You are on page 1of 44

‫‪:‬عرض مادة القانون المدني المعمق حول‬

‫تحت إشراف األستاذ‪.‬‬ ‫من إعداد الطلبة‪:‬‬

‫د‪ .‬الجياللي أبو حبص‬ ‫محمد العمري‬ ‫بورضو أسماء‬

‫زبيدة السالمي جالل المقدم‬

‫مقدمـــــــــــــــــــــــــــــــــــة ‪:‬‬
‫السنة الجامعية‬
‫‪2012‬م ‪1201 /‬م‬
‫يعتبر الحق في الكراء من بين أهم عناصر األصل التجاري في حالة عدم ملكية مالك هذا األخــير‬
‫للعقــار الــذي أســس عليــه أصــله التجــاري‪ ،‬لكــون العقــار ال يعتــبر عنصــرا من عناصــر ا ألصــل‬
‫التجاري الذي هو مال منقول معنوي ‪.‬‬
‫وقد نصت المادة ‪ 80‬من قانون ‪ 15-95‬بشــأن مدونــة التجــارة الصــادر بتــاريخ ‪ 13‬مــاي ‪،1996‬‬
‫على الحق في الكراء التجاري باعتبــاره العنصــر الثــالث من عناصــر األصــل التجــاري‪ ،‬ونظــرا‬
‫ألهمية هذا العنصــر الـذي قــد يحـدد مصــير هـذا الالصـل وجـودا و عـدما فقـد افــرد لـه المشـرع‬
‫مقتضيات خاصة ترمي إلى حماية المكتري من خالل تنظيم عالقته بالمكري بمقتضى ظهــير ‪24‬‬
‫ماي ‪ 1955‬الذي يضم ‪ 47‬فصـال والـذي جـاء بمقتضـيات مهمـة بديلـة للقواعـد القانونيـة العاديـة‬
‫المتعلقة بإيجار الشيء (سواء كان عقــارا أو منقــوال) حســب الفصــول‪ 626‬إلى ‪ 699‬من ق ل ع‪،‬‬
‫بعدما كان منظما بمقتضى ظهير ‪ 17‬يناير ‪ 1948‬الذي تم إلغاؤه بنص الظهير المذكور‪.1‬‬
‫ويرجع المصدر التاريخي لحماية الكراء التجاري إلى ظهــير ‪ 21‬مــارس ‪ ،1930‬الــذي كــان يقــر‬
‫حماية تماثل حماية المشرع الفرنسي حسب قــانون ‪ 30‬يونيــو ‪ ، 1926‬وبعــدما كشــفت التطبيقــات‬
‫القضائية للمحاكم العصرية المتكونة من قضاة فرنسيين عن مجموعة من الثغــرات في ظهــير ‪17‬‬
‫يناير‪ 1948‬تم سن ظهير ‪ 24‬ماي‪ 1955‬المطابق للقانون الفرنسي المؤرخ في ‪ 30‬يونيو‪.1953‬‬
‫إال أن هذا الظهير لم يفرد تعريفا خاصا بحق الكراء التجاري كما لم تعرفه مدونة التجارة‪ ،‬ليتولى‬
‫ذلك الفقه‪ ،‬إذ عرفه الفقيه المصري احمد محمد محرز بأنه " حق التاجر في البقاء في العقار الذي‬
‫يباشر فيه التجارة والتنازل عن هذا الحق للغير في حالة تصــرفه في المحــل التجــاري" ‪ ،‬وعرفــه‬
‫األستاذ محمد لفروجي بأنه " يقصد بالحق في الكــراء‪ ،‬المنصــوص عليــه في الفقــرة ‪ 2‬من المــادة‬
‫‪ 80‬من مدونة التجارة ضمن العناصــر المعنويـة لألصــل التجـاري‪ ،‬ذلـك الحـق المخـول للتـاجر‪،‬‬
‫المستأجر للعقار الذي يباشر فيــه تجارتــه‪ ،‬من جهــة في البقـاء في هــذا العقـار عن طريــق تمتيعــه‬
‫بتعويض عادل عن اإلخالء في حالة رفض المؤجر تجديــد عقــد الكــراء‪ ،‬عنــد انتهــاء مدتــه‪ ،‬ومن‬
‫جهة أخــرى في التنــازل عن الكــراء للغــير في الحالــة الــتي يعمــد فيهــا الى التصــرف في األصــل‬
‫التجاري بالبيع أو بأحد أوجه التصرف المنصوص عليها في المادة ‪ 81‬من مدونة التجارة‪ ،‬كتقديم‬
‫األصل التجاري حصة في شركة لو بتخصيصه بالقسمة أو المزاد" ‪ ،‬ويعتبر حق الكراء التجاري‬
‫من أهم عناصــر األصــل التجــاري ‪ ،‬إذ يعتــبر التخلي عن الحــق في الكــراء تخليــا عن األصــل‬
‫التجــاري برمتــه إذ ال يتصــور امتالك أصــل تجــاري دون حــق في اإليجــار‪ ،‬فهــو ذلــك العنصــر‬

‫محمد الكشبور‪ ،‬الحق في الكراء عنصر في األصل التجاري‪ ،‬سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة ‪ 2‬مطبعة النجاح الجديدة الطبعة‬ ‫‪-1‬‬
‫االولى ‪..1998‬‬

‫‪2‬‬
‫المعنوي الذي يربط األصل التجاري كمنقول معنوي بالعقار الذي يتأسس عليه هذا األصل بجميع‬
‫عناصره األخرى المادية والمعنوية وهو ما كرسه المجلس األعلى ‪ ،‬وهذا االرتبــاط بالعقــار كــان‬
‫يخضع لمقتضيات القواعد العامة المنصوص عليها بالفصــول من ‪ 626‬إلى ‪ 699‬من ق ل ع قبــل‬
‫أن ينظمه ظهير ‪ 24‬ماي ‪ 1955‬المتعلق بالكراء التجاري والذي لم يعرف أي تعديل منذ صدوره‬
‫رغم التحوالت االقتصــادية والثـورة القانونيـة بـالمغرب ورغم أن بعض مقتضــياته قــد تجاوزتهـا‬
‫المقتضيات القانونية للتنظيم القضائي للمملكة بمقتضــى ظهــير ‪ 30‬شــتنبر ‪ 1974‬إذ لم يعــد هنــاك‬
‫مكان للمحاكم الفرنسية والمحـاكم المخزنيـة المنصــوص عليهـا في ظهـير الكـراء التجـاري‪ ،‬كمـا‬
‫‪2‬‬
‫تجاوزه قانون ‪ 95-05‬المنشئ للمحاكم التجارية‪.‬‬
‫وقــد أوضــح الفصــل األول من ظهــير ‪ 24‬مــاي‪ 1955‬بــأن مقتضــيات الظهــير تطبــق على عقـود‬
‫اإليجار المتعلقة باألماكن المستعملة للتجــارة أو الصــناعة أو الحرفــة الــتي أبــرمت مــع الدولــة أو‬
‫الجماعات العمومية‪ ،‬أو المؤسســات العموميــة في شــان أمالك أو أمــاكن أعــدت لمصــالح وجــدها‬
‫الحال تستغل بمشاركة الدولة إما وقت إبرام العقد أو قبلــه‪ ،‬وكــذا على عقــود إيجــار األمالك الــتي‬
‫تشغلها مؤسسات التعليم أو الصناعيون‪.‬‬
‫وهكذا فانه ال يستفيد من حماية ظهير ‪ 24‬ماي‪ 1955‬سوى األمالك المستعملة للتجارة والصــناعة‬
‫والحرفة‪ ،‬واألماكن الالحقة بها بشرط أن تكون ضرورية الســتغالل تلــك األمــاكن‪ ،‬الشــيء الــذي‬
‫يبعد تطبيق مقتضيات هذا الظهير على عقود اإليجار التي ال يمكن اعتبارها عقود إيجار عقارية‪.‬‬
‫إال أن اكتساب الحــق في الكــراء الــذي يخــول تطــبيق مقتضــيات الظهــير المــذكور على المحالت‬
‫أعاله‪ ،‬قد أحيط بشرط أساسي يتعلق بالمدة الزمنية الــتي يجب أن يعيشــها األصــل التجــاري فــوق‬
‫العقار حتى يكتسب مالكه الحـق في اإليجـار‪ ،‬والـتي حـددت في مـدة سـنتين إذا كـان عقـد الكـراء‬
‫مكتوبا أو أربع سنوات إذا كان العقد شفويا ‪.‬‬
‫لكن اإلشكال يطرح عند عدم تـوفر الشـرط المـذكور في حين يكـون األصـل التجـاري قـد خـاض‬
‫أشــواطا في تأســيس الزبنــاء وابــرام صــاحبه عقــودا للتوريــدات و شــراء معــدات وبضــائع عــبر‬
‫اقتراض مبالغ مهمة عند بداية التأسيس للعمــل التجــاري او حــتى مــرور مــدة زمنيــة لهــا أهميتهــا‬
‫بالمنطق االقتصادي والتجاري وان قلت عن سنتين اذا كــان عقــد الكــراء كتابيــا او قلت عن اربــع‬
‫سنوات ان كان عقد الكراء شفويا‪ ،‬فهل تخضع العالقة الكرائيــة بين مالــك العقــار ومالــك األصــل‬
‫التجاري لمقتضيات القانون المدني باعتبارها الشريعة العامة وبالتالي يبقى مالك األصل التجاري‬
‫تحت رحمة بنود العقـد الـتي تنبـني على الحريـة التعاقديـة طبقـا للفصـل ‪ 230‬من ق ل ع ومن تم‬
‫إمكانيــة وضــع حــد لعقــد الكــراء طبقــا للفصــول ‪ 623‬إلى ‪ 694‬من ق ل ع حســب شــرط المــدة‬
‫‪2‬‬
‫احمد عاصم‪ ،‬الحماية القانونية للكراء السكني والمهني‪ ،‬دار النشر المغربية ‪1996‬‬

‫‪3‬‬
‫المنصوص عليه في العقد ما دام أن المكتري لم يكتسب بعد الحق في الكــراء‪ ،‬وهــو مــا ال يســتقيم‬
‫مع منطق القانون التجاري اللبرالي الــرامي إلى دعم تكــوين الــثروة وتنميتهــا ‪ ،‬أم أن األمــر غــير‬
‫ذلك؟ وهل للقضاء دور في تكريس مخرج قانوني حمائي لألصل التجاري‪ ،‬في هذه الحالـة‪ ،‬وهـل‬
‫حاول هذا القضاء التنسيق بين النصوص القانونية إليجاد نسق منطقي يخلص المكتري ( صاحب‬
‫المشروع االقتصادي) من سيف الحرية التعاقدية ؟‬
‫فقد حاول العمل القضائي بجميع درجاته ضمانا لحماية األصل التجاري الــذي أصــبح إضــافة إلى‬
‫كونه نواة صلبة لالئتمان التجاري والستقرار الشغل ووسيلة لضمان السلم االجتماعي‪ ،‬مــا دام أن‬
‫أي خلل في البنيات االقتصادية ســوف يــؤدي بالنتيجــة إلى انتشــار مظــاهر البــؤس واالضــطراب‬
‫االجتماعي‪ ،‬وهو ما سنحاول مقاربته في معرض هذا العرض‪.‬‬
‫لكن مع توفر الشروط الموجبة لتطبيق مقتضيات ظهير ‪ 24‬ماي ‪ 1955‬يكون المكتري في موقــع‬
‫أكثر حمائية ‪ ،‬إذ تهدف تلك المقتضيات إلى تكريس حماية الملكية التجارية لألصل التجاري الذي‬
‫يكون قد اكتسب سمعة تجارية و زبناء خالل مدة أربع سنوات إذا كان عقد الكراء شــفويا أو أربــع‬
‫سنوات إذا كان العقد شفويا وهو ما قد يزعزع أركان الملكية العقاريــة الــتي ظلت محميــة بأســمى‬
‫قانون في الدولة بمقتضى الفصل ‪ 15‬من الدستور‪ ،‬وحــتى بــالمواثيق الدوليــة كمــا نص على ذلــك‬
‫العهد الدولي المتعلق بالحقوق االقتصادية واالجتماعية لسنة ‪.1966‬‬
‫إال أن تعقد المساطر القانونيـة وإفراطهـا في الشـكليات بضــرورة سـلوك مسـاطر محـددة ومعقـدة‬
‫أحيانا سواء عند الرغبة في إعادة تحديد السومة الكرائية للمحــل المكــرى أو محاولــة إفراغــه‪ ،‬قــد‬
‫يفرغ المظاهر الحمائية لظهير ‪ 1955-05-24‬من محتواها سيما مع الجهــل بالمقتضــيات اآلمــرة‬
‫للظهير التي يترتب عن عدم االنضباط لها سقوط الحق‪.‬‬
‫ومهما يكن فان الظهير المذكور يشكل وحدة متكاملة من قواعـد الشـكل والموضــوع تتناسـق فيمـا‬
‫بينها لتشكل كتلة قانونية تعنى بحق الكراء وبتنظيم العالقة الكرائيـة بين المكـري والمكـتري‪ ،‬لكن‬
‫التطــبيق القضــائي باعتبــاره األداة الحيــة لبث الــروح في النص القــانوني والكشــف عن عوراتــه‪،‬‬
‫والتحليل الفقهي باعتباره آلة التقويم للنص التشريعي والعمل القضائي‪ ،‬قد أبانا عن عدة اختالفــات‬
‫متباينة وأحيانا متضاربة سواء على مستوى محاكم الموضوع في مختلف ربــوع المملكــة أو على‬
‫مســتوى المجلس األعلى وحــتى بين قــرارات المجلس األعلى نفســه‪ ،‬وقــد تكــرس هــذا التضــارب‬
‫واالختالف بشــكل صــارخ بمناســبة البث في تنــازع االختصــاص النــوعي بعــد إنشــاء المحــاكم‬
‫التجارية بمقتضى قانون ‪ 53-05‬بين هذه المحاكم والمحاكم المدنية‪.‬‬
‫وهو ما افرز نقاشا فقهيا خصبا في ردهات المحافل العلمية على مستوى كليات الحقوق والنــدوات‬
‫المنظمة من طرف وزارة العدل والمعهد العالي للدراسات القضائية ‪ ،‬وهــو مــا دفــع المشــرع إلى‬

‫‪4‬‬
‫الدفع بمقترح قانون ألجل تعديل هذا الظهير والذي لم يرى النور بعــد وهــو مــا ســنعرج عليــه في‬
‫حينه‪.3‬‬
‫ومن خالل كــل مــا ســبق تتضــح لنــا أهميــة الموضــوع اعتبــارا ألهميــة حمايــة األصــل التجــاري‬
‫كضمانة لالستقرار االقتصادي والعمالة واالئتمان‪ ،‬الذي ال يتأتى إال برصد المقتضــيات القانونيــة‬
‫الضامنة لهذه الحماية للوقوف على مكــامن الضــعف والقــوة ســواء في النص القــانوني أو تطبيقــه‬
‫القضائي اعتبارا لضرورة الموازنة بين حقوق المكري والمكتري حتى ال يصبح الكراء التجــاري‬
‫نزعا مقنعا للملكية العقارية ولتفادي عزوف مــالكي العقــارات عن كرائهــا وبالتــالي تقليص دائــرة‬
‫االستثمار في دائرة محدودة من الفاعلين االقتصاديين تملك أو قادرة على تملك العقــارات‪ ،‬والــذي‬
‫قد يقلب األهداف المرسومة لحماية األصل التجاري رأسا على عقب‪.‬‬
‫من تم فان اإلشكالية المحورية للموضوع تكمن في مدى الحماية التي يقررهــا المقتضــى القــانوني‬
‫للمكتري في المحالت التجارية استثناءا من القواعد العامة‪ ،‬وكيف جسد القضاء هذه الحمايــة على‬
‫مستوى تطبيقــه لظهــير ‪ 24‬مــاي ‪ 1955‬والمقتضــيات القانونيــة االخــرى الــتي تنظم عقــد الكــراء‬
‫بمقتضى مدونة التجارة ؟‪.‬‬
‫هذا ما سنحاول بسطه في معرض نقط هذا العرض وفق خطة البحث التالية ‪:‬‬
‫مبحث أول ‪ :‬نطاق حماية الكراء التجاري قبل اكتساب الحق في الكراء‬
‫مطلب أول ‪ :‬ضمانات المكتري قبل اكتسابه الحق في الكراء‬
‫مطلب ثاني ‪ :‬حاالت سقوط الضمانات الحمائية للمكتري‪.‬‬
‫مبحث ثاني ‪ :‬ضمانات حماية المكتري عند اكتساب الحق في الكراء‬
‫مطلب أول‪ :‬حدود حماية المكتري خالل مسطرة إفراغ المحالت التجارية‪.‬‬
‫مطلب ثاني ‪ :‬حماية الحق في الكراء بمقتضى مدونة التجارة وقانون المحاكم التجارية‪.‬‬
‫خاتمـــــــــــــــــــــــــــــــــــة‬
‫مبحث أول ‪ :‬نطاق حماية الكراء التجاري قبل اكتساب الحق في الكراء‪.‬‬
‫إن استفادة المكتري من حماية ظهير ‪ 24‬ماي ‪ 1955‬مشروط بقضائه مدة سنتين بالعقــار إذا كــان‬
‫العقد كتابيا أو أربع سنوات إذا كان العقد شفويا‪ ،‬وبعدم توفر الشــرط المــذكور فــان القضــاء اوجــد‬
‫مخرجا قانونيا لضمان حماية المكتري حيادا عن الحرية التعاقدية‪ ،‬فكيف اهتدى القضــاء إلى هــذه‬

‫محمد الكشبور‪ ،‬الحق في الكراء عنصر في األصل التجاري‪ ،‬سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة ‪ 2‬مطبعة النجاح الجديدة الطبعة‬ ‫‪-3‬‬
‫االولى ‪..1998‬‬

‫‪5‬‬
‫الحماية وما هي اآلثار المترتبة عن ذلك‪ ،‬وما هو جزاء إخالل المكتري بالتزاماته القانونيــة خالل‬
‫هذه الفترة ؟‬

‫مطلب أول ‪ :‬الضمانات القانونية المقررة للمكتري قبل اكتساب الحق في الكراء‬

‫‪ -1‬تطبيق ظهير ‪ 1980-12-25‬بدال عن القواعد العامة‪.‬‬


‫لقد حــاول القضــاء التنســيق بين مجموعــة من المقتضــيات قانونيــة لضــمان حــد أدنى من الحمايــة‬
‫لألصل التجاري وان كان مالكه لم يستفد بعد من الحق في الكراء التجاري‪ ،‬وذلك بتقرير استفادته‬
‫من الحماية المقررة لمكتري المحالت من اجل السكنى واالستعمال المهــني بمقتضــى ظهــير ‪-25‬‬
‫‪ ،1980-12‬والتي تخوله حمايــة اكــبر من مقتضــيات ق ل ع الــتي تنبــني على ســلطة بنــود العقـد‬
‫باعتباره شريعة للمتعاقدين طبقا للفصل ‪ 230‬منه‪ ،‬إال أنها حماية اقل ضــمانة من ظهــير ‪-05-24‬‬
‫‪.1955‬‬
‫فقد اهتدى القضاء إلعمال هذه المقتضيات وذلك بخلفية ترجع إلى أن الفصــل ‪ 41‬من ظهــير ‪-24‬‬
‫‪ 1955-05‬يحيــل على تطــبيق ظهــير ‪ 05‬مــاي ‪ 1929‬المتعلــق بكــراء المحالت المعــدة للســكنى‬
‫واالستعمال المهني كلما لم تتوفر شروط تطبيق ظهير ‪ 24‬ماي ‪ ، 1955‬لكن هذا الظهـير المحـال‬
‫عليه قد تم الغاؤه بظهير ‪ 25‬دجنبر ‪ 1980‬الذي نسخ كل مقتضياته ؟‪.‬‬
‫لقد اعتبر القضاء أن ذلك اإللغاء لم يكن ليمحو مقتضيات ظهير ‪ 05‬ماي ‪ 1929‬من الوجود نهائيا‬
‫مــا دام انهــا عوضــت بظهــير ‪ ،1980-12-25‬وبــذلك تكــون مــبررات اإلحالــة تصــدق على هــذا‬
‫الظهير األخير بالتبعية‪ ،‬سيما وان القضاء حاول ربط عالقة مفصلية بين الفصل األول من ظهــير‬
‫الكراء التجاري التي تنص على أن هذا الظهــير يطبــق على مكــتري العقــار ألجــل القيــام بأعمــال‬
‫تجارية سواء كانت هاته األعمــال ترجــع إلى تــاجر أو رب صــنعة أو حرفــة‪ ،‬والفصــل األول من‬
‫ظهير ‪ 25‬دجنــبر ‪ 1980‬المتعلــق بتنظيم العالقــة الكرائيــة للمحالت العــدة للســكنى أو االســتعمال‬
‫المهني الذي ينص على انه "تطبق مقتضيات هذا القانون على أكريــة األمــاكن المعــدة للســكنى أو‬
‫لالستعمال المهني والتي ليس لها طابع تجاري أو صناعي أو حرفي أينما كان تــاريخ بنائهــا إذا لم‬
‫تكن خاضعة لتشـريع خـاص" أي تلـك األكريـة الـتي تتعلـق بمحـل تجـاري لم يكتسـب فيـه مالـك‬
‫األصل التجــاري الحــق في الكــراء مــا دام انــه في بعض الحــاالت‪ ،‬عنــدما يتعلــق األمــر بتأســيس‬
‫األصول التجارية الكبرى‪ ،‬فان إقامة البنيات العمرانية المالئمة لألصل التجاري والحصــول على‬
‫الرخص اإلدارية المتعلقة بالنشاط التجاري وشــراء المعــدات والبضــائع الالزمــة لممارســة بعض‬

