Professional Documents
Culture Documents
عقد الكراء التجاري
عقد الكراء التجاري
مقدمـــــــــــــــــــــــــــــــــــة :
السنة الجامعية
2012م 1201 /م
يعتبر الحق في الكراء من بين أهم عناصر األصل التجاري في حالة عدم ملكية مالك هذا األخــير
للعقــار الــذي أســس عليــه أصــله التجــاري ،لكــون العقــار ال يعتــبر عنصــرا من عناصــر ا ألصــل
التجاري الذي هو مال منقول معنوي .
وقد نصت المادة 80من قانون 15-95بشــأن مدونــة التجــارة الصــادر بتــاريخ 13مــاي ،1996
على الحق في الكراء التجاري باعتبــاره العنصــر الثــالث من عناصــر األصــل التجــاري ،ونظــرا
ألهمية هذا العنصــر الـذي قــد يحـدد مصــير هـذا الالصـل وجـودا و عـدما فقـد افــرد لـه المشـرع
مقتضيات خاصة ترمي إلى حماية المكتري من خالل تنظيم عالقته بالمكري بمقتضى ظهــير 24
ماي 1955الذي يضم 47فصـال والـذي جـاء بمقتضـيات مهمـة بديلـة للقواعـد القانونيـة العاديـة
المتعلقة بإيجار الشيء (سواء كان عقــارا أو منقــوال) حســب الفصــول 626إلى 699من ق ل ع،
بعدما كان منظما بمقتضى ظهير 17يناير 1948الذي تم إلغاؤه بنص الظهير المذكور.1
ويرجع المصدر التاريخي لحماية الكراء التجاري إلى ظهــير 21مــارس ،1930الــذي كــان يقــر
حماية تماثل حماية المشرع الفرنسي حسب قــانون 30يونيــو ، 1926وبعــدما كشــفت التطبيقــات
القضائية للمحاكم العصرية المتكونة من قضاة فرنسيين عن مجموعة من الثغــرات في ظهــير 17
يناير 1948تم سن ظهير 24ماي 1955المطابق للقانون الفرنسي المؤرخ في 30يونيو.1953
إال أن هذا الظهير لم يفرد تعريفا خاصا بحق الكراء التجاري كما لم تعرفه مدونة التجارة ،ليتولى
ذلك الفقه ،إذ عرفه الفقيه المصري احمد محمد محرز بأنه " حق التاجر في البقاء في العقار الذي
يباشر فيه التجارة والتنازل عن هذا الحق للغير في حالة تصــرفه في المحــل التجــاري" ،وعرفــه
األستاذ محمد لفروجي بأنه " يقصد بالحق في الكــراء ،المنصــوص عليــه في الفقــرة 2من المــادة
80من مدونة التجارة ضمن العناصــر المعنويـة لألصــل التجـاري ،ذلـك الحـق المخـول للتـاجر،
المستأجر للعقار الذي يباشر فيــه تجارتــه ،من جهــة في البقـاء في هــذا العقـار عن طريــق تمتيعــه
بتعويض عادل عن اإلخالء في حالة رفض المؤجر تجديــد عقــد الكــراء ،عنــد انتهــاء مدتــه ،ومن
جهة أخــرى في التنــازل عن الكــراء للغــير في الحالــة الــتي يعمــد فيهــا الى التصــرف في األصــل
التجاري بالبيع أو بأحد أوجه التصرف المنصوص عليها في المادة 81من مدونة التجارة ،كتقديم
األصل التجاري حصة في شركة لو بتخصيصه بالقسمة أو المزاد" ،ويعتبر حق الكراء التجاري
من أهم عناصــر األصــل التجــاري ،إذ يعتــبر التخلي عن الحــق في الكــراء تخليــا عن األصــل
التجــاري برمتــه إذ ال يتصــور امتالك أصــل تجــاري دون حــق في اإليجــار ،فهــو ذلــك العنصــر
محمد الكشبور ،الحق في الكراء عنصر في األصل التجاري ،سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة 2مطبعة النجاح الجديدة الطبعة -1
االولى ..1998
2
المعنوي الذي يربط األصل التجاري كمنقول معنوي بالعقار الذي يتأسس عليه هذا األصل بجميع
عناصره األخرى المادية والمعنوية وهو ما كرسه المجلس األعلى ،وهذا االرتبــاط بالعقــار كــان
يخضع لمقتضيات القواعد العامة المنصوص عليها بالفصــول من 626إلى 699من ق ل ع قبــل
أن ينظمه ظهير 24ماي 1955المتعلق بالكراء التجاري والذي لم يعرف أي تعديل منذ صدوره
رغم التحوالت االقتصــادية والثـورة القانونيـة بـالمغرب ورغم أن بعض مقتضــياته قــد تجاوزتهـا
المقتضيات القانونية للتنظيم القضائي للمملكة بمقتضــى ظهــير 30شــتنبر 1974إذ لم يعــد هنــاك
مكان للمحاكم الفرنسية والمحـاكم المخزنيـة المنصــوص عليهـا في ظهـير الكـراء التجـاري ،كمـا
2
تجاوزه قانون 95-05المنشئ للمحاكم التجارية.
وقــد أوضــح الفصــل األول من ظهــير 24مــاي 1955بــأن مقتضــيات الظهــير تطبــق على عقـود
اإليجار المتعلقة باألماكن المستعملة للتجــارة أو الصــناعة أو الحرفــة الــتي أبــرمت مــع الدولــة أو
الجماعات العمومية ،أو المؤسســات العموميــة في شــان أمالك أو أمــاكن أعــدت لمصــالح وجــدها
الحال تستغل بمشاركة الدولة إما وقت إبرام العقد أو قبلــه ،وكــذا على عقــود إيجــار األمالك الــتي
تشغلها مؤسسات التعليم أو الصناعيون.
وهكذا فانه ال يستفيد من حماية ظهير 24ماي 1955سوى األمالك المستعملة للتجارة والصــناعة
والحرفة ،واألماكن الالحقة بها بشرط أن تكون ضرورية الســتغالل تلــك األمــاكن ،الشــيء الــذي
يبعد تطبيق مقتضيات هذا الظهير على عقود اإليجار التي ال يمكن اعتبارها عقود إيجار عقارية.
إال أن اكتساب الحــق في الكــراء الــذي يخــول تطــبيق مقتضــيات الظهــير المــذكور على المحالت
أعاله ،قد أحيط بشرط أساسي يتعلق بالمدة الزمنية الــتي يجب أن يعيشــها األصــل التجــاري فــوق
العقار حتى يكتسب مالكه الحـق في اإليجـار ،والـتي حـددت في مـدة سـنتين إذا كـان عقـد الكـراء
مكتوبا أو أربع سنوات إذا كان العقد شفويا .
لكن اإلشكال يطرح عند عدم تـوفر الشـرط المـذكور في حين يكـون األصـل التجـاري قـد خـاض
أشــواطا في تأســيس الزبنــاء وابــرام صــاحبه عقــودا للتوريــدات و شــراء معــدات وبضــائع عــبر
اقتراض مبالغ مهمة عند بداية التأسيس للعمــل التجــاري او حــتى مــرور مــدة زمنيــة لهــا أهميتهــا
بالمنطق االقتصادي والتجاري وان قلت عن سنتين اذا كــان عقــد الكــراء كتابيــا او قلت عن اربــع
سنوات ان كان عقد الكراء شفويا ،فهل تخضع العالقة الكرائيــة بين مالــك العقــار ومالــك األصــل
التجاري لمقتضيات القانون المدني باعتبارها الشريعة العامة وبالتالي يبقى مالك األصل التجاري
تحت رحمة بنود العقـد الـتي تنبـني على الحريـة التعاقديـة طبقـا للفصـل 230من ق ل ع ومن تم
إمكانيــة وضــع حــد لعقــد الكــراء طبقــا للفصــول 623إلى 694من ق ل ع حســب شــرط المــدة
2
احمد عاصم ،الحماية القانونية للكراء السكني والمهني ،دار النشر المغربية 1996
3
المنصوص عليه في العقد ما دام أن المكتري لم يكتسب بعد الحق في الكــراء ،وهــو مــا ال يســتقيم
مع منطق القانون التجاري اللبرالي الــرامي إلى دعم تكــوين الــثروة وتنميتهــا ،أم أن األمــر غــير
ذلك؟ وهل للقضاء دور في تكريس مخرج قانوني حمائي لألصل التجاري ،في هذه الحالـة ،وهـل
حاول هذا القضاء التنسيق بين النصوص القانونية إليجاد نسق منطقي يخلص المكتري ( صاحب
المشروع االقتصادي) من سيف الحرية التعاقدية ؟
فقد حاول العمل القضائي بجميع درجاته ضمانا لحماية األصل التجاري الــذي أصــبح إضــافة إلى
كونه نواة صلبة لالئتمان التجاري والستقرار الشغل ووسيلة لضمان السلم االجتماعي ،مــا دام أن
أي خلل في البنيات االقتصادية ســوف يــؤدي بالنتيجــة إلى انتشــار مظــاهر البــؤس واالضــطراب
االجتماعي ،وهو ما سنحاول مقاربته في معرض هذا العرض.
لكن مع توفر الشروط الموجبة لتطبيق مقتضيات ظهير 24ماي 1955يكون المكتري في موقــع
أكثر حمائية ،إذ تهدف تلك المقتضيات إلى تكريس حماية الملكية التجارية لألصل التجاري الذي
يكون قد اكتسب سمعة تجارية و زبناء خالل مدة أربع سنوات إذا كان عقد الكراء شــفويا أو أربــع
سنوات إذا كان العقد شفويا وهو ما قد يزعزع أركان الملكية العقاريــة الــتي ظلت محميــة بأســمى
قانون في الدولة بمقتضى الفصل 15من الدستور ،وحــتى بــالمواثيق الدوليــة كمــا نص على ذلــك
العهد الدولي المتعلق بالحقوق االقتصادية واالجتماعية لسنة .1966
إال أن تعقد المساطر القانونيـة وإفراطهـا في الشـكليات بضــرورة سـلوك مسـاطر محـددة ومعقـدة
أحيانا سواء عند الرغبة في إعادة تحديد السومة الكرائية للمحــل المكــرى أو محاولــة إفراغــه ،قــد
يفرغ المظاهر الحمائية لظهير 1955-05-24من محتواها سيما مع الجهــل بالمقتضــيات اآلمــرة
للظهير التي يترتب عن عدم االنضباط لها سقوط الحق.
ومهما يكن فان الظهير المذكور يشكل وحدة متكاملة من قواعـد الشـكل والموضــوع تتناسـق فيمـا
بينها لتشكل كتلة قانونية تعنى بحق الكراء وبتنظيم العالقة الكرائيـة بين المكـري والمكـتري ،لكن
التطــبيق القضــائي باعتبــاره األداة الحيــة لبث الــروح في النص القــانوني والكشــف عن عوراتــه،
والتحليل الفقهي باعتباره آلة التقويم للنص التشريعي والعمل القضائي ،قد أبانا عن عدة اختالفــات
متباينة وأحيانا متضاربة سواء على مستوى محاكم الموضوع في مختلف ربــوع المملكــة أو على
مســتوى المجلس األعلى وحــتى بين قــرارات المجلس األعلى نفســه ،وقــد تكــرس هــذا التضــارب
واالختالف بشــكل صــارخ بمناســبة البث في تنــازع االختصــاص النــوعي بعــد إنشــاء المحــاكم
التجارية بمقتضى قانون 53-05بين هذه المحاكم والمحاكم المدنية.
وهو ما افرز نقاشا فقهيا خصبا في ردهات المحافل العلمية على مستوى كليات الحقوق والنــدوات
المنظمة من طرف وزارة العدل والمعهد العالي للدراسات القضائية ،وهــو مــا دفــع المشــرع إلى
4
الدفع بمقترح قانون ألجل تعديل هذا الظهير والذي لم يرى النور بعــد وهــو مــا ســنعرج عليــه في
حينه.3
ومن خالل كــل مــا ســبق تتضــح لنــا أهميــة الموضــوع اعتبــارا ألهميــة حمايــة األصــل التجــاري
كضمانة لالستقرار االقتصادي والعمالة واالئتمان ،الذي ال يتأتى إال برصد المقتضــيات القانونيــة
الضامنة لهذه الحماية للوقوف على مكــامن الضــعف والقــوة ســواء في النص القــانوني أو تطبيقــه
القضائي اعتبارا لضرورة الموازنة بين حقوق المكري والمكتري حتى ال يصبح الكراء التجــاري
نزعا مقنعا للملكية العقارية ولتفادي عزوف مــالكي العقــارات عن كرائهــا وبالتــالي تقليص دائــرة
االستثمار في دائرة محدودة من الفاعلين االقتصاديين تملك أو قادرة على تملك العقــارات ،والــذي
قد يقلب األهداف المرسومة لحماية األصل التجاري رأسا على عقب.
من تم فان اإلشكالية المحورية للموضوع تكمن في مدى الحماية التي يقررهــا المقتضــى القــانوني
للمكتري في المحالت التجارية استثناءا من القواعد العامة ،وكيف جسد القضاء هذه الحمايــة على
مستوى تطبيقــه لظهــير 24مــاي 1955والمقتضــيات القانونيــة االخــرى الــتي تنظم عقــد الكــراء
بمقتضى مدونة التجارة ؟.
هذا ما سنحاول بسطه في معرض نقط هذا العرض وفق خطة البحث التالية :
مبحث أول :نطاق حماية الكراء التجاري قبل اكتساب الحق في الكراء
مطلب أول :ضمانات المكتري قبل اكتسابه الحق في الكراء
مطلب ثاني :حاالت سقوط الضمانات الحمائية للمكتري.
مبحث ثاني :ضمانات حماية المكتري عند اكتساب الحق في الكراء
مطلب أول :حدود حماية المكتري خالل مسطرة إفراغ المحالت التجارية.
مطلب ثاني :حماية الحق في الكراء بمقتضى مدونة التجارة وقانون المحاكم التجارية.
