You are on page 1of 280

‫ال مركزية تدبري املنظومة الرتبوية‬

‫ورهانات جتويد خدمات الرتبية والتكوين‬


‫ال مركزية تدبري املنظومة الرتبوية‬
‫ورهانات جتويد خدمات الرتبية والتكوين‬

‫التن�سيق العلمي ‪:‬‬


‫احل�سني الرامي‬
‫ر�ضا الفالح‬
‫عبد الكرمي احلديكي‬
‫عبد العايل حور‬
‫ن�رش من طرف‬
‫م�ؤ�س�سة كونراد �أديناور‬
‫©‪ ،2019‬م�ؤ�س�سة كونراد �أديناور‪ ،‬مكتب املغرب‪.‬‬
‫جميع احلقوق حمفوظة‪.‬‬
‫مينع منعا باتا �أي ا�ستن�ساخ كامل �أو جزئي �أو ن�رش دون �إذن �رصيح من النا�رش‪.‬‬
‫�إ�شعار بعدم حتمل امل�س�ؤولية ‪ :‬هذا املطبوع هو مبثابة دعامة بيداغوجية‪ ،‬وهو لي�س موجه ب�أي حال‬
‫من الأحوال لأغرا�ض جتارية‪.‬‬
‫تن�سيق ‪ :‬عبري �إبورك‪ ،‬من�سقة م�شاريع مب�ؤ�س�سة كونراد �أديناور‬
‫ت�صفيف ‪ :‬بابل كوم‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‬
‫طباعة ‪ :‬لون‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‬
‫‪2019 MO 4272‬‬ ‫رقم الإيداع القانوين ‪:‬‬
‫ردمك ‪978-9920-714-03-7 :‬‬

‫طبع يف املغرب‬
‫‪2019‬‬ ‫طبعة‬
‫ملخ�ص امل�ؤلف‬

‫كثرية هي الت�سا�ؤالت التي تطرحها املنظومة الرتبوية يف �سياق البحث عن املقاربات املمكنة ل�ضمان‬
‫جودة خدمات الرتبية والتكوين‪ .‬وهي ت�سا�ؤالت ت�ستمد �أهميتها من عدة اعتبارات مت�شابكة ويف‬
‫مقدمتها‪:‬‬

‫‪ .1‬كون املنظومة الرتبوية تعترب املدخل الأهم لبناء الوعي املجتمعي وتربية الفرد على قيم املواطنة‬
‫احلقة وتكوين نخبة قادرة على العمل من �أجل امل�ساهمة يف دمقرطة النظام ال�سيا�سي من خالل‬
‫انخراطها يف خمتلف الهيئات ال�سيا�سية والنقابية وهيئات املجتمع املدين‪.‬‬

‫‪ .2‬وجود متظهرات عدة للعالقة الوطيدة بني املنظومة الرتبوية واملتغريات االجتماعية‪ .‬فالنظام‬
‫التعليمي‪ ،‬هو املدخل اجلوهري لتلبية حاجيات املجتمع وحتديث بنياته االجتماعية والثقافية و�أن‬
‫�أي تغيري �أو �إ�صالح مي�سه �سينعك�س �سلبا �أو �إيجابا على بنية املجتمع وحاجياته وتطوره‪.‬‬

‫‪ .3‬كون املدر�سة ت�شكل قاطرة للتنمية ومدخال �أ�سا�سيا خللق الرثوة وزيادة معدالت النمو من‬
‫خالل ربط التكوين والبحث العلمي واالبتكار برهانات التنمية ال�صناعية والتجارية وال�سياحية‬
‫واخلدماتية وغريها‪ .‬فالتعليم له �أثر كبري و�أ�سا�سي على التنمية االقت�صادية لكونه �أداة للرفع من‬
‫القدرة على زيادة وتنويع القدرة الإنتاجية‪.‬‬

‫‪ .4‬كون املنظومة الرتبوية ت�شكل حلقة جوهرية يف بناء اجلهوية عن طريق تزويد اجلهة باملوارد‬
‫الب�رشية التي حتتاجها لإجناح براجمها التنموية‪ ،‬وبالكفاءات املطلوبة يف جمال الت�سيري على‬
‫ال�صعيد الرتابي‪ ،‬ويف القطاعات االجتماعية وعلى �صعيد الوظيفة العمومية الرتابية‪.‬‬

‫يف هذا امل�ؤلف‪� ،‬سعى الباحثون �إىل مقاربة املو�ضوع كل من زاويته اخلا�صة بهدف مالم�سة‬
‫الإ�شكاليات التي تثريها �سيا�سات الالمركزية يف النظام التعليمي املغربي‪ .‬والهدف الأ�سا�سي هو‬
‫ر�صد �أهم التحديات التي حتول دون تر�سيخ �سيا�سة حقيقية يف هذا املجال والتي من �ش�أنها حتقيق‬
‫رهان اجلودة والنجاعة يف عملية الرتبية والتكوين والبحث العلمي‪.‬‬
‫الفهر�س‬

‫‪ | 9‬ر�ؤى متقاطعة ل�سيا�سات الالمركزية والالمتركز يف قطاع الرتبية والتكوين‬


‫احل�سني الرامي‪ ،‬ر�ضا الفالح‬

‫‪ | 15‬الأنظمـة الرتبويـة والتغيري االجتماعي‪� :‬أية عالقة؟‬


‫عمر التاور‬

‫‪ | 45‬عملية اتخاذ القرار الرتبوي و�أثر الالمركزية على جودته‬


‫حمماد البداوي‬

‫‪ | 69‬الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين والالمركزية الإدارية يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي‬
‫حميد ابكرمي‬

‫‪ | 101‬تدبري احلق يف التعليم‪� :‬أي دور للمجال�س اجلماعية الرتابية؟‬


‫�سعيد ال�رشقاوي‬

‫‪ | 135‬حدود تدخل اجلماعات الرتابية يف ال�ش�أن الرتبوي ‪ :‬حالة جماعة �سال‬


‫قا�سم النعاميي وعبد اللطيف �شاو�ش‬

‫‪ | 149‬التدبري الالمركزي لقطاع التعليم العايل ‪ :‬الواقع والآفاق‬


‫نادية جامع‬

‫‪� | 179‬إ�شكالية اال�ستقالل املايل للم�ؤ�س�سات الرتبوية على �ضوء التدبري الالمركزي ‪:‬‬
‫اجلامعة املغربية منوذجا‬
‫ع�صام القرين‬

‫‪ | 201‬دور �آليات ال�رشاكة الدولية والتعاون يف تطوير اجلامعة املغربية‪:‬‬


‫على �ضوء جتارب مقارنة‬
‫فاطمة ملحرحر‬
‫الفهر�س‬

‫‪ | 217‬حكامة منظومة الرتبية والتكوين من خالل الر�ؤية الإ�سرتاتيجية‬


‫للإ�صالح ‪ :2030-2015‬نحو جتاوز �إكراهات تنزيل امليثاق الوطني‬
‫للرتبية والتكوين‬
‫عبد العايل حور‬

‫‪ | 235‬م�ؤ�س�سات التعليم العايل العربية وامل�س�ؤولية املجتمعية‪ :‬جامعة قطر منوذجا‬


‫حافظ �إ�سماعيلي علوي‬

‫‪ | 249‬م�ؤ�رشات تقييم �أداء م�ؤ�س�سات التعليم العايل ومتطلبات الإ�صالح‪:‬‬


‫قراءة يف واقع الدول العربية �ضمن ت�صنيف ‪ARWU‬‬
‫بوبكر بدا�ش واحممد بوقرة‬

‫‪ | 275‬امل�ؤلفون‬

‫‪8‬‬
‫ر�ؤى متقاطعة ل�سيا�سات الالمركزية والالمتركز‬
‫يف قطاع الرتبية والتكوين‬
‫احل�سني الرامي‪ ،‬ر�ضا الفالح‬

‫كثرية هي الت�سا�ؤالت التي تطرحها املنظومة الرتبوية يف �سياق البحث عن املقاربات املمكنة‬
‫ل�ضمان جودة خدمات الرتبية والتكوين‪ .‬وهي ت�سا�ؤالت ت�ستمد �أهميتها من عدة اعتبارات مرتبطة‬
‫ب�أهمية املنظومة نف�سها يف النهو�ض برتبية الأجيال على قيم املواطنة والعي�ش امل�شرتك‪ .‬كما �أن‬
‫هناك اعتبارات �أخرى لها عالقة ب�أهمية توفري املوارد الب�رشية والأطر التي يحتاجها االقت�صاد‬
‫والقادرة على رفع التحدي وربح رهانات التنمية‪ ،‬يف اجتاه الرتقي ب�أو�ضاع املجتمع وبناء‬
‫العالقات االجتماعية واملجتمعية على �أ�س�س متينة كفيلة ب�ضمان الأمن واال�ستقرار وال�سكينة‬
‫للأجيال احلالية وامل�ستقبلية‪.‬‬

‫هكذا‪ ،‬ميكن ا�ستح�ضار جمموعة من االعتبارات املرتبطة بع�ضها ببع�ض للربهنة على �أهمية‬
‫اخلو�ض يف مو�ضوع املنظومة الرتبوية وما يطرحه من ت�سا�ؤالت حول طبيعة ال�سيا�سات املعتمدة‬
‫من قبل ال�سلطات العمومية ل�ضمان جودتها وجناعتها‪ .‬من �أهم هذه االعتبارات‪ ،‬ما يلي‪:‬‬

‫‪. 1‬كون املنظومة الرتبوية تعترب املدخل الأهم لبناء الوعي املجتمعي وتربية الفرد على قيم املواطنة‬
‫احلقة وتر�سيخ واحرتام مبادئ دولة احلق والقانون وتكوين نخبة قادرة على العمل من‬
‫�أجل دمقرطة النظام ال�سيا�سي من خالل انخراطها يف خمتلف الهيئات ال�سيا�سية والنقابية‬
‫‪1‬‬

‫وهيئات املجتمع املدين‪ .‬فالعديد من الدرا�سات �أكدت على �أن هناك دائما عالقة وطيدة بني‬
‫النظام التعليمي وتوجهات النظام ال�سيا�سي ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪.2‬وجود متظهرات عدة للعالقة الوطيدة بني املنظومة الرتبوية واملتغريات االجتماعية‪ .‬فالنظام‬
‫التعليمي‪ ،‬هو املدخل اجلوهري لتلبية حاجيات املجتمع وحتديث بنياته االجتماعية والثقافية‬
‫و�أن �أي تغيري �أو �إ�صالح مي�سه �سينعك�س �سلبا �أو �إيجابا على بنية املجتمع وحاجياته وتطوره ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫احل�سني الرامي ور�ضا الفالح‬

‫‪.3‬كون املدر�سة ت�شكل قاطرة للتنمية ومدخال �أ�سا�سيا خللق الرثوة وزيادة معدالت النمو من خالل‬
‫ربط التكوين والبحث العلمي برهانات التنمية ال�صناعية والتجارية وال�سياحية واخلدماتية‬
‫وغريها‪ .‬فالتعليم له �أثر كبري و�أ�سا�سي على التنمية االقت�صادية لكونه �أداة للرفع من القدرة‬
‫على زيادة االنتاج وحتقيق معدالت عالية للنمو االقت�صادي ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫‪.4‬كون املنظومة الرتبوية ت�شكل حلقة جوهرية يف بناء اجلهوية عن طريق تزويد اجلهة باملوارد‬
‫الب�رشية التي حتتاجها لإجناح براجمها التنموية‪ ،‬وبالكفاءات املطلوبة يف جمال الت�سيري على‬
‫ال�صعيد الرتابي‪ ،‬ويف القطاعات االجتماعية وعلى �صعيد الوظيفة العمومية الرتابية‪.‬‬

‫من هذا املنطلق‪ ،‬مت اختيار مو�ضوع املنظومة الرتبوية يف عالقته ب�سيا�سة الالمركزية والالمتركز‪،‬‬
‫ويف �سياق ات�سم مبجموعة من املحطات الإ�صالحية التي با�رشتها ال�سلطات العمومية باملغرب‪.‬‬
‫من �أهم تلك املحطات التي عرفها م�سار �إ�صالح املنظومة الرتبوية ما يتعلق بو�ضع امليثاق الوطني‬
‫للرتبية والتكوين وتن�صي�صه يف الدعامة اخلام�سة ع�رش‪ ،‬على نهج �سيا�سة الالمركزية والالتركيز‬
‫يف قطاع الرتبية والتكوين كاختيار ا�سرتاتيجي وحا�سم يف عملية الإ�صالح‪.‬‬

‫من �أجل تنزيل مقت�ضياته‪� ،‬صدرت عدة ن�صو�ص قانونية وتنظيمية‪ ،‬متت مبوجبها �إعادة هيكلة‬
‫املنظومة على �أ�سا�س الالمركزية والالمتركز والنقل التدريجي لل�سلط واالخت�صا�صات من املركز‬
‫�إىل الأكادمييات اجلهوية واملديريات الإقليمية واجلامعات‪ .‬والرهان الأ�سا�سي هو «الت�سهيل‬
‫والرت�شيد والت�رسيع مل�ساطر تدبري العدد املتزايد من التجهيزات الأ�سا�سية‪ ،‬والعدد املتعاظم‬
‫للمتعلمني وامل�ؤطرين يف قطاع الرتبية والتكوين‪ .‬و�سعيا لتي�سري ال�رشاكة والتعاون امليداين مع‬
‫كل الأطراف الفاعلة يف القطاع �أو املعنية به‪ ،‬من حيث التخطيط والتدبري والتقومي‪ .‬وحر�صا على‬
‫�رضورة �إطالق املبادرات البناءة‪ ،‬و�ضبط امل�س�ؤوليات يف جميع �أرجاء البالد حلل امل�شكالت العملية‬
‫للقطاع يف عني املكان‪ ,‬ب�أقرب ما ميكن من امل�ؤ�س�سات التعليمية والتكوينية‪. »...‬‬
‫‪5‬‬

‫بعد حوايل عقدين من بداية تفعيل مقت�ضيات امليثاق املذكور‪ ،‬وجهت انتقادات للمقاربة املعتمدة يف‬
‫عملية تنزيل �سيا�سة الالمركزية‪ .‬فقد دعا املجل�س االعلى للتعليم يف العديد من تقاريره ‪ ،‬بالأخ�ص‬
‫‪6‬‬

‫يف تقريره ال�صادر �سنة ‪� 2008‬إىل بذل جمهود نوعي بغية التقلي�ص التدريجي من التدبري املمركز‪،‬‬
‫وف�سح املجال �أمام �أجوبة حملية متنوعة تتجاوز النمطية‪ ،‬ويف اجتاه تعميق م�سار الالمركزية‬
‫وتو�سيع اال�ستقاللية وتو�ضيح االخت�صا�صات‪ ،‬وال�سيما بني الإدارة املركزية والأكادمييات‬
‫‪10‬‬
‫ر�ؤى متقاطعة ل�سيا�سات الالمركزية والالمتركز يف قطاع الرتبية والتكوين‬

‫واملديريات الإقليمية‪ ،‬وبني االدارة املركزية واجلامعات‪ ،‬وتر�سيخ امل�س�ؤولية واملحا�سبة يف خمتلف‬
‫م�ستويات املنظومة‪.‬‬

‫يف نف�س ال�سياق‪� ،‬صدرت عام ‪ 2015‬القوانني التنظيمية اخلا�صة باجلماعات الرتابية تفعيال‬
‫للف�صل ‪ 146‬من د�ستور ‪ 2011‬الذي �أكد على خيار اجلهوية املتقدمة كمقاربة ناجعة للنهو�ض‬
‫بالأو�ضاع االقت�صادية واالجتماعية والثقافية‪ .‬غري �أن تنزيل هذا الور�ش‪ ،‬يرتبط �أ�شد االرتباط‬
‫بات�ساق ال�سيا�سة الرتبوية على امل�ستوى الرتابي مع التحوالت املف�صلية التي �ستطبع تدريجيا‬
‫اخت�صا�صات وموارد اجلماعات الرتابية‪.‬‬

‫انكب الباحثون يف هذا امل�ؤلف اجلماعي على مالم�سة الإ�شكاليات التي تثريها �سيا�سات الالمركزية‬
‫يف النظام التعليمي املغربي‪ ،‬وذلك من خالل و�ضع مقاربات ور�ؤى متنوعة يوحدها هدف �أ�سا�سي‬
‫يتمثل يف ر�صد �أهم التحديات التي حتول دون تر�سيخ �سيا�سة ناجعة وحقيقية ترفع من جودة‬
‫الرتبية والتكوين والبحث العلمي‪.‬‬

‫من �أجل معاجلة الإ�شكالية‪ ،‬مت يف البداية التقعيد للمو�ضوع من منظور العلوم االجتماعية‪ ،‬من‬
‫خالل ا�ستح�ضار العالقة القائمة بني الأنظمة الرتبوية والتغيري االجتماعي‪� ،‬إذ مت ا�ستح�ضار‬
‫بع�ض املحطات التاريخية التي عرفتها املدر�سة املغربية وبالأخ�ص تلك املرتبطة ببداية الت�أ�سي�س‬
‫للمدر�سة الع�رصية يف عهد احلماية والتي مل ت�ستهدف حتديث بنيات املجتمع االقت�صادية‬
‫واالجتماعية والثقافية وال�سيا�سية‪ ،‬بقدر ما كان الهدف منها التعتيم على التفاوتات الطبقية‬
‫واالجتماعية و�إعادة �إنتاجها‪ .‬يف نف�س ال�سياق جرى احلديث عن العالقة القائمة بني �إ�صالح النظام‬
‫الرتبوي و�رضورات املجتمع املغربي �أو ما �سمي بالتغيري االجتماعي‪ .‬ومت الت�أكيد على كون‬
‫الإ�صالحات الكربى التي عرفها النظام الرتبوي املغربي مردها �رضورات اقت�صادية واجتماعية‬
‫�ضاغطة‪ .‬و�أن الأنظمة الرتبوية لها تداعيات على الواقع االجتماعي املغربي‪ ،‬من حيث الثقافة‬
‫والهوية واحلراك االجتماعي‪.‬‬

‫مت االنتقال بعد ذلك �إىل الوقوف على جتليات العالقة بني �سيا�سة الالمركزية وجودة القـرار‬
‫الرتبـوي عن طريق ا�ستح�ضار ثالثة عنا�رص �أ�سا�سية وهامة يف درا�سة مو�ضوع ال مركزية النظام‬
‫الرتبوي‪ .‬يتعلق الأمر بداية ب�إعادة ت�شكيل الهويات والعالقات املهنية بني مديري امل�ؤ�س�سات‬
‫التعليمية والأطر املمثلة لل�سلطات الرئا�سية‪ .‬ثم بتنوع عر�ض اخلدمات من خالل م�رشوع امل�ؤ�س�سة‬
‫‪11‬‬
‫احل�سني الرامي ور�ضا الفالح‬

‫ومدى جتاوزه للمطالب املعرب عنها من قبل الأ�رس‪ .‬و�أخريا م�س�ؤولية ال�سلطات العمومية ال�ساهرة‬
‫على تدبري املنظومة‪ ،‬اعتبارا لكونها ال�ضامنة للجودة ال�شاملة خلدمات الرتبية والتكوين‪.‬‬

‫من جهة �أخرى‪ ،‬مت مقاربة الإ�شكالية املرتبطة بعملية اتخاذ تلك القرارات الرتبوية اعتبارا لأهميتها‬
‫وموقعها بالن�سبة جلميع الأعمال التي متار�سها امل�ؤ�س�سات التعليمية‪ .‬لتحقيق هذا الغر�ض‪،‬‬
‫مت حتديد مفهوم عملية اتخاذ القرار الرتبوي و�أهميتها والعوامل امل�ؤثرة فيها‪ ،‬ثم اخلطوات‬
‫والأ�ساليب العلمية واملنهجية التخاذها‪ .‬كما مت تناول �أثر الالمركزية على فاعلية القرار الرتبوي‬
‫من خالل قيامها على �أ�سا�س املقاربة الت�شاركية للحيلولة دون مقاومة التوجهات الإ�صالحية‪.‬‬
‫وهي املقاربة الكفيلة ب�ضمان جودة تلك القرارات وت�أمني درجة كبرية من الر�ضا العام لذى كل‬
‫الفاعلني‪.‬‬

‫من جهة �أخرى‪ ،‬وعالقة مبو�ضوع الالمركزية يف جمال تدبري املنظومة الرتبوية‪ ،‬مت ا�ستح�ضار‬
‫جمموعة من التجارب اخلا�صة بالأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين واجلامعات ودور جمال�س‬
‫اجلماعات الرتابية يف تدبري احلق يف التعليم والتدخل يف ال�ش�أن الرتبوي ودور �آليات ال�رشاكة‬
‫الدولية والتعاون يف تطوير منظومة التعليم العايل‪.‬‬

‫يف هذا الإطار‪ ،‬وعالقة بتجربة الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين و�س�ؤال الالمركزية الإدارية‬
‫وتدبري ال�ش�أن الرتبوي‪ ،‬مت الوقوف عند م�سار تطور �سيا�سة الالتركيز والالمركزية بقطاع‬
‫الرتبية الوطنية‪ .‬ومتت الإ�شارة �إىل جمموعة من التغيريات والإ�صالحات والإجراءات الهيكلية‬
‫التي م�ست م�ؤ�س�سات الرتبية والتكوين مركزيا وجهويا و�إقليميا‪ .‬كما مت الوقوف عند حمطة‬
‫امليثاق الوطني للرتبية والتكوين وما رافقها من تنزيل وتفعيل للمقت�ضيات الإجرائية والتطبيقية‬
‫لنهج الالمركزية والالتركيز الإداري يف جمال تدبري ال�ش�أن الرتبوي‪ .‬وقد متت مالم�سة جمموعة‬
‫من الإكراهات التي حالت دون التفعيل ال�سليم ملقت�ضيات امليثاق وتر�سيخ �سيا�سة حقيقية يف جمال‬
‫المركزية املنظومة الرتبوية‪.‬‬

‫يف نف�س ال�سياق‪ ،‬مت الت�أكيد على �أنه ل�ضمان اجلودة والفعالية‪ ،‬مت اعتماد �سيا�سة الالمركزية الرتابية‬
‫املوجهة نحو خمتلف امل�ستويات الرتابية‪ ،‬من جهة‪ ،‬والالمركزية املرفقية املوجهة نحو امل�ؤ�س�سات‬
‫التعليمية‪ ،‬والهادفة �إىل الرفع من اجلودة والنجاعة يف خدمات الرتبية والتكوين من جهة �أخرى‪.‬‬
‫من هذا املنطلق‪ ،‬مت ر�صد الدينامية التي عرفها هذا احلقل من خالل الوقوف عند الإ�صالحات‬
‫‪12‬‬
‫ر�ؤى متقاطعة ل�سيا�سات الالمركزية والالمتركز يف قطاع الرتبية والتكوين‬

‫املتعلقة بالالمركزية الرتبوية ومدى انعكا�سها على الوعي ال�سيا�سي لذى الفاعل الرتابي من خالل‬
‫درا�سة ممكنات وحدود تدخل املجال�س اجلماعية الرتابية يف تدبري الفعل الرتبوي‪ ،‬والك�شف عن‬
‫�رشوط التحول نحو مدر�سة تربوية ترابية كرهان‪ .‬وقد مت ا�ستح�ضار بع�ض التجارب اخلا�صة‬
‫باجلماعات الرتابية وحدود تدخلها يف ال�ش�أن الرتبوي من خالل برامج العمل وبرامج التنمية‪.‬‬

‫يف �سياق مرتبط باال�ستقالل الإداري واملايل للم�ؤ�س�سات الرتبوية‪ ،‬مت تناول �إ�شكالية ا�ستقالل‬
‫اجلامعة املغربية على �ضوء التدبري الالمركزي الذي ي�شرتط التوفر على حد �أدنى من املوارد‬
‫املالية الذاتية القارة‪ ،‬والتمتع ب�سلطة الت�رصف يف تلك املوارد والتوفر على الكفاءات الالزمة‬
‫ل�ضمان تدبري م�ستقل‪ .‬من هذا املنطلق‪ ،‬وبعد قراءة واقع هذا اال�ستقالل‪ ،‬مت ت�سليط ال�ضوء‬
‫عن جمموعة من الت�سا�ؤالت املرتبطة بحاجة اجلامعات لال�ستقالل املايل والإكراهات التي حتول‬
‫دون حتقيقه واملخاطر املتوقعة وال�ضمانات الالزمة لتجنب الآثار ال�سلبية لهذا اال�ستقالل وكذا‬
‫متطلبات وال�رشوط املثلى لتحقيقه على �أر�ض الواقع؟‬

‫من جهة �أخرى‪ ،‬مت االهتمام بال�سيا�سات املتبعة على م�ستوى قطاع التعليم العايل وتطوراتها‪،‬‬
‫ور�صد املقاربات املمكنة ل�ضمان تنزيل الالمركزية احلقيقية يف هذا القطاع‪ .‬يف هذا ال�سياق‪ ،‬مت‬
‫الوقوف عند �أهمية �آليات التعاون وال�رشاكة يف تطوير اجلامعة املغربية‪ ،‬و�سبل تفعيلها على �ضوء‬
‫بع�ض التجارب والآفاق امل�ستقبلية لتطوير القطاع اعتمادا على ال�رشاكات الدولية‪.‬‬

‫بالنظر لالختالالت التي �شابت م�سل�سل تنزيل مقت�ضيات امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‬
‫والربنامج اال�ستعجايل‪ ،‬مت و�ضع الر�ؤية الإ�سرتاجتية للإ�صالح ‪ 2030-2015‬الرامية �إىل جتاوز‬
‫�إكراهات تنزيل تلك املقت�ضيات وو�ضع �أ�س�س احلكامة اجليدة القائمة على �أ�سا�س امل�شاركة‬
‫وال�شفافية وربط امل�س�ؤولية بالتقييم واملحا�سبة‪ .‬لذلك‪ ،‬مت البحث يف عدة ت�سا�ؤالت منها ما يتعلق‬
‫ب�أبعاد احلكامة التي �سطرتها الر�ؤية اال�سرتاتيجية وبالفر�ص املتاحة للنجاح والإكراهات ومبدى‬
‫�إمكانية اعتبار الر�ؤية الإ�سرتاجتية للإ�صالح خطوة لتجاوز تلك الإكراهات ومدى قدرة اجلماعات‬
‫الرتابية على حتمل م�س�ؤولية امل�ساهمة يف النهو�ض بقطاع الرتبية والتكوين‪.‬‬

‫يف حمور �آخر‪ ،‬مت احلديث عن امل�س�ؤولية املجتمعية مل�ؤ�س�سات التعليم العايل والتي حتتم و�ضع‬
‫�سيا�سات وا�ضحة يف قطاع التعليم العايل تراعي رهانات العوملة و�إكراهاتها وما تتيحه من فر�ص‪.‬‬
‫يف نف�س ال�سياق مت الت�أكيد على �أهمية احلوار التفاعلي بني اجلامعة واملجتمع بهدف خلق تنمية‬
‫‪13‬‬
‫احل�سني الرامي ور�ضا الفالح‬

‫�إن�سانية م�ستدامة‪ .‬فاجلامعة تلعب دور الت�أثري من خالل عدة مداخل بدءا ب�إعداد الطلبة وتكوينهم‬
‫وتربيتهم على املواطنة امل�س�ؤولة‪ ،‬و�إنتاج املعرفة‪ .‬وقد متت معاجلة الإ�شكالية املتعلقة باملقاربة‬
‫املمكنة جلعل م�ؤ�س�سات التعليم العايل قادرة على خدمة امل�س�ؤولية املجتمعية انطالقا من جتارب‬
‫بع�ض اجلامعات‪.‬‬

‫من جهة �أخرى‪ ،‬مت ا�ستح�ضار مو�ضوع تقييم �أداء م�ؤ�س�سات التعليم العايل الذي يعترب من‬
‫املقاربات الهادفة �إىل حت�سني الأداء واحل�صول على مكانة متقدمة �ضمن خمتلف الت�صنيفات‬
‫العاملية‪ .‬بعد ر�صد واقع الدول العربية �ضمن امل�ؤ�رشات الأ�سا�سية للتنمية الب�رشية وم�ؤ�رشات‬
‫قيا�س �أداء هده امل�ؤ�س�سات‪ ،‬مت الوقوف عند متطلبات �إ�صالح منظومة التعليم العايل والتي لن تتم‬
‫�إال بعد ر�صد م�ستويات ومعايري النوعية واجلودة التي تتميز بهما اجلامعات العربية ومقارنتها‬
‫بتلك امل�سجلة يف م�ؤ�س�سات التعليم العايل للدول املتقدمة‪.‬‬

‫الهوام�ش‬
‫‪.1916‬‬ ‫عن عالقة الرتبية بالدميقراطية انظر‪ :‬جون ديوي‪ ،‬الدميقراطية والرتبية‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫�أنظر‪� :‬شبل بدران‪ ،‬الرتبية والأيديولوجيا‪ :‬درا�سة يف العالقة بني الرتبية وبنية النظام ال�سيا�سي‪ ،‬مركز‬ ‫‪2‬‬

‫املحرو�سة للن�رش واخلدمات ال�صحفية واملعلومات‪،‬الإ�سكندرية‪.2008 ،‬‬


‫�أنظر‪ :‬بلغيت حميد‪« ،‬دور التعليم يف التغيري االجتماعي»‪ ،‬احلوار املتمدن‪ ،‬العدد ‪.2011 ،3498‬‬ ‫‪3‬‬

‫�أنظر �أي�ضا‪� :‬سامي �سليمان حممد ال�سهم‪ ،‬التعليم والتغيري االجتماعي يف م�رص يف القرن التا�سع ع�رش‪ ،‬الهيئة‬
‫امل�رصية العامة للكتاب‪.2000 ،‬‬
‫�أنظر‪ ،‬حممود �سالمة الهاي�شة‪ ،‬التعليم و�أثره يف التنمية االقت�صادية‪ ،‬رابط املو�ضوع‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪https://www.alukah.net/publications_competitions/0/35528/#ixzz5nijLzJBo‬‬

‫�أنظر امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‪ ،‬الدعامة اخلام�سة ع�رش‪.1999 ،‬‬ ‫‪5‬‬

‫ �أنظر‪:‬‬
‫‪6‬‬

‫‪.2008‬‬ ‫* املجل�س الأعلى للتعليم‪ ،‬تقرير عن حالة املنظومة الوطنية للرتبية والتكوين و�آفاقها‪،‬‬
‫*املجل�س الأعلى للرتبية والتكوين‪ ،‬التقرير التحليلي‪ :‬تطبيق امليثاق الوطني للرتبية والتكوين بني �سنة ‪2000‬‬

‫و‪ :2013‬املكت�سبات واملعيقات والتحديات‪ ،‬دجنرب ‪.2014‬‬

‫‪14‬‬
‫الأنظمـة الرتبويـة والتغيري االجتماعي‪:‬‬
‫�أية عالقة؟‬
‫عمر التاور‬

‫ملخ�ص‬
‫تروم هذه الدرا�سة �إجناز قراءة مقت�ضبة يف بع�ض متظهرات العالقة بني الأنظمة الرتبوية‬
‫والتغيري االجتماعي باملغرب من خالل ثالثة حماور‪ :‬يف املحور الأول‪� ،‬سنتحدث عن دواعي ظهور‬
‫املدر�سة الع�رصية باملغرب‪ ،‬و�سنحاول قدر الإمكان‪ ،‬وعرب هذا املحور‪ ،‬فح�ص فر�ضيتني اثنتني‪:‬‬
‫الفر�ضية الأوىل مفادها �أن دواعي ظهور املدر�سة الع�رصية باملغرب الزالت غام�ضة وملتب�سة‬
‫�إذا ما قورنت بدواعي ظهور مناذج مدر�سية عاملية‪ ،‬من قبيل املدر�سة الفرن�سية والأمريكية؛ �أما‬
‫الفر�ضية الثانية فم�ؤداها �أن رهان �إر�ساء دعائم مدر�سة ع�رصية باملغرب يف عهد احلماية‪ ،‬مل يكن‬
‫هو رهان ع�رصنة املجتمع وحتديث بنياته االقت�صادية واالجتماعية والثقافية وال�سيا�سية‪ ،‬بل كان‬
‫رهان التعتيم على التفاوتات الطبقية واالجتماعية و�إعادة �إنتاجها‪ .‬يف املحور الثاين‪� ،‬سنتحدث‬
‫عن العالقة القائمة بني �إ�صالح النظام الرتبوي و�رضورات املجتمع املغربي‪� ،‬أي عن العالقة بني‬
‫التغيري الدائم الأنظمة الرتبوية والتغيري االجتماعي؛ و�سندافع يف هذا الإطار‪ /‬املحور عن �أطروحة‬
‫مفادها �أن الإ�صالحات الكربى التي عرفها النظام الرتبوي املغربي منذ اال�ستقالل �إىل الآن ترتد‬
‫ال �إىل املدر�سة بل �إىل املجتمع‪ ،‬ال �إىل الرغبة يف �إ�صالح املناهج وحت�سني الربامج بل �إىل �رضورات‬
‫اقت�صادية واجتماعية �ضاغطة منذ اال�ستقالل �إىل اليوم‪ .‬يف املحور الثالث والأخري‪� ،‬سنتطرق لبع�ض‬
‫تداعيات الأنظمة الرتبوية على الواقع االجتماعي املغربي‪� ،‬سواء على �صعيد الثقافة والهوية �أو‬
‫على �صعيد احلراك االجتماعي والتنمية‪.‬‬

‫مقدمة‬
‫ال يخفى �أن العالقة بني املدر�سة واملجتمع ظلت لعقود مو�ضع نقا�ش فكري و�سيا�سي واقت�صادي‬
‫واجتماعي و�إيديولوجي‪ ،‬وال �شك �أن الناظر يف الأدبيات التي عنيت بدرا�سة هذه العالقة �سيكت�شف‬
‫�أنها كانت دوما على طريف نقي�ض؛ فبينما ر�أى فريق يف املدر�سة ف�ضاء للتن�شئة االجتماعية للأفراد‪،‬‬
‫عمر التاور‬

‫ولبث قيم العقالنية يف مفا�صل املجتمع (جيل فريي‪� ،‬إميل دوركامي‪� ،‬أنتوين غيدنز)‪ ،‬وبينما ر�أى‬
‫فيها فريق �آخر كيانا ي�ضطلع بوظيفة احلراك االجتماعي‪ ،‬في�ساهم يف �إعادة ترتيب الو�ضع الطبقي‬
‫والق�ضاء على الم�ساواة احلظوظ وال تكاف�ؤ الفر�ص داخل املجتمع (التيار ال�سو�سيولوجي‬
‫الأمريكي منوذجا)‪� ،‬سريى فيها فريق ثالث جهازا �إيديولوجيا مهمته نقل وتر�سيخ �أفكار الفئات‬
‫والطبقات املهيمنة من خالل �إعادة �إنتاج الثقافة والقيم ال�سائدة‪ ،‬وتق�سيمات املجتمع الر�أ�سمايل‪،‬‬
‫وجعل النخبوية عمال م�رشوعا (بورديو‪ ،‬با�رسون‪� ،‬ألتو�سري)‪.‬‬

‫ومثلما ت�ضاربت الت�صورات حول عالقة املدر�سة باملجتمع‪ ،‬ت�ضاربت �أي�ضا حول مفهوم املدر�سة‬
‫وامل�ؤ�س�سة التعليمية عامة‪ ،‬و�أهمها‪« :‬الت�صور املركانتيلي‪ ،‬الذي يود �أن ُيلحق املدر�سة واجلامعة‬
‫بال�سوق باعتبارها م�ؤ�س�سة هدفها تزويد �أ�سواق املال والتجارة والإدارة مبا حتتاجه من �أطر‪،‬‬
‫و�أي�ضا الت�صور الو�ضعي �أو التقني‪ ،‬الذي يود �أن يجعل اجلامعة يف خدمة املعامل وال�صناعات‬
‫املختلفة عن طريق الرتكيز على العلوم والتقنيات‪ ،‬وكذلك الت�صور الإيديولوجي‪ ،‬مبنظوره‬
‫التقليداين واحلداثي؛ وهي ت�صورات ظلت تت�صارع يف قلب كل م�رشوع تعليمي» ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ومهما يكن من �أمر االختالف بني التيارات ال�سو�سيولوجية وغريها حول عالقة املدر�سة‬
‫باملجتمع‪ ،‬وحول الغاية من املدر�سة ككل؛ ف�إنه ميكن القول �إن الإملام بالأ�س�س الإب�ستيمولوجية‬
‫ل�سو�سيولوجيا املدر�سة‪ ،‬والتمكن من معاجلة الإ�شكاليات التي ت�سفر عنها الوقائع الرتبوية‪ ،‬هو‬
‫�أح�سن مدخل ال�ست�شكال العالقة بني املدر�سة واملجتمع‪.‬‬

‫‪/‬‬‫ومبا �أن الواقع الرتبوي املغربي م�ؤهل‪ ،‬كغريه‪ ،‬لإنتاج جملة �أ�سئلة و�إ�شكاالت‪ ،‬من جملتها �س�ؤال‬
‫�إ�شكالية العالقة بني املدر�سة واملجتمع‪ ،‬ف�إن فهم وا�ستيعاب بع�ض امليكانيزمات الأ�سا�سية للن�سق‬
‫التعليمي املغربي‪ ،‬والوعي ببع�ض وظائفه ومفارقاته ورهاناته‪ ،‬هو �أ�سلك ال�سبل �إىل فهم عالقة‬
‫املدر�سة باملجتمع باملغرب‪ ،‬وبناء مدركات ب�صددها‪ ،‬يف �ضوء ثالثة �أمور‪:‬‬
‫�أوال‪ ،‬ر�صد �أ�سباب ظهور املدر�سة الع�رصية باملغرب يف عهد احلماية‪ ،‬وتعرف بع�ض �آثارها التي‬
‫طالت املجتمع املغربي يف بداية اال�ستقالل‪.‬‬
‫ثانيا‪ ،‬الإحاطة علما بالتحوالت والإ�صالحات الكربى للن�سق الرتبوي املغربي وخلفياتها‬
‫االقت�صادية واالجتماعية‪.‬‬
‫ثالثا‪ ،‬تعرف بع�ض تداعيات ال�سيا�سات الرتبوية على الواقع االجتماعي املغربي‪� ،‬سواء على �صعيد‬
‫الثقافة والهوية‪� ،‬أو على �صعيد احلراك االجتماعي والنظرة االجتماعية للمدر�سة واملعرفة معا‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫الأنظمة الرتبوية والتغيري االجتماعي‪� :‬أية عالقة؟‬

‫‪ .1‬دواعي ظهور املدر�سة الع�صرية باملغرب‬

‫مل يكن عهد املغرب واملغاربة بالتعليم والتدري�س مقرتنا بفرتة احلماية؛ فاملغرب‪ ،‬باعتباره ملتقى‬
‫للثقافات واحل�ضارات‪ ،‬عرف – طيلة تاريخه املمتد – �أنظمة تعليمية متباينة ومرتاكمة‪ ،‬بدءا‬
‫بالعهد القدمي حيث «قلد املغاربيون القدامى اليونان والرومان يف نظام التعليم الذي تبنوه (‪)...‬‬
‫وكانت الدرو�س تعطى باليونانية‪ ،‬وتنح�رص يف الأدب الإغريقي ونحو اللغة الإغريقية والريطوريقا‬
‫وال�سف�سطة والر�سم والنحت واملو�سيقى والرق�ص» ‪ ،‬مرورا بالع�رص الو�سيط ‪ ،‬وانتهاء بالقرن‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫التا�سع ع�رش الذي راوح فيه التعليم اخلطو بني �صنف يحكمه نظام وقوانني (جامعة القرويني‬
‫بفا�س وجامعة ابن يو�سف مبراك�ش منوذجا)‪ ،‬و�صنف ثان عهد به للأهايل وعازته العدة القانونية‬
‫(املدار�س العتيقة ب�سو�س منوذجا)؛ ويف كلتا احلالتني‪ ،‬كان تعليما تقليديا ي�ضطلع بوظيفة الرتبية‬
‫واالن�سجام االجتماعي والتما�سك الثقايف‪� ،‬أكرث مما ي�ؤدي وظيفة التدري�س مبعناها احلديث‪.‬‬

‫وعلى الرغم من الأهمية التي اكت�ساها هذا التعليم يف تاريخ املغرب‪ ،‬والأورا�ش التي قد يفتحها‬
‫حلظة التفكري يف خ�صو�صية املجتمع املغربي يف القرن ‪19‬م‪ ،‬ف�إننا لن نخو�ض فيه‪ ،‬العتقادنا �أن‬
‫املغرب مل يعرف مدر�سة ع�رصية على املنوال املتعارف عليه اليوم �إال يف مرحلة احلماية؛ غري �أن ما‬
‫يهمنا هنا لي�س هو ظهور املدر�سة الع�رصية باملغرب‪ ،‬وتزامن هذا الظهور مع فرتة احلماية‪ ،‬بل‬
‫�إن ما يهمنا‪ ،‬وي�شد انتباهنا‪ ،‬هو دواعي هذا الظهور يف حد ذاته؛ �إذ ما الغاية التي لأجلها وجدت‬
‫مدر�سة ع�رصية باملغرب املعا�رص؟‪.‬‬

‫لنت�أمل‪ ،‬يف �سياق الإجابة عن هذا ال�س�ؤال‪ ،‬يف منوذجني اثنني‪ :‬النموذج الفرن�سي والنموذج‬
‫الأمريكي‪:‬‬

‫‪ .1.1‬النموذج الفرن�سي‬

‫يف فرن�سا‪ ،‬ظهرت املدر�سة لأ�سباب �سيا�سية و�إيديولوجية مرتبطة بالرغبة يف بث قيم العلمانية يف‬
‫املجتمع الفرن�سي‪ ،‬عن طريق حما�رصة الفكر الكن�سي والالهوتي‪ .‬ومبا �أن الكني�سة كانت حتتكر‬
‫الفعل الرتبوي‪ ،‬فقد ح�صل �إجماع على �أن احلد من �شيوع الفكر الكن�سي والالهوتي رهني بتحرير‬
‫الرتبية من قب�ضة الكني�سة‪ ،‬ونقلها �إىل مرتع جديد‪ ،‬هذا املرتع اجلديد هو املدر�سة العلمانية‪/‬‬

‫الالئكية التي من �ش�أنها ا�ستبدال الرتبية الأخالقية بالرتبية الدينية‪.‬‬


‫‪17‬‬
‫عمر التاور‬

‫وما كان مل�سعى �إر�ساء مدر�سة علمانية �أن يتحقق يف فرن�سا لوال جمهودات جيل فريي الذي �أ�س�س‬
‫لهذه املدر�سة ت�رشيعيا و�سيا�سيا‪ ،‬بحيث �أ�صبحت مدر�سة علمانية‪ ،‬جمانية‪� ،‬إلزامية‪ ،‬وقادرة على‬
‫تكوين املواطن املندمج واملت�شبع بقيم اجلمهورية الثالثة؛ ولوال تنظريات كوندر�سيه الذي اعترب‬
‫الرتبية العلمانية نقال للمعارف اجلديدة ومترينا للعقل على مبد�أ املواطنة امل�ستنرية؛ وتنظريات‬
‫دوركامي الذي ر�أى يف املدر�سة العلمانية بديال للكني�سة‪ ،‬و�أناط بها مهمة القيام بالدور املفقود يف‬
‫الكني�سة‪� ،‬أال وهو دور الرتبية الأخالقية‪ ،‬دور تربية الن�شء على قيم احلرية والواجب والتفكري‬
‫احلر‪.‬‬

‫‪ .2.1‬النموذج الأمريكي‬

‫يف �أمريكا مل تظهر املدر�سة لأ�سباب �سيا�سية فح�سب‪ ،‬بل ظهرت لأ�سباب متداخلة‪ ،‬بع�ضها‬
‫اقت�صادي وبع�ضها الآخر �سيا�سي واجتماعي‪.‬‬

‫ف�أما ال�سبب االقت�صادي‪ ،‬فمرتبط ب�سيادة الت�صنيع‪ .‬ونحن نعلم �أن الت�صنيع بحاجة دائمة �إىل‬
‫يد عاملة و�إىل موارد ب�رشية م�ؤهلة؛ واملدر�سة هي امل�ؤ�س�سة القادرة على اال�ضطالع بهذه املهمة‪.‬‬

‫�أما ال�سبب ال�سيا�سي‪ ،‬فمرتبط مبا كان يعرفه املجتمع الأمريكي من تفاوتات طبقية‪ ،‬ولأجل التعتيم‬
‫على هذه التفاوتات‪ ،‬التي و�صفها �ألك�سي�س دوطوكفيل و�صفا دقيقا يف كتابه الدميقراطية يف �أمريكا‪،‬‬
‫مت خلق املدر�سة لأجل �إ�شاعة االعتقاد يف �أن املدر�سة هي املجال الذي ميكن فيه للأفراد اكت�ساب‬
‫مهنهم ا�ستنادا �إىل كفاءاتهم وبغ�ض النظر عن �أ�صولهم االجتماعية؛ وهذا ما يعني �أن املدر�سة‬
‫�ست�ضمن للفرد م�ستقبال �إمكانية احلراك االجتماعي‪� ،‬أي �إمكانية االرتقاء من طبقة اجتماعية دنيا‬
‫�إىل طبقة اجتماعية عليا‪.‬‬

‫�أما ال�سبب االجتماعي‪ ،‬فمرتبط بخ�صو�صية املجتمع الأمريكي باعتباره جمتمعا فتيا يعج‬
‫باجلن�سيات‪ ،‬ولأجل خلق التوا�صل وردم الهوة الثقافية القائمة بني الفئات االجتماعية مت خلق‬
‫املدر�سة؛ ورمبا لهذا ال�سبب لن ن�ستغرب �إذا علمنا �أن تقنيات التن�شيط ظهرت �أول ما ظهرت يف‬
‫�أمريكا خللق التوا�صل وتقريب امل�سافة بني الأفراد‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫الأنظمة الرتبوية والتغيري االجتماعي‪� :‬أية عالقة؟‬

‫�إن هذه الأ�سباب الثالثة جمتمعة ال ميكن ف�صلها عن الدعوة امل�ضمرة �إىل تبني الليربالية‪ .‬ملاذا؟‪،‬‬
‫لأن ا�ضطالع املدر�سة بوظيفتها يف احلراك االجتماعي رهني بانتعا�ش االقت�صاد؛ فكلما كانت هناك‬
‫انتعا�شة لالقت�صاد الر�أ�سمايل كلما كان هناك حراك اجتماعي ‪ ،‬وكلما �أدى ذلك �إىل الق�ضاء على ال‬
‫‪4‬‬

‫م�ساواة احلظوظ وال تكاف�ؤ الفر�ص داخل املجتمع الأمريكي‪.‬‬

‫�إذا كانت املدر�سة �إذن قد ظهرت يف فرن�سا لأ�سباب �سيا�سية مرتبطة باالنت�صار للعلمانية ولقيم‬
‫العقل على قيم الالهوت‪ ،‬و�إذا كانت قد ظهرت يف �أمريكا لأ�سباب مرتبطة بالرغبة يف تبيئة الليربالية‬
‫يف ميادين االقت�صاد واالجتماع وال�سيا�سة؛ فما الداعي �إىل ظهور املدر�سة يف الرتبة املغربية‪ ،‬وما‬
‫هي الأ�سباب الكامنة وراء هذا الظهور؟‬

‫‪ .3.1‬منوذج «فرتة احلماية»‬

‫يبدو �أن املدر�سة مل تظهر لدينا لأ�سباب اختمرت داخليا‪ ،‬وال هي ظهرت لتف�سري متغريات جديدة‬
‫عجز الرباديغم التعليمي التقليدي‪ ،‬امل�شار �إليه �أنفا‪ ،‬عن تف�سريها‪ ،‬بل ظهرت لأ�سباب خارجية‬
‫مرتبطة بال�سيا�سة العامة لال�ستعمار‪ .‬لكن‪� :‬أي تف�سري ميكن �أن يعطى للرغبة املوجهة لهذه‬
‫ال�سيا�سة اال�ستعمارية؟‪ ،‬هل يتعلق الأمر بع�رصنة املغرب وحتديث بنياته االقت�صادية واالجتماعية‬
‫والثقافية وال�سيا�سية؟ هل يتعلق الأمر ب�إظهار الوجه الإن�ساين لال�ستعمار الذي طاملا جتلى يف‬
‫التعليم والتطبيب؟ هل يتعلق الأمر بجعل التعليم مطية للفرنكفونية والتعويل عليه لـ «ن�رش اللغة‬
‫الفرن�سية بني امل�ستعمرين كو�سيلة فاعلة لتقوي�ض ذاكرتهم اللغوية الأ�صلية‪ ،‬ثم لدجمهم با�سم‬
‫التحديث والتح�رض والرتقية يف املجتمع الفرن�سي الكبري‪ ،‬ولو كمواطنني من درجة ثانية» كما يف‬
‫‪5‬‬

‫حالة اجلزائر منوذجا ؟‬


‫‪6‬‬

‫يبدو �أن كل ما يقال بهذا ال�صدد ال يعدو �أن يكون جمرد ظواهر ر�أي ال تف�رس حدث ظهور املدر�سة‬
‫الع�رصية باملغرب املعا�رص‪� .‬أما الفر�ضية التي جننح �إليها‪ ،‬فهي �أن الوعي بدواعي ظهور املدر�سة‬
‫الع�رصية باملغرب متوقف على �رضورة ر�صد العالقة القائمة بني املدر�سة وبني الواقع االجتماعي‬
‫املغربي يف عهد احلماية‪ .‬ولأجل فح�ص مدى جدة وجناعة هذه الفر�ضية دعونا نت�أمل يف الوثيقة‬
‫الآتية التي تقدم لنا ملحة عن الواقع التعليمي املغربي يف فرتة احلماية‪:‬‬
‫‪7‬‬

‫‪19‬‬
‫عمر التاور‬

‫النظام التعليمي للحماية خالل الع�شرينات‬


‫معهد الدرا�سات‬ ‫اجلامعة‬ ‫التعليم‬
‫املغربية العليا‬ ‫الفرن�سية‬ ‫العايل‬

‫الوظيفة العمومية‬ ‫عمال‬ ‫الثانويات‬ ‫التعليم‬


‫التجارة والأعمال‬ ‫وتقنيون‬ ‫الأوروبية‬ ‫الثانوي‬

‫عامالت‬ ‫الثانويات‬ ‫ابتدائي عايل‬


‫فالحون‬ ‫عمال‬
‫ربات بيوت‬ ‫الإ�سالمية‬ ‫وتعليم تقني‬
‫املدار�س‬
‫والأق�سام املهنية‬

‫املدار�س‬ ‫مدار�س �أبناء‬ ‫املدار�س الفرن�سية‬ ‫املدار�س‬ ‫التعليم‬


‫مدار�س البنات‬ ‫املدار�س القروية‬
‫احل�رضية‬ ‫الأعيان‬ ‫اليهودية‬ ‫الأوروبية‬ ‫االبتدائي‬

‫تعليم اجلماهري‬ ‫تعليم النخبة‬ ‫امل�صلحة‬


‫التعليم الفرن�سي الإ�سالمي‬ ‫التعليم الأوروبي والفرن�سي اليهودي‬ ‫الإدارية‬

‫�إن ما ميكن ا�ستنتاجه من معاينة دقيقة لهذه الوثيقة التاريخية‪ ،‬ومن الن�صو�ص التي تراكمت‬
‫حول الظاهرة الرتبوية باملغرب يف الفرتة اال�ستعمارية (وخا�صة منها ن�صو�ص‪ :‬جورج هاردي‪،‬‬
‫بول مارتي‪ ،‬وكابرييل جريمان)‪ ،‬هو ما يلي‪:‬‬

