسيتها لألفراد
كل واحد منهم حامال لصفة وطّنالذين تراهم جديرين حبمل جنسيتها ،والذين يش هكلون ركن الشعب فيها ،فيصري ه
،Nationalجيب أن تتوفهر فيها ثالثة شروط أساسية هي:
حّت تتم هكن من وضع قواعد اجلنسية اخلاصة هبا.-)1أن تكون الدولة ذات سيادة ،ه
-)2أن تكون معرتفا هبا من قبل اجملتمع الدويل ،أل هن االعرتاف هو الذي يُعطيها احلق يف أن تكون عضوا فيه ،فتصري
خماطبة أبحكام القانون الدويل العام ابعتبارها شخصا معنواي دوليا عاما.
السابقني ،أي أن
الشرطني ه
الشرط األخري ال يكون إاله بتوفهر ه
ابلشخصية القانونية الدولية ،وهذا ه
-)3أن تتمتهع الدولة ه
تكون الدولة ذات سيادة وأن تكون معرتفا هبا دوليا.
حبق حتديد من هم األشخاص الذين يُشكلهون ركن الشعب فيها ،فيصريون وطنيني بناءً على ما سبق ،فإ هن الدولة تتمتهع ه
بكل دولة ،بل تنبع من سيادة الدولة نفسها،
الّت تدخل كمبدإ عام ضمن اجملال اخلاص ه هلا ،أل هن اجلنسية تُع هد من املسائل ه
احلق يف تنظيم جنسيتها بتشريعها الداخلي ،وعلى الدول األخرى أن تسلهم هبذا التهشريع .هذه املبادئ مثبتةممها يُعطيها ه
ومؤك هدة يف املواثيق الدولية.
سن قواعد اجلنسية ومنحها قد يرتتهب عنه حدوث ازدواجية اجلنسية أو تع ّددها ،كما قد
حرية الدولة يف ه
غري أ هن مبدأ ه
يرتتهب عنه انعدام اجلنسية ،ولتجاوز الظهاهرتني ،وجتنُّب التهداخل بني الدول يف مادة اجلنسية ه
نصت اتهفاقيهة الهاي لسنة
اصة ابجلنسية يف املادة 12ع لى أ هن حرية الدولة يف س هن قواع د جنسيته ا ومنح ها مق يهدة « ابالتّفاقيات
1930اخل ه
الدولية والعرف الدويل ومبادئ القانون الدويل املعرتف هبا يف ما ّدة اجلنسية»(.)1
حرية الدولة يف منح جنسيتها ،هي قيود االتهفاقيات الدولية ،وقيود العرف الدويل ،وقيود ترجع إىل
هناك قيود ترد على ه
العامة للقانون الدويل العام منه أو اخلاص.
املبادئ ه
الفرع الثاين :الشذص الذي يتل ّقى اجلنسية:
الشخص الطهبيعي أي الفرد الشخص الذي يتل هقى اجلنسية يف معناها من الناحية القانونية اىل ه تنصرف عبارة ه
الشخص االعتباري ،الذي نتناول ابلدراسة جنسيته يف الفقرة الثانية ،وإىل l’individuنتناوله يف الفقرة األوىل ،وإىل ه
جانب ذلك تُثار مسألة جنسية السفن والطائرات ،نتناوهلا يف الفقرة الثالثة .نشرح كل ذلك فيما يلي:
أوال :الشذص الطبيعي (الفرد):
( -)1ه .ابتيفول ،وب .الغارد ،مرجع سابق الفقرة ، 71ص .78
27
لكل فرد من أفراد شعبها ،أل هن اجلنسية إهّنا ُوجدت من أجلهم ،ألّنم هم الذين يش هكلون ركن
متنح الدولة جنسيتها ه
الشعب فيها .لكن اجلنسية ال تثبت للفرد إاله إذا ثبتت له الشخصية القانونية .personne juridique
يُفرتض يف زمننا أن كل فرد ُولد حيها تكون له الشخصية القانونية ،الّت تعين صالحيته ألن تكون له حقوق ،وعليه
التزامات فإذا كان األمر كذلك ،كان أهال وصاحلا لتل هقي اجلنسية .هأما إذا كان منعدم الشخصية القانونية كما كان حال
الرقيق فيما مضى ،فإنهه ال يصلح لتل هقي اجلنسية ،لكون العبيد مل يكونوا أصحاب حق ،مثلهم مثل األشياء ،وإن كانوا
دائما حمال للحقوق (.)1
حّت
نصت عليه املواثيق الدولية ،فال جيوز حرمانه منها ه
لكن اجلنسية يف وقتنا هذا صارت ح هقا من حقوق اإلنسان ،ه
يتعني أن تُثبت له منذ حلظة ميالده إىل حني وفاته ،إذا كانت له صله حقيقية
ال يكون عدمي اجلنسية ،Apatrideلذا ه
يؤهكدها الواقع ابلدولة الّت متنحها له ،سواء كانت الصلة برابطة حق الدم أو برابطة حق اإلقليم على أن تُراعي يف
منحها اندماج الفرد الذي تلقاها يف جمتمعها ،الذي يعين والءهُ هلا ،وتفانيه يف خدمتها ،واالنصياع لقوانينها ،أبن
يتحمل االلتزامات الّت تفرضها عليه رابطة االنتماء اىل الدولة ،ويف مقابل ذلك تراعي الدولة مصاحله وتق هدم له احلماية
ه
الدولية مادامت جنسيتها هي الّت حت هدد هويته على املستوى الدويل.
اذا متتهع الفرد جبنسية دولة ما ،فإنهه يصري حامال صفة وطّن ، Nationalلكنهه ال يصري مواطنا ، Citoyenإاله
إذا كان اهال للتمتهع ابحلقوق السياسية ( .)2فاجلنسية هبذا املعىن هي الّت حت هدد احلالة السياسية للفرد ،وعلى ذلك يكون
كل مواطن وطنيا ،وليس ابلضرورة أن يكون كل وطين مواطنا( ، )3فاملواطن هو الذي جيمع بني صفة الوطين وميزة
ه
تويل الوظائف
بشّت أنواعها ،ويكون له احلق يف ه
التمتهع ابحلقوق السياسية ،فيكون انخبا وقابال هو نفسه لالنتخاابت ه
أعم من اصطالح مواطن ،ألنه يشمل مجيع الوطنيني الذين حيملون صفة مواطن العامة يف الدولة .فاصطالح الوطين ه
إىل جانب صفة وطين .
وقد أُستخدم أحياان مصطلح التابع ، le ressortissantللتعبري عن تبعية الفرد لدولة ما ،دون أن يكون يف مرتبة
الوطين ابلنظر للمعاملة الّت يتل هقاها يف حياته اليومية ،كما أُستخدم مصطلح رعية ، )4( sujetأو رعية حملية indigène
وهذه املصطلحات استخدمها املشرع االستعماري الفرنسي يف اجلزائر للتعبري عن تبعية اجلزائريني املسلمني لفرنسا خالل
فرتة االستعمار الفرنسي ،ابعتباهم السكان األصليني للجزائر ،كانوا خيضعون ملنظومة قانونية استثنائية متييزية ،زجرية ،
28
عرفت بنظام أطلق عليه ال ُم ستد ِمر الفرنسي( ، )1اسم
ردعية ،قمعية خاصة هبم ،جعلتهم يف مرتبة أقل من مرتبة العبيد ُ ،
نظام األهايل يف اجلزائر(. le régime de l’indigénat en Algérie )2
خنلص مما سبق إىل القول أبن قواعد اجلنسية ،الّت تضعها الدولة ّ ،تاطب بصفة أصلية األشخاص الطبيعيني فردا فردا
فتخلع على كل واحد منهم جنسيتها ،وال تُعطى جملموعة من األفراد حّت لو احتدوا يف مجاعة مثل األسرة والعشرية
والقبيلة ،ذلك أل هن اجلنسية قوامها شعور الفرد ابلوالء حنو الدولة واالنتماء إليها ،روحيا ،اجتماعيا ،سياسيا ،وقانونيا،
وترسبت آاثرها يف وجدانه ،فصارت تتحكم يف طريقة تفكريه، ترسخت يف ذهنيته ،ه يتجسد هذا االنتماء يف القيم الّت ه
ه
ون مط حياته ،وسلوكه االجتماعي ،السياسي ،فيكون ذلك سببا فيما حيدث من متايز بني شعوب الدول املختلفة ،
فتتح هدد بناءً على ذلك الرابطة الّت تربط بني الدولة والفرد ،ابعتبارها من العناصر املكونة للجنسية.
اثنيا-الشذص االعتباري:
املقصود ابلشخص االعتباري(املعنوي) هنا ،هو الشخص االعتباري اخلاص .اختلف فقهاء القانون الدويل اخلاص يف
مسألة متتعه ابجلنسية من عدمها .فانقسموا إىل فريقني أحدمها ينكر أن تكون له جنسية ،استنادا إىل أ هن الشخص
يقر بفكرة الشخصية القانونية للشخص االعتباري ،وابلتايلاالعتباري ليست له شخصية قانونية أصال .والرأي الثاين ه
فقها وقضاءً وتشر ًيعا.
يؤيهد أن تكون له اجلنسية القانونية أسوة ابلشخص الطبيعي ،وهذا الرأي هو الراجح ً
نعرف جنسية الشخص االعتباري يف فقرة أوىل ،مث نذكر إبجياز أهم املعايري املعتمدة دوليا ملنح
بناء على ما سبق ذكره ،ه
اجلنسية للشخص االعتباري وذلك يف فقرة اثنية وهي نفس املعايري الّت تبناها املشرع اجلزائري ملنح اجلنسية للشخص
االعتباري نتناوهلا ابلشرح يف فقرة اثلثة .ه
نبني كل ذلك فيما يلي:
)1تعريف جنسية الشذص االعتباري:
يفرق فقهاء القانون الدويل اخلاص ،الذين أيهدوا حق الشخص االعتباري يف التمتع ابجلنسية عندما عرفوا اجلنسية،
مل ه
بني جنسية الشخص الطبيعي وجنسية الشخص االعتباري ،وهذا يع هد من وجهة نظران خلال يف تعريفهم ،لذا نرى ُوجوب
التفرقة بينهما ،وذلك الختالف طبيعتيهما .ومبا أنهنا قدمنا سابقا التعريف اخلاص جبنسية الشخص الطبيعي ،فإنهنا نقرتح
هنا تعريفا خاصا جبنسية الشخص االعتباري يف الصياغة اآلتية :جنسية الشذص االعتباري هي تبعيته السياسية
والقانونية لدولة ما.
ما يالحظ على تعريفنا هذا ،أنهنا استخدمنا مصطلح التبعية بدال من مصطلح االنتماء ،الذي استخدمناه عندما عرفنا
جنسية الفرد سابقا .وذلك لسببني اثنني:
1ـ ـ السبب األول :أ هن استخدام مصطلح االنتماء يف تعريف جنسية الفرد مرتبط ابلفكرة االجتماعية للجنسية ،ألنهه
انبع من ذات الفرد نفسه ،ألنهه بفطرته كائن اجتماعي .فانتماء الفرد إىل الدولة وإن كان انتماءً اجتماعيا ،سياسيا
( -)1مصطلح «املستدمر» من ابتكار الوطين األصيل ،األستاذ العالمة املرحوم مولود قاسم انيت ابلقاسم رمحه هللا ،استخدمه يف كتاابته التارخيية عن االستعمار
الفرنسي للجزائر ،عوضا عن مصطلح «املستعمر» ،املتداول يف كتاابت غريه.
(-)2راجع الوضعية القانونية والسياسية للجزائريني يف ظل التشريع االستعماري الفرنسي ،رسالتنا ،مرجع سبق ذكره ،ص 244وما بعدها.
29
وقانونيا ،فمصدره وجدانه وفكره ،إذ يقتصر دور الدولة على وضع القواعد القانونية الّت تؤهكد هذا االنتماء واقعيا وفعليا،
أل هن االنتماء فكرة حية ،مرتبطة ابإلنسان ،وهو خملوق حي ّ ،تتلج يف نفسه املشاعر الّت حت هدد وجهة انتمائه .
2ـ ـ السبب الثاين :أ هن استخدام مصطلح التبعية يف تعريف جنسية الشخص االعتباري مرتبط بطبيعته كمخلوق قانوين
جمازي ،ا بتدعه رجال الفكر القانوين ليسهل التعامل معه ،فهو صناعة قانونية ،مبعىن من صنع القواعد القانونية ،الّت
تضعها الدولة نفسها .فقد استدعى االعرتاف له ابلشخصية القانونية االعتبارية ضرورة إجياد أسس قانونية تُبىن عليها
جتسد تبعيته السياسية والقانونية لدولة ما .فالتبعية فكرة جامدة ملخلوق من صنع القانون،
جنسيته ،تتالءم مع طبيعته ،ه
يتبع الدولة جبنسية انبعة من مفهوم اجلنسية كنظام قانوين تضعه الدولة ،وليس من مفهومها كرابطة اجتماعية.
)2أهم املعايري املعتمدة دوليا ملنح اجلنسية للشذص االعتباري:
هناك عدة معايري معتمدة دوليا ،تبنهتها التشريعات املقارنة ،متنح على أساسها الدول جنسياهتا لألشخاص االعتبارية،
منها معايري ذات طابع موضوعي ،ومنها معايري ذات طابع شذصي ،ومعايري ذات طابع اتفاقي نشرح كل صنف من
هذه املعايري ابختصار فيما أييت:
-1املعايري ذات الطابع املوضوعي املعتمدة دوليا:
هناك ثالثة معايري ذات طابع موضوعي معتمدة دوليا ملنح اجلنسية للشخص االعتباري ،هي معيار مكان التأسيس،
ومعيار املقر االجتماعي ،ومعيار مكان ممارسة النشاط .نقدم عن كل واحد منها شرحا موجزا فيما يلي:
أ – معيار مكان التأسيس :يقضي هذا املعيار أن ُمتنح للشخص االعتباري جنسية الدولة الّت ه
تتم فيها إجراءات أتسيسه،
مربراته يف أ هن
هذا املعيار ساد بصفة خاصة يف الدول األجنلو أمريكية .وحسب جانب من الفقه فإ هن هذا املعيار جيد ه
قانون دولة مكان أتسيسه هو الذي يعرتف ابلشخصية القانونية للشخص االعتباري ،ألن عقد التأسيس يربم وفق قواعده
تتم حتت سلطانه إجراءات التسجيل والنشر والشهر ،وعلى هذا فهو الذي حيكم نظامه القانوين أي حالته.
القانونية ،و ه
كما أ هن منح اجلنسية للشخص االعتباري على أساس مكان التأسيس يوفهر احلماية للغري الذي يتعامل معه ابلنظر اىل
تتم بينه وبني غريه.
أنه معيار واضح ،واثبت يضمن االستقرار والطمأنينة يف العالقات واملعامالت الّت ه
غري أن هذا املعيار ُو هجه له نقد متثل أساسا يف أنه معيار قد ال تتوفر فيه تبعية جدية وحقيقية بني الشخص االعتباري
والدولة الّت منحته جنسيتها على أساسه ،ألنه يفسح جمال التحايل والغش أمام األفراد الذين يؤسسونه ،حيث أّنم قد
يلجؤون إىل أتسيسه يف دولة يرون أ هن نظامها القانوين يلبهي أكثر حاجياهتم ومصاحلهم ،وهذا يتناف ى مع مبدإ الواقعية ،
تصرف
وفعلية التبعية يف منح اجلنسية املعمول به بشكل عام يف مادة اجلنسية ،ويتجلهى هذا السلوك بصفة خاصة يف ه
تؤسس وفق هذا املعيار طبقا لقوانني الدول الكربى املعروفة هبيمنتها
الشركات العاملية الكربى متع هددة اجلنسيات ،الّت ه
على احلياة االقتصادية الدولية ،بينما يرتهكز نشاطها أساسا يف الدول النامية ،او املتخلهفة ،فتكون النتيجة املباشرة هي
30
خضوع نظامها القانوين لقوانني دول مكان التأسيس ،ممها جيعلها يف منأى عن سطوة قانون مكان ممارسة النشاط ،وذلك
ما دفع الدول النامية ومنها اجلزائر أن تتبنه ى معيار مكان ممارسة النشاط كأساس لتمتهع الشخص االعتباري ابجلنسية.
ب – معيار املقر االجتماعي الرئيسي :يقصد هبذا املعيار كأساس لتمتع الشخص االعتباري جبنسية دولة ما ،املكان
املوجه لكل أنشطته الّت ح هدد مضموّنا القانون األساسي املنشئ هلا ،ويستدل عليها بدالئل
يتجسد فيه القرار ه
الذي ه
معيهنة متكاملة ،مثل اجلمعية العامة ،وجملس اإلدارة الذي يتوىل مهمة تنفيذ مجيع القرارات خاصة به ،وكذا إدارته املالية،
ومجيع األجهزة اإلدارية والتقنية الّت تتطلهبُها احلياة االقتصادية والتجارية للشخص االعتباري.
تبنه ى هذا املعيار الكثري من التشريعات املقارنة ،ومنها التشريع اجلزائري كما نرى الحقا .وأهم ميزة يف هذا املعيار أنه
قام على اعتبارات الرتكيز الواقعي واملوضوعي للشذص االعتباري (.)1
ج – معيار مكان ممارسة النشاط :يفيد هذا املعيار أ هن الشخص االعتباري يتمتهع جبنسية دولة ما على أساس املكان
كل امكانياته البشرية واالقتصادية ترتهكز يف هذا املكان وذلك يعين
الذي ميارس فيه نشاطه بصفة أساسية ،ابعتبار أ هن ه
وجود تبعية فعلية وحقيقية للدولة الّت حيمل جنسيتها على أساسه.
-2املعايري ذات الطابع الشذصي املعتمدة دوليا:
هناك معياران ،مها معيار جنسية الشركاء ومعيار الرقابة ،نشرحهما إبجياز فيما يلي:
أ – معيار جنسية الشركاء :يقضي هذا املعي ار أ هن جنسية الش خص االعتباري تُستم ُّد من جنسية األفراد الذين ه
أسسوه
جتمع أفراد ،هم أعضاؤه ،فكان من نتيجة جتمعهم أن نشأت له الشخصية أل هن الشخص االعتباري ما هو يف حقيقته إاله ه
القانونية ،الّت غالبا ما تكون وليدة عقد التأسيس املربم بينهم .فجنسيته تتأثهر جبنسيتهم ،فتكون له جنسية الدولة الّت
ينتمي إليها الشركاء ،إذا احتدوا جنسية ،فإذا اختلفوا جنسية ،تكون جنسيته هي جنسية الدولة الّت ينتمي إليها أغلبهم.
ب-معيار الرقابة :هذا املعيار قد تفرضه الظروف السياسية واالقتصادية السائدة يف الدولة ،فهو معيار مسيهس ،
حت هكمت يف نشأته ابتداءً ظروف اترخيية استثنائية ،أثناء احلربني العامليتني ،األوىل سنة 1918-1914م ،والثانية سنة
1945-1939م ،وظهر بصفة خاصة يف فرنسا .فقد رأت السلطة الفرنسية خالل احلربني العامليتني أ هن كثريا من الشركات
الّت تتمتهع ابجلنسية الفرنسية على أساس معيار املقر االجتماعي الرئيسي املوجود يف فرنسا ،هي يف واقعها شركات أملانية
ألّنا ّتضع يف إدارهتا كلها أو بعضها لشركاء كلهم أو
وّنساوية ،أو شركات تتبع سياسيا دوال متحالفة مع أملانيا ،ه
أغلبهم ينتمون جبنسيتهم اىل دولة معادية ،كما أ هن رأس ماهلا تبعا لذلك كلهه أو بعضه بني أيديهم بصفتهم من الرعااي
األعداء ،مبعىن أ هن اإلدارة واهليمنة على الشركاء هي يف الواقع تعود اىل رعااي دولة عدوة ،ممها حتهم إعادة النظر يف املعيار
الذي جيب أن تعامل وفقه جنسية تلك الشركات ،فاهتدت السلطة الفرنسية ومن ورائها القضاء الفرنسي إىل معيار
الرقابة لفرض احلراسة على شركات تبدو يف ظاهرها من الناحية القانونية أ هّنا فرنسية ،أل هّنا متتهعت ابجلنسية الفرنسية على
( -)1د .أمحد عبد الكرمي سالمة :املبسوط يف شرح نظام اجلنسية ،مرجع سابق ص.61
-لنفس املؤلف :القانون الدويل اخلاص ،دار النهضة العربية ،الطبعة األوىل .2008ص 56و.57
31
أساس معيار املقر االجتماعي الرئيسي املوجود يف فرنسا ،وابلتايل ال جيوز وضعها حتت احلراسة ،ولكنها من الناحية
الفعلية تتبع سياسيا دولة عدوة إذا نظران إليها من زاوية اجلنسية األجنبية للشركاء ،ورأمساهلا األجنيب ،مما استوجب وضعها
توىل القضاء الفرنسي اصدار احكام– استثناءً -حتت احلراسة لدرء خطرها عن فرنسا ،فكان من نتيجة ذلك أن ه
قضائية ،أيهدته فيها حمكمة النقض الفرنسية ،الّت قضت بفرض احلراسة على شركات تبدو يف الواقع أ هن تبعيتها السياسية
ليست لفرنسا ،وإهّنا لدول معادية ،مبعىن آخر أ هن جنسيتها الفعلية ليست فرنسية ،إذ لو ثبت أ هن جنسيتها الواقعية
فرنسية ملا فرضت عليها احلراسة .لدى رأى جانب من فقهاء القانون الدويل اخلاص الفرنسي أ هن الرقابة تع هد معيارا لتحديد
جنسية الشركات يف الظروف االستثنائية بينما رأى جانب آخر منهم أ هن الرقابة تع هد معيارا لتحديد جنسية الشركات بصفة
عامة ،بشرط أن تكون الشركة الّت يوجد مقرها االجتماعي الرئيسي يف فرنسا ،أو أ هّنا متارس نشاطها يف فرنسا ،خاضعة
لرقابة فرنسيني وحتقق املصاحل الفرنسية ،وعلى العكس من ذلك تعترب الشركة أجنبية مّت خضعت لرقابة األجانب ،ومثلت
مصاحل أجنبية ،حّت لو ُوجد مقرها االجتماعي الرئيسي أو غريه من املعايري يف فرنسا (.)1
-3املعايري ذات الطابع االتفاقي :ه
تنص عليها غالبا االتفاقيات الدولية الثنائية ،خاصة منها املتعلقة ابالستثمار ومحايته،
نص هذا النوع من االتفاقيات املعايري الّت تتح هدد مبوجبها جنسية احدى الدولتني املتعاقدتني كجنسية للشخص
يتضمن ه
إذ ه
االعتباري ،وقد يعتمد أحد امل عايري السابق شرحها أو معيارين أو عدة معايري يف آن واحد كأساس لتمتع الشخص
االعتباري جبنسية احدى الدولتني .وقد يُمزج يف االتفاقية بني املعايري ذات الطابع املوضوعي وذات الطابع الشخصي
لتحديد جنسية الشخص االعتباري ،هذا ما نبيهنه أدانه عندما ندرس املعايري املعتمدة يف اجلزائر ملنح اجلنسية اجلزائرية
للشخص االعتباري.
)3املعايري املعتمدة يف اجلزائر ملنح اجلنسية للشذص االعتباري:
يتبني من بعض النصوص القانونية
مل يرد يف قانون اجلنسية اجلزائرية نص خاص جبنسية الشخص االعتباري ،ولكن ه
تبين فكرة اجلنسية ابلنسبة للشخص
املشرع اجلزائري قد مال ضمنيا إىل ه
املتفرقة ،الواردة يف القوانني اجلزائرية اخلاصة ،أ هن ه
االعتباري ،وذلك يف القانون املدين والقانون التجاري ،ولكنه تبنهاها صراحة يف القانون البحري عندما حت هدث عن اجلنسية
اجلزائرية للسفينة ،حيث علهقها على اجلنسية اجلزائرية ملالكها ،سواء كان شخصا طبيعيا أو شخصا اعتباراي ،و فعل
نفس الشيئ عندما حتدث عن جنسية الطائرة يف قانون الطريان املدين .كما أ هن هناك اتفاقيات دولية أبرمتها الدولة
اجلزائرية مع دول أخرى ،تتعلق ابالستثمار ومحايته ،تبنهت يف نصوصها املعايري الّت متنح على أساسها اجلنسية للشخص
( -)1راجع يف شأن معيار الرقابة كأساس لفرض احلراسة على الشركات :
-د .أمحد عبد الكرمي سالمة :املبسوط يف شرح نظام اجلنسية ،مرجع سابق ،ص 72وما بعدها.
-د .علي علي سليمان :مذكرات يف القانون الدويل اخلاص اجلزائري مرجع سابق ،ص 178و.179
-د .فؤاد عبد املنعم ري اض :أصول اجلنسية ،...مرجع سابق ،ص 147وما بعدها.
-د .الطيب زروت ي :الوسيط يف اجلنسية اجل زائرية ،مطبعة الكاهنة ،اجلزائر ،ص 98وما بعدها.
-د .حفيظة السيهد احلداد :مدخل إىل اجلنسية ومركز األجانب دار املطبوعات اجلامعية اإلسكندرية ،2007ص 369وما بعدها.
-د .حممد الرويب :اجلنسية ومركز األجانب ،مرجع سابق ،ص 92وما بعدها.
32
االعتباري .ال ّتتلف املعايري املعتمدة يف نصوص القوانني اجلزائرية الّت ذكرانها آنفا عن املعايري املعتمدة دوليا الّت سبق
توزعت املعايري كلها املعتمدة يف اجلزائر ملنح اجلنسية للشخص االعتباري اىل معايري تشريعية
لنا شرحها إبجياز .ويف اجلملة ه
ذات طابع موضوعي ذلك ما نتناوله يف الفقرة األوىل ،وذات طابع شذصي ذلك ما نتناوله يف الفقرة الثانية ،واىل جانب
ذلك معايري ذات طابع اتفاقي دويل ذلك ما نبيهنهُ يف الفقرة الثالثة ،ممها يتحتهم علينا ان نتطرق اىل هذه املعايري ابلشرح،
نبني أخريا يف الفقرة الرابعة املعايري املعتمدة يف اجلزائر ملنح اجلنسية للسفينة والطائرة وذلك فيما يلي:
مث ه
-1املعايري ذات الطابع املوضوعي:
هناك معياران موضوعيان تبنهامها املشرع اجلزائري ملنح اجلنسية اجلزائرية للشخص االعتباري ،أحدمها هو املقر االجتماعي
الرئيسي والفعلي للشخص االعتباري ،وهو القاعدة العامة ،والثاين هو معيار مكان ممارسة النشاط يف اجلزائر وهو
نوضحهما فيما أييت:
االستثناء من القاعدة العامة ،ه
أ-معيار املقر االجتماعي الرئيسي والفعلي :ه
نصت عليه املادة 3/10املع هدلة من القانون املدين اجلزائري الساري املفعول
حاليا ،حيث جاء فيهاّ « :أما األشذاص االعتبارية من شركات ومجعيات ومؤسسات وغريها يسري على نظامها
القانوين قانون الدولة اليت يوجد فيها مقرها االجتماعي الرئيسي والفعلي» .هذه املادة كما نعلم هي قاعدة اسناد،
عناصرها الثالثة هي:
-الفكرة املسندة :هي النظام القانوين للشخص االعتباري أي حالته.
-ضابط االسناد :هو املقر االجتماعي الرئيسي والفعلي للشخص االعتباري.
-القانون املسند اليه :يعين القانون الواجب التطبيق على حالة الشخص االعتباري.
إذا أدرجنا النص السابق يف السياق العام لنص املادة 10برمتها ،الّت تبنهت اجلنسية كضابط اسناد لتحديد القانون
الواجب التطبيق على حالة األشخاص بصفة عامة( ،)1أدركنا أن املقصود بقانون املقر االجتماعي الرئيسي و الفعلي
للشخص االعتباري ،إهّنا هو قانون جنسية الشذص االعتباري الذي يطبق على كل ماله صلة حبالته ،وهذا يعين أن
املشرع اجلزائري قد اعتمد ضمنيا معيار املقر االجتماعي الرئيسي والفعلي كأساس ملنح اجلنسية اجلزائرية للشخص
االعتباري.
يقصد مبعيار املقر االجتماعي الرئيسي والفعلي للشخص االعتباري كأساس لتمتهعه ابجلنسية اجلزائرية املكان الذي ترتهكز
ويستدل على ذلك بدالئل معيهنة متكاملة ،مثل اجلمعية العامة ،وجملس اإلدارة الذي
ه املوجه لكل أنشطته
فيه سلطة القرار ه
يتوىل تسيريه ،وتنفيذ مجيع القرارات اخلاصة به ،وكذا ادارته املالية ،وكل األجهزة اإلدارية والتقنية الّت حتتاجها احلياة
معزز
االقتصادية والتجارية للشخص االعتباري .وحسب تقديران – كما هو اثبت يف الواقع العملي – فإ هن هذا املعيار ه
ضمنيا مبعيارين موضوعيني آخرين مها معار مكان التأسيس ،ومعيار مكان ممارسة النشاط يف اجلزائر ،إذ كل شخص
اعتباري هاّتذ مقره االجتماعي الرئيسي والفعلي يف اجلزائر يكون قد أتسس فيها وفق القانون اجلزائري وميارس نشاطه يف
نصت املادة 1/10املع هدلة من القانون املدين اجلزائري على ان « :يسري على احلالة املدنية لألشذاص ،وأهليتهم قانون الدولة الّت ينتمون اليها جبنسيتهم»
( -)1ه
ومصطلح األشخاص يف لغة القانون كما سبق شرحه ينصرف يف معناه اىل األشخاص الطبيعية واألشخاص االعتبارية .
33
نصت عليه املادة 4/50يف شطرها األول من القانون املدين اجلزائري( ،)1وهي قاعدة موضوعية ،
اجلزائر .فإذا أضفنا ما ه
نصت عليه املادة 1/547
حيث جاء فيها أ هن موطن الشخص االعتباري هو املكان الذي يوجد فيه مقر إدارته ،وما ه
من القانون التجاري اجلزائري( ،)2حيث قضت أن موطن الشركة يكون يف مقرها االجتماعي ،أدركنا أ هن فعلية تبعيّة
وطرحا لكل مظاهر الغش الشخص االعتباري ابجلنسية للدولة اجلزائرية قد حتققت ،وذلك إبعادا ألي صورية يف التبعية ً ،
ستشف من عبارة املقر االجتماعي الرئيسي
ه والتحايل حنو القانون الواجب التطبيق على حالته ،وهذا هو املعىن الذي يُ
والفعلي .وختاما نقول إ هن أهم ميزة يف هذا املعيار أنهه قام على اعتبارات الرتكيز الواقعي واملوضوعي للشخص االعتباري،
حيث أ هن تبعيته ابجلنسية للدولة اجلزائرية هي تبعية واقعية وفعلية.
نصت عليه ب – معيار مكان ممارسة النشاط يف اجلزائر :ه
تبىن املشرع اجلزائري هذا املعيار استثناءً من القاعدة العامة ،ه
املادة 4/10املعدلة من القانون املدين ،حيث جاء فيها« :غري أنه إذا مارست األشذاص االعتبارية األجنبية نشاطا
يف اجلزائر فإّنّا ختضع للقانون اجلزائري» .ما يلفت االنتباه يف هذا النص أ هن املشرع نعت األشخاص االعتبارية فيه
أب هّنا أجنبية ،ممها يعين أ هن جنسيتها ليست جزائرية ابتداءً ،لكن إذا مارست نشاطها يف اجلزائر خضعت للقانون اجلزائري،
فكيف تكون هلا جنسية جزائرية مع وصفها أب هّنا أجنبية؟
اإلجابة عن هذا التساؤل تستدعي املالحظات اآلتية:
أتسس أصال يف اخلارج وفق قانون دولة أجنبية ،مبعىن أ هن-يُفهم من النص السابق أ هن الشخص االعتباري األجنيب قد ه
نظامه القانوين قد حت هدد ابتداءً طبقا لقانون هذه الدولة األجنبية ،وأ هن مقره االجتماعي الرئيسي يوجد بداهة يف اخلارج.
-أنهه إذا مارس الشخص االعتباري األجنيب نشاطا ما يف اجلزائر ،الذي قد يكون اقتصاداي أو جتاراي( ، )3أو خدمات أو
متيسرا جملرد أنهه ميارس نشاطه
ماليا ،خضع للقانون اجلزائري ،ولكن خضوعه للقانون اجلزائري يف هذه احلالة ال يكون ه
رخصت له الدولة اجلزائرية بذلك ،ومن شروط الرتخيص أن يكيهف نظامه القانوين مع ما يقتضيه القانون يف اجلزائر إاله إذا ه
اجلزائري ،أبن يباشر إجراءات أتسيس فرع له يف اجلزائر وفق القانون اجلزائري ،الذي حي هدد النظام القانوين هلذا الفرع
بشكل مستقل عن الشخص االعتباري األجنيب األصلي .فإذا مت ذلك يكون معيار مكان ممارسة النشاط يف اجلزائر قد
تعزز مبعيار املقر االجتماعي الرئيسي والفعلي للفرع املوجود يف اجلزائر ،وهذا ما أكدته املادة 4/50من القانون املدين
ه
اجلزائري املعدل الّت جاء فيها أ هن «الشركات اليت يكون مركزها الرئيسي يف اخلارج وهلا نشاط يف اجلزائر يعترب مركزها
تعزز مبعيار مكان أتسيس الفرع يف اجلزائر الذي خيضع من
يف نظر القانون الداخلي يف اجلزائر» ويكون أيضا قد ه
(-)1القانون املدين اجلزائري املعدل مبوجب قانون رقم 10-05املؤرخ يف 20يونيو سنة .2005
( -)2القانون التجاري اجلزائري نشر دار بلقيس دار البيضة اجلزائر طبعة . 2014
نصت املادة 2/547من القانون التجاري اجلزائري على أن ّ« :تضع الشركات الّت متارس نشاطها يف اجلزائر للتشريع اجلزائري » ،يفهم من هذا النص ( -)3ه
أ هن الشركات التجا رية األجنبية الّت يكون مقرها االجتماعي الرئيسي يف اخلارج ،إذا مارست نشاطها يف اجلزائر خضعت للقانون اجلزائري .املالحظ على نص
هذه املادة ابللغة العربية أنهه ذكر فيهاّ« :تضع ...للتشريع اجلزائري» هأما ابللغة الفرنسية فقد ذكر فيها »sont soumises à la loi Algérienne« :مبعىن
ّتضع للقانون اجلزائري .فإذا أخذان النص ابللغة العربية نفهم منه أن األشخاص االعتبارية األجنبية الّت متارس نشاطها يف اجلزائر وجب أن تتكيهف مع التشريع
اجلزائري.
34
حيث إجراءات أتسيسه وتسجيله وشهره إىل القانون اجلزائري ،يضاف إىل ذلك أ هن موطنه يكون موجودا يف اجلزائر وهذا
بنص املادتني 4/50من القانون املدين واملادة 1/547من القانون التجاري .وذلك كله يعين وجود تبعية جدية وفعلية
بني الشخص االعتباري الذي ميارس نشاطه يف اجلزائر وبني الدولة اجلزائرية ابعتبار أ هن إدارة شؤونه ومصاحله املختلفة قد
يربر متتعه جبنسيتها على أساس معيار مكان ممارسة النشاط
وجتمعت يف الدولة اجلزائرية الّت ميارس فيها نشاطه ممها ه
ترهكزت ه
املبين على مبدإ الواقعية أو الفعلية يف منحه اجلنسية اجلزائرية .فيكون القانون الواجب التطبيق على حالته هو قانون مكان
ممارسة النشاط يف اجلزائر ابعتباره قانون جنسيته.
-2املعايري ذات الطابع الشذصي:
تطرق املشرع اجلزائري إىل املعايري ذات الطابع الشخصي كأساس ملنح اجلنسية اجلزائرية لألشخاص االعتبارية يف نصوص ه
قانونية صرحية ،نذكرها فيما بعد ،وذلك عندما حت هدث عن اجلنسية اجلزائرية للسفينة والطائرة وعلهقها على اجلنسية اجلزائرية
ملالكيها ،سواء كانوا اشخاصا طبيعية ،أو أشخاصا اعتبارية خاصة .سنتحدث عن جنسية السفينة والطائرة الحقا .لقد
ح هدد املشرع اجلزائري معيارين شخصيني ُمتنح على أساسهما اجلنسية اجلزائرية لألشخاص االعتبارية مها :معيار جنسية
الشركاء ،ومعيار الرقابة ،نشرحهما إبجياز فيما يلي:
أ – معيار جنسية الشركاء :هذا املعيار يعين أ هن جنسية الشخص االعتباري تُستم هد من جنسية االفراد الذين ه
أسسوه،
جتمعهم فيه أن نشأت له جتمع أفراد ،هم الشركاء فيه ،فكان من نتيجة ه أل هن الشخص االعتباري ما هو يف حقيقته إاله ه
الشخصية القانونية ،وتبعا لذلك أتثهرت جنسيته جبنسيتهم ،مبعىن تكون له جنسية الدولة الّت ينتمي إليها الشركاء ابجلنسية،
إذا ا هحتدوا جنسيةً .فإذا اختلفوا جنسيةً تكون جنسيته هي جنسية الدولة الّت ينتمي إليها أغلبهم .هذا ما نص عليه
املشرع اجلزائري صراحة يف املادة 28من القانون البحري اجلزائري ( ،)1واملادة 22من قانون الطريان املدين( ،)2ومها ماداتن
متطابقتان يف احملتوى ،حيث منح مبوجبهما اجلنسية اجلزائرية على أساس معيار جنسية الشركاء لألشخاص االعتبارية
اآلتية:
-شركة التضامن :تعترب جنسيتها جزائرية على أساس معيار جنسية الشركاء فيها ،إذا كانوا كلههم من جنسية جزائرية.
-شركة التوصية :تعترب جنسيتها جزائرية على أساس معيار جنسية الشركاء ،إذا كانوا كلهم من جنسية جزائرية.
إ هن شركة التضامن وشركة التوصية تعتربان من شركات األشخاص نص عليهما القانون التجاري اجلزائري ،وعلى هذا
فتأسيسهما يتم بداهة وفق القانون اجلزائري ويكون مقرمها االجتماعي الرئيسي والفعلي يف اجلزائر ،ويكون رأمساهلما جزائراي
مادام أ هن الشركاء فيهما كلهم جزائريون.
(-)1األمر رقم 04-10املؤرخ يف 15أوت ، 2010عدل ومتهم األمر 80-76املؤرخ يف 23أكتوبر ، 1976املتضمن القانون البحري ،الصادر يف
اجلريدة الرمسية بتاريخ 18أوت 2010العدد رقم .46
(-)2القانون رقم 06-78املؤرخ يف 27جوان 199احملدد للقواعد العامة املتعلقة ابلطريان املدين اجلزائري ،الصادر يف اجلريدة الرمسية الصادرة يف 28جوان
1998العدد رقم.48
35
ب-معيار الرقابة :ظهر هذا املعيار ألول مرة يف فرنسا خالل احلربني العامليتني األوىل والثانية ،يف كنف القضاء الفرنس،
فهو معيار قضائي فرض مبوجبه القضاء الفرنسي على شركات هي يف األصل شركات فرنسية على أساس معيار املقر
االجتماعي الرئيسي املوجود يف فرنسا .لكنهها كانت تتكون من شركاء أغلبهم ينتمون جبنسيتهم اىل دولة معادية ،وكذلك
أغلب رأمساهلا عاد هلم ،ممها استدعى وضعها حتت احلراسة القضائية ِ
لدرء خطرها على فرنسا .فهذا املعيار فرضته يف ذلك
الوقت الظروف االستثنائية لوضعية استثنائية انمجة عن حالة احلرب وقد زالت ابنتهاء احلرب.
هأما معيار الرقابة يف اجلزائر فقد نص عليه املشرع اجلزائري صراحة يف املادتني 28من القانون البحري واملادة 22من
القانون الطريان املدين ،تبن ى فيهما معيار الرقابة كأساس ملنح اجلنسية اجلزائرية لألشخاص االعتبارية اآلتية:
-الشركات ذات املسؤولية احملدودة :تكون هلا اجلنسية اجلزائرية إذا كان املالكون ألغلبية حصصها من جنسية جزائرية.
-شركات املسامهة أو ذات األسهم :تكون هلا اجلنسية اجلزائرية إذا كان املالكون ألغلبية رأمساهلا من جنسية جزائرية،
كأن يكون الرئيس املدير العام وأغلبية أعضاء جملس اإلدارة من جنسية جزائرية مالكني ألغلبية الرأمسال .أو أن تكون
اهليئة املديرة وأغلبية جملس املراقبة من جنسية جزائرية مالكني ألغلبية رأمساهلا.
-اجلمعيات :تكون جنسيتها جزائرية إذا كان املسريون وجممل األعضاء املنخرطني فيها من جنسية جزائرية.
املتأمل يف هذا املعيار أي معيار الرقابة يدرك أنه يرتكز على ثالثة حماور متكاملة ،احملور األول هو أن تكون جنسية
أغلبية الشركاء جزائرية ،والثاين أن تكون أغلبية الرأمسال جزائراي ،والثالث أن تكون سلطة القرار بيد إداريني أو مسريين
من جنسية جزائرية.
أما الشركات املختلطة الّت تنشأ يف اجلزائر بني اجلزائريني واألجانب فهناك قاعدة عامة حتدد نسبة رأمساهلا حبيث تعود
أغلبية رأمساهلا للطرف اجلزائري بنسبة %51على األقل ،ونسبة %49لألجانب على األكثر ،حّت تكون الرقابة يف يد
الطرف اجلزائري.
-3املعايري االتفاقية:
املوجه الذي انتهجته يف عهد ما كان يسمى ابالختيار االشرتاكي ،توجهت حنو بعد أن ّتلهت اجلزائر عن االقتصاد ه
التوجه أن انفتحت على الرأمسال األجنيب ،وشرعت يف ابرام اتفاقيات دولية ثنائية معالنظام الرأمسايل ،فكانت نتيجة هذا ه
بعض الدول رمت من خالهلا إىل تشجيع االستثمار األجنيب يف اجلزائر ومحايته ،ويف املقابل تشجيع املستثمرين اجلزائريني
على االستثمار يف اخلارج ،فكان البد من حتديد معايري اتفاقية ميكن على أساسها منح جنسية احدى الدولتني املتعاقدتني
للشخص االعتباري .وال ّتتلف هذه املعايري عن املعايري الّت درسناها آنفا ،بل هي نفسها ،فكل ما يف األمر أ هن مصدرها
اتفاقي وليس تشريعي .وهي معايري ظرفية ،تنتهي ابستنفاد الغرض الذي أُنشئ من أجله الشخص االعتباري ،أو حبله
قبل أوانه.
وقد أبرمت الدولة اجلزائرية ع هدة اتفاقيات ثنائية مع دول خمتلفة ،متعلقة ابالستثمار األجنيب يف اجلزائر ،أو ابالستثمار
اجلزائري يف اخلارج ،تبنهت فيها معايري اتفاقية متنح على أساسها اجلنسية للشخص االعتباري .فتبنهت أحياان معيارا موضوعيا
36
أحاداي ،وأحياان معيارا موضوعيا ثنائيا ،وأحياان أخرى معيارا ثالثيا مزج بني املعايري املوضوعية والشخصية .نظرا لكثرة هذه
االتفاقيات نقدم ثالثة ّناذج منها فيما يلي:
أ – معيار اتفاقي أحادي هو مكان التأسيس :هذا املعيار هو معيار موضوعي يف األصل ه
نصت عليه االتفاقية اجلزائرية
األردنية املربمة يف عمان بتاريخ 01أوت ،)1(1996حيث تبنهت املادة األوىل منها يف فقرهتا 2ب مكان التأسيس كمعيار
أتسس يف اجلزائر طبقا للقانون اجلزائري كانت جنسيته جزائرية ،هأما إذا اتفاقي ه
تتعني به جنسية الشخص االعتباري ،فإذا ه
يتبني أ هن جنسية الشخص االعتباري وفق هذهأتسس يف األردن طبقا للقانون األردين كانت جنسيته أردنية .هكذا ه ه
االتفاقية تتوقهف على املكان الذي مت أتسيسه فيه ،فإن كان يف اجلزائر فهي جزائرية ،وإن كان يف األردن فهي أردنية.
نصت على هذا املعيار االتفاقيةب– معيار اتفاقي ثنائي هو مكان التأسيس مقرتن ابملقر االجتماعي الرئيسي :ه
اجلزائرية-اإليطالية املربمة يف اجلزائر بتاريخ 18ماي 1991وذلك يف املادة األوىل الفقرة الثالثة منها ،وهو معيار اتفاقي
ثنائي مركب من معيارين موضوعيني مها مكان التأسيس واملقر االجتماعي الرئيسي حبيث تكون للشخص االعتباري
اجلنسية اجلزائرية أو اجلنسية اإليطالية إذا اجتمع املعياران معا يف احدى الدولتني املتعاقدتني .فتكون له اجلنسية اجلزائرية
إذا اجتمعا يف اجلزائر ،وتكون له اجلنسية اإليطالية يف حالة العكس (.)2
ج – معيار اتفاقي ثالثي هو مكان التأسيس مع املقر االجتماعي أو معيار الرقابة :تبنهت هذا املعيار االتفاقية
نصت املادة األوىل الفقرة الثالثة منها على أ هن عبارة «الشركات» ()3
اجلزائرية-الفرنسية املؤرخة يف 13فيفريي ، 1993فقد ه
أتسس على إقليم إحدى الدولتني املتعاقدتني طبقا لتشريع هذه األخرية ،وهذا هو معيار
تنصرف اىل كل شخص اعتباري ه
مكان التأسيس ،وأن يكون مقره االجتماعي موجودا يف نفس إقليم الدولة الّت أتسس فيها ،وهذا هو معيار املقر
االجتماعي ،أو أن يكون مراقبا بطريقة مباشرة أو غري مباشرة من مواطين إحدى الدولتني املتعاقدتني ،أو من أشخاص
أتسست طبقا لتشريع هذه األخرية ،وهذا هو
اعتبارية هلا مقرها االجتماعي على إقليم احدى الدولتني املتعاقدتني والّت ه
معيار الرقابة القائم على جنسية املسريين .
ما يالحظ على نص هذه املادة املذكورة أعاله ( )4أ هن نقطة االرتكاز فيها هو مكان التأسيس ،يقرتن به مرة معيار
املقر االجتماعي كأساس ملنح اجلنسية للشخص االعتباري ،ويقرتن به مرة اثنية معيار الرقابة كأساس ملنحها له .ما
نستخلصه من نصها امجاال هي وجود ثالث فرضيات تكون فيها جنسية الشخص االعتباري جزائرية ،هي:
-الفرضية األوىل :تكون جنسية الشخص االعتباري جزائرية عندما يكون مكان أتسيس الشخص االعتباري موجودا
يف اجلزائر ،وأن يكون مقره االجتماعي موجودا فيها أيضا .ويف حالة ما إذا كاان موجودين يف فرنسا تكون جنسيته فرنسية.
( -)1ص هدقت اجلزائر على االتفاقية ،مبوجب مرسوم رائسي رقم 103-97مؤرخ يف 05أفريل ،1997اجلريدة الرمسية ،العدد ، 20سنة .1997
(-)2ص هدقت اجلزائر على االتفاقية ،مبرسوم رائسي رقم ، 346-91مؤرخ يف 05أكتوبر ،1991اجلريدة الرسيمة ،العدد ، 46سنة .1991
( -)3ص هدقت اجلزائر على االتفاقية مبرسوم رائسي رقم ، 01-94مؤرخ يف 02جانفي ،1994اجلريدة الرسيمة ،العدد ، 01سنة .1994
(-)4تنص املادة 3/1من االتفاقية اجلزائرية الفرنسية على ما يلي « :عبارة (الشركات) تشري اىل كل شخص معنوي مش هكل على إقليم احد الطرفني املتعاقدين
طبقا لتشريع هذا األخري» .
37
-الفرضية الثانية :تكون جنسية الشخص االعتباري جزائرية عندما يكون مكان أتسيس الشخص االعتباري موجودا
يف اجلزائر ،وأن يكون مراقبا مراقبة مباشرة أو غري مباشرة من مواطنني جزائريني ،أي أفراد حيملون اجلنسية اجلزائرية .وتكون
له اجلنسية الفرنسية يف حالة العكس.
-الفرضية الثالثة :تكون جنسية الشخص االعتباري جزائرية عندما يكون مكان أتسيس الشخص االعتباري موجودا
وأتسست
يف اجلزائر ،وأن يكون مراقبا مراقبة مباشرة أو غري مباشرة من أشخاص اعتبارية هلا مقرها االجتماعي يف اجلزائر ه
طبقا للقانون اجلزائري ،أي أّنا ّتضع لرقابة اشخاص اعتبارية جزائرية .ويف حالة العكس تكون له جنسية فرنسية.
يبني أ هن جنسية الشركات الّت قامت على أساس املعايري الّت ح هددهتا هذه االتفاقية هي جنسية لكن الواقع العملي ه
فرنسية ،بدليل وجود الكثري من الشركات الفرنسية تستثمر أمواهلا يف اجلزائر ،بينما االستثمار اجلزائري يف فرنسا ال يكاد
يُذكر .فنصوص هذه االتفاقية ال تعكس واقع العالقات بني الدولتني ،فهناك طرف واحد مهيمن عليها هو الطرف
الفرنسي.
رابعا-جنسية السفن والطائرات:
تُع هد السفن والطائرات من األشياء ،وهذا يقتضي أن تكون ا
حمال للحقوق وليس صاحب حق .فهل جيوز هلا وهي من
األشياء أن تتمتع ابجلنسية؟
إذا كنت اإلجابة بنعم ،فما هو املعيار املعتمد دوليا ملنح اجلنسية للسفينة والطائرة ؟ ،وما هو األساس الذي اعتمده
املشرع اجلزائري ملنح اجلنسية اجلزائرية هلما؟ جنيب عن هذه األسئلة فيما يلي:
-)1املعيار املعتمد دوليا ملنح اجلنسية للسفينة والطائرة :يرجع السبب يف حبث مسألة جنسية السفينة والطائرة اىل
األمهية الّت تكتسيها كل واحدة منهما يف زمن احلرب والسلم .كالمها تعترب وسيلة هامة من وسائل النقل ،تساهم يف
حركة تنقل األشخاص عرب احلدود ،ويف تنمية العالقات القانونية الدولية اخلاصة ،ويف تعزيز املبادالت التجارية دوليا،
وكل واحدة منهما هي يف حقيقة أمرها أموال مادية منقولة ذات أمهية اقتصادية دولية ،تتطلب أن تكون هلما اتبعية
تتعني مبوجبها
لدولة ما ،هلذا درج شراح قانون اجلنسية على اطالق مصطلح اجلنسية جمازا ابلنسبة للسفينة والطائرة ،ه
يتعني القانون
تبعيهة كل واحدة منهما لدولة معيهنة ،جتنهبا للفوضى يف معاملتهما على املستوى الدويل ،إذ ابجلنسية أيضا ه
الذي حيكم النظام القانوين لكل واحدة منهما .كما أن كل واحدة منهما تعترب جزءا من إقليم الدولة.
املعول عليه دوليا ملنح اجلنسية للسفينة فهو مكان تسجيل السفينة ،حبيث حتمل السفينة جنسية دولة ما
هاما املعيار ه
مّت مته تسجيلها يف أحد موانئها الذي تبحر منه عادة.
سجلت فيه ،وهذا ما أ هكدته اتفاقية الطريان
و هأما املعيار املعتمد كأساس ملنح اجلنسية للطائرة فهو أيضا املكان الذي ّ
نصت املادة 17منها على أن« :حتمل الطائرات جنسية
املدين الدويل املربمة يف شيكاغو بتاريخ ،1944/02/07إذ ه
الدولة اليت س ّجلت يف سجالهتا طبقا لقوانينها»( .)1ويستلزم متتع السفينة والطائرة جبنسية دولة ما ،أن حتمل علم الدولة
(-)1د .أمحد عبد الكرمي سالمة القانون الدويل اخلاص مرجع سبق ذكره ،ص.47
-أيضا د .الطيب زرويت الوسيط يف اجلنسية اجلزائرية مرجع سابق ،اهلامش ،1ص.79
38
الّت تتبعها ابجلنسية ،وحبمل علمها ّتضع لسيادهتا ،وتتوىل محايتها ورقابتها ،فيرتتب على ذلك آاثر قانونية هامة ،فمثال
كل من يولد على منت السفينة أو الطائرة يع هد مولودا على إقليم الدولة الّت حتمل السفينة أو الطائرة جنسيتها ،وابلتايل
يتمتع جبنسيتها األصلية على أساس حق اإلقليم.
-)2املعيار املعتمد يف القانون اجلزائري ملنح اجلنسية اجلزائرية للسفينة والطائرة :ما يسرتعي االنتباه ابلنسبة للقانون
اجلزائري أ هن متتهع السفينة أو الطائرة ابجلنسية اجلزائرية يتوقهف على جنسية مالكيها ،فإن كان مالكها شخصا طبيعيا ،أو
شخصا اعتباراي من جنسية جزائرية ،كانت جنسية السفينة أو الطائرة جزائرية .نوضح ذلك فيما يلي:
نصت املادة 28من القانون البحري اجلزائري على ما يلي« :لكي حتصل السفينة على اجلنسية
-ابلنسبة للسفينة :ه
اجلزائرية جيب أن تكون ملكا كامال لشذص طبيعي من جنسية جزائرية أو لشذص اعتباري خاضع للقانون
اجلزائري.
وجيب يف هذه احلالة األخرية أن يكون من ذوي اجلنسية اجلزائرية»ّ ،نيهز يف هذا النص بني حالتني مها:
-احلالة األوىل :تكون جنسية السفينة جزائرية إذا كانت ملكا كامال لشخص طبيعي من جنسية جزائرية.
-احلالة الثانية :تكون جنسية السفينة جزائرية إذا كانت ملكا كامال ألحد األشخاص االعتبارية اجلزائرية اآلتية:
-شركة التضامن أو شركة التوصية ،كل واحدة منهما هلا اجلنسية اجلزائرية.
-شركة ذات مسؤولية حمدودة جنسيتها جزائرية.
-شركة ذات أسهم جنسيتها جزائرية.
-مجعية جنسيتها جزائرية (.)1
يتبني أ هن السفينة تكون هلا جنسية جزائرية ،إذا كانت ملكا كامال لشخص يتمتع ابجلنسية اجلزائرية ،سواء كان
هكذا ه
شخصا طبيعيا أم شخصا اعتباراي ،وهذا هو الشرط األول.
هأما الشرط الثاين هو أن تسجل السفينة يف أحد املوانئ اجلزائرية الذي تبحر منه ،فإذا توفهر فيها هذان الشرطان محلت
العلم اجلزائري متييزا هلا عن السفن األجنبية ،وهلذا تُسمى اجلنسية الّت تتمتع هبا السفينة جبنسية العلم .
-ابلنسبة الطائرة :ه
نصت املادة 20من القانون رقم 06-98املؤرخ يف 27جوان ، 1998احملدد للقواعد العامة املتعلقة
ابلطريان املدين على أن« :متنح اجلنسية اجلزائرية لكل طائرة مقيّدة يف سجل ترقيم الطريان املدين وتلتزم الطائرة
املرقّمة يف هذه احلالة حبمل اإلشارات البارزة هلذه اجلنسية وفقا ملا هو حمدد عن طريق التنظيم» ،ه
يتبني من هذا
سجل الرتقيم اخلاص ابلطريان املدينالنص أ هن املعيار املعتمد كأساس ملنح اجلنسية اجلزائرية للطائرة هو تسجيلها يف ه
نصت املادة 22من نفس القانون على عدم جواز ترقيم الطائرة هإال إذا كانتاجلزائري ،لكن هذا وحده ال يكفي ،فقد ه
ملكا كليها لشخص طبيعي من جنسية جزائرية أو لشخص اعتباري من جنسية جزائرية .ونص هذه املادة متطابق مع نص
(-)1راجع ما سبق املعايري ذات الطابع الشخصي الّت اعتمدها املشرع اجلزائري كأساس ملنح اجلنسية اجلزائرية للشخص االعتباري ،ص 35وما بعدها.