‫‪6‬‬
‫األنواع من األصول التجارية كمعامل الخياطــة مثال قــد يســتغرق مــدة تفــوق الســنة ‪ ،‬وبالتــالي ال‬
‫يعقل تجريد صاحبها من أية حماية لالعتبارات السالفة الذكر‪.4‬‬
‫هكذا و حيادا عن القواعد العامة فانه تتم مخاطبــة المكــتري بمقتضــيات ظهــير ‪ 25‬دجنــبر ‪1980‬‬
‫المتعلق بتنظيم العالقة الكرائية للمحالت العدة للسكنى أو االستعمال المهني ‪،‬‬
‫وهو ما كرسه العمل القضائي في ربوع المملكة‪ ،‬مما أتاح للمكتري مجموعة من الضمانات الــتي‬
‫تخوله االستمرار في اعتمار المحل المكرى رغمــا عن بنــود العقـد الــتي تحــدد مــدة عقـد الكــراء‪،‬‬
‫فيتعين على المكري احترام مقتضيات هذا الظهير و إال حق للمكتري مطالبته بتعويضات تختلــف‬
‫بحسب الحاالت‪ ،‬جبرا للضرر الذي قد يتعرض له من جــراء اإلفــراغ‪ ،‬بخالف مقتضــيات قــانون‬
‫االلتزامات والعقود التي تنص على انتهــاء العالقــة الكرائيــة بانتهــاء المــدة المحــددة في العقــد بين‬
‫الطرفين طبقا للفصل ‪ 687‬من ق ل ع‪ ،‬والتي ال تعطي للمكتري أيــة ضــمانات تــذكر إال مــا نص‬
‫عليه العقد‪ ،‬وبذلك تقوض جهوده المبذولة لتأسيس أصله تجاري‪ ،‬وبذلك فان عقد الكــراء ال ينتهي‬
‫بانتهــاء مدتــه وانمــا يسترســل بالمشــاهرة اذا لم يقم المكــري بتوجيــه انــذار للمكــتري بــاالفراغ‬
‫وتصحيحه من طرف المحكمة طبقا للفصلين ‪ 8‬و ‪ 18‬من ظهير ‪.1980-12-25‬‬
‫وتمشيا مع هذا المنطق فقد جاء في قــرار المجلس األعلى عــدد ‪ 1969‬بتــاريخ ‪" 1987-09-21‬‬
‫وحيث انه ما دام األمر كذلك فــان المحــل المطلــوب إفراغــه لم يكن حين المطالبــة بــه قــد اكتســب‬
‫طابعا تجاريا أو صناعيا أو حرفيا هذا الطابع الذي يعتبر شرطا من شروط تطبيق ظهير ‪ 24‬ماي‬
‫‪ 1955‬حسبما ينص عليه الفصل ‪ 1‬منه ممــا يجعلــه ‪ -‬والحالــة هــذه ‪ -‬خاضــعا لقــانون ‪ 25‬دجنــبر‬
‫‪ 1980‬الذي ينص في فصله األول على أن مقتضياته تطبق على أكرية األماكن المعدة للسكنى أو‬
‫لالستعمال المهني والتي ليس لها طابع تجاري أو صناعي أو حرفي أينما كان موقعها وكيفما كان‬
‫تاريخ بنائها إذا لم تكن خاضعة لتشريع خاص" ‪.‬‬
‫كما ان المكري يكون ملتزمـا اتجـاه المكـتري الـذي لم يكتسـب بعـد الحـق في الكـراء‪ ،‬رغمـا عن‬
‫إرادته‪ ،‬بــاحترام مقتضــيات ظهــير ‪ ،1980-12-25‬عنــدما يــرغب في بإنهــاء العالقــة و بــاحترام‬
‫مقتضيات الظهير الشــريف الصــادر بتــاريخ ‪ 2007-11-30‬بتنفيــذ القــانون رقم ‪ 07-03‬المتعلــق‬
‫بكيفية مراجعة اثمان كراء المحالت المعدة للسكنى او االستعمال المهني او التجاري او الصناعي‬
‫او الحرفي ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫احمد عاصم‪ ،‬الحماية القانونية للكراء السكني والمهني‪ ،‬دار النشر المغربية ‪1996‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ -2‬الضمانات المقررة للمكتري عند مراجعة السومة الكرائية ‪:‬‬
‫فطبقا للمواد ‪ 4-3- 2‬من ظهير ‪ 2007-11-30‬فانه ال تتم مراجعة السومة الكرائية اال بعد مرور‬
‫اجــل ‪ 03‬ســنوات على الســومة الســابقة المحــددة اتفاقــا او قضــاءا ‪ ،‬وذلــك بنســبة ‪ % 8‬من قيمــة‬
‫السومة الحالية بالنسبة للمحالت السكنية وال يستفيد المكري للمحل التجاري من الزيادة بنســبة ‪10‬‬
‫‪ %‬اال اذا كان العقد كتابيا لكون هذه النسبة ال تطبق اال عندما يكتسب المكــتري الحــق في الكــراء‬
‫بمرور سنتين عن عقد الكراء‪.‬‬
‫ويمكن للطرفين االتفـاق على نسـبة غـير النسـبة المحـددة من طـرف المشـرع وكـذا على شـروط‬
‫مراجعة ثمن الكـراء طبقـا للمـادة ‪ 2‬من الظهـير مـا عـدا شـرط مـرور ثالث سـنوات اذ ال يجـوز‬
‫االتفاق على مدة اقل‪ ،‬وهو ما يشكل ضمانة الستقرار المكتري التاجر بالمحل المكرى‪.‬‬
‫وتنص المادة السادسة على تخصيص المكــتري بامتيــاز إمكانيــة طلب مراجعــة الســومة الكرائيــة‬
‫طبقا للفصلين ‪ 660‬و ‪ 661‬من ق ل ع كلما تعيبت العين المكراة بشكل يقلل من االنتفاع بها او لم‬
‫تتضمن الوصف الموعود في العقد ‪ ،‬وذلك بقدر النقص الحاصل في االنتفاع ‪.‬‬
‫وتفاديا إلرهاق المكتري المقبل على استعمال العقــار ســواء للســكنى ( أو التجــارة)‪ ،‬فانــه ال يمكن‬
‫للمكري تحت طائلة بطالن الشرط أن يلزم المكــتري حين تســلمه للمحــل بــأداء كفالــة تفــوق مبلــغ‬
‫وجيبة شهر كضمان لتأدية الكراء‪ ،‬أو للتعويض عن األضرار التعسفية التي قــد يحــدثها المكــتري‬
‫في األماكن المكراة‪ ،‬وترد هذه الكفالة إلى المكتري عند مغادرته المحل بعد تنفيذ جميع التزاماته‪.‬‬

‫‪ -3‬ضمانات المكتري خالل مسطرة إنهاء العالقة الكرائية ‪:‬‬


‫ينص الفصل ‪ 8‬من ظهير ‪ 1980-12-25‬على انه " ال ينتهي عقد كراء األماكن المشار إليهــا في‬
‫الفصــل األول أعاله خالفــا لمقتضــيات الفصــول ‪ 687‬و‪ 688‬و‪ 695‬و‪ 697‬والفقــرة الثانيــة من‬
‫الفصل ‪ 698‬من الظهير الشريف الصادر في تاسع رمضان ‪ 12( 1331‬غشت ‪ )1913‬المتعلــق‬
‫بقانون االلتزامات والعقود ورغم كــل شــرط مخــالف إال بعــد اإلشــهار بــاإلفراغ وتصــحيحه عنــد‬
‫االقتضاء طبقا للشروط المشار إليها في هذا الباب"‪.‬‬
‫ذلك انه يتعين إشعار المكري للمكتري برغبته في إفراغه من المحل قبــل ثالثــة أشــهر من انتهــاء‬
‫العالقة الكرائية ووفق شكليات دقيقـة تقـترب إلى حـد مـا من شـكليات ظهـير ‪ 1955-05-24‬وان‬
‫كــانت تختلــف عنهــا من حيث المضــمون‪ ،‬فطبقــا للفصــل ‪ 9‬من ظهــير الكــراء الســكني يجب أن‬
‫يتضمن اإلشعار بــاإلفراغ تحت طائلــة البطالن مجمــوع المحالت المكــراة بكافــة مرافقهــا وبيانــه‬
‫لألســباب المثــارة من طــرف المكــري مــع اإلشــارة إلى أجــل ثالثــة أشــهر على األقــل‪ ،‬ليتم تبلغــه‬
‫للمكتري برسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل أو بإحدى الطرق المشار إليها في الفصول ‪ 37‬و‬

‫‪8‬‬
‫‪ 38‬و‪ 39‬من قانون المســطرة المدنيــة‪ ،‬ويعتــبر تــاريخ التســليم بالبريــد أو بكتابــة ضــبط المحكمــة‬
‫المختصة بداية لإلشعار باإلفراغ‪.‬‬
‫إال أن تبليغ اإلنذار ينطوي على مجموعـة من اإلشــكاالت العمليــة الــتي تنتج اثــر تحايــل المكــري‬
‫الراغب في إفراغ المكتري في مواجهــة الضــمانات المقــررة لــه كمــا تمت اإلشــارة لــذلك‪ ،‬والــتي‬
‫حاول القضاء معالجتهــا في غيــاب للنص التشــريعي‪ ،‬فقــد قضــى المجلس األعلى في قــراره عــدد‬
‫‪ 1995‬بتـــاريخ ‪ 1986-09-10‬انـــه يجب طبقـــا للفصـــل ‪ 6‬من ظهـــير ‪ 1955-05-24‬أن يثبت‬
‫المكري أن المكتري توصل بصك اإلنذار وليس بمجرد ظرف بريدي وان توصل المكــتري بهــذا‬
‫الظرف ال يفترض حتما انه كان بداخله صك اإلنذار‪.‬‬
‫وطبقا للفصــل ‪ 10‬من ظهــير ‪ 1980-12-25‬إذا رفض المكــتري اإلشــعار بــاإلفراغ صــراحة أو‬
‫ضمنا وذلك ببقائه في المحل بعد مضي أجله أمكن للمكري أن يرفــع األمـر إلى القاضــي ليصــرح‬
‫عند االقتضاء بتصحيح اإلشعار والحكم على المكــتري أو من يقــوم مقامــه أو بإذنــه بــاإلفراغ مــع‬
‫ضمان مستحقات المكتري في التعويض المقرر اعتبارا للسبب المبرر لطلب اإلفراغ‪.5‬‬
‫والمحكمة ال تحكم باإلفراغ إال إذا توفرت الشروط الموضوعية والشكلية لطلب اإلفراغ‬
‫فال يمكن للقاضــي تصــحيح اإلشــعار بــاإلفراغ إال إذا كــان المكــري يــرغب في اســتغالل المحــل‬
‫للسكنى بنفسه أو أصوله أو فروعه المباشــرين أو المســتفيدين – إن كــانوا – من الوصــية الواجبــة‬
‫المؤسسة بمقتضى الفصل ‪ 266‬وما يليه من مدونة األحوال الشخصية‪ ،‬وبعد توفر شــرطين اثــنين‬
‫بأن يكون المحل المطلوب إفراغه ملكا للمكري منذ ثالث سنوات على األقــل من تــاريخ اإلشــعار‬
‫باإلفراغ‪ ،‬تفاديا للمضاربة على االرتفاع المطرد لقيمة العقار ولسومة الكرائية ‪ ،‬والــذي من شــأنه‬
‫زعزعة مركز المكتري باعتباره الطرف الضعيف في المعادلة الكرائية‪ ،‬كما ربط المشرع ســبب‬
‫اإلفراغ بشرط أخــر يقــارب بين األولويــات االجتماعيــة وذلــك بــأن يكــون المكــري أو أصــوله أو‬
‫فروعه حسب األحوال ال يشغلون سكنا في ملكهم وكافيا لحاجياتهم العادية‪ ،‬وهــو المقتضــى الــذي‬
‫افرز عدة صعوبات على المستوى التطــبيقي‪ ،‬إذ كيــف يمكن تحديــد الحاجيــات العاديــة ؟ فمــا هــو‬
‫كاف بالنسبة لشخص معين قد ال يكون كافيــا بالنســبة لشــخص أخــر اعتبــارا لمركــزه االجتمــاعي‬
‫(نوع العمل أو الوظيفة) أو العائلي ( عدد األبناء أو الزوجات) وما هو الحال في حالة الرغبــة في‬
‫إسكان زوج المكري الذي قد يكون يعمل بعيدا عن بيت الزوجيــة في حين أن الــزوج المكــري لــه‬
‫محل مكرى في مكان عمل زوجه‪ ،‬ما دام أن النص القانوني لم ينص على استفادة الزوج من هــذا‬

‫‪5‬‬
‫عبد الفتاح بنوار‪ ،‬مجموعة قانون األعمال‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الطبعة األولى ‪.2000‬‬

‫‪9‬‬
‫المقتضى ؟ كما يطرح إشكال إثبات المكتري لتوفر المكري على محل كــافي لحاجياتــه خصوصــا‬
‫إذا لم يكن المحل المطلوب إثبات وجوده محفظا ؟‬
‫وال يعفى المكري من إثبات الشرطين المذكورين إال إذا عرض على المكتري سكنا موازيا للمحل‬
‫المطلوب إفراغه بنفس الشروط ونفس القيمة الكرائيـة‪ ،‬وهـو مـا ال يـراهن عليـه المكـرون عمليـا‬
‫ألنهم لن يجــازفوا بتكــرار نفس التجربــة مســتقبال ســيما وان مســطرة اإلفــراغ غالبــا مــا تنتهي‬
‫‪6‬‬
‫بخصومة بين الطرفين نظرا لتعدد المساطر القانونية بشأنها‪.‬‬
‫إال انه هناك حاالت لإلفراغ غير مقيدة بالشرطين المذكورين نص عليهما المشرع في الفصل ‪15‬‬
‫من ظهير ‪ ،1980-12-31‬لكن المشـرع أحاطهـا بضـمانات هامـة لفائـدة المكـتري‪ ،‬فقـد جـاء في‬
‫الفصل المذكور انه " يتعين تصحيح اإلشــعار بــاإلفراغ إذا كــان هــدم المحــل أو إدخــال تغيــيرات‬
‫هامة عليــه ضــروريا‪ ،‬وفي هــاتين الحــالتين يحظى المكــتري باألســبقية للرجــوع إلى المحــل بعــد‬
‫إصالحه أو إعادة بنائه بشرط أن يستعمل هذا الحق داخل الشهرين المواليين إلشعار من المكــري‬
‫و إال سقط حقه " وذلك بعد إخبار المكري له قبل نهاية اإلصالح أو البناء بشهرين بإحدى الطرق‬
‫المشار إليها في الفقرة األولى من الفصل العاشر من الظهير‪ ،‬ويتم تحديد الكراء الجديد سواء كان‬
‫باتفاق الطرفين أو بحكم القاضي مجموع الصـائر والتغيـيرات المدخلـة على المحـل ورأس المـال‬
‫المستثمر‪.‬‬
‫كما يلزم المكري في حالة تصحيح اإلشعار باإلفراغ ‪ -‬مــا لم يكن هــذا التصــحيح ناشــئا عن خطــأ‬
‫ارتكبه المكترى– أن يؤدي زيادة على صائر االنتقال مقابل إثبـات تعويضـا مبلغـه وجيبـة الكـراء‬
‫لمدة ستة أشهر حسب آخر سومة كرائية أداها المكتري‪ ،‬وبخصوص هذه الحالة فقد أصبح يطرح‬
‫إشكال إثبات هذه السومة إذا كان العقد شفويا ولم يكن المكري يسلم وصوالت الكراء للمكــتري إذ‬
‫يحاول المكري إثبات سومة منخفضة عن السومة الفعلية لكي يسلم المكتري تعويضا اقل في حين‬
‫يحاول المكتري إثبات سومة اكبر من السومة الفعلية ليسـتفيد من تعـويض اكـبر سـيما مـع تعـديل‬
‫الفصل ‪ 443‬من ق ل ع الذي كان يحصر اإلثبــات بشــهادة الشــهود لالتفاقــات الــتي من شــأنها إن‬
‫تعدل االلتزامــات أو الحقــوق في مبلــغ ‪ 250‬درهم لتمتــد هــذه اإلمكانيــة حــتى مبلــغ ‪10.000,00‬‬
‫درهم وهو ما يفتح الباب بين الطرفين لمحاولة إثبات ادعاءاتهما‪.7‬‬

‫‪6‬‬
‫عبد الفتاح بنوار‪ ،‬مجموعة قانون األعمال‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الطبعة األولى ‪.2000‬‬

‫‪7‬‬
‫محمد الفروجي‪ ،‬التاجر وقانون التجارة بالمغربن سلسلة الدراسات القانونية ‪ ، 1‬مطبعة النجاح الجديدة الطبعة االولى ‪.1997‬‬

‫‪10‬‬
‫لكنه إذا كان سبب اإلفراغ المستند عليه والــذي أدى إلى إفــراغ المكــتري ســببا غــير حقيقي‪ ،‬فانــه‬
‫يحق للمكتري بعد إفراغه‪ ،‬باختياره تبعا لإلشعار‪ ،‬أو تنفيـذا للحكم القاضـي بتصـحيح اإلنـذار‪ ،‬أن‬
‫يطالب المكرى بتعويض يعادل الضرر الــذي لحقــه إذا ثبت أن الســبب غــير مطــابق للواقــع وهــو‬
‫التعويض الذي تقرر فيه المحكمة استنادا إلى سـلطتها التقديريـة‪ ،‬إال انـه نـادرا مـا يلجـأ المكـتري‬
‫المحكوم عليه باإلفراغ إلى ممارسة هذا الحق نظرا للجهل بهــذا المقتضــى أو رغبــة منــه في طي‬
‫المساطر القضائية التي أرهقت كاهله عند مطالبته باإلفراغ‪.‬‬
‫وعلى العكس من هذا الزخم من الضمانات القانونية المخولة للمكتري ( المكتري التــاجر الــذي لم‬
‫يكتسب الحق في الكــراء) ‪ ،‬فــان موقعــه القــانوني قــد يكــون هشــا وتتالشــى الضــمانات والحقــوق‬
‫المخولة له‪ ،‬ويعفى المكـري من المسـاطر المعقـدة عنـد المطالبـة بإفراغـه إذا مـا أخـل بالتزاماتـه‬
‫المحددة قانونا بمقتضى الفصل ‪ 692‬من ق ل ع وحالة توليــة الكــراء والتخلي عنــه طبقــا للفصــل‬
‫‪8‬‬
‫‪ 19‬من ظهير ‪ ، 1980-12-25‬وهو ما سنتطرق له في النقطة التالية‪.‬‬

‫مطلب ثاني ‪ :‬حاالت سقوط الضمانات الحمائية للمكتري‪.‬‬


‫يتعلق األمر في هاته الحاالت إما بإخالل المكتري بالتزام قانوني منصوص عليــه في ظهــير ‪-25‬‬
‫‪ 1980-12‬وقانون االلتزامات والعقود أو مخالفة بند تعاقدي يمنع تولية الكراء للغير‪.‬‬