‫• �إن تكري�س التمايز بني تعليم نخبوي يفرز النخب ال�سيا�سية واالقت�صادية‪ ،‬وتعليم جماهريي‬
‫يكر�س اله�شا�شة االجتماعية ويعيد �إنتاج الذات العاملة‪ ،‬هو املق�صد الأ�سمى الذي راهنت عليه‬
‫املدر�سة اال�ستعمارية؛ ذلك ما يظهر – على الأقل – يف االختالف القائم بني «التعليم الأوروبي‬
‫والفرن�سي اليهودي» و«التعليم الفرن�سي الإ�سالمي»‪ ،‬وذلك ما ي�ست�شف �أي�ضا من قول هاردي‬
‫(‪ )M.G. Hardy‬مدير التعليم باملغرب �آنذاك‪ ،‬و�صاحب كتاب ‪: le Problème scolaire au Maroc‬‬
‫«نحن ملزمون بالف�صل بني تعليم خا�ص بالنخبة االجتماعية‪ ،‬وتعليم لعموم ال�شعب‪ .‬الأول يفتح‬
‫يف وجه �أر�ستقراطية‪ ،‬مثقفة يف اجلملة‪ ،‬متح�رضة ومهذبة‪ ،‬ولكنها �أر�ستقراطية توقفت عن النمو‬
‫الفكري ب�سبب ت�أثري العلوم الو�سيطة (= القرون الو�سطى) و�أ�صبحت مهددة يف وجودها املادي‬
‫ب�سبب �إهمالها للأ�ساليب االقت�صادية احلديثة نتيجة الالمباالة من جانبها‪� .‬إن التعليم الذي �سيقدم‬
‫لهذه النخبة االجتماعية‪ ،‬تعليم طبقي يهدف �إىل تكوينها تكوينا منظما يف ميادين الإدارة والتجارة‪،‬‬
‫وهي امليادين التي اخت�ص بها الأعيان املغاربة‪� .‬أما النوع الثاين وهو التعليم ال�شعبي اخلا�ص‬
‫‪20‬‬
‫الأنظمة الرتبوية والتغيري االجتماعي‪� :‬أية عالقة؟‬

‫بجماهري ال�سكان الفقرية واجلاهلة جهال عميقا‪ ،‬ف�سيتنوع بتنوع الو�سط االقت�صادي‪ :‬يف املدن‬
‫يوجه التعليم نحو املهن اليدوية (خا�صة مهن البناء) و�إىل احلرف اخلا�صة بالفن الأهلي‪ ،‬هذا‬
‫الفن الذي يكت�سي �أهمية خا�صة من جميع الوجوه‪ ،‬والذي يجب العمل على �إحيائه وبعثه‪� .‬أما‬
‫يف البادية ف�سيوجه التعليم نحو الفالحة‪ ،‬والت�شجري وتربية املوا�شي‪ .‬و�أما يف املدن ال�شاطئية‬
‫ف�سيكون التعليم موجها نحو ال�صيد البحري واملالحة» ؛‬
‫‪8‬‬

‫• �إن املدر�سة اال�ستعمارية مل تخلق ملد ج�سور التقارب بني الطبقات االجتماعية‪ ،‬لأنها مل تكن‬
‫تقوم بوظيفة احلراك االجتماعي عرب �إتاحة �إمكانية الرتقي االجتماعي لأبناء الطبقات االجتماعية‬
‫الدنيا؛ ف�أق�صى ما ميكن �أن يبلغه ابن الفالح �أو العامل هو �أن يرث مهنة �أبيه في�صري فالحا �أو‬
‫عامال‪� ،‬أما الأفق امل�ستقبلي البنة العامل �أو الفالح فهو �أن ت�صري خادمة �أو ربة بيت‪ .‬ذلك ما عرب‬
‫عنه بول مارتي (‪ )Paul Marty‬خري تعبري – يف كتاب �صدر له عام ‪ 1925‬بعنوان ‪le Maroc‬‬

‫‪ – de demain‬حني قال‪« :‬يجب �أن ال ن�صنع يف املغرب‪� ،‬سنة بعد �أخرى‪ ،‬وب�شكل مطرد‪ ،‬وعلى‬
‫ح�ساب م�صلحة املجتمع املغربي وم�صلحة الإمرباطورية الفرن�سية‪ ،‬رجاال ينمي فيهم التعليم‬
‫�أذواقا وحاجات و�آماال لن يقدروا هم على �إر�ضائها ب�أنف�سهم‪ ،‬ولن تقدر احلماية وال املخزن وال‬
‫امل�ستعمرة وال االقت�صاد املغربي على حتقيقها لهم (‪ )...‬فكيف ال يجزم املرء ب�أن هذه القدرات‬
‫التي �ستبقى دون عمل‪� ،‬ستنقلب �ضد م�صلحتها و�ضد م�صلحتنا نحن؟ ولهذا ف�إنه من امل�ستحيل‪،‬‬
‫بعد الذي قلناه‪� ،‬أن يخرج املرء بنتيجة غري النتيجة التالية‪� :‬إن زبناء مدار�سنا الثانوية‪ ،‬ومدار�س‬
‫�أبناء الأعيان‪ ،‬يجب �أن يكونوا من هذه النخبة االجتماعية التي يقبلها ال�شعب ويحبها ويحرتمها‬
‫والتي حتكمه بكل قوى الدين والعلم والهيبة والإدارة والرثوة‪ .‬يجب �أن ال نخلق – بوا�سطة‬
‫التعليم – جماعة من ال�ساخطني امل�ستائني الالمنتمني طبقيا لنبق �أ�سياد امل�ستقبل‪ ،‬لنجمع بني‬
‫ال�صفوة االجتماعية والنخبة الفكرية‪ ،‬وذلك مبنح الرتبية الفكرية الرفيعة لأطر املجتمع املغربي‬
‫وحدها‪� ،‬أولئك الذين ي�ستطيعون ا�ستيعابها وا�ستعمالها» ؛‬
‫‪9‬‬

‫• �إن الو�ضعية التعليمية تعرب عن حقيقة الو�ضعية الطبقية وتعمل على تكري�سها‪ ،‬ذلك ما ي�ست�شف‬
‫�أي�ضا من قول بول مارتي‪�« :‬إنه ملن واجبنا ومن �أجل م�صلحتنا معا‪ ،‬عندما نوجه جمهوداتنا‬
‫لإدخال �إ�صالحات ثقافية يف املجتمع املغربي �أن ال نعمل على زعزعة بنية هذا املجتمع و�أن ال من�س‬
‫تقاليده‪ .‬يجب �أن نعطي جلميع الطبقات «خبز احلياة» (= التعليم) الذي ينا�سبها والذي هي يف‬
‫حاجة �إليه‪ ،‬كما يجب �أن نوجه تطور كل من هذه الطبقات يف الإطار اخلا�ص بها (‪ )...‬هنا كما يف‬
‫بلدان �أخرى‪ ،‬توجد بروليتاريا يدوية‪� .‬إن �أبناء العمال والفالحني وال�صيادين هم مو�ضوع اهتمام‬
‫‪21‬‬
‫عمر التاور‬

‫زائد من طرف احلماية‪� ،‬إن لهم مدار�سهم االبتدائية ذات االجتاه املهني‪ ،‬الفالحي‪ ،‬الرعوي‪،‬‬
‫املالحي ح�سب املناطق (‪ )....‬ولكن لي�س لدينا يف املغرب بروليتاريا فكرية‪ .‬فهل هناك �أية فائدة يف‬
‫خلق مثل هذه الربوليتارية الفكرية‪� ،‬سواء بالن�سبة مل�صلحة املجتمع املغربي �أو بالن�سبة لل�سيطرة‬
‫الفرن�سية؟ يقينا‪ ،‬ال‪� .‬إن عملنا العظيم الذي نقوم به من �أجل التجديد الثقايف يجب �أن ينح�رص‬
‫فقط �ضمن الأطر التقليدية لهذا املجتمع‪ .‬و�سيتجه نحو البورجوازية التجارية والقروية‪ ،‬نحو‬
‫موظفي املخزن‪ ،‬نحو رجال الدين �أو رجال العلم‪ ،‬وبكلمة واحدة نحو النخبة‪� .‬إن اخلطر كل‬
‫اخلطر كامن يف �صنع طبقة من املثقفني ثقافة �أوروبية‪ ،‬طبقة ال ركائز لها وال ما�ض وال تقاليد‪،‬‬
‫ال�شيء الذي �سيجعل منها مرتعا خ�صبا جلميع االغراءات» ‪ .‬ويعلق الأ�ستاذ كابرييل جريمان‬
‫‪10‬‬

‫على فل�سفة تعليم احلماية اخلا�ص ب�أبناء التجار والعمال واحلرفيني فيقول‪« :‬الربنامج قليل احلظ‬
‫من الدميقراطية‪ ،‬فهو يهدف �إىل حما�رصة كل واحد يف ظروفه اخلا�صة‪ ،‬هل من كانوا ميلكون‬
‫م�صائر املغرب لي�سوا بدميقراطيني‪ ،‬خ�صو�صا و�أن احلقائق املغربية تدل على �أن امل�ساواة‬
‫الأوروبية كثريا ما ت�صدم نخبة ال�سكان وجتعل عملنا م�ستحيال» ‪.‬‬
‫‪11‬‬

‫‪ .4.1‬منوذج «فجر اال�ستقالل»‬


‫يف بداية اال�ستقالل‪ ،‬با�رش املغرب عملية القطع مع �أمنوذج التعليم املوروث عن النظام اال�ستعماري‬
‫ب�إر�ساء قواعد مدر�سة وطنية ترفع �شعارا قوامه �أربعة مبادئ‪ :‬التوحيد‪ ،‬املغربة‪ ،‬التعريب‪،‬‬
‫التعميم؛ بيد �أن الناظر يف تعليم فجر اال�ستقالل �سيتنب �أن هذه املبادئ بقيت طوبى مل تتحقق قط‬
‫على �أر�ض الواقع ‪.‬‬
‫‪12‬‬

‫‪ .1.4.1‬التوحيد‬
‫ف�أما التوحيد‪ ،‬فعلى الرغم من �أنه حتقق فعال‪ ،‬بدليل تواجد الأغلبية ال�ساحقة من التالميذ يف‬
‫التعليم العمومي‪� ،‬إال �أنه ظل يك�شف عن مفارقة «هجرة الفئات احل�رضية املي�سورة للتعليم‬
‫العمومي من �أجل ولوج امل�ؤ�س�سات اخلا�صة للتعليم ومدار�س البعثات الأجنبية» ‪� .‬أما املفارقة‬
‫‪13‬‬

‫الكربى ملطلب التوحيد يف فجر اال�ستقالل‪ ،‬فهي تلك املرتبطة بالتعليم العمومي ذاته الذي كان‬
‫يحوي يف الواقع نظامني تعليميني (نظاما ع�رصيا ونظاما �أ�صيال) ذوي توجهني ثقافيني خمتلفني‬
‫بل متعار�ضني‪ ،‬هذين النظامني اللذين يكر�سان االزدواجية الثقافية التي طاملا مت انتقادها يف‬
‫عهد احلماية ويف بداية اال�ستقالل‪ .‬وزيادة على ذلك‪ ،‬يحتل التعليم الأ�صيل موقعا خا�صا‪ ،‬فهو‬
‫جهاز يف يد نخبة ثقافية تقليدية تدافع بقوة عن م�صاحلها وترى ثقلها ال�سيا�سي يزيد �أكرث ف�أكرث‬
‫‪22‬‬
‫الأنظمة الرتبوية والتغيري االجتماعي‪� :‬أية عالقة؟‬

‫ابتداء من منت�صف ال�سبعينات بفعل تنامي التيار الأ�صويل ورد الفعل الر�سمي الذي �أثاره هذا‬
‫التنامي ‪ .‬ومن هنا رجاحة ما ذهب �إليه الأ�ستاذ حممد �سبيال من �أن املدر�سة املغربية تعك�س‪� ،‬إىل‬
‫‪14‬‬

‫حد كبري‪ ،‬الو�ضعية العامة للمجتمع وترتبط بوترية تطوره وب�رصاعاته املختلفة‪ .‬ويعرتف تقرير‬
‫اخلم�سينية ب�أن املدر�سة ظلت لفرتة طويلة حقال لال�ستقطاب الإيديولوجي وال�سيا�سي وف�ضاء‬
‫للتعبري عن ال�رصاعات ال�سيا�سية والتوترات االجتماعية‪ ،‬خا�صة �أن ال�رصاع ال�سيا�سي احلاد‬
‫الذي اندلع يف املغرب مبا�رشة بعد اال�ستقالل حتول �إىل �رصاع مركزي انعك�ست �آثاره و�أ�صدا�ؤه‬
‫على كافة القطاعات االجتماعية‪ ،‬وعلى ر�أ�سها التعليم‪ ،‬الذي حتول‪ ،‬بدوره‪ ،‬يف بع�ض الفرتات �إىل‬
‫�أداة �رصاع لن�رصة ودعم اجتاه �ضد �آخر‪ .‬وهذا ما طبع ال�سيا�سة التعليمية بالكثري من التعرث‬
‫والرتدد‪� ،‬سواء حول ال�شكل �أو حول امل�ضمون نف�سه ‪.‬‬
‫‪15‬‬

‫‪ .2.4.1‬املغربة‬
‫و�أما املغربة (= مغربة الأطر التعليمية)‪ ،‬فقد ظلت م�شكال مطروحا منذ اال�ستقالل؛ فعلى الرغم‬
‫من �إقدام وزارة التعليم على توظيف كل من يح�سن القراءة والكتابة بالعربية �أو الفرن�سية‪،‬‬
‫�صغارا كانوا �أو كبارا‪ ،‬عاطلني كانوا �أو حمرتفني ملختلف املهن احلرة ؛ وعلى الرغم كذلك‬
‫‪16‬‬

‫من حتقق مغربة �أطر التعليم فعليا – و�إن ب�شكل تدريجي – يف التعليم االبتدائي �سنة ‪،1967‬‬
‫ويف الطور الإعدادي يف عام ‪ ،1979‬ويف الطور الثانوي والتعليم العايل يف الثمانينات ؛ �إال �أن‬
‫‪17‬‬

‫هذه املغربة بقيت مو�ضع نقا�ش من الناحية النوعية‪ ،‬لأن التوظيف املكثف – يف بداية اال�ستقالل‬
‫– لكل من يحمل ال�شهادة االبتدائية‪� ،‬أو ي�أن�س من نف�سه �أنه يف م�ستواها‪ ،‬وتعيينهم كمعلمني يف‬
‫املدار�س احلكومية دون تكوين بيداغوجي كاف خلف �رضرا كبريا يف التعليم االبتدائي‪ ،‬حيث‬
‫عرف امل�ستوى انخفا�ضا ملمو�سا كان مو�ضع انتقاد اجلميع‪ .‬و�سيتكرر نف�س اخلط�أ على م�ستوى‬
‫الثانوي خالل ال�ستينات‪ ،‬عندما ا�ضطرت وزارة الرتبية – حتت ال�ضغط املتزايد وال�رسيع لأعداد‬
‫التالميذ وعدم توفر الأطر املكونة – �إىل التوظيف املبا�رش لأطر لي�س لهم تكوين مالئم‪ ،‬فلج�أت‬
‫باخل�صو�ص �إىل معلمي التعليم االبتدائي الذي جرد من �أح�سن �أطره‪ ،‬ومل تعمل على ت�أهيل �أغلب‬
‫العنا�رص الأجنبية العاملة بالتعليم الثانوي يف �إطار امل�ساعدة التقنية والثقافية ‪.‬‬
‫‪18‬‬

‫‪ .3.4.1‬التعريب‬

‫و�أما التعريب‪ ،‬فـ «ي�شكل دون �شك �أعتقد ق�ضية يف نظام التعليم باملغرب‪ .‬فقد كان منذ البداية‬
‫مو�ضع ت�سا�ؤالت عدة ووجهات نظر متباينة‪ :‬هل ينبغي القيام بالتعريب الكلي �أم اجلزئي فقط‬
‫‪23‬‬
‫عمر التاور‬

‫للتعليم؟ هل ينبغي تعريب التعليم يف احلني �أم ت�أجيله �إىل �أمد معني؟» ؛ وب�سبب هذا الرتدد يف‬
‫‪19‬‬

‫احل�سم واالختيار‪ ،‬بقيت �سيا�سة التعريب دوما و�إىل نهاية ال�سبعينات �سيا�سة مت�أرجحة‪ .‬فـ «فيما‬
‫يخ�ص التعليم االبتدائي‪ ،‬قرر �إ�صالح ‪ 1957‬تعريبه‪ ،‬لكن �إ�صالح ‪ 1958‬تراجع عن هذا التعريب‪.‬‬
‫واتخذ املخطط ‪ 1964-1960‬من الق�ضية موقفا توفيقيا حيث قرر‪ ،‬من جهة‪ ،‬تعريب املواد العلمية‬
‫يف االبتدائي‪ ،‬ومن جهة �أخرى‪� ،‬إحداث معهد للبحث حول التعريب كلف ب�إعداد تعريب ممنهج‬
‫لنظام التعليم‪ ،‬ال�شيء الذي يعني �إرجاء التعريب الفعلي للنظام التعليمي �إىل �أجل غري م�سمى‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬ومت توقيف م�سل�سل التعريب بني ‪ 1961‬و‪ 1963‬العتبارات �سيا�سية ووطنية (موقف م�رص‬
‫يف حرب احلدود بني املغرب واجلزائر) ليعاد حتريكه بني ‪ 1964‬و‪ .1967‬يف هذه ال�سنة الأخرية‪،‬‬
‫مت تعريب التعليم االبتدائي كليا‪ ،‬لكن �سيتم العدول عن تعريب املواد العلمية بعد �سنتني» ‪.‬‬
‫‪20‬‬

‫وهكذا بقيت �سيا�سة التعريب الر�سمية‪ ،‬ملدة طويلة‪� ،‬سيا�سة مت�أرجحة‪ ،‬ومرتددة‪ ،‬ومطبوعة‬
‫بالع�شوائية‪ .‬ومل يظهر مذهب وا�ضح ب�ش�أن التعريب‪ ،‬وهو يف الواقع برنامج �أكرث مما هو مذهب‪،‬‬
‫�إال يف فجر الثمانينات‪ .‬لكن يف �أثناء هذا الرتدد وهذا الت�أرجح‪� ،‬أخذت اللغة الفرن�سية تعزز‬
‫موقعها �شيئا ف�شيئا حتى �أ�صبحت عامال حا�سما يف عملية االنتقاء املدر�سي معززا وظيفة االنتقاء‬
‫االجتماعي التي يقوم بها النظام التعليمي ‪.‬‬
‫‪21‬‬

‫‪ .4.4.1‬التعميم‬

‫و�أخريا‪ ،‬ف�إن مبد�أ التعميم ظل بدوره ي�شكل مطلبا �شعبيا ملحا فر�ض نف�سه‪ ،‬غداة اال�ستقالل‪،‬‬
‫كق�ضية وطنية مل يكن يف م�ستطاع �أي كان التقليل من �ش�أنها وال التقاع�س عن امل�ساهمة يف حلها‪،‬‬
‫ولو مبجرد �إبداء الر�أي وتقدمي امل�شاريع ‪ .‬بيد �أن الإمكانات املادية مل تكن ت�سمح لهذا املبد�أ ب�أن‬
‫‪22‬‬

‫يتحقق حتققا كامال على �أر�ض الواقع‪.‬‬

‫ومهما يكن من �أمر هذه املبادئ الأربعة التي جعلت النظام التعليمي يعي�ش على وقع ازدواجية‬
‫ثقافية (تعليم ع�رصي ‪ /‬تعليم عتيق‪ ،‬نخبة ع�رصية ‪ /‬نخبة تقليدية) ولغوية (لغة عربية ‪ /‬لغة‬
‫فرن�سية) خلفت �آثارا �سلبية جدا على فعالية التعليم ونوعيته ‪ ،‬ف�إنه ميكن القول مع حممد عابد‬
‫‪23‬‬

‫اجلابري �أنها «مل تكن ت�صلح لأن تكون �أ�سا�سا ل�سيا�سة تعليمية جدية‪ ،‬كمذهب تعليمي وطني‪.‬‬
‫وذلك ل�سبب ب�سيط‪ ،‬هو �أن هذه املبادئ لي�ست يف احلقيقة مبادئ �أو �أ�س�سا‪� ،‬أو اختيارات جدية‪،‬‬
‫و�إمنا هي حلول توفيقية و�سطى توفق بني االجتاهات ال�سائدة وتعك�س �أمرا واقعا فر�ض نف�سه‬
‫‪24‬‬
‫الأنظمة الرتبوية والتغيري االجتماعي‪� :‬أية عالقة؟‬

‫(‪� )...‬إنها مبادئ تكر�س التعددية واالزدواجية وتف�سح املجال وا�سعا للرتاجع عن التعريب‬
‫بدعوى مغربة الأطر �أوال‪ ،‬وعن التعميم بدعوى انخفا�ض امل�ستوى ب�سبب التعريب‪ ،‬وعن التوحيد‬
‫بدعوى فتح املجال للمدار�س احلرة والتعليم الأ�صلي لي�ساهم كل منهما يف تعميم التعليم‪ ،‬مما يهيئ‬
‫تعليمنا لأن يبقى دائرة يف حلقة مفرغة‪ ،‬متخبطا ذات اليمني وذات ال�شمال‪ ،‬كما حدث بالفعل‪،‬‬
‫ومازال يحدث �إىل الآن‪ .‬والنتيجة امللمو�سة هي رجوعه �إىل ما كان عليه �أيام احلماية‪� ،‬أي ا�ستمرار‬
‫كونه تعليما للنخبة» ‪.‬‬
‫‪24‬‬

‫والواقع �أن هذه املبادئ و�إن اتفق حولها يف الإطار املبدئي‪ ،‬ف�إنه اختلف حولها من حيث التطبيق‬
‫العملي امللمو�س ؛ ثم �إنها ما لبثت �أن خفا بريقها وقل اهتمام الر�أي العام بها‪ ،‬بعد �أن «تغريت‬
‫‪25‬‬

‫و�ضعية البالد منذ ال�ستينات‪ .‬فقد عرف التعليم تو�سعا مهما جعل م�شكل املردودية الداخلية‬
‫وم�شكل الفعالية اخلارجية يطغيان على االن�شغاالت الأخرى» ‪ ،‬فاقت�ضت ال�رضورة �إ�صالح‬
‫‪26‬‬

‫التعليم يف �ضوء حت�صيل النجاعة واملردودية‪.‬‬

‫‪ .2‬الإ�صالح الرتبوي و�ضرورات املجتمع واالقت�صاد‬

‫لكن‪ :‬مباذا �سنف�رس الإ�صالح الدائم والتغيري امل�ستمر واملتوا�صل للمناهج واملقررات الدرا�سية؟‬
‫هل يرتبط الإ�صالح مبطلب الكم (التعميم والتوحيد) كما يف بداية اال�ستقالل؟ �أم مبطلب الكيف‬
‫(اجلودة والنوعية) كما يف �إ�صالح ‪1963‬؟ �أم هو تعبري عن ال�رصاع القائم بني الإعرتاب (مطلب‬
‫تعريب التعليم) واالغرتاب (مطلب التمكني للغة الفرن�سية يف قطاع التعليم)‪ ،‬بني ثقافة حمافظة‬
‫و�أخرى ع�رصية؟‬

‫فر�ضيتنا هي �أن الداعي �إىل الإ�صالح الرتبوي والتغيري امل�ستمر للمناهج والربامج واملقررات‬
‫الدرا�سية يرتد �إىل املجتمع ال �إىل املدر�سة‪� ،‬إىل �رضورات اقت�صادية واجتماعية و�سيا�سية ال �إىل‬
‫�رضورة جتديد املنهاج واملحتوى‪ .‬و�آية ذلك �أن التغيري تعبري عما كان يجول يف ذهن ال�سلطة‬
‫من �صورة مفرت�ضة للمجتمع‪ .‬وبعبارة �أخرى‪� :‬إن الرغبة يف التحديث ور�سم م�سارات املجتمع‬
‫الليربايل هما ما حتم التغيري‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫عمر التاور‬

‫ورب معرت�ض يعرت�ض علينا بال�س�ؤال عن الأدلة التي ت�سوغ القول ب�أن الإ�صالح الرتبوي هو تعبري‬
‫عن الرغبة يف بث الليربالية يف مفا�صل املجتمع؛ وعلى مثل هذا املعرت�ض �سنجيب بتقدمي دليلني‬
‫اثنني‪ :‬الدليل الأول يرتبط بالتدري�س بالأهداف‪ ،‬والدليل الثاين يت�صل بالتدري�س بالكفايات‪.‬‬

‫‪ .1.2‬الدليل الأول‪ :‬التدري�س بالأهداف‬

‫من البني بنف�سه �أن ال�سلوكية هي اخللفية املعرفية التي ت�سند بيداغوجيا الأهداف من الداخل ‪،‬‬
‫‪27‬‬

‫و�أن التايلورية هي اخللفية االقت�صادية التي ت�سند �سيا�سة التدري�س بالأهداف من اخلارج‪.‬‬

‫لنت�أمل قليال يف التايلورية التي تقوم على العمل املت�سل�سل؛ ولنت�ساءل‪� :‬إىل ماذا يق�صد العمل‬
‫املت�سل�سل؟ ظاهريا هو يروم الرفع من وترية الإنتاج؛ لكن‪ ،‬يف العمق‪ ،‬هو يروم منع التوا�صل‬
‫بني عامل وعامل‪ ،‬لأن التوا�صل بني العمال يولد النقد وامل�ساءلة واالعرتا�ض وال�شك‪ ،‬وتلك بع�ض‬
‫لوازم الوعي‪ .‬و�إذا ح�صل �أن امتلك العامل الوعي‪ ،‬ف�سيعي باال�ستالب ومبا يت�صل به من ظلم‬
‫وقهر وا�ستعباد‪.‬‬

‫�إن رهان التايلورية‪/‬العمل املت�سل�سل �إذن‪ ،‬هو �إنقاذ الليربالية وقطع الطريق عن كل رد فعل‬
‫مارك�سي داخل املجتمع الر�أ�سمايل‪.‬‬

‫نقل هذه الت�صورات �إىل جمال التدري�س معناه �أننا نريد �سلوكات و�أفعاال تقنية ال �أفكارا عقلية؛‬
‫وهذا هو ما يف�رس ح�رص التعلم‪ ،‬يف بيداغوجيا الأهداف‪ ،‬يف جتليات خارجية‪ ،‬وا�ستبعاد اجلوانب‬
‫الذهنية التي اعتربت‪ ،‬يف هذه البيداغوجيا‪ ،‬عبارة عن علبة �سوداء‪.‬‬

‫يف احلالة املغربية‪ ،‬يبدو �أن الأخذ ببيداغوجيا الأهداف مل يبد�أ عندنا �إال يف بداية الثمانينات‪ ،‬فرتة‬
‫تبيئة الليربالية ملجابهة الت�صورات املارك�سية يف نزال نظري‪ ،‬فرتة �ضمور الفكر النقدي وبداية‬
‫انت�شار النزعة الوثوقية‪ .‬وعليه‪ ،‬ف�إن ما �أوحى بالتدري�س بالأهداف هو �رضورات اقت�صادية‬
‫واجتماعية و�سيا�سية مرتبطة بتبني الليربالية‪� ،‬أكرث مما �أوحى بها التخطيط العقالين للدر�س‪،‬‬
‫�أو التدري�س وفق �صنافات بنيامني بلوم وكراتهول‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫الأنظمة الرتبوية والتغيري االجتماعي‪� :‬أية عالقة؟‬

‫‪ .2.2‬الدليل الثاين‪ :‬التدري�س بالكفايات‬

‫�أما الدليل الثاين على ارتباط الإ�صالح الرتبوي ب�رضورات اجتماعية واقت�صادية و�سيا�سية‪،‬‬
‫فيت�صل‪ ،‬كما �أ�سلفنا الذكر‪ ،‬بالتدري�س بالكفايات الذي يو�صف عادة – عند �أ�صحاب التيار‬
‫احل�رصي (‪ – )exclusif‬بالطرف النقي�ض للتدري�س بالأهداف ‪ ،‬نظرا الهتمامه بالقدرات‬
‫‪28‬‬

‫واجلوانب الذهنية للمتعلم التي يق�صيها التدري�س بالأهداف وا�صفا �إياها‪ ،‬كما تقدم بنا‪ ،‬بالعلبة‬
‫ال�سوداء‪ .‬لكن هذا االختالف بني البيداغوجيتني حول منطلق التعلم‪ ،‬هل هو الذهن �أم ال�سلوك؟‬
‫الداخل �أو اخلارج؟ ال يجب �أن ين�سينا �أن بيداغوجيا الكفايات ت�صدر هي الأخرى عن ليربالية‬
‫جديدة ت�شكل جت�سيدا معا�رصا للتايلورية احلاملة لن�سق بيداغوجيا الأهداف‪ .‬وثمة �أدلة عدة على‬
‫الأ�صل الليربايل للتدري�س بالكفايات منها‪:‬‬
‫–  �أن جل املفاهيم املوظفة يف بيداغوجيا الكفايات م�ستوحاة من حقل االقت�صاد من قبيل‪:‬‬
‫الكفاية واملوارد‪.‬‬
‫–  �أن املقاربة بالكفايات ظهرت يف التعليم التقني واملهني لبع�ض الدول املتقدمة يف نهاية‬
‫ال�سبعينات من القرن الع�رشين‪ ،‬وانتقلت تدريجيا �إىل التعليم الأ�سا�سي‪ ،‬ثم �إىل باقي‬
‫الأ�سالك التعليمية ‪.‬‬
‫‪29‬‬

‫–  �أن رهان التدري�س بالكفايات هو الإجابة عن �س�ؤال العالقة بني املكت�سبات املعرفية‬
‫والأن�شطة ال�سو�سيو مهنية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬ردم الهوة القائمة بني املدر�سة وبني الو�ضعيات‬
‫املهنية واحلياتية‪.‬‬
‫–  �أن بع�ض الدول الغربية �أخذت بت�صور جان ماري دوكيتيل وكزافيي روجرز للكفايات‪ ،‬ومل‬
‫ت�أخذ بالت�صورات املنتقدة للتوجهات الليربالية يف احلقل املدر�سي‪.‬‬

‫يف احلالة املغربية‪ ،‬يبدو �أن تبني بيداغوجيا الكفايات هو من قبيل ال�سند الرتبوي للتوجه الليربايل‬
‫الذي اختاره املغرب منهجا يف االقت�صاد‪ .‬بعد �أن تبني له �أن الليربالية هي وحدها القادرة عن تدليل‬
‫ال�صعاب وت�أمني ال�سري يف غابة بال �إ�شارات ا�سمها العوملة‪.‬‬

‫�إن رهان الأخذ ببيداغوجيا الكفايات يف نظامنا التعليمي هو تبيئة الليربالية يف الأذهان بعد تبيئتها‬
‫يف ال�سلوك بف�ضل بيداغوجيا الأهداف‪� .‬إذ ما الداعي �إىل حر�ص الوزارة على ا�ستدعاء هذا الطرح‬
‫البيداغوجي �إن مل يكن لأجل م�سايرة خ�صو�صيات املغرب كبلد نام ي�سعى �إىل االندماج يف ن�سيج‬
‫‪27‬‬
‫عمر التاور‬

‫الإكراهات العاملية اجلديدة‪ ،‬وجعل املنظومة الرتبوية حمايثة للحركية اللولبية التي يعرفها‬
‫املجتمع واالقت�صاد؟‬

‫نعتقد �إذن‪ ،‬ال بجزم و�إمنا ب�رضب من الت�أويل‪� ،‬أن البواعث على جل الإ�صالحات الكربى التي‬
‫عرفها الن�سق الرتبوي املغربي ال تت�صل بالرغبة يف تغيري مناهج �أو جتديد حمتويات‪ ،‬و�إمنا‬
‫بتحوالت االقت�صاد واملجتمع‪ .‬و�أن�صع دليل على ذلك ما تو�صل �إليه الأ�ستاذ املكي املروين‪ ،‬يف‬
‫درا�سته املو�سومة بـ «الإ�صالح التعليمي باملغرب»‪ ،‬من �أن «ت�أثري العامل االقت�صادي حا�سم يف عمل‬
‫الإ�صالح بالنظام التعليمي‪ .‬فعندما نت�أمل تطور التمدر�س من جهة‪ ،‬وتطور الو�ضع االقت�صادي‬
‫للبالد من جهة �أخرى‪ ،‬نالحظ مالزمة املتغري االقت�صادي للمتغري التعليمي‪ .‬وهكذا كانت‬
‫�إ�سرتاتيجية النمو االقت�صادي م�صحوبة خالل فرتة املخطط ‪ 1964-1960‬بنمو هائل للتمدر�س‪.‬‬
‫وخالل املخططني الالحقني ‪ 1967-1965‬و‪� 1972-1968‬صاحب �سيا�سة التق�شف االقت�صادي‬
‫تراجع وا�ضح يف جمال التمدر�س‪ .‬وملا عاد االقت�صاد �إىل النمو بني ‪ 1970‬و‪ ،1977‬عرفت وترية‬
‫التمدر�س �رسعة كبرية؛ وابتداء من ‪� ،1978‬أي من دخول البالد يف �أزمة اقت�صادية متفاقمة‪،‬‬
‫يالحظ �أن وترية التمدر�س تراجعت ب�شكل ملحوظ‪ .‬وجاء �إ�صالح التعليم الأ�سا�سي ل�سنة ‪1985‬‬

‫لي�ستجيب يف الواقع ل�رضورة مالية بالأ�سا�س هي احلد من تزايد نفقات التعليم‪ ،‬وقد مت هذا احلد‬
‫فعال‪ ،‬لكن على ح�ساب التمدر�س» ‪.‬‬
‫‪30‬‬

‫و�سواء تعلق الأمر مبا ي�سميه الأ�ستاذ املروين بـ «حماوالت للمراجعة و�إعادة الهيكلة» �أو بـ‬
‫«الإ�صالح املفقود» �أو «الإ�صالح املرغم»‪ ،‬ف�إن الواقع يظهر �أن هذه الإ�صالحات ارتبطت ب�رضورات‬
‫اقت�صادية‪ ،‬فالفرتة املمتدة بني ‪ 1964‬و‪( 1972‬حماوالت للمراجعة و�إعادة الهيكلة) متيزت بتغري‬
‫يف وجه ال�سيا�سة االقت�صادية واالجتماعية‪ ،‬وقد �صاحب هذا التغري تغري يف ال�سيا�سة التعليمية ؛‬
‫‪31‬‬

‫�أما الفرتة املمتدة بني ‪ 1973‬و‪( 1983‬الإ�صالح املفقود)‪ ،‬فقد متيزت برخاء ن�سبي يف البداية‪ ،‬ثم‬
‫ب�صعوبات اقت�صادية متزايدة تطورت يف نهاية الفرتة �إىل �أزمة دائمة نتج عنها توتر اجتماعي‬
‫مت�صاعد احلدة ؛ و�أخريا‪ ،‬ف�إن الفرتة املمتدة بني ‪ 1983‬و‪( 1994‬الإ�صالح املرغم) متيزت ب�أزمة‬
‫‪32‬‬

‫خانقة على امل�ستوى االقت�صادي وو�ضع مرتد على امل�ستوى االجتماعي‪ .‬يف هذا الإطار‪ ،‬وحتت‬
‫�ضغط العامل املايل �أ�سا�سا‪ ،‬مت �إدخال عدة �إ�صالحات على نظام التعليم والتكوين بهدف تو�سيعه‬
‫وتر�شيد �سريه وحت�سني فعاليته وجودته‪ .‬لكن هذه الإ�صالحات مل تعط كل النتائج املنتظرة منها‬
‫ومل ت�سهم ب�شكل جوهري يف حل امل�شاكل الأ�سا�سية التي يعاين منها النظام‪ :‬التمدر�س‪ ،‬الفعالية‬
‫الداخلية‪ ،‬لغات التعليم‪ ،‬مالءمة التكوين حلاجيات الت�شغيل‪� ،‬إلخ ‪.‬‬
‫‪33‬‬

‫‪28‬‬
‫الأنظمة الرتبوية والتغيري االجتماعي‪� :‬أية عالقة؟‬

‫بيد �أن العمل الإ�صالحي يف التعليم ال يت�أثر بالعامل االقت�صادي فح�سب‪ ،‬بل �إنه يت�أثر بجملة عوامل‬
‫�أخرى من بينها الطلب االجتماعي للتعليم‪ ،‬فـ «هناك دائما اعتبار للمعطى الدميغرايف يف �إ�سرتاتيجية‬
‫الإ�صالح بالتعليم» ‪ .‬علما �أن الطلب االجتماعي على التعليم ال يحدده النظام التعليمي نف�سه‪،‬‬
‫‪34‬‬

‫بل تتحكم فيه عوامل اقت�صادية واجتماعية وثقافية خارج املنظومة الرتبوية‪ ،‬والفقر �أهم هذه‬
‫العوامل‪ ،‬فتمدر�س الفقراء يقل يف الو�سطني احل�رضي والقروي بن�سب ترتاوح بني ‪ 10‬و‪ 14‬يف‬
‫املائة عن متدر�س �أبناء املي�سورين ‪.‬‬
‫‪35‬‬

‫‪ .3‬تداعيات النظام الرتبوي على املجتمع املغربي‬

‫بعد احلديث عن ال�سيا�سات الرتبوية العامة من جهة‪ ،‬وعن حمتويات ومناهج التدري�س من جهة‬
‫ثانية‪ ،‬وبعد �أن تطرقنا الرتباط هذه ال�سيا�سات واملناهج واملحتويات ب�رضورات اقت�صادية‬
‫واجتماعية و�سيا�سية‪� ،‬آن لنا الآن احلديث‪ ،‬يف املحور الثالث والأخري‪ ،‬عن تداعيات كل ذلك على‬
‫املجتمع‪ ،‬وعلى هويته وثقافته‪ ،‬بل وعلى نظرته للمدر�سة واملعرفة ككل‪.‬‬

‫‪ .1.3‬الهوية‬

‫حاولت املدر�سة املغربية – يف فجر اال�ستقالل – احلفاظ على الهوية الذاتية والعمل على حت�صني‬
‫املثقف املغربي برفع �شعار املغربة‪ .‬بيد �أن هذا ال�شعار الذي مت رفعه يف بداية اال�ستقالل مل يتحقق‬
‫منه �إال النزر الي�سري‪ ،‬نظرا لندرة الأطر املغربية امل�ؤهلة �آنذاك‪ ،‬فما كان من الدولة املغربية �إال‬
‫�أن ا�ستقدمت �أ�ساتذة من ال�رشق ومن الغرب للتدري�س يف خمتلف الأ�سالك التعليمية‪ ،‬وخا�صة يف‬
‫اجلامعات‪ .‬ومل يكن ه�ؤالء الأ�ساتذة مبن�أى عن �إيديولوجيات �رشقية وغربية‪ ،‬وخا�صة يف جمال‬
‫العلوم الإن�سانية‪ .‬و�سي�صبح الطالب – واملثقف املغربي فيما بعد – �ضحية لهذه الإيديولوجيات‬
‫التي اغرتفها مع ما اغرتفه من معارف ‪ ،‬حتى حق فيه قول �أبي �سليمان ال�سج�ستاين للفال�سفة‪:‬‬
‫‪36‬‬

‫«لقد �أ�رسرمت احل�سو باالرتغاء»‪� .‬أي لقد ابتلعتم الإيديولوجيا الفل�سفية اليونانية مع ما ذهب‬
‫ب�أنظاركم من دقة املنطق اليوناين‪.‬‬

‫ولقد انعك�ست هذه الإيديولوجيات – للأ�سف – على قراءة مثقفينا للرتاث احل�ضاري املغربي‪،‬‬
‫فح�صل لديهم االعتقاد يف �أن الرتاث املغربي هو بال�رضورة الرتاث امل�رشقي‪ ،‬ومت �إق�صاء جوانب‬
‫‪29‬‬
‫عمر التاور‬

‫مهمة من تراث وح�ضارة الأمة املغربية‪ ،‬ون�ش�أ من جراء ذلك كله عقل اثني ال ي�ؤمن مبنطق‬
‫االختالف ويف�ضل االحتفاء بالغثاثة وبخطابات مفارقة للواقع على االلتفات �إىل الأبعاد احلقيقية‬
‫امل�شكلة لهوية الذات‪ .‬وتلكم على كل حال حرب �إيديولوجية يجب �أن نواجهها ب�أق�صى درجات‬
‫االنطواء الإيديولوجي والعلمي للحفاظ على الذات من الذوبان‪ ،‬وال�ستعادة كل ما مت �إقباره من‬
‫مناذج تراثية تدل على عمق نظر الأمة املغربية؛ �سواء على �صعيد املنطق �أو على �صعيد الفل�سفة‬
‫والبالغة والأدب والعلوم ال�صورية والريا�ضية ‪.‬‬
‫‪37‬‬

‫�إن اهتمام املدر�سة املغربية مبكونات الوطن اللغوية والثقافية والعمل على متكينها من فر�ص‬
‫النمو واالزدهار ميكن �أن ي�شكل‪ ،‬لوحده‪ ،‬قيمة وطنية وتربوية وتاريخية ‪ ،‬بل وميكن �أن ي�ساهم‬
‫‪38‬‬

‫يف حتقيق املرامي العامة للتعليم املغربي املتمثلة يف تي�سري الفهم واال�ستيعاب من �أجل طاقات‬
‫�إبداعية متجددة �أ�سا�سها االعتزاز بالذات املغربية بكل مكوناتها اللغوية (الأمازيغية والعربية)‬
‫وبتنوعات ثقافتها املتميزة وبقيمها الإ�سالمية الداعمة لكرامة وحقوق الإن�سان ‪.‬‬
‫‪39‬‬

‫وقد خ�ص�ص الد�ستور املغربي (‪ )2011‬حيزا هاما منه للح�سم يف م�س�ألة هوية الأمة املغربية‬
‫املوحدة‪ ،‬املت�سمة بتعدد روافدها‪ ،‬وبان�صهار جميع مكوناتها‪ .‬وت�أكيدا لهذا املبد�إ جاء يف ت�صدير‬
‫الد�ستور �أن «اململكة املغربية دولة �إ�سالمية ذات �سيادة كاملة‪ ،‬مت�شبثة بوحدتها الوطنية والرتابية‪،‬‬
‫وب�صيانة تالحم وتنوع مقومات هويتها الوطنية‪ ،‬املوحدة بان�صهار كل مكوناتها‪ ،‬العربية‪-‬‬

‫الإ�سالمية‪ ،‬والأمازيغية‪ ،‬وال�صحراوية احل�سانية‪ ،‬والغنية بروافدها الإفريقية والأندل�سية‬


‫والعربية واملتو�سطية‪ .‬كما �أن الهوية املغربية تتميز بتبو�إ الدين الإ�سالمي مكانة ال�صدارة فيها‪،‬‬
‫وذلك يف ظل ت�شبث ال�شعب املغربي بقيم االنفتاح واالعتدال والت�سامح واحلوار‪ ،‬والتفاهم املتبادل‬
‫بني الثقافات واحل�ضارات الإن�سانية جمعاء» ‪.‬‬
‫‪40‬‬

‫�إذا كان د�ستور اململكة املغربية �إذن قد ا�ستعاد الأبعاد احلقيقية للهوية الذاتية ون�ص على‬
‫�صيانتها؛ و�إذا كان وا�ضعو امليثاق الوطني للرتبية والتكوين قد توافقوا على اعتماد جمموعة‬
‫من الدوائر املعيارية املتجاورة التي تر�سم للمدر�سة املغربية �آفاقها امل�ستقبلية والقيمية ‪ ،‬ف�إننا‬
‫‪41‬‬

‫نرجو �أن جند لهذه الأبعاد واملعايري جتليات يف منظومتنا الرتبوية ومقرراتنا الدرا�سية بال�شكل‬
‫الذي يجعلنا نكف عن الدو�س على �أرواح �أجدادنا‪ ،‬وبال�شكل الذي ي�سمح لنا با�ستعادة تراثنا‬
‫احلقيقي واجرتاح �أفق لغربلته وجتديده و�إحياء اجلوانب املنرية فيه‪ .‬ومن يدري‪ ،‬فلرمبا ظهرت‬
‫‪30‬‬
‫الأنظمة الرتبوية والتغيري االجتماعي‪� :‬أية عالقة؟‬

‫لدينا ذوات ديكارتية جديدة ت�ضع كل ما قيل عن الرتاث املغربي مو�ضع ت�سا�ؤل ويف م�ستوى «لي�س‬
‫بعد»‪ .‬ورب تال‪ ،‬كما قال ال�شاعر حممود �سامي البارودي‪ ،‬بد �ش�أو مقدم‪.‬‬

‫‪ .2.3‬الثقافة‬

‫على م�ستوى الثقافة عجزت املدر�سة املغربية عن نقل الثقافة من الو�ضعية اال�ستهالكية �إىل‬
‫الو�ضعية الإنتاجية‪ .‬ولهذا بقيت الثقافة عندنا جمرد واجهة قلما انطوت على ب�ضاعة‪ ،‬وحتولت‬
‫مع مرور الزمن �إىل قلعة معزولة يف الزمن‪ ،‬زمن ا�ستهالك اخلطاب ال زمن �إنتاجه‪.‬‬

‫وبقدر ما بقيت الثقافة معزولة وبعيدة عن الواقع وهمومه الذاتية واملو�ضوعية‪ ،‬بقدر ما بقي‬
‫املثقف عندنا عاجزا عن اال�ضطالع بدوره يف البحث عن مقام حمايثة �صالح لل�سكنى فكريا وفل�سفيا‬
‫وعلميا‪ .‬فتحول‪ ،‬مع مرور الوقت‪� ،‬إىل كائن اجتماعي يتخلله غمو�ض ولب�س ت�صعب الإحاطة به‬
‫على م�ستوى وجوده وهويته‪ ،‬خ�صو�صا عندما يتحول �إىل جمرد بيدق ي�ضحى به يف خ�ضم حرب‬
‫�إيديولوجية تن�أى به عن ر�صد ما يعتمل يف واقعه من مفارقات وتناق�ضات‪ ،‬وجتعله عاجزا حتى‬
‫عن ممار�سة �سلطته الرمزية التي تفعل فعلها وتتفاعل داخل ن�سيج التبادالت االجتماعية يف �إطار‬
‫ثالوث‪ :‬نظام – �سلطة – معرفة‪ .‬يقول الأ�ستاذ نور الدين �أفاية بهذا ال�صدد‪« :‬لقد تبني لنا �أن كل‬
‫نظام يف حاجة �إىل معرفة تع�ضده وت�سند مفا�صله‪ .‬واملثقف‪ ،‬كيفما كان جمال اخت�صا�صه‪ ،‬هو الذي‬
‫يزود النظام بو�سائل ال�ضبط بوا�سطة املعرفة التي ينتجها‪ ،‬فهو �إذن موجود داخل هذا الثالوث‬
‫الع�ضوي‪ :‬نظام – �سلطة – معرفة وي�صعب ت�صوره خارج هذا الثالوث» ‪.‬‬
‫‪42‬‬

‫�إن املثقف‪ ،‬باعتباره �أحد �أ�ضالع هذا الثالوث الع�ضوي‪ ،‬ميلك �إمكانية �إنتاج نوع من �أنواع‬
‫اخلطاب‪ ،‬وهو بذلك يلعب ب�سلطة ال حدود لها هي �سلطة الرمز والكالم‪ .‬ومن ميلك الكالم ف�إنه‪،‬‬
‫ال�شك‪ ،‬ميلك من خالله �سلطة فر�ض �أ�سلوب معني من النظر وطرح ال�س�ؤال وحماكمة الأ�شياء‬
‫بتكري�سها �أو بالدعوة �إىل �إعادة النظر فيها‪� .‬إن املثقف كائن اب�ستيمي بامتياز على حد تعبري بيري‬
‫بورديو‪ ،‬وما ميكن �أن يقوم به‪ ،‬يف نظر مي�شيل فوكو‪ ،‬هو �صياغة تدخل يف خمتلف القطاعات التي‬
‫يتواجد فيها‪ ،‬يف عمله‪ ،‬يف عالقته مع الآخر‪ ،‬يف كل املجاالت التي ميكن �أن تتاح له فيها فر�صة‬
‫ت�سجيل هذا االختالف املعاند لكل قرار ي�ستهدف اال�ستحواذ واالحتواء ‪.‬‬
‫‪43‬‬

‫‪31‬‬
‫عمر التاور‬

‫�إن املثقف يعرب عادة عما هو �ضمني وعما هو جمهول‪ ،‬عما هو مكبوت لدى اجلماهري‪ ،‬وبتعبريه‬
‫هذا‪ ،‬يغري ت�صورات اجلماهري لواقعها‪� .‬إنه يغري الواقع االجتماعي نف�سه ملا يغري ت�صور الأفراد‬
‫لواقعهم‪ .‬فاملثقف �إذن �سلطة‪ ،‬وهذه ال�سلطة لي�س يف حاجة �إىل �أن ي�ستمدها من امل�ؤ�س�سة‪ ،‬بل من‬
‫احتكاكه بواقعه وانهمامه بهموم جمتمعه‪ .‬وال �سبيل للمثقف املغربي �إىل ممار�سة هذه ال�سلطة‪،‬‬
‫واال�ضطالع مبثل هذه املهمة‪ ،‬مادام يجتاز �أزمة تع�صف بوجوده‪ ،‬وت�شوه عالقته �سواء مع‬
‫ال�سلطة ال�سيا�سية �أو مع اجلماهري الوا�سعة‪ ،‬فهو ال يقوى على مواجهة ال�سلطة وال يقوى على‬
‫تقومي املجتمع‪� .‬أمام هذا املوقف الإ�شكايل جل�أ املثقف املغربي �إىل التعايل الأكادميي‪ ،‬فال يتحزب �أو‬
‫يتقلب وال يتيامن �أو يتيا�رس  ‪.‬‬
‫‪44‬‬

‫�إن و�ضعية املثقف املغربي هذه التي يراوح فيها اخلطو على حدود الأزمة‪ ،‬جعلت املجتمع‬
‫املغربي ال ي�ستقر بعد على اختيار �إيديولوجي وا�ضح؛ فبالرغم من كونه �شكل خمتربا جربت‬
‫فيه كل الإيديولوجيات و�شهد ف�شلها و�إخفاقها‪ ،‬ف�إنه ما يزال على �أهبة اال�ستعداد ال�ستقبال‬
‫كل الإيديولوجيات الوافدة على حدوده الفكرية وال�سيا�سية من كل حدب و�صوب‪� .‬إنه ال يزال‬
‫ي�شكل جماال خ�صبا للتلقي والرتحيب بكل �إيديولوجيا يعتقد �أنها هي القادرة على �إخراجه من‬
‫�صدمة احلداثة �إىل احلداثة‪ .‬وبفعل البحث الد�ؤوب عن �أ�سواق غربية و�رشقية جديدة القتناء‬
‫م�ستجدات املنظومات الإيديولوجية اجلاهزة‪ ،‬عو�ض البحث عن �أ�ساليب وطرق ذاتية لإر�ساء‬
‫دعائم �إيديولوجيا حملية تربطها عالقة ع�ضوية باخل�صو�صيات الثقافية واحل�ضارية للمغرب‪،‬‬
‫بفعل كل ذلك‪� ،‬أ�ضحت ال�ساحة الثقافية املغربية تعي�ش على فراغ �إيديولوجي وا�ضح (مع �أنها‬
‫تعج‪ ،‬كما �أ�سلفنا الذكر‪ ،‬مبختلف �أ�صناف الإيديولوجيات)‪ .‬وهذا ما يف�رس – رمبا – ظاهرة العجز‬
‫يف مواقف املثقف املغربي حول ق�ضايا ال�سلطة واملجتمع؛ وهذا ما يف�رس �أي�ضا ظاهرة الرتحال‬
‫التي نالحظها بادية يف الروافد النظرية والثوابت املنهجية املوجهة مل�شاريع مثقفينا الفكرية‬
‫و�إنتاجاتهم الإبداعية‪.‬‬