39
املدة 28من القانون البحري اجلزائري ،الّت درسناها سابقا ،وال خيتلف عنه هإال يف لفظ الطائرة بدال من السفينة ،فتكون
جنسية الطائرة جزائرية يف احلالتني اآلتيتني:
-احلالة األوىل :إذا كانت الطائرة ملكا كامال لشخص طبيعي من جنسية جزائرية.
-احلالة الثانية :إذا كانت الطائرة ملكا كامال ألحد األشخاص االعتبارية اجلزائرية األتية:
-شركة التضامن أو شركة التوصية ،كل واحدة منهما هلا اجلنسية اجلزائرية.
-شركة ذات مسؤولية حمدودة جنسيتها جزائرية.
-شركة ذات أسهم جنسيتها جزائرية.
-مجعية من اجلمعيات جنسيتها جزائرية.
نستخلص مما سبق ان الطائرة تكون هلا اجلنسية اجلزائرية ،إذا توفهر فيها الشرطان التاليان:
-أن تكون ملكا لشخص من جنسية جزائرية سواء كان شخصا طبيعيا أم شخصا اعتباراي ،وأهم إشارة تربز جنسيتها
اجلزائرية هي محلها العلم اجلزائري ،هلذا تسمى جنسية الطائرة جبنسية العلم.
-أن تكون مسجلة يف سجل الرتقيم اخلاص ابلطريان املدن اجلزائري.
الفرع الثالث :الرابطة بني الدولة والشذص:
اختلف فقهاء القانون الدويل اخلاص يف حتديد الطبيعة القانونية للرابطة بني الفرد والدولة ،فمنهم من اعتربها رابطة
عقدية ،ومنهم من اعتربها رابطة تنظيمية .نشرح ذلك إبجياز شديد فيما يلي:
أوال-الرابطة بني الفرد والدولة رابطة عقدية:
أسسها
قاد الفقيه الفرنسي أندري وايس الرأي الفقهي القائل أب هن الرابطة بني الفرد والدولة هي رابطة عقدية ،حيث ه
ويعرب رأيه هذا عن العقد االجتماعي الذي
على وجود عقد تباديل contrat synallagmatiqueبني الفرد والدولة .ه
يربط بني األفراد والدولة ،حس ب نظرية ج ان ج اك روس و ( ، )1778-1712الذي جعل اإلرادة الشعبية هي مصدر
كل سلطة جتسيدا للعقد االجتماعي( ،)1هلذا استنتج وايس ومن سايره من الفقهاء يف القرن التاسع عشر امليالدي أ هن
الرابطة بني الفرد والدولة انجتة عن توافق إرادتني ،إرادة الدولة املاحنة للجنسية من جهة ،ممثلة يف السلطة الّت تضع
القانون املنظم للجنسية ،وإرادة الفرد الذي يتلقاها من جهة اثنية ،ابعتباره عضوا يف شعب الدولة ،الذي انبثقت من
ارادته شرعية الدولة ،ومن ث م شرعية السلطة ذات السيادة ،الّت تدير شؤوّنا نيابة عنه ألنهها من اختياره ،نتيجة كل
ووجه هلا نقد
ذلك رأى وايس أ هن الرابطة بني الفرد والدولة هي رابطة عقدية ،لكن نظريته هذه ّتلى عنها الفقه احلديث ه
من ع هدة أوجه منها ما يلي:
جمرد رابطة عقدية ،فهي أكرب من ذلك ،إذ يف كثري من األحيان ّتلع الدولة
-)1إ هن اجلنسية ال ميكن اختزاهلا يف ه
بقوة القانون منذ حلظة ميالده ،دون أي اعتبار إلرادته ،كما هي احلال يف اجلنسية األصلية .
جنسيتها على الفرد ه
( -)1راجع املفكر جان جاك روسو ،رسالتنا مرجع سابق ،ص 31وما بعدها.
40
-)2إ هن الرابطة بني الفرد والدولة ال تقوم على تالقي إرادتني لعدم وجود إحدامها أصال ،أل هن الدولة يف وقتنا احلاضر،
تسن القانون اخلاص ابجلنسية ،وتضع فيه قواعد عامة وجمردة تتضمن شروط التمتع جبنسيتها األصلية ،أو هي الّت ه
شروط اكتساب جنسيتها إبحدى الطرق الّت تُكتسب هبا جنسيتها ،والّت نص عليها املشرع ،وهي يف كل ذلك ال
أتخذ يف حسباّنا هإال ما متليه عليها مصاحلها اجلوهرية ،وال هتتم إبرادة الفرد هإال ابلقدر الذي خيدم مصاحلها.
-)3إنهه إذا كانت إرادة الفرد تلعب دورا حمددا يف اكتساب اجلنسية مّت توفهرت فيه شروط اكتساهبا ،فإ هن الدولة رغم
ذلك ميكنها هأال متنحه إايها إذا رأت أنهه غري جدير هبا حّت لو توفرت شروط اكتساهبا .فهي الّت متلك حق وضع قوانني
اجلنسية وقواعدها ومتلك حق جتريد الفرد منها وسحبها منه رغم أنفه إذا ثبت عدم أهليته هلا ،أل هن رابطة اجلنسية ليست
عقدية وإهّنا هي رابطة تنظيمية.
اثنيا-الرابطة بني الفرد والدولة رابطة تنظيمية:
يذهب فقهاء القانون الدويل اخلاص يف زمننا هذا إىل القول أ هن الطبيعة القانونية للرابطة بني الفرد والدولة هي رابطة
هتم الدولة بشكل مباشر ،فهي الّت يُناط هبا حتديد ركن الشعب فيها بواسطة اجلنسية مبا حيقق مصاحلهاتنظيمية ،أل هّنا ُّ
العليا .فال تعت هد إبرادة الفرد هإال ابلقدر الذي جيعل كلمتها هي العليا.
ذلك أ هن اجلنسية نظام قانوين تنفرد الدولة بوضعه مبا متلك من ه
حرية يف هذا الشأن ،تنبع من سيادهتا ،فتُ هبني فيه
أحكامها ،وشروطها الّت توفهرت يف الفرد منحته جنسيتها ،فيصبح يف مركز قانوين هو مركز الوطّن ،ويف نفس الوقت
تُ هبني فيه احلقوق والواجبات امللقاة على عاتقه واآلاثر املرتتهبة عنها وكيفية وشروط زواهلا عنه ،لذا تُع هد الرابطة بني الفرد
والدولة رابطة تنظيمية ،أل هن القانون هو الذي ينظمها(.)1
هأما الشخص االعتباري ،فقد رأينا أن عالقته ابلدولة الّت حيمل جنسيتها هي عالقة تبعية سياسية وقانونية للدولة،
اقتضتها طبيعته كمخلوق قانوين جمازي ،رأت أغلبية الفقه الراجح أن تكون له جنسية ليسهل التعامل معه على املستويني
الداخلي والدويل.
املطلب الثالث
أسس قيام اجلنسية القانونية
اجلنسية القانونية هإما أن تكون جنسية أصلية (الفرع األول) ،أو أن تكون جنسية مكتسبة (الفرع الثاين) ،ه
نبني ذلك
بشرح موجز فيما يلي:
الفرع األول-اجلنسية القانونية االصلية:
يبني أ هن هناك أسسا معيهنة ال حتيد عنها
إ هن استقراء النصوص القانونية اخلاصة ابجلنسية القانونية يف الدول املختلفة ه
الدول يف حتديد كيفية التمتهع جبنسيتها كجنسية أصلية.
(-)1للمزيد من االطالع :راجع الرابطة بني الفرد والدولة ،رسالتنا مرجع سابق ،ص 62إىل .66
41
سمى أحياان جبنسية
ميكن تعريف اجلنسية األصلية أب هّنا جنسية دولة ما ،الّت يتمتهع هبا فرد ما ،منذ حلظة ميالده .وهلذا ت ه
امليالد ( .)1وُمييهز فيها بني اجلنسية األصلية املبنية على أساس حق الدم ( jus sanguinisأوال) ،واجلنسية األصلية ال مبنية
على أساس حق اإلقليم ( jus soliاثنيا) ،وّتتلف التشريعات املقارنة يف تفضيل أحد األساسني السابقني على اآلخر،
حبسب الظروف اخلاصة بكل دولة (اثلثا) .ه
نبني كل ذلك فيما يلي:
أوال – اجلنسية األصلية املبنية على أساس حق الدم:
يقصد حبق الدم بصفة عامة – يف وقتنا احلاضر – حق الفرد يف التمتهع جبنسية الدولة الّت ينتمي إليها آابؤه مبجرد
حتقق واقعة ميالده .اترخييا يرجع حق الدم إىل تطور فكرة االنتماء على أساس وحدة األصل ،الذي يعين احندار أفراد
()2
تبين معيار حق الدم كأساس أصلي ملنح الدولة جنسيتها القانونية
اجلماعة البشرية الواحدة من دم واحد .يرجع ه
األصلية إىل ما جيمع أفراد شعبها من روابط قومية صلبة ومتينة ال تنفصم عراها ،من وحدة األصل الّت تعين وحدة لغة
تتبىن دولة ما معيار حق الدم كأساس ملنح جنسيتها
التخاطب ،ووحدة الدين واحلضارة والتاريخ املشرتك .هلذا عندما ه
األصلية ،تكون قد أخذت يف اعتبارها العنصر اإلنساين ،املتمثل يف ركن الشعب فيها ،املتماسك ابلعوامل الّت ذكرانها
سمى اجلنسية املبنية على أساس حق آنفا .فنواة اجلنسية هنا هي األصل العائلي الذي ينحدر منه املولود بنسبه ،هلذا تُ ه
()3
متدرجا،
عول عليها يف بناء اجلنسية األصلية تطورا اترخييا ه الدم أحياان ،جبنسية النسب .وقد عرفت فكرة النسب الّت يُ ه
فقد كانت ُمتنح لِمن ينحدر بنسبه من أب وطين كأصل عام ،ومل يكن لألم إاله دورا اثنواي ،أو احتياطيا يف نقل اجلنسية
إىل مولودها ،وذلك يف حاالت معيهنة يتع هذر فيها حصول املولود على اجلنسية من جهة األب ،هإما أل هن أابه جمهول
اجلنسية أو أنهه معروف ولكنهه عدمي اجلنسية ،بيد أ هن هذه التفرقة بني دور األب واألم يف نقل اجلنسية األصلية على أساس
حق الدم إىل األبناء قد تراجعت ابلتدريج مع تطور اجملتمع احلديث ،بل إ هن التمييهز بينهما قد زال عمليا ،وساد مبدأ
املساواة بينهما يف نقل اجلنسية األصلية املبنية على حق الدم إىل أبنائهما ،فقد أصبح هذا املبدأ من املبادئ األساسية ،
أقرهتا
الّت نصت عليها املواثيق الدولية ،نذكر منها بصفة خاصة اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد املرأة ،الّت ه
()4
وتبعا هلذه االتفاقية الدولية ،الّت ص هدقت عليها أغلب الدول يف
اجلمعية العامة لألمم املتحدة بتاريخ ً ، 1979/12/18
العامل ،ومنها اجلزائر( ،)5أصبح مبدأ املساواة بني املرأة والرجل يف مادة اجلنسية منصوصا عليه يف الوقت الراهن يف أغلب
()6
تكرس مبدأ عدم املساواة
دساتري دول العامل ومنها الدستور اجلزائري ،مما هأدى إىل تغيري قوانني اجلنسية ،الّت كانت ه
(-)1أنظر :د .عز الدين عبد هللا ،القا نون الدويل اخلاص اجلزء األول ،اجلنسية واملوطن ومركز األجانب ،مطابع اهليئة املصرية العامة للكتاب ،الطبعة احلادية
عشرة .1986الفقرة ،64ص .154
(-)2راجع تطور فكرة اجلنسية من خالل تطور فكرة االنتماء :رسالتنا مرجع سابق ص 8اىل .10
(-)3أنظر :د .فؤاد عبد املنع م رايض :أصول اجلنسية يف القانون الدويل والقانون املصري املقارن ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،1995الفقرة ،35ص .46
نصت املادة 2/9من االتفاقية املذكورة على أن « :متنح الدول األطراف املرأة حقا مساواي حلق الرجل فيما يتعلق جبنسية اطفاهلا». ( -)4ه
انضمت اليها اجلزائر ابألمر رقم 03-96املؤرخ يف 10جانفي ، 1996اجلريدة الرمسية ،العدد ، 3سنة .1996 ( -)5ه
نصت املادة 37من الدستور اجلزائري املعدل بتاريخ 20ديسمرب ،2020الساري حاليا ،على أ هن « :كل املواطنني سواسية أمام القانون ،وهلم احلق يف ( -)6ه
أي شرط أو ظرف آخر ،شخصي أو اجتماعي » . محاية متساوية .وال ميكن أن يُتذرع أبي متييز يعود سببه إىل املولد ،أو العرق ،أو الرأي أو اجلنس ،او ه
42
املشرع اجلزائري مبدأ املساواة يف ميدان اجلنسية األصلية املبنية على حق الدم،
تبىن هبني املرأة والرجل يف مادة اجلنسية .وقد ه
وأيضا يف نطاق اجلنسية اجلزائرية املكتسبة ،كما سنرى ذلك الحقا ،عند دراستنا اجلنسية اجلزائرية.
اثنيا-اجلنسية األصلية املبنية على أساس حق اإلقليم:
يقصد حبق اإلقليم كقاعدة عامة ،حق الفرد يف التمتهع جبنسية الدولة الّت يولد على إقليمها ،منذ حلظة ميالده،
بغض النظر عن األصل الذي ينحدر منه ،يرجع حق اإلقليم اترخييا اىل فكرة االنتماء على أساس مبدإ اإلقليمية الذي
ساد يف عهد النظ ام اإلقطاعي يف أورواب املسيحية يف القرون الوسطى ،حيث كان كل فرد يسكن اإلقطاعية ينتمي اىل
حترر من طابعه
شخص احلاكم اإلقطاعي على أساس الوالء املطلق له ،لكن مبدأ اإلقليمية يف ذلك العهد مل يكن قد ه
الشخصي ،ولكنه يُع هد أصل ما يعرف اليوم مببدإ حق اإلقليم يف مادة اجلنسية ،الذي أُعتمد يف وقتنا الراهن كمعيار
ملنح اجلنسية األصلية على أساس حق اإلقليم ،وذلك بعد ما ه
جترد مبدأ اإلقليمية من طابعه الشخصي ،و هاّتذ صبغة
جمردة بظهور الدولة احلديثة يف القرنني 18و 19امليالديني ،كنتيجة حتمية لفصل الدولة والسيادة عن شخص احلاكم،ه
()1
فصار الوالء السياسي للدولة دون غريها ،ابعتبارها شخصا معنواي دوليا عاما ،خماطبا أبحكام القانون الدويل العام،
تتبىن حق اإلقليم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية ،يصري متمتعا جبنسيتها
إذ كل فرد يولد على إقليم دولة ما ،ه
األصلية على أساس حق اإلقليم ،يستوي يف ذلك أن يكون قد ُولد ألبوين وطنيني ،أو ألبوين أجنبيني متهحدي اجلنسية
أو خمتلفي اجلنسية ،أو ألبوين أحدمها وطين واألخر أجنيب ،أو ألبوين جمهولني أو عدميي اجلنسية.
نص عليه دستور اإلكوادور سنة 1946يف املادة ،1/9الّت من أمثلة الولد املولود ألبوين وطنيني أو ألبوين أجنبيني ما ه
جاء فيها« :يكون الشخص وطنيا لإلكوادور ابمليالد ،إذا ُولد يف إقليم اإلكوادور ،وكان أبواه وطنيني لإلكوادور»،
فاشرتطت هذه املادة اىل جانب حت هقق واقعة ميالد الطفل على اإلقليم االكوادوري أن يكون أبواه األجنبيان متوطنني يف
اإلكوادور وقت ميالد الطفل(.)2
نص عليه املشرع الفرنسي يف املادة 2°/1-19من قانون اجلنسية ومن أمثلة الولد املولود ألبوين أجنبيني أيضا ما ه
الفرنسية ،حيث هقرر منح اجلنسية الفرنسية على أساس حق اإلقليم للطفل الذي يولد ألبوين أجنبيني ،بشرط أاله يكون
()3
ينص عليه قانون اجلنسية الفرنسية املؤرخ
ألي من والديه .ومن األمثلة أيضا ما كان ه حتصل على اجلنسية األجنبية ه قد ه
يف ،1889/06/26الذي كان الغرض منه تعزيز الوجود االستعماري الفرنسي يف اجلزائر من خالل اإلدماج السريع
لألوروبيني غري الفرنسيني املقيمني يف اجلزائر بصفتهم مستوطنني ،حيث عُ هدلت مبوجبه املادة 8من القانون املدين الفرنسي،
فنصت يف فقرهتا الثالثة على أ هن األفراد املولودين يف اجلزائر من أجانب هم أنفسهم مولودين فيها ،يُع هدون فرنسيني ّنائيا
ه
( -) 1راجع :االنتماء على أساس الوالء املطلق للحاكم ،رسالتنا ،مرجع سابق ص 16اىل .19
(-)2أنظر :د .عز الدين عبد هللا :القانون الدويل اخلاص ،مرجع سابق ،الفقرة ،66ص .159
( -)3قانون اجلنسية الفرنسية يف منت القانون املدين الفرنسي ،نشر داللوز ، 2004مرجع سابق ،ص .92
43
دون أن يتم هكنوا من التخلهي عن هذه الصفة .هكذا صارت اجلنسية الفرنسية ُّتلع على أبناء املستوطنني األوروبيني يف
اجلزائر على أساس امليالد املضاعف ، double naissanceالذي يعين ميالد الولد وأبيه يف اجلزائر(.)1
ينص على منح اجلنسية الفرنسية على أساس حق اإلقليم لكل فرد يولد ومازال قانون اجلنسية الفرنسية اىل غاية اليوم ه
هو وأحد أبويه على األقل يف فرنسا ،حيث جاء يف املادة « 3-19يعترب فرنسيا الولد الشرعي أو الطبيعي الذي ُولد يف
فرنسا ،إذا كان أحد أبويه على األقل هو نفسه مولود يف فرنسا» ( .)2وقد أخذ املشرع اجلزائري بفكرة ميالد املضاعف
كأساس ملنح اجلنسية اجلزائرية األصلية املبنية على أساس حق اإلقليم كما سنرى الحقا عند دراستنا اجلنسية اجلزائرية.
هأما ابلنسبة ملنح اجلنسية على أساس حق اإلقليم لِمن يولد ألبوين جمهولني مّت توفهرت شروط معيهنة ،فيمكن ضرب
نص عليه قانون اجلنسية الفرنسية يف املادة 19حيث جاء فيها« :يعترب فرنسيا الولد املولود يف فرنسا من أبوين
املثال مبا ه
جمهولني» (.)3
نصت املادة 1-19من نفس القانون على أن« :يعترب فرنسيا الولد هأما ابلنسبة لِمن يولد من أبوين عدميي اجلنسية قد ه
املولود يف فرنسا من أبوين عدميي اجلنسية »(. )4
تتبىن حق الدم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية على أساسه ،أتخذ يف ما يُالحظ إمجاال ممها سبق أ هن الدول الّت ه
ُحسباّنا العنصر اإلنساين املتمثل يف ركن الشعب (.)5
تتبىن حق اإلقليم كأساس أصلي ملنح جنسيتها على أساسه فتأخذ يف اعتبارها العنصر اجلغرايف املتمثهل
هأما الدول الّت ه
يف ركن اإلقليم ،وهو كما نعلم ركن من أركان الدولة الّت لن تقوم هلا قائمة بدونه (.)6
هأما ملاذا هذا االختالف بني الدول ،فهذا ما نبيهنه يف الفقرة الثالثة أدانه:
اثلثا-املفاضلة بني األساسني من قبل الدول:
تبين أحد املعيارين كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية على
ما ميكن قوله بداية ،أ هن الدول قد اختلفت يف مسألة ه
كونون ركن الشعب فيها، أساسه .فهناك دول تبنهت حق الدم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية لألفراد الذين يُ ه
آخذة يف اعتبارها العنصر البشري ،الذي يتمثهل يف ركن الشعب ،الذي يُع هد أهم ركن الزم لقيامها ،وهي الدول الّت هلا
حق اإلقليم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية،
عمق اترخيي وحضاري ُمتج هذر يف اجملتمع اإلنساين .وهناك دول تبنهت ه
آخذة يف اعتبارها العنصر اجلغرايف ،أي ركن اإلقليم الذي يُع هد الزما لقيامها ،وهي دول أغلبها ليس هلا عمق اترخيي
وحضاري.
لكن هناك حقيقة ال ميكن القفز عليها هي أنهه ال توجد يف وقتنا احلاضر دولة أتخذ أبحد األساسني بصورة مطلقة،
( -)1راجع :مسالة جتنهس األجانب األوروبيني الذين استوطنوا اجلزائر خالل حقبة االستعمار الفرنسي ،رسالتنا ،مرجع سابق ،ص 282اىل .288
(-)2قانون اجلنسية الفرنسية يف منت القانون املدين الفرنسي ،نفس املرجع السابق.
(-)3نفس املرجع السابق.
( )4راجع اجلنسية األصلية ال مبنية على حق الدم ،رسالتنا ،مرجع سابق ،ص 102اىل .106
( -)5راجع :الشرح املستفيض الذي ق هدمناه عن اجلنسية األصلية املبنية على أساس حق الدم ،رسالتنا ،مرجع سابق ،ص102و.106
( -)6راجع شرحا أكثر تفصيال عن اجلنسية املبنية على أساس حق اإلقليم ،رسالتنا ،مرجع سابق ،ص 107اىل .112
44
فالدول الّت تبين جنسيتها األصلية على أساس حق الدم كأساس أصلي ،تفسح اجملال حلق اإلقليم كأساس احتياطي
ليأخذ مكانه يف تشريعاهتا يف حاالت معيهنة ،أو يف ظروف اترخيية واجتماعية واقتصادية وسياسية معيهنة.
والدول الّت تبنهت حق اإلقليم أساسا أصليا ملنح جنسيتها األصلية ،هي بدورها فسحت اجملال حلق الدم كأساس
احتياطي ليأخذ مكانه يف تشريعها اخلاص ابجلنسية.
إ هن تفضيل أحد األساسني على اآلخر تتح هكم فيه ظروف كل دولة من حيث وجودها التارخيي واحلضاري والديين ،ومن
حيث بنيتها االجتماعية والسياسية والقانونية .لكن ما هي األسباب الّت يقوم عليها تفضيل أحد األساسني على اآلخر
من قبل الدول كمعيار أصلي ملنح جنسيتها األصلية ؟ .جنيب عن هذا السؤال فيما أييت:
-)1الدول اليت فضلت حق الدم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية:
ميكن حصر أسباب تفضيلها له فيما يلي:
-1إ هّنا عندما تبنهت حق الدم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية على أساسه ،تكون قد أخذت يف اعتبارها عنصر
االنسان الذي يتش هكل منه ركن الشعب فيها ،وهي الدول الّت غلبت عليها ماضيا النزعة القومية املبنية على وحدة األصل
واللغة والدين .ذلك أ هن الدول احلديثة يف أورواب املسيحية قد قامت ابتداءً على أساس قومي حمض .فهذه الدول تتميهز
موجها أساسيا للجنسية فيها ،إذ يعترب هذا العمق التارخيي واحلضاريأب هن هلا عمقها التارخيي واحلضاري ،الذي يُع هد ه
الوعاء الذي تنصهر فيه كل عوامل الفرقة والتنافر ،وجتتمع فيه كل عوامل االنسجام والوحدة املتينة الّت ال تنفصم عراها،
فيتولهد عن كل ذلك شعور الفرد ابلوالء روحيا ،اجتماعيا ،سياسيا وقانونيا ،اجتاه الدولة الّت حيمل جنسيتها ،ميزته
الثهبات والدوام ،إذ يكون معيار حق الدم أكثر ارتباطا مبكوانت شعبها ،ممها حيافظ على متاسك أفراد شعبيها وانسجامهم
اجتماعيا وسياسيا ،فيعطيها ذلك قوة واستقرارا.
تبين معيار حق الدم كأساس ملنح اجلنسية األصلية جيعل الدولة مبنأى عن دخول العناصر األجنبية يف جنسيتها، -2إ هن ه
الّت إن دخلت يف جنسيتها قد تساهم يف ضعف نسيجها احلضاري والديين والتارخيي واالجتماعي والسياسي والقانوين،
الذي يكون أش هد متاسكا بدوّنا.
-3إ هن منح اجلنسية األصلية على أساس حق الدم يُبقي التواصل الروحي مستمرا بني الدولة وأفراد شعبها ،ممها حيافظ على
ومقوماهتا
عمقها التارخيي وموروثها احلضاري ،الذي يربط بني ماضيها وحاضرها ومستقبلها ،فيحفظ هلا ميزهتا احلضارية ه
الدينية ،وجيعل كياّنا على الدوام أكثر رسوخا ،وثباات واستقرارا.
-4إ هن أساس حق الدم مينح الدولة الّت تتبنهاه ميزة ال تتوفهر عند غريها من الدول الّت متنح جنسيتها األصلية على أساس
حق اإلقليم ،فهي متنح جنسيتها األصلية لِمن ينحدر بنسبه من وطين أو وطنية بغض النظر عن مكان ميالده ،ممها
ِ
هجرة (املص هدرة) لوطنييها ،فتسمح
جيعل وطنيوها يتبعوّنا ولو كانوا مقيمني يف اخلارج ،خاصة إذا كانت من الدول امل ه
متسكوا بعقيدهتم الدينية ،
هبجرهتم اىل اخلارج لظروف معيهنة ،فإ هن ذلك قد يعطيها نفوذا يف الدول املستقبلة هلم ،إذا ما ه
وه ِويتهم احلضارية بصفة عامة ،خاصة يف عامل تقاربت فيه املسافات بني الشعوب ،واشت هد وعاداهتم وتقاليدهم وثقافتهم ُ ،
فيه الصراع احلضاري والديين أكثر من أي وقت مضى.
45
أتمل قوانني الدول الّت تعتمد حق الدم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية ،أ هن هذه القوانني جتعل
يتبني من خالل ه
-5ه
اال ختصاص التشريعي يف حالة تنازع القوانني دوليا من حيث املكان يف ميدان األحوال الشخصية ينعقد لقانون جنسية
الفرد ابعتباره قانوان شخصيا له ،حبيث يطبهق قانون الدولة على عالقات وطنييها يف اخلارج ،سواء فيما بينهم ،أو بينهم
ووجدوا.
يعزز الشعور بذاهتم احلضارية وجيعلهم متعلقني بوطنهم الذي حيملون قوانينه أينما حلهوا وارحتلوا ُ
وبني األجانب ،ممها ه
هأما عن الدول الّت تبنهت معيار حق الدم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية ،فتأيت على رأسها الدول األوروبية ذات
األصل الالتيين مثل فرنسا ،وإيطاليا ،وإسبانيا والربتغال وغريها من الدول األخرى .فهذه الدول بنت جنسيتها األصلية
على أساس حق الدم كأصل عام ،ألّنا تعترب اجلنسية عالقة قائمة على الشعور القومي املرتبط بوحدة األصل ولغة
التخاطب ،ووحدة العقيدة الدينية املسيحية ،الذي من مساته اإلحساس القوي ابلرابطة الروحية بني الفرد والدولة ،لذلك
تتجسد الرابطة االجتماعية – الروحية ،الّت تقوم عليها ِ
حق للدولة أن متنح جنسيتها لمن يتوفهر فيه هذا الشعور ،إذ فيه ه
الرابطة السياسية والقانونية للجنسية .فاجلنسية تستم هد وجودها من العمق التارخيي ،والديين ،واحلضاري هلذه الدول.
هأما البلدان العربية واإلسالمية املغلوبة على أمرها ،فبِ ُحكم أ هّنا كانت مستعمرة استعمارا استيطانيا ،أو هأّنا كانت واقعة
حتت سيطرة القوى االستعمارية الكربى ،فقد فرض عليها بُعدها الديين واحلضاري أن ّتتار معيار حق الدم كأساس ملنح
جنسيتها األصلية ،ابعتباره أفضل للحفاظ على ُهويتها اإلسالمية على األقل يف جمال األحوال الشخصية ،الّت مازالت
ّتضع ألحكام الشريعة اإلسالمية يف أغلب دول بالد اإلسالم ،ومنها اجلزائر ،ابلرغم من أ هن بعضها كان خاضعا
تتبىن حق اإلقليم كأساس أصلي ملنح جنسيتها.
لسيطرة بريطانيا االستعمارية ،الّت ه
ضلت حق اإلقليم كأساس ملنح جنسيتها األصلية:
-)2الدول اليت ف ّ
ميكن تلخيص أسباب تفضيلها له فيما أييت:
-1هإّنا عندما تبنهت معيار حق اإلقليم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية ،تكون قد اعت هدت ابلعنصر اجلغرايف املتم ثهل
يف إقليم الدولة ابعتباره أحد األركان الثالثة الالزمة لقيامها .فاجلنسية األصلية ابلنسبة هلذه الدول الّت تبنهت هذا املعيار
تكون على عالقة مباشرة أبحد أركان الدولة وهو اإلقليم.
-2إ هن أغلب الدول الّت بنت جنسيتها األصلية على أساس حق اإلقليم كمعيار أصلي ،هي دول أعلبها افتقدت اىل
العمق التارخيي واحلضاري يف وجودها كوحدات اجتماعية وسياسية ،ابستثناء بريطانيا الّت كان هلا عمق اترخيي وحضاري
وديين ،ومع ذلك تبنهت حق اإلقليم كمعيار أصلي ملنح جنسيتها األصلية ،لألسباب الّت نبيهنها الحقا .فدول القارة
تتكون إاله حديثا
حق اإلقليم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية ،أل هّنا مل ه
األمريكية بشماهلا ووسطها وجنوهبا قد تبنهت ه
تكونت شعوب ها من أعراق خمتلفة ،لكنها يف أغلبها أوروبية ،اختلفت يف األصل بعد اكتشاف القارة األمريكية ،فقد ه
العرقي فكانت تتحدث لغات خمتلفة ،وإن كان جيمعها دين واحد هو الدين املسيحي مبختلف مذاهبه.
فإما أ هّنم أبيدوا أو ُمههشوا .فلم يكن من سبيل أمام تلك الدول الّت قامت يف القارة
هأما السكان األصليون اهلنود احلمر ،ه
األمريكية إاله أن تبين جنسيتها األصلية على أساس حق اإلقليم ،ألنهه كان الكفيل جبمع مشل الناس املختلفني عرقيا ولغة،
وخبلق وحدة اجتماعية وسياسية بني اعراق خمتلفة ،لكنها مرتبطة ابإلقليم.
46
-3السبب الثالث له عالقة ابلسببني السابقني ،إذ اقتضت املصلحة الوطنية للدولة أن تعتمد حق اإلقليم كأساس أصلي
ملنح جنسيتها األصلية لتكوين ركن الشعب فيها ،ألنهه اخليار املناسب هلا ،أل هن معيار حق الدم يفرتض فيه احندار األفراد
يف الدولة من أصل واحد ولغة ّتاطب واحدة .فدول القارة األمريكية مازالت إىل اليوم تستقبل املهاجرين إليها من مجيع
األعراق الوافدة اليها من مجيع القارات األخرى.
-4إ هن معيار حق اإلقليم كأساس أصلي للتمتع ابجلنسية األصلية ينهض على فكرة ارتباط االفراد ابألرض ،وابلتوطهن
واإلقامة عليها ،ممها جيعلهم عرضة للتأثهر ابلبيئة والوسط االجتماعي الذي يولدون فيه ،فريتبطون ابلدولة الّت ُولدوا على
فيتعزز ذلك االرتباط ابلتعليم والرتبية ،الّت تلبسهم طبائع
إقليمها ،فيشرتكون مع أفراد شعبها يف معيشتهم وّنط حياهتم ،ه
ومكوانت حضارته.وأخالق اجملتمع الذي يعيشون فيه ،وعاداته وتقاليده وأعرافه ،فينهلون من منابع ثقافته ه
فالفرد ابن بيئته الّت نشأ فيها ،يسلك سلوك أفراد جمتمع تلك البيئة ،ويشعر شعورهم فيشاركهم أسلوب وّنط حياهتم،
يقوي احساسه ابلوالء للدولة الّت يولد على
وتفكريهم ،ممها يؤدي اىل اندماجه فيه ،فينشأ لديه الشعور الوطين الذي ه
اقليمها ويقيم فيها إقامة دائمة.
-5ل هما كان حق اإلقليم كأساس أصلي للتمتهع ابجلنسية األصلية قائما على فكرة ارتباط الفرد إبقليم الدولة من خالل
يتعني به القانون الواجب التطبيق
التوطهن واإلقامة فيها ،فإ هن الدولة الّت تتبنهاه ،غالبا ما جتعل املوطن ضابط اسناد أصيل ه
على األحوال الشخصية يف ميدان تنازع القوانني دوليا من حيث املكان.
هأما عن الدول الّت تبنهت معيار حق اإلقليم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية فتأيت يف مقدمتها الدول األجنلو-
سكسونية ،مثل الوالايت املتحدة األمريكية وبريطانيا ،ودول القارة األمريكية بصفة عامة.
إ هن بريطانيا رغم أ هن هلا عمقا اترخييا وحضاراي ودينيا إاله أ هّنا احتفظت حبق اإلقليم املوروث عن عهد النظام االقطاعي
كأساس أصلي للجنسية األصلية ،أل هّنا مل تتعرض اىل ثورة من حجم الثورة الفرنسية ،الّت تكون قد استفادت منها يف
نقل السيادة من امللك اىل األمة ،ومن هذه األخرية اىل املواطنني ابعتبارهم مصدر السلطة ،وذلك ما اقتضته احلرية
الفردية ،الّت قام عليها النظام الرأمسايل يف الدول احلديثة يف الغرب ،ابإلضافة اىل سبب آخر هو طبيعة نظامها القانوين
ملدون الذي يعتمد على السوابق القضائية ،جعلها أيضا حتتفظ حبق اإلقليم كأساس للجنسية األصلية. غري ا ه
-6هناك سبب يصدق على مجيع الدول ،سواء تلك الّت أتخذ مبعيار حق اإلقليم كأساس أصلي ملنح اجلنسية األصلية،
أو تلك الّت أتخذ به كمعيار احتياطي اىل جانب معيار حق الدم كأساس أصلي ملنح اجلنسية األصلية ،وهو األمن
االجتماعي والسياسي ،الذي يش هكل ابستمرار هاجسا للدول .فالدولة الّت تستجلب اجلاليات األجنبية لإلقامة على
إقليمها ،ألغراض قد تكون اقتصادية واجتماعية ،أو دميوغرافية وأحياان قد تكون سياسية ،تدرك متاما ما قد يرتتهب
على ذلك من أخطار هت هددها ،إذا مل أتخذ حيطتها ،ابلنظر اىل اختالف اجلاليات اختالفا قد يكون جذراي يف قيهمها
الدينية واحلضارية ،ويف طبائعها وعاداهتا واعرافها وتقاليدها عن القيهم السائدة يف جمتمعها ممها حيتهم عليها أن تتهبع سياسية
تشريعية اجتاه تلك اجلاليات ،هتدف اىل ادماجها يف جمتمعها عن طريق منح اجلنسية األصلية على أساس حق اإلقليم
لألبناء الذين يولدون على اقليمها آلابء أجانب دفعا لألخطار الّت قد حتدق بوحدة جمتمع الدولة وجتانسه ،وتعصف
47
مهمشون ،وال يقتصر األمر علىبتوازنه االجتماعي واالقتصادي والسياسي ،واحلضاري ،وحّت الديين ،إذا بقي هؤالء ه
متمشية مع القيم
منح اجلنسية فقط ،لكن قد يستلزم االمر أن تعمل الدولة على انتهاج سياسة تعليمية تربوية متواصلة ،ه
تضطر يف سبيل ذلك اىل تلقني املعنيني دروسا يف املواطنة.
السائدة يف جمتمعها تؤهلهم لالندماج فيه ،وقد ه
-7هناك مربر آخر إنساين تقتضيه مصلحة اجملتمع الدويل ،دفع الدول اىل ه
تبين معيار حق اإلقليم كأساس ملنح اجلنسية
األصلية ،يصدق على مجيع الدول ،حّت ال ُحيرم من اجلنسية أفراد ال يستطيعون احلصول عليها دون هذا املعيار ،وهم
األوالد الذين يُولدون آلابء جمهولني أو عدميي اجلنسية ،جتنهبا النعدام جنسيتهم ،وحّت ال ُهتدر حقوقهم كبشر ،أل هن
أقرته مجيع الدول يف قوانينها.
نصت عليه املواثيق الدولية ،و ه
اجلنسية صارت يف وقتنا ح ًقا من حقوق االنسان ،ه
كل ما سبق نستخلص أ هن الدول وإن اختلفت يف األساس األصلي الذي تبين عليه جنسيتها األصلية ،إاله أ هن املسألة
من ه
تتغري يف الزمان واملكان حبسب ظروف كل دولة ( .)1فالدول الّت تبين جنسيتها األصلية على أساس حق الدم تبقى نسبية ه
أصال ،تراعي يف ذلك بعدها التارخيي وعمقها احلضاري والديين ،ألن اجلنسية وإن كانت رابطة اجتماعية وسياسية
وقانونية ،فهي قبل كل شيء رابطة متثل القيم الراسخة يف ضمري األمة وجمتمعها .فالدول األوروبية ذات األصل الالتيين
قد تبنهت معيار حق الدم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية ،أل هن ذلك حيفظ هلا موروثها احلضاري والتارخيي ،لكنهها
تبين معيار حق اإلقليم استثناءً من األصل ملنح جنسيتها األصلية
عندما أعوزهتا احلاجة يف فرتات زمنية معينة جلأت اىل ه
ألوالد األجانب الذين ولدوا على اقليمها ،هبدف تعويض وطنييها الذين فقدهتم يف احلروب ،وقد تضطر أحياان اىل
تشبيب جمتمعاهتا اهلرمة ،الّت ارتفع فيها معدل العمر ابلتوازي مع تراجع النمو الدميوغرايف فيها ،نظرا لطغيان اجلانب
املادي على هذه اجملتمعات ،الّت هي حباجة دائمة اىل تطعيم خارجي يستنهض فيها حركية النمو الدميوغرايف ،لتسرتجع
تتبىن معيار حق اإلقليم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية لألفراد الذين يتع هذر
عن طريقه توازّنا االجتماعي .كما أ هّنا ه
عليهم احلصول على جنسيتها األصلية على أساس حق الدم ،كما هي حال األوالد الذين يولدون على اقليمها ألبوين
جمهولني أو عدميي اجلنسية.
هأما ابلنسبة للدول الّت بنت جنسيتها األصلية على أساس حق اإلقليم كمعيار أصلي فهي كما سبقت اإلشارة ،الدول
الّت افتقدت اىل العمق التارخيي واحلضاري كوحدات اجتماعية وسياسية ،من أبرزها دول القارة االمريكية .هأما بريطانيا
احملافظة على موروثها التارخيي ،فرغم أ هن هلا عمقا اترخييا وحضاراي فقد رأت أ هن عمقها ذاك متعلق بفكرة االنتماء اىل
اإلقليم ،الذي انتقل اليها من النظام اإلقطاعي ( .)2فهذه الدول بدورها فسحت اجملال ملعيار حق الدم كأساس احتياطي
(-)1مثال كانت فرنسا قد تبنهت معيار حق الدم كأساس أصلي ملنح جنسيتها األصلية يف املادة 10من القانون املدين النابوليوين الصادر سنة ، 1804حيث
نصت على أن يعترب فرنسيا كل طفل ولد ألب فرنسي حّت لو ولد يف اخلارج ،لكن عندما تعلهق األمر مبصلحتها كدولة استعمارية تبنهت قانوان آخر صدر يف26
نصت مادته الثامنة( )8على أن« :كل شخص ولد يف فرنسا حّت لو كان أبواه أجنبيني يع هد فرنسيا» وبذلك منحت اجلنسية الفرنسية على أساس جوان 1889ه
حق اإلقليم للمستوطنني األوروبيني من غري الفرنسيني ،الذين جاءوا إثر احلملة االستعمارية الفرنسية اىل اجلزائر ليستوطنوها بعد ضم اجلزائر اىل فرنسا عنوة ،
حيث كان اإلقليم اجلزائري يعترب اقليما فرنسيا ابلنسبة للفرنسيني واألوروبيني من جنسيات أوروبية خمتلفة .هأما اجلزائريون املسلمون فقد اعتربهم املشرع االستعماري
جمرد اتبعني لفرنسا ،خيضعون لقوانني استثنائية تتالءم مع وضعهم كتابعني.
(-)2راجع االنتماء على أساس الوالء املطلق للحاكم رسالتنا مرجع سبق ّترجيه.
48
ملنح اجلنسية األصلية لِمن يولد يف اخلارج ألبوين وطنيني ،لكن بشرط أن يرتبط هبا ابإلقامة على إقليمها و هأال تستمر
إقامته يف اخلارج بشكل يقطع صلته بدولته األصلية ،فقد جاء يف األمر السادس من نظام 1907للوالايت املتحدة
األمريكية أ هن «كل طفل ولد خارج الوالايت املتحدة ألبوين أمريكيني واستمرت اقامته خارجها....يكون ملزما مبراجعة
القنصلية األمريكية عند بلوغه سن 18سنة للتعرف عن نيته يف أن يصبح مقيما ،أو أن يبقى مواطنا للوالايت املتحدة
األمريكية ،كما أ هن عليه فضال عن ذلك أن حيلف ميني الوالء هلا بعد بلوغه سن الرشد»(. )1
تبين أحد األساسني ،من مراعاة ظروفها اخلاصة هبا ،ومدى توافقه مع مصاحلها يتبني ممها سلف أن كل دولة تنطلق يف ه
ه
يعرب عن حقيقة
وأهدافها املختلفة .فما قد يبدو صاحلا كأساس يف دولة ما ،فال يبدو كذلك يف دولة أخرى .فكل أساس ه
نسبية ال مطلقة .ولكن املؤهكد أ هن مجيع الدول حترص على أن يكون الفرد الذي حيمل جنسيتها األصلية مرتبطا هبا ارتباطا
حقيقيا وفعليا ،ي هنم عن اندماجه يف جمتمع الدولة ،ويرتجم والءه هلا بصورة ال يشوهبا شك.
الفرع الثاين-اجلنسية القانونية املكتسبة:
اجلنسية املكتسبة ،أو الطارئة أو الالحقة على امليالد ،هي اجلنسية الّت يكتسبها الفرد يف اتريخ الحق على ميالده،
حّت وإن أُستند يف منحها اىل سبب يرجع اىل يوم امليالد .ويتم الدخول فيها بطرق شّت ،نذكر منها أكثرها شيوعا على
أن أنخذ التشريع الفرنسي كعيهنة ،ألن املشرع اجلزائري استلهم منه املبادئ األساسية الّت تقوم عليها اجلنسية اجلزائرية
املكتسبة ،الّت ندرسها عندما نتناول ابلبحث اجلنسية اجلزائرية اخلاصة ابلشخص الطبيعي يف الفصل الثاين من هذه
احملاضرات .يُراعى يف هذا النوع من اجلنسية ووسائل اكتساهبا أن تكون تعبريا واقعيا عن توفر رابطة حقيقية وكافية بني
جتسد ارتباطه الفعلي هبا ومبجتمعها الوطين .ولكن ما مييهز اجلنسية املكتسبة هي أن إرادة الفرد تلعب دورا
الفرد والدولة ه
ال يستهان به يف التمتهع هبا ،يتزايد أو يتناقص حبسب موقف املشرع يف كل دولة من الدول ،وحبسب الطريقة الّت تُكتسب
هبا اجلنسية .فقد يكون دور اإلرادة إجيابيا إذا حتقق اكتساب الفرد جنسية الدولة بطلب صريح منه ،وقد يكون سلبيا إذا
منحته الدولة جنسيتها دون طلب منه ،على أن يكون له حق رفض هذه اجلنسية يف حاالت معينة إذا أراد ذلك.
من أهم الطرق الشائعة الكتساب اجلنسية ،هي اكتساهبا ابمليالد على إقليم الدولة واإلقامة فيه (أوال) ،اكتساهبا
ابلتجنهس (اثنيا) ،اكتساهبا ابلزواج املختلط (اثلثا) ،اكتساهبا ابالسرتداد (رابعا) وهناك طريقة أخرى مثرية للجدل هي
اكتساهبا ابلضم (خامسا) ،نقدم شرحا موجزا عن كل ذلك فيما يلي:
أوال-اكتساب اجلنسية ابمليالد على اإلقليم واإلقامة فيه:
إ هن امليالد على إقليم الدولة واإلقامة فيه يُعدان عاملني أساسيني الكتساب اجلنسية هبذه الطريقة ،إذ تُراعي الدولة يف
منحها هبا أن تقرتن واقعة ميالد الفرد على إقليمها إبقامته فيه إقامة معتادة ومنتظمة ،تكون كافية الندماجه يف اجملتمع
الوطين للدولة .ما يالحظ أ هن اجلنسية املكتسبة هبذه الطريقة ال تفرض على الفرد كما هو الشأن يف اجلنسية األصلية
فاكتساهبا إهّنا يكون إبرادة املعين نفسه رغبة واختيارا منه.
( -)1راجع فكرة األخذ ابحلماية الدبلوماسية ملزدوج اجلنسية يف القضاء الدويل على أساس االرتباط ،رسالتنا مرجع سابق ،ص 679وما بعدها.
49
جرى العمل يف بعض الدول ومنها فرنسا الّت أخذ مشرعها هبذه الطريقة أن تعت هد أحياان ابإلرادة الضمنية للفرد يف
اكتساب جنسيتها ،وأحياان أخرى ابإلرادة الصرحية ،وقد جتمع بني االثنتني معا:
-)1االعتداد ابإلرادة الضمنية :اعت هد املشرع الفرنسي يف قانون اجلنسية الفرنسية لسنة 1973ابإلرادة الضمنية الكتساب
نصت املادة 44منه على أ هن« :كل من يولد يف فرنسا ألبوين
اجلنسية الفرنسية ابمليالد على اإلقليم واإلقامة فيه ،حيث ه
أجنبيني يكتسب اجلنسية الفرنسية عند بلوغه سن الرشد ،إذا كانت له منذ سن ست عشرة سنة إقامة معتادة يف فرنسا»
اشرتطت هذه املادة شرطني أساسيني الكتساب اجلنسية الفرنسية مها:
-1ميالد املعين على اإلقليم الفرنسي ألبوين أجنبيني.
-2اإلقامة يف فرنسا إقامة معتادة ملدة ال تقل عن مخس سنوات عند بلوغه سن الرشد ،الّت كانت يف ذلك الوقت 21
سنة.
نصت على إمكانية التنازل عن اجلنسية الفرنسية خالل السنة الّت تسبق سن الرشد،
غري أ هن املادة 45من نفس القانون ه
نصت املادة 51من القانون نفسه على إمكانية املطالبة ابجلنسية الفرنسية املكتسبة ابمليالد واإلقامةويف ذات الوقت ه
قبل بلوغ سن الرشد(.)1
-)2االعتداد ابإلرادة الصرحية :ه
غري املشرع الفرنسي وجهته اىل االعتداد ابإلرادة الصرحية للفرد ،الذي يريد أن يكتسب
اجلنسية الفرنسية ابمليالد واإلقامة يف فرنسا ،مل يعد يكتفي ابإلرادة الضمنية الّت تعين عدم رفض املعين اجلنسية الفرنسية،
احلجة يف ذلك أ هن اجلنسية عالقة قائمة على االنتماء االجتماعي ،السياسي ،القانوين ،الّت يكتسبها بقوة القانون .و ه
واحلضاري والوجداين ،يؤكد اندماج الفرد يف جمتمع الدولة ،الّت حيمل جنسيتها ،وارتباطه هبا ،ومن ث م البد أن يكون
التعبري عن اإلرادة صرحيا وواضحا للدخول يف اجلنسية ،وال ينبغي االعتماد على اإلرادة الضمنية املستفادة من سكوت
املعين ،وعدم االعرتاض على اجلنسية ،أل هن عدم رفضها قد يكون نتيجة ِ
سلبية الفرد ،وال مباالته ،وليس دليال على
متسكه ابجلنسية ،كما أنهه ال يع هد دليال على اندماجه يف جمتمع الدولة وعلى شعوره فعال ابالنتماء اىل الدولة الفرنسية.
ه
نصت املادة 7-21منه سن املشرع الفرنسي القانون رقم 93/933املؤرخ يف ، 1993/07/22حيث ه لكل ما سبق ه
على أ هن «:كل أجنيب ولد يف فرنسا ألبوين أجنبيني ،ميكنه ابتداءً من سن السادسة عشر اىل غاية سن الواحد والعشرين،
يعرب عن إرادته صراحة ،وأن يكون مقيما يف فرنسا عند اتريخ التعبري عن اإلرادة
أن يكتسب اجلنسية الفرنسية بشرط أن ه
وأن يثبت إقامة معتادة يف فرنسا خالل مخس سنوات الّت تسبق التعبري عن اإلرادة »( ،)2فلم تعد حسب هذه املادة
اجلنسية الفرنسية املكتسبة على أساس امليالد واإلقامة يف فرنسا متنح بصورة آلية ،أي بقوة القانون كما كان سابقا ،على
جمرد إمكانية تتوقف على إرادة املعين من جهة ،وبعدم وقوعه
أن يرفضها الشخص الذي تلقاها إن أراد ذلك ،بل صارت ه
حتت طائلة القيود العديدة الّت وضعتها املادة 8-21من جهة اثنية ،حيث اشرتطت املادة ما يل ي:
50
ميس ابملصاحل احليوية لألمة،
أبي فعل يُكيهف على أنهه جناية أو جنحة ه -1أاله يقوم املعين يف ما بني 18سنة و 21سنة ه
أو يُع هد عمال إرهابيا ،يُدان فيه بعقوبة السجن مهما كانت مدهتا.
-2أاله يقوم أبي فعل يُكيف على أنه جرمية من اجلرائم الّت ح هددهتا املادة املذكورة ،يدان فيها بعقوبة سجن انفدة مدهتا
تساوي أو تزيد عن ستة أشهر (.)1
تتضمن املادة 7-21السابقة ،شرط
سن قانون 1993كان يهدف ان ه يتبني ممها سبق أ هن املشرع الفرنسي عندما ه
هكذا ه
التعبري عن اإلرادة من كل شخص يريد اكتساب اجلنسية الفرنسية على أساس امليالد واإلقامة يف فرنسا .وذلك يعين أن
يؤكد هو نفسه تعلهقه ابجملتمع الفرنسي ،ابالندماج فيه وبوالئه للدولة الفرنسية.
غ ري ا هن تقله ب اللعب ة السياس ية يف فرنس ا ،وحبك م أّن ا دول ة ُمس تجلبة لألجان ب ق د أقح م اجلنس ية يف خض م
تل ك اللعب ة ،إذ تض طر الس لطة السياس ية م ن وق ت آلخ ر اىل تكيي ف ق انون اجلنس ية م ع الظ روف السياس ية،
وم ع طبيع ة الق وى السياس ية املهيمن ة عل ى الس لطة التش ريعية (الربمل ان) .تبع ا ل ذلك ف إ هن املش رع الفرنس ي ق د
يلج أ اىل املزاوج ة ب ني اإلرادة الض منية واإلرادة الص رحية الكتس اب اجلنس ية الفرنس ية عل ى أس اس امل يالد
واإلقامة يف فرنسا ،وهذا ما نبيهنه أدانه.
-)3االعتداد ابإلرادة الضمنية والصرحية يف آن واحد :أعاد املشرع الفرنسي اكتساب اجلنسية الفرنسية بقوة القانون،
()2
نصت امل ادة
صوتت عليه أغلبي ة يسارية ،حيث ه
مبوجب القانون 98-170املؤرخ يف ، 1998/03/16الذي ه
7-21منه على أ هن «:كل طفل ُولد يف فرنسا ألبوين أجنبيني يكتسب اجلنسية الفرنسية عند بلوغه سن الرشد ،إذا
كانت له يف هذا التاريخ إقامة يف فرنسا ،أو كانت له إقامة معتادة يف فرنسا خالل فرتة متواصلة أو متقطعة ،ال تقل عن
مخس سنوات منذ سن احلادية عشرة»( ،)3مل يشرتط املشرع الفرنسي يف هذا النص أن يكون التعبري عن اإلرادة صرحيا،
بل إ هن اكتساب اجلنسية الفرنسية يكون آليا مبجرد بلوغ املعين سن الرشد ،لكنه منح املستفيد من اجلنسية إمكانية رفضها،
حسب املادة 8-21من نفس القانون ،الّت جاء فيها« :للمعين إمكانية التصريح وفق الشروط املطلوبة يف املواد 26و
ما بعدها برفض الصفة الفرنسية خالل األشهر الستة الّت تسبق بلوغه سن الرشد ،أو خالل اثنِي عشر شهرا الّت تلي
بلوغه سن الرشد ،مع التح هفظ أن يثبت أ هن له جنسية دولة أجنبية »( ،)4فإذا مل يرفضها يف اآلجال احملددة له يكون قد
قبل اجلنسية الفرنسية ضمنيا .لكن إذا اختار أن يرفضها حسب نفس املادة السابقة فال يتم قبول رفض اجلنسية الفرنسية
إاله إذا كان املعين متمتهعا جبنسية دولة أخرى ،حّت ال يقع يف حالة انعدام اجلنسية.
نصت على أ هن« :كل شخص تتوفر فيه الشروط املنصوصة عليها يف املادة هأما املادة 9-21من ذات القانون فقد ه
ونصت الفقرة الثانية من
7-21الكتساب الصفة الفرنسية يفقد إمكانية رفضها ،إذا تعاقد عامال يف اجليش الفرنسي» .ه
51
انضم بصفة نظامية اىل اجليش الفرنسي بصفته عامال، نفس املدة على أن« :كل قاصر ُولد يف فرنسا ألبوين أجنبيني ،ه
يكتسب اجلنسية الفرنسية ابتداءً من اتريخ االنضمام» (.)1
يتجلى ممها سبق أ هن املشرع الفرنسي قد اعت هد ابإلرادة الضمنية ،الّت تعين قبول املعين اكتساب اجلنسية الفرنسية ابمليالد
واإلقامة يف فرنسا ،مادام مل يرفضها يف اآلجال احملددة بنص املادة ،8-21بل إ هن هذا الرفض مقيهد ،فلن يقبل منه إذا مل
يثبت أ هن له جنسية دولة أخرى ،كما مل يقبل منه إذا كان قد اخنرط يف اجليش الفرنسي بصفته متعاقدا.