خاتمـــــــــــــــــــــــــــــــــــة
مبحث أول :نطاق حماية الكراء التجاري قبل اكتساب الحق في الكراء.
إن استفادة المكتري من حماية ظهير 24ماي 1955مشروط بقضائه مدة سنتين بالعقــار إذا كــان
العقد كتابيا أو أربع سنوات إذا كان العقد شفويا ،وبعدم توفر الشــرط المــذكور فــان القضــاء اوجــد
مخرجا قانونيا لضمان حماية المكتري حيادا عن الحرية التعاقدية ،فكيف اهتدى القضــاء إلى هــذه
محمد الكشبور ،الحق في الكراء عنصر في األصل التجاري ،سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة 2مطبعة النجاح الجديدة الطبعة -3
االولى ..1998
5
الحماية وما هي اآلثار المترتبة عن ذلك ،وما هو جزاء إخالل المكتري بالتزاماته القانونيــة خالل
هذه الفترة ؟
مطلب أول :الضمانات القانونية المقررة للمكتري قبل اكتساب الحق في الكراء
6
األنواع من األصول التجارية كمعامل الخياطــة مثال قــد يســتغرق مــدة تفــوق الســنة ،وبالتــالي ال
يعقل تجريد صاحبها من أية حماية لالعتبارات السالفة الذكر.4
هكذا و حيادا عن القواعد العامة فانه تتم مخاطبــة المكــتري بمقتضــيات ظهــير 25دجنــبر 1980
المتعلق بتنظيم العالقة الكرائية للمحالت العدة للسكنى أو االستعمال المهني ،
وهو ما كرسه العمل القضائي في ربوع المملكة ،مما أتاح للمكتري مجموعة من الضمانات الــتي
تخوله االستمرار في اعتمار المحل المكرى رغمــا عن بنــود العقـد الــتي تحــدد مــدة عقـد الكــراء،
فيتعين على المكري احترام مقتضيات هذا الظهير و إال حق للمكتري مطالبته بتعويضات تختلــف
بحسب الحاالت ،جبرا للضرر الذي قد يتعرض له من جــراء اإلفــراغ ،بخالف مقتضــيات قــانون
االلتزامات والعقود التي تنص على انتهــاء العالقــة الكرائيــة بانتهــاء المــدة المحــددة في العقــد بين
الطرفين طبقا للفصل 687من ق ل ع ،والتي ال تعطي للمكتري أيــة ضــمانات تــذكر إال مــا نص
عليه العقد ،وبذلك تقوض جهوده المبذولة لتأسيس أصله تجاري ،وبذلك فان عقد الكــراء ال ينتهي
بانتهــاء مدتــه وانمــا يسترســل بالمشــاهرة اذا لم يقم المكــري بتوجيــه انــذار للمكــتري بــاالفراغ
وتصحيحه من طرف المحكمة طبقا للفصلين 8و 18من ظهير .1980-12-25
وتمشيا مع هذا المنطق فقد جاء في قــرار المجلس األعلى عــدد 1969بتــاريخ " 1987-09-21
وحيث انه ما دام األمر كذلك فــان المحــل المطلــوب إفراغــه لم يكن حين المطالبــة بــه قــد اكتســب
طابعا تجاريا أو صناعيا أو حرفيا هذا الطابع الذي يعتبر شرطا من شروط تطبيق ظهير 24ماي
1955حسبما ينص عليه الفصل 1منه ممــا يجعلــه -والحالــة هــذه -خاضــعا لقــانون 25دجنــبر
1980الذي ينص في فصله األول على أن مقتضياته تطبق على أكرية األماكن المعدة للسكنى أو
لالستعمال المهني والتي ليس لها طابع تجاري أو صناعي أو حرفي أينما كان موقعها وكيفما كان
تاريخ بنائها إذا لم تكن خاضعة لتشريع خاص" .
كما ان المكري يكون ملتزمـا اتجـاه المكـتري الـذي لم يكتسـب بعـد الحـق في الكـراء ،رغمـا عن
إرادته ،بــاحترام مقتضــيات ظهــير ،1980-12-25عنــدما يــرغب في بإنهــاء العالقــة و بــاحترام
مقتضيات الظهير الشــريف الصــادر بتــاريخ 2007-11-30بتنفيــذ القــانون رقم 07-03المتعلــق
بكيفية مراجعة اثمان كراء المحالت المعدة للسكنى او االستعمال المهني او التجاري او الصناعي
او الحرفي .
4
احمد عاصم ،الحماية القانونية للكراء السكني والمهني ،دار النشر المغربية 1996
7
-2الضمانات المقررة للمكتري عند مراجعة السومة الكرائية :
فطبقا للمواد 4-3- 2من ظهير 2007-11-30فانه ال تتم مراجعة السومة الكرائية اال بعد مرور
اجــل 03ســنوات على الســومة الســابقة المحــددة اتفاقــا او قضــاءا ،وذلــك بنســبة % 8من قيمــة
السومة الحالية بالنسبة للمحالت السكنية وال يستفيد المكري للمحل التجاري من الزيادة بنســبة 10
%اال اذا كان العقد كتابيا لكون هذه النسبة ال تطبق اال عندما يكتسب المكــتري الحــق في الكــراء
بمرور سنتين عن عقد الكراء.
ويمكن للطرفين االتفـاق على نسـبة غـير النسـبة المحـددة من طـرف المشـرع وكـذا على شـروط
مراجعة ثمن الكـراء طبقـا للمـادة 2من الظهـير مـا عـدا شـرط مـرور ثالث سـنوات اذ ال يجـوز
االتفاق على مدة اقل ،وهو ما يشكل ضمانة الستقرار المكتري التاجر بالمحل المكرى.
وتنص المادة السادسة على تخصيص المكــتري بامتيــاز إمكانيــة طلب مراجعــة الســومة الكرائيــة
طبقا للفصلين 660و 661من ق ل ع كلما تعيبت العين المكراة بشكل يقلل من االنتفاع بها او لم
تتضمن الوصف الموعود في العقد ،وذلك بقدر النقص الحاصل في االنتفاع .
وتفاديا إلرهاق المكتري المقبل على استعمال العقــار ســواء للســكنى ( أو التجــارة) ،فانــه ال يمكن
للمكري تحت طائلة بطالن الشرط أن يلزم المكــتري حين تســلمه للمحــل بــأداء كفالــة تفــوق مبلــغ
وجيبة شهر كضمان لتأدية الكراء ،أو للتعويض عن األضرار التعسفية التي قــد يحــدثها المكــتري
في األماكن المكراة ،وترد هذه الكفالة إلى المكتري عند مغادرته المحل بعد تنفيذ جميع التزاماته.
8
38و 39من قانون المســطرة المدنيــة ،ويعتــبر تــاريخ التســليم بالبريــد أو بكتابــة ضــبط المحكمــة
المختصة بداية لإلشعار باإلفراغ.
إال أن تبليغ اإلنذار ينطوي على مجموعـة من اإلشــكاالت العمليــة الــتي تنتج اثــر تحايــل المكــري
الراغب في إفراغ المكتري في مواجهــة الضــمانات المقــررة لــه كمــا تمت اإلشــارة لــذلك ،والــتي
حاول القضاء معالجتهــا في غيــاب للنص التشــريعي ،فقــد قضــى المجلس األعلى في قــراره عــدد
1995بتـــاريخ 1986-09-10انـــه يجب طبقـــا للفصـــل 6من ظهـــير 1955-05-24أن يثبت
المكري أن المكتري توصل بصك اإلنذار وليس بمجرد ظرف بريدي وان توصل المكــتري بهــذا
الظرف ال يفترض حتما انه كان بداخله صك اإلنذار.
وطبقا للفصــل 10من ظهــير 1980-12-25إذا رفض المكــتري اإلشــعار بــاإلفراغ صــراحة أو
ضمنا وذلك ببقائه في المحل بعد مضي أجله أمكن للمكري أن يرفــع األمـر إلى القاضــي ليصــرح
عند االقتضاء بتصحيح اإلشعار والحكم على المكــتري أو من يقــوم مقامــه أو بإذنــه بــاإلفراغ مــع
ضمان مستحقات المكتري في التعويض المقرر اعتبارا للسبب المبرر لطلب اإلفراغ.5
والمحكمة ال تحكم باإلفراغ إال إذا توفرت الشروط الموضوعية والشكلية لطلب اإلفراغ
فال يمكن للقاضــي تصــحيح اإلشــعار بــاإلفراغ إال إذا كــان المكــري يــرغب في اســتغالل المحــل
للسكنى بنفسه أو أصوله أو فروعه المباشــرين أو المســتفيدين – إن كــانوا – من الوصــية الواجبــة
المؤسسة بمقتضى الفصل 266وما يليه من مدونة األحوال الشخصية ،وبعد توفر شــرطين اثــنين
بأن يكون المحل المطلوب إفراغه ملكا للمكري منذ ثالث سنوات على األقــل من تــاريخ اإلشــعار
باإلفراغ ،تفاديا للمضاربة على االرتفاع المطرد لقيمة العقار ولسومة الكرائية ،والــذي من شــأنه
زعزعة مركز المكتري باعتباره الطرف الضعيف في المعادلة الكرائية ،كما ربط المشرع ســبب
اإلفراغ بشرط أخــر يقــارب بين األولويــات االجتماعيــة وذلــك بــأن يكــون المكــري أو أصــوله أو
فروعه حسب األحوال ال يشغلون سكنا في ملكهم وكافيا لحاجياتهم العادية ،وهــو المقتضــى الــذي
افرز عدة صعوبات على المستوى التطــبيقي ،إذ كيــف يمكن تحديــد الحاجيــات العاديــة ؟ فمــا هــو
كاف بالنسبة لشخص معين قد ال يكون كافيــا بالنســبة لشــخص أخــر اعتبــارا لمركــزه االجتمــاعي
(نوع العمل أو الوظيفة) أو العائلي ( عدد األبناء أو الزوجات) وما هو الحال في حالة الرغبــة في
إسكان زوج المكري الذي قد يكون يعمل بعيدا عن بيت الزوجيــة في حين أن الــزوج المكــري لــه
محل مكرى في مكان عمل زوجه ،ما دام أن النص القانوني لم ينص على استفادة الزوج من هــذا
5
عبد الفتاح بنوار ،مجموعة قانون األعمال ،مطبعة النجاح الجديدة الطبعة األولى .2000
9
المقتضى ؟ كما يطرح إشكال إثبات المكتري لتوفر المكري على محل كــافي لحاجياتــه خصوصــا
إذا لم يكن المحل المطلوب إثبات وجوده محفظا ؟
وال يعفى المكري من إثبات الشرطين المذكورين إال إذا عرض على المكتري سكنا موازيا للمحل
المطلوب إفراغه بنفس الشروط ونفس القيمة الكرائيـة ،وهـو مـا ال يـراهن عليـه المكـرون عمليـا
ألنهم لن يجــازفوا بتكــرار نفس التجربــة مســتقبال ســيما وان مســطرة اإلفــراغ غالبــا مــا تنتهي
6
بخصومة بين الطرفين نظرا لتعدد المساطر القانونية بشأنها.
إال انه هناك حاالت لإلفراغ غير مقيدة بالشرطين المذكورين نص عليهما المشرع في الفصل 15
من ظهير ،1980-12-31لكن المشـرع أحاطهـا بضـمانات هامـة لفائـدة المكـتري ،فقـد جـاء في
الفصل المذكور انه " يتعين تصحيح اإلشــعار بــاإلفراغ إذا كــان هــدم المحــل أو إدخــال تغيــيرات
هامة عليــه ضــروريا ،وفي هــاتين الحــالتين يحظى المكــتري باألســبقية للرجــوع إلى المحــل بعــد
إصالحه أو إعادة بنائه بشرط أن يستعمل هذا الحق داخل الشهرين المواليين إلشعار من المكــري
و إال سقط حقه " وذلك بعد إخبار المكري له قبل نهاية اإلصالح أو البناء بشهرين بإحدى الطرق
المشار إليها في الفقرة األولى من الفصل العاشر من الظهير ،ويتم تحديد الكراء الجديد سواء كان
باتفاق الطرفين أو بحكم القاضي مجموع الصـائر والتغيـيرات المدخلـة على المحـل ورأس المـال
المستثمر.
كما يلزم المكري في حالة تصحيح اإلشعار باإلفراغ -مــا لم يكن هــذا التصــحيح ناشــئا عن خطــأ
ارتكبه المكترى– أن يؤدي زيادة على صائر االنتقال مقابل إثبـات تعويضـا مبلغـه وجيبـة الكـراء
لمدة ستة أشهر حسب آخر سومة كرائية أداها المكتري ،وبخصوص هذه الحالة فقد أصبح يطرح
إشكال إثبات هذه السومة إذا كان العقد شفويا ولم يكن المكري يسلم وصوالت الكراء للمكــتري إذ
يحاول المكري إثبات سومة منخفضة عن السومة الفعلية لكي يسلم المكتري تعويضا اقل في حين
يحاول المكتري إثبات سومة اكبر من السومة الفعلية ليسـتفيد من تعـويض اكـبر سـيما مـع تعـديل
الفصل 443من ق ل ع الذي كان يحصر اإلثبــات بشــهادة الشــهود لالتفاقــات الــتي من شــأنها إن
تعدل االلتزامــات أو الحقــوق في مبلــغ 250درهم لتمتــد هــذه اإلمكانيــة حــتى مبلــغ 10.000,00
درهم وهو ما يفتح الباب بين الطرفين لمحاولة إثبات ادعاءاتهما.7
6
عبد الفتاح بنوار ،مجموعة قانون األعمال ،مطبعة النجاح الجديدة الطبعة األولى .2000
7
محمد الفروجي ،التاجر وقانون التجارة بالمغربن سلسلة الدراسات القانونية ، 1مطبعة النجاح الجديدة الطبعة االولى .1997
10
لكنه إذا كان سبب اإلفراغ المستند عليه والــذي أدى إلى إفــراغ المكــتري ســببا غــير حقيقي ،فانــه
يحق للمكتري بعد إفراغه ،باختياره تبعا لإلشعار ،أو تنفيـذا للحكم القاضـي بتصـحيح اإلنـذار ،أن
يطالب المكرى بتعويض يعادل الضرر الــذي لحقــه إذا ثبت أن الســبب غــير مطــابق للواقــع وهــو
التعويض الذي تقرر فيه المحكمة استنادا إلى سـلطتها التقديريـة ،إال انـه نـادرا مـا يلجـأ المكـتري
المحكوم عليه باإلفراغ إلى ممارسة هذا الحق نظرا للجهل بهــذا المقتضــى أو رغبــة منــه في طي
المساطر القضائية التي أرهقت كاهله عند مطالبته باإلفراغ.