‫�إذن‪ ،‬لي�س من باب املبالغة يف �شيء �إذا قلنا ب�أن الو�ضعية التي يعي�شها املثقف عندنا هي و�ضعية‬
‫االفتقار �إىل ت�صور معريف و�إيديولوجي وا�ضح يحمي الذات من الذوبان يف ثقافة الغري‪ ،‬وجتمعه‬
‫عالقة ع�ضوية باملحيط الطبيعي والثقايف للمجتمع املغربي‪� .‬إنها و�ضعية االن�سالخ عن الواقع‬
‫املغربي املحلي والتعلق باملنظومات الإيديولوجية ال�رشقية والغربية التي تن�أى عن هذا الواقع‬
‫ما دامت خ�صو�صياته الثقافية واحل�ضارية مل تعان �آالم والدة وانبثاق هذه الإيديولوجيات �أ�صال‪.‬‬
‫�صحيح �أن �ساحتنا الثقافية عرفت منعطفات و�صفت �أحيانا بالر�صينة‪ ،‬لكنها للأ�سف منعطفات‬
‫‪32‬‬
‫الأنظمة الرتبوية والتغيري االجتماعي‪� :‬أية عالقة؟‬

‫ح�سرية بقيت يف حدود «لي�س بعد» ومل تزحزح االعتقاد يف �أن الفكر املغربي ميكن جتديده من‬
‫الداخل مبا يتوافق وبنية هذا الواقع الذي ي�سكن �أج�سادنا الثقيلة جدا على �سطح هذه الأر�ض‪.‬‬

‫‪ .3.3‬الأمية‬

‫يف بداية اال�ستقالل مت رفع �شعار التعميم‪ ،‬علما �أن فرن�سا كان لها طموح تعميم التعليم يف املناطق‬
‫اجلبلية‪ ،‬لكن ظهور الظهري الرببري �أجه�ض هذا الطموح‪ ،‬ومن يلقي نظرة على كتاب حممد عابد‬
‫اجلابري �أ�ضواء على م�شكل التعليم باملغرب �سيقف على بع�ض �أ�سباب هذا الإجها�ض‪ .‬لكن‪ ،‬ميكن‬
‫القول �إن تعميم التعليم بقي �شعارا ومل يتنزل املنزلة احلقيقية على �أر�ض الواقع‪ ،‬لأ�سباب ارتبطت‬
‫�أحيانا بالإ�صالح الرتبوي ذاته‪ ،‬مثلما ح�صل مع �إ�صالح (‪ )1963‬الذي راهن على نوعية التعليم‬
‫بدل تعميمه‪ ،‬و�أحيانا �أخرى ب�ضعف الطاقة اال�ستيعابية للمنظومة الرتبوية‪ ،‬وهي ال�صعوبة‬
‫التي ظلت تعاين منها البالد با�ستمرار يف تعميم ولوج الأطفال البالغني �سن التمدر�س �إىل املدر�سة‬
‫االبتدائية ‪.‬‬
‫‪45‬‬

‫وهكذا «بقي ال�سكان احل�رضيون‪� ،‬أ�سا�سا‪ ،‬هم �أكرب امل�ستفيدين من املنظومة الرتبوية‪ .‬و�أما‬
‫القرويون فلم ي�ستفيدوا منها �إال جزئيا‪ ،‬وغالبا ما مت ذلك على ح�ساب ا�ستقرارهم بقراهم ‪ .‬وقد‬
‫‪46‬‬

‫كان لذلك كله تداعيات خطرية من جملتها داعي الأمية‪ ،‬وما يرتتب عنها من انعكا�سات �سلبية على‬
‫تطوير بنيات املجتمع‪.‬‬

‫ملاذا؟‪ ،‬لأن الأمية متنع املدر�سة من القيام بوظيفة �أ�سا�سية هي وظيفة احلراك االجتماعي؛ وقد �أدى‬
‫عجز املدر�سة عن اال�ضطالع بهذه املهمة �إىل عجز املجتمع عن خلق دينامية اجتماعية ومد اجل�سور‬
‫بني الطبقات االجتماعية‪ ،‬وخلق طبقة اجتماعية و�سطى‪ .‬ونحن نعلم �أهمية الطبقة الو�سطى يف‬
‫حفظ التوازن داخل املجتمع‪ ،‬وعندما تغيب الطبقة الو�سطى تكون لهذا الغياب تداعيات حتى على‬
‫امل�ستوى ال�سيا�سي‪.‬‬

‫لنت�أمل‪ ،‬مثال‪ ،‬يف نقد �سقراط للدميقراطية الأثينية؛ ملاذا انتقدها؟ لأنه اختربها فوجدها م�ؤ�س�سة‬
‫ه�شة تقوم على معايري وقيم وقوانني منحرفة عن الأهداف الق�صوى للم�صري الب�رشي ‪ .‬وعندما‬
‫‪47‬‬

‫ال تقوم الدميقراطية على قوانني حقيقية وعلى معرفة عقلية تتحول �إىل طغيان‪ ،‬لأن الطغيان يف‬
‫‪33‬‬
‫عمر التاور‬

‫جوهره – كما يقول �أر�سطو – �سلطة بال قوانني؛ لهذا نزل �سقراط �إىل ال�شارع ليقوم �سلوك‬
‫ال�شباب ويعلمه معنى احلق والعدالة والف�ضيلة واخلري واجلمال‪.‬‬

‫الدميقراطية لها �آليات ا�شتغال هي التفكري النقدي واحلوار والنقا�ش ومقارعة احلجة باحلجة‬
‫واجلدال املنتج؛ وهي �آليات يرتبى عليها الن�شء يف املدر�سة‪ ،‬وخا�صة يف درو�س ترفع راية النقد من‬
‫قبيل الفل�سفة والعلوم الإن�سانية ؛ وعندما تتف�شى الأمية يف �أو�صال جمتمع ما‪ ،‬يفتقد هذا املجتمع‬
‫‪48‬‬

‫�إىل هذه الآليات‪ ،‬فت�شيع فيه الدوغمائية و�أمناط التفكري البدائي والأ�سطوري وال�سحري‪ ،‬وغلبة‬
‫منطق القوة على قوة املنطق‪ ،‬و�ضيق نطاق العقل وات�ساع نطاق الهوى‪.‬‬

‫ولي�س ميكن جتاوز مع�ضلة الأمية �إال ب�أجر�أة وتفعيل ما جاء يف منطوق امليثاق الوطني للرتبية‬
‫والتكوين من �رضورة «العمل على حتقيق مبد�أ امل�ساواة بني املواطنني‪ ،‬وتكاف�ؤ الفر�ص �أمامهم‪،‬‬
‫وحق اجلميع يف التعليم‪� ،‬إناثا وذكورا‪� ،‬سواء يف البوادي �أو احلوا�رض‪ ،‬طبقا ملا يكفله د�ستور‬
‫اململكة» ‪ .‬فتعميم العليم مل يبق حقا من حقوق املواطن كحقه يف املاء والهواء فح�سب‪ ،‬بل‬ ‫‪49‬‬

‫�أ�صبح من �رضورات احلياة والع�رص  ‪.‬‬


‫‪50‬‬

‫و�سواء تعلق الأمر بتعميم التعليم على الكبار‪� ،‬أو على من هم يف �سن التمدر�س‪ ،‬ف�إن هذا‬
‫التعميم ينبغي �أن يكون باللغة القومية ملا يف ا�ستعمالها وتداولها من اقت�صاد للجهد وم�سايرة‬
‫لقدرات املتعلمني ومكونات مداركهم وعقولهم‪ ،‬فقد �أثبتت الدرا�سات العلمية �أن اللغة القومية هي‬
‫�أف�ضل و�سيلة و�أ�رسعها و�أجنعها لتبليغ املعرفة والتح�صيل‪ .‬وي�شري تقرير ملنظمة اليون�سكو‪� ‬أن‬
‫اللغة الوطنية الأم «هي من الناحية ال�سيكولوجية‪ ،‬منظومة من الرموز تعمل تلقائيا و�آليا يف ذهن‬
‫الطفل عندما يريد �أن يتكلم �أو يخاطب �أو يفهم؛ وهي من الناحية ال�سو�سيولوجية ت�شد الطفل‬
‫بقوة �إىل املجموعة الب�رشية التي ينتمي �إليها؛ كما �أنها متكنه‪ ،‬من الناحية البيداغوجية‪ ،‬من التعلم‬
‫ب�رسعة �أكرب من ال�رسعة التي يتعلم بها �إذا كانت اللغة �أجنبية غريبة عنه» ‪.‬‬
‫‪51‬‬

‫‪ .4.3‬النظرة االجتماعية �إىل املدر�سة‬

‫�إن املدر�سة‪ ،‬بحكم وظيفتها‪ ،‬من القنوات التي يتعني �أن ت�ساهم ب�شكل عقالين يف تن�شئة وت�أهيل‬
‫اجليل ال�صاعد لرفع التحديات على �أر�ض الواقع ‪ .‬بيد �أن ا�ضطالع املدر�سة مبثل هذه الوظيفة‬
‫‪52‬‬

‫‪34‬‬
‫الأنظمة الرتبوية والتغيري االجتماعي‪� :‬أية عالقة؟‬

‫يبقى رهينا بالتخل�ص‪ ،‬بادئ ذي بدء‪ ،‬من تلك النظرة غري ال�سوية التي باتت ترى يف املدر�سة جماال‬
‫لتحقيق �أغرا�ض نفعية �أكرث مما ترى فيها جماال للتح�صيل العلمي وطلب املعرفة يف حد ذاتها‪.‬‬

‫واحلق �أن هذه النظرة الربغماتية التي تقرن املدر�سة بالنجاح ب�أية و�سيلة كانت‪ ،‬والتي �أفرزت‬
‫ظواهر مدر�سية �سلبية من قبيل الغ�ش يف االمتحانات والعنف املدر�سي‪ ،‬ترتد �إىل التحوالت القيمية‬
‫التي عرفها املجتمع نف�سه؛ ومن �أكرب هذه التحوالت التي ميكن �أن نالحظها بالعني املجردة يف‬
‫ال�شارع والعائلة واملدر�سة‪ ،‬ح�سب الأ�ستاذ حممد �سبيال‪« ،‬زحف عالقات العنف على قطاعات كانت‬
‫تعترب �إىل عهد قريب ف�ضاءات �آمنة‪ .‬ميكن تف�سري العنف بقوة تغلغل العالقات والقيم الر�أ�سمالية‬
‫التي هي بطبيعتها �رش�سة ومتوح�شة وتنبني على التناف�سية التي جتعل النا�س يت�صارعون بعنف‬
‫يف �سبيل العي�ش‪ ،‬وهذا ي�ؤثر على قيمهم الأخالقية مثل الت�ضامن والتعاون التي �أ�صبحت يف طريقها‬
‫�إىل اال�ضمحالل �إن مل تكن قد ا�ضمحلت يف حني يحل بدال عنها ال�رصاع الوح�شي حول احلياة‪.‬‬
‫�إن هذا التوح�ش وهذه الروح الأنانية املرتبطة بعودة اال�ستهالك ومبظاهر التملك والتفاخر كانت‬
‫موجودة يف املجتمع القدمي ولكنها كانت م�ضبوطة �أخالقيا» ‪.‬‬
‫‪53‬‬

‫ومل تعدم هذه التحوالت ال�سلبية ما ي�ؤ�رش عليها يف املجال املدر�سي‪ ،‬فالغ�ش املدر�سي هو مظهر من‬
‫مظاهر الغ�ش االجتماعي (الر�شوة مثال)‪ ،‬والعنف املدر�سي – املادي والرمزي – هو �سليل العنف‬
‫االجتماعي؛ و�سي�ؤدي ا�ست�رشاء هذه الظواهر ال�سلبية يف املدر�سة واملجتمع معا �إىل هيمنة �شامتة‬
‫و�سافرة ملنطق املنفعة على منطق احلقيقة‪ ،‬مما يجعل املعرفة غري مطلوبة لذاتها‪ ،‬مع ما يرتتب‬
‫عن ذلك من �سوء اعتبار للثقافة‪ ،‬وما ينجم عنه من �ضعف الف�ضول املعريف وك�ساد �سوق الكتاب‪،‬‬
‫وطغيان احل�س اجلماعي على احل�س الفرداين‪ ،‬وما يرتبط بذلك من قيم ي�صري معها كل �إبداع بدعة‬
‫‪54‬‬
‫وكل اختالف �شذوذ وكل خ�صو�صية مروق ‪.‬‬

‫فال عجب �أن نح�صل يف النهاية – يقول الأ�ستاذ عبد املجيد باعكرمي – على كائن غري مكرتث بال�ش�أن‬
‫الثقايف‪ ،‬متجه الفكر كلية �صوب الك�سب املادي‪ ،‬وهن الوجدان ومعوز لأي تطلع ح�ضاري اللهم ما‬
‫بطل منه ووىل‪ .‬وهو �أمر منتظر وطبيعي ممن تلقى �أ�سئلة ال تذكيه و�أجوبة ال تغنيه ‪.‬‬
‫‪55‬‬

‫‪35‬‬
‫عمر التاور‬

‫خامتة‬

‫نخل�ص �إىل القول �إن علماء االجتماع يكادون يتفقون على �أن املدر�سة جمتمع م�صغر ‪ ،‬وال �شك‬
‫‪56‬‬

‫�أن القارئ الكرمي �سيتفق معي �إن قلت �إن املجتمع عندنا لي�س مالكا طاهرا‪ ،‬بل هو جمال خ�صب‬
‫لإفراز املفارقات والتناق�ضات؛ فال عجب �أن يعتمل يف املدر�سة كل ما يعتمل يف املجتمع من ت�رشذم‬
‫فكري و�سلوكي‪ ،‬ومن عنف مادي ورمزي‪.‬‬

‫و�إذا كان املجتمع هجينا‪ ،‬و�إذا كان اجتثاث مظاهر النق�ص يف مدر�ستنا رهينا باجتثاث ال�سلبيات التي‬
‫متوج وتروج يف �أقبية املجتمع‪ ،‬ف�إن �إ�صالح املدر�سة من �صالح و�إ�صالح املجتمع‪ .‬ولن يتحقق‬
‫مثل هذا الإ�صالح بالوعظ لأنه – كما يقول �إميل دوركامي – خطاب فج ومثايل‪ ،‬بل ببث قيم الفكر‬
‫العلمي‪/‬النقدي واملنطق ال�سليم واخللق الكرمي يف مفا�صل املجتمع‪ ،‬وكذا بتفكيك �أ�ساليب املعرفة‬
‫وال�سلوك واحلياة ال�سائدة يف املدر�سة‪ .‬ولن يح�س بقيمة التفكيك‪� ‬إال املبدعون يف فن اقرتاح عالمات‬
‫على الطريق‪ ،‬قد يقود اال�سرت�شاد بها �إىل ا�ست�رشاف مدر�سة مغربية حمايثة لواقعها وم�شدودة‬
‫الو�صال �إىل املجتمع‪ ،‬مدر�سة جريئة يف الطرح‪ ،‬حاملة لقيم جديدة‪ ،‬قيم العقل واحلداثة والفكر‬
‫النقدي‪ .‬فاملدر�سة‪ ،‬كما جاء يف خال�صات اللجنة اخلا�صة بالرتبية والتكوين‪« ،‬مر�آة للمجتمع‪ ،‬وتلك‬
‫بديهية ت�ستمد مرجعيتها من الرباط الع�ضوي بني امل�ؤ�س�سة الرتبوية والن�سيج االجتماعي الذي‬
‫يحت�ضنها ويغذيها ويعي�ش معها وبها‪ .‬واملدر�سة‪� ،‬إىل جانب ذلك‪ ،‬مبثابة بوثقة يحيى عربها املجتمع‬
‫مثله وتطلعاته و�أحالمه‪ .‬وهي بال ريب الرافعة املثلى الحت�ضان ورعاية م�رشوع جمتمعي‪ ،‬وبلورة‬
‫خيار �إرادي‪ ،‬متجه نحو التقدم واحلداثة» ‪.‬‬
‫‪57‬‬

‫الهوام�ش‬
‫‪� 1‬سبيال حممد‪�« ،‬أزمة املدر�سة واجلامعة املغربية»‪ ،‬جريدة امل�ساء‪ ،‬عدد ‪ ،1852‬اخلمي�س ‪� ،2012/9/6‬ص‪.20 .‬‬
‫‪ 2‬بن مي�س عبد ال�سالم‪ ،‬مظاهر الفكر العقالين يف الثقافة الأمازيغية القدمية‪ ،‬درا�سة يف تاريخ العلوم ال�صورية‬
‫وتطبيقاتها‪ ،‬مطبعة �إدكل‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة الثانية‪� ،2010 ،‬ص‪.32 .‬‬
‫‪� 3‬أنظر بهذا ال�صدد‪:‬‬
‫–�أ�سكان احل�سني‪ ،‬تاريخ التعليم باملغرب خالل الع�رص الو�سيط‪� ،‬سل�سلة الدرا�سات والأطروحات (‪ ،)2‬من�شورات‬
‫املعهد امللكي للثقافة الأمازيغية‪ ،‬مطبعة املعارف اجلديدة‪ ،‬الرباط‪.2004 ،‬‬
‫–بنحمادة �سعيد‪ ،‬النظام التعليمي باملغرب والأندل�س خالل الع�رص الو�سيط‪ ،‬من�شورات الزمن (ق�ضايا‬
‫تاريخية)‪ ،‬عدد ‪ ،12‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البي�ضاء‪.2011 ،‬‬

‫‪36‬‬
‫الأنظمة الرتبوية والتغيري االجتماعي‪� :‬أية عالقة؟‬

‫جوبه هذا الت�صور بانتقادات الذعة‪� ،‬أنظر بهذا ال�صدد‪:‬‬ ‫‪4‬‬


‫‪– Bourdieu Pierre, la Reproduction, Editions de Minuit, Paris, 1970.‬‬
‫‪– Baudelot Christian et Establet Roger, l’Ecole capitaliste en France, Maspero, Paris, 1971.‬‬

‫‪ 5‬حمي�ش بن�سامل‪ ،‬الفرنكفونية وم�أ�ساة �أدبنا الفرن�سي‪� ،‬سل�سلة املعرفة للجميع‪ ،‬العدد ‪ ،23‬مطبعة النجاح اجلديدة‪،‬‬
‫الدار البي�ضاء‪ ،‬فرباير ‪� ،2002‬ص‪.16 .‬‬
‫‪ 6‬يقول الدوق دي روفيكو يف هذا ال�صدد‪�« :‬إين �أنظر �إىل ن�رش تعليمنا ولغتنا ك�أجنع و�سيلة جلعل �سيطرتنا يف هذا‬
‫القطر (اجلزائر) تتقدم (‪� )...‬إن املعجزة احلقيقية تكمن يف �إحالل الفرن�سية تدريجيا حمل العربية (‪ )...‬فالفرن�سية‬
‫تقدر على االنت�شار بني ال�سكان خ�صو�صا �إذا �أقبل اجليل اجلديد على مدار�سنا �أفواجا �أفواجا»‪ ،‬حمي�ش بن�سامل‪،‬‬
‫الفرنكفونية وم�أ�ساة �أدبنا الفرن�سي‪ ،‬مرجع مذكور‪� ،‬ص‪.16 .‬‬
‫‪ 7‬املروين املكي‪ ،‬الإ�صالح التعليمي باملغرب (‪� ،)1994-1956‬سل�سلة بحوث ودرا�سات (‪ ،)17‬من�شورات كلية‬
‫الآداب والعلوم الإن�سانية بالرباط‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البي�ضاء‪� ،1996 ،‬ص‪.17 .‬‬
‫‪ 8‬اجلابري حممد عابد‪� ،‬أ�ضواء على م�شكل التعليم باملغرب‪ ،‬دار الن�رش املغربية‪ ،‬الدار البي�ضاء‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫‪� ،1985‬ص‪.19 .‬‬
‫اجلابري حممد عابد‪� ،‬أ�ضواء على م�شكل التعليم باملغرب‪ ،‬مرجع مذكور‪� ،‬ص‪.23-22 .‬‬ ‫‪9‬‬

‫نف�س املرجع‪� ،‬ص‪.22 .‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪ 11‬املجدوبي حممد‪�« ،‬إ�شكالية التعليم باملغرب‪ :‬واقعها و�آفاقها»‪ ،‬جملة ق�ضايا تربوية‪ ،‬العدد ‪،2006 ،14-13‬‬
‫�ص‪.39 .‬‬
‫‪ 12‬يقول الأ�ستاذ حممد �سبيال يف هذا ال�صدد‪�« :‬إن الرهانات ال�ضخمة التي كانت معقودة على التعليم‪ ،‬باعتباره‬
‫ج�سدته املبادئ‬
‫املك�سب الأ�سا�سي الذي ا�ستفاد منه املغاربة بعد اال�ستقالل وراهنوا على نتائجه‪ ،‬والذي ّ‬
‫الأ�سا�سية لطموحات احلركة الوطنية يف املبادئ الأربعة‪ :‬التوحيد‪ ،‬التعميم‪ ،‬التعريب‪ ،‬املغربة‪ ،‬مل تتحقق بال�شكل‬
‫امل�أمول»‪� ،‬سبيال حممد‪�« ،‬أزمة املدر�سة واجلامعة املغربية»‪ ،‬جريدة امل�ساء‪ ،‬عدد ‪ ،1852‬اخلمي�س ‪،2012/9/6‬‬
‫�ص‪.20 .‬‬
‫‪13‬‬ ‫‪le Maroc possible, p. 112.‬‬

‫‪ 14‬يقول الأ�ستاذ املكي املروين بهذا ال�صدد‪« :‬خرق ت�أثري النخبة التقليدية التعليم الأ�صيل لي�صل �إىل التعليم‬
‫الع�رصي‪ :‬فتطبيقا ملبد�أ الأ�صالة الذي جاء به خمطط التنمية االقت�صادية واالجتماعية (‪ )1980-1978‬مت تعميم‬
‫تدري�س الدين والرتبية الإ�سالمية وتعزيزهما يف جميع م�ستويات التعليم حيث حتت�سب نقطتهما �إجباريا يف‬
‫جميع االمتحانات»‪ ،‬املروين املكي‪ ،‬الإ�صالح التعليمي باملغرب (‪ ،)1994-1956‬مرجع مذكور‪� ،‬ص‪.208-207 .‬‬
‫‪� 15‬سبيال حممد‪�« ،‬أزمة املدر�سة واجلامعة املغربية»‪ ،‬جريدة امل�ساء‪ ،‬عدد ‪ ،1852‬اخلمي�س ‪� ،2012/9/6‬ص‪.20 .‬‬
‫اجلابري حممد عابد‪� ،‬أ�ضواء على م�شكل التعليم باملغرب‪ ،‬مرجع مذكور‪� ،‬ص‪.64 .‬‬ ‫‪16‬‬

‫املروين املكي‪ ،‬الإ�صالح التعليمي باملغرب (‪ ،)1994-1956‬مرجع مذكور‪� ،‬ص‪.208 .‬‬ ‫‪17‬‬

‫نف�س املرجع وال�صفحة‪.‬‬ ‫‪18‬‬

‫‪37‬‬
‫عمر التاور‬

‫نف�س املرجع‪� ،‬ص‪.209 .‬‬ ‫‪19‬‬

‫املروين املكي‪ ،‬الإ�صالح التعليمي باملغرب (‪ ،)1994-1956‬مرجع مذكور‪� ،‬ص‪.210 .‬‬ ‫‪20‬‬

‫نف�س املرجع وال�صفحة‪.‬‬ ‫‪21‬‬

‫اجلابري حممد عابد‪� ،‬أ�ضواء على م�شكل التعليم باملغرب‪ ،‬مرجع مذكور‪� ،‬ص‪.94-93 .‬‬ ‫‪22‬‬

‫املروين املكي‪ ،‬الإ�صالح التعليمي باملغرب (‪ ،)1994-1956‬مرجع مذكور‪� ،‬ص‪.211 .‬‬ ‫‪23‬‬

‫املروين املكي‪ ،‬الإ�صالح التعليمي باملغرب (‪ ،)1994-1956‬مرجع مذكور‪� ،‬ص‪.69 .‬‬ ‫‪24‬‬

‫‪ 25‬كثريي م�صطفى‪�« ،‬إ�شكالية التعليم والتنمية االقت�صادية»‪ ،‬جملة ق�ضايا تربوية‪ ،‬العدد ‪� ،2006 ،14-13‬ص‪.20 .‬‬
‫املروين املكي‪ ،‬الإ�صالح التعليمي باملغرب (‪ ،)1994-1956‬مرجع مذكور‪� ،‬ص‪.208 .‬‬ ‫‪26‬‬

‫‪ 27‬يقول الأ�ستاذ عز الدين اخلطابي بهذا ال�صدد‪« :‬ال يت�أتى احلديث عن البيداغوجيا بوا�سطة الأهداف دون‬
‫ا�ستح�ضار علم النف�س ال�سلوكي‪ ،‬مع كل من «واط�سن» (‪ )Watson‬و«�سكيرن» (‪ )Skinner‬اللذين اعتربا ال�سلوك‬
‫الإن�ساين خا�ضعا للمالحظة والقيا�س والتقومي‪ ،‬انطالقا من مبادئ �أ�سا�سية‪ ،‬هي‪ :‬الإ�رشاط واملثري واال�ستجابة‬
‫والتعزيز‪ .‬ومعلوم �أن هذه املفاهيم م�ستمدة من الأعمال ال�شهرية لـ «بافلوف» (‪ )Pavlov‬حول املنعك�س ال�رشطي‬
‫الذي �أ�صبح فيه رنني اجلر�س كافيا لإثارة ردود �أفعال حركية ولعابية لدى الكلب‪ ،‬كانت ت�صدر عادة عند ر�ؤية‬
‫الطعام»‪ ،‬اخلطابي عز الدين‪« ،‬الأطر املرجعية للمقاربات البيداغوجية»‪ ،‬جملة دفاتر الرتبية والتكوين‪ ،‬العدد ‪،2‬‬
‫ماي ‪� ،2010‬ص‪.9 .‬‬
‫‪ 28‬واهمي خديجة‪« ،‬املقاربة بالكفايات‪ :‬مدخل لبناء املناهج التعليمية»‪ ،‬جملة دفاتر الرتبية والتكوين‪ ،‬العدد ‪،2‬‬
‫ماي ‪� ،2010‬ص‪.22 .‬‬
‫‪ 29‬واهمي خديجة‪« ،‬املقاربة بالكفايات‪ :‬مدخل لبناء املناهج التعليمية»‪ ،‬جملة دفاتر الرتبية والتكوين‪ ،‬العدد ‪،2‬‬
‫ماي ‪� ،2010‬ص‪.22 .‬‬
‫املروين املكي‪ ،‬الإ�صالح التعليمي باملغرب (‪ ،)1994-1956‬مرجع مذكور‪� ،‬ص‪.218-217 .‬‬ ‫‪30‬‬

‫نف�س املرجع‪� ،‬ص‪.101 .‬‬ ‫‪31‬‬

‫نف�س املرجع‪� ،‬ص‪.105 .‬‬ ‫‪32‬‬

‫نف�س املرجع‪� ،‬ص‪.202 .‬‬ ‫‪33‬‬

‫نف�س املرجع‪� ،‬ص‪.217 .‬‬ ‫‪34‬‬

‫‪ 35‬مهداد الزبري‪�« ،‬أزمة تعليم �أو �أزمة جمتمع؟»‪ ،‬جملة علوم الرتبية‪ ،‬العدد الثالث والأربعون‪� ،‬أبريل ‪� ،2010‬ص‪.53 .‬‬
‫‪ 36‬يقول عبد احلليم خدام‪ ،‬نائب الرئي�س ووزير اخلارجية ال�سوري الأ�سبق‪ ،‬بهذا ال�صدد‪« :‬لقد كان هناك يف املغرب‬
‫تنظيم حلزب البعث‪ ،‬وكان تنظيما وا�سعا‪ ،‬كما �أن كل املجموعات التي كانت ت�أتي من املغرب للدرا�سة باجلامعات‬
‫ال�سورية‪ ،‬كانت عندما تتخرج منها تعود حاملة معها مبادئ حزب البعث»‪ ،‬حاوره �سليمان الري�سوين‪« ،‬كر�سي‬
‫االعرتاف»‪ ،‬جريدة امل�ساء‪ ،‬عدد ‪ ،1753‬ال�سبت‪/‬الأحد ‪ ،13/12‬ماي ‪� ،2012‬ص‪.24 .‬‬

‫‪38‬‬
‫الأنظمة الرتبوية والتغيري االجتماعي‪� :‬أية عالقة؟‬

‫‪� 37‬أنظر بهذا ال�صدد‪:‬‬


‫–بن مي�س عبد ال�سالم‪ ،‬مظاهر الفكر العقالين يف الثقافة الأمازيغية القدمية‪ :‬درا�سة يف تاريخ العلوم‬
‫ال�صورية وتطبيقاتها‪ ،‬مطبعة �إدكل‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة الثانية‪.2010 ،‬‬
‫‪ 38‬بودري�س بلعيد‪« ،‬تيفاوين �أمتازيغت (‪ )tifawin a tamazight‬جتربة يف ت�أ�صيل الرتبية وتفعيل الديداكتيك»‪،‬‬
‫جملة دفاتر الرتبية والتكوين‪ ،‬العدد ‪� ،3‬شتنرب ‪� ،2010‬ص‪.80 .‬‬
‫نف�س املرجع‪� ،‬ص‪.81 .‬‬ ‫‪39‬‬

‫د�ستور اململكة املغربية (‪.)http://www.mcrp.gov.ma/Constitution.aspx( )2011‬‬ ‫‪40‬‬

‫‪ 41‬من جملة هذه الدوائر املعيارية‪-‬القيمية ح�سب الأ�ستاذ حممد ال�صغري جنجار‪« :‬الدائرة الدينية‪ ،‬التي حتمل‬
‫املدر�سة مهمة موا�صلة التن�شئة الدينية التي تنطلق من حميط الأ�رسة‪ ،‬وذلك يف �ضوء مبادئ العقيدة الإ�سالمية‬
‫والإميان باهلل‪ .‬والدائرة الثقافية اللغوية؛ وتقت�ضي �أن ي�رضب النظام الرتبوي بجذوره يف الرتاث احل�ضاري‬
‫والثقايف للبالد‪ .‬وهو تراث تعددي ي�شمل اللغة العربية‪ ،‬والرتاث املحلي بتنوع روافده اجلهوية‪ ،‬كما ي�شمل‬
‫االنفتاح على اللغات الأكرث انت�شارا يف العامل والوفاء للأ�صالة املغربية‪ .‬ثم الدائرة ال�سيا�سية املتعلقة بتكوين‬
‫مواطنني مت�سمني بحب الوطن والتم�سك بامللكية الد�ستورية‪ ،‬وامل�شاركة الإيجابية يف ال�ش�أن العام‪ ،‬وواعني‬
‫�أمت الوعي بواجباتهم وحقوقهم‪ ،‬مت�شبعني بروح احلوار وقبول االختالف وتبني املمار�سة الدميقراطية‪ ،‬يف‬
‫ظل دولة احلق والقانون‪ .‬و�أخريا‪ ،‬دائرة العلم واملعرفة الكونية احلديثة‪ ،‬حيث الغاية هي امتالك نا�صية العلوم‬
‫والتكنولوجيا املتقدمة‪ ،‬والإ�سهام يف تطويرها‪ ،‬والتطلع الدائم للمعا�رصة‪ ،‬واالنفتاح على معطيات احل�ضارة‬
‫الإن�سانية الع�رصية‪ ،‬وما فيها من �آليات و�أنظمة تكر�س حقوق الإن�سان‪ ،‬وتدعم كرامته»‪ ،‬جنجار حممد ال�صغري‪،‬‬
‫«حدود االختيار التوافقي وانعكا�ساته على منظومة القيم يف املدر�سة املغربية»‪ ،‬جملة دفاتر الرتبية والتكوين‪،‬‬
‫العدد اخلام�س‪� ،‬شتنرب ‪� ،2011‬ص‪.17 .‬‬
‫‪� 42‬أفاية نور الدين‪« ،‬املثقف وال�سلطة‪ :‬جدل الإق�صاء واالعرتاف»‪ ،‬جملة الوحدة‪ ،‬عدد ‪ ،10‬يوليوز ‪� ،1985‬ص‪.78 .‬‬
‫‪43‬‬ ‫‪Foucault Michel, la Volonté de savoir, Gallimard, Paris, 1976.‬‬

‫‪ 44‬طه عبد الرحمن‪ ،‬حوارات من �أجل امل�ستقبل‪� ،‬سل�سلة كتاب اجليب‪ ،‬من�شورات الزمن‪ ،‬العدد ‪� ،13‬أبريل ‪،2000‬‬
‫�ص‪.35 .‬‬
‫‪45 « La première illustration de la faible inclusivité du system éducatif national est la difficulté‬‬
‫‪qu’a toujours eue le pays à généraliser l’accès de ses enfants à l’école de base, un objectif‬‬
‫‪pourtant affiché dés le lendemain de l’indépendance. L’inclusivité a aussi été faible dans‬‬
‫‪la mesure où beaucoup de marocains, surtout pauvres et ruraux, et en particulier les‬‬
‫‪jeunes filles, sont restés sur le bord du sentier éducatif », le Maroc possible, p. 112.‬‬

‫‪46‬‬ ‫‪le Maroc possible, p. 112.‬‬

‫‪ 47‬مزوز حممد‪« ،‬عالقتنا بالغرب»‪ ،‬جملة الفكر العربي املعا�رص‪ ،‬عدد ‪ ،87-86‬مار�س‪�/‬أبريل‪� ،1991 ،‬ص‪.88 .‬‬
‫‪ 48‬يقول الأ�ستاذ عبد ال�سالم بن مي�س بهذا ال�صدد‪« :‬ومبا �أن الفل�سفة هي املبحث الذي يحت�ضن التفكري النقدي‪،‬‬
‫فقد �أ�صبح الغربيون يهتمون بها ويعممونها على �أغلب التخ�ص�صات‪ ،‬يف الوقت الذي �أ�صبحت فيه باملغرب‬
‫حما�رصة من جميع اجلهات‪ ،‬خا�صة خالل ال�سبعينيات والثمانينيات من القرن الع�رشين‪ .‬وجب التنبيه هنا‬
‫�إىل �أن التفكري النقدي ال يرتبط بنوع الفل�سفة الذي ن�سميه «ميتافيزيقا» والذي �ساهم يف تنمية ت�صور �سلبي‬

‫‪39‬‬
‫عمر التاور‬

‫حول الفل�سفة يف خميلة عامة النا�س‪ ،‬بل يرتبط بالفل�سفة العملية التي تتخذ لها مو�ضوعا هو احلكمة العملية‬
‫�أو ما �سماه �أر�سطو بـ ‪phronesis :‬؛ ويرتبط على اخل�صو�ص باجلانب املنهجي للفل�سفة الذي يهتم ب�س�ؤال «كيف‬
‫نعرف؟» ولي�س ب�س�ؤال «ماذا نعرف؟»‪ .‬الفيل�سوف‪ ،‬بهذا املعنى‪ ،‬هو الذي يفكر يف الأدوات التي ي�شتغل بها كل‬
‫من يفكر (العامل‪ ،‬الفالح‪ ،‬ال�سيا�سي‪ ،‬الطبيب‪ ،‬الفقيه‪ ،‬املهند�س‪ ،‬رجل ال�شارع‪�.. ،‬إلخ)‪ .‬وبهذا املعنى �أي�ضا ت�صبح‬
‫الفل�سفة مادة منهجية بامتياز‪ .‬وبالتايل‪ ،‬ميكن تعميمها على كل التخ�ص�صات بدل ح�رصها فقط على الطلبة‬
‫الذين يرغبون يف التخ�ص�ص يف الفل�سفة‪ .‬فهي مادة قابلة للنقل من جمال علمي �إىل جمال علمي �آخر‪ ،‬متاما‬
‫كاللغة»‪ ،‬بن مي�س عبد ال�سالم‪« ،‬التفكري النقدي ودوره يف الرتبية والتكوين والبحث»‪ ،‬جملة ا�ست�رشافات‬
‫جامعية‪ ،‬العدد ‪� ،2009 ،2‬ص‪.67-66 .‬‬
‫‪ 49‬اللجنة اخلا�صة بالرتبية والتكوين‪ ،‬امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‪ ،‬الق�سم الأول‪ ،‬املبادئ الأ�سا�سية‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫‪.1999‬‬
‫‪ 50‬كثريي م�صطفى‪�« ،‬إ�شكالية التعليم والتنمية االقت�صادية»‪ ،‬جملة ق�ضايا تربوية‪ ،‬العدد ‪� ،2006 ،14-13‬ص‪.25 .‬‬
‫نف�س املرجع‪� ،‬ص‪.26 .‬‬ ‫‪51‬‬

‫‪ 52‬الفاربي عبد اللطيف‪ ،‬رامي عبد الرحمان‪ ،‬الزاكي عبد القادر‪ ،‬الرتبية على املواطنة وال�سلوك املدين‪ ،‬الوحدة‬
‫املركزية لتكوين الأطر‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البي�ضاء‪� ،2012 ،‬ص‪.11 .‬‬
‫‪� 53‬سبيال حممد‪ ،‬حوار مع جريدة الأحداث املغربية‪ ،‬الأحد ‪� ،2008-09-28‬أورده‪ :‬احلجوجي منري‪« ،‬نظرية التعامل‬
‫مع التلميذ‪ ،‬من الإر�سال الأحادي للمعرفة �إىل العالقة الرتبوية»‪ ،‬جملة علوم الرتبية‪ ،‬العدد الثالث والأربعون‪،‬‬
‫�أبريل ‪� ،2010‬ص‪.112 .‬‬
‫‪ 54‬باعكرمي عبد املجيد‪« ،‬تكوين مدر�س الفل�سفة ورهان احلداثة»‪ ،‬جملة وليلي‪ ،‬من�شورات املدر�سة العليا للأ�ساتذة‪،‬‬
‫مكنا�س‪� ،2006 ،‬ص‪.60 .‬‬
‫نف�س املرجع وال�صفحة‪.‬‬ ‫‪55‬‬

‫‪ 56‬ثمة من بني علماء االجتماع من يرف�ض كل ربط �آيل بني املدر�سة واملجتمع؛ يقول الأ�ستاذ حممد ال�صغري جنجار‬
‫بهذا ال�صدد‪�« :‬إن �أهم الدرو�س التي قدمتها الدرو�س ال�سو�سيولوجية املقارنة هو التفنيد الدقيق واملمنهج لهذه‬
‫البديهية التي ترى يف املدر�سة مر�آة عاك�سة للمجتمع‪ .‬فعلى الرغم من قوة هذا الت�صور‪ ،‬يتبني من املقارنة العلمية‬
‫امليدانية للمنظومات الرتبوية املختلفة �أن هناك‪ ،‬دائما‪ ،‬نوع من امل�سافة الفا�صلة بني املجتمع واملدر�سة‪ ،‬و�أن‬
‫دينامية التغيري والإبداع ال تت�أتى للمجتمعات �إال بقدر ما ترعى اال�ستقاللية الن�سبية ملنظوماتها الرتبوية»‪،‬‬
‫جنجار حممد ال�صغري‪« ،‬حدود االختيار التوافقي وانعكا�ساته على منظومة القيم يف املدر�سة املغربية»‪ ،‬جملة‬
‫دفاتر الرتبية والتكوين‪ ،‬مرجع مذكور‪� ،‬ص‪.18 .‬‬
‫‪ :‬ح�صيلة مرحلة‬ ‫‪2004/1999‬‬ ‫‪ 57‬اللجنة اخلا�صة بالرتبية والتكوين‪� ،‬إ�صالح منظومة الرتبية والتكوين‬
‫وم�ستلزمات دينامية جديدة‪ ،‬يونيو ‪.2005‬‬

‫‪40‬‬
‫الأنظمة الرتبوية والتغيري االجتماعي‪� :‬أية عالقة؟‬

‫املراجع‬
‫�أ�سكان احل�سني‪ ،‬تاريخ التعليم باملغرب خالل الع�رص الو�سيط‪� ،‬سل�سلة الدرا�سات‬
‫والأطروحات (‪ ،)2‬من�شورات املعهد امللكي للثقافة الأمازيغية‪ ،‬مطبعة املعارف اجلديدة‪،‬‬
‫الرباط‪.2004 ،‬‬
‫بن مي�س عبد ال�سالم‪ ،‬مظاهر الفكر العقالين يف الثقافة الأمازيغية القدمية‪ :‬درا�سة يف تاريخ‬
‫العلوم ال�صورية وتطبيقاتها‪ ،‬مطبعة �إدكل‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة الثانية‪.2010 ،‬‬
‫بنحمادة �سعيد‪ ،‬النظام التعليمي باملغرب والأندل�س خالل الع�رص الو�سيط‪ ،‬من�شورات الزمن‬
‫(ق�ضايا تاريخية)‪ ،‬عدد ‪ ،12‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البي�ضاء‪.2011 ،‬‬
‫اجلابري حممد عابد‪� ،‬أ�ضواء على م�شكل التعليم باملغرب‪ ،‬دار الن�رش املغربية‪ ،‬الدار البي�ضاء‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪.1985 ،‬‬
‫حمي�ش بن�سامل‪ ،‬الفرنكفونية وم�أ�ساة �أدبنا الفرن�سي‪� ،‬سل�سلة املعرفة للجميع‪ ،‬العدد ‪ ،23‬مطبعة‬
‫النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البي�ضاء‪ ،‬فرباير ‪.2002‬‬
‫املروين املكي‪ ،‬الإ�صالح التعليمي باملغرب (‪� ،)1994-1956‬سل�سلة بحوث ودرا�سات (‪،)17‬‬
‫من�شورات كلية الآداب والعلوم الإن�سانية بالرباط‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البي�ضاء‪،‬‬
‫‪.1996‬‬
‫الفاربي عبد اللطيف‪ ،‬رامي عبد الرحمان‪ ،‬الزاكي عبد القادر‪ ،‬الرتبية على املواطنة وال�سلوك‬
‫املدين‪ ،‬الوحدة املركزية لتكوين الأطر‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البي�ضاء‪.2012 ،‬‬
‫طه عبد الرحمن‪ ،‬حوارات من �أجل امل�ستقبل‪� ،‬سل�سلة كتاب اجليب‪ ،‬من�شورات الزمن‪ ،‬العدد ‪،13‬‬
‫�أبريل ‪.2000‬‬
‫�أفاية نور الدين‪« ،‬املثقف وال�سلطة‪ :‬جدل الإق�صاء واالعرتاف»‪ ،‬جملة الوحدة‪ ،‬ال�سنة الأوىل‪،‬‬
‫عدد ‪ ،10‬يوليوز ‪.1985‬‬
‫بن مي�س عبد ال�سالم‪« ،‬التفكري النقدي ودوره يف الرتبية والتكوين والبحث»‪ ،‬جملة ا�ست�رشافات‬
‫جامعية‪ ،‬العدد ‪.2009 ،2‬‬
‫باعكرمي عبد املجيد‪« ،‬تكوين مدر�س الفل�سفة ورهان احلداثة»‪ ،‬جملة وليلي‪ ،‬من�شورات املدر�سة‬
‫العليا للأ�ساتذة‪ ،‬مكنا�س‪.2006 ،‬‬
‫‪41‬‬
‫عمر التاور‬

‫بودري�س بلعيد‪« ،‬تيفاوين �أمتازيغت (‪ )tifawin a tamazight‬جتربة يف ت�أ�صيل الرتبية وتفعيل‬


‫الديداكتيك»‪ ،‬جملة دفاتر الرتبية والتكوين‪ ،‬العدد ‪ ،3‬من�شورات املجل�س الأعلى للتعليم‪،‬‬
‫مكتبة املدار�س‪ ،‬الدار البي�ضاء‪� ،‬شتنرب ‪.2010‬‬
‫جنجار حممد ال�صغري‪« ،‬حدود االختيار التوافقي وانعكا�ساته على منظومة القيم يف املدر�سة‬
‫املغربية»‪ ،‬جملة دفاتر الرتبية والتكوين‪ ،‬العدد اخلام�س‪� ،‬شتنرب ‪.2011‬‬
‫احلجوجي منري‪« ،‬نظرية التعامل مع التلميذ‪ ،‬من الإر�سال الأحادي للمعرفة �إىل العالقة الرتبوية»‪،‬‬
‫جملة علوم الرتبية‪ ،‬العدد الثالث والأربعون‪� ،‬أبريل ‪.2010‬‬
‫كثريي م�صطفى‪�« ،‬إ�شكالية التعليم والتنمية االقت�صادية»‪ ،‬جملة ق�ضايا تربوية‪ ،‬العدد ‪،14-13‬‬
‫‪.2006‬‬
‫عز الدين اخلطابي‪« ،‬الأطر املرجعية للمقاربات البيداغوجية»‪ ،‬جملة دفاتر الرتبية والتكوين‪،‬‬
‫العدد ‪ ،2‬من�شورات املجل�س الأعلى للتعليم‪ ،‬مكتبة املدار�س‪ ،‬الدار البي�ضاء‪ ،‬ماي ‪.2010‬‬
‫مهداد الزبري‪�« ،‬أزمة تعليم �أو �أزمة جمتمع؟»‪ ،‬جملة علوم الرتبية‪ ،‬العدد الثالث والأربعون‪� ،‬أبريل‬
‫‪.2010‬‬
‫مزوز حممد‪« ،‬عالقتنا بالغرب»‪ ،‬جملة الفكر العربي املعا�رص‪ ،‬عدد ‪ ،87-86‬مار�س‪�/‬أبريل‪.1991 ،‬‬
‫املجدوبي حممد‪�« ،‬إ�شكالية التعليم باملغرب‪ :‬واقعها و�آفاقها»‪ ،‬جملة ق�ضايا تربوية‪،‬‬
‫العدد ‪.2006 ،14-13‬‬
‫واهمي خديجة‪« ،‬املقاربة بالكفايات‪ :‬مدخل لبناء املناهج التعليمية»‪ ،‬جملة دفاتر الرتبية والتكوين‪،‬‬
‫العدد ‪ ،2‬من�شورات املجل�س الأعلى للتعليم‪ ،‬مكتبة املدار�س‪ ،‬الدار البي�ضاء‪ ،‬ماي ‪.2010‬‬
‫كثريي م�صطفى‪�« ،‬إ�شكالية التعليم والتنمية االقت�صادية»‪ ،‬جملة ق�ضايا تربوية‪ ،‬العدد ‪،14-13‬‬
‫‪.2006‬‬
‫�سبيال حممد‪�« ،‬أزمة املدر�سة واجلامعة املغربية»‪ ،‬جريدة امل�ساء‪ ،‬عدد ‪ ،1852‬اخلمي�س ‪.2012/9/6‬‬
‫د�ستور اململكة املغربية (‪.)http://www.mcrp.gov.ma/Constitution.aspx( )2011‬‬
‫اللجنة اخلا�صة بالرتبية والتكوين‪� ،‬إ�صالح منظومة الرتبية والتكوين ‪ :2004/1999‬ح�صيلة‬
‫مرحلة وم�ستلزمات دينامية جديدة‪ ،‬يونيو ‪.2005‬‬
‫‪42‬‬
‫ �أية عالقة؟‬:‫الأنظمة الرتبوية والتغيري االجتماعي‬

‫ املبادئ‬،‫ الق�سم الأول‬،‫ امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‬،‫اللجنة اخلا�صة بالرتبية والتكوين‬
.1999 ،‫ الرباط‬،‫الأ�سا�سية‬
Bourdieu Pierre, la Reproduction, éditions de Minuit, Paris, 1970.
Baudelot Christian et Establet Roger, L’école capitaliste en France,
Maspero, Paris, 1971.
Foucault Michel, la Volonté de savoir, éd. Gallimard, Paris, 1976.