نصت على أ هن« :األحكام الواردة يف املادتني 7-21و 9-21ال تطبق على أطفال األعوان هأما املادة ،10-21فبعد ما ه
يؤدون مهامهم يف فرنسا بصفتهم تلك»، الدبلوماسيني والقنصليني األجانب ،الذين ُولدوا يف فرنسا مادام هؤالء األعوان ه
ستقر العمل به يف هذا الشأن ،وكذلك االتفاقيات الدولية ،حيث ُمتنع الدولة أن
وهذا يتوافق مع العرف الدويل الذي ا ه
تضفي من تلقاء نفسها جنسيتها على أبناء الدبلوماسيني الذين يُولدون على إقليمها ،وأضافت الفقرة األخرية منها :
تنص على
«غري أ هن هؤالء األطفال ميكنهم اكتساب اجلنسية الفرنسية إبرادهتم طبقا ألحكام املادة 11-21أدانه» ،الّت ه
أ هن « :الولد القاصر املولود يف فرنسا ألبوين أجنبيني ،ميكنه ابتداءً من سن السادسة عشر أن يطلب اجلنسية الفرنسية
عن طريق تصريح ،وفق الشروط املنصوص عليها يف املواد 26و ما بعدها ،إذا كانت له وقت التصريح إقامة يف فرنسا،
وإذا كانت له إقامة معتادة فيها خالل فرتة متواصلة أو غري متواصلة ،ال تقل عن مخس سنوات منذ سن احلادية عشرة»،
ونصت الفقرة الثانية من نفس املادة 11-21أنهه «وفق نفس الشروط ميكن طلب اجلنسية الفرنسية ابسم الطفل القاصر ه
املولود يف فرنسا ألبوين أجنبيني ابتداءً من سن الثالثة عشر وبرضاه الشخصي ،بشرط أن تكون اإلقامة املعتادة يف فرنسا
متوفهرة فيه ابتداءً من سن الثامنة»(.)2
هكذا يتبني أ هن املشرع الفرنسي يف قانون 1998السابق ذكره ،قد زاوج بني اإلرادة الضمنية واإلرادة الصرحية الكتساب
اجلنسية الفرنسية على أساس اإلقامة يف فرنسا ،فأخذ يف املادة 7-21ابإلرادة الضمنية ،حيث يكتسب املعين اجلنسية
الفرنسية بشروط معيهنة دون حاجة اىل تصريح إرادي ،مع إمكانية رفضها حسب املادة .8-21وأخذ يف املادتني -21
10و 11-21ابإلرادة الصرحية ،حيث ال تكتسب اجلنسية الفرنسية هإال بتصريح إرادي لكن برضا املعين ،مع مراعاة توفهر
الشروط الالزمة لذلك.
لكن التقلبات السياسية يف فرنسا ،الّت تفرضها عملية التداول على السلطة بني اليسار واليمني ،تؤدي دائما اىل ّتفيف
شروط دخول األجانب يف اجلنسية الفرنسية يف حالة فوز اليسار ،أو اىل التهشديد يف الشروط يف حالة فوز اليمني (.)3
مهما يكن من أمر ،ففي كل احلاالت حرص املشرع الفرنسي ،وحيرص أن يكون من يكتسب اجلنسية الفرنسية مرتبطا
ارتباطا وثيقا بدولة فرنسا ،ومندجما كلهيا يف اجملتمع الفرنسي ،وهذا ما يتوافق مع فكرة الفعلية أو الواقعية يف اجلنسية.
52
اثنيا-اكتساب اجلنسية ابلتجنس:
يُع هد التجنهس من أهم طرق اكتساب اجلنسية ،الّت تلحق الفرد بعد ميالده .وهو طريق مفتوح لكل أجنيب يقيم يف إقليم
ض النظر عن جنسه ،ذكرا كان أم أنثى .وهو يعين حصول الفرد على دولة ما ويريد الدخول يف جنسيتها إبرادته ،بغ ه
()1
أي
أي رابطة قانونية سابقة على دخوله يف جنسيتها ،لكن الدخول يف جنسية ه جنسية دولة ما ،مل تكن تربطه هبا ه
دولة يكون وفق الشروط الّت تضعها الدولة املعنية ،وبناءً على طلب صريح من املعين ،على أن توافق الدولة على دخوله
يف جنسيتها .وعلى هذا ال يكون التجنهس إاله بتالقي إرادتني ،إرادة الدولة من جهة ،وإرادة الفرد من جهة أخرى ،وذلك
احملصلة يع هد التجنهس منحة من الدولة لألجنيب
أبن يكون هناك إجياب من طالب التجنهس ،وقبول من الدولة ،لكن يف ه
الذي يطلب جنسيتها .خيضع قرار منحها اىل سلطتها التقديرية ،فهي ليست ملزم ة مبنحها تلقائي ا مبجرد ما تتوفهر
الشروط الّت تشرتطها الكتساب جنسيتها ابلتجنهس ،بل ميكنها رفض طلب التجنهس دون تقدمي تربيرات الرفض .إ هن
السلطة التقديرية للدولة يف منح جنسيتها ابلتجنس ،أمر الزم لتتم هكن من مراقبة وحتديد األجانب الذين يدخلون يف
جنسيتها ،مبا يتالءم مع حاجاهتا ،وأغراضها السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية ،أل هن املصلحة العامة للدولة هي
الّت تتح هكم يف مسألة التجنس جبنسيتها.
يُدرج املشرع الفرنسي يف الوقت احلايل التجنس حتت عنوان «اكتساب اجلنسية الفرنسية بقرار من السلطة العامة»(،)2
جل التشريعات يف العامل على شروط معيهنة للتجنهس تش هكل قامسا مشرتكا بينها ،منها شرط األهلية والشروط
وتتهفق ه
الالزمة الندماج األجنيب املتجنس يف اجلماعة الوطنية والشروط اخلاصة حبماية وسالمة جمتمع الدولة .نشرحها
إبجياز فيما يلي:
-)1شرط األهلية:
هو شرط شخصي يتوقف على الشخص نفسه ،يقضي أبن ال يتم التجنهس إاله على أساس عمل إرادي من جانب
الفرد ،الذي يرغب أن يدخل يف جنسية دولة ما ،وذلك بتقدمي طلب هلا ،يعرب فيه عن إرادته صراحة للدخول يف
جنسيتها.
ل هما كان التجنس نظاما قانونيا تضعه الدولة إبرادهتا املنفردة ،جتعل له شروطا معيهنة ،تستلزمها فيمن يريد أن يتجنهس
جبنسيتها ،فإ هن من ضمن هذه الشروط الّت جيب أن تتوفهر بداهة يف طالب التجنهس هو شرط األهلية الالزمة للتعبري عن
إرادته ،وهي أهلية األداء ،الّت تعين بلوغ املعين سن الرشد ،الّت متكنه من اإلفصاح عن ارادته ،مّت مل يشبها أي عارض
تدق فيه مسألة تعيني القانون الذي يُعتمد عليه
من عوارض األهلية .لكن ما دام التجنس يُع هد من األعمال اإلرادية ،فقد ه
(-)1راجع :الرابطة بني الفرد والدولة ،رسالتنا ،مرجع سابق ،ص 62وما بعدها.
( ، » Acquisition de la nationalité française par décision de l’autorité publique «-)2املواد من 1-14-21اىل 1-25-21من
القانون املدين الفرنسي ،مرجع سابق ،ص 104إىل .109
53
يف حتديد أهلية طالب التجنهس ،هل هو قانونه الشخصي ،أي قانون الدولة الّت ينتمي اليها ابجلنسية وقت تقدمي طلب
التجنس ،أم هو قانون الدولة الّت يسعى للدخول يف جنسيتها ،أم مها معا ( )1؟.
لإلجابة عن هذه األسئلة ينبغي التذكري أب هن األهلية كقاعدة عامة يف حالة تنازع القوانني دوليا من حيث املكان ،تتح هدد
بناءً على القانون الشخصي للفرد ،وهذا ما نصت عليه املادة 10من القانون املدين اجلزائري املعدل ،والساري املفعول
حاليا ،حيث جاء يف فقرهتا األوىل« :يسري على احلالة املدنية لألشخاص وأهليتهم قانون الدولة الّت ينتمون اليها
جبنسيتهم» ،فاألهلية حسب هذا النص يطبهق عليها قانون الدولة الّت ينتمي إليها الشخص ابجلنسية ،ولكن كيف يستقيم
هذا النص مع طبيعة املسألة الّت حنن بصدد معاجلتها؟ فمن غري املنطقي أن تتح هدد أهلية الشخص يف مسألة التجنهس
طبقا لقانون الدولة الّت حيمل جنسيتها وقت تقدمي طلب التجنس ،يف حني أ هن ُمراده هو الدخول يف جنسية دولة أخرى،
لذا نرى أ هن القانون الذي جيب أن يؤخذ به لتحديد أهلية طالب التجنس هو قانون الدولة الّت يُراد الدخول يف جنسيتها،
نتصور أ هن املشرع الوطين يف أي دولة ،وهو يضع
أل هن ذلك يتوافق مع مبدإ سيادة الدولة يف مادة اجلنسية ،فال ميكن أن ه
الشروط اخلاصة ابلتجنهس ،قد ف هكر ولو للحظة أ هن شرط األهلية جيب أن يتوفهر طبقا لقانون آخر غري قانون دولته.
سن شروط فتحديد األهلية طبقا لقانون الدولة الّت يُراد الدخول يف جنسيتها يتماشى مع ما قصده املشرع عندما ه
التجنهس .وكان من األفضل لو أ هن املشرع اجلزائري نص صراحة على أ هن سن الرشد يف مسألة التجنس ابجلنسية اجلزائرية
تتح هدد طبقا للقانون اجلزائري وحده.
-)2الشروط الالزمة لالندماج يف اجلماعة الوطنية:
تتوخى من خالهلا التأكد من اندماجه يف
تشرتط التشريعات يف الدول املختلفة شروطا معينة يف طالب التجنس ،ه
مجاعتها الوطنية ،تتلخص يف شرطني أساسيني مها:
-1شرط اإلقامة:
تشرتط جل التشريعات يف دول العامل املختلفة على األجنيب الذي يريد أن يتجنهس جبنسية دولة ما ،أن يكون مقيما
يف إقليمها ،خالل مدة معينةّ ،تتلف الدول يف حتديد آجاهلا قصرا أو طوال ،بل إ هن مدة اإلقامة املشرتطة قد ّتتلف يف
الدولة الواحدة من فرتة زمنية اىل أخرى.
كمثال على ذلك كان القانون الفرنسي قدميا ،قبل سنة 1848حي هدد م هدة اإلقامة املشروطة للدخول يف اجلنسية الفرنسية
ابلتجنهس بعشر ( )10سنوات ،مثه ل هم ا صدر املرسوم املؤرخ يف ُ 1848/03/28خ هفضت اىل مخس( )5سنوات ،لكن كثرة
طلبات التجنس ابجلنسية الفرنسية دفعت السلطات الفرنسية اىل اصدار قوانني 13و 21نوفمرب و 3ديسمرب سنة 1849
رفعت مبوجبها اإلقامة من جديد اىل عشر ( )10سنوات مع اشرتاط التوطّن يف فرنسا ،وموافقة جملس الدولة ( .)2مل يلبث
األمر على تلك احلالة إاله سنوات قليلة ،مث قُلهصت مدة اإلقامة اىل ثالث( )3سنوات مبوجب قانون ،1867/06/29
لكن قانون اجلنسية الصادر يف 26جوان 1889أنقص مدة التجربة يف بعض احلاالت اىل سنة واحدة ملواجهة نقص
(-)1انظر :د .فؤاد عبد املنعم ري اض ،أصول اجلنسية ،مرجع سابق ،الفقرة ، 58ص 66و.67
( -)2انظر :ابتيفول والغارد ،مرجع سابق ،الفقرة ، 112ص .130
54
املواليد( ، )1وأيضا الستيعاب املستوطنني من جنسيات أوروبية خمتلفة ،الذين شاركوا يف استيطان اجلزائر بعد احتالهلا
وضمها عُنوة اىل فرنسا.
ه
هأما قانون اجلنسية الفرنسية الصادر سنة 1927فقد جعل مدة اإلقامة ثالث ( )3سنوات مع تقليصها اىل سنة واحدة
يف حاالت خاصة ،بل اإلعفاء منها كليا يف حاالت جديدة (.)2
هكذا تعترب مدة اإلقامة يف التجنس فرتة جتربة لكل فرد يرتشح للدخول يف جنسية دولة ما ابلتجنس ،تسمح له أن
حيتك أبفراد جمتمع الدولة ،وأن يندمج فيه تدرجييا عن طريق اكتساب العادات ،والتقاليد ،واألعراف ،والتأثهر ابلقيمه
الروحية-الدينية والثقافية السائدة يف اجملتمع ،والتطبهع بطبائعه .كل ذلك يدل على مدى اندماج طالب التجنهس يف اجملتمع
الذي يرغب أن يكون عضوا فيه ،يسمح للدولة املعنية التأكد من درجة اندماجه أو من عدمه .ميكن للدولة كما ن هوهنا
آنفا أن ُّت هفض من شرط مدة اإلقامة التجريبية ألشخاص يتوفهرون على مؤهالت مميهزة هلم ،أو ظروف خاصة هبم ال تتوفهر
يف غريهم من املتجنسني ابلشروط العادية ،بل تعفيهم كليها من شروط التجنهس وهذا ما يُعرف ابلتجنهس االستثنائي.
أدرج املشرع الفرنسي احكام قانون اجلنسية الفرنسية الساري حاليا يف منت القانون املدين الفرنسي كما سبق أن ذكران
نصت املادة 17-21منه على ا هن التجنس ميكن أن مينح لألجنيب الذي يثبت إقامة معتادة يف فرنسا فيما سلف .فقد ه
نصت على أ هن مدة اإلقامة مخس ()5خالل مخس ( )5سنوات السابقة على تقدمي الطلب ،غري أن املادة 18-21منه ه
نصت عليها املادة 17-21السابقة ُّت هفض اىل سنتني:
سنوات الّت ه
-ابلنسبة لألجنيب الذي أجنز بنجاح سنتني من الدراسات العليا ،بغرض احلصول على دبلوم يسلم له من جامعة فرنسية،
أو مؤسسة تعليمية عليا فرنسية ،حسب املادة .1°/18-21
-ابلنسبة لألجنيب الذي ق هدم أو ميكن أن يق هدم مبا لديه من مؤهالت وعبقرايت خدمات ذات أمهية قصوى لفرنس ا
()3
لنص املادة 1/63من قانون اجلنسية الفرنسية الصادر .)4(1973
(املادة . )2°/18-21وهذا النص مطابق ه
تضمنت فكرتني أساسيتني: نستخلص من املادة 18-21أّنا ه
أ-الفكرة األوىل نستش هفها من الفقرة األوىل ،تفيد أن حصول أي فرد أجنيب على تكوين عايل املستوى يف إحدى اجلامعات
الفرنسية ،أو يف أي مؤسسة من مؤسسات التعليم العايل الفرنسي ،مع اإلقامة املعتادة يف فرنسا ملدة سنتني يع هد كافيا
الفرتاض اندماجه يف اجملتمع الفرنسي.
55
ب – الفكرة الثانية الّت تضمنتها الفقرة الثانية من نفس املادة ،وهي فسح اجملال أمام السلطات اإلدارية الفرنسية لتسريع
جتنهس األفراد الذين تتوفهر فيهم املؤهالت والعبقرية ،الّت ال تتوفهر يف غريهم إذا رغبوا الدخول يف اجلنسية الفرنسية بشرط
أن يكونوا قد ق هدموا فعال ،أو ميكن أن يقدموا مستقبال خدمات تتحقق معها مصلحة الدولة الفرنسية.
مل يكت ف املش رع الفرنس ي مب ا س بق بيان ه أع اله ،ب ل إنه ه م نح للدول ة الفرنس ية إمكاني ة إعف اء بع ض األف راد م ن
ش رطي اإلقام ة والس ن ،ال واجبتني للتج نس مراعي ا يف ذل ك م دى م ا حت هق ق أو م ا س يتح هقق هل ا م ن مص احل
نص ت علي ه امل ادة 19-21يف ص درها ويف فقراهت ا سياس ية ،اقتص ادية ،ثقافي ة ،اجتماعي ة وحض ارية ،وذل ك م ا ه
ذات الصلة مبوضوعنا ،حيث جاء فيها« :ميكن أن يتجنهس دون شرط التجربة:
-1°الطفل القاصر الذي بقي أجنبيا رغم اكتساب أحد أبويه اجلنسية الفرنسية،
-2°الزوج والطفل الراشد لشخص يكتسب أو اكتسب اجلنسية الفرنسية،
-3°ملغاة.
-4°األجنيب الذي أدى فعليا خدمات عسكرية يف وحدة من وحدات اجليش الفرنسي أو الذي تعاقد إبرادته يف أوقات
احلرب للعمل يف اجليش الفرنسي أو يف جيش احللفاء،
-5°التابع ،ressortissantأو الذي كان فيما مضى اتبعا ِألقاليم ودول كانت فرنسا قد مارست عليها السيادة،
سواء كان ذلك محاية ،انتدااب ،أو وصاية ،
-6°األجنيب الذي قدم خدمات استثنائية لفرنسا ،أو الذي يكون يف جتنهسه فائدة استثنائية لفرنسا .يف هذه احلالة ال
ميكن اصدار مرسوم التجنس إاله بعد ابداء جملس الدولة رأيه يف ذلك استنادا اىل تقرير مسبهب من الوزير املختهص،
املتضمن إنشاء
ه -7°األجنيب الذي حصل على صفة الجئ تطبيقا للقانون رقم 893-52املؤرخ يف جويلية ،1952
ديوان فرنسي حلماية الالجئني وعدميي اجلنسية».
هذه املادة اعفت مجيع من جتنس ابجلنسية الفرنسية وفقها من شرط اإلقامة يف فرنسا .إ هن إمكانية التجنهس ابجلنسية
الفرنسية حسب هذه املادة مع اإلعفاء من شرط اإلقامة ،قد ُمنحت لكل املذكورين فيما يلي:
-األطفال القصر الذين بقوا أجانب رغم اكتساب أحد األبوين اجلنسية الفرنسية.
-الزوج والطفل الراشد لشخص اكتسب اجلنسية الفرنسية أو مرشح الكتساهبا .والظاهر ممها سبق أن املشرع الفرنسي قد
أخذ يف حسبانه مسألة النمو الدميوغرايف الذي تعاين منه فرنسا.
-كل أجنيب هأد ى خدمات عسكرية فعال يف وحدة من وحدات اجليش الفرنسي ،أو تعاقد يف أوقات احلرب إبرادته
للعمل يف اجليش الفرنسي ،أو يف جيش احللفاء ،جزاءً له على ذلك.
-كل شخص اتبع لفرنسا أو كان فيما مضى اتبعا ألحد األقاليم الّت خضعت لسيطرهتا االستعمارية ،وبسطت عليه
فرنسا سيادهتا ،أو كان اتبعا إلحدى الدول الّت كانت خاضعة لفرنسا حتت عنوان احلماية ،أو االنتداب ،أو الوصاية.
مثل هذا املسلك من املشرع الفرنسي ،إهّنا كان يهدف اىل حتقيق أغراض دميوغرافية ،وسياسية وثقافية لغوية ترمي اىل
لعل ذلك يبقيها اتبعة هلا بصفة دائمة.
تعزيز نفوذ فرنسا يف مستعمراهتا السابقة ه
56
-كل أجنيب قدم خدمات استثنائية لفرنسا واستوثقت منها ،وأيضا كل أجنيب يكون يف جتنسه فائدة استثنائية لفرنسا يف
املستقبل .الن أي دولة تسعى دائما اىل ضم أشخاص أجانب تستفيد منهم علميا ،اقتصاداي ،ثقافيا ،أمنيا ،اىل غري ذلك
من الفوائد الّت جتنيها الدول من متجنسني يتوفهرون على ُمؤهالت ومميهزات ال تتوفهر يف غريهم .كل ما ذكرانه يف املادة
أعاله هو خاص ابألجانب الذين يتجنسون ابجلنسية الفرنسية جتنهسا استثنائيا.
-كل أجنيب يتحصل على صفة الجئ سياسي ،أو كان عدمي اجلنسية وهذا يتوافق مع املواثيق الدولية.
هكذا يتجلهى من كل ما سبق أ هن مدة اإلقامة املشرتطة للتجنس تعترب فرتة جتريبية للتأكد من اندماج طالب التجنس يف
جمتمع الدولة ،وقد ّت هفض أو يعفى منها ،إذا ما توفهرت عوامل تشري اىل سرعة اندماجه ،أو إذا ما أفصح سلوكه يف
حياته العامة واخلاصة أنه قد اندمج فعال يف جمتمع الدولة.
-2شرط االندماج:
ستدل عليه ابإلقامة الطويلة يف إقليم
ال تكتفي الدول بشرط اإلقامة التجريبية لذاهتا ،كشرط وحيد لالندماج الذي يُ ه
الدولة ،بل تضيف عوامل أخرى تدل عليه ،ومن بني أهم العوامل الدالة على اندماج طالب التجنهس يف اجلماعة الوطنية،
نصت عليها بعض التشريعات املقارنة إتقانه لغة الدولة الّت يريد اكتساب جنسيتها ،ويف هذا الشأن مل يكتف املشرع الّت ه
املصري بشرط اإلقامة ملدة عشر( )10سنوات متواصلة يف مصر للتح هقق من اندماج األجنيب الراغب يف التجنهس ابجلنسية
ملما ابللغة العربية( ، )1وأمر اإلملام ابللغة العربية مرتوك
املصرية يف اجلماعة الوطنية ،بل استلزم اىل جانب ذلك أن يكون ه
لتقدير السلطة العامة .كما جاء يف املادة 4/12من قانون اجلنسية األردنية «أن يعرف اللغة العربية قراءة وكتابة» (.)2
هأما املشرع الفرنسي فكان أكثر حسما ووضوحا يف هذه املسألة .ففي ميدان التمكني الثقايف واللغوي ،واحلفاظ على
نصت املادة 20-21من قانون اجلنسية الفرنسية على أن « :ميكن أن يتجنهس تبعية املستعمرات السابقة لغواي وثقافيا ه
دون شرط التجربة ،الشخص الذي ينتمي اىل النخبة الثقافية واللغوية الفرنسية ،إذا كان اتبعا لألقاليم ،أو الدول الّت
تع هد فيها اللغة الفرنسية لغة رمسية ،أو هي إحدى اللغات الرمسية فيها ،سواء عندما تكون اللغة الفرنسية هي لغته عن
تدرس
يربر أنهه درس ملدة مخس( )5سنوات على األقل يف إحدى املؤسسات التعليمية الّت ه طريق االمومة ،أو عندما ه
ابللغة الفرنسية »( ، )3بل إ هن املشرع الفرنسي ذهب أبعد من ذلك عندما أعطى يف املادة 21-21من نفس القانون
لكل أجنيب ق هدم طلبا
السابق الذكر ،إمكانية منح اجلنسية الفرنسية ابلتجنهس دون شروط ،ابقرتاح من وزير اخلارجية ،ه
بذلك إذا كان لسانه فرنسيا ، Francophoneوالذي يساهم أبعماله املستح هقة يف إشعاع فرنسا ،ويف ازدهار عالقاهتا
االقتصادية الدولية(.)4
( -)1أنطر-:د .هشام علي صادق ،القانون الدويل اخلاص ،دار الفكر اجلامعي االسكندرية ،ص 60و.61
-وأيضا د .حفيظة السيد احلداد ،مدخل اىل اجلنسية ومركز األجانب ،دار املطبوعات اجلامعية ،اإلسكندرية ،2007ص .173
(-)2أنظر -:د .عامر حممود الكسواين ،اجلنسية واملوطن ومركز األجانب ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،2010ص .173
( -)3أحكام قانون اجلنسية الفرنسية يف منت القانون املدين الفرنسي ،مرجع سابق ص .107
(-)4نفس املرجع السابق.
57
نصت املادة 24-21من نفس هأما ابلنسبة لألشخاص العاديني الذين يرغبون يف التجنهس ابجلنسية الفرنسية فقد ه
يربر تشبهه son assimilationابجلماعة القانون على أ هن« :ما من أحد ميكنه أن يتجنهس ابجلنسية الفرنسية مامل ه
()1
تتم عن طريق تعلهمها
الفرنسية ،خاصة مبعرفته معرفة كافية للغة الفرنسية ».الشك أ هن معرفة اللغة الفرنسية معرفة كافية ه
وعن طريق املعايشة الطويلة للفرنسيني ،وهكذا جعل املشرع الفرنسي املعرفة الكافية للغة الفرنسة أحد أهم العوامل ،بل
أمههها على اإلطالق ،الّت تؤ هشر على التشبهه ابلفرنسيني واالندماج يف مجاعتهم .وهي مسألة ّتضع لتقدير السلطة
اإلدارية حتت رقابة القضاء اإلداري ،فال ميكن لِمن ال يعرف اللغة الفرنسية معرفة تؤهلهه لالندماج يف اجملتمع الفرنسي أن
يطمح يف احلصول على اجلنسية الفرنسية ابلتجنس .فاللغة هي مفتاح الولوج اىل احلظرية الوطنية الفرنسية مبفهومها
احلضاري الديين ،الثقايف ،االقتصادي ،االجتماعي والسياسي ،وفهم ما جيري فيها .فهي أداة اكتساب القيم والعادات
والتقاليد واألعراف ،واألفكار واملثل والسلوك والطبائع ،وبصورة عامة هي أداة التهوطني احلضاري والوجداين ،الذي يُولهِد
اإلحساس ابالنتماء الفعلي للدولة وجمتمعها .فال نعجب أن جعلت فرنسا معرفة اللغة الفرنسية أهم عنصر من عناصر
االندماج على اإلطالق ،وما أكثر املتجنسني املندجمني اليوم يف فرنسا بسبب اللغة .فاإلقامة يف التشريع الفرنسي ليست
دائما شرطا الزما يف كل حاالت التجنس ابجلنسية الفرنسية ،هأما اللغة الفرنسية فهي شرط الزم يف كل حاالت التجنس.
اثلثا-الشروط اخلاصة حبماية وسالمة جمتمع الدولة:
هناك شروط أخرى خاصة حبماية وسالمة جمتمع الدولة ،اىل جانب شرط االهلية والشرطني اخلاصني ابالندماج ومها
اإلقامة ملدة معينة يف إقليم الدولة املعنية وشرط االندماج يف جمتمع الدولة ،اللذين أوضحنامها أنفا.
كل دولة تسعى اىل ضم العناصر األجنبية الصاحلة جملتمعها ،وتنبذ من ال تراه أهال حلمل جنسيتها .هلذا تشرتط يف من
يرغب أن يتجنس جبنسيتها أاله يكون يف جتنسه مساس ابملصاحل األساسية هلا ،أو لكياّنا االجتماعي واالقتصادي
والسياسي ،وأبمنها العام بصفة عامة .من هذه الشروط ما يلي:
-)1أن تتوفّر يف طالب التجنّس حياة طيبة وأخالق حسنة:
نص املشرع الفرنسي يف املادة 23-21من قانون اجلنسية الفرنسية على أن «:ال ميكن أن يتجنهس من مل تكن
فقد ه
له حياة طيهبة وأخالق حسنة ، Bonne vie et mœursأو إذا كان قد صدر يف ح هقه إحدى اإلداانت املنصوص عليها
()2
تضمنت املادة 27-21احلاالت الّت ُمتنع فيها اجلنسية الفرنسية املكتسبة
يف املادة 27-21من هذا القانون» ،فقد ه
تعرض إلدانة عن جناية أو
يسرتدها من ه
فنصت على أن« :ال ميكن أن يكتسب اجلنسية أو ه عن األجانب بصفة عامة ،ه
جنحة تُشكل مساسا ابملصاحل األساسية لألمة ،أو عن عمل إرهايب مهما كان اجلرم املرتكب ،إذا ما أُدين بعقوبة
تساوي أو تزيد عن ستة أشهر سجنا انفذا» ،وأضافت نفس املادة «:أيضا كل من صدر يف حقه سواء قرار ابإلبعاد
برمته...وكل من أقام يف فرنسا بصفة غري
الذي مل يتم أتجيله أو إلغاؤه ،أو ابملنع من األراضي الفرنسية حّت لو مل يُن هفذ ه
58
نظامية خالفا للقوانني واالتفاقيات املتعلقة إبقامة األجانب يف فرنسا»( ،)1كل من دخل يف احدى احلاالت السابقة يعترب
غري جدير حبمل اجلنسية الفرنسية املكتسبة مبا يف ذلك اكتساهبا ابلتجنس.
من جهته اشرتط املشرع املصري على األجنيب الراغب يف اجلنسية املصرية ابلتجنهس أن يكون حسن السلوك ،حممود
السرية ،مل يسبق احلكم عليه بعقوبة جنائية ،أو بعقوبة مقيهدة للحرية يف جرمية خملة ابلشرف مامل يكن قد ُرد اليه اعتباره(.)2
نص املشرع األردين يف قانون اجلنسية األردنية يف املادة 12الفقرة الثانية ،أاله يكون الراغب يف اجلنسية األردنية
كما ه
ماسة ابلشرف واألخالق» (.)3 ابلتجنس «حمكوم عليه أبية جرمية ه
وذهب املشرع السعودي يف نفس املنحى ،يف املادة التاسعة الفقرة الرابعة من نظام اجلنسية العربية السعودية لسنة
1374ه ،املعدلة بتاريخ 8مجادي األوىل 1387ه ،حيث جاء فيها أ هن الراغب يف التجنس «جيب أن يكون حسن
السرية والسلوك ،ومل يسبق احلكم عليه بعقوبة خيانة ،أو بعقوبة احلبس يف جرمية خملة ابلشرف ملدة تزيد عن ستة أشهر»(.)4
يتبني من هذا الشرط أن الدول حتجب جنسيتها ابلتجنهس عن األجانب الذين يقومون أبفعال تُكيهف على أ هّنا جرائم ه
ّتل ابألمن والنظام واالستقرار االجتماعي ،فتعتربهم
وتصدر يف ح هقهم أحكام ابلسجن ،أو أّنم اجرتحوا أعماال وتصرفات ه
غري مأموين اجلانب إذا انضموا اىل جمتمعاهتا لِما حيملون من هتديد لألمن والسلم االجتماعيني فيها.
)2شرط سالمة اجلسد والعقل:
تشرتط الدول يف طالب التجنس جبنسيتها ،أن يكون سليم اجلسد والعقل .على سبيل املثال استلزم املشرع املصري
أن يكون املعين «سليم العقل غري مصاب بعاهة جتعله عالة على اجملتمع» ( .)5ونفس املوقف تبناه املشرع األردين يف املادة
12الفقرة ،6حيث جاء نصها مطابقا للنص املصري السالف ( ،)6ونفس النص هقرره املشرع السعودي يف املادة 9الفقرة
األوىل من قانون اجلنسية السعودية السابق ذكره ( .)7ونفس املوقف أخذ به املشرع اجلزائري كما سنرى الحقا عندما
ندرس اجلنسية اجلزائرية.
)3شرط اثبات الوسائل الكافية للمعيشة:
هذا الشرط يتطلب أن يكون طالب التجنس قادرا على توفري وسائل معيشته بنفسه ،مبا ميلك من مهارات يف ميدان
العمل ،أو مؤهالت علمية ،أو قدرات مالية تؤهله لالخنراط يف اجلماعة الوطنية بسالسة دون أو يكون عالة على الدولة،
وعليه أن يثبت ذلك.
59
من األمثلة على ذلك اشرتط املشرع املصري أن يكون للمعين «وسيلة مشروعة للكسب» ( ،)1كما اشرتط املشرع
األردين يف املادة 12الفقرة 7من قانون اجلنسية األردنية «أن يكون له وسيلة مشروعة للكسب مع مراعاة عدم مزامحة
األردنيني يف املهن الّت يتوافر فيها عدد منهم» ( ،)2فلم يكتف املشرع أبن تكون له وسيلة مشروعة للكسب ،بل علهق
ذلك على أن تكون املهنة الّت جتعله يف حكم من له وسيلة مشروعة للكسب أبن ال يوجد من ميتهنها من األردنيني أصال
أو ال يوجد من ميتهنها حلظة تقدمي طلب التجنس .
هأما املشرع السعودي فأشرتط «أن حيمل شهادة عالية تعرتف هبا وزارة املعارف ،تؤهله ألن يكسب عيشه بطريقة
مشروعة» حسب نص املادة التاسعة الفقرة الثالثة من قانون اجلنسية السعودي السالف ذكره (.)3
إ هن الشروط الثالثة الّت ذكرانها أعاله ،تستلزمها الدول ألّنا ّتدم مصاحلها ،الّت تفرض عليها أاله تقبل دخول أفراد
أجانب يف مجاعتها الوطنية ال تتوفهر فيهم األخالق الطيهبة والسرية احلسنة ،أو كانوا ممهن سبق احلكم عليهم بعقوبة خملهة
ابلشرف أو أّنم مصابون أبمراض جسدية ،أو إعاقة ذهنية ،أو كانوا من األشخاص الذين ليست هلم القدرة على كسب
الرزق أبنفسهم ،حّت ال يكونوا عالة عليها يف املستقبل.
يتبني أ هن الدول تُراعي يف اكتساب جنسيتها ابلتجنس أن يكون األجانب الذين يرغبون يف ذلك ،مندجمني يف هكذا ه
مجاعتها الوطنية ،ومن العناصر الصاحلة ،وأن يكونوا متمتهعني ابلسالمة اجلسدية والعقلية ،ومن ذوي اخلصال احلميدة،
والسلوك احلسن ،واألخالق الطيبة ،وممهن هلم وسائل مشروعة لكسب رزقهم ،أبن يكون هلم مورد اثبت ومشروع للمعيشة،
ألنهه من غري املنطقي أن تسمح الدولة لألجانب أن يتجنهسوا جبنسيتها إذا مل تتوفهر فيهم الشروط السابقة .أل هن القول
تنشده الدولة ،بل قد يكون
خبالف ذلك يعين أن يدخل يف عضوية شعبها أشخاص ال يتح هقق من جتنسهم اهلدف الذي ُ
جتنهسهم مصدرا إلاثرة القالقل والفنت يف حالة إذا مل يكونوا مندجمني يف اجملتمع الوطين ،فضال عن كوّنم عبئًا على الدولة
يعرض
واجملتمع ،إذا كانوا من املرضى جسداي وعقليا ،أو غري قادرين على كسب معيشتهم أبنفسهم بطرق مشروعة ،ممها ه
األمن ،والسلم االجتماعي ،واالستقرار ،والنظام العام يف الدولة اىل أخطار ال حتمد عقباها.
أخريا ال ميكننا أن ننهي احلديث عن التجنس كطريقة من طرق اكتساب اجلنسية دون أن نشري اىل أنهه صار يف وقتنا
الراهن أداة الدول الغربية جللب واستقطاب الكفاءات من الدول النامية ،وتسخريها خلدمة مصاحلها املختلفة ،بل إنهه
املتغربة لّت جنحت تلك الدول يف استدراجها ،عن طريق حتول اىل أداة لالستعمار اجلديد من خالل متكني النخب ه ه
أسلوب اإلغراء والتذويب املمنهج هلا يف جمتمعات ها ،واالحتفاظ بِمن ترى يف وجودهم بني ظهرانيها فائدة ومصلحة هلا،
وإيفاد من ترى يف وجودهم داخل أوطاّنم األصلية أكثر فائدة هلا ،وضماان ملصاحلها ،أل هّنا تعترب تلك النخب ذات
التكوين الغريب ،املتشبهعة ابلقيهم الثقافية والروحية النابعة من احلضارة الغربية امتدادا هلا يف عمق اجملتمعات األصلية هلؤالء،
60
الّت غالبا ما كانت شعوب ها فيما مضى ّتضع للوجود االستعماري املباشر ،ولكن يف وقتنا احلاضر مل يعد هذا الوجود
املهمة النخب املستلبة فكراي ،الّت أصبحت الدول الغربية تراهم ممثلني هلا يف
شرطا ضروراي لالستعمار ،وإهّنا تقوم بتلك ه
يتم هلا االستحواذ على خريات البلدان النامية ،وبواسطتهم تستحوذ على سلطة أوطان هم ،إذ عن طريق املتجنسني منهم ،ه
تسري أنظمة احلكم فيها كما تشاء ،وتوجهها الوجهة الّت تلغي
القرار السياسي واالقتصادي والثقايف فيها وعن طريقهم ه
ومتحرر من هيمنة القوى االستعمارية الكربى.
ه أي دور حضاري أصيل ،
اثلثا-اكتساب اجلنسية ابلزواج املذتلط:
ميكن تعريف عقد الزواج املختلط أبنهه الزواج الذي ينعقد صحيحا بني رجل وامرأة خمتلفي اجلنسية .إذا انعقد العقد يف
اخلارج وجب أن يكون صحيحا يف مفهوم قانون الدولة الّت يُراد اكتساب جنسيتها ،وذلك على الرغم من أ هن كل واحد
منهما له والؤه السياسي للدولة الّت ينتمي اليها جبنسيته قبل وأثناء ابرام عقد الزواج .لكن إبمتام عقد الزواج ترتتهب عنه
آاثر هامة ابلنسبة لطريف العالقة الزوجية ،من تلك اآلاثر أن يكون الزواج سببا يف اكتساب أحد الزوجني جنسية الزوج
اآلخر بفعل الزواج ،كما قد يكون سببا يف زوال جنسيته السابقة يف حالة اكتساب اجلنسية ابلزواج .لكنهنا سنقتصر هنا
أي من الزوجني جنسية الزوج اآلخر.
على حبث أثر الزواج املختلط ابعتباره سببا من أسباب اكتساب ُ
بداية جيب التنبيه اىل أ هن الزواج املختلط ،الذي يؤدي اىل اكتساب اجلنسية ،كان فيما مضى – حّت ّناية الربع األول
من القرن العشرين امليالدي-يقتصر أثره على أتثهر جنسية الزوجة األجنبية جبنسية زوجها الوطين لدولة ما دون أن تتأثر
جنسيته جبنسيتها ،أل هن االكتساب كان يف املاضي يسري يف اجتاه واحد.
لكن تطور فكرة املساواة بني املرأة والرجل بداية من ثالثينيات القرن املاضي اىل غاية اليوم ،هأدت اىل إقرار مبدإ املساواة
بني اجلنسني يف مادة اجلنسية ،فصار أتثري الزواج املختلط يف جنسية أحد الزوجني أتثريا متبادال ومتساواي.
ميكن القول أ هن اكتساب اجلنسية بفعل الزواج املختلط قد حت هكمت فيه اترخييا ثالثة مبادئ أساسية ،هي مبدأ وحدة
اجلنسية يف العائلة ،ومبدأ استقاللية اجلنسية يف العائلة ،ومبدأ التوفيق بني مبدأ وحدة اجلنسية يف العائلة ومبدأ استقاللية
اجلنسية فيها .نقدم شرحا موجزا عنها فيما يلي:
)1مبدأ وحدة اجلنسية يف العائلة:
هو مبدأ قدمي تقليدي ،يقضي أن تكتسب الزوجة األجنبية جنسي ة زوجها الوطين لدولة م ا ،بقوة الق انون de
مجرد ما ينعقد الزواج صحيحا ،حتقيقا ملبدإ وحدة اجلنسية يف العائلة .يستند هذا املبدأ اىل فكرة
plein droitب ه
قانونية تفيد أ هن الزوجة تتبع زوجها ،فتدخل يف جنسيته وجواب بفعل الواقع ،ipso factoالذي خلقه الزواج ( .)1ويُع هد
دخوهلا فيها حتمية قانونية ،بصرف النظر عن رغبتها.
لتطور اجملتمع الدويل،
مر مبرحلتني اثنتني تبعا ه
غري أ هن مبدأ وحدة اجلنسية يف العائلة مل يستقر على حال واحدة ،فقد ه
جتسد فيهما اجتاهان:
ه
-1االرجاه األول :كانت يف ظلهه تبعية املرأة لزوجها يف جنسيته آلية ،أتسيسا على فكرة أ هن الزوج هو الرئيس األوحد
(-)1أنظر :د .أمحد عبد الكرمي سالمة ،املبسوط يف شرح نظام اجلنسية ،مرجع سابق ،الفقرة ، 872ص.607
61
لألسرة ،ذلك أ هن مبدأ وحدة اجلن سية يف العائلة يف املرحلة األوىل كان يتوافق مع الفكرة الّت سادت يف أغلب القوانني
املقارنة ،و هي أ هن السلطة الزوجية l’autorité maritaleواهليمنة اثبتة للزوج ( .)1وقد أرجع بعض فقهاء القانون
الوضعي سلطة الزوج اىل القانون الروماين ،حيث كان يعترب الزوج هو رب األسرة ،pater familiasترتهب عن ذلك أن
تتبع الزوجة زوجها يف حالته ،وكان ذلك قبل أن تتبلور تبعيتها له يف جنسيته بعد ظهور فكرة اجلنسية .كانت الزوجة وفق
ذلك القانون خاضعة لزوجها مبا له من سلطة زوجية عليها ،وسلطة أبوية على أبنائه منها ،لذا فهي تتبعه يف اقامته وامسه،
وتوجهاهتا بتوجهاته ،وشخصيتها بشخصيته ،فال تكون هلا شخصية مستقلة وتتأثهر مفاهيمها مبفاهيمه ،وتفكريها بتفكريه ،ه
عن شخصيته ،بل متتزج هبا امتزاجا كليا ،لكل ذلك كان من املنطقي أن تتبعه يف جنسيته (.)2
كان القانون املدين الفرنسي النابوليوين الصادر 1804من أقدم التشريعات الوضعية ،الّت تبنهت مبدأ وحدة اجلنسية يف
العائلة على أساس تبعيهة الزوجة لزوجها يف جنسيته ،فقد رتهب على الزواج املختلط أثرا مباشرا وتلقائيا على جنسية الزوجة
يف منحيني اثنني:
-املنحى األول :ه
()3
نصت عليه املادة الثانية عشرة( )12منه ،الّت قضت« :أ هن األجنبية الّت تتزوج فرنسيا تتبعه يف حالته»
أي تتبعه يف جنسيته.
-املنحى الثاين :ه
نصت عليه املادة التاسعة عشر( )19من نفس القانون ،الّت جاء فيها« :أ هن الفرنسية الّت تتزوج أجنبيا،
أّنا «تسرتجع صفت ها الفرنسي ة la qualité
تتبع زوجها يف حالته» ،أي يف جنسي ته ،وتفقد جنسيته ا الفرنسية ،إاله ه
ترملت ،بشرط أن تقيم يف فرنسا ،أو أن تدخل اىل فرنسا برتخيص من احلكومة الفرنسية ، ،de françaiseإذا ه
()4
يعرب عن النظرة الّت كانت سائدة يف القرن
وتصرح عن رغبتها االستقرار فيها» .هذا املوقف من املشرع الفرنسي ه ه
()5
19امليالدي ،الّت ال تقبل النقاش يف مسألة وحدة اجلنسية يف العائلة ،والّت جيب أن تكون كاملة قدر املستطاع ،لكن
املشرع الفرنسي بدا يف ذلك الوقت كأ هن من صالحيته أن مينح اجلنسية األجنبية للمرأة الفرنسية املتزوجة من أجنيب ،بقوله
أ هّنا تتبعه يف جنسيته ،دون أن يراعي ما إذا كان قانون زوجها مينحها جنسيته أم ال مينحها هإايها ،وقد تدارك هذا النقص
نص « :إاله يف حالة إذا مل يؤد
كمل املادة 19السابق ذكرها ،عندما ه مبوجب القانون املؤرخ يف ،1889/06/26الذي ه
()6
منعا الزدواجيتها ،وحتقيقا
منعا النعدام اجلنسية ،ويف ذات الوقت ً
زواجها اىل احلصول على جنسية زوجها» ،وذلك ً
( -)1أنظر-:د .عز الدين عبد هللا ،مرجع سبق ذكره ،ص .202
(-)2أنظر - :د .أمحد عبد الكرمي سالمة ،املبسوط ،...مرجع سابق ،الفقرة ، 875ص .611
-وأيضا د .مصطفى حممد مصطفى الباز :جنسية املرأة املتزوجة يف القانون الدويل اخلاص ،دراسة مقارنة مع الفقه اإلسالمي ،رسالة دكتوراه ،كلية
احلقوق ،جامعة عني الشمس ،القاهرة ،1999الفقرة ، 42ص.79
(-)3القانون املدين للفرنسيني code civil des françaisالذكرى املئوية الثانية ، 2004- 1804نشر داللوز ،2004ص.04
(-)4نفس املرجع السابق.
(-)5أنظر :ابتيفول والغارد ،مرجع سابق ،الفقرة ،124ص 144و .145
(-)6نفس املرجع السابق ،اهلامش ، 37ص .144
62
لوحدهتا يف العائلة .فقد قام مبدأ وحدة اجلنسية يف العائلة على مربرات عديدة ،اجتماعية ،سياسية ،قانونية وثقافية،
نوجزها فيما يلي:
* املربرات االجتماعية :تفيد هذه املربرات أ هن احتاد جنسية الزوجني يع هد شرطا أساسيا لقيام وحدة األسرة ،تلك الوحدة
يقوي وحدة اجملتمع يف الدولة ،املرتكزة
الّت يتح هقق معها التوافق الفكري والروحي بني أفراد العائلة الواحدة ،بل إ هن ذلك ه
على متاسك األسرة فيه اجتماعيا من خالل االشرتاك يف األحاسيس ،واألماين ،واألهداف ،واالجتاهات ،واالنسجام
الروحي واملادي واحلضاري.
* املربرات السياسية :وحدة اجلنسية ه
تتلخص يف أ هن الزواج املختلط الب هد أن يؤدي اىل نشوء وطن واحد ترتبط به األسرة
تعزز متانة االنتماء اىل الدولة ،وصالبة ركن الشعب فيها ،ليتح هقق االستقرار يف اجملتمع ،القائم على الوالء
كلهها ،حّت ت ه
السياسي لدولة واحدة.
* املربرات القانونية :وحدة اجلنسية يف العائلة هي أن ينجم عنها احتاد النظام القانوين لألسرة ،الذي يفضي اىل تطبيق
قانون واحد على مجيع أفراد العائلة يف أحواهلم الشخصية ،ويف كل معامالهتم ،ممها يقلهل من مسألة تنازع القوانني دوليا من
حيث املكان.
* املربرات الثقافية :وحدة اجلنسية يف العائلة تعين وحدة لغة التعليم الذي يتلقاه األبناء ،حبيث يكون معربا عن القيهم
املوحدة جنسيةً.
ترتسخ يف وجدان األسرة ه الروحية واحلضارية السائدة يف اجملتمع ،الّت يُراد هلا أن ه
هذه هي الكيفية الّت نشأت يف ظلهها فكرة تبعيهة املرأة لزوجها ابتداءً يف كل شيء ،مبا يف ذلك تبعيهتها له يف جنسيته
بقوة القانون دون أن يكون إلرادهتا دخل يف ذلك ،كأثر مباشر حتمي لزواجها من زوج خيتلف عنها جنسيةً. ه
وقد ضربنا مثال عن ذلك ابملادتني 12و 19من القانون املدين للفرنسيني املعروف بقانون انبوليون ،الذي سارت على
جل التشريعات املقارنة يف أورواب الالتينية ،وفيما بعد التشريعات العربية.
منواله ه
-2اإلرجاه الثاين :ه
جسد هذا االجتاه أيضا تبعية املرأة لزوجها يف جنسيته ،لكن منحها حق رفض تلك جنسية زوجها
األجنيب عنها ،وكان ذلك نتيجة تطور اجملتمع الدويل نفسه ،حيث ظهرت أفكار جديدة تدعو اىل عدم انكار إرادة
بقوة القانون ،واىل فسح اجملال أمامها لرتفضها إبرادهتا إذا كانت راغبة
الزوجة يف رفض جنسية زوجها ،الّت تكتسبها ه
عنها ،ممها يعين وفق هذا االجتاه أ هن الزواج املختلط وإن كان له أثر مباشر وتلقائي يف جنسية الزوجة ،إاله انه ليس حتميا،
بل يبقى معلهقا على عدم رفض جنسية زوجها.
إذًا حسب هذا االجتاه يرتتهب عن الزواج املختلط أن تدخل الزوجة يف جنسية زوجها دون حاجة اىل اعالن رغبتها يف
ذلك ،ودون أن يكون لدولة الزوج رفض دخوهلا يف جنسيته ،ولكن من حق الزوجة إذا أرادت أن ترفض اكتساب جنسية
زوجها وحتتفظ جبنسيتها السابقة .نسوق مثالني عن ذلك:
نص عليه قانون اجلنسية البلجيكية الصادر سنة 1932يف املادة الرابعة ( ،)4حيث جاء فيها أ هن:
* املثال األول ما ه
« األجنبية الّت تتزوج بلجيكيا ،أو الّت أصبح زوجها بلجيكيا ابالختيار ،تتبع حالة زوجها ،ومع ذلك جيوز هلا خالل
ستة أشهر من اتريخ الزواج أن ترفض اجلنسية البلجيكية ،وذلك إبقرار وفق اإلجراءات املبيهنة ...وبشرط أن تثبت أ هّنا
63
تسرتدها مبجرد إقرارها إذا كانت قد فقدهتا»( ، )1فقد رتهب املشرع البلجيكي يف
ال تزال تتمتهع ابجلنسية األجنبية ،أو ه
هذا النص أثرا فوراي على جنسية الزوجة األجنبية لزوج بلجيكي ،فتكتسب اجلنسية البلجيكية بقوة القانون ،ولكنه
أعطاها إمكانية رفضها خالل ستة أشهر من اتريخ الزواج ،بشرط أاله تكون قد فقدت جنسيتها السابقة ،وإذا فقدهتا
تسرتدها مبجرد إقرار منها ،حّت ال تكون عدمية اجلنسية ،ويف نفس الوقت مل يعلهق املشرع البلجيكي اكتساب اجلنسية
أن ه
البلجيكية ابلزواج من بلجيكي على ِ
فقد الزوجة األجنبية جنسيتها السابقة ،ممها جيعلها يف وضعية ازدواج اجلنسية ،إذا
كان قانون دولتها ال حيرمها من جنسيتها ابلزواج من أجنيب ،كما أنهه قيهد دولة الزوج ومنعها من حرمان الزوجة األجنبية
من اكتساب جنسية الزوج بقوة القانون.
* املثال الثاين خاص مبوقف املشرع الفرنسي ،فقد كان أكثر وضوحا عندما نص يف املادة 37من قانون اجلنسية الفرنسية
الصادر سنة 1945على أ هن «األجنبية الّت تتزوج فرنسيا تصبح فرنسية حلظة إبرام عقد الزواج ،إاله إذا رفضت اكتساهبا
اجلنسية الفرنسية» ( .)2أضافت املادة 38من نفس القانون على أ هن «أن للزوجة األجنبية بعد ابرام عقد الزواج أن ترفض
اجلنسية الفرنسية مّت كان قانوّنا الوطين جييز هلا االحتفاظ جبنسيتها» ( .)3فاكتساب األجنبية اجلنسية الفرنسية يكون
فوراي ومباشرا ،غري أ هن هلا بعد ابرام عقد الزواج أن ترفضها إذا كان قانوّنا الوطين يسمح هلا أن حتتفظ جبنسيتها السابقة،
لكن رفض اجلنسية معلق على عدم فقد جنسيتها السابقة.
نصت على أ هن الفرنسية الّت تتزوج أجنبيا حتتفظ جبنسيتها الفرنسية إاله إذا رفضتها
هأما املادة 94من ذات القانون فقد ه
صراحة ( .)4الظاهر من النصوص السابقة أن املشرع الفرنسي رتهب أثرا مباشرا للزواج املختلط على جنسية الزوجة من
خالل مسلكني:
-املسلك األول هو اكتساب األجنبية جنسية زوجها الفرنسي ،مع منحها حق رفضها ،ومن الطبيعي أ هن الرفض ال
يكون إاله إذا كانت قد احتفظت جبنسيتها السابقة.
-املسلك الثاين هو اكتساب الفرنسية جنسية زوجها األجنيب مع احتفاظها ابجلنسية الفرنسية إاله إذا رفضتها هي نفسها
إبرادهتا الصرحية.
ممها يُذكر أ هن املشرع الفرنسي كان قد أردف املادتني 37و 38السابقتني بنص املادة 39من نفس القانون ،الّت جرى
تعديلها بقانون صادر يف 24ماي ،1951حيث جاء فيها« :للحكومة يف خالل ستة أشهر أن تعرتض مبرسوم على
اكتساب الزوجة اجلنسية الفرنسية»(. )5
(-)1أنظر :د .عز الدين عبد هللا ،مرجع سابق ،ص .206
وأيضا د .مصطفى حممد مصطفى الباز ،مرجع سابق ،ص .81
(-)2أنظر -:ابتيفول والغارد ،مرجع سابق ،الفقرة ،125ص ..146
(-)3أنظر -:د .عز الدين عبد هللا ،نفس املرجع السابق.
(-)4أنظر -:ابتيفول والغارد ،نفس املرجع السابق.
(-)5أنظر :د .عز الدين عبد هللا ،نفس املرجع السابق.
64
فنص يف املادة 08من قانون اجلنسية الكويّت
ذهب املشرع الكويّت يف نفس االجتاه الذي ذهب فيه املشرع الفرنسي ،ه
الصادر سنة 1959على أن« املرأة األجنبية ،الّت تتزوج كويتيا تصبح كويتية إاله إذا أعلنت عن رغبتها يف االحتفاظ
ابجلنسية السابقة خالل سنة من اتريخ الزواج»( .)1وعلى هذا يكون من مزااي هذا االجتاه الثاين أنهه تبىن مبدأ وحدة
اجلنسية يف العائلة ،ولكنه ترك الباب مفتوحا أمام الزوجة األجنبية لكي ترفض جنسية زوجها إذا مل تكن راغبة فيها ،فكان
ذلك بداية التمهيد لظهور مبدإ آخر ،وإيذاان بتأسيسه ،هو مبدأ استقاللية اجلنسية يف العائلة.
)2مبدا استقاللية اجلنسية يف العائلة:
عمت اجملتمع الدويل
استند مبدأ استقاللية اجلنسية يف العائلة يف بداية ظهوره اىل فكرة املساواة بني املرأة والرجل ،الّت ه
تغريت الكثري من املعطيات بفعل األفكار وااليديولوجيات االجتماعية الّت سادت اجملتمع الدويل بعد ّناية
احلديث .فقد ه
الربع األول من القرن العشرين ،فب زغت اىل الوجود اجتاهات فكرية وسياسية اندت ابستقالل اجلنسية بني الزوجني ،
تتزوج أحد الوطنيني ،فال تُضفى عليها جنسية كل أثر على جنسية الزوجة األجنبية الّت هوّتليص الزواج املختلط من ه
احلرة ،فإن شاءت حلقت جبنسية
زوجها كنتيجة حتمية للزواج ،بل يبقى اكتساهبا جنسية زوجها متوقهفا على إرادهتا ه
()2
ظل
متصورا يف ه
زوجها ،وإن رغبت عن ذلك ظلهت حمتفظة جبنسيتها املستقلة عن جنسية زوجها .وما كان هذا األمر ه
النظرية القدمية الّت سادت القوانني الوضعية يف الغرب ،الّت كانت تنظر اىل املرأة على ا هّنا انقصة األهلية وشخصيتها
اتبعة لشخصية زوجها ،ولكن حركة حترير املرأة من سطوة الزوج الّت عرفتها اجملتمعات الغربية احلديثة عرفت ّن اوا متواصال
تعزز ذلك مبا أصبحت تقوم ومطردا ،هأدت اىل حصول املرأة على أهليتها القانونية الكاملة مع بداية القرن العشرين .وقد ه
به املرأة يف اجملتمعات احلديثة من دور يكاد يكون مساواي لدور الرجل ،لذلك اندى فقهاء القانون الوضعي ،وحركات
حترير املرأة ابحرتام إرادة املرأة ،وحقها يف جنسية مستقلة عن جنسية زوجها .وهذا يعين ابلضرورة االعتداد إبرادة الزوجة
األجنبية عند منحها جنسية زوجها الوطين ،فإن شاءت دخلت فيها ،وإن رغبت عنها احتفظت جبنسيتها ،أل هّنا من
يقررها
الناحية الواقعية مستقلة عن زوجها اجتماعيا ،سياسيا ،قانونيا واقتصاداي ،فهي تتمتع جبميع احلقوق والواجبات الّت ه
قانوّنا الوطين ،شأن ها يف ذلك شأن زوجها الذي يتمتع جبميع احلقوق والواجبات الّت يقررها قانونه الوطين ،ومن هذه
احلقوق احلق يف اجلنسية .فكما أ هن الزوج له احلق يف التمتهع جبنسية دولته ،كذلك زوجته األجنبية هلا احلق يف البقاء على
جنسيتها الوطنية ،وذلك يتماشى ليس مع مبدإ املساواة بني اجلنسني فحسب ،ولكن يتماشى أيضا مع مبدإ املساواة بني
الدول يف مادة اجلنسية ،فكل دولة يكون من مصلحتها أن حيتفظ رعاايها جبنسيتهم الّت منحتهم إايها ،حّت لو دخلوا
يف عالقات زوجية مع األجانب.
غري أ هن ما يالحظ على مبدإ استقاللية اجلنسية يف العائلة أنهه كان يُنظر اليه من جانب مدى أتثري الزواج املختلط
أي أتثري يف جنس ية زوجها ،وكان هذا الوض ع جيعل املرأة األجنبية الّت تت هزوج يف جنس ية الزوجة وحدها دون أن حيدث ُ
جمسدة يف التشريعات املقارنة ،نذكرها إبجياز فيما يلي:
وطنيا أمام خيارات ثالثة ،ه
65
-1اخليار األول :أن تكون جنسية الزوجة األجنبية مستقلة متاما عن جنسية زوجها:
أي أثر
جيسد نظرية استقالل جنسية الزوجني يف صورهتا املطلقة ،حبيث ال يكون لزواج األجنبية من وطين ه
وهو خيار ه
على جنسيتها ،فال ميكن هلا أن تكتسب جنسية الزوج إاله ابلتجنهس ،شأّنا يف ذلك شأن أي أجنيب .فإن أرادت أن
حتصل على جنسية زوجها ما عليها إاله سلوك سبيل التجنهس اخلاضع للشروط العامة الّت سنهها املشرع الوطين ،وعلى
السلطة العامة أن تقبل جتنهسها أو ترفضه ،فذلك يبقى خاضعا لسلطتها التقديرية ،وهذا هو موقف املشرع اجلزائري يف
قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر سنة 1970قبل تعديله .فقد أخذ ضمنيا هبذا اخليار عندما سكت مطلقا عن أثر الزواج
املختلط يف جنسية الزوجة األجنبية املتزوجة من جزائري .ومل يرتك أمامها إاله طريق التجنهس العادي إذا أرادت أن تكتسب
لنص ملادة الثالثة( )3من نفس
جنسية زوجها اجلزائري ،ولكن عليها يف هذه احلالة أن تتخلهى عن جنسيتها السابقة طبقا ه
قانون اجلنسية املذكور آنفا .ونفس األمر ينسحب على األجنيب الذي يتزوج من جزائرية ،فال تتأثر جنسيته بزواجه من
جزائرية ،وما عليه إذا أراد اكتساب اجلنسية اجلزائرية إاله ان يتجنهس وفق الشوط العامة الّت وضعها املشرع اجلزائري يف
املادة العاشرة( )10من القانون املذكور.
أخذ هبذا اخليار املشرع الروسي يف املادة اخلامسة( )5من قانون اجلنسية الروسية الصادر 1938الّت قضت أ هن زواج
شخص من أحد مواطين االحتاد السوفيايت ال يؤثر يف جنسيته (.)1
كل من
ينص يف مادته السادسة ( )6على أ هن الزواج ال يؤثر على جنسية ه
هأما الدستور الكويب الصادر 1952فقد كان ه
الزوجني وأوالدهم ،وأ هن الكوبية الّت تتزوج أجنبيا حتتفظ جبنسيتها ،واألجنبية الّت تتزوج كوبيًا حتتفظ جبنسيتها ،وكذلك
األجنيب الذي يتزوج كوبية حيتفظ جبنسيته (.)2
نص يف املادتني 7و 8من قانون اجلنسية الصينية ،الصادر يف 10 وقد ذهب املشرع الصيين يف نفس االجتاه عندما ه
نصت عليه املادة
ديسمرب ،1980على أ هن الزوجة األجنبية ال تكتسب جنسية زوجها الصيين إاله ابلتجنهس ،ونفس األمر ه
5من قانون اجلنسية الكندية الصادر سنة .)3(1997
ما يالحظ على هذا اخليار بصفة عامة أنهه حي هقق مبدأ استقاللية جنسية الزوجني استقالال اتما ،وابلتايل مينع ازدواج
جنسية الزوجني.
-2اخليار الثاين :إمكانية اكتساب الزوجة جنسية زوجها مع فقدها جنسيتها السابقة :يتيح هذا اخليار إمكانية
استقالل جنسية الزوجة األجنبية عن جنسية زوجها ،هإال إذا أرادت أن تتبعه يف جنسيته ،ففي هذه احلالة األخرية عليها
أن تتخلهي إبرادهتا عن جنسيتها السابقة .هبذا أخذ املشرع اجلزائري يف قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر سنة ،1963حيث
تتزوج جزائراي اجلنسية اجلزائرية ،لكن
نصت املادة الثانية عشرة ( )12منه ،على إمكانية اكتساب املرأة األجنبية الّت هه
بشروط ،أن تعلن صراحةً عن ّتلهيها عن جنسيتها السابقة قبل االحتفال ابلزواج ،وميكنها أن تعلن ذلك دون إذن،
(-)1أنظر :د .حممد مصطفى حممد الباز ،جنسية املرأة املتزوجة ..مرجع سابق ،ص .93
(-)2نفس املرجع السابق ،ص .94
(-)3ا نظر :د .حسام الدين فتحي انصف ،نظام اجلنسية يف القانون املقارن ،دار النهضة العربية ،القاهرة ، 2007ص .135
66
حّت لو كانت قاصرة ،وأن تق هدم طلبا لوزير العدل ،الذي ميكنه أن يرفضه ،وإذا مل يرفضه يف خالل ستة أشهر ،تكتسب
ه
عتبارا من اتريخ الزواج ،لكن جيب هأال يكون الزواج قد أُبطل أو ُح هل وقت موافقة وزير العدل صراحة
اجلنسية اجلزائرية ا ً
أو ضمنيًا( . )1هكذا ترك املشرع اجملال مفتوحا أمام الزوجة األجنبية املتزوجة من جزائري لكي حتتفظ جبنسيتها السابقة
أتكيدا ملبدإ استقالل جنسية الزوجة عن جنسية زوجها اجلزائري ،ويف ذات الوقت منحها إذا رغبت عن اجلنسية اجلزائرية ً
إمكانية اكتساب اجلنسية بفعل الزواج من جزائري مع ّتلهيها عن جنسيتها السابقة حتقيقا ملبدإ وحدة اجلنسية يف العائلة.
لكن أمر اكتساهبا اجلنسية اجلزائرية يبقى خاضعا لتقدير السلطة العامة يف الدولة اجلزائرية ،الّت ميثهلها وزير العدل ،فإن
شاءت قبلت دخول الزوجة األجنبية يف جنسية زوجها اجلزائري ،وان شاءت رفضت ذلك.
من التشريعات الّت تبنهت هذا اخليار قانون اجلنسية السعودية الصادر سنة 1374ه يف املادة السادسة عشر( )16منه،
نصت على أن «تكتسب املرأة األجنبية جنسية زوجها السعودي إذا تنازلت عن جنسيتها املع هدلة سنة 1380ه .الّت ه
وقررت رغبتها يف اكتساب اجلنسية العربية السعودية» ( ،)2حيث علهق املشرع السعودي اكتساب املرأة األجنبية
السابقة ،ه
جنسية زوجها السعودي على تنازهلا عن جنسيتها السابقة .ويف نفس االجتاه ذهب قانون جنسية دولة اإلمارات العربية
نصت املادة 1/3منه على أن «ال يرتتهب على زواج األجنبية مبواطن يف الدولة
املتحدة الصادر سنة 1975املعدل ،إذ ه
استمرت الزوجية قائمة م هدة ثالث سنوات
أن تكتسب جنسية زوجها هإال إذا أعلنت وزارة الداخلية برغبتها يف ذلك ،و ه
من اتريخ إعالّنا هبذه الرغبة ،ويشرتط أن تتنازل عن جنسيتها السابقة ( .»)3وسلكت أغلب التشريعات نفس املنحى،
منها قانون اجلنسية البحرينية الصادر سنة 1963املعدل سنة 1981يف املادة السابعة ( )7منه وقانون اجلنسية الكويتية
يف املادة الثامنة منه املعدلة سنة 1980وقانون اجلنسية املصرية ( ،)4وقانون اجلنسية الليبية (.)5
هأما التشريعات غري العربية الّت أخذت هبذا اخليار نذكر منها قانون اجلنسية االكوادورية الصادر سنة ،1950حيث
نصت املادة 1/6منه على أ هن األجنبية الّت تتزوج اكوادوراي تكتسب جنسية زوجها مّت أبدت الرغبة يف ذلك وقت الزواج
أو يف أي وقت بعد الزواج بشرط أن تتخلهى عن جنسيتها السابقة وأن يوافق وزير اخلارجية على طلبها ( .)6وكذلك ما
قضت به املادة 5/12من دستور السلفادور الصادر سنة ،9501حيث تعترب مواطنة سلفادورية األجنبية الّت تتزوج
سلفادوراي إذا اختارت اجلنسية السلفادورية وأقامت مدة سنتني ابلسلفادور (.)7
تبىن مبدئيًا استقالل جنسية الزوجة عن جنسية زوجها ،حبيث ال تكتسب جنسيته، ما يالحظ على هذا اخليار أنهه ه
غري أنهه فتح اجملال أمامها لتحقيق مبدإ وحدة اجلنسية يف العائلة ،إذا اختارت الزوجة جنسية زوجها وّتلهت عن جنسيتها
(- )1انظر نص املادة يف القانون رقم 39/63املؤرخ يف 27مارس 1963املتضمن قانون اجلنسية اجلزائرية ،منشور يف اجلريدة الرمسية بتاريخ 2أفريل .1963
(-)2انظر :د .طلعت حممد دوي دار ،مرجع سابق ،ص .163
(-)3انظر :د .أمحد عبد الكرمي سالمة املبسوط يف شرح نظام اجلنسية ،مرجع سابق ،ص .622
( -)4نفس املرجع السابق.
( -)5انظر :مصطفى حممد مصطفى الباز ،مرجع سابق ،ص .96
( -)6نفس املرج السابق ،ص .93
( -)7نفس املرجع السابق.
67
السابقة ،لكن إذا ما احتفظت جبنسيتها برفض جنسية زوجها فإ هن جنسيتها تبقى مستقلة عن جنسية زوجها وبذلك
يتحقق مبدأ استقاللية اجلنسية يف العائلة.
-3اخليار الثالث :اكتساب الزوجة جنسية زوجها مع احتفاظها جبنسيتها السابقة:
مينح هذا اخليار إمكانية أن تكتسب الزوجة األجنبية جنسية زوجها مع احتفاظها جبنسيتها السابقة ،فلم يتش هدد يف
مبدإ استقاللية جنسية الزوجة عن جنسية زوجها ،ومل أيخذ به على إطالقه كما هي احلال يف اخليار األول ،ومل يشرتط
على الزوجة أن تتخلهى عن جنسيتها السابقة كما هو الشأن يف اخليار الثاين.
األصل هو عدم أتثري الزواج على جنسية الزوجة ،فتبقى حمتفظة جبنسيتها ،لكن جيوز هلا أن تكتسب جنسية زوجها إذا
أرادت ذلك طبقا للشروط الّت حي هددها قانون جنسية دولة الزوج خبصوص اكتساب جنسية الزوج ابلزواج ،الذي قد أيخذ
ميسرة وخم هففة ،وخباصة التوطهن أو اإلقامة يف إقليم دولة الزوج.
صورة التجنهس بشروط ه
من التشريعات الّت أخذت هبذا اخليار قانون اجلنسية التونسية الصادر يف 28فيفري ،1963حيث جاء يف مادته
تزوجها
الرابعة عشر («:)14ميكن للمرأة األجنبية املتزوجة بتونسي ،الّت مبوجب قانوّنا حتتفظ جبنسيتها األصلية رغم ه
أبجنيب أن تطلب اجلنسية التونسية بتصريح يقع طبق الشروط املنصوص عليها ابلفصل 39من هذه اجمللهة ،وذلك إذا
كان الزوجان مقيمني بتونس منذ عامني على األقل»(.)1وقد كان القانون اإلجنليزي الصادر سنة 1948يقضي يف مادته
تتزوج أحد وطنيي اململكة املتحدة واملستعمرات يكون هلا احلق إذا ما
السادسة ( )6الفقرة 3منها على أن «املرأة الّت ه
سن الرشد ،وكاملة
طلبت و هأدت ميني الوالء يف أن تقيد كوطنية للمملكة واملستعمرات ،سواء أكانت أو مل تكن ابلغة ه
األهلية يف مجاعة األمم الربيطانية»( ،)2ورغم أ هن املشرع اإلجنليزي اشرتط على املرأة األجنبية املتزوجة من اجنليزي إن أرادت
ؤدي ميني الوالء لربيطانيا إاله أنهه مل يشرتط عليها أن تتخلهى عن
اكتساب جنسيته أن تقدم طلبا خبصوص ذلك ،وأن ت ه
جنسيتها السابقة.
هأما املشرع الياابين فقد نص يف املادة السابعة ( )7من قانون اجلنسية الياابنية الصادر سنة 1985على إمكانية اكتساب
املرأة األجنبية ،جنسية زوجها الياابين بشرط أن تكون قد أقامت أو توطنت م هدة ثالث سنوات يف الياابن ،مع أ هن م هدة
التجنهس العادي وفق املادة اخلامسة( )5من ذات القانون هي مخس سنوات (.)3
نص يف املادة 11منه على «أاله تكتسب املرأة األجنبية
كما أ هن قانون اجلنسية النمساوية الصادر يف 3مارس 1983قد ه
امليسرة ،وهي وجوداملتزوجة من ّنساوي جنسيته بقوة القانون ،بل عليها إذا أرادت ذلك أن تطلبها بشروط التجنهس ه
حنل خالل تلك الفرتة ،وأن تكون الزوجة األجنبية متوطهنة يف
زواج صحيح ،وقائم منذ سنة على األقل ،وأاله يكون قد ا ه
( -)1انظر جملة اجلنسية التونسية ،املطبعة الرمسية للجمهورية التونسية ،1989ص .7
( -)2أنطر :د .عز الدين عبد هللا ،مرجع سابق ،ص ،207واهلامش 135من نفس الصفحة.
( -)3انظر :د .أمحد عبد الكرمي سالمة ،املبسوط ،مرجع سابق الفقرة ،890ص 620و.621
68
استمر الزواج سنتنيُّ ،ت هفض م هدة التوطن يف النمسا إىل ثالث
ه النمسا م هدة أربع سنوات متتالية على األقل ،وإذا
سنوات»(.)1
هناك بعض التشريعات الّت أخدت هبذا اخليار مل تستلزم أي شرط لكي تكتسب الزوجة األجنبية جنسية زوجها الوطين
غري إعالن رغبتها يف ذلك ،نذكر منها قانون اجلنسية الزائريية الصادر يف 29يونيو ،1981حيث جاء يف املادة 19منه
أ هن الزوجة األجنبية الّت تتزوج زائرياي تكتسب جنسيته إذا أعلنت رغبتها يف ذلك خالل اثنِي عشر شهرا التالية إلبرام
الزائريية ابلتجنهس (.)2
عقد الزواج ،أو التالية الكتساب زوجها جنسيته ه
ما يتميهز به هذا اخليار أنهه يؤدي اىل ازدواج جنسية الزوجة األجنبية يف حالة ما إذا اكتسبت جنسية زوجها مادام
قانون دولة الزوج ال يشرتط عليها أن تتخلهى عن جنسيتها السابقة ،وابلتايل يؤدي هذا الوضع إىل ازدواج جنسية األبناء
لكل من الزوجني يقيم اجلنسية األصلية الّت متنح اىل األبناء
املنحدرين عن هذه الرابطة الزوجية ،إذا كان القانون الوطين ه
على أساس حق الدم من جهة كل واحد منهما.
يتبني من عرضنا للخيارات الثالثة السابقة املتعلقة مببدإ استقالل جنسية الزوجة عن جنسية زوجها ،أنهه كان ينظر اليه ه
من جهة أتثري الزواج املختلط على جنسية الزوجة وحدها دون جنسية الزوج ،ولكن هذا األمر مل يعد مقبوال يف وقتنا
تكرس مبدأ املساواة بني الرجل واملرأة يف مادة اجلنسية ،بعدما انتصرت
احلاضر ،أل هن التمييز بني اجلنسني مل يعد قائما ،فقد ه
األفكار الداعية اىل تقرير املساواة بينهما .فإذا كان الب هد أن حيدث الزواج املختلط أثرا على اجلنسية ،ف لي ُكن ذلك على
أساس املساواة بني الزوجني ،فيمكن للزوجة أ تكتسب جنسية زوجها إن أرادت ذلك ،وميكن للزوج أن يكتسب جنسية
زوجته إذا أراد ذلك ،حتقي ًقا ملبدإ املساواة .وهذا ما هأدى إىل ظهور مبدإ اثلث حاول التوفيق بني مبدإ وحدة اجلنسية يف
استنادا اىل مبدإ املساواة بني اجلنسني .هذا ما نتناوله أدانه.
ً العائلة ومبدإ استقالل اجلنسية يف العائلة
)3مبدأ التوفيق بني مبدإ وحدة اجلنسية يف العائلة ومبدإ استقالل اجلنسية فيها:
تكرس يف مرحلة اثنية بشكل واضح يف ظلتتوضح يف ظل عصبة األمم ،مثه ه بدأت مالمح مبدإ التوفيق يف مرحلة أوىل ه
منظمة األمم املتحدة ،مثه تبنهاه جملس التعاون األورويب (االحتاد األورويب حاليا) ،وأخذت به التشريعات املختلفة .هذا ما
نذكره إبجياز فيما يلي:
-1يف ظل عصبة األممُ :حظيت مسألة استقالل جنسية الزوجة عن جنسية زوجها ابهتمام ملحوظ يف ه
ظل عصبة
األمم ،وذلك عندما أوصى مؤمتر الهاي الذي تُ هوج إببرام اتفاقية الهاي يف 12أفريل ،1930الّت كان الغرض منها
حث املؤمتر الدول املتعاقدة أبن
تقنني القانون الدويل ،ووضع بعض احللول ملسألة تنازع القوانني يف مادة اجلنسية ،فقد ه
حتجز يف تشريعاهتا مكاان ملبدإ املساواة بني اجلنسني يف مسألة اجلنسية ،فتُض ِمنُّه تشريعاهتا الداخلية ،وحترص على هأال
69
تتأثهر جنسية الزوجة جبنسية زوجها ،و هاال تتأثهر بتغيري زوجها جنسيته ما مل توافق الزوجة على ذلك صراحة وإبرادهتا(،)1
و يف هذا املعىن نصت املادة 10من االتفاقية على أ هن« :جتنهس الزوج أثناء الزوجية ال يستتبع تغيري جنسية زوجته هإال إذا
ارتضت ذلك»( ،)2مل تعاجل هذه املادة هإال مسألة عدم أتثر جنسية الزوجة بتغيري الزوج جنسيته أثناء احلياة الزوجية ،ومل
تعاجل الفرض الذي تكون فيه جنسية الزوجني خمتلفة ،و إن كان يُفهم من عموم نص املادة أ هن هذا الفرض األخري يدخل
ضمن ما رمت إليه .
انقشت اجلمعية العامة لعصبة األمم يف سنة 1932مسألة تعديل االتفاقية ابلشكل الذي يكفل املساواة بني اجلنسني،
املهمة اىل جهود العلماء واجلمعيات العلمية ،الّت ينشطون
تتوصل اىل اتفاق يف هذا الشأن ،فاكتفت أبن أوكلت هولكنهها مل ه
أقرهتا
فيها ،أبن ميارسوا نفوذهم وضغوطهم على احلكومات من خالل دعوهتا اىل وضع تشريعات تتهسق مع املبادئ الّت ه
االتفاقية ،ومع مبدإ املساواة بني املرأة والرجل.
ما يالحظ عموما على اتفاقية الهاي أّنا حاولت أن توفهق بني مبدإ وحدة اجلنسية يف العائلة ومبدإ استقالل جنسية
الزوجة عن جنسية زوجها حتقي ًقا ملبدإ املساواة ،ولكنهها أغفلت أي دور لتأثري جنسية املرأة يف جنسية زوجها متاشيا مع ه
يسن من القواعد ما يراه حم هق ًقا ملبدإ املساواة.
مبدإ املساواة نفسه .هلذا بقيت املبادرة يف هذا الشأن للمشرع الوطين أن ه
أتكيدا للنظرية الوليدة آنذاك أما معهد القانون الدويل يف دورته املنعقدة أبوسلو سنة 1932فقد جاء يف توصياته ً
الداعية اىل املساواة بني اجلنسيتني على أ هن «جنسية أحد الزوجني ،وعلى األخص تغيريها أثناء الزواج ال ميكن أن ميت هد
اىل اآلخر على خالف إرادته ....وأنهه يف احلالة الّت يكون فيها الزوجان خمتلفي اجلنسية ميكن ألحدمها أن يكتسب
جنسية الزوج اآلخر أبسهل وأسرع ما ميكن» (.)3
نص يف ِِ
هاما إتفاق ُمنتيفيديُو اخلاص ابجلنسية املنعقد يف 16ديسمرب 1933بني دول أمريكا اجلنوبية والوسطى ،فقد ه
املادة 6على أن «ال يؤثر الزواج أو احنالله يف جنسية الزوج أو الزوجة أو أوالدمها» ( ،)4حتقيقا ملبدإ املساواة .اىل جانب
ذلك اندت احلركات النسائية اىل حترير املرأة ،ودعت اىل إقرار مبدإ املساواة بينها وبني الرجل ،وابلتايل استقالل جنسيتها
عن جنسية زوجها ،وضمان ذلك يف االتفاقيات الدولية ،وذلك ما حتقق يف ظل هيئة األمم املتحدة.
-2يف ظل هيئة األمم املتحدة :تواصل االهتمام مببدإ املساواة بني الرجل واملرأة يف مادة اجلنسية بشكل الفت يف ظل
نص اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان
منظمة األمم املتحدة ،الّت حلهت حمل عصبة األمم بعد احلرب العاملية الثانية .فقد ه
الصادر عن اجلمعية العامة لألمم املتحدة بتاريخ 10ديسمرب 1948يف املادة 15منه على حق كل فرد يف التمتهع جبنسية
( -)1انظر د .عبد احلكيم مصطفى عبد الرمحان :جنسي ة املرأة املتزوجة وآاثرها على حميط األسرة يف القانون املصري والفرنسي والسوداين ،دراسة مقارنة ،
مكتبة النصر ،جامعة القاهرة ،1991ص .11
( -)2أنظر أمحد عبدالكرمي سالمة :املبسوط...مرجع سابق ،ص .625
(-)3نفس املرجع السابق ،ص 625و.626
-أيضا عبد احلكيم مصطفى عبد الرمحان :جنسية املرأة املتزوجة ،مرجع سابق ص.12
(-)4راجع اتفاق ُمنتِ ِيفيديُو اخلاص ابجلنسية املنعقد سنة ،1933رسالتنا ،مرجع سبق ذكره ،ص 622و.623
70
ما وعلى عدم حرمانه من جنسيته بطريقة حت هكمية وعدم جواز منعه من تغيريها ( .)1فقد ارتقت اجلنسية يف هذا اإلعالن
فصارت ح هقا من حقوق اإلنسان األساسية .إذ إبقرار حق الفرد يف تغيري جنسيته ،تكون هيئة األمم املتحدة قد رفضت
تقرر حق الفرد يف تغيري جنسيته فإ هن له احلق يف التنازل
مبدأ الوالء الدائم الناجم عن تبعية الفرد لدولة ما ،ألنهه مادام قد ه
عنها بشرط هأال يقع يف حالة انعدام اجلنسية .فقد هأدى اهتمام منظمة األمم املتحدة ابجلانب املتعلهق جبنسية املرأة املتزوجة
منذ سنة 1948إىل صدور قرارات عن اجلمعية العامة ،وإىل إبرام اتفاقيات دولية هامة عاجلت هذه املسألة .ويف هذا
الصدد نذكر القرار الدي صدر عن اجمللس االقتصادي واالجتماعي التابع ملنظمة األمم املتحدة سنة ،1949حيث
أوصى إبعداد اتفاقية حتكم جنسية املرأة املتزوجة ،يكون من شأّنا أتكيد املساواة بني الرجال والنساء) . (2وابلفعل فقد
مته يف إطار هيئة األمم املتحدة إبرام اتفاقيتني هامتني يف هذا الشأن ،نذكرمها إبجياز فيما يلي:
أ-اتفاقية جنسية املرأة املتزوجة املؤرخة يف :1957/02/20استبعدت هذه االتفاقية كل أثر تلقائي للزواج على جنسية
()3
،أبال
نصت املادة األوىل منها على أن « أن ترتضي كل دولة ه املرأة املتزوجة .وقد بدأ سرايّنا يف 11أوت ،1958وقد ه
يؤثهر الزواج أو احنالله بني أحد الزوجني الوطنيني وأحد األجانب ،وال تغيري الزوج جنسيته أثناء الزواج ،تلقائيا على
جنسية الزوجة» ،ويف ذات الوقت هقررت املادة الثانية منها على أن «ال حيول االكتساب اإلرادي ألحد الوطنيني جلنسية
دولة أخرى وال التنازل عن اجلنسية من جانب أحد الوطنيني ،دون أن حتتفظ زوجته جبنسيتها» ،وأ هكدت املادة الثالثة
الفقرة األوىل منها على أن تقر كل دولة متعاقدة ،أن «الزوجة األجنبية ألحد الوطنيني ميكنها بناء على طلبها أن تكتسب
جنسية زوجها ،من خالل إجراءات جتنهس خاصة متميهزة ،وميكن أن خيضع منح اجلنسية مع ذلك للقيود الّت تقتضيها
مصلحة األمن الوطين العام( ،»)4وما يلفت االنتباه يف هذه االتفاقية أ هّنا وإن استبدلت مبدأ وحدة اجلنسية يف العائلة
مببدإ استقالليتها ابتداء ،هإال أ هّنا حاولت التوفيق بينهما من خالل ترك اجملال حلرية املرأة يف اختيار جنسيتها أو االحتفاظ
تعرب عن إرادهتا حّت تظل حمتفظة جبنسيتها ،ولكنهها ألزمتها التعبري عن إرادهتا
هبا ،دون دخل إلرادة أخرى .فلم تلزمها أن ه
إذا أرادت تغيري جنسيتها .فإذا رغبت عن جنسية زوجها كان هلا ذلك حتقيقا ملبدإ استقاللية اجلنسية يف العائلة ،وإن
دخلت يف جنسية زوجها وّتلهت إبرادهتا عن جنسيتها السابقة ،حت هقق مبدأ وحدة اجلنسية يف العائلة .وهناك مالحظة
أخرى على هذه االتفاقية .فهي وإن كانت قد سارت يف اجتاه ُمي ههد لتكريس مبدإ املساواة بني املرأة والرجل يف مادة
تقر مبدأ املساواة
اجلنسية ،هإال أ هّنا حت هدثت عن عدم أتثري الزواج املختلط على جنسية األجنبية املتزوجة من وطين دون أن ه
بينهما بصفة اتمة يف هذه املسألة ،كما أ هن االتفاقية تركت اجملال مفتوحا الزدواج جنسية املرأة يف كل مرة ال يكون
تقر مبدأ املساواة بني املرأة
اكتساهبا جنسية زوجها معلهقا على فقدها جنسيتها السابقة .وقد كان ال بد من اتفاقية أخرى ُّ
(- )1املواثيق الدولية حلقوق اإلنسان ،مركز دراسات حقوق اإلنسان يف مصر ،دار الطليعة للطباعة والنشر ،بريوت ،لبنان ،الطبعة األوىل ديسمرب ،1981
ص.22.
(-)2أنظر :د .مصطفى حممد مصطفى الباز :جنسية املرأة املتزوجة ،مرجع سابق ،ص.102.
(-)3انظر :ابتيفول والغارد ،مرجع سابق ،الفقرة ،126اهلامش ،45ص.147.
(-)4انظر د .أمحد عبد الكرمي سالمة :املبسوط يف شرح نظام اجلنسية ،مرجع سابق ،الفقرة ،895ص 626.و.627
71
والرجل بشكل اتم .وهذا ما حدث يف االتفاقية اخلاصة ابلقضاء على كل أشكال التفرقة والتمييز اجتاه املرأة الّت نتناوهلا
أدانه.
ب-االتفاقية اخلاصة ابلقضاء على كل أشكال التمييز ارجاه املرأة املؤرخة يف 18ديسمرب : )1(1979سبق هذه
اال تفاقية اإلعالن اخلاص ابستبعاد التمييز يف مواجهة املرأة الصادر عن اجلمعية العام لألمم املتحدة سنة ،1967حيث
نصت املادة اخلامسة منه على أن يكون للمرأة نفس حقوق الرجل يف جمال اكتساب اجلنسية وتغيريها أو االحتفاظ هبا،
وأن الزواج من أجنيب ال يرتب آاثرا تلقائية على جنسية املرأة ،وقد عهد اإلعالن إىل الدول األعضاء واملنظمات املتخصصة
واملنظمات غري احلكومية املهتمة ابملسألة أن تقدم اقرتاحاهتا لألمني العام لألمم املتحدة الّت تضمن عالنية اإلعالن ،
وكذا اإلجراءات الّت ميكن اّتاذها لتطبيق مبادئه ،على أن يقدم تقرير بذلك كل أربع سنوات عن تطبيق اإلعالن ،مث
ُخ هفضت املدة إىل سنتني .وما هو جدير ابإلشارة هنا ،هو أ هن اإلعالن السابق مل خيرج عن كونه توصية من توصيات
اجلمعية العامة .هأما االتفاقية اخلاصة ابلقضاء على كل إشكال التمييز ضد املرأة الّت حنن بصدد التطرق إليها هنا ،والّت
بدأ العمل هبا يف 09سبتمرب ،1981فقد نصت املادة التاسعة منها يف فقرهتا األوىل (/09ف )1على أن «متنح الدول
األطراف يف االتفاقية للنساء حقوقا مساوية حلقوق الرجل فيما يتعلهق ابالكتساب والتغيري واالحتفاظ ابجلنسية ،وتضمن
أي أثر تلقائي على جنسية الزوجة ،أو أن بوجه خاص هأال يرتتب عن الزواج من أجنيب ،أو تغيري جنسيته أثناء الزواج ه
يؤدي إىل أن تصبح عدمية اجلنسية أو أن تُفرض عليها جنسية زوجها» .يالحظ على هذه االتفاقية هأّنا سعت إىل تثبيت
أقرت األصل وهو عدم أتثري الزواج على اجلنسية، مبدإ املساواة بني اجلنسني يف ميدان اكتساب اجلنسية ابلزواج ،أبن ه
دون أن تغلق الباب يف وجه أحد الزوجني الكتساب جنسية الزوج اآلخر إبرادته ،وعلى قدم املساواة ،ودون تفرقة .كما
انضمت إليها الحقا .وما يُؤهكد ذلك أ هن
أ هن هذه االتفاقية تتمتهع ابلقوة امللزمة اجتاه الدول األطراف الّت وقعت عليها أو ه
الدول األطراف الّت وقعتها أو الّت انضمت إليها فيما بعد ،قد استقت أحكام تشريعاهتا يف مادة اجلنسية من املبادئ
عد جديدا جاءت الّت نصت عليها االتفاقية .ومنها مبدأ املساواة بني اجلنسني يف اكتساب اجلنسية ابلزواج ،ومبدأ آخر يُ ُّ
به االتفاقية ،نصت عليه املادة التاسعة يف فقرهتا الثانية(/9ف ،)2وهو مبدأ املساواة الكاملة بني املرأة والرجل يف نقل
اجلنسية األصلية ايل األبناء ،املبنية على أساس النسب .وقد أخذ هبا املشرع اجلزائري بعدما انضمت اجلزائر إىل االتفاقية
فتم تعديل قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر سنة 1970مبوجب األمر رقم 01-05املؤرخ 27فرباير
املذكورة سنة ،1996ه
نتبني ذلك الحقا (.)2
.2005وكان من نتيجة ذلك أن انفتح ابب ازدواج اجلنسية على مصراعيه كما ه
-3يف ظل جملس التعاون األورويب(االحتاد األورويب حاليا) :ميكن أن نقدم كأبرز مثال على املستوى اإلقليمي أو
تبىن قرارا بتاريخ 27ماي ،1977أ هكد يف على مبدإ املساواة
القاري األعمال الّت قام اجمللس األورويب ،حيث كان قد ه
القانونية بني اجلنسني يف مادة اجلنسية وأن تقبل الدول األعضاء فيه املساواة يف املعاملة بني الرجال والنساء خبصوص
انضمت إليها اجلزائر مبوجب األم رقم 03 -96املؤرخ يف 10جانفي ، 1996منشور يف اجلريدة الرمسية ،العدد 03سنة .1996 ( -)1ه
( -)2راجع أسباب ازدواج اجلنسية يف ميدان اجلنسية اجلزائرية األصلية املبنية على أساس حق الدم يف ظل األمر 01 -05املؤرخ يف 27فرباير ، 2005
رسالتنا مرجع سابق ،ص 454وما بعدها ،وراجع أيضا أسباب ازدواج اجلنسية الالحقة للميالد يف ظل نفس األمر ،نفس املرجع ،ص 520وما بعدها.
72
تبىن مبدأ استقاللية
الشروط الّت يتمكن من خالهلا أحد الزوجني أن يكتسب جنسية الزوج اآلخر ،غري أ هن اجمللس وإن ه
اجلنسية بني الزوجني حتقيقا ملبدإ املساوة ،فإنهه ابملقابل أشار يف ذات الوقت إىل أ هن وحدة اجلنسية يف العائلة الواحدة
يبقى شيئا مأموال فيه ،وملن أراد ذلك من األزواج أن تُق هدم له التهسهيالت لتحقيقه ،وأن تُتاح إمكانية اكتساب أحد
الطرفني جنسية الطرف اآلخر وفق إجراءات خاصة ومتميهزة(.)1
إ هن التم هعن يف نصوص املواثيق واالتفاقيات الّت ذكرانها أعاله ،يفضي بنا إىل استكشاف رغبتني جاحمتني ولكنههما
متناقضتني ،حتكمتا يف سلوك الدول الّت سنهت نصوصا قانونية يف مادة اجلنسية ،متماشية مع النصوص الدولية:
-الرغبة األوىل هي ه
سن قواعد تكفل مبدأ استقاللية جنسية الزوجني يف حالة الزواج املختلط حتقيقا ملبدإ املساواة بينهما،
أي طرف من طريف العالقة الزوجية.
حبيث ال تتأثهر جنسية ه
ألي من الزوجني أن يكتسب إبرادته جنسية الزوج اآلخر حتقيقا ملبدإ وحدة -الرغبة الثانية هي ترك اجملال مفتوحا ه
اجلنسية يف العائلة ،الذي ترى فيه كل دولة من الدول الغاية املرجوة يف ّناية األمر ،أل هن ذلك حي هقق االرتباط الفعلي للعائلة
ابلدولة ويؤدي إىل االستقرار واالنسجام االجتماعي القائم على متاسك األسرة يف قيهمها وانتمائها ووالئها ابعتبارها أساس
اجملتمع القوي ،واملتماسك يف الدولة.
أخريا نشري إىل أ هن مبدأ التوفيق بني مبدإِي وحدة اجلنسية واستقالليتها يف العائلة تتح هكم فيه عدة اعتبارات:
ً
االعتبار األول هو ما تقضي به األصول املثالية يف مادة اجلنسية املكتسبة من االعتداد إبرادة الفرد .فال تفرض الدولة
عمال مببدإ وحدة اجلنسية ،وإهّنا جيب أن يكون ذلك انبعا من إرادة املعين جنسيتها على من يتزوج من أحد رعاايها ً
احرتاما ملبدإ استقاللية اجلنسية بني الزوجني ،وأيضا احرتاما ملبدإ املساواة بينهما ،فال يؤثر الزواج يف اجلنسية تلقائيا وبقوة
القانون.
فإذا كانت مصلحة األسرة تقتضي أن تكون جنسية أفرادها واحدة ،فإ هن مصلحة كل طرف يف العالقة الزوجية قد
تقتضي أن يبقى مستقال جبنسيته ،فال تكون هناك رابطة بني الزواج واجلنسية أصال.
االعتبار الثاين هو مصلحة الدولة الّت تفرض عليها أن تُراعي ظروفها السكانية والسياسية واالقتصادية واالجتماعية
فتتصرف وفق ما يالئمها ،محاية ملصاحلها يف الداخل واخلارج ،فتفتح اجملال لدخول األزواج األجانب يف جنسيتها
واألمنية ،ه
إذا رأت يف ذلك مصلحة هلاُّ ،
وتسد الباب يف وجوههم إذا هقررت أ هّنم غري جديرين ابكتساب جنسيتها وأ هن دخوهلم فيها
قد يه هدد النسيج االجتماعي فيها ،ويش هكل خطرا حمدقا على أمنها واستقرارها.
االعتبار الثالث هو مصلحة الفرد ،الّت قد تقتضي أن يكتسب الزوج األجنيب جنسية دولة الزوج اآلخر إذا ما رغب يف
ذلك وإبرادته .خاصة إذا ما توفهرت عوامل ارتباطه فعليا وواقعيا بتلك الدولة عن طريق اإلقامة الدائمة يف إقليمها وتشبهعه
مبنظومة القيم السائدة فيها ،وانقطاع صلته بدولته األصلية ،فيتح هقق يف هذه احلالة مبدأ وحدة اجلنسية يف العائلة.
هأما يف حالة العكس فمن حقه أن حيتفظ جبنسية دولته ،ويف هذه احلالة يتحقق مبدأ استقالل اجلنسية بني الزوجني ،
ولكن فرضية ازدواج جنسية األطفال تكون قائمة أل هّنم قد يتمتهعون جبنسيتني أصليتني على أساس رابطة الدم من جهة
73
تتبىن معيار حق الدم كأساس ملنح اجلنسية األصلية ،أصبحت األب ،ومن جهة األم ،أل هن أغلب التشريعات املقارنة الّت ه
يف وقتنا الراهن تُسوي بني املرأة والرجل يف نقل اجلنسية إىل األبناء ،ومنها التشريع اجلزائري ،فقد أخذ مببدإ املساواة بني
املرأة والرجل يف مادة اجلنسية ،سواء يف اجلنسية اجلزائرية األصلية القائمة على أساس حق الدم أو يف اجلنسية اجلزائرية
املكتسبة ابلتجنهس وابلزواج املختلط ،ذلك ما سنعرفه عندما ندرس يف الفصل الثاين اجلنسية اجلزائرية .
رابعا-اكتساب اجلنسية ابالسرتداد:
يُقصد ابالسرتداد رجوع الفرد إىل اجلنسية الّت زالت عنه ،بعد ما كان قد فقدها إبرادته أو دون إرادته ،نتيجة اكتسابه
وسعت من نطاقه جنسية أخرى .وقد اختلفت التشريعات املقارنة يف حتديد نطاق أو جمال االسرتداد ،فالبعض منها ه
عما إذا كانت اجلنسية الّت فقدها أصلية
بغض النظر ه
حبيث يشمل اسرتداد اجلنسية الّت فقدها الفرد إبرادته أو دون إرادته ه
أو مكتسبة .غري أ هن املشرع اجلزائري كما سنرى الحقا عند دراستنا اجلنسية اجلزائرية اخلاصة ابلشخص الطبيعي قد قصر
إمكانية اسرتداد اجلنسية اجلزائرية على من كان يتمتهع هبا كجنسية أصلية فقط ،مثه فقدها إبحدى طرق الفقد املنصوص
اسرتدها وفق شروط االسرتداد املنصوص عليها يف قانون اجلنسية اجلزائرية،
عليها يف التشريع اخلاص ابجلنسية اجلزائرية ،فإذا ه
أصبح يف حكم مكتسب اجلنسية اجلزائرية .يُع هد االسرتداد إجراءً قانونيا تسمح مبقتضاه الدولة ملن فقد جنسيتها أن
يقره
يسرتدها الحقا ،إذا زال عنه السبب الذي ترتهب عنه الفقد لينضم من جديد إىل عضوية شعبها .واالسرتداد قد ه ه
القانون كحق للفرد يتح هقق له مبجرد التعبري عن رغبته يف ذلك ،فال ميكن للدولة يف هده احلالة أن حتول دون عودته إىل
جنسيتها .وقد يكون ذلك مرتوكا للسلطة التقديرية الّت تتمتهع هبا الدولة فتقبل طلب الفرد ابلرجوع إىل جنسيتها ،كما
متلك رفض طلبه رغم توفهر كافة شروط االسرتداد (.)1
ميكن ضرب املثال على ذلك ابلتشريع الفرنسي الذي استلهمت منه التشريعات العربية األحكام املتعلهقة ابالسرتداد ،
نصت على إمكانية اسرتداد اجلنسية ،حيث إذ يعترب القانون املدين الفرنسي الصادر سنة 1804من أقدم التشريعات الّت ه
يسرتدها إذا دخل إىل فرنسا برتخيص
نصت املادة 18منه على أن « ميكن دائما للفرنسي الذي فقد الصفة الفرنسية أن ه ه
مصرحا برغبة اإلقامة فيها ،على أن يتخلهى عن كل ما من شأنه أن يتعارض مع القانون الفرنسي » .هأما
من احلكومة ،ه
ترملت تسرتد املرأة الفرنسية الّت تزوجت أجنبيا وتبعته يف حالته صفتها الفرنسية إذا ه
املادة 19منه فقد نصت على أن « ه
وصرحت عن رغبتها يف اإلقامة الدائمة
بشرط أن تكون مقيمة يف فرنسا أو دخلت إليها برتخيص من احلكومة ،ه
()2
نصت املادة 24فيها» .هأما قانون اجلنسية الفرنسية احلايل امل درج يف منت القانون املدين الفرنسي الساري حاليا فقد ه
منه على أ هن « إعادة اإلدماج يف اجلنسية الفرنسية La réintégration dans la nationalité Françaiseابلنسبة
يتم مبرسوم أو بتصريح حسب احلاالت أدانه»(.)3ميهزت هذه املادة
لألشخاص الذين كانوا حائزين على الصفة الفرنسية ه
بني االسرتداد مبرسوم أو بتصريح بسيط .
( -)1د .فؤاد عبد املنعم رايض :أصول اجلنسية ...مرجع سابق ،الفقرة ، 314ص .346
( -)2القانون املدين للفرنسيني الذكرى املئوية الثانية ،مرجع سابق ،ص .6
( -)3القانون املدين الفرنسي ،مرجع سابق ،ص .114
74
نصت عليه 1-24من القانون املدين الفرنسي حيث قضت على أن «ميكن أن يتم االسرتداد هأما االسرتداد مبرسوم فقد ه
يف كل مراحل العمر ودون شرط التجربة .ما عدا ذلك فهو خيضع إىل شروط وقواعد التجنهس» .فقد اعترب املشرع
االسرتداد يف هذه احلالة جتنهسا ،ممها يعين أ هن صاحبه خيضع للتحقيقات املعمول هبا يف جمال التجنهس ،ولكن شروط التجنهس
تعرضهنا خم هففة وأقل صرامة .من هذه الشروط شرط إقامة املعين يف فرنسا وقت التوقيع على املرسوم ،و هأال يكون قد ه
يتم التأكد من شروط اندماجه جم هددا يف اجملتمع الفرنسي.للطرد منها أو ُوضع حتت اإلقامة اجلربية وأن ه
خيص األشخاص الذين فقدوا جنسيتهم الفرنسية بسبب الزواج من أجنيب ،أو بسبب هأما االسرتداد بتصريح بسيط فهو ُّ
تطرقت إليه املادة 2-24من نفس القانون ،حيث نصت على إمكانية اكتساهبم جنسية أجنبية مببادرة منهم ،فقد ه
اسرتدادها ابكتتاب تصريح يف فرنسا أو يف اخلارج وفق أحكام املاد 26وما بعدها من نفس القانون ،ولكن بشرط هأال
يسرتد اجلنسية
يكون االسرتداد متعارضا مع أحكام املادة ، 27-21الّت قضت على أن « ال ميكن مطلقا...أن ه
الفرنسية م ن صدرت يف حقه إدانة من أجل جرائم تُع هد جناية أو جنحة تشكل مساسا ابملصاحل اجلوهرية لألمة ،أو قام
بعمل إرهايب مهما كان ،يرتتهب عنه إدانة ابلسجن تساوي أو تزيد على ستة أشهر ...أو صدر يف حقه قرار بطرده من
فرنسا مل يتم أتجيله أو إلغاؤه ...أو صدر قرار منعه من اإلقليم الفرنسي ،ولو مل يتم تنفيذه ،وأيضا كل من أقام يف فرنسا
بطريقة غري نظامية خالفا لنصوص االتفاقيات املتعلهقة إبقامة األجانب».
رتهب املشرع الفرنسي على االسرتداد آاثرا قانونية متتد إىل األوالد القصر ،فقد نصت املادة 3-24من القانون املدين
على أ هن االسرتداد مبرسوم أو بتصريح يُنتج آاثره يف مواجهة األطفال الذين تقل أعمارهم عن مثان عشرة( )18سنة وفق
الشروط املنصوص عليها يف املادتني 1-22و 2-22من نفس القانون .ففي هذا السياق نصت املادة 1-22على أ هن
«الطفل القاصر ،سواء كان شرعيا ،طبيعيا ،أو مته تبنهيه تبنه يًا كامال ،الذي اكتسب أحد أبويه اجلنسية الفرنسية يصبح
فرنسيا بقوة القانون إذا كانت له إقامة معتادة معه ،أو يقيم بصفة متناوبة معه يف حالة االنفصال بني األبوين ،أو الطالق
نصت على أن «ال تنطبق أحكام املادة السابقة على الطفل القاصر املتزوج».
بينهما » .غري أ هن املادة 2-22ه
يفرقون بني االسرتداد La réintégrationوالردشراح القانون الدويل اخلاص ه
ال يفوتنا أن نشري هنا إىل أ هن كثريا من ه
Restitutionفيقصرون اصطالح الرد على احلاالت الّت يكون فيها الشخص فقد جنسيته على سبيل العقاب بسحبها
منه أو جتريده منها ،أو إسقاطها عنه ،بينما ينصرف مصطلح االسرتداد إىل احلاالت الّت يكون فيها الشخص قد فقد
جنسيته إبرادته ،او لغري ذلك من األسباب (.)1
إ هن االسرتداد كمبدإ أجازته أغلب التشريعات اخلاصة ابجلنسية يف خمتلف الدول غري إ هّنا ّتتلف يف طريقة تطبيقه ،فقد
يتحقق تطبيقه بقوة القانون عندما يكون حقا للفرد ،فال ميكن للدولة يف هذه احلالة أن حتول بني الفرد وعودته إىل
جنسيتها .وقد يكون مرتوكا إلرادة الدولة وسلطتها التقديرية ،الّت متلك حق السماح للفرد ابسرتداد اجلنسية الّت فقدها،
حّت لو توفهرت كافة الشروط الالزمة لذلك ( .)2وقد أقر املشرع اجلزائري إمكانية
كما متلك حق رفض طلب االسرتداد ه
(-)1د.جمد الدين طاهر خرب وط :مشكلة تعدد اجلنسيات ،رسالة دكتوراه كلية احلقوق ،جامعة عني الشمس القاهرة ،1997ص85.و.86
(-)2د.فؤاد عبداملنعم ري اض :أصول اجلنسية ،مرجع سابق ،ص.346
75
اسرتداد اجلنسية اجلزائرية لِمن فقدها كجنسية جزائرية أصلية ،وعلهق اإلمكانية على إرادة الفرد من جهة ،وإرادة الدولة
من جهة أخرى ،فجعل االسرتداد ممكنا عندما يرغب الفرد يف ذلك ،لكنهه ترك تقدير ذلك للسلطة العامة يف الدولة ،فإن
شاءت وافقت عل االسرتداد مّت توفهرت شروطه ،وإن أبت رفضته رغم توفهر مجيع شروطه .نؤجل حبث هذه املسألة إىل
حني دراستنا املفصلة لالسرتداد كطريقة من طرق اكتساب اجلنسية اجلزائرية يف الفصل الثاين.
خامسا-اكتساب اجلنسية بضم اإلقليم:
يُقصد بضم اإلقليم أن تقوم دولة ما غالبة بضم إقليم أو جزء من إقليم دولة أخرى مغلوبة إىل إقليمها .ويسلم فقهاء
الضم يؤدي إىل تغيري السيادة على اإلقليم املضموم .غري أ هن القول أب هن ضم دولة جلزء من إقليم دولة
القانون الدويل أ هن ه
أخرى أو ضم اإلقليم كله إىل إقليمها يؤدي إىل اكتساب سكان اإلقليم املضموم جنسية الدولة الضامة ،قول ينطوي على
مآخذ كثرية وعلى سوء يف التقدير ،أل هن مسألة الضم وما يتمخض عنه من نتائج-حسب تقديران-تتح هكم فيه عوامل
ومعطيات خمتلفة ،منها الوضع التارخيي لإلقليم واملوقع اجلغرايف له ،واإلطار احلضاري والديين لسكانه .فما ينطبق على
ضم إقليم دولة أوروبية مسيحية من مثيلتها يف أورواب ال ينطبق على ضم إقليم دولة تنتمي إىل العامل اإلسالمي إىل إقليم
حتركه
دولة أوروبية مسيحية .ففي املثال األول غالبا ما يتم الضم نتيجة صراع دول هلا حضارة ومدنية واحدة مشرتكة ه
توجهات سياسية معينة .وهكذا وجدان يف مرحلة اترخيية من هذاالرغبة يف االستحواذ على أسباب القوة والسيطرة وفرض ه
ض هم إىل دولة محل
الصراع بولونيا مثال مقسمة إىل عدة أجزاء ُوزعت على عدة دول أوروبية مسيحية ،كل جزء منها ُ
سكانه جنسية تلك الدولة ،ومثل هذا الضم ال يثري أي مشكلة ابلنسبة للجنسية بسبب االشرتاك يف العقيدة الدينية
واالنتماء إىل القارة األوروبية ،وإن كان فيه غنب وظلم ،أل هن األمة الواحدة ُجهزئت إىل عدة أجزاء ،ومثل هذا الوضع ال
ميكن إسقاطه على حالة ضم إقليم دولة مسلمة إىل إقليم دولة أوروبية مسيحية ،أل هن الضم يف هذه احلالة خيتلف يف
غاايته وأهدافه وجوهره ،أل هن إطاره هو إطار حضاري ديين ابلدرجة األوىل ،فالضم هنا يعين انتصار حضارة ومدنية–
ولو مؤقتا–على حضارة ومدنية أخرى ،فال ميكن القول أنهه يف هذه احلالة ينتج كل آاثره ابلنسبة جلنسية السكان األصليني
يف اإلقليم املضموم ،وال ميكن أن يكون سببا يف اكتساب السكان األصليني املسلمني يف اإلقليم املضموم جنسية الدولة
الضامة ،أل هن واقع الظاهرة االستعمارية األوروبية املسيحية الّت عانت منها بالد اإلسالم يؤكد ما ذهبنا إليه آنفا ،وخري
برمته إىل فرنسا بعد احتالهلا اجلزائر ابلقوة سنة ، 1830حيث مل
مثال ميكن أن نضربه على ذلك ،ضم اإلقليم اجلزائري ه
يرتتب مع الضم اكتساب اجلزائريني اجلنسية الفرنسية بسبب التنافر الديين واحلضاري وبسبب الظاهرة االستعمارية نفسها
القائمة على القوة واإلكراه ،وهضم حقوق الغري ( ،)1فالقول أب هن الضم هو وسيلة من وسائل اكتساب سكان اإلقليم
املضموم ،جنسية الدولة الضامة ،قول مردود عليه إذا تعلهق األمر مبجتمعات هلا مدنيات خمتلفة يف جوهرها احلضاري
والديين ،وإهّنا ذلك القول هو من نتائج أساطني الفكر االجتماعي والسياسي والقانوين االستعماري وجهابذته ومنظريه،
املطبوع ابلنظرة االستعالئية ،إلعطاء الشرعية القانونية الدولية للظاهرة االستعمارية .وما يؤسف له أ هن رجال الفكر
القانوين يف العامل العريب واإلسالمي ينقلون إلينا تلك األفكار األجنبية وكأ هّنا مسلمات جيب علينا اتهباعها ،لذلك كان
( -)1راجع املركز القانوين للجزائريني خالل احلقبة االستعمارية الفرنسية ،رسالتنا ،مرجع سابق ،ص 231وما بعدها .
76
طرحهم انعكاسا لطروحات الفقه القانوين يف الغرب املسيحي .وعلى أي حال ميكننا أن نوجز أهم ما ورد من آراء فقهية
يف هدا املضمار فيما يلي:
ض هم إقليمها سيادهتا
-يرى الفقه القانوين الغريب أ هن ضم إقليم دولة إىل إقليم دولة ض اما كليا يؤدي إىل فقد الدولة الّت ُ
عليه وعلى سكانه ،وابلتايل تزول هذه الدولة وتفىن جنسيتها معها ،ويكتسب رعاايها جنسية الدولة الضامة .ففي هذه
احلالة ال تطرح إشكالية خاصة ابجلنسية ( .)1ويف تقديران أ هن هذا قد يكون صحيحا ابلنسبة للمجتمعات الّت تكون هلا
نفس املنابع احلضارية والدينية ،ولكن ال ينطبق على اجملتمعات الّت ّتتلف حضاراي ودينيا ،كما سبق أن أوضحنا فيما
سلف .ذلك أ هن اجلنسية ليست انتماء ماداي ألجساد بشرية إىل كيان جمرد امسه الدولة وإ ّّنا هي انتماء روحي
جيسده اإلحساس والشعور الوجداين ابالنـتماء االجتماعي والسياسي والقانوين إىل كيان له هويته
وفكري ووجداين ّ
الدينية واحلضارية .فزوال هذا الكيان قسرا وابلقوة ال يقضي على الروح الكامنة املسترتة يف النفوس ،الّت تكون حافزا
للشعوب الّت ُسلبت منها دولتها وجنسيتها من أجل التحرر واالنعتاق عندما حتني الفرصة املناسبة لذلك ،وخري مثال
يضرب يف هذا الشأن كفاح الشعب اجلزائري ضد املستعمر الفرنسي.
انضمت دولتان إىل بعضهما البعض إبرادت يهما ،وهذا ما حيدث غالبا مع الشعوب والقوميات الّت -هأما إذا حدث أن ه
مزقتها احلروب واأليديولوجيات ،كما هو الشأن ابلنسبة ألملانيا بعد احلرب العاملية الثانية ،الّت انشطرت إىل دولتني بسبب
ه
االن هزام يف احلرب وبروز الصراع األيديولوجي بني املعسكر الشيوعي بقيادة االحتاد السوفيايت ،واملعسكر الرأمسايل بقيادة
الوالايت املتحدة األمريكية ،فبمجرد ما إن هار األساس االيديولوجي الذي قام عليه التقسيم بني املنتصرين ،اندجمت
الدولتان يف دولة واحدة .فمثل هذا االندماج ال يثري إشكالية ابلنسبة للجنسية ألنهه حيقق األمنية يف الوحدة على أساس
قومي .بل إ هن الضم الذي يقوم على القوة واإلكراه غالبا ما يؤدي إىل انفصال األقاليم الّت تقطنها الشعوب والقوميات
عن الدولة الضامة ،واالستقالل عنها بدوهلا وجنسيتها ،وخري مثال يُضرب على ذلك انفصال الشعوب والقوميات الّت
كانت تدخل يف تركيبة دولة االحتاد السوفيات ي.
ض هم جزء من إقليم دولة اىل إقليم دولة أخرى ،فإ هن الفقهاء يرون أ هن املسألة قد تدق يف هذه احلالة،
-هأما إذا حدث أن ُ
أل هن الدولة الّت أنتُ ِزع منها جزء من إقليمها تبقى قائمة وكذلك جنسيتها ،فال ميكن اجلزم حبلول جنسية الدولة الضامة
حمل جنسية الدولة الّت فقدت جزءًا من إقليمها بصفة آلية ،ولكن يف ذات الوقت ال ميكن للدولة هاال تفرض جنسيتها
على سكان اإلقليم املضموم الذي أصبح جزءا من إقليمها أل هن سيادة الدولة عينية (إقليمية) وشخصية يف آن واحد(.)2فال
يتصور حسب هدا املنظور أن تكتفي الدولة الضامة بسيادة إقليمية فقط ،دون أن أتخذ يف اعتبارها التبعية السياسية
ضم جزء من إقليم
يقر ه
لسكان اإلقليم املضموم ،لكن هذا القول مردود عليه ،ألنهه يتعارض مع القانون الدويل الذي ال ه
دولة إىل إقليم دولة أخري ابلقوة .والسؤال الذي جيب طرحه هو ماهي املعايري املعتمدة من قبل الدولة الضامة إلدخال
( -)1راجع يف نفس املعىن د .فؤاد عبد املنعم ري اض :أصول اجلنسية ،مرجع سابق ،الفقرة ، 73ص .213
( -)2أنظر د .فؤاد عبد النعم رايض ،نفس املرجع السابق - .وأيضا د .عزالدين عبد هللا ،مرجع سابق ،ص .213
77
سكان اإلقليم املضموم يف جنسيتها؟ ،يرى الفقه الدويل إجاب ًة عن هذا السؤال أ هن االتفاقيات الدولية وكذا املمارسة الدولية
جرت على إعمال املعايري التالية:
-املعيار األول :أن متنح الدولة الضامة جنسيتها لسكان اإلقليم املضموم جتنهبا النعدام اجلنسية ( .)1أل هّنم أصبحوا بعد
الضم خاضعني لسيادة الدولة الضامة ،وسيادهتا تكون عينية وشخصية يف آن واحد ( ،)2ويرى البعض أ هن منح جنسية
الدولة الضامة يقتصر على من ُولد على اإلقليم املضموم ،هأما البقية فيظلون حمتفظني جبنسيتهم األصلية (.)3
-املعيار الثاين :يكتسب جنسية الدولة الضامة كل من توطهن اإلقليم املضموم وقت ضمه .وعلى هذا ال يكون أي أتثري
للضم على جنسية من غادر اإلقليم قبل نفاذ الضم (.)4
-املعيار الثالث :يشرتط يف من يكتسب جنسية الدولة الضامة أن يكون قد ُولِد على اإلقليم املضموم ومتوطنا فيه (.)5
-املعيار الرابع :يكتسب جنسية الدولة الضامة كل شخص كان متوطنا أو مولودا يف اإلقليم املضموم ،وعلى هذا يدخل
يف جنسيتها مجيع السكان املتوطنني ابإلقليم وقت ضمه ،كما يكتسب جنسيتها كل من ُولد على اإلقليم املضموم ولو
كان غري مستقر فيه وقت حدوث الضم ( .)6ولكن هذه املعايري قد تصدق عندما تضم أجزاء من أقاليم دول لتصبح
أجزاءً من أقاليم دول أخرى ،هأما إذا مت ضم اإلقليم برمته عن طريق القوة واإلكراه فإ هن األمر خيتلف متاما .واملثال على
ذلك أ هن فرنسا اال ستعمارية قد ضمت اإلقليم اجلزائري برمته دون يكتسب اجلزائريون اجلنسية الفرنسية ،ألنههم رفضوها
وهي مل تشأ أن متنحهم جنسيتها بسبب التعارض الديين واحلضاري (.)7
78
الفصل الثاين
اجلنسية اجلزائرية اخلاصة ابلشذص الطبيعي
اجلنسية القانونية اخلاصة ابلفرد هإما أن تكون جنسية أصلية أو جنسية مكتسبة .اختلفت الدول يف املعيار الذي اعتمدته
كأساس ملنح جنسيتها األصلية للفرد .فمنها من اعتمدت معيار حق الدم jus sanguinisكأساس ملنح جنسيتها
آخذة بعني االعتبار ركن الشعب ،أي عنصر االنسان .ومنها من اعتمدت معيار حق اإلقليم jus soliكأساس ملنح
جنسيتها األصليهة ،آخذة بعني االعتبار ركن اإلقليم.
لكن الدول الّت تبنهت أحد املعيارين كقاعدة عامة ملنح جنسيتها األصلية ،فسحت اجملال لتطبيق املعيار اآلخر كاستثناء
من القاعدة العامة .واجلنسية األصلية يقصد هبا اجلنسية اليت متنحها الدولة للفرد منذ حلظة ميالده.
أما اجلنسية املكتسبة فهي اجلنسية اليت يكتسبها الفرد يف اتريخ الحق على ميالده ،وهناك ع هدة طرق الكتساب
اجلنسية ،وِمن أهم الطرق الشائعة الكتساب ها هي :اكتساب ها ابمليالد على إقليم الدولة واإلقامة فيها ،واكتساب ها ابلتجنس
العادي واالستثنائي ،واكتساب ها ابلزواج املختلط ،وابالسرتداد.
مبا أنهنا بصدد دراسة اجلنسية اجلزائرية اخلاصة ابلفرد ،ألنهنا كنها قد درسنا اجلنسية اجلزائرية اخلاصة ابلشخص االعتباري
عندما درسنا عناصر اجلنسية القانونية فيما سلف ،فإنهنا نق هدم هنا تعريف اجلنسية اجلزائرية اخلاصة ابلفرد ،فنقول :إ ّن
اجلنسية اجلزائرية اخلاصة ابلفرد هي انتماء فرد ما اجتماعيا سياسيا وقانونيا إىل الدولة اجلزائرية فيصري عضوا يف
شعبها أي وطنيّا هلا.
واجلنسية اجلزائرية كغريها من اجلنسيات يف التشريعات املقارنة ،هإما أن تكون جنسية أصلية (املبحث األول) أو جنسية
مكتسبة (املبحث الثاين).
املبحث األول
اجلنسية جلزائرية األصلية.
بناها املشرع اجلزائري أصال على أساس النسب أو حق الدم (املطلب األول) واستثناءً على أساس حق اإلقليم
(املطلب الثاين).
املطلب األول
اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس النسب أو حق الدم.
نتطرق ابختصار إىل اجلنسية اجلزائرية األصلية املبنية على أساس النسب يف ظل قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر سنة
( 1963الفرع األول) مث يف ظل قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر يف 15ديسمرب 1970قبل تعديله (الفرع الثاين) مث
79
نتناول ابلدراسة اجلنسية اجلزائرية األصلية املبنية على أساس حق الدم يف ظل قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة 1970بعد
تعديله (الفرع الثالث).
الفرع األول ـ ـ ـ اجلنسية اجلزائرية األصلية ابلنسب يف ظل قانون سنة :1963
نصت املادة اخلامسة ( )5من هذا القانون على أن« :يعترب من اجلنسية اجلزائرية ابلنسب:
1الولد املولود من أب جزائري
2الولد املولود من أم جزائرية وأب جمهول».
لكل ولد احندر بنسبه من أب جزائري (املادة .)1/5
يتبني من هذا النص أن اجلنسية اجلزائرية األصلية ابلنسب متنح ه
ه
لكل ولد احندر بنسبه من جهة هأم جزائرية يف حالة واحدة هي عندما يكون الولد جمهول األب كما يبدو
ومتنح استثناءً ه
حّت ال يكون عدمي اجلنسيهة.
من نص(املادة ،)2/5وذلك عندما يتع هذر منحها له ابلنهسب من جهة األب اجلزائري ه
ظل قانون 1970قبل تعديله:
الفرع الثاين-اجلنسية اجلزائرية األصلية ابلنسب يف ّ
نصت املادة السادسة ( )6من قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر يف 1970/12/15على أن« :يعترب من اجلنسية اجلزائرية
ابلنسب:
1الولد املولود من أب جزائري،
2الولد املولود من أم جزائرية وأب جمهول،
3الولد املولود من أم جزائرية وأب عدمي اجلنسية».
لكل ولد احندر بنسبه من أب جزائري (املادة .)1/6
حسب نص هذه املادة متنح اجلنسية األصلية ابلنسب أصال ه
األم اجلزائريهة ،عندما يتع هذر منحها ابلنهسب من جهة األب اجلزائري وذلك يف
ومتنح استثناءً على أساس النهسب من جهة ه
حالتني مها ،حالة كون الولد جمهول األب (املادة ،)2/6وحالة كون أب الولد عدمي اجلنسيهة (املادة .)3/ 6واحلكمة من
ذلك حّت ال يكون الولد عدمي اجلنسية.
الفرع الثالث ـ ـ اجلنسية اجلزائرية األصلية حبق الدم يف ظل قانون سنة 1970بعد تعديله:
املتمم ابألمر 01 05املؤرخ يف
نصت املادة السادسة( )6من قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر سنة 1970املع هدل و ه
2005/02/27على أن« :يعترب جزائراي الولد املولود من أب جزائري أو هأم جزائرية».
نص هذه املادة ما يلي:
يُالحظ على ه
أ هن املشرع اجلزائري قد حذف كلمة «النّسب» الّت كان ه
ينص عليها يف قانون اجلنسية الصادر يف 27مارس 1963
حق الدم كأساس ملنح اجلنسية األصلية
تبىن معيار ه
وقانون اجلنسية الصادر يف 15ديسمرب 1970قبل تعديله ،وكأنهه قد ه
مصور يف القانون الوضعي.
مبفهومه الكامل ،كما هو ه
أنهه قد أخذ يف هذه املادة مببدإ املساواة بني األب واألم اجلزائريني يف نقل اجلنسية اجلزائرية األصلية املبنية على حق الدم
إىل األبناء دون متييز بينهما ،وهو املبدأ الذي نصت عليه املادة /9ف 2من االتفاقية الدولية اخلاصة ابلقضاء على مجيع
أشكال التمييز ضد املرأة املؤرخة يف .1979/12/18
80
بناءً على ما سبق ،فكل ولد يولد من أب جزائري أو أم جزائرية يتمتع ابجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق الدم
من جهة األب اجلزائري ،أو من جهة األم اجلزائرية ،بغض النظر عن املكان الذي ُولد فيه الولد أهو يف اجلزائر أم خارجها.
أبي قيد كان ،مما يؤدي إىل استفحال ظاهرة ازدواج
أنهه أخذ مببدإ املساواة بني اجلنسني على إطالقه دون أن يقيهده ه
اجلنسية أو تع ّددها بشكل غري مسبوق إذ يرتتب عنه أن حيمل اجلنسية اجلزائرية األصلية القائمة على أساس حق الدم
ودب.
هب ه
كل من ه
املطلب الثاين
اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم
نتناول هنا أيضا اجلنسية اجلزائرية األصلية املبنية على أساس حق اإلقليم يف ظل قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة 1963وذلك
يف (الفرع األول) ويف ظل قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة 1970قبل تعديله (الفرع الثاين) ويف ظل قانون اجلنسية اجلزائرية
لسنة 1970بعد تعديله (الفرع الثالث).
الفرع األول -اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم يف ظل قانون :1963
نصت على ذلك املادة السادسة( )6من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ،1963حيث جاء فيها« :يعترب من اجلنسية
ه
ابلوالدة يف اجلزائر:
1الولد املولود يف اجلزائر من هأم جزائرية وأب عدمي اجلنسية.
2الولد املولود يف اجلزائر من أبوين جمهولني.
غري أن الولد املولود يف اجلزائر من أبوين جمهولني يع هد كأنهه مل يكن جزائراي قط إذا ثبت خالل قصوره ،انتسابه إىل أجنيب
وكان ينتمي إىل جنسية هذا األجنيب وفقا لقانون جنسية هذا األخري.
إ هن الولد احلديث الوالدة الذي عثر عليه يف اجلزائر يع هد مولودا فيها مامل يثبت خالف ذلك.
3الولد املولود يف اجلزائر من هأم جزائرية ومن أب أجنيب هو نفسه مولود يف اجلزائر إاله إذا رفض اجلنسية اجلزائرية خالل
سن الرشد».
السنتني السابقتني على بلوغه ه
نصت
قبل أن نشرح نص هذه املادة ابختصار ،نذ هكر أ هن املادة الرابعة من قانون اجلنسية اجلزائرية الذي حنن بصدده ،قد ه
على ما يلي« :يقصد بعبارة "يف اجلزائر" جمموع الرتاب اجلزائري واملياه اإلقليمية اجلزائرية والسفن والطائرات اجلزائرية»
ومعناها أ هن كل من يولد على جمموع الرتاب اجلزائري والسفن والطائرات اجلزائرية متنح له اجلنسية اجلزائرية األصلية على
أساس حق اإلقليم.
تضمنت ثالث حاالت متنح فيها اجلنسية اجلزائرية األصلية
أتملنا نص املادة السادسة من القانون املعين ،جندها قد ه
إذا ه
على أساس حق اإلقليم هي:
احلالة األوىل (املادة :)1/6هي الولد املولود يف اجلزائر من ّأم جزائرية وأب عدمي اجلنسية:
متنح له اجلنسية اجلزائرية على أساس حق اإلقليم ،إذا توفهرت فيه الشروط اآلتية:
81
1أن يولد الولد يف اجلزائر مبفهوم املادة الرابعة الّت ذكرانها أعاله.
عما إذا كانت جنسيتها
بغض النظر ه
2أن ينحدر بنسبه من أم جزائرية ،مبعىن تكون حاملة اجلنسية اجلزائرية حلظة ميالده ،ه
اجلزائرية أصلية أم مكتسبة ،فال تكفي واقعة ميالد الولد على اإلقليم اجلزائري وحدها لكي متنح له اجلنسية اجلزائرية األصلية
على أساس حق اإلقليم ،بل البهد أن تقرتن ابلنهسب من جهة هأمه اجلزائرية.
3أن يكون أبوه حلظة ميالده عدمي اجلنسية .إذا توفهرت هذه الشروط الثالثة متنح له اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس
حق اإلقليم ،حّت ال يكون عدمي اجلنسية.
احلالة الثانية :هي حالة الولد املولود يف اجلزائر من أبوين جمهولني (املادة :)2/6
يتبني من نص املادة ،2/6أ هن الولد املولود من أبوين جمهولني أيخذ وضعيتني اثنتني:
ه
تدل على أ هن
يستدل عليها من عبارة «الولد املولود يف اجلزائر من أبوين جمهولني» .فهذه العبارة ه
ه أ ـ ـ الوضعية األوىل:
تضعهن أمهاهتم يف املستشفيات والعيادات ويف
ه الزمان ،وهي حالة األوالد الذين واقعة امليالد يف اجلزائر اثبتة يف املكان و ه
كل مكان تكون فيه واقعة امليالد يف اجلزائر اثبتة يف الزمان واملكان.
ب ـ ـ الوضعية الثانية :هي الّت نصت عليها املادة ،2 /6الشطر األخري منها ،وهي وضعية الولد احلديث الوالدة الذي
يُعثر عليه يف اجلزائر يع هد مولودا فيها مامل يثبت خالف ذلك .وهذه هي وضعية اللقيط الذي تع هد واقعة ميالده يف اجلزائر
مفرتضة ،قابلة إلثبات العكس .كالمها متنح له اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم.
غري أ هن الولد اجملهول األبوين الذي ولد يف اجلزائر ،سواء كانت واقعة ميالده يف اجلزائر اثبتة أم مفرتضه ،يفقد اجلنسية
اجلزائرية املبنية على حق اإلقليم إذا توفهرت فيه شروط الفقد املنصوص عليها يف الفقرة الثانية من البند .2وهي:
1أن يظهر أجنيب ي هدعي نسب الولد إليه.
2أن يكون الولد مازال قاصرا وقت هادعاء النسب.
3أن يثبت نسب الولد إىل األجنيب م هدعي النسب.
4أن يكون قانون جنسية األجنيب الذي ثبت نسب الولد إليه مينح اجلنسية هلذا الولد على أساس حق الدم.
إذا توفهرت هذه الشروط يفقد الولد اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم تلقائيا كأنهه مل يكن قد متتهع هبا
ط ،واحلكمة من هذا الفقد الذي يع هد فقدا غري إرادي ،تكمن يف الوقاية من ظاهرة ازدواجية اجلنسية ،ال هن علهة منحه قه
اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم قد زالت بتمتهعه جبنسية دولة أجنبية.
احلالة الثالثة (املادة :)3/6هي حالة «الولد املولود يف اجل زائر( )1من هأم جزائرية ومن أب أجنيب هو نفسه مولود يف
الرشد» . اجلزائر إاله إذا رفض اجلنسية اجلزائرية خالل السنتني السابقتني على بلوغه سن ه
يتجلهى من هذا النص أ هن اجلنسية اجلزائرية األصلية القائمة على أساس حق اإلقليم متنح ملن هذه حالته ،إذا توفهرت فيه
الشروط األتية:
1أن يولد الولد يف اجلزائر ،أي على اإلقليم اجلزائري مبفهوم املادة 4من هذا القانون.
(-)1نصت املادة 4من قانون لسنة 1963على أن يفهم من عبارة "يف اجلزائر" جمموع الرتاب الوطين واملياه اإلقليمية اجلزائرية والسفن والطائرات اجلزائرية.
82
يسمى ابمليالد املضاعف ( )1وذلك أل هن الولد وأابه
2أن يكون أبوه األجنيب هو نفسه مولودا يف اجلزائر ،وهذا ما ّ
األجنيب مولودان يف اجلزائر.
3أن تكون هأمه حاملة اجلنسية اجلزائرية وقت ميالد الولد.
4أاله يرفض الولد اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم خالل السنتني السابقتني لبلوغه سن الرشد .مع
العلم أن سن الرشد كانت تق هدر يف ظل هذا القانون بواحد وعشرين ( )21سنة .فإذا توفهرت هذه الشروط يف الولد الذي
هذه هي حالته متتهع ابجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم (.)2
ظل قانون 1970قبل تعديله:الفرع الثاين :اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم يف ّ
السابعة ( )7من قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر يف 15ديسمرب 1970قبل تعديله ،حيث جاء نصت على ذلك املادة ه
فيها ما يلي« :يعترب من اجلنسية اجلزائرية ابلوالدة يف اجلزائر:
1الولد املولود يف اجلزائر من أبوين جمهولني.
غري أ هن الولد املولود يف اجلزائر من أبوين جمهولني يع هد كأنهه مل يكن جزائراي قط إذا ثبت خالل قصوره انتسابُه إىل أجنيب
وكان ينتمي إىل جنسية هذا األجنيب وفقا لقانون جنسية هذا األخري.
إ هن الولد احلديث الوالدة الذي عثر عليه يف اجلزائر يع هد مولودا فيها مامل يثبت خالف ذلك.
2الولد املولود يف اجلزائر من أم جزائرية ومن أب أجنيب هو نفسه مولود يف اجلزائر إاله إذا رفض اجلنسية اجلزائرية يف أجل
سن الرشد».
عام قبل بلوغه ه
تضمنت حالتني متنح فيهما اجلنسية اجلزائرية على أساس حق اإلقليم مها:
هذه املادة ه
نص املادة 2/6من احلالة األوىل (املادة :)1/7هي حالة الولد املولود يف اجلزائر من أبوين جمهولني .و ه
نصها متطابق مع ه
قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ،1963الّت شرحناها سابقا ،ممها يغنينا عن إعادة الشرح هنا.
احلالة الثانية (املادة :)2/7هي حالة الولد املولود يف اجلزائر من أم جزائرية وأب أجنيب هو نفسه مولود يف اجلزائر .ه
نصها
متطابق مع نص املادة 3/6من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ،1963وال خيتلف عنه إاله يف جزئية واحدة ،وهي :أاله
سن الرشد بدال من خالل سنتني قبل بلوغه سن الرشد يف قانون .1963
يرفض اجلنسية اجلزائرية خالل سنة قبل بلوغه ه
الفرع الثالث ـ ـ اجلنسية اجلزائرية االصلية على أساس حق اإلقليم يف ظل قانون 1970بعد تعديله:
املتمم ابألمر رقم 01-05املؤرخ يف 27
نصت املادة 7من قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر يف 1970/12/15املع هدل و ه
فرباير 2005على أن« :يعترب من اجلنسية اجلزائرية ابلوالدة يف اجلزائر:
-1الولد املولود يف اجلزائر من أبوين جمهولني.
(– )1نص على فكرة امليالد املضاعف ألول مرة قانون اجلنسية الفرنسية املؤرخ يف 26جواان .1889للمزيد من االطالع راجع :مسألة جتنس األجانب من
األوروبيني الذين استوطنوا اجلزائر ،رسالتنا ،مرجع سابق ،ص 282وما بعدها.
( – )2راجع الشرح املستفيض لنص املادة 6من قانون اجلنسية لسنة ،1963رسالتنا ،مرجع سابق ،ص 462وما بعدها.
83
غري أ هن الولد املولود من أبوين جمهولني يع هد كأنهه مل يكن جزائراي قط إذا ثبت خالل قصوره ،انتسابُه إىل أجنيب أو أجنبية
وكان ينتمي إىل جنسية هذا األجنيب أو هذه األجنبية وفقا لقانون جنسية أحدمها.
إ هن الولد احلديث الوالدة الذي عثر عليه يف اجلزائر يع هد مولودا فيها مامل يثبت خالف ذلك.
مسماة يف شهادة ميالده دون بياانت أخرى متكن من إثبات جنسيتها».
-2الولد املولود يف اجلزائر من أب جمهول وأم ه
تضمنت حالتني يتمتهع فيهما الولد املولود يف اجلزائر ابجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم مها:
هذه املادة ه
احلالة األوىل (املادة :)1/7هي حالة الولد املولود يف اجلزائر)( 1من أبوين جمهولني.
نالحظ أن نص املادة 1/7من األمر 01-05املع هدل واملت همم لقانون اجلنسية الساري حاليا ،يتطابق يف مضمونه من
النصني الواردين :يف نص املادة 2/6من قانون اجلنسية لسنة ،1963ويف نص املادة 1/7من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة
ه
الشكلية ،أخدت طابعا توضيحيا أو تفسرياي ،أُريد من 1970قبل تعديله .فهو ال خيتلف عنهما إاله يف بعض اجلزئيات ه
املشرع اجلزائري يف
خالهلا التأكيد على مبدإ املساواة بني األب واألم يف نقل اجلنسية إىل األبناء .وهو مبدأ دويل أخذ به ه
يتبني من النص السابق ،الذي ذكر فيه أن الولد جمهول األبوين ،الذي ولد يف
األمر 01-05املشار إليه سابقا .هذا ما ه
اجلزائر يفقد اجلنسية اجلزائريهة األصلية ،الّت متتهع هبا على أساس حق اإلقليم ،إذا ثبت انتسابه أثناء قصره إىل أجنيب أو
أجنبية ،وكان ينتمي إىل جنسية هذا األجنيب أو هذه األجنبية طبقا لقانون جنسية أحدمها.
ممها يذكر هنا أنهنا عندما كنها نشرح قانون اجلنسية اجلزائرية درجنا دائما على تفسري العبارة الّت وردت يف نصي املادتني
3/6و 1/7من القانونني السابقني ،الّت اقتصرت على ذكر «انتسابه إىل أجنيب» دون ذكر «أو أجنبية» على أ هّنا
تنصرف يف معناها إىل األب األجنيب وإىل األم األجنبية ( ،)2متاما مثل عبارة «الولد املولود» الّت تنصرف يف معناها إىل
يغري من األمر شيئا .هأما فيما عدا
الذكر أو األنثى .ممها يعين أ هن التعديل الذي أتى به املشرع اجلزائري هو تعديل شكلي مل ه
هذه الشكلية فالشروط الواجب توفهرها للتمتع ابجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم هي نفسها الشروط الّت
وردت يف النصوص السابقة على هذا النص ،كما أ هن شروط فقد اجلنسية اجلزائرية تلقائيا أبثر رجعي هي أيضا الشروط
نفسها ،ممها يغنينا عن إعادة ذكرها هنا.
احلالة الثانية (املادة :)2/7هي حالة الولد املولود يف اجلزائر من أب جمهول وأم ه
مسماة يف شهادة ميالده دون بياانت
أخرى تُم هكن من إثبات جنسيتها تعترب هذه احلالة جديدة مل تكن موجودة يف النصوص السابقة ،على األقل من انحية
صياغتها الشكلية ،هأما من انحية مضموّنا فهي ال ّتتلف عن احلالة املذكورة يف املادة 1/7أعاله ،فما احلكمة من وضعها
هنا إذن؟ .
حّت ميكننا أن
اإلجابة عن التساؤل تقتضي منها أن حنلهل هذه احلالة على ضوء الشروط الّت جيب أن تتوفهر يف املعين ،ه
نقول أنهه يتمتهع ابجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم ،وهذه الشروط ابختصار شديد هي:
(- )1عبارة «يف اجلزائر» حسب املادة 5من األمر 01-05تعين :جمموع الرتاب اجلزائري واملياه اإلقليمية اجلزائرية والسفن والطائرات اجلزائرية.
(-)2د .علي علي سليمان ،مرجع سابق ،ص 245وأيضا د .الطيب زرويت :الوسيط ..مرجع سابق ،ص.299
84
1أن يكون الولد مولودا يف اجلزائر ،سواء كان ذكرا أو أنثى .وعبارة «يف اجلزائر تعين جمموع الرتاب اجلزائري واملياه
اإلقليمية اجلزائرية ،والسفن والطائرات اجلزائرية» .وميكن أن نضيف إليها عرابت السكك احلديدية .وظاهر النص يوحي
أ هن واقعة امليالد يف اجلزائر اثبتة يف الزمان واملكان ،وقد تق هدم شرح ذلك يف احلاالت السابقة ،مبا فيه الكفاية.
2أن يكون أبوه جمهوال ،وجهالة األب تعين عدم ثبوت نسب الولد إىل أبيه قانوان ،ولو كان األب معروفا من حيث
الواقع ).(1
مسماة يف شهادة امليالد دون بياانت مت هكن من
3الشرط الثالث هو من وجهة نظران شرط صوري ،وهو أن تكون هأمه ه
املسماة يف شهادة ميالد الولد ،وهو قطعا ليس
شرع اجلزائري من يعطي هذا االسم لألم ه
يوضح امل ه
إثبات جنسيتها .ومل ه
يسهل إجراءات إثبات واقعة
املشرع اجلزائري من خالل هذا الشرط أراد أن ه
امسها احلقيقي ،بل هو اسم صوري ،وكأ هن ه
ألمه دفعا للحرج عنها وحتقيقا ملصلحة الولد.امليالد يف اجلزائر ،أبن يثبت يف شهادة ميالد الولد امسا صوراي ه
ألم ِه ال يتح هقق إاله بذكر اللقب العائلي لألم وامسها احلقيقي يف شهادة
من املعلوم أ هن إثبات نسب الولد الذي ُجيهل أبوه ه
ألمه غري اثبت يف هذه احلالة .وكأ هن املشرع هدف من وراء ذلك إىل معاجلة ميالده .ومعىن هذا الكالم أ هن نسب الولد ه
نتائج ظاهرة اجتماعية خطرية ،دخيلة على اجملتمع اجلزائري املسلم ،هي ظاهرة األبناء غري الشرعيني الناجتني عن عالقات
للرمي والنبذ وأحياان للقتل خوفا من العار
التعرض ه
البغاء والدعارة ،أو بتعبري آخر أبناء الزان ،بغية محاية هؤالء األبرايء من ه
املخصصة لذلك،
ه أوالدهن غري الشرعيني يف املستشفيات والعيادات
ه والفضيحة ،بتشجيع األمهات الزانيات على وضع
أو يف أي مكان آخر من اإلقليم اجلزائري تكون فيه واقعة امليالد معروفة يف الزمان واملكان .دون أن يتعهرضن للمساءلة
سرية الوضع مكفولة مبوجب قانون الصحة ( ،)2رغم خمالفة ذلك ألحكام الشريعة اإلسالمية والبحث والتحقيق ،بل إن ه
الت ي تنسب األوالد غري الشرعيني إىل أمهاهتم وجواب.
يسهل إجراءات إثبات واقعة امليالد يف اجلزائر لتمكني هؤالء من حقهم يف اجلنسية
فإذا كان املشرع قد حرص على أن ه
اجلزائرية على أساس حق اإلقليم ،فقد كان األحرى واألوىل أاله يهدر حقهم يف النسب حقيقة إىل أمهاهتم الالهئي ولدن هم
أقرته الشريعة اإلسالمية .وأخريا نقول ففي ماذا ّتتلف هذه احلالة عن احلالة املنصوص عليها يف املادة 1/7 وهو حق ه
أعاله ؟ ،إذ يف احلالتني ،األب جمهول واألم جمهولة ،مادام نسب الولد إليها غري اثبت على حقيقته ،ومادامت جنسيتها
جمهولة .ففي كلتيهما واقعة امليالد يف اجلزائر اثبته يف الزمان واملكان بشهادة امليالد .واالختالف فيهما يكون يف شكل
يدون اسم صوري لألم ،هي من هذه الناحية يدون الولد جمهول األبوين ،ويف احلالة الثانية ه
هذه الوثيقة .يف احلالة األوىل ه
كمهُ هو حكم الولد جمهول األبوين .إذا توفرت الشُّروط الّت ذكرانها أعاله ،أعترب الولد جزائراي مند والدتهجمهولة .ف ُح ُ
على أساس حق اإلقليم .واحلكمة من منحه اجلنسية اجلزائرية على هذا األساس ،هي حّت ال يكون عدمي اجلنسية.
املتمم ابألمر رقم 02-05املؤرخ 27فرباير 2005على أن « :ينسب الولد ألبيه مّت كان الزواج
تنص املادة 41من قانون األسرة املؤرخ يف 9جوان 1984املع هدل و ه
( )1ه
شرعيا وأمكن االتصال ومل ينفه ابلطرق املشروعة»
(-)2كانت املادة 245من قانون الصحة تنص على ما يلي « :إذا كانت نزيلة املستشفى تطلب االستفادة من سرية قبوهلا يف املستشفى بقصد احملافظة على
السر املتعلق ابحلمل والوالدة ،وجب تلبية طلبها ....وال جمال لطلب أية وثيقة تعريف وال إجراء أي حتقيق».
ه
85
املبحث الثاين
اجلنسية اجلزائرية املكتسبة.
ظل قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ( 1963املطلب األول) ،مثه اكتساهبا يف ظل قانون
نتناول اكتساب اجلنسية اجلزائرية يف ه
اجلنسية اجلزائرية لسنة 1970قبل تعديله (املطلب الثاين) ،مثه اكتساهبا يف ظل قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة 1970بعد
تعديله (املطلب الثالث).
املط ــلب األول
) (1
اكتساب اجلنسية اجلزائرية يف ظل قانون 1963
نص املشرع اجلزائري على اجلنسية اجلزائرية املكتسبة يف الفصل الثالث من هذا القانون ،ح هدد فيه ثالث طرق أساسية
ه
الكتساهبا ،األوىل هي اكتساهبا بفضل القانون ( par le bienfait de la loiالفرع األول) ،والثانية اكتساهبا ابلتجنهس
كل ذلك إبجياز فيما يلي:(الفرع الثاين) والثالثة هي اكتساهبا ابالسرتداد (الفرع الثالث) ،نشرح ه
الفرع األول ـ ـ اكتساب اجلنسية اجلزائرية بفضل القانون:
هناك أربع حاالت تكتسب فيها اجلنسية اجلزائرية بفضل القانون هي :اكتساهبا ابملشاركة يف الثورة التحريرية ( ّأوال)
اكتساهبا مبوجب مبدإ االختيار املنصوص عليه يف اتفاقيات إيفيان (اثنيّا) ،واكتساهبا ابمليالد واإلقامة يف اجلزائر (اثلثا)
واكتساهبا بزواج أجنبية من جزائري (رابعا) ،نقدم شرحا موجزا عن كل حالة من احلاالت األربع فيما أييت:
أوال ـ ـ اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابملشاركة يف الثورة التحريرية :1954
نصت على ذلك املادة 8من القانون املعين ،حيث جاء فيها « :ه
كل من شاركوا يف الثورة التحريرية ،ويقيمون يف اجل زائ ر
هلم احلق يف اكتساب اجلنسية اجلزائرية ،مامل يعارض وزير العدل ،على أن يق هدموا تصرحيا بذلك لوزير العدل خالل ستة
أشهر من اتريخ إصدار هذا القانون».
كل من شاركوا يف الثورة التحريرية» تنصرف يف معناها إىل األجانب ،سواء
نص هذه املادة ،أ هن عبارة « ه
املالحظ على ه
قر هبم املقام
منهم الذين كانوا يقيمون يف اجلزائر عند اندالع الثورة التحريرية ،أو الذين التحقوا ابلثورة من اخلارج مثه است ه
يف اجلزائر بعد االستقالل .تع هد هذه الطريقة الكتساب اجلنسية اجلزائرية مؤقتة وحم هددة بفرتة زمنية ال تتجاوز ستة أشهر،
حتسب من اتريخ صدور قانون اجلنسية يف 27مارس .1963واكتساب اجلنسية اجلزائرية هبذه الوسيلة يعترب دون شك
ض النظر عن منحة من الدولة اجلزائرية تقديرا ملن ساهم يف الثورة التحري رية من األجانب ،ومكافأة هلم على ذلك ،بغ ه
طبيعة هذه املشاركة .فقد تكون حبمل السالح وخوض غمار احلرب ،أو ابلدعم املايل واملعن وي ،ابلتأييد والرتويج وال هدعاية
ملبادئ الثورة ،وغريها من أساليب املشاركة الّت جتعل من الشخص يف حكم من شارك يف الثورة.
86
هأما الشروط الالزمة الكتساب اجلنسية اجلزائرية هبذه الطريقة ،فنستنبطها من نص املادة نفسها ،وتتمثهل فيما يلي:
1املشاركة املادية أو املعنوية يف الثورة التحري رية.
2اإلقامة يف اجلزائر دون حتديد م هدهتا ،كدليل على االستعداد لالندماج يف اجملتمع اجلزائري.
3تقدمي تصريح من املعين إىل وزي ر العدل ،يعرب فيه عن رغبته يف قبول املنحة ،وذلك خالل األشهر الستة الّت تلي
إصدار القانون.
كل
4أاله يعرتض وزير العدل على تصريح املعين ،ألسباب هلا عالقة ابلسلطة التقديرية املمنوحة له يف هذا الشأن .فليس ه
حّت
من شارك يف الثورة التحريرية ظاهرا شارك فيها فعال .ومل يشرتط املشرع على املعين أن يتخلهى عن جنسيته األجنبية ه
يكتسب اجلنسية اجلزائرية.
اثنيا ـ ـ اكتساب اجلنسية اجلزائرية مببدإ االختيار املنصوص عليه يف اتفاقيات إيفيـان:
نصت عليها ذلك املادة 9من القانون اكتساب اجلنسية اجلزائرية هبذه الطريقة خاصة ببعض املستوطنني الفرنسيني ه
نصت على ما يلي« :يكتسب اجلنسية اجلزائرية بطلب التسجيل أو أتكيد تسجيلهم يف القوائم االنتخابية املعين ،حيث ه
خالل ثالث سنني ابتداءً من فاتح جويلية :1962
1األشخاص الذين ولدوا يف اجلزائر وأثبتوا عشر سنوات من اإلقامة املعتادة واملنتظمة يف اإلقليم اجلزائري إىل غاية تقرير
املصري.
2األشخاص الذين أثبتوا اإلقامة املعتادة واملنتظمة مل هدة عشر سنوات يف اإلقليم اجلزائري إىل غاية تقرير املصري على أن
يكون أحد األبوي ن ،األب أو األم مولودا يف اجلزائر ،واستوىف أو ميكن أن يستويف الشروط اخلاصة مبمارسة احلقوق املدنية
اجلزائرية.
3األشخاص الذين أثبتوا اإلقامة املعتادة واملنتظمة يف اإلقليم اجلزائري ملدة عشرين سنة إىل غاية يوم تقرير املصري.
غري أ هن الولد املولود قبل اكتساب أبيه أو أمه اجلنسية اجلزائرية مبوجب أحكام الفقرات الثالث أعاله حيتفظ جبنسيته
األصلية .على أن ميكن له اكتساب اجلنسية اجلزائرية عند بلوغه سن الرشد بتقدمي تصريح حسب األشكال اإلدارية
املنصوص عليها يف الفصل اخلامس ،يف املادتني 27و 28من هذا القانون».
حيق هلم اكتساب اجلنسية اجلزائرية عن طريق االختيار بني
عيهنت هذه املادة ثالث فئات من املستوطنني الفرنسيني ه
اجلنسية اجلزائرية واجلنسية الفرنسية .هذه الفئات من املستوطنني الفرنسيني ليس أمامهم إاله االختيار بني الدخول يف
اجلنسية اجلزائرية أو البقاء يف اجلنسية الفرنسية) .(1وليس هناك طريقا آخر.
كل فئة من هذه الفئات ،فهي اآلتية:
هأما الشروط الّت جيب أن تتوفهر يف ه
ابلنسبة للفئة األوىل (املادة :)1/9تتمثل الشروط فيما يلي:
1امليالد يف اإلقليم اجلزائري.
2اإلقامة املعتادة واملنتظمة يف اجلزائر ملدة عشر سنني إىل غاية تقرير املصري.
( -)1راجع مبدأ وحدانيهة اجلنسيهة اجلزائريهة يف اتهفاقيات إيفي ان املربمة يف 18مارس ،1962رسالتنا ،مرجع سابق ،ص 398وما بعدها.
87
3التسجيل يف القوائم االنتخابية اجلزائ رية ،أو أتكيد التسجيل فيها ،وذلك خالل ثالث سنني ابتداءً من الفاتح جويلية
أتخرت إىل غاية 30ماي .1963 ،1962غري أ هن بداية التسجيالت قد ه
ابلنسبة للفئة الثانية (املادة :)2/9تتمثهل الشروط فيما يلي:
1إثبات اإلقامة املعتادة واملنتظمة يف اجلزائر ملدة عشر سنني إىل غاية تقرير املصري.
2أن يكون أحد األبوي ن ،األب أو األم مولودا يف اجلزائر ومستوفيا ،أو ميكن أن يستويف شروط ممارسة احلقوق املدنية
تضمنتهما اتفاقيات إيفيان).(1
نص عليها التصريح العام وإعالن الضماانت اللهذان ه
اجلزائرية .وهذه الشروط قد ه
3التسجيل يف القوائم االنتخابية ،أو أتكيد التسجيل فيها ،وذلك خالل ثالث سنوات ابتداءً من أول جويلية .1962
ابلنّسبة للفئة الثّالثة (املادة :)3/9تتمثهل ه
الشروط فيما أييت:
-1اثباث اإلقامة املعتادة واملنتظمة يف اجلزائر مل هدة عشرين سنة إىل غاية تقرير املصري.
-2التهسجيل يف القوائم االنتخابيهة اجلزائريهة ،أو أتكيد التهسجيل فيها خالل ثالث سنني ابتداءً من هأول جويلية .1962
نصت عليه املادة 10الّت قضت أبن« :ال ميكن أن يستفيد
ميكن إضافة شرط آخر يشمل الفئات الثالث السابق ذكرها ه
من األحكام الواردة يف املادة السابقة األشخاص الذين ارتكبوا جرائم ضد األمة بعد 18مارس .»1962وهو التاريخ
الذي مته فيه التوقيع على اتفاقية ايفيان املربمة بني وفد جبهة التحرير الوطين والسلطة الفرنسية .ويعين نص املادة 10أ هن
نصت عليه اتفاقيات إيفيان أعضاء املشرع اجلزائري استثىن من اكتساب اجلنسية اجلزائرية مبوجب حق االختيار الذي ه
املسماة « املنظمة العسكرية السرية »O.A.Sالذين
املتكونة من غالة املستعمرين املتطرفني ه
املنظمة اإلرهابية الفاشية ،ه
متردوا على السطلة املركزية يف ابريس ،فخاضوا حراب عمياء ،قاموا
رفضوا مبدأ حق تقرير املصري ،واستقالل اجلزائر ،و ه
العزل ،يُندى هلا جبني البشرية ،تُصنهف يف خانة اجلرائم ضدمن خالهلا أبعمال إجرامية ضد أفراد الشعب اجلزائري ه
اإلنسانية ،وهي يف احلقيقة استمرار جلرائم أسالفهم.
كل من ينتمي إىل إحداها اجلنسية اجلزائرية ابالختيار وفق اتفاقيات
كل فئة الشروط اخلاصة هبا ،اكتسب ه إذا توفهرت يف ه
إيفيان ،ومبقتضى املادة 9الّت ثبهتت النص حرفيا كما ورد يف تلك االتفاقيات .ومعىن هذا يُعترب مكتسبا اجلنسية اجلزائرية
كل من اختار اجلنسية اجلزائ رية ،غري أ هن مبدأ االختيار هذا مل يكن له يف الواقع األثر الذي
و متخلهيا عن اجلنسية الفرنسية ه
ظن أنهه سيُحدثه ،وذلك بسبب اهلجرة اجلماعية للمستوطنني الفرنسيني ،وفرارهم من اجلزائ ر بعد توقيف إطالق كان يُ ه
النهار يوم 19مارس ،1962ومل ينتظروا نتائج استفتاء تقرير املصري ألّنم كانوا يدركون أ هن نتيجته احلتمية هي انتصار الثورة
التحريرية ،واستقالل اجلزائر.
88
اثلثا ـ ـ اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلوالدة واإلقامة يف اجلزائر:
نصت على هذه الطهريقة املادة 11من نفس القانون ،حيث جاء فيها« :يكتسب اجلنسية اجلزائرية خالل السنتني
)(1
مّت صرح عن رغبته يف اكتساب ها مامل يعارض وزير العدل وفقا للمادة 28أدن اه
سن الرشد إذا ه
السابقتني لبلوغ ه
كانت له وقت التصريح إقامة معتادة ومنتظمة يف اجلزائر :
1الولد املولود يف اجلزائر من أم جزائرية وأب أجنيب مولود خارج اإلقليم اجلزائري.
2الولد املولود يف اجلزائر من أبوين أجنبيني مها نفسهما مولودان فيها بعد إصدار هذا القانون.
إ هن سكوت وزير العدل بعد انقضاء مهلة ستة أشهر ابتداءً من اتريخ إيداع الطلب يع هد موافقة».
تضمنت هذه املادة حالتني:
ه
-)1احلالة األوىل :هي حالة الولد املولود يف اجلزائر من أم جزائرية وأب أجنيب مولود خارج اإلقليم اجلزائري حسب
املدعم
املشرع اجلزائري يف منح اجلنسية اجلزائرية املكتسبة يف هذه احلالة على حق اإلقليم هنص(املادة .)1/11اعتمد ه
ابإلقامة املعتادة واملنتظمة يف اجلزائ ر ،وحبق ال هدم من جهة األم اجلزائرية ،يتجلهى ذلك من الشروط الّت اشرتطها يف هذه
احلالة ،وهي:
1أن يولد الولد يف اإلقليم اجلزائري ،حبيث تكون واقعة امليالد فيه اثبتة.
2أن تكون أمه جزائرية وقت ميالده ،سواء كانت جنسيتها اجلزائرية أصلية أم مكتسبة.
3أن يكون أبوه أجنبيا مولودا خارج اإلقليم اجلزائري .وهذا يعين أنه حيمل اجلنسية األجنبية.
سن الرشد. 4أن يُعلن املعين عن رغبته يف اكتساب اجلنسية اجلزائرية خالل السنتني السابقتني على بلوغه ه
املشرع
5أن تكون له إقامة معتادة ومنتظمة يف اجلزائر وقت التصريح عن رغبته يف اكتساب اجلنسية اجلزائ رية ،مل حي هدد ه
م هدهتا ،على افرتاض أن امل هدة جيب أن تكون كافية الندماجه يف اجملتمع اجلزائري.
6أاله يعرتض وزير العدل على تصرحيه طبقا ألحكام املادة 28من نفس القانون ،الّت تعطيه حق االعرتاض على
حّت لو توفهرت الشروط املطلوبة قانوان.
التصريح ،ه
يبت يف التصريح حسب املادة 29من نفس القانون خالل ستة أشهر ،ابتداء من يوم ثبوت جيب على وزير العدل أن ه
اترخيه ،فإذا سكت خالل تلك املدةُ ،عد ذلك قبوال منه الكتساب املعين اجلنسية اجلزائرية ،وينتج هذا االكتساب أثره
من يوم ثبوت اتريخ التصريح ،وهذا ما أ هكدته الفقرة األخرية من املادة .11
نالحظ كما أشران سابقا أ هن اكتساب اجلنسية اجلزائرية يف هذه احلالة كان نتيجة تضافر ثالثة أسس ،هي حق اإلقليم
مدعمة
و لكنهه ليس يف صورته املطلقة ،فواقعة امليالد يف اجلزائر وحدها غري كافية يف ذاهتا إلحداث األثر القانوين ،بل ه
دعمهما أبساس اثلث هو اإلقامة يف
أبساس أخر هو حق الدم من جهة األم اجلزائرية ،ومل يكتف املشرع هبما ،بل ه
ين ابألمر.
الشروط القانونيهة ،يُعلُن وزير العدل عن عدم قبوله الطهلب أو التهصريح مبوجب قرار معلهل ،يُبلهغ إىل املع ه
املادة 28على أ هن" :إذا مل تتوفهر ه
تنص ه ( -)1ه
املعين ابألمر ،أن يرفُض أو يعرتض على التهصريح يف حالة ما إذا كانت هذه املعارضة ُمعرتف
الشروط القانونيهة يستطيع وزير العدل مبوجب قرار يبلهغ إىل ه
إذا توفهرت ه
هبا".
89
اجل زائر ،فاجتماع هذه األسس الثالثة يف الشخص على ما رأى املشرع كفيلة بتوثيق الصلة بينه وبني الدولة اجلزائرية
وحتقيق االنتماء والوالء هلا.
)2ـ ـ احلالة الثّانيّة :هي حالة الولد املولود يف اجلزائر من أبوين أجنبيني مها نفسهما ُولدا فيها بعد إصدار هذا القانون
حسب (املادة :)2/11
املشرع يف منح اجلنسية اجلزائرية املكتسبة للمعين ،يف هذه احلالة على حق اإلقليم ،الذي يعين ميالده يف اجل زائ ر،
اعتمد ه
عززه ابإلقامة املعتادة واملنتظمة يف اجلزائر ،ومبيالد أبويه األجنبيني يف اجلزائر ،على
ولكن ليس يف صورته املطلقة ،بل ه
تؤدي إىل اندماج الفرد يف اجملتمع
ان تكون واقعة امليالد يف اجل زائر بعد صدور هذا القانون ،فتضافر هذه العناصر الثالثة ه
اجلزائري ،خاصة إذا كان أبواه مسلمني .وتلحقه اجلنسية اجلزائرية املكتسبة يف هذه احلالة ابلشروط اآلتية:
1أن يولد الولد يف اجلزائر ،وذلك بثبوت واقعة امليالد يف اإلقليم اجلزائري وفق مفهوم املادة 4من هذا القانون ،الّت بيهنت
أ هن عبارة «مولود يف اجلزائر» تعين أن يولد الولد على جمموع الرتاب اجلزائري واملياه اإلقليمية اجلزائرية والسفن والطائرات
اجلزائرية.
2أن يكون أبواه أجنبيني مولودين يف اجلزائر بعد صدور قانون اجلنسية يف 27مارس .1963
3أن يكون املعين مقيما يف اجلزائر إقامة معتادة ومنتظمة وقت التصريح برغبته يف اكتساب اجلنسية اجلزائرية.
يصرح املعين عن رغبته يف اكتساب اجلنسية اجلزائرية خالل السنتني السابقتني على بلوغه س هن الرشد ،ويف هذه 4أن ه
الفرتة يكون الولد مازال قاصرا يف رعاية والديه ممها يفيد هأّنما مقيمان معه يف اجلزائر ،إضافة إىل إقامتهما فيها وقت ميالده،
فإقامته من إقامتهما.
5أاله يعرتض وزير العدل على تصرحيه خالل ستة أشهر ابتداءً من ثبوت اترخيه ،كما سبق توضيح ذلك يف احلالة األول ى
املذكورة أعاله ويعترب سكوت وزير العدل بعد انقضاء مهلة االعرتاض قبوال الكتساب املعىن اجلنسية اجلزائرية.
صر لِمن اكتسب ص األبناء ال ُق ه
ما هو جدير ابلذكر هنا أ هن املشرع قد رتهب يف احلالتني السابقتني آاثرا مجاعية ّتُ ُّ
نصت املادة 1/20على أن« :يصبح اجلنسية اجلزائرية على أساس امليالد واإلقامة يف اجلزائر مبوجب املادة ،11حيث ه
صر ألشخاص يكتسبون اجلنسية اجلزائرية مبوجب املادة 11من هذا القانون ،جزائريني يف نفس الوقت م ع األوالد ال ُق ه
بقوة القانون مع أصلهم ما داموا قاصرين.أصلهم » وهذا يعين أّنم يكتسبوّنا ه
رابعا ـ ـ اكتساب اجلنسية اجلزائرية بزواج أجنبية من جزائري:
نصت على ذلك املادة 12من القانون املعين ،حيث جاء فيها« :ميكن للمرأة األجنبية الّت تتزوج جزائراي أن تكتسب ه
اجلنسية اجلزائرية أبثر الزواج.
جيب عليها أن تعلن صراحة قبل حفل الزواج عن ّتلهيها عن اجلنسية األصلية.
ميكن هلذا التصريح أن يتم دون ترخيص حّت لو كانت املرأة قاصرة.
وجه الطلب إىل وزي ر العدل ،الذي إبمكانه أن يرفضه.
يُ ه
90
إذا مل يرفض خالل مهلة ستة أشهر تكتسب املعنية اجلنسية اجلزائرية ويسري مفعول االكتساب ابتداءً من اتريخ ال زواج
بشرط أاله يكون الزواج قد أُبطل أو ُح هل وقت موافقة وزير العدل الصرحية أو الضمنية.
تبقى العقود الّت أبرمتها املرأة وفق قانون جنسيتها السابقة صحيحة.
تزوجن جزائراي قبل إصدار هذا القانون» .نالحظ على ه
نص هذه الالئي هتطبهق نفس األحكام على النساء األجنبيات ه
املادة أ هن اكتساب اجلنسية اجلزائرية بزواج امرأة أجنبية من جزائري ،قد ورد حتت عنوان اكتساهبا ابمليالد واإلقامة يف
اجلزائ ر ،ويع هد هذا خطأ من املشرع اجلزائري ،أل هن طريقة اكتساب املرأة األجنبية اجلنسية اجلزائرية أبثر زواجها من جزائري
قد تكون هلا عالقة ابإلقامة يف اجلزائر لكن ليس هلا عالقة ابمليالد يف اجلزائر.
جمرد إمكانية ،يتوقهف ذلك على إرادة املرأة األجنبية ،فإذا أرادت اكتساهبا إ هن اكتساب اجلنسية اجلزائرية هبذه الطريقة بقي ه
ميكنها ذلك .وإذا اكتسبتها حت هقق مبدأ وحدة اجلنسية يف العائلة وهو اهلدف املأمول ،ألنه يقوي رابطة العائلة ابلدولة
موحدة.اجلزائرية والوالء هلا ،ويؤدي إىل تطبيق قانون واحد على أفراد العائلة ،هو قانون الدولة الّت ينتمون إليها جبنسية ه
أما إذا رغبت املرأة األجنبية عن اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلزواج من جزائري ،بقيت حمتفظة جبنسيتها األجنبية فيتح هقق
تبعا لذلك مبدأ استقاللية اجلنسية يف العائلة الذي يعين أاله ُّتلع جنسية الزوج الوطين على املرأة األجنبية املتزوجة منه
احلرة .فإن شاءت دخلت فيها ،وإن أبت احتفظت جبنسيتها األجنبيهة. آلياه ،بل يتوقف اكتساهبا على إرادهتا ه
هأما الشُّروط الّت جيب أن تتوفهر يف املرأة األجنبية الّت تتزوج جزائراي وفق املادة ،12لكي تكتسب اجلنسية اجلزائرية
أبثر زواجها منه ،فهي اآلتية:
1أن يكون الزواج صحيحا طبقا ملفهوم الزواج يف القانون اجلزائري ،الذي تنظهمه وحتكمه أحكام الشريعة اإلسالمية،
حّت يف ظل وجود االستعمار الفرنسي يف اجلزائ ر ،كانت تطبق على الزواج أحكام الشريعة اإلسالمية إذا كان وذلك ه
الزواج املختلط بني زوجني مسلمني حّت ولو كانت الزوجة من جنسية دولة أخرى ،مثل املغرب أو تونس ،ألن األحوال
الشريعة اإلسالمية.
الشخصية اخلاصة ابملسلمني كانت تطبق عليها يف اجلزائر أحكام ه
احلرة ّتلهيها عن جنسيتها األصلية) ،(1وذلك قبل حفل
2أن تُعلن املرأة األجنبية الّت تتزوج جزائراي صراحة إبرادهتا ه
الزواج ،وميكنها أن تعلن ذلك دون حاجة إىل إذن حّت لو كانت قاصرة.
3أن تقدم طلبا إىل وزير العدل خبصوص رغبتها يف اكتساب اجلنسيهة اجلزائرية ،الذي إبمكانه أن يرفضه خالل ستة
أشهر من اتريخ تقدمي الطلب.
حيل وقت موافقة وزير العدل صراحة أو ضمنياه .واملوافقة الضمنية تعين
- 4أن يكون الزواج مازال قائما مل يُبطل ،ومل ه
سكوت وزير العدل خالل مهلة ستة أشهر ،الّت منحت له لالعرتاض على الطلب ،فإذا سكت فيها ُع هد ذلك قبوال منه
(-)1كان األحسن لو قال املشرع « ّتلهيها عن جنسيتها السابقة» ألن املرأة األجنبية الّت ه
تتزوج جزائراي قد تكون جنسيتها أصلية أو مكتسبة ،فعبارة «اجلنسية السابقة» تشمل
هذه وتلك.
91
فإذا توفرت الشروط املذكورة أعاله ،اكتسبت املرأة األجنبية اجلنسية اجلزائرية بفعل زواجها من جزائري ،وبذلك تتح هقق
وحدة اجلنسية يف األسرة .هأما إذا رغبت عن اجلنسية اجلزائرية ،احتفظت جبنسيتها األجنبية ،حتقيقا ملبدإ استقاللية جنسية
الزوجة عن جنسية زوجها .مبعىن استقاللية اجلنسية يف العائلة.
الفرع الثاين ـ ـ اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلتجنس:
ظل قانون اجلنسيهة لسنة 1963ابلتهجنُّس ،الذي قد يكون جتنهسا عاداي (أوالّ) ،أو يكون
تكتسب اجلنسية اجلزائرية يف ه
جتنهسا استثنائيا (اثنيّا) ،كما ميكن اكتساهبا ابآلاثر اجلماعية للتجنس (اثلثا).
أوال ـ ـ اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلتجنّس العادي:
نصت على ذلك املادة 13من القانون املعين ،حيث جاء فيها« :ي مكن لألجنيب الذي يقدم طلبا الكتساب اجلنسية
ه
اجلزائرية أن حيصل عليها بشرط:
)1أن يكون مقيما يف اجلزائر منذ 5سنني على األقل بتاريخ تقدمي الطلب.
)2أن يكون مقيما يف اجلزائر وقت التوقيع على املرسوم الذي مينح التجنهس.
)3أن يكون ابلغا سن الرشد.
)4أن يكون حسن السرية والسلوك ومل يسبق احلكم عليه بعقوبة خملهة ابلشرف.
)5أن يثبت الوسائل الكافية ملعيشته.
)6أن يكون سليم اجلسد والعقل.
ويق هدم الطلب إىل وزير العدل ،الذي يستطيع دائما رفضه ضمن شروط املادة 28أدانه» .املادة 28من هذا القانون
سبق ذكرها فيما سلف .نق هدم شرحا موجزا للشروط املذكورة أعاله:
1ـ ـ الشرط األول :أن يقيم األجنيب الراغب يف التجنهس ابجلنسية اجلزائرية يف اجلزائر م هدة ال تقل عن 5سنني بتاريخ تقدمي
التعرف على عاداته و تقاليده وأعرافه ،والتطبهع بطبائع الشعب اجل زائري،
الطلب ،تسمح له ابالحتكاك ابجملتمع اجلزائري ،و ه
ومعرفة لغته ،وقوانينه ،وعقيدته الدينية ،واترخيه وحضارته ،ونظامه السياسي ،كل ذلك قد يسمح له ابالندماج يف
اجملتمع اجلزائري املسلم.
املشرع أمهل شرط االندماج يف اجملتمع اجلزائري يف هذه املادة ،وإن كان قد تدارك ذلك يف قانون اجلنسية لسنة
غري أ هن ه
اجملردة من عوامل االندماج ،تبقى غري كافية للحكم ابندماج األجنيب يف ،1970كما سنرى ذلك الحقا .إ هن اإلقامة ه
اجملتمع اجلزائري ،بل البد من توفر عوامل االندماج فيه .هذا ما سنراه عند دراستنا التجنهس العادي يف ظل قانون اجلنسيهة
لسنة .1970
2ـ ـ الشرط الثاين :أن يكون مقيما يف اجلزائر وقت توقيع املرسوم ،إذ بذلك يتأ هكد حرص الشخص وجديهة طلبه ،ورغبته
يف التجنهس ابجلنسية اجلزائرية ،ونية االستقرار واالرتباط ابجلزائر دولة وجمتمعا.
سن الرشد ،أل هن 3ـ ـ الشرط الثالث :أن يكون ابلغا سن ه
الرشد ،يعين أن تكون له أهلية األداء ،الّت ال حتصل إاله ببلوغ ه
التجنهس إهّنا هو عمل إرادي من جانبه ،لذلك يقتضي أن تكون له أهلية كاملة للتعبري عن إرادته .والقانون الذي حيكم
92
أهليته حسب تقديري هو القانون اجلزائري ابعتباره قانون الدولة الّت يريد طالب التجنهس الدخول يف جنسيتها ،فهذا
القانون هو الذي حي هدد ما إذا كان أهال حلمل األعباء النامجة عن اكتسابه اجلنسية اجلزائرية وتبعاهتا ،وذلك ما يتفق مع
املنطق والواقع .فال يعقل أن تلتجئ الدولة الّت يُر ُاد اكتساب جنسيتها إىل البحث يف مسألة أهليه طالب التجنهس جبنسيتها
إىل قانون الدولة التابع هلا أصال وقت التق هدم بطلبه ،أل هن ذلك يتناقض مع مبدإ سيادة الدولة وما متلك من حرية تنظيم
الرشد الالزمة للتجنهس.
سن هجنسيتها ،وحتديد شروط اكتساهبا مبا يف ذلك ه
-4الشرط الرابع :أن يكون األجنيب طالب التجنهس حسن السرية والسلوك ،ومل يسبق احلكم عليه بعقوبة خملهة ابلشرف،
والعقوبة املخلهة ابلشرف املذكورة هنا جيب أن تكون كذلك يف مفهوم القانون اجلزائري ،والغرض من هذا الشرط إمجاال
هو إبعاد األجانب غري املرغوب فيهم ،الذين قد يش هكلون خطرا على األمن والسالمة والنظام العام يف اجلزائر.
5ـ ـ الشرط اخلامس :أن يثبت الوسائل الكافية ملعيشته .وهذا يستلزم أن يكون األجنيب طالب التجنهس قادرا على كسب
الرزق بنفسه ابلطرق املشروعة .حّت ال يكون عالة على الدولة وعبئا على اجملتمع.
6ـ ـ الشرط السادس :أن يكون سليم اجلسد والعقل .هذا الشرط اقتضتهُ احملافظة على الصحة العامة وسالمة اجملتمع من
األمراض ،واآلفات االجتماعية ذات الطبيعة اإلنسانية ،وجتنهب أعباء اجتماعية إضافية تكون الدولة يف غىن عنها .هذه
تسمى بشروط محاية وصيانة اجملتمع والدولة من األجانب الذين الشروط الثالثة األخرية ،أي 4و 5و ،6هي الّت ه
يش هكلون عبئا على اجملتمع ،وإخالال بسالمته وابألمن وابلنظام العام فيه.
7ـ ـ هناك شرط سابع :هو أن يق هدم املعين طلب التجنهس إىل وزير العدل ،وفق اإلجراءات اإلدارية املنصوص عليها يف
يبت يف طلب التجنهس خالل ستة أشهر من اتريخ تقدمي الطلب،
املادتني 27و 28من نفس القانون ،حيث جيب عليه أن ه
وميكن له أن يرفض طلب التجنهس حّت لو توفهرت الشروط القانونية املطلوبة يف املعين ،ملا له من سلطة تقديرية يف ذلك،
للبت يف الطلب،
أل هن التجنهس إهّنا يع هد منحة من الدولة .وجيب أن تكون موافقته صرحية ،أل هن سكوته خالل املهلة احملددة ه
يعترب بعد انقضائها رفضا للتجنهس .هأما إذا قبل الطلب فستمنح له اجلنسية اجلزائرية مبوجب مرسوم حسب املادة 15من
القانون املعين.
اثنيا -ا كتساب اجلنسية جلزائرية ابلتجنّس االستثنائي:
نصها كم ا يلي« :ي مكن احلك ومة
نص املشرع اجلزائري على إمكانية التجنهس االستثنائي يف املادة 14حيث جاء ه
ه
أاله أتخذ بعني االعتبار أحكام اإلخالل ابلشرف الصادرة يف اخلارج.
ميكن لألجنيب املصاب بعاهة أو مرض من جراء عمل قام به خدمة للجزائر ،أو لفائدهتا أن يتجنهس ابجلنسية اجلزائرية
وذلك بقطع النظر عن أحكام الفقرة 6من املادة 13أعاله.
ميكن لألجنيب الذي ق هدم خدمات استثنائية للجزائر ،أو الذي يكون يف جتنهسه فائدة استثنائية للجزائر أن يتجنهس ابجلنسية
توىف أجنيب عن زوجته وأوالده ،وكان إبمكانهاجلزائرية بقطع النظر عن الشروط املنصوص عليها يف املادة 13أعاله .إذا ه
أثناء حياته أن يدخل يف الصنف املشار إليه يف هذه الفقرة ،فيمكن هؤالء أن يطلبوا جتنهسه بعد الوفاة يف نفس الوقت
الذي يطلبون فيه جتنهسهم».
93
تضمنت
تضمن ثالثة أصناف من األجانب ميكنهم أن يتجنهسوا ابجلنسية اجلزائرية جتنهسا استثنائيا .وقد ه
نص هذه املادة ه
ه
املادة ثالث فقرات نشرحها إبجياز فيما أييت:
نصت هذه الفقرة من املادة املعينة على أن «ي مكن احلكومة هأال أتخذ بعني
-)1الفقرة األوىل (املادة /14ف :)1ه
االعتبار أحكام االخالل ابلشرف الصادر يف اخلارج » .إ هن ما ورد يف هذا ه
النص جيد سنده يف مبدإ إقليمية القانون
ّتل بشرف اإلنسان تستوجب حماكمته عليها جنائيا ،وإصدار حكم
اجلنائي ،فما قد يعترب يف اخلارج من األفعال الّت ه
يتضمن العقوبة املناسبة لتلك األفعال ،قد ال تكون كذلك يف القانون اجلزائري ،هلذا أجاز املشرع -حسب
قضائي ه
تقديران للحكومة اجلزائرية أن أتخذ أو ال أتخذ ابألحكام القضائية األجنبية الّت تعاقب على مثل هذا الفعل ،إذا كان
هذا الفعل من وجهة نظر القانون اجلزائري ال يعترب خماله ابلشرف ،وال يستوجب العقاب .واألمر مرتوك لتقديرها.
)2ـ ـ الفقرة الثانية (املادة /14ف :)2خاصة ابلصنف األول من األجانب الذي ميكنه أن يتجنهس ابجلنسية اجلزائرية
جتنهسا استثنائيا ،وهو األجنيب الذي أصيب بعاهة أو مرض نتيجة عمل قام به خدمة للجزائر أو لفائدهتا أعفاه املشرع
نصت عليها املادة 13اخلاصة ابلتجنهس العادي ،الّت شرحناها سابقا ،وهو شرط
من شرط واحد من الشروط الّت ه
«أن يكون سليم اجلسد والعقل » .وبناء على ما سبق يتبني أن إمكانية التجنهس االستثنائي ابلنسبة هلذا الصنف من
األجانب ،تبقى متوقفة على توفر الشروط اآلتية:
1أن يكون املعين قد قام فعال بعمل خدم به اجلزائر ،أو كان لفائدهتا ،ومعىن ذلك أ هن إمكانية التجنهس أتت ي بعد ما
يكون املعين قد أجنز عمله خدمة للجزائر أو لفائدهتا.
2ـ ـ أن يكون السبب املباشر إلصابته ابلعاهة أو املرض هو العمل الذي قام به خدمة للجزائر أو لفائدهتا.
3ـ أن تتوفر فيه الشروط األخرى الّت مل يُعف منها ،الّت نصت عليها املادة 13اخلاصة ابلتجنس العادي ،وقد سبق لنا
شرحها ممها يغنينا عن إعادهتا هنا.
إن التجنهس االستثنائي يف هذه احلالة ،يُع هد مكافأة من الدولة اجلزائرية لألجنيب على ما أصابه من ضرر نتيجة عمل قام
به خدمة للجزائر أو لفائدهتا.
)3ـ ـ الفقرة الثالثة (املادة /14ف :)3هذه الفقرة خاصة ابلصنفني الثاين والثالث من األجانب ،اللذين إبمكاّنما أن
يتجنهسا جتنهسا استثنائيا ابجلنسية اجلزائرية مع إعفائهما من مجيع الشروط املنصوص عليها يف املادة ، 13مها:
ـ ـ الصنف الثاين :هو األجنيب الذي قدم خدمات استثنائية للجزائر أعفاه املشرع من مجيع الشروط املنصوص عليها يف
املادة ،13لكن جتنهسه أييت بعد ما يكون قد قدم فعال خدمة استثنائية للجزائر ،أل هن املشرع استخدم فعل «ق هدم» جاء
يف صيغة املاضي يقابله ابلفرنسية « » qui a renduمما يعين أ هن إمكانية جتنهسه ال تكون إاله بعد تقدمي اخلدمة االستثنائية
للجزائر ،وما عليه إاله أن يق هدم طلبا لوزير العدل ،الذي ميكنه أن يقبله أو يرفضه ،خالل املهلة املمنوحة له .ويع هد
سكوته رفضا ،كما سبق بيان ذلك يف التجنهس العادي.
94
ـ ـ الصنف الثالث :هو األجنيب الذي يكون يف جتنهسه فائدة استثنائية للج زائر أعفاه املشرع أيضا من مجيع الشروط
املنصوص يف املادة .13نالحظ هنا أ هن املشرع استخدم فعل «يكون» يف صيغة املضارع الذي يعين احلاضر أو املستقبل،
يقابله ابلفرنسية ،v.présenteممها يعين أ هن هذا الصنف من األجانب ميكنه أن يتجنهس ابجلنسية اجلزائرية جتنهسا استثنائيا
قبل أن حتصل اجلزائر منه على الفائدة االستثنائية ،ال هن الغرض من جتنهسه هو أن حتصل الدولة اجلزائرية على تلك الفائدة
االستثنائية منه.
اثلثا ـ ـ اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابآلاثر اجلماعية للتجنّس:
نصت على إمكانية امتداد اآلاثر اجلماعية للتجنهس املادة /20ف 3من القانون الذي حنن بصدد شرح مو هاده ،حيث جاء
ه
فيها:
«ي مكن لعقد التجنهس أن مينح اجلنسية اجلزائرية لألوالد القصر لألجنيب املتجنهس ،على أ هن هلم حرية التنازل عن اجلنسية
اجلزائرية خالل الفرتة املرتاوحة بني 18و 21سنة من عمرهم».
كل من جتنهس من
مل مييهز املشرع يف هذا النص بني اآلاثر اجلماعة للتجنهس العادي والتجنهس االستثنائي ،وذلك يعين أ هن ه
األجانب ابجلنسية اجلزائرية جتنهسا عاداي أو جتنهسا استثنائيا ،ميكن أن متت هد آاثر جتنهسه إىل أوالده القصر ،على أن يكون
هلم حرية التنازل عن اجلنسية اجلزائرية خالل الفرتة املمت هدة بني 18و 21سنة من عمرهم ،وذلك أبن يشملهم مرسوم
/20ف.3 جتنُّس أصلهم ،حسب نص املادة
جمرد إمكانية متنح مبوجبه الدولة جنسيتها لألجنيب الذي يرغب
يستحق التهنبيه إليه هنا ،أ هن التجنهس بصفة عامة هو ه
ه ممها
خص صنفا واحدا من األجانب
يف جنسيتها حال حياته .لكن املشرع اجلزائري ،كما هو واضح من النص السابق ،ه
ميكنه أن يتجنهس ابجلنسية اجلزائرية جتنهسا استثنائيا بعد وفاته ،وهو الصنف الثاين من األجانب الذي بينها حكمه فيما
سلف ،أي األجنيب الذي ق هدم خدمات استثنائية للجزائر حيث أجاز املشرع أن ميت هد أثر جتنهسه بعد وفاته إىل زوجته
نص املادة /14ف 3يف شطرها األخري ،حيث قضت أنهه وأوالده ،سواء كانوا قصرا أو راشدين ،هذا ما نستش هفه من ه
«إذا ه
توىف أجنيب عن زوجته وأوالده ،وكان إبمكانه أثناء حياته أن يدخل يف الصنف املشار إليه يف هذه الفقرة ،فيمكن
هلؤالء أن يطلبوا جتنهسه بعد الوفاة يف نفس الوقت الذي يطلبون فيه جتنهسهم ».
غين عن البيان أ هن طلب جتنهس املعين بعد وفاته جيب أن يقدم من زوجته وأوالده ابلتوازي مع طلب جتنهسهم هم أنفسهم،
فإذا منحته الدولة اجلزائرية اجلنسية اجلزائرية امت هد أثر جتنهسه إليهم ،أل هن جتنهسهم متوقف على جتنهسه هو.
ما نقوله بشأن هذا النهص األخري أ هن إمكانية جتنس الفرد بعد وفاته وامتداد أثر جتنهسه إىل أسرته ،حكم انفرد به املشرع
اجلزائري ،إذ من املعروف أ هن التجنهس عمل إرادي يسعى من أجله املعين به ذاته حال حياته ،فيق هدم من أجل ذلك طلبا
يعرب فيه إبرادته الصرحية عن رغبته يف التجنهس .لكن املشرع اجلزائري العتبارات خاصة هفوض زوجته وأوالده يف حالة ما
إذا طلبوا التجنهس ابجلنسية اجلزائرية أن يطلبوا جتنهسه ابملوازاة مع طلب جتنهسهم إذا أرادوا ذلك .وإذا كان النص واضحا
ابلنسبة إلعفائه هو نفسه من مجيع الشروط املنصوص عليها يف املادة ،13فإ هن ذلك غري واضح ابلنسبة لزوجته وأوالده،
95
املشرع اجلزائري يف هذا التجنهس غري العادي قد أخذ مببدإ
فهل يشملهم هذا اإلعفاء ؟ ،الظاهر من النص وسياقه أ هن ه
التبعية العائلية يف التجنهس الذي يرتهب آاثرا مجاعية على عائلة املتجنهس حيث تكتسب زوجته وأوالده اجلنسية اجلزائرية
تبعا الكتسابه هلا ،بناء على الطلب الذي يق هدمونه هم أنفسهم عنه ،نظرا لتع هذر تقدميه بنفسه حال وفاته ،وال فرق يف
ذلك بني أوالده القصر والراشدين ،أل هن حالة التجنهس هذه ،هي حالة استثنائية وغري عادية ،وألن علهة جتنسهم تكمن يف
جتنسه هو .ومادام األمر كذلك فإ هن اإلعفاء من شروط التجنهس مجيعها يشمل حسب رأينا الزوجة واألوالد أيضا مّت
اقرتن طلب جتنهسه بطلب جتنهسهم ،أل هن التجنس هنا كما أشران آنفا حالة خاصة واستثنائية ،الغرض منه اجلزاء عن خدمات
استثنائية ق هدمها املعين للجزائ ر ،ويف ذات الوقت يعترب تكرميا للمعين ،وابلتبعية تكرميا ألسرته ،نتيجة اإلخالص والوالء
كل ذلك يرجع إىل تقدير السلطة العامة املاحنة للجنسية.
للدولة اجلزائرية ،واألمر يف ه
الفرع الثالث ـ ـ اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابالسرتداد:
االسرتداد بصفة عامة يُع هد طريقة من طرق اكتساب اجلنسية ،أجازته أغلب التشريعات اخلاصة ابجلنسية يف خمتلف
بقوة القانون عندما يكون ح هقا للفرد ،فال ميكن للدولة
الدول غري هأّنا اختلفت يف كيفية تطبيقه ،فقد يتح هقق عند بعضها ه
يف هذه احلالة أن حتُول بني الفرد وعودته إىل جنسيتها .وقد يكون مرتوكا إلرادة الدولة وسلطتها التقديرية ،الّت متلك حق
كل الش روط الالزمةالسماح للفرد ابسرتداد جنسيتها الّت فقدها ،كما قد مت لك حق رفض طلب االست رداد رغم توفهر ه
)(1
تبىن هذا املوقف األخري ،فجعل االسرتداد كطريقة من طرق اكتساب اجلنسية اجلزائرية
لذلك ،هأما املش رع اجلزائري فقد ه
نصت عليه املادة 17من قانون سنة ،1963إذ جاء
جمرد إمكانية تتوقف على إرادة السلطة املاحنة للجنسية ،وهذا ما ه
ه
كل شخص كان متمتهعا هبا كجنسية أصلية وفقدها ،وذلك عن فيها« :ميكن أن ه
يسرتد اجلنسية اجلزائرية مبوجب مرسوم ه
طريق تقدمي طلب بعد 18شهرا على األقل من اإلقامة املعتادة واملنتظمة يف اجلزائر» .نص هذه املادة متطابق مع نص
املادة 14من قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر سنة 1970قبل وبعد تعديله .نستخلص من هذا النص تعريف االسرتداد
يف مفهوم قانون اجلنسية اجلزائرية أوال مثه األشخاص الذين ميكنهم اسرتداد اجلنسية اجلزائرية اثنيا مثه الشروط الالهزمة
السرتداد اجلنسية اجلزائرية اثلثا وأخريا اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابآلاثر اجلماعية لالسرتداد رابعا:
أوال ـ ـ تعريف االسرتداد يف مفهوم قانون اجلنسية اجلزائرية:
يقصد ابال سرتداد يف مفهوم قانون اجلنسية اجلزائرية إمكانية رجوع الفرد إىل اجلنسية اجلزائرية الّت فقدها إبرادته أو دون
إرادته بسبب متتهعه جبنسية دولة أجنبية ،سواء كانت أصلية أو مكتسبة.
( -)1راجع :اكتساب اجلنسية ابالسرتداد ،رسالتنا ،مرجع سابق ،ص 154وما بعدها.
96
يتبني من التعريف السابق أ هن إمكانية اسرتداد اجلنسية اجلزائرية تبقى معلهقة على إرادة الفرد من جهة ،وإرادة الدولة من
ه
جهة اثنية .فقد جعل املشرع االسرتداد ممكنا عندما يرغب الفرد يف ذلك ،لكنه ترك تقدير االسرتداد من عدمه للسلطة
العامة يف الدولة ،فالكلمة العليا هلذه األخرية ،فإن شاءت وافقت على االسرتداد مّت توفهرت شروطه ،وإن أبت رفضته
ألي فرد كان ،مصلحتها العامة قبل مصلحة الفرد.
أي دولة تراعي يف منح جنسيتها ه
حّت لو توفهرت مجيع شروطه .أل هن ه
ه
اثنيا -األشذاص الذين إبمكاّنم اسرتداد اجلنسية اجلزائرية:
يتجلهى من نص املادة ،17الذي أوردانه أعاله أ هن إمكانية اسرتداد اجلنسية اجلزائرية مقتصرة على اجلزائريني الذين متتهعوا
هبا كجنسية أصيلة وفق املادتني 5و 6من قانون اجلنسية لسنة 1963سبق شرحهما مثه فقدوها إبحدي طرق الفقد
يعرب عنه ابلفقد غري
يعرب عنه ابلفقد اإلرادي ،أو دون إرادهتم وهذا ما ه
نص عليها هذا القانون سواء إبرادهتم وهذا ما ه
الّت ه
االرادي.
لكن من هم اجلزائريون الذين يفقدون جنسيتهم اجلزائرية األصلية إبرادهتم ،ومن هم الذين يفقدوّنا دون إرادهتم؟ نشرح
ذلك إبجياز حتت عنوان الفقد اإلرادي مثه حتت عنوان الفقد غري اإلرادي:
-)1الفقد اإلرادي :هناك ثالث حاالت ه
نصت عليها املادة 21من قانون اجلنسية الصادر سنة ،1963تُفقد فيها
نصت عليها املادة 3/6من
اجلنسية اجلزائرية األصلية إبرادة املعنيني ،وهناك حالة رابعة هي عبارة عن فقد شبه إرادي ه
نبني هذه احلاالت فيما أييت :
نفس القانون ،سبق دراستها فيما سلف ه
1ـ ـ احلالة األوىل (املادة :)1/21هي حالة اجلزائري الذي اكتسب عن طواعية يف اخلارج جنسية أجنبية وأُذن له مبوجب
مرسوم للتخلهي عن اجلنسية اجلزائرية فطبقا هلذا النص كل من كان جزائراي أصيال واكتسب جنسية أجنبية يف اخلارج
إبرادته مهما كانت طريقة االكتساب ،وإن كان التجنس هو أبرز هذه الطرق ،يفقد اجلنسية اجلزائرية بصفتها جنسية
أصلية.
2ـ ـ احلالة الثانية (املادة :)2/21هي حالة اجلزائري ولو كان قاصرا الذي له جنسية أجنبية أصلية وأُذن له مبوجب
كل من كان جزائراي أصيال ومتتهع جبنسية أجنبية ،يفقد اجلنسية
مرسوم للتهخلهي عن اجلنسية اجلزائرية فحسب هذا النص ه
اجلزائرية بصفتها جنسية أصلية ،سواء كانت مبنية على أساس حق الدم أو على أساس حق اإلقليم.
-3احلالة الثالثة (املادة :)3/21هي حالة املرأة اجلزائرية املتزوجة من أجنيب وتكتسب من جراء زواجها جنسية زوج ها
وأذن ل ها مبوجب مرسوم قبل حفل الزواج للتخلهي عن اجلنسية اجلزائرية .وفق هذا النص كل امرأة كانت هلا جنسية جزائرية
تزوجت أجنبيا واكتسبت جنسية زوجها األجنيب بفعل الزواج منه.
أصلية تفقدها ،إذا ه
لكن لكي يتم التخلهي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية يف احلاالت الثالث السابقة جيب أن تتوفر الشروط اآلتية:
يتضمن اإلعالن عن الرغبة يف التخلي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية.
أ أن يُق هدم طلب إىل وزير العدل ،ه
ب-أن يكون من ق هدم طلب التخلهي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية حامال اجلنسية األجنبية وقت تقدمي الطلب.
97
لكل من طلب منها يف احلاالت الثالث ،التخلهي عن اجلنسية اجلزائرية
ج أن أتذن السلطة اجلزائرية مبوجب مرسوم ه
األصلية.
كل من ق هدم طلب التخلهي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية مقيما يف اخلارج ،وهذا يعين ضعف الصلة أو
د أن يكون ه
انقطاعها بينه وبني الدولة اجلزائرية .والسلطة التقديرية يف ذلك تعود هلذه األخرية.
-4احلالة الرابعة :عبارة عن فقد شبه إرادي نصت عليها املادة 3/6من نفس القانون ،هي حالة الولد املولود يف اجلزائر
من أم جزائرية وأب أجنيب هو نفسه مولود يف اجلزائر إاله إذا رفض اجلنسية اجلزائرية خالل السنتني السابقتني على بلوغه
سن الرشد .وهو الولد الذي يتمتع ابجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم ( ،)1منحه املشرع إمكانية رفض
اجلنسية اجلزائرية إذا أراد ذلك ،خالل السنتني السابقتني على بلوغه سن الرشد .لكن إذا توفرت الشروط اآلتية:
أ أن يكون قد متتهع ابجلنسية اجلزائرية على أساس حق اإلقليم ،ويف ذات الوقت حيمل اجلنسية األصلية األجنبية على
أساس حق الدم من جهة أبيه األجنيب.
ب أن يق هدم طلبا للسلطة اجلزائرية ممثهلة يف وزير العدل ،يرفض فيه اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم،
خالل السنتني السابقتني على بلوغه سن الرشد.
بغض النظر
ج أن توافق احلكومة اجلزائرية على طلب رفض اجلنسية اجلزائرية .لكن تبقى هلا السلطة التقديرية يف ذلك ،ه
متوفرة .فإذا مل تتوفر يعلن وزير العدل عن عدم قبولهع هما إذا كانت الشروط القانونية الالزمة لرفض اجلنسية متوفهرة أم غري ه
لرد على
الطلب مبوجب مقرر يبلهغ للمعين .هأما إذا توفهرت فيمكنه رفض الطلب مبوجب مقرر يبلهغ له .على أن يكون ا ه
الطلب خالل ستة أشهر ابتداء من اتريخ إعداد امللف بصورة كاملة ،ويف حالة املوافقة يفقد املعين اجلنسية اجلزائرية ابتداء
من اتريخ الطلب.
املتصور أن توافق
د أن يكون املعين مقيما يف اخلارج م هدة كافية ،تضعف ارتباطه ابلدولة اجلزائرية ووالءه هلا .إذ من غري ه
السلطة العامة يف الدولة على طلب رفض جنسيتها األصلية ل من هو مقيم يف اجلزائر ويعيش فيها .أل هن فكرة الفعلية يف
ترسخت يف نطاق القانون الدويل ،تع هد من أهم مساهتا اإلقامة واالستقرار يف إقليم الدولة الّت حيمل الفرد
اجلنسية الّت ه
يؤدي ذلك إىل قلهة االحتكاك مبجتمع الدولة ،أو انقطاع
جنسيتها ،فإذا انتقل إىل اإلقامة يف اخلارج واالستقرار هناك ،قد ه
الصلة به متاما.
)2ـ ـ الفقد غري اإلرادي :هناك حالتان يفقد فيهما الفرد اجلنسية اجلزائرية األصلية دون إرادته ،مها:
1ـ احلالة األوىل :هي حالة اجلزائري الذي يقوم خبدمة يف دولة أجنبية أو يف جيش أجنيب وحيتفظ هبا بعد مرور ستة أشهر
من إنذار احلكومة اجلزائرية له بوجوب االستقالة منها :نصت عليها املادة /21ف 5من قانون اجلنسية لسنة .1963هذا
يتوىل
اجلزائري له جنسية جزائرية أصلية على أساس النسب ،ال ّتلو حالته من أمرين يف عالقته ابلدولة األجنبية الّت ه
( )1راجع ما سبق :شرح املادة 3/6من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة 1963ص .84
98
الظن أ هن الدولة
خدمة عمومية فيها ،أو خدمة جيشها .األمر األول أنه حيمل جنسيتها ،والثاين أنهه مرشح لذلك .أغلب ه
املعنية هنا ،هي دولة فرنسا االستعمارية وجيشها .هأما شروط فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية يف هذه احلالة ،فهي اآلتية:
وىل خدمة عمومية يف دولة أجنبية ،أو يف جيش أجنيب. أ أن يشغل املعن ي ،أو يت ه
ب أن تنذره احلكومة اجلزائرية بوجوب االستقالة من اخلدمة العامة يف الدولة األجنبية ،أو من اخلدمة يف اجليش األجنب ي
فتمنحه مهلة ستة أشهر لالستقالة.
ج أن حيتفظ رغم إنذاره ابخلدمة العامة يف الدولة األجنبية ،أو ابخلدمة يف اجليش األجنيب بعد انقضاء مهلة ستة أشهر
ابتداء من اتريخ إنذاره.
إذا توفرت هذه الشروط ف قد املعين اجلنسية اجلزائرية األصلية ،ابتداء من نشر مرسوم الفقد الذي يُعلن فيه فقده هلا.
2ـ احلالة الثانية :هي حالة الولد املولود يف اجلزائر من أبوين جمهولني الذي متتهع ابجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس
حق اإلقليم طبقا للمادة ،2/6سواء كانت واقعة ميالده يف اجلزائر اثبتة يف الزمان واملكان ،أو كانت مفرتضة يف حالة ما
إذا كان الولد اجملهول األبوين لقيطا عُثر عليه يف اجلزائر ،وكان حديث الوالدة .هذا الولد اجملهول األبوين يفقد جنسيته
اجلزائرية األصلية املبنية على أساس حق اإلقليم دون إرادته وأبثر رجعي كأنهه مل يكن قد متتهع هبا قط ،إذا توفهرت فيه شروط
الفقد ،وهي :أن يظهر أجنيب أثناء قصر الولد اجملهول األبوين ،وي هدعي انتسابه إليه ،ويثبت نسبه إليه فعال ،ويكون قانون
هذا األجنيب مينحه اجلنسية األصلية على أساس حق الدم من جهته (.)1
سن الرشد ،فإ هن الولد يبقى
غري أنهه إذا مل يظهر األجنيب الذي ي هدعي نسب الولد إليه أثناء قصره ،وظهر بعد بلوغه ه
حمتفظا ابجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم ،لكن إبمكانه أن يفقدها إذا أراد مبوجب املادة /21ف 2الّت
شرحناها أعاله.
بقي أن نذكر هنا أ هن املشرع اجلزائري قد رتهب يف املادة 23آاثرا مجاعية للفقد ،متت هد إىل األوالد القصر بقوة القانون
ابلنسبة ملن فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية يف احلالتني الواردتني يف املادة 1/21و ،2بشرطني :أن يكون األوالد القصر غري
/23ف.1 متزوجني ،ويعيشون معه فعال حسب نص املادة
أما فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية يف احلالة الواردة يف املادة ،5/21فإ هن أثر الفقد ال ميتد إىل األوالد القصر إاله إذا نص
مرسوم الفقد صراحة على ذلك ،حسب نص املادة /23ف .2وهبذا نصل إىل أ هن األشخاص الذين يفقدون اجلنسية
كل واحد منهم أن يسرتد اجلنسية اجلزائرية إذا توفرت فيه الشروط
اجلزائرية األصلية يف احلاالت الّت شرحناها أعاله ،ميكن ه
الّت نبيهنها أدانه.
اثلثا ـ ـ الشروط الالّزمة السرتداد اجلنسية اجلزائرية:
نستخلص هذه الشروط من نص املادة 17الذي أوردانه سابقا ،وهي:
)1أن يكون طالب االسرتداد ممهن كان متمتهعا ابجلنسية اجلزائرية األصلية طبقا ألحكام املادتني 5و 6من نفس القانون
مث فقدها أبحد األسباب املذكورة يف املادة ، 5° ،3° ،2° ، 1°/21ويف املادة 2/6و.3
( )1راجع ما سبق :شرح املادة 2/6اخلاصة حبالة الولد املولود يف اجلزائر من أبوين جمهولني.
99
-)2جيب أن يكون مقيما يف اجلزائر وقت تقدمي الطلب مل هدة ال تقل عن مثانية عشر ( )18شهرا ،إقامة معتادة ومنتظمة
ويقصد ابإلقامة املعتادة واملنتظمة يف اجلزائر أن تكون وفق التنظيم القانوين اجلزائري الذي حيكم وينظم إقامة األجانب
فيها .وتع هد هذه اإلقامة قصرية مقارنة مع اإلقامة املشرتطة يف حالة التجنهس العادي (املادة )1/13املق هدرة خبمس سنوات،
ويرجع السبب يف ذلك إىل افرتاض أ هن املسرتد كان جزائراي أصيال قبل فقده اجلنسية اجلزائرية ،فاندماجه من جديد يف
قحا.
اجملتمع اجلزائري يكون أسهل وأسرع وأيسر من كونه أجنبيها ه
- )3أن يقدم طلب اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابالسرتداد إىل وزير العدل وفق اإلجراءات اإلدارية املنصوص عليها يف
املادتني 27و 28من ذات القانون ،يعرب فيه عن إرادته الصرحية يف اسرتداد اجلنسية اجلزائرية .ومن انفلة القول أنهه
جيب أن يكون كامل األهلية وقت تقدمي الطلب.
-)4ميكن إضافة شرط آخر يُستفاد ضمنيها من النصوص السابقة ،وهو زوال سبب فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية ،وهو
قد يصدق يف حالة دون حالة أخرى .مثال كأن يكون القانون األجنيب يعلهق اكتساب املرأة اجلزائرية جنسية زوجها
تسرتد اجلنسية
فحّت ال تصري عدمية اجلنسية ميكنها أن ه
األجنيب على استمرار احلياة الزوجية ،فإذا حدث الطالق فقدهتا .ه
اجلزائرية.
لكن ما يالحظ يف شأن اسرتداد اجلنسية اجلزائرية أ هن املشرع اجلزائري ل هما أعطى إمكانية اسرتدادها ملن توفهرت فيه
يسرتدها كجنسية مكتسبة ،ال كجنسية أصلية .واحلكمة من ذلك حسب تقديران أ هن الذي الشروط السابقة ،إهّنا جعله ه
ينم سلوكه هذا عن استهتاره هبذه اجلنسية ،أو عن اهتزاز يف يقدم إبرادته على التخلهي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية ،إهّنا ه
شخصيته الوطنية ،قد ترتمجه ضعف صلته ورابطته ابجملتمع اجلزائري وابلدولة اجلزائرية نتيجة اإلقامة الطويلة يف اخلارج،
كل شيء هي انتماء فكري تتداخل فيها عوامل عديدة ،ذات طابع لغوي ،ثقايف ،فكري ،حضاري .فاجلنسية قبل ه
وحضاري ،قبل أن تكون انتماءً اجتماعيا ،وسياسيا وقانونيا ،أل هن هذا االنتماء األخري إهّنا هو تتويج لالنتماء األول وتعبري
عنه.
هأما إذا فقد الشخص اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم دون إرادته ،يف حالة الولد املولود يف اجلزائر من
أبوين جمهولني ،فإنهه يفقدها تلقائيا أثناء قصره إذا ثبتت له جنسية أجنبية أصلية على أساس حق الدم من جهة أجنيب،
واحلكمة من هذا الفقد هي الوقاية من ازدواج اجلنسية ،أل هن منحه اجلنسية اجلزائرية األصلية ابتداء يكمن يف حماربة انعدام
اجلنسية ،فإذا زالت علهة انعدامها ،زالت معها علهة منحه اجلنسية اجلزائرية.
و هأما الفقد غري اإلرادي يف حالة اجلزائري األصيل الذي يشغل خدمة عامة يف دولة أجنبية أو يف جيش أجنيب ،فإنهه
يع هد عقااب له على عدم استجابته لطلب الدولة اجلزائرية بوجوب استقالته من تلك اخلدمة.
100
رابعا ـ ـ اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابآلاثر اجلماعية لالسرتداد:
رأينا يف آخر الفقرة السابقة أن املشرع اجلزائري قد رتهب آاثرا مجاعية للفقد فاستلزم ذلك أن تكون يف املقابل آاثر مجاعية
السرتداد اجلنسية اجلزائرية .وقد نصت على ذلك املادة /20ف ،2حيث جاء فيها« :يسرتد أو يكتسب اجلنسية اجلزائرية
سرتد اجلنسية اجلزائرية إذا كانوا مقيمني فعال معه» .نقدم شرحا موجزا
بقوة القانون األوالد القصر غري املتزوجني لشخص ا ه
هلذا النص فيما يلي:
بقوة القانون
كنها قد بينها فيما سبق أ هن املشرع قد رتهب يف املادة 23آاثرا مجاعية على الفقد ،متت هد إىل األوالد القصر ه
إذا فقد أصلهم اجلنسية اجلزائرية األصلية وفق املادة 1/21و ، 2بشرطني :أن يكون هؤالء األوالد القصر غري متزوجني
نصت عليه املادة /23ف. 1فإذا اسرتهد أصلهم اجلنسية
ويعيشون فعال مع أصلهم الذي فقد اجلنسية اجلزائرية هذا ما ه
سرتدها أو اكتسبها معه أوالده القصر بقوة القانون بشرطني ،أن يكونوا غري متزوجني ومقيمني فعال معه
اجلزائرية ا ه
حسب نص املادة /20ف 2أعاله ،فهذه املادة ح هددت وضعيتني لألوالد القصر استخلصنامها من عبارة « يسرتد أو
يكتسب» الواردة فيها ،نوضحهما أدانه:
)1ـ الوضعية األوىل :هي أن ميت هد إليهم أثر فقد أصلهم اجلنسية اجلزائرية األصلية بقوة القانون حسب نص املادة /23ف1
سرتدها معه أوالده القصر الذين فقدوها معه ،إذا كانوا غري متزوجني
اسرتد أصلهم اجلنسية اجلزائرية ا ه
وبناء على ذلك إذا ه
ومقيمني معه فعال حسب املادة /20ف.2
)2ـ الوضعية الثانية :هي أن يولد أوالد للشخص الذي فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية بعد فقده هلا ،فإذا ا ه
سرتدها هو
وكان أوالده قصرا ،وغري متزوجني ،ومقيمني فعال معه اكتسبوها معه بقوة القانون .وهكذا ندرك الفرق بني الوضعيتني
اسرتدها هو نفسه .أما األوالد الذين ولدوا بعد
يسرتدوّنا إذا ه
فاألوالد القصر الذين فقدوا اجلنسية اجلزائرية مع أصلهم ه
سرتدها أصلهم .ويف الوضعيتني جيب أن تتوفر فيهم الشروط الّت ذكرانها أعاله.
فقده هلا فيكتسبون اجلنسية اجلزائرية إذا ا ه
أما حالة اجلزائري الذي يشغل خدمة عامة يف دولة أجنبية ،أو يف جيش أجنيب فقد رأينا أنهه يفقد اجلنسية اجلزائرية
األصلية طبقا للمادة .5/21فإذا فقدها ال ميت هد أثر فقده هلا إىل أوالده القصر إاله إذا ه
نص مرسوم الفقد صراحة على
ذلك أل هن الفقد هنا عقوبة شخصية للشخص نفسه لعدم استجابته لطلب احلكومة /23ف2 ذلك حسب نص املادة
يسرتدوّنا معه
يبني يف حالة ما إذا مشلهم مرسوم الفقد ،هل ه املشرع مل ه
اجلزائرية بوجوب االستقالة من تلك اخلدمة .لكن ه
اسرتدها وكانوا قد ُولدوا بعد فقده هلا .يف تقديري أ هّنم
إذا كانوا قد فقدوها معه ،أو هل يكتسبوّنا معه يف حالة ما إذا ه
اسرتدها وكانوا قد ُولدوا بعد فقده هلا.
يسرتدوّنا معه إذا كانوا قد فقدوها معه ،أو يكتسبوّنا معه إذا ما ه
ه
كل شخص
خنتم كل ما سبق ابلقول إ هن اكتساب اجلنسية اجلزائرية بصفة عامة يرتتهب عنه أيضا آاثر فردية ،حيث يتمتهع ه
اكتسب اجلنسية اجلزائرية إبحدى طرق االكتساب الّت شرحناها سابقا جبميع احلقوق املتعلقة ابلصفة اجلزائرية ابتداء من
نصت عليه املادة 18من ذات
اتريخ اكتساهبا .وذلك يعين التمتهع جبميع احلقوق املدنية والسياسية اجلزائرية هذا ما ه
القانون.
101
غري أنهه يف حالة اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلتجنهس ال جيوز أن تسند لألجنيب املتجنهس نيابة انتخابية ملدة 5سنني،
إاله إذا أُعفي من هذا املنع املؤقت مبوجب مرسوم التجنهس ،حسب نص املادة 19من نفس القانون.
( )1نصت املادة 3على أن« :يشرتط يف اكتساب اجلنسية اجلزائرية تقدمي تصريح ابلتخلهي عن اجلنسية األصلية ،ويسري مفعول هذا التصريح من يوم اكتساب اجلنسية
اجلزائرية» .استخدم املشرع عبارة «التخلي عن اجلنسية األصلية» واألصح التخلي عن اجلنسية السابقة.
(-)2األحسن القول «:مولود خارج إقليم اجلزائر» أل هن اإلقليم يشمل الرتاب اجلزائري واملياه اإلقليمية اجلزائرية والسفن والطائرات اجلزائرية .
(-)3راجع ما سبق :املادة 1°/11من قانون : 1963حالة الولد املولود من أم جزائرية وأب أجنيب مولود خارج اإلقليم اجلزائري .
102
للبت يف تصريح االكتساب املق هدم من املعين ،فهو يف قانون 1963
-)2خيتلف القانوانن يف األجل املمنوح لوزير العدل ه
مق هدر بستة ( )6أشهر ابتداء من يوم ثبوت اترخيه (،)1وهو يف قانون 1970قبل تعديله مق هدر إبث ن ي عشر ( )12شهرا
ابتداء من إعداد امللف بصورة كاملة ( ،)2ويف كليهما يع هد سكوت وزير العدل بعد انقضاء األجل موافقة.
-)3هناك اختالف آخر بني القانونني ذكرته أعاله ،يتعلهق بنص املادة 3من قانون اجلنسية لسنة 1970قبل تعديله،
حيث ألزم املشرع اجلزائري كل شخص يريد أن يكتسب اجلنسية اجلزائرية أن يقدم تصرحيا للسلطة اجلزائرية يتخلهى مبوجبه
عاما ،يشمل مجيع طرق االكتساب واحلاالت الواردة فيها ،وهذا ما كان غائبا عن جنسيته السابقة ،وقد جاء النص ه
يف قانون اجلنسية لسنة ،1963إاله يف حالة واحدة هي اكتساب املرأة األجنبية املتزوجة من جزائري اجلنسية اجلزائرية كأثر
لزواجها من جزائري ،اشرتط عليها املشرع أن تقدم تصرحيا تعلن فيه صراحة قبل حفل الزواج عن ّتليها عن جنسيتها
السابقة ،حسب املدة 12من القانون املعين(.)3
نص املادة 3من قانون 1970قبل تعديله يتماشى مع مبدإ االختيار املعمول به يف جمال فقه اجلنسية ،إذا ما اعتربان
إ هن ه
ذلك اختيارا من املعين ،ومع مبدإ تعليق اكتساب جنسية الحقة على فقد جنسية سابقة .غري أن الصيغة الّت جاء هبا
جمرد تقدمي التصريح ابلتخلهي عن اجلنسية السابقة ال يفضي حتما إىل
نص املادة ،3ال يؤدي إىل نتائج حامسة ،أل هن ه
فقدها من الناحية القانونية .والظاهر من النص أ هن املشرع اجلزائري أحجم عن أن يشرتط على املعين أن حيصل على إذن
متيسر ،إذا مل يكن
حّت يكتسب اجلنسيهة اجلزائريهة ،أل هن ذلك أمر غري ه
من دولته األصليهة يسمح له ابلتخلهي عن جنسيتها ،ه
مسا مببدإ حريهة ال هدولة يف تنظيم
قر مبثل هذا اإلذن .مثه إ هن هناك اجتاها فقهيها يرى ذلك ه
املشرع الوطين لتلك ال هدولة يُ ه
ه
جنسيتها .فمسألة التخلهي عن اجلنسيهة الوطنيهة أمر مرتوك ه
()4
كل دولة ،ينبع من مبدإ حريهتها يف تنظيم جنسيتها،
ملشرع ه
املشرع اجلزائري أخذ مببدإ اإلذن ابلتخلهي عن اجلنسيهة اجلزائريهة يف املادة 21من قانون ،1963
وكنها قد رأينا فيما سلف أ هن ه
وأخذ به يف املادة 18يف قانون 1970قبل وبعد تعديله كما نرى ذلك الحقا .فما قيمة النهص الوارد يف املادة الثالثة من
قانون اجلنسية الصادر سنة 1970قبل تعديله ؟ ،الريب أ هن قيمته تظهر يف عالقة املعين ابل هدولة اجلزائريهة بعد اكتسابه
ويدل على والئه
السابقة يوحي ابندماجه يف اجملتمع اجلزائري ،ه اجلنسيهة اجلزائريهة ،فتقدميه التهصريح ابلتهخلهي عن اجلنسيهة ه
حجة عليه وسالحا يف يد ال هدولة اجلزائريهة لل هدولة اجلزائريهة ،هذا من جهة ،من جهة أخرى فإ هن هذا التهصريح سيكون ه
هرب منها ،بل تلزمه هبا، الصفة اجلزائريهة ،فال ميكنه الته ه
التنصل من األعباء النهاجتة من محله ه
تُشهره يف وجهه إذا ما حاول ُّ
وال أتخذ بعني االعتبار كونه مازال من النهاحيهة القانونيهة متمتهعا جبنسيهة ال هدولة األخرى على األقل من وجهة نظر قانون
حق ال هدولة األصليهة ،إذا ما هادعت
تلك ال هدولة ،فهو من وجهة نظر ال هدولة اجلزائريهة يُع هد جزائرهاي فقط ،ول هكن هذا ال يُسقط ه
نصت عليه املادة
السابقة ،ال هذي ه أنهه من وطنييها ،ألنهه ما برح حيمل جنسيتها .فكأ هن شرط التهصريح ابلتهخلهي عن اجلنسيهة ه
الثالثة ،3إهّنا هو التزام معنوي أكثر منه قانوين ،ألنهه ال يُرتهب أي آاثر قانونيهة يف مواجهة ال هدولة األصليهة للمعين ،ولذلك
103
مبجرد اكتسابه اجلنسيهة اجلزائريهة ،إذا كان قانون دولة أبيه األجنيب مينحه اجلنسيهة األصليهة على
تُلح ُقه ازدواجيهة اجلنسيهة ه
حّت لو ُولد يف اخلارج.
حق ال هدم من جهته هأساس ه
صر أثناء اكتسابه اجلنسيهة
للمعين أوالد قُ ه
هأما عن اآلاثر اجلماعيهة الكتساب اجلنسيهة اجلزائريهة هبذه الطهريقة :فإنهه إذا كان ه
بقوة القانون يف نفس الوقت ال هذي اجلزائريهة فإ هن اآلاثر اجلماعيهة هلذا االكتساب ُّ
متتد إليهم ،فيكتسبون اجلنسيهة اجلزائريهة ه
نصت عليه املادة /17ف 1من نفس القانون حيث جاء فيها" :يُصبح األوالد ال ُق ه
صر ألشخاص اكتسبها هو فيه ،وهذا ما ه
اكتسبوا اجلنسيهة اجلزائريهة مبوجب املادة 9من هذا القانون ،جزائريني يف نفس الوقت كأصلهم (.)1
الفرع الثّاين-اكتساب اجلنسيّة اجلزائريّة ابلتّجنُّس:
هامة من طُرق اكتساب اجلنسيهة اجلزائريهة يف ظل قانون اجلنسيهة لسنة 1970قبل يُع هد التهجنهس ابجلنسيهة اجلزائريهة طريقة ه
شخصا أجنبيها بناءً على طلبه اجلنسيهة اجلزائريهة إذا توفهرت فيه الشروط
ه تعديله .يُقصد ابلتهجنُّس أن متنح ال هدولة اجلزائريهة
املختصة يف ال هدولة على جتنُّسه جبنسيتها .فالتهجنُّس وإن كان
ه السلطة
شرع اجلزائري ،ووافقت ه الّت اشرتطها امل ه
القانونية ه
اداي من الفرد األجنيب، نظاما قانونيها تُنشئه ال هدولة إبرادهتا املنفردة لتنظيم اكتساب األجانب جنسيهتها ،فهو يُ ُّ
عد تعبريا إر ه
الضن هبا عليه إذا كان غري الّت تتمته ُع بسلطة تقديريهة واسعة يف منح جنسيهتها ملن تراه أهال حلملها ،أو ه
وقبوال من ال هدولة ،ه
كل األحوال إاله بتالقي إرادة الفرد طالب اجلنسيهة من جهة ،وإرادة ال هدولة املاحنة
لكن التجنُّس ال يكون يف ه جدير هبا .ه
ب عنه أثر قانوين جوهره توافق إرادتني ،يرتته ُ
الرتاضيُ ،
عد عمال قانونيا قائما على هللجنسيهة من جهة أُخرى ،وهبذه امل ث ابة يُ ُّ
هام هو أن يصري الفرد عضوا يف شعب ال هدولة ،وحامال لصفة وطين من وطنييها .وهو هإما أن يكون جتنهسا عاداي (الفقرة
األوىل) ،أو جتنهسا استثنائيا (الفقرة الثانية) ،أو يكون ابمتداد اآلاثر اجلماعية للتجنهس (الفقرة الثانية).
أوال-اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلتّجنُّس العادي:
نصت على إمكانية التجنهس ابجلنسية اجلزائرية جتنهسا عاداي املادة 10من قانون اجلنسية الصادر سنة 1970قبل
تعديله ،ح يث جاء فيها« :يُمكن لألجنيب ال هذي يق هدم طلبا الكتساب اجلنسية أن حيصل عليها بشروط:
-)1أن يكون مقيما يف اجلزائر منذ 7سنوات على األقل بتاريخ تقدمي الطلب.
-)2أن يكون مقيما يف اجلزائر وقت التهوقيع على املرسوم الذي مينح التهجنُّس.
الرشد.
سن ُّ
-)3أن يكون ابلغا ه
ابلشرف.
-)4أن تكون سريتُه حسنة ومل يسبق احلكم عليه بعقوبة ُّت ُّل ه
-)5أن يثبت الوسائل الكافية ملعيشته.
-)6أن يكون سليم اجلسد والعقل.
-)7أن يثبت اندماجه يف اجملتمع اجلزائري.
األصح هو "كأصلهم" .النهص ابللهغة العربية جاء غري دقيق ،وابللهغة الفرنسية جاء
(-)1ورد يف النهص ابللغة العربية "كوالديهم" وابللغة الفرنسية » « Que leur auteurو ه
دقيقا وحمكما.
104
ويُق هدم الطلب إىل وزير العدل الذي يستطيع دائما رفصه ضمن شروط املادة 26بعده».
نُالحظ أ هن شروط التجنُّس العادي هنا تكاد تكون متطابقة مع شرط التهجنُّس العادي الوارد يف املادة 13من قانون
شرع يف القانون
اجلنسية لسنة ،1963وال ّتتلف عنها إاله يف بعض اجلزئيات ،مع إضافة شرط االندماج الذي أغفله امل ه
الرتكيز على ما استجد ،وذلك فيما يلي:
الشروط الواردة هنا تفاداي للتكرار مع ه
السابق .هلذا نشرح إبجياز ه
ه
-1الشرط األول :أن يكون مقيما يف اجلزائر منذ 7سنني على األقل بتاريخ تقدمي الطلب .إ هن شرط اإلقامة م هدة معيهنة
عد من عوامل االندماج يف جمتمع الدولة .لكن اإلقامة وحدها ال تكفي لتحقيق االندماج ،بل البُ هديف التهجنُّس العادي ،يُ ُّ
أن تؤدي إليه ،وقد جعلها املشرع هنا سبع( )7سنني عوضا عن( )5سنني يف املادة 13من قانون .1963وحتديد امل دة
الّت حت هد ُد يف قانوّنا املدة الّت تراها
الالزمة لالندماج يف جمتمع الدولة ،يبقى خاضعا لتقدير السلطة العامة يف الدولة ،ه
وترجع ُسرعة االندماج إىل مدى تقا ُرب األجنيب مع ُ تعززت بعوامل أُخرى ليتح هقق اندماج األجنيب يف شعبها.
كافية ،إذا ه
توفرت فيه خاصية من هذه اخلصائص كان أقرب إىل االندماج. أفراد جمتمع الدولة لُغواي ،دينيا ،ثقافيا ،وحضاراي .فكلهما ه
مينح التجنُّس:
-2الشرط الثاين :أن يكون مقيما يف اجلزائر وقت التوقيع على املرسوم الذي ُ
هذا الشرط منفصل عن الشرط األول ،ولكنه مالزم له ،وهو يؤهكد حرص املعين على التهجنُّس ابجلنسية اجلزائرية ونية
االستقرار بعد التجنهس يف اجلزائر ،وكأ هن ال مشهرع بشرطه هذا أراد أن يستوثق من رغبة املعن ي وج هديته فيما أقدم عليه.
الرشد ذلك يعين أن تكون له أهلية األداء .ومن الطبيعي واملنطقي أن تكون -3الشرط الثّالث :أن يكون ابلغا ه
سن ُّ
له أهلية األداء وفق القانون اجلزائري .وقد شرحنا هذا الشرط عندما درسناه يف املادة 13من قانون ،1963ممها جيعلنا
حل من إعادة شرحه هنا (.)1
يف ه
ابلشرف،
قصد هنا ابلعقوبة املخلهة ه -4الشرط الرابع :أن تكون سريتُه حسنة ومل يسبق احلكم عليه بعقوبة ُِّت هل ه
ابلشرف يُ ُ
غض النهظر عن ستوجب العُقوبة ،بِ ه
ُ تلك العقوبة النهامجة عن فعل يُكيهف وفق القانون اجلزائري على أنهه عمل إجرامي ي
احملكمة الّت أصدرت احلكم ،أهي حمكمة جزائرية أم أجنبية.
-5الشرط اخلامس :أن يثبت الوسائل الكافية ملعيشته وذلك ه
حّت ال يكون عالة على اجملتمع والدولة اجلزائريني.
العامة يف اجملتمع اجلزائري،
الصحة ه -6الشرط السادس :أن يكون سليم اجلسم والعقل .هذا ه
الشرط تستلزمه احملافظة على ه
وجتنُّب أعباء اجتماعية إضافية تكون الدولة يف غىن عنها.
الشروط الثهالثة رقم 6،5،4إبجياز أل هّنا مطابقة متاما للشروط رقم 6،5،4الواردة يف املادة 13من قانون ،1963
رت هذك ُ
أي جتنُّس يكون فيه املساس بسالمة اجملتمع اجلزائري
سبق يل أن شرحتُها ،وهي شروط ترمي إىل محاية اجملتمع والدولة من ه
وأمنه العام ،سواء من الناحية املادية والصحية واالخالقية.
-7الشرط السابع :أن يثبت اندماجه يف اجملتمع اجلزائري .هذا الشرط جديد مل ينص عليه قانون اجلنسية لسنة ،1963
تك ابجملتمع ويندمج فيه تدرجييا .فهي من
ومعلوم أ هن االندماج ال يكون دون إقامة حم هددة امل هدة ،تسمح لألجنيب أن حي ه
( -)1راجع ما سبق :األهلية كشرط من شروط التجنُّس يف قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ،1963ص 95وما بعدها.
105
تسنُّها تشريعات ال ُدول املختلفة ،وجتعلُها شرطا أساسيا لتجنُّس األجانب جبنسيتها جتنُّسا عاداي،الشروط اجلوهرية الّت ُ
إىل جانب شرط االندماج .ال ندري ملاذا فصل املشرع اجلزائري يف هذه املادة بني اإلقامة واالندماج فجعل ُهما شرطني
عنصرا من عناصر االندماج إاله هأّنا ال تكفي يف
عد ُ منفصلني ،مادام مل يُ ِهبني قرائن االندماج .ومع أ هن اإلقامة الطويلة تُ ُّ
ك أ هن القرائن
ذاهتا لالندماج يف اجملتمع اجلزائري .وكان األحرى به أن يُ هبني قرائن االندماج يف اجملتمع اجلزائري ،وال ش ه
يستدل هبا على اندماج األجنيب يف شعب الدولة ،هي معرفة لغتها الوطنيهة معرفة كافية ( ،)1أوُّ األُخرى غري اإلقامة ،الّت
اإلملام هبا ( ،)2وكذا معرفة اترخيها ،وحضارهتا ،ونظامها السياسي ،واملشاركة يف احلياة االجتماعية والثقافية واالرتباط ابجملتمع
تدل على االندماج. من خالل الزواج برعية من رعااي الدولة والتخلهي عن اجلنسية السابقة ،إىل غري ذلك من القرائن الّت ه
حتب أن ترى فيمن يريد أن يتجنهس جبنسيتها أن يصري سلوكه العام من سلوك وطنييها ،يف تفكريه ،وعاداته، كل دولة ُّ
ه
وتقاليده ،وأحاسيسه كأنهه واحد منهم ،يفرح ألفراحهم ،وجيزن ألحزاّنم ،ي ت زي بزيِههم ،ويظهر مبظاهرهم ،فيأكل ممها أي ُكلون،
يتكلم بلِساّنم ،ويفكر بلغتهم .وابلنهسبة للجزائر فإ هن أفضل ما يكون عليه األجنيب الذي يُريد أن يلبسونُ ، ويلبس ممها ُ
ُ
أغلب سكاّنا ابإلسالم ،وأحسناألقل يكون منتميا إىل دولة أجنبية يدين ُ يتجنهس جبنسيتها أن يكون مسلما ،أو على ه
أهم
أي دولة يتوقهف على ه من ذلك أن يكونوا يف أغلبهم مسلمني ،لغتُهم هي اللهغة العربية .إ هن شرط االندماج يف جمتمع ه
الراغب يف التجنُّس
أهم عوامل االندماج يف اجملتمع اجلزائري هي أن يكون ه عوامل االندماج فيه .ويف تقديري أ هن من ه
تقن اللغة العربية بصفتها اللغة الوطنية الرس مية للدولة اجلزائرية ،نطقا وكتابة ،أو يُتقن احلديث
ابجلنسية اجلزائرية مسلما ويُ ُ
ائري املسلم.
أي هلجة من هلجات الشعب اجلز ه
ابألمازيغية أو ه
املادة ،3وهو شرط تقدمي تصريح ابلتخلهي عن اجلنسية السابقة ،ويسري مفعول -8أما الشرط الثامن :فقد ه
نصت عليه ه
هذا التهصريح يف مواجهة املعين من يوم اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلتجنس.
يؤدي يف الواقع من الناحية القانونية
جمرد التزام أخالقي ومعنوي ألنهه ال ه
نت سابقا فإ هن هذا التهصريح يبقى ه
لكن وكما بيه ُ
إىل فقد اجلنسية السابقة مادام مل يفقدها طبقا لقانون دولته األصلية.
-9الشرط التاسع :هو أن يق هدم املعين طلب التجنُّس إىل وزير العدل ،وفق اإلجراءات اإلدارية الّت ه
نصت عليها املادة
الشهادات واملستندات الّت من شأّنا: 25مصحواب ابلواثئق و ه
-أن تثبت أ هن الطلب تتوفهر فيه الشروط القانونية املطلوبة.
مربًرا من الوجهة الوطنية.
-أن تسمح ابلبت فيما إذا كان جتنُّس املعين ه
قرر ُمعلهل ،يُبله ُغ إىل املعين .هأما
إذا مل تتوفهر الشروط القانونية للتجنهس يُعلن وزير العدل عن عدم قُبوله الطلب مبوجب ُم ه
قرر يُبله ُغ للمعين حسب املادة .26
الشروط فيستطيع وزير العدل دائما رفض الطلب مبوجب ُم ه
إذا توفهرت ه
املتضمن أحكام قانون اجلنسيهة الفرنسيهة ،نشر داللوز 2005على أنههُ" :ال أحد ميكنه أن يتجنهس مامل يُثبت اندماجه
ه نصت املادة 24-21من القانون املدين الفرنسي ( -)1ه
يف اجملتمع الفرنسي ،خاصة مبعرفته اللهغة الفرنسيهة معرفة كافيهة"
"ملما ابللهغة العربيهة" .أنظر يف شأن ذلك :د .هشام علي صادق ،القانون ال هدويل اخلاص،
س ابجلنسيهة املصريهة أن يكون ه
املشرع املصري فيمن يتجنه ُ
(-)2اشرتط ه
دار الفكر اجلامعي ،االسكندريهة ،2005ص.61 ،60
106
هأما عن ُمهلة البت يف الطلب فتكون خالل إثن ي عشر ( )12شهرا ابتداء من إعداد امللف بصورة كاملة ،فإذا سكت
املادة .27وذلك يعين أ هن موافقته على طلب
وزير العدل خالل تلك املهلة أعترب سكوته رفضا لطلب التجنُّس حسب ه
كل األحوال يُع هد التجنُّس منحة من الدولة ،خيضع لسلطتها التقديرية .فإذا قبلت
جيب أن تكون صرحية .ويف ه
التجنُّس ُ
املادة /12ف ،1وجيوز له أن يطلب تغيري امسه ولقبه ،ويتولهى ضابط
الطلب منحت املعين اجلنسية اجلزائرية مبرسوم وفق ه
سجل احلالة املدنية (املادة /12ف2و.)3
احلالة املدنية تسجيل ذلك يف ه
اثنيا-اكتساب اجلنسيّة اجلزائريّة ابلتجنّس االستثنائي:
أتخذ بعني االعتبار أحكام اإلخالل
مكن للحكومة أاله ُ
املادة ،11حيث جاء فيها« :ي ُ
نصت على التجنهس االستثنائي ه
ه
ابلشرف الصادرة يف اخلارج.
ض أجل 7سنوات املنصوص عليها يف املقطع األول من املادة 10إىل 18شهرا ابلنسبة للولد املولود يف اخلارج من ُخي هف ُ
أم جزائرية وأب أجنيب.
كن لألجنيب امل صاب بعاهة أو مرض من جراء عمل قام به خدمة للجزائر أو لفائدهتا أن يتجنهس ابجلنسية اجلزائرية ُمي ُ
وذلك بقطع النظر عن أحكام الفقرة 6من املادة 10أعاله.
ميكن لألجنيب الذي ق هدم خدمات استثنائية للجزائر أو أ هن يف جتنُّسه فائدة استثنائية للجزائر ،أن يتجنهس ابجلنسية اجلزائرية
الشروط املنصوص عليها يف املادة السابقة. وذلك بقطع النظر عن ه
الصنف امل شار إليه يف هذه الفقرة فيُكمنِ
يدخل يف ه توىف األجنيب عن زوجه وأوالده وكان إبمكانه أثناء حياته أن ُ إذا ه
()1
هلؤالء أن يطلُبوا جتنُّسه بعد الوفاة يف نفس الوقت الذي يطلُبون فيه جتنُّسهم».
قسمة إىل مخس ( )5فقرات .نشرح هذه الفقرات فيما يلي: املادة ُم ه
هذه ه
ابلشرف
أتخذ بعني االعتبار أحكام اإلخالل ه -)1الفقرة األوىل (املادة /11ف :)1ه
نصت على أن « ُميكن للحكومة أاله ُ
املادة /14ف 1من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة 1963الذي شرحناه سابقا لنص ه
الصادر يف اخلارج» هذا النهص ُمطابق هه
ممها يُغنينا عن إعادة شرحه يف هذا املوضع .مضمون هذه الفقرة يُطبهق على ك هل من ُميكنه أن يتجنهس ابجلنسية اجلزائرية
تضمنت أربع حاالت ُمت هكن
نصت عليها املادة 11يف فقرات ها األربع املتبقية ،حيث ه جتنُّسا استثنائيا يف احلاالت الّت ه
أصحاب ها أن يستفيدوا-كل حسب وضعيته-من ّتفيض مدة شرط اإلقامة ،أو اإلعفاء من أحد شروط التجنُّس ،أو
اإلعفاء منها مجيعُها ،هذا ما نشرحه أدانه.
107
-)2الفقرة الثانية (املادة /11ف :)2تضمنهت هذه الفقرة حالة الولد املولود يف اخلارج من هأم جزائرية وأب أجنيب .يستفيد
نصت
هذا الولد من ّتفيض م هدة اإلقامة يف اجلزائر ال مقدرة سبع ( )7سنني كشرط من شروط التجنُّس العادي الذي ه
إىل مثانية عشر ( )18شهرا .يتهضح من قراءة نص املادة /11ف 2أ هن املشرع اجلزائري قد جعل /10ف)1 عليه (املادة
أم جزائرية سببا للتجنُّس ابجلنسية اجلزائرية إبقامة مُخ هفضة من سبع ( )7سنني إىل مثانية عشر شهرا ()18
االحندار من دم ه
شهرا استثناءً يف القاعدة العا همة.
هأما ُشروط التجنُّس يف هذه احلالة فهي اآلتية:
-1أن تكون أُمه جزائرية وقت ميالد الولد ،يستوي يف ذلك أن تكون جنسيتها وقتئذ جزائرية أصلية أو مكتسبة.
-2أن يكون أبوه أجنبيا ،وهذا ال هشرط يقتضي أن يكون األب حامالً جنسية دولة أجنبية.
الشك.-3أن يكون الولد قد ُولد يف اخلارج ،ومعىن ذلك أ هن واقعة ميالده يف اخلارج اثبتة ال يرقى إليها ه
-4أن يكون املعين ُمقيما يف اجلزائر م هدة ال ت هقل عن مثانية عشر شهرا ( )18وقت تقدمي طلب التجنُّس ،وال غرو أ هن
ّتفيض م هدة اإلقامة يف اجلزائر قائم على افرتاض أ هن االحندار من دم أ هُم جزائرية يع هد عامال مساعدا على قابلية االندماج
كعاداي ،خاصة إذا كانت األُم حتمل اجلنسية اجلزائرية ابلنهسب ،فال ش ه يف اجلماعة الوطنية بوترية أسرع ممها لو كان جتنُّسا ً
ترتدد مع ولدها على أُسرت ها
كل ذلك إليه ،والريب أ هّنا ه أ هّنا تتكلهم اللهغة العربية أو األمازيغية وتدين ابإلسالم ،فتن ُق ُل ه
اصل واالرتباط ابستمرار بينه وبني املجتمع اجلزائري ،فيُساعد ذلك قوي عملية التهو ُاجلزائرية املسلمة حال طُفولته ،ممها يُ ه
ُ
على اندماجه فيه.
نصت عليها املادة ،10من إقامة يف اجلزائر وقت التهوقيع على مرسوم التهجنُّس، الّت ه
الشروط األُخرى ه -5أن تتوفهر فيه مجيع ه
وأهلية ،والشروط اخلاصة بسالمة ومحاية األمن العام يف الدولة واجلماعة الوطنية ،إىل جانب شرط االندماج وشرط التهصريح
الشروط شرحناها عندما درسنا التهجنُّس العادي ،ممها جيعلُنا يف غىن عن إعادت ها هنا،
ابلتهخلهي عن اجلنسية السابقة .وهذه ه
وبت فيه يف األجل املمنوح له ابملوافقة ،اكتسبالشروط ،وق هدم املعين طلب التهجنُّس إىل وزير العدل ه
كل تلك ه فإذا توفهرت ه
منحها على أساساجلنسية اجلزائرية ابلتجنُّس ،ومادام أبوه أجنبيا فقد حيمل اجلنسية األجنبية األصلية إذا كانت دولة أبيه ت ُ
حق اإلقليم ،إذا ُولد يف إقليم دولة تُقيم جنسيتها
حيمل اجلنسية األصلية املبنيهة على أساس ه
حق الدم من جهة أبيه ،وقد ُ ه
األصلية على هذا األساس ،فتلح ُقه ازدواج اجلنسية أو تعدُّدها.
املادة املعنية على أن « ُميكن لألجنيب امل صاب بعاهة أو مرض -)3الفقرة الثالثة (املادة /11ف : )3ه
نصت هذه الفقرة من ه
جراء عمل قام به خدمة للجزائر أو لفائدهتا أن يتجنهس ابجلنسية اجلزائرية وذلك بقطع النظر عن أحكام الفقرة 6من
من ه
املادة 10أعاله».
الصنف األول من
يتضمن حالة ّ
هذا النص ُمطابق لنص املادة /14ف 2من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ،1963وهو ه
األجانب الذي ُميكنه أن يتجنهس جتنُّسا استثنائيا ابجلنسية اجلزائرية مع إعفائه من شرط واحد من ُشروط التجنس العادي
الذي نصت عليها املادة /10ف ،6وهو شرط " أن ي ُكون سليم اجلسد والعقل" الوارد يف املادة املعنية .وقد علهق امل شرع
اإلعفاء منه ،أبن يكون العمل الذي قام به خدمة للجزائر او لفائدهتا هو السبب امل باشر إلصابته بعاهة عقلية أو جسدية،
108
السلم
أو مرض جسدي .ويرجع تقدير ذلك إىل السلطة العامة يف الدولة املاحنة للجنسية .ويستوي أن يكون ذلك وقت ه
لكل عمل تكون فيه خدمة للجزائر ،أو املشرع جمال هذه اخلدمة أو الفائدة ،بل إ هن جماهلا يتهسع ه
أو احلرب ،ومل ُحي هدد ه
فيجب أن تتوفهر
ُ لفائدهتا .أ هما ابقي الشُّروط األُخرى ،الّت شرحناها سابقا عندما تناولنا التجنُّس العادي طبقا للمادة 10
يف املعين مجيعُها ( .)1يُ ُّ
عد التجنُّس االستثنائي يف هذه احلالة مكافأة من الدولة اجلزائرية للمعين ،تكرميا على ما أصابه من
ضرر بسبب العمل الذي قام به خدمة للجزائر أو لفائدت ها.
ُّسا
ابلصنفني الثاين والثالث اللذين ُميكنهما أن يتجنهسا جتن ً -)4الفقرة الرابعة (املادة/11فُّ :)4
نص هذه الفقرة خاص ه
ُّ
نستشفه من النهص ذاته، استثنائيا ابجلنسية اجلزائرية مع إعفائهما من مجيع الشروط املنصوص عليها يف املادة .10هذا ما
حيث جاء فيه «يُمكن لألجنيب الذي ق هدم خدمات استثنائية للجزائر أو أ هن يف جتنُّسه فائدة استثنائية للجزائر أن يتجنهس
ُ
الشروط املنصوص عليها يف املادة السابقة» .هذا النهص ُمطابق ه
لنص املادة ابجلنسية اجلزائرية وذلك بقطع النظر عن ه
/14ف 3من قانون اجلنسية لسنة .1963وهو يعين كما سبقت اإلشارة صنفني من األجانب مها:
لسابق
الصنف من األجانب كما يبدو من النهص ا ه -الصنف الثاين :األجنيب الذي ق هدم خدمات استثنائية للجزائر .هذا ه
ال ُميكنه أن يتجنهس ابجلنسية اجلزائرية جتنُّسا استثنائيا إاله بعدما يكون قد ق هدم خدمات استثنائية للجزائر ،أل هن املشرع
استخدم فعل "ق هدم" يف صيغة املاضي ،وذلك يعين أ هن إمكانية جتنُّسه أتت ي بعد تقدميه فعال تلك اخلدمات االستثنائية
نصت عليها املادة ،10وما عليه حينئذ إاله أن للجزائر ،فإذا كان قد ق هدمها أعفاه املشرع من مجيع ُشروط التجنُّس الّت ه
ت فيه خالل ُمهلة إثن ي عشر ( )12شهراُ ،ميكنُه فيها أن يقبل الطلب يُق هدم طلب التجنُّس إىل وزير العدل ،الذي يبُ ُّ
البت فيه ُع هد ُسكوتُه رفضا .وقد سبق لنا بيا ُن ذلك يف التجنُّس العادي،
أو يرفُضه ،فإذا انقضت املهلة وسكت الوزير عن ه
نفسها يف التجنُّس االستثنائي.
أل هن اإلجراءات هي ُ
-الصنف الثالث :هو األجنيب الذي يكون يف جتنُّسه فائدة استثنائية للجزائ ر:
يبدو من عبارة " أو أ هن يف جتنُّسه فائدة استثنائية للجزائر" اخلاصة هبذا ه
الصنف ،الّت تُقابلُها ابللهغة الفرنسية عبارة:
»«Ou dont la naturalisation présente un intérêt exceptionnel pour L’Algerie
إذا دقهقنا ترمجة هذه العبارة ابللغة الفرنسية إىل اللهغة العربية وجدان صيغتها كما يلي:
"أو الذي يكون يف جتنُّسه فائدة استثنائية للجزائر" وبذلك يستقيم النهص ابللغة العربية ويتوافق مع ما رمى إليه املشرع،
يؤدي إىل ا هن هذا الصنف من األجانب ُميكنهأل هن استخدام فعل "يكون" يف صيغة املضارع ،الذي يعين احلاضر واملستقبل ه
حتصل اجلزائر منه على الفائدة االستثنائية .فإذا كان األمر كذلك،
أن يتجنهس ابجلنسية اجلزائرية جتنُّسا استثنائيا قبل أن ُ
ضع جتنُّسه لنفس اإلجراءات الّت شرحناها فيما سبق.نصت عليها املادة .10وخي ُ جتنهس مع إعفائه من مجيع الشروط الّت ه
ظل قانون اجلنسية
ندرس التجنُّس االستثنائي يف ه سنُق هدم شرحا ُمفصالً عن هذه األصناف الثالثة من األجانب عندما ُ
اجلزائريهة لسنة 1970بعد تعديله.
109
اثلثا-اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابآلاثر اجلماعية للتجنس:
نصت على ذلك املادة /17ف ،3حيث جاء فيها« :ي مكن لعقد التجنهس أن مينح اجلنسية اجلزائرية لألوالد القصر ه
التنازل عن اجلنسية اجلزائرية خالل الفرتة املرتاوحة بني 18و 21سنة من عُمرهم». لألجنيب املتجنهس ،على ا هن هلم حرية ُ
املادة /20ف 3من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ،1963الّت شرحناها سابقا ممها يُغنينا عن هذا النص ُمطابق لنص ه
()1
خص صنفا واحدا من األصناف األجانب الثالثة الذين بينهاهم أعالهُ ،ميكنُه أن يتجنهس املشرع ه
إعادة الشرح هنا .لكن ه
ابجلنسية اجلزائرية جتنُّسا استثنائيا بعد وفاته ،إذا مل ي ُكن قد جتنهس حال حياته ،وهو الصف الثاين أي األجنيب الذي ق هدم
صًرا أو راشدين، ِ
املشرع أن ي مت هد أثر جتنُّسه بعد وفاته إىل زوجته وأوالده ،سواء كانوا قُ ه
خدمات استثنائية للجزائر أجاز ه
توىف أجنيب عن زوجته وأوالده ،وكان إبمكانه أثناء حياته أن نصت عليه املادة/11ف 5الّت جاء فيها «:إذا ه وهذا ما ه
()2
ُّسه بعد الوفاة يف نفس الوقت الذي يطلُبون الصنف امل شار إليه يف هذه الفقرة فيُمكن هلؤالء ،أن يطلُبوا جتن ه
يدخل يف ه ُ
نص املادة /14ف 3يف قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ،1963الّت شرحناها سابقا فيه جتنُّسهم» .هذا النهص ُمتطابق مع ه
الشرح هنا (.)3
حل من إعادة ه
م هما جيعلُنا يف ه
الفرع الثالث-اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابالسرتداد:
الّت جاء فيها« :يُمكن اسرتداد اجلنسية اجلزائرية
نصت على االسرتداد يف قانون اجلنسية 1970قبل تعديله املادة ،14ه
ه
كل شخص كان متمتهعا هبا كجنسية أصلية ،وفقدها ،وذلك عن طريق تقدمي طلب بعد 18شهرا على مبوجب مرسوم ه
األقل من اإلقامة املعتادة واملنتظمة يف اجلزائر» .نص هذه املادة متطابق مع نص املادة 17من قانون اجلنسية اجلزائرية
ظل قانون
الشروح الّت ق هدمناها سابقا عندما درسنا االسرتداد يف ه
أهم ما نتناوله هنا مع اإلحالة على ه
لسنة .1963نقدم ه
،1963نبدأُ ابألشخاص الذين ميكنُهم اسرتداد اجلنسية اجلزائرية ،هذا أوال ،مثه الشروط الالهزمة السرتداد اجلنسية اجلزائرية
اثنيا مثه اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابآلاثر اجلماعية لالسرتداد اثلثا.
أوال-األشذاص الذين إبمكانـهم اسرتداد اجلنسية اجلزائرية:
يتبني من نص املادة 14أعاله أ هن إمكانية اسرتداد اجلنسية اجلزائرية يقتصر على اجلزائريني الذين متتهعوا هبا كجنسية
ه
أصلية وفق املادتني 6و 7من قانون اجلنسية لسنة 1970قبل تعديله-سبق شرحهما-مثه فقدوها إبحدى طُُرق الفقد الّت
نص عليها هذا القانون ،سواء إبرادت هم ،وذلك هو الفقد اإلرادي أو دون إرادت هم ،وذلك هو الفقد غري اإلرادي .نشر ُح
ذلك ابختصار فيما يلي:
(-)1راجع ما سبق اكتساب اجلنسيهة اجلزائريهة ابآلاثر اجلماعيهة للتجنهس ،املادة / 20ف 3من قانون اجلنسيهة لسنة . 1963
مقسم إىل أربع فقرات ،هلذا كان األصح لو ت همت اإلحالة من الفقرة اخلامسة
مقسم إىل مخس فقرات ،بينما ابللغة الفرنسية ه (-)2نص املادة 11ابللغة العربية ه
إىل الفقرة الرابعة ،وذلك أبن تكتب كما يلي « :الصنف املشار إليه يف الفقرة الرابعة أعاله» وليس« الصنف املشار إليه يف هذه الفقرة »أل هن ذلك يتوافق مع
حترر النهصوص القانونيهة بلغة املستعمر
الصنف املشار إليه يف هذه الفقرة" مع األسف ه
الن ص ابللغة الفرنسيهة أل هن اإلحالة متهت فيه إىل نفس الفقرة ،هلذا جاء فيه" ه
بنص ال هدستور اللهغة الرمسية للدولة اجلزائرية.
مشوهة إىل اللهغة العربية ،الّت هي ه
مثه ترتجم ه
املادة /11ف 5من قانون اجلنسيهة اجلزائريهة لسنة 1970قبل
املادة /14ف 3من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة 1963املتطابقة مع ه
(-)3راجع ما سبق شرح ه
تعديله .
110
ملادة ،18وهناك -)1الفقد اإلرادي :هناك ثالث حاالت يفقد فيها اجلزائريون اجلنسية اجلزائرية األصلية ،ه
نصت عليها ا ه
املادة 2/7من نفس القانون .هأما احلاالت الثهالث الّت تُفقد فيها
نصت عليه ه حالة رابعة هي عبارة عن فقد شبه إرادي ه
اجلنسية اجلزائرية االصلية وفق املادة ،18فهي اآلتية:
يكتسب عن طواعية يف اخلارج جنسية أجنبية ،وأذن له مبوجب مرسوم للتخلي
ُ -1احلالة األوىل :هي حالة اجلزائري الذي
عن اجلنسية اجلزائرية (املادة .)1/18
-2احلالة الثانية :هي حالة اجلزائري-ولو كان قاصرا-الذي له جنسية أصلية اجنبية ،وأُذن له مبوجب مرسوم للتخلي عن
اجلنسية اجلزائرية (املادة .)2/18
هااتن احلالتان مطابقتان للحالتني املنصوص عليهما يف املادة 1/21و 2من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة ،1963وتفاداي
كل إعادة.
الشرح الذي ق هدمناه سابقا للمادة 1/21و .2فهو يُغين عن ه
للتهكرار ُحنيل على ه
-3احلالة الثالثة :هي حالة املرأة اجلزائرية املتزوجة أبجنيب وتكتسب من ه
جراء زواجها جنسية زوجها وأذن هلا مبوجب
املادة 3/21من قانون
ّتتلف هذه احلالة عن احلالة الواردة يف ه
ُ مرسوم للتخلي عن اجلنسية اجلزائرية (املادة .)3/18ال
املادة 3/21هي عبارة "قبل حفل الزواج" حيث كان النهص" :املرأة
تضمنتها ه
اجلنسية لسنة 1963إاله يف عبارة واحدة ه
املتزوجة أبجنيب.........وأذن هلا مبوجب مرسوم قبل حفل الزواج للتخلي عن اجلنسية اجلزائرية".
اجلزائريهة ه
ي فرتة زمنية ،وإهّنا يبقى
فحذفت عبارة قبل حفل الزواج يف املادة 3/18من قانون 1970قبل تعديله ،ومل يُقيهد اإلذن أب ه
ُ
ذلك رهن إرادة الراغبة يف التخلي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية .هأما عن شروط التخلي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية يف
السابق ذكرها ،فقد خلهصناها فيما سلف عندما درسنا املادة 3،2،1/21من قانون .1963 احلاالت الثالث ه
املادة 2/7من القانون الذي حنن بصدد دراسته ،وهي -4أ ّما احلالة الرابعة :هي عبارة عن فقد شبه إرادي ه
نصت عليه ه
حالة الولد املولود يف اجلزائر من هأم جزائرية وأب أجنيب هو نفسه مولود يف اجلزائر إاله إذا رفض اجلنسية اجلزائرية خالل
الرشد .هذا الولد يتمتهع ابجلنسية اجلزائرية على أساس ح هق اإلقليم ،منحه ه
املشرع إمكانية سن ُّ
السنة السابقة على بلوغه ه
الرشد .هذه احلالة الواردة يف املادة 2/7تتطابق
سن ُّ
السابقة على بُلوغه ه
السنة هرفض اجلنسية اجلزائرية إذا أراد ذلك خالل ه
مع احلالة الواردة يف املادة 3/6من قانون اجلنسية لسنة ،1963ال ّتتلف عنها إاله يف امل دة املمنوحة للمعين للتخلي عن
يتم
الرشد ،بينما ه
سن ُّحيث أ هن رفض اجلنسية اجلزائرية هنا يتم خالل السنة السابقة على بُلوغ املعين ه
اجلنسية اجلزائريةُ ،
فشروط الفقد هي نفسها. الرشد .هلذا ُ
سن ُّ
السابقتني على بُلوغ املعين ه
السنتني ه
رفضها هناك يكون خالل ه
-)2الفقد غري اإلرادي :تُفقد اجلنسية اجلزائرية األصلية هنا فقدا غري إرادي يف حالتني ،مها:
-1احلالة األوىل :هي حالة الذي يفقد اجلنسية اجلزائرية األصلية دون إرادته ه
نصت عليها املادة ،19حيث ج اء في ه ا:
« ُميكن أن يفقد اجلنسية اجلزائرية ه
كل جزائري الذي يشغل وظيفة يف بلد أجنيب أو منظمة دولية ليست اجلزائر عضوا فيها،
يتخل عن منصبه ،أو مساعدته ابلرغم من إنذاره من قبل احلكومة اجلزائريةُ .
وحي هدد عامة يق هدم هلا مساعدته ومل ه
أو بصفة ه
أقل من 15يوما وأكثر من شهرين».
اإلنذار أجال ال جيوز أن يكون ه
111
حسب نص هذه املادة من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة 1970قبل تعديله ُميكن أن يفقد اجلزائري الذي هذه هي
حالتُه جنسيته اجلزائرية األصلية دون إرادته ،بل رغما عنه إذا شغل وظيفة يف بلد أجنيب ،أو منظمة دولية ليست اجلزائر
عضوا فيها ،أو يق هدم هلا مساعدته رغم اإلنذار الذي ق هدمته احلكومة اجلزائرية بوجوب التخلي عن منصبه أو مساعدته
أقل من 15يوما وأكثر من شهرين .يُعترب الفقد غري اإلرادي هنا حالة ج وازي ة ّتضع
خالل أجل ال جيوز أن يكون ه
نصت عليهالتقدير السلطة العام ة ،فإن شاءت أجرت الفقد ،وإن شاءت امتنعت عنه ،وهي حالة شبيهة ابحلالة الّت ه
عربت عن ظروف املرحلة الّت ُوضعت فيها، كل واحدة منهما ه املادة 5/21من قانون اجلنسية لسنة ،1963ولكن ه ه
واألهداف املنشودة منها ،فتح هدثت املادة 5/21من قانون اجلنسية لسنة 1963عن اجلزائري الذي يقوم خبدمة عامة يف
دولة أجنبية ،أو جيش أجنيب وهي وإن جاءت بصيغة العموم ،فإ هّنا كانت تُشري ضمنيا إىل من كان يشغل الوظائف يف
الدولة الفرنسية أو اجليش الفرنسي ،ولكن هذا ال يعين هأّنا ال تشمل أيضا من كان يشغل تلك الوظائف يف دولة أجنبية
أُخرى.
بينما حت هدثت املادة 19من قانون اجلنسية لسنة 1970قبل تعديله عن اجلزائري الذي يشغل وظيفة يف بلد أجنيب دون
استخدام مصطلح الدولة ،أو منظمة دولية ليست اجلزائر عضوا فيها ،أو يُق هدم هلا مساعداته .فإذا وضعنا نص املادة 19
يف سياقه التارخيي جند أنهه صدر يف مرحلة اترخيية كانت اجلزائر قد فصلت فيها يف مسألة اختيار نظامها السياسي
واالقتصادي ،حيث تبنهت نظاما ذا تو ُّجه اشرتاكي ،متأثرة ابلفكر االشرتاكي الذي كان يُصور االستعمار على أنهه نتيجة
التحرر السياسي واالقتصادي قصد اإلفالت من املؤسساتتهج سياسة ه النظام الرأمسايل ،وكانت اجلزائر يف تلك املرحلة تن ُ
واملنظمات الدولية ،الّت متثهل الدول الرأمسالية ،سواء منها ذات الطابع املايل مثل صندوق النقد الدويل ،والبنك الدويل
لإلنشاء والتعمري ،أو ذات الطابع التجاري مثل املنظمة الدولهة للتجارة ،أو ذات الطابع العسكري مثل حلف الشمال
األطلسي ،وغريها من املنظمات ،الّت كانت تعمل على فرض هيمنتها على سياسة واقتصاد الدول النامية ،من خالل
تضع شروطا متكيهفة مع النظام الرأمسايل لالستفادة من ال ُقروض الّت متنحها ،ترمي يف
املؤسسات املالية الدولية ،الّت ُ
جوهرها إىل فرض النمط الرأمسايل للتنمية من خالل شرط تشجيع القطاع اخلاص ،وشرط انتهاج سياسة اخلوصصة ،وفتح
الشكات الرأمسالية متع هددة اجلنسيات الستغالل ثروات الدول النامية ،واالمتناع عن سياسة التهأميم ،وغريها من
اجملال أمام ه
الشؤون الداخلية للدول النامية ،ويف ميدان التجارة الدولية تقف منظمة التهجارة
دخال يف أدق تفاصيل ه الشروط الّت تُعترب ت ه
ه
الدولية نفس املوقف ،فهي تعبري عن جوهر النظام الرأمسايل يف اجملال التجاري .هأما منظمة احللف األطلسي فهي احلارس
صف املعسكر الرأمسايل بقيادة الوالايت
جر الدول النامية إىل الوقوف يف ه األمني للنظام الرأمسايل ،فكانت تعمل على ه
السوفيايت .واجلزائر وإن كانت عضوا فاعال يف حركةاملتهحدة يف عدائه املستحكم ض هد املعسكر االشرتاكي بقيادة اال هحتاد ه
عدم االحنياز ،إاله هأّنا كانت تنظُر كغريها من الدول احلديثة االستقالل الّت انتهجت االشرتاكيهة طريقا للتنمية ،إىل هذه
املنظمات على أ هّنا أداة سيطرة وتبعية ،ووسيلة يف يد الدول الرأمسالية االستعمارية بقيادة الوالايت املتحدة األمريكية لفرض
التحرر السياسي واالقتصادي ،الّت سلكتها اجلزائر .لذا كانت اجلزائر تقف
الرأمسايل ،الذي يتعارض مع سياسة ُّ
النمط ه
أي مسعى يدفعُها إىل االنضمام إليها ،وكان يعين أ هن عمل اجلزائريني يف
موقفا مناهضا لسياسة تلك املنظمات ،وترفُض ه
112
تصرفا وموقفا معاكسا ،ومتناقضا تلك املنظمات ويف تلك احلقبة التارخيية ُّ
يعد عمال غري حمبهذ وغري مرغوب فيه ،بل يُعترب ُّ
توجهات الدولة اجلزائرية واختياراهتا ،ممها قد يرتتهب عنه أن يفقد اجلزائري الذي يعمل يف تلك املنظمات اجلنسية
مع ُّ
املادة ،19وهي:
نستخلصها من ه
ُ اجلزائرية ابلشروط الّت
خاصة ،أو يف منظهمة
مؤسسة هعامة أو يف ه
مؤسسة ه -1أن يشغل اجلزائري وظيفة يف بلد أجنيب ،سواء كانت وظيفة يف ه
دولية ليست اجلزائر عُضوا فيها أو يُق هدم هلا مساعدته.
يقل عن 15يوما ،وال يزيد عن شهرين للتخلي عن الوظيفة
متنحه فيه أجال ال ُّ
توجه له احلكومة اجلزائرية إنذارا ُ -2أن ه
الّت يشغلُها أو املساعدة الّت يُق هدمها.
ه
-3أاله يتخلهى عن منصبه أو مساعدته خالل أجل اإلنذار الذي ُمنح له ،بشرط أن تُعطى له فُرصة تقدمي مالحظاته
حسب املادة .3/20فإذا توفهرت هذه الشروط جاز للحكومة اجلزائرية أن تُصدر مرسوما تُعلن فيه عن فقد املعين اجلنسية
صدوره إذا ما أثبت املعين أنهه كان
اجلزائرية ،غري أنهه حسب املادة 3/20يف شطرها األخريُ ،ميكن إلغاء مرسوم الفقد بعد ُ
يستحيل عليه أن يتخلى عن وظيفته يف اخلارج أو يتوقهف عن تقدميه املساعدة يف األجل املضروب له.
-2احلالة الثّانية :ه
الّت تُفقد فيها اجلنسية اجلزائرية فقدا غري إرادي ،هي حالة الولد املولود يف اجلزائر من ابوين جمهولني
حق اإلقليم طبقا للمادة .)1(1/7هذا الولد يفقد جنسيته اجلزائرية دون
الذي متتهع ابجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس ه
إرادته إذا توفهرت فيه الشروط اآلتية:
-1أن يظهر أجنيب ب هدعي نسب الولد إليه.
-2أن يكون الولد مازال قاصرا وقت هادعاء النهسب.
-3أن يث بت نسب الولد إىل األجنيب أثناء قصره.
_4أن يكون قانون جنسية األجنيب الذي ثبت نسب ال ولد إليه ،مينح هذا الولد اجلنسية األصلية على أساس حق الدم
من جهته.
ط قد متتهع
إذا توفهرت هذه الشروط يفقد الولد اجلنسية اجلزائرية على أساس حق اإلقليم تلقائيا أبثر رجعي كأنهه مل يكن ق ه
تكم ُن يف الوقاية من ظاهرة ازدواجية اجلنسية ،أل هن علهة منحه هبا .واحلكمة من هذا الفقد الذي يُ ُّ
عد فقدا غري إراديُ ،
فلما زالت هذه العلهة بتمتُّعه جبنسية
حق اإلقليم هي حماربة ظاهرة انعدام اجلنسية ،ه
اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس ه
دولة أجنبية ،فقد اجلنسية اجلزائرية تلقائيا وأبثر رجعي.
الرشد ،فإ هن الولد يبقى حمتفظا
سن ُّ
هأما إذا مل يظهر األجنيب الذي ي هدعي نسب الولد إليه أثناء قصره ،وظهر بعد بُلوغه ه
وحتصل على جنسيته من جهته على
حّت لو ثبت نسبه إىل أجنيب ه
ابجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق اإلقليم ،ه
113
أساس حق الدم ،غري أنهه إبمكانه أن يفقد اجلنسية اجلزائرية فقدا إراداي طبقا للمادة 2/18من نفس القانون الذي شرحناها
سابقا.
يبتدئ أثر فقد اجلنسية اجلزائرية يف احلاالت املنصوص عليها يف املادة 3،2،1/18ابتداءً من نشر املرسوم يف اجلريدة
الرمسية ،الذي أيذ ُن للشخص املعين ابألمر أن يتخلهى عن جنسيته اجلزائرية .ونفس الشيء يف حالة الفقد غري اإلرادي
املنصوص عليه يف املادة ،19ينتُج أثره ابتداءً من نشر املرسوم يف اجلريدة الرمسية ،الذي يُعلن فقد املعين اجلنسية اجلزائرية.
نصت املادة 21من نفس القانون على أن ميت هد أثر الفقد
هأما عن اآلاثر اجلماعية لفقد اجلنسية اجلزائرية األصلية فقد ه
إىل األوالد ال ُقصر ابلنسبة ملن فقدها يف احلالتني املنصوص عليهما يف املادة 2،1/18اللهتني شرحنامها فيما سلف ،لكن
متزوجني والثهاين إذا كانوا يعيشون فعال مع أصلهم الذي فقد اجلنسية
صر غري ه األول هو إذا كان األوالد ال ُق ه
بشرطني ،ه
اجلزائرية األصلية إبرادته يف احلالتني املذكورتني.
اثنيّا-الشروط الالزمة السرتداد اجلنسية اجلزائرية:
إ هن نص املادة 14من قانون اجلنسية لسنة 1970قبل تعديله متطابق مع نص املادة 17من قانون اجلنسية لسنة
()1
نوجزها فيما يلي:
نفسهاُ ،
1963املتعلهقة ابالسرتداد .لذا تكون شروط االسرتداد هي ُ
-)1أن يكون من طلب اسرتداد اجلنسية ممهن كان قد متتهع هبا كجنسية جزائرية أصليهة طبقا ألحكام املادتني 6و 7من
اداي أبحد األسباب املذكورة يف املادة .3،2،1/18أو فقدها
قانون اجلنسية لسنة 1970قبل تعديله ،مثه فقدها فقدا إر ً
املادة .1/7
فقدا شبه إرادي وفق املادة ،2/7أو فقدها فقدا غري إرادي وفق املادة ،19أو ه
تقل عن مثانية عشر شهرا ،إقامة معتادة ومنتظمة.
-)2ن يكون قد أقام يف اجلزائر وقت تقدمي الطلب م هدة ال ُّ
عرب فيه عن
-)3أن يُق هدم طلب اسرتداد اجلنسية اجلزائرية إىل وزير العدل وفق اإلجراءات املنصوص عليها يف املادة ،25يُ ه
ت فيه خالل اث ن ي عشر ( )12شهرا ابتداءً من الصرحية يف اسرتداد اجلنسية اجلزائرية ،وعلى وزير العدل أن ي بُ ه
اإلرادة ه
اتريخ إعداد امللف بصورة كاملة.
-)4أن يكون من طلب اسرتداد اجلنسية اجلزائرية كامل األهلية وقت تقدمي الطلب ،مبعىن أن تكون له أهلية األداء.
لسابقة ،هو زوال سبب فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية.
-)5هناك شرط خامس يُستخلص ضمنيًا من النهصوص ا ه
اثلثا-اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابآلاثر اجلماعية لالسرتداد:
بقوة القانون
نصت على امتداد اآلاثر اجلماعية لفقد اجلنسية اجلزائرية األصلية ه
مادام أ هن املادة 21من القانون املعين قد ه
املادة .2،1/18فإنهه يرتتهب عن ذلك ما يلي:
للشخص الذي فقدها إبرادته وفق ه
صر هإىل األوالد ال ُق ه
صر بقوة القانون إذا كانوا فقدوها معه وقت فقده هإايها.
أوالده ال ُق ه
يسرتدها معه ُ
-)1أن ه
صر الذين ُو ُلدوا بعد فقده هإايها.
اسرتدها أوالده ال ُق ه
بقوة القانون إذا ه -)2أن يكتسبها معه ه
يسرتدوّنا معه أو يكتسبوّنا معه ،فإ هن ذلك يبقى ُمتوقهفا على شرطني: صر الذين ه لكن سواء تعلهق األمر ابألوالد ال ُق ه
القصر غري متزوجني.-1الشرط األول أن يكون األوالد ه
املادة 17من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة .1963
لشروط الالهزمة السرتداد اجلنسية اجلزائرية الواردة يف ه
(-)1راجع ما سبق :شرح ا ه
114
يكتسب
ُ يسرتد أو
حيث جاء فيهاُّ « : نصت عليه املادة 17فُ ،2 -2الشرط الثاين أن يكونوا مقيمني فعال معه .هذا ما ه
املتزوجني لشخص اسرتد اجلنسية اجلزائرية ،إذا كانوا ُمقيمني معه».
صر غري ه اجلنسية اجلزائرية حبكم القانون ،األوالد ال ُق ه
تقتصر على من فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية ،سواء كان فقدا
ُ إ هن إمكانيهة اسرتداد اجلنسية اجلزائرية كما سبق البيان
اداي أو فقدا غري إرادي .وقد ح هددان املواد القانونية الّت تُفق ُد فيها اجلنسية اجلزائرية األصلية ،رغم أ هن فكرة الفقد يف هذه
إر ً
عامة تشمل اجلنسية اجلزائرية األصلية أو املكتسبة ،ولكنهنا اكتفينا فيها بذكر حاالت فقد اجلنسية اجلزائرية املواد ،هي فكرة ه
سرتد كجنسية ُمكتسبة وليست كجنسية أصلية وقد سبق لنا ذكر
األصلية لعالقتها ابسرتداد اجلنسية اجلزائرية ،لكنهها تُ ُّ
املادة 17من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة .1963
احلكمة من ذلك عندما درسنا ه
يتبني أ هن اكتساب
ظل قانون اجلنسية لسنة 1970قبل تعديله ،ه خالصة ملا درسناه من طُُرق اكتساب اجلنسية اجلزائرية يف ه
حّت
السلطة التهقديريهة لوزير العدل ،إذ ُميكنُه أن يرفض طلب االكتساب ه اجلنسية اجلزائرية هي ُجمهرد إمكانيهة متوقهفة على ُّ
ت
نص املادة ،26ويُعتربُ سكوت وزير العدل خالل امل هلة املمنوحة له للب ه
الشروط الالهزمة لذلك حسب ه لو توفهرت مجيع ه
قبوال ،إذا تعلهق األمر ابكتساب اجلنسية اجلزائرية بفضل
يف طلب اكتساب اجلنسية اجلزائرية ،وهي اث ن ي عشر ( )12شهرا ً
عاداي
القانون (املادة ،)9أو ابالسرتداد (املادة ،)14لكنهه يُعترب رفضا إذا تعلهق األمر ابلتجنهس ،سواء كان جتنُّسا ً
نصت عليه املادة 27يف القانون املعين.
(املادة ،)10أو جتنُّسا استثنائيا (املادة ،)11هذا ما ه
ظل قانون اجلنسية لسنة 1970قبل تعديله ،جيب التهذكري أ هن
بعد ما أّنينا دراسة طُرق اكتساب اجلنسية اجلزائرية يف ه
كل شخص اكتسب اجلنسية يث يتمتهع ه
أبي طريقة كانت ،يرتتهب عنه آاثر فردية حب ُ
اكتساب اجلنسية اجلزائرية يف ظلهه ه
نصت عليه املادة 15من ذات القانون.
ابلصفة اجلزائرية ابتداء من اتريخ اكتساهبا ،هذا ما ه
اجلزائرية جبميع احلقوق املتعلهقة ه
أبي قيد مهما كان.
املشرع التمتُّع هبا ه
واحلقوق املقصودة هي احلقوق املدنية والسياسية اجلزائرية ،ومل يُقيهد ه
املطلب الثالث
ظل قانون اجلنسية لسنة 1970بعد تعديله
اكتساب اجلنسية اجلزائرية يف ّ
املؤرخ
الصادر يف 15ديسمرب 1970مبوجب األمر رقم 01-05ه قام املشرع اجلزائري بتعديل قانون اجلنسية اجلزائرية ه
يف 27فرباير ،2005أدخل عليه تعديالت جوهريهة ،إذ قام إبلغاء املادة الثهالثة ( ،)03الّت كانت تشرتط فيمن يكتسب
اجلنسية اجلزائرية أبحد طُرق االكتساب املنصوص عليها يف قانون اجلنسيهة لسنة 1970قبل تعديله أن يق هدم تصرحيا
ص على اكتساب اجلنسية اجلزائرية بفضل ابلتخلي عن اجلنسية السابقة ،وأيضا قام إبلغاء املادة التهاسعة ( ،)9الّت كانت تنُ ُّ
القانون ،وهي حالة الولد املولود يف جلزائر من هام جزائرية وأب أجنيب مولود خارج اإلقليم اجلزائري ،أل هن هذه احلالة صار
صاحبُها يتمتهع ابجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق الدم من جهة هأمه اجلزائرية ،طبقا ألحكام املادة السادسة ()6
تضمنتها
األم اجلزائرية يف نقل اجلنسية اجلزائرية إىل األبناء ،كما ألغى حالة واحدة ه
سوت بني األب اجلزائري و هالّت ه
املع هدلة ،ه
املادة احلادية عشرة يف فقرهتا الثانية (/11ف ،)2تتعلهق ابكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلتجناس االستثنائي ،هي حالة الولد
املولود يف اخلارج من أ هُم جزائرية وأب أجنيب ،أل هن هذا الولد صار يتمتهع ابجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق الدم
115
الت ندرسها
نص املادة ،11ه من جهة هأمه اجلزائرية بعد تعديل املادة السادسة( ،)6كما أدخل تعديالت على ما بقي من ه
اكتساهبا
ُ املشرع ابستحداث طريقة جديدة يف مضموّنا ،الكتساب اجلنسية اجلزائرية ،وهي
السياق قام ه الحقا .ويف ذات ه
الرجل واملرأة يف جمال أتثري
مرة مبدأ املساواة بني ه
ألول ه
تبىن فيها ه
مكرر ،ه
نصت عليها املادة التاسعة ( )9ه
ابلزواج امل ختلط ،ه
املشرع ثالث طُُرق الكتساب اجلنسية اجلزائرية يف
احملصلة تبىن ه
متساواي .ويف ه
ً كل واحد منهما أتثريا
الزواج على جنسية ه
ه
األول) واكتساهبا ابلتجنهس (الفرع الثّاين) واكتساهبا ابالسرتداد
ظل هذا القانون ،هي اكتساهبا ابلزواج املختلط (الفرع ّ
ه
(الفرع الثّالث).
ابلزواج املذتلط:
األول-اكتساب اجلنسيّة اجلزائريّة ّ
الفرع ّ
ابلزواج املختلط هنا أن يُربم عقد زواج صحيح يف مفهوم القانون اجلزائري ،بني طرفني خمتلفي اجلنسية ،أحدمها
يُقصد ه
تزوج جزائرية أن يكتسب اجلنسية اجلزائرية بفعل
لكل أجنيب ه
ذكرا أم أُنثى .وتبعا هلذا التهعريف ُميكن ه
جزائرًاي ،سواء كان ً
نصت على ذلك تزوجت جزائرًاي أن تكتسب اجلنسية اجلزائرية بفعل زواجها منه .ه
لكل أجنبية هالزواج منها .كما ُميكن ه ه
حيث جاء فيها ُ «:ميكن
املتمم لقانون اجلنسية لسنة ُ ،1970
كرر من األُمر رقم 01- 05املع هدل و ه
املادة التاسعة(ُ )9م ه
اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلزواج من جزائري أو جزائرية مبوجب مرسوم مّت توفهرت الشروط اآلتية:
الزواج قانونيا وقائما فعليا منذ ثالث ( )3سنوات على األقل ،عند تقدمي طلب التجنُّس.-أن يكون ه
-اإلقامة امل عتادة واملنتظمة ابجلزائر م هدة عامني ( )2على األقهل.
السلوك.
السرية و ُّ
-التهمتُّع حبسن ه
-إثبات الوسائل الكافيهة للمعيشة.
الصادرة يف اخلارج».
ُميكن أاله تُؤخذ بعني االعتبار العقوبة ه
قراءة هذه املادة قراءة متأنهية تقودان إىل استكشاف ثالثة مبادئ أساسية تبنهاها ال مشرع يف ميدان اكتساب اجلنسية
ابلزواج املختلط ،هذا أوال ُمثه إىل حتديد الشروط الالهزمة الكتساهبا ،اثنياُ .
نوجز شرح ذلك فيما يلي: اجلزائريهة ه
كرر وهي:
أوالّ-املبادئ األساسية الثالثة الواردة يف املادة 9م ّ
-)1مبدأ املساواة:
ألي واحد منهما أن يكتسب مبوجبه
حبيث ُميكن ه
تبىن املشرع اجلزائري يف املادة املذكورة مبدأ املساواة بني املرأة والرجلُ ،
ه
الزواج يف اجلنسية متساواي و متبادال،
اجلنسية اجلزائرية ابلزواج املختلط ،متجاوزا بذلك التفرقة بني اجلنسني ،فجعل أتثري ه
يستوي يف ذلك أن يكون عقد الزواج ُمربما بني جزائري وأجنبية ،أو بني جزائرية وأجنب ي (.)1
الزواج
الصادر يف 27مارس ،1963أ هن أتثري ه ظل قانون اجلنسية ه (-)1كنها قد رأينا عندما درسنا إمكانيهة اكتساب اجلهنسية اجلزائرية ابلزواج املختلط بني جزائري وأجنبية يف ه
يسري يف هاجتاه واحد ،هو أن تتهبع الزوجة األجنبيهة الزوج اجلزائري يف جنسيته إذا أرادت ذلك حسب املادة 12من القانون املعين .هأما قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة 1970
ابلزواج.
ينص مطلقا على إمكانيهة اكتساب اجلنسية اجلزائرية ه قبل تعديله فلم ه
116
ابلزواج املذتلط:
--)2مبدأ اإلرادة يف اكتساب اجلنسيّة اجلزائريّة ّ
هذا املبدأ يعين أ هن إمكانيهة اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلزواج من جزائري أو جزائرية ُمتوقهف على إرادة الطهرف األجنيب
يف عقد الزواج إن شاء دخل فيها ،وإن شاء امتنع عن ذلك.
غري أ هن املوافقة على اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلزواج تبقى رهن إرادة الدولة اجلزائرية ،فلهذه األخرية ُسلطة التهقدير يف
نص املادة /26ف 2من قانون الشروط الالهزمة الكتساهبا ،حسب ه حّت لو توفهرت مجيع ه ذلك ،إذ إبمكاّنا أن ترفُض ه
الساري املفعول حاليًا .فالدولة تُراعي يف منح جنسيتها لألجانب مصلحتها قبل أي مصلحة أُخرى. اجلنسية اجلزائرية ه
-)3مبدأ التوفيق بني مبدإ وحدة اجلنسية يف العائلة ومبدإ استقالل اجلنسية فيها:
املشرع اجلزائري مبدأ التهوفيق هذا يف صورته الكاملة ،بني مبدأ وحدة اجلنسية يف العائلة ،وبني مبدأ استقالل اجلنسية
تبىن هه
فيها استنادا إىل مبدإ املساواة بني املرأة والرجل يف مادة اجلنسية ،فهو من جهة أوىل فتح إمكانية أن يكتسب الزوج
رجال كان أو امرأة-اجلنسية اجلزائرية إبرادته ،فإذا وافقت الدولة اجلزائرية على طلب االكتساب مبوجب مرسوم األجنيبُ -
الزوجني صارا حيمالن اجلنسية اجلزائرية معا ،وأ هن األوالد الذين ينحدرون
حت هقق مبدأ وحدة اجلنسية يف العائلة على اعتبار أ هن ه
منهما سيحملون اجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق الدم ،ومن جهة اثنية إذا امتنع الزوج األجنيب عن اكتساب
الزوجني جنسية
لكل واحد من ه
اجلنسية اجلزائرية ابلزواج كان له ذلك ،احرتاما ملبدإ استقاللية اجلنسية يف العائلة فتكون ه
الدولة الّت ينتمي إليها ،استقالال عن جنسية الزوج اآلخر(.)1
اثنيا-الشروط الالزمة الكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلزواج املذتلط:
يتبني من نص املادة 9مكرر ،أنهه لكي يكتسب الزوج األجنيب ،رجال كان أم امرأة ،اجلنسية اجلزائرية ابلزواج من زوج
ه
خاصة ابلتّجنُّس،
ابلزواج املذتلط ذاته ،وشروط أخرى ّ
خاصة ّ
جيب أن تتوفهر فيه شروط ّ
رجال كان أم امرأةُ ،
جزائريُ ،
نُبيهنها ابختصار فيما يلي:
-)1الشروط اخلاصة ابلزواج وهي اآلتية:
نص عليها
حيث شروطه املوضوعية الّت ه
الزواج صحيحا من ُ عقد ه
جيب أن يكون ُالزواج قانونيها ،مبعىن ُ
-1أن يكون ه
لكل طرف (.)2
الشخصي ه خيص أهلية الزواج فيسري عليها القانون ه
القانون اجلزائري (قانون األسرة) إاله فيما ُّ
املفصلة راجع:
(-)1لإلست زادة ه
-مبدأ وحدة اجلنسيهة يف العائلة ،رسالتُنا ،مرجع سابق ،ص 134إىل.139
-مبدأ استقالليهة اجلنسيهة يف العائلة ،نفس املرجع ،ص 139إىل .144
-مبدأ التهوفيق بني مبدإِي وحدة اجلنسيهة واستقالليتها يف العائلة ،نفس املرجع ،ص 144إىل .154
الزواج يسري عليهابصحة ه
اخلاصة ه
الشروط املوضوعية ه الساري حاليا ،وهي قاعدة إسناد ،على أ هن ه املادة 13من القانون املدين اجلزائري ،املع هدل و ه
نصت ه ( -)2ه
الشخصي. كل طرف تتح هدد وفق قانونه ه ص األهليهة .معىن ذلك أ هن أهليهة زواج ه
الزواج ،إاله فيما خيُ ُّ
الزوجني جزائري ا وقت انعقاد هالقانون اجلزائري وحده إذا كان أحد ه
ابلزواج للقانون اجلزائري .وهذا ما أ هكدته
اصة ه
جيب أن ّتضع أهليهته اخل هالزواج فيها ُ ويتم إبرام عقد ه غري أنهنا نرى أنهه إذا كان الطهرف األجنيب ُمقيما يف اجلزائرُّ ،
كل املواطنني اجلزائريني وعلى غريهم من املقيمني يف اجلزائر"...الّت قضت أب هن " :يُطبهق هذا القانون على ه املادة 221من قانون األسرة ه ه
117
-2أن يكون الزواج قائما فعليًا منذ ثالث ( )3سنني على األقل عند تقدمي طلب اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلزواج،
الشرعي والقانوين
الغش واالحتيال ،يكون اهلدف منه عدم إحداث األثر ه صوري مبين على ه كل زواج ُوذلك الستبعاد ه
للزواج وفق املفهوم اجلزائري له .هلذا علهق املشرع اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلزواج على شرط استمرار احلياة الزوجية
الفعلية مل هدة ال تق هل كح هد أدىن عن ثالث سنني عند تقدمي طلب االكتساب.
-)2الشروط اخلاصة ابلتجنس:
اعترب املشرع اجلزائري اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلزواج من جزائري أو جزائرية جتنُّسا .يتجلى ذلك من عبارة " عند
تقدمي طلب التجنُّس" الواردة يف املادة 9مكرر /يف آخر البند األول أعاله ،ولكنهه جتنهس بشروط خم هففة ،وعلهة ّتفيفها
هي الزواج من مواطن جزائري أو مواطنة جزائريةُ .ميكن تلخيص هذه الشروط فيما أيت ي:
اتمة الكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلزواج ،وذلك بتقدمي طلب
يعرب األجنيب-ذكرا كان أم أنثى-عن إرادته حبرية ه
-1أن ه
ّتضع للقانون
ُ الصادقة يف اكتساهبا .ويقتضي ذلك منه أن تكون له أهلية األداء ،وهي
لوزير العدل ُجي هسد فيه رغبته ه
اجلزائري ،سبق لنا أن أوضحنا ذلك فيما سلف (.)1
تقل عن سنتني ( ،)2وذلك وفق التهنظيم القانوين املعمول به يف -2أن يثبت إقامته املعتادة واملنتظمة يف اجلزائر م هد ًة ال ُّ
وحي هدد إقامة األجانب فيها .وذلك يعين أن تكون إقامته يف اجلزائر شرعية وقانونية .فقد خ هفف املشرع اجلزائر الذي يُنظهم ُ
اجلزائري من شرط اإلقامة هنا ،أبن خ هفضها إىل سنتني على األقل بدال من سبع ( )7سنني يف التجنُّس العادي .واإلقامة
نصر من عناصر االندماج يف اجملتمع اجلزائري ،كما شرحنا ذلك فيما سبق .مثه إ هن الزواج من جزائري أو جزائرية كما نعلم عُ ُ
سرع من وترية االندماج ،أل هن احتكاك الزوج األجنيب أو الزوجة األجنبية ابجملتمع اجلزائري سهل ويُ ه
مع اإلقامة يف اجلزائر يُ ه
صار احتكاكا مباشرا من خالل األُسرة اجلزائرية للزوج أو للزوجة اجلزائريني .وهذا شرط يتكامل مع الشروط األُخرى
صورية يف العالقةغش أو زيف أو ُ ألي ه اخلاصة ابلزواج الّت أوضحناها أعاله .فهذا التهكامل كفيل أبن يكون مانعا ه ه
الزوجية ،أل هن الزواج يف اجلزائر يُع هد شيئا ُمق هدسا ،فهو قاعدة األساس يف األُسرة اجلزائرية املسلمة.
-3أن يتمتهع الزوج األجنيب-ذكرا كان أم أُنثى-حبُسن السرية والسلوك .هذا الشرط يقتضي أاله تدخل يف اجلنسية اجلزائرية
الصاحلة.
إاله العناصر األجنبية ه
أي التباس إذا كان-4أن يثبت من يُريد اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلزواج الوسائل الكافية ملعيشته ،هذا الشرط ال يُثري ه
عقد الزواج قد أُبرم بني أجنب ي وجزائرية ،أل هن هذا األجنيب يُفرتض فيه أنهه مسلم ،واملرأة اجلزائرية املسلمة حمهرم عليها شرعا
()2
يقع على كاهل زوجها طبقا ألحكام الشريعة تتزوج غري املُسلم ،لذلك فإ هن عبء اإلنفاق على الزوجة اجلزائرية ُ أن ه
اإلسالمية .إ ًذا فشرط إثبات الوسائل الكافية للمعيشة يستقيم مع فكرة إنفاق الزوج على زوجته شرعا.
(-)1أهلية الت جنس ينبغي أن ُحت هدد وفق قانون الدولة الّت يُراد التجنُّس جبنسيتها .كمثال على ذلك املشرع املصري الذي قرر يف املا هدة 23من قانون اجلنسية
الشأن د .هشام علي صادق، اخلاصة ابملتجنهس ابجلنسية املصرية ُحت هدد طبقا للقانون املصري .أنظر يف هذا ه الرشد
سن ُّ
املصرية الصادر سنة 1975على أ هن ه
ه ُ
القانون الدويل اخلاص ،مرجع سابق ،ص.62
الساري حاليا ،يف فقرهتا األخرية.
(-)2املادة 30من قانون األسرة ه
118
جيب عليها هأما إذا كان عقد الزواج بني جزائري وأجنبية ،فهذا الشرط يُثري االلتباس .فهل يُفهم منه أ هن الزوجة األجنبية ُ
أن تكون قادرة على إعاشة نفسها بنفسها؟ ،مع أ هن النفقة على الزوجة تقع شرعا على عاتق الزوج ،بل إ هن عدم اإلنفاق
يسمح هلا أن تطلُب التهطليق من زوج ها ( .)1حسب تقديري إ هن هذا الشرط يف مواجهة الزوجة األجنبية ،إهّنا ين ِبين ُ عليها
جيب أن يكون قادرا-مبا ميلك من يدخل من األجانب يف اجلنسية اجلزائرية ،سواء كان ذكرا أو أُنثى ُ على فكرة أ هن من ُ
مؤهالت-على امل سامهة اإلجيابية يف احلياة املادية للمجتمع اجلزائري إذا اقتضت الضرورة ذلك ،فهو شرط ال يُسقط حق ه
الزوجة على زوجها يف النفقة.
أي جتنُّس بفعل الزواج املختلط ،يكون إ هن الشرطني الثالث ( )3والرابع ( )4أعاله ،يهدفان إىل محاية اجملتمع والدولة من ه
فيه مساس بسالمة اجملتمع اجلزائري من الناحية األخالقية واملادية.
هامة ،هي أ هن املشرع اجلزائري عندما تبىن مبدأ املساواة بني املرأة والرجل يف ميدان أخريا نلفت االنتباه إىل مسألة ه
ابي قيد ،وذلك يعين أنهه فتح الطريق بشكل غري معهود الزدواجية اجلنسية ابلنسبة اكتساب اجلنسية ابلزواج مل يُقيهده ه
لطرف ي العالقة الزوجية نفسها ،وازدواجيتها أو تعدُّدها ابلنهسبة ألوالدمها ،خباصة وأنهه مل يعُد يشرتط فيمن يكتسب اجلنسية
توجد آاثر مجاعية جتدر اإلشارة أنهه ال ُ
اجلزائرية أن يتخلهى عن جنسيته السابقة بعد تعديل قانون اجلنسية اجلزائرية .كما ُ
الكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلزواج ،أل هن األوالد الذين ينحدرون من الزوج اجلزائري-ذكرا أو أُنثى-يتمتهعون ابجلنسية
اجلزائرية األصلية على أساس حق الدم من جهة أبيهم اجلزائري أو أُمهم اجلزائرية .وإذا افرتضنا أ هن الزوج األجنيب-سواء
قصر من عالقة زوجية سابقة على زواجه من طرف جزائري ،فإ هن هؤالء حيملون جنسية كان ذكر أو أُنثى-كان له أوالد ه
أبيهم األجنيب ،أو جنسية هأمهم األجنبية ،هإما على أساس حق الدم ،أو على أساس حق اإلقليم حبسب األساس الذي
تبنهته الدولة األجنبية الّت حيمل أصلُهم جنسيتها حلظة ميالدهم .لكن ميكنهم أن يتجنهسوا ابجلنسية اجلزائرية جتنهسا عاداي
سن الرشد.
بعد بلوغهم ه
الفرع الثاين_ اكتساب اجلنسية اجلزائريّة ابلتجنس:
املتمم ابألمر 01-05املؤرخ يف 27فرباير 2005 تُكتسب اجلنسية اجلزائرية يف ظل قانون اجلنسية لسنة 1970املع هدل و ه
الشأن قبل تعديله ،وهو هإما أن يكون جتنُّسا عاداي (أوالّ) أو جتنُّسا استثنائيا (اثنيا) كما تُكتسب ابلتهجنُّس كما هو ه
ابآلاثر اجلماعيهة (اثلثا).
أوال_ اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلتجنّس العادي:
الصادر سنة 1970بعد تعديله ،مبوجب األمر رقم 01_05
نصت على ذلك املادة العاشرة ( )10من قانون اجلنسية ه
ه
أي تغيري يُذكر ،لذا ُحنيل
السابق ذكره ،وهي متطابقة مع املادة ( )10من نفس القانون قبل تعديله ،الّت مل يطرأ عليها ه
ه
()2
ظل هذا القانون مببدإ املساواة بني املرأة والرجل
الشرح الذي ق هدمناه هلذه املادة فيما سبق .لكن املشرع أخذ يف ه
على ه
سيتوضح ذلك الحقا.
ه يف ميدان التجنُّس كما
120
-2الصنف الثاين :ورد يف املادة /11ف 1يف شطرها الثاين ،وهو األجنيب" امل صاب بعاهة أو مرض ه
جراء عمل قام به
جمردة من
الصنف للجزائر قد وردت ه خدمة للجزائر أو لفائدهتا" ما يُالح ُ
ظ هنا أ هن اخلدمة أو الفائدة الّت قام هبا هذا ه
حيث أمهيهته ونوعيهته إىل مستوى
الصفة االستثنائية ممها يعين أ هن العمل الذي قام به خدمة للجزائر أو لفائدهتا ال يرقى من ُ
ه
الصنف األول .هلذا ربط املشرع إمكانية جتنُّس هذا ه
الصنف جتنُّسا استثنائيا ابجلنسية اخلدمات االستثنائية الّت ق هدمها ه
ابلسبب املباشر إلصابته بعاهة أو مبرض ،وهو العمل
نصت عليها املادة ،10هاجلزائرية ،مع إعفائه من مجيع الشروط الّت ه
تكمن فيما ِ
الذي قام به خدمة للجزائر أو لفائدهتا جزاءً له على ما حلقه من أضرار .فالعلهة يف منحه اجلنسية اجلزائرية ُ
أصابه من أضرار نتيجة عمل قام به خدمة للجزائر أو لفائدهتا.
نصت عليه املادة /11ف ،2وهو " األجنيب الذي يكون يف جتنُّسه فائدة استثنائية للجزائر" .الظهاهر
-3الصنف الثالث :ه
الصنف من األجانب ُميكنه أن يتجنهس ابجلنسية اجلزائرية جتنُّسا استثنائيا قبل أن حتصل منه
من نص هذه الفقرة أ هن هذا ه
املرجوة من جتنُّسه وهذا واضح من عبارة " يكون يف جتنُّسه فائدة استثنائية للجزائر" الّت
اجلزائر على الفائدة االستثنائية ه
جاءت يف صيغة الفعل امل ضارع الذي يعين احلاضر وامل ستقبل ،أل هن الغرض من التجنُّس االستثنائي هنا هو أن حتصل
الدولة اجلزائرية على تلك الفائدة االستثنائية من جتنُّس املعين بعد جتنهسه ،وقد يكون ذلك بسبب أ هن العمل الذي يقوم به
ومؤهالت ال تتوفهر يف العناصر الوطنية األصلية ،ولكن القيام مبثل هذا العمل يستلزم أن يكون
األجنيب يتطلهب مهارات ه
خاصة أنهه قد يطلهع على أسرار ال تُتاح لغري الوطنيني املوثوق
الصفة الوطنية اجلزائرية ،ه
الشخص الذي يقوم به حائزا على ه
فيهم ،فال ُميكن أن تُغامر السلطة العامة يف الدولة اجلزائرية مبنح جنسيتها هلذا األجنيب إاله إذا كانت قد استوثقت من
شجعُه على طلب اجلنسية اجلزائرية مع إعفائه من مجيع ارتباطه ابجلزائر ،ومن والئه للدولة اجلزائرية ،ويف هذه احلالة قد تُ ه
الصنف من
شروط التجنهس العادي ،لتحصل منه على الفائدة االستثنائية املنشودة .وبناء على ما سبق فإ هن جتنُّس هذا ه
األجانب يكون أثناء حياته فقط أل هن الفائدة االستثنائية ال أتت ي إاله بعد جتنُّسه.
اثلثا-اكتساب اجلنسيّة اجلزائريّة ابآلاثر اجلماعيّة للتّ ـجنُّس:
ميكن اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابآلاثر اجلماعية للتجنهس ،سواء كان التجنهس جتنهسا عاداي طبقا ألحكام املادة 10
الساري حاليا ،أو كان جتنُّسا استثنائيا طبقا
الصادر سنة 1970امل ع هدل و ه
تضمن قانون اجلنسية ه من األمر 01-05امل ه
ألحكام املادة 11من نفس القانون .وقد تبىن املشرع مبدأ املساواة بني املرأة والرجل يف امتداد اآلاثر اجلماعية للتجنهس،
كل ذلك نُبيهنه فيما يلي:
-)1اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابآلاثر اجلماعية للتّجنّس العادي:
صر لشخص اكتسب اجلنسية
حيث جاء فيها« :يُصبح األوالد ال ُق ه
املادة 17من األمر ُ 01-05 نصت على ذلك ه ه
املادة 10من هذا القانون جزائريني يف نفس الوقت كوالدهم.
اجلزائرية مبوجب ه
الرشد» .تضمنهت هذه املادة فقرتني
سن ُّ
على أ هن هلم حرية التنازل عن اجلنسية اجلزائرية خالل سنتني ابتداءً من بُلوغهم ه
نشرحهما فيما يلي:
121
أقر فيها امتداد اآلاثر
نص هذه املادة أدركنا أ هن املشرع اجلزائري قد ه تضمنتها املادة /17ف :1إذا ه
أتملنا ه -1الفقرة األوىل ّ
لكل شخص جتنهس ابجلنسية اجلزائرية جتنُّسا عاداي .لكن اجلديد فيها أنهه تبنه ى يف صر ه اجلماعية للتجنُّس إىل األوالد ال ُق ه
صر ،مبدأ امل ساواة بني األب واألم األجنبيني املتجنهسني ،وهذا ما مسألة امتداد اآلاثر اجلماعية للتجنُّس إىل األوالد ال ُق ه
نشرحه فيما أيت ي:
-إ هن امتداد اآلاثر اجلماعية للتهجنُّس يقتصر على األوالد ال ُق ه
صر للشخص الذي جتنهس جتنهسا عاداي طبقا ألحكام املادة
العاشرة(.)10
بغض النظر عن جنس امل تجنهس ،سواء كان أاب أجنبيا أو هأما أجنبية،صر ه -إ هن اآلاثر اجلماعية للتجنُّس متتد إىل األوالد ال ُق ه
وهذا القول حيتمل تفسريين اثنني:
قدم زوجان أجنبيان يربطهما عقد زواج ،يف آن واحد على التجنهس ابجلنسية اجلزائرية جتنهسا أ-التفسري األول :هو أن ي ِ
ّ ّ
كل واحد منهما منفردا ،طلب التجنهس اخلاص به إىل وزير العدل الذي ِ
املادة ،10على أن يُق هدم ه عاداي طبقا ألحكام ه
نص املادة 26من ُميكنه أن يرفض الطلب رغم توفهر الشروط القانونية الالهزمة لذلك ،مبوجب قرار يُبلهغ إىل املعين ،حسب ه
صر،
كل واحد منهما ،امت هدت اآلاثر اجلماعية لتجنهسهما إىل األوالد ال ُق ه
القانون املعين .لكن إذا قبل الوزير طلب جتنُّس ه
فيصبحون يف نفس الوقت جزائريني كوالديهم.
ب-التّفسري الثاين :أن يتجنهس أحد الوالدين األجنبيني ًأاب كان أم أُاما ابجلنسية اجلزائرية جتنُّسا عاداي وفق املادة ،10
بقوة القانون جزائريني مثله.
صر فيصريون يف نفس الوقت ه فتمتد اآلاثر اجلماعية لتجنُّسه إىل أوالده ال ُق ه
السابقني يستندان-كما سبقت اإلشارة-إىل مبدإ املساواة بني املرأة والرجل يف إمكانية التجنهس العادي إ هن التهفسريين ه
الرغم من أ هن نص املادة
صر .نقول ذلك على ه ابجلنسية اجلزائريةُّ ،
فتمتد آاثر جتنُّس كليهما ،أو أحدمها إىل األوالد ال ُق ه
صر يصبحون جزائريني يف نفس الوقت كوالدهم ،بصيغة امل فرد ،الذي قد /17ف 1ابللهغة العربية قذ ذكر أ هن األوالد ال ُق ه
يُفهم منه أ هن امتداد اآلاثر اجلماعية للتجنهس العادي يقتصر على جتنُّس األب األجنيب دون األم األجنبية .لكن هذا اللهبس
يف النهص ابللهغة العربية ،يزول إذا ُعدان إىل النهص ابللهغة الفرنسية الذي ذُكر فيه يُصبحون جزائريني يف نفس الوقت
()1
الساري املفعول حاليا ،الذي تبىن فيه
كوالديهم ،وهو األصح .إ هن هذا التهفسري يتوافق مع روح قانون اجلنسية اجلزائرية ه
عامة .مع ال م الحظة أ هن امتداد اآلاثر اجلماعية
املشرع اجلزائري مبدأ امل ساواة بني املرأة والرجل يف ما هدة اجلنسية بصفة ه
وبقوة القانون فيكتسبون اجلنسية اجلزائرية يف نفس الوقت الذي س يكون تلقائيا ه القصر للمتجنه ِ
للتجنهس إىل األوالد ه
يكتسبها فيه أصلهم ،أل هن النهص يُفيد معىن الوجوب وليس اجلواز(.)2
(-)1النهص ابللهغة الفرنسية جاء فيه » « Deviennent algériens en méme temps que leurs parentsعلى خالف النهص ابللهغة العربية ،الذي جاء
فيه" :يف نفس الوقت كوالدهم".
صر لألجنيب املتجنهس
املادة /17ف 3من قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة 1970قبل تعديله تُفيد أ هن امتداد اآلاثر اجلماعية للتهجنُّس إىل األوالد ال ُق ه
(-)2كانت ه
القصر لألجنيب املتجنهس."...
ص على أن " :ميكن لعقد التجنهس أن مينح اجلنسية اجلزائرية لألوالد ه يبقى ُجمهرد إمكانية وليس على سبيل اإللزام ،حيث كانت تنُ ه
122
تضمنتها املادة /17ف :2منح فيها املشرع اجلزائري األوالد ال ُق ه
صر الذين امت هدت إليهم اآلاثر اجلماعية -2الفقرة الثانية ّ
()1
ي يف الفرتة
الرشد ،أ ه
سن ُّ
السنتني اللهتني تليان بلوغهم ه
التنازل عن اجلنسية اجلزائرية خالل ه
للتجنُّس العادي ،حرية ُ
سن
املرتاوحة بني 19و 21سنة من عمرهم ،كما هو واضح من النهص أعاله .فإذا أرادوا أن يتنازلوا عنها عند بُلوغهم ه
عربون فيه عن إرادهتم للتخلي عن اجلنسية
الرشد خالل الفرتة امل ح هددة هلم ،ما عليهم إاله أن يُق هدموا طلبا إىل وزير العدل يُ ه
ُّ
اجلزائرية الّت اكتسبوها ابآلاثر اجلماعية للتجنس ،ويكون ّتلهيهم عنها وفق املادة /18ف 4من ذات القانون ،وبذلك
يفقدوّنا فقدا إراداي إذا وافق وزير العدل على ذلك ،ويُع هد هذا النهوع من الفقد معاجلة الزدواجية اجلنسية عن طريق
اختيار اجلنسية األجنبية ،ويبدأ أثر فقد اجلنسية يف هذه احلالة ابتداءً من يوم ثبوت اتريخ الطلب امل ق هدم بصفة قانونية من
نصت عليه املادة /20بند 2من نفس القانون. املوجه إىل وزير العدل ،حسبما ه
قبل املعين ابألمر ،و ه
-)2اكتساب اجلنسية اجلزائريّة ابآلاثر اجلماعية للتجنّس االستثنائي:
نصت على ذلك املادة /11ف 3املع هدلة ،الّت جاء فيها« :إذا توف ي أجنيب عن زوجه وأوالده وكان إبمكانه أثناء حياته
ه
يدخل يف الصنف املذكور يف الفقرة األوىل أعاله ،فيمكن هلؤالء أن يطلُبوا جتنُّسه بعد الوفاة يف نفس الوقت الذي
أن ُ
يطلبون فيه جتنُّسهم ».
خاصتني ابألصناف الثالثة من األجانب الذين ُميكنهم
نالحظ على املادة /11ف 3أ هن املشرع قد ميه ز فيها بني وضعيتني ه
نص نفس املادة ،أ هن املشرع قد أخذ
أن يتجنهسوا ابجلنسية اجلزائرية جتنُّسا استثنائيا .ابإلضافة إىل ذلك يتجلى من سياق ه
كل واحد منهما اجلنسية اجلزائرية ابلتجنُّس االستثنائي ،وتبعا لذلك
مببدإ املساواة بني املرأة والرجل يف إمكانية اكتساب ه
كل واحد منهما يدخل يف الصنف األول أو يف الصنف إمكانية امتداد اآلاثر اجلماعية لتجنُّسهما إىل عائلتيهما إذا كان ه
كل ذلك فيما يلي:
الثاين من األجانب الذين ُميكنهم أن يتجنهسوا استثنائيا ابجلنسية اجلزائرية ،نشرح ه
-1الوضعيّة األوىل :هي إمكانية أن يتجنهس األصناف الثالثة من األجانب-الذين سبق بياّنم -ابجلنسية اجلزائرية جتنُّسا
صر ،أل هن املشرع استثنائيا أثناء حياهتم ،فإذا جتنهسوا فعال يف حياهتم ،فإ هن اآلاثر اجلماعية لتجنُّسهم ال ُّ
متتد إىل أوالدهم ال ُق ه
بقوة القانون إىل األوالد
اقتصر يف املادة /17ف ،1اخلاصة ابآلاثر اجلماعية للتجنُّس ،على ذكر امتداد اآلاثر اجلماعية ه
صر للشخص الذي جتنهس ابجلنسية جتنُّسا عاداي طبقا ألحكام املادة ،10فيُصبحون يف نفس الوقت جزائريني كأصلهم ال ُق ه
سواء كان هذا األصل أُهما أجنبية أو ًأاب أجنبيا(.)2
-2الوضعية الثانية :هي إمكانية التجنُّس االستثنائي ابجلنسية اجلزائرية بعد الوفاة ،مع إمكانية امتداد اآلاثر اجلماعية هلذا
ّتص صنفني من أصناف األجانب الثالثةُ ،ميكنهما أن يتجنهسا ابجلنسية اجلزائرية
التهجنُّس إىل العائلة .هذه اإلمكانية ُّ
جتنُّسا استثنائيا بعد وفاهتما ،إذا مل يكوان قد جتنهسا أثناء حياهتما ،مها الصنف األول وهو األجنيب الذي ق هدم خدمات
سن
املادة 3منه ،وهي نفسها ه
نص ه
ظل قانون اجلنسيهة لسنة ُ 1963مق هدرة بواحد وعشرين ( )21سنة ،حسب ه مادة اجلنسيهة يف هالرشد يف ه
سن ه
(-)1كانت ه
الرشد املدين وهي 19سنة،
لسن ُّ
الرشد موافقة ه
سن ُّ
املادة 4منه ،هأما بعد تعديله فقد صارت ه
نص ه الرشد يف قانون اجلنسيهة لسنة 1970قبل تعديله ،حسب ه ه
املادة 4منه.
ه ه نص حسب
(-)2راجع ما سبق :اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابآلاثر اجلماعية للتجنهس العادي ،وفق االمر .01-05
123
استثنائية للجزائر والصنف الثاين وهو األجنيب الذي أُصيب بعاهة أو مرض نتيجة عمل قام به خدمة للجزائر أو
نصت عليهما املادة /11ف ،1الّت أحالت إليها املادة /11ف 3عندما تعلهق األمر ابآلاثر اجلماعية للتجنُّس
لفائدهتا .ه
لكل واحد منهما أن يتجنهس بعد وفاته ،إذا كان قد تويف عن زوجه وأوالده ومل يتجنهس أثناء حياته،
االستثنائي ،ميكن ه
فإذا كان األمر كذلك ،فيمكن لزوجه وأوالده أن يطلُبوا جتنُّسه يف نفس الوقت الذي يطلبون فيه هم جتنُّسهم ،وهكذا
امتدادا لآلاثر اجلماعية لتجنهسه هو ابجلنسية
عد ً يكون جتنُّسهم متوقهفا على جتنُّسه هو ،ممها يدعوان إىل القول أ هن جتنُّسهم يُ ُّ
اجلزائرية جتنُّسا استثنائيا مع إعفائه من مجيع ُشروط التجنُّس العادي املنصوص عليها يف املادة ،10وابلتبعية لذلك يُعفى
صر
نص املادة/11ف 3هأّنا مل ُمتيهز يف امتداد اآلاثر اجلماعية للتجنُّس بني األوالد ال صق ه
منها زوجه وأوالده .ممها يُالحظ على ه
الراشدين ،ممها يعين أنهه يشملهم مجيعا.
واألوالد ه
هأما الصنف الثالث من األجانب الذي ميكنه أن يتجنهس ابجلنسية اجلزائرية جتنُّسا استثنائيا ،فقد ه
نصت عليه املادة
/11ف ،2وهو األجنيب الذي يكون يف جتنُّسه فائدة استثنائية للجزائر فإمكانية جتنُّسه ُمتاحة له أثناء حياته فقط ،هذا ما
نص املادة /11ف ،3لّت أحالت على املادة /11ف 1اخلاصة ابلصنفني األول والثاين ومل ُحتل على الفقرة الثانية يُفهم من ه
من املادة /11ف 2اخلاصة ابلصنف الثالث أل هن جتنهسه يكون يف حياته فقط .هاما عن سبب جتنُّسه أثناء حياته فقط،
السبب املنشود من جتنُّسه ،وهو أن حتصل اجلزائر منه بعد جتنُّسه على الفائدة االستثنائية .فتجنُّسه يرتتهب
فذلك يعود إىل ه
شجعه على التجنُّس جبنسيتها عنه الحقا حصول تلك الفائدة وليس العكس .ومثل هذا الصنف ُميكن للدولة اجلزائرية أن تُ ه
حّت حتصل هلا الفائدة االستثنائية املنشودة من جتنُّسه .ومادام جتنُّسه يكون حال حياته فال متت هد اآلاثر اجلماعية لتجنُّسه
ه
نصت صراحة على أ هن إمكانية امتداد إىل زوجه وأوالده ،وهذا ما شرحناه يف الوضعية األوىل أعاله ،مثه إ هن املادة /11ف 3ه
أتخر جتنُّسهما إىل ما بعد وفاهتما ،وهذا األول والثهاين إذا ه
الصنفني هاآلاثر اجلماعية للتجنُّس االستثنائي تقتصر على عائلة ه
ما شرحناه يف الوضعية الثهانية أعاله.
-3مبدأ املساواة بني املرأة والرجل :يتجلى بوضوح من املادة /11ف 3أ هن املشرع قد تبىن مبدأ املساواة بني املرأة والرجل
ألي منهما أن
الشأن ،إذ ُميكن ه
يف إمكانية اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلتجنُّس االستثنائي ،حيث سوى بينهما يف هذا ه
أي منهما ،حبيث متت هد اآلاثر
يكتسبها مبفرده ،ويف نفس الوقت سوى بينهما يف إمكانية امتداد اآلاثر اجلماعية لتجنُّس ه
نص املادة /11ف3 صرا أم راشدين .هذا ما يُستفاد من ه اجلماعية لتجنُّسه إىل الزوج اآلخر وإىل أوالده ،سواء كانوا قُ ه
نفسها ،الّت جاءت فيها عبارة " إذا تويف أجنيب عن زوجه وأوالده" .استخدم فيها املشرع ابللهغة العربية ُمصطلح "الزوج"
الذي ينصرف يف معناه إىل الزوج والزوجة إقر ًارا منه مببدإ املساواة بني املرأة والرجل يف اكتساب اجلنسية اجلزائرية ابلتجنُّس
االستثنائي ويف اكتساهبا ابآلاثر اجلماعية هلذا التجنُّس ،حيث متت هد اآلاثر اجلماعية إىل الزوج اآلخر وأوالده منه ،سواء
حيث جاء فيها:
صرا أو راشدين ،وهذا ما أ هكدته العبارة ابللهغة الفرنسية الواردة يف نفس املادة ُ كانوا قُ ه
املشرع مصطلح Le conjoint » « Le conjoint et le enfants de l’étranger décédéاستخدم فيها ه
بدال من مصطلح الزوجة La femmeالذي كان قد استخدمه يف قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة )1(1963ويف قانون
ً
125
نبني الشروط الالهزمة السرتداد اجلنسية اجلزائرية (اثنيا) أ هما اآلاثر اجلماعية السرتداد
يسرتدوا اجلنسية اجلزائرية (أوال) مثه هُ
حيث كانت تنص عليها املادة /17ف،2
اجلنسية اجلزائرية فلم ينص عليها املشرع بعد تعديل قانون اجلنسية لسنة ُ ،1970
قبل تعديله.
أوال-األشذاص الذين يـمكنهم اسرتداد اجلنسية اجلزائرية:
يتجلى من نص املادة ،14الذي أوردانه أعاله ،أ هن إمكانية اسرتداد اجلنسية اجلزائرية ،يقتصر على اجلزائريني الذين
كانوا قد متتهعوا هبا كجنسية أصلية وفق املادتني 6و 7من قانون اجلنسية لسنة 1970بعد تعديله-اللهتني سبق لنا شرحهما-
مثه فقدوها إبحدى حاالت الفقد الّت نص عليها هذا القانون .والفقد قد يكون فقدا إراداي كما قد يكون فقدا غري
إرادي .نشرح حاالت الفقد اإلرادي وغري اإلرادي إبجياز شديد فيما يلي:
يتم يف أربع حاالت( ،)1بينما -)1الفقد اإلرادي :كان الفقد اإلرادي يف ه
ظل قانون اجلنسية لسنة 1970قبل تعديله ه
يتم الفقد اإلرادي بعد تعديله يف ثالثة حاالت نصت عليها املادة 18املع هدلة ،حيث يفقد فيها اجلزائريون جنسيتهم ه
األصلية إبرادهتم ،ولكن بعد أن أتذن هلم احلكومة اجلزائرية مبوجب مرسوم لل تخلي عن اجلنسيهة اجلزائرية مع منحهم إمكانية
يسرتدوها ،لكن كجنسية مكتسبة إذا توفهرت الشروط القانونيهة الالهزمة السرتدادها .وحاالت الفقد الثالث هي:
أن ُّ
-1احلالة األوىل :هي حالة «اجلزائري الذي اكتسب عن طواعية يف اخلارج جنسية أجنبية وأُذن له مبوجب مرسوم للتخلي
كل جزائري كان متمتهعا ابجلنسية اجلزائرية األصلية ،مثه
ّتص ه
نصت عليها املادة .1/18وهي حالة ه عن اجلنسية اجلزائرية» ه
أبي طريقة أُخرى من طُرق االكتساب الّت يتوقهف فيها اكتسابه
اكتسب إبرادته جنسية أجنبية يف اخلارج ابلتجنُّس ،أو ه
فض ًال هإايها على اجلنسية اجلزائرية األصلية ،ف قد هذه األخرية ،لكن منحه املشرع
جنسية أجنبية على إرادته ،فإذا اختارها ُم ه
إمكانية اسرتدادها كجنسية مكتسبة وليست كجنسية أصلية .وعلى هذا ه
كل جزائري أصيل اكتسب جنسية أجنبية يف
اخلارج دون إرادته ال تنطبق عليه أحكام .1/18
-2احلالة الثانيّة :هي حالة «اجلزائري ،ولو كان قاصرا ،الذي له جنسية أجنبية أصلية وأُذن له مبوجب مرسوم للتخلي
كل جزائري يتمتهع ابجلنسية
ّتص-فيما حنن بصدد دراسته -ه عن اجلنسية اجلزائرية» .ه
نصت عليها املادة .2/18وهي حالة ه
اجلزائرية األصلية ،سواء كانت مبنية على أساس حق الدم ،أو على أساس حق اإلقليم ،ويف ذات الوقت يتمتهع جبنسية
أجنبية أصلية ،مبنية هإما على أساس حق الدم او على أساس حق اإلقليم ،فإذا كان هذا اجلزائري األصيل راشدا ،أي له
أهلية األداء ،ورغب عن اجلنسية اجلزائرية األصلية ،فيمكنه إذا أراد أن يفقدها طبقا ألحكام هذه املادة ،مّت حصل على
ختصة ،للتخلي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية اختيارا منه اجلنسية األجنبيةإذن مبوجب مرسوم من السلطة اجلزائرية امل ه
األصلية.
هأما إذا كان قاصرا فيمكن لِمن ينوب عنه قانوان أن يُق هدم طلبا نيابة عنه للتخلي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية ،فإذا
حصل على إذن مبوجب مرسوم للتخلي عنها فقدها ،اختيارا منه اجلنسية األجنبية االصلية .مثال ذلك أن يتجنهس زوجان
ظل قانون اجلنسية لسنة 1970قبل تعديله ،بعدما كانوا قد فقدوها فقدا إراديه ا .
(-)1راجع ما سبق :األشخاص الذين ميكنهم اسرتداد اجلنسية اجلزائرية يف ه
126
جزائراين مقيمني يف أمريكا ابجلنسية األمريكية ،مثه يولد هلما ولد يف أمريكا ،فإ هن هذا الولد يتمتهع ابجلنسية األمريكية
األصليهة على أساس حق اإلقليم ،ويتمتهع ابجلنسية اجلزائرية األصلية على أساس حق الدم من جهة أبويه اجلزائريني.
فإذا افرتضنا أ هن أبويه هقررا التخلي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية اختيارا منهما اجلنسية األمريكية الّت اكتسباها ابلتجنس،
لكل واحد منهما مبوجب مرسوم للتخلي عن اجلنسية خيصه -طلبا للتخلي عنها ،وأُذن ه كل واحد منهما-فيما ه وق هدم ه
اجلزائرية األصلية فقداها إبرادتيهما ،ولكن على افرتاض أ هن ولدمها مازال قاصرا ،فبما أ هن املشرع اجلزائري بعد تعديل قانون
الساري املفعول حاليا ،قد أقر أبن ال متت هد اآلاثر اجلماعية لفقد اجلنسية اجلزائرية يف احلاالتاجلنسية لسنة 1970ه
املادة 18إىل األوالد ال ُقصر( ،)1فلكي يفقد هذا الولد اجلنسية اجلزائرية األصلية ،ميكن ألبيه بصفته
املنصوص عليها يف ه
ويل أمره أن ينوب عنه يف تقدمي طلب مستقل للتخلي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية ،فإذا أُذن له مبوجب مرسوم ف قد ه
اجلنسية اجلزائرية األصلية املبنية على حق الدم ،اختيارا منه اجلنسية األمريكية املبنية على حق اإلقليم ،لكن ُميكنه أن يسرتد
الرشد إذا رغب فيها ،على أن تكون جنسيته جزائرية مكتسبة وليست أصلية. سن ُّ
اجلنسية اجلزائرية بعد بُلوغه ه
-3احلالة الثّالثة :وهي حالة «اجلزائرية املتزوجة أبجنيب وتكتسب ه
جراء زواجها جنسية زوجها وأُذن هلا مبوجب مرسوم
للتخلي عن اجلنسية اجلزائرية».
كل امرأة جزائرية تتمتهع ابجلنسية اجلزائرية األصليهة ،مثه تكتسب
نصت على هذه احلالة املادة ،3/18الّت يُستفاد منها أ هن ه
جنسية زوجها األجنيب بفعل الزواج ،إذا أرادت أن تتخلى عن جنسيتها اجلزائرية األصلية ،ما عليها إاله أن تُق هدم طلبا إىل
عرب فيه عن إرادهتا للتخلي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية ،اختيارا منها اجلنسية األجنبية املكتسبة
ختصة تُ ه
السلطة اجلزائرية امل ه
ابلزواج ،فإذا أذنت هلا مبوجب مرسوم للتخلي عنها ،فقدهتا إبرادهتا ،لكن يبقى هلا إمكانية اسرتدادها مستقبال كجنسية
جزائرية مكتسبة.
هذه هي احلاالت الثالث الّت ميكن أن تُفقد فيها اجلنسية اجلزائرية األصلية فقدا إراداي ،اختيارا من أصحاهبا اجلنسية
()2
يتبني ممها سلف أنهه لكي تُفقد اجلنسية اجلزائرية األصلية فقدا إراداي يف
االجنبية ،سواء كانت أصلية أو مكتسبة ،ه
تتوفر الشروط اخلمسة اآلتيهة:
جيب أن هاحلاالت الثالث السابقة ُ
-1أن يُق هدم طلب للدولة اجلزائرية ممثهلة يف شخص وزير العدل يُعلن فيه صاحبه عن الرغبة يف التخلي عن اجلنسية اجلزائرية
األصلية.
-2أن يكون من ق هدم طلب التخلي عن اجلنسية اجلزائرية االصلية حامال فعال اجلنسية األجنبية وقت تقدمي الطلب.
لكل من طلب منها يف احلاالت الثالث ،التخلي عن اجلنسية ختصة مبوجب مرسوم ه -3أن أتذن السلطة اجلزائرية امل ه
اجلزائرية األصلية.
متمم لقانون اجلنسية اجلزائرية لسنة 1970على أن " ال ميت هد اثر فقدان اجلنسية اجلزائرية
املؤرخ يف 27فرباير املع هدل وال ه
تنص املادة 21من األمر 01-05ه
( -)1ه
صر".املادة 18أعاله إىل األوالد ال ُق ه
يف احلاالت املنصوص عليها يف ه
ينص عليها قانون اجلنسية لسنة 1963يف املادة3،2،1/21 (-)2احلاالت الثالث الواردة يف املادة 3،2،1/18املع هدلة ،هي احلاالت الثالث نفسها الّت كان ه
وهي نفسها احلاالت الثالث املنصوص عليها يف املادة 3،2،1/18من قانون اجلنسية لسنة 1970قبل تعديله.
127
-4أن يكون من ق هدم طلب التخلي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية ُمتمتعا أبهلية األداء وقت تقدمي الطلب ،إاله يف احلالة
الثانية إذا كان املعين ولدا قاصرا ،فإ هن الذي ينوبه يف تقدمي الطلب هو ويل أمره ،بشرط أن يكون هذا األخري ُمتمتهعا هو
نفسه أبهلية األداء حلظة تقدمي الطلب عن املعين.
ينص عليه املشرع صراحة ،لكن يُستخلص ضمنيا من نص املادة ،3،2،1/18نفسها ،وهو -5الشرط اخلامس واألخري مل ه
كل من ق هدم طلب التخلي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية مقيما يف اخلارج .وهذا يعين ضعف الصلة بينه وبني أن يكون ه
حصلة يعين ضعف الوالء السياسي للدولة اجلزائرية أو انعدامه أصال .والسلطة
الدولة اجلزائرية ،أو انقطاعها متاما ،ويف امل ه
التقديرية يف كل ذلك تعود هلذه األخرية.
نصت املادة 1/20املع هدلة على أن« :يبدأ فقدان اجلنسية
هأما عن سراين مفعول الفقد يف احلاالت الثالث السابقة فقد ه
اجلزائرية يف احلاالت املنصوص عليها يف الفقرات 3،2،1من املادة 18أعاله ،ابتداء من نشر املرسوم الذي أيذن للمعين
ابألمر يف التنازل عن اجلنسية اجلزائرية يف اجلريدة الرمسية للجمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية».
هأما ابلنسبة ِالمتداد أثر الفقد إىل األوالد ال ُقصر للمعين ابألمر فلم يعد موجودا بعد التعديل الذي أدخله املشرع على
املادة 18أعاله إىل
نصت على أن« :ال ميت هد أثر فقدان اجلنسيهة اجلزائريهة يف احلاالت املنصوص عليها يف ه املادة ،21الّت ه
القصر» والذي يعنينا من تلك احلاالت ،هي احلاالت الثالث الّت شرحناها آنفا .وذلك يعين أ هن األوالد القصر األوالد ه
بغض النظر عن فقد
للجزائريني األُصالء الذين فقدوا جنسيتهم اجلزائرية فقدا إراداي حيتفظون جبنسيتهم اجلزائرية األصلية ه
الرشد طبقا ألحكام املادة 2/18نفسها.
سن ه
أصلهم هلا .غري أ هّنم ميكنهم أن يفقدوها إبرادهتم عند بلوغهم ه
-)2الفقد غري اإلرادي :هذا الفقد خاص بفقد اجلنسية اجلزائرية األصلية القائمة على أساس حق اإلقليم ،حيث تُفقد
فقدا غري إرادي يف حالة واحدة ،هي حالة الولد املولود يف اجلزائر من أبوين جمهولني سواء كانت واقعة ميالده يف اجلزائر
اثبتة يف الزمان واملكان ،أو كانت واقعة ميالده يف اجلزائر ُمفرتضة ،والذي كان قد مت تهع ابجلنسية اجلزائرية األصلية على
أساس حق اإلقليم طبقا ألحكام املادة .)1(1/7هذا الولد يفقد جنسيته اجلزائرية األصلية القائمة على أساس حق اإلقليم
نصت عليه املادة 1/7يف شطرها الثاين ،لكن إذا توفهرت فقدا غري إرادي أبثر رجعي كأنهه مل يكن قد متتهع هبا قط ،هذا ما ه
شروط الفقد اآلتية:
-1أن يظهر أحد أبويه ،سواء كان أاب أجنبيا أو هأما أجنبية ،وي هد ِعي نسب الولد إليه ،ذكرا كان أم أُنثى.
-3أن يكون الولد مازال قاصرا وقت هادعاء أحد األبوين األجنبيني نسبه إليه.
-3أن يثبت نسب الولد إىل أبيه األجنيب ،أو إىل هأمه األجنبية أثناء قصره.
-4أن يكون قانون جنسية أحد األبوين األجنبيني ،الذي ثبت نسب الولد إليه ،مينح هذا الولد اجلنسية األصلية على
الساري حاليا.
أساس حق الدم من جهته .هذا ما يُستخلص من نص املادة 1/7من قانون اجلنسية ه
مسماة يف شهادة ميالده
هأما احلالة املنصوص عليها يف املادة ،2/7وهي حالة الولد املولود يف اجلزائر من أب جمهول و هأم ه
من دون بياانت أُخرى ُمت هك ُن من إثبات جنسيتها فحكمه-حسب تقديران -هو نفس حكم الولد جمهول األبوين ،الذي
129
-)1أن يكون من يطلب اسرتداد اجلنسية اجلزائرية م مهن كان قد متتهع هبا كجنسية أصلية وفق أحكام املادتني 6و 7من
قانون اجلنسية اجلزائرية لسنة 1970بعد تعديله ،مثه فقدها فقدا إراداي أبحد األسباب املذكورة يف املادة ،3،2،1/18أو
فقدها فقدا غري إرادي وفق املادة 7من نفس القانون.
تقل عن مثانية عشرة()18
-)2أن يكون من طلب اسرتداد اجلنسية اجلزائرية قد أقام يف اجلزائر وقت تقدمي الطلب م هدة ال ه
شهرا ،إقامة معتادة ومنتظمة يف اجلزائر طبقا للقانون املنظهم إلقامة األجانب يف اجلزائر.
للبت يف الطلب وفق اإلجراءات املنصوص ِ
املخول قانوان ه
-)3أن يق هدم طلب اسرتداد اجلنسية اجلزائرية إىل وزير العدل ه
عليها يف املادتني 25و 26من قانون اجلنسية الساري حاليا ،يعرب فيه عن إرادته الصرحية السرتداد اجلنسية اجلزائرية .
-)4أن يكون من ق هدم طلب اسرتداد اجلنسية اجلزائرية كامل األهلية وقت تقدمي الطلب ،مبعىن أن تكون له أهلية األداء.
-)5ي مكن إضافة شرط خامس يُستخلص ضمنيا من النهصوص ال هسابقة ،وهو زوال سبب فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية،
وهو قد يصدق على حالة دون أخرى .مثال ذلك أن يكون القانون األجنيب يعلهق اكتساب املرأة اجلزائرية جنسية زوجها
فحّت ال تصري عدمية اجلنسية ميكنها أن
األجنيب على استمرار احلياة الزوجية ،فإذا انقطعت أو حدث الطالق فقدهتا .ه
تسرتد اجلنسية اجلزائرية .لكن ما يالحظ يف هذا الشأن أ هن املشرع اجلزائري مل ها أعطى إمكانية اسرتداد اجلنسية اجلزائرية
يسرتدها كجنسية مكتسبة ال كجنسية أصلية .واحلكمة من ذلك حسب ِ
لم ن تتوفهر فيه الشروط السابقة ،إهّنا جعله ه
تقديران ،أ هن الشخص الذي أقدم إبرادته على التخلي عن اجلنسية اجلزائرية األصلية ،خاصة منها القائمة على أساس
ينم سلوكه ذاك عن استهتاره هبذه اجلنسية ،أو عن اهتزاز يف هويته وشخصيته الوطنية ،قد يرتمجه ضعف حق الدم ،إهّنا ه
صلته أو رابطته ابجملتمع اجلزائري وابلدولة اجلزائرية نتيجة اإلقامة الطويلة يف اخلارج ،قد تتداخل فيها عوامل عديدة ،
ذات طابع لغوي ،ثقايف ،فكري ،ديين ،حضاري ،أل هن اجلنسية هي قبل كل شيئ انتماء وجداين ،ونفسي ،فكري ،
وحضاري قبل أن تكون انتماءً اجتماعيا وسياسيا وقانونيا ،أل هن هذا االنتماء األخري ،إهّنا هو تتويج لالنتماء األول
وتعبري عنه .
أخريا نعيد التذكري هنا أ هن املشرع اجلزائري قد نص يف املادة 21من قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر 1970بعد تعديله
أي أثر مجاعي لفقد اجلنسية اجلزائرية األصلية إىل األوالد القصر للشخص الذي فقدها وفق احلاالت على عدم امتداد ه
الثالث املنصوص عليها يف املادة ، 18الّت شرحناها أعاله ،وكان ِمن نتيجة ذلك أن انتفت علهة امتداد األثر اجلماعي
لالسرتداد إىل األوالد القصر ملسرتد النسية اجلزائرية ،وذلك خالفا لنص املادة /20ف 2من قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر
سنة ، 1963وخالفا أيضا للمادة /17ف 2من قانون اجلنسية الصادر سنة 1970قبل تعديله ومها ماداتن متطابقتان
يف النص سبق لنا شرحهما فيما سلف ( ،)1أل هن القانونني املعنيني كاان يرتهِبان على فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية امتداد
(-)1تنص املادة /20ف 2من قانون اجلنسية الصادر سنة 1963على أن ":يسرتد أو يكتسب اجلنسية اجلزائرية بقوة القانون األوالد القصر غري املتزوجني
لشخص اسرتد اجلنسية اجلزائرية إذا كانوا مقيمني فعال معه" هذا النص مطابق لنص املادة /17ف 2من قانون اجلنسية اجلزائرية الصادر سنة 1970قبل تعديله.
فإّنم
ومقتضى هذا النص أ هن األوالد القصر لشخص فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية إبرادته ،إذا كانوا قد فقدوها معه نتيجة امتداد األثر اجلماعي للفقد إليهم ه
قصرا ،وأن يكونوا غري متزوجني ،ويعيشون معه فعال .هأما األوالد الذين ُولِ ُدوا بعد
يسرتدون ها معه بقوة القانون ،بشروط هي :أن يكونوا أثناء اسرتداده هلا مازالوا ً
ه
فقده هلا فيكتسبون ها معه ابآلاثر اجلماعية لالسرتداد بقوة القانون وبنفس الشروط.
130
اآلاثر اجلماعية للفقد بقوة القانون .إذن فإمكانية اسرتداد اجلنسية اجلزائرية ابآلاثر اجلماعية لالسرتداد يف ظل قانون
نص يف املادة 21من نفس القانون على أال
اجلنسية اجلزائرية الصادر سنة 1970بعد تعديله منعدمة ،أل هن املشرع قد ه
متت هد اآلاثر اجلماعية للفقد اإلرادي املنصوص عليه يف املادة /18ف1و2و 3إىل األوالد القصر للشخص الذي فقد جنسيته
اجلزائرية األصلية إبرادته ،ممها يعين أ هّنم يبقون متمتهعني ابجلنسية اجلزائرية األصلية .هأما األوالد الذين ُو ُلدوا بعد فقد أصلهم
اجلنسية اجلزائرية إذا كانوا قصرا عند اسرتداد أصلهم اجلنسية اجلزائرية فال ميكنهم اكتساب ها معه ،لكن يبقى الطريق أمامهم
الرشد.
سن همفتوحا الكتساب ها عن طريق التجنس العادي طبقا ألحكام املادة 10عند بلوغهم ه
هأما الذين فقدوا جنسيتهم اجلزائرية األصلية املبنيهة على أساس حق اإلقليم فقدا غري إرادي وفق املادة ،7فلم ينص املشرع
مطلقا على إمكانية امتداد أثر الفقد إىل أوالدهم القصر ،ألنههم هم أنفسهم فقدوها وهم قصر.
ظل قانون اجلنسية لسنة 1970بعد تعديله ،تستلزم أن نذكر أ هن اكتساب إ هن دراسة طرق اكتساب اجلنسية اجلزائرية يف ه
أبي طريقة كانت ،سواء ابلزواج املختلط ،أو ابلتجنس العادي أو االستثنائي ،أو ابالسرتداد يرتتهب
اجلنسية اجلزائرية وفقه ه
حيث جاء فيها« :يتمتهع الشخص الذي يكتسب اجلنسية نصت عليها املادة 15من ذات القانونُ ، عنه آاثر فردية ه
ابلصفة اجلزائرية ابت داء من اتريخ اكتساهبا» وهذه احلقوق هي احلقوق املدنية والسياسية
اجلزائرية جبميع احلقوق املتعلهقة ه
اجلزائرية.
نستنتج ممها سبق أ هن اسرتداد فرد ما اجلنسية اجلزائرية يتوقهف على من سبق له أن فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية ،فإذا
يسرتدها كجنسية جزائرية مكتسبة وليست كجنسية جزائرية أصلية .والفقد واالسرتداد فقدها إبرادته ،أجاز له املشرع أن ه
كالمها خيضعان لرقابة وموافقة الدولة اجل زائرية ،الّت تتمتهع بسلطة تقديرية واسعة يف هذا الشأن ،فلها أن توافق على ذلك
او ترفض ،أل هن مصلحتها تسبق مصلحة األفراد.
هناك عرباتن نستخلصهما من فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية فقدا إراداي ،وفق احلاالت الثالث املنصوص عليها يف املادة
18املع هدلة من قانون اجلنسية اجلزائرية الساري املفعول حاليا ،وكذا من اسرتداد اجلنسية اجلزائرية وفق املادة 14من نفس
القانون ،تتمثهالن فيما يلي:
-العربة األوىل نستخلصها من فقد اجلنسية اجلزائرية األصلية فقدا إراداي ،وهي معاجلة ظاهرة ازدواج اجلنسية عن طريق
اختيار اجلنسية األجنبية والتخلي عن اجلنسية اجلزائرية حتت رقابة الدولة اجلزائرية.
-العربة الثانية نستخلصها من إمكانية اسرتداد اجلنسية اجلزائرية ،وهي حماربة ظاهرة انعدام اجلنسية .لكن اسرتداد
اجلنسية اجلزائرية قد يرتتهب عنه ازدواج اجلنسية إذا مل يفقد الشخص الذي ه
اسرتد اجلنسية اجلزائرية جنسيتهُ األجنبية نتيجة
اسرتداده اجلنسية اجلزائرية.
اخلامتة :يتبني لنا من الفصل األول الذي درسنا فيه مفهوم الرعوية اإلسالمية ومفهوم اجلنسية يف القانون الوضعي ،أ هن
الرعوية اإلسالمية قوامها الشرع اإلسالمي .فقد نشأت متالزمة مع نشوء الدولة اإلسالمية يف املدينة املنورة ابتداء .لكن
االنتساب اىل دار اإلسالم قائم على أساس أحكام الشريعة اإلسالمية ،ومستلهم من طبيعة اإلسالم كعقيدة دينية وشريعة
131
حياة ،فهي هبذا املعىن انتساب اجتماعي وسياسي وشرعي (قانوين) ،غري قابل للتغيري ابلنسبة للمسلمني وإن كان تغيريه
متاح ابلنسبة للذميني إذا انتقلوا لإلقامة الدائمة خارج إقليم دار اإلسالم.
إ هن االنتماء اىل الدولة احلديثة ،اجتماعيا ،سياسيا وقانونيا ،الذي تقوم عليه فكرة اجلنسية يف القانون الوضعي يؤدي
حتما إىل ازدواجية اجلنسية وتعددها ،أل هن ذلك مرتبط ارتباطا وجوداي ابلقانون الوضعي الذي يسمح للفرد أن حيمل
ً
جنسيتني أو اكثر يف آن واحد ،فهي منبثقة من طبيعة القانون الوضعي الذي يسنهه االنسان نفسه ،حسب أهوائه ومصاحله
م مها أد ى ايل اختالف األسس الّت تقوم عليها اجلنسية يف القوانني الوضعية اخلاصة ابجلنسية ،فكان من نتيجة ذلك
حدوث ظاهرة ازدواجية اجلنسية.
هأما الشريعة اإلسالمية فال تعرف ازدواجية الرعوية ،وال ميكن تصورها مطلقا ،أل هن النظام القانوين الذي حيكم الرعوية يف
اإلسالم هو نظام واحد ال يتغيه ر ،هو الشريعة اإلسالمية ،ال دخل لإلنسان يف وضع قواعدها ،وإهّنا هو مستنبط من
الكتاب والسنة واإلمجاع .أما عن اجلزائر فقد كان هلا قبل أن تُبتلى ابالستعمار االستيطاين الفرنسي الغاشم دولتها وهي
دولة إسالمية ،ورعويتها وهي رعوية إسالمية لكنههما زالتا بفعل االستعمار الفرنسي ،لكن الشريعة اإلسالمية مل تتمكن
فرنسا االستعمارية من إزاحتها من حياة اجلزائريني ،خاصة منها األحكام الشرعية املتعلقة ابألسرة اجلزائرية املسلمة رغم
حماوالت االحتواء واالدماج الّت اتهبعتها أثناء احتالهلا اجلزائر وسعيها الدائم للقضاء على الشخصية االسالمية للشعب
تبىن املشرع الوضعياجلزائري املسلم .رغم أ هن اجلزائر مل تعرف اجلنسية القانونية هإال بعد استقالهلا سنة ،1962حيث ه
اجلزائري املفاهيم القانونية اخلاصة ابجلنسية املوروثة عن عهد االستعمار الفرنسي ،غري أنهه مل يستطع أن يتجاوز فكرة
سن قواعد اجلنسية اجلزائرية األصلية ابلنسب يف املادة اخلامسة من قانون
االنتساب الّت عرفتها الرعوية اإلسالمية عندما ه
اجلنسية لسنة 1963واملادة السادسة من قانون اجلنسية لسنة 1970قبل تعديله ،وال ميكن ألي كان أن يثبت جنسيته
اجلزائرية األصلية ابلنسب يف وقتنا هذا هإال إذا اثبت أنهه ينحدر من أصلني ذكرين من جهة األب أو األم مولودين يف
اجلزائر و متمتهعني ابلشريعة اإلسالمية.
132