Professional Documents
Culture Documents
توثيق المعاملات العقارية ودوره في تحقيق الأمن العقاري والحد من ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير-1
توثيق المعاملات العقارية ودوره في تحقيق الأمن العقاري والحد من ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير-1
2019-2020
1
المــقـدمــــــــة
يلعب العقار دورا أساسيا على صعيد التنمية االقتصادية و االجتماعية والبشرية بمختلف تجلياتها،
لذلك فقد أحاطه المشرع المغربي بمجموعة من المقتضيات القانونية و ارتقى به إلى مصاف الحماية
الدستورية بموجب الفصل 35من دستور ،2011والذي اعتبر حق الملكية العقارية من أهم الحقوق
الراجعة لألفراد التي ال يمكن المساس بها إال بموجب القانون ووفق إجراءات محددة سلفا.
وقد شكل نظام التحفيظ العقاري الذي تم سنه بتاريخ 12غشت 2013واحد من القوانين الرامية إلى
حماية الملكية العقارية بشكل يسهل تداولها في السوق االقتصادية وفق ضوابط قائمة على مبدأ الثقة
بين مختلف الفاعلين االقتصاديين ،دون إغفال العديد من القوانين الرامية جميعها إلى ضبط الملكية
العقارية وحمايتها من االعتداء.
وبالنظر ألهمية الملكية العقارية في حياة األفراد ،ولقيمتها التصاعدية في السوق االقتصادية ،فقد
شكلت مطمعا لذوي النيات السيئة الذين يحاولون الترامي عليها وسلبها من مالكيها الحقيقيين بشتى
الطرق إلى حد ظهور شبكات مؤطرة في ميدان التزوير ،غايتها البحث عن العقارات المهملة ،وعلى
إثر تضخم وتفشي هذه الظاهرة استوجب الوقوف أمامها والتصدي لها من أجل إعادة تحقيق األمن
العقاري.
مما دعى تدخل الملك محمد السادس نصره للا من خالل بعثه لرسالة سامية إلى السيد وزير العدل و
الحريات بتاريخ 30ديسمبر 2016وذلك بهدف التصدي الفوري والحازم ،لظاهرة االستيالء على
عقارات الغير لما قد ينجم عنها من انعكاسات وسلبيات خطيرة قد تؤدي إلى زعزعة ثقة الفاعلين
االقتصاديين والتي كما يقول جاللة الملك" ال يخفى دورها كرافعة أساسية لالستثمار ،وكمحرك لعجلة
التنمية االقتصادية و االجتماعية".
أما تدخل المشرع المغربي فاتجه نحو السير على إقرار الرسمية في مجال المعامالت العقارية حيث
أبقى على مبدأ الخيار بين المحررات الرسمية ،وحصر أيضا الجهات والمؤسسات التي تصدر هذه
المحررات الرسمية المتعلقة بالتوثيق العقاري في كل من مؤسسة العدول المنظمة وفق قانون ،16.03
والتي تعتبر مؤسسة قديمة قدم التاريخ حيث كان المغاربة يعملون بها في توثيق مجمل التصرفات
التي كانوا ينشؤونها فيما بينهم ،ثم مؤسسة التوثيق العصري المنظمة وفق قانون 32.09والتي لم
تظهر إال بعد بزوغ الحماية الفرنسية على المغرب ،حيث جاء بها المستعمر الفرنسي من أجل
االستيالء على العقارات و الخيرات التي كان ينعم بها المغرب .ثم هناك أيضا المحررات الثابتة
التاريخ التي خول المشرع للمحامون المقبولون للترافع أمام محكمة النقض إمكانية تحريرها و
إصدارها.
ثم تدخل المشرع المغربي أيضا من خالل سن وتعديل مجموعة من القوانين الخاصة كقانون رقم
107.12المغير والمتمم للقانون رقم 44.00المتعلق ببيع العقار في طور اإلنجاز والمتمم بموجبه
قانون االلتزامات والعقود ،وكذلك القانون رقم 106.12المغير والمتمم للقانون 18.00المتعلق ببيع
2
الشقق في إطار الملكية المشتركة ،والقانون رقم 51.00المتعلق باإليجار المفضي إلى تملك العقار،
والقانون رقم 25.90المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات ،ثم القانون
الصادر في 23فبراير 2010المتعلق بمدونة األوقاف ،ثم تعديله وتغييره أخيرا لظهير 1919المتعلق
بأراضي الجماعات الساللية بقوانين 62.17و 63.17و .64.17
بالتالي فإن موضوع توثيق المعامالت العقارية ودوره في تحقيق األمن العقاري والحد من ظاهرة
االستيالء على عقار الغير له من األهمية االقتصادية في الدور الذي أصبح العقار يضطلع به ،فال
يتصور تحقيق أي استثمار أو تطور اقتصادي ،في أي مجال كان ،دون التوفر على وعاء عقاري آمن
وسليم ،يمنح للمؤسسات المالية الثقة واالطمئنان إلى تمويل المشاريع المختلفة دونما أي تردد أو
شك.أما على المستوى االجتماعي فيكتسي هذا الموضوع أهمية في تحقيق السلم و االستقرار
االجتماعيين عن طريق وضع حد لكافة االختالفات التي يعرفها النظام القانون للعقار ببالدنا ،والتي
تساهم في استمرار تفشي ظاهرة االستيالء على عقارات الغير وهو الذي يحول دون تحقيق األمن
العقاري بالشكل المطلوب.
وحتى يتحقق التأطير المنهجي للنقاط السالفة الذكر ،فالبد من صياغة إشكال مركزي ،يعد بمثابة
الخيط الناظم الذي يحكم هذا البحث المتواضع ،إشكال مفاده:
ما الدور الذي لعبه توثيق المعامالت العقارية في تحقيق األمن العقاري والحد من ظاهرة االستيالء
على العقارات؟
إن هذا اإلشكال األ ساسي يقتضي لمعالجته طرح العديد من التساؤالت الجزئية التي تدور في فلكه،
لعل اإلجابة عليها بصميم البحث من شأنه إيجاد حل لهذا اإلشكال ويمكن إجمال هذه اإلشكاالت
الفرعية في ما يلي:
كيف يمكن تحقيق األمن العقاري ؟
ماهي أسباب تفشي ظاهرة االستيالء؟
ماهي التدابير ا لتوثيقية الكفيلة بالتصدي لظاهرة االستيالء على العقارات؟
إن دراسة موضوع دور توثيق المعامالت العقارية في تحقيق األمن العقاري و الحد من ظاهرة
االستيالء على العقارات ،و اإللمام بجميع جوانبه يقتضي تقسيمه إلى مبحثين اثنين كالتالي:
المبحث األول :توثيق المعامالت العقارية ودوره في تحقيق األمن العقاري
المبحث الثاني :توثيق المعامالت العقارية ودوره في الحد من ظاهرة االستيالء على العقارات
3
المبحث األول :دور التوثيق المعامالت العقارية في تحقيق األمن
العقاري
إن توثيق التصرفات العقارية،أمر فرضه المشرع من خالل الفصل 489من ق.ل.ع والذي ينص
على أنه" :إذا كان المبيع عقارا أو حقوق عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا وجب أن
يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ،وال يكون له أثر في مواجهة الغير،إال إذا سجل في الشكل
المحدد بمقتضى القانون" .فالمشرع وانطالقا من النص أعاله فرض و أوجب ضرورة كتابة عقد البيع
المنصب على عقار أو حقوق عقارية أو أشياء يمكن رهنها رهنا رسميا،في محرر ثابت التاريخ و
يجب تسجيل هذا المحرر وفق الشكل المحدد بمقتضى القانون،غير أن هذا الفرض،أو ضرورة الكتابة
التي سعى وحاول المشرع من خاللها تنظيم مسألة توثيق المعامالت العقارية،تبقى عاجزة عن تحقيق
المبتغى،ذلك أنه اقتصر في الفصل 489من ق.ل.ع على البيع فقط ،دون أن يعرض لباقي
التصرفات العقارية المهمة ،كما أن حديثه عن المحرر الثابت التاريخ يعتبر موجها للمحررات العرفية
دون المحررات الرسمية ،على اعتبار أن هذه األخيرة تصبح ثابتة التاريخ منذ تاريخ التأشير عليها
من الجهات المختصة بتحريرها ،كما أنه أكد على ضرورة تسجيل العقود إذ ال يكون لهذه األخيرة أثر
1.
في مواجهة الغير إال إذا سجلت تبعا للشكل المحدد قانونا
ووعي ا وإدراكا من المشرع المغربي ألهمية التوثيق،لم يقتصر على تنظيمه بالقواعد العامة،بل تدخل
عبر مجموعة من النصوص الخاصة،لتدارك النقص والثغرات التي شابت الفصل 489من
ق.ل.ع،وهو ما يستنتج من خالل القانون رقم ،244 -00والقانون رقم،351-00القانون رقم-00
.4
18
من هنا سنتناول هذا المبحث من خالل مطلبين:األول نخصصه لضمانات توثيق التصرفات العقارية
على ضوء مدونة الحقوق العينية والقوانين الخاصة،والثاني سنعرض فيه العوارض التي تعيق بناء
المحرر التوثيقي و تؤثر سلبا على استقرار المعامالت العقارية وتحقيق األمن العقاري.
1عبد الحق الصافي ،عقد البيع ،دراسة في قانون االلتزامات والعقود وفي القوانين الخاصة ،مطبعة النجاح الجديدة ،الطبعة األولى ،1998ص.173
2القانون رقم 44-00الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،1-02-309صادر في 25رجب 1423الموافق ل 3أكتوبر 2002والمنشور بالجريدة الرسمية عدد
5054بتاريخ 7نوفمبر ،2002ص.3183والمتعلق ببيع العقار في طور اإلنجاز.
3القانون رقم 51-00الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ، 1-03-202صادر في 11نوفمبر 2003والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5172بتاريخ
25ديسمبر،2003ص.4375والمتعلق باإليجار المفضي إلى تملك العقار.
4القانون رقم 18-00الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ، 1-02-298صادر 3أكتوبر،2002والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5054بتاريخ 7نوفمبر2002
،ص.3175والمتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية.
4
المطلب األول :ضمانات توثيق التصرفات العقارية على ضوء مدونة الحقوق
العينية والقوانين الخاصة
سنعمل على تناول هذا المطلب من خالل فقرتين،األولى سنخصصها للضمانات المتعلقة بتحرير
العقود العقارية،والثانية سنعرض فيها التوجه التشريعي نحو الرسمية بين القوانين الخاصة ومدونة
الحقوق العينية.
5
تحرر أصول العقود والنسخ بكيفية مقروءة وغير قابلة للمحو على ورق يتميز بخاصية الضمان
الكامل للحفظ".
بقي أن نشير إلى إجراء هام يتولى الموثق القيام به و يتمثل في كونه يقدم نسخا من المحررات
والعقود بعد اإلشهاد بمطابقتها لألصل من طرفه لمكتب التسجيل المختص قصد استيفاء واجبات
التسجيل ،كما يتولى القيام باإلجراءات الضرورية للتقييد في السجالت العقارية وغيرها لضمان
فعاليتها ،ويقوم أيضا بإجراءات النشر والتبليغ طبقا للمادة 47من قانون مهنة التوثيق.
ب:توثيق المعامالت العقارية من طرف العدول
تخضع مهنة التوثيق العدلي ألحكام القانون رقم 16-03المتعلق بخطة العدالة ،فهي مهنة حرة
7
تمارس وفق الشروط وحسب االختصاصات المقررة في هذا القانون وفي النصوص الخاصة ،ويعتبر
العدول من مساعدي القضاء ،ويعتبر تلقي الشهادة المرحلة األولى إلنشاء الوثيقة العدلية ،وتلقي يجب
أن يتم من طرف عدلين ،أي يجب أن يكون ثنائيا ،ماعدا في حالة تعذر ذلك ،فإنه يجوز التلقي الفردي
شريطة الحصول على إذن من القاضي المكلف بالتوثيق والتلقي يجب أن يتم طبق المادة 29من
القانون 16-03مباشرة،وفي حالة كون المشهود عليه عاجز عن الكالم أو السمع جاز اإلشهاد عليه
بالكتابة،وإال فباإلشارة المفهمة مع التنصيص على ذلك في العقد،.وتكتب الشهادة وجوبا باللغة
8
العربية ،وينص فيها على اللغة األجنبية أو اللهجة التي تم بها التلقي إذا تعلق األمر بغير لغة الكتابة .
وفي السياق الحديث عن دور العدول في توثيق المعامالت العقارية ال بد من الحديث عن اإلجراء
الذي تضمنته المادة 35من القانون 16-03المتعلق بخطة العدالة،إذ يتضح من هذه المادة أن رسوم
العدلية ال تتمتع بحجيتها اإلثباتية بمجرد التلقي الشهادة من قبل العدلين كما هو األمر بالنسبة للموثقين
،بل البد من الخطاب عليها من قب ل القاضي التوثيق لتكتسي الصبغة الرسمية ،غير أن الوثيقة العدلية
ال تذيل بخطاب قاضي التوثيق إال بعد تأكد هذا األخير من مرورها بجميع مراحل تكوينها والتي من
بينها تسجيل الرسوم العدلية بمصلحة التسجيل و التمبر.
6
-المحامي الذي كان قاضيا أو أستاذا للتعليم العالي ،والمعفى من شهادة األهلية ومن التمرين بعد
خمس سنوات من تاريخ تسجيله بالجدول.
الفقرة الثانية :التوجه التشريعي نحو الرسمية بين القوانين الخاصة و مدونة الحقوق
العينية
أفرز الواقع العملي أنواع حديثة من البيوعات العقارية ،يكون أحدهما محله عقار غير موجود وقت
التعاقد،وهو عقد البيع العقا ر في طور اإلنجاز،وثانيهما يجمع بين الكراء و البيع،وهو عقد اإليجار
المفضي إلى تملك العقار.
ونظرا لخصوصية بعض العقود،فقد ألزم المشرع ضرورة توثيقها في محرر رسمي فقط وذلك طبقا
لبعض المواد المتفرقة في مدونة الحقوق العينية.
من هنا و لإللمام بهذا الموضوع ،سنتناول هذه الفقرة من خالل(،أوال)توثيق المعامالت العقارية في
إطار النصوص الخاصة ،و(ثانيا)أعرض فيها لتوثيق بعض المعامالت العقارية في محررات رسمية.
":يعتبر بيعا لعقار في طور اإلنجاز،كل إتفاق يلتزم البائع بمقتضاه بإنجاز عقار داخل أجل محدد،كما
يلتزم فيه المشتري بأداء الثمن تبعا لتقدم األشغال".
وقد أتى المشرع،فيما يتعلق ببيع هذه العقارات التي ل م يكتمل بناؤها بعد ،بمقتضيات تحقق نوعا من
التوازن في العالقة التي تربط بين المنعش العقاري صاحب المشروع بوصفه بائعا ،و بين المقتنين
للشقق التي توجد في طور البناء.
وبالرجوع إلى قانون رقم 44_00المتعلق ببيع العقار في طور اإلنجاز نجده أتى بمجموعة من
الضمانات ومن أهمها:
9أضيف هذا الفصل بموجب القانون رقم 44_00الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.02.309صادر في 03أكتوبر 2002و المنشور بالجريدة الرسمية عدد
5054بتاريخ 7نوفمبر ،2002ص .3183
7
*إبرام عقد البيع االبتدائي للعقار في طور اإلنجاز إما في محرر رسمي أو بموجب عقد ثابت التاريخ
يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة ويخول لها قانونا تحرير العقود و ذلك
تحت طائلة البطالن.
*يعد باطال كل أداء كيفما كان قبل التوقيع على عقد البيع االبتدائي.
*يتعين على البائع أن يقيم لفائدة المشتري ضمانة بنكية أو أي ضمانة أخرى مماثلة ،وعند االقتضاء
تأمينا ،وذلك لتمكين المشتري من استرجاع األقساط المؤداة في حالة عدم تطبيق العقد.
*يمكن للمشتري بموافقة البائع ،إذا كان العقار محفظا ،أن يطلب من المحافظ على األمالك العقارية
إجراء تقييد احتياطي بناء على عقد البيع االبتدائي وذلك للحفاظ المؤقت لحقوقه.
8
وباعتبار عقد اإليجار المفضي إلى تملك العقار عقد بيع،فقد اشترط المشرع لوجوب انعقاده وجوب
تحريره في محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ من طرف مهني ينتمي إلى مهنة منظمة قانونا
يخولها صالحية تحرير العقود،وذلك تحت طائلة البطالن.
11تنص المادة 106من مدونة الحقوق العينية على أنه...":يجب تحت طائلة البطالن أن يبرم عقد العمرى في محرر رسمي".
9
القول بوج ود مجموعة من العوارض تؤثر سلبا على بناء المحرر التوثيقي وهذا ما سنتناوله في
المطلب الثاني.
المطلب الثاني :عوارض بناء المحرر التوثيقي و آثرها على تحقيق األمن
العقاري
إذا كان المشرع المغربي قد أضفى الصبغة الرسمية على التوثيق الذي يمارسه العدل و الموثق ،وقيد
مجال التوثيق العرفي سواء من حيث ممارسته أو من حيث شكليات تحرير العقود المتعلقة به ،وعمل
على توحيد البناء المحرر التوثيقي من حيث مضمونه أو اإلجراءات المتعلقة بسالمته ،فإن هذا البناء
مازالت تعترضه مجموعة من العوائق والصعوبات ترتبط من جهة بصياغة النصوص القانونية ،ومن
جهة أخرى بإشكاالت عملية وتطبيقية.
من هنا سنتناول هذا المطلب من خالل (،الفقرة األولى)عوارض قانونية لبناء المحرر التوثيقي
و(الفقرة الثانية) للعوائق العملية.
12علي الرام ،بيع العقار في طور البناء في القانون المغربي ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية،جامعة محمد
األول وجدة،السنة الجامعية ،2004-2003ص.47
10
صنف المشر ع المغربي المحررات التي ينجزها العدول و الموثقين ،ضمن التوثيق الرسمي ،لكن
النصوص المنظمة لكل مهنة على حدة يسودها التعارض من النصوص المنظمة للمهنة األخرى مما
يخص بناء الوثيقة ،ويتجلى ذلك خصوصا فيما يلي:
. 1تعارض في إنجاز إجراءات التسجيل والتحفيظ
أوجبت المادة 47من القانون 32_09المنظم لمهنة التوثيق،على الموثق أن يقدم نسخا من العقود
بعد اإلشهاد بمطابقتها لألصل من طرفه،لمكتب التسجيل المختص الستيفاء إجراءات التسجيل وأداء
الواجب في األجل المحدد قانونا،وإنجاز اإلجراءات الضرورية للتقييد في السجالت العقارية.
ومقابل هذه المادة ،نجد في القانون رقم 16-03المتعلق بخطة العدالة،أن المادة 17منه،منحت
للمتعاقدين الخيار بين أن يقوموا بأنفسهم باإلجراءات المتعلقة بالتسجيل وبإدارة المحافظة،أو أن يكلفوا
أحد العدلين بالقيام باإلجراءات المذكورة .
فإذا قرنا هذين النصين ،نجد أن األصل في القانون رقم ،32_09هو أن يقوم الموثق بإجراءات
التسجيل و التحفيظ ،و االستثناء هو إعفاءه صراحة من طرف األطراف المتعاقدة ،
عكس ما هو عليه األمر في القانون رقم،16_03إذ األصل فيه أن يقوم األطراف المتعاقدة بأنفسهم
بمتابعة اإلجراءات الالزمة لتمام التصر فات العقارية ،من إجراءات التسجيل والتحفيظ ،و االستثناء
هو تكليفهم ألحد العدول الذين تلقيا اإلشهاد لمباشرة هذه اإلجراءات.
2المصادقة على إمضاء المحامي
يقصد باإلشهاد أو المصادقة على صحة اإلمضاء ،الشهادة التي تدلي بها السلطة المختصة بصحة
اإلمضاء ،المثبت على وثيقة معينة ،والذي يفيد معناه تعبير الشخص المعني بتلك الوثيقة بكيفية
صريحة عن إرادته وقبوله لما هو مضمن بالوثيقة التي وقع عليها ،وإن كان أن السلطة المكلفة تشهد
على صحة اإلمضاء،وال تشهد على صحة مضمون الوثيقة.
وبالرجوع إلى المادة 4منم.ح.ع أوجبت تصحيح إمضاءات األطراف من لدن السلطات المحلية
المختصة،ويتم التعريف بإمضاء المحامي المحرر للعقد من لدن رئيس كتابة الضبط بالمحكمة
االبتدائية التي يمارس بدائرتها.
هذا المقتضى خلق إشكاال،حيث جعل المصادقة على اإلمضاءات بخصوص المحرر الذي يحرره
المحامي ،من اختصاص مؤسستين مختلفتين السلطة المحلية بالنسبة لألطراف المتعاقدة،ورئيس كتابة
الضبط بالنسبة لمحرر العقد،وهو تناقض من شأنه إرهاق األطراف المتعاقدة بل وضياع حقوقهم
أحيان ا ،خاصة إذا ما أخدنا بعين االعتبار طول المدة التي قد تكون بين فترة المصادقة على إمضاءات
األطراف لدى السلطة المحلية ،وبين التعريف على إمضاء المحامي لدى رئيس كتابة الضبط.
11
رسمية،سيؤدي حتما إلى رفع ثمن تكلفة إنجاز العقد،خصوصا أمام االرتفاع النسبي ألجور و أتعاب
العدول و الموثقون ،هذا االرتفاع سيقع على عاتق المشتري لوحده الذي يتحمل أصال أعباء أخرى.
وباستثناء بعض التصرفات العقارية،خاصة بيع العقار في طور اإلنجاز الذي حدد له المشرع في
المادة األولى من المرسوم الصادر في 27دجنبر، 132004تعريفة إبرام العقد االبتدائي في مبلغ
500درهم يؤدى لفائدة محرر العقد،وبالنسبة للبيع النهائي نصت المادة الثانية من النص التنظيمي
المذكور أنه يتقاضى محرر العقد النهائي لبيع العقار في طور اإلنجاز مبلغا يتناسب مع ثمن البيع
اإلجمالي للعقار وذلك كما يلي:
-أقل من 120000درهم أو ما يعادله مبلغ 600درهم.
-من 120000إلى 200000درهم مبلغ 1000درهم.
-من 200001إلى 500000درهم مبلغ 2500درهم.
-من 5000001فما فوق نسبة %0.50من المبلغ اإلجمالي للعقار.
12
وهو األمر الذي أصبح معه "اال ستيالء على عقارات الغير ممارسة متكررة ،يدل عليها عدد القضايا
المعروضة على المحاكم وتعدد الشكاوى المقدمة حولها ،واألخبار المتواترة التي توردها الصحافة
15
بشأنها ،وأضحى يجسد وجود ظاهرة خطيرة تتفشى بشكل كبير"
فمن بين األسباب التي تقف وراء هذه السلوكيات ما هو قانوني وقضائي (الفقرة األولى) أو
اقتصادي واجتماعي (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :األسباب القانونية والقضائية لتفشي ظاهرة االستيالء على العقارات.
إن الحديث اليوم عن ظاهرة االستيالء على عقارات الغير ال يمكن تشخيصه دون الحديث في
العوامل القانونية التي يمكن أن تشكل ثغرة ينتج عنها السطو على عقارات الغير (أوال) ،وكذا مالمسة
تعامل القضاء مع القضايا المعروضة عليه والمرتبطة بذلك (ثانيا).
أوال :األسباب القانونية
تعتبر الثغرات القانونية من العوامل المعتمد عليها في السطو واالستيالء على عقارات الغير ،وذلك
من خالل النصوص القانونية المتفرقة والمرتبطة أساسا بتعدد األنظمة العقارية والتوثيقية ،سواء تلك
المنصوص عليها في مدونة الحقوق العينية 16أو المتعلقة بتوثيق التصرفات العقارية وكذا الدعاوى
التي يكون موضوعها ما يقع على التقييدات من إبطال أو تغيير أو تشطيب ،17دون إغفال ما يتعلق
بالزجر والعقاب للفئات المهنية أو حق االطالع على المعلومات ،أو المصادقة من قبل القنصليات.
ولعل هذا هو السبب الذي أكدت عليه الرسالة الملكية حينما دعت إلى ضرورة ابتكار إجراءات
"تضمن معالجة أي قصور قانوني أو مسطري من شأنه أن يشكل ثغرات تساعد على استمرارها".
ثانيا األسباب القضائية
تعد السلطة القضائية أحد أهم الجهات التي خولها الدستور المغربي حماية حقوق األفراد ،وفي
ذلك نص الفصل 117منه على أنه "يتولى القاضي حماية حقوق األشخاص ،والجماعات ،وحرياتهم،
13
وأمنهم القضائي ،وتطبيق القانون" ،غير أن استفحال ظاهرة االستيالء على عقارات الغير أصبح اليوم
يطرح العديد من التساؤالت حول تعامل القضاء مع القضايا المعروضة عليه ،وتتبعه لها ،وطول
إجراءاتها ،وقد جاءت الرسالة الملكية لتؤكد على أن " ...استمرار التشكي بشأن نفس الموضوع لهو
دليل على تواصل استفحال هذه الظاهرة ،ومؤشر على محدودية الجهود المبذولة لمكافحتها لحد اآلن،
إن على صعيد ما يالحظ من فتور في تتبع معالجتها القضائية ،أو على مستوى ما يتبين من قصور
18
في تدابير مواجهتها الوقائية "...
وعليه فالقضاء مدعو إلى تطبيق القانون بكل صرامة والتصدي بكل حزم للظاهرة ،ومعالجة
الملفات العالقة وتبسيط المساطر وإرجاع الحقوق إلى ذويها باعتباره الساهر على تحقيق العدل
وصيانة الحقوق خاصة وأن األمر يتعلق بالثروة العقارية التي تعد قطبا أساسيا لكل تنمية اقتصادية.
الفقرة الثانية :األسباب االقتصادية واالجتماعية لتفشي ظاهرة االستيالء على عقارات
األجانب
تشكل األسباب االقتصادية واالجتماعية عامال مباشرا النتشار ظاهرة االستيالء على عقارات األجانب
األمر الذي يدفعنا للبحث في األسباب االقتصادية (أوال) واألسباب االجتماعية (ثانيا) لهذه الظاهرة.
أوال :األسباب االقتصادية
يشكل العامل االقتصادي أحد أهم األسباب في انتشار ظاهرة االستيالء على عقارات األجانب
والمتمثل باألساس في الرغبة باالغتناء السريع خصوصا إذا علمنا أن العقارات التي تكون موضوع
استيالء غالبا ما تكون ذات قيمة مالية مهمة ،19فالعصابات اإلجرامية أو ما يطلق عليه مافيا العقار
غالبا ما تلجأ في تنفيذ مخططاتها قصد السطو على عقارات الغير إلى ترصد مناطق متعددة في أغلب
المدن منها الدار البيضاء ،طنجة ،مراكش ،بني مالل ،أسفي والقنيطرة.