43
‫عملية اتخاذ القرار الرتبوي‬
‫و�أثر الالمركزية على جودته‬
‫حمماد البداوي‬

‫ملخ�ص‬

‫حاولت هذه الدرا�سة �أن تالم�س �إ�شكاال يعد القلب الناب�ض لن�شاط الإدارة التعليمية‪ ،‬يتجلى يف‬
‫عملية اتخاذ القرارات الرتبوية باعتبارها نقطة الإنطالق جلميع الأن�شطة والت�رصفات التي تتم‬
‫داخل امل�ؤ�س�سات التعليمية يف �سبيل حتقيق �أهدافها املن�شودة‪ .‬وعليه‪ ،‬اقت�رصت هذه الدرا�سة‬
‫على حتديد مفهوم عملية اتخاذ القرارات الرتبوية‪� ،‬أهميتها والعوامل امل�ؤثرة فيها‪ ،‬ثم اخلطوات‬
‫والأ�ساليب العلمية واملنهجية التخاذها‪ .‬لتبحث �أي�ضا يف �أثر الالمركزية على فاعلية القرار الرتبوي‬
‫يف جميع وظائف الإدارة و�أن�شطتها‪ ،‬انطالقا من دعمها ملبد�أ امل�شاركة الفاعلة لكل املتدخلني للحد‬
‫من مقاومة قرارات الإ�صالح يف املنظومة التعليمية‪ ،‬مما من �ش�أنه الو�صول �إىل جودة القرار‬
‫الرتبوي يف خمتلف �أبعاده و�ضمان درجة كبرية من الر�ضا العام املف�ضي �إىل اجلودة ال�شاملة يف‬
‫هذا القطاع احليوي‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية ‪ :‬القرار الرتبوي‪ ،‬الالمركزية‪ ،‬الإدارة‪ ،‬التعليم‪ ،‬امل�شاركة‪ ،‬اجلودة‪.‬‬

‫مقدمة‬

‫�إن الإدارة يف الع�رص احلايل تواجه حتديات ج�سيمة نتيجة للثورة العلمية والتكنولوجية يف خمتلف‬
‫امليادين‪ ،‬والذي جنم عنه تعقيد املهام الإدارية وت�شعب جماالتها‪ ،‬و�أ�صبحت القرارات الإدارية‬
‫مبثابة الأداة الهادفة واملعربة ب�صورة وا�ضحة عن مدى حتقيق النجاح �أو الف�شل الذي متار�سه‬
‫قيادة امل�ؤ�س�سات يف توجيه خمتلف اجلهود الإن�سانية واملادية واملعلوماتية واملالية وا�ستثمارها‬
‫بكفاءة لتحقيق الأهداف‪ .‬ت�أ�سي�سا على ذلك‪� ،‬أدرك املخت�صون يف علم الإدارة الأهمية البالغة لعملية‬
‫حمماد البداوي‬

‫�صناعة واتخاذ القرارات وانعكا�ساتها بطريقة �أو ب�أخرى على تلك امل�ؤ�س�سات‪ ،‬لأنها ت�شكل‬
‫ال�رشيان الناب�ض يف عروق الهيكل التنظيمي وفروعه املختلفة لأي منظمة‪.‬‬

‫ويف جمال الرتبية والتكوين‪� ،‬أر�سى املغرب العديد من املقاربات لتفعيل الالمركزية يف تدبري ال�ش�ؤون‬
‫التعليمية واتخاذ القرارات الرتبوية‪ ،‬ا�ستنادا �إىل مقت�ضيات الد�ستور املغربي ل�سنة ‪ ،2011‬وكذلك‬
‫بناء على توجهات القوانني املنظمة للقطاع والتدابري املتخذة لأجر�أة املنظور الوطني للإ�صالح‬
‫التي تروم كلها �إر�ساء منوذج جديد لإدارة تربوية المركزية‪ ،‬تتبنى مقاربة ت�شاركية ي�ساهم فيها‬
‫كل الفاعلني واملعنيني بتحقيق اجلودة ال�شاملة يف املنظومة الرتبوية‪ .‬فاملت�أمل والفاح�ص للبنية‬
‫التنظيمية ملنظومتنا التعليمية و�أ�ساليب عملها‪� ،‬سيجزم �أنها ما زالت ت�سري وفق �أمناط �إدارية‬
‫رتيبة م�ضى عليها الزمن وظلت حبي�سة املركزية يف عملية �صنع واتخاذ القرارات؛ �إذ �أ�صبحت‬
‫ت�شكل عائقا ي�شل كل عمليات الإ�صالح الإداري رغم ما �سن من قوانني و�إجراءات تدبريية لتفعيل‬
‫الالمركزية واملقاربة الت�شاركية يف �شتى جوانب الإ�صالح والتغيري‪.‬‬

‫من هذا املنطلق‪ ،‬تنبع �أهمية هذه الدرا�سة يف حماولة مل�سايرة الفكر الإداري املعا�رص الذي يفر�ض‬
‫�رضورة العمل على تطوير عملية اتخاذ القرارات يف الإدارة التعليمية مبا يتالءم مع املناخ املحيط‬
‫لكي تتوافق وتتناغم مع معطياته وتتجنب م�شكالته الآنية وامل�ستقبلية‪.‬‬

‫وترتبط الإ�شكالية املحورية يف الدرا�سة‪ ،‬بالبحث يف منهجية اتخاذ القرارات يف قطاع الرتبية‬
‫والتكوين وفقا لتوجهات علم الإدارة احلديث و�آراء علمائه ومفكريه‪ ،‬و�إبراز مدى �أثر الالمركزية‬
‫يف جودة عملية اتخاذ القرارات الرتبوية وفاعلية تنفيذها وبلوغ مراميها‪ .‬ليكون الت�سا�ؤل كالتايل‪:‬‬
‫ما �أثر الالمركزية يف حتقيق جودة عملية اتخاذ القرار الرتبوي يف منظومة الرتبية والتكوين؟‬

‫للإجابة على هذه الإ�شكالية‪ ،‬اعتمدنا الت�صميم التايل ‪:‬‬

‫– املطلب الأول ‪ :‬منهجية اتخاذ القرار الرتبوي يف الإدارة التعليمية‬


‫– املطلب الثاين‪� :‬أثر الالمركزية على جودة وفاعلية القرار الرتبوي‬
‫‪46‬‬
‫عمليـة اتخــاذ القـرار الرتبـوي و�أثـر الالمركزيـة على جودتـه‬

‫املطلب الأول‪ :‬منهجية اتخاذ القرار الرتبوي يف الإدارة التعليمية‬

‫تعد عملية اتخاذ القرار من املهام اجلوهرية يف العمل الإداري‪ ،‬ومقدار النجاح الذي حتققه الإدارة‬
‫التعليمية يتوقف �إىل حد بعيد على قدرة وكفاءة قيادتها على اتخاذ القرارات الرتبوية املنا�سبة‪.‬‬
‫وقد �أكد املفكرون الرتبويون ب�أن التنظيم الإداري املعمول به يف الإدارة التعليمية ي�ؤثر يف كيفية‬
‫�صنع واتخاذ القرارات يف خمتلف امل�ستويات الإدارية‪.‬‬

‫بناءا عليه‪� ،‬سنعمل على حتديد مفهوم عملية اتخاذ القرار الرتبوي والعوامل امل�ؤثرة فيها (الفقرة‬
‫الأوىل)‪ ،‬ثم تبيان خمتلف اخلطوات املنهجية التي تتطلبها هذه العملية يف الإدارة التعليمية‬
‫والأ�ساليب العلمية احلديثة املبتكرة بناء على العديد من املمار�سات يف �صناعة واتخاذ القرار‬
‫الرتبوي (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة الأوىل ‪ :‬مفهوم اتخاذ القرار الرتبوي والعوامل امل�ؤثرة فيه‬

‫لقد تطورت عملية اتخاذ القرارات يف الع�رص احلديث مع تطور العلوم والتقنيات املرتبطة بها‪،‬‬
‫و�أ�صبحت حتظى باهتمام علماء الإدارة نظرا لأهميتها وخطورتها يف �أن�شطة �أي م�ؤ�س�سة‪،‬‬
‫حيث تعترب �أهم العمليات يف املجال الإداري‪ ،‬فعن طريقها تدار امل�ؤ�س�سة وتتحقق �أهدافها‪ ،‬لأن‬
‫القرار يعترب حلقة الو�صل يف العملية الإدارية املتمثلة يف التخطيط والتنظيم والتنفيذ واملتابعة‬
‫والتقومي‪ ،‬وحتتاج يف جميع جماالت تنفيذ �أن�شطتها �إىل اتخاذ قرار‪.‬‬

‫من هذا املنطلق‪� ،‬سوف نعمل على تناول بع�ض التعريفات لعملية اتخاذ القرار الرتبوي يف الفكر‬
‫الإداري ومدى �أهميتها يف الإدارة التعليمية (�أوال)‪ ،‬ثم �سنبني العوامل امل�ؤثرة يف �صنع واتخاذ‬
‫القرار الرتبوي يف الإدارة التعليمية (ثانيا)‪.‬‬

‫�أوال ‪ :‬مفهوم عملية اتخاذ القرار الرتبوي و�أهميتها يف الإدارة التعليمية‬

‫تعني كلمة القرار ‪ :‬الإختيار القائم على �أ�س�س مو�ضوعية لبديل واحد من بني بديلني خمتلفني‬
‫�أو �أكرث‪ ،‬ويكون القرار هو البث �أو التحديد ملا يجب �أو ال يجب �أن يتم‪ ،‬وذلك لإنهاء و�ضع معني‬
‫وب�صورة نهائية للح�صول على نتيجة ملمو�سة حلل امل�شكلة مو�ضوع القرار‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫حمماد البداوي‬

‫�أما عملية اتخاذ القرار فهي عملية غنية عن التعريف مبدى �أهميتها‪ ،‬وقد �أكد هذه الأهمية العديد‬
‫من املفكرين والكتاب يف علم الإدارة‪ ،‬ولعل �أبرزهم هو «هريبرت �ساميون ‪ »Herbert Simon‬الذي‬
‫و�ضع نظرية يف الإدارة �أ�سماها «نظرية اتخاذ القرارات»‪ ،‬حيث �شبه اتخاذ القرار بقلب الإدارة‬
‫الناب�ض الذي يحقق للمنظمة اال�ستمرارية يف الن�شاط والعمل‪ ،‬وال تتحرك الأعمال والأن�شطة وال‬
‫تنفذ �إال من خالل �سل�سلة من القرارات املتخذة يف جماالت �شتى ب�شكل مرتابط ومتكامل يف �سبيل‬
‫حتقيق الأهداف بكفاءة عالية (‪.)Simon, 1997, p. 12‬‬

‫يف �ضوء ما �سبق‪ ،‬فعملية اتخاذ القرار تعرف على �أنها‪ :‬عملية ديناميكية م�ستمرة تتطلب جمموعة‬
‫من العنا�رص الالزمة لوجود القرار‪ ،‬وهو االختيار املدرك بني البدائل املتاحة يف موقف معني‪،‬‬
‫�أو هي عملية املفا�ضلة بني حلول بديلة ملواجهة م�شكلة معينة واختيار احلل الأمثل من بينها‬
‫(العزاوي‪� ،2006 ،‬ص‪ .)56 .‬ويرى الباحث �سيد الهواري (‪� ،1998‬ص‪ )117 .‬ب�أنها ‪« :‬عملية‬
‫اختيار بديل من بني عدة بدائل بعد درا�سة مو�سعة وحتليل جوانب امل�شكلة مو�ضوع القرار‪� ،‬أو‬
‫هي عملية مفا�ضلة بني حلول بديلة ملواجهة م�شكلة معينة واختيار احلل الأمثل من بينها»‪� .‬إذن‬
‫فعملية اتخاذ القرارات عملية �إدارية مركبة من حيث �أنها ت�أخذ يف االعتبار بيئة اتخاذ القرار‪،‬‬
‫وكذلك التنب�ؤ باملعيقات التي قد حتد من فعاليته؛ لذا يجب على متخذي القرار الأخذ يف االعتبار‬
‫امل�شكالت التي قد تقابلهم وحتليلها والعمل على جتنبها‪.‬‬

‫وهذا ما �أكده علماء الإدارة احلديثة‪ ،‬حيث يعتقد ماك كومي ‪� McKommy‬أن «الفهم الدقيق للإدارة‬
‫يتطلب حتليال لعملية �صنع القرارات‪ ،‬وي�ؤكد جريفيت ‪� Griffits‬أن موقع عملية �صنع القرارات‬
‫يكون يف املركز بالن�سبة للإدارة‪ ،‬لذلك فهو يعتقد �أن الوظيفة الإدارية اخلا�صة بتطوير عملية �صنع‬
‫القرارات وتنظيمها يعترب �أهم الوظائف الإدارية» (فتحي‪� ،1996 ،‬ص‪.)175 .‬‬

‫والواقع �أنه �إذا انتقلنا �إىل منظومة الرتبية والتكوين لوجدنا �أن عملية اتخاذ القرارات وممار�ستها‬
‫هي عملية ذات �أهمية و�أ�شد خطورة و�أبعد ت�أثريا على �أ�شخا�ص و�إدارات عدة‪ ،‬وقد يكون للقرار‬
‫تبعاته على الأمور الإدارية والتنظيمية والتعليمية‪ .‬وهذا نابع من كونها عملية دائمة وم�ستمرة‬
‫وتتناول خمتلف النواحي الإدارية والتنظيمية واجلوانب الإن�سانية‪ ،‬وت�شمل كذلك خمتلف‬
‫م�ستويات الإدارة (العليا‪-‬الو�سطى‪-‬التنفيذية) باعتبار �أن �أي عمل �إداري مهما كرب حجمه �أو‬
‫�صغر يحتاج �إىل اتخاذ قرار ويتوقف جناحه على ح�سن عملية اتخاذه‪.‬‬
‫‪48‬‬
‫عمليـة اتخــاذ القـرار الرتبـوي و�أثـر الالمركزيـة على جودتـه‬

‫مما تقدم‪ ،‬يتبني �أن عملية اتخاذ القرارات الرتبوية تعد مبثابة الرابط الأ�سا�سي بني عمليات‬
‫و�إجراءات و�ضع ال�سيا�سة التعليمية من جهة والإدارة التعليمية من جهة �أخرى‪ ،‬حيث �أن العالقة‬
‫بني هذه الأطراف عالقة دائرية تبد�أ بو�ضع ال�سيا�سة التعليمية وتنتهي �إىل التخطيط والتنفيذ‬
‫واملتابعة والتقومي (عبوي‪� ،2010 ،‬ص‪ ،)19 .‬ولكل عن�رص من هذه العنا�رص �أهمية بالغة يف هذه‬
‫الدائرة �إذا ما �أريد الو�صول بالإدارة الرتبوية �إىل الفعالية املطلوبة‪ .‬فهي �إذن عملية تتطلب ت�أهيال‬
‫ومهارات وكفايات وا�سرتاتيجيات‪...‬؛ بدونها يفقد القرار عقالنياته وحكمته ويدخل الفعل يف‬
‫دائرة االرجتال وردات الفعل (�سنهجي‪� ،2013 ،‬ص‪.)468 .‬‬

‫ويت�ضمن القرار الرتبوي عنا�رص عدة �أهمها ‪ :‬الدافع من وراء اتخاذ القرار‪ ،‬الهدف من اتخاذ‬
‫القرار‪ ،‬التنب�ؤ مب�ستقبل القرار يف حال اتخاذه‪ ،‬املعيقات املطروحة يف اتخاذه ومدى قدرة الإدارة على‬
‫تنفيذه (عبا�س‪� ،2010 ،‬ص‪ .)106-101 .‬ويتميز القرار الرتبوي ال�صائب بخ�صائ�ص معينة منها ‪:‬‬
‫توفر املعلومات امل�ؤكدة‪ ،‬و�ضوح حجم العائد امل�ستهدف‪� ،‬أن يكون واقعيا ولي�س متحيزا لوجهة نظر‬
‫�شخ�صية‪ ،‬حيث ي�أخذ يف االعتبار ظروف البيئة الداخلية واخلارجية املتعلقة بامل�ؤ�س�سة مع �إ�رشاك‬
‫املر�ؤو�سني واال�ستفادة من �آرائهم و�أفكارهم (�أمرية علي حممد‪� ،2008 ،‬ص‪.)154 .‬‬

‫ومن هنا ميكن القول‪� ،‬أن عملية اتخاذ القرار هي عملية وا�سعة ي�شرتك فيها �أكرب عدد من الإدارات‬
‫وامل�صالح ذات العالقة بامل�شكلة يف خمتلف مراحل اتخاذه‪ ،‬مع الأخذ بعني االعتبار كل العوامل‬
‫التي من �ش�أنها �أن ت�ؤثر يف العملية ب�شكل عام قبل وبعد اتخاذ القرار الرتبوي‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬العوامل امل�ؤثرة يف �صناعة واتخاذ القرار الرتبوي‬

‫حتى ي�صبح القرار فاعال البد له من توفر بيئة منا�سبة و�سلوكيات مالئمة من قبل القادة الإداريني‬
‫وكافة الفاعلني على حد �سواء‪ ،‬كما يجب �أن تتوفر له املعلومات بدقة يف الوقت املنا�سب وبال�رسعة‬
‫املنا�سبة‪ .‬وهناك العديد من العوامل التي ت�ؤثر يف عملية اتخاذ القرار نوردها كالتايل ‪:‬‬

‫‪ .1‬منط القيادة الإدارية ‪ :‬عند اتخاذ القرار الرتبوي غالبا ما تقع القيادة حتت ت�أثري بع�ض‬
‫العوامل كالقيود الداخلية التي ت�شمل التنظيم الهرمي الذي تقرره ال�سلطة احلكومية‪ ،‬وما ينجم‬
‫عنه من بريوقراطية وجمود‪ ،‬و�رضورة التقيد بالإجراءات الداخلية �أو قيود خارجية‪ ،‬وبالتايل‬
‫ينجم عنها خ�ضوع الإدارة ل�سلطة �أعلى حتدد الغايات الكربى الواجب حتقيقها‪ ،‬مما ينعك�س‬
‫‪49‬‬
‫حمماد البداوي‬

‫�سلبا على منط القيادة �سواء على م�ستوى �شخ�صية القائد‪� ،‬أفكاره وتطلعاته‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل‬
‫عوامل �شخ�صية ترتبط بدرجة ذكاء القائد وخرباته وقدراته العلمية والعقلية واجل�سدية وموقعه‬
‫داخل التنظيم‪ .‬وهذا قد ي�ؤثر �سلبا على جناح الإدارة التعليمية يف تدبري �ش�ؤونها وفعالية وجودة‬
‫قراراتها (عبوي‪� ،2010 ،‬ص‪.)26 .‬‬

‫وبناءا عليه‪ ،‬فالقائد تقع عليه م�س�ؤولية اختيار الطاقم الإداري واملر�ؤو�سني امل�ساندين له يف‬
‫خمتلف �إجراءات العمليات الإدارية وخا�صة منها عملية �صناعة القرار الرتبوي‪ ،‬كما �أن �رضورة‬
‫امل�شاركة اجلماعية يف اتخاذ القرار ي�ستدعي من الأع�ضاء امل�شاركني �أن يكونوا على درجة عالية‬
‫من الوعي والفهم خا�صة يف جمال الرتبية الذي يعترب قطاع خ�صب وح�سا�س الرتباطه بعن�رص هام‬
‫و�رضوري للتنمية �أال وهو العن�رص الب�رشي‪ ،‬حيث تفر�ض هذه املعطيات �أن يكون امل�شاركون يف‬
‫هذه العملية على وعي ب�أهمية �صناعة القرار وجدية البيانات واملعلومات خا�صة الإح�صائية منها‬
‫يف �صناعة قرار فعال‪.‬‬

‫‪ .2‬نظام االت�صال ومدى فعاليته‪ :‬يقوم االت�صال بدور فعال يف توجيه وتنظيم وتن�سيق جهود‬
‫العاملني داخل امل�ؤ�س�سة‪ ،‬فهو و�سيلة الإدارة يف نقل وتبادل املعلومات والأفكار املت�صلة ب�أهدافها‬
‫املن�شودة و�أدائها يف حتقيق الكفاءة والفاعلية‪� ،‬أي�ضا باعتباره �أداة فعالة للت�أثري يف ال�سلوك‬
‫الوظيفي للمر�ؤو�سني وتوجيه جهودهم (�أمرية علي حممد‪� ،2008 ،‬ص‪ ،)92 .‬بحيث ال ميكن‬
‫حتقيق �أهدافها �إال باالت�صال الفعال بني مدير امل�ؤ�س�سة والعاملني فيها‪ ،‬لأن الإت�صال لب العملية‬
‫التعليمية وقلبها الناب�ض‪ .‬كما �أن فاعلية الإت�صاالت تتحدد مبدى قدرة القائد على تنمية التوا�صل‬
‫بينه وبني موظفيه حتى ت�صبح الأهداف مفهومة لدى كل واحد منهم؛ ف�إذا عمل القائد على الأخذ‬
‫باقرتاحات مر�ؤو�سيه وا�ستمع لوجهات نظرهم (عبوي‪� ،2010 ،‬ص‪ ،)85 .‬ف�إنه ي�ضمن فاعلية‬
‫القرارات التي يتم اتخاذها‪.‬‬

‫‪� .3‬أنظمة حفظ البيانات واملعلومات ‪ :‬البيانات واملعلومات �رشط �أ�سا�سي من ال�رشوط‬
‫التي ينبغي توافرها عند �صناعة القرار الرتبوي‪ ،‬فهناك حاجة ما�سة �إىل قاعدة بيانات وا�سعة من‬
‫املعلومات املتخ�ص�صة والدقيقة لتحديد الهدف �أو امل�شكلة وحتليلها ويف االختيار بني البدائل ويف‬
‫التنفيذ واملتابعة والتقومي‪ .‬فكلما كانت البيانات واملعلومات متوفرة وجاهزة م�سبقا لكل املواقف‬
‫املمكنة بالدرجة والدقة املطلوبة‪ ،‬كلما �شكل ذلك �سهولة يف اتخاذ القرارات يف وقت �أق�رص وبتكلفة‬
‫�أقل‪.‬‬
‫‪50‬‬
‫عمليـة اتخــاذ القـرار الرتبـوي و�أثـر الالمركزيـة على جودتـه‬

‫ولقد �أو�صت الر�ؤية الإ�سرتاتيجية لإ�صالح منظومة الرتبية والتكوين (‪ )2030-2015‬ب�إر�ساء‬


‫منظومة وطنية مندجمة ملعلومات الرتبية والتكوين والبحث العلمي‪ ،‬تكون �إطارا مرجعيا لقاعدة‬
‫املعطيات والإح�صائيات املوثوقة واملحينة املتعلقة بهذه امليادين‪ ،‬توفر جميع املعلومات املتعلقة‬
‫مبختلف مكونات املدر�سة‪ ،‬وتتيح �إمكانية معاجلتها على النحو الذي ي�ساعد القيادة على اتخاذ‬
‫القرار اجليد‪ .‬وهذا يتطلب حتميا توفر كل م�ؤ�س�سة للرتبية والتكوين ومديرية �إقليمية و�أكادميية‬
‫جهوية وجامعة على بنك للمعطيات واملعلومات املمكن حتليلها ومعاجلتها واال�ستفادة منها �أثناء‬
‫عملية اتخاذ القرار (الرافعة ‪.)125-22‬‬

‫‪ .4‬التحكم يف �إدارة الوقت ‪ :‬لقد �أظهرت العديد من الدرا�سات �أهمية التحكم يف �إدارة الوقت‪،‬‬
‫ويبقى التطور التكنولوجي احلايل م�ؤ�رشا �أ�سا�سيا يف اختزال الوقت‪ ،‬حيث �أن االخرتاعات‬
‫التكنولوجية املختلفة يف ميادين الإدارة ك�أدوات القيا�س والتخزين للمعلومات ت�ساعد كثريا يف‬
‫اتخاذ قرارات منا�سبة ويف الوقت املحدد نتيجة ال�رسعة يف توفري املعلومات وبالتايل اختزال الوقت‬
‫واجلهد واملال (امل�رصي‪� ،2004 ،‬ص‪.)157 .‬‬

‫‪ .5‬ظروف و�أو�ضاع البيئة الداخلية واخلارجية‪ :‬تت�أثر عملية اتخاذ القرار بطبيعة الظرف‬
‫الزماين واملكاين الذي جترى فيه العملية وحجم املدة الزمنية املتاحة التخاذ القرار‪ ،‬وال�ضغوط‬
‫الداخلية واخلارجية التي يتعر�ض لها متخذو القرار وتوقعات امل�ستفيدين الداخليني واخلارجيني‬
‫للم�ؤ�س�سة من القرار املنتظر اتخاذه‪ ،‬ومدى و�ضوح الر�ؤية �أمام متخذي القرار فيما يتعلق‬
‫بامل�ستقبل‪.‬‬

‫‪ .6‬الإمكانات املادية والب�شرية‪ :‬هذا العامل يرتبط مبدى ما تتوفر عليه امل�ؤ�س�سة من �إمكانات‬
‫مادية وب�رشية‪ ،‬والتي يحتاج �إليها متخذو القرارات ومنفذوها ومن نظام معلومات قادر على جمع‬
‫املعلومات وحتليلها وت�صنيفها وت�سجيلها وتي�سري ا�ستخدامها يف عمليات اتخاذ القرار الرتبوي‪،‬‬
‫ثم تنفيذه وتقييمه‪.‬‬

‫‪ .7‬الثقافة التنظيمية التي حتكم ت�رصفات الفاعلني يف املنظومة الرتبوية‪ ،‬وكذا عادات وتقاليد‬
‫املجتمع‪.‬‬

‫‪ .8‬ظهور بدائل جديدة مل يتم التمكن من درا�ستها �أثناء عملية �صناعة القرار‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫حمماد البداوي‬

‫كل هذه العوامل �إذن �سواء كانت تنظيمية‪� ،‬شخ�صية �أو بيئية �أو جمتمعية يجب �أخذها بعني‬
‫الإعتبار عند مواجهة م�شكلة مطروحة يف البيئة التعليمية تتطلب اتخاذ قرار ب�ش�أنها ا�ستنادا �إىل‬
‫خطوات منهجية و�أ�ساليب عملية �أثبتت جناحها يف عملية اتخاذ القرارات‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬اخلطوات والأ�ساليب العلمية يف اتخاذ القرار الرتبوي‬

‫تعترب عملية اتخاذ القرار ذات �أهمية بالغة يف امل�ؤ�س�سات التعليمية‪ ،‬حيث تناولها العديد من علماء‬
‫الإدارة بالدرا�سة والتحليل‪ ،‬وت�سري عملية اتخاذ القرار وفق خطوات حمددة ت�شكل الإطار العام‬
‫التخاذ القرار (�أوال)‪ ،‬كما تعتمد هذه العملية على جمموعة من الأ�ساليب العلمية احلديثة �سنقت�رص‬
‫على البع�ض منها (ثانيا)‪.‬‬

‫�أوال ‪ :‬اخلطوات املنهجية العلمية يف اتخاذ القرار الرتبوي‬

‫�إن عملية اتخاذ القرار الرتبوي عملية معقدة و�صعبة‪ ،‬تتداخل فيها العديد من العوامل النف�سية‪،‬‬
‫االجتماعية‪ ،‬ال�سيا�سية‪ ،‬االقت�صادية‪ ،‬اخلربة‪ ،‬املمار�سة‪ ،‬العلم وفن الإدارة‪ ،‬فهي حتتاج �إىل قدر‬
‫كبري من اجلهد والوقت‪ .‬ولأجل الو�صول �إىل قرار تربوي فعال يت�سم باجلودة ينبغي اعتماد‬
‫املنهج العلمي يف �صياغة و�صناعة هذا القرار‪ ،‬ولهذا يتطلب الأمر اعتماد جمموعة من اخلطوات‬
‫العلمية واملنهجية التي تو�صل �إليها علماء الإدارة بعد درا�سة م�ستفي�ضة يف هذا املجال‪ ،‬و�أهم هذه‬
‫اخلطوات ما يلي ‪:‬‬

‫• تعريف وحتديد امل�شكلة ‪ :‬تعترب اخلطوة الأوىل يف �سبيل الو�صول �إىل حل لها؛ �إذ تت�ضمن‬
‫البحث والتنقيب والتفتي�ش عن الأ�سباب التي تدعو �إىل عملية اتخاذ القرار‪ .‬ففي حالة عدم‬
‫معرفة امل�شكلة احلقيقية‪ ،‬ف�إن القرار الذي �سوف يتخذ �سيكون قرار غري �سليم لعدم مالءمته‬
‫للم�شكلة التي �صدر ب�ش�أنها (النمر و�آخرون‪� ،2001 ،‬ص‪.)419 .‬‬

‫• حتديد الأهداف‪ :‬يرتبط حتديد الأهداف املطلوب الو�صول �إليها بتعريف امل�شكلة واحللول‬
‫املقرتحة ملعاجلتها‪ ،‬فالهدف هو النتيجة التي يخطط للو�صول �إليها (امل�رصي‪،2004 ،‬‬
‫�ص‪.)251 .‬‬
‫‪52‬‬
‫عمليـة اتخــاذ القـرار الرتبـوي و�أثـر الالمركزيـة على جودتـه‬

‫• جمع املعلومات والبيانات عن امل�شكلة‪ :‬يتم يف هذه املرحلة جمع كافة البيانات واملعلومات‬
‫والإح�صاءات املتعلقة بامل�شكلة‪ ،‬ويتوقف عمل هذه املرحلة على كفاءة البيانات التي تعتمد يف‬
‫النهاية على التوفيق يف جمعها يف الوقت املنا�سب لإ�ستخدامها (هم�رشي‪� ،2001 ،‬ص‪.)262 .‬‬

‫• ت�سجيل احلقائق وت�صنيفها‪ :‬ال تعترب املعلومات التي جمعت عن امل�شكلة ذات فائدة بدون‬
‫ت�سجيل وت�صنيف‪� ،‬أي �أنه يجب يف هذه املرحلة حت�ضري البيانات وت�صنيفها بالطرق التي تي�رس‬
‫معاجلتها واال�ستفادة منها (م�صطفى‪� ،2002 ،‬ص‪.)159 .‬‬

‫• حتديد البدائل املمكنة وتطويرها‪ :‬يتم يف هذه املرحلة ح�رص البدائل (احللول) املمكنة‬
‫للم�شكلة وفقا للبيانات واملعلومات التي مت جمعها يف املرحلة ال�سابقة وا�ستبعاد البدائل غري‬
‫املنا�سبة حتى يت�سنى �إيجاد حل ممكن للم�شكلة‪ .‬وقد يعتمد متخذ القرار يف تطويره للبدائل على‬
‫خربته ال�شخ�صية يف املجال‪ ،‬و�إ�رشاك بع�ض املوظفني ممن تتوافر لديهم اخلربة ملعرفة وجهات‬
‫نظرهم و�آرائهم‪ ،‬واال�ستعانة بالإ�ست�شاريني �إذا كان ذلك ممكنا (هم�رشي‪� ،2001 ،‬ص‪.)263 .‬‬

‫• تقييم البدائل واملفا�ضلة بينها ‪ :‬هنا تتم املفا�ضلة بني البدائل املختلفة على �ضوء الهدف‬
‫املقرر‪� ،‬أي تعيني ما يتمتع به كل بديل من مزايا وما يت�صف به من عيوب‪ ،‬ومدى �إمكانياته‬
‫يف حل امل�شكلة مو�ضع البحث‪ ،‬وتعترب هذه املرحلة من �أ�صعب املراحل و�أكرثها تعقيدا‪.‬‬

‫• اختيار البديل (القرار) الأف�ضل حلل امل�شكلة ‪ :‬بناءا على �إيجابيات و�سلبيات كل بديل من‬
‫البدائل املطروحة‪ ،‬ومدى قدرته على حل امل�شكلة‪ ،‬وفاعليته يف حتقيق الهدف املر�سوم‪ ،‬يتم‬
‫اختيار �أف�ضل واحد منها و�إ�سقاط جميع البدائل الأخرى‪ .‬فاختيار البديل املنا�سب يجب �أن‬
‫يكون بديال �أو حال قابال للتطبيق العملي وا�ضحا لأفراد التنظيم ومقبوال لديهم حتى يتم تنفيذه‬
‫بالطريقة ال�سليمة ويحقق الغر�ض الذي اتخذ من �أجله (النمر و�آخرون‪� ،2001 ،‬ص‪.)420 .‬‬

‫• تنفيذ القرار ومتابعته ‪ :‬ال تنتهي عملية �صنع القرار باختيار البديل الأف�ضل‪ ،‬بل متتد �إىل‬
‫تهيئة املناخ املالئم لتطبيقه واختيار التوقيت املنا�سب لقرارات التنفيذ‪ .‬كما ينبغي �أي�ضا متابعة‬
‫تنفيذ القرارات من خالل املقارنة امل�ستمرة بني ما هو م�ستهدف وبني الإجناز الفعلي مع ما هو‬
‫حمدد يف القرار (م�صطفى‪� ،2002 ،‬ص‪.)161 .‬‬
‫‪53‬‬
‫حمماد البداوي‬

‫هذه اخلطوات املنهجية التخاذ القرارات الرتبوية لن يكتب لها الفعالية والنجاح ما مل تعتمد‬
‫الأ�ساليب العلمية احلديثة التي �أثبتت �أهميتها يف جمال �صناعة القرارات يف املنظمات التي ابتكرها‬
‫عدد من العلماء واملفكرين يف علم الإدارة احلديث‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الأ�ساليب العلمية احلديثة يف �صناعة واتخاذ القرار الرتبوي‬

‫يرتكز ا�ستخدام الأ�ساليب العلمية احلديثة يف �صناعة القرارات الرتبوية كقاعدة لفعاليتها على مدى‬
‫�إدراك العالقة بني ال�سيا�سات واملدخالت والعمليات واملخرجات املتوقعة يف املنظومة الرتبوية‪.‬‬
‫وبالتايل فعملية اتخاذ القرارات الرتبوية يف الإدارة التعليمية يجب �أن تعتمد على جمموعة من‬
‫الأ�ساليب العلمية التي ابتكرها علماء الإدارة انطالقا من جتاربهم العملية و�أبحاثهم العلمية‪،‬‬
‫�سنقت�رص على البع�ض منها ‪:‬‬

‫‪ .1‬بحوث العمليات ‪ :‬يعتمد �أ�سلوب بحوث العمليات يف هذا املجال على ا�ستخدام خمتلف‬
‫التخ�ص�صات القادرة على الإ�سهام يف حل امل�شكالت‪ ،‬كما ي�ستند تطبيقه على مدخل النظم الذي ينظر‬
‫�إىل املنظمة يف �إطارها الكلي و�أن للم�شكلة الإدارية جوانب متعددة ت�ؤثر فيها وتت�أثر بها‪ .‬ويرتكز‬
‫على الريا�ضيات عند �صياغة امل�شكلة يف �صورة منوذج ريا�ضي و�إجراء مقارنة ريا�ضية بني البدائل‬
‫با�ستخدام احلا�سب الآيل‪ .‬وميكن تطبيق هذا الأ�سلوب يف املجال التعليمي للقيام بعملية التخطيط‬
‫يف �ضوء �أهدافه امل�سطرة وما حتتاجه امل�ؤ�س�سات من موارد مادية وب�رشية انطالقا مما هو متاح‬
‫لها (بكر‪� ،2002 ،‬ص‪.)84 .‬‬

‫‪ .2‬نظرية املباراة‪ :‬تقوم هذه النظرية على افرتا�ضات مبنية على �أ�سا�س التفكري املنطقي امل�سبق‪،‬‬
‫وي�ستعمل �أ�سلوب املباراة يف حاالت الت�ضارب بني امل�صالح ووجود نزاع بني طرفني �أو �أكرث من‬
‫متخذي القرار حول موقف معني‪ ،‬حيث يف هذه احلالة كل م�شرتك يف املباراة يهدف �إىل الك�سب‬
‫ب�إختياره البديل الذي ميكنه من تعظيم الربح �أو تقليل اخل�سارة؛ والذي يجد املباراة يف �صالح‬
‫الطرف الآخر يفرت�ض �أن ي�سعى �إىل تقليل خ�سارته �إىل �أدنى حد ممكن (م�رشيف‪� ،1997 ،‬ص‪.)35 .‬‬

‫‪� .3‬أ�سلوب درا�سة احلاالت‪ :‬يعترب هذا الأ�سلوب من الأ�ساليب العلمية الهامة يف جمال اتخاذ‬
‫القرارات‪� ،‬إذ �أنه ي�ساعد على تطوير وحت�سني قدرات ومهارات املديرين على التحليل والتفكري‬
‫الإبتكاري حلل امل�شكالت الإدارية التي تواجههم‪ .‬ويقوم هذا الأ�سلوب على تعريف وحتديد‬
‫‪54‬‬
‫عمليـة اتخــاذ القـرار الرتبـوي و�أثـر الالمركزيـة على جودتـه‬

‫امل�شكلة حمل القرار‪ ،‬والتفكري يف �أ�سبابها و�أبعادها وجوانبها املختلفة وت�صور احللول البديلة‬
‫ا�ستنادا �إىل املعلومات املتاحة عن امل�شكلة (كنعان‪� ،2007 ،‬ص‪.)195 .‬‬

‫‪ .4‬الع�صف الذهني ‪ :‬يعود الف�ضل يف �إر�ساء هذا الأ�سلوب �إىل �أ�سبورن ‪ ،Osborn‬فهو من‬
‫�أكرث الأ�ساليب امل�ستخدمة يف حتفيز الإبداع واملعاجلة الإبداعية للم�شكالت يف حقل الرتبية‪،‬‬
‫يهدف‪� ‬إىل توليد قائمة كم كبري من الأفكار مهما كانت جودتها التي ميكن �أن ت�ؤدي �إىل حل امل�شكلة‬
‫مو�ضوع القرار‪ .‬ومتر جل�سة الع�صف الذهني مبجموعة من اخلطوات‪ :‬حتديد ومناق�شة امل�شكلة‪،‬‬
‫�إعادة �صياغة املو�ضوع‪ ،‬تهيئة جو الإبداع‪ ،‬الع�صف الذهني (توليد الأفكار)‪ ،‬حتديد �أغرب فكرة‬
‫ويف الأخري جل�سة التقييم التي حتتاج �إىل نوع من التفكري االنكما�شي (& ‪Jean-Marc SANTI‬‬

‫‪.)autres, 2015, p. 76‬‬

‫‪� .5‬أ�سلوب �شجرة القرارات‪ :‬يقوم �أ�سلوب �شجرة القرارات على مدخل النظم الذي يقوم على‬
‫التفاعل بني الأدوات والو�سائل امل�ستخدمة التخاذ القرار وبني بيئة النظام من خالل �سل�سلة‬
‫الت�أثريات التي ت�ؤثر يف عملية اتخاذ القرار‪� ،‬أي �أن اتخاذ �أي قرار ينتج ت�أثريا جديدا‪ ،‬ويكون له‬
‫ردود �أفعال تنت�رش يف �سل�سلة متعاقبة يف النظام‪ ،‬فكان البد على �صانعي القرار الأخذ يف االعتبار‬
‫معاجلة الت�أثريات امل�صاحبة لعملية اتخاذ القرار‪.‬‬

‫وينطلق �أ�سلوب �شجرة القرارات من افرتا�ض مفاده �أن �أي حالة انتقالية يرتتب عليها مظهران‪:‬‬
‫ت�أثري فوري حمتمل‪ ،‬وحالة جديدة �أو موقف به م�شكلة اختيار‪ ،‬حيث ي�صور الباحثني كونرت‬
‫وادونيل هذا الأ�سلوب على �شكل �شجرة تتفرع منها ثالث متغريات ‪ :‬البدائل املطروحة حلل‬
‫امل�شكلة ‪ Alternatives‬واالحتماالت ‪ Probabilités‬التي متثل �إجمايل الفوائد املتوقعة خالل‬
‫فرتة حمددة‪ ،‬ثم العوائد املتوقعة (بكر‪� ،2002 ،‬ص‪.)113 .‬‬

‫ويتطلب �أ�سلوب �شجرة القرارات املرور باخلطوات التالية (كنعان‪� ،2007 ،‬ص‪: )196 .‬‬
‫– حتديد امل�شكلة �أو املوقف املطلوب اتخاذ قرار ب�ش�أنه بدرجة كافية من الدقة‪.‬‬
‫– حتديد احللول �أو القرارات البديلة‪.‬‬
‫– حتديد الت�رصفات �أو الأحداث املمكن حدوثها بناء على كل قرار على حده‪.‬‬
‫– ح�ساب احتمال حدوث كل ت�رصف �أو حدث من الأحداث املمكنة‪.‬‬
‫‪55‬‬
‫حمماد البداوي‬

‫– ح�ساب العائد �أو الناجت املتوقع من كل ت�رصف �أو كل حدث وفقا للمقايي�س املتفق عليها‪.‬‬
‫– اختيار �أف�ضل احللول �أو القرارات البديلة‪.‬‬

‫يف الأخري‪� ،‬إن هذه الأ�ساليب العلمية امل�ستخدمة يف عملية �صنع واتخاذ القرارات ب�شكل عام‬
‫والقرارات الرتبوية ب�شكل خا�ص والتي �أوردناها ب�شكل مقت�ضب تبحث يف امل�شكلة ككل يف �إطار‬
‫جوانبها املت�شابكة‪ ،‬و�أن النتائج التي يتم التو�صل �إليها ت�سهم يف فاعليتها ورفع كفاءة الإدارة‬
‫التعليمية يف جماالت تدخلها املختلفة‪ .‬لذا يجب الإهتمام بها يف املغرب لكي ن�ساير التطورات‬
‫العلمية التي ي�شهدها العامل املتقدم يف جمال اتخاذ القرارات الرتبوية‪.‬‬

‫املطلب الثاين ‪� :‬أثر الالمركزية على جودة عملية اتخاذ القرار الرتبوي‬

‫َعتب الالمركزية �أن الطريق ل�ضمان جودة �شاملة يف املنظومة التعليمية هو الإ�ستخدام الأمثل‬
‫ت رِ‬
‫للموارد الب�رشية واملادية والتوزيع املتوازن للإ�ستثمارات الرتبوية املحلية وت�سخريها خلدمة‬
‫العملية التعليمية‪ .‬ومن الآثار ذات الأهمية على جودة عملية اتخاذ القرارات الرتبوية هي �أن‬
‫الالمركزية تدعم جميع الفاعلني يف منظومة الرتبية والتكوين على امل�شاركة يف �صنع واتخاذ‬
‫القرار‪ ،‬وت�سعى لتعبئة اجلميع من �أجل مواجهة كل �أ�شكال املقاومة لكل �إ�صالح وتغيري من�شود‬
‫(الفقرة الأوىل)‪ .‬كما حتفز على املبادرة والإبداع‪ ،‬وحتقيق اجلودة ال�شاملة يف مدخالت وعمليات‬
‫وخمرجات النظام التعليمي‪ ،‬بل �إن التطبيق الفعلي الر�صني لالمركزية ي�ضمن حتقيق الر�ضا‬
‫الوظيفي لكل العاملني يف هذا القطاع احليوي م�صدر الطاقات الب�رشية التي يتطلبها مغرب‬
‫احلا�رض وامل�ستقبل (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة الأوىل ‪ :‬دعم امل�شاركة احلقيقية ملواجهة �أ�شكال مقاومة التغيري‬

‫مادام �أ�سلوب الالمركزية يف العملية التعليمية يهدف �إىل توزيع ال�سلطات وتفوي�ضها �إىل م�ستويات‬
‫�إدارية ووظيفية �أقل (�أكادميية‪-‬مديرية �إقليمية‪-‬م�ؤ�س�سة تعليمية) بحيث ي�شارك اجلميع يف �إدارة‬
‫العملية التعليمية مبا ال يتعار�ض مع ال�سيا�سة العامة للدولة‪ ،‬ف�إن جناحها يف قطاع التعليم رهني‬
‫بانخراط الفاعلني وم�ساهمتهم الفعلية يف عملية اتخاذ القرارات الرتبوية على كافة م�ستويات نظام‬
‫‪56‬‬
‫عمليـة اتخــاذ القـرار الرتبـوي و�أثـر الالمركزيـة على جودتـه‬

‫الرتبية والتكوين (�أوال)‪ .‬وهذا من �ش�أنه �أن يحد من كل �أ�شكال املقاومة التي يبديها الفاعلني جتاه‬
‫�أي مبادرة �إ�صالح يف القطاع ال ي�شكلون جزءا يف بنائها وترتيب �إجراءاتها (ثانيا)‪.‬‬

‫�أوال ‪ :‬دعم املقاربة الت�شاركية الفاعلة لكل املتدخلني يف عملية �صنع واتخاذ القرار الرتبوي‬

‫لقد �أ�صبحت املركزية من �أهم �أمرا�ض امل�ؤ�س�سات الغري ناجحة‪ ،‬وعلى العك�س من ذلك ف�إن التمكني‬
‫وتفوي�ض ال�صالحيات والالمركزية‪ ،‬هي ال�سمة التي يجب �أن تتميز بها املنظمات العمومية‬
‫احلديثة‪ ،‬والتي ميكن من خاللها �إطالق الطاقات الإبداعية والإبتكار وحتمل امل�س�ؤولية‪ ،‬خا�صة يف‬
‫ظل �أنظمة املعلومات احلديثة واملتطورة والتي تدعم امل�شاركة يف اتخاذ القرارات‪ ،‬بحيث �أن هذه‬
‫الأخرية ت�شكل مركزا للن�شاط الإداري والرتبوي ومفهوم رئي�س لفاعلية العمل الإداري بامل�ؤ�س�سة‬
‫التعليمية‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يو�صي الفكر الإداري احلديث ب�رضورة تطبيق الأ�ساليب اجلماعية �أثناء عملية اتخاذ‬
‫القرار ب�شكل يحقق امل�شاركة الفعالة واعتبار رجل الإدارة �ضابط �إيقاع لعملية اتخاذ القرار ولي�س‬
‫�صانعا لها‪ .‬ت�أ�سي�سا على ذلك‪ ،‬ي�أتي النمط الت�شاركي يف الإدارة التعليمية على طرف النقي�ض من‬
‫الأمناط ال�سلطوية يف الإدارة‪ ،‬فهذا النمط من الإدارة الت�شاركية ينظر �إىل العاملني يف امل�ؤ�س�سة‬
‫التعليمية وكافة املتدخلني من خالل النظر �إىل �أعمالهم كافة‪ ،‬لي�س جمرد منفذي للتعليمات التي‬
‫ت�صدر من امل�ستويات العليا يف الهرم الإداري يف امل�ؤ�س�سة التعليمية‪ ،‬و�إمنا ك�أ�شخا�ص قادرين على‬
‫حتمل امل�س�ؤوليات وامل�شاركة يف الت�صدي �إىل امل�شكالت وو�ضع احللول املنا�سبة لها‪ ،‬وامل�ساهمة‬
‫يف و�ضع اخلطط وال�سيا�سات �إذا منحوا الفر�صة‪ .‬كما يوفر هذا النمط املناخ امل�ؤ�س�سي الإيجابي‬
‫الذي يدفع يف اجتاه حتفيز الطاقات الإبداعية لدى العاملني يف امل�ؤ�س�سة (الع�ساف وال�رصايرة‪،‬‬
‫‪� ،2011‬ص‪.)617 .‬‬

‫فاملر�ؤو�سون ال ميكن النظر �إليهم ك�أدوات ميكانيكية بل ك�أفراد لكل منهم رغبات ودوافع‪ ،‬كما‬
‫�أنهم لي�سوا جمردين من كل معرفة وقدرة على حل امل�شكالت‪ ،‬بل من املمكن �أن ي�ساهموا من خالل‬
‫�آرائهم ووجهات نظرهم يف �إيجاد احللول التي يختار القائد من بينها البديل الأف�ضل‪.‬‬

‫يف هذا ال�سياق‪ ،‬ال منا�ص من اعتماد املقاربة الت�شاركية يف تدبري املنظومة الوطنية للرتبية والتكوين‪،‬‬
‫�إن على امل�ستوى املركزي �أو اجلهوي �أو املحلي‪ ،‬مقاربة مبنية على امل�شاركة الدميقراطية‬
‫‪57‬‬
‫حمماد البداوي‬

‫واملم�أ�س�سة‪ ،‬وعلى التدبري عن قرب مبعايري مو�ضوعية وا�ضحة وم�ؤ�رشات �شمولية ودقيقة‬
‫و�أ�ساليب متنوعة‪ ،‬تتوفر فيها امل�صداقية وامل�س�ؤولية املتقا�سمة‪.‬‬

‫وعالقة باملو�ضوع‪ ،‬فالد�ستور املغربي احلايل ل�سنة ‪ 2011‬اعترب يف ف�صله الأول �أن الدميقراطية‬
‫الت�شاركية من �أ�س�س النظام الد�ستوري املغربي‪ ،‬مما يحتم على الإدارة التعليمية �أن ت�سلك مقاربة‬
‫ت�شاركية حقيقية ولي�ست �صورية مغلفة ب�شعارات واهية يف عملية اتخاذ القرارات‪ .‬كما حث يف‬
‫الف�صل ‪ 13‬منه على �رضورة �أن تعمل ال�سلطات العمومية على �إحداث هيئات للت�شاور‪ ،‬ق�صد‬
‫�إ�رشاك خمتلف الفاعلني الإجتماعيني يف �إعداد ال�سيا�سات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها‪.‬‬

‫كما حثت الر�ؤية الإ�سرتاتيجية لإ�صالح منظومة الرتبية والتكوين (‪ )2030-2015‬على و�ضع‬
‫�آليات للتوا�صل والتح�سي�س مع خمتلف الفاعلني واملتدخلني لإدماجهم يف املقاربة الت�شاركية‪،‬‬
‫مع �ضمان م�شاركة ناجعة للجماعات الرتابية يف النهو�ض باملنظومة التعليمية (الرافعة الأوىل)‪،‬‬
‫وذلك ب�إر�ساء �آليات ال�رشاكة والتمويل والت�شاور والتن�سيق لتح�سني اجلودة يف هذا القطاع‬
‫الإ�سرتاتيجي متا�شيا مع مقت�ضيات القوانني التنظيمية امل�ؤطرة لعملها‪.‬‬

‫ونرى يف هذا ال�صدد‪� ،‬أن الالمركزية يف اتخاذ القرارات الرتبوية تعطي مزيدا من الإ�ستقاللية‬
‫و�إمكانية التفوي�ض للإدارة التعليمية ومديري امل�ؤ�س�سات التعليمية على امل�ستوى املحلي‪ ،‬بالإ�ضافة‬
‫�إىل تثمني �أدوار �أع�ضاء الهيئة التدري�سية والعاملني يف املجتمع التعليمي‪ ،‬مما ي�ساهم ال حمالة يف‬
‫حت�سني العملية التعليمية وتطويرها‪ ،‬وكذلك حتقق �أكرب قدر من الدميقراطية وامل�شاركة يف اتخاذ‬
‫القرارات وبالتايل زيادة فاعلية الإدارة التعليمية والرتبوية وحتقيق اجلودة يف �أهدافها ب�أقل وقت‬
‫وجهد ممكنني‪ .‬كما �أنه بالرغم من قيام الوزارة الو�صية باتخاذ القرارات املتعلقة بال�سيا�سات‬
‫التعليمية والرتبوية املهمة‪� ،‬إال �أن هذه ال�سيا�سات البد �أن ت�ستمد قراراتها بالرجوع �إىل القاعدة‬
‫(الأكادمييات اجلهوية‪ ،‬املديريات الإقليمية وامل�ؤ�س�سات التعليمية) و�أخذ التغذية الراجعة منها‪،‬‬
‫و�إال �ستكون هناك فجوة بني التخطيط والتنفيذ يف العملية الرتبوية مما �سي�ؤدي بال�رضورة �إىل‬
‫عدم حتقيق الأهداف املر�سومة بال�شكل املطلوب‪.‬‬

‫من خالل ا�ستعرا�ض ما �سبق‪ ،‬ف�إن امل�شاركة الفاعلة متثل منطلقا �أ�سا�سيا لبلورة الت�صورات‬
‫املعا�رصة يف الإدارة لإبراز ق�صور الأمناط الإدارية القائمة �أوال‪ ،‬وفعالية النمط الت�شاركي ثانيا‪.‬‬
‫وبالتايل ف�إن امل�شاركة تعد و�سيلة ناجحة جلعل القرارات �أكرث جناعة وفاعلية توفر البناء القوي‬
‫‪58‬‬
‫عمليـة اتخــاذ القـرار الرتبـوي و�أثـر الالمركزيـة على جودتـه‬

‫الذي ميكن �أن يبنى عليه �إحداث التغيري الإداري املن�شود يف م�ؤ�س�ساتنا التعليمية يف جو من‬
‫امل�س�ؤولية واحلكامة اجليدة لكل مقومات احلياة التعليمية‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬احلد من الأ�شكال املحتملة ملقاومة قرارات التغيري يف املنظومة الرتبوية‬

‫عند احلديث عن التغيري والإ�صالح‪ ،‬غالبا ما يردد املوظفون يف الإدارة العمومية ب�شكل عام ال�شكوى‬
‫التالية «مل ي�ست�رشنا �أحد يف املو�ضوع»‪ ،‬وهذا ما ينتج عنه رف�ض مطلق للتغيري نتيجة �شعور‬
‫املوظفني ب�أنهم مل ي�ساهموا فيه �أو متت ا�ست�شارتهم دون الأخذ ب�آرائهم ولو ن�سبيا‪ .‬نتيجة لذلك‪،‬‬
‫ف�إن الكثري من املر�ؤو�سني يرون �أن دورهم يف امل�ؤ�س�سة هو جمرد تنفيذ املهام الوظيفية املنوطة‬
‫بهم يف حدودها الدنيا‪ ،‬و�أن �إعطاءهم م�س�ؤوليات جديدة حتى ولو كان مع بع�ض ال�صالحيات‪،‬‬
‫ف�إنهم يعدونها عبئا �إ�ضافيا يلقى على عاتقهم لأنهم مل يقتنعوا بالتوجهات الإ�صالحية التي تتبناها‬
‫الإدارة التعليمية يف غياب دورهم احلقيقي يف بناء التغيري‪.‬‬

‫ومن جانب �آخر‪� ،‬أدى عدم �إ�رشاك الفاعلني يف منظومة الرتبية والتكوين يف امل�ستويات الدنيا‬
‫(امل�ستوى التنفيذي) �إىل اتخاذ م�سافة نقدية جتاه الإ�صالح‪ ،‬وهو ما �أظهرته الأبحاث حول‬
‫�إدراكهم ملقت�ضيات امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‪ ،‬ومن �ش�أن هاته املواقف �أن تركن ببع�ضهم‬
‫�إىل ال�سلبية‪ ،‬بل �إىل التموقع �أحيانا داخل مقاومة التغيري‪ ،‬لأن عدم امل�شاركة ال يعبئ الفاعلني من‬
‫�أجل رهانات الإ�صالح‪.‬‬