وعلى العكس من هذا الزخم من الضمانات القانونية المخولة للمكتري ( المكتري التــاجر الــذي لم
يكتسب الحق في الكــراء) ،فــان موقعــه القــانوني قــد يكــون هشــا وتتالشــى الضــمانات والحقــوق
المخولة له ،ويعفى المكـري من المسـاطر المعقـدة عنـد المطالبـة بإفراغـه إذا مـا أخـل بالتزاماتـه
المحددة قانونا بمقتضى الفصل 692من ق ل ع وحالة توليــة الكــراء والتخلي عنــه طبقــا للفصــل
8
19من ظهير ، 1980-12-25وهو ما سنتطرق له في النقطة التالية.
8عبد السالم الزوير ،االختصاص النوعي للمحاكم التجارية و اشكالياته العملية ،مكتبة دار السالم الرباط .2004
11
وكل حالة من الحاالت المذكورة تطرح إشكاالت عملية مصدرها احتدام صراع القوة بين طــرفي
العالقة الكرائية ،فالمكري يريد التخلص من المكتري بأقل تكلفة والمكــتري يريــد ترســيخ مــوطئ
قدمه بالمحل المكرى سيما اذا كان يمارس التجارة بالمحل ومقبل على اكتســاب الحــق في الكــراء
الذي يخوله ضمانات أكثر حصانة له ،لذلك يحاول إيجاد مخــرج لتورطــه في خطــأ ارتكبــه اتجــاه
المكري أو اتجاه العين المكراة.
-فبالنسبة الستعمال المكتري المحل في غير ما أعد له بحسب طبيعتــه أو بمقتضــى االتفــاق ،قــد
يعكس إشكاالت عملية تتمثل في تفسير ما هي حدود ما اعد له المحل بحسب طبيعتــه أو بمقتضــى
االتفاق ،ذلك انه قد يعد المحل لتجارة معينة كتجارة المواد الغذائية ويقوم المكتري بتغيــير نشــاطه
لتجارة العقاقير فيتقدم المكري ويطالب المكتري باإلفراغ لكون المحل قد استعمل في غير ما اعــد
له بمقتضى االتفاق في حين انـه ال ضــرر للمكـري في ذلـك ،فالقضــاء ذهب إلى رفض مثـل هـذا
الطلب استنادا إلى عدم ثبوت الضرر بالنسبة للمكري في مقابــل جســامة الضــرر الــذي قــد يلحــق
بالمكتري إن هو افرغ المحل .
لكنه في الحالة المعاكسة فقد يعمد المكري إلى استغالل المحل المكرى في غير ما أعد لــه بحســب
طبيعتــه أو بمقتضــى االتفــاق بشــكل يضــر بــالمكري فقــد يكــري مالــك المحــل محلــه على أســاس
استعماله كصيدلية ليفاجأ باستعماله مخبزة بما يقتضي ذلك من تغيــير في بنيــات المحــل ومــا ينتج
عن ذلــك من أضــرار صــحية عنــد اســتعمال آليــات لهــا تــأثير صــحي ســيما إذا لم يقم المكــتري
باالحتياطات التقنية المتمثلـة في الحائـط العـازل للحـرارة إذا كـان المكـري يسـكن بجـواره أو في
الطابق العلوي للمحل المكرى ،ففي مثل هاتــه الحالــة يقضــي القضــاء بــاإلفراغ اســتنادا على هــذا
المقتضى القانوني.
-فبالنسبة لحالة إهمال المكري للعين المكراة على نحو يسبب ضررا كثيرا للمكري طبقــا للفصــل
12من ظهير 1980-12-31التي تحيل على الفصل 692من ق ل ع ،فتتمثل في قيام المكتري-
مثال -بمغادرة المحل وتركه معرضا لإلهمال والتآكل بسبب عوامل طبيعيـة ممـا قــد يفقـده قيمتـه
المادية أو التجارية إذا كان محال معدا للتجارة باندثار عنصر الزبناء وبالتــالي الســمعة التجاريــة،
ويمكن تصور مسألة اإلهمال في صــورة تــرك المحــل دون اســتغالل لمــدة طويلــة او عــدم القيــام
بأعمال الصيانة التي يلزم بها المكتري او االستعمال المفرط للعين المكراة طبقا للفصــل من 663
من ق ل ع.
ويصــعب تصــور إهمــال المكــتري للعين المــراة في صــورته األولى المتمثلــة في عــدم اســتغالل
المحل ،لون االمريقتصر على المدة التي يطبق فيها ظهير 1980-12-25والــتي تقــل عن ســنتين
أو أربع سنوات من عقد الكراء حسب األحوال ،وانــه يفـترض أن تطــول المــدة على إهمــال العين
12
المكراة حتى تشكل سببا لإلفراغ وان كان باإلمكان تصور هذه الحالة عندما يكون العقد شفويا مــا
دام انه يتم تطبيق مقتضيات الظهير أعاله حتى حدود أربــع ســنوات من العقــد ،ليتم االحتكــام بعــد
ذلك لمقتضيات ظهير 1955-05-24والتي تنص على نفس المقتضى حسب مــا ســنتناوله بمزيــد
من التدقيق في المبحث الثاني.
ويرجع تقدير وقائع هذا السبب من أسباب اإلفراغ في هــذه الحالــة الختصــاص الســلطة التقديريــة
للقضاء اعتبارا لطبيعة اإلهمال وكــذا درجــة تــأثيره على المحــل المكــرى إمــا اســتنادا إلى شــهادة
الشهود أو شهادة إدارية تعتمد على بحث السلطة الملية أو باالستعانة بالخبرة لتحديد ذلك.
-بالنسبة لحالة عدم أداء الكراء الذي حل اجل أدائه :فإنهــا تعتــبر أهم حــاالت المطالبــة بــاإلفراغ
المعروضة أمــام المحــاكم ســواء للمحالت التجاريــة أو المحالت الســكنية ،لكن األمــر يختلــف من
حيث مســطرة اإلفــراغ بين المحالت األولى والثانيــة ،إال أننــا ســنركز على وضــعية المحالت
السكنية على اعتبار أنها هي موضوع الدرس في هذا المطلب ،في حين سنتطرق لحالــة المحالت
التجارية في المطلب الثاني ،هكذا فإذا كان المحــل يخضــع لظهــير الســكنى ســواء كــان تجاريــا لم
يكتسب الحق في الكراء أو كان سكنيا ،فان المشرع أعفى المكري من مسطرة اإلنذار المنصوص
عليها بالفصل 9من هذا الظهير ،بموجب الفصل 12التي ينص على انه " يمكن للقاضي وبصفة
خاصة تصحيح اإلشعار في األحوال المشار إليها في الفصل 692من الظهــير الشــريف الصــادر
في 9رمضان 12( 1331غشــت )1913المتعلــق بقــانون االلتزامــات والعقــود وكــذا إذا ادخــل
9
المكتري تغييرات على المحل أو تخلى عنه أو واله لغيره والكل دون موافقة المكرى".
فبمجرد ثبوت التماطل طبقا للفصلين 254و 255من ق ل ع ،عن طريق طلب توجيه إنــذار من
اجل أداء الوجيبة يقدم لرئيس المحكمة ،ويبلغ للمكتري عن طريق مفوض قضائي مع إمهاله أجال
محددا على األقل في 15يوما ،وعدم إثبات المكتري ألدائه لواجبات الكراء أو إيداعها بصــندوق
المحكمة يكون التماطل ثابتا وتقضــي المحكمـة بـاإلفراغ للتماطـل الـذي ينفـذ بـالقوة العموميـة إذا
أصبح الحكم نهائيا ورفض المكتري التنفيذ ،في حين أن ضمانات المكتري في هذا الخضــم تكــون
أثر صالبة في ظهير 1955-05-24كما سنرى.
وقد يتحايل المكري ويقوم بتوجيه اإلنذار عن طريق البريد المضمون طبقا للفصــل 39من ق م م
لكن الطي يكون فارغا ،فالقضاء قد عالج ذلك فألزم المكري بإثبات توصل المكتري بصك اإلنذار
ال بالظرف البريدي درءا منه للتحايل على مسطرة اإلفراغ.
لكن األمر يكتسي نوعا من التعقيد ،بشكل أثر على مواقف القضــاء ،في الحالــة الــتي يرجــع الطي
من إدارة البريد بكونه غير مطلوب ،هل يمكن اعتبــاره توصــال وبانصــرام اجــل 15يومــا يكــون
9
عبد السالم الزوير ،االختصاص النوعي للمحاكم التجارية و اشكالياته العملية ،مكتبة دار السالم الرباط .2004
13
المكتري في حالة مطل يبرر إفراغه وفق المسطرة المشار إليها آنفا ؟ في حين أنه قد يكون غائبــا
أثناء استدعاءه من طرف إدارة البريد لتسلم الطي ،ويواجه بالتالي بـدعوى قـد تهـز أركـان أصـله
التجاري( أو محلـه السـكني) دون علم منـه والحـال انـه كـان بإمكانـه أداء الواجبـات الكرائيـة في
األجل المحدد له وتفادي اإلفراغ ،أم اعتباره غير متوصل بشكل قانوني وبالتالي ال يمكن اعتبــاره
متماطال ،ويبقى المكري محروما من واجبات الكراء الـتي قـد تكـون المصـدر الوحيـد لعيشـه ،و
تحت رحمة توصل المكتري الذي قد يتفادى التوصل بالطي من إدارة البريد إذا علم بأنه إنذار لــه
باألداء لواجبات الكراء ويبقى يساوف في القيام بالتزامه األصلي بأداء واجبــات الكــراء ومســتفيدا
من منافع العين المكراة التي قد تكون مصدر تكوين ثروته.
فبعض القضاء ذهب إلى اللجوء إلى مسطرة تعيين قيم في حق المكتري طبقا للفصــل 39من ق م
م للبحث عن المكتري المتغيب والــدفاع عنــه ،وهي مســطرة نــاذرا مــا تــؤت أكلهــا وإنمــا تتخــذها
المحكمة لتجهيز الملف فقط لكونه يتعذر القيام بها وفق الشكل القانوني العتبارات موضوعية .
واإلشكال األخر المتعلق بهذه الحالة يتمثل فيما إذا ما بادر المكتري إلى عرض وإيداع مبلغ كراء
يقل عن المبلغ المطالب به على أساس انه يكتري بسومة اقــل عنـدما يكـون العقـد شـفويا وبالتـالي
تكون السومة الكرائية غير ثابتة ،فالقضاء ذهب إلى اعتبار اإليداع الجزئي لمبلــغ الكــراء فانــه ال
ينفي التماطل تمشيا مع مقتضيات الفصل 254من ق ل ع ،إال أن المكري قد يستغل هذا الموقــف
ويقوم بتضخيم السومة الكرائية في اإلنذار بشكل تعجيزي لتوريط المكتري في مسطرة اإلفراغ ؟
إن الحل القــانوني يقتضــي من المكــتري إيــداع كــل المبــالغ المطلوبــة بصــندوق المحكمــة لتفــادي
اإلفراغ والمبادرة إلى إجراء حجز تحفظي على المبالغ المودعة استنادا إلى مقال ينازع بمقتضــاه
في المبالغ المطلوبة لكون السومة الكرائية اقل مما يطالبه به المكري والمطالبة باســترجاع المبلــغ
10
الزائد بعد إثبات ادعاءاته طبعا.
14
وفي حالة عدم منع المكري للمكـتري من ذلـك فانـه يسـتدعى المكـري ليشـارك في العقـد ،حسـب
الكيفيـات المنصـوص عليهـا في الفصـول 37و 38و 39من قـانون المسـطرة المدنيـة أو برسـالة
مضمونة مع اإلشعار يخبره بمقتضاها برغبته في التخلي عن الكراء أو توليته للغير ،و إذا رفض
المكــري المشــاركة في العقــد أو لم يجب داخــل ثالثين يومــا ابتــداء من تــاريخ توصــله باإلشــعار
يصرف النظر عن رغبته.
و إذا كان ثمن تولية الكراء يفوق وجيبة الكراء األصلية للجزء الذي وقعت توليته فللمكري الحــق
في زيادة الوجيبة األصلية بقدر ذلـك ،وإذا لم يتم االتفـاق على الزيـادة في الكـراء أو على شـروط
التخلي أو التولية فان المحكمة تبت في األمر بناء على طلب احد الطرفين.
إال انه إذا اخل المكتري بااللتزام بعدم تولية الكراء أو التخلي عنه خـارج الحـاالت أعاله فانـه من
حق المكري إفراغ المكتري األصلي والمكتري الفـرعي الــذي يعتــبر محتال بــدون ســند ،لكن مــع
احترام الشكليات القانونية المنصوص عليها في الباب األول والثاني من الظهير.
هكذا نكون قد تعرضنا لمجمل الضمانات التي قررها المشرع والعمل القضائي بشأنها ،في الحالة
التي يكون فيها المكتري لم يكتسب الحق في الكراء التجــاري بعــد ،لعــدم انصــرام المــدة القانونيــة
(ســنتين أو أربــع ســنوات حســب األحــوال) وخضــوع العالقــة الكرائيــة بين المكــري والمكــتري
لمقتضيات ظهير 1980-12-25الذي يضمن لــه طــوق النجــاة من مقتضــيات قــانون االلتزامــات
والعقود ،فما هي الضمانات المقررة للمكتري في حالــة اكتســابه لألصــل التجــاري وكيــف تعامــل
القضاء مع اإلشكاالت القانونية بشأنها.