وعليه فإن العائدات المالية المحصلة من هذه العملية تكون في غالب األحوال الدافع الرئيسي والمباشر
لإلقدام إلى االستيالء على عقارات الغير بدون موجب قانوني.20
18إدريس الفاخوري ،الوسيط في نظام الم لكية العقارية على ضوء مدونة الحقوق العينية والتشريعات العقارية الخاصة ،الطبعة الثالثة،2019مطبعة النجاح الجديدةـ
الدار البيضاء ،ص .132 :
19إدريس الفاخوري" :ظاهرة االستيالء على عقارات الغير :األسباب وسبل التصدي" ،مقال منشور ضمن سلسلة المعارف القانونية والقضائية ،مؤلف جماعي
بعنوان "االستيالء على عقارات الغير واالسترجاع" منشورات مجلة الحقوق ،اإلصدار 2018-62دار النشر والمعرفة ،مطبعة المعارف الجديدة الرباط طبعة
،2018ص 17
20إدريس الفاخوري ،المرجع السابق ،ص 18
14
كما أن وجود عقارات شاغرة أو تعود ملكيتها لألجانب والمغاربة المقيمين خارج الوطن ذات قيمة
مالية مهمة هو ما يغري المستولون للحصول على هذه العقارات بكل الوسائل الممكنة ،وتبقى قيمة
العقار هي الهاجس وراء السطو واالستيالء فال يمكن تصور وجود عقارات شاغرة وذات قيمة مالية
مهمة دون االستغالل ،21وما يدل على ذلك هي اإلحصائيات التي أوردها وزير العدل والحريات
بخصوص قضايا االستيالء على عقارات الغير والمعروضة على القضاء والتي تبلغ سبعة وثالثون
قضية من بينها 25وعشرون قضية ال تزال أمام القضاء.22
ورغم هذه اإلحصائيات التي أوردها وزير العدل فهي التعكس الحجم الحقيقي لهذه الظاهرة ،وهو
األمر الذي يتضح من الرسالة الملكية ،فصرامتها توحي بأن األمر يتجاوز ذلك بكثير ،واليمكن لسبعة
وثالثون قضية أن تكون سببا للرسالة الملكية بالشكل والصيغة التي وردت بها.23
وهنا البد من اإلشارة إلى نقطة مهمة وهي أن الفراغ القانوني الذي يعاني منه اليوم المجال العقاري،
فالبد من التأكيد أن الرسالة الملكية التي تهم محاربة اإلستيالء على عقارت الغير هي عنوان لفشل
المنظومة العقارية ،ألن هناك إقرار بوجود هلل قانوني وخلل في مجال التعامالت وأخالقيات التعامل
بالعقار أدى إلى واقع يفيد ضرب األمن القانوني العقاري للمملكة.
ثانيا :األسباب االجتماعية
تشكل األسباب االجتماعية عامال مباشرا في تفشي ظاهرة االستيالء على عقارات األجانب .ولعل
ابرز هذه األسباب الجهل وال نقصد من الجهل .الجهل بالقراءة أو الكتابة بل أمية أوسع من ذلك وهي
الجهل باألمور القانونية ذات االرتباط بالملكية األمر الذي يزيد من تفاقم هذه الظاهرة ،هذا كله من
أجل إشباع الحاجة المتمثلة في حب التملك ،باإلضافة إلى النزعة العدوانية بداخل الفرد ،دون أن
ننسى إهمال المالك األصليين لعقاراتهم والذين يغيبون عنها لمدة زمنية تفوق أربعة سنوات الشيء
الذي يجعلها عرضة لالستيالء و أطماع الكثيرين.
هذا وال نستغرب من وجود أساتذة وأطر في قطاعات مختلفة صاروا ضحايا لمثل هده السلوكيات،
وذلك أن هذه الظاهرة ال تستثني أحد وإن كانت الفئة الغير المتعلمة هي أكثر الفئات عرضة لالستيالء
على عقاراتهم.24
21فحسب اإلحصائيات التي قامت مصالح المحافظة العقارية بالدار البيضاء في ظل التصدي لظاهرة االستيالء على عقارات الغير أبانت عن وجود إحدى عشر
ألف عقار مهجور بالدار البيضاء تعود ملكيتها لألجانب ،وملفات بعضها منذ 60سنة ،أنظر جريدة الصباح العدد 5414السنة الثامنة عشر ليوم 20سبتمبر
2017
22عائشة أمغار ،االستيالء على عقارات الغير وأثره على األمن العقار ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،ماستر الدراسات القانونية والعقارية ،جامعة
القاضي عياض كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش ،السنة الجامعية ،2018/2019ص 35 34
23عائشة أمغار ،المرجع السابق ،ص 35
24إدريس الفاخوري ،المرجع السابق ،ص 18
15
وكمثال على ذلك أن يقوم شخص بتحرير محرر عرفي يتعلق بعقار ذو قيمة مالية مهمة ،دون سلوك
الرسمية التي توفر له حماية أكثر ،وهذه أمية عقارية تكرس ظاهرة االستيالء.
كذلك من بين العوامل االجتماعية نجد عدم تتبع المالكين لوضعيتهم عقاراتهم المحفظة أو التي في
طور التحفيظ ،فكثير من الناس ال يطلعون على وضعية عقارات مما يزيد من خطورة واحتمال فقدان
ممتلكاتهم ،25حيث ينص الفصل 27من المرسوم 14يوليوز 2014في شأن إجراءات التحفيظ
العقاري على أنه "يمكن لكل شخص ،بعد التعريف بهويته ،أن يحصل بناء على طلب المعلومات
المضمنة بالسجالت العقارية أو الواردة في تصاميم العقارات المحفظة أو في طور التحفيظ أو
المودعة بملفات الرسوم العقارية ومطالب التحفيظ ،شريطة اإلدالء برقم مطلب التحفيظ أو الرسم
العقاري المعني."...
باإلضافة إلى عدم تحيين الرسوم العقارية ،حيث يتضح من خالل الممارسة العملية داخل المحافظات
العقارية أن أغلب المالك ال يقومون بتقييد حقوقهم العقارية المنتقلة إليهم عن طريق البيع أو القسمة أو
اإلرث وغيرها من التصرفات الناقلة للملكية مما يجعل حقوقهم عرضة للضياع بسبب تقاعسهم عن
تقييد حقوقهم ،وهذه العوامل تساهم في بروز ظاهرة االستيالء على عقارات الغير.26
فإذا كان المشرع المغربي بمقتضى ظهير التحفيظ العقاري قد وضع قاعدة مفادها أن الحقوق العينية
والتكاليف العقارية ال تنشأ وال تنتقل وال تتغير وال تزول إال بتقييدها بالسجل العقاري ،وذلك حتى
تنطبق صورة هذا السجل مع الحقيقة الفعلية للعقار ،غير أنه إذا كان المشرع قد أقر مبدأ التحيين حتى
تظل الرسوم العقارية وسيلة موثوق بها لتقديم المعلومات الصحيحة حول المالك الحقيقي ،أو ما يعرف
بمصداقية الرسوم العقارية ،27إال أن الواقع أبان عن وجود عدد هائل من الرسوم العقارية الجامدة،
والتي أضحت تثير أكثر من إشكالية أمام التنمية نظرا للصعوبات التي تطرحها و التي تؤثر بال شك
على استقطاب االستثمارات وتحقيق األمن العقاري.
25إن الحصول على المعلومات بالنسبة للعقارات المحفظة أو في طور التحفيظ تناوله المشرع في المرسوم رقم 2.13.2الصادر في 16رمضان 1435
الموافق ل 14يوليوز 2014في شأن إجراءات التحفيظ العقاري ،المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6277المؤرخة في 28يوليوز ،2014صفحة 9117وما
بعدها
26عائشة أمغار ،المرجع السابق ،ص 37
27طارق الدخيسي ،تحيين الرسوم العقارية وأثره على التنمية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،جامعة محمد األول وجدة ،السنة الجامعية -2007
،2008ص52
16
المطلب الثاني :التدابير التوثيقية الكفيلة بالتصدي لظاهرة االستيالء على
العقارات
نص المشرع المغربي في الفصل 21من الدستور على حماية حق الملكية,إلى جانب النصوص
التشريعية التي تهدف أيضا إلى نفس األمر كذا إلى استقرار المعامالت العقارية,لكن رغم كل هذه
النصوص إال أن ظاهرة االستيالء الزالت تعطي مفعولها لذلك وجب التصدي لها من خالل تعديل
مجموعة من النصوص القانونية "الفقرة األولى" باإلضافة إلى تدبير هذه الظاهرة والتصدي لها عن
طريق بعض الجهات كالمحافظة العقارية مثال "الفقرة الثانية".
-28الظهير الشريف رقم 1-17-50صادر في 8ذي الحجة 1438الموافق ل 30غشت 2017بتنفيد القانون 16-69القاضي بتتميم المادة 4ةمن القانون -08
39المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6604بتاريخ 14شتنبر 2011ص .5068
17
النقض ,والوكاالت العرفية العرفية التي أبرمت قبل هذا القانون ولم يعمل بها أو عمل بها ولم تنته
إجراءات العقود المرتكزة عليها بعد ,فإنه يتعين على الموكلين إقرار الوكاالت الصادرة عنهم
لوكالئهم أو إعادة تحريرها وفق ما تقتضيه المقتضيات التشريعية الجديدة للمادة المذكورة29,إذا فكل
وكالة عرفية وإن حررت قبل دخول هذا القانون 16-69حيز التنفيد ,تبقى بدون مفعول ما لم تنسجم
مع التعديل الجديد الذي أدخل على المادة 4من م ح ع ,وفي هذا االتجاه أصد المحافظ العام مذكرة
توجيهية إلى المحافظين على األمالك العقارية 30,إال أن التفسير الذي أبداه المحافظ العام على المادة 4
أثا ر العديد من النقاشات من ذلك أن العديد اعتبر أن المذكرة فصلت التصرفات القانونية في آثلرها في
ظل القانون الجديد ,يبقى غير مؤسس من الناحية القانونية ألنه يقوم على فصل التصرفات عن أاثارها
فصلال يراعي قيامها صحيحة منتجة الثارها د ,وبالتالي ال يمكننا القول بعدم اعتبار اثار الوكاالت
العرفية التي ابرمت في ظل القانون القديم من غير التطرق لما إذا كانت الوكاالت قد قامت على نحو
31
صحيح بالنظر للقانون القديم ام ال.
إال أن هذا مخالف لما جاء في الدستور حيث نص الفصل ..." 6ليس للقانون آثر رجعي".
أثيرت العديد من اإلشكاليات حول صعوبة تطبيق مقتضيات المادة 4بعد التعديل وخاصة بالنسبة
32
للوكاالت التي سبقت تاريخ التعديل,بادرت وزارة العدل إلى طرح بعض الحلول منها:
• ضرورة إحصاء السادة العدول والسادة الموثقين الحاالت التي تم فيها توثيق التصرفات
القانونية بناء على وكاالت عرفية بعد نشر التعديل بالجريدة الرسمية.
• مباشرة كل المحاوالت الممكنة على الموكلين الذين أنجزوا وكاالت عرفية داخل أو خارج
المغرب في عقود لم تنتهي إجراءاتها رغم حلول 14شتنبر 2017للحصول منهم على إجازة
لتلك الوكاالت الصادرة عنهم ,أو إعادة تحريرها وفق المقتضيات الجديدة للمادة 4من م ح ع
.
مما سبق نستنتج أن التعديل الجديد له أهمية خاصة في إدراج الرسمية ضمن الوكاالت ,أي أنه
باإلمكان أن حسم في التخلص من أحد منافذ السطو على أمالك الغير ويتعلق األمر بتزوير الوكاالت.
ثانيا:مشروع تعديل المادة 2من م ح ع
29بالغ وزارة العدل والحريات في بوابتها االلكترونية بشأن المادة 4من م ح ع بتاريخ 4أكتوبر . 2017
-30مذكرة المحافظ العام عدد 20صادر بتاريخ 21شتنبر 2017في شأن تتميم المادة 4من م ح ع وفق القانون .69-16
-31إدريس الفاخوري ,ظاهرة االستيالء على عقارات الغير,االسباب وسبل التصدي,مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء,ط , 2017ص 26
-32هشام مالطي ,مداخلة في الندوة المنظمة من طرف وزارة العدل والحريات بعنوان "المجهودات المبذولة في مجال التصدي ألفعال االستيالء على عقارات
الغير والتي تم تنظيمها بالمعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء يوم 17فبراير , 2018غير منشورة.
18
جاءت المادة 2بمقتضى خدش حجية التقييد بالرسوم العقارية ،إذ منذ إنشاء هذا النظام القانوني
والترويج لنجاعته ،اعتمد على حمايته للملكية العقارية بسبب صالبته والضمانات التي يقدمها ضد
كل اعتداء,عليها,لكن بهذا المقتضى أصبح المالك هو المطالب بحماية عقاره باإلطالع لدى المحافظة
على األمالك العقارية على رسمه العقاري والتأكد مرة بعد آخري من عدم إدراج المحافظ العقاري
33
برسمه ألي تقييد ال عالقة قانونية له به ويهدد ملكيته.
إن هذه المادة تكرس لظاهرة االستيالء على عقارات الغير ,حيث يمكن لصاحب حق مقيد بالسجل
العقاري أن يجد حقه قد تم حرمانه منه ,بسبب وثيقة أو مستندات مزورة ,بأن المالك قد باع
والمشتري قيد عقد البيع وانتقلت إليه ملكيته,وأربع سنوات مرة سواء علم أو لم يعلم ،إذا لم يتمكن
من إثبات الزور أو التدليس يطالب بالتعويض ,حيث هذا يعد ثغرة تمكن من االستيالء على عقارات
الغير دون سند أو موجب قانوني.
ومدة أربع سنوات هي أجل سقوط وليس تقادم ,ألن الحق يسقط وال يمكن سوى المطالبة بالتعويض
34
بعد مرور المدة.
في إطار تصدي وزارة العدل والحريات لهذه الظاهرة ,تقدمت األغلبية بمجلس النواب بمقتضى
التعديل ,وذلك بجعل أجل رفع دعوى التشطيب على التقييدات التي تتم بالرسوم العقارية بناء على
تدليس أو تزوير تبتدئ من تاريخ اكتشاف التزوير أو التدليس ,بدال من األجل المنصوص عليه حاليا,
حيث أكد السيد محمد أوجار وزير العدل والحريات أن المناقشات ال تزال جارية على مستو مجلس
النواب لتعديل مقتضيات المادة 2من م ح ع ,بقوله أن الوزارة منفتحة على كافة االقتراحات للوصول
35
إلى صيغة توافقية تحظى باإلجماع والتوافق وعرضها على البرلمان للمصادقة.
وتأسيسا على ما سبق وفي نظرنا فإنه ال بد من تعديل هذه المادة الثانية في فقرتها الثانية فيجب جعل
أجل رفع الدعوى من تاريخ اكتشاف التزوير أو التدليس وليس من تاريخ التقييد كما هو معمول به,
وذلك في إطار تحقيق نوع من التوازن بين حقوق المالك الحقيقي وحسن النية إضافة إلى استقرار
36
المعامالت.
-33عبدالسالم الشمانتي الهواري,الحماية القاضائية لعقارات األجانب من االستيالء,مطبعة المعارف الجديدة الرباط ,طبعة ,2018ص .18
34يمكن مقارنتها بأجل السقوط في دعوى الحيازة من خالل المادة 167م ح ع التي تنص على أنه " ال تقل دعوى الحيازة...إال إذا أثيرت خالل السنة التالية للفعل
الذي يخل بالحيازة".
35عبد السالم الشمانتي الهواري,م س ,ص .18
36اجتماع اآللية المكلفة بتتبع موضوع " االستيالء على عقارات الغير بالرباط يوم االثنين 07غشت 2017منشور بالموقع االلكتروني maroc.maتاريخ
االطالع 10/08/2018على الساعة.02:25
19
من خالل ما أحاطنا إليه نتساءل عن دور المحافظة والنيابة العامة وكذا بعض الجهات في الحد من
هذه الظاهرة.
الفقرة الثانية :دور المحافظة العقارية والنيابة العامة والجهات المكلفة بالتوثيق في
التصدي لظاهرة االستيالء على عقارات الغير.
تعتبر ظاهرة االستيالء على عقارات الغير من أخطر الظواهر التي يمكن أن تهدد الملكية العقارية
للغير ،وبهذا ثم إحداث عدة آليات ومساطر استباقية لمواجهة هذه الظاهرة دون انتظار حدوتها وهذا
من أجل معالجتها والتصدي لها ،ومن بين التدابير المقترحة ما هو مرتبط بمصالح المحافظة
العقارية(أوال) ،والنيابة العامة(ثانيا) ،ثم الجهات المكلفة بالتوثيق(ثالثا).
أوال :دور المحافظة العقارية في التصدي لظاهرة االستيالء على عقارات الغير
يتجلى دور المحافظة العقارية في التصدي لظاهرة االستيالء على عقارات الغير من خالل:
-1إنشاء بوابة الكتر ونية من طرف الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية يتم من خاللها اشهار رقمي
يخول للمالك المقيدين حق تتبع وضعية عقاراتهم من خالل االطالع على البيانات المسجلة بالرسوم
العقارية دون مشقة التنقل للمحافظة العقارية ،37إال أن هذا التدبير اقتصر على الرسوم العقارية فقط
دون مطالب التحفيظ التي يمكن لها هي األخرى أن تكون عرضة لالستيالء عن طريق التفويت
بطرق احتيالية و تحفظها في اسم المفوت له.
-2تفعيل المحافظين لصالحياتهم المنصوص عليها في ظ.ت.ع بشكل صارم ،خصوصا فيما يتعلق
بمراقبة السندات المدلى بها من قبل المعنيين باألمر تدعيما لطلبات التقييد ،وبدل مزيد كذلك من
الحرص في مراقبة السندات المؤيدة لطلبات اإليداع والتقييد بالسجالت العقارية عموما ،وتلك المتعلقة
بالعقارات المملوكة لألجانب أو المغاربة القاطنين بالخارج بصفة خاصة.38
-3ح صر العقارات المحفظة المملوكة لمتغيبين أجانب أو مغاربة وفي هذا اإلطار راسل السيد وزير
الداخلية ووالة الجهات وعمال عماالت و أقاليم المملكة ،39يحتم على القيام بجرد ميداني على صعيد
كافة عماالت و أقاليم المملكة للعقارات المحفظة التي يمكن أن تكون عرضة لالستيالء بحكم إهمالها
أو عدم معرفة أو وفاة مالكيها.
-4إلزامية المحافظين بضرورة دراسة طلبات تقييد األوامر بعقل وتجميد وحجز العقارات المعنية
الصادرة في إطار التدابير االحترازية المتخذة خالل إجراءات التحقيق القضائي في شكل شكاوى
االستيالء على العقارات و إيالئها األهم ية الالزمة والضرورية دون تأخير أو تسويف بغية منع
1إدريس الفاخوري ،الوسيط في نظام الملكية العقارية على ضوء مدونة الحقوق العينية والتشريعات العقارية الخاصة ،مطبعة النجاح الجديد-الدارالبيضاء ،الطبعة
الثالثة ،2019ص. 143/142:
مذكرة المحافظ العام الموجهة للسادة المحافظين على األمالك بتاريخ 17يناير 2017في شأن االستيالء على عقارات الغير38.
رسالة السيد وزير الداخلية عدد 2011المؤرخة في 08فبراير 2017حول التصدي ألفعال االستيالء على عقارات الغير39 .
20
التصرف في هذه العقارات لفائدة الغير ،إلى حين انتهاء التحقيق والبث في الشكاوى المذكورة وفق ما
تقتضيه المساطر القانونية المعمول بها في هذا اإلطار.
ثانيا :دور النيابة العامة في التصدي لظاهرة االستيالء على عقارات الغير
إن أهم األدوار التي يمكن للنيابة العامة القيام بها لحماية عقارات الغير من االستحواذ عليها فيما يلي:
-1كلما تعلق األمر بدعوى الزور الفرعي ينبغي الحرص على تبليغ النيابة العامة بذلك وتزويدها
بمجموعة الوثائق موضوع الطعن ،ولو تعلق األمر بتنازل المطعون ضده بالزور عن استعمال الوثيقة
وسحبه لها ،األمر الذي يمكن أن يثني بعض المتالعبين بأمالك الغير عن سلوكياتهم الماسة باألمن
العقاري عموما.
-2الحرص الشديد والصرامة الالزمة بخصوص تتبع األبحاث الجارية بشأن قضايا االستيالء على
عقارات الغير لماله من تأثير على االستثمار وما يترتب عنه من زعزعة ثقة الفاعلين والمساهمين
االقتصاديين.