‫واقع احلال �أن املقاربة الأوتوقراطية للإ�صالحات الرتبوية املمالة من �أعلى الهرم الإداري‪ ،‬تثبط‬
‫عزمية الفاعلني داخل املنظومة‪ ،‬يف حني �أن دفعهم للم�شاركة يجعلهم م�س�ؤولني وميوقعهم يف مركز‬
‫عمليات الإ�صالح‪ ،‬لذلك ال ينبغي ح�رص املقاربة الت�شاركية يف جمرد الإعالن عن النوايا‪ ،‬بل �إن‬
‫هذه املقاربة تتطلب �صيغة لقيادة التغيريات لي�صبح تطبيق الإ�صالح م�س�ؤولية م�شرتكة من طرف‬
‫جمموع الفاعلني والأطراف املعنية به‪.‬‬

‫�إزاء ذلك‪ ،‬بات من ال�رضوري اعتماد قادة التغيري على مدخل الإدارة بامل�شاركة الفاعلة يف عملية‬
‫اتخاذ قرارات الإ�صالح من �أجل احل�صول على ت�أييد لتنفيذ برنامج التغيري و�ضمان اال�ستخدام‬
‫الكفء ملا هو موجود من مهارات ومعرفة لدى اجلميع‪ .‬وهذا رهني بتفعيل النمط الالمركزي‪،‬‬
‫الذي يتطلب اال�ستقاللية وتفوي�ض ال�سلطة من الر�ؤ�ساء �إىل املر�ؤو�سني‪ ،‬مما من �ش�أنه �أن يحد من‬
‫‪59‬‬
‫حمماد البداوي‬

‫التهرب من امل�س�ؤولية وي�شجع االعتماد على النف�س وعلى التعاون وامل�شاركة يف الر�أي واعتماد‬
‫الر�أي الأف�ضل (عبوي‪� ،2010 ،‬ص‪.)114 .‬‬

‫لهذا‪� ،‬أو�صى املجل�س الأعلى للرتبية والتكوين والبحث العلمي بتبني مقاربة ا�ستباقية و�صاعدة‬
‫قائمة على الإ�رشاك الفعلي والتخطيط والتوقع والإقناع مع خمتلف الفاعلني املعنيني ب�ش�ؤون‬
‫الرتبية لتفعيل رافعات الإ�صالح‪ ،‬التي من �ش�أنها احلد من �آثار املقاومات املفرت�ضة للإ�صالح �أو‬
‫ت�أثري عوامل غري متوقعة على م�ساره‪ .‬وميكن �أن يتم هذا التغيري من خالل امل�شاركة ال�شاملة من‬
‫قبل �أع�ضاء املنظومة الرتبوية كافة‪ ،‬يف البحث عن ماهية التغيري‪ ،‬والنقا�ش الهادف والناقد حوله‪،‬‬
‫كخطوة منطقية ويف االجتاه ال�صحيح نحو �سلك طريق التغيري املن�شود‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪� :‬ضمان جودة القرار الرتبوي وحتقيق الر�ضا الوظيفي‬

‫من �ش�أن التطبيق الفعلي لالمركزية يف �ش�ؤون الرتبية والتكوين‪ ،‬وتوفري �رشوطها البيئية مبختلف‬
‫داللتها �أن ت�ساهم ال حمالة يف الرفع من جودة وفاعلية القرار الرتبوي وبالتايل الإ�سهام يف‬
‫خمرجات تعليمية ذات جودة وكفاءة وفاعلية (�أوال)‪ ،‬كما �أن امل�ساهمة وامل�شاركة الفاعلة يف �إطار‬
‫نهج الالمركزية �سيقوي من حتقيق الر�ضا الوظيفي لكافة العاملني باملنظومة التعليمية باعتبارهم‬
‫�صانعي القرار الرتبوي واملعنيني بتنفيذه وتقييم خمرجاته (ثانيا)‪.‬‬

‫�أوال ‪ :‬الرفع من جودة وفاعلية القرار الرتبوي‬

‫�إن جودة القرار الرتبوي هي مبثابة عامل �أ�سا�س لإر�ساء م�صداقية نظام الرتبية والتكوين لدى‬
‫كل املتدخلني وامل�ستفيدين والفاعلني االقت�صاديني واملجتمع املدين‪...‬؛ �صحيح �أن اجلودة تتطلب‬
‫جهودا كبرية وتعبئة جمتمعية قوية‪ ،‬لكن غيابها يولد نفقات �أكرب وي�ؤثر �أكرث يف جناعة النظام‬
‫الرتبوي على كل امل�ستويات‪ ،‬من حيث الإعداد و�إجراءات التطبيق واملخرجات‪.‬‬

‫وال يخفى على اجلميع �أن جودة القرارات الإدارية الرتبوية هي التي ت�ستجيب ب�شكل فعال حلل‬
‫م�شكلة تعليمية معينة‪ ،‬والتي يتم فيها التنب�ؤ والتوقع اجليد للعواقب والآثار ال�سلبية من �أجل‬
‫التحقيق الدائم للفوائد امل�ستهدفة؛ �إذ لي�س بال�رضورة �أن يكون الكل متفق عليها‪ ،‬بقدر ما تعك�س‬
‫‪60‬‬
‫عمليـة اتخــاذ القـرار الرتبـوي و�أثـر الالمركزيـة على جودتـه‬

‫نزاهة عملية �صائبة تعتمد ب�شكل �أ�سا�سي على معلومات دقيقة و�صحيحة وذات �صلة بامل�شكلة‬
‫ت�ساعد �صانعي القرار على توفري البدائل املتاحة التخاذ القرار اجليد‪.‬‬

‫ويتم احلكم عادة على جودة القرارات الرتبوية بناء على مدخلني‪ ،‬املدخل الأول تقييم‬
‫القرارات يف �ضوء النتائج املرتتبة عليه‪ ،‬وهو �أكرث املداخل و�ضوحا وقبوال من الناحية‬
‫العملية‪ ،‬ف�إذا كانت النتائج املرتتبة على القرار مقبولة اعترب القرار �صحيحا وجيدا‪� ،‬أما املدخل‬
‫الثاين فيت�ضمن لتقييم القرارات حتديد �أف�ضل قرار اتخذ يف �ضوء الظروف التي تـوافرت‬
‫عند �صنع القرار ويتميز هذا املدخل ب�أنه ي�أخذ يف االعتبار مهـارات متخـذي القرار وما تـوفر‬
‫من معلومات وموارد‪ .‬والنقاط التي يجب �أخذها بعني االعتبار للح�صول على قرار �أمثل هي ‪:‬‬
‫(‪.)Jean-Marc SANTI & autres, 2015, p. 132‬‬
‫– تفهم وا�ضح ودقيق للأهداف املتعددة التي تالئم امل�شكلة مو�ضوع القرار؛‬
‫– تعريف حمدد و�شامل ودقيق للم�شكلة يف جوانبها املختلفة وملو�ضوع القرار؛‬
‫–  معرفة كاملة بالبدائل املمكنة‪ ،‬وبطريقة ميكن االعتماد عليها يف تقدير ما يرتتب على اختيار‬
‫كل بديل؛‬
‫– حتديد العالقة بني نتائج كل بديل‪ ،‬والأهداف املرغوبة يف حتقيقها؛‬
‫– احلرية الكاملة لالختيار بني البدائل التي متثل احلل الأمثل للم�شكلة‪.‬‬

‫يف �ضوء ما �سبق‪ ،‬ف�إن ا�ستخدام نظام املعلومات الرتبوية اال�سرتاتيجية يف عملية اتخاذ القرارات‬
‫الرتبوية ي�سهم يف حت�سني نوعية القرارات‪� ،‬إذ ت�صبح القرارات مبنية على معلومات مو�ضوعية من‬
‫ناحية‪ ،‬و�شمولية من ناحية �أخرى يف مراعاتها لالعتبارات االجتماعية وال�سيا�سية واالقت�صادية‬
‫والرتبوية‪.‬‬

‫ولن تتحقق جودة القرار الرتبوي يف غياب ت�شكيل فرق العمل باعتبارها اخلطوة التنظيمية الأوىل‬
‫للو�صول �إىل اجلودة ال�شاملة يف املنظومة التعليمية‪ ،‬بحيث ينبغي �أن يكون �أع�ضاء فريق العمل من‬
‫الأ�شخا�ص الأكفاء واملوثوق بهم وممن لديهم الرغبة يف امل�شاركة ولديهم اال�ستعداد لت�أدية ما يناط‬
‫بهم من مهام‪ ،‬وميثلون جميع امل�ستويات الإدارية والرتبوية بامل�ؤ�س�سة‪ ،‬ولديهم كل ال�صالحيات‬
‫لتمكينهم من القدرة على التحليل واال�ستنتاج يف كل املوا�ضيع التي تهم امل�ؤ�س�سة التعليمية‬
‫(هم�رشي‪� ،2001 ،‬ص‪.)276-275 .‬‬
‫‪61‬‬
‫حمماد البداوي‬

‫ومن ال�رضوري �أي�ضا‪ ،‬توفري الت�سهيالت واملوارد املادية لعمل الفرق لت�سهيل تنفيذ املهام‬
‫املوكلة لهم وتنفيذ القرارات التي يتخذونها وب�شكل �سل�س ويف الوقت املنا�سب وكذلك ت�صميم‬
‫عملية الالمركزية بكاملها‪ .‬و�أن ي�ستند عمل الفرق على خطة مدرو�سة وحمكمة ومف�صلة جلميع‬
‫اخلطوات التي �ستقوم بها ومهام كل ع�ضو وجلنة مو�ضحا فيها اجلداول الزمنية للتنفيذ واملوارد‬
‫املالية الالزمة و�آليات التنفيذ واجلهات امل�رشفة وعملية املراقبة على التنفيذ والأداء‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فعملية �صنع القرارات الرتبوية تعد مبثابة الرابط الأ�سا�سي بني عمليات و�إجراءات و�ضع‬
‫ال�سيا�سة التعليمية والإدارة التعليمية‪ ،‬حيث �أن العالقة بني هذه الأطراف عالقة دائرية تبد�أ‬
‫بو�ضع ال�سيا�سة التعليمية وتنتهي �إىل التخطيط والتنفيذ والإدارة‪ ،‬ولكل عن�رص من هذه العنا�رص‬
‫�أهمية بالغة يف هذه الدائرة �إذا ما �أريد الو�صول بالإدارة الرتبوية �إىل الفعالية املطلوبة‪.‬‬

‫وبناءا على ذلك‪ ،‬ويف ظل غياب مناذج تو�ضح العالقة القائمة بني القرارات املحتملة ونوعية التعليم‬
‫املتوقعة ف�إننا ال نتوقع حت�سنا يف نوعية التعليم �إذا اقت�رص الأمر على جمرد و�صف الظواهر‬
‫والعالقات القائمة (بكر‪� ،2003 ،‬ص‪ .)91 .‬ومن هنا ف�إن نظام املعلومات الرتبوية ي�شكل قاعدة‬
‫منا�سبة لتطوير مناذج تو�ضح العالقة بني البدائل املتاحة وطبيعة ال�سيا�سات املقرتحة من ناحية‬
‫ونوعية العوائد املن�شودة من ناحية �أخرى‪ ،‬مما يعد �أ�سا�سا منا�سبا التخاذ القرارات الرتبوية‬
‫ال�سليمة بتوجيه املوارد وفقا للأولويات ونحو املدخالت الأكرث فعالية يف حت�سني نوعية التعليم‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬تنمية روح االنتماء وحتقيق الر�ضا الوظيفي‬

‫يعترب العن�رص الب�رشي الدعامة الرئي�سية لنجاح الإدارة التعليمية وحتقيق �أهدافها‪ ،‬لذلك البد من‬
‫زيادة االهتمام به والعمل على �إر�ضائه وحتقيق متطلباته‪ ،‬فلي�س مقبوال يف ظل التطورات يف درا�سة‬
‫ال�سلوك الإن�ساين وعالقته بالأداء الوظيفي �أن ينظر �إىل املوظف ب�أنه جمرب على العمل بغ�ض النظر‬
‫عن ر�ضاه �أو عدم ر�ضاه عن وظيفته التي ي�شغلها‪ ،‬بحيث يرتتب عن ذلك حدوث انخفا�ض يف �أدائه‬
‫الوظيفي وحدوث ا�ضطرابات ومقاومات يف عالقته بالوظيفية التي ينتمي لها‪ .‬فالر�ضا الوظيفي‬
‫نتيجة لتفاعل الفرد مع وظيفته وانعكا�س ملدى الإ�شباع الذي ي�ستمده من هذا العمل وانتمائه‬
‫وتفاعله مع جماعة عمله ومع بيئة العمل الداخلية واخلارجية (جمموعة خرباء‪� ،2014 ،‬ص‪.)12 .‬‬

‫ت�أ�سي�سا على ذلك‪ ،‬ي�شكل الر�ضا الوظيفي للعاملني يف منظومة الرتبية والتكوين الأ�سا�س اجلوهري‬
‫الذي ي�سهل �إ�شباع حاجاتهم النف�سية واالجتماعية واالقت�صادية يف ظل مناخ تنظيمي داعم يتيح‬
‫‪62‬‬
‫عمليـة اتخــاذ القـرار الرتبـوي و�أثـر الالمركزيـة على جودتـه‬

‫لهم ا�ستقاللية وحرية الت�رصف وامل�شاركة يف عملية اتخاذ القرارات‪ ،‬ويعمل �أي�ضا كو�سيط تفاعلي‬
‫بني متطلبات الوظيفة وحاجات املوظف الآنية وامل�ستقبلية وفقا لنمط الإدارة يف التعامل مع‬
‫العاملني وخلق الأجواء الوظيفية الهادفة من خالل امل�شاركة باتخاذ القرارات ور�سم ال�سيا�سات‬
‫وت�شجيعهم على الوالء التنظيمي والإخال�ص وال�صدق واحلر�ص الدائم على تطوير امل�ؤ�س�سة عن‬
‫طريق االت�صال ذو االجتاه الهابط وال�صاعد التي يتيح لهم فر�ص �إبداء الر�أي وتبادل الأفكار‬
‫والآراء واملعلومات (العميان‪� ،2003 ،‬ص‪.)308 .‬‬

‫وتكمن �أهمية عملية اتخاذ القرارات يف تداخلها بجميع وظائف الإدارة ون�شاطاتها اليومية‬
‫يواجهها رجال الإدارة على اختالف م�ستوياتهم الإدارية وم�س�ؤولياتهم الوظيفية‪ ،‬بحيث �أنها‬
‫عملية م�ؤثرة يف طبيعة العمل ومناخه ولها عالقة بر�ضا �أو عدم ر�ضا املوظفني تبعا لنوعية القرار‬
‫املراد اتخاذه و�أهميته وبالتايل درجة ت�أثريه‪ .‬فكل القرارات الرتبوية �إذن تعرب عن جهد ون�شاط‬
‫خمطط يهدف �إىل تغيري ثقافة املنظومة الرتبوية يف �سبيل التح�سني امل�ستمر لقدرتها على تطوير‬
‫ر�ؤيتها وزيادة جودة �أدائها و�إنتاجيتها وجتديد نف�سها من خالل م�شاركة وتعاون العاملني بها‬
‫لتحقيق ر�سالتها و�أهدافها‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬ف�إن توفر الر�ضا الوظيفي لدى العاملني يف املنظومة الرتبوية �سوف ي�ؤدي �إىل مردودية‬
‫وجودة مرتفعة‪ ،‬بحيث �أن هناك عالقة طردية بني املتغريين الأول م�ستقل وهو الر�ضا الوظيفي‬
‫والثاين متغري وهو الأداء‪ ،‬وكلما زادت درجات الر�ضا ارتفعت معدالت الأداء‪ .‬كما ميكن للر�ضا‬
‫�أن يكون متغريا تابعا ملتغري م�ستقل وهو الأداء‪ ،‬على �أ�سا�س �أن الأداء اجليد للموظف وما يح�صل‬
‫عليه من مكاف�آت وحوافز و�إ�رشاك يف اتخاذ القرارات ي�ؤدي ال حمالة �إىل زيادة قدرته على �إ�شباع‬
‫حاجاته وبالتايل زيادة ر�ضاه العام ومنحه ال�شعور باالنتماء والأهمية كونه عن�رص �أ�سا�سي من‬
‫العنا�رص املهمة يف التنظيم‪( .‬البارودي‪� ،2015 ،‬ص‪.)54 .‬‬

‫وتهدف امل�شاركة باعتبارها وجها لالمركزية احلقيقية يف اتخاذ القرار �إىل �ضمان زيادة �إنتاج‬
‫ون�شاط املوظفني ورفع معنوياتهم وحتفيزهم و�إثارة دافعيتهم وزيادة ر�ضاهم عن العمل‪ ،‬وهذا‬
‫نابع من كون �أن الأعمال والقرارات التي ي�شاركون املر�ؤو�سون يف �صناعتها ينظر �إليها من‬
‫جانبهم على �أنها ح�صيلة تفكريهم‪ ،‬وبالتايل ف�إنهم يبذلون ق�صارى جهدهم يف العمل على تنفيذها‬
‫على النحو الأف�ضل‪ ،‬وي�شعرون مب�س�ؤولية �أكرب لتحمل نتائجها‪ ،‬و�إن كانت امل�س�ؤولية الأ�سا�سية‬
‫تقع على عاتق الرئي�س نف�سه‪( .‬هم�رشي‪� ،2001 ،‬ص‪.)268 .‬‬
‫‪63‬‬
‫حمماد البداوي‬

‫كما يوفر تطبيق الالمركزية املبنية على امل�شاركة الفاعلة للعاملني فر�صا كافية للنمو والتطوير‬
‫يف جماالت عملهم‪ ،‬وخا�صة �إذا دربوا على �أعمالهم و�أظهروا قدرة على اتخاذ قرارات �صائبة عن‬
‫طريق التوجيه والإر�شاد والتعاون وامل�شاركة يف الر�أي وامل�س�ؤوليات؛ �إذ �أن هذا الأ�سلوب من‬
‫التعامل من �ش�أنه �أن يرفع معنوياتهم ويدفعهم �إىل الإبداع والتجريب وي�ضمن تعاونهم االختياري‬
‫للقيام ب�أعمالهم املطلوبة على �أكمل وجه (جمموعة خرباء‪� ،2014 ،‬ص‪.)12 .‬‬

‫ونرى يف هذا االجتاه‪� ،‬أن الروح املعنوية املرتفعة للموظفني العاملني يف القطاع التعليمي ت�ؤدي‬
‫ال حمالة �إىل �إنتاجية ذات جودة وتكاليف �أقل‪ ،‬فمن غري املحتمل �أن ي�سعى الأفراد الذين يتمتعون‬
‫مب�ستوى من الر�ضا الوظيفي عن عملهم �إىل البحث عن عمل �آخر �أو التهاون فيه‪� ،‬إذ يجب على‬
‫الإدارة �أال ترتدد يف تق�صي الروح املعنوية لكافة العاملني و�أال تعتقد �أنها تخلق م�شاكل �أو تثري‬
‫الرغبة لدى الأفراد للتقدم بال�شكاوي‪ .‬ف�إذا كان تذمر الأفراد وعدم ر�ضاهم �سيظهر على �شكل‬
‫�شكاوي‪ ،‬ف�إن ذلك يكون �أمرا مرغوبا فيه بدال من �أن يظل التذمر وعدم الر�ضا مكبوتني يف �أعماق‬
‫املوظفني‪ .‬لهذا من م�صلحة الإدارة التعليمية �أن تتعرف على �أ�سباب عدم الر�ضا فتعمل على‬
‫حتليلها ودرا�ستها و�إيجاد احللول ملعاجلتها‪.‬‬

‫ومادام التعامل مع الإ�صالحات التعليمية يف املغرب ينظر �إليها على �أنها تعليمات منبثقة من فوق‬
‫ولي�س بو�صفها م�شاريع �ساهم ه�ؤالء الفاعلون فيها وبالتايل مل يتملكوها وانعدم احلافز والتعبئة‬
‫احلقيقية لديهم‪ .‬فالواجب �أن تبني �إ�صالح تربوي ذا طبيعة تعددية معقدة‪ ،‬يتطلب �أوال قبول‬
‫الفاعلني وا�ستيعابهم له‪ ،‬ثم التحكم فيه وامتالكه قبل تطبيقه‪ ،‬عمال باحلكمة الإفريقية التي تقول‬
‫«يجب تعبئة قرية بكاملها لرتبية طفل»‪ .‬وهذا يدفعنا للت�سا�ؤل ‪ :‬كيف للموظف �أن يتمتع بروح‬
‫معنوية يف مناخ ال يقدم له فر�صة يف �إثبات ذاته فيه؟ وكيف يطلب منه �أن يقدم �إجنازا يف جمال عمله‬
‫هو ال ي�شكل حمورا �أ�سا�سيا يف بنائه و�إمنا ي�شكل عامال يف �أدائه؟‪.‬‬

‫خامتة‬

‫ختاما‪ ،‬ن�ؤكد على �أن �إ�صالح املنظومة الرتبوية الوطنية‪ ،‬هو �إ�صالح متجدد و�أن املدر�سة املغربية‬
‫�صريورة م�ستمرة‪ ،‬نظرا للتغريات التي تعرفها حاجات املجتمع وتطلعاته‪� ،‬إىل جانب ما يعرفه‬
‫العامل اليوم من تطورات معرفية‪ ،‬علمية وتقنية وتكنولوجية �رسيعة‪ ،‬ومن توجه نحو اقت�صاد‬
‫‪64‬‬
‫عمليـة اتخــاذ القـرار الرتبـوي و�أثـر الالمركزيـة على جودتـه‬

‫املعرفة‪� .‬إذ البد من توفري املناخ املالئم للتعبئة اجلادة وامل�ستمرة بغاية ت�أهيل املنظومة الرتبوية‬
‫لال�ضطالع بدورها يف بناء امل�رشوع املجتمعي احلداثي الذي انخرط فيه املغرب الذي يهدف �إىل‬
‫توفري م�ستلزمات التقدم والتنمية االقت�صادية واالجتماعية والب�رشية‪.‬‬

‫جممل القول‪� ،‬أن الالمركزية يف عملية اتخاذ القرارات الرتبوية لي�ست جمرد التن�صي�ص يف‬
‫القوانني امل�ؤطرة للقطاع على حتويل القرار من املركز �إىل الوحدات املحدثة على امل�ستوى املحلي‬
‫ورفع �شعار املقاربة الت�شاركية يف عمليات الإ�صالح‪ .‬الأمر �أعمق من ذلك؛ �إنها عملية لتج�سيد الفعل‬
‫والر�ؤية‪ ،‬عملية مباد�أة وابتكار واجتهاد متوا�صل لالرتقاء بالعمل الرتبوي �إىل امل�ستوى الذي‬
‫ميكنه من ت�أهيل املتعلمني ليكونوا قادرين على مواجهة حتديات الع�رص ورهاناته‪.‬‬

‫ويف �آخر هذه الدرا�سة‪ ،‬نو�صي مبا يلي ‪:‬‬

‫–  ن�رش ثقافة الالمركزية يف املجتمع التعليمي‪ ،‬وتعزيز امل�شاركة املجتمعية يف جو من‬


‫اال�ستقاللية واحلرية فيما يتعلق بعملية اتخاذ القرارات الرتبوية بعيدا عن امل�صالح‬
‫ال�سيا�سية ال�ضيقة‪.‬‬

‫–  اعتماد الالمركزية يف اتخاذ القرار‪ ،‬وذلك ب�إعطاء املوظف فر�صة لكي يقرر بنف�سه �أ�سلوب‬
‫تنفيذ املهام‪ ،‬والذي ينمي احلافز الذاتي والر�ضا الوظيفي لديه ويعمل على �إيجاد �أفكار‬
‫جديدة ويطبقها‪ ،‬وبالتايل حتقيق اجلودة ال�شاملة يف الأداء‪.‬‬

‫–  عقد دورات تدريبية خا�صة بالقادة وكل الفاعلني على امل�ستوى املركزي واملحلي من �أجل‬
‫ت�أهيلهم وتدريبهم مبا ميكن من تطبيق الالمركزية ملواكبة �أحدث ما تو�صل �إليه علم الإدارة‬
‫يف جمال �صناعة واتخاذ القرارات الرتبوية‪.‬‬

‫–  �إف�ساح املجال �أمام املر�ؤو�سني يف امل�شاركة احلقيقية يف عملية اتخاذ القرار واالعرتاف‬
‫بقدراتهم وكفاءتهم يف حتقيق �أهداف املنظومة الرتبوية‪.‬‬

‫–  العمل على �إعادة ثقة املجتمع املغربي مبختلف مكوناته وفاعليه يف منظومته التعليمية‪ ،‬ويف‬
‫قدرة هذه التوجهات الإ�صالحية على اال�ضطالع مبهمتها يف رفع حتديات مغرب احلا�رض‬
‫وامل�ستقبل‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫حمماد البداوي‬

‫املراجــع‬
‫�أوال ‪ :‬املراجع باللغة العربية‬
‫‪ .1‬الكتـــب‬
‫�أ – الكتب العامة‬
‫�أحمد حممد امل�رصي (‪ ،)2004‬الإدارة احلديثة ‪ :‬االت�صاالت – املعلومات – القرارات‪ ،‬ط‪،1 .‬‬
‫م�ؤ�س�سة �شباب اجلامعة‪ ،‬الإ�سكندرية‪ ،‬م�رص‪.‬‬
‫�سعود النمر و�آخرون (‪ ،)2001‬الإدارة العامة‪ :‬الأ�س�س والوظائف‪ ،‬ط‪ ،5 .‬مطابع الفرزدق‬
‫التجارية‪ ،‬الريا�ض‪ ،‬اململكة العربية ال�سعودية‪.‬‬
‫عبا�س علي (‪� ،)2010‬أ�سا�سيات علم الإدارة‪ ،‬ط‪ ،5 .‬دار امل�سرية للن�رش والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬الأردن‪.‬‬
‫عمر �أحمد هم�رشي (‪ ،)2001‬الإدارة احلديثة للمكتبات ومراكز املعلومات‪ ،‬ط‪ ،1 .‬دار �صفاء‬
‫للن�رش‪ ،‬عمان‪ ،‬الأردن‪.‬‬
‫حممود �سلمان العميان (‪ ،)2003‬ال�سلوك التنظيمي يف منظمات الأعمال‪ ،‬ط‪ ،5 .‬دار وائل للن�رش‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬الأردن‪.‬‬
‫ب ‪ -‬الكتب املتخ�ص�صة‬
‫�أمرية علي حممد (‪ ،)2008‬مهارات الإدارة املدر�سية والرتبوية‪ ،‬ط‪ ،1 .‬الدار العاملية للن�رش‬
‫والتوزيع‪ ،‬اجليزة‪ ،‬م�رص‪.‬‬
‫خرباء املجموعة العربية (‪ ،)2014‬الر�ضا الوظيفي واالرتقاء بالعمل املهني‪ ،‬املجموعة العربية‬
‫للتدريب والن�رش‪ ،‬القاهرة‪ ،‬م�رص‪.‬‬
‫خليل حممد العزاوي (‪� ،)2006‬إدارة واتخاذ القرار الإداري‪ ،‬كنوز املعرفة للن�رش‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫الأردن‪.‬‬
‫زيد منري عبوي (‪ ،)2010‬دور القيادات الرتبوية يف اتخاذ القرارات الإدارية‪ ،‬دار ال�رشوق‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬الأردن‪.‬‬
‫عبد اجلواد بكر (‪ ،)2002‬ال�سيا�سة التعليمية و�صنع القرار‪ ،‬دار الوفاء‪ ،‬الإ�سكندرية‪ ،‬م�رص‪.‬‬
‫‪66‬‬
‫عمليـة اتخــاذ القـرار الرتبـوي و�أثـر الالمركزيـة على جودتـه‬

‫م�صطفى �صالح عبد احلميد (‪ ،)2002‬الإدارة املدر�سية يف �ضوء الفكر الإداري املعا�رص‪،‬‬
‫دار املريخ للن�رش‪ ،‬الريا�ض‪ ،‬اململكة العربية ال�سعودية‪.‬‬
‫منال �أحمد البارودي (‪ ،)2015‬الر�ضا الوظيفي وفن التعامل مع الر�ؤ�ساء واملر�ؤو�سني‪،‬‬
‫املجموعة العربية للتدريب والن�رش‪ ،‬القاهرة‪ ،‬م�رص‪.‬‬
‫نواف كنعان (‪ ،)2007‬اتخاذ القرارات الإدارية بني النظرية والتطبيق‪ ،‬ط‪ ،2 .‬دار الثقافة للن�رش‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬الأردن‪.‬‬

‫‪ .2‬جمــالت‬
‫عبد العزيز �سنهجي (‪�« ،)2013‬إ�شكالية اتخاذ القرار يف منظومة الرتبية والتكوين»‪ ،‬جملة عامل‬
‫الرتبية‪ 22( ،‬و‪ ،)23‬اجلزء ‪ ،2‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البي�ضاء‪� ،‬ص‪.485 .‬‬
‫ليلى الع�ساف وخالد احمد ال�رصايرة (‪�« ،)2011‬أمنوذج مقرتح لتطوير �إدارة امل�ؤ�س�سة التعليمية‬
‫يف الأردن يف �ضوء فل�سفة اجلودة ال�شاملة»‪ ،‬جملة جامعة دم�شق‪ ،‬ع‪ ،4-3 .‬املجلد ‪� ،27‬سوريا‪،‬‬
‫�ص‪.589 .‬‬

‫‪ .3‬قوانني‬
‫‪29‬‬ ‫الد�ستور املغربي‪� ،‬صادر مبقت�ضى ظهري �رشيف ‪ 1.11.91‬بتاريخ ‪� 27‬شعبان ‪ 1432‬املوافق لـ‬
‫يوليوز ‪ ،2011‬اجلريدة الر�سمية عدد ‪ 5964‬مكرر بتاريخ ‪ 30‬يوليوز ‪.2011‬‬

‫‪ .4‬وثائـق ر�سميـــة‬
‫اململكة املغربية‪ ،‬املجل�س الأعلى للرتبية والتكوين والبحث العلمي‪ « ،‬من �أجل مدر�سة الإن�صاف‬
‫واجلودة واالرتقاء‪ :‬ر�ؤية �إ�سرتاتيجية للإ�صالح ‪.»2030-2015‬‬

‫ثانيا ‪ :‬املراجع باللغة الأجنبية‬


‫‪Herbert A. Simon (1997), Administrative Behavior : A story of decision‬‬
‫‪making processes in administrative organizations, 4th edition, The Free‬‬
‫‪Press, New York, U.S.A.‬‬
‫‪Jean-Marc Santi, Stephane Mercier, Olivier Arnould (2015), la Prise de‬‬
‫‪décision, Dunod, Paris, France.‬‬

‫‪67‬‬
‫الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين‬
‫والالمركزية الإدارية يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي‬
‫حميد ابكرمي‬

‫امللخ�ص‬
‫عرف م�سار نهج الالتركيز والالمركزية بقطاع الرتبية الوطنية تطورات مهمة منذ ح�صول‬
‫املغرب على ا�ستقالله‪ ،‬وميكن تق�سيم هذا امل�سار �إىل مرحلتني �أ�سا�سيتني‪ ،‬املرحلة الأوىل تهم فرتة‬
‫اال�ستقالل �إىل حني �صدور امليثاق الوطني للرتبية والتكوين �ضمت جمموعة من املحطات متيزت‬
‫بتغيريات يف مقاربة تدبري ال�ش�أن الرتبوي‪ ،‬كما ات�سمت كل حمطة من تلك املحطات بعدة �إ�صالحات‬
‫وواكبتها �إجراءات هيكلية مل�ؤ�س�سات الرتبية والتكوين مركزيا وجهويا و�إقليميا‪� .‬أما املرحلة‬
‫الثانية فهمت فرتة اعتماد وتنزيل م�ضامني امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‪ ،‬وعرفت هذه املرحلة‬
‫بدورها �أربع حمطات �شملت اجلوانب الإجرائية والتطبيقية لنهج الالمركزية والالتركيز الإداري‬
‫يف جمال تدبري ال�ش�أن الرتبوي‪ ،‬وخالل هذه املرحلة �صدرت عدة تقارير وطنية ودولية تطرقت‬
‫�إىل االختالالت التي تعرفها املنظومة الرتبوية‪ .‬فالتطور يف الهياكل مل ي�صاحبه تعديل جوهري يف‬
‫�إ�صالح م�ؤ�س�سات التعليم العمومي التي بيدها �إجناح امل�رشوع التنموي املجتمعي‪� ،‬إذ نعتقد انه‬
‫لن يت�أتى ذلك دون �إ�صالح قانوين مي�س مهام هذه امل�ؤ�س�سة و�صالحياتها وطرق تدبريها وانخراط‬
‫�أطرها الرتبوية والإدارية يف عملية الإ�صالح‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬الالمركزية‪ ،‬الالمتركز‪ ،‬امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‪� ،‬إ�صالح‪ ،‬تدبري‬
‫ال�ش�أن الرتبوي‪ ،‬اختالالت املنظومة الرتبوية‪.‬‬

‫مقدمة‬
‫ترتبط التنمية �أ�سا�سا بالعن�رص الب�رشي ومبدى انخراطه الفاعل يف �إجنازها وتنزيلها على �أر�ض‬
‫الواقع‪ ،‬وبنجاعة توظيفه للأدوات العلمية واملعرفية‪ ،‬وو�ضعه خلطط ا�سرتاتيجية لذلك ب�شكل‬
‫عقالين‪ .‬وقد فطن املغرب لأهمية التعليم ودوره يف التنمية امل�ستدامة‪ ،‬فانخرط منذ عدة �سنوات‬
‫حميد ابكرمي‬

‫يف م�شاريع �إ�صالح املنظومة الرتبوية وت�أهيل املدر�سة للقيام بدورها يف �إنتاج ر�أ�سمال ب�رشي‬
‫قادر على رفع حتديات التنمية ومواكبة تطورات املجتمع وم�ستجداته‪ ،‬باعتبار املدر�سة امل�ؤ�س�سة‬
‫الر�سمية التي تعتمدها الدولة للتن�شئة االجتماعية‪ ،‬والف�ضاء الذي تعده لتكوين وت�أهيل املواطنني‬
‫المتالك نا�صية العلوم والتكنولوجيا املتقدمة‪ ،‬والإ�سهام يف تطويرها واالندماج داخل املجتمع‪،‬‬
‫وحتمل م�س�ؤولية الإ�سهام يف تطوير البالد وتعزيز قدراتها‪.‬‬

‫وعمل املغرب املعا�رص على مواكبة دينامية التجديد وق�ضايا التحديث من خالل �إر�ساء جتربة‬
‫اجلهوية الإدارية يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي و�سعى �إىل تطويرها كخيار ا�سرتاتيجي على اعتبار‬
‫�أن جتاوز �إ�شكال الإفراط يف مركزية القرارات وبريوقراطية �سلطة التدبري الأفقي يعدان من �أهم‬
‫�أ�س�س احلكامة اجليدة يف تدبري �ش�ؤون امل�س�ألة الرتبوية‪.‬‬

‫وتوجت هذه الإ�صالحات باعتماد ميثاق الرتبية والتكوين الذي �شكل مرجعية �أ�سا�سية لإ�صالح‬
‫املنظومة الرتبوية‪ .‬وقد حث امليثاق على �إقرار الالمركزية والالمتركز يف قطاع الرتبية والتكوين‬
‫يف دعامته اخلام�سة ع�رش وطالب ب�إعادة هيكلة نظام الأكادمييات وتو�سيع �صالحياتها لت�صبح‬
‫�سلطة جهوية للرتبية والتكوين ال ممركز تتمتع بال�شخ�صية املعنوية واال�ستقالل الإداري واملايل‪.‬‬

‫واعترب نهج الالمركزية والالمتركز الإداري من مرتكزات ودعامات هذا الإ�صالح وخيارا‬
‫ا�سرتاتيجيا يهدف �إىل ممار�سة �سيا�سة القرب واالرتقاء بخدمات الرتبية والتكوين‪ ،‬حيث جعل من‬
‫�أولوياته االهتمام بالت�سيري والتدبري املعقلن لإدارة الرتبية والتكوين واالهتمام بالعن�رص الب�رشي‬
‫وحتفيزه‪� ،‬إىل جانب التنظيم البيداغوجي والرفع من جودة التكوين‪.‬‬

‫وتعد الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين املحدثة مبوجب القانون رقم ‪� 07.00‬إطارا م�ؤ�س�ساتيا‬
‫�أ�سا�سيا يف نهج الالمركزية الإدارية يف تدبري املنظومة الرتبوية‪.‬‬

‫فهل �شكل �إحداث الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين حتوال نوعيا يف تدبري املنظومة الرتبوية؟‬
‫وهل �ساهمت هذه التجربة يف �إر�ساء احلكامة التدبريية؟ وما هي التدابري التي اعتمدتها الوزارة‬
‫الو�صية على القطاع لإجناح املقاربة اجلهوية يف ت�سيري املنظومة الرتبوية وم�صاحبة نهج‬
‫الالمركزية والالمتركز الإداري؟ وما هي العالقة بني الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين‬
‫كم�ؤ�س�سات عمومية تتمتع باال�ستقالل املايل والإداري واملراكز اجلهوية ملهن الرتبية والتكوين‬
‫‪70‬‬
‫الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين والالمركزية الإدارية يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي‬

‫كم�ؤ�س�سات لتكوين الأطر العليا؟ هل هي عالقة تبعية �أم عالقة تعاون وتن�سيق؟ وما مدى حتقق‬
‫نهج الالمركزية على م�ستوى امل�ؤ�س�سة التعليمية؟‬

‫�سنعتمد‪ ،‬يف مقاربتنا للمو�ضوع‪ ،‬املنهج الو�صفي للقيام بر�صد �أهم الإ�صالحات التي همت نهج‬
‫الالمركزية والالمتركز الإداري بقطاع الرتبية الوطنية‪ ،‬و�إبراز �أهم املكت�سبات التي راكمتها‬
‫الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين يف جمال تدبري املنظومة الرتبوية وال �سيما ما يتعلق بتدبري‬
‫املوارد الب�رشية وجتويد اخلدمات التعليمية‪ ،‬و�سنعالج املو�ضوع وفق املحاور التالية‪:‬‬
‫–  املحور الأول‪ :‬م�سار الالمركزية والالمتركز الإداري لتدبري ال�ش�أن الرتبوي بقطاع الرتبية‬
‫الوطنية‪.‬‬
‫–  املحور الثاين‪ :‬العالقة بني الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين واملراكز اجلهوية ملهن‬
‫الرتبية والتكوين‪.‬‬
‫–  املحور الثالث‪� :‬إر�ساء الالمركزية يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي على م�ستوى امل�ؤ�س�سة التعليمية‪.‬‬

‫املحور الأول‪ :‬م�سار الالمركزية والالمتركز الإداري لتدبري ال�ش�أن الرتبوي‬


‫بقطاع الرتبية الوطنية‬
‫جتدر الإ�شارة بداية �إىل �أن التفكري يف ق�ضايا التعليم ي�ستدعي التمييز بني النظام واملنظومة‬
‫وعدم اخللط بينهما‪ ،‬فعندما نتحدث عن «منظومة»‪ ،‬ف�إننا نحيل �إىل بنية تتميز عنا�رصها‬
‫الداخلية باالن�سجام والتما�سك بني حمتواها املعريف وطرق ا�شتغالها على امل�ستوى البيداغوجي‬
‫وم�ؤ�س�ساتها املادية‪ ،‬يف حني �أن «نظام» الرتبية والتعليم يفرت�ض فيه �أن يكون حامال ومرتجما‬
‫مل�رشوع اجتماعي وا�ضح ومتوافق ب�ش�أنه باعتباره جزء من النظام املجتمعي‪ ،‬ومرتجما حلاجياته‪،‬‬
‫ومعربا عن اختياراته اال�سرتاتيجية وتطلعاته (بن�سعيد‪� ،2009 ،‬ص‪ .)57 .‬قد يكون لعدم‬
‫‪1‬‬

‫التوافق بني خمتلف التيارات املجتمعية حول نظام الرتبية والتعليم منذ بداية اال�ستقالل الأثر على‬
‫م�سار الإ�صالحات التي عرفتها املنظومة الرتبوية‪ ،‬فم�سار الإ�صالحات التعليمية �إىل حدود اعتماد‬
‫امليثاق الوطني للرتبية والتكوين اقت�رصت على البعد التعليمي‪� ،‬أما املحتوى الرتبوي وامل�رشوع‬
‫املجتمعي‪ ،‬فقد مت تدبري النقا�ش حوله من منطق «التوافق والإجماع»‪ ،‬وغالبا ما مت هذا التوافق‬
‫حول ثوابت اعتربت مبثابة «مقد�سات» ت�شتغل خارج التاريخ (بن�سعيد‪� ،2009 ،‬ص‪ .)58 .‬ونحن‬
‫‪2‬‬

‫يف هذه املداخلة �سنقت�رص على حتليل املنظومة الرتبوية بالنظر �إىل �أن مو�ضوعها مرتبط بالطبيعة‬
‫‪71‬‬
‫حميد ابكرمي‬

‫التدبريية لل�ش�أن الرتبوي‪ ،‬و�سنتطرق يف املحور الأول �إىل اجلوانب التي تهم الت�أ�صيل القانوين‬
‫لنهج الالمركزية والالتركيز الإداري بقطاع الرتبية الوطنية دون الدخول يف تفا�صيل املحطات‬
‫الإ�صالحية التي عرفها التعليم باملغرب‪ .‬وميكن �أن منيز يف م�سار نهج الالمركزية والالتركيز‬
‫بقطاع الرتبية الوطنية بني مرحلتني �أ�سا�سيتني‪ :‬مرحلة اال�ستقالل �إىل �صدور امليثاق الوطني‬
‫للرتبية والتكوين ومرحلة ما بعد �صدور ميثاق الرتبية والتكوين‪.‬‬

‫املرحلة الأوىل‪ :‬مرحلة اال�ستقالل �إىل �صدور امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‬

‫ميكن تق�سيم هذه املرحلة �إىل �أربع حمطات �أ�سا�سية كانت مبثابة �إرها�صات �أولية لإر�ساء نظام‬
‫الالتركيز والالمركزية الإدارية يف قطاع الرتبية الوطنية‪.‬‬

‫• املحطة الأوىل‪ :‬انطلقت مع ت�شكيل اللجنة الثالثة (اللحية‪� ،2015 ،‬ص‪ )15-8 .‬لإ�صالح‬
‫‪3‬‬

‫التعليم يف عهد عبد اهلل �إبراهيم حتت ا�سم الرتبية والثقافة‪ ،‬ومن �ضمن النقط التي توقفت عندها‬
‫هذه اللجنة �إعادة هيكلة وزارة التعليم وت�أ�سي�س املجل�س الأعلى للتعليم‪ .‬ومبا�رشة بعد ذلك‪،‬‬
‫�صدر الظهري ال�رشيف رقم ‪ 1.61.380‬الذي يعترب �أول ن�ص يحدث م�صالح خارجية للوزارة‬
‫على م�ستوى الأقاليم‪ ،‬حيث ن�ص الف�صل الثاين منه على �أن وزارة الرتبية الوطنية ت�شتمل على‬
‫ديوان الوزير وعلى �إدارة مركزية ومفو�ضيات �إقليمية (النيابات)‪ .‬وحدد الف�صل الرابع من‬
‫‪4‬‬

‫نف�س الظهري عدد هذه املفو�ضيات يف ع�رشة‪ ،‬يتم حتديد مركزها ودائرة نفوذها بقرار ي�صدره‬
‫وزير الرتبية الوطنية‪ ،‬ودخلت هذه املقت�ضيات حيز التنفيذ ابتداء من فاحت يناير ‪ .1962‬و�ستعرف‬
‫هذه املحطة تنظيم مناظرة املعمورة يف �أبريل ‪ 1964‬التي خرجت باالتفاق على التعميم والتعريب‬
‫ومغربة الأطر والرفع من م�ستوى التعليم (اللحية‪� ،2015 ،‬ص‪.)11 .‬‬
‫‪5‬‬

‫• املحطة الثانية‪ :‬يف �سنة ‪� 1976‬سيتم و�ضع هيكلة جديدة للوزارة مبوجب مر�سوم‬
‫رقم ‪ ،2.75.837‬ن�ص يف ف�صله الثاين على �أن وزارة الرتبية الوطنية ت�شمل بالإ�ضافة �إىل ديوان‬
‫الوزير على �إدارة مركزية وم�صالح خارجية‪ ،‬وتت�ألف هذه امل�صالح من نيابات بالعماالت �أو‬
‫الأقاليم املعهود �إليها يف حدود اخت�صا�صاتها الرتابية بتمثيل وزارة التعليم االبتدائي والثانوي‬
‫على ال�صعيد اجلهوي‪ ،‬وي�سهر النائب بالعمالة �أو الإقليم على تطبيق ال�سيا�سة املدر�سية‪ ،‬وعلى‬
‫تنفيذ مقررات الوزير‪ ،‬ويتوىل تن�شيط ومراقبة وتن�سيق �أعمال م�صالح وم�ؤ�س�سات التعليم‬
‫والتكوين التابعة لنيابته (الف�صل ‪ 13‬من املر�سوم)‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين والالمركزية الإدارية يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي‬

‫• املحطة الثالثة‪ :‬وفيها �سيتقوى نظام الالتركيز الإداري بقطاع الرتبية الوطنية عن طريق‬
‫�إحداث �أكادمييات كوحدات �إدارية متار�س بع�ض املهام ولها ر�أي ا�ست�شاري‪ .‬وقد ن�ص املر�سوم‬
‫رقم ‪ 2.87.753‬يف املادة الأوىل منه �أن امل�صالح اخلارجية للوزارة املكلفة بالتعليم االبتدائي‬
‫والثانوي تت�ألف من الأكادمييات والنيابات بالعماالت والأقاليم‪ ،‬وتتوىل الأكادمييات يف دوائر‬
‫اخت�صا�صها ومع مراعاة ال�صالحيات امل�سندة �إىل نيابات التعليم بالعماالت والأقاليم القيام‪ ،‬يف‬
‫نطاق توجيهات ال�سلطة احلكومية املكلفة بالتعليم االبتدائي والثانوي‪ ،‬بتطبيق ال�سيا�سة التي‬
‫تعتمدها احلكومة وتنفذها ال�سلطة يف امليادين التي تهم تنظيم االمتحانات واملراقبة الرتبوية‬
‫وتطبيق الربامج‪ .‬وبجانب كل �أكادميية‪ ،‬يتم �إحداث جمل�س ا�ست�شاري يبدي ر�أيه يف الق�ضايا‬
‫املتعلقة بـ‪:‬‬
‫• م�شاريع �إ�صالح التعليم والت�أهيل املهني؛‬
‫• و�ضع اخلريطة املدر�سية للتعليم والت�أهيل املهني؛‬
‫• �إعداد خمطط التنمية؛‬
‫• تنظيم الأن�شطة املدر�سية املوازية‪.‬‬

‫• املحطة الرابعة‪ :‬كانت بداية هذه املحطة مع �صدور املر�سوم (رقم ‪ )2.93.625‬يف �ش�أن‬
‫الالتركيز الإداري الذي مت مبوجبه حتديد وتوزيع االخت�صا�صات والو�سائل بني امل�صالح‬
‫املركزية واخلارجية للإدارات العامة (املادة الأوىل)‪ .‬وقد ن�ص يف مادته الثانية على �أنه يعهد �إىل‬
‫امل�صالح اخلارجية‪ ،‬يف نطاق اخت�صا�صها‪ ،‬بتنفيذ �سيا�سة احلكومة وجميع القرارات والتوجيهات‬
‫ال�صادرة عن ال�سلطات املخت�صة مع �إمكانية تفوي�ض الوزراء �إىل ر�ؤ�ساء امل�صالح اخلارجية التابعة‬
‫لهم الت�رصف با�سمهم �ضمن احلدود الداخلة يف نطاق اخت�صا�صهم‪ .‬كما مت �إحداث جلنة دائمة‬
‫لالتركيز الإداري لدى الوزير الأول تتوىل اقرتاح �سيا�سة احلكومة يف املو�ضوع وتتبع تنفيذها ‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫ويف ‪ 16‬يونيو ‪� 1994‬أحدثت اللجنة الوطنية املكلفة بدرا�سة ق�ضايا التعليم‪ ،‬غري �أن هذه اللجنة مل‬
‫حتقق الهدف املر�سوم لها على الرغم مما بذلته من جهود‪ ،‬بحيث مل يتمخ�ض عن �أعمالها �إال ن�ص‬
‫م�رشوع التقرير النهائي حول‪« :‬وثيقة املبادئ الأ�سا�سية» بتاريخ ‪ 25‬يونيو ‪ ،1995‬ومن بني‬
‫الأ�سباب التي �أدت �إىل ف�شل اللجنة اعرتا�ض امللك الراحل على بع�ض التوجهات املقررة‪ ،‬معتربا‬
‫�أن اللجنة الزالت تفكر بعقلية املا�ضي فيما يخ�ص املغربة والتعريب والتوحيد واملجانية ومنتقدا‬
‫موقفها �إزاء االزدواجية اللغوية (مهمون‪.)2016 ،‬‬
‫‪7‬‬

‫‪73‬‬
‫حميد ابكرمي‬

‫خالل هذه الفرتة �سيعرف التنظيم الالمركزي باملغرب تطورا نوعيا متثل يف �صدور القانون‬
‫رقم ‪ 96.43‬اخلا�ص ب�إحداث وتنظيم اجلهات والتي ن�ص عليها الف�صل مائة من د�ستور ‪1996‬‬

‫واعتربها جماعات حملية تتمتع بال�شخ�صية املعنوية واال�ستقالل املايل‪ .‬فباملوازاة مع ذلك مت و�ضع‬
‫هيكلة جديدة لوزارة الرتبية الوطنية يف ‪ 4‬فرباير ‪ 1998‬كان من �ضمن مديرياتها‪ ،‬مديرية مكلفة‬
‫بالالتركيز والتنظيم والإعالميات‪� ،‬أ�سند �إليها مهمة �إعداد الت�صميم املديري لعمليات التركيز‬
‫م�صالح الوزارة وال�سهر على تطبيقه‪ ،‬و�إعداد الت�صميم املديري لتكوين املوظفني الإداريني‬
‫للم�صالح املركزية واخلارجية‪ ،‬كما تولت هذه املديرية �ضمان االن�سجام بني �أن�شطة املديريات‬
‫املركزية يف عالقتها مع امل�صالح اخلارجية‪ ،‬والقيام �أي�ضا بتنظيم �أن�شطة امل�صالح اخلارجية‬
‫وجتميع املعلومات املتعلقة بالتدبري من هذه امل�صالح (املر�سوم رقم ‪.)2.96.956‬‬
‫‪8‬‬

‫كما مت خالل نف�س الفرتة تعيني حكومة التناوب التي جعلت �ضمن �أولوياتها الأ�سا�سية و�ضع‬
‫�إ�صالح �شامل لنظام الرتبية والتكوين يرتكز على القيم الأخالقية‪ ،‬وحل م�شكل الأمية وتعميم‬
‫التمدر�س ‪.‬‬
‫‪9‬‬