مبحث ثاني :ضمانات حماية المكتري عند اكتساب الحق في الكراء .
فبعدما يكتسب المكتري الحق في الكراء باستيفائه للمدة القانونية بالعقار المكرى الذي يســتغل فيــه
أعمال تجارية ،يكون المكتري قد انتقل إلى بــر األمــان الــذي يعطيــه مزيــدا من الضــمانات الــتي
تحمي استقراره التجاري وهي ضمانات قــد أشــير إلى بعضــها في المطلب األول على اعتبــار أن
كل من ظهير 1980-12-25المتعلق بالكراء السكني والمهــني وظهــير 1955-05-24قــد نصــا
على نفس البنود في بعض الحاالت ،لكننا سنحاول التطرق لتلك الضــمانات والضــمانات األخــرى
بمنظــور مشــرع ظهــير 1955-05-24مــع معالجتهــا بنــوع من التركــيز ارتباطــا مــع التطــبيق
القضائي واإلشكاليات العملية المترتبة عن ذلك ،كمـا نتطـرق لحـدود تلـك الضـمانات فيمـا يتعلـق
11
بإفراغ المحالت التجارية.
11
Georges Repert ,René Roblot, traite de droit commercial tome 1 , 16 édition, librairie générale de
droit et de jurisprudence , e t a 1996, Paris.
15
مطلب أول -حدود حماية المكتري خالل مسطرة إفراغ المحالت التجارية.
لقد أفرط ظهير الكراء التجاري بخالف ظهير الكراء الســكني والمهــني في تعــداد الشــكليات الــتي
يجب على كل من المكري والمكتري احترامهــا لضــمان حقوقــه ،حــتى أن ذلــك اإلفــراط يــؤدي،
أحيانا ،إلى ضياع تلك الحقوق لما يفرضه من إلمام دقيق وحنكة في فهم النص القانوني واالطالع
الواسع على االجتهاد القضائي وعلى اآلراء الفقهية ،كما قرر ضمانات موضوعية لجــبر الضــرر
الحاصل له من جراء اإلفراغ في حدود وحاالت معينة.
16
رغبته في إنهاء العالقة الكرائية ال غير ،حسب ما جاء في قرار للمجلس األعلى تحت عــدد 778
الصادر بتاريخ .1980-10-22
ويتم توجيه اإلنذار إما برسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصــل أو طبقــا للفصــول 39-38-37من
ق م م ،لكنه لقطع الطريق عن أية دفوعات عقيمــة ،بين المكــري الــذي قــد يــدعي انــه قــد ضــمن
الظرف البريدي وثيقة اإلنذار رغم انه في الواقع قد يرسله فارغــا تحــايال على المكــتري ،أو دفــع
المكتري بأنه توصل بـالغالف البريـدي فارغـا رغم انـه توصــل فعال باإلنـذار بداخلـه ،وصــعوبة
إثبات ذلك من طرف المكري ،وبالتالي تمطيط المساطر القضائية اســتغالال لثغــرات قانونيــة ،من
تم تبقى الوسيلة الناجعة لتفـادي ذلــك هــو توجيــه اإلنــذار بعــد استصــدار أمــر بتوجيهــه من رئيس
المحكمــة طبقــا للفصــل 148من ق م م وتبليغــه للمكــتري طبقــا للفصــول 39-38-37من ق م م
بواسطة مفوض قضائي الذي يحـرر محضـرا في الموضـوع ال يتم الطعن فيـه إال بـالزور ،وفي
نظرنا المتواضع فانــه حــان الــوقت ليتــدخل المشــرع لســد للثغــرات التــدخل لفــرض إلزاميــة هــذه
12
المسطرة للتبليغ.
كمـا يجب أن يتضــمن اإلنـذار نص الفصــل 27من الظهـير واألسـباب المـبررة لإلفـراغ وإذا مـا
توصل المكتري بإنذار ال يتضــمن مقتضــيات الفصــل 27ولم يبــادر إلى رفــع دعــوى الصــلح في
ظرف اجل 30يوما المنصوص عليها في الفصل ،27فان له أجال مفتوحا لتسجيل دعواه بتجديــد
العقد من غير أن يحق للمكري الدفع بسقوط الحق لفوات األجل المذكور ،كما انــه يتعين أن تحــدد
أسباب اإلفراغ بشكل دقيــق حــتى يمكن للمكــتري المنازعــة في صــحتها ويمكن للمحكمــة مراقبــة
صحة ادعاء كال الطرفين ،لما قد يترتب على صحة اإلنذار شكال وصحة أسبابه من آثــار قانونيــة
قد تمحو أثر الملكية التجارية لصالح الملكية العقارية بإفراغ المكتري من العقار واندثار ما راكمه
المكتري من ثروات بأصله التجاري ،أو الحصول على تعويض محدد وفق الحــاالت المنصــوص
عليها قانونا ،إال أن المشرع المغــربي بخالف الفرنســي لم يــرتب جــزاء بطالن اإلنــذار اثــر عــدم
انضباط المكري لهــذا المقتضــى وإنمــا رتبت عنــه جــزاء عــدم مواجهــة المكــتري بأجــل الســقوط
المنصوص عليه بالفصل 30من الظهير.
ومن جهة أخرى فقد اعتبر القضاء أن ســلوك المكــتري لمســطرة الصــلح يســقط حقــه في التمســك
بالــدفع بــان اإلنــذار لم يتضــمن نص الفصــل 27من الظهــير مــا دام أن الغايــة من النص على
مقتضــيات الفصــل المــذكور في صــلب اإلنــذار ،والمتمثلــة في اخبــار المكــتري باجــل 30يومــا
للمنازعة في أسباب اإلنذار ،قد تحققت فعال بتقديمــه لــدعواه ،كمــا جــاء في قــرار للمجلس األعلى
عدد 837بتاريخ 2003-07-02ملف مدني عدد . 852/2002
12
.المجلة المغربية لالقتصاد والقانون المقارن العدد 23الصادرة عن كلية الحقوق بمراكش 1995
17
كما استوجب المشرع أن يتضمن اإلنذار األسباب الــتي يســتند عليهــا المكــري للمطالبــة بــاإلفراغ
حتى يتأتى للمحكمة التأكد من شرعيتها وحفظ حقوق المكتري في البقاء في المحــل او تمكينــه من
التعويض المستحق له.
لكن القضاء اختلف في تحديد آثار عدم تسبيب اإلنذار أو عدم جدية األسباب الواردة فيه ،فمنه من
اتجه إلى اعتبار ذلك سببا إلبطال اإلنذار ومنه من اعتبره مبررا لمنح التعويض الكامــل للمكــتري
وفقا للفصل 10من الظهير وقد انتهى قضاء المجلس األعلى إلى مسايرة الطرح الثــاني فقــد جــاء
في قرار المجلس األعلى عدد 1190بتاريخ 1999-7-28في الملف التجاري عدد 884/98بأنه
إن كان السبب المعتمد في اإلنذار غير صحيح فان ذلك ال يؤدي إلى الحكم بإبطاله وإنمــا إلى منح
المكتري تعويضا كامال عن اإلفراغ
لكن هذا التوجه تعترضه عدة اكراهات منها ما هو قانوني ومنها ما يرتبــط بفلســفة ظهــير الكــراء
التجاري ،فمن الناحية القانونية فانه ال يوجد نص قانوني بظهير الكراء التجــاري يعطي للمحكمــة
الحق في الحكم بالتعويض الكامل للمكتري عنـد بطالن اإلنـذار وفي المقابـل فانـه للمحكمـة إثـارة
بطالن اإلنذار تلقائيا ما دام أن إثارة البطالن هو من صميم النظام العام وال تتقيد المحكمــة بــدفوع
األطراف إلثارته ،كما انه ال يمكن للمحكمة أن تغيير موضوع الدعوى وفرض التعويض الكامــل
على المكري في حين أن إرادته اتجهت إلى توجيه إنذار للمكــتري بنــاءا على ســبب إذا مــا أقرتــه
المحكمة فانه يعفى من أداء التعويض الكامل أو أداء تعويض جزئي فقط ،واعتبارا لفلسفة مشــرع
ظهير الكراء التجاري فان هذا الظهير سن لحمايــة المكــتري وضــمان اســتمرار العالقــة الكرائيــة
وبالتـالي الـدورة االقتصـادية ،وبـذلك فمسـايرة موقـف المجلس األعلى سـيؤدي إلى قلب المعادلـة
لصالح المكري وإنهاء عقود الكراء التجاري التي هي أساس تأسيس األصول التجارية خاصة في
عصر األثمان الباهضة للعقار التي يصعب معها تملك عقارات بالشكل المناســب إلقامــة مشــاريع
13
اقتصادية ،واعتبارا للسياسة العامة للبالد الرامية إلى تشجيع المقاوالت الصغرى والمتوسطة.
13المجلة المغربية لالقتصاد والقانون المقارن العدد 23الصادرة عن كلية الحقوق بمراكش .1995
18
يوما تحسـب من يـوم توصــله بـاإلعالم المطـالب فيـه بـاإلفراغ ،ليقـوم رئيس المحكمـة بمحاولـة
التوفيق بين الطرفين بعد استدعائهما وإجراء جلسة صلح حضوريا ،وإذا ما تخلــف المكــتري عن
حضور جلسة الصلح فانه يعتبر كأنه تنازل عن طلب تجديد العقد وبالتالي يحرم من حماية ظهــير
1955-05-24وهو مــا توجــه إليــه المجلس األعلى ،ومن رائينــا انــه كــان يتعين تفســير ســكوت
المشرع عن ترتيب جزاء عن تخلف المكـتري للصـلح بأنـه يقبـل الشـروط الجديـدة المقترحـة من
طرف المكري اعتبـارا للطـابع الحمـائي لظهـير الكـراء التجـاري للمكـتري واعتبـارا للضــمانات
الهشة التي تخولها مســطرة التبليــغ طبقــا للفصــول 39-08-27من ق م م والــتي ال تلــزم بــالتبليغ
للمكتري شخصيا ،وتفاديا للثغرات المتعلقة بالتبليغ بالبريد المضمون كما تمت اإلشارة لذلك.
بينما اذا تخلف المكري عن الحضور فانه يعتبر موافقة منه لتجديد عقد االيجار.
لكن اذا حضر الطرفان وفشلت محاولة الصلح يصــدر رئيس المحكمــة ،باعتبــاره قاضــي للصــلح
وليس محكمة موضوع قــرارا بفشــل محاولــة الصــلح ،والــذي يبلــغ للمكــتري بطلب من المكــري
ويبقى له اجل 30يوما لتقديم دعواه في الموضوع أمام المحكمة ،ويترتب عن عــدم احــترام اجــل
30يوما من طرف المكــتري ســقوط حقــه على اعتبــار انــه في حكم المتنــازل عن تجديــد العقــدة،
ويعتبر تواجـده بالمحـل حينئـذ احتالال بـدون سـند قـانوني ،أو انـه عـدل عن المطالبـة بـالتعويض
المترتب عن اإلفراغ او انه قابل بالشروط المقترحة عليه إلبرام عقد جديد اذا كان المكري يوافــق
14
على التجديد بشروط معينة.
14
ندوة عمل المجلس االعلى والتحوالت االقتصادية واالجتماعية المنظمة من طــرف المجلس االعلى بتــاريخ -20-18دجنــبر1997
بالرباط بمناسبة تخليد الذكرى االربعينية لتأسيسه ،مطبعة االمنية الرباط.
19
أ – حالة استحقاق المكتري للتعويض الكامل: 15
فطبقا للفصل للفصل 10من الظهير يستحق المكتري تعويضــا كــامال عن إفــراغ المحــل المكــرى
يوازي قيمة االسم التجاري مــا لم يثبت المكــري أن الضــرر أقــل من ذلــك ،إذا مــا تــبين أن ســبب
اإلفراغ باإلنذار غير صحيح أو أن اإلنذار ال يتضمن أي سبب ،هكذا فقــد جــاء في قــرار للمجلس
األعلى عــدد 2362بتــاريخ " 1985-10-09وحيث انــه حقــا فمــا دام أن الطــاعن بصــفته مالكــا
للمحل الذي رفض تجديد كرائه للمطعون ضده أبدى استعداده ألدائه لهذا األخير التعويض الكامل
عن الضرر الذي يسبب فيه إفراغـه للمحـل المكـترى طبقـا للفصـل العاشـر من ظهـير -24مـاي-
1955فلم يكن هناك محل لمناقشة سبب الرفض الذي ليس من األسباب التي تنص عليها الفصول
16-12-11والتي هي وحدها الممكن المنازعة فيهــا من طــرف المكــتري لكونهــا قــد تحرمــه من
التعويض كامال أو جزئيا" ،لكنه قد يثار اإلشكال إذا كان األصل التجاري قد انــدثر فــأي تعــويض
كامل يستحق للمكتري في حين أن أساس تقـديره قـد انـدثر؟ فقـد قضـى المجلس األعلى في نازلـة
تتعلق باإلشكال المطروح في قراره عدد 441بتاريخ " 1989-02-15وحيث أن التعــويض عن
رفض تجديد العقد رهين بوجود عناصر األصل التجاري الــتي تتــأثر بــاإلفراغ وان المحكمــة لمــا
قضت للمكتري بالتعويض عن رفض تجديد العقد اســتنادا إلى العلــل المشــار إليهــا أعاله المتســمة
بالعموميــات دون أن تنــاقش وتجيب عن الــدفع الخــاص بــأن المكــتري لم يعــد يمــارس أي نشــاط
تجاري بالعين المكراة وانه يكتفي بقبضه األكرية عن الدكاكين التي يمارس فيها أصحابها أنشــطة
تجارية مختلفة يكون قضاؤها ناقص التعليل ينزل منزلة انعدامه مما يعرض قرارها للنقض".