ثالثا :دور الجهات المكلفة بالتوثيق في التصدي لظاهرة االستيالء على عقارات الغير
يمكن الحديث هنا على ما جاء في أحد البالغات الصادرة عن وزارة العدل والحريات ،40في إطار
الحرص على تعزيز ضمانات استقرار المعامالت وحماية األمن التعاقدي ،وبغية حماية المهن المؤهلة
لتوثيق وتحرير العقود ذات ال صلة بالمعامالت العقارية من إمكانية إنكار بعض المتعاقدين لتصرفاتهم،
ثم اإلعالن عن منشور ومراسالت للسيد وزير العدل والحريات لكل من النيابة العامة وتمثيليات
المهن القضائية من تجهيز مكاتب المكلفين بتحرير مثل هذه العقود بكاميرات بغية التسجيل السمعي
البصري أثناء عملية تحرير العقود ،واالحتفاظ بها والرجوع لها عند االقتضاء.41
إال أن المؤاخذة التي يمكن أن يؤاخذ عليها هذا اإلجراء هو أن األمر هذا يتطلب تدخال تشريعيا
صريحا للتنصيص على هذه التقنية و إلزام القضاء بخصوصها في اإلثبات.
فرغم كل هذه التدابير التي تم ذكرها والت طرق إليها فال يمكن القول بكفايتها للحد من ظاهرة االستيالء
على عقارات الغير التي أصبحت موضوع الساعة بفعل ما تعرفه من انتشار واسع بفعل استغالل
مافيا العقار للثغرات القانونية من أجل االستيالء على هذه العقارات.
خــاتمــــــــة
وفي الختام،يتضح أن المشرع المغربي قد عمل في اآلونة األخيرة على تعديل و مراجعة الترسانة
القانونية المنظمة لمؤسسة التوثيق،بهدف تحقيق األمن العقاري و التوثيقي للحد من االستيالء على
عقارات الغير،وهو تعديل حقق من خالله المشرع العديد من اإليجابيات،التي ساهمت في حل العديد
40البالغ الصادر عن وزارة العدل و الحريات 17فبراير 2017منشور بالموقع الرسمي للوزارة .www.justice.gov.ma
إدريس الفاخوري ،الوسيط في الملكية العقارية على ضوء مدونة الحقوق العينية والتشريعات العقارية الخاصة ،م.س ،ص14441:
21
من اإلشكاليات التي كانت مطروحة،لكن هذا التعديل لم يواكبه ما يصطلح عليه بالمالئمة،أي مالئمة
هذه النصوص المنظمة للتوثيق،مع باقي المؤسسات القانونية األخرى التي لها عالقة مباشرة أو غير
مباشرة بميدان التوثيق ،وعدم هذه المالئمة انعكست سلبا على تحقيق األمن العقاري المنشود ،بحيث
ما تزال بعض النصوص القانونية يلفها الغموض و التعارض ،بل والتناقض أحيانا خاصة فيما يتعلق
بتمام بناء المحرر.
فإن هذا ال يمنعنا من تقديم بعض التوصيات لعل أهمها:
*جمع النصوص القانونية المتعلقة بتوثيق التصرفات العقارية في مدونة واحدة ،بدل تشتتها بين أكثر
من نص قانوني.
*مالئمة منظومة التوثيق مع الثروة التكنولوجية التي يعرفها العالم ،والتي نجم عنها العمل بالعقد
اإللكتروني ،والتعاقد عن بعد.
*إحداث الصندوق ضمان خاص بأداء المبالغ المحكوم بها لفائدة المتضرر من خطأ مهني ارتكبه
العدل ،وذلك على غرار صندوق ضمان الموثقين.
* إعادة النظر في المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية عن طريق إقرار مبدأ رسمية العقود
والتصرفات الواردة على العقار.
الفـهــرس
المــقـدمــــــــة 2 ................................................................................................................................................
المبحث األول :دور التوثيق المعامالت العقارية في تحقيق األمن العقاري4 .............................................................
المطلب األول :ضمانات توثيق التصرفات العقارية على ضوء مدونة الحقوق العينية والقوانين الخاصة5.........................
الفقرة األولى :ضمانات تحرير العقود العقارية 5 ........................................................................................................
أوال :توثيق المعامالت العقارية في المحررات الرسمية 5 ..............................................................................................
تانيا:توثيق التصرفات العقارية في المحررات العرفية الثابتة التاريخ6 .............................................................................
الفقرة الثانية :التوجه التشريعي نحو الرسمية بين القوانين الخاصة و مدونة الحقوق العينية7 ...................................................
أوال :توثيق المعامالت العقارية في إطار النصوص الخاصة 7 .......................................................................................
ثانيا :توثيق بعض المعامالت العقارية في محررات رسمية 9 .........................................................................................
المطلب الثاني :عوارض بناء المحرر التوثيقي و آثرها على تحقيق األمن العقاري10 ................................................
الفقرة األولى :العوارض القانونية لبناء المحرر التوثيقي10 ...........................................................................................
22
أوال :محدودية حماية رضى األطراف المتعاقدة 10 .....................................................................................................
الفقرة الثانية :العوائق العملية لبناء المحرر التوثيقي 11 ................................................................................................
المبحث الثاني :توثيق المعامالت العقارية ودوره في الحد من ظاهرة االستيالء على العقارات12.....................................
المطلب األول :أسباب تفشي ظاهرة االستيالء على العقارات12......................................................................
الفقرة األولى :األسباب القانونية والقضائية لتفشي ظاهرة االستيالء على العقارات13 ......................................................... .
الفقرة الثانية :األسباب االقتصادية واالجتماعية لتفشي ظاهرة االستيالء على عقارات األجانب 14 ...........................................
أوال :األسباب االقتصادية 14 ...............................................................................................................................
ثانيا :األسباب االجتماعية 15 ...............................................................................................................................
المطلب الثاني :التدابير التوثيقية الكفيلة بالتصدي لظاهرة االستيالء على العقارات17 ...............................................
الفقرة األولى :تعديل بعض نصوص مدونة الحقوق العينية 17 ........................................................................................
أوال:تعديل المادة الرابعة من م ح ع 17 ...................................................................................................................
ثانيا:مشروع تعديل المادة 2من م ح ع 18 ...............................................................................................................
الفقرة الثانية :دور المحافظة العقارية والنيابة العامة والجهات المكلفة بالتوثيق في التصدي لظاهرة االستيالء على عقارات الغير20 .
أوال :دور المحافظة العقارية في التصدي لظاهرة االستيالء على عقارات الغير 20 ..............................................................
ثانيا :دور النيابة العامة في التصدي لظاهرة االستيالء على عقارات الغير 21 .....................................................................
ثالثا :دور الجهات المكلفة بالتوثيق في التصدي لظاهرة االستيالء على عقارات الغير 21 .......................................................
خــاتمــــــــة 21 ................................................................................................................................................
23