‫ويف ظل هذه احلكومة تعزز نظام الالتركيز الإداري بقطاع الرتبية الوطنية ب�صدور قرار لوزير‬
‫الرتبية الوطنية (رقم ‪ )1192.99‬حدد مبوجبه اخت�صا�صات وتنظيم نيابات الوزارة كم�صالح‬
‫خارجية‪ ،‬حيث �أ�صبحت النيابات تقوم يف نطاق نفوذها الرتابي بامل�ساهمة يف و�ضع وتطبيق �سيا�سة‬
‫الوزارة يف ميدان التعليم الأويل والأ�سا�سي والثانوي‪ ،‬عن طريق و�ضع وتنفيذ م�شاريع تنطلق‬
‫من املخططات والتوجيهات الوطنية التي حتددها الوزارة ب�شكل يراعي اخل�صو�صيات املحلية‬
‫والإقليمية‪ .‬وتقوم كذلك‪ ،‬وبالتن�سيق مع الأكادمييات وكل اجلهات املخت�صة‪ ،‬بتتبع وتقومي العمل‬
‫الرتبوي يف امل�ؤ�س�سات التعليمية العمومية واخل�صو�صية وتقومي عمل هيئات التفتي�ش وهيئات‬
‫الت�أطري وت�سهر على �رصف ميزانيتها‪ ،‬وكذا العمل على انفتاح امل�ؤ�س�سات التعليمية على حميطها‬
‫االجتماعي والثقايف واالقت�صادي ‪.‬‬
‫‪10‬‬

‫املرحلة الثانية‪ :‬ما بعد �صدور ميثاق الرتبية والتكوين‬

‫ميكن تق�سيم هذه املرحلة بدورها �إىل �أربع حمطات �أ�سا�سية على ال�شكل التايل‪:‬‬
‫‪74‬‬
‫الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين والالمركزية الإدارية يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي‬

‫• املحطة الأوىل ‪ : 2001-2000‬متيزت هذه املرحلة باعتماد ميثاق الرتبية والتكوين والذي‬
‫‪11‬‬

‫ت�ضمن جمموعة من االختيارات والتوجيهات البيداغوجية وال�سو�سيوتربوية كانت مبثابة �أجوبة‬


‫�أو حلول للم�سائل التي �شغلت املواطنني‪ .‬و�صمم امليثاق من جهة ثانية تنظيما للن�سق الرتبوي‬
‫وذلك بخلق هي�آت �أو م�ؤ�س�سات جديدة و�إعادة حتديد �أدوار فعاليات الن�سق الرتبوي �سواء منها‬
‫العاملة بداخله �أو بجواره �أو معه (بردوزي‪� ،2012 ،‬ص‪.)8 .‬‬
‫‪12‬‬

‫وقد اعترب العديد من املخت�صني والفاعلني يف املجال الرتبوي �أن امليثاق يتمتع بقوة �سيا�سية �أرفع‬
‫من العمل الت�رشيعي ال�رصف‪ ،‬وهي قوة ي�ستمدها من م�صادقة جميع ح�سا�سيات الأمة عليه ومن‬
‫تزكيته امللكية (بردوزي‪� ،2012 ،‬ص‪.)14 .‬‬
‫‪13‬‬

‫وكان �ضمن �أولويات امليثاق االنتقال من نظام املركزية املفرطة يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي �إىل نهج‬
‫منط تدبريي ي�ستند على الالمركزية �إىل جانب الالمتركز وذلك متا�شيا مع ال�سيا�سة التي نهجها‬
‫املغرب‪ ،‬مبقت�ضى الد�ستور والقوانني املنظمة للجهات وللجماعات املحلية يف جمال الالمركزية‬
‫والالمتركز الإداريني‪ ،‬وكذلك من �أجل تب�سيط م�ساطر تدبري العدد املتزايد من املدر�سني ومن‬
‫امل�ؤطرين ومن التجهيزات الأ�سا�سية يف قطاع الرتبية والتكوين‪ ،‬وتي�سري ال�رشاكة والتعاون‬
‫امليداين مع كل الأطراف الفاعلة يف القطاع �أو املعنية به‪ ،‬وال�سعي �إىل مالءمة الرتبية والتكوين‬
‫للحاجات والظروف اجلهوية واملحلية‪ ،‬و�ضبط امل�س�ؤوليات بني خمتلف م�ستويات املنظومة حلل‬
‫امل�شكالت العملية للقطاع ب�أقرب ما ميكن من امل�ؤ�س�سات التعليمية والتكوينية‪.‬‬

‫وملعرفة التوجهات الكربى التي جاء بها امليثاق يف جمال الالمركزية والالتركيز الإداري‬
‫نقف عند الدعامة اخلام�سة ع�رش التي تندرج �ضمن املجال اخلام�س املتعلق بالت�سيري والتدبري‬
‫و�إقرار الالمركزية والالمتركز يف قطاع الرتبية والتكوين‪ ،‬وتتوزع م�ضامني هذه الدعامة ما‬
‫بني املادة ‪ 144‬واملادة ‪ 153‬وكلها تن�صب على جمال التدبري على امل�ستوى اجلهوي والإقليمي‬
‫واملحلي‪ ،‬ومن �ضمن ما جاء فيها ‪:‬‬
‫‪14‬‬

‫• التقلي�ص من االخت�صا�صات التدبريية للإدارة املركزية داخل املنظومة الرتبوية؛‬


‫• �إعادة هيكلة نظام الأكادمييات وتو�سيعها لت�صبح �سلطة جهوية للرتبية والتكوين تتمتع‬
‫بال�شخ�صية املعنوية واال�ستقالل الإداري واملايل‪ ،‬وتتوفر على جمال�س �إدارية وجلان‬
‫خمت�صة ت�ضم فاعلني من القطاعني العام واخلا�ص واملجتمع املدين‪ ،‬ويتم تزويدها باملوارد‬
‫املادية والب�رشية الفعالة لت�ضطلع باالخت�صا�صات املوكولة �إليها؛‬
‫‪75‬‬
‫حميد ابكرمي‬

‫• تو�سيع اخت�صا�صاتها لت�شمل و�ضع املخططات واخلرائط املدر�سية‪ ،‬وتتبع م�شاريع البناء‬
‫والتجهيز الرتبويني‪ ،‬والإ�رشاف على ال�سري العام للدرا�سة والتكوين‪ ،‬والقيام مببادرات‬
‫لل�رشاكة‪ ،‬وتدبري املوارد الب�رشية؛‬
‫• تعزيز امل�صالح الإقليمية املكلفة بالرتبية والتكوين من حيث �ضبط االخت�صا�صات وتوفري‬
‫و�سائل العمل وتعزيز التن�سيق بني خمتلف مكوناتها‪ ،‬باجتاه �إدماجها الكامل؛‬
‫• �إحداث جمال�س التدبري على م�ستوى امل�ؤ�س�سات التعليمية مل�ؤازرة هي�أة الإدارة الرتبوية‬
‫باعتبارها الإدارة املج�سدة لالمركزية والالمتركز‪ ،‬ويكون من �ضمن مهامها امل�ساعدة‬
‫و�إبداء الر�أي يف برجمة �أن�شطة امل�ؤ�س�سة ومواقيت الدرا�سة وا�ستعماالت الزمن وتوزيع‬
‫مهام املدر�سني‪ ،‬والإ�سهام يف التقومي الدوري للأداء الرتبوي واقرتاح احللول املالئمة لرفع‬
‫م�ستوى املدر�سة و�إ�شعاعها داخل حميطها؛‬
‫• ر�صد ميزانية للت�سيري العادي وال�صيانة لكل م�ؤ�س�سة‪ ،‬ويقوم املدير ب�رصفها حتت مراقبة‬
‫جمل�س التدبري‪ ،‬ومتنح تدريجيا للثانويات �صفة «م�صلحة للدولة ت�سري بطريقة م�ستقلة»‬
‫نظام (‪. )SEGMA‬‬
‫‪15‬‬

‫• حت�سني التدبري العام لنظام الرتبية والتكوين‪ ،‬وذلك من خالل تقومي الإدارات املركزية‬
‫مبختلف م�ستوياتها ق�صد تر�شيد وتوحيد املبادرات واملخططات وحتقيق �شفافية امليزانية‬
‫املر�صودة‪ ،‬وكذا تقلي�ص تكاليف الت�سيري الإداري وتر�شيد وعقلنة تدبري املوارد الب�رشية‪،‬‬
‫و�إعادة النظر يف اخت�صا�صات امل�صالح املركزية لقطاع الرتبية الوطنية من خالل االكتفاء‬
‫بالوظائف اال�سرتاتيجية كالت�أطري والتنظيم والتوجيه واملراقبة والتقييم ‪.‬‬
‫‪16‬‬

‫ويف �إطار �أجر�أة ميثاق الرتبية والتكوين �أ�سهمت ال�سلطة احلكومية املكلفة بالرتبية الوطنية يف‬
‫�إ�صدار عدد من الن�صو�ص القانونية والتنظيمية تهم نهج م�سار الالمركزية والالتركيز الإداري‬
‫بقطاع الرتبية الوطنية ‪.‬‬
‫‪17‬‬

‫• املحطة الثانية ‪ :2008-2002‬انطلقت هذه املحطة بتعديل هيكلة واخت�صا�صات وزارة‬


‫الرتبية الوطنية لتتما�شى مع النهج اجلديد الذي تبناه النظام الرتبوي املغربي يف تدبري �ش�أن‬
‫الرتبية والتكوين وذلك ب�إ�صدار املر�سوم رقم ‪ 2.02.382‬ال�صادر يف ‪ 17‬يوليوز ‪ 2002‬ب�ش�أن‬
‫حتديد اخت�صا�صات وتنظيم وزارة الرتبية الوطنية‪ ،‬وقد جعل هذا املر�سوم من مهام الوزارة‬
‫‪76‬‬
‫الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين والالمركزية الإدارية يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي‬

‫القيام بالوظائف الإ�سرتاتيجية كالت�أطري والتنظيم والتقنني والتوجيه واملراقبة‪ ،‬مع االحتفاظ‬
‫ببع�ض االخت�صا�صات الأ�سا�سية كتدبري املوارد الب�رشية واملمتلكات‪ ،‬وم�صاحبة وت�أطري جتربة‬
‫الأكادمييات وتن�سيق جمهوداتها ومبادراتها وتتبع تنفيذها وتقومي نتائجها‪ ،‬مبا يخدم التوازن‬
‫وتكاف�ؤ الفر�ص بني اجلهات‪ ،‬وتوزيع املوارد بني املركز والأكادمييات‪ .‬كما مت تقلي�ص البنيات‬
‫املركزية‪ ،‬حيث انخف�ض عدد املديريات املركزية من ‪� 18‬إىل ‪ 10‬مديريات‪ ،‬وعدد الأق�سام من ‪� 72‬إىل‬
‫‪ 33‬ق�سما وعدد امل�صالح من ‪� 238‬إىل ‪ 71‬م�صلحة ‪ ،‬ومت تعزيز املفت�شية العامة للوزارة ب�إحداث‬
‫‪18‬‬

‫من�صبي مفت�ش عام مكلف بال�ش�ؤون الرتبوية ومفت�ش عام مكلف بال�ش�ؤون الإدارية ‪.‬‬
‫‪19‬‬

‫كما �صدر املر�سوم رقم ‪ 2.02.376‬ال�صادر يف ‪ 17‬يوليو ‪ 2002‬مبثابة النظام الأ�سا�سي اخلا�ص‬
‫مب�ؤ�س�سات الرتبية والتعليم العمومي‪� ،‬ألذي �أكد على �أن م�ؤ�س�سات الرتبية والتعليم العمومي‬
‫تو�ضع حتت �سلطة الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين يف حدود دائرة نفوذها الرتابي‪ ،‬وتقدم‬
‫خدمات الرتبية والتعليم يف �سائر مراحل التعليم الأويل واالبتدائي والثانوي‪ ،‬وعلى �أن �آليات‬
‫الت�أطري والتدبري الرتبوي والإداري مب�ؤ�س�سات الرتبية والتعليم العمومي تتكون من �إدارة‬
‫تربوية وجمال�س (جمل�س التدبري واملجل�س الرتبوي وجمال�س الأق�سام واملجال�س التعليمية)‪ .‬كما‬
‫حددت مقت�ضيات هذا املر�سوم مهام و�صالحيات الإدارة الرتبوية للم�ؤ�س�سة وت�شكيل جمال�س‬
‫امل�ؤ�س�سة واخت�صا�صاتها‪ .‬ويف نف�س الإطار �سيتم �إ�صدار جمموعة من القرارات التنظيمية تعزز‬
‫من نهج الالمركزية والالتركيز الإداري ‪.‬‬
‫‪20‬‬

‫وتعززت هذه احلركية القانونية بقطاع الرتبية الوطنية بالتوجيهات امللكية واحلكومية الرامية‬
‫�إىل ت�شجيع الالمركزية والالمتركز الإداري‪ ،‬وذلك من خالل الر�سالة امللكية املوجهة �إىل الوزير‬
‫الأول يف مو�ضوع التدبري الالمتمركز لال�ستثمار بتاريخ ‪ 9‬يناير ‪ ،2002‬والتي دعا فيها احلكومة‬
‫�إىل �إعداد �إ�صالح لهيكلة املندوبيات اجلهوية للإدارات املركزية بق�صد التقلي�ص من املرافق‬
‫وجتميعها للمزيد من التفاعل والتنا�سق والتقريب فيما بينها ‪ .‬كما قامت احلكومة مبوازاة مع‬
‫‪21‬‬

‫ذلك ب�إ�صدار جمموعة من الن�صو�ص التنظيمية تهدف �إىل نهج �أ�سلوب الالمركزية والالمتركز يف‬
‫التدبري الإداري ‪.‬‬
‫‪22‬‬

‫وقد عرفت هذه املحطة �صدور تقرير املجل�س الأعلى للتعليم حول حالة منظومة الرتبية والتكوين‬
‫و�آفاقها دعا الفاعلني ال�سيا�سيني والرتبويني واملهتمني بال�ش�أن الرتبوي �إىل �إنقاذ املنظومة‬
‫الرتبوية من الإ�شكاالت واالختالالت التي تعوق تطورها‪ ،‬م�ؤكدا �ضمن متنه �أن هناك العديد‬
‫‪77‬‬
‫حميد ابكرمي‬

‫من التعرثات القائمة تعوق تلم�س الأثر الفعلي للمبادرات واجلهود املتعددة الهادفة �إىل حت�سني‬
‫املنظومة (التقرير ‪� ،2008‬ص‪ .)30 .‬وقد ح�رص التقرير اختالالت املنظومة التي تنعك�س �سلبا‬
‫على جودة التعلمات وتقدم املتعلم يف مكت�سباته وم�ساره الدرا�سي‪ ،‬وعلى املحيط املدر�سي يف خم�س‬
‫�إ�شكاليات مركزية �ضمنها �إ�شكالية احلكامة يف خمتلف امل�ستويات ‪.‬‬
‫‪23‬‬

‫وميكن القول �إن ما ميز هذه املحطة هو ا�ستمرار هيمنة الإدارة املركزية بحيث �إن بع�ض‬
‫االخت�صا�صات التي يتعني �أن متار�س من قبل الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين ظلت متار�س‬
‫باملركز‪ ،‬وخا�صة على م�ستوى تدبري املوارد الب�رشية واملمتلكات‪ .‬كما �أن �إر�ساء نهج الالمركزية‬
‫مل يواكبه حتديد وا�ضح للمهام وامل�س�ؤوليات يف كل م�ستوى من امل�ستويات‪ .‬و�ساهم تنوع وتعدد‬
‫تركيبة املجال�س الإدارية يف الت�أثري على التجان�س املفرت�ض داخل هذه الأجهزة التقريرية‪ ،‬كما‬
‫�ساهمت حمدودية انخراط بع�ض �أع�ضاء املجل�س يف الت�أثري على مردوديتها وكيفية ا�شتغالها‪،‬‬
‫و�أدى �إىل غياب متثيلية بع�ض املكونات الأ�سا�سية يف التدبري اجلهوي يف املجل�س الإداري من قبيل‬
‫النواب الإقليميني ومديري م�ؤ�س�سات الرتبية والتعليم على الرغم من دورها يف تدبري ال�ش�أن‬
‫الرتبوي على امل�ستوى الإقليمي واملحلي‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل عدم ا�ستكمال البناء الإ�صالحي يف بع�ض‬
‫الأورا�ش‪ ،‬كما هو ال�ش�أن بالن�سبة لإر�ساء �شبكات الرتبية والتكوين ‪.‬‬
‫‪24‬‬

‫• املحطة الثالثة ‪ :2012-2009‬متيزت هذه املحطة بو�ضع الربنامج اال�ستعجايل والذي اعتمد‬
‫يف مرجعيته على توجيهات امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‪ ،‬ومتحور حول املجاالت التي اعتربها‬
‫تقرير املجل�س الأعلى للتعليم �سنة ‪ 2008‬ذات �أولوية‪ .‬وجاء هذا الربنامج من �أجل ت�رسيع وترية‬
‫الإ�صالح وهدف بالأ�سا�س �إىل �إنقاذ امليثاق من الف�شل (الربجاوي‪� ،2017 ،‬ص‪.)26 .‬‬
‫‪25‬‬

‫ومن �أجل حتقيق فعالية ق�صوى للربنامج اال�ستعجايل‪ ،‬تبنى منهجية جديدة جعلت من بني‬
‫مرتكزاتها اعتماد ر�ؤية ت�شاركية ت�ضمن �إ�رشاك كافة الفاعلني الأ�سا�سيني داخل منظومة الرتبية‬
‫والتكوين يف تطبيق الربنامج اال�ستعجايل‪ ،‬وو�ضع �أر�ضية لتدبري التغيري والتوا�صل ت�ضمن‬
‫انخراط اجلميع وبث روح التغيري يف كل م�ستويات املنظومة ‪ .‬كما اعتمد الربنامج اال�ستعجايل‬
‫‪26‬‬

‫على مبد�أ جوهري موجه هو جعل املتعلم يف قلب منظومة الرتبية والتكوين وجعل الدعامات‬
‫الأخرى يف خدمته من خالل توفري م�ؤ�س�سات ذات جودة توفر للتلميذ ظروف عمل كفيلة بتحقيق‬
‫التعلم ‪.‬‬
‫‪27‬‬

‫‪78‬‬
‫الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين والالمركزية الإدارية يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي‬

‫غري �أن جناح هذا الربنامج اال�ستعجايل مت ربطه بتوفر �رشطني �أ�سا�سيني‪ :‬الأول التغيري العميق‬
‫لأ�ساليب التدبري‪ ،‬وذلك ب�إر�ساء مقاربة التدبري املرتكز على النتائج والفعالية والتقومي‪ ،‬وعامل‬
‫ال�رسعة يف �إحراز النتائج على املدى الق�صري‪ ،‬والثاين و�ضع ُعدة متينة لقيادة مراحل �إجناز‬
‫مقت�ضيات الربنامج اال�ستعجايل ‪ .‬وقد حددت اخلطة اال�ستعجالية �أربعة جماالت ينبغي اال�شتغال‬
‫‪28‬‬

‫عليها من �ضمنها مواجهة الإ�شكاالت الأفقية للمنظومة الرتبوية و�ضم �سبعة م�شاريع وعدة تدابري‬
‫�إجرائية‪.‬‬

‫ومع بداية انطالق الربنامج اال�ستعجايل مت �إ�صدار عدد من القرارات مت مبوجبها تفوي�ض بع�ض‬
‫االخت�صا�صات �إىل الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين‪ ،‬وتفوي�ض الإم�ضاء للقيام ببع�ض‬
‫العمليات يف املجال املايل وتدبري املوارد الب�رشية ‪.‬‬
‫‪29‬‬

‫وقد عرفت هذه املحطة حراكا �سيا�سيا جعل النظام ال�سيا�سي يقوم ب�إ�صالحات د�ستورية جاءت‬
‫بعدة م�ستجدات على م�ستوى نهج نظام الالمركزية والالتركيز الإداري نعتقد �أنه �سيكون لها‬
‫الأثر الإيجابي على تدبري ال�ش�أن الرتبوي �إذا كانت لدى النخبة ال�سيا�سية والرتبوية والإدارية‬
‫املا�سكة بزمام ال�ش�أن الرتبوي �إرادة �صادقة لتوظيف وا�ستثمار هذا التحول يف منت الد�ستور‪.‬‬
‫فمن �أهم امل�ستجدات التي جاء بها د�ستور ‪ 2011‬الت�أكيد يف ف�صله الأول على �أن «‪ ...‬التنظيم‬
‫الرتابي للمملكة تنظيم ال مركزي يقوم على اجلهوية املتقدمة»‪ ،‬كما ن�ص الباب التا�سع على‬
‫خمتلف املقت�ضيات التي تهم اجلهات واجلماعات الرتابية (‪ 12‬ف�صل بداية من الف�صل ‪� 135‬إىل‬
‫الف�صل ‪ ،)146‬والتن�صي�ص يف الف�صل ‪ 71‬على �أن القانون يخت�ص‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل املواد امل�سندة‬
‫�إليه �رصاحة بف�صول �أخرى من الد�ستور‪ ،‬بالت�رشيع يف جمموعة من املجاالت �ضمنها نظام‬
‫اجلماعات الرتابية‪ ،‬ومبادئ حتديد دوائرها الرتابية‪ ،‬و�إحداث امل�ؤ�س�سات العمومية وكل �شخ�ص‬
‫اعتباري من �أ�شخا�ص القانون العام‪.‬‬

‫ويف نهاية هذه املحطة‪� ،‬أ�صدر املجل�س الأعلى للرتبية والتكوين والبحث العلمي تقريرا حول‬
‫تطبيق امليثاق الوطني للرتبية والتكوين ‪ :2013-2000‬املكت�سبات واملعيقات والتحديات‪ ،‬و�صف‬
‫الو�ضعية التي �آلت �إليها منظومة التعليم ببالدنا من اختالالت متواترة ومتعددة الأوجه على‬
‫الرغم من اجلهود املبذولة‪ ،‬م�شريا �إىل �أن املدر�سة �أ�صبحت «عر�ضة النتقاد الفاعلني واملهتمني‬
‫الذين ي�شتكون من عدم وفاء ال�سيا�سات الرتبوية املتعاقبة بوعودها والتزاماتها»‪ ،‬و�أنها غدت‬
‫«م�ؤ�س�سة يف و�ضعية �أزمة‪ ،‬ت�ستهدفها االنتقادات من كل جانب وتعتربها م�صدر كل الأزمات‬
‫‪79‬‬
‫حميد ابكرمي‬

‫الأخرى‪ ،‬مثل الأزمة االقت�صادية‪ ،‬لكونها ال ت�ؤهل املتعلمني ل�سوق ال�شغل‪ ،‬والأزمة الثقافية‪،‬‬
‫لكونها مل تعزز ال�سلوك املدين و�سط الأجيال النا�شئة‪ ،‬والأزمة االجتماعية‪ ،‬لأنها ف�شلت يف مهمتها‬
‫الرتبوية القا�ضية بتكوين مواطن م�س�ؤول» (تقرير ‪� ،2014‬ص‪.)10-9 .‬‬

‫ويف هذا ال�صدد‪ ،‬ن�شري �إىل �أن تقرير ‪� 2014‬صدر يف ظل د�ستور ‪ ،2011‬الذي ن�ص �ضمن مقت�ضياته‬
‫على ربط امل�س�ؤولية باملحا�سبة كمبد�أ �أ�سا�سي �إىل جانب احلكامة اجليدة و�رضورة تقييم ال�سيا�سات‬
‫العمومية‪ ،‬ومن مت كان من املفرو�ض �أن ي�ستهدف هذا التقرير م�ساءلة وزارة الرتبية الوطنية‬
‫عن كيفية تدبري �ش�ؤون قطاعها وعن �سبل ا�ستخدام املوارد املر�صودة لها ولي�س الإعداد لو�ضع‬
‫ا�سرتاتيجية �إ�صالحية جديدة‪.‬‬

‫املحطة الرابعة ‪ :2018-2014‬بد�أت هذه املحطة ب�إطالق ما �سمي «اللقاءات الت�شاورية حول‬
‫املدر�سة املغربية»‪ ،‬وقد �شارك فيها العديد من الفاعلني الرتبويني وال�سيا�سيني واالجتماعيني‬
‫واالقت�صاديني بغر�ض الإن�صات �إىل ت�شخي�صاتهم واقرتاحاتهم‪ ،‬وتبلورت بناء على هذه‬
‫امل�شاورات �سريورة �إ�صالحية جديدة مت اال�شتغال عليها ب�شكل متدرج ا�شتملت مرحلة �أوىل فيها‬
‫على التدابري ذات الأولوية كربنامج مرحلي مهد �إىل �إ�صدار الر�ؤية اال�سرتاتيجية ‪.2030-2015‬‬

‫كما متيزت هذه املرحلة بال�رشوع يف و�ضع املرجعيات القانونية للجهوية املتقدمة وتنزيلها من‬
‫خالل �إعادة النظر يف التق�سيم اجلهوي واكتمال البناء القانوين و�إ�صدار القوانني التنظيمية‬
‫املتعلقة باجلهات والعماالت والأقاليم واجلماعات‪ ،‬ويف مقدمة هذه الن�صو�ص القانون التنظيمي‬
‫رقم ‪ 111.14‬املتعلق باجلهات (‪ 7‬يوليو ‪. )2015‬‬
‫‪30‬‬

‫ويف �إطار انخراطها ومواكبة ور�ش اجلهوية املتقدمة‪� ،‬رشعت وزارة الرتبية الوطنية يف �إر�ساء‬
‫الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين وم�صاحلها الإقليمية وفق التقطيع اجلهوي اجلديد‬
‫للمملكة و�إعمال لالمركزية الفعلية عرب اتخاذ جمموعة من التدابري والإجراءات املواكبة من �أجل‬
‫االنتقال ال�سل�س من ‪� 16‬إىل ‪� 12‬أكادميية جهوية للرتبية والتكوين مع �ضمان ا�ستمرارية املرفق‬
‫العام وال�رشوع الفعلي للأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين يف مزاولة مهامها‪ ،‬ومن �أهم هذه‬
‫الإجراءات‪:‬‬
‫• �إحداث جلنة مركزية لقيادة وتتبع م�سار �إحداث الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين وفق‬
‫التق�سيم اجلهوي اجلاري به العمل ‪ ،‬وت�شكيل جلنة تقنية مركزية لأجر�أة التدابري العملية‬
‫‪31‬‬

‫‪80‬‬
‫الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين والالمركزية الإدارية يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي‬

‫املتعلقة ب�إر�ساء الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين يف �صيغتها اجلديدة والتن�سيق مع‬
‫اللجان اجلهوية ؛‬
‫‪32‬‬

‫• ن�رش القانون رقم ‪ 71.15‬بتغيري وتتميم القانون رقم ‪ 07.00‬القا�ضي ب�إحداث الأكادمييات‬
‫اجلهوية للرتبية والتكوين باجلريدة الر�سمية عدد ‪ 6437‬بتاريخ ‪ 8‬فرباير ‪2016‬؛‬
‫• ن�رش املر�سوم رقم ‪� 2.16.112‬صادر يف ‪ 26‬فرباير ‪ 2016‬بتحديد قائمة الأكادمييات اجلهوية‬
‫للرتبية والتكوين ومقراتها ودائرة نفوذها الرتابي باجلريدة الر�سمية عدد ‪ 6445‬بتاريخ‬
‫‪ 7‬مار�س ‪2016‬؛‬
‫‪2.00.1016‬‬ ‫• ن�رش م�رشوع املر�سوم رقم ‪� 2.16.113‬صادر يف ‪ 26‬فرباير ‪ 2016‬بتغيري املر�سوم رقم‬
‫ال�صادر يف ‪ 29‬يونيو ‪ 2001‬بتطبيق القانون رقم ‪ 07.00‬القا�ضي ب�إحداث الأكادمييات اجلهوية‬
‫للرتبية والتكوين وال �سيما املادتني ‪ 13‬مكررة و‪ 13‬مكررة مرتني؛‬
‫• ن�رش القرارات املتعلقة بتفوي�ض الإم�ضاء وامل�صادقة على ال�صفقات ملديري الأكادمييات‬
‫اجلهوية للرتبية والتكوين وللمديرين الإقليميني من طرف وزير الرتبية الوطنية والتكوين‬
‫املهني باجلريدة الر�سمية عدد ‪ 6468‬بتاريخ ‪ 26‬ماي ‪2016‬؛‬
‫• امل�صادقة على القرارات املتعلقة بهيكلة الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين املحدثة وفق‬
‫التقطيع اجلهوي اجلديد (‪ 12‬قرارا) من طرف م�صالح وزارة االقت�صاد واملالية بتاريخ ‪ 8‬فرباير‬
‫‪ ،2016‬والتي مكنت من اعتماد هيكلة مندجمة جلميع الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين‪،‬‬
‫تتكون من ‪� 5‬أق�سام و‪ 17‬م�صلحة مبقرات الأكادمييات‪ ،‬با�ستثناء �أكادميية الداخلة وادي الذهب‬
‫التي تتكون من ق�سمني و‪ 11‬م�صلحة اعتبارا خل�صو�صيتها‪.‬‬

‫ومقارنة بني الهيكلة القدمية والهيكلة احلالية يالحظ �أن الهيكلة القدمية �ضمت ‪� 16‬أكادميية‬
‫و‪ 82‬نيابة �إقليمية‪ ،‬كان عدد الأق�سام يف الأكادمييات ‪ 37‬ق�سما و‪ 114‬م�صلحة‪ ،‬وعدد امل�صالح‬
‫بالنيابات و�صل �إىل ‪ 364‬م�صلحة‪� ،‬أما يف الهيكلة اجلديدة ف�أ�صبح عدد الأكادمييات ‪� 12‬أكادميية‬
‫و‪ 82‬مديرية �إقليمية‪ ،‬بلغ عدد الأق�سام بالأكادمييات ‪ 57‬ق�سما و‪ 198‬م�صلحة‪ ،‬فيما بلغ عدد‬
‫امل�صالح باملديريات الإقليمية ‪ 606‬م�صلحة‪ .‬وهكذا �سجل التطور بني الهيكلة القدمية والهيكلة‬
‫احلالية‪ ،‬زيادة يف عدد الأق�سام بن�سبة ‪ %54‬وعدد امل�صالح بن�سبة ‪ ،% 68‬كما مت �إحداث بنيات‬
‫�إدارية جديدة مل تكن مدرجة يف الهيكلة القدمية‪ ،‬كاملركز اجلهوي ملنظومة الإعالم يف حكم ق�سم‪،‬‬
‫والوحدة اجلهوية للإفتحا�ص يف حكم م�صلحة‪ ،‬وم�صلحة ال�ش�ؤون القانونية وال�رشاكة‪ ،‬وم�صلحة‬
‫الدعم االجتماعي‪ ،‬وم�صلحة التوا�صل وتتبع �أ�شغال املجل�س الإداري‪ .‬ومت الف�صل بني املهام‬
‫‪81‬‬
‫حميد ابكرمي‬

‫والعمليات غري املتجان�سة (ف�صل جمال املوارد الب�رشية عن جمال ال�ش�ؤون الإدارية واملالية)‪،‬‬
‫ومت اعتماد ت�سميات جديدة للم�صالح الإقليمية للأكادمييات (املديريات الإقليمية بدل النيابات‬
‫الإقليمية) مع احلفاظ على نف�س املهام واالخت�صا�صات والنفوذ الرتابي ‪.‬‬
‫‪33‬‬

‫وباملوازاة مع ذلك ات�سمت ميزانية الوزارة بر�سم �سنة ‪ 2016‬مبالءمة كرا�سة امليزانية وم�رشوع‬
‫جناعة الأداء مع الف�صول الأربعة للتقرير الإ�سرتاتيجي للإ�صالح ‪ 2030-2015‬والتق�سيم‬
‫اجلهوي اجلاري به العمل ‪ ،‬حيث متت هيكلة كرا�سة امليزانية ح�سب الربامج وامل�شاريع ذات‬
‫‪34‬‬

‫الأولوية �أخذا بعني االعتبار غايات و�أهداف الر�ؤية اال�سرتاتيجية للإ�صالح ومقت�ضيات القانون‬
‫التنظيمي للمالية‪ .‬كما مت اعتماد املديرية الإقليمية كوحدة �أ�سا�سية عند التح�ضري مل�رشوع ميزانية‬
‫الوزارة‪ ،‬نظرا لدميومتها ‪.‬‬
‫‪35‬‬

‫ومع بداية التنزيل للجهوية املتقدمة وال�رشوع يف تنفيذ م�شاريع الر�ؤية اال�سرتاتيجية‪� ،‬صدر‬
‫تقرير جديد عن املجل�س الأعلى للرتبية والتكوين والبحث العلمي يف مو�ضوع االرتقاء مبهن الرتبية‬
‫والتكوين والبحث العلمي دعا يف م�ضامينه �إىل ا�ستح�ضار رهانات تعزيز وتطوير النموذج التنموي‬
‫الوطني الذي ي�ضع املدر�سة يف �صلب امل�رشوع املجتمعي ويبوئ الفاعلني الرتبويني بها م�س�ؤولية‬
‫اال�ضطالع ب�أدوار وازنة يف حتقيق الإن�صاف واحلد من الفوارق بني الأفراد والفئات االجتماعية‪،‬‬
‫وت�أمني احلقوق املدنية على ر�أ�سها احلق يف الرتبية والتكوين وتكوين املواطن وتي�سري ولوج‬
‫جمتمع املعرفة والإدماج الثقايف والقيمي وحتقيق االرتقاء الفردي واالجتماعي‪.‬‬

‫وقد مت االعتماد يف �إعداد التقرير على توجهات الر�ؤية اال�سرتاتيجية ‪ ،2030-2015‬كبنية مرجعية‪،‬‬
‫وال�سيما الرافعة التا�سعة املتعلقة بت�أهيل مهن الرتبية والتكوين والتدبري والبحث التي �أو�صت‬
‫ب�إعادة حتديد املهام والأدوار واملوا�صفات املرتبطة مبهن الرتبية والتكوين والبحث والتدبري‪،‬‬
‫وحتقيق التوازن بني التمتع باحلقوق وااللتزام بقيم املمار�سة املهنية‪ ،‬وربط امل�س�ؤولية باملحا�سبة‪.‬‬
‫و�أكد املجل�س يف تقريره �أن هناك ثالثة مرتكزات من �أجل �إطالق دينامية التغيري وهي‪:‬‬
‫• املهننة ك�رشط الزم لت�أهيل الفاعلني الرتبويني وفق موا�صفات و�أدوار وقيم مهنية ت�ستجيب‬
‫ملتطلبات اجلودة وانتظارات املجتمع؛‬
‫• امل�ؤ�س�سة الرتبوية القائمة على اال�ستقاللية وثقافة امل�رشوع والتكامل الوظيفي بني املهن‬
‫وتنمية احلياة املهنية؛‬
‫• التقييم املندمج متعدد ال�صيغ والأ�ساليب‪.‬‬
‫‪82‬‬
‫الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين والالمركزية الإدارية يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي‬

‫كما �أكد على تر�سيخ البعد القيمي والأخالقي للممار�سات املهنية‪ ،‬ان�سجاما مع ما هو متعارف‬
‫عليها وطنيا ودوليا‪ ،‬وجتديد ت�صور هذه املهن من منطلق املكانة املحورية التي ت�شغلها م�ؤ�س�سة‬
‫الرتبية والتكوين ك�إطار �سو�سيو‪-‬معريف وثقايف وعالئقي للفعل املهني والتفاعل واملبادرة اخلالقة‪.‬‬
‫و�أو�صى هذا التقرير باعتماد �آلية التعاقد حول م�شاريع التغيري ونهج تدبري قائم على املواكبة‬
‫والتحفيز‪ ،‬ور�صد النتائج‪ ،‬وربط امل�س�ؤولية باملحا�سبة‪ ،‬وتعزيز النهج الالمركزي يف التدبري‬
‫بتقوية دور امل�ؤ�س�سة التعليمية والتكوينية‪ ،‬كنواة مل�أ�س�سة املقاربة ال�صاعدة‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل‬
‫ت�أهيل امل�ؤ�س�سات الرتبوية وتعزيز ا�ستقالليتها والرفع من قدراتها املادية والب�رشية لال�ضطالع‬
‫ب�أدوارها‪ ،‬والتنزيل الفعلي ال�سرتاتيجية م�رشوع امل�ؤ�س�سة واحلياة املدر�سية‪.‬‬

‫‪51.17‬‬ ‫وي�ستمر م�سار الإ�صالح مب�صادقة املجل�س الوزاري على م�رشوع القانون الإطار رقم‬
‫املتعلق مبنظومة الرتبية والتكوين والذي جعل من �أهدافه حتديد املبادئ املوجهة ل�سيا�سية‬
‫الدولة واختياراتها اال�سرتاتيجية لإ�صالح املنظومة على �أ�سا�س حتقيق الإن�صاف وتكاف�ؤ الفر�ص‬
‫واجلودة واالرتقاء بالفرد واملجتمع‪ .‬وي�شمل هذا امل�رشوع ع�رشة �أبواب‪ ،‬خ�ص�ص الباب ال�سابع‬
‫منه ملبادئ وقواعد حكامة منظومة الرتبية والتكوين‪.‬‬

‫املحور الثاين‪ :‬العالقة بني الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين واملراكز‬


‫اجلهوية ملهن الرتبية والتكوين‬

‫تن�ص املادة ‪ 2‬من املر�سوم املحدث للمراكز اجلهوية ملهن الرتبية والتكوين على �أن املركز‬
‫‪36‬‬

‫اجلهوي ملهن الرتبية والتكوين يعترب مبثابة م�ؤ�س�سة لتكوين الأطر العليا خا�ضعة لو�صاية ال�سلطة‬
‫احلكومية املكلفة بالتعليم املدر�سي‪ ،‬ومبوجب قرار لل�سلطة احلكومية املكلفة بالتعليم املدر�سي يتم‬
‫حتديد �آليات التن�سيق بني املركز والأكادميية اجلهوية للرتبية والتكوين‪.‬‬

‫تتوافق مقت�ضيات هذه املادة مع املادة ‪ 32‬من القانون رقم ‪ 01.00‬املتعلق بتنظيم التعليم‬
‫‪37‬‬

‫العايل ‪ ،‬غري �أن القرارات التي �أ�صدرتها وزارة الرتبية الوطنية يف �ش�أن حتديد كيفية تنظيم‬
‫‪39‬‬ ‫‪38‬‬

‫مباراة الدخول �إىل املركز جاءت مبقت�ضيات خمالفة‪ ،‬وذلك ب�إعطاء حق الو�صاية والإ�رشاف على‬
‫املباراة ملدير الأكادميية ‪ ،‬علما ب�أن مقت�ضيات املر�سوم لي�س فيها ما ي�شري �إىل �أن الأكادميية‬
‫‪40‬‬

‫هي التي لها حق الإ�رشاف على امتحان الدخول �إىل املراكز‪ ،‬واملادة ‪ 35‬من القانون رقم ‪01.00‬‬

‫�أ�سندت ملجل�س املركز اقرتاح نظام االمتحانات على جمل�س التن�سيق‪ ،‬وهو ما مل يتم احرتامه يف‬
‫‪83‬‬
‫حميد ابكرمي‬

‫القرارات التطبيقية املذكورة �أعاله‪ ،‬والتي مل تراع منطوق وروح الن�ص القانوين القا�ضي بخلق‬
‫�آليات للتن�سيق بني اجلهتني نظرا ملا يجمع بينهما من م�صالح م�شرتكة‪ ،‬فاملراكز تتكلف بتكوين‬
‫وت�أهيل �أطر هيئة التدري�س والأطر الرتبوية‪ ،‬والأكادميية هي الزبون الرئي�س للمراكز‪ ،‬فهي من‬
‫يوظف خريجيها‪ ،‬كما �أن امل�ؤ�س�سات اخلا�صة بالتداريب والو�ضعيات املهنية التي تخ�ضع لها‬
‫الأطر املتدربة تابعة للأكادمييات‪.‬‬

‫فالقرارات الوزارية مل تتجه نحو التن�سيق وال�رشاكة بني اجلهتني وتو�ضيح الر�ؤية الإ�سرتاتيجية‬
‫للعمل بينهما‪ ،‬وتخالف مقت�ضياتها ما ورد يف املر�سوم وما ن�ص عليه القانون رقم ‪ 01.00‬املذكور‬
‫�أعاله‪ ،‬وبذلك مل حترتم هذه القرارات مبد�أ الرتاتبية الذي يعطي للمر�سوم مرتبة �أعلى من القرار‪،‬‬
‫والذي ال ينبغي �أن يت�ضمن مقت�ضيات خمالفة لن�ص وروح الن�ص الأعلى منه‪.‬‬

‫ولعل ما ي�ؤكد ا�ستقالل املركز عن الأكادميية وعدم خ�ضوعه لو�صايتها هو �أن املركز مت �إحداثه بناء‬
‫على اقرتاح من وزارة الرتبية الوطنية‪ ،‬بعد ا�ستطالع ر�أي جمل�س التن�سيق‪ .‬وهي نف�س امل�سطرة‬
‫املتبعة يف �إحداث م�ؤ�س�سات التعليم العايل غري التابعة للجامعات‪ ،‬وبالتايل ميكن ت�صنيف املراكز‬
‫�ضمن هذه امل�ؤ�س�سات‪ .‬ويبني اجلدول التايل ما ذهبنا �إليه‪ ،‬حيث جند �ضمن ن�صو�ص املر�سوم‬
‫جميع املواد املتعلقة مب�ؤ�س�سات التعليم العايل غري التابعة للجامعة‪ ،‬وهي كالتايل‪:‬‬

‫املو�ضوع‬ ‫‪01.00‬‬ ‫القانون رقم‬ ‫‪2.11.672‬‬ ‫املر�سوم رقم‬


‫حتدث م�ؤ�س�سات للتعليم العايل‬
‫غري التابعة للجامعات يف �شكل مدار�س‬ ‫‪32‬‬ ‫املادة‬ ‫‪2‬‬ ‫املادة‬
‫�أو معاهد �أو مراكز‬
‫كيفية �إحداث املركز ‪ +‬هيئة الت�سيري‬
‫‪33‬‬ ‫املادة‬ ‫‪7‬‬ ‫املادة‬
‫وم�سطرة التعيني‬
‫مهام مدير املركز‬ ‫‪74‬‬ ‫املادة ‪ 34‬واملادة‬ ‫‪8‬‬ ‫املادة‬
‫الهيكل التنظيمي للمركز (الإداري‬
‫‪36‬‬ ‫املادة‬ ‫‪6‬‬ ‫املادة‬
‫والتعليمي والبحث)‬
‫جمل�س امل�ؤ�س�سة و�صالحياته وجلانه‬ ‫‪35‬‬ ‫املادة‬ ‫‪18‬‬ ‫املادة‬
‫اللجنة العلمية‬ ‫املادة ‪35‬‬ ‫املادة ‪19‬‬

‫‪84‬‬
‫الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين والالمركزية الإدارية يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي‬

‫وعلى الرغم من �شمول املر�سوم رقم ‪ 2.11.672‬ملقت�ضيات خا�صة مب�ؤ�س�سات التعليم العايل غري‬
‫التابعة للجامعات‪ ،‬ف�إن االقرتاح الذي تقدمت به وزارة الرتبية الوطنية لوزارة التعليم العايل يف‬
‫مر�سوم الت�صنيف �ضيق وا�سعا وتعامل بانتقائية مع القانون رقم ‪ ،01.00‬بحيث مت االقت�صار‬ ‫‪41‬‬

‫على تطبيق مقت�ضيات هذا القانون املتعلقة ب�رشوط و�إجراءات تعيني املدير ونوابه وكذا �أجهزة‬
‫�إدارة امل�ؤ�س�سة وال �سيما جمل�س امل�ؤ�س�سة واللجنة العلمية واللجان الدائمة وجمل�س التن�سيق‪،‬‬
‫بقبول خ�ضوع املراكز للمادتني ‪ 33‬و‪ 35‬و�أغفل املواد ‪ 32‬و‪ 34‬و‪ 36‬و‪ 74‬التي تفيد كلها �أن املراكز‬
‫م�ؤ�س�سات التعليم العايل غري التابعة للجامعات‪.‬‬

‫�أ�ضف �إىل ذلك �أن القانون املحدث للأكادمييات اجلهوية ملهن الرتبية والتكوين‪ ،‬كما وقع تغيريه‬
‫وتتميمه‪ ،‬ال ين�ص على تبعية املركز للأكادميية‪ .‬غري �أن قرار وزير الرتبية الوطنية املتعلق بتحديد‬
‫اخت�صا�صات وتنظيم م�صالح الأكادميية اجلهوية للرتبية والتكوين جلهة الرباط �سال القنيطرة‬
‫وم�صاحلها الإقليمية ت�رص على هذه التبعية‪� ،‬إذ تن�ص مادته ‪ 15‬على �أنه «يتوىل املركز اجلهوي‬
‫لالمتحانات القيام باملهام التالية‪ ... :‬ال�سهر على التنظيم املادي ملباريات التوظيف وولوج مراكز‬
‫التكوين التابعة للأكادميية‪ ،‬وكذا تنظيم امتحان التخرج من هذه املراكز» ‪ .‬وكان الأجدر �أن‬
‫‪42‬‬

‫يتم �إدراج هذه املقت�ضيات الواردة يف املادة ‪ 15‬ال�سالفة الذكر �ضمن القرار الذي �سيحدد �آليات‬
‫التن�سيق بني املركز والأكادميية‪.‬‬

‫وت�سعى جهات بوزارة الرتبية الوطنية �إىل جعل املراكز اجلهوية ملهن الرتبية والتكوين م�ؤ�س�سات‬
‫تابعة ل�سلطة الأكادمييات عرب �إ�صدار قرارات وزارية‪ ،‬على الرغم من عدم التن�صي�ص على ذلك‬
‫يف الن�صو�ص الأعلى من هذه القرارات‪ ،‬فالقرارات الوزارية التي حتاول �أن جتعل من املراكز‬
‫م�ؤ�س�سات تابعة للأكادمييات تفتقد �إىل الت�أ�صيل القانوين‪ ،‬ومن �ضمن هذه القرارات القرار‬
‫الوزاري املتعلق بتفوي�ض االخت�صا�صات للأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين الذي منح‬ ‫‪43‬‬

‫ملدير الأكادميية �صالحيات تعيني �أو تكليف الأ�ساتذة املربزين للتعليم الثانوي الت�أهيلي و�أ�ساتذة‬
‫التعليم الثانوي الت�أهيلي للتدري�س باملراكز اجلهوية ملهن الرتبية والتكوين‪ ،‬ويف �إطار تنزيل هذا‬
‫القرار �أ�صدر مدير �أكادميية جهة بني مالل خنيفرة مذكرة �أكادميية عدد ‪ 2018/6‬بتاريخ ‪ 27‬يوليو‬
‫‪ 2018‬فتح مبوجبها �إمكانية التكليف لأ�ساتذة التعليم الإعدادي و�أ�ساتذة التعليم االبتدائي مبهام‬
‫التدري�س باملركز املوجود باجلهة‪ ،‬وذلك خالفا ملا ورد يف قرار التفوي�ض املذكور �أعاله‪.‬‬
‫‪85‬‬
‫حميد ابكرمي‬

‫ومن هنا يت�ضح �أن العالقة بني املراكز والأكادمييات تعرف خروقات قانونية يف غياب ر�ؤية‬
‫وا�ضحة ل�ضبط هذه العالقة وغياب �آليات التن�سيق بينهما‪ .‬فو�ضعية املراكز وفقا ملر�سوم الإحداث‬
‫والقانون املتعلق بالتعليم العايل يجعل املراكز خا�ضعة لو�صاية وزارة الرتبية الوطنية ولي�س‬
‫مل�ؤ�س�سة عمومية (التي متثلها الأكادميية)‪� ،‬إذ لكي تتحقق هذه التبعية بجعل املراكز وحدات �إدارية‬
‫تابعة للأكادميية يف �إطار نهج نظام الالمركزية يف تكوين الأطر العليا للأكادمييات ال يكفي لذلك‬
‫اعتماد قرار وزاري‪ ،‬و�إمنا ال بد من القيام بتعديالت جوهرية على م�ستوى الن�ص القانوين اخلا�ص‬
‫بالتعليم العايل‪ ،‬وكذا التن�صي�ص على ذلك �رصاحة يف قانون �إحداث الأكادمييات وال�سيما �أن هذا‬
‫القانون عرف تعديالت �سنة ‪ 2016‬كما هو ال�ش�أن بالن�سبة للجهات الرتابية الذي ن�ص القانون‬
‫التنظيمي �رصاحة يف مادته ‪ 82‬على �أن اجلهة ميكنها �إحداث مراكز جهوية للتكوين وكذا مراكز‬
‫‪44‬‬

‫جهوية للت�شغيل وتطوير الكفاءات من �أجل الإدماج يف �سوق ال�شغل‪ .‬فجعل هذه املراكز حتت‬
‫�سلطة الأكادمييات مبقت�ضى قرار يتنافى مع مبد�أ تراتبية القواعد القانونية املن�صو�ص عليها يف‬
‫الد�ستور‪.‬‬

‫املحور الثالث‪� :‬إر�ساء الالمركزية يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي على م�ستوى‬


‫امل�ؤ�س�سة التعليمية‬

‫�صاحب م�سار الإ�صالح بقطاع الرتبية الوطنية �صدور العديد من التقارير الوطنية والدولية‬
‫�شخ�صت �إ�شكاالت واختالالت منظومتنا الرتبوية‪� ،‬سواء على م�ستوى املناهج والربامج �أو‬
‫على م�ستوى الهياكل والتدبري‪.‬‬

‫ويف اعتقادنا‪ ،‬ف�إن �أي �إ�صالح للمنظومة الرتبوية ينبغي �أن ين�صب على امل�ؤ�س�سة التي تخدم الزبناء‬
‫الرئي�سيني املتمثلني يف املتعلمات واملتعلمني وامل�رشفني املبا�رشين على خدمة ه�ؤالء الزبناء‪ ،‬فكل‬
‫�إ�صالح ال ي�ستهدف ال�ش�أن الرتبوي على امل�ستوى املحلي ب�شكل مبا�رش ال ميكن �أن يعطي النتائج‬
‫املطلوبة‪ ،‬لهذا فتطبيق الالمركزية ب�شكل فعلي ينبغي �أن ينطلق من امل�ؤ�س�سات التعليمية تقدم‬
‫خدمات الرتبية والتعليم ملواطن الغد ب�شكل مبا�رش‪ ،‬والقطع نهائيا مع الأ�سلوب الكال�سيكي يف‬
‫التدبري الذي يجعل املركزي هو املتحكم يف املحلي‪ ،‬فاملقاربة ينبغي �أن تتغري بحيث ت�صبح الأولوية‬
‫للمحلي‪ ،‬وذلك بو�ضع ميثاق تعاقدي مع امل�ؤ�س�سة متنح من خالله و�سائل مادية وقانونية وب�رشية‬
‫جتعلها قادرة على القيام بوظيفتها ومهامها‪.‬‬
‫‪86‬‬
‫الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين والالمركزية الإدارية يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي‬