ويرجع تقدير التعويض للمحكمة استنادا إلى سلطتها التقديرية ،لكنـه غالبـا مـا يتم الحكم وفــق مـا
تنتهي إليه الخبرة المنجزة في الموضوع بناءا على أمــر المحكمــة طبقــا للفصــول من 59إلى 63
من ق م م وان كانت هذه الخبرة غير ملزمة بشكل تام للمحكمة التي يمكنها المصادقة عليها جزئيا
إذا ما تبين لها بعد البحث مع الخبير إن اقتضى الحال عدم األخذ بها في مجملهــا ،في هــذا الصــدد
قضى المجلس األعلى في قراره عدد 476بتاريخ " 1990-02-28لكن حيث ان مبلغ التعــويض
المحكوم به عن إفراغ الطاعن للمحل موضوع النزاع يخضــع لتقــدير المحكمــة الــتي اســتندت في
تحديده الى العناصر التي تضمنها محضر الخبرة التي أمرت بها المحكمة والتي أفادتها بما مكنهــا
من تحديد التعويض عن الضرر في المبلغ المحكــوم بــه وســلطة المحكمــة في هــذا الخصــوص ال
تخضع لمراقبة المجلس األعلى .
15
مجلة المحاكم التجارية العدد 4-3منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية ،وزارة العدل الرباط .2009
20
ونشير انه يمكن للطرفين االتفاق على التعويض عن اإلفراغ بإرادتهما خــارج مقتضــيات الفصــل
16
10من الظهير وتكتفي المحكمة بالتصريح بالتعويض المتفق عليه .
16
مجلة المحاكم التجارية العدد 4-3منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية ،وزارة العدل الرباط .2009
21
يكون معه في حكم المتنازل عن حقه في الرجوع للمحل.
و إذا أخل المالــك بالضــمانات المقــررة للمكــتري المفــرغ فانــه يكــون مســئوال مــدنيا عن الضــرر
الحاصل له ،ويبقى للمحكمة تقـدير التعــويض عن ذلــك الضــرر ،وال يتقـادم حقـه هــذا إال بمــرور
سنتين من علمه بانتهاء عملية البناء وتقاعسه عن المطالبة بالتعويض ،لكن
هذه الضمانات المقررة لحماية المكتري قد تفرغ من محتواها إذا قرر المالك بناء المحل في شــكل
ال يصلح معه للتجارة لكونه غير ملزم بإعادة البناء على الشكل الذي كــان عليــه قبــل الهــدم أو في
شكل يصلح معه لممارسة التجارة التي كان يمارسها المكـتري قبـل الهـدم ،ذلـك أن اغلب المالك
يقومون بإعادة بناء المحالت في شكل عمارات سكنية ،وهو واقع حال المدينة الجديدة بمكنــاس إذ
أصبح مالك المحالت العقارية القديمة التي كانت في شكل قيالت مكراة لبعض أنواع من التجــارة
والحرف ( مستودعات للبضائع ،محالت إصالح السيارات وبيع قطع الغيار ...الخ ) ،يتهــافتون
من اجل استصدار أحكام باإلفراغ من اجــل الهــدم وإعــادة البنــاء ،من اجــل بنــاء عمــارات ســكنية
بعدما رخصت السلطات المختصة بالتعمير بهذا النوع من البناء مما مكنهم من جني أربــاح هامــة
في مقابل التعويض الضئيل الــذي يمنح للمكــترين المحكــوم بــإفراغهم في حين أن بعضــهم قضــى
سنين طويلة بالمحل المكرى قد تفوق األربعين سنة ،وهو واقع يقتضي تدخل المشرع لتجاوز هذه
المفارقة بتقرير بتعويض المكتري المفرغ بشكل يتناسب وحجم الضرر الفعلي الالحق به والــربح
الهام الذي يجنيه المالك من إفراغه.
وقد أشار مشرع ظهير 1955-05-24إلى حالة أخرى من اإلفراغ ذات طبيعة خاصة تتمثــل في
رفع بنايات الملك وهو افراغ مؤقت لسنتين كحد اقصى ،يحق للمكتري الرجوع بعدها للمحــل مــع
تعويضه بتعويض يعادل قيمة الكراء لسنتين مع بقاءه في المحل إلى حين البدء في أعمــال التعليــة
17
طبقا للفصل 15من الظهير.
23
ثانيا – حاالت سقوط الضمانات المقررة للمكتري.
فمبدئيا فان المشرع اقر للمكتري بالضمانات أعاله مراعاة لالعتبــارات االقتصــادية واالجتماعيــة
للمكتري باعتباره صاحب ملكية تجارية ،لكن األمر ال يبقى على إطالقه ،ألنه إلى جــانب الملكيــة
التجارية للمكتري هناك ملكية عقارية أصــيلة للمكــري يتعين حفــظ قدســيتها الدســتورية ومراعــاة
حقــوق صــاحبها الــذي جــازف بكرائهــا وبالتــالي يعتــبر مســاهم غــير مباشــر في تأســيس األصــل
التجاري وتحريك الدورة االقتصادية وإنتاج الثروة.
لذلك نص الفصل 11من الظهير على أسباب موضوعية تتعلق بالعين المكراة وأســباب شخصــية
ترجع لشخص المكتري بتحققها يحق للمكري إفراغ المكتري دون إلزامه بأي تعويض.
-1أسباب اإلفراغ التي ترجع لشخص المكتري :
أ -حالة إخالل المكتري بالتزام قانوني أو عقدي :
لقد طرحت أمام القضاء عدة دفوعات تتعلــق بمــدى اعتبــار الحــاالت المنصــوص عليهــا بالفصــل
692من ق ل ع تدخل ضمن السبب الخطير المنصــوص عليــه بالفصــل 11من ظهــير -05-24
1955أم ال أم أن للمكــري الخيــار بين ســلوك المســطرة النصــوص عليهــا ب ق ل ع أم مســطرة
ظهير 1955-05-24؟ ولتقريب الصورة من األذهـان نـورد نص الفصــل 692من ق ل ع الـذي
الذي جاء فيه " للمكري فسخ عقد الكراء مع حفظ حقه في التعويض إن اقتضى األمر :
-إذا استعمل المكتري الشيء المكترى في غير ما اعد له بحسب طبيعته او بمقتضى االتفاق.
: -إذا أهمل الشيء المكترى على نحو يسبب له ضررا كثيرا.
: -اذا لم يؤد الكراء الذي حل اجل ادائه".
في حين ينص الفصل 26من ظهــير 1955-05-24على أن " كــل بنــد يــدرج في العقــدة وينص
على فسخها بموجب الحق إذا لم يؤد ثمن الكراء عند حلول التواريخ المتفق عليها ال يكون ســاري
المفعول اال بعد 15يوما تمضي على تاريخ إنذار يوجه للمكتري ويبقى بدون جواب . " ...
و ينص الفصــل 6من ظهــير 1955-05-24على انــه " ال ينتهي العمــل بعقــود كــراء األمــاكن
الخاضعة لمقتضيات هذا الظهير إال إذا وجــه للمكــتري طلب بــاإلفراغ قبــل انقضــاء العقــدة بســتة
اشهر على االقل وذلك دون التفات الى أي شـرط تعاقـدي مخـالف لمـا ذكـر وحيـادا عن الفصـول
687و 688و 689من الظهـير الشـريف الصــادر في 12غشـت 1913المعتـبر بمثابـة قــانون
لاللتزامات والعقود ".
فإذا قاربنا مقتضيات الفصول المــذكورة فانــه ال يمكن إيــراد أي شــرط بالعقــد من شــأنه أن يحــرم
المكتري من الضمانات المقررة بظهير 1955-05-24وانه ال يمكن اعتبار حاالت الفصــل 692
من ق ل ع كحاالت لإلفراغ تدخل في نطاق البنذ األول من الفصل 11من ظهير الكراء التجاري
24
على اعتبار أن نص الفصل 6من الظهير لم تخصها بالذكر رغم إحالته على مقتضــيات الفصــول
689-688-687من ق ل ع ،كما أن حالــة التماطــل في أداء الكــراء كســبب لإلفــراغ قــد أوردهــا
مشرع ظهير 1955-05-24بشــكل خــاص و أحاطهــا بضــمانات خاصــة بالفصــل 26الــذي قيــد
اإلفراغ لهذا السبب بالنص على ذلك بالعقد ،في حين أن الفصل 692من ق ل ع جاء عاما ،و انه
لو كانت إرادة المشرع تتجه إلى اعتبار حاالت الفصل 692من ق ل ع تدخل ضمن نطــاق البنــد
األول من الفصل 11من الظهير لتمت اإلحالة مباشرة على الفصل المذكور كما فعل ظهــير -25
1980-12المتعلق بالسـكنى واالسـتعمال المهـني في فصـليه 9و 12بمقتضـى تعديلـه بمقتضـى
19
قانون .64-99
لكن قضاء الموضوع تضارب في أحكامه بهذا الشأن بتعليالت مختلفة ،فقد جاء في قرار لمحكمـة
االسـتئناف بالـدار البيضـاء عـدد 1516بتـاريخ " 1985-10-08من حيث انـه من المقـرر فقهـا
وقضاءا جواز سلوك المكري دعوى فسخ عقد اإليجار الذي يربطه مع مكتري محل معد للتجــارة
طبقا للقواعد العامــة دون ســلوك مســطرة ظهــير 1955-05-24عنــد إخالل المكــتري بالتزاماتــه
العقدية أثناء سريان العقد .ومن حيث ان المجلس االعلى أكد هذا المبدأ في عدة قــرارات ال حاجــة
للتذكير بها" .
في حين ان المجلس االعلى في وقت الحق سار على العكس من ذلك إذ اعتبر أن ظهير -05-24
1955هو الواجب التطبيق كلما تعلق األمر بافراغ المحالت المعدة لالستعمال التجاري ،فقد جاء
في قرار له بغرفتين مجتمعتين بتاريخ " 1992-03-18ان محكمــة الموضــوع الــتي ثبت لهــا أن
محل النزاع معد للتجارة ورغم تمسك المكتري بأنه تشمله حماية ظهير 1955-05-24أخضــعت
طلب انهاء عقد الكراء الرابط بين الطرفين للمقتضيات العامة موضــوع الفصــل 692من ق ل ع
بعلة أن للمكري الخيار في إتباع المسطرة المتعلقة بالفصــل المــذكور او مســطرة ظهــير -05-24
1955دون مراعاتها مقتضيات هذا الظهير الواجبة التطبيق باعتبار مسطرتها خاصــة مقدمــة في
التطبيق على مسطرة المقتضيات العامة ومقيدة لها ولتعارضــهما في المســطرة والنتــائج ،ولكــون
حاالت الفصل 692من ق ل ع الواردة بالمقتضيات العامة مندرجة في الفصل الحادي عشــر من
ظهير 1955-05-24تكون قد خرقت مقتضيات الفصل السادس من الظهير المــذكور وعرضــت
قرارهــا للنقض " وهــو مــا كرســه المجلس في قــراره عــدد 1026بتــاريخ 1992-04-15بنفس
التعليــل ،وقــد اســتقر اجتهــاد المجلس األعلى في قراراتــه الالحقــة ،لكن بعض قضــاء الموضــوع
19
الندوة الجهويــة االولى للمجلس االعلى بعنــوان " قضـايا كــراء االمــاكن الســكنية والمهنيــة والمحالت التجاريــة من خالل اجتهــادات
المجلس االعلى" المنظمة من طرف المجلس االعلى بتاريخ -23-22فبراير 2007بفاس بمناســبة تخليــد الــذكرى الخمســينية لتأسيســه ،
مطبعة االمنية الرباط.
25
اسـتمر في اعتمـاد حـق المكـري في الخيـار بين المسـطرتين ،وهـو مـا دفـع المجلس األعلى إلى
إصدار توصية بموجب مجلس الرؤساء (مجموع رؤساء الغرف بالمجلس األعلى) تكرس التوجه
20
الحمائي للمحالت المعدة للتجارة والذي اوجب التقييد بقرار الغرفتين أعاله .
هكذا يكون المشرع قد افرد مقتضى خاص لحالة الســبب الخطــير المــوجب لإلفــراغ حســب البنــذ
األول من الفصل 11الذي ينص على انه يحق للمكري رفض تجديد العقــد دون الزامــه بتعــويض
المكتري اذا اثبت ارتكاب المكتري سببا خطيرا ومشروعا ،وهي صياغة فضفاضــة وغــير دقيقــة
باعتبار الترجمة غير السليمة لنص الظهير فكيف يكون السبب خطيرا ومشروعا في نفس الوقت،
فــالمفروض ان كــون الســبب الخطــير غــير مشــروع ال مشــروع ،وعلى فــرض ان نيــة المشــرع
اتجهت لهذا القصد األخــير فــان أي فعــل يعتــبره المكــري خطــير في نظــره قــد يــؤدي الى افــراغ
المكتري ،وهي امكانية أتاحت الصحاب المحالت فرصة إفراغ المكــترين الــذين قــد يزيغــون عن
العمل التجاري الى العمل غـير المشـروع كاالتجـار المخـدرات بالمحـل او إقالق راحـة الجـيران
باستعمال المحل للدعارة ،اهمال العين المكراة ...الخ.
وقد ذهبت محكمة النقض الفرنسية الى حــد اعتبــار ضــرب او ســب وشــتم المكــري ســببا خطــيرا
يخول االفراغ.
كما ان القضاء المغربي اعتبر قيام المكتري بتغييرات بالمحل من غير اذن المكري سببا إلفراغــه
بدون تعويض اذا كـانت تشـكل سـببا خطـيرا ،لكنـه تشـدد في اعمـال هـذا المقتضـى وربـط ذلـك
بحصول ضرر معتبر للمكري كما لــو قــام المكــتري بانجــاز تغيــيرات في اســس المحــل المكــرى
بشــكل جــوهري أدت الى تغيــير معــالم المحــل كهــدم الجــدران واشــراك المحالت فيمــا بينهــا بعــد
االستعانة بخبرة لذوي االختصــاص ،وهـو مـا اكـده المجلس االعلى االعلى في قــراره عـدد 153
بتاريخ 2004-02-04ملف عدد . 300/2002
ب -حالة تولية الكراء للغير او التخلي عنه :
نص الفصــل 22من الظهــير على إمكانيــة مطالبتــه المكــري للمكــتري بــاإلفراغ عنــد اخالل هــذا
االخير بمقتضــى قــانوني يمنــع توليــة الكــراء كمــا هــو الشــأن في ظهــير 1980-12-25المتعلــق
بالكراء السكني والمهني ،وذلــك مــا لم يتم االتفـاق على غـير ذلــك او وافــق المكــري على التوليــة
خالل 30يوما من اعالمه من طرف المكتري برغبتــه في توليــة الكــراء برســالة مضــمونة طبقــا
للفصول 39-38-37من ق م م .
20
الندوة الجهويــة االولى للمجلس االعلى بعنــوان " قضـايا كــراء االمــاكن الســكنية والمهنيــة والمحالت التجاريــة من خالل اجتهــادات
المجلس االعلى" المنظمة من طرف المجلس االعلى بتاريخ -23-22فبراير 2007بفاس بمناســبة تخليــد الــذكرى الخمســينية لتأسيســه ،
مطبعة االمنية الرباط.
26
وبموافقة المكري على التولية يجب عليه االنضــمام الى العقــد الثــاني المتعلــق بالتوليــة ولــه الــزام
المكتري بتمكينه من مبلغ الزيادة في سومة الكراء اذا اكرى هذا االخير المحل بسومة اكــثر ،واذا
وافــق المالــك على مبــدأ التوليــة وعــارض في شــروط العقــد يتم رفــع االمــر الى رئيس المحكمــة
باعتباره قاضي الصلح للبت في االمر وفقا للفصل 30من الظهير.
وقد نبه االستاذ محمد الكشـبور الى ضـرورة التميـيز بين التوليـة ( الكـراء من تحت اليـد) والـذي
اشار له الفصل 22من الظهير والتخلي الذي تمت االشارة اليه بالفصول 38-37-36من الظهير
،ذلك ان التولية هو قيام المكــتري االصــلي بكــراء العين المكــراة للمكــتري الفـرعي ليظهــر عقـد
كراء فرعي ونكون بذلك امام ثالثة اطــراف مكــري ومكــتري اصــلي ومكــتري فــرعي وان منــع
التولية يرمي اساسا الى حماية المكري ،في حين ان التخلي هو تنازل المكتري االصــلي عن حقــه
-بمقتضى تصرف ناقل للملكية – وبالتالي خروجه من العالقة الكرائية بصفة نهائيــة وحلــول من
تخلى له مكانه في هذه العالقة الكرائيــة وهــو يــرمي الى حمايــة اســتمرار حيــاة االصــل التجــاري
وتداوله بما فيه الحق في الكراء الذي هو صلب هــذه العمليــة ذلــك ان المشــرع منــع أي شــرط من
شأنه التضييق على المكتري في ممارسة حقه في بيع االصل التجاري بما فيه الحق في الكــراء اذ
نص في الفصــل 37من الظهــير على انــه " تكــون باطلــة ايضــا كيفمــا كــانت طبيعتهــا اذا كــان
المقصود منها منـع المكـتري المتـوفرة فيـه الشـروط المـأمور بهـا في الفصــل الخـامس اعاله من
التخلي عن عقد الكراء لمن اقتنى منه اسمه التجاري أو مؤسسته" وهو مقتضــى من النظــام العــام
يمنع على المكري تقييده ببنود العقد.
لكن وان كان المشرع يحمي حق مالك الحق في الكراء الذي هو مالك لالصل التجاري في التخلي
عن هذا الحق للغير اعتبارا لمنطق تجاري اقتصادي بحث ،فانه اخضع هذه العملية لتقنية قانونيــة
تكتسي على بساطتها اثار قانونية هامة قلبت موقف القضاء على مستوى اعلى هيئة قضائية ،تلــك
التقنية هي المنصوص عليهــا بالفصــل 195من ق ل ع المتعلقــة بحوالــة الحــق ،فــالمكتري مالــك
الحق في الكراء اذا حول هذا الحق بالتخلي للغـير ،فـان هـذا الغـير ملـزم بـاعالم صـاحب المحـل
المكرى (صاحب العقار) باعتبار انهما اصبحا طرفا العالقــة الكرائيــة دون المكــتري الــذي فــوت
األصل التجاري بمـا في ذلـك الحـق في الكـراء ،وعـدم اعالمـه يـترتب عليـه بـالمنطق القـانوني
الصرف والمجرد اعتبار المحال له (مشتري االصل التجــاري) محتال بــدون ســند وامكن افراغــه
بدون ضمانات وهو ما قـرره ،في مرحلـة اولى ،قضــاء الموضــوع وقضــاء المجلس االعلى فقـد
جاء في قرار للمجلس االعلى الصادر بتاريخ " 1984-11-14ان التنــازل عن الكــراء ،حســبما
يقضي به الفصل 673من ق ل ع القواعد المقررة في حوالة الحقــوق ،وانــه طبقــا للفصــل 195
من نفس القانون فان الحق ال ينتقل للمحال له اال اذا تم تبليغ الحوالة الى هذا االخير تبليغــا رســميا
27
او قبلها في محرر ثابت التاريخ ،"...لكنه مافتئ ان تم التراجع عن هــذا االتجــاه لمــا لــه من آثــار
وخيمة على الملكية التجاريــة واســتقر قضــاء المجلس االعلى على اعتبــار انــه وان كــانت حوالــة
الحق ال تنفذ تجاه المحال عليه اال بعد اعالمه بها او قبوله لها فــان المشــرع لم يضــع جــزاء لعــدم
االعالم من جهة ولم يحــدد اجال لالعالم من جهــة اخــرى وانــه والحالــة هــذه فــان اعالم مشــتري
االصل التجاري للمالك بشراء االصل التجاري ولو اثناء سريان الدعوى كاف لترتيب آثاره وهــو
ما قرره في قراره عدد 1279الصادر بتاريخ ، " 2002-10-16وهو منطق قــانوني يوافــق مــا
قررته الفصول 38-37-36من ظهير 1955-05-24من حصانة لحــق الكــراء في حــذ ذاتــه من
جهة وحق المكتري في التخلي عنه من جهة اخرى.
21
– 2اسباب االفراغ التي ترجع لحالة المحل المكرى :
أ -حالة عدم صالحية المحل للسكنى النعدام شروط السالمة فيه :
لقد نص الفصل 11في بنذه الثاني على حــق المكــري إفــراغ المكــتري دون تعــويض إذا اثبت ان
المحل اصبح يشكل خطرا على المكتري او الجيران او المارة مراعاة من المشرع للصحة العامــة
والسالمة ،ففي هذه الحالة يختص قاضــي المســتعجالت بــاالفراغ اذا كــان ســبب االفــراغ يكتســي
طبيعة االستعجال كتداعي المحل للسقوط ،النــه يتعين هــدم المحــل كليــا او جزئيــا وذلــك بشــهادة
ادارية من السلطة المحليـة بنـاءا على معاينـة اللجنـة التقنيـة او الصـحية تقضـي بخطـورة المحـل
وضرورة هدمه واعادة بناءه ،لكنه للمكتري المنازعة في صحة الشهادة المذكورة ويبقى للمحكمة
تقدير صحة دفوعات كال الطرفين واالمـر بـاجراء خـبرة للتحقـق من ذلـك ،ويبقى للمكـتري حـق
الرجــوع إلى المحــل في حالــة إعــادة بنائــه من جديــد بشــكل يصــلح فيــه للتجــارة طبقــا للشــروط
المنصوص عليها في الفصلين 13و 14كما تمت اإلشارة الى ذلــك ،فقــد جــاء في قــرار للمجلس
األعلى عدد 2175بتاريخ " 1989-10-30لكن حيث ان القرار المطعــون فيــه حين قضــى على
الطــاعن بــإفراغ المحــل الــذي يشــغله بالعمــارة انمــا اســتند على مــا انكشــف لــه من قيــام عنصــر
االســتعجال المتمثــل في الخطــر الــداهم النــاجم عن انهيارهــا المــرتقب بســبب تالشــي بنائهــا دون
المساس بما قد تكون للطالب من حقوق تضمنها أحكام ظهير 1955-05-24ممــا يجعــل الوســيلة
غير جديرة باالعتبار .
22
ب -حالة اندثار المحل او عدم صالحيته لالستعمال بسبب القوة القاهرة :
21
عبد الرحيم اشميعة ،محاضرات في القانون التجاري ملقاة على طلبة ماستر قانون المنازعات بمناسبة مناقشة عروض المــادة ،كليــة
الحقوق بمكناس،السنة الجامعية .2009-2008
22
عبد الرحيم اشميعة ،محاضرات في القانون التجاري ملقاة على طلبة ماستر قانون المنازعات بمناسبة مناقشة عروض المــادة ،كليــة
الحقوق بمكناس،السنة الجامعية .2009-2008
28
فقد نص الفصل 659من ق ل ع على حالة اخرى من اســباب االفــراغ دون تعــويض وهي حالــة
القوة القاهرة التي تمنع من استغالل المحل المكرى ،وذلـك عنـدما يصــبح غـير صــالح اثـر تعيبـه
الجزئي او الكلي دون خطأ من احد المتعاقدين ،ذلك ان عقد الكراء ينفسخ من غير ان يكــون ألي
من طرفي الدعوى على االخر أي حق في التعويض .
مطلب ثاني :حماية الحق في الكراء بمقتضى مدونة التجارة وقانون المحاكم التجارية.
لقد تضمنت مدونة التجارة مقتضيات قانونية قــد تكمــل المظــاهر الحمائيــة لحــق الكــراء التجــاري
بمقتضى ظهير 1955-05-24وقد تتعــارض معهــا ،وقــد كشــف القضــاء في غــير مــا مــرة على
الصعوبات واالشكاالت العملية بهذا الشأن ،وهي تلــك المقتضــيات المتعلقــة بــدعوى الفســخ طبقــا
للمادة 112من مدونة التجارة والمقتضــيات المتعلقــة بصــعوبات المقاولــة في البــاب الخــامس من
نفس المدونــة ،كمــا ان انشــاء المحــاكم التجاريــة قــد خلــق اشــكاالت قانونيــة في تحديــد المحكمــة
المختصة للبت في النزاع المتعلق بالحق في الكراء.
29
التي يتعرض لها الدائن بسبب فسخ العقد الــذي وقــع على غــير علم منــه وادى الى تبديــد عناصــر
23
االصل التجاري المرهون".
وعلى االهمية البالغة لهذا المقتضى الذي يرمي الى حماية الدائنين المقيدين وكذا األصل التجاري
من خالل حماية الحق في الكراء كعنصر جوهري في هذا االصل ،اال انه ينطوي على صــعوبات
عملية وحيف جسيم في حق المكري صاحب الملكية العقارية وتغطية على اخطاء المكتري المخل
بالتزاماته اتجاه المكري ،ذلك انه كيف للمكري ان يعلم بوجود دائــنين مقيــدين لألصــل التجــاري،
ولماذا تم تقييد اصدار المحكمة للحكم بفسخ عقــد الكــراء حــتى تمــر 30يومــا من على التبليــغ؟ اذ
كيف يمكن للمحكمة العلم بوجود دائنين مقيدين ،قـد تتصـور هـذه اإلمكانيـة بـإلزام المكـرى رافـع
دعوى الفسخ باالدالء بمستخرج من تقييد المكتري بالســجل التجــاري ،وبعــد ذلــك انــذار المكــري
المدعي باالدالء بمــا يفيــد اعالم الــدائنين المقييــدين ان وجــدوا بــدعوى الفســخ او القيــام بــذلك من
طرف المحكمة تلقائيا.
لكن االشكال قد يدق عندما ال يتم تقييد دين الدائنين المقييــدين اال بعــدما تكــون الــدعوى قــد قطعت
اشواطا هامة في اجراءاتها في حين يكون المدعي المكري قد ادلى بمســتخرج من تقييــد المكــتري
بالسجل التجاري ال يتضمن أي تقييد لدين ،فهل تتم مسـاءلة المكـري عن ذنب لم يقترفـه رغم انـه
قــام بالتزامــه القــانوني؟ ومــا هــو مصــير الحكم الــذي صــدر دون ثبــوت اعالم المكــري للــدائنين
المقييدين رغم انه ليس هناك اية تقنيــة للعلم بواقعــة التقييــد ال من طــرف المكــري وال من طــرف
المحكمة؟.
وقد نتج عن تطبيق هذا المقتضى صــعوبات عمليــة عنــد تنفيــذ الحكم القاضــي بفســخ عقــد الكــراء
التجاري وافراغ المكتري ،ذلك ان الدائنين المقيدين -خاصة االبنــاك -يــدفعون بصــعوبة التنفيــذ
استنادا لهذا المقتضى ان علمـوا اساسـا بمسـطرة التنفيـذ ،فقـد جـاء في امـر اسـتعجالي عن رئيس
المحكمة االبتدائية بالبيضــاء بتــاريخ 1984-11-05تحت عــدد " 4620وحيث ان البنــك الــدائن
والذي يتوفر على رهن لألصل التجاري المراد بيع منقوالته من طــرف قباضــة ابن رشــد باســفي
يؤكد بانه لم يتوصل باي اعالم من هذا القبيل وعليــه يتعين االمــر بايقــاف اجــراءات التنفيــذ الــتي
يمارسها قابض اسفي الى حين اعالم ارباب الديون المضمونة برهون على االصل التجاري" .
ان هذا المقتضى يقتضي في نظرنـا تـدخال تشـريعيا يلـزم بمقتضـاه المكـتري ،بـدال من المكـري،
باعالم الدائنين المقيدين بدعوى الفسخ المرفوعــة ضــده النــه اعلم بديونــه من غــيره ،تحت طائلــة
سقوط اجل الدين وترتيب مسؤوليته في التعويض ،حتى اليتم ارهاق المكري بمساطر ال حول لــه
23لطيفة اهضمون نمحاضرات في الكراء التجارية ملقاة على الملحقين القضائئن فوج 2002-2000 29بالمعهد الوطني للدراسات
القضائية
30
معها وال قوة ،حتى يمكن للدائنين المــذكورين التــدخل في الــوقت المناســب ان رغبــوا في الحفــاظ
على ضمانة دينهم المتمثلة في االصل التجاري الى التوافق مع المكتري واداء واجبات الكــراء ان
كان سبب طلب فسخ عقد الكراء يرجع للتماطل في اداء الكـراء طبقـا للفصـل 26من ظهـير -24
، 1955-05او القيام بالحجوزات الالزمــة على عناصــر االصــل التجــاري للمحافظــة على حقهم
في استخالص الدين.
وهناك من الفقه والقضاء من اقترح بــان يرفــق مقــال دعــوى الفســخ وجوبــا بــالنموذج " " "7ج"
لالصل التجاري حتى تتأكد المحكمة من وجود الرهن ،ومن مراقبة احترام المالك لشكلية اشــعار
الدائن المرتهن بدعوى االفراغ .
24
-2حماية الحق في الكراء في اطار صعوبات المقاولة.
لقد نحى المشرع في الباب الخامس من مدونة التجارة منحى فلسفة حمائية هاجسها استمرار حيــاة
المقاولة ،بتوفير مختلف الوسائل القانونية واالجهزة القضــائية لتحقيــق هــذا الهــدف ،وباعتبــار ان
الحق في االيجار هو قطب الرحى في بعض المقاوالت فقد اوجد له المشرع غطاءا قانونيا يحميــه
من عواصف الــدعاوي القضــائية الــتي قــد يتشــفى اصــحابها من الوضــعية المريضــة للمقاولــة او
محاولة منهم استخالص ما يمكن استخالصه من حقـوقهم سـواء في بدايـة اطـوار المعالجـة خالل
مرحلة التسوية الودية او التسوية القضائية او عند التصفية القضائية.
24لطيفة اهضمون نمحاضرات في الكراء التجارية ملقاة على الملحقين القضائئن فوج 2002-2000 29بالمعهد الوطني للدراسات
القضائية
31
هكذا فانه بعد صدور األمر بوقف اإلجراءات الذي يتيح للسنديك القيام بمهمتـه خالل ثالثـة اشـهر
مع اضافة شهر واحد ،فان الدعوى التي تهدف إلى أداء الوجيبة الكرائية عن مــدة ســابقة لالمــر ،
والذي من شأنه عند التماطل الحكم باإلفراغ على المكتري صاحب المقاولة ،يتم قطــع دابرهــا من
األساس و ال يتم قبولها ،وحتى في حالة رفعها فانه يتم وقفها او وقف تنفيذ الحكم الصادر بشــأنها،
وذلك إشفاقا على حالة المقاولة المريضة التي تحتاج إلى من يواسيها ويدعمها بالسيولة الماليــة أو
إمهالها إلى حين شفائها واذا تعذر عليها الوفاء بديونها ،استخالص حقوقه عند تصفية تركتها.
كما يتم وقف اجل مسطرة الصلح اذا كانت المقاولة قد توصلت باالنذار باالفراغ المنصوص عليه
بالفصل 26من ظهـير 1955-05-24والمتعلـق بـاالفراغ لعـدم اداء الوجيبـة الكرائيـة اذا تعلقت
المدة المطالب بواجب الكراء عنها بمدة سابقة عن لصدور االمر بوقف االجراءات ،ليكون قــانون
مدونة التجارة قد تجاوز قاضي الفصل 26من ظهير ، 1955-05-24وأعطى مهلة للمقاولة من
اجل األداء ،لم يكن لها لتستفيد منها اال اذا اشفق القاضي من حالها وفقـا لســلطته التقديريــة حســب
نص الفصل االخير.
25
ب -الحماية المقررة للحق في الكراء خالل التسوية القضائية :
يتم فتح التسوية القضائية في حقها لمعالجة اختالالتها بطلب من األجهزة المخـول لهـا ذلـك قانونـا
طبقا للفصول 606 -573-568-563من مدونة التجارة ،وتتوقف مباشرة االجراءات والدعاوى
الرامية الى اداء المقاولة لمبالغ مالية دون الحاجة الى صدور امر بوقف االجراءات ،وخالل هــذه
المرحلة يكون للسنديك السلطة الواسعة في التقرير بشأن العقــود الجاريــة ومن بينهــا عقــد الكــراء
التجاري وهو ما يطرح عدة اشكاالت قد تعــترض المكــري وكــذا الســنديك بخصــوص هــذا العقــد
والمتمثلة اساسا في صفة الســنديك ومــا اذا كــان يتقمص صــفة رئيس المقاولــة المكــتري وبالتــالي
يكون ملزما بالتزاماته الجسيمة الملقاة على عاتق المكتري بمقتضى ظهير 1955-05-24والــتي
قد تحدد مصير المقاولة (االصل التجاري) وجودا او عدما اذا ما انفصمت العالقــة الكرائيــة لعــدم
سلوك المساطر القانونية وفــق االجــال والشــكليات المنصــوص عليهــا في الظهــير المــذكور ام ان
المكتري (رئيس المقاولة) يبقى هو الملتزم اتجاه المكري؟
ج -الحماية المقررة لحق الكراء التجاري خالل التصفية القضائية :
25لطيفة اهضمون نمحاضرات في الكراء التجارية ملقاة على الملحقين القضائئن فوج 2002-2000 29بالمعهد الوطني للدراسات
القضائية
32
ففي حالة التصفية القضائية تكون احتماالت انقــاذ القاولــة قــد تالشــت لتوقفهــا عن الــدفع من جهــة
والختالل وضعيتها بشكل ال رجعة فيه لم تفلح معه مساطر التسوية في معالجــة الوضــع الصــحي
للمقاولة ويتم الحكم بموتها وتصفية تركتها ،ومن بين هذه التركة هو الحق في الكراء الذي خصــه
المشرع بمقتضيات الفصل 621من مدونة التجارة التي تنص على انه :
" ال تؤدي التصفية القضــائية ،بقــوة القــانون ،إلى فســخ عقــد كــراء العقــارات المخصصــة لنشــاط
المقاولة.
يمكن للسنديك االستمرار في الكراء أو تفويته حسب الشروط المنصوص عليهــا في العقــد المــبرم
مع المكري مع جميع الحقوق وااللتزامات المتصلة بهذا الكراء.
إذا قرر السنديك عدم استمرار الكراء فسخ العقد بمجرد طلب منه .و يسري أثره من يوم الطلب.
يجب على المكري الــذي يعــتزم طلب الفســخ أو معاينــة حصــوله ألســباب ســابقة للحكم بالتصــفية
القضائية أن يرفع ،إن لم يفعل ذلك من قبل ،طلبه داخل ثالثة أشهر من صدور الحكم ".
فللمكري طلب فسخ عقـد الكـراء في مواجهـة السـنديك ،ال المقاولـة ،على اعتبـار ان المقاولـة في
حالة التصفية القضائية تكون قد فقدت اهليتها وصفتها في التقاضي ،ويستثنى طبقا طلبات الفســخ
لعدم اداء الواجبات الكرائية السابقة عن فتح المسطرة طبقا للفصل 653من مدونة التجارة .
هكذا يتضح ان المشرع حاد بالعالقــة التعاقديــة المتعلقــة بــالكراء التجــاري عن ســلطة المتعاقــدين
حيادا عن مقتضيات كل من ق ل ع و ظهير 1980-12-25و ظهير 1955-05-24ليجعلها بيــد
سلطة "الدولة" في شخص السنديك المعين من طرف المحكمة الذي له الســلطة التقديريــة للتقريــر
في مصير الحق في الكراء موازنة منه لحقوق الدائنين و مبدأ حمايــة اســتمرار المقاولــة (االصــل
التجاري) ولو في اللحظات االخيرة لحياتها وهي وذلــك مراهنــة من المشــرع على القيمــة الماليــة
للحق في الكراء وتأثيره المباشر على القيمة الكلية لالصل التجاري فبضمان استمرار هذا الكــراء
يتم ضمان اكبر قدر من السيولة المالية لتغطية الديون حتى التصفية النهائية للمقاولة.
26
الملكي الحسين بعنون "مالحظــات ومقترحــات حــول مقــترح قــانون كــراء العقــارات أو المحالت المخصصــة لالســتعمال التجــاري
والصناعي والحرفي" منشور بجريدة العلم عدد 21081يونيو .2008
33
أ -االتجاه المؤييد االختصاص المحاكم االبتدائية.
يستند االتجاه الفقهي والقضائي القاضــي باســناد االختصــاص في مــادة الكــراء التجــاري للمحــاكم
االبتدائية بدال عن التجاريـة لعـدة اعتبـارات ،ذلـك ان المصــدر التـاريخي لظهـير 1955-05-24
المتعلق بالكراء التجاري كما رأينــا في مقدمــة هــذا العــرض هــو القــانون الفرنســي ،والــذي اســند
االختصاص في النزاعات المتعلقة بقانون الكراء للمحاكم االبتدائية الكبرى في فرنســا ال للمحــاكم
التجارية ،واستنادا الى كون كراء العقار هو عمل مدني محظ استنادا للمادة 6من مدونة التجــارة،
وانه بمقتضى نفس المدونة فان نص الفصل 736منها لم يعتبر عقد الكراء التجاري عقدا تجاريا،
و أن المنازعات بين المكتري والمكري المحددة بظهير 1955-05-24بخصــوص المحــل المعــد
لالسـتعمال التجـاري أو الصـناعي أو الحـرفي ال تعتـبر منازعـة تتعلـق باألصـل التجـاري وانمـا
منازعة متعلقة بعقد كراء شأنها في ذلك شأن أية منازعة قــد تنصــب على بعض عناصــر األصــل
التجاري األخرى لذا فإن البث فيهــا يرجــع للمحــاكم العاديــة الــتي لهــا الواليــة العامــة ال المحكمــة
التجارية.
اضافة الى أن مشرع قانون المحاكم التجارية في المادة 20من قانون هذه المحاكم التجارية لم يلغ
مقتضيات الفصل 27من ظهير 1955-05-24الذي يسند االختصاص في المنازعــة في االنــذار
للمحكمة االبتدائية ،كما ان اختصاص المحاكم التجارية هو اختصاص استثنائي وال يجب التوســع
فيه النه يتعلق بحاالت خاصة واشخاص معيينين.
كما يسـتند هـذا االتجـاه الى مـبرر موضــوعي يتمثـل في قلـة عـدد المحـاكم التجاريـة ( 9محـاكم
تجارية و 3محاكم استئناف تجارية) مترامية االطراف في ربوع المملكة ،مما يصعب معــه تتبــع
المكتري لمساطر ظهير 1955-05-24الضاربة في االجراءات المسطرية المتعددة والمعقــدة اذا
كان يقطن بمسافة بعيدة قد تصل الى 500كلم ( مكتري بالسمارة -المحكمــة التجاريــة باكــادير) ،
في حين ان االمر قد يتعلق بمحل تجاري قد ال تزيد سومته الكرائية عن 400,00درهم او اقل.
وقد سار في هذا االتجاه قضاء المحكمـة التجاريـة في فـاس بمقتضـى القـرار رقم 58/98بتـاريخ
1998-09-14ملف عدد . 98/98
27
ب -االتجاه المؤيد الختصاص المحاكم التجارية :
27
الملكي الحسين بعنون "مالحظــات ومقترحــات حــول مقــترح قــانون كــراء العقــارات أو المحالت المخصصــة لالســتعمال التجــاري
والصناعي والحرفي" منشور بجريدة العلم عدد 21081يونيو .2008
34
يستند هذا االتجاه الفقهي والقضائي لتزكية موقفه على تفسيره لنص الفصل 5من قــانون المحــاكم
التجارية الذي ينص على انه :
"تختص المحاكم التجارية بالنظر في:
-1الدعاوى المتعلقة بالعقود التجارية؛
-2الدعاوى التي تنشأ بين التجار و المتعلقة بأعمالهم التجارية؛
-3الدعاوى المتعلقة باألوراق التجارية؛
-4النزاعات الناشئة بين شركاء في شركة تجارية؛
-5النزاعات المتعلقة باألصول التجارية؛
و تستثنى من اختصاص المحاكم التجارية قضايا حوادث السير.
يمكن االتفاق بين التاجر و غير التاجر على إسناد االختصــاص للمحكمــة التجاريــة فيمــا قــد ينشــأ
بينهما من نزاع بسبب عمل من أعمال التاجر.
يجوز لألطراف االتفـاق على عـرض النزاعـات المبينــة أعاله على مســطرة التحكيم وفــق أحكــام
الفصول 306إلى 327من قانون المسطرة المدنية".
فــيرى هــذا االتجــاه أن نص المــادة المــذكورة جــاء على اطالقــه بكــون المحــاكم التجاريــة تختص
بالنظر في النزاعات المتعلقة باألصول التجارية دون حصر اختصــاص هــذه المحــاكم في العقــود
المتعلقة باألصل التجاري المحدد بمقتضى المادة 723من مدونة التجارة ،وانما يحتوي كل نــزاع
حول هذا األصل بما فيها الحق في الكراء الذي يعتــبر احيانــا من اهم عناصــر االصــل التجــاري،
وانه ال يمكن تصور تطبيق ظهير 1955-05-24اال بوجود اصــل تجــاري ،وهــو مــا ذهبت اليــه
محكمة االستئناف التجارية بمراكش في قرارهــا عــدد 105/1998بتــاريخ 1998-10-21ملــف
رقم . 107/98
28
ج -االتجاه المؤيد الزدواجية االختصاص .
يربط هذا االتجاه اختصاص المحاكم في تطبيق مقتضيات ظهير 1955-05-24الى صفة كل من
المكري والمكتري وطبيعــة الكــراء بالنســبة لكــل منهمــا ،وان نزاعـات ظهــير 1955-05-24ال
تدخل ضمن مقتضيات المادة 5من قانون المحاكم التجارية بصفة مطلقة .
فإذا كان الطرفين المكري والمكتري تاجرين فإن االختصــاص ينعقــد للمحــاكم التجاريــة الن عقــد
الكراء يكون بالنتيجة عقدا تجاريا ،وانه استنادا للمــادة 5من قــانون المحــاكم التجاريــة ،فــان هــذه
المحاكم تختص في الدعاوى المتعلقة بالعقود التجارية.
مجلة قضاء المجلس االعلى عدد -55يناير 2000مطبعة االمنية الرباط - 28
35
أما في حالة العقد المختلط لكون احد طرفيه تاجر فان االمر يختلف بالنظر الى صــفة كــل منهمــا،
فإذا كان المكري غير تاجر والمكتري تاجر فان المحاكم المختصة هي المحاكم االبتدائية ما لم يتم
االتفاق بين التاجر وغير التاجر على إسناد االختصاص للمحكمة
التجارية استنادا للمادة 4من مدونة التجارة.
لكن هل ان مناط اعتبار العقد تجاريا يرتبط فقط بالصفة التجارية لطرفي عقد كراء االمــاكن الــتي
تستغل فيها انشطة تجاريــة ،اذ يجب ان يكــون العقــد مرتبطــا بالحاجــة التجاريــة لطرفيــه ،وكيــف
يكون عقد الكراء مرتبطا بالحاجة التجارية للمكري الذي قد يكون في حين انه ولو كان تاجرا فقــد
ال يرتبط نشاطه اطالقا بالنشاط المـزاول في محلـه الـذي العالقـة لـه بـه في جميـع االحـوال وان
تصرفه ينحصر في كــراء العقــار الــذي هــو عمــل مــدني صــرف وان عالقــة الطــرفين ال ترتبــط
بالصفة التجارية لكل منهما ،وبالتــالي فانــه يصــعب تقبــل هــذه المــبررات كاســاس منطقي للقــول
باختصاص المحاكم التجارية للنظر في النزاعات المتعلقة بتطبيق ظهير 24ماي.1955
وعموما فقد تبنت هذا االتجاه محكمة االستئناف بالدار البيضاء ،في قرارهــا قــرار رقم 880/99
صدر بتاريخ 29/6/99في الملف عدد . 1102/99
29
ثانيا :تأثير تنازع االختصاص على الحماية المقررة للحق في الكراء :
نروم من خالل هذه النقطة الى ابراز تجليات تأثير عدم االستقرار القضائي في اسناد االختصاص
للبت في تطبيق المقتضيات المتعلقة بالحق في الكراء في ظـل قصـور تشـريعي ،كـان االجـدر اال
يسبب هذه الزوبعة لو تم تدارك الموقف بتحديد المحاكم المختصة بشكل صريح كما فعل المشــرع
الفرنسي ،حتى ال تفرغ مقتضيات ظهير ، 1955-05-24على عالتها ،من محتواهــا ،فبمراجعــة
االتجاهات الفقهيـة والقضــائية اعاله ال يمكن التسـليم بوجاهـة اتجـاه دون غـيره الن كـل منهـا لـه
منطلقاته القانونية والموضوعية ،وان المسؤولية تبقى على المشرع لتدارك الفراغ القانوني.
ذلك ان االصل التجاري ينبني في االساس على االستقرار لذلك افرد له المشــرع حمايــة اســتثنائية
من بداية العقد حتى نهايته بل وحتى بعد نهايته او انتهائه كما يتضح باستقراء كــل نقــط على حــدة
من نقط هــذا الموضــوع ،وان االختالف القضــائي بين محكمــة واخــرى حــتى داخــل نفس الــدائرة
القضائية يعيق مسعى المكري والمكترى على حد سواء في استقصــاء حقوقــه ،وهــو مــا قــد يثــني
المكري من تسخير محله للكراء ،او يجبر المكتري على انهاء عقــد الكــراء امــا اختيــارا لكونــه لم
يستسغ كثرة التنقالت من محكمة الخرى لمواجهته بعدم االختصاص كلما طرق بــاب احــداها ،او
انه مل من االجراءات والدعاوى وفاته االجل القانوني للقيام بمسطرة من المساطر الــواجب عليــه
مجلة قضاء المجلس االعلى عدد -55يناير 2000مطبعة االمنية الرباط - 29
36
اتباعها لضمان حقوقه ،ما دام ام اجـال ظهـير 1955-05-24هي اجـال قصـيرة ،اطولهـا سـنتين
الذي هو اجل سقوط ال يتم قطعه او وقفه ،كمــا هــو الحــال في اجــال التقــادم الــتي يتم قطعهــا ولــو
قدمت الدعوى الى قاض غير مختص او حكم بعدم قبولها لعيب في الشكل طبقــا للفصــل 381من
ق ل ع ،هذا ان لم تكن عناصر االصل التجاري قــد انــدثرت بســبب انشــغال المكــتري بالمســاطر
القضائية عوض زبانائه وتوريداته ...الخ.
وما قد يزيد من طول المساطر وتعقدها هو قضــاء كــل من المحكمــة التجاريــة والمحكمــة العاديــة
(سواء ابتدائيا او استئنافيا) اما بعد اختصاصهما معا او اختصاصهما معا ،فــالحكم والحالــة هاتــه
هو المجلس االعلى باعتباره المحكمة االعلى درجة منهما معا طبقا للفصل 13من قانون 90-14
من قانون المحاكم االدارية والمادة 353من ق م م .
وفي انتظار تدخل المشرع ،بالمصادقة على مقترح قانون ،5-33-06فقــد تــدخل المجلس االعلى
واستقر على جعل االختصاص للمحاكم التجارية في العديـد من قراراتـه المتـواترة ،بدايـة بقـراره
عــدد 2248بتــاريخ 2001-11-14ملــف تجــاري عــدد ،2227/00اذ جــاء في حيثياتــه ... " :
المادة 5من القانون المحدث للمحاكم التجارية أسندت االختصاص لهذه األخيرة بالنسبة للنزاعات
المتعلقة باألصول التجارية وأن حق التوبة يخضع لمسطرة تجديد عقــد كــراء محــل معــد للتجــارة
الذي هو أحد عناصر األصل التجاري الداخل في النزاعــات المتعلقــة باألصــول التجاريــة ...وان
دعوى التوبة المقدمة من طرف المكري سجلت ...بعد دخول القانون المحــدث للمحــاكم التجاريــة
حيز التنفيذ بأكثر من سنة ،ومحكمة االستئناف التي ردت دفعة طاعنــة بعــدم اختصــاص المحــاكم
العادية ...يكون قرارها فاسد التعليـل المـوازي النعدامـه ،لكـون دعـوى التوبـة المقدمـة اسـتقالال
للمحكمة وبصرف النظر عما لم يتناول في هذا الموضوع قدمت مســتقلة عن دعــوى النازعــة في
أسباب اإلنذار وبعد دخول القانون المحدث للمحاكم التجارية حيز التطبيق مما يعرضه للنقض ".
وقد سار قضاء الموضوع في هذا التوجه كما جاء في قرار محكمة االستئناف التجارية بفاس رقم
" "450الصــادر بتــاريخ 2006-03-28ملــف عــدد ،06-446وقرارهــا رقم " "508الصــادر
بتاريخ 2006-04-04ملف عدد .06-409
في حين ذهب مقترح القانون رقم قانون 5 -33-06رقم قانون 5 -33-06رقم قانون 5 -33-06
في المادة 30على أنه :
" تختص المحــاكم التجاريــة بــالنظر في النزاعــات المتعلقــة بتطــبيق هــذا القــانون ،غــير أنــه في
المناطق التي ال توجد بها المحاكم المذكورة ،فإن المحاكم االبتدائيــة الموجــودة بــدائرتها المحالت
التجارية أو الصناعية أو الحرفية هي المختصة للبت في النزاعات المتعلقة بهذا القانون" .
37
خاتمــــــــــــــــــــــــــــــة :
يتبين من خالل استعراض مختلف الجوانب المرتبطــة بــالتطبيق القضــائي لنصــوص ظهــير -24
1955-05المتعلق بالكراء التجاري ،بان القضاء اقر مجموعة من القواعــد لســد الفراغــات الــتي
تعــتري الظهــير المــذكور ،والناتجــة احيانــا عن اخطــاء في الترجمــة واحيانــا عن التبــويب غــير
المنسجم البوابه بالخلط بين القواعد االجرائية والقواعــد الموضــوعية ،واحيانــا اخــرى اثــر عــدم
تحيين مقتضياته وفق القوانين المستحدثة على مستوى التنظيم القضائي وقانون المســطرة المدنيــة
مما يصعب معه فهم قصد المشرع.
وقد كشف التطبيق القضائي عن عورة هذا القصور التشريعي من خالل الممارسة القضائية الزيد
من نصف قرن من الزمن ،مما ادى الى تضــارب االحكــام القضــائية ســواء على مســتوى محــاكم
الموضوع اوحتى على مستوى قضاء اقسام الغرفة الواحــدة بــالمجلس االعلى ،فقــد اتخــذ المجلس
االعلى اجتهادات معينة وتراجع عنها ،في غير ما مرة ،ليتم الرجوع بعد ذلك لالتجاه االول ،ممــا
استدعى ،في بعض الحاالت ،تدخل مجلس الرؤساء للتنبيه الى ضرورة توحيد االتجــاه ،كمــا مــر
معنــا بخصــوص امكانيــة الخيــار بين القواعــد العامــة وظهــير 1955-05-24لالفــراغ من اجــل
التماطل في اداء واجبات الكراء.
ونتمــنى ان يفتح النقــاش مليــا بخصــوص مقــترح القــانون رقم 5 -33-06المتعلــق قــانون كــراء
العقارات أو المحالت المخصصة لالستعمال التجاري والصناعي والحرفي ،على مستوى جميــع
المعنيين من حقوقيين وجامعات ووزارات وصــية حــتى ال تتكــرر تجربــة ظهــير 1955-05-24
الذي انقلبت الغاية منه ،احيانا ،الى نقيض القصد فعوض تكريس الحماية للمكتري في حدود عــدم
االضــرار بالمالــك ارهــق الطرفــان معــا بمســاطر واجــرارءات الحــول لهمــا وال قــوة ،واعتمــاد
االجتهادات التي استقر عليها المجلس االعلى حتى تكون نقطة النهاية في تطــبيق ظهــير -05-24
1955هي نقطة البداية في تطبيق مقترح القــانون المــذكور ان كتب لــه الوجــود ،ســيما وان نشــر
38
المعلومــة القضــائية والقانونيــة قــد اصــبح في متنــاول الجميــع بفضــل وســائل االعالم واالتصــال
الحديثة.
ذلك ان حماية استقرار االصل التجاري بتكريس ثباته عـبر سـن قواعـد حمائيـة للحـق في الكـراء
تراعي حقوق المكري كذلك ،هي االساس لخلق الثروة ودورة الرأسمال حتى ال يعــزف اصــحاب
العقارات عن كرائها ،ما دام انها في حذ ذاتها تعتبر خزانا ماليا تزيد قيمتـه يومـا بعـد يـوم تغـنيهم
عن المســاطر القضــائية ،وحــتى ال يتم اضــعاف الضــمانة الماليــة للــدائنين المقيــدين على االصــل
التجــاري وبالتــالي عــزوفهم عن اقــراض المكــتري والتســبب ،وان بــدون قصــد ،في الركــود
االقتصادي وما يستتبعه من اثار اجتماعية ال تعفي وال تذر.
39
الفهرس :
40
قائمة المراجع
-الكتــــــــــــــــــــــــــب :
-1محمد الكشـبور ،الحـق في الكـراء عنصــر في األصــل التجـاري ،سلسـلة الدراسـات القانونيـة
المعاصرة 2مطبعة النجاح الجديدة الطبعة االولى ..1998
-2احمد عاصم ،الحماية القانونية للكراء السكني والمهني ،دار النشر المغربية 1996
-3عبد الفتاح بنوار ،مجموعة قانون األعمال ،مطبعة النجاح الجديدة الطبعة األولى .2000
-4محمــد الفـروجي ،التــاجر وقــانون التجــارة بــالمغربن سلســلة الدراســات القانونيــة ، 1مطبعــة
النجاح الجديدة الطبعة االولى .1997
-5عبد السالم الزوير ،االختصــاص النــوعي للمحــاكم التجاريــة و اشــكالياته العمليــة ،مكتبــة دار
السالم الرباط .2004
-6محمد المجدوبي االدريسي ،المحاكم التجارية بـالمغرب دراسـة تحليليـة نقذيـة الطبعـة االولى
مطبعة بابل للطباعة والنشر ص .88
المجـــــــــــــــــــــــــالت :
-1المجلة المغربية لالقتصاد والقــانون المقــارن العــدد 23الصــادرة عن كليــة الحقــوق بمــراكش
.1995
-2مجلة قضاء المجلس االعلى عدد 50-49يوليوز 1997دار نشر المعرفة للنشر والتوزيع .
- -3مجلة قضاء المجلس االعلى عدد -54-53يوليوز 1999مطبعة االمنية الرباط .
-4مجلة قضاء المجلس االعلى عدد -55يناير 2000مطبعة االمنية الرباط .
-5مجلة قضاء المجلس االعلى عدد -58-57يوليوز 2001مطبعة االمنية الرباط .
-6مجلة القانون االقتصادي العدد 1دجنبر 2007مطبوعات الهالل وجدة .2007
41
-7مجلة المحاكم التجارية العدد 4-3منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية ،وزارة
العدل الرباط .2009
42
WWW.JUSTICE.GOV.MA
.2009-07-08 / بتاريخ اجتهادات قضائية/ بوابة عدالة/ الموقع االلكتروني لوزارة العدل-2
.WWW.JUSTICE.GOV.MA/ADALA
-06-15 بتــاريخ/ اجتهادات قضائية/ الموقع االلكتروني لمحكمة االستئناف التجارية بمراكش-3
.2009
http://www.tcmarrakech.justice.gov.ma/tcmarrakech/ar/presentation/
presentation.aspx
-06-15 بتــاريخ/ اجتهــادات قضــائية/ الموقع االلكتروني لمحكمة االســتئناف التجاريــة بفــاس-4
.2009
http://www.cacfes.ma .
43
44