‫‪ -1‬حالة إخالل المكتري بالتزاماته القانونية‪.‬‬


‫لقد وضع المشرع حــدودا للحمايــة المقـررة للمكــتري بمقتضــى ظهــير ‪ 1980-12-25‬و الــذي لم‬
‫يكتسب بعد الحــق في الكــراء تفاديــا لعــدم تعســفه اتجــاه المكــري ومحاولــة منــه لضــمان نــوع من‬
‫التوازن في عالقة الطرفين حقا والتزاما‪ ،‬وذلك إذا ما تجاوز الحدود المرسومة له بنص القــانون‪،‬‬
‫بارتكاب فعل ممنوع قانونا أو اإلخالل بالتزام يفرضه القــانون‪ ،‬األمــر الــذي قــد يعفي المكــتري ‪،‬‬
‫أحيانا‪ ،‬من سلوك المسطرة المشار إليها أعاله ودون استحقاق المكتري ألي تعويض‪.‬‬
‫فقد جاء في نص المادتين ‪ 9‬و ‪ 12‬من ظهير ‪ 1980-12-25‬بأنــه يمكن للقاضــي وبصــفة خاصــة‬
‫تصحيح اإلشعار في األحوال المشار إليها في الفصل ‪ 692‬من ق ل ع والتي تتعلق بثالث حاالت‬
‫أولهما إذا استعمل المكتري المحل في غير ما اعد له بحسب طبيعته‬
‫أو بمقتضــى االتفــاق‪ ،‬وثانيهمــا إهمالــه للعين المكــراة على نحــو يســبب ضــررا كثــيرا للمكــري‪،‬‬
‫وثالثهما إذا لم يؤد الكراء الذي حل اجل أدائه‪.‬‬

‫‪ 8‬عبد السالم الزوير‪ ،‬االختصاص النوعي للمحاكم التجارية و اشكالياته العملية‪ ،‬مكتبة دار السالم الرباط ‪.2004‬‬
‫‪11‬‬
‫وكل حالة من الحاالت المذكورة تطرح إشكاالت عملية مصدرها احتدام صراع القوة بين طــرفي‬
‫العالقة الكرائية‪ ،‬فالمكري يريد التخلص من المكتري بأقل تكلفة والمكــتري يريــد ترســيخ مــوطئ‬
‫قدمه بالمحل المكرى سيما اذا كان يمارس التجارة بالمحل ومقبل على اكتســاب الحــق في الكــراء‬
‫الذي يخوله ضمانات أكثر حصانة له‪ ،‬لذلك يحاول إيجاد مخــرج لتورطــه في خطــأ ارتكبــه اتجــاه‬
‫المكري أو اتجاه العين المكراة‪.‬‬
‫‪ -‬فبالنسبة الستعمال المكتري المحل في غير ما أعد له بحسب طبيعتــه أو بمقتضــى االتفــاق ‪ ،‬قــد‬
‫يعكس إشكاالت عملية تتمثل في تفسير ما هي حدود ما اعد له المحل بحسب طبيعتــه أو بمقتضــى‬
‫االتفاق‪ ،‬ذلك انه قد يعد المحل لتجارة معينة كتجارة المواد الغذائية ويقوم المكتري بتغيــير نشــاطه‬
‫لتجارة العقاقير فيتقدم المكري ويطالب المكتري باإلفراغ لكون المحل قد استعمل في غير ما اعــد‬
‫له بمقتضى االتفاق في حين انـه ال ضــرر للمكـري في ذلـك‪ ،‬فالقضــاء ذهب إلى رفض مثـل هـذا‬
‫الطلب استنادا إلى عدم ثبوت الضرر بالنسبة للمكري في مقابــل جســامة الضــرر الــذي قــد يلحــق‬
‫بالمكتري إن هو افرغ المحل ‪.‬‬
‫لكنه في الحالة المعاكسة فقد يعمد المكري إلى استغالل المحل المكرى في غير ما أعد لــه بحســب‬
‫طبيعتــه أو بمقتضــى االتفــاق بشــكل يضــر بــالمكري فقــد يكــري مالــك المحــل محلــه على أســاس‬
‫استعماله كصيدلية ليفاجأ باستعماله مخبزة بما يقتضي ذلك من تغيــير في بنيــات المحــل ومــا ينتج‬
‫عن ذلــك من أضــرار صــحية عنــد اســتعمال آليــات لهــا تــأثير صــحي ســيما إذا لم يقم المكــتري‬
‫باالحتياطات التقنية المتمثلـة في الحائـط العـازل للحـرارة إذا كـان المكـري يسـكن بجـواره أو في‬
‫الطابق العلوي للمحل المكرى‪ ،‬ففي مثل هاتــه الحالــة يقضــي القضــاء بــاإلفراغ اســتنادا على هــذا‬
‫المقتضى القانوني‪.‬‬
‫‪ -‬فبالنسبة لحالة إهمال المكري للعين المكراة على نحو يسبب ضررا كثيرا للمكري طبقــا للفصــل‬
‫‪ 12‬من ظهير ‪ 1980-12-31‬التي تحيل على الفصل ‪ 692‬من ق ل ع‪ ،‬فتتمثل في قيام المكتري‪-‬‬
‫مثال ‪ -‬بمغادرة المحل وتركه معرضا لإلهمال والتآكل بسبب عوامل طبيعيـة ممـا قــد يفقـده قيمتـه‬
‫المادية أو التجارية إذا كان محال معدا للتجارة باندثار عنصر الزبناء وبالتــالي الســمعة التجاريــة‪،‬‬
‫ويمكن تصور مسألة اإلهمال في صــورة تــرك المحــل دون اســتغالل لمــدة طويلــة او عــدم القيــام‬
‫بأعمال الصيانة التي يلزم بها المكتري او االستعمال المفرط للعين المكراة طبقا للفصــل من ‪663‬‬
‫من ق ل ع‪.‬‬
‫ويصــعب تصــور إهمــال المكــتري للعين المــراة في صــورته األولى المتمثلــة في عــدم اســتغالل‬
‫المحل‪ ،‬لون االمريقتصر على المدة التي يطبق فيها ظهير ‪ 1980-12-25‬والــتي تقــل عن ســنتين‬
‫أو أربع سنوات من عقد الكراء حسب األحوال‪ ،‬وانــه يفـترض أن تطــول المــدة على إهمــال العين‬

‫‪12‬‬
‫المكراة حتى تشكل سببا لإلفراغ وان كان باإلمكان تصور هذه الحالة عندما يكون العقد شفويا مــا‬
‫دام انه يتم تطبيق مقتضيات الظهير أعاله حتى حدود أربــع ســنوات من العقــد‪ ،‬ليتم االحتكــام بعــد‬
‫ذلك لمقتضيات ظهير ‪ 1955-05-24‬والتي تنص على نفس المقتضى حسب مــا ســنتناوله بمزيــد‬
‫من التدقيق في المبحث الثاني‪.‬‬
‫ويرجع تقدير وقائع هذا السبب من أسباب اإلفراغ في هــذه الحالــة الختصــاص الســلطة التقديريــة‬
‫للقضاء اعتبارا لطبيعة اإلهمال وكــذا درجــة تــأثيره على المحــل المكــرى إمــا اســتنادا إلى شــهادة‬
‫الشهود أو شهادة إدارية تعتمد على بحث السلطة الملية أو باالستعانة بالخبرة لتحديد ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬بالنسبة لحالة عدم أداء الكراء الذي حل اجل أدائه ‪ :‬فإنهــا تعتــبر أهم حــاالت المطالبــة بــاإلفراغ‬
‫المعروضة أمــام المحــاكم ســواء للمحالت التجاريــة أو المحالت الســكنية‪ ،‬لكن األمــر يختلــف من‬
‫حيث مســطرة اإلفــراغ بين المحالت األولى والثانيــة‪ ،‬إال أننــا ســنركز على وضــعية المحالت‬
‫السكنية على اعتبار أنها هي موضوع الدرس في هذا المطلب‪ ،‬في حين سنتطرق لحالــة المحالت‬
‫التجارية في المطلب الثاني‪ ،‬هكذا فإذا كان المحــل يخضــع لظهــير الســكنى ســواء كــان تجاريــا لم‬
‫يكتسب الحق في الكراء أو كان سكنيا‪ ،‬فان المشرع أعفى المكري من مسطرة اإلنذار المنصوص‬
‫عليها بالفصل ‪ 9‬من هذا الظهير‪ ،‬بموجب الفصل ‪ 12‬التي ينص على انه " يمكن للقاضي وبصفة‬
‫خاصة تصحيح اإلشعار في األحوال المشار إليها في الفصل ‪ 692‬من الظهــير الشــريف الصــادر‬
‫في ‪ 9‬رمضان ‪ 12( 1331‬غشــت ‪ )1913‬المتعلــق بقــانون االلتزامــات والعقــود وكــذا إذا ادخــل‬
‫‪9‬‬
‫المكتري تغييرات على المحل أو تخلى عنه أو واله لغيره والكل دون موافقة المكرى"‪.‬‬
‫فبمجرد ثبوت التماطل طبقا للفصلين ‪ 254‬و‪ 255‬من ق ل ع ‪ ،‬عن طريق طلب توجيه إنــذار من‬
‫اجل أداء الوجيبة يقدم لرئيس المحكمة‪ ،‬ويبلغ للمكتري عن طريق مفوض قضائي مع إمهاله أجال‬
‫محددا على األقل في ‪ 15‬يوما ‪ ،‬وعدم إثبات المكتري ألدائه لواجبات الكراء أو إيداعها بصــندوق‬
‫المحكمة يكون التماطل ثابتا وتقضــي المحكمـة بـاإلفراغ للتماطـل الـذي ينفـذ بـالقوة العموميـة إذا‬
‫أصبح الحكم نهائيا ورفض المكتري التنفيذ‪ ،‬في حين أن ضمانات المكتري في هذا الخضــم تكــون‬
‫أثر صالبة في ظهير ‪ 1955-05-24‬كما سنرى‪.‬‬
‫وقد يتحايل المكري ويقوم بتوجيه اإلنذار عن طريق البريد المضمون طبقا للفصــل ‪ 39‬من ق م م‬
‫لكن الطي يكون فارغا‪ ،‬فالقضاء قد عالج ذلك فألزم المكري بإثبات توصل المكتري بصك اإلنذار‬
‫ال بالظرف البريدي درءا منه للتحايل على مسطرة اإلفراغ‪.‬‬
‫لكن األمر يكتسي نوعا من التعقيد‪ ،‬بشكل أثر على مواقف القضــاء‪ ،‬في الحالــة الــتي يرجــع الطي‬
‫من إدارة البريد بكونه غير مطلوب‪ ،‬هل يمكن اعتبــاره توصــال وبانصــرام اجــل ‪ 15‬يومــا يكــون‬
‫‪9‬‬
‫عبد السالم الزوير‪ ،‬االختصاص النوعي للمحاكم التجارية و اشكالياته العملية‪ ،‬مكتبة دار السالم الرباط ‪.2004‬‬

‫‪13‬‬
‫المكتري في حالة مطل يبرر إفراغه وفق المسطرة المشار إليها آنفا ؟ في حين أنه قد يكون غائبــا‬
‫أثناء استدعاءه من طرف إدارة البريد لتسلم الطي‪ ،‬ويواجه بالتالي بـدعوى قـد تهـز أركـان أصـله‬
‫التجاري( أو محلـه السـكني) دون علم منـه والحـال انـه كـان بإمكانـه أداء الواجبـات الكرائيـة في‬
‫األجل المحدد له وتفادي اإلفراغ‪ ،‬أم اعتباره غير متوصل بشكل قانوني وبالتالي ال يمكن اعتبــاره‬
‫متماطال ‪ ،‬ويبقى المكري محروما من واجبات الكراء الـتي قـد تكـون المصـدر الوحيـد لعيشـه‪ ،‬و‬
‫تحت رحمة توصل المكتري الذي قد يتفادى التوصل بالطي من إدارة البريد إذا علم بأنه إنذار لــه‬
‫باألداء لواجبات الكراء ويبقى يساوف في القيام بالتزامه األصلي بأداء واجبــات الكــراء ومســتفيدا‬
‫من منافع العين المكراة التي قد تكون مصدر تكوين ثروته‪.‬‬
‫فبعض القضاء ذهب إلى اللجوء إلى مسطرة تعيين قيم في حق المكتري طبقا للفصــل ‪ 39‬من ق م‬
‫م للبحث عن المكتري المتغيب والــدفاع عنــه‪ ،‬وهي مســطرة نــاذرا مــا تــؤت أكلهــا وإنمــا تتخــذها‬
‫المحكمة لتجهيز الملف فقط لكونه يتعذر القيام بها وفق الشكل القانوني العتبارات موضوعية ‪.‬‬
‫واإلشكال األخر المتعلق بهذه الحالة يتمثل فيما إذا ما بادر المكتري إلى عرض وإيداع مبلغ كراء‬
‫يقل عن المبلغ المطالب به على أساس انه يكتري بسومة اقــل عنـدما يكـون العقـد شـفويا وبالتـالي‬
‫تكون السومة الكرائية غير ثابتة‪ ،‬فالقضاء ذهب إلى اعتبار اإليداع الجزئي لمبلــغ الكــراء فانــه ال‬
‫ينفي التماطل تمشيا مع مقتضيات الفصل ‪ 254‬من ق ل ع‪ ،‬إال أن المكري قد يستغل هذا الموقــف‬
‫ويقوم بتضخيم السومة الكرائية في اإلنذار بشكل تعجيزي لتوريط المكتري في مسطرة اإلفراغ ؟‬
‫إن الحل القــانوني يقتضــي من المكــتري إيــداع كــل المبــالغ المطلوبــة بصــندوق المحكمــة لتفــادي‬
‫اإلفراغ والمبادرة إلى إجراء حجز تحفظي على المبالغ المودعة استنادا إلى مقال ينازع بمقتضــاه‬
‫في المبالغ المطلوبة لكون السومة الكرائية اقل مما يطالبه به المكري والمطالبة باســترجاع المبلــغ‬
‫‪10‬‬
‫الزائد بعد إثبات ادعاءاته طبعا‪.‬‬

‫‪ -2‬حالة تولية الكراء والتخلي عنه ‪:‬‬


‫لقـد منــع الفصــل ‪ 19‬من ظهــير ‪ 1980-12-25‬المكــتري من التخلي عن كــراء العين المكــراة أو‬
‫توليتها للغير ‪ ،‬بتمكين الغير من اعتمارها أكثر من ثالثة أشهر متتابعة اللهم إال إذا ثبت ما يخالف‬
‫ذلك‪ ،‬كيفما كان نوع التخلي أو التولية وذلك خالفا لمقتضــيات الفصــل ‪ 668‬من الظهــير الشــريف‬
‫المتعلق بااللتزامات والعقود اللهم إال إذا ورد في عقد الكراء نص مخـالف أو وافـق المكـري على‬
‫ذلك كتابة‪ ،‬وذلك بخلفية طغيان الطابع الشخصي في العالقة الكرائية للمحالت السكنية‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫محمد المجدوبي االدريسي ‪ ،‬المحاكم التجارية بالمغرب دراسة تحليلية نقذية الطبعة االولى مطبعة بابل للطباعة والنشر ص ‪.88‬‬

‫‪14‬‬
‫وفي حالة عدم منع المكري للمكـتري من ذلـك فانـه يسـتدعى المكـري ليشـارك في العقـد‪ ،‬حسـب‬
‫الكيفيـات المنصـوص عليهـا في الفصـول ‪ 37‬و‪ 38‬و‪ 39‬من قـانون المسـطرة المدنيـة أو برسـالة‬
‫مضمونة مع اإلشعار يخبره بمقتضاها برغبته في التخلي عن الكراء أو توليته للغير‪ ،‬و إذا رفض‬
‫المكــري المشــاركة في العقــد أو لم يجب داخــل ثالثين يومــا ابتــداء من تــاريخ توصــله باإلشــعار‬
‫يصرف النظر عن رغبته‪.‬‬
‫و إذا كان ثمن تولية الكراء يفوق وجيبة الكراء األصلية للجزء الذي وقعت توليته فللمكري الحــق‬
‫في زيادة الوجيبة األصلية بقدر ذلـك‪ ،‬وإذا لم يتم االتفـاق على الزيـادة في الكـراء أو على شـروط‬
‫التخلي أو التولية فان المحكمة تبت في األمر بناء على طلب احد الطرفين‪.‬‬
‫إال انه إذا اخل المكتري بااللتزام بعدم تولية الكراء أو التخلي عنه خـارج الحـاالت أعاله فانـه من‬
‫حق المكري إفراغ المكتري األصلي والمكتري الفـرعي الــذي يعتــبر محتال بــدون ســند‪ ،‬لكن مــع‬
‫احترام الشكليات القانونية المنصوص عليها في الباب األول والثاني من الظهير‪.‬‬
‫هكذا نكون قد تعرضنا لمجمل الضمانات التي قررها المشرع والعمل القضائي بشأنها‪ ،‬في الحالة‬
‫التي يكون فيها المكتري لم يكتسب الحق في الكراء التجــاري بعــد‪ ،‬لعــدم انصــرام المــدة القانونيــة‬
‫(ســنتين أو أربــع ســنوات حســب األحــوال) وخضــوع العالقــة الكرائيــة بين المكــري والمكــتري‬
‫لمقتضيات ظهير ‪ 1980-12-25‬الذي يضمن لــه طــوق النجــاة من مقتضــيات قــانون االلتزامــات‬
‫والعقود‪ ،‬فما هي الضمانات المقررة للمكتري في حالــة اكتســابه لألصــل التجــاري وكيــف تعامــل‬
‫القضاء مع اإلشكاالت القانونية بشأنها‪.‬‬
‫مبحث ثاني ‪ :‬ضمانات حماية المكتري عند اكتساب الحق في الكراء ‪.‬‬
‫فبعدما يكتسب المكتري الحق في الكراء باستيفائه للمدة القانونية بالعقار المكرى الذي يســتغل فيــه‬
‫أعمال تجارية ‪ ،‬يكون المكتري قد انتقل إلى بــر األمــان الــذي يعطيــه مزيــدا من الضــمانات الــتي‬
‫تحمي استقراره التجاري وهي ضمانات قــد أشــير إلى بعضــها في المطلب األول على اعتبــار أن‬
‫كل من ظهير ‪ 1980-12-25‬المتعلق بالكراء السكني والمهــني وظهــير ‪ 1955-05-24‬قــد نصــا‬
‫على نفس البنود في بعض الحاالت‪ ،‬لكننا سنحاول التطرق لتلك الضــمانات والضــمانات األخــرى‬
‫بمنظــور مشــرع ظهــير ‪ 1955-05-24‬مــع معالجتهــا بنــوع من التركــيز ارتباطــا مــع التطــبيق‬
‫القضائي واإلشكاليات العملية المترتبة عن ذلك‪ ،‬كمـا نتطـرق لحـدود تلـك الضـمانات فيمـا يتعلـق‬
‫‪11‬‬
‫بإفراغ المحالت التجارية‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪Georges Repert ,René Roblot, traite de droit commercial tome 1 , 16 édition, librairie générale de‬‬
‫‪droit et de jurisprudence , e t a 1996, Paris.‬‬

‫‪15‬‬
‫مطلب أول‪ -‬حدود حماية المكتري خالل مسطرة إفراغ المحالت التجارية‪.‬‬
‫لقد أفرط ظهير الكراء التجاري بخالف ظهير الكراء الســكني والمهــني في تعــداد الشــكليات الــتي‬
‫يجب على كل من المكري والمكتري احترامهــا لضــمان حقوقــه ‪ ،‬حــتى أن ذلــك اإلفــراط يــؤدي‪،‬‬
‫أحيانا‪ ،‬إلى ضياع تلك الحقوق لما يفرضه من إلمام دقيق وحنكة في فهم النص القانوني واالطالع‬
‫الواسع على االجتهاد القضائي وعلى اآلراء الفقهية‪ ،‬كما قرر ضمانات موضوعية لجــبر الضــرر‬
‫الحاصل له من جراء اإلفراغ في حدود وحاالت معينة‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬الضمانات المسطرية والموضوعية لحماية المكتري عند المطالبة باإلفراغ‪.‬‬


‫‪ -1‬الضمانات المسطرية ‪:‬‬
‫أ‪ -‬الضمانات المتعلقة بنص اإلنذار ‪:‬‬
‫لقد عرف األستاذ محمد الكشبور اإلنذار بكونه "عبارة عن تصرف قانوني بإرادة منفردة‪ ،‬يخضع‬
‫مبدئيا للقواعد التي تحكم التصرفات االنفرادية‪ ،‬وبواسطته يعــبر المكــري عن إرادتــه لوضــع حــد‬
‫لعقد الكراء" ‪.‬‬
‫وقد اعتمــد ظهــير ‪ ،1955-05-24‬بخالف مقتضــيات ق ل ع و ظهــير ‪ ،1980-12-25‬مســطرة‬
‫خاصة إلنهاء عقود اإليجــار‪ ،‬إذ ال يمكن وضــع حــد لهــا إال بتبــاع خطــوات معينــة وفــق شــكليات‬
‫خاصة‪ ،‬فبدايــة يلــزم المكــري بتوجيــه إنــذار إلى المكــتري وفقــا لمســطرة الفصــل ‪ 39‬من ق م م‪،‬‬
‫ومنحه اجل ‪ 6‬أشهر تبدأ من تاريخ استالم اإلنذار وانه ال يعتد بأي اتفاق يخالف المــدة المــذكورة‪،‬‬
‫كما انه بخالف القواعـد العامـة ل ق ل ع فانـه المجـال للتجديـد التلقـائي لعقـد الكـراء لكـون عقـد‬
‫الكراء يستمر بالمشاهرة وال يتجدد إال في حاالت خاصة ينص عليه العقد أو القانون وفق شكليات‬
‫معينة سنتطرق لها في حينها‪.‬‬
‫كما يجب أن يكون اإلنذار موقعا من طرف المكري شأنه شأن المذكرات المدلى بها خالل سريان‬
‫الدعوى طبقـا للفصــل ‪ 32‬من ق م م‪ ،‬حــتى يعــبر عن جديتــه في طلب اإلفــراغ وإال كــان اإلنــذار‬
‫باطال ‪ ،‬إال انـه من جهـة أخـرى فـان المشـرع لم يحـدد لغـة اإلنـذار والـذي قـد يحـرر بلغـة غـير‬
‫العربية‪ ،‬فتدخل القضاء وجعل من اإلنذار المكتوب باللغة الفرنسية إنذارا صحيحا ومنتجــا ألثــاره‬
‫القانونية بعلــة أن قــانون التعــريب في فصــله األول يقصــر إجباريــة اســتعمال اللغــة العربيــة على‬
‫المذكرات فقط وعلى اعتبار أن اإلنذار يعتبر وثيقة من وثائق الملف يعبر من خاللها المكري عن‬

‫‪16‬‬
‫رغبته في إنهاء العالقة الكرائية ال غير‪ ،‬حسب ما جاء في قرار للمجلس األعلى تحت عــدد ‪778‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪.1980-10-22‬‬
‫ويتم توجيه اإلنذار إما برسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصــل أو طبقــا للفصــول ‪ 39-38-37‬من‬
‫ق م م ‪ ،‬لكنه لقطع الطريق عن أية دفوعات عقيمــة‪ ،‬بين المكــري الــذي قــد يــدعي انــه قــد ضــمن‬
‫الظرف البريدي وثيقة اإلنذار رغم انه في الواقع قد يرسله فارغــا تحــايال على المكــتري‪ ،‬أو دفــع‬
‫المكتري بأنه توصل بـالغالف البريـدي فارغـا رغم انـه توصــل فعال باإلنـذار بداخلـه‪ ،‬وصــعوبة‬
‫إثبات ذلك من طرف المكري‪ ،‬وبالتالي تمطيط المساطر القضائية اســتغالال لثغــرات قانونيــة‪ ،‬من‬
‫تم تبقى الوسيلة الناجعة لتفـادي ذلــك هــو توجيــه اإلنــذار بعــد استصــدار أمــر بتوجيهــه من رئيس‬
‫المحكمــة طبقــا للفصــل ‪ 148‬من ق م م وتبليغــه للمكــتري طبقــا للفصــول ‪ 39-38-37‬من ق م م‬
‫بواسطة مفوض قضائي الذي يحـرر محضـرا في الموضـوع ال يتم الطعن فيـه إال بـالزور ‪ ،‬وفي‬
‫نظرنا المتواضع فانــه حــان الــوقت ليتــدخل المشــرع لســد للثغــرات التــدخل لفــرض إلزاميــة هــذه‬
‫‪12‬‬
‫المسطرة للتبليغ‪.‬‬
‫كمـا يجب أن يتضــمن اإلنـذار نص الفصــل ‪ 27‬من الظهـير واألسـباب المـبررة لإلفـراغ وإذا مـا‬
‫توصل المكتري بإنذار ال يتضــمن مقتضــيات الفصــل ‪ 27‬ولم يبــادر إلى رفــع دعــوى الصــلح في‬
‫ظرف اجل ‪ 30‬يوما المنصوص عليها في الفصل ‪ ،27‬فان له أجال مفتوحا لتسجيل دعواه بتجديــد‬
‫العقد من غير أن يحق للمكري الدفع بسقوط الحق لفوات األجل المذكور‪ ،‬كما انــه يتعين أن تحــدد‬
‫أسباب اإلفراغ بشكل دقيــق حــتى يمكن للمكــتري المنازعــة في صــحتها ويمكن للمحكمــة مراقبــة‬
‫صحة ادعاء كال الطرفين‪ ،‬لما قد يترتب على صحة اإلنذار شكال وصحة أسبابه من آثــار قانونيــة‬
‫قد تمحو أثر الملكية التجارية لصالح الملكية العقارية بإفراغ المكتري من العقار واندثار ما راكمه‬
‫المكتري من ثروات بأصله التجاري‪ ،‬أو الحصول على تعويض محدد وفق الحــاالت المنصــوص‬
‫عليها قانونا‪ ،‬إال أن المشرع المغــربي بخالف الفرنســي لم يــرتب جــزاء بطالن اإلنــذار اثــر عــدم‬
‫انضباط المكري لهــذا المقتضــى وإنمــا رتبت عنــه جــزاء عــدم مواجهــة المكــتري بأجــل الســقوط‬
‫المنصوص عليه بالفصل ‪ 30‬من الظهير‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى فقد اعتبر القضاء أن ســلوك المكــتري لمســطرة الصــلح يســقط حقــه في التمســك‬
‫بالــدفع بــان اإلنــذار لم يتضــمن نص الفصــل ‪ 27‬من الظهــير مــا دام أن الغايــة من النص على‬
‫مقتضــيات الفصــل المــذكور في صــلب اإلنــذار‪ ،‬والمتمثلــة في اخبــار المكــتري باجــل ‪ 30‬يومــا‬
‫للمنازعة في أسباب اإلنذار‪ ،‬قد تحققت فعال بتقديمــه لــدعواه‪ ،‬كمــا جــاء في قــرار للمجلس األعلى‬
‫عدد ‪ 837‬بتاريخ ‪ 2003-07-02‬ملف مدني عدد ‪. 852/2002‬‬
‫‪12‬‬
‫‪.‬المجلة المغربية لالقتصاد والقانون المقارن العدد ‪ 23‬الصادرة عن كلية الحقوق بمراكش ‪1995‬‬

‫‪17‬‬
‫كما استوجب المشرع أن يتضمن اإلنذار األسباب الــتي يســتند عليهــا المكــري للمطالبــة بــاإلفراغ‬
‫حتى يتأتى للمحكمة التأكد من شرعيتها وحفظ حقوق المكتري في البقاء في المحــل او تمكينــه من‬
‫التعويض المستحق له‪.‬‬
‫لكن القضاء اختلف في تحديد آثار عدم تسبيب اإلنذار أو عدم جدية األسباب الواردة فيه‪ ،‬فمنه من‬
‫اتجه إلى اعتبار ذلك سببا إلبطال اإلنذار ومنه من اعتبره مبررا لمنح التعويض الكامــل للمكــتري‬
‫وفقا للفصل ‪ 10‬من الظهير وقد انتهى قضاء المجلس األعلى إلى مسايرة الطرح الثــاني فقــد جــاء‬
‫في قرار المجلس األعلى عدد ‪ 1190‬بتاريخ ‪ 1999-7-28‬في الملف التجاري عدد ‪ 884/98‬بأنه‬
‫إن كان السبب المعتمد في اإلنذار غير صحيح فان ذلك ال يؤدي إلى الحكم بإبطاله وإنمــا إلى منح‬
‫المكتري تعويضا كامال عن اإلفراغ‬
‫لكن هذا التوجه تعترضه عدة اكراهات منها ما هو قانوني ومنها ما يرتبــط بفلســفة ظهــير الكــراء‬
‫التجاري‪ ،‬فمن الناحية القانونية فانه ال يوجد نص قانوني بظهير الكراء التجــاري يعطي للمحكمــة‬
‫الحق في الحكم بالتعويض الكامل للمكتري عنـد بطالن اإلنـذار وفي المقابـل فانـه للمحكمـة إثـارة‬
‫بطالن اإلنذار تلقائيا ما دام أن إثارة البطالن هو من صميم النظام العام وال تتقيد المحكمــة بــدفوع‬
‫األطراف إلثارته‪ ،‬كما انه ال يمكن للمحكمة أن تغيير موضوع الدعوى وفرض التعويض الكامــل‬
‫على المكري في حين أن إرادته اتجهت إلى توجيه إنذار للمكــتري بنــاءا على ســبب إذا مــا أقرتــه‬
‫المحكمة فانه يعفى من أداء التعويض الكامل أو أداء تعويض جزئي فقط‪ ،‬واعتبارا لفلسفة مشــرع‬
‫ظهير الكراء التجاري فان هذا الظهير سن لحمايــة المكــتري وضــمان اســتمرار العالقــة الكرائيــة‬
‫وبالتـالي الـدورة االقتصـادية‪ ،‬وبـذلك فمسـايرة موقـف المجلس األعلى سـيؤدي إلى قلب المعادلـة‬
‫لصالح المكري وإنهاء عقود الكراء التجاري التي هي أساس تأسيس األصول التجارية خاصة في‬
‫عصر األثمان الباهضة للعقار التي يصعب معها تملك عقارات بالشكل المناســب إلقامــة مشــاريع‬
‫‪13‬‬
‫اقتصادية‪ ،‬واعتبارا للسياسة العامة للبالد الرامية إلى تشجيع المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪.‬‬

‫ب‪-‬الضمانات خالل مسطرة إجراء الصلح ‪:‬‬


‫يتعين على المكـتري لضـمان حقوقـه عنـدما يتوصـل باإلنـذار القـانوني أن يبـادر إلى تقـديم طلب‬
‫تجديـد عقــد اإليجار تطبيقـا للفصل ‪ 27‬من الظهيــر الذي ينص انه على المكتري الذي ينازع في‬
‫صــحة أســباب اإلفــراغ الــواردة باإلنــذار أو في رفض المكــري تجديــد عقــدة الكــراء أو المطالبــة‬
‫بالتعويضات المقررة له قانونا أو لرفضه شـروط تجديـد العقـد المقترحـة من طـرف المكـري‪ ،‬أن‬
‫يرفع النازلة إلى رئيس المحكمة االبتدائية للمكان الموجود فيه الملــك‪ ،‬وذلــك في ظــرف اجــل ‪30‬‬

‫‪ 13‬المجلة المغربية لالقتصاد والقانون المقارن العدد ‪ 23‬الصادرة عن كلية الحقوق بمراكش ‪.1995‬‬

‫‪18‬‬
‫يوما تحسـب من يـوم توصــله بـاإلعالم المطـالب فيـه بـاإلفراغ ‪ ،‬ليقـوم رئيس المحكمـة بمحاولـة‬
‫التوفيق بين الطرفين بعد استدعائهما وإجراء جلسة صلح حضوريا‪ ،‬وإذا ما تخلــف المكــتري عن‬
‫حضور جلسة الصلح فانه يعتبر كأنه تنازل عن طلب تجديد العقد وبالتالي يحرم من حماية ظهــير‬
‫‪ 1955-05-24‬وهو مــا توجــه إليــه المجلس األعلى ‪ ،‬ومن رائينــا انــه كــان يتعين تفســير ســكوت‬
‫المشرع عن ترتيب جزاء عن تخلف المكـتري للصـلح بأنـه يقبـل الشـروط الجديـدة المقترحـة من‬
‫طرف المكري اعتبـارا للطـابع الحمـائي لظهـير الكـراء التجـاري للمكـتري واعتبـارا للضــمانات‬
‫الهشة التي تخولها مســطرة التبليــغ طبقــا للفصــول ‪ 39-08-27‬من ق م م والــتي ال تلــزم بــالتبليغ‬
‫للمكتري شخصيا ‪ ،‬وتفاديا للثغرات المتعلقة بالتبليغ بالبريد المضمون كما تمت اإلشارة لذلك‪.‬‬
‫بينما اذا تخلف المكري عن الحضور فانه يعتبر موافقة منه لتجديد عقد االيجار‪.‬‬
‫لكن اذا حضر الطرفان وفشلت محاولة الصلح يصــدر رئيس المحكمــة‪ ،‬باعتبــاره قاضــي للصــلح‬
‫وليس محكمة موضوع قــرارا بفشــل محاولــة الصــلح ‪ ،‬والــذي يبلــغ للمكــتري بطلب من المكــري‬
‫ويبقى له اجل ‪ 30‬يوما لتقديم دعواه في الموضوع أمام المحكمة‪ ،‬ويترتب عن عــدم احــترام اجــل‬
‫‪ 30‬يوما من طرف المكــتري ســقوط حقــه على اعتبــار انــه في حكم المتنــازل عن تجديــد العقــدة‪،‬‬
‫ويعتبر تواجـده بالمحـل حينئـذ احتالال بـدون سـند قـانوني‪ ،‬أو انـه عـدل عن المطالبـة بـالتعويض‬
‫المترتب عن اإلفراغ او انه قابل بالشروط المقترحة عليه إلبرام عقد جديد اذا كان المكري يوافــق‬
‫‪14‬‬
‫على التجديد بشروط معينة‪.‬‬

‫‪ -2‬الضمانات الموضوعية المتعلقة بسبب اإلفراغ ‪:‬‬


‫تتمثل هذه الضمانات عموما في حــق المكــتري بالحصــول على تعــويض يختلــف بــاختالف ســبب‬
‫االفراغ الذي تقره المحكمة عند ثبوته‪ ،‬فقد يكون التعويض جزئيا او كامال‪.‬‬
‫فبعد فشل محاولة الصلح بين المكري و المكتري كما أوضحنا سالفا فانه للمكــتري التقــدم بــدعوى‬
‫في الموضوع ألجل المطالبة بالتعويض لدى المحكمة االبتدائية لموقع العقار المكــرى خالل اجــل‬
‫‪ 30‬يوما طبقا للفصل ‪ ،32‬وفي حاالت استحقاق التعويض للمكتري فانــه ال يمكن إفراغـه إال بعــد‬
‫إثبات أداءه التعويض المستحق له مناولة أو بإيداعه بصندوق المحكمة‪ ،‬هذا التعويض الذي يحــدد‬
‫إما استنادا إلى السومة الكرائية في حالة التعويض الجزئي أو بواســطة خــبرة في حالــة التعــويض‬
‫الكامل ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ندوة عمل المجلس االعلى والتحوالت االقتصادية واالجتماعية المنظمة من طــرف المجلس االعلى بتــاريخ ‪-20-18‬دجنــبر‪1997‬‬
‫بالرباط بمناسبة تخليد الذكرى االربعينية لتأسيسه ‪ ،‬مطبعة االمنية الرباط‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫أ – حالة استحقاق المكتري للتعويض الكامل‪: 15‬‬
‫فطبقا للفصل للفصل ‪ 10‬من الظهير يستحق المكتري تعويضــا كــامال عن إفــراغ المحــل المكــرى‬
‫يوازي قيمة االسم التجاري مــا لم يثبت المكــري أن الضــرر أقــل من ذلــك‪ ،‬إذا مــا تــبين أن ســبب‬
‫اإلفراغ باإلنذار غير صحيح أو أن اإلنذار ال يتضمن أي سبب‪ ،‬هكذا فقــد جــاء في قــرار للمجلس‬
‫األعلى عــدد ‪ 2362‬بتــاريخ ‪ " 1985-10-09‬وحيث انــه حقــا فمــا دام أن الطــاعن بصــفته مالكــا‬
‫للمحل الذي رفض تجديد كرائه للمطعون ضده أبدى استعداده ألدائه لهذا األخير التعويض الكامل‬
‫عن الضرر الذي يسبب فيه إفراغـه للمحـل المكـترى طبقـا للفصـل العاشـر من ظهـير ‪-24‬مـاي‪-‬‬
‫‪ 1955‬فلم يكن هناك محل لمناقشة سبب الرفض الذي ليس من األسباب التي تنص عليها الفصول‬
‫‪ 16-12-11‬والتي هي وحدها الممكن المنازعة فيهــا من طــرف المكــتري لكونهــا قــد تحرمــه من‬
‫التعويض كامال أو جزئيا"‪ ،‬لكنه قد يثار اإلشكال إذا كان األصل التجاري قد انــدثر فــأي تعــويض‬
‫كامل يستحق للمكتري في حين أن أساس تقـديره قـد انـدثر؟ فقـد قضـى المجلس األعلى في نازلـة‬
‫تتعلق باإلشكال المطروح في قراره عدد ‪ 441‬بتاريخ ‪ " 1989-02-15‬وحيث أن التعــويض عن‬
‫رفض تجديد العقد رهين بوجود عناصر األصل التجاري الــتي تتــأثر بــاإلفراغ وان المحكمــة لمــا‬
‫قضت للمكتري بالتعويض عن رفض تجديد العقد اســتنادا إلى العلــل المشــار إليهــا أعاله المتســمة‬
‫بالعموميــات دون أن تنــاقش وتجيب عن الــدفع الخــاص بــأن المكــتري لم يعــد يمــارس أي نشــاط‬
‫تجاري بالعين المكراة وانه يكتفي بقبضه األكرية عن الدكاكين التي يمارس فيها أصحابها أنشــطة‬
‫تجارية مختلفة يكون قضاؤها ناقص التعليل ينزل منزلة انعدامه مما يعرض قرارها للنقض"‪.‬‬
‫ويرجع تقدير التعويض للمحكمة استنادا إلى سلطتها التقديرية ‪ ،‬لكنـه غالبـا مـا يتم الحكم وفــق مـا‬
‫تنتهي إليه الخبرة المنجزة في الموضوع بناءا على أمــر المحكمــة طبقــا للفصــول من ‪ 59‬إلى ‪63‬‬
‫من ق م م وان كانت هذه الخبرة غير ملزمة بشكل تام للمحكمة التي يمكنها المصادقة عليها جزئيا‬
‫إذا ما تبين لها بعد البحث مع الخبير إن اقتضى الحال عدم األخذ بها في مجملهــا‪ ،‬في هــذا الصــدد‬
‫قضى المجلس األعلى في قراره عدد ‪ 476‬بتاريخ ‪ " 1990-02-28‬لكن حيث ان مبلغ التعــويض‬
‫المحكوم به عن إفراغ الطاعن للمحل موضوع النزاع يخضــع لتقــدير المحكمــة الــتي اســتندت في‬
‫تحديده الى العناصر التي تضمنها محضر الخبرة التي أمرت بها المحكمة والتي أفادتها بما مكنهــا‬
‫من تحديد التعويض عن الضرر في المبلغ المحكــوم بــه وســلطة المحكمــة في هــذا الخصــوص ال‬
‫تخضع لمراقبة المجلس األعلى ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫مجلة المحاكم التجارية العدد ‪ 4-3‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬وزارة العدل الرباط ‪.2009‬‬

‫‪20‬‬
‫ونشير انه يمكن للطرفين االتفاق على التعويض عن اإلفراغ بإرادتهما خــارج مقتضــيات الفصــل‬
‫‪16‬‬
‫‪ 10‬من الظهير وتكتفي المحكمة بالتصريح بالتعويض المتفق عليه ‪.‬‬

‫ب – التعويض الجزئي في حالة الهدم إلعادة البناء‪.‬‬


‫إن الفصــل ‪ 12‬من ظهــير ‪ 24‬مــاي‪ 1955‬ينص على أن لصــاحب الملــك الحــق في رفض تجديــد‬
‫العقدة لكونه يريد هدم الملك وإعادة بنائه بعــد حصــوله على شــهادة إداريــة من المجلس الجمــاعي‬
‫الــذي يقــرر في ذلــك بنــاء على تقريــر من الجنــة التقنيــة المعنيــة بــاألمر‪ ،‬شــريطة أدائــه للمكــري‬
‫تعويضا قدره قيمة كراء ثالث سنوات حسب آخر سومة كرائية‪ ،‬ويكــون المكــتري ملزمــا بإعــادة‬
‫البناء وعدم احترامه لهذا االلــتزام يــترتب عنــه أداء التعــويض عن الضــرر الحاصــل لــه‪ ،‬إال انــه‬
‫للمكتري الحــق في االســتمرار بالمحــل إلى حين الشــروع في عمليــة الهــدم‪ ،‬ويتمثــل الشــروع في‬
‫عملية الهدم في تهيئ ورشة البناء بعد موافقة السلطة المحلية المختصة ‪ ،‬يبقى للمكتري الحــق في‬
‫االلتجاء إلى محكمة الموضوع قصد تحديد التعويضات المحتملة في حالة وقوع تدليس من طرف‬
‫المالك وذلك طبقا للفصل ‪. 20‬‬
‫ونشير إلى الضمانة المخولة للمكتري والمتمثلة في حقــه في الرجــوع للمحــل المكــرى بعــد إعــادة‬
‫بنائه‪ ،‬وفق مسطرة خاصة تتمثل في قيام المكــتري بتوجيــه إنــذارا بواســطة رســالة مضــمونة مــع‬
‫إشعار بالتوصل أو بواسطة كتابة الضبط طبقا للفصول ‪ 39-38-37‬من قــانون المســطرة المدنيــة‬
‫في ظرف ‪ 3‬أشهر ابتداء من مغادرته للمحل يعبر فيه عن رغبته في االستفادة بحــق األســبقية مــع‬
‫تحديد عنوانه لكي يراسله المالك عند نهاية األشغال لكونه ملزم قانونا بهذا اإلخبار ليعـرض عليـه‬
‫إيجار البناء بواسطة رسالة مضمونة الوصول مع اإلشعار بالتوصل‪ ،‬أو بواسطة كتابة الضــبط و‬
‫ويمنحه اجل ‪ 3‬أشهر لإلفصاح عن نيته في اكتراء المحــل الجديــد ‪ ،‬وموقــف المكــتري المفـرغ ال‬
‫يخرج عن ثالث فرضيات‪:‬‬
‫أولها ‪ :‬الرد على اإلنذار بالقبول وبالتالي عقد جديد وفق شروط جديدة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ثانيهما ‪ :‬رده على االنذار بــرفض الشــروط الجديــدة وتمســكه بحــق األســبقية في الرجــوع‬ ‫‪‬‬
‫للمحل ومن تم تبقى إمكانية اللجوء إلى قاضي الصلح إلجراء محاولة الصلح بينهمــا خالل‬
‫اجل ‪ 30‬يوما ابتداء من تاريخ توصله باإلشعار من المالك‪ ،‬وان رئيس المحكمة يقــرر في‬
‫الشروط الجديدة بقرار يقبل طرق الطعن‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬سكوت المكري عن الجواب وعدم تقدمه بصلب إجراء الصلح في األجل القانوني‬ ‫‪‬‬

‫‪16‬‬
‫مجلة المحاكم التجارية العدد ‪ 4-3‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬وزارة العدل الرباط ‪.2009‬‬

‫‪21‬‬
‫يكون معه في حكم المتنازل عن حقه في الرجوع للمحل‪.‬‬
‫و إذا أخل المالــك بالضــمانات المقــررة للمكــتري المفــرغ فانــه يكــون مســئوال مــدنيا عن الضــرر‬
‫الحاصل له‪ ،‬ويبقى للمحكمة تقـدير التعــويض عن ذلــك الضــرر‪ ،‬وال يتقـادم حقـه هــذا إال بمــرور‬
‫سنتين من علمه بانتهاء عملية البناء وتقاعسه عن المطالبة بالتعويض‪ ،‬لكن‬
‫هذه الضمانات المقررة لحماية المكتري قد تفرغ من محتواها إذا قرر المالك بناء المحل في شــكل‬
‫ال يصلح معه للتجارة لكونه غير ملزم بإعادة البناء على الشكل الذي كــان عليــه قبــل الهــدم أو في‬
‫شكل يصلح معه لممارسة التجارة التي كان يمارسها المكـتري قبـل الهـدم ‪ ،‬ذلـك أن اغلب المالك‬
‫يقومون بإعادة بناء المحالت في شكل عمارات سكنية‪ ،‬وهو واقع حال المدينة الجديدة بمكنــاس إذ‬
‫أصبح مالك المحالت العقارية القديمة التي كانت في شكل قيالت مكراة لبعض أنواع من التجــارة‬
‫والحرف ( مستودعات للبضائع‪ ،‬محالت إصالح السيارات وبيع قطع الغيار ‪ ...‬الخ ) ‪ ،‬يتهــافتون‬
‫من اجل استصدار أحكام باإلفراغ من اجــل الهــدم وإعــادة البنــاء‪ ،‬من اجــل بنــاء عمــارات ســكنية‬
‫بعدما رخصت السلطات المختصة بالتعمير بهذا النوع من البناء مما مكنهم من جني أربــاح هامــة‬
‫في مقابل التعويض الضئيل الــذي يمنح للمكــترين المحكــوم بــإفراغهم في حين أن بعضــهم قضــى‬
‫سنين طويلة بالمحل المكرى قد تفوق األربعين سنة‪ ،‬وهو واقع يقتضي تدخل المشرع لتجاوز هذه‬
‫المفارقة بتقرير بتعويض المكتري المفرغ بشكل يتناسب وحجم الضرر الفعلي الالحق به والــربح‬
‫الهام الذي يجنيه المالك من إفراغه‪.‬‬
‫وقد أشار مشرع ظهير ‪ 1955-05-24‬إلى حالة أخرى من اإلفراغ ذات طبيعة خاصة تتمثــل في‬
‫رفع بنايات الملك وهو افراغ مؤقت لسنتين كحد اقصى‪ ،‬يحق للمكتري الرجوع بعدها للمحــل مــع‬
‫تعويضه بتعويض يعادل قيمة الكراء لسنتين مع بقاءه في المحل إلى حين البدء في أعمــال التعليــة‬
‫‪17‬‬
‫طبقا للفصل ‪ 15‬من الظهير‪.‬‬

‫ج‪ -‬التعويض الجزئي عن اإلفراغ لالحتياج للسكنى‪.‬‬


‫لقد قرر المشرع في الفصل ‪ 16‬من الظهير وتقديرا منه للقيمـة االجتماعيـة للملكيـة العقاريـة حـق‬
‫المالك في إفراغ المكتري‪ ،‬مقابل أداء تعويض يتمثل في قيمــة كــراء خمس ســنوات وفــق شــروط‬
‫محدد كالتالي ‪:‬‬
‫‪ -‬أن يكون اإلفراغ يرمي إلى استرجاع المحل لسكنى المالك أو زوجته أو والديه أو احد‬
‫منهما‪ ،‬أو أوالده أو والد زوجته‪ ،‬أو أوالد زوجته‪.‬‬

‫‪ 17‬مجلة القانون االقتصادي العدد ‪ 1‬دجنبر ‪ 2007‬مطبوعات الهالل وجدة ‪.2007‬‬


‫‪22‬‬
‫‪ -‬يجب أال يتوفر أي من األشخاص المذكورين على سكنى تكفي الحتياجه العادي‪ ،‬و أن المحكمــة‬
‫هي التي ستقدر هــذا االحتيــاج‪ ،‬وتجــدر اإلشــارة إلى اإلشــكاالت العمليــة لإلثبــات في هــذه الحالــة‬
‫عندما يدفع المكتري بتوفر الشخص المعني من األشــخاص المــذكورين على محــل للســكنى كــاف‬
‫الحتياجه العادي ومالبسات تقدير هذا االحتياج كما تمت اإلشارة إلى ذلك في المطلب األول ‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن يكون اإلفراغ للسكنى موافقا لالستغالل العادي للمكان‪.‬‬
‫‪ -‬أن تكون مالئمة المحــل ليصــبح صــالحا للســكنى ســيتم في شــكل تحســينات في شــكل تحســينات‬
‫وإصالحات ال في شكل بناء‪ ،‬وان المحكمة هي التي ستقدر طبيعة هذه اإلصالحات‪.‬‬
‫‪ -‬مرور ثالث سنوات على تملك المالك للمحل ليحق له المطالبة باإلفراغ لهذا السبب‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫‪ -‬استعمال المحل لسكنى المستفيد من هذا اإلفراغ شخصيا وفعليا‪.‬‬
‫وان كل أخالل من المالك بهذا الشرط األخير يشكل تدليسا للمكتري الــذي حــرم من االســتفادة من‬
‫العين المكــراة لســبب غــير قــانوني‪ ،‬يســتحق التعــويض عن الضــرر النــاتج عنــه كمــا يجب على‬
‫المستفيد شغل السكنى لمدة ست سنوات بعد اإلفراغ بستة أشهر وعدم بيع أو إيجــار المحــل للغــير‬
‫بعد إفراغ المكتري‪ ،‬مالم يثبت المالك انه تعذر عليه االلتزام بالشــروط المــذكورة ألســباب تخــرج‬
‫عن إرادته يرجع الحســم فيهــا لمحكمــة الموضــوع كانتقــال من مدينــة ألخــرى تطبيقــا لمقتضــيات‬
‫الوظيفة العمومية او لمرض او انتقال إلجراء أبحاث علمية في بلد أجنبي مثال‪.‬‬
‫وتجــدر اإلشــارة الى مبــدأ فريــد أورده الفصــل ‪ 30‬من ظهــير ‪ 1955-05-24‬والمتعلــق "بحــق‬
‫التوبة" والـذي مفـاده انـه للمكـري لتفـادي أداء التعويضـات المحكـوم عليـه بأدائهـا للمكـتري‪ ،‬ان‬
‫يتراجع عن رفضه تجديد عقد الكراء وعن طلب االفراغ‪ ،‬بشرط أداءه صــائر الــدعوى والموافقــة‬
‫على تجديد عقد الكـراء‪ ،‬شـريطة اشـعار المكـتري بـذلك في اجـل ‪ 30‬يومـا من تـاريخ صــيرورة‬
‫الحكم نهائيــا ‪ ،‬على أن ال يثبت المكــتري قــد قــام بــاكتراء أو اقتنــاء محــل غــير المحــل موضــوع‬
‫الدعوى‪ ،‬فقد قضت محكمة االستئناف التجارية بمراكش في قرارهــا عــدد ‪ 242‬بتــاريخ ‪-02-14‬‬
‫‪ 2008‬ملف رقم ‪ 1269‬على انه من الشــروط األساســية لممارســة حــق التوبــة اإلعالن الصــريح‬
‫للمكري عن موافقته على قبول تجديد العقد‪ ،‬و يتعين أن يكون عرض التجديد الذي يقدمه في هــذه‬
‫اإلطار عرضا جديا و نهائيا غير قابل للتراجع عنــه مهمــا كــانت األعـذار و المــبررات‪ .‬في حالـة‬
‫قبول التوبة و تجديد العقد بناء على ذلك و اختالف الطـرفين حـول الشـروط الجديـدة‪ ،‬يوكـل أمـر‬
‫تحديد هذه الشروط للمحكمة التي تبت وفق أحكام الفصل ‪ 30‬من ظهير‪.1955-05-24‬‬

‫‪ 18‬مجلة القانون االقتصادي العدد ‪ 1‬دجنبر ‪ 2007‬مطبوعات الهالل وجدة ‪.2007‬‬

‫‪23‬‬
‫ثانيا – حاالت سقوط الضمانات المقررة للمكتري‪.‬‬
‫فمبدئيا فان المشرع اقر للمكتري بالضمانات أعاله مراعاة لالعتبــارات االقتصــادية واالجتماعيــة‬
‫للمكتري باعتباره صاحب ملكية تجارية‪ ،‬لكن األمر ال يبقى على إطالقه‪ ،‬ألنه إلى جــانب الملكيــة‬
‫التجارية للمكتري هناك ملكية عقارية أصــيلة للمكــري يتعين حفــظ قدســيتها الدســتورية ومراعــاة‬
‫حقــوق صــاحبها الــذي جــازف بكرائهــا وبالتــالي يعتــبر مســاهم غــير مباشــر في تأســيس األصــل‬
‫التجاري وتحريك الدورة االقتصادية وإنتاج الثروة‪.‬‬
‫لذلك نص الفصل ‪ 11‬من الظهير على أسباب موضوعية تتعلق بالعين المكراة وأســباب شخصــية‬
‫ترجع لشخص المكتري بتحققها يحق للمكري إفراغ المكتري دون إلزامه بأي تعويض‪.‬‬
‫‪ -1‬أسباب اإلفراغ التي ترجع لشخص المكتري ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬حالة إخالل المكتري بالتزام قانوني أو عقدي ‪:‬‬
‫لقد طرحت أمام القضاء عدة دفوعات تتعلــق بمــدى اعتبــار الحــاالت المنصــوص عليهــا بالفصــل‬
‫‪ 692‬من ق ل ع تدخل ضمن السبب الخطير المنصــوص عليــه بالفصــل ‪ 11‬من ظهــير ‪-05-24‬‬
‫‪ 1955‬أم ال أم أن للمكــري الخيــار بين ســلوك المســطرة النصــوص عليهــا ب ق ل ع أم مســطرة‬
‫ظهير ‪1955-05-24‬؟ ولتقريب الصورة من األذهـان نـورد نص الفصــل ‪ 692‬من ق ل ع الـذي‬
‫الذي جاء فيه " للمكري فسخ عقد الكراء مع حفظ حقه في التعويض إن اقتضى األمر ‪:‬‬
‫‪ -‬إذا استعمل المكتري الشيء المكترى في غير ما اعد له بحسب طبيعته او بمقتضى االتفاق‪.‬‬
‫‪ : -‬إذا أهمل الشيء المكترى على نحو يسبب له ضررا كثيرا‪.‬‬
‫‪ : -‬اذا لم يؤد الكراء الذي حل اجل ادائه"‪.‬‬
‫في حين ينص الفصل ‪ 26‬من ظهــير ‪ 1955-05-24‬على أن " كــل بنــد يــدرج في العقــدة وينص‬
‫على فسخها بموجب الحق إذا لم يؤد ثمن الكراء عند حلول التواريخ المتفق عليها ال يكون ســاري‬
‫المفعول اال بعد ‪ 15‬يوما تمضي على تاريخ إنذار يوجه للمكتري ويبقى بدون جواب ‪. " ...‬‬
‫و ينص الفصــل ‪ 6‬من ظهــير ‪ 1955-05-24‬على انــه " ال ينتهي العمــل بعقــود كــراء األمــاكن‬
‫الخاضعة لمقتضيات هذا الظهير إال إذا وجــه للمكــتري طلب بــاإلفراغ قبــل انقضــاء العقــدة بســتة‬
‫اشهر على االقل وذلك دون التفات الى أي شـرط تعاقـدي مخـالف لمـا ذكـر وحيـادا عن الفصـول‬
‫‪ 687‬و ‪ 688‬و ‪ 689‬من الظهـير الشـريف الصــادر في ‪ 12‬غشـت ‪ 1913‬المعتـبر بمثابـة قــانون‬
‫لاللتزامات والعقود "‪.‬‬
‫فإذا قاربنا مقتضيات الفصول المــذكورة فانــه ال يمكن إيــراد أي شــرط بالعقــد من شــأنه أن يحــرم‬
‫المكتري من الضمانات المقررة بظهير ‪ 1955-05-24‬وانه ال يمكن اعتبار حاالت الفصــل ‪692‬‬
‫من ق ل ع كحاالت لإلفراغ تدخل في نطاق البنذ األول من الفصل ‪ 11‬من ظهير الكراء التجاري‬

‫‪24‬‬
‫على اعتبار أن نص الفصل ‪ 6‬من الظهير لم تخصها بالذكر رغم إحالته على مقتضــيات الفصــول‬
‫‪ 689-688-687‬من ق ل ع‪ ،‬كما أن حالــة التماطــل في أداء الكــراء كســبب لإلفــراغ قــد أوردهــا‬
‫مشرع ظهير ‪ 1955-05-24‬بشــكل خــاص و أحاطهــا بضــمانات خاصــة بالفصــل ‪ 26‬الــذي قيــد‬
‫اإلفراغ لهذا السبب بالنص على ذلك بالعقد‪ ،‬في حين أن الفصل ‪ 692‬من ق ل ع جاء عاما‪ ،‬و انه‬
‫لو كانت إرادة المشرع تتجه إلى اعتبار حاالت الفصل ‪ 692‬من ق ل ع تدخل ضمن نطــاق البنــد‬
‫األول من الفصل ‪ 11‬من الظهير لتمت اإلحالة مباشرة على الفصل المذكور كما فعل ظهــير ‪-25‬‬
‫‪ 1980-12‬المتعلق بالسـكنى واالسـتعمال المهـني في فصـليه ‪ 9‬و ‪ 12‬بمقتضـى تعديلـه بمقتضـى‬
‫‪19‬‬
‫قانون ‪.64-99‬‬
‫لكن قضاء الموضوع تضارب في أحكامه بهذا الشأن بتعليالت مختلفة‪ ،‬فقد جاء في قرار لمحكمـة‬
‫االسـتئناف بالـدار البيضـاء عـدد ‪ 1516‬بتـاريخ ‪ " 1985-10-08‬من حيث انـه من المقـرر فقهـا‬
‫وقضاءا جواز سلوك المكري دعوى فسخ عقد اإليجار الذي يربطه مع مكتري محل معد للتجــارة‬
‫طبقا للقواعد العامــة دون ســلوك مســطرة ظهــير ‪ 1955-05-24‬عنــد إخالل المكــتري بالتزاماتــه‬
‫العقدية أثناء سريان العقد‪ .‬ومن حيث ان المجلس االعلى أكد هذا المبدأ في عدة قــرارات ال حاجــة‬
‫للتذكير بها" ‪.‬‬
‫في حين ان المجلس االعلى في وقت الحق سار على العكس من ذلك إذ اعتبر أن ظهير ‪-05-24‬‬
‫‪ 1955‬هو الواجب التطبيق كلما تعلق األمر بافراغ المحالت المعدة لالستعمال التجاري‪ ،‬فقد جاء‬
‫في قرار له بغرفتين مجتمعتين بتاريخ ‪ " 1992-03-18‬ان محكمــة الموضــوع الــتي ثبت لهــا أن‬
‫محل النزاع معد للتجارة ورغم تمسك المكتري بأنه تشمله حماية ظهير ‪ 1955-05-24‬أخضــعت‬
‫طلب انهاء عقد الكراء الرابط بين الطرفين للمقتضيات العامة موضــوع الفصــل ‪ 692‬من ق ل ع‬
‫بعلة أن للمكري الخيار في إتباع المسطرة المتعلقة بالفصــل المــذكور او مســطرة ظهــير ‪-05-24‬‬
‫‪ 1955‬دون مراعاتها مقتضيات هذا الظهير الواجبة التطبيق باعتبار مسطرتها خاصــة مقدمــة في‬
‫التطبيق على مسطرة المقتضيات العامة ومقيدة لها ولتعارضــهما في المســطرة والنتــائج‪ ،‬ولكــون‬
‫حاالت الفصل ‪ 692‬من ق ل ع الواردة بالمقتضيات العامة مندرجة في الفصل الحادي عشــر من‬
‫ظهير ‪ 1955-05-24‬تكون قد خرقت مقتضيات الفصل السادس من الظهير المــذكور وعرضــت‬
‫قرارهــا للنقض " وهــو مــا كرســه المجلس في قــراره عــدد ‪ 1026‬بتــاريخ ‪ 1992-04-15‬بنفس‬
‫التعليــل‪ ،‬وقــد اســتقر اجتهــاد المجلس األعلى في قراراتــه الالحقــة‪ ،‬لكن بعض قضــاء الموضــوع‬
‫‪19‬‬
‫الندوة الجهويــة االولى للمجلس االعلى بعنــوان " قضـايا كــراء االمــاكن الســكنية والمهنيــة والمحالت التجاريــة من خالل اجتهــادات‬
‫المجلس االعلى" المنظمة من طرف المجلس االعلى بتاريخ ‪-23-22‬فبراير ‪ 2007‬بفاس بمناســبة تخليــد الــذكرى الخمســينية لتأسيســه ‪،‬‬
‫مطبعة االمنية الرباط‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫اسـتمر في اعتمـاد حـق المكـري في الخيـار بين المسـطرتين ‪ ،‬وهـو مـا دفـع المجلس األعلى إلى‬
‫إصدار توصية بموجب مجلس الرؤساء (مجموع رؤساء الغرف بالمجلس األعلى) تكرس التوجه‬
‫‪20‬‬
‫الحمائي للمحالت المعدة للتجارة والذي اوجب التقييد بقرار الغرفتين أعاله ‪.‬‬
‫هكذا يكون المشرع قد افرد مقتضى خاص لحالة الســبب الخطــير المــوجب لإلفــراغ حســب البنــذ‬
‫األول من الفصل ‪ 11‬الذي ينص على انه يحق للمكري رفض تجديد العقــد دون الزامــه بتعــويض‬
‫المكتري اذا اثبت ارتكاب المكتري سببا خطيرا ومشروعا‪ ،‬وهي صياغة فضفاضــة وغــير دقيقــة‬
‫باعتبار الترجمة غير السليمة لنص الظهير فكيف يكون السبب خطيرا ومشروعا في نفس الوقت‪،‬‬
‫فــالمفروض ان كــون الســبب الخطــير غــير مشــروع ال مشــروع‪ ،‬وعلى فــرض ان نيــة المشــرع‬
‫اتجهت لهذا القصد األخــير فــان أي فعــل يعتــبره المكــري خطــير في نظــره قــد يــؤدي الى افــراغ‬
‫المكتري‪ ،‬وهي امكانية أتاحت الصحاب المحالت فرصة إفراغ المكــترين الــذين قــد يزيغــون عن‬
‫العمل التجاري الى العمل غـير المشـروع كاالتجـار المخـدرات بالمحـل او إقالق راحـة الجـيران‬
‫باستعمال المحل للدعارة‪ ،‬اهمال العين المكراة ‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫وقد ذهبت محكمة النقض الفرنسية الى حــد اعتبــار ضــرب او ســب وشــتم المكــري ســببا خطــيرا‬
‫يخول االفراغ‪.‬‬
‫كما ان القضاء المغربي اعتبر قيام المكتري بتغييرات بالمحل من غير اذن المكري سببا إلفراغــه‬
‫بدون تعويض اذا كـانت تشـكل سـببا خطـيرا ‪ ،‬لكنـه تشـدد في اعمـال هـذا المقتضـى وربـط ذلـك‬
‫بحصول ضرر معتبر للمكري كما لــو قــام المكــتري بانجــاز تغيــيرات في اســس المحــل المكــرى‬
‫بشــكل جــوهري أدت الى تغيــير معــالم المحــل كهــدم الجــدران واشــراك المحالت فيمــا بينهــا بعــد‬
‫االستعانة بخبرة لذوي االختصــاص‪ ،‬وهـو مـا اكـده المجلس االعلى االعلى في قــراره عـدد ‪153‬‬
‫بتاريخ ‪ 2004-02-04‬ملف عدد ‪. 300/2002‬‬
‫ب‪ -‬حالة تولية الكراء للغير او التخلي عنه ‪:‬‬
‫نص الفصــل ‪ 22‬من الظهــير على إمكانيــة مطالبتــه المكــري للمكــتري بــاإلفراغ عنــد اخالل هــذا‬
‫االخير بمقتضــى قــانوني يمنــع توليــة الكــراء كمــا هــو الشــأن في ظهــير ‪ 1980-12-25‬المتعلــق‬
‫بالكراء السكني والمهني‪ ،‬وذلــك مــا لم يتم االتفـاق على غـير ذلــك او وافــق المكــري على التوليــة‬
‫خالل ‪ 30‬يوما من اعالمه من طرف المكتري برغبتــه في توليــة الكــراء برســالة مضــمونة طبقــا‬
‫للفصول ‪ 39-38-37‬من ق م م ‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫الندوة الجهويــة االولى للمجلس االعلى بعنــوان " قضـايا كــراء االمــاكن الســكنية والمهنيــة والمحالت التجاريــة من خالل اجتهــادات‬
‫المجلس االعلى" المنظمة من طرف المجلس االعلى بتاريخ ‪-23-22‬فبراير ‪ 2007‬بفاس بمناســبة تخليــد الــذكرى الخمســينية لتأسيســه ‪،‬‬
‫مطبعة االمنية الرباط‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫وبموافقة المكري على التولية يجب عليه االنضــمام الى العقــد الثــاني المتعلــق بالتوليــة ولــه الــزام‬
‫المكتري بتمكينه من مبلغ الزيادة في سومة الكراء اذا اكرى هذا االخير المحل بسومة اكــثر‪ ،‬واذا‬
‫وافــق المالــك على مبــدأ التوليــة وعــارض في شــروط العقــد يتم رفــع االمــر الى رئيس المحكمــة‬
‫باعتباره قاضي الصلح للبت في االمر وفقا للفصل ‪ 30‬من الظهير‪.‬‬
‫وقد نبه االستاذ محمد الكشـبور الى ضـرورة التميـيز بين التوليـة ( الكـراء من تحت اليـد) والـذي‬
‫اشار له الفصل ‪ 22‬من الظهير والتخلي الذي تمت االشارة اليه بالفصول ‪ 38-37-36‬من الظهير‬
‫‪ ،‬ذلك ان التولية هو قيام المكــتري االصــلي بكــراء العين المكــراة للمكــتري الفـرعي ليظهــر عقـد‬
‫كراء فرعي ونكون بذلك امام ثالثة اطــراف مكــري ومكــتري اصــلي ومكــتري فــرعي وان منــع‬
‫التولية يرمي اساسا الى حماية المكري‪ ،‬في حين ان التخلي هو تنازل المكتري االصــلي عن حقــه‬
‫‪ -‬بمقتضى تصرف ناقل للملكية – وبالتالي خروجه من العالقة الكرائية بصفة نهائيــة وحلــول من‬
‫تخلى له مكانه في هذه العالقة الكرائيــة وهــو يــرمي الى حمايــة اســتمرار حيــاة االصــل التجــاري‬
‫وتداوله بما فيه الحق في الكراء الذي هو صلب هــذه العمليــة ذلــك ان المشــرع منــع أي شــرط من‬
‫شأنه التضييق على المكتري في ممارسة حقه في بيع االصل التجاري بما فيه الحق في الكــراء اذ‬
‫نص في الفصــل ‪ 37‬من الظهــير على انــه " تكــون باطلــة ايضــا كيفمــا كــانت طبيعتهــا اذا كــان‬
‫المقصود منها منـع المكـتري المتـوفرة فيـه الشـروط المـأمور بهـا في الفصــل الخـامس اعاله من‬
‫التخلي عن عقد الكراء لمن اقتنى منه اسمه التجاري أو مؤسسته" وهو مقتضــى من النظــام العــام‬
‫يمنع على المكري تقييده ببنود العقد‪.‬‬
‫لكن وان كان المشرع يحمي حق مالك الحق في الكراء الذي هو مالك لالصل التجاري في التخلي‬
‫عن هذا الحق للغير اعتبارا لمنطق تجاري اقتصادي بحث‪ ،‬فانه اخضع هذه العملية لتقنية قانونيــة‬
‫تكتسي على بساطتها اثار قانونية هامة قلبت موقف القضاء على مستوى اعلى هيئة قضائية‪ ،‬تلــك‬
‫التقنية هي المنصوص عليهــا بالفصــل ‪ 195‬من ق ل ع المتعلقــة بحوالــة الحــق‪ ،‬فــالمكتري مالــك‬
‫الحق في الكراء اذا حول هذا الحق بالتخلي للغـير‪ ،‬فـان هـذا الغـير ملـزم بـاعالم صـاحب المحـل‬
‫المكرى (صاحب العقار) باعتبار انهما اصبحا طرفا العالقــة الكرائيــة دون المكــتري الــذي فــوت‬
‫األصل التجاري بمـا في ذلـك الحـق في الكـراء ‪ ،‬وعـدم اعالمـه يـترتب عليـه بـالمنطق القـانوني‬
‫الصرف والمجرد اعتبار المحال له (مشتري االصل التجــاري) محتال بــدون ســند وامكن افراغــه‬
‫بدون ضمانات وهو ما قـرره ‪ ،‬في مرحلـة اولى‪ ،‬قضــاء الموضــوع وقضــاء المجلس االعلى فقـد‬
‫جاء في قرار للمجلس االعلى الصادر بتاريخ ‪ " 1984-11-14‬ان التنــازل عن الكــراء ‪ ،‬حســبما‬
‫يقضي به الفصل ‪ 673‬من ق ل ع القواعد المقررة في حوالة الحقــوق ‪ ،‬وانــه طبقــا للفصــل ‪195‬‬
‫من نفس القانون فان الحق ال ينتقل للمحال له اال اذا تم تبليغ الحوالة الى هذا االخير تبليغــا رســميا‬

‫‪27‬‬
‫او قبلها في محرر ثابت التاريخ ‪ ،"...‬لكنه مافتئ ان تم التراجع عن هــذا االتجــاه لمــا لــه من آثــار‬
‫وخيمة على الملكية التجاريــة واســتقر قضــاء المجلس االعلى على اعتبــار انــه وان كــانت حوالــة‬
‫الحق ال تنفذ تجاه المحال عليه اال بعد اعالمه بها او قبوله لها فــان المشــرع لم يضــع جــزاء لعــدم‬
‫االعالم من جهة ولم يحــدد اجال لالعالم من جهــة اخــرى وانــه والحالــة هــذه فــان اعالم مشــتري‬
‫االصل التجاري للمالك بشراء االصل التجاري ولو اثناء سريان الدعوى كاف لترتيب آثاره وهــو‬
‫ما قرره في قراره عدد ‪ 1279‬الصادر بتاريخ ‪ ، " 2002-10-16‬وهو منطق قــانوني يوافــق مــا‬
‫قررته الفصول ‪ 38-37-36‬من ظهير ‪ 1955-05-24‬من حصانة لحــق الكــراء في حــذ ذاتــه من‬
‫جهة وحق المكتري في التخلي عنه من جهة اخرى‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫‪ – 2‬اسباب االفراغ التي ترجع لحالة المحل المكرى ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬حالة عدم صالحية المحل للسكنى النعدام شروط السالمة فيه ‪:‬‬
‫لقد نص الفصل ‪ 11‬في بنذه الثاني على حــق المكــري إفــراغ المكــتري دون تعــويض إذا اثبت ان‬
‫المحل اصبح يشكل خطرا على المكتري او الجيران او المارة مراعاة من المشرع للصحة العامــة‬
‫والسالمة‪ ،‬ففي هذه الحالة يختص قاضــي المســتعجالت بــاالفراغ اذا كــان ســبب االفــراغ يكتســي‬
‫طبيعة االستعجال كتداعي المحل للسقوط ‪ ،‬النــه يتعين هــدم المحــل كليــا او جزئيــا وذلــك بشــهادة‬
‫ادارية من السلطة المحليـة بنـاءا على معاينـة اللجنـة التقنيـة او الصـحية تقضـي بخطـورة المحـل‬
‫وضرورة هدمه واعادة بناءه‪ ،‬لكنه للمكتري المنازعة في صحة الشهادة المذكورة ويبقى للمحكمة‬
‫تقدير صحة دفوعات كال الطرفين واالمـر بـاجراء خـبرة للتحقـق من ذلـك‪ ،‬ويبقى للمكـتري حـق‬
‫الرجــوع إلى المحــل في حالــة إعــادة بنائــه من جديــد بشــكل يصــلح فيــه للتجــارة طبقــا للشــروط‬
‫المنصوص عليها في الفصلين ‪ 13‬و ‪ 14‬كما تمت اإلشارة الى ذلــك‪ ،‬فقــد جــاء في قــرار للمجلس‬
‫األعلى عدد ‪ 2175‬بتاريخ ‪ " 1989-10-30‬لكن حيث ان القرار المطعــون فيــه حين قضــى على‬
‫الطــاعن بــإفراغ المحــل الــذي يشــغله بالعمــارة انمــا اســتند على مــا انكشــف لــه من قيــام عنصــر‬
‫االســتعجال المتمثــل في الخطــر الــداهم النــاجم عن انهيارهــا المــرتقب بســبب تالشــي بنائهــا دون‬
‫المساس بما قد تكون للطالب من حقوق تضمنها أحكام ظهير ‪ 1955-05-24‬ممــا يجعــل الوســيلة‬
‫غير جديرة باالعتبار ‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫ب ‪ -‬حالة اندثار المحل او عدم صالحيته لالستعمال بسبب القوة القاهرة ‪:‬‬
‫‪21‬‬
‫عبد الرحيم اشميعة‪ ،‬محاضرات في القانون التجاري ملقاة على طلبة ماستر قانون المنازعات بمناسبة مناقشة عروض المــادة‪ ،‬كليــة‬
‫الحقوق بمكناس‪،‬السنة الجامعية ‪.2009-2008‬‬

‫‪22‬‬
‫عبد الرحيم اشميعة‪ ،‬محاضرات في القانون التجاري ملقاة على طلبة ماستر قانون المنازعات بمناسبة مناقشة عروض المــادة‪ ،‬كليــة‬
‫الحقوق بمكناس‪،‬السنة الجامعية ‪.2009-2008‬‬

‫‪28‬‬
‫فقد نص الفصل ‪ 659‬من ق ل ع على حالة اخرى من اســباب االفــراغ دون تعــويض وهي حالــة‬
‫القوة القاهرة التي تمنع من استغالل المحل المكرى‪ ،‬وذلـك عنـدما يصــبح غـير صــالح اثـر تعيبـه‬
‫الجزئي او الكلي دون خطأ من احد المتعاقدين ‪ ،‬ذلك ان عقد الكراء ينفسخ من غير ان يكــون ألي‬
‫من طرفي الدعوى على االخر أي حق في التعويض ‪.‬‬

‫مطلب ثاني ‪ :‬حماية الحق في الكراء بمقتضى مدونة التجارة وقانون المحاكم التجارية‪.‬‬
‫لقد تضمنت مدونة التجارة مقتضيات قانونية قــد تكمــل المظــاهر الحمائيــة لحــق الكــراء التجــاري‬
‫بمقتضى ظهير ‪ 1955-05-24‬وقد تتعــارض معهــا‪ ،‬وقــد كشــف القضــاء في غــير مــا مــرة على‬
‫الصعوبات واالشكاالت العملية بهذا الشأن‪ ،‬وهي تلــك المقتضــيات المتعلقــة بــدعوى الفســخ طبقــا‬
‫للمادة ‪ 112‬من مدونة التجارة والمقتضــيات المتعلقــة بصــعوبات المقاولــة في البــاب الخــامس من‬
‫نفس المدونــة‪ ،‬كمــا ان انشــاء المحــاكم التجاريــة قــد خلــق اشــكاالت قانونيــة في تحديــد المحكمــة‬
‫المختصة للبت في النزاع المتعلق بالحق في الكراء‪.‬‬

‫اوال ‪ :‬حماية الحق في الكراء بمقتضى مدونة التجارة ‪:‬‬


‫‪ - 1‬حماية الحق في الكراء عن تقديم دعوى الفسخ ‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 112‬من مدونة التجارة " على انـه اذا اقـام المالـك دعـوى بفسـخ كـراء العقـار الـذي‬
‫يستغل فيه أصل تجاري مثقل بتقييدات ‪ ،‬وجب عليه ان يبلغ طلبه الى الدائنين المقيدين ســابقا‪ ،‬في‬
‫الموطن المختار المعين في تقييد كل منهم وال يصدر الحكم اال بعد ثالثين يوما من هذا التبليغ‪.‬‬
‫ال يصبح الفسخ الرضائي للكراء نهائيا اال بعد ثالثين يومـا من تـاريخ تبليـغ الـدائنين المقيـدين في‬
‫الموطن المختار لكل منهم" ‪.‬‬
‫فغاية المشرع من سن هذا المقتضى ترمي الى حماية الكراء التجاريـة وبالتـالي االصــل التجـاري‬
‫من سلطة المكري المسلطة على المكتري المخل بالتزاماته المتعلقة باداء واجبات الكراء المحميــة‬
‫بمقتضيات الفصل ‪ 26‬من ظهير ‪ ، 1955-05-24‬وهو مــا عــبر عنــه قضــاء المجلس االعلى في‬
‫قراره عدد ‪ 2044‬بتــاريخ ‪ 1984-10-31‬بمناســبة تطبيقــه لظهــير ‪ 1914-12-31‬المتعلــق بــبيع‬
‫ورهن االصل التجاري والذي تماثل مقتضياته مقتضيات مدونة التجارة في هــذا البــاب‪ ،‬فقــد نص‬
‫القرارعلى " أن الغاية من وجوب إعالم المكري للدائن المرتهن بفسخ عقــد الكــراء هــو أن يتمكن‬
‫هذا األخير من الدفاع والمحافظة على عناصر االصل التجاري التي تتأثر بفسخ العقد وان اخالله‬
‫بهذا االلتزام القانوني يعد مسؤولية تقصيرية يتمثل جزاؤها في التزامه بتعويض جميــع االضــرار‬

‫‪29‬‬
‫التي يتعرض لها الدائن بسبب فسخ العقد الــذي وقــع على غــير علم منــه وادى الى تبديــد عناصــر‬
‫‪23‬‬
‫االصل التجاري المرهون"‪.‬‬
‫وعلى االهمية البالغة لهذا المقتضى الذي يرمي الى حماية الدائنين المقيدين وكذا األصل التجاري‬
‫من خالل حماية الحق في الكراء كعنصر جوهري في هذا االصل‪ ،‬اال انه ينطوي على صــعوبات‬
‫عملية وحيف جسيم في حق المكري صاحب الملكية العقارية وتغطية على اخطاء المكتري المخل‬
‫بالتزاماته اتجاه المكري‪ ،‬ذلك انه كيف للمكري ان يعلم بوجود دائــنين مقيــدين لألصــل التجــاري‪،‬‬
‫ولماذا تم تقييد اصدار المحكمة للحكم بفسخ عقــد الكــراء حــتى تمــر ‪ 30‬يومــا من على التبليــغ؟ اذ‬
‫كيف يمكن للمحكمة العلم بوجود دائنين مقيدين‪ ،‬قـد تتصـور هـذه اإلمكانيـة بـإلزام المكـرى رافـع‬
‫دعوى الفسخ باالدالء بمستخرج من تقييد المكتري بالســجل التجــاري‪ ،‬وبعــد ذلــك انــذار المكــري‬
‫المدعي باالدالء بمــا يفيــد اعالم الــدائنين المقييــدين ان وجــدوا بــدعوى الفســخ او القيــام بــذلك من‬
‫طرف المحكمة تلقائيا‪.‬‬
‫لكن االشكال قد يدق عندما ال يتم تقييد دين الدائنين المقييــدين اال بعــدما تكــون الــدعوى قــد قطعت‬
‫اشواطا هامة في اجراءاتها في حين يكون المدعي المكري قد ادلى بمســتخرج من تقييــد المكــتري‬
‫بالسجل التجاري ال يتضمن أي تقييد لدين‪ ،‬فهل تتم مسـاءلة المكـري عن ذنب لم يقترفـه رغم انـه‬
‫قــام بالتزامــه القــانوني؟ ومــا هــو مصــير الحكم الــذي صــدر دون ثبــوت اعالم المكــري للــدائنين‬
‫المقييدين رغم انه ليس هناك اية تقنيــة للعلم بواقعــة التقييــد ال من طــرف المكــري وال من طــرف‬
‫المحكمة؟‪.‬‬
‫وقد نتج عن تطبيق هذا المقتضى صــعوبات عمليــة عنــد تنفيــذ الحكم القاضــي بفســخ عقــد الكــراء‬
‫التجاري وافراغ المكتري ‪ ،‬ذلك ان الدائنين المقيدين ‪ -‬خاصة االبنــاك ‪ -‬يــدفعون بصــعوبة التنفيــذ‬
‫استنادا لهذا المقتضى ان علمـوا اساسـا بمسـطرة التنفيـذ‪ ،‬فقـد جـاء في امـر اسـتعجالي عن رئيس‬
‫المحكمة االبتدائية بالبيضــاء بتــاريخ ‪ 1984-11-05‬تحت عــدد ‪ " 4620‬وحيث ان البنــك الــدائن‬
‫والذي يتوفر على رهن لألصل التجاري المراد بيع منقوالته من طــرف قباضــة ابن رشــد باســفي‬
‫يؤكد بانه لم يتوصل باي اعالم من هذا القبيل وعليــه يتعين االمــر بايقــاف اجــراءات التنفيــذ الــتي‬
‫يمارسها قابض اسفي الى حين اعالم ارباب الديون المضمونة برهون على االصل التجاري" ‪.‬‬
‫ان هذا المقتضى يقتضي في نظرنـا تـدخال تشـريعيا يلـزم بمقتضـاه المكـتري‪ ،‬بـدال من المكـري‪،‬‬
‫باعالم الدائنين المقيدين بدعوى الفسخ المرفوعــة ضــده النــه اعلم بديونــه من غــيره‪ ،‬تحت طائلــة‬
‫سقوط اجل الدين وترتيب مسؤوليته في التعويض‪ ،‬حتى اليتم ارهاق المكري بمساطر ال حول لــه‬

‫‪ 23‬لطيفة اهضمون نمحاضرات في الكراء التجارية ملقاة على الملحقين القضائئن فوج ‪ 2002-2000 29‬بالمعهد الوطني للدراسات‬
‫القضائية‬

‫‪30‬‬
‫معها وال قوة‪ ،‬حتى يمكن للدائنين المــذكورين التــدخل في الــوقت المناســب ان رغبــوا في الحفــاظ‬
‫على ضمانة دينهم المتمثلة في االصل التجاري الى التوافق مع المكتري واداء واجبات الكــراء ان‬
‫كان سبب طلب فسخ عقد الكراء يرجع للتماطل في اداء الكـراء طبقـا للفصـل ‪ 26‬من ظهـير ‪-24‬‬
‫‪ ، 1955-05‬او القيام بالحجوزات الالزمــة على عناصــر االصــل التجــاري للمحافظــة على حقهم‬
‫في استخالص الدين‪.‬‬
‫وهناك من الفقه والقضاء من اقترح بــان يرفــق مقــال دعــوى الفســخ وجوبــا بــالنموذج "‪ " "7‬ج"‬
‫لالصل التجاري حتى تتأكد المحكمة من وجود الرهن ‪ ،‬ومن مراقبة احترام المالك لشكلية اشــعار‬
‫الدائن المرتهن بدعوى االفراغ ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ -2‬حماية الحق في الكراء في اطار صعوبات المقاولة‪.‬‬
‫لقد نحى المشرع في الباب الخامس من مدونة التجارة منحى فلسفة حمائية هاجسها استمرار حيــاة‬
‫المقاولة‪ ،‬بتوفير مختلف الوسائل القانونية واالجهزة القضــائية لتحقيــق هــذا الهــدف‪ ،‬وباعتبــار ان‬
‫الحق في االيجار هو قطب الرحى في بعض المقاوالت فقد اوجد له المشرع غطاءا قانونيا يحميــه‬
‫من عواصف الــدعاوي القضــائية الــتي قــد يتشــفى اصــحابها من الوضــعية المريضــة للمقاولــة او‬
‫محاولة منهم استخالص ما يمكن استخالصه من حقـوقهم سـواء في بدايـة اطـوار المعالجـة خالل‬
‫مرحلة التسوية الودية او التسوية القضائية او عند التصفية القضائية‪.‬‬

‫أ‪ -‬الحماية المقررة للحق في الكراء خالل التسوية الودية ‪:‬‬


‫تنص المادة ‪ 555‬من مدونة التجارة على أن " إذا رأى المصــالح أن الوقــف المــؤقت لالجــراءات‬
‫من شأنه تسهيل ابرام اتفاق ‪ ،‬أمكنه أن يعرض االمر على رئيس المحكمــة ‪ ،‬ويمكن لهــذا االخــير‬
‫بعد االستماع لرأي الدائنين الرئيسيين ‪ ،‬ان يصدر امرا يحدد مدة الوقف في اجل اليتعدى مدة قيام‬
‫المصالح بمهمته ‪ ،‬يوقف هذا االمـر ويمنـع كـل دعـاوى قضـائية يقيمهـا جميـع الـدائنين ذوي دين‬
‫سابق لألمر المشاراليه تكون غايتها ‪:‬‬
‫‪ -1‬الحكم على المدين بسداد مبلغ مالي ‪.‬‬
‫‪ -2‬فسخ عقد لعدم سداد مبلغ مالي‪. "......‬‬

‫‪ 24‬لطيفة اهضمون نمحاضرات في الكراء التجارية ملقاة على الملحقين القضائئن فوج ‪ 2002-2000 29‬بالمعهد الوطني للدراسات‬
‫القضائية‬

‫‪31‬‬
‫هكذا فانه بعد صدور األمر بوقف اإلجراءات الذي يتيح للسنديك القيام بمهمتـه خالل ثالثـة اشـهر‬
‫مع اضافة شهر واحد‪ ،‬فان الدعوى التي تهدف إلى أداء الوجيبة الكرائية عن مــدة ســابقة لالمــر ‪،‬‬
‫والذي من شأنه عند التماطل الحكم باإلفراغ على المكتري صاحب المقاولة‪ ،‬يتم قطــع دابرهــا من‬
‫األساس و ال يتم قبولها‪ ،‬وحتى في حالة رفعها فانه يتم وقفها او وقف تنفيذ الحكم الصادر بشــأنها‪،‬‬
‫وذلك إشفاقا على حالة المقاولة المريضة التي تحتاج إلى من يواسيها ويدعمها بالسيولة الماليــة أو‬
‫إمهالها إلى حين شفائها واذا تعذر عليها الوفاء بديونها‪ ،‬استخالص حقوقه عند تصفية تركتها‪.‬‬
‫كما يتم وقف اجل مسطرة الصلح اذا كانت المقاولة قد توصلت باالنذار باالفراغ المنصوص عليه‬
‫بالفصل ‪ 26‬من ظهـير ‪ 1955-05-24‬والمتعلـق بـاالفراغ لعـدم اداء الوجيبـة الكرائيـة اذا تعلقت‬
‫المدة المطالب بواجب الكراء عنها بمدة سابقة عن لصدور االمر بوقف االجراءات‪ ،‬ليكون قــانون‬
‫مدونة التجارة قد تجاوز قاضي الفصل ‪ 26‬من ظهير ‪ ، 1955-05-24‬وأعطى مهلة للمقاولة من‬
‫اجل األداء‪ ،‬لم يكن لها لتستفيد منها اال اذا اشفق القاضي من حالها وفقـا لســلطته التقديريــة حســب‬
‫نص الفصل االخير‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫ب‪ -‬الحماية المقررة للحق في الكراء خالل التسوية القضائية ‪:‬‬
‫يتم فتح التسوية القضائية في حقها لمعالجة اختالالتها بطلب من األجهزة المخـول لهـا ذلـك قانونـا‬
‫طبقا للفصول ‪ 606 -573-568-563‬من مدونة التجارة‪ ،‬وتتوقف مباشرة االجراءات والدعاوى‬
‫الرامية الى اداء المقاولة لمبالغ مالية دون الحاجة الى صدور امر بوقف االجراءات‪ ،‬وخالل هــذه‬
‫المرحلة يكون للسنديك السلطة الواسعة في التقرير بشأن العقــود الجاريــة ومن بينهــا عقــد الكــراء‬
‫التجاري وهو ما يطرح عدة اشكاالت قد تعــترض المكــري وكــذا الســنديك بخصــوص هــذا العقــد‬
‫والمتمثلة اساسا في صفة الســنديك ومــا اذا كــان يتقمص صــفة رئيس المقاولــة المكــتري وبالتــالي‬
‫يكون ملزما بالتزاماته الجسيمة الملقاة على عاتق المكتري بمقتضى ظهير ‪ 1955-05-24‬والــتي‬
‫قد تحدد مصير المقاولة (االصل التجاري) وجودا او عدما اذا ما انفصمت العالقــة الكرائيــة لعــدم‬
‫سلوك المساطر القانونية وفــق االجــال والشــكليات المنصــوص عليهــا في الظهــير المــذكور ام ان‬
‫المكتري (رئيس المقاولة) يبقى هو الملتزم اتجاه المكري؟‬

‫ج‪ -‬الحماية المقررة لحق الكراء التجاري خالل التصفية القضائية ‪:‬‬

‫‪ 25‬لطيفة اهضمون نمحاضرات في الكراء التجارية ملقاة على الملحقين القضائئن فوج ‪ 2002-2000 29‬بالمعهد الوطني للدراسات‬
‫القضائية‬

‫‪32‬‬
‫ففي حالة التصفية القضائية تكون احتماالت انقــاذ القاولــة قــد تالشــت لتوقفهــا عن الــدفع من جهــة‬
‫والختالل وضعيتها بشكل ال رجعة فيه لم تفلح معه مساطر التسوية في معالجــة الوضــع الصــحي‬
‫للمقاولة ويتم الحكم بموتها وتصفية تركتها‪ ،‬ومن بين هذه التركة هو الحق في الكراء الذي خصــه‬
‫المشرع بمقتضيات الفصل ‪ 621‬من مدونة التجارة التي تنص على انه ‪:‬‬
‫" ال تؤدي التصفية القضــائية‪ ،‬بقــوة القــانون‪ ،‬إلى فســخ عقــد كــراء العقــارات المخصصــة لنشــاط‬
‫المقاولة‪.‬‬
‫يمكن للسنديك االستمرار في الكراء أو تفويته حسب الشروط المنصوص عليهــا في العقــد المــبرم‬
‫مع المكري مع جميع الحقوق وااللتزامات المتصلة بهذا الكراء‪.‬‬
‫إذا قرر السنديك عدم استمرار الكراء فسخ العقد بمجرد طلب منه‪ .‬و يسري أثره من يوم الطلب‪.‬‬
‫يجب على المكري الــذي يعــتزم طلب الفســخ أو معاينــة حصــوله ألســباب ســابقة للحكم بالتصــفية‬
‫القضائية أن يرفع‪ ،‬إن لم يفعل ذلك من قبل‪ ،‬طلبه داخل ثالثة أشهر من صدور الحكم "‪.‬‬
‫فللمكري طلب فسخ عقـد الكـراء في مواجهـة السـنديك‪ ،‬ال المقاولـة‪ ،‬على اعتبـار ان المقاولـة في‬
‫حالة التصفية القضائية تكون قد فقدت اهليتها وصفتها في التقاضي ‪ ،‬ويستثنى طبقا طلبات الفســخ‬
‫لعدم اداء الواجبات الكرائية السابقة عن فتح المسطرة طبقا للفصل ‪ 653‬من مدونة التجارة ‪.‬‬
‫هكذا يتضح ان المشرع حاد بالعالقــة التعاقديــة المتعلقــة بــالكراء التجــاري عن ســلطة المتعاقــدين‬
‫حيادا عن مقتضيات كل من ق ل ع و ظهير ‪ 1980-12-25‬و ظهير ‪ 1955-05-24‬ليجعلها بيــد‬
‫سلطة "الدولة" في شخص السنديك المعين من طرف المحكمة الذي له الســلطة التقديريــة للتقريــر‬
‫في مصير الحق في الكراء موازنة منه لحقوق الدائنين و مبدأ حمايــة اســتمرار المقاولــة (االصــل‬
‫التجاري) ولو في اللحظات االخيرة لحياتها وهي وذلــك مراهنــة من المشــرع على القيمــة الماليــة‬
‫للحق في الكراء وتأثيره المباشر على القيمة الكلية لالصل التجاري فبضمان استمرار هذا الكــراء‬
‫يتم ضمان اكبر قدر من السيولة المالية لتغطية الديون حتى التصفية النهائية للمقاولة‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬حماية الكراء التجاري بمقتضى قانون المحاكم التجارية‪.‬‬


‫لقد ابان التطبيق القضائي بعد احداث المحاكم التجارية بمقتضى القانون رقم ‪ 53-95‬عن اختالف‬
‫في تحديــد االختصــاص في تطــبيق مقتضــيات ظهــير ‪ ،1955-05-24‬فاتجــاه قضــى باســناد‬
‫االختصاص للمحاكم االبتدائية واتجاه اخر اسنده للمحكمة التجارية واتجــاه يــرى باختصــاص كــل‬
‫منهما حسب الحاالت ‪ ،‬مما اثر سلبا على الحماية المقررة للحق في الكراء‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫اوال ‪ :‬صور تنازع االختصاص النوعي في مادة الكراء التجاري‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫الملكي الحسين بعنون "مالحظــات ومقترحــات حــول مقــترح قــانون كــراء العقــارات أو المحالت المخصصــة لالســتعمال التجــاري‬
‫والصناعي والحرفي" منشور بجريدة العلم عدد ‪ 21081‬يونيو ‪.2008‬‬

‫‪33‬‬
‫أ‪ -‬االتجاه المؤييد االختصاص المحاكم االبتدائية‪.‬‬
‫يستند االتجاه الفقهي والقضائي القاضــي باســناد االختصــاص في مــادة الكــراء التجــاري للمحــاكم‬
‫االبتدائية بدال عن التجاريـة لعـدة اعتبـارات‪ ،‬ذلـك ان المصــدر التـاريخي لظهـير ‪1955-05-24‬‬
‫المتعلق بالكراء التجاري كما رأينــا في مقدمــة هــذا العــرض هــو القــانون الفرنســي‪ ،‬والــذي اســند‬
‫االختصاص في النزاعات المتعلقة بقانون الكراء للمحاكم االبتدائية الكبرى في فرنســا ال للمحــاكم‬
‫التجارية‪ ،‬واستنادا الى كون كراء العقار هو عمل مدني محظ استنادا للمادة ‪ 6‬من مدونة التجــارة‪،‬‬
‫وانه بمقتضى نفس المدونة فان نص الفصل ‪ 736‬منها لم يعتبر عقد الكراء التجاري عقدا تجاريا‪،‬‬
‫و أن المنازعات بين المكتري والمكري المحددة بظهير ‪ 1955-05-24‬بخصــوص المحــل المعــد‬
‫لالسـتعمال التجـاري أو الصـناعي أو الحـرفي ال تعتـبر منازعـة تتعلـق باألصـل التجـاري وانمـا‬
‫منازعة متعلقة بعقد كراء شأنها في ذلك شأن أية منازعة قــد تنصــب على بعض عناصــر األصــل‬
‫التجاري األخرى لذا فإن البث فيهــا يرجــع للمحــاكم العاديــة الــتي لهــا الواليــة العامــة ال المحكمــة‬
‫التجارية‪.‬‬
‫اضافة الى أن مشرع قانون المحاكم التجارية في المادة ‪ 20‬من قانون هذه المحاكم التجارية لم يلغ‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 27‬من ظهير ‪ 1955-05-24‬الذي يسند االختصاص في المنازعــة في االنــذار‬
‫للمحكمة االبتدائية‪ ،‬كما ان اختصاص المحاكم التجارية هو اختصاص استثنائي وال يجب التوســع‬
‫فيه النه يتعلق بحاالت خاصة واشخاص معيينين‪.‬‬
‫كما يسـتند هـذا االتجـاه الى مـبرر موضــوعي يتمثـل في قلـة عـدد المحـاكم التجاريـة ( ‪ 9‬محـاكم‬
‫تجارية و ‪ 3‬محاكم استئناف تجارية) مترامية االطراف في ربوع المملكة‪ ،‬مما يصعب معــه تتبــع‬
‫المكتري لمساطر ظهير ‪ 1955-05-24‬الضاربة في االجراءات المسطرية المتعددة والمعقــدة اذا‬
‫كان يقطن بمسافة بعيدة قد تصل الى ‪ 500‬كلم ( مكتري بالسمارة‪ -‬المحكمــة التجاريــة باكــادير) ‪،‬‬
‫في حين ان االمر قد يتعلق بمحل تجاري قد ال تزيد سومته الكرائية عن ‪ 400,00‬درهم او اقل‪.‬‬
‫وقد سار في هذا االتجاه قضاء المحكمـة التجاريـة في فـاس بمقتضـى القـرار رقم ‪ 58/98‬بتـاريخ‬
‫‪ 1998-09-14‬ملف عدد ‪. 98/98‬‬
‫‪27‬‬
‫ب ‪ -‬االتجاه المؤيد الختصاص المحاكم التجارية ‪:‬‬

‫‪27‬‬
‫الملكي الحسين بعنون "مالحظــات ومقترحــات حــول مقــترح قــانون كــراء العقــارات أو المحالت المخصصــة لالســتعمال التجــاري‬
‫والصناعي والحرفي" منشور بجريدة العلم عدد ‪ 21081‬يونيو ‪.2008‬‬

‫‪34‬‬
‫يستند هذا االتجاه الفقهي والقضائي لتزكية موقفه على تفسيره لنص الفصل ‪ 5‬من قــانون المحــاكم‬
‫التجارية الذي ينص على انه ‪:‬‬
‫"تختص المحاكم التجارية بالنظر في‪:‬‬
‫‪ -1‬الدعاوى المتعلقة بالعقود التجارية؛‬
‫‪ -2‬الدعاوى التي تنشأ بين التجار و المتعلقة بأعمالهم التجارية؛‬
‫‪ -3‬الدعاوى المتعلقة باألوراق التجارية؛‬
‫‪ -4‬النزاعات الناشئة بين شركاء في شركة تجارية؛‬
‫‪ -5‬النزاعات المتعلقة باألصول التجارية؛‬
‫و تستثنى من اختصاص المحاكم التجارية قضايا حوادث السير‪.‬‬
‫يمكن االتفاق بين التاجر و غير التاجر على إسناد االختصــاص للمحكمــة التجاريــة فيمــا قــد ينشــأ‬
‫بينهما من نزاع بسبب عمل من أعمال التاجر‪.‬‬
‫يجوز لألطراف االتفـاق على عـرض النزاعـات المبينــة أعاله على مســطرة التحكيم وفــق أحكــام‬
‫الفصول ‪ 306‬إلى ‪ 327‬من قانون المسطرة المدنية"‪.‬‬
‫فــيرى هــذا االتجــاه أن نص المــادة المــذكورة جــاء على اطالقــه بكــون المحــاكم التجاريــة تختص‬
‫بالنظر في النزاعات المتعلقة باألصول التجارية دون حصر اختصــاص هــذه المحــاكم في العقــود‬
‫المتعلقة باألصل التجاري المحدد بمقتضى المادة ‪ 723‬من مدونة التجارة‪ ،‬وانما يحتوي كل نــزاع‬
‫حول هذا األصل بما فيها الحق في الكراء الذي يعتــبر احيانــا من اهم عناصــر االصــل التجــاري‪،‬‬
‫وانه ال يمكن تصور تطبيق ظهير ‪ 1955-05-24‬اال بوجود اصــل تجــاري‪ ،‬وهــو مــا ذهبت اليــه‬
‫محكمة االستئناف التجارية بمراكش في قرارهــا عــدد ‪ 105/1998‬بتــاريخ ‪ 1998-10-21‬ملــف‬
‫رقم ‪. 107/98‬‬

‫‪28‬‬
‫ج‪ -‬االتجاه المؤيد الزدواجية االختصاص ‪.‬‬
‫يربط هذا االتجاه اختصاص المحاكم في تطبيق مقتضيات ظهير ‪ 1955-05-24‬الى صفة كل من‬
‫المكري والمكتري وطبيعــة الكــراء بالنســبة لكــل منهمــا ‪ ،‬وان نزاعـات ظهــير ‪ 1955-05-24‬ال‬
‫تدخل ضمن مقتضيات المادة ‪ 5‬من قانون المحاكم التجارية بصفة مطلقة ‪.‬‬
‫فإذا كان الطرفين المكري والمكتري تاجرين فإن االختصــاص ينعقــد للمحــاكم التجاريــة الن عقــد‬
‫الكراء يكون بالنتيجة عقدا تجاريا‪ ،‬وانه استنادا للمــادة ‪ 5‬من قــانون المحــاكم التجاريــة‪ ،‬فــان هــذه‬
‫المحاكم تختص في الدعاوى المتعلقة بالعقود التجارية‪.‬‬

‫مجلة قضاء المجلس االعلى عدد ‪-55‬يناير ‪ 2000‬مطبعة االمنية الرباط‬ ‫‪- 28‬‬
‫‪35‬‬
‫أما في حالة العقد المختلط لكون احد طرفيه تاجر فان االمر يختلف بالنظر الى صــفة كــل منهمــا‪،‬‬
‫فإذا كان المكري غير تاجر والمكتري تاجر فان المحاكم المختصة هي المحاكم االبتدائية ما لم يتم‬
‫االتفاق بين التاجر وغير التاجر على إسناد االختصاص للمحكمة‬
‫التجارية استنادا للمادة ‪ 4‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫لكن هل ان مناط اعتبار العقد تجاريا يرتبط فقط بالصفة التجارية لطرفي عقد كراء االمــاكن الــتي‬
‫تستغل فيها انشطة تجاريــة‪ ،‬اذ يجب ان يكــون العقــد مرتبطــا بالحاجــة التجاريــة لطرفيــه‪ ،‬وكيــف‬
‫يكون عقد الكراء مرتبطا بالحاجة التجارية للمكري الذي قد يكون في حين انه ولو كان تاجرا فقــد‬
‫ال يرتبط نشاطه اطالقا بالنشاط المـزاول في محلـه الـذي العالقـة لـه بـه في جميـع االحـوال وان‬
‫تصرفه ينحصر في كــراء العقــار الــذي هــو عمــل مــدني صــرف وان عالقــة الطــرفين ال ترتبــط‬
‫بالصفة التجارية لكل منهما ‪ ،‬وبالتــالي فانــه يصــعب تقبــل هــذه المــبررات كاســاس منطقي للقــول‬
‫باختصاص المحاكم التجارية للنظر في النزاعات المتعلقة بتطبيق ظهير ‪ 24‬ماي‪.1955‬‬
‫وعموما فقد تبنت هذا االتجاه محكمة االستئناف بالدار البيضاء ‪ ،‬في قرارهــا قــرار رقم ‪880/99‬‬
‫صدر بتاريخ ‪ 29/6/99‬في الملف عدد ‪. 1102/99‬‬

‫‪29‬‬
‫ثانيا‪ :‬تأثير تنازع االختصاص على الحماية المقررة للحق في الكراء ‪:‬‬
‫نروم من خالل هذه النقطة الى ابراز تجليات تأثير عدم االستقرار القضائي في اسناد االختصاص‬
‫للبت في تطبيق المقتضيات المتعلقة بالحق في الكراء في ظـل قصـور تشـريعي‪ ،‬كـان االجـدر اال‬
‫يسبب هذه الزوبعة لو تم تدارك الموقف بتحديد المحاكم المختصة بشكل صريح كما فعل المشــرع‬
‫الفرنسي‪ ،‬حتى ال تفرغ مقتضيات ظهير ‪ ، 1955-05-24‬على عالتها‪ ،‬من محتواهــا‪ ،‬فبمراجعــة‬
‫االتجاهات الفقهيـة والقضــائية اعاله ال يمكن التسـليم بوجاهـة اتجـاه دون غـيره الن كـل منهـا لـه‬
‫منطلقاته القانونية والموضوعية‪ ،‬وان المسؤولية تبقى على المشرع لتدارك الفراغ القانوني‪.‬‬
‫ذلك ان االصل التجاري ينبني في االساس على االستقرار لذلك افرد له المشــرع حمايــة اســتثنائية‬
‫من بداية العقد حتى نهايته بل وحتى بعد نهايته او انتهائه كما يتضح باستقراء كــل نقــط على حــدة‬
‫من نقط هــذا الموضــوع‪ ،‬وان االختالف القضــائي بين محكمــة واخــرى حــتى داخــل نفس الــدائرة‬
‫القضائية يعيق مسعى المكري والمكترى على حد سواء في استقصــاء حقوقــه‪ ،‬وهــو مــا قــد يثــني‬
‫المكري من تسخير محله للكراء‪ ،‬او يجبر المكتري على انهاء عقــد الكــراء امــا اختيــارا لكونــه لم‬
‫يستسغ كثرة التنقالت من محكمة الخرى لمواجهته بعدم االختصاص كلما طرق بــاب احــداها‪ ،‬او‬
‫انه مل من االجراءات والدعاوى وفاته االجل القانوني للقيام بمسطرة من المساطر الــواجب عليــه‬

‫مجلة قضاء المجلس االعلى عدد ‪-55‬يناير ‪ 2000‬مطبعة االمنية الرباط‬ ‫‪- 29‬‬
‫‪36‬‬
‫اتباعها لضمان حقوقه‪ ،‬ما دام ام اجـال ظهـير ‪ 1955-05-24‬هي اجـال قصـيرة‪ ،‬اطولهـا سـنتين‬
‫الذي هو اجل سقوط ال يتم قطعه او وقفه‪ ،‬كمــا هــو الحــال في اجــال التقــادم الــتي يتم قطعهــا ولــو‬
‫قدمت الدعوى الى قاض غير مختص او حكم بعدم قبولها لعيب في الشكل طبقــا للفصــل ‪ 381‬من‬
‫ق ل ع‪ ،‬هذا ان لم تكن عناصر االصل التجاري قــد انــدثرت بســبب انشــغال المكــتري بالمســاطر‬
‫القضائية عوض زبانائه وتوريداته ‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫وما قد يزيد من طول المساطر وتعقدها هو قضــاء كــل من المحكمــة التجاريــة والمحكمــة العاديــة‬
‫(سواء ابتدائيا او استئنافيا) اما بعد اختصاصهما معا او اختصاصهما معا ‪ ،‬فــالحكم والحالــة هاتــه‬
‫هو المجلس االعلى باعتباره المحكمة االعلى درجة منهما معا طبقا للفصل ‪ 13‬من قانون ‪90-14‬‬
‫من قانون المحاكم االدارية والمادة ‪ 353‬من ق م م ‪.‬‬
‫وفي انتظار تدخل المشرع‪ ،‬بالمصادقة على مقترح قانون ‪ ،5-33-06‬فقــد تــدخل المجلس االعلى‬
‫واستقر على جعل االختصاص للمحاكم التجارية في العديـد من قراراتـه المتـواترة‪ ،‬بدايـة بقـراره‬
‫عــدد ‪ 2248‬بتــاريخ ‪ 2001-11-14‬ملــف تجــاري عــدد ‪ ،2227/00‬اذ جــاء في حيثياتــه ‪... " :‬‬
‫المادة ‪ 5‬من القانون المحدث للمحاكم التجارية أسندت االختصاص لهذه األخيرة بالنسبة للنزاعات‬
‫المتعلقة باألصول التجارية وأن حق التوبة يخضع لمسطرة تجديد عقــد كــراء محــل معــد للتجــارة‬
‫الذي هو أحد عناصر األصل التجاري الداخل في النزاعــات المتعلقــة باألصــول التجاريــة ‪ ...‬وان‬
‫دعوى التوبة المقدمة من طرف المكري سجلت ‪ ...‬بعد دخول القانون المحــدث للمحــاكم التجاريــة‬
‫حيز التنفيذ بأكثر من سنة‪ ،‬ومحكمة االستئناف التي ردت دفعة طاعنــة بعــدم اختصــاص المحــاكم‬
‫العادية ‪ ...‬يكون قرارها فاسد التعليـل المـوازي النعدامـه‪ ،‬لكـون دعـوى التوبـة المقدمـة اسـتقالال‬
‫للمحكمة وبصرف النظر عما لم يتناول في هذا الموضوع قدمت مســتقلة عن دعــوى النازعــة في‬
‫أسباب اإلنذار وبعد دخول القانون المحدث للمحاكم التجارية حيز التطبيق مما يعرضه للنقض "‪.‬‬
‫وقد سار قضاء الموضوع في هذا التوجه كما جاء في قرار محكمة االستئناف التجارية بفاس رقم‬
‫" ‪ "450‬الصــادر بتــاريخ ‪ 2006-03-28‬ملــف عــدد ‪ ،06-446‬وقرارهــا رقم " ‪ "508‬الصــادر‬
‫بتاريخ ‪ 2006-04-04‬ملف عدد ‪.06-409‬‬
‫في حين ذهب مقترح القانون رقم قانون ‪ 5 -33-06‬رقم قانون ‪ 5 -33-06‬رقم قانون ‪5 -33-06‬‬
‫في المادة ‪ 30‬على أنه ‪:‬‬
‫" تختص المحــاكم التجاريــة بــالنظر في النزاعــات المتعلقــة بتطــبيق هــذا القــانون‪ ،‬غــير أنــه في‬
‫المناطق التي ال توجد بها المحاكم المذكورة‪ ،‬فإن المحاكم االبتدائيــة الموجــودة بــدائرتها المحالت‬
‫التجارية أو الصناعية أو الحرفية هي المختصة للبت في النزاعات المتعلقة بهذا القانون" ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫خاتمــــــــــــــــــــــــــــــة ‪:‬‬
‫يتبين من خالل استعراض مختلف الجوانب المرتبطــة بــالتطبيق القضــائي لنصــوص ظهــير ‪-24‬‬
‫‪ 1955-05‬المتعلق بالكراء التجاري‪ ،‬بان القضاء اقر مجموعة من القواعــد لســد الفراغــات الــتي‬
‫تعــتري الظهــير المــذكور‪ ،‬والناتجــة احيانــا عن اخطــاء في الترجمــة واحيانــا عن التبــويب غــير‬
‫المنسجم البوابه بالخلط بين القواعد االجرائية والقواعــد الموضــوعية ‪ ،‬واحيانــا اخــرى اثــر عــدم‬
‫تحيين مقتضياته وفق القوانين المستحدثة على مستوى التنظيم القضائي وقانون المســطرة المدنيــة‬
‫مما يصعب معه فهم قصد المشرع‪.‬‬
‫وقد كشف التطبيق القضائي عن عورة هذا القصور التشريعي من خالل الممارسة القضائية الزيد‬
‫من نصف قرن من الزمن‪ ،‬مما ادى الى تضــارب االحكــام القضــائية ســواء على مســتوى محــاكم‬
‫الموضوع اوحتى على مستوى قضاء اقسام الغرفة الواحــدة بــالمجلس االعلى‪ ،‬فقــد اتخــذ المجلس‬
‫االعلى اجتهادات معينة وتراجع عنها‪ ،‬في غير ما مرة‪ ،‬ليتم الرجوع بعد ذلك لالتجاه االول‪ ،‬ممــا‬
‫استدعى‪ ،‬في بعض الحاالت‪ ،‬تدخل مجلس الرؤساء للتنبيه الى ضرورة توحيد االتجــاه ‪ ،‬كمــا مــر‬
‫معنــا بخصــوص امكانيــة الخيــار بين القواعــد العامــة وظهــير ‪ 1955-05-24‬لالفــراغ من اجــل‬
‫التماطل في اداء واجبات الكراء‪.‬‬
‫ونتمــنى ان يفتح النقــاش مليــا بخصــوص مقــترح القــانون رقم ‪ 5 -33-06‬المتعلــق قــانون كــراء‬
‫العقارات أو المحالت المخصصة لالستعمال التجاري والصناعي والحرفي ‪ ،‬على مستوى جميــع‬
‫المعنيين من حقوقيين وجامعات ووزارات وصــية حــتى ال تتكــرر تجربــة ظهــير ‪1955-05-24‬‬
‫الذي انقلبت الغاية منه‪ ،‬احيانا‪ ،‬الى نقيض القصد فعوض تكريس الحماية للمكتري في حدود عــدم‬
‫االضــرار بالمالــك ارهــق الطرفــان معــا بمســاطر واجــرارءات الحــول لهمــا وال قــوة‪ ،‬واعتمــاد‬
‫االجتهادات التي استقر عليها المجلس االعلى حتى تكون نقطة النهاية في تطــبيق ظهــير ‪-05-24‬‬
‫‪ 1955‬هي نقطة البداية في تطبيق مقترح القــانون المــذكور ان كتب لــه الوجــود‪ ،‬ســيما وان نشــر‬

‫‪38‬‬
‫المعلومــة القضــائية والقانونيــة قــد اصــبح في متنــاول الجميــع بفضــل وســائل االعالم واالتصــال‬
‫الحديثة‪.‬‬
‫ذلك ان حماية استقرار االصل التجاري بتكريس ثباته عـبر سـن قواعـد حمائيـة للحـق في الكـراء‬
‫تراعي حقوق المكري كذلك‪ ،‬هي االساس لخلق الثروة ودورة الرأسمال حتى ال يعــزف اصــحاب‬
‫العقارات عن كرائها‪ ،‬ما دام انها في حذ ذاتها تعتبر خزانا ماليا تزيد قيمتـه يومـا بعـد يـوم تغـنيهم‬
‫عن المســاطر القضــائية‪ ،‬وحــتى ال يتم اضــعاف الضــمانة الماليــة للــدائنين المقيــدين على االصــل‬
‫التجــاري وبالتــالي عــزوفهم عن اقــراض المكــتري والتســبب‪ ،‬وان بــدون قصــد‪ ،‬في الركــود‬
‫االقتصادي وما يستتبعه من اثار اجتماعية ال تعفي وال تذر‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫الفهرس ‪:‬‬

‫مقدمـــــــــــــــــــــــــــــــــــة ‪1................................................................................................... :‬‬


‫مبحث أول ‪ :‬نطاق حماية الكراء التجاري قبل اكتساب الحق في الكراء‪5........................................................‬‬
‫مطلب أول ‪ :‬الضمانات القانونية المقررة للمكتري قبل اكتساب الحق في الكراء‪5..........................................‬‬
‫‪ -1‬تطبيق ظهير ‪ 1980-12-25‬بدال عن القواعد العامة‪5............................................................. .‬‬
‫‪ -2‬الضمانات المقررة للمكتري عند مراجعة السومة الكرائية ‪7........................................................ :‬‬
‫‪ -3‬ضمانات المكتري خالل مسطرة إنهاء العالقة الكرائية ‪7............................................................:‬‬
‫مطلب ثاني ‪ :‬حاالت سقوط الضمانات الحمائية للمكتري‪10................................................................ .‬‬
‫‪ -1‬حالة إخالل المكتري بالتزاماته القانونية‪10........................................................................... .‬‬
‫‪ -2‬حالة تولية الكراء والتخلي عنه ‪13.................................................................................... :‬‬
‫مبحث ثاني ‪ :‬ضمانات حماية المكتري عند اكتساب الحق في الكراء ‪14....................................................... .‬‬
‫مطلب أول‪ -‬حدود حماية المكتري خالل مسطرة إفراغ المحالت التجارية‪14............................................. .‬‬
‫أوال ‪ :‬الضمانات المسطرية والموضوعية لحماية المكتري عند المطالبة باإلفراغ‪15...................................‬‬
‫ثانيا – حاالت سقوط الضمانات المقررة للمكتري‪22.................................................................... .‬‬
‫مطلب ثاني ‪ :‬حماية الحق في الكراء بمقتضى مدونة التجارة وقانون المحاكم التجارية‪27.................................‬‬
‫اوال ‪ :‬حماية الحق في الكراء بمقتضى مدونة التجارة ‪27............................................................... :‬‬
‫ثانيا ‪ :‬حماية الكراء التجاري بمقتضى قانون المحاكم التجارية‪31........................................................‬‬
‫خاتمــــــــــــــــــــــــــــــة ‪36..................................................................................................... :‬‬

‫‪40‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫‪-‬الكتــــــــــــــــــــــــــب ‪:‬‬
‫‪ -1‬محمد الكشـبور‪ ،‬الحـق في الكـراء عنصــر في األصــل التجـاري‪ ،‬سلسـلة الدراسـات القانونيـة‬
‫المعاصرة ‪ 2‬مطبعة النجاح الجديدة الطبعة االولى ‪..1998‬‬
‫‪ -2‬احمد عاصم‪ ،‬الحماية القانونية للكراء السكني والمهني‪ ،‬دار النشر المغربية ‪1996‬‬
‫‪-3‬عبد الفتاح بنوار‪ ،‬مجموعة قانون األعمال‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الطبعة األولى ‪.2000‬‬
‫‪ -4‬محمــد الفـروجي‪ ،‬التــاجر وقــانون التجــارة بــالمغربن سلســلة الدراســات القانونيــة ‪ ، 1‬مطبعــة‬
‫النجاح الجديدة الطبعة االولى ‪.1997‬‬
‫‪ -5‬عبد السالم الزوير‪ ،‬االختصــاص النــوعي للمحــاكم التجاريــة و اشــكالياته العمليــة‪ ،‬مكتبــة دار‬
‫السالم الرباط ‪.2004‬‬
‫‪ -6‬محمد المجدوبي االدريسي ‪ ،‬المحاكم التجارية بـالمغرب دراسـة تحليليـة نقذيـة الطبعـة االولى‬
‫مطبعة بابل للطباعة والنشر ص ‪.88‬‬
‫المجـــــــــــــــــــــــــالت ‪:‬‬
‫‪ -1‬المجلة المغربية لالقتصاد والقــانون المقــارن العــدد ‪ 23‬الصــادرة عن كليــة الحقــوق بمــراكش‬
‫‪.1995‬‬
‫‪-2‬مجلة قضاء المجلس االعلى عدد ‪ 50-49‬يوليوز ‪ 1997‬دار نشر المعرفة للنشر والتوزيع ‪.‬‬
‫‪- -3‬مجلة قضاء المجلس االعلى عدد ‪-54-53‬يوليوز ‪ 1999‬مطبعة االمنية الرباط ‪.‬‬
‫‪ -4‬مجلة قضاء المجلس االعلى عدد ‪-55‬يناير ‪ 2000‬مطبعة االمنية الرباط ‪.‬‬
‫‪ -5‬مجلة قضاء المجلس االعلى عدد ‪-58-57‬يوليوز ‪ 2001‬مطبعة االمنية الرباط ‪.‬‬
‫‪ -6‬مجلة القانون االقتصادي العدد ‪ 1‬دجنبر ‪ 2007‬مطبوعات الهالل وجدة ‪.2007‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ -7‬مجلة المحاكم التجارية العدد ‪ 4-3‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬وزارة‬
‫العدل الرباط ‪.2009‬‬

‫‪ -‬الندوات والمحاضرات ‪:‬‬


‫‪-1‬ندوة عمــل المجلس االعلى والتحــوالت االقتصــادية واالجتماعيــة المنظمــة من طــرف المجلس‬
‫االعلى بتاريخ ‪-20-18‬دجنبر‪ 1997‬بالرباط بمناسبة تخليد الذكرى االربعينيـة لتأسيسـه ‪ ،‬مطبعـة‬
‫االمنية الرباط‪.‬‬
‫‪-2‬النــدوة الجهويــة االولى للمجلس االعلى بعنــوان " قضــايا كــراء االمــاكن الســكنية والمهنيــة‬
‫والمحالت التجاريــة من خالل اجتهــادات المجلس االعلى" المنظمــة من طــرف المجلس االعلى‬
‫بتاريخ ‪-23-22‬فبراير ‪ 2007‬بفاس بمناسبة تخليد الذكرى الخمســينية لتأسيســه ‪ ،‬مطبعــة االمنيــة‬
‫الرباط‪.‬‬
‫‪-3‬الندوة الجهوية االولى للمجلس االعلى بعنوان " صعوبات المقاولــة وميــدان التســوية القضــائية‬
‫من خالل اجتهادات المجلس االعلى" المنظمة من طــرف المجلس االعلى بتــاريخ ‪-22-21‬يونيــو‬
‫‪ 2007‬بطنجة بمناسبة تخليد الذكرى الخمسينية لتأسيسه ‪ ،‬مطبعة االمنية الرباط‪.‬‬
‫‪ - 4‬عبد الرحيم اشميعة‪ ،‬محاضرات في القانون التجاري ملقاة على طلبة ماستر قانون المنازعات‬
‫بمناسبة مناقشة عروض المادة‪ ،‬كلية الحقوق بمكناس‪،‬السنة الجامعية ‪.2009-2008‬‬
‫‪ -5‬لطيفــة اهضــمون نمحاضــرات في الكــراء التجاريــة ملقــاة على الملحقين القضــائئن فــوج ‪29‬‬
‫‪ 2002-2000‬بالمعهد الوطني للدراسات القضائية ‪.‬‬
‫البحوث والمقاالت ‪:‬‬
‫‪-1‬عبــد المجيــد مليكي التنفيــذ على االصــل التجــاري ‪ ،‬رســالة نهايــة التمــرين بالمعهــد الوطــني‬
‫للدراسات القضائية بالرباط فوج ‪2002-2000 29‬‬
‫‪-2‬الملكي الحسين بعنون "مالحظات ومقترحات حول مقترح قـانون كـراء العقـارات أو المحالت‬
‫المخصصة لالستعمال التجاري والصناعي والحرفي" منشـور بجريـدة العلم عـدد ‪ 21081‬يونيـو‬
‫‪.2008‬‬
‫المواقع االلكترونية ‪:‬‬
‫‪ -1‬الموقع االلكتروني لوزارة العدل‪ /‬تشريع وقضاء‪ /‬بتاريخ ‪.2009-07-1‬‬

‫‪42‬‬
WWW.JUSTICE.GOV.MA
.2009-07-08 /‫ بتاريخ اجتهادات قضائية‬/ ‫ بوابة عدالة‬/‫ الموقع االلكتروني لوزارة العدل‬-2
.WWW.JUSTICE.GOV.MA/ADALA
-06-15 ‫ بتــاريخ‬/‫ اجتهادات قضائية‬/‫ الموقع االلكتروني لمحكمة االستئناف التجارية بمراكش‬-3
.2009
http://www.tcmarrakech.justice.gov.ma/tcmarrakech/ar/presentation/
presentation.aspx
-06-15 ‫ بتــاريخ‬/‫ اجتهــادات قضــائية‬/‫ الموقع االلكتروني لمحكمة االســتئناف التجاريــة بفــاس‬-4
.2009
http://www.cacfes.ma .

: ‫المراجع باللغة الفرنسية‬


-Georges Repert ,René Roblot, traite de droit commercial tome 1 , 16
édition, librairie générale de droit et de jurisprudence , e t a 1996, Paris.

43
44

You might also like