‫وقد �أكدت جل التقارير الوطنية ال�صادرة حول املنظومة الرتبوية على هذا التوجه‪ ،‬فقد جاء يف‬
‫تقرير ‪� 2008‬أن املنظومة يف حاجة �إىل مزيد من الإقدام واحل�سم يف الأورا�ش ال�صعبة التي قد‬
‫يحدث �إطالقها حتوال يف ال�سري احلايل للمنظومة‪ ،‬فاحلكامة اجليدة مل ت�صل بعد‪� ،‬سواء بالن�سبة‬
‫للم�ؤ�س�سات التعليمية �أو بالن�سبة للمكلفني بتدبري املنظومة مبختلف م�ستوياتها‪� ،‬إىل تكري�س‬
‫مقومات نهجها املرتكز على تر�سيخ امل�س�ؤولية وتو�ضيحها وفق مهام حمددة‪ ،‬وتعميق اال�ستقاللية‬
‫وتو�سيع تفوي�ض االخت�صا�صات وال�صالحيات يف خمتلف م�ستويات امل�س�ؤولية‪ ،‬ونهج التدبري‬
‫الع�رصي املبني على النتائج وامل�ساءلة والتقومي تبعا ملعايري معروفة و�شفافة‪ ،‬واعتماد مقاربة‬
‫ت�شاركية ميدانية تقوم على الإ�سهام الفعال ملختلف الفاعلني واملتدخلني وال �سيما على امل�ستوى‬
‫املحلي يف تخطيط وتدبري وتقومي �ش�ؤون املدر�سة وحل امل�شكالت التعليمية للقطاع وامل�ؤ�س�سات‬
‫التعليمية يف عني املكان (تقرير ‪� ،2008‬ص‪ .)31 .‬وقد �أكد وزير الرتبية الوطنية يف افتتاح الندوات‬
‫املركزية والوطنية حول الت�أطري العملياتي وامليزانياتي بر�سم ‪ 2017‬على �أن «مقيا�س جناح‬
‫م�شاريع الر�ؤية اال�سرتاتيجية هو مدى متثل امل�ؤ�س�سات التعليمية ب�شكل �سليم وعميق مل�ضامينها‬
‫وانخراطها يف التنزيل والتنفيذ لكافة املخططات والربامج الإجرائية التي �سهرت الوزارة على‬
‫�إعدادها» ‪ .‬ونف�س التوجه تبنته التقارير الالحقة يف مو�ضوع �إ�صالح امل�ؤ�س�سات التعليمية‬
‫‪45‬‬

‫ومنحها اال�ستقاللية يف التدبري‪.‬‬

‫وهذا يجرنا �إىل �رضورة �إ�صالح الإدارة الرتبوية‪ ،‬باعتبارها �إحدى املداخل الرئي�سية لإ�صالح‬
‫املنظومة الرتبوية ببالدنا‪ ،‬وذلك من خالل �إعادة النظر يف املر�سوم املنظم مل�ؤ�س�سات التعليم‬
‫العمومي من جهة‪ ،‬وتكوين وت�أهيل �أطر الإدارة الرتبوية ب�شكل جيد مبا ميكنهم من القيام‬
‫مبهامهم و�صالحياتهم بنجاعة وفعالية من جهة ثانية‪.‬‬

‫فاملقاربة املعتمدة حاليا يف تدبري م�ؤ�س�سات التعليم العمومي ال تعطي �إمكانية كبرية لت�ساهم يف‬
‫قيادة التغيري داخل املنظومة الرتبوية‪ ،‬لأن �أكرب ان�شغاالت القائد الرتبوي هو التدبري اليومي‬
‫املتمحور حول الت�سيري الإداري اليومي فيما يغيب التفكري يف اجلوانب الرتبوية واملعرفية‬
‫والبيداغوجية‪ ،‬كما �أن املر�سوم املنظم لهذه امل�ؤ�س�سات ال يعطي �إمكانية لتفوي�ض بع�ض املهام‬
‫الإدارية لأطر الإدارة الرتبوية‪ ،‬و�صالحيات جمل�س التدبري اال�ست�شارية ال ت�شجع �أع�ضاء املجل�س‬
‫يف االنخراط الفعلي يف تدبري امل�ؤ�س�سة‪� ،‬أ�ضف �إىل ذلك �ضعف الثقافة القانونية لدى �أطر الإدارة‬
‫الرتبوية ب�سبب غياب التكوين القانوين لدى غالبيتهم‪ ،‬مما يتطلب �إعادة النظر يف النظام القانوين‬
‫لإ�سناد مهام الإدارة الرتبوية‪ ،‬ومنح جمل�س التدبري �صالحيات تقريرية والت�أكيد على و�ضع‬
‫‪87‬‬
‫حميد ابكرمي‬

‫برنامج �سنوي الجتماعاته حتى يتمكن باقي ال�رشكاء �أع�ضاء املجل�س من احل�ضور خ�صو�صا‬
‫ممثل جمعية الآباء و�أمهات و�أولياء التالميذ وممثل اجلماعات املحلية‪.‬‬

‫كما ينبغي �إعادة النظر يف ت�شكيلة الإدارة الرتبوية وال �سيما على م�ستوى ال�سلك االبتدائي‪ ،‬حيث‬
‫يتم تدبري امل�ؤ�س�سة من طرف �شخ�ص واحد يف �أغلب الأحيان يف غياب ملحقني تربويني �أو حرا�س‬
‫عامني‪.‬‬

‫هذه بع�ض العوامل التي نعتقد �أنه لو مت جتاوزها �سي�صبح للإدارة الرتبوية دور كبري يف �إجناح‬
‫املهمة الرتبوية التي هي �أ�سا�س جناح العملية التعليمية‪ .‬ولت�سهيل عمل الإدارة الرتبوية ال بد من‬
‫و�ضع نظام داخلي �شامل ي�ضم اجلوانب الأ�سا�سية املتعلقة بتدبري امل�ؤ�س�سة وت�سطري احلقوق‬
‫والواجبات وو�ضع �سلم التقومي لتعديل ال�سلوكات عرب �إ�رشاك املتعلمني يف اقرتاح بنوده‪.‬‬

‫ونعتقد �أنه لكي تتمكن هذه الإدارة من اال�ضطالع بهذه املهام والأدوار ينبغي توافر جملة من‬
‫الأبعاد ال�رضورية‪ ،‬وفق ما �أوردها تقرير املجل�س الأعلى للرتبية والتكوين يف النقط التالية ‪:‬‬
‫‪46‬‬

‫–  الأبعاد املعرفية‪� ،‬سواء املرتبطة مبجاالت املهن والتخ�ص�ص‪� ،‬أو املتعلقة مبتطلبات التدري�س‬
‫والتكوين) املقاربات البيداغوجية وطرائق التدري�س و�أن�شطة التعلم والتقومي)؛‬
‫–  الأبعاد البيداغوجية واملنهجية الأ�سا�س‪ ،‬ذات ال�صلة بتدبري و�ضعيات التدري�س والتكوين‬
‫والتعلم والتوجيه؛‬
‫–  الأبعاد التوا�صلية‪ ،‬وتتعلق بالتمكن اللغوي‪ ،‬والقدرة على التوا�صل‪ ،‬وا�ستعمال تكنولوجيا‬
‫املعلومات واالت�صال والتن�سيق والعمل اجلماعي واالنفتاح على املحيط؛‬
‫–  الأبعاد املت�صلة بالقيم وبالثقافة‪ ،‬وتهم قيم املواطنة وقواعد ال�سلوك املدين ومبادئ حقوق‬
‫الإن�سان‪ ،‬و�إعطاء القدوة وااللتزام بقواعد و�أخالقيات املهنة؛‬
‫–  �أبعاد التنمية الذاتية والبحث العلمي الرتبوي‪ ،‬وتتعلق بتنمية القدرة على البحث وا�ستدامة‬
‫العالقة باملعرفة ومب�ستجداتها‪ ،‬ال �سيما يف املجاالت ذات ال�صلة باملمار�سة املهنية؛‬
‫– �أبعاد تت�صل بابتكار امل�شاريع املجددة‪ ،‬بغاية تطوير املمار�سة املهنية؛‬
‫‪88‬‬
‫الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين والالمركزية الإدارية يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي‬

‫–  �أبعاد الإ�سهام يف تدبري امل�ؤ�س�سات التعليمية والتكوينية واجلامعية ويف بلورة م�رشوع تنميتها‬
‫وتفعيله؛‬
‫–  �أبعاد تتعلق بالتمكن من �آليات و�أ�ساليب الريادة‪ ،‬من تخطيط و�إعداد الربامج واخلطط‪،‬‬
‫وم�شاريع امل�ؤ�س�سات؛‬
‫–  �أبعاد ترتبط بتملك �أ�ساليب التدبري وت�سيري �ش�ؤون امل�ؤ�س�سة الرتبوية والإدارية و�ضبط‬
‫امل�ساطر والت�رشيعات املعمول به»‪.‬‬

‫خامتة‬

‫يجمع الباحثون (الكب�سي‪� ،2010 ،‬ص‪ )7 .‬على �أن �أي نظام �سليم للرتبية والتعليم ينبغي �أن‬
‫‪47‬‬

‫يهدف �إىل �إعداد املواطن لتحمل امل�س�ؤولية؛ ولك�سب عي�شه؛ وللقيام بالتزامه الأدبي وا�ستغالل‬
‫طاقاته �إىل �أق�صى قدر ممكن‪ ،‬وذلك انطالقا من الإميان «ب�أن الرتبية والتعليم يلعبان دورا فريدا‬
‫يف املجتمعات الدميقراطية لأن النظام الرتبوي يف النظام الدميقراطي ي�ؤهل املواطنني لأداء مهام‬
‫املواطنة وحماية م�صاحلهم وحقوقهم» ‪ .‬غري �أن الطابع الذي ميز تطور النظام التعليمي باملغرب‬
‫‪48‬‬

‫هو التعامل الوظيفي‪ ،‬باعتبار املدر�سة م�ؤ�س�سة تعمل على تكوين خمتلف �أ�صناف وم�ستويات الأطر‬
‫القادرة على �إر�ضاء حاجيات الإدارة �أوال‪ ،‬ثم حاجيات ال�سوق والإنتاج الحقا‪ .‬مبعنى �أن ما الزم‬
‫املدر�سة املغربية وحدد �أهدافها هو بعد التعليم والتكوين الوظيفيني على ح�ساب البعد الرتبوي‬
‫باعتبار الرتبية املدر�سية مبثابة تنظيم م�ؤ�س�ساتي للتن�شئة االجتماعية‪ ،‬ومن �أهم و�أقوى الو�سائل‬
‫الكفيلة ب�صنع مواطن تلتقي �أهدافه وم�رشوعه اخلا�ص بامل�رشوع املجتمعي العام ورهاناته‪� .‬إن‬
‫النظام التعليمي املغربي قد افتقد �إىل حد كبري مل�رشوع ثقايف وجمتمعي تربوي وا�ضح (بن�سعيد‪،‬‬
‫‪� ،2009‬ص‪ .)57 .‬ونعتقد �أن هنا مكمن اخللل‪ ،‬و�أن بداية احلل يف �إ�صالح منظومتنا الرتبوية بيد‬
‫امل�ؤ�س�سة التعليمية وانخراط �أطرها الرتبوية والإدارية يف �إجناح امل�رشوع التنموي املجتمعي‪،‬‬
‫وذلك لن يت�أتى دون �إ�صالح قانوين مي�س مهام هذه امل�ؤ�س�سة و�صالحياتها وطرق تدبريها‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫حميد ابكرمي‬

‫الهوام�ش‬
‫‪� 1‬إدري�س بن�سعيد‪« ،‬مفارقات املدر�سة املغربية»‪ ،‬جملة املدر�سة املغربية‪ ،‬العدد ‪ 1‬ماي ‪� ،2009‬ص‪.57 .‬‬
‫‪� 2‬إدري�س بن�سعيد‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.58 .‬‬
‫‪� 3‬شكلت �أول جلنة للإ�صالح �سنة ‪� 1957‬سميت باحلركة التعليمية �ضمت جميع ممثلي �أمناط التعليم املوجودة‬
‫�آنذاك وكان من بني ت�صوراتها توحيد الربامج يف جميع �أنواع التعليم‪� ،‬أما اللجنة الثانية للإ�صالح كانت‬
‫�سنة ‪ 1958‬و�سميت باللجنة امللكية لإ�صالح التعليم‪ .‬ملزيد من التفا�صيل حول �إ�صالح التعليم باملغرب يرجع‬
‫�إىل احل�سن اللحية‪« ،‬تاريخ الإ�صالحات التعليمية باملغرب»‪ ،‬جملة الفرقان‪ ،‬العدد ‪� ،75‬سنة ‪� ،2015‬ص‪.15-8 .‬‬
‫‪  4‬ال�رشيف رقم ‪ 1.61.380‬ال�صادر بتاريخ ‪ 19‬يوليوز ‪ 1962‬يف �ش�أن اخت�صا�صات وتنظيم وزارة الرتبية الوطنية‪،‬‬
‫اجلريدة الر�سمية عدد ‪ 2596‬بتاريخ ‪ 27‬يوليوز ‪� ،1962‬ص‪.1750 .‬‬
‫احل�سن اللحية‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.11 .‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪4227‬‬ ‫‪ 6‬مر�سوم رقم ‪� 2.93.625‬صادر يف ‪� 20‬أكتوبر ‪ 1993‬يف �ش�أن الالتركيز الإداري‪ ،‬اجلريدة الر�سمية عدد‬
‫بتاريخ ‪ 3‬نوفمرب ‪� ،1993‬ص‪.2209 .‬‬
‫‪ 7‬عادل مهمون‪« ،‬تاريخ �إ�صالح التعليم باملغرب من اال�ستقالل �إىل اليوم»‪ ،‬من�شور على الرابط التايل‪:‬‬
‫‪ ،blog-post_59.html/05/https://www.mostajad.com/2016‬تاريخ الزيارة غ�شت ‪.2018‬‬
‫‪ 8‬املر�سوم رقم ‪ 2.96.956‬ال�صادر بتاريخ ‪ 4‬فرباير ‪ 1998‬ب�ش�أن اخت�صا�صات وتنظيم وزارة الرتبية الوطنية‬
‫اجلريدة الر�سمية عدد ‪ 4562‬بتاريخ ‪ 19‬فرباير ‪� ،1998‬ص‪.640 .‬‬
‫‪ 9‬الت�رصيح احلكومي املقدم من لدن الوزير الأول الأ�ستاذ عبد الرحمان اليو�سفي �أمام جمل�س النواب بتاريخ‬
‫‪� 17‬أبريل ‪.1998‬‬
‫‪ 10‬قرار وزير الرتبية الوطنية رقم ‪� 1192.99‬صادر يف ‪� 5‬أغ�سط�س ‪ 1999‬ب�ش�أن حتديد اخت�صا�صات وتنظيم نيابات‬
‫وزارة الرتبية الوطنية‪ ،‬اجلريدة الر�سمية عدد ‪ ،4729‬بتاريخ ‪� 27‬سبتمرب ‪� ،1999‬ص‪.2344 .‬‬
‫‪ 11‬بالإ�ضافة �إىل الن�صو�ص القانونية والتنظيمية التي �صدرت خالل هذه املحطة بقطاع الرتبية الوطنية �أ�صدر‬
‫الوزير الأول من�شورا يحمل رقم ‪ 2001/12‬بتاريخ ‪ 25‬دجنرب ‪ 2001‬حول مالءمة برجمة ميزانية الدولة وتنفيذها‬
‫مع الالتركيز‪.‬‬
‫‪ 12‬حممد بردوزي‪ ،‬حتديث امليثاق يف املغرب من امليثاق �إىل التفعيل‪ ،‬دار �أبي رقراق للطباعة والن�رش‪،2012 ،‬‬
‫�ص‪.8 .‬‬
‫‪.14‬‬ ‫حممد بردوزي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪ 14‬ملزيد من التفا�صيل يرجع �إىل املنتدى الوطني للإ�صالح‪ :‬املكت�سبات والآفاق‪ ،‬الوثائق الكاملة وخال�صات‬
‫الأ�شغال يونيو ‪ ،2005‬مطبعة النجاح اجلديدة الدار البي�ضاء‪ ،‬الطبعة الأوىل‪� ،‬سنة ‪ 2006‬من�شورات وزارة الرتبية‬
‫الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي‪� ،‬ص‪.260-257 .‬‬
‫ميثاق الرتبية والتكوين‪ ،‬الدعامة اخلام�سة ع�رش‪ ،‬املادة ‪� ،149‬ص‪.70 .‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪90‬‬
‫الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين والالمركزية الإدارية يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي‬

‫‪ 16‬وزارة الرتبية الوطنية‪ ،‬املنتدى الوطني للإ�صالح‪ :‬املكت�سبات والآفاق‪ ،‬الوثائق الكاملة وخال�صات الأ�شغال‪،‬‬
‫يوليو ‪ ،2005‬مطبعة النجاح اجلديدة الدار البي�ضاء‪ ،‬الطبعة الأوىل‪� ،‬سنة ‪ 2006‬من�شورات وزارة الرتبية الوطنية‬
‫والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي‪� ،‬ص‪.257 .‬‬
‫‪ 17‬القانون رقم ‪ 07.00‬القا�ضي ب�إحداث الأكادمييات اجلهوية للرتبية ال�صادر بتنفيذه الظهري ال�رشيف‬
‫رقم ‪ 1.00.203‬بتاريخ ‪ 19‬ماي ‪ ،2000‬ومن امل�ستجدات التي جاء بها هذا القانون تكليف الأكادمييات‪ ،‬مبهمة‬
‫تطبيق ال�سيا�سة الرتبوية والتكوينية يف جماالت التخطيط‪ ،‬والبناء والتجهيز وال�صيانة‪ ،‬والبحث الرتبوي‪،‬‬
‫وال�رشاكة‪ ،‬والتكوين امل�ستمر‪ ،‬والرتخي�ص لفتح �أو تو�سيع �أو �إدخال تغيري على م�ؤ�س�سات التعليم الأويل �أو‬
‫التعليم املدر�سي اخل�صو�صي‪ .‬وممار�سة االخت�صا�صات املفو�ضة �إليها يف جمال تدبري املوارد الب�رشية؛ املر�سوم‬
‫رقم ‪ 2.00.1016‬بتاريخ ‪ 29‬يونيو ‪ 2001‬ال�صادر بتطبيق القانون املحدث للأكادمييات‪ ،‬وت�ضمن هذا املر�سوم‬
‫كيفيات تعيني ممثلي الأطر التعليمية والأطر الإدارية والتقنية وممثلي جمعيات �آباء و�أولياء التالميذ وممثل‬
‫جمعيات التعليم املدر�سي اخل�صو�صي وممثل م�ؤ�س�سات التعليم الأويل لع�ضوية جمل�س الأكادميية‪ ،‬وحتديد مهام‬
‫مدير الأكادميية اجلهوية للرتبية والتكوين‪ ،‬وحتديد ممثلي ال�سلطات احلكومية الأع�ضاء يف املجل�س الإداري‬
‫للأكادميية؛ املر�سوم رقم ‪� 2.01.1653‬صادر يف ‪� 18‬أكتوبر ‪ 2001‬حدد التاريخ الفعلي ملزاولة الأكادمييات‬
‫اجلهوية للرتبية والتكوين ملهامها واخت�صا�صاتها‪.‬‬
‫جتربة الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين يف �إطار الالمركزية والالمتركز‪� ،‬أ�شغال اليوم الدرا�سي املنعقد‬ ‫‪18‬‬

‫بالرباط بتاريخ ‪ 7‬مايو ‪ ،2007‬من�شورة مديرية ال�ش�ؤون القانونية واملنازعات بوزارة الرتبية الوطنية‪� ،‬ص‪.44 .‬‬
‫‪ 19‬املر�سوم رقم ‪� 2.02.382‬صادر يف ‪ 17‬يوليو ‪ 2002‬ب�ش�أن اخت�صا�صات وتنظيم وزارة الرتبية الوطنية‪ ،‬اجلريدة‬
‫الر�سمية عدد ‪ 5024‬بتاريخ ‪ 25-14‬يوليو ‪� ،2002‬ص‪.2131 .‬‬
‫‪ 20‬قرار وزير الرتبية الوطنية رقم ‪� 2178.01‬صادر يف ‪ 19‬دي�سمرب ‪ 2001‬ب�ش�أن حتديد طريقة انتخاب ممثلي الأطر‬
‫التعليمية والأطر الإدارية والتقنية وممثلي جمعيات �آباء و�أولياء التالميذ وممثلي جمعيات التعليم املدر�سي‬
‫اخل�صو�صي وممثل م�ؤ�س�سات التعليم الأويل يف جمل�س الأكادميية؛ قرارات وزير الرتبية الوطنية رقم ‪118‬‬

‫�إىل رقم ‪ 133‬ال�صادرة يف ‪� 25‬أكتوبر ‪ 2002‬ب�ش�أن حتديد اخت�صا�صات وتنظيم م�صالح الأكادمييات اجلهوية‬
‫للرتبية والتكوين‪ ،‬وت�ضمنت هذه القرارات تنظيم الأكادمييات وامل�صالح الإقليمية التابعة لها‪ ،‬بحيث مت حتديد‬
‫اخت�صا�صات الأق�سام التابعة للأكادمييات‪ ،‬واملهام املنوطة بالنائب الإقليمي؛ قرار وزير الرتبية الوطنية‬
‫والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي رقم ‪� 1747.04‬صادر يف ‪� 20‬سبتمرب ‪ ،2004‬والقرار رقم ‪2269.07‬‬

‫(‪ 16‬نوفمرب ‪ )2007‬املتعلقان بتفوي�ض بع�ض االخت�صا�صات للأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين‪.‬‬
‫‪ 21‬الر�سالة امللكية املوجهة �إىل الوزير الأول �إدري�س جطو يف مو�ضوع التدبري الالمتمركز لال�ستثمار‪ ،‬الدار البي�ضاء‪،‬‬
‫ال�صادرة يف ‪ 9‬يناير ‪ ،2002‬اجلريدة الر�سمية عدد ‪ 4970‬بتاريخ ‪ 17‬يناير ‪� ،2002‬ص‪.82-75 .‬‬
‫‪ 22‬املر�سوم رقم ‪� 2.05.1369‬صادر يف ‪ 2‬دي�سمرب ‪ 2005‬يف �ش�أن حتديد قواعد تنظيم القطاعات الوزارية والالمتركز‬
‫الإداري؛ من�شور الوزارة املكلفة بتحديث القطاعات العامة رقم ‪ 2‬بتاريخ فاحت �أبريل ‪ 2003‬حول قواعد تنظيم‬
‫الإدارة املركزية للدولة وم�صاحلها الالممركزة؛ من�شور الوزير الأول رقم ‪ 10/2004‬بتاريخ ‪ 9‬يونيه ‪ 2004‬حول‬
‫الت�صاميم املديرية لالتركيز الإداري‪.‬‬
‫‪-‬املجل�س الأعلى للتعليم‪ ،‬حالة منظومة الرتبية والتكوين و�آفاقها‪ ،‬اجلزء الأول‪� ،‬إجناح مدر�سة للجميع‪،‬‬
‫التقرير ال�سنوي �سنة ‪� ،2008‬ص‪.30 .‬‬

‫‪91‬‬
‫حميد ابكرمي‬

‫‪ 23‬ولقد �سبق للت�رصيح احلكومي للوزير الأول عبا�س الفا�سي بتاريخ ‪� 24‬أكتوبر ‪� 2007‬أن وقف على ال�صعوبات التي‬
‫حالت دون التفعيل الأمثل لبع�ض بنود امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‪ ،‬مما نتج عنها ت�أخر يف حتقيق بع�ض‬
‫الأهداف امل�سطرة له‪ ،‬و�أكد �أن متابعة �صريورة الإ�صالح‪� ،‬سيتم‪ ،‬بتن�سيق وثيق مع املجل�س الأعلى للتعليم‪ ،‬و�سيتم‬
‫الرتكيز يف العمل احلكومي على املحورين التاليني‪:‬‬
‫�أولهما‪� :‬إعداد برنامج ا�ستعجايل يهدف �إىل الرفع من وترية الإجناز يف بع�ض املجاالت‪ ،‬وال �سيما دعم �سيا�سة‬
‫القرب وتعزيز �آليات تدبري امل�ؤ�س�سات املدر�سية واجلامعية و�آليات تتبع وتقومي �أدائها‪ ،‬و�إر�ساء �آليات ناجعة‬
‫جلعل امل�ؤ�س�سات التعليمية قادرة على �أداء وظائفها‪ ،‬وتعزيز دور الأكادمييات باعتبارها �سلطات جهوية‪.‬‬
‫واملحور الثاين هو‪� ‬إجناز تقومي حل�صيلة ع�رشية �إ�صالح نظام الرتبية والتكوين‪ ،‬لتوفري املعطيات التي ت�ساعد‬
‫على بلورة معامل ا�سرتاتيجية وطنية لتطوير منظومة الرتبية والتكوين‪ ،‬يف �ضوء احلاجات اجلديدة التي‬
‫تفر�ضها متطلبات التنمية ال�شاملة‪.‬‬
‫جتربة الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين يف �إطار الالمركزية والالمتركز‪� ،‬أ�شغال اليوم الدرا�سي املنعقد‬ ‫‪24‬‬

‫بالرباط بتاريخ ‪ 7‬مايو ‪ 2007‬من�شورات مديرية ال�ش�ؤون القانونية واملنازعات‪ ،‬يونيو ‪� ،2007‬ص‪.56-54 .‬‬
‫‪ 25‬موالي امل�صطفى الربجاوي‪ ،‬حول الرتبية والتعليم باملغرب الرهان والواقع‪ ،‬من�شورات الزمن‪ ،‬العدد ‪،85‬‬
‫مطبعة بني ازنا�سن‪� ،‬سال‪� ،‬سنة ‪� ،2017‬ص‪.26 .‬‬
‫‪ 26‬وزارة الرتبية الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي‪ ،‬م�رشوع الربنامج اال�ستعجايل‪ ،‬التقرير‬
‫الرتكيبي‪� ،‬سنة ‪� ،2008‬ص‪.2-1 .‬‬

‫م�رشوع الربنامج اال�ستعجايل‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.3 .‬‬ ‫‪27‬‬

‫م�رشوع الربنامج اال�ستعجايل‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.6 .‬‬ ‫‪28‬‬

‫‪-‬قرار كاتبة الدولة لدى وزير الرتبية الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي املكلفة بالتعليم‬ ‫‪29‬‬

‫املدر�سي رقم ‪� 1480.09‬صادر يف ‪ 4‬يونيو ‪ 2009‬بتفوي�ض بع�ض االخت�صا�صات للأكادمييات اجلهوية للرتبية‬
‫والتكوين؛‬
‫‪-‬قرار كاتبة الدولة لدى وزير الرتبية الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي املكلفة بالتعليم‬
‫املدر�سي رقم ‪� 1476.09‬صادر يف ‪ 4‬يونيو ‪ 2009‬بتفوي�ض الإم�ضاء للم�صادقة على �صفقات الأ�شغال �أو‬
‫التوريدات �أو اخلدمات ملديري الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين؛‬
‫‪-‬قرار كاتبة الدولة لدى وزير الرتبية الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي املكلفة بالتعليم‬
‫املدر�سي رقم ‪� 1477.09‬صادر يف ‪ 4‬يونيو ‪ 2009‬بتفوي�ض الإم�ضاء لتحريك م�سطرة الت�أديب يف حق املوظفني‬
‫والأعوان املنتمني �إىل الهيئات التعليمية والإدارية والتقنية ملديري الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين؛‬
‫‪-‬قرار كاتبة الدولة لدى وزير الرتبية الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي املكلفة بالتعليم‬
‫املدر�سي رقم ‪� 1478.09‬صادر يف ‪ 4‬يونيو ‪ 2009‬بتفوي�ض الإم�ضاء لنقل وتعيني املوظفني من �أجل امل�صلحة‬
‫ملديري الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين؛‬
‫‪-‬قرار كاتبة الدولة لدى وزير الرتبية الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي املكلفة بالتعليم‬
‫املدر�سي رقم ‪� 1479.09‬صادر يف ‪ 4‬يونيو ‪ 2009‬بتفوي�ض الإم�ضاء لتعيني �أو �إعفاء �أطر الإدارة الرتبوية‬
‫العاملة مب�ؤ�س�سات الرتبية والتعليم العمومي التابعة لكل �أكادميية اجلهوية للرتبية والتكوين؛‬

‫‪92‬‬
‫الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين والالمركزية الإدارية يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي‬

‫‪-‬قرار كاتبة الدولة لدى وزير الرتبية الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي املكلفة بالتعليم‬
‫املدر�سي رقم ‪� 2810.09‬صادر يف ‪ 4‬يونيو ‪ 2009‬بتفوي�ض الإم�ضاء للم�صادقة والت�أ�شري على الأنظمة الداخلية‬
‫مل�ؤ�س�سات الرتبية والتعليم العمومي ملديري الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين؛‬
‫‪-‬قرار كاتبة الدولة لدى وزير الرتبية الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي املكلفة بالتعليم‬
‫املدر�سي رقم ‪� 2573.09‬صادر يف ‪ 4‬يونيو ‪ 2009‬بتفوي�ض الإم�ضاء وامل�صادقة على ال�صفقات لنواب الوزارة‪.‬‬
‫‪ 30‬من�شور يف اجلريدة ر�سمية عدد ‪ 6380‬بتاريخ ‪ 23‬يوليو ‪ 2015‬كما �صدرت ن�صو�ص تنظيمية ذات العالقة‬
‫كاملر�سوم رقم ‪ 2.15.40‬ال�صادر يف ‪ 20‬فرباير ‪ 2015‬بتحديد عدد اجلهات وت�سمياتها ومراكزها والعماالت‬
‫والأقاليم املكونة لها‪ ،‬الذي مت مبوجبه تقلي�ص عدد اجلهات من ‪� 16‬إىل ‪ 12‬جهة‪ ،‬من�شور باجلريدة ر�سمية عدد‬
‫‪ 6340‬بتاريخ ‪ 5‬مار�س ‪ ،2015‬واملر�سوم رقم ‪ 2.15.716‬ال�صادر يف ‪ 9‬ذي احلجة ‪ 1436‬ال�صادر يف ‪� 23‬سبتمرب‬
‫‪ 2015‬بتغري الظهري ال�رشيف رقم ‪ 1.59.351‬ال�صادر ‪ 2‬دي�سمرب ‪ 1959‬ب�ش�أن التق�سيم الإداري للمملكة والذي مت‬
‫مبوجبه حتديد واليات اجلهات وكذا العماالت وعماالت املقاطعات والأقاليم التابعة لها‪ ،‬كما مت التن�صي�ص فيه‬
‫على مقرات اجلهات‪ .‬من�شور باجلريدة ر�سمية عدد ‪ 6390‬بتاريخ ‪� 28‬سبتمرب ‪.2015‬‬
‫مقرر لوزير الرتبية الوطنية والتكوين املهني رقم ‪ ،15-0032‬بتاريخ ‪� 7‬أكتوبر ‪.2015‬‬ ‫‪31‬‬

‫‪ 32‬مذكرة ت�أطريية رقم ‪ 100-15‬بتاريخ ‪� 16‬أكتوبر ‪ ،2015‬موجهة ملديري الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين‪،‬‬
‫يف �ش�أن م�سار �إحداث الأكادمييات وفق التق�سيم اجلهوي اجلديد تت�ضمن العدة الالزمة لت�سليم ال�سلط بني‬
‫الأكادمييات القائمة املعنية والأكادمييات املحدثة‪،‬و مذكرة رقم ‪ 15/735‬بتاريخ ‪ 23‬نونرب ‪ 2016‬حتت‬
‫الأكادمييات على �إحداث جلن القيادة واللجن التقنية لأجر�أة التدابري املتعلقة بعملية الإر�ساء‪ ،‬ومذكرة رقم‬
‫‪ 15/135‬بتاريخ ‪ 18‬دجنرب ‪ 2015‬حول وجوب حتيني العدة املتعلقة بت�سليم ال�سلط‪ ،‬املن�صو�ص عليها يف املذكرة‬
‫الت�أطريية ‪.100-15‬‬
‫ملزيد من التفا�صيل حول املو�ضوع يرجع �إىل �أ�شغال اليوم الدرا�سي حول �إر�ساء الأكادميية اجلهوية للرتبية‬ ‫‪33‬‬

‫والتكوين جلهة الرباط‪�-‬سال‪-‬القنيطرة ومديرياتها‪ :‬مداخلة حول هيكلة الأكادميية مبديرياتها ور�ؤية اال�سرتاتيجية‬
‫‪ 2015-2030‬املنظمة مبقر الأكادميية بحي الريا�ض الرباط بتاريخ ‪ 16‬مار�س ‪ ،2016‬غري من�شورة‪.‬‬
‫«اجلهوية املتقدمة بوزارة الرتبية الوطنية‪� :‬صريورة �إر�ساء الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين»‪ ،‬مداخلة‬ ‫‪34‬‬

‫ت�أطريية خالل الأيام الدرا�سية لفائدة امل�س�ؤولني املركزيني واجلهويني والإقليمني بوزارة الرتبية الوطنية‬
‫املنظم مبركز امللتقيات والتكوينات بالرباط بتاريخ ‪ 26‬و‪ 27‬فرباير ‪ ،2016‬غري من�شورة‪.‬‬
‫‪ 35‬ر�سالة وزير الرتبية الوطنية والتكوين املهني موجهة �إىل ال�سيد رئي�س احلكومة عدد ‪ 16-127‬بتاريخ ‪ 10‬فرباير‬
‫‪.2016‬‬
‫‪ 36‬مر�سوم رقم ‪� 2.11.672‬صادر يف ‪ 23‬دي�سمرب ‪ 2011‬يف �ش�أن �إحداث وتنظيم املراكز اجلهوية ملهن الرتبية‬
‫والتكوين‪ ،‬اجلريدة الر�سمية عدد ‪ ،6018‬بتاريخ ‪ 2‬فرباير ‪� ،2012‬ص‪.496 .‬‬
‫‪ 37‬تن�ص املادة ‪ 2‬من ظهري �رشيف رقم ‪� 1.00.199‬صادر يف ‪ 19‬ماي ‪ 2000‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 01.00‬املتعلق‬
‫بتنظيم التعليم العايل على ما يلي‪« :‬حتدث م�ؤ�س�سات للتعليم العايل غري التابعة للجامعات يف �شكل مدار�س �أو‬
‫معاهد �أو مراكز‪ ،»...‬اجلريدة الر�سمية عدد ‪ 4798‬بتاريخ ‪ 25‬ماي ‪.2000‬‬

‫‪93‬‬
‫حميد ابكرمي‬

‫‪ 38‬ظهري �رشيف رقم ‪� 1.00.199‬صادر يف ‪ 19‬ماي ‪ 2000‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 01.00‬املتعلق بتنظيم التعليم العايل‪،‬‬
‫اجلريدة الر�سمية عدد ‪ 4798‬بتاريخ ‪ 25‬ماي ‪.2000‬‬
‫قرار وزير الرتبية الوطنية رقم ‪� 2199.12‬صادر يف ‪ 21‬ماي ‪ 2012‬بتحديد كيفية تنظيم مباراة الدخول �إىل م�سلك‬ ‫‪39‬‬

‫ت�أهيل �أ�ساتذة التعليم الأويل والتعليم االبتدائي؛ قرار وزير الرتبية الوطنية رقم ‪� 2200.12‬صادر يف ‪ 21‬ماي ‪2012‬‬

‫بتحديد كيفية تنظيم مباراة الدخول �إىل م�سلك ت�أهيل �أ�ساتذة التعليم الثانوي الت�أهيلي؛ قرار وزير الرتبية الوطنية‬
‫رقم ‪� 2201.12‬صادر يف ‪ 29‬من ‪ 21‬ماي ‪ 2012‬بتحديد كيفية تنظيم مباراة الدخول �إىل م�سلك ت�أهيل �أ�ساتذة التعليم‬
‫الثانوي الإعدادي‪ ،‬اجلريدة الر�سمية عدد ‪ 6055‬بتاريخ ‪� 11‬أبريل ‪� ،2012‬ص‪.3631 .‬‬
‫‪ 40‬املادة ‪ 7‬من قرار وزير الرتبية الوطنية رقم ‪2199.12‬؛ واملادة ‪ 7‬قرار وزير الرتبية الوطنية رقم ‪2200.12‬؛‬
‫واملادة ‪ 7‬قرار وزير الرتبية الوطنية رقم ‪ ،2201.12‬املرجع ال�سابق‬
‫‪ 41‬مر�سوم رقم ‪� 1.12.746‬صادر يف ‪ 6‬مار�س ‪ 2013‬بتغيري وتتميم املر�سوم رقم ‪ 2.03.201‬ال�صادر يف ‪� 21‬أبريل‬
‫‪ ،2006‬بتحديد قائمة م�ؤ�س�سات التعليم العايل غري التابعة للجامعات‪ ،‬باجلريدة الر�سمية عدد ‪ 6136‬بتاريخ‬
‫‪ 21‬مار�س ‪� ،2013‬ص‪.2607 .‬‬
‫‪ 42‬قرار وزير الرتبية الوطنية رقم ‪� 15-4‬صادر يف ‪ 8‬فرباير ‪ 2016‬ب�ش�أن حتديد اخت�صا�صات وتنظيم م�صالح‬
‫الأكادميية اجلهوية للرتبية والتكوين جلهة الرباط �سال‪-‬القنيطرة وم�صاحلها الإقليمية‪ ،‬قرار غري من�شور‪.‬‬
‫‪ 43‬قرار وزير الرتبية الوطنية والتكوين املهني والتعليم العايل والبحث العلمي رقم ‪� 460.18‬صادر يف ‪ 12‬فرباير‬
‫‪ 2018‬بتفوي�ض بع�ض االخت�صا�صات للأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين‪ ،‬اجلريدة الر�سمية عدد ‪6655‬‬

‫بتاريخ ‪ 12‬مار�س ‪� ،2018‬ص‪.1486 .‬‬


‫‪ 44‬القانون التنظيمي رقم ‪ 111.14‬ال�صادر بتنفيذه ظهري �رشيف رقم ‪ 1.15.83‬بتاريخ ‪ 7‬يوليو ‪ 2015‬املتعلق‬
‫باجلهات اجلريدة الر�سمية عدد ‪ 6380‬بتاريخ ‪ 23‬يوليو ‪� ،2015‬ص‪.6585 .‬‬
‫‪2030-2015‬‬ ‫‪ 45‬الكلمة االفتتاح لوزير الرتبية الوطنية‪ ،‬الر�ؤية ن�رشة تعنى مب�شاريع الر�ؤية اال�سرتاتيجية للإ�صالح‬
‫العدد ‪ 3‬مار�س ‪ 2017‬ت�صدرها وزارة الرتبية الوطنية‪� ،‬ص‪.1 .‬‬
‫‪2018/3‬‬ ‫‪ 46‬املجل�س الأعلى للرتبية والتكوين‪ ،‬االرتقاء مبهن الرتبية والتكوين والبحث والتدبري‪ ،‬تقرير رقم‬
‫ال�صادر يف فرباير ‪� ،2018‬ص‪.47-46 .‬‬
‫الكب�سي �أحمد حممد‪ ،‬املواطنة والوحدة الوطنية مفاهيمها و�أبعادها‪ ،‬الدار البي�ضاء‪ ،‬الطبعة الأوىل‪� ،2010 ،‬ص‪.‬‬ ‫‪47‬‬

‫‪�[ 7‬ضمن �أ�شغال الندوة حول املواطنة والوحدة الوطنية يف الوطن العربي‪ ،‬املنظمة من طرف خمترب الدرا�سات‬
‫الد�ستورية وال�سيا�سية واجلمعية العربية للعلوم ال�سيا�سية مبراك�ش بتاريخ ‪ 15-13‬مار�س ‪ ،2009‬املن�سق احممد‬
‫مالكي]‪،‬‬
‫‪.7‬‬ ‫املرجع نف�سه‪� ،‬ص‪.‬‬ ‫‪48‬‬

‫‪94‬‬
‫الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين والالمركزية الإدارية يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي‬

‫املراجع‬
‫• الكتب‬
‫موالي امل�صطفى الربجاوي‪ ،‬حول الرتبية والتعليم باملغرب الرهان والواقع‪ ،‬من�شورات الزمن‪،‬‬
‫العدد ‪ ،85‬مطبعة بني ازنا�سن‪� ،‬سال‪� ،‬سنة ‪.2017‬‬
‫حممد بردوزي‪ ،‬حتديث امليثاق يف املغرب من امليثاق �إىل التفعيل‪ ،‬دار �أبي رقراق للطباعة والن�رش‪،‬‬
‫‪.2012‬‬

‫• املقاالت يف املجالت‬
‫�إدري�س بن�سعيد‪« ،‬مفارقات املدر�سة املغربية»‪ ،‬جملة املدر�سة املغربية‪ ،‬العدد ‪ ،1‬ماي ‪.2009‬‬
‫احل�سن اللحية‪« ،‬تاريخ الإ�صالحات التعليمية باملغرب»‪ ،‬جملة الفرقان‪ ،‬العدد ‪� ،75‬سنة ‪.2015‬‬

‫• الأطروحات‪ ،‬املجالت‬
‫الوثائق الر�سمية‬
‫املجل�س الأعلى للرتبية والتكوين‪ ،‬االرتقاء مبهن الرتبية والتكوين والبحث والتدبري‪ ،‬تقرير‬
‫رقم ‪ 2018/3‬ال�صادر يف فرباير ‪.2018‬‬
‫‪16-127‬‬ ‫ر�سالة وزير الرتبية الوطنية والتكوين املهني موجهة �إىل ال�سيد رئي�س احلكومة عدد‬
‫بتاريخ ‪ 10‬فرباير ‪.2016‬‬
‫وزارة الرتبية الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي‪ ،‬م�رشوع الربنامج‬
‫اال�ستعجايل‪ ،‬التقرير الرتكيبي‪� ،‬سنة ‪.2008‬‬
‫املجل�س الأعلى للتعليم‪ ،‬حالة منظومة الرتبية والتكوين و�آفاقها‪ ،‬اجلزء الأول‪� ،‬إجناح مدر�سة‬
‫للجميع‪ ،‬التقرير ال�سنوي �سنة ‪.2008‬‬
‫الر�سالة امللكية املوجهة �إىل الوزير الأول �إدري�س جطو يف مو�ضوع‪ :‬التدبري الالمتمركز لال�ستثمار‪،‬‬
‫الدار البي�ضاء‪� ،‬صادرة يف ‪ 9‬يناير ‪ ،2002‬اجلريدة الر�سمية عدد ‪ ،4970‬بتاريخ ‪ 17‬يناير‬
‫‪.2002‬‬
‫‪95‬‬
‫حميد ابكرمي‬

‫وزارة الرتبية الوطنية‪ ،‬املنتدى الوطني للإ�صالح‪ :‬املكت�سبات والآفاق‪ ،‬الوثائق الكاملة وخال�صات‬
‫الأ�شغال يوليو ‪ ،2005‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البي�ضاء‪ ،‬الطبعة الأوىل‪� ،‬سنة ‪،2006‬‬
‫من�شورات وزارة الرتبية الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي‪.‬‬
‫الت�رصيح احلكومي املقدم من لدن الوزير الأول الأ�ستاذ عبد الرحمان اليو�سفي �أمام جمل�س‬
‫النواب بتاريخ ‪� 17‬أبريل ‪.1998‬‬

‫�أ�شغال الندوات والأيام الدرا�سية‬


‫الكب�سي �أحمد حممد‪« ،‬املواطنة والوحدة الوطنية مفاهيمها و�أبعادها»‪ ،‬الدار البي�ضاء‪،‬‬
‫الطبعة الأوىل‪� ،2010 ،‬ص‪�[ 7 .‬ضمن �أ�شغال الندوة حول املواطنة والوحدة الوطنية يف الوطن‬
‫العربي‪ ،‬املنظمة من طرف خمترب الدرا�سات الد�ستورية وال�سيا�سية واجلمعية العربية للعلوم‬
‫ال�سيا�سية مبراك�ش بتاريخ ‪ 15-13‬مار�س ‪ ،2009‬املن�سق احممد مالكي]‪.‬‬
‫«�سريورة �إر�ساء الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين»‪ ،‬مداخلة ت�أطريية خالل الأيام الدرا�سية‬
‫لفائدة امل�س�ؤولني املركزيني واجلهويني والإقليميني بوزارة الرتبية الوطنية املنظم مبركز‬
‫امللتقيات والتكوينات بالرباط بتاريخ ‪ 26‬و‪ 27‬فرباير ‪ ،2016‬غري من�شورة‪.‬‬
‫جتربة الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين يف �إطار الالمركزية والالمتركز‪� ،‬أ�شغال اليوم‬
‫الدرا�سي املنعقد بالرباط بتاريخ ‪ 7‬مايو ‪ ،2007‬من�شورة مديرية ال�ش�ؤون القانونية واملنازعات‬
‫بوزارة الرتبية الوطنية‪.‬‬
‫�أ�شغال اليوم الدرا�سي حول �إر�ساء الأكادميية اجلهوية للرتبية والتكوين جلهة الرباط‪�-‬سال‬
‫‪-‬القنيطرة ومديرياتها‪ :‬مداخلة حول هيكلة الأكادميية مبديرياتها ور�ؤية اال�سرتاتيجية‬
‫‪ ،2030-2015‬املنظمة مبقر الأكادميية بحي الريا�ض بالرباط‪ ،‬بتاريخ ‪ 16‬مار�س ‪،2016‬‬
‫غري من�شورة‪.‬‬

‫• الن�صو�ص القانونية والتنظيمية‬


‫القانون التنظيمي رقم ‪ 111.14‬ال�صادر بتنفيذه ظهري �رشيف رقم ‪ 1.15.83‬بتاريخ ‪ 7‬يوليو‬
‫‪ 2015‬املتعلق باجلهات اجلريدة الر�سمية عدد ‪ 6380‬بتاريخ ‪ 23‬يوليو ‪.2015‬‬
‫ظهري �رشيف رقم ‪� 1.00.199‬صادر يف ‪ 19‬ماي ‪ 2000‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 01.00‬املتعلق بتنظيم‬
‫التعليم العايل‪ ،‬اجلريدة الر�سمية عدد ‪ 4798‬بتاريخ ‪ 25‬ماي ‪.2000‬‬
‫‪96‬‬
‫الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين والالمركزية الإدارية يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي‬

‫الظهري ال�رشيف رقم ‪ 1.61.380‬ال�صادر بتاريخ ‪ 19‬يوليوز ‪ 1962‬يف �ش�أن اخت�صا�صات وتنظيم‬
‫وزارة الرتبية الوطنية‪ ،‬اجلريدة الر�سمية عدد ‪ 2596‬بتاريخ ‪ 27‬يوليوز ‪.1962‬‬
‫القانون رقم ‪ 07.00‬القا�ضي ب�إحداث الأكادمييات اجلهوية للرتبية ال�صادر بتنفيذه الظهري‬
‫ال�رشيف رقم ‪ 1.00.203‬بتاريخ ‪ 19‬ماي ‪.2000‬‬
‫املر�سوم رقم ‪ 2.15.716‬ال�صادر يف ‪ 9‬ذي احلجة ‪ 1436‬ال�صادر يف ‪� 23‬سبتمرب ‪ 2015‬بتغري‬
‫الظهري ال�رشيف رقم ‪ 1.59.351‬ال�صادر ‪ 2‬دي�سمرب ‪ 1959‬ب�ش�أن التق�سيم الإداري للمملكة‪،‬‬
‫من�شور باجلريدة ر�سمية عدد ‪ ،6390‬بتاريخ ‪� 28‬سبتمرب ‪.2015‬‬
‫املر�سوم رقم ‪ 2.15.40‬ال�صادر يف ‪ 20‬فرباير ‪ 2015‬بتحديد عدد اجلهات وت�سمياتها ومراكزها‬
‫والعماالت والأقاليم املكونة لها‪ ،‬من�شور باجلريدة ر�سمية عدد ‪ ،6340‬بتاريخ ‪ 5‬مار�س ‪.2015‬‬
‫مر�سوم رقم ‪� 1.12.746‬صادر يف ‪ 6‬مار�س ‪ 2013‬بتغيري وتتميم املر�سوم رقم ‪ 2.03.201‬ال�صادر‬
‫يف ‪� 21‬أبريل ‪ 2006‬بتحديد قائمة م�ؤ�س�سات التعليم العايل غري التابعة للجامعات‪ ،‬اجلريدة‬
‫الر�سمية عدد ‪ 6136‬بتاريخ ‪ 21‬مار�س ‪.2013‬‬
‫مر�سوم رقم ‪� 2.11.672‬صادر يف ‪ 23‬دي�سمرب ‪ 2011‬يف �ش�أن �إحداث وتنظيم املراكز اجلهوية ملهن‬
‫الرتبية والتكوين‪ ،‬اجلريدة الر�سمية عدد ‪ 6018‬بتاريخ ‪ 2‬فرباير ‪.2012‬‬
‫املر�سوم رقم ‪� 2.05.1369‬صادر يف ‪ 2‬دي�سمرب ‪ 2005‬يف �ش�أن حتديد قواعد تنظيم القطاعات‬
‫الوزارية والالمتركز الإداري‪.‬‬
‫املر�سوم رقم ‪� 2.02.382‬صادر يف ‪ 17‬يوليو ‪ 2002‬ب�ش�أن اخت�صا�صات وتنظيم وزارة الرتبية‬
‫الوطنية‪ ،‬اجلريدة الر�سمية عدد ‪ ،5024‬بتاريخ ‪ 25 14‬يوليو ‪.2002‬‬
‫املر�سوم رقم ‪� 2.01.1653‬صادر يف ‪� 18‬أكتوبر ‪ 2001‬حدد التاريخ الفعلي ملزاولة الأكادمييات‬
‫اجلهوية للرتبية والتكوين ملهامها واخت�صا�صاتها‪.‬‬
‫املر�سوم رقم ‪ 2.00.1016‬بتاريخ ‪ 29‬يونيو ‪ 2001‬ال�صادر بتطبيق القانون املحدث للأكادمييات‪.‬‬
‫املر�سوم رقم ‪ 2.96.956‬ال�صادر بتاريخ ‪ 4‬فرباير ‪ 1998‬ب�ش�أن اخت�صا�صات وتنظيم وزارة‬
‫الرتبية الوطنية‪ ،‬اجلريدة الر�سمية عدد ‪ 4562‬بتاريخ ‪ 19‬فرباير ‪.1998‬‬
‫مر�سوم رقم ‪� 2.93.625‬صادر يف ‪� 20‬أكتوبر ‪ 1993‬يف �ش�أن الالتركيز الإداري‪ ،‬اجلريدة الر�سمية‬
‫عدد ‪ ،4227‬بتاريخ ‪ 3‬نوفمرب ‪.1993‬‬
‫‪97‬‬
‫حميد ابكرمي‬

‫قرار وزير الرتبية الوطنية والتكوين املهني والتعليم العايل والبحث العلمي رقم ‪� 460.18‬صادر‬
‫يف ‪ 12‬فرباير ‪ 2018‬بتفوي�ض بع�ض االخت�صا�صات للأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين‪،‬‬
‫اجلريدة الر�سمية عدد ‪ 6655‬بتاريخ ‪ 12‬مار�س ‪.2018‬‬
‫قرار وزير الرتبية الوطنية رقم ‪� 15-4‬صادر يف ‪ 8‬فرباير ‪ 2016‬ب�ش�أن حتديد اخت�صا�صات وتنظيم‬
‫م�صالح الأكادميية اجلهوية للرتبية والتكوين جلهة الرباط‪�-‬سال‪-‬القنيطرة وم�صاحلها‬
‫الإقليمية‪ ،‬قرار غري من�شور‪.‬‬
‫قرار وزير الرتبية الوطنية رقم ‪� 2199.12‬صادر يف ‪ 21‬ماي ‪ 2012‬بتحديد كيفية تنظيم مباراة‬
‫الدخول �إىل م�سلك ت�أهيل �أ�ساتذة التعليم الأويل والتعليم االبتدائي‪.‬‬
‫قرار وزير الرتبية الوطنية رقم ‪� 2200.12‬صادر يف ‪ 21‬ماي ‪ 2012‬بتحديد كيفية تنظيم مباراة‬
‫الدخول �إىل م�سلك ت�أهيل �أ�ساتذة التعليم الثانوي الت�أهيلي‪.‬‬
‫قرار وزير الرتبية الوطنية رقم ‪� 2201.12‬صادر يف ‪ 29‬من ‪ 21‬ماي ‪ 2012‬بتحديد كيفية تنظيم‬
‫مباراة الدخول �إىل م�سلك ت�أهيل �أ�ساتذة التعليم الثانوي الإعدادي‪ ،‬اجلريدة الر�سمية‬
‫عدد ‪ ،6055‬بتاريخ ‪� 11‬أبريل ‪.2012‬‬
‫قرارات كاتبة الدولة لدى وزير الرتبية الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي‬
‫املكلفة بالتعليم املدر�سي من رقم ‪� 1476.09‬إىل رقم ‪ 1480.09‬ال�صادرة يف ‪ 4‬يونيو ‪2009‬‬

‫بتفوي�ض بع�ض االخت�صا�صات للأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين‪.‬‬


‫قرار كاتبة الدولة لدى وزير الرتبية الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي املكلفة‬
‫بالتعليم املدر�سي رقم ‪� 2810.09‬صادر يف ‪ 4‬يونيو ‪ 2009‬بتفوي�ض الإم�ضاء للم�صادقة‬
‫والت�أ�شري على الأنظمة الداخلية مل�ؤ�س�سات الرتبية والتعليم العمومي ملديري الأكادمييات‬
‫اجلهوية للرتبية والتكوين‪.‬‬
‫قرار كاتبة الدولة لدى وزير الرتبية الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي املكلفة‬
‫بالتعليم املدر�سي رقم ‪� 2573.09‬صادر يف ‪ 4‬يونيو ‪ 2009‬بتفوي�ض الإم�ضاء وامل�صادقة على‬
‫ال�صفقات لنواب الوزارة‪.‬‬
‫والقرار رقم ‪ 16( 2269.07‬نوفمرب ‪ )2007‬املتعلقان بتفوي�ض بع�ض االخت�صا�صات للأكادمييات‬
‫اجلهوية للرتبية والتكوين‪.‬‬
‫‪98‬‬
‫الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين والالمركزية الإدارية يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي‬

‫قرار وزير الرتبية الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي رقم ‪� 1747.04‬صادر يف‬
‫‪� 20‬سبتمرب ‪،2004‬‬
‫قرارات وزير الرتبية الوطنية رقم ‪� 118‬إىل رقم ‪ 133‬ال�صادرة يف ‪� 25‬أكتوبر ‪ 2002‬ب�ش�أن حتديد‬
‫اخت�صا�صات وتنظيم م�صالح الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين‪.‬‬
‫قرار وزير الرتبية الوطنية رقم ‪� 2178.01‬صادر يف ‪ 19‬دي�سمرب ‪ 2001‬ب�ش�أن حتديد طريقة انتخاب‬
‫ممثلي الأطر التعليمية والأطر الإدارية والتقنية وممثلي جمعيات �آباء و�أولياء التالميذ وممثلي‬
‫جمعيات التعليم املدر�سي اخل�صو�صي وممثل م�ؤ�س�سات التعليم الأويل يف جمل�س الأكادميية‪.‬‬
‫قرار وزير الرتبية الوطنية رقم ‪� 1192.99‬صادر يف ‪� 5‬أغ�سط�س ‪ )1999‬ب�ش�أن حتديد اخت�صا�صات‬
‫وتنظيم نيابات وزارة الرتبية الوطنية‪ ،‬اجلريدة الر�سمية عدد ‪ ،4729‬بتاريخ ‪� 27‬سبتمرب‬
‫‪.1999‬‬
‫‪.2015‬‬ ‫مقرر لوزير الرتبية الوطنية والتكوين املهني رقم ‪ ،15-0032‬بتاريخ ‪� 7‬أكتوبر‬
‫من�شور الوزير الأول رقم ‪ 2001/12‬بتاريخ ‪ 25‬دجنرب ‪ 2001‬حول مالءمة برجمة ميزانية الدولة‬
‫وتنفيذها مع الالتركيز‪.‬‬
‫من�شور الوزارة املكلفة بتحديث القطاعات العامة رقم ‪ 2‬بتاريخ فاحت �أبريل ‪ 2003‬حول قواعد‬
‫تنظيم الإدارة املركزية للدولة وم�صاحلها الالممركزة‪.‬‬
‫من�شور الوزير الأول رقم ‪ 10/2004‬بتاريخ ‪ 9‬يونيه ‪ 2004‬حول الت�صاميم املديرية لالتركيز‬
‫الإداري‪.‬‬
‫مذكرة رقم ‪ 15/735‬بتاريخ ‪ 23‬نونرب ‪ 2016‬حتت الأكادمييات على �إحداث جلن القيادة واللجن‬
‫التقنية لأجر�أة التدابري املتعلقة بعملية الإر�ساء‪.‬‬
‫مذكرة ت�أطريية رقم ‪ 100-15‬بتاريخ ‪� 16‬أكتوبر ‪ ،2015‬موجهة ملديري الأكادمييات اجلهوية‬
‫للرتبية والتكوين‪ ،‬يف �ش�أن م�سار �إحداث الأكادمييات وفق التق�سيم اجلهوي اجلديد تت�ضمن‬
‫العدة الالزمة لت�سليم ال�سلط بني الأكادمييات القائمة املعنية والأكادمييات املحدثة‪.‬‬
‫مذكرة رقم ‪ 15/135‬بتاريخ ‪ 18‬دجنرب ‪ 2015‬حول وجوب حتيني العدة املتعلقة بت�سليم ال�سلط‪،‬‬
‫املن�صو�ص عليها يف املذكرة الت�أطريية ‪.100-15‬‬
‫‪99‬‬
‫حميد ابكرمي‬

‫املقاالت يف املواقع الإلكرتونية‬


‫عادل مهمون‪« ،‬تاريخ �إ�صالح التعليم باملغرب من اال�ستقالل �إىل اليوم»‪ ،‬من�شور على الرابط‬
‫التايل‪ ،blog-post_59.html/05/https://www.mostajad.com/2016 :‬تاريخ الزيارة‪:‬‬
‫غ�شت ‪.2018‬‬

‫‪100‬‬
‫تدبري احلق يف التعليم‪:‬‬
‫�أي دور للمجال�س اجلماعية الرتابية؟‬
‫�سعيد ال�رشقاوي‬

‫ملخ�ص‬

‫ت�شهد كل الأنظمة الرتبوية يف العامل حتوالت نحو تقا�سم م�ستويات التدبري بني الدولة والفاعلني‬
‫الرتابيون‪ ،‬على �شكل عدم التمركز الإداري‪� ،‬أو الالمركزية ال�سيا�سية‪� .‬إذ �أ�صبح التدبري الأحادي‬
‫من قبل الدولة ي�شكل ا�ستثناء عرب العامل‪ .‬ويف حالة النظام الرتبوي املغربي‪ ،‬فقد �شكلت �إ�صالحات‬
‫الرتبية والتعليم‪ ،‬وم�ستجدات قوانني الالمركزية الأخرية فر�صة لإعادة النظر يف منط تدبري‬
‫النظام الرتبوي‪ ،‬يف اجتاه �إقرار تدخل اجلماعات الرتابية‪ ،‬اىل جانب الدولة‪ ،‬يف تدبريه وحتمل‬
‫�أعبائه‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬وبالرغم من هذه املتغريات الد�ستورية والقانونية‪ ،‬ف�إن رهان التحول نحو التدبري الرتابي‬
‫للنظام الرتبوي مازال حمدودا‪ ،‬نتيجة �إكراهات ذات طبيعة �سيا�سية فر�ضها خيار احلد الأدنى‬
‫من الالمركزية‪ .‬و�أخرى ذات طبيعة �سو�سيولوجية متثلت يف ع�رس انبثاق ثقافة التدبري الت�شاركي‬
‫لدى النخب الرتابية‪ .‬مما حال دون القطيعة مع �أ�ساليب التدبري الأحادي‪ ،‬وبالتايل ا�ستمرارية‬
‫حتديات‪� :‬ضعف اجلودة والفعالية‪ ،‬و�صعوبة الولوجية‪.‬‬

‫مقدمة‬

‫يعترب احلق يف التعليم من احلقوق الكونية الأ�سا�سية التي يتمتع بها الإن�سان بو�صفه «حق ًا‬
‫متكيني ًا »‪� ،‬إذ �أن �ضمانه ميكن االفراد من التمتع مبزايا احلقوق الأخرى‪ ،‬ذلك �أن الغاية الق�صوى‬
‫‪1‬‬

‫من الرتبية والتعليم هو تن�شئة مواطنني �أحرارا م�ستقلني فكرا وت�رصفا‪ ،‬ومتكينهم من متلك‬
‫الكفايات ال�رضورية ملمار�سة حقوقهم الإن�سانية كاملة على قدم امل�ساواة‪ ،‬لذلك ف�إن تنمية احلق يف‬
‫التعليم ي�شكل مدخال �أ�سا�سيا االرتقاء بالأفراد واجلماعات‪ ،‬وجعلهم م�ستعدين النخراط يف بناء‬
‫�سعيد ال�رشقاوي‬

‫جمتمع املواطنة والدميقراطية‪� .‬إذ ال دميقراطية دون التمتع باحلقوق الأ�سا�سية خ�صو�صا حق‬
‫التعليم والرتبية للجميع ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫وقد تبلورت فكرة مركزية احلق يف التعليم يف �إطار حركة فكرية حديثة هادفة �إىل �إعادة االعتبار‬
‫‪3‬‬

‫للإن�سان كذات حرة م�ستقلة وجعله حمور العامل‪ ،‬وحتريره من كل �أنواع العجز والو�صاية‪ ،‬عرب‬
‫االعرتاف بحقوقه الطبيعية التي ال ت�ستقيم �إن�سانية االن�سان بدونها‪ .‬وقد �شكلت هذه احلركة‬
‫�أر�ضية ت�أ�سي�سية لربوز منظومة حقوق االن�سان الدولية‪ ،‬والتي جت�سدت يف جممل الإعالنات‬
‫واملواثيق الدولية ‪ ،‬التي �شكلت مرجعية مل�أ�س�سة وتقنني احلق يف التعليم وتدويله‪ ،‬لي�صبح بذلك‬
‫‪4‬‬

‫التزاما دوليا يقت�ضي �رضورة االعرتاف به وحمايته من طرف الدول و�إعمال حق كل املواطن يف‬
‫احل�صول على �أعلى م�ستوى ميكن بلوغه من التعليم على قدم امل�ساواة التامة للجميع‪.‬‬

‫غري �أن اعتبار احلق يف التعليم التزاما دوليا يفر�ض على جميع الدول اتخاذ تدابري لإعماله‬
‫وتنميته‪ ،‬ال يعني بال�رضورة تبني جميع الدول لنف�س �أ�ساليب وطرق تدبري هذا احلق و�إعماله‪،‬‬
‫مما يعك�س تنوع وغنى �أ�ساليب تدبري الأنظمة الرتبوية يف التجارب العاملية‪ ،‬ويرجع هذا التنوع �إىل‬
‫رهانات �ضمان اجلودة والفعالية والعدالة‪ .‬ول�ضمان هذه الرهانات «ت�شهد كل الأنظمة الرتبوية يف‬
‫العامل �صعود �أهمية م�ستويات التنظيم الو�سيطة بني الدولة وامل�ؤ�س�سات التعليمية على �شكل عدم‬
‫التمركز الإداري‪� ،‬أو الالمركزية ال�سيا�سية (اجلماعات الرتابية)‪ ،‬وقد �صار التدبري الأحادي من‬
‫قبل الدولة ي�شكل ا�ستثناء عرب العامل‪ ،‬و�صارت القيادة تفو�ض �أكرث ف�أكرث للم�ستوى الرتابي‪� ،‬إن‬
‫م�ستويي الالمركزية الأكرث انت�شار ًا اليوم هما‪ ،‬الالمركزية التي يغلب عليها الطابع ال�سيا�سي‪،‬‬
‫واملوجهة نحو خمتلف امل�ستويات الرتابية‪ ،‬من جهة‪ ،‬والالمركزية املوجهة نحو امل�ؤ�س�سات‬
‫التعليمية‪ ،‬والهادفة �إىل حت�سني �أداء املدر�سة‪ ،‬و�إعطائها املزيد من اال�ستقاللية‪ ،‬من جهة �أخرى »‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫وهو توجه يتغذى من مرجعية الت�صور اجلديد للدولة اليوم وطبيعة تدخلها العمومي‪ ،‬والذي‬
‫عرف حتوالت عميقة مرتبطة مبتغريين ‪ ،‬الأول يتعلق بانفتاح م�سل�سل �صياغة ال�سيا�سات على‬
‫‪6‬‬

‫م�شاركة العموم‪ ،‬والثاين يرتبط بالتوجه «الرتابي» الذي �أ�صبح حا�رضا بقوة يف مرجعيات الفعل‬
‫العمومي‪ ،‬وهذا ما جعل الهيمنة البريوقراطية على ال�سيا�سات العمومية‪ ،‬من خالل التحكم يف‬
‫اخلربة ويف م�سل�سل التنفيذ ت�صبح جزءا من املا�ضي‪.‬‬

‫ويف احلالة املغربية‪ ،‬فقد اختار املغرب نهج خيار احلد الأدنى من الالمركزية يف تدبري �ش�ؤون‬
‫الدولة منذ ح�صوله على اال�ستقالل‪ ،‬وقد تعزز هذا النهج ب�سل�سة من الإ�صالحات ال�سيا�سية‬
‫‪102‬‬
‫تدبري احلق يف التعليم‪� :‬أي دور للمجال�س اجلماعية الرتابية؟‬

‫�شكلت فر�صة لإعادة النظر يف هذا اخليار متثلت يف �صدور الد�ستور املغربي اجلديد ل�سنة ‪،2011‬‬
‫والقوانني التنظيمية اجلديدة املتعلقة باجلماعات الرتابية‪ ،‬والتي تهدف �إىل الت�أ�سي�س لدينامية‬
‫الالمركزية الرتابية‪ ،‬القائمة بالأ�سا�س على فل�سفة دمقرطة الفعل العمومي من حتت‪ ،‬عرب تو�سيع‬
‫دائرة تدخل الفاعلون الرتابيون ومنح اال�ستقاللية للم�ؤ�س�سات ال�سيا�سية الرتابية وجعلها يف قلب‬
‫دائرة االهتمام بق�ضايا التنمية االقت�صادية واالجتماعية والثقافية وكذا الرتبوية‪.‬‬

‫وان�سجاما مع هذا التوجه ال�سيا�سي العام‪ ،‬تعاقبت �سل�سلة من املبادرات اال�صالحية يف جمال‬
‫‪7‬‬

‫التعليم تت�ضمن‪ ،‬عالوة على الغايات املن�شودة‪� ،‬إقرار نهج �سيا�سة الالمركزية والالتركيز يف قطاع‬
‫الرتبية والتكوين كاختيار ا�سرتاتيجي وحا�سم يف عملية الإ�صالح‪ .‬انطالقا من خلفية احلد من‬
‫الطابع املركزي للقرار الرتبوي‪ ،‬وجعله قرارا عموميا م�شرتكا‪ ،‬يتدخل يف تدبريه فاعلون جدد‬
‫(اخلوا�ص‪ ،‬املجتمع املدين‪ ،‬اجلماعات الرتابية) اىل جانب الدولة‪ ،‬كمدخل �أ�سا�سي لدمقرطة الفعل‬
‫الرتبوي وتر�سيخ مبادئ اجلودة والإن�صاف والتدبري احلر‪.‬‬

‫من هذا املنطلق‪ ،‬ت�سعى هذه الدرا�سة �إىل طرح هذه الدينامية من الإ�صالحات املتعلقة بالالمركزية‬
‫الرتبوية ومدى انعكا�سها على جعل ال�ش�أن الرتبوي يف �صلب اهتمامات الفاعل ال�سيا�سي الرتابي‪،‬‬
‫وذلك من خالل درا�سة ممكنات وحدود تدخل املجال�س اجلماعية الرتابية يف تدبري الفعل الرتبوي‪،‬‬
‫والك�شف عن �رشوط التحول نحو مدر�سة تربوية ترابية كرهان‪ ،‬هذا امل�سعى يقودنا اىل الإ�شكال‬
‫التايل‪:‬‬

‫ما مدى ح�ضور البعد الرتبوي يف تدبري احلق يف التعليم كمدخل دمقرطته وجتويده‬
‫وبالتايل �ضمان حكامته ؟‬

‫وهو �إ�شكال تتفرع عنه �أ�سئلة �أخرى منها‪:‬‬


‫–  ما الإمكانات الد�ستورية والقانونية املتاحة للمجال�س للجماعية الرتابية للتدخل يف تدبري‬
‫ال�ش�أن الرتبوي يف ظل متغريات د�ستور ‪ 2011‬والقوانني التنظيمية للجماعات الرتابية؟‬
‫وكيف تقارب مرجعيات قطاع الرتبية والتعليم دور اجلماعات الرتابية يف التدبري الت�شاركي‬
‫للم�ؤ�س�سات التعليمية ؟ وهل هذه املتغريات �شكلت مدخال للتدبري الت�شاركي الرتابي للفعل‬
‫الرتبوي؟‬
‫‪103‬‬
‫�سعيد ال�رشقاوي‬

‫–  ما حدود تدخل املجال�س اجلماعية الرتابية يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي؟ وهل ال�ش�أن الرتبوي‬
‫اليوم يقع يف �صدارة الربامج التنموية اجلماعات الرتابية ؟ وما الإكراهات التي تعيق‬
‫ذلك؟ وما �رشوط التحول نحو مدر�سة تربوية ترابية مبقومات اجلودة والعدالة واحلكامة‬
‫الرتبوية؟‬

‫ملقاربة الإ�شكال املطروح‪ ،‬ننطلق من فر�ضية م�ؤداها �أن هناك �إقرار د�ستوري وقانوين لدور جمال�س‬
‫اجلماعات الرتابية يف امل�ساهمة يف تدبري الفعل الرتبوي‪ ،‬لكن عمليا يظل هذا التدبري حمدودا‪ ،‬حيث‬
‫مل يف�ض �إىل التحول من تدبري �أحادي للنظام الرتبوي املغربي اىل تدبري ت�شاركي ترابي‪.‬‬

‫وللتحقق من هذه الفر�ضية‪ ،‬عملنا على �إجناز دار�سة ميدانية مبجال اجلماعة احل�رضية ملدينة �أوالد‬
‫‪8‬‬
‫تامية التابعة لبا�شوية �أوالد تامية‪� ،‬إقليم تارودانـت‪ ،‬جهة �سو�س ما�سة‪ ،‬وتقع حدودها ‪:‬‬

‫– �شماال‪ :‬جماعة �سيدي بومو�سى‪.‬‬


‫– جنوبا ‪ :‬جماعة �سيدي بومو�سى وجماعة الكدية البي�ضاء‪.‬‬
‫– �رشقا ‪ :‬جماعة �سيدي احماد �أوعمر‪.‬‬
‫– غربا ‪ :‬جماعة �سيدي بومو�سى‪.‬‬

‫�أما عن م�ساحتها فتقدر بحوايل ‪ 33‬كيلوميرت مربع‪ ،‬ويبلغ عدد �سكانها ‪ 89.387‬ن�سمة يكونون‬
‫‪� 19.652‬أ�رسة‪ .‬ويوجد على تراب اجلماعة ‪ 20‬م�ؤ�س�سة تعليمية عمومية‪ ،‬منها ‪ 04‬الثانوي‬
‫الت�أهيلي‪ ،‬و‪ 04‬الثانوي الإعدادي‪ ،‬و‪ 12‬مدر�سة ابتدائية‪.‬‬

‫وعلى امل�ستوى ال�سيا�سي ي�سري اجلماعة جمل�س جماعي منتخب يتكون من ‪ 35‬ع�ضوا منهم ‪ 29‬من‬
‫الذكور و‪ 06‬من الإناث‪ ،‬وح�سب االنتماء ال�سيا�سي‪ ،‬ف�إنه ي�ضم‪:‬‬
‫– ‪ 12‬ع�ضوا من حزب العدالة والتنمية‬
‫– ‪� 07‬أع�ضاء من حزب التجمع الوطني الأحرار‪.‬‬
‫– ‪� 06‬أع�ضاء من حزب اال�ستقالل‪.‬‬
‫‪104‬‬
‫تدبري احلق يف التعليم‪� :‬أي دور للمجال�س اجلماعية الرتابية؟‬

‫وقد اعتمدنا على امل�ستوى املنهجي تقنية املقابلة املوجهة مع عينة ق�صدية ممثلة للمجتمع الأ�صلي‬
‫‪9‬‬

‫موزعة على فئتني‪:‬‬


‫• فئة املنتخبون‪ :‬ويبلغ عدد �أفراد العينة امل�ستجوبة ‪ 18‬فرد من �أ�صل ‪ 35‬منتخب‪.‬‬
‫• فئة مدراء امل�ؤ�س�سات التعليمية‪ :‬ويبلغ عدد �أفراد العينة امل�ستجوبني ‪ 12‬فرد من‬
‫�أ�صل ‪ 20‬مدير‪.‬‬

‫كما اعتمدنا على املعاينة امليدانية من خالل الع�ضوية ملدة ‪� 08‬سنوات يف جمل�س تدبري امل�ؤ�س�سة‬
‫التعليمية‪ ،‬ومن خاللها معاينة وتتبع �أ�شغال املجل�س ومنهجية ا�شتغاله وطبيعة قراراته وم�آالتها‬
‫وعالقته مبحيط املدر�سة و�رشكائها‪.‬‬

‫ملقاربة �إ�شكالية املو�ضوع وفح�ص فر�ضيته‪� ،‬سنخ�ص�ص (املبحث الأول) للك�شف على ممكنات‬
‫تدخل املجال�س اجلماعية الرتابية يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي املحلي من خالل فح�ص اخت�صا�صات‬
‫للجماعات الرتابية وجماالت و�آليات تدخلها يف ال�ش�أن الرتبوي كما حددها د�ستور ‪ 2011‬والقانون‬
‫التنظيمي رقم ‪ ،113.14‬وكما �أقرتها مرجعيات منظومة الرتبية والتكوين‪ .‬على �أن نخ�ص�ص‬
‫(املبحث الثاين) لإبراز حدود تدخل اجلماعات الرتابية يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي من خالل الك�شف‬
‫عن الإكراهات التي تعيق هذا التدخل وحتول دون التدبري الت�شاركي للفعل الرتبوي‪.‬‬

‫املبحث الأول‪ :‬تدخل اجلماعات الرتابية يف ال�ش�أن الرتبوي على �ضوء املقت�ضيات‬
‫الد�ستورية والقانونية‬

‫الك�شف عن ممكنات تدخل املجال�س اجلماعية الرتابية يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي املحلي يقت�ضي‬
‫بحث مكانة ال�ش�أن الرتبوي �ضمن اخت�صا�صات اجلماعات الرتابية (املطلب الأول)‪ ،‬والك�شف‬
‫عن �أهداف و�آليات تدخلها يف ال�ش�أن الرتبوي (املطلب الثاين) كما حددها د�ستور ‪ 2011‬القانون‬
‫التنظيمي رقم ‪ ،113.14‬وكما �أقرتها مرجعيات منظومة الرتبية والتكوين‪.‬‬
‫‪105‬‬
‫�سعيد ال�رشقاوي‬

‫املطلب الأول‪ :‬مكانة ال�ش�أن الرتبوي �ضمن اخت�صا�صات اجلماعات الرتابية‬

‫�أ�سند د�ستور ‪ 2011‬للجماعات الرتابية م�س�ؤولية تنمية جمالها الرتابي وامل�ساهمة يف تقدمي خدمات‬
‫القرب وجتويدها مبا فيها اخلدمات الرتبوية‪ ،‬بل جعلها �رشيكا للدولة يف ذلك (الفقرة الأوىل)‪ .‬كما‬
‫�أ�سندت لها اخت�صا�صات تبا�رشها مبوجب القانون التنظيمي رقم ‪ 113-14‬متكنها من التدخل يف‬
‫ال�ش�أن الرتبوي (الفقرة الأوىل)‪.‬‬

‫الفقرة الأوىل‪ :‬اجلماعات الرتابية �شريك للدولة يف تدبري احلق يف التعليم‬

‫�أناط د�ستور ‪ 2011‬للجماعات الرتابية م�س�ؤولية تنمية جمالها الرتابي وامل�ساهمة يف تقدمي خدمات‬
‫القرب وجتويدها مبا فيها اخلدمات الرتبوية‪ .‬ويقر �رصاحة بدور اجلماعات الرتابية يف تي�سري‬
‫�أ�سباب ا�ستفادة املواطنات واملواطنني‪ ،‬على قدم امل�ساواة‪ ،‬من احلق يف التعليم من خالل ما ين�ص‬
‫عليه الف�صل ‪« :31‬تعمل الدولة وامل�ؤ�س�سات العمومية واجلماعات الرتابية‪ ،‬على تعبئة كل الو�سائل‬
‫املتاحة‪ ،‬لتي�سري �أ�سباب ا�ستفادة املواطنات واملواطنني‪ ،‬على قدم امل�ساواة‪ ،‬من احلق يف‪:‬‬
‫– احل�صول على تعليم ع�رصي مي�رس الولوج وذي جودة؛‬
‫– التن�شئة على الت�شبث بالهوية املغربية‪ ،‬والثوابت الوطنية الرا�سخة؛‬
‫– التكوين املهني واال�ستفادة من الرتبية البدنية والفنية‪».‬‬

‫يت�ضح من خالل هذا الن�ص الد�ستوري‪� ،‬أن اجلماعات الرتابية �أ�صبحت حتتل د�ستوريا موقع‬
‫ال�رشيك للدولة يف حتمل �أعباء اخلدمات االجتماعية ومنها التعليم‪ .‬ويعك�س هذا الن�ص التوجه‬
‫اجلديد للتدخل العمومي للدولة الذي يتجه نحو �إ�رشاك خمتلف الفاعلني يف تدبري اخلدمات‬
‫االجتماعية باخل�صو�ص‪ ،‬نتيجة تو�سع دائرة امل�شكل العمومي وتعقده وف�شل القرار املركزي‬
‫يف معاجلته‪ ،‬حيث �أ�صبحت الدولة اليوم يف حاجة �إىل تقا�سم ال�ش�أن العام مع فاعلني حمليني‬
‫متعددين (اجلماعات الرتابية‪ ،‬املجتمع املدين‪ ،‬املقاولة‪ ،‬جماعات ال�ضغط) وفاعلني ما فوق الدولة‬
‫(ال�رشكات املتعددة اجلن�سية‪ ،‬املنظمات الدولية غري احلكومية)‪ ،‬وقد نتج عن ذلك �إعادة النظر‬
‫يف وظائف الدولة ون�شاطها و�أ�شكال تدخلها يف احلياة االقت�صادية واالجتماعية‪ ،‬وبالتايل ت�شكل‬
‫مفهوما جديدا للتدخل العمومي للدولة باعتبارها �رشيكة يف تدبري الفعل العمومي‪.‬‬
‫‪106‬‬
‫تدبري احلق يف التعليم‪� :‬أي دور للمجال�س اجلماعية الرتابية؟‬

‫وباملوازاة مع هذا التوجه‪ ،‬ف�إن امليثاق الوطني للرتبية والتكوين باعتباره الإطار املرجعي مل�سل�سل‬
‫�إ�صالح التعليم الذي عرفه املغرب منذ اال�ستقالل‪ ،‬يقر مبكانة اجلماعات الرتابية يف �إ�صالح قطاع‬
‫الرتبية والتكوين‪ ،‬حيث ورد يف الق�سم الأول اخلا�ص بحقوق وواجبات الأفراد واجلماعات �أنه‪:‬‬
‫«على اجلماعات املحلية تبويئ الرتبية والتكوين مكان ال�صدارة‪� ،‬ضمن �أولويات ال�ش�أن اجلهوي‬
‫�أو املحلي التي تعنى بها‪ .‬وعلى جمال�س اجلهات واجلماعات الوعي بالدور احلا�سم للرتبية‬
‫والتكوين‪ ،‬يف �إعداد الن�شء للحياة العملية املنتجة لفائدة اجلهة �أو اجلماعة‪ ،‬ويف بث الأمل يف نفو�س‬
‫�آباء املتعلمني و�أوليائهم واالطمئنان على م�ستقبل �أبنائهم‪ ،‬وبالتايل حفزهم على التفاين يف العمل‬
‫ل�صالح ازدهار اجلهة واجلماعة »‪.‬‬
‫‪10‬‬

‫يف ال�سياق ذاته‪ ،‬ركزت الر�ؤية اال�سرتاتيجية للإ�صالح الرتبوي على �رضورة‪« :‬التفعيل الناجع‬
‫مل�شاركة اجلماعات الرتابية يف النهو�ض باملدر�سة‪ ،‬وذلك بالتن�صي�ص على م�ساهمتها يف جمهود‬
‫التعميم املن�صف يف القانون املنظم لها‪ ،‬مع تخ�صي�ص التمويل الالزم لذلك‪ ،‬وو�ضع �آلية التن�سيق‬
‫بني جميع املرافق العمومية على ال�صعيدين اجلهوي واملحلي‪ ،‬لتمكني م�ؤ�س�سات الرتبية والتكوين‬
‫من ف�ضاءات مالئمة وحميط قادر على تعزيز �رشوط تعميم من�صف للتعليم‪ ،‬مي�رس للنجاح‬
‫الدرا�سي والتكويني للمتعلم »‪.‬‬
‫‪11‬‬

‫يت�ضح من هذه املقت�ضيات الد�ستورية والقانونية‪� ،‬أن تدبري احلق يف التعليم يقع يف �صدارة �أولويات‬
‫اجلماعات الرتابية واهتماماتها‪ ،‬ومتار�س هذا الدور ك�رشيك فعلي للدولة يف حتمل الأعباء املرتبطة‬
‫بالتعميم وحت�سني اجلودة‪ ،‬وكذا امل�شاركة يف التدبري‪ .‬لكن ما االخت�صا�صات القانونية املخولة‬
‫للجماعات الرتابية ملمار�سة هذ الدور؟‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬االخت�صا�صات الرتبوية للجماعات الرتابية وفق القانون التنظيمي‬


‫رقم ‪113-14‬‬

‫ا�ستندت للجماعات الرتابية اخت�صا�صات تبا�رشها مبوجب القانون التنظيمي رقم ‪،113-14‬‬
‫وهي اخت�صا�صات ذاتية واخت�صا�صات م�شرتكة مع الدولة‪ ،‬و�أخرى منقولة �إليها من طرف هذه‬
‫الأخرية ‪ .‬والوا�ضح �أن هذا القانون مل ين�ص �رصاحة على اخت�صا�صات مبا�رشة تخ�ص جمال‬ ‫‪12‬‬

‫الرتبية والتعليم‪ ،‬لكن ميكن للجماعة التدخل يف ال�ش�أن الرتبوي بطريقة غري مبا�رشة من خالل‪:‬‬
‫‪107‬‬
‫�سعيد ال�رشقاوي‬

‫–  اعتبار تنمية احلق التعليم وجتويده مدخل لتحقيق �أهداف التنمية الب�رشية املندجمة‬
‫وامل�ستدامة ‪ ،‬ومن �ضمن خدمات القرب والتي تتوىل اجلماعة امل�ساهمة يف حتقيقها‬
‫‪14‬‬ ‫‪13‬‬

‫داخل دائرتها الرتابية‪.‬‬


‫–  االخت�صا�صات الذاتية املوكولة للجماعة خا�صة يف جمال التعمري واعداد الرتاب ‪ ،‬من‬
‫‪15‬‬

‫خالل ال�سهر على احرتام االختيارات وال�ضوابط املقررة يف خمططات توجيه التهيئة‬
‫العمرانية وت�صاميم التهيئة والتنمية‪ ،‬ومن هذه ال�ضوابط تخ�صي�ص ف�ضاءات ا�ستقبال‬
‫خا�صة بربامج الرتبية والتعليم (امل�ؤ�س�سات التعليمية) يف ت�صاميم التهيئة �أو �إعادة التهيئة‬
‫(كتوفري الوعاء العقاري مثال)‪.‬‬
‫–  االخت�صا�صات امل�شرتكة بني اجلماعة والدولة ‪ ،‬حيث ميكن للجماعة امل�ساهمة يف �إجناز‬
‫‪16‬‬

‫العمال التالية خا�صة يف جمال التعليم ‪:‬‬


‫– �إحداث دور ال�شباب‪.‬‬
‫– �إحداث دور احل�ضانة وريا�ض الأطفال‪.‬‬
‫– �إحداث املراكز االجتماعية للإيواء‪.‬‬
‫– �إحداث املكتبات اجلماعية‪.‬‬
‫– �صيانة مدار�س التعليم االبتدائي‪.‬‬
‫– �إحداث املتاحف وامل�سارح واملعاهد الفنية واملو�سيقية‪.‬‬

‫يت�ضح من ذلك‪� ،‬أن امل�رشع �أ�سند للمجال�س اخت�صا�صات من �ش�أنها �أن تعزز دورها يف امل�ساهمة‬
‫يف تعبئة الو�سائل والإمكانات الكفيلة ب�إقامة جمموعة من التجهيزات والبنيات التحتية و�إجناز‬
‫املرافق ال�رضورية املكملة لن�شاط التعليم‪� ،‬إ�ضافة �إىل اخت�صا�صات غري مبا�رشة تابعة‪ ،‬بحيث‬
‫ال ميكن ت�صور �إقامة املدار�س دون مدها ب�شبكة املاء والكهرباء‪ ،‬وفك العزلة عنها ببناء الطرق‬
‫و�إ�صالحها وتوفري النقل العمومي‪ .‬وف�ضال عن ذلك‪ ،‬تزويدها امل�ؤ�س�سات التعليمية بالكتب‬
‫واللوازم الريا�ضية‪ ،‬وتقدمي امل�ساعدات املالية جلمعيات �أولياء و�آباء التالميذ واجلمعيات اخلريية‬
‫املكلفة ب�إيواء الأطفال اليتامى �أو املعوزين والذين يتابعون الدرا�سة‪ .‬وهي التزامات من �ش�أنها‬
‫احلد من الفوارق االجتماعية القائمة على (النوع‪ ،‬الأ�صل االجتماعي‪ ،‬العجز االجتماعي‪ ،‬الفقر‪،‬‬
‫وه�شا�شة الأ�رس‪� ،‬أمية الآباء والأمهات‪ ،‬الفوارق الرتابية) والتي ت�ؤثر ب�شكل �سلبي يف عملية التعلم‬
‫داخل املدر�سة‪ .‬وت�ؤدي �إىل ت�ضخيم الفوارق املدر�سية (االنقطاع املدر�سي‪ ،‬الت�أخر الدرا�سي‪،‬‬
‫‪108‬‬
‫تدبري احلق يف التعليم‪� :‬أي دور للمجال�س اجلماعية الرتابية؟‬

‫التكرار‪ ،‬الت�رسب‪ ،‬تغذية احلرمان والإحباط‪ ،‬االنحراف والعنف‪� .‬إعادة �إنتاج اله�شا�شة‬
‫وتو�سيعها‪� . )...‬إذ كلما كان هناك تقلي�ص للفوارق االجتماعية كلما �ساهم ذلك يف حتقيق ولوجية‬
‫من�صفة خلدمات التعليم و�ضمان تكاف�ؤ الفر�ص يف ظلها ‪.‬‬
‫‪17‬‬

‫املطلب الثاين‪� :‬أهداف و�آليات تدخل اجلماعات يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي‬

‫تربط املرجعيات الوطنية امل�ؤطرة للمنظومة الرتبوية تدخل اجلماعات الرتابية يف ال�ش�أن الرتبوي‬
‫مبدى م�ساهمتها يف حتقيق �أهداف منظومة الرتبية والتكوين (الفقرة الأوىل)‪ ،‬وذلك اعتمادا على‬
‫�آليات متكنها من حتقيق هذه الأهداف (الفقرة الأوىل)‪.‬‬

‫الفقرة الأوىل‪� :‬أهداف تدخل اجلماعات الرتابية يف الفعل الرتبوي‬

‫�إن تفعيل م�شاركة اجلماعات الرتابية يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي‪ ،‬يرتبط �أ�سا�س مبدى مب�ساهمتها يف‬
‫حتقيق �أهداف حمورية يف م�سار الإ�صالح الرتبوي‪ ،‬وميكن حتديد يف �أهمها يف ما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬هدف التعميم املن�صف للحق يف التعليم‬

‫يعد الإعمال املت�ساوي واملن�صف للحق يف التعليم والرتبية مبد�أ تقره املواثيق الدولية حلقوق‬
‫االن�سان‪ ،‬وتر�سيخا لذلك ت�ؤكد مرجعيات املنظومة الرتبوية على رفع حتدي التعميم ال�رسيع‬
‫للتعليم الأويل واالبتدائي والإعدادي يف جميع �أرجاء اململكة بتح�سني جودته ومالءمته حلاجات‬
‫الأفراد وواقع احلياة ومتطلباتها‪ ،‬ويف هذا الإطار ين�ص امليثاق على �رضورة التعاون الوثيق‬
‫‪18‬‬

‫بني �سلطات الرتبية والتكوين‪ ،‬وجميع الفعاليات الرتبوية وال�رشكاء يف �إدارات الدولة واجلماعات‬
‫الرتابية واملنظمات غري احلكومية والقطاع اخلا�ص لإجناح هذا التحدي‪ ،‬وهو نف�س امل�سعى ت�ؤكده‬
‫الر�ؤية اال�سرتاتيجية للإ�صالح الرتبوي ‪ ،‬حيث الإقرار ب�رضورة التفعيل الناجح مل�شاركة‬
‫‪19‬‬

‫اجلماعات الرتابية يف النهو�ض املدر�سة‪ ،‬وذلك بالتن�صي�ص على م�ساهمتها يف جمهود التعميم‬
‫املن�صف يف القانون املنظم لها‪ ،‬مع تخ�صي�ص التمويل الالزم لذلك‪ ،‬وو�ضع �آليات التن�سيق بني‬
‫جميع املرافق العمومية على ال�صعيدين اجلهوي واملحلي‪ ،‬لتمكني م�ؤ�س�سات الرتبية والتكوين من‬
‫ف�ضاءات مالئمة وحميط قادر على تعزيز �رشوط تعميم من�صف للتعليم‪ ،‬مي�رس للنجاح املدر�سي‬
‫والتكويني للمتعلم‪.‬‬
‫‪109‬‬
‫�سعيد ال�رشقاوي‬

‫ومن هذا املنطلق‪ ،‬ف�إن م�ساهمة اجلماعات الرتابية يف جمال التعليم‪ ،‬تربطه املرجعيات امل�ؤطرة‬
‫للمنظومة باالنخراط بتحقيق �أهداف‪:‬‬
‫–  تعميم احلق يف التعليم و�ضمان ولوجية اجلميع اىل هذا احلق وفق مبادئ امل�ساواة‬
‫والإن�صاف وتكاف�ؤ الفر�ص‪.‬‬
‫–  العمل على توفري ال�رشوط الكفيلة لهذا التعميم من توفري لف�ضاءات اال�ستقبال‪ ،‬وتو�سيع‬
‫العر�ض املدر�سي والدعم االجتماعي للفئات اله�شة واملعوزة‪.‬‬
‫– تي�سري الولوجية للأ�شخا�ص يف و�ضعيات �إعاقة �أو �أي و�ضعية خا�صة‪.‬‬
‫– متييز �إيجابي لفائدة الأو�ساط القروية وال�شبه ح�رضية‪.‬‬

‫وهي عمليات تنطلق من خلفية فك االرتباط احلا�صل بني الفوارق االجتماعية والفوارق املدر�سية‪،‬‬
‫لأن واقع احلال باملدر�سة املغربية ي�ؤكد على �أن حدة التفاوتات بني التالميذ ذات البعد االجتماعي‪،‬‬
‫الثقايف‪ ،‬والرتابي للتالميذ‪� ،‬أو ذات ال�صلة بجن�سهم �أو �إعاقتهم‪ ،‬كل ذلك ي�ؤ�س�س لوجود الفوارق‬
‫االجتماعية باملدر�سة وي�ؤثر �سلبا على الولوجية واال�ستدامة يف املدر�سة والنجاح املدر�سي ‪،‬‬
‫‪20‬‬

‫وبالتايل �إثارة م�س�ألة الالتكاف�ؤ الفر�ص التعليمية‪ ،‬والتفكري من جديد يف �إ�شكالية الالعدالة الرتبوية‪،‬‬
‫وهي ق�ضايا و�إ�شكاالت تطرح �أمام اجلماعات الرتابية حتديات كربى ملواجهتها‪.‬‬

‫‪ .2‬هدف تعزيز احلكامة الرتبوية‬

‫تعد جناعة التدبري‪ ،‬وامل�شاركة وال�شفافية وربط امل�س�ؤولية بالتقييم واملحا�سبة مبادئ د�ستورية‬
‫ملزمة ‪ ،‬ومدخال �أ�سا�سيا لرت�سيخ حكامة امل�ؤ�س�سات‪ ،‬ويف هذا ال�سياق ت�ستهدف مرجعيات‬ ‫‪21‬‬

‫الإ�صالح الرتبوي اىل �إر�ساء نظام احلكامة الرتابية للمنظومة‪ ،‬عرب و�ضع مقومات ال�رشاكة بني‬
‫‪22‬‬

‫الأطراف املعنية يف �إطار تعاقدي‪ ،‬وذلك عرب التن�صي�ص على تدابري �أهمها‪� :‬ضمان م�شاركة ناجحة‬
‫للجهات واجلماعات الرتابية للنهو�ض باملدر�سة عرب مراجعة القوانني امل�ؤطرة لأدوار اجلهات‬
‫واجلماعات الرتابية يف �إر�ساء �آليات ال�رشاكة والتمويل والت�شاور‪.‬‬

‫�إن �إ�رشاك اجلماعات الرتابية يف تدبري ال�ش�أن التعليمي يعد مدخال من مداخل احلكامة الرتبوية‪،‬‬
‫وهي عملية رهينة ب�إخراج ق�ضايا و�إ�شكاالت التعليم من داخل جدران م�ؤ�س�سات الرتبية والتكوين‬
‫�إىل الف�ضاءات العمومية الرتابية الأخرى كدورات املجال�س اجلماعية‪ ،‬اللقاءات الت�شاورية‪ ،‬اللجان‬
‫‪110‬‬
‫تدبري احلق يف التعليم‪� :‬أي دور للمجال�س اجلماعية الرتابية؟‬

‫التابعة للمجال�س‪ ،‬لقاءات اجلمعيات‪ ،‬الآباء‪ .‬حتى تخ�ضع يف قراراته �إىل �آليات النقا�ش العمومي‬
‫احلر من قبيل �آليات‪ :‬ال�شفافية‪ ،‬املراقبة املدنية‪ ،‬التقييم‪ ،‬املحا�سبة‪ .‬وهي �آليات من �ش�أنها ت�صحيح‬
‫االختالالت‪ ،‬وتعزيز مكامن القوة‪ ،‬وتر�شيد املوارد وح�سن تدبريها‪ ،‬كمدخل للنجاعة والفعالية‬
‫واجلودة واحلكامة يف املجال الرتبوي‪ .‬كما ت�ساهم هذه الآليات يف تقوية دور املواطن يف تدبري‬
‫�ش�أنه الرتبوي بو�صفه م�ستفيدا من املنظومة الرتبوية ومنظم ًا لها‪ ،‬ف�إذا كانت املمار�سات ال�سيئة‬
‫للحكامة الرتبوية ت�ؤثر يف املجتمع يف جممله‪ ،‬ف�إن الأ�رس الفقرية هي التي تت�أثر �أكرث‪ ،‬لأنها تعتمد‬
‫ب�شكل كلي على خدمات املدر�سة العمومية ‪.‬‬
‫‪23‬‬

‫‪ .3‬هدف التمويل‬

‫تعد م�س�ألة الإنفاق على التعليم من �أكرب التحديات التي تواجه مبادرات �إ�صالحه‪ ،‬وقد قاربت‬
‫مرجعيات الإ�صالح الرتبوي م�س�ألة متويل التعليم من خالل التن�صي�ص على مبد�أين �أ�سا�سيني ‪:‬‬
‫‪24‬‬

‫–  مبد�أ حتمل الدولة للق�سط الأوفر يف حتمل �أعباء التعليم‪ ،‬وا�ضطالعها بالدور الأكرب يف‬
‫متويله‪ ،‬وتوا�صل �ضمانها ملجانية التعليم الإلزامي باعتباره واجبا على الدولة‪.‬‬
‫–  مببد�أ تنويع م�صادر متويل الرتبية والتكوين‪ ،‬ويقت�ضي ذلك �إ�سهام الفاعلني وال�رشكاء‬
‫يف عملية الرتبية والتكوين من دولة وجماعات ترابية ومقاوالت و�أ�رس مي�سورة‪ .‬وت�سهم‬
‫اجلماعات املحلية‪ ،‬يف �إطار اخت�صا�صاتها‪ ،‬وب�رشاكة مع �سلطات الرتبية والتكوين‪ ،‬يف‬
‫العبء املايل الناجت عن تعميم التعليم اجليد‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪� :‬آليات تدخل اجلماعات الرتابية يف الفعل الرتبوي‬

‫�ضمانا لإ�سهام الفعلي للجماعات الرتابية يف حتمل �أعباء التعليم‪ ،‬وجتويد خدماته‪ ،‬ن�صت مرجعيات‬
‫الرتبية والتكوين وكذا القانون التنظيمي للجماعات‪ ،‬على �آليات تتيح للجماعات تدخلها يف ال�ش�أن‬
‫الرتبوي متويال وتخطيطا ومراقبة وت�شاورا‪:‬‬

‫‪� .1‬آلية ال�شراكة والتعاقد مع الدولة وم�ؤ�س�سات الرتبية والتكوين‬

‫ا�ستقراء مرجعيات �إ�صالح منظومة الرتبية والتكوين جند �أن مفهوم ال�رشاكة حموريا يف‬
‫م�ضامينها‪� ،‬إذ جتده حا�رضا بقوة خ�صو�صا يف جماالت ذات ال�صلة بـ‪ :‬الدعم االجتماعي للمتعلمني‪،‬‬
‫‪111‬‬
‫�سعيد ال�رشقاوي‬

‫وت�أمني احلق يف التعليم‪ ،‬التدبري والت�سيري‪ ،‬احلكامة‪ ،‬انفتاح امل�ؤ�س�سة على حميطها‪ ،‬وغالبا ما‬
‫يكون مرفوقا بالتمويل «ال�رشاكة والتمويل»‪ .‬لذلك يظل التمويل هاج�س حموري يف مرجعيات‬
‫اخلطاب الرتبوي‪ ،‬ويظل الباعث املحوري يف التن�صي�ص على �رضورة الإ�رساع بتفعيل �آلية‬
‫ال�رشاكة وتعزيز �آليات التعاقد بني الدولة وم�ؤ�س�سات الرتبية والتكوين وباقي الأطراف ال�سيما‬
‫اجلهات واجلماعات الرتابية ‪ ،‬باعتبارها �رشيكا فعليا يف متويل م�شاريع الإ�صالح الرتبوي‪.‬‬
‫‪25‬‬

‫كما ن�ص القانون املنظم للجماعات على مبد�أ التعاقد يف ممار�سة اجلماعات الخت�صا�صاتها‪ ،‬حيث‬
‫«متار�س االخت�صا�صات امل�شرتكة بني الدولة واجلماعة ب�شكل تعاقدي �إما مببادرة من الدولة �أو‬
‫طلب من اجلماعة »‪ ،‬وهي االخت�صا�صات التي من خاللها تتدخل اجلماعات يف �إجناز البنيات‬
‫‪26‬‬

‫التحتية املكملة لن�شاط التعليم‪.‬‬

‫‪ .2‬م�شاركة املنتخبني يف الهيئات التدبريية مل�ؤ�س�سات الرتبية والتكوين‬

‫�إ�رشاك املنتخبني يف الهيئات التدبريية مل�ؤ�س�سات الرتبية والتكوين‪ ،‬عملية ت�ستمد �أ�صولها من‬
‫مرجعية التدبري الت�شاركي اجلماعي لل�ش�أن الرتبوي‪ ،‬ويرتكز على ثقافة الدميقراطية الت�شاركية‬
‫�أو امل�شاركة املواطنة التي تقوم على تفاعل كل الفاعلني الرتبويني (�أطر �إدارية وتربوية ومتعلمني)‬
‫ومتدخلني(منتخبون‪� ،‬آباء‪ ،‬املقاولة‪ )...‬لتدبري �ش�ؤون امل�ؤ�س�سة التعليمية‪ ،‬ويعد ذلك مدخال‬
‫للحكامة الرتبوية الرتابية‪ .‬و�سعيا لذلك‪ ،‬ن�ص امليثاق على �إحداث هيئات متخ�ص�صة يف التخطيط‬
‫‪27‬‬

‫والتدبري واملراقبة يف جمال الرتبية والتكوين‪ ،‬على م�ستوى اجلهة والإقليم‪ ،‬وكذا على �صعيد كل‬
‫م�ؤ�س�سة‪ ،‬بغية �إعطاء الالمركزية والالمتركز �أق�صى الأبعاد املمكنة‪.‬‬

‫ومن بني التدابري املتخذة ‪� ،‬إحداث على �صعيد كل م�ؤ�س�سة للرتبية والتكوين جمل�س للتدبري‪،‬‬
‫‪28‬‬

‫ميثل فيه املدر�سون و�آباء �أو �أولياء التالميذ واملنتخبون و�رشكاء املدر�سة يف جماالت الدعم املادي‬
‫�أو التقني �أو الثقايف كافة‪ .‬ومن مهام هذا املجل�س ‪:‬‬
‫–  امل�ساعدة و�إبداء الر�أي يف برجمة �أن�شطة امل�ؤ�س�سة ومواقيت الدرا�سة وا�ستعماالت الزمن‬
‫وتوزيع مهام املدر�سني ؛‬
‫–  الإ�سهام يف التقومي الدوري للأداء الرتبوي وللو�ضعية املادية للم�ؤ�س�سة وجتهيزاتها‬
‫واملناخ الرتبوي بها ؛‬
‫– اقرتاح احللول املالئمة لل�صيانة ولرفع م�ستوى املدر�سة و�إ�شعاعها داخل حميطها‪.‬‬
‫‪112‬‬
‫تدبري احلق يف التعليم‪� :‬أي دور للمجال�س اجلماعية الرتابية؟‬

‫‪� .3‬آلية برنامج عمل اجلماعة‬

‫يعد برنامج عمل اجلماعة اخت�صا�صا ذاتيا متار�سه اجلماعة مبوجب القانون التنظيمي اجلديد‬
‫للجماعات ‪ ،‬ويحدد الأعمال التنموية املقرر �إجنازها �أو امل�ساهمة يف �إجنازها برتاب اجلماعة خالل‬
‫‪29‬‬

‫(‪� )06‬ست �سنوات‪ ،‬ويحدد ين�ص تنظيمي م�سطرة �إعداده وتتبعه وحتيينه وتقييمه و�آليات احلوار‬
‫‪30‬‬

‫والