You are on page 1of 26

‫‪2024‬‬

‫تدبير الماء الشروب بفجيج‪:‬‬


‫إشكالية أجرأة الشركة الجهوية متعددة الخدمات بالواحة‬

‫تحرير‪ :‬محمد مسعودي‬

‫مجموعة المتابعة ‪ -‬بالرباط‬

‫‪ 18‬فرباير ‪ -2024‬إصدار رقم‪3 :‬‬

‫‪0‬‬
‫تدبير الماء الشروب بفجيج‪:‬‬
‫إشكالية أجرأة الشركة الجهوية متعددة الخدمات بالواحة‬

‫‪1‬‬
‫الفهرس‬
‫تقديم ‪2.................................................................................................................‬‬

‫السياق والرهانات ‪2 ............................................................................................................................‬‬

‫مياه فجيج‪ :‬تاريخ ابلنية املعقدة للشبكة ‪4..........................................................................‬‬

‫واحة فجيج‪ :‬اتلطور واملواءمة واالنسجام ‪4 .................................................................................................‬‬

‫سيبام فجيج (‪ :)SIPAM‬الرتاث الزرايع واثلقايف يف تناغم مع املاء ‪6 ...............................................................‬‬

‫تويزة فجيج‪ :‬الساكنة تتحد إلجناز شبكة املياه الصاحلة للرشب ‪6 .......................................................................‬‬

‫القانون ‪ 21-83‬املتعلق بإحداث الرشاكت اجلهوية متعددة اخلدمات‪ :‬انتقادات وتوضيحات رضورية ‪8.......‬‬

‫مساهمة ادلولة‪ :‬عتبة مثرية للقلق ‪8 .........................................................................................................‬‬

‫ابلعد االقتصادي ىلع حساب ابلعد االجتمايع‪ :‬اتلوازن اهلش موضع تساؤل ‪8 ........................................................‬‬

‫الغموض اتلعاقدي‪ :‬الضبابية تكتنف مدة العقد‪8 .......................................................................................‬‬

‫مشلك اتلعريفات‪ :‬خطر اتلأثري ىلع جدولة األسعار املحلية ‪9 ...........................................................................‬‬

‫الصالحيات املبالغ فيها‪ :‬تهديد للحقوق الفردية‪9 .........................................................................................‬‬

‫أزمة ادليمقراطية‪ :‬حتول غري مفهوم يف قرار االنضمام للمجلس اجلمايع ‪11 .....................................‬‬

‫إبطال مبدأ االستشارة‪11 .................................................................................................................... :‬‬

‫تقويض للمبادئ ادلستورية‪11 ..............................................................................................................:‬‬

‫خماطر كبرية ىلع استقرار املدينة‪ :‬دعوة الختاذ إجراءات فورية ‪13 ......................................................................‬‬

‫عقبة أمام احلوار‪ :‬رئيس املجلس اجلمايع حتت ضغط طلب االستفسارات ‪14 ......................................................‬‬

‫املربرات املقدمة‪ :‬تقييم احلجج واقرتاح حلول مستدامة ‪16 ........................................................‬‬

‫األسباب اليت اعتمدها املجلس اجلمايع (األغلبية) تلربير تصويته لصالح االنضمام ‪16 ............................................‬‬

‫دراسة نقدية للمربرات املطروحة وحلول مقرتحة ‪17 .....................................................................................‬‬

‫‪ .1‬أرقام حول االستهالك املفرط دون دراسة حقيقية‪17.........................................................................................:‬‬

‫‪ .2‬ترسبات املياه يف األنابيب واملنشآت املتهالكة‪17............................................................................................. :‬‬

‫‪ .3‬العدادات املعطلة والربط غري القانوين‪18..................................................................................................... :‬‬

‫‪ .4‬جودة مياه الرشب‪18...............................................................................................................................:‬‬

‫‪0‬‬
‫‪ .5‬خالصة‪19.......................................................................................................................................... :‬‬

‫محاية واحة فجيج‪ :‬حنو قرار حميل وشامل بشأن تدبري املياه ‪20 .....................................................‬‬

‫االستبعاد من االتفاقية‪20 ................................................................................................................... :‬‬

‫استثمار املادة ‪ 2‬من القانون ‪20 ................................................................................................... :83.21‬‬

‫تفعيل مبدأ ادليموقراطية التشاركية‪21 ................................................................................................... :‬‬

‫استقاليلة املجلس يف اختاذ القرارات‪21 .................................................................................................. :‬‬

‫دعم سلطات الرقابة اإلدارية‪22 ............................................................................................................:‬‬

‫الضمانات القانونية‪22 ....................................................................................................................... :‬‬

‫‪1‬‬
‫تقديم‬

‫السياق والرهانات‬

‫سن ظهري ‪ 53-23-1‬ل ‪ 23‬ذي احلجة ‪ 12( 1444‬يويلوز ‪ ،)2023‬القانون رقم ‪ 21-83‬املتعلق بإنشاء‬
‫الرشاكت اجلهوية متعددة اخلدمات‪ ،‬كما تم نرشه يف اجلريدة الرسمية للمملكة املغربية حتت رقم ‪ 7213‬بتاريخ‬
‫‪ 28‬ذي احلجة ‪ 17( 1444‬يويلوز ‪ .)2023‬يتكون نص هذا القانون من ‪ 17‬مادة‪ ،‬يتناول بشلك أسايس انلقاط‬
‫اتلايلة‪:‬‬

‫‪ .1‬هدف الرشاكت اجلهوية متعددة اخلدمات‪ :‬تتمثل املهمة الرئيسية للرشاكت اجلهوية متعددة اخلدمات يف تدبري‬
‫خدمات توزيع املاء الصالح للرشب والكهرباء‪ ،‬فضال عن خدمات الرصف الصيح وتطهري السائل واإلنارة‬
‫العمومية عند االقتضاء‪ .‬ويه مسؤولة أيضا عن تتبع ورصد هذه القطااعت يف حالة اتلفويض (املادة ‪.)2‬‬

‫‪ .2‬املشاركة يف رأس املال‪ :‬تشمل اجلهات املرخص هلا باملشاركة يف رأسمال الرشكة لك من ادلولة واملؤسسات‬
‫والرشاكت العامة والسلطات املحلية وكذلك الرشاكت اخلاصة‪ ،‬برشط أال تقل مشاركة ادلولة عن ‪( ٪ 10‬املادة‬
‫‪.)8‬‬

‫‪ .3‬الرشوط اتلعاقدية‪ :‬حيدد انلص الرشوط اتلعاقدية اليت تنسب املهام املذكورة آنفا إىل الرشاكت اجلهوية‬
‫متعددة اخلدمات (املادتان ‪ 5‬و‪ .)6‬ويشري أيضا إىل إماكنية تفويض بعض املهام غري الرئيسية إىل أشخاص‬
‫اعتباريني خاضعني للقانون اخلاص (املادة ‪ ،)10‬كما يتعني ىلع الرشكة واجلماعة (أو إحداهما) أن تدرج يف‬
‫بياناتها املايلة مجيع العنارص املتعلقة بأموال الرجوع واالسرتداد كقيمة املنشآت والعقارات املنقولة‬
‫للرشكة‪...‬إلخ‪ ،‬سواء يف بداية العقد أو عند نهايته‪( .‬املادة ‪.)13‬‬

‫‪ .4‬املهام املنوطة للرشكة‪ :‬ابتداء من دخول عقد اتلدبري حزي اتلنفيذ‪ ،‬يتم تكليف الرشاكت اجلهوية متعددة‬
‫اخلدمات باملهام اليت اكنت منوطة باملكتب الوطين للماء والكهرباء سابقا والواكالت املستقلة تلوزيع‬
‫املاء والكهرباء (املادة ‪ .)15‬كما يُنقل املستخدمون والعاملون اتلابعون للمرافق املعهود بتدبريها إىل الرشكة‬
‫(املادة ‪.)16‬‬

‫واكن مرشوع هذا القانون قد حصل ىلع موافقة جملس انلواب (اجللسة الترشيعية يلونيو ‪ ،)2023‬بأغلبية‬
‫‪ 154‬صوتا‪ ،‬مقابل ‪ 21‬صوتا وامتناع ‪ 16‬عضوا عن اتلصويت‪ .‬ويؤكد هذا القرار االلزتام بإحداث هذه‬

‫‪2‬‬
‫الرشاكت‪ ،‬واعتُرب بمثابة آيلة عرصية تلدبري القطاع‪ ،‬يهدف إىل حتسني تدبري خدمات اتلوزيع‪ .‬وأوضح وزير‬
‫ادلاخلية أن هذه انلتيجة يه استجابة اسرتاتيجية تللبية الطلبات املزتايد للجمااعت الرتابية‪.‬‬

‫تهدف هذه املبادرة إىل إنشاء رشاكت بشلك تدرييج وفقا الحتياجات اجلمااعت‪ ،‬مما سيسمح بمساهمة أكرب من‬
‫الكيانات املحلية واملؤسسات العامة‪ .‬يهدف إنشاء هذه الرشاكت إىل دعم اجلهوية املتقدمة ىلع مستوى لك جهة‬
‫وبمبادرة من ادلولة‪ ،‬وذلك تلعزيز اتلقارب بني لك األطراف املختلفة يف جمال اتلوزيع‪ .‬ووفقا للمصادر نفسها‪،‬‬
‫ُ‬
‫فإن األمر يتعلق أيضا بإتاحة الفرصة للجمااعت الرتابية‪ ،‬من خالل هذه الرشاكت‪ ،‬تلحديث نظمها يف جمال‬
‫اتلوزيع اذلي يدخل ضمن اختصاصها‪.‬‬

‫يف هذا السياق‪ ،‬تستعد مجاعة فجيج‪ ،‬اليت تم دجمها مؤخرا يف جمموعة اجلمااعت الرتابية جلهة الرشق‪ ،‬للمشاركة‬
‫يف رأسمال جمموعة الرشق للتوزيع‪ .‬غري أن هذا القرار املتعلق بقبول تفويض هذه الرشكة تلدبري قطاع مياه‬
‫الرشب يف هذه املدينة الواحية‪ ،‬أثار خماوف وتساؤالت عديدة تتعلق بتأثري هذا اإلجراء ىلع احلياة ايلومية‬
‫للساكنة‪ .‬واهلدف من هذا اتلقرير هو إجراء حتليل معمق ملختلف جوانب هذه اإلشاكيلة وصياغة‬
‫توصيات ومقرتحات جادة‪ .‬وتستند املنهجية املعتمدة إىل فحص دقيق للحقائق وحتليل للقوانني اجلاري بها‬
‫العمل‪ ،‬ولآلثار االجتماعية واالقتصادية هلذا القرار‪ ،‬وذلك حىت يتم اإلملام بهذه القضية بشلك أشمل‪ .‬يستعرض‬
‫هذا اتلقرير مقاربة لكية ملعاجلة هذا اإلشاكل املتعلق بهذه الرشكة اجلديدة "املفروضة" ىلع مجاعة فجيج‪ .‬ويتناول‬
‫لك قسم جانبا حمددا‪ ،‬يوفر قاعدة متينة لفحص ُمفصل لإلشاكيلة‪ ،‬ولصياغة توصيات ومقرتحات بديلة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫مياه فجيج‪ :‬تاريخ البنية المعقدة للشبكة‬

‫واحة فجيج‪ :‬التطور والمواءمة واالنسجام‬

‫تقع واحة فجيج يف رشق املغرب ىلع بعد ‪ 370‬كم جنوب مدينة وجدة‪ ،‬ويه مثال رائع تلكيف اإلنسان مع‬
‫بيئة قاحلة‪ .‬يرتبط تطور استيطانها ارتباطا وثيقا باتلحديات اليت تفرضها الصحراء‪ ،‬وال أدل ىلع ذلك من‬
‫الشبكة املعقدة اليت تم إنشاؤها تلوزيع املياه منذ زمن بعيد‪ .‬يشمل هذا انلظام‪ ،‬اذلي يتم تغذيته عن طريق أنفاق‬
‫تلرصيف املاء (إفالون‪ ،‬أو إيفيل بصيغة املفرد) ومن ينابيع متعددة‪ ،‬أحواضا للتخزين (صهاريج) تعمل وفق‬
‫نظام مجايع دقيق وبقوانني حمددة‪.‬‬
‫ْ‬
‫تكتيس امللكية اخلاصة للماء (ال ِملك) يف فجيج أهمية خاصة‪ ،‬يتم تدبري ختصيص حصة لك مالك ىلع أساس‬
‫املدة الزمنية واحلجم‪ .‬باإلضافة إىل احلق يف الري‪ ،‬تساهم حقوق االرتفاق العرفية (حق استعمال الغري ألرض أو‬
‫طريق شخص ما‪ ،‬وحق املرور) يف تنظيم املياه‪ .‬لفهم توزيع املياه يف فجيج‪ ،‬فال بد من اعتماد مقاربة متعددة‬
‫اتلخصصات‪ ،‬تضم اتلاريخ‪ ،‬وعلم اآلثار واإلثنوغرافيا‪ ،‬وليس فقط تلك اليت تعتمد ىلع اخلصائص الطبوغرافية‬
‫ابلحتة‪.‬‬

‫إذا اكنت ادلراسات األوىل حول الواحات املغاربية حىت القرن اتلاسع عرش تعترب حمدودة يف كثري من األحيان‪،‬‬
‫فإن القرن العرشين قد شهد تكثيفا يف ابلحث‪ ،‬ىلع الرغم من بعض الفجوات انلظرية‪ .‬ختتلف اآلراء حول‬
‫استمرارية واستدامة الواحات‪ ،‬فبعضها يثري اجلانب املتعلق بأزمة تأقلمها‪ ،‬وابلعض اآلخر يؤكد ىلع استمراريتها‬
‫وديمومة هذه انلظم ابليئية‪.‬‬

‫واحة فجيج‪ ،‬املؤلفة من سبعة قصور‪ ،‬يه مثال واضح ىلع القدرة ىلع اتلكيف مع بيئة معادية‪ .‬تتجىل األهمية‬
‫احلاسمة للمياه يف احلياة الزراعية بفجيج من خالل بساتينها املكسوة بنخيل اتلمور واليت تعترب حمور اقتصادها‬
‫املحيل‪ .‬تضيف الروابط اجلوهرية بني نظام الري واتلنظيم االجتمايع‪ ،‬فضال عن ادلور اتلجاري لفجيج عرب‬
‫تارخيها‪ ،‬أبعادا أساسية يف فهم هذه الواحة القديمة‪ .‬ىلع الرغم من أن تاريخ فجيج موثق جزئيا‪ ،‬إال أنه يستند إىل‬
‫جمموعة متنوعة من املصادر‪ ،‬بما يف ذلك الوثائق اتلجارية والسجالت القانونية والسجالت االستعمارية‬
‫واتلقايلد الشفهية‪ .‬رغم أن طوبونيم "فجيج" لم يظهر إال يف القرن السادس للهجري‪ /‬اثلاين عرش ميالدي‪ ،‬إال‬
‫أن أول إشارة هلذا االسم اكن يف كتاب "االستبصار"‪ ،‬وهو مؤلف لاكتب مراكيش جمهول من القرن اثلاين عرش‪.‬‬
‫يصف فجيج بأنها أرض خصبة تتوفر ىلع عدد كبري من الساكن‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫اكنت فجيج مركزا استيطانيا رئيسيا مرتبطا بقبائل زناتة‪ ،‬وال سيما بنو وازين وفصائلهم‪ .‬تشري اتلقايلد الشفهية‬
‫إىل وجود جمموعة ساكنية أويلة لقبائل الزناتيني‪ ،‬كبين توجني‪ ،‬وبين يالويم‪ ،‬وبين أومانو‪ ،‬وبين مرين‪ ،‬واذلين‬
‫استقروا يف السهول حول نقاط املياه‪ ،‬وهم أسالف الساكن احلايلني‪ .‬وبمرور الوقت‪ ،‬انضمت فصائل زناتية أخرى‬
‫وقبيلة لوداغري إىل الساكن‪ ،‬مما أدى إىل تنويع أصول ساكن الواحة‪.‬‬

‫مع بداية القرن السابع ه‪ /‬اثلالث عرش م‪ ،‬بدأت القبائل العربية اهلاليلة من بين اعمر تنترش يف املنطقة‪ ،‬فأعطت‬
‫ديناميكية جديدة للواحة‪ ،‬طبعها الرصاع املستمر من أجل السيطرة ىلع األرايض اخلصبة ونقاط املياه‪ .‬هذه‬
‫الرصااعت اليت تفاقمت‪ ،‬اكنت قد بدأت بعد اتلدفقات املتعاقبة لقبائل مثل بين داريت وأوالد هكو وآيت حليان‬
‫وإفانزارن (القرن اخلامس ه‪/‬احلادي عرش م)‪ ،‬ويه اليت مزيت تاريخ الرصاع حول املياه بفجيج أكرث‪.‬‬
‫َ‬
‫يرتبط تاريخ فجيج ارتباطا وثيقا بتدبري املياه‪ ،‬فاملاء هو اذلي حتَكم يف سري اتلطور الساكين‪ ،‬ويف ادليناميات‬
‫القبلية والرصااعت املجايلة‪ .‬لقد ساهمت املناورات والرصااعت من أجل الوصول إىل مصادر املياه‪ ،‬يف تشكيل‬
‫اتلاريخ االجتمايع لفجيج‪ ،‬مما جعل الواحة تبدو كنموذج مصغر لعالم حافل بالرصااعت‪ ،‬اكنت قضايا املاء يف‬
‫قلب اهتماماتها منذ تأسيسها‪ .‬تتكون الواحة من بستان خنيل مركزي‪ ،‬وبساتني ثانوية (تقع جلها داخل الرتاب‬
‫اجلزائري حايلا) و"املعادر" (املوجودة داخل هذا الفضاء أيضا)‪ ،‬وقد تقلصت مساحة الواحة بشلك كبري‪ ،‬ومعرفة‬
‫األجداد ادلقيقة بتلك املناطق شبه – الصحراوية وتدبريهم املعقلن للمياه اجلوفية واملياه السطحية يف املنطقة‬
‫اصطدمت بالواقع اذلي فرضته إشاكالت احلدود مع ادلولة املجاورة‪.‬‬

‫شلكت الزراعة‪ ،‬إىل جانب اتلجارة واحلرف ايلدوية أساس املعيش‪ .‬اكنت األرايض خاصة‪ ،‬وجمزأة إىل قطع‬
‫صغرية‪ .‬اكن يتم توزيع املياه باتلناوب‪ ،‬واكن يقاس باستعمال وحدات زمنية تسىم "اخلروبة"‪ .‬ويؤمن اتلوزيع عن‬
‫طريق شبكة من السوايق مرتبطة مبارشة بصهاريج اتلخزين‪ .‬يتم قياس مدة توزيع املياه باستخدام مزولة او‬
‫ْ ْ‬
‫ريت"‪ .‬اكنت "تسانيتا" ‪ ،‬أي ما يعادل ستة عرش "خروبة" متتايلة (او اثنيت عرشة ساعة‬ ‫ساعة مائية تسىم ب" ِتي ِغ‬
‫من املاء) ‪ ،‬يه القدر املخصص نلفس املستعمل (للقناة الرئيسية)‪ .‬اكن تبادل حصص املياه شائعا بني املالك‪،‬‬
‫مما اكن يضمن االستخدام األمثل للموارد‪ .‬واكن دور "الرساييف" (املسؤول األول عن مراقبة توزيع املاه)‪ ،‬حاسما‬
‫يف حل الزنااعت (املرتبطة باملاء)‪ .‬وباتلايل‪ ،‬فإن نظام توزيع املياه لم يكن مسالة تقنية فحسب‪ ،‬بل اكن يرتبط‬
‫أيضا ارتباطا وثيقا باجلوانب االجتماعية للحياة يف فجيج‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫سيبام فجيج (‪ :)SIPAM‬الرتاث الزراعي والثقافي في تناغم مع الماء‬

‫يتمزي تاريخ فجيج باتلدبري املحكم للمياه‪ .‬يعترب املاء عنرصا حيويا يف الوسط الصحراوي‪ ،‬ويف خلق توازن بني‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫خمتلف القبائل واملجتمعات يف املنطقة ونظمها املعقدة‪ .‬وقد أكسبتها هذه الصفة استحقاق ‪ SIPAM‬من منظمة‬
‫األغذية والزراعة منذ اعم ‪ .2022‬حيافظ نظام ‪( SIPAM‬األنظمة املبتكرة للرتاث الزرايع العاليم) يف فجيج‬
‫َْ‬
‫ىلع تنوع بيولويج زرايع غين‪ ،‬حيث تتكيف املحاصيل واألنواع املختلفة مع ابليئة القاحلة‪ .‬يتم اتلدبري األمليع‬
‫للمياه بفضل شباكت توزيع معقدة‪ ،‬مما يكرس مزية احلفاظ ىلع املعرفة املحلية‪ .‬تعمل الطقوس اتلقليدية‪ ،‬مثل‬
‫"اتلويزة"‪ ،‬ىلع تقوية الروابط االجتماعية‪ ،‬مما يساهم يف استدامة هذا انلظام‪ .‬ىلع املستوى االجتمايع‪ ،‬يعتمد‬
‫اتلنظيم ىلع املجالس العرفية‪ ،‬مثل اجلماعة‪ ،‬اليت تدير احلقوق املرتبطة باملياه لضمان اتلوزيع العادل‪ .‬كما‬
‫تعكس احلقوق يف استخدام املسارات الرعوية‪ ،‬اليت اكن حيددها القانون العريف‪ ،‬طريقة مستدامة يف اتلدبري‬
‫واحلاكمة‪.‬‬
‫َ‬
‫اتلوافق املشرتك بني اإلنسان‬ ‫يوضح هذا اتلصنيف )‪ (SIPAM‬لفجيج‪ ،‬باعتبار الواحة جماال طبيعيا متنواع‪،‬‬
‫والطبيعة‪ ،‬وهو مفهوم يعكسه أيضا تمركز القصور حول مصادر املياه‪ .‬وخالصة ذلك‪ ،‬أن فجيج‪ ،‬برتاثها اثلقايف‬
‫وتقنياتها املستدامة‪ ،‬تقدم دروسا قيمة يف احلفاظ ىلع هذه املادة احليوية وىلع مصادرها‪.‬‬

‫تويزة فجيج‪ :‬الساكنة تتحد إلنجاز شبكة المياه الصالحة للرشب‬

‫قبل الستينيات من القرن املايض‪ ،‬اكن ساكن فجيج يستعملون مياه العيون القديمة‪ ،‬كعني دزادرت وإيفيل‪،‬‬
‫كمصدر ملياه الرشب وتللبية حاجياتهم املزنيلة‪ .‬كما ساهمت بعض اآلبار اليت تم حفرها بالقرب من املساجد‬
‫يف تلبية جزء كبري من احتياجاتهم ايلومية اكلرشب والغسيل والوضوء واالستحمام داخل احلمامات املرتبطة‬
‫بأماكن العبادة‪ .‬لكن مع تزايد عدد الساكن واحتياجاته‪ ،‬اختذ املجلس القروي آنذاك قرارا بإنشاء شبكة‬
‫تلوزيع مياه الرشب‪.‬‬

‫تم إجناز هذه الشبكة ىلع مدى سنتني‪ ،‬من ‪ 1961‬إىل ‪ ،1962‬وشملت العملية لك قصور فجيج‪ .‬وتم تنفيذ هذه‬
‫املبادرة بشلك مجايع يف إطار ما يصطلح عليه ب "اتلويزة"‪ .‬وقد شاركت الساكنة لكها يف إجناز هذا العمل يف لك‬
‫خطواته كحفر اخلنادق بني األزقة‪ ،‬وتركيب األنابيب وتوصيلها إىل داخل املنازل‪ ،‬وغري ذلك من املهام املختلفة‪.‬‬
‫ً‬
‫كما ساهم اجلميع مايلا‪ ،‬لك حسب إماكنياته‪ ،‬وذلك من أجل اقتناء العدادات واملعدات الالزمة‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫جيسد هذا املرشوع املشرتك نموذجا حيا الحتاد الساكنة يف تدبري مواردها املائية‪ .‬وقد عكست مشاركة اجلميع‬
‫يف تنفيذ تلك ابلنية اتلحتية‪ ،‬االلزتام اجلمايع تلحسني ظروف العيش للساكن‪ .‬وهكذا‪ ،‬فقد تطورت طرق‬
‫ً‬
‫إمدادات مياه الرشب من نظام مضطرب غري مالئم إىل نظام أكرث تنظيما يليب احتياجات الساكن املزتايدة‪.‬‬

‫لعب حتديث طرق اتلوزيع هاته‪ ،‬دورا حاسما يف حتسني الظروف املعيشية لساكن فجيج‪ ،‬ومكن من مواكبة‬
‫اتلوسع ادليموغرايف وتزايد متطلبات وحاجيات املجتمع‪ .‬لك ذلك‪ ،‬يف إطار اتلآزر املطلق بني الساكن ومبدأ‬
‫تكريس احلفاظ ىلع قيم اتلعاون واتلضامن الراسخة يف اثلقافة املحلية‪ .‬يبىق إنشاء شبكة توزيع املياه الصاحلة‬
‫للرشب مثاال رائعا ىلع تكيف فجيج مع اتلحديات احلديثة‪ ،‬وجيد صمود وتصميم جمتمع بأكمله للحفاظ ىلع‬
‫أصاتله وخصوصيته الواحية‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫القانون ‪ 21-83‬المتعلق بإحداث الشركات الجهوية متعددة‬
‫الخدمات‪ :‬انتقادات وتوضيحات ضرورية‬

‫مساهمة الدولة‪ :‬عتبة مثرية للقلق‬

‫يكمن مصدر القلق الرئييس يف هذا اإلطار يف احلد ابلالغ ‪ %10‬من مساهمة ادلولة يف رأس مال الرشاكت‬
‫متعددة اخلدمات‪ .‬وتثري هذه النسبة‪ ،‬اليت تم تقديمها كحد أدىن‪ ،‬خماوف بشأن القدرة احلقيقية لدلولة ىلع اتلأثري‬
‫يف اتلوجهات االسرتاتيجية هلذه الرشاكت‪ .‬ومن أجل بناء ثقة قوية‪ ،‬يرى العديد من املراقبني أن مشاركة ادلولة‬
‫بنسبة تتجاوز عتبة ال ‪ %10‬رضورية‪ ،‬ومن انلاحية املثايلة جيب أن تتجاوز هذه النسبة ‪ .%50‬ومن شأن‬
‫املساهمة بهذه النسبة أن تطمنئ الساكن وأصحاب املصلحة فيما يتعلق باستدامة واستقرار هذه الرشاكت‬
‫متعددة اخلدمات واتلأثري يف قراراتها‪.‬‬

‫البعد االقتصادي عىل حساب البعد االجتماعي‪ :‬التوازن الهش موضع تساؤل‬

‫يثري االستقطاب االقتصادي هلذه الرشاكت‪ ،‬اذلي يركز ىلع مبدأ الرحبية‪ ،‬خماوف مرشوعة بشأن احلفاظ ىلع‬
‫الطابع االجتمايع للخدمات األساسية‪ .‬إذا اكنت مسألة األرباح يه األولوية القصوى للك رشكة‪ ،‬فإن هذا‬
‫املعطى قد يؤدي حتما إىل إهمال اجلانب االجتمايع املتعلق باالستفادة من قطايع املاء الصالح للرشب والكهرباء‬
‫من منظوره اتلاكفيل ‪ .‬جيب إذن تأطري القوانني املتعلقة بهذه الرشاكت بضمانات صلبة وآيلات الرقابة االجتماعية‬
‫اليت يمكن أن تساعد يف استعادة توازن أكرث استدامة بني اجلوانب االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫الغموض التعاقدي‪ :‬الضبابية تكتنف مدة العقد‬

‫إن عدم الوضوح بشأن مدة العقود يمكن أن يؤدي إىل تقويض اثلقة طويلة املدى بني هاته الرشاكت متعددة‬
‫اخلدمات واجلمااعت املحلية‪ .‬تعد الشفافية من بني الراكئز املهمة يف حتديد أي عقد‪ ،‬وذلك حىت يتسىن لألطراف‬
‫املتعاقدة ضمان رشاكة مستقرة وتبادل املنفعة‪ .‬ومن شأن إضافة أحاكم تتعلق بمدد العقود أن تعزز احلماية‬
‫القانونية واثلقة يف هذه الرشااكت‪ .‬باإلضافة إىل ذلك‪ ،‬من الرضوري حتديد رشوط إنهاء العقد أو إبرامه بشلك‬
‫واضح‪ ،‬وكذا املقتضيات اليت حتدد اإلجراءات املتعلقة بالرجوع إىل الوضع األصيل‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫مشكل التعريفات‪ :‬خطر التأثري عىل جدولة األسعار المحلية‬

‫ال يوفر القانون ‪ 21-83‬توجيهات أو توضيحات حول كيفية حتديد األسعار وتعديلها‪ .‬وقد يؤدي هذا انلقص‬
‫إىل زيادات قد تكون مفاجئة وغري مربرة‪ ،‬مما يعرض للخطر إماكنية االستفادة من اخلدمات األساسية بأسعار‬
‫معقولة‪ .‬وتنطوي اخلطة االستباقية ىلع حتديد إطار مرجيع متني لضمان استقرار األسعار‪ ،‬مع األخذ بعني‬
‫االعتبار خصوصيات لك منطقة ىلع حدة‪.‬‬

‫الصالحيات المبالغ فيها‪ :‬تهديد للحقوق الفردية‬

‫تمنح املواد ‪ 4‬و‪ 5‬و‪ 9‬صالحيات واسعة هلذه الرشاكت متعددة اخلدمات‪ ،‬مما يثري خماوف بشأن اتلوازن بني سلطة‬
‫هذه الكيانات واحلقوق الفردية للمواطنني‪ .‬املادة ‪ 4‬مثال‪ ،‬تمنح هلذه الرشاكت سلطة مصادرة امللكية اخلاصة‪ ،‬مما‬
‫يثري خماوف كبرية بشأن محاية حقوق امللكية اخلاصة‪ .‬وىلع حنو مماثل‪ ،‬تتطلب املادة ‪ ،5‬اليت تسمح بإبرام العقود‬
‫طريق االتفاق املبارش‪ ،‬مراجعة جادة تلجنب إساءة استخدام هذه الصالحية‪.‬‬

‫وأخريا‪ ،‬جيب توضيح املادة ‪ ،9‬اليت تنسب املسؤويلة املايلة بشلك مشرتك إىل الرشكة واجلماعة ىلع السواء‪ ،‬وذلك‬
‫تلجنب حاالت الغموض وأسباب الزنااعت‪ ،‬ألن املسؤويلة املشرتكة للمايلة يمكن أن تؤدي إىل زيادة اتلعقيد‬
‫اإلداري‪ .‬كما أن تنسيق املزيانيات وانلفقات وإعداد اتلقارير املايلة بني الرشكة واجلماعة قد يتطلب إجراءات‬
‫حمددة وأنظمة مراقبة معقدة‪ .‬واملشلكة األخرى تكمن يف اخلالفات املحتملة حول توزيع اتلاكيلف وإسناد‬
‫املسؤويلات املايلة مما قد يؤدي إىل خالفات بني الرشكة واجلماعة‪ .‬ويف غياب اتفاقيات واضحة تؤطر بشلك‬
‫قانوين للمسؤويلات املايلة‪ ،‬يمكن أن تنشأ رصااعت قد تلحق الرضر بالعالقة بني الطرفني وتؤدي إىل عواقب‬
‫مايلة مقلقة‪ ،‬يتحملها املواطن بادلرجة األوىل يف نهاية املطاف‪.‬‬

‫من ناحية أخرى‪ ،‬إذا واجه أحد الطرفني صعوبات مايلة‪ ،‬فقد يكون ذللك تأثري ىلع إجناز املشاريع والقيام‬
‫بمبادرات مشرتكة‪ .‬كما يمكن أن تؤدي القيود املفروضة ىلع مزيانية أي جهة إىل اتلأخري يف تنفيذ االلزتامات‬
‫املايلة املتفق عليها أو عدم تنفيذها باملرة‪.‬‬

‫وأخريا‪ ،‬قد يرتتب من تقاسم للمسؤويلة املايلة قصور يف احلافز دلى أحد الطرفني تلحسني موارده‪ .‬إذا اكن أحد‬
‫الطرفني ىلع علم بأن الطرف اآلخر باستطاعته أن يغطي جزءا كبريا من اتلاكيلف‪ ،‬فقد يكون أقل قابلية‬
‫ً‬
‫للبحث عن حلول فعالة من انلاحية املايلة‪ .‬وباتلايل‪ ،‬فإن تعديل هذه املواد من شأنه أن يضمن توزيعا أكرث‬

‫‪9‬‬
‫عدالة بني مصالح هذه الرشاكت من جهة‪ ،‬ومصالح اجلمااعت املمثلة للساكن‪ ،‬واحلقوق األساسية للمواطنني من‬
‫جهة أخرى‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫أزمة الديمقراطية‪ :‬تحول غير مفهوم في قرار االنضمام‬
‫للمجلس الجماعي‬

‫إن االنقالب األخري ملجلس اجلماعة ىلع قراره األول الرافض دلخول الرشكة تلدبري قطاع املاء الصالح للرشب‬
‫بفجيج‪ ،‬واذلي اختذه باإلمجاع خالل دورته االستثنائية املنعقدة بتاريخ ‪ 26‬أكتوبر ‪ ،2023‬يكتنفه كثري من‬
‫اللبس والغموض‪ ،‬حيث تم اتلصويت باألغلبية لصالح دخول الرشكة يف دورة استثنائية عقدها املجلس بعد‬
‫أيام معدودة فقط من ابلث باإلمجاع يف قراره األول القايض بالرفض‪ .‬مما تسبب يف حرية كبرية دلى الساكنة‪.‬‬
‫هذا اتلحول املفائج يف موقف جملس اجلماعة من الرفض اليلك للرشكة إىل إقرار قبوهلا باإلمجاع‪ ،‬ويف فرتة وجزية‪،‬‬
‫يثري عدة تساؤالت خبصوص مرشوعية القرار وادلوايع اخلفية اليت افرزته‪.‬‬

‫إبطال مبدأ االستشارة‪:‬‬

‫يف سياق يهدف إىل أن يكون ديمقراطيا‪ ،‬تم إغفال مبدأ أسايس أال وهو مبدأ االستشارة‪ .‬فاملمثل اجلمايع يعترب‬
‫ناطقا باسم املواطن اذلي وضع فيه ثقته‪ ،‬وهو باتلايل يف خدمته باملطلق‪ .‬وغياب اتلوجه االستشاري لألخذ برأيه‬
‫والرجوع إيله يف حالة االتلباس‪ ،‬خصوصا عندما يتعلق األمر بقضية حيوية كهذه‪ ،‬يثري شكواك كثرية حول‬
‫مرشوعية القرار وادلوافع اليت أفرزته بشلكه املعارض تلطلعات الساكنة‪.‬‬

‫إن القرارات األحادية يه ازدراء لدليمقراطية التشاركية‪ ،‬اليت تعترب املواطن فاعال أساسيا يف عملية صنعها‪،‬‬
‫ويمكن أن تقوض ثقة الساكن يف ممثليهم ويهدد خبلق سابقة مثرية ملبدأ ادليمقراطية املحلية اليت تعترب قاطرة‬
‫للتنمية املحلية‪.‬‬

‫تقويض للمبادئ الدستورية‪:‬‬

‫إن ما يقع حايلا يف مدينة فجيج‪ ،‬يتعارض بشلك يلك من ركزيتني أساسيتني ملقتضيات القانون ادلستوري املتعلق‬
‫باختصاصات اجلمااعت الرتابية‪ ،‬وهما مبدأ اتلفريع ومبدأ اتلدبري احلر‪ .‬وهذان املبدآن تعرضا للتسطيح املبتذل‬
‫بعد قرار املجلس اجلمايع بتغيري موقفه حتت شبهة الضغط‪.‬‬

‫‪.1‬رضب مبدأ اتلفريغ‪ :‬ينص مبدأ اتلفريغ ىلع رضورة معاجلة القضايا ىلع املستوى املحيل قدر اإلماكن‪ ،‬وباتلايل‬
‫ضمان إدارة فعالة تتكيف مع اخلصوصيات املحلية‪ .‬إال أن املجلس اجلمايع‪ ،‬بفرضه هلذا القرار االستثنايئ من‬
‫دون موافقة مبارشة للساكنة‪ ،‬يكون قد وقع يف تناقض صارخ مع هذا املبدأ األسايس‪ .‬أي قرار ال يرايع‬

‫‪11‬‬
‫مصلحة الساكن املحليني وال يستشريهم يف القضايا اليت تعنيهم‪ ،‬يعترب تقويضا حلقوقهم ورضبا الحتياجاتهم‬
‫اخلاصة‪ .‬وباتلايل يمكن اعتبار هذا اإلجراء بمثابة انقالب ىلع روح مبدأ اتلفريغ ذاته املؤطر دستوريا‪..‬‬

‫‪.2‬انتهاك مبدأ اتلدبري احلر املخول للجمااعت الرتابية‪ :‬اتلدبري احلر املخول بقوة ادلستور للجمااعت الرتابية‬
‫يمنحها حق تسيري شؤونها بما يتوافق مع القوانني وانلصوص اتلنظيمية الوطنية‪ .‬ولكن‪ ،‬من خالل فرض عليها‬
‫قرار االنضمام بتعايلم فوقية‪ ،‬تكون ادلولة‪ ،‬املتمثلة يف وزارة ادلاخلية‪ ،‬قد صادرت هذا احلق بدون سند قانوين‪.‬‬
‫مما يعيق حقها يف تدبري أمور ساكنتها كما تسطره الترشيعات املعمول بها واليت يراعها ويكفلها دستور ابلالد‪،‬‬
‫وباتلايل فإن هذا اإلجراء قد يفرز وضعا يتآلك فيه هذا املبدأ الرئييس‪.‬‬

‫يُفهم من قرار املوافقة ىلع االنضمام إىل الرشكة ىلع أنه ختيل ىلع هذا احلق األسايس وإسهام يف تكريس املركزية‬
‫اليت أرادت ادلولة أن حتاربها يف إطار مرشوع اجلهوية املتقدمة‪ ،‬وذلك ىلع حساب اتلدبري اذلايت املحيل‪ .‬وهذا‬
‫اإلجراء من شأنه أن يقوض قدرة مجاعة فجيج ىلع إدارة احتياجات ساكنها بشلك مستقل‪ ،‬األمر اذلي يشلك‬
‫سابقة مثرية للقلق‪.‬‬

‫‪ .3‬العجز اتلمثييل‪ :‬يثري قرار املجلس اجلمايع‪ ،‬اذلي تم اختاذه دون استشارة الساكنة‪ ،‬تساؤالت حاسمة حول‬
‫املرشوعية اتلمثيلية للمنتخبني‪ .‬يتم انتخاب أعضاء املجلس تلقوم بتمثيل إرادة الساكن بأمانة وتَ ُّ‬
‫ـجرد‪ .‬لكن‬
‫من خالل إهمال هذه املسؤويلة األساسية‪ ،‬فإن هذا القرار اذلي اختذ بالوصاية‪ ،‬يقوض ثقة املواطنني يف ممثليهم‬
‫املحليني‪ ،‬وباتلايل يقوض أسس ادليمقراطية اتلمثيلية‪.‬‬

‫‪.4‬ارتكاس ثقة املواطنني‪ :‬تعتمد ثقة املواطنني يف املؤسسات املحلية والوطنية بادلرجة األوىل‪ ،‬ىلع شفافية‬
‫ومرشوعية عملية صنع القرارات‪ .‬من خالل جتاوز مبدأ االستشارة العامة املفتوحة ىلع الساكن وىلع فعايلات‬
‫املجتمع املدين‪ ،‬فإن املجلس اجلمايع خياطر خبلق شعور عدم اثلقة دلى املواطن‪ .‬وقد ينظر املواطنون إىل هذا‬
‫القرارات املجحفة ىلع أنها مظهر من مظاهر اتلعسف والشطط يف استعمال السلطة‪ ،‬مما قد يؤدي إىل خلق مناخ‬
‫َ‬
‫يتسم بعدم ايلقني وانعدام اثلقة جتاه املنتخبني املحليني‪.‬‬
‫خالصة القول‪ ،‬يثري قرار املجلس اجلمايع بفجيج‪ ،‬من خالل تقويض مب ْ‬
‫دأي اتلفريغ واتلدبري احلر للجماعة‪،‬‬
‫خماوف حقيقية حول مرشوعية وجدوى هذا اإلجراء األحادي ويعزز القلق بشأن تداعياته املستقبلية‪ ،‬كما‬
‫يستديع رضورة استعادة حوار مفتوح وشامل ودون رشوط مسبقة للحفاظ ىلع األسس ادليمقراطية األساسية‪،‬‬
‫واستعادة ثقة الساكنة يف جملسه جمددا‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫مخاطر كبرية عىل استقرار المدينة‪ :‬دعوة التخاذ إجراءات فورية‬

‫إن الوضع احلايل يف فجيج يعرض الساحة ملخاطر كبرية قد يرتتب عليها عواقب وخيمة إذا لم تتم معاجلتها ىلع‬
‫الفور‪ .‬من الرضوري إذا‪ ،‬اختاذ اإلجراءات الفورية يف احلال ملنع السيناريوهات اتلايلة‪:‬‬

‫‪ .1‬إرضابات طويلة األمد وأثرها ىلع االستقرار االقتصادي‪ :‬قد يؤدي القرار املثري للجدل اذلي اختذه جملس‬
‫اجلماعة إىل إرضابات مستمرة‪ ،‬وباتلايل تعطيل ادلينامية الطبيعية للمدينة‪ .‬ومن شأن الشلل االقتصادي‬
‫انلاجم عن استمرار احلراكت االجتماعية واملظاهرات أن يرض باتلوازن االقتصادي للمدينة وبمستوى‬
‫معيشة الساكن اعمة‪ .‬وذللك‪ ،‬يتعني ىلع مجيع مكونات املجتمع الفجييج‪ ،‬وىلع املجلس اجلمايع يف‬
‫املقام األول‪ ،‬إاعدة تقييم قراره تلجنب استمرار تدهور النسيج االقتصادي للمدينة وظروف حياة وعمل‬
‫ساكنها‪.‬‬
‫‪ .2‬فواتري غري مدفوعة وتأثريها ىلع األوضاع املايلة للجماعة‪ :‬قد يتسبب تمرد الساكن ضد قرار املجلس‬
‫يف عدم دفع الفواتري املتعلقة خبدمات الرشكة اجلديدة‪ .‬يمكن أن تؤدي هذه احلالة إىل نقص كبري يف‬
‫اإليرادات للجماعة‪ ،‬مما قد يعرض قدرتها املايلة ىلع تقديم خدمات أخرى أساسية‪ .‬من الرضوري إجياد‬
‫حلول قابلة للتنفيذ تلفادي هذه األزمة املايلة املحتملة‪.‬‬
‫‪ .3‬انعدام األمن وتهديد اتلماسك االجتمايع‪ :‬يمكن أن تؤدي االضطرابات انلامجة عن السخط الشعيب‬
‫إىل انعدام األمن‪ ،‬مما قد يعرض السالمة العامة للخطر‪ .‬وقد تؤدي اتلوترات االجتماعية انلامجة عن‬
‫هذا الوضع إىل تصدع وحدة الساكن وتماسكهم‪ .‬وال بد من تدخل اعجل الجتثاث مصادر هذا اتلوتر‬
‫وتلعزيز األمن واالستقرار االجتماعيني‪.‬‬

‫‪ .4‬تفاقم مشلك اهلجرة‪ :‬عرفت ابلنية ادليمغرافية لفجيج تناقصا مزتايدا منذ عقود وبشلك مثري للقلق‪،‬‬
‫يرجع ذلك اىل عدة عوامل تتعلق معظمها بالسياسات املتعاقبة‪ ،‬اكنلقص احلاد يف توفري اخلدمات‬
‫األساسية‪ ،‬خاصة يف جمال الراعية الصحية‪ ،‬وانعدام ابلنية اتلحتية الطبية وغياب األطر الصحية الالزمة‬
‫تلقديم الراعية الاكملة للمرىض وضمان العدالة الصحية للساكنة باملساواة مع ساكن بايق املدن املغربية‪.‬‬
‫ُْ‬
‫وبعد املدينة عن املراكز احلرضية الكربى‪،‬‬ ‫كما أن انعدام اخلدمات االجتماعية واإلدارية وغريها‬
‫واستمرار اتلوترات يف املنطقة احلدودية مع اجلارة اجلزائر‪ ،‬وتزايد السياسات اتلقييدية والضوابط‬
‫الصارمة واملراقبة املستمرة اليت تفرضها السلطات ىلع ساكن هذه املنطقة‪ .‬وكذا الظروف املناخية‬
‫الصعبة‪...‬إلخ‪ .‬لك هذه اإلشاكالت ساهمت يف تعقيد حياة الساكن واتلحديات اليت يواجهونها بشلك‬
‫يويم‪ .‬ثم يأيت مشلك هذا اتلفويض املفروض يلنضاف إىل هذا ادليكور القاتم‪ ،‬هذا القرار اذلي اكن‬

‫‪13‬‬
‫نتاج جدولة مترسعة من طرف املجلس اجلمايع‪ .‬ويهدد هذا املعطى اجلديد بتفاقم ظاهرة الزنوح‬
‫اجلمايع‪ ،‬وإفراغ الواحة ممن تبىق من ساكنها‪.‬‬

‫إن العواقب االقتصادية واالجتماعية وادليموغرافية املحتملة‪ ،‬اكستمرارية اإلرضابات‪ ،‬ورفض دفع مستحقات‬
‫فواتري االستهالك‪ ،‬بما ينذر بنوع من العصيان املدين‪ ،‬وتزايد الشعور بانعدام األمن ومشلك الزنوح اجلمايع‬
‫للساكن‪ ،‬سوف تتفاقم بسبب هذه اخلوصصة اليت لم تكن يف احلسبان‪ .‬وذللك فمن الرضوري أن تأخذ السلطات‬
‫املحلية وجملس اجلماعة ىلع السواء‪ ،‬هذه العنارص بعني االعتبار من أجل جتنب تدهور أعمق يف النسيج‬
‫االجتمايع واالقتصادي للمدينة‪.‬‬

‫عقبة أمام الحوار‪ :‬رئيس المجلس الجماعي تحت ضغط طلب االستفسارات‬

‫إن عدم املشاركة يف حوار شامل من ِقبَل رئيس املجلس اجلمايع‪ ،‬ورفضه اتلفاعل مع املعارضة‪ ،‬يثري تساؤالت‬
‫مربرة يف أوساط الشارع الفجييج‪ .‬يعد امتناعه عن االخنراط يف حوار مفتوح وشفاف مع املعارضة مصدر قلق‬
‫واستياء‪ ،‬إذ يعد اتلعاون الوثيق بني خمتلف اآلراء السياسية اليت تساعد يف اختاذ قرارات اعدلة وقابلة للتطبيق‪،‬‬
‫رضوري إلجياد حل ّ‬
‫فعال هلذه األزمة ادليمقراطية‪.‬‬

‫تقدمت املعارضة بطلب مكتوب إىل رئيس املجلس‪ ،‬طابلة إدراج مراجعة القرار األخري للمجلس اذلي تمت‬
‫املوافقة بموجبه ىلع انضمام مجاعة فجيج إىل جمموعة الرشق للتوزيع‪ .‬تسىع املعارضة إىل إلغاء هذا االتفاق‪ً ،‬‬
‫نظرا‬
‫العرتاض الساكن عليه‪ ،‬واذلين خيوضون إرضابات مستمرة منذ بداية شهر نونرب ‪ ،2023‬حيث جيوبون شوارع‬
‫املدينة وأزقتها مرتني يف األسبوع للتعبري عن احتجاجهم ىلع هذا القرار‪.‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬يظل رئيس املجلس عنيدا يف رفض إدراج هذه انلقطة اهلامة يف جدول األعمال‪ ،‬مستندا لسبب‬
‫رئييس حسب تقديره‪ ،‬واذلي يفيد بأن هذه الرشاكت يتم تنفيذها تدرجييا ىلع مستوى مجيع جهات اململكة‪.‬‬
‫ُ‬
‫ويرص ىلع أن القرار قد أخذ بتصويت األغلبية‪ ،‬وأنه تم يف جو ديموقرايط طبقا للقوانني املعمول بها‪ .‬وفقا‬
‫لرؤيته‪ ،‬فإن الرتاجع عن هذا القرار غري وارد يف الوقت احلايل‪.‬‬

‫هذا الوضع املوسوم بالعدمية يتطلب دراسة جدية‪ ،‬وجيب دحض حجة الرئيس لألسباب اتلايلة‪ .‬إذا اكنت ادلورة‬
‫االستثنائية اليت ُعقدت بتاريخ ‪ 2023/11/01‬قد مرت يف ظروف اتسمت بااللزتام بمبادئ ادليمقراطية يف‬
‫استصدار القرار القايض بقبول الرشكة ً‬
‫بناء ىلع اتلصويت بأغلبية ‪ 9‬أصوات مؤيدة للرشكة مقابل ‪ 8‬أصوات‬
‫معارضة‪ ،‬فلماذا ال يُعترب اتلصويت باإلمجاع اذلي جرى يف تاريخ ‪ 2023/10/26‬واذلي أسفر عن رفض‬

‫‪14‬‬
‫االنضمام إىل املجموعة‪ ،‬ممارسة لدليمقراطية أيضا؟ إىل أن يتم الرد ىلع هذا السؤال‪ ،‬يبىق الوضع معلقا حىت إشعار‬
‫آخر!‬

‫أثناء تصويت املجلس خالل دورته االستثنائية بتاريخ ‪ ،2023/10/26‬لم يتم االستناد إىل املسواغت اليت بدأت‬
‫تروج اعتبارا من فاتح نوفمرب ‪ ،2023‬اكالستغالل اجلائر للموارد املائية ومشلك تدبري لالستهالاكت اجلزافية‬
‫َ‬
‫مثال‪ .‬تم اتلفطن هلذه اذلرائع يف وقت وجزي وقيايس مدته مخسة أيام فقط بعد القرار األول اذلي اختذ باإلمجاع‪.‬‬
‫تبىن املجلس‪ ،‬بأغلبيته املؤيدة للرشكة‪ ،‬هذا اتلربير كمرجع تنويري لكنه خال من أي منطق مع األسف!‬

‫ومع ذلك‪ ،‬هناك حتفظ يف ذكر األسباب احلقيقية‪ ،‬ولبس كبري وراء هذا االرتداد من طرف الرئيس وأغلبيته‪.‬‬
‫يمكن أن تكون لدلافع وراء هذا اتلغري‪ ،‬أسباب غري معلنة واغمضة‪ .‬يمكن أن تكون الضغوط اليت تمارسها‬
‫سلطات الرقابة االدارية يه املصدر‪ ،‬وإال سيكون من األنسب اعتبار مسواغت أخرى مرتبطة بمصالح شخصية‬
‫وراء هذا القرار‪ .‬وتبىق املعارضة يف سيع متواصل ولن تفشل باتلأكيد يف كشف أسباب هذا االنقالب الغامض!‬

‫من انلاحية األخالقية وادليمقراطية واتلنظيمية‪ ،‬ال بد من اتلأكيد ىلع أن رئيس املجلس لم يكتف فقط‬
‫باالمتناع الغري املربر عن االستجابة لطلب املعارضة‪ ،‬بل انتهك أيضا املبادئ اليت تؤطر ألساسيات ادليمقراطية‪.‬‬
‫يأيت هذا القرار يف سياق مثري للقلق‪ ،‬حيث تعيش فجيج وساكنتها حالة من احلراك املستمر ألشهر ثالثة متتايلة‪.‬‬

‫إن الرفض الرصيح من قبل الرئيس لن يؤدي إال إىل استرشاء الوضع‪ ،‬الغري املستقر أساسا‪ ،‬مما ينذر بتفاقم‬
‫االضطرابات داخل املجتمع الفجييج بشلك مستمر‪ .‬لم يكن ينبيغ للرئيس أن يرفض طلب املعارضة‪ ،‬بل اكن‬
‫عليه أن يدرج طلب املعارضة يف جدول أعمال ادلورة‪ ،‬ولو إلظهار حسن نية ظرفية واتلظاهر باالكرتاث بما‬
‫حيدث حايلا بالشارع الفجييج‪ .‬ينبيغ لروح ادليمقراطية أن تستمر يف عملية صنع القرار‪ ،‬وال يمكن جتاهلها‬
‫أو حتويلها حسب الرغبة‪ .‬فيه جتسد قاعدة ذهبية‪ ،‬ومبدأ أسايس تمليها احلاجة إىل اختاذ قرارات واضحة‪ ،‬دون‬
‫تدبدب بني القبول والرفض‪ .‬ولك تقصري يف إعمال هذا املبدأ ادليمقرايط يعد مصادرة للرأي احلر‪ ،‬ويعرض‬
‫صاحبه المتعاض مزتايد وجيعل ثقة املواطن فيه تراجع ومرشوعيته تتآلك‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫المبررات المقدمة‪ :‬تقييم الحجج واقتراح حلول مستدامة‬

‫األسباب اليت اعتمدها المجلس الجماعي (األغلبية) لتربير تصويته لصالح االنضمام‬

‫َُ‬
‫المقدمة من قبل األغلبية لفرض قرارها‪ .‬وسنقوم بتقسيمها إىل‬ ‫يف هذا القسم‪ ،‬سنقوم بتفحص دقيق للتربيرات‬
‫عدة نقاط رئيسية‪:‬‬

‫‪ .1‬االستغالل املفرط للموارد املائية‪:‬‬

‫تشدد األغلبية ىلع أن املوارد املائية‪ ،‬اليت يعترب حيوية للمنطقة‪ ،‬تتعرض الستغالل مفرط‪ ،‬مما قد يسفر عن تزايد‬
‫ندرتها‪ .‬يتم الرتكزي ىلع اخلطورة املرتبطة بهذه انلدرة فيما يتعلق بتأمني املياه الصاحلة للرشب لألرس‪.‬‬

‫‪ .2‬ترسبات يف ابلنية اتلحتية وتأمني اتلمويل ‪:‬‬


‫ُ‬
‫تثري األغلبية حجة أخرى تتعلق بمشلك ترسب املياه يف األنابيب الرئيسية واثلانوية‪ ،‬مما يسلط الضوء ىلع‬
‫ُ‬
‫املشالك اهليلكية اليت تتطلب تدخال فوريا‪ .‬كما تسلط الضوء ىلع املنشآت املتهالكة اليت حتتاج‪ ،‬حسب رأيها‪،‬‬
‫إىل استثمارات كبرية إلاعدة هيلكتها‪ ،‬وباتلايل ضمان استدامة ابلنية اتلحتية‪.‬‬

‫‪ .3‬مشلك العدادات املعطلة والربط غري املرشوع‪:‬‬


‫َُ‬ ‫ُ‬
‫تشري األغلبية إىل املشالك املتعلقة بعدادات املساكن اليت تعاين من العطل‪ ،‬حيث يقدر عدد العدادات املعيبة‬
‫حبوايل ‪ ،1200‬مما يسبب صعوبات يف عملية إصدار الفواتري‪ .‬ويؤدي هذا الوضع إىل اعتماد تسعريات ثابتة قد‬
‫ال تعكس بدقة مستوى االستهالك الفعيل‪.‬‬

‫كما حتاجج بمشلك االمدادات والربط الغري املرشوع بأنبوب املاء الرئييس‪ ،‬باإلضافة إىل استخدام أسايلب‬
‫تهدف إىل اتلالعب بالعدادات وتعطيلها الستعمال املياه دون ضبط االستهالك‪ ،‬وهذا يكبد اجلماعة خسائر‬
‫يف العائدات ويعرض موارد املياه لالستزناف‪.‬‬

‫‪ .4‬جودة املياه وابلحث عن مصادر جديدة‪:‬‬

‫تسلط األغلبية الضوء ىلع اتلحديات املتعلقة جبودة مياه الرشب‪ ،‬حيث تشري إىل رضورة ختصيص تمويل‬
‫ألغراض ابلحث عن طبقات مياه جوفية جديدة وحفر آبار جديدة‪ ،‬بهدف حتسني جودة املياه املستهلكة‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫من خالل حتليل ما تقدم من األسباب واحلجج‪ ،‬يظهر بوضوح رضورة انلظر يف تأثريات القرار فرض الرشكة ىلع‬
‫الساكن وىلع االقتصاد املحيل‪ ،‬مع إجراء تقييم دقيق لواقعية هذه األسباب بهدف ضمان تدبري مستدام واعدل‬
‫للموارد املائية يف فجيج‪..‬‬

‫دراسة نقدية للمربرات المطروحة وحلول مقرتحة‬

‫‪ .1‬أرقام حول االستهالك المفرط دون دراسة حقيقية‪:‬‬

‫أ‪ .‬دراسة معمقة‪ :‬يتطلب عدم وجود بيانات حمددة حول االستهالك املفرط إجراء دراسة معمقة يشارك فيها‬
‫لك من جملس اجلماعة وخرباء يف جمال تدبري املياه وممثلون من املجتمع املدين ومجعيات متخصصة يف جمال توزيع‬
‫املياه‪ .‬وبفضل خرباتهم املتخصصة‪ ،‬يمكن هلؤالء املمثلني أن يقدموا وجهات نظر واقعية حول املشالك املرتبطة‬
‫باالستهالاكت "املفرطة" إن يه تبينت‪ ،‬ويساهموا يف ابلحث عن احللول املناسبة‪ .‬يتيح اتلعاون ّ‬
‫الفعال بني جملس‬
‫املدينة وخرباء تدبري املياه وهذه اجلمعيات املتخصصة تبين رؤية شمويلة ونقدية‪ ،‬تساهم يف فهم اتلحديات‬
‫املرتبطة بهذه املسألة املهمة‪.‬‬

‫ب‪ .‬عمليات مراقبة منتظمة‪ :‬يف هذا السياق‪ ،‬يُقرتح إنشاء فرق تفتيش حملية تضم أعضاء من جملس اجلماعة‬
‫ومتطوعني من املجتمع املدين‪ .‬ستكون هذه الفرق ملكفة بتنفيذ عمليات مراقبة دورية مفاجئة يف األماكن‬
‫اليت يالحظ فيها استزناف غري طبييع بهدف الوقوف ىلع الوضع بشلك ّ‬
‫فعال وحتديد االختالالت واقرتا ح‬
‫اإلجراءات الالزمة تلحسني الوضع‪.‬‬

‫‪ .2‬ترسبات المياه في األنابيب والمنشآت المتهالكة‪:‬‬

‫أ‪ .‬فتح فرص التشغيل وتدريب العاملني‪ :‬يمكن اتلغلب ىلع مشالك صيانة األنابيب واملنشآت وإصالح‬
‫األعطاب يف وقت وجزي‪ ،‬بتحسني املهارات الفنية عرب توظيف وتدريب مزيد من الفنيني املتخصصني يف جمال‬
‫إصالح الترسبات‪ .‬سيؤدي ذلك إىل تعزيز قدرة اجلماعة ىلع اتلعامل مع هذا املشلك بشلك رسيع ّ‬
‫وفعال‪ ،‬مما‬
‫يسهم يف حتسني جودة اخلدمات وخلق آيلات لصيانة ومراقبة الشبكة بشلك مستمر‪.‬‬

‫ب‪ .‬إرشاك املجتمع املدين‪ :‬يتسىن اتلعاون مع اجلمعيات املحلية تلنظيم محالت توعية تستهدف تعزيز الويع‬
‫بأهمية احلفاظ ىلع املياه واحلث ىلع دعم صيانة ابلنية اتلحتية‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ .3‬العدادات المعطلة والربط غري القانوني‪:‬‬

‫أ‪ .‬برجمة استبدال العدادات‪ :‬وضع خطة تفصيلية الستبدال مجيع العدادات املعيبة‪ ،‬مع إعطاء األولوية‬
‫لعدادات املساكن اليت تتواجد فيها حدائق مسقية باملاء املوجه للرشب‪.‬‬

‫ب‪ .‬اتلمويل التشاريك وابلحث عن رشااكت‪ :‬إرشاك املجتمع يف تمويل املبالغ املخصصة الستبدال العدادات‬
‫من خالل فرض نسبة معينة ىلع الفواتري‪ ،‬وابلحث أيضا عن رشااكت فاعلة بني القطاعني العام واخلاص‪،‬‬
‫واتلعاون مع الرشاكت املحلية واملنظمات اإلقليمية والواكالت الوطنية لضمان دعم هذه املبادرة مايلا‪.‬‬
‫ج‪ .‬املشاركة الفعالة للجمعيات‪ :‬تعزيز املشاركة ّ‬
‫الفعالة للجمعيات املحلية يف عملية االستبدال من خالل‬
‫االستشارة املستمرة وطلب تعاونهم يف تنفيذ األعمال‪.‬‬

‫د‪ .‬تنسيق ىلع الصعيدين الوطين وادلويل‪ :‬إقامة عالقات تعاونية مع املنظمات الوطنية وادلويلة لالستفادة من‬
‫دعم إضايف يف جماالت اتلمويل واملوارد اتلقنية‪.‬‬

‫ه‪ .‬إاعدة جدولة مؤقتة لألسعار‪ :‬يف انتظار استبدال العدادات املعيبة بشلك اكمل‪ ،‬جيب القيام بإجراءات تروم‬
‫إاعدة جدولة مؤقت لألسعار املوحدة‪ ،‬مع مرااعة اخلصائص املحددة للك أرسة عند اتلقييم‪.‬‬

‫و‪ .‬إنشاء رشكة حملية لإلرشاف ىلع الشبكة‪ :‬يتعني اتلفكري يف إنشاء رشكة حملية متخصصة يف اإلرشاف ىلع‬
‫الشبكة ورصد االختالالت واكتشاف الربط واتلوصيالت غري القانونية‪ .‬ستسهم هذه املبادرة أيضا يف تعزيز‬
‫االقتصاد املحيل من خالل خلق فرص عمل جديدة‪.‬‬

‫ز‪ .‬الردع القانوين‪ :‬تعزيز آيلات الردع من خالل اختاذ اإلجراءات القانونية ضد املخالفني‪ .‬وهذا من شأنه أن‬
‫يساعد يف ترسيخ ثقافة االمتثال‪ ،‬وتسليط الضوء ىلع احلاجة إىل احرتام القواعد املعمول بها‪.‬‬

‫ح‪ .‬اتلعويض عن اخلسائر‪ :‬إقرار نظام تعويضات إلصالح األرضار انلامجة عن الربط الغري قانوين بشلك شامل‪،‬‬
‫مما يضمن تعويضا اعدال لألرضار امللحقة‪ .‬يهدف هذا اإلجراء الرادع إىل فرض املسؤويلة ىلع املخالفني‪ ،‬ويف‬
‫الوقت نفسه‪ ،‬يُعيد اتلوازن لالنتظام املايل يف سياق القانون‪ .‬باتلايل‪ ،‬يمكن هلذا اإلجراء حتقيق اتلوازن املايل‬
‫للجماعة‪ ،‬وتعزيز االمتثال للقواعد املعمول بها‪ ،‬مما يُسهم يف توجيه استخدام الرثوة املائية بطريقة أكرث استدامة‪.‬‬

‫‪ .4‬جودة مياه الرشب‪:‬‬

‫أ‪ .‬اتلعاون مع جهات ذات صلة ىلع الصعيدين الوطين وادلويل‪ :‬اتلعاون بشلك وثيق مع السلطات املغربية‬
‫واملختربات املتخصصة واملنظمات الوطنية وادلويلة‪ ،‬باإلضافة إىل إقامة رشااكت مع منظمات غري حكومية‪،‬‬

‫‪18‬‬
‫بهدف تقييم دوري جلودة مياه الرشب‪ .‬ولطلب ادلعم املايل والرصد الفين كذلك‪ ،‬وذلك لضمان جودة املياه‬
‫املوجهة للرشب‪.‬‬

‫ب‪ .‬اتلقويم اهلييلك‪ :‬االستثمار يف تطوير مبادرات تروم تعزيز مصادر املياه املحلية هو بمثابة اسرتاتيجية‬
‫رئيسية تلعزيز إمدادات املياه‪ .‬قد تتضمن هذه اجلهود ابلحث عن طبقات مياه جوفية جديدة‪ ،‬وحفر اآلبار‬
‫لالستفادة من مصادر املياه اجلوفية غري املستغلة‪ ،‬وحتديث ابلنية اتلحتية احلايلة لضمان توزيع مياه الرشب‬
‫بشلك ّ‬
‫فعال ومستدام‪ .‬ستكون هذه االستثمارات مساهمة ليست فقط يف زيادة توفري املوارد املائية‪ ،‬بل أيضا يف‬
‫تعزيز مرونة نظام اإلمداد للتغلب ىلع اتلحديات املستقبلية‪ .‬ويمكن اللجوء دائما إىل منظمات وطنية ودويلة‬
‫للمساعدة تلنفيذ هذه املشاريع ىلع املدى املتوسط وابلعيد‪.‬‬

‫‪ .5‬خالصة‪:‬‬

‫تسلط هذه القراءة انلقدية‪ ،‬الضوء ىلع املشالك املرتبطة بتدبري قطاع املاء الصالح للرشب بفجيج وىلع العديد‬
‫من اتلحديات اليت تواجه اجلماعة يف هذا الشأن‪ .‬وتعرض مقرتحات جادة ملعاجلة هذه الصعوبات بشلك مفصل‪.‬‬
‫تم الرتكزي ىلع منهجية متعددة األبعاد كرضورة القيام بدراسة معمقة لالطالع ىلع واقع األمر والوقوف ىلع‬
‫ماكمن اخللل‪ ،‬وتنفيذ آيلات منتظمة للمراقبة واتلتبع‪ ،‬وإرساء قواعد متينة للتعاون مع املجتمع املدين‪ ،‬وابلحث‬
‫عن تمويالت وعن رشااكت داخل الوطن وخارجه‪ ،‬وإاعدة تقييم اتلعرفة اجلزافية‪ ،‬وتفعيل الردع القانوين وأجرأة‬
‫اتلعويض عن اخلسائر‪ ،‬فضال عن االستثمار يف برامج هيلكية تلحسني أداء الشبكة وجتويد مياه الرشب بشلك‬
‫مستدام‪.‬‬

‫هذه جممل املقرتحات اليت تروم جتاوز االختالالت وإرساء ثقافة االلزتام وتعزيز االقتصاد املحيل وضمان‬
‫االستخدام األمثل للموارد املائية من أجل سالمة الساكنة ‪ .‬ويمكن تنفيذ هذه اإلجراءات يف إطار تدبري حميل‬
‫للجماعة‪ ،‬دون احلاجة للجوء إىل تدابري تروم حتويل هذا املورد احليوي إىل قطاع خاص‪ .‬يكمن ادلافع األسايس‬
‫وراء هذا االختيار يف الطابع الوايح لفجيج اذلي حيدد بعمق استخدامات املياه‪ ،‬وبالعالقة املعقدة اليت تربط‬
‫الساكن األصليني مع مياههم ىلع مدى قرون‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫حماية واحة فجيج‪ :‬نحو قرار محلي وشامل بشأن تدبير المياه‬

‫يف هذه املرحلة احلاسمة من اتلقرير‪ ،‬سنعمل ىلع تعميق اتلحليل عرب جرد تدابري وطرح خطوات رضورية تلوفري‬
‫حلول شاملة لإلشاكيلات املطروحة أعاله‪ .‬تهدف هذه املقاربة إىل صياغة توصيات ملموسة وعملية تضمن‬
‫استدامة اتلدبري املحيل العادل للموارد املائية لفجيج‪ ،‬وتساهم يف تبديد املخاوف املرشوعة للساكن‪.‬‬

‫االستبعاد من االتفاقية‪:‬‬
‫ً‬
‫ال يمكن مقارنة الواحة باملدينة يف تدبري مواردها الطبيعية ألن ظروف الواحة املعيشية قاسية‪ .‬أي تغيري إذا يف‬
‫طرق اتلدبري اجلمايع هلاته املوارد يمكن أن يلحق أرضارا غري قابلة لإلصالح باملنظومة ابليئية ابلييئ برمتها‪.‬‬
‫أيضا‪ ،‬جيب ىلع سلطات الوصاية وىلع جملس اجلماعة أن تنظرا جبدية يف خيار استبعاد اجلماعة من هذا االتفاق‪.‬‬
‫تفرض اخلصوصية اتلارخيية واثلقافية لفجيج‪ ،‬املرتبطة بشلك وثيق بمواردها املائية‪ ،‬محاية دائمة هلذا الوضع‬
‫الراهن‪ .‬مياه فجيج يه موروث للساكن‪ ،‬وجيب أن يظل تدبريها بني أيديهم‪ .‬من الرضوري إجراء محالت توعوية‪،‬‬
‫ْ‬
‫وإطالع الساكن ىلع اتلحديات املرتبطة بهذه املنظومة املائية‪ ،‬واألخذ بآرائهم‪ ،‬ضمانا الختاذ قرارات تتماىش‬
‫مع اتلطلعات املحلية‪.‬‬

‫استثمار المادة ‪ 2‬من القانون ‪:83.21‬‬

‫تظهر املادة ‪ ،2‬اليت حتدد الصالحيات الوظيفية للرشاكت اجلهوية متعددة اخلدمات‪ ،‬وإماكنية اتلدرج يف تفعيل‬
‫وجودها ىلع مستوى اجلهات‪ ،‬كفرصة ساحنة للمجلس اجلماعة لطلب تأجيل اتلحاقها بمجموعة الرشق‪ ،‬دون‬
‫أن تكون مقيدة بعوائق قانونية أو إدارية‪.‬‬

‫إذا أعرب املجلس اجلمايع‪ ،‬وباتلايل ساكن فجيج‪ ،‬عن موافقتهم لصالح هذا االنضمام اتلدرييج‪ ،‬فإن هذا القرار‬
‫جيب أن يستند أوال إىل نتائج دراسة متعمقة لألثر‪ ،‬يتم من خالهلا دراسة عواقب هذا االنضمام جبميع أبعادها‪،‬‬
‫وتشمل خصوصا اجلوانب املتعلقة باملايلة العامة املحلية وبالظروف املعيشية للساكن‪ .‬وال بد أيضا أن ترافق‬
‫هذه اخلطوة ضمانات ملموسة مستندة إىل نصوص تنظيمية واضحة‪ .‬من بني الضمانات املطلوبة‪ ،‬احلفاظ ىلع‬
‫جدول اتلعرفة املعمول بها حايلا‪ .‬بإماكن هذا اإلجراء أن يضمن انتقاال سلسا ومطمئنا إىل املنظومة اجلديدة‪.‬‬
‫ومن شأن االلزتامات القانونية‪ ،‬أن تشلك أساسا متينا حلماية مصالح الساكن ألي تطورات يف تدبري هذا القطاع‬
‫باملدينة مستقبال‪ .‬يف الواقع‪ ،‬ال ينبيغ أن نقلل من سيناريو الزنوح اتلدرييج واملتسارع للساكنة‪ ،‬انلاتج عن‬

‫‪20‬‬
‫اعملني رئيسيني‪ :‬من ناحية‪ ،‬تضاؤل مصادر ادلخل‪ ،‬مثل معاشات األشخاص اذلين يعيشون يف اخلارج‪ ،‬وذلك‬
‫يف ظل غياب تنمية اقتصادية حملية قادرة ىلع خلق ديناميكية اقتصادية داخلية‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬تلك‬
‫األحداث املؤملة اليت يعيشها الساكن بشلك دوري ومسرتسل‪ ،‬بسبب تقليص جماهل احليوي اذلي تعاقب ىلع‬
‫املنطقة بشلك مستمر (آخر مثال ىلع ذلك فقدان أرايض بمنطقة العرجة)‪ .‬إن تقهقر الواحة ومنظومته‬
‫االجتماعية من شأنه أن يفتح نافذة مظلمة ىلع هذه املنطقة من ابلالد‪ ،‬ومن املحتمل أن جتد فيها شباكت‬
‫اتلهريب شباكت املافيا جماال خصبا لإلرهاب واالجتار باألسلحة واملخدرات‪.‬‬

‫تفعيل مبدأ الديموقراطية التشاركية‪:‬‬

‫املشاركة ّ‬
‫الفعالة للمواطنني يف عملية اختاذ القرار هلا أهمية بالغة يف املجتمعات ادليموقراطية‪ .‬إن تشكيل هيالك‬
‫تمثيلية من أطياف خمتلفة للساكن‪ ،‬سوف تساهم يف حتقيق توازن يف اتلمثيلية ادليموقراطية‪ .‬هذه اهليالك‬
‫اتلمثيلية‪ ،‬املكونة من ممثيل املجتمع املدين‪ ،‬وممثيل جملس املياه ومالك املاء‪ ،‬واملثقفني‪ ،‬ورجال األعمال‪ ،‬وخرباء‬
‫يف القانون‪...‬إلخ‪ ،‬يمكنها أن تكفل عملية اختاذ القرار بديمقراطية وشفافية‪ .‬ويمكن أن تلعب هذه اللجان‬
‫دور الوسيط تليسري عملية اتلواصل بني املجلس اجلمايع والساكن والرشكة القائمة ىلع السواء‪.‬‬

‫استقاللية المجلس في اتخاذ القرارات‪:‬‬

‫السماح للمجلس اجلمايع احلايل باتلمتع باالستقاليلة الالزمة‪ ،‬الختاذ القرارات املتعلقة باالنضمام أو عدم‬
‫االنضمام إىل رشكة الرشق للتوزيع‪ ،‬أمر ذو أهمية بالغة‪ .‬جيب توفري بيئة خايلة من الضغوط واإلمالءات الفوقية‬
‫واتلأثريات السلبية‪ ،‬لضمان اختاذ قرارات مستنرية ومستقلة تعكس روح ادلستور وتستجيب إلرادة املواطن‪.‬‬
‫وال يقترص ذلك ىلع سلطة الوصاية فقط‪ ،‬بل جيب أيضا ىلع أعضاء املجلس أن ينخرطوا يف هذه اثلقافة‬
‫باستشارتهم للساكن اذلين يمثلونهم وباالستماع إىل احتياجاتهم وإىل تطلعاتهم باستمرار دون فرض ألي إجرا‬
‫يتعلق بهم‪.‬‬

‫إن تعزيز حوار مفتوح وشامل وغري مقيد بني أعضاء املجلس واملواطنني من شأنه أن يُنتج فهما معمقا للقضايا‬
‫واتلداعيات اليت تهم بشلك مبارش احلياة ايلومية للساكن‪ .‬ومن شأن استقاليلة املجلس يف عملية صنع القرار‬
‫أن تساعد يف تعزيز اثلقة بني املواطن من جهة ومؤسسات ادلولة وممثيل الساكنة من جهة أخرى‪ ،‬وباتلايل يمكن‬

‫‪21‬‬
‫استعادة حلقة أساسية من مسلسل ادليمقراطية التشاركية‪ ،‬وتمكني املواطن من تدبري شؤونه الرتابية حبرية‬
‫واستقاليلة عرب ممثليه اذلين اختارهم ووضع ثقته فيهم‪.‬‬

‫دعم سلطات الرقابة اإلدارية‪:‬‬

‫إن دور السلطات املحلية واإلقليمية واجلهوية أسايس لضمان العملية ادليمقراطية الشاملة‪ ،‬وختليق احلياة‬
‫السياسية ورهان تأهيل املشهد السيايس وتعميق مفهوم املواطنة وتعزيز قيمة االنتماء للوطن‪ .‬ذلا فإن دعم هذه‬
‫السلطات لقرارات املجلس اجلمايع رضوري لضمان حتقيق قدر كبري من االستقاليلة دون تكريس للرقابة‬
‫الوصائية بمفهومها اتلقليدي‪ ،‬بل بمفهومها اجلديد اذلي محله مرشوع اجلهوية املتقدمة‪.‬‬

‫يمكن لسلطات الرقابة اإلدارية أن تعمل كوسطاء حمايدين‪ ،‬بروح املالئمة واتلوفيق‪ ،‬لتسهيل احلوار ابلناء‬
‫واتلبادل املفتوح بني املجلس والساكن‪ ،‬وخلق مناخ يفيض إىل حل الزنااعت بواقعية وجترد‪ ،‬وابلحث عن حلول‬
‫ضمن توافقات تصب يف تقديم املصلحة العامة ىلع املصالح الشخصية والفئوية الضيقة‪ .‬واعتبارا هلذا املبدأ‪،‬‬
‫يمكن إنشاء قاعدة ثقة بني لك الفاعلني يف منظومة احلاكمة الرتابية وداخل املجلس‪ ،‬أغلبية ومعارضة‪ ،‬وذلك‬
‫حىت يتسىن صنع القرارات اهلادفة بشفافية واحرتام ملبادئ ادليمقراطية‪ ،‬وباتلايل تعزيز اثلقة بني انلاخبني‬
‫واملنتخبني يف لك مراحل تدبري اجلماعة لشؤونها ويف تنفيذ مداوالتها ومقرراتها‪.‬‬

‫الضمانات القانونية‪:‬‬

‫يشلك إرساء الضمانات القانونية ركزية أساسية لضمان مصداقية واستدامة االلزتامات اليت يتم اتلعهد بها جتاه‬
‫الساكنة‪ .‬جيب أن تكون الضمانات املمنوحة مقيدة ومصحوبة بقرارات رسمية‪ ،‬مما يمنحها القوة القانونية‬
‫امللزمة‪ .‬ىلع الرغم من حسن انلية يف اتلعبري عن الضمانات شفهيًا‪ ،‬إال أن هذا ال يكيف لضمان الشفافية‬
‫واملساءلة الرضوريتني‪ .‬ومن الرضوري وضع أحاكم قانونية واضحة وحمددة إلضفاء الرشعية ىلع لك قرار وإنشاء‬
‫مناخ من اثلقة من خالل طمأنة الساكن بأن مصاحلهم ستكون حممية بقوة القانون‪.‬‬

‫من خالل اعتماد هذه اتلدابري يف السياق احلايل املتوتر‪ ،‬اذلي يتسم برفض خوصصة مياه الرشب اليت تديرها‬
‫مجاعة فجيج من قبل ساكنها‪ ،‬فإن اهلدف األسايس هو تيسري عملية صنع القرار يف ظروف تطبعها اثلقة‪ ،‬وتعزيز‬
‫اإلطار القانوين للك إجراء‪ .‬كما ستساعد هذه اإلجراءات القانونية الصارمة‪ ،‬ىلع محل الرشكة يف حال فرضها‬
‫تلدبري القطاع‪ ،‬ىلع ضمانات تتعلق بعدم ضخ مياه بفجيج إال خلدمة الساكن أنفسهم‪ ،‬وذلك حفاظا ىلع موارد‬
‫الواحة ىلع املدى الطويل‪ .‬كما جيب أن تكفل هذه اتلدابري القانونية تلبية االحتياجات احلايلة واملستقبلية‬
‫للساكنة بشلك مناسب‪ ،‬مع استبعاد استخدام املادة رقم ‪ 2‬الواردة يف القانون املتعلق بالرشاكت اجلهوية متعددة‬

‫‪22‬‬
‫االختصاصات‪ ،‬واليت جتزي للرشكة حق نزع امللكية اخلاصة‪ ،‬اليت تمكنها من االستالء ىلع أمالك الساكن من‬
‫أرايض وحقوق ىلع املاء يف ظروف غري مؤطرة قانونيا‪ ،‬أو مؤطرة لصالح الرشكة فقط‪ .‬إن توفري هذه الضمانات‬
‫ُ‬
‫بنصوص قانونية سيعزز من رشعية لك الزتام يتم اختاذه‪ ،‬وباتلايل ثقة الساكن يف القرارات اليت قد تتخذ يف حالة‬
‫االستجابة باملوافقة دلخول الرشكة أو فرضها‪.‬‬

‫‪23‬‬

You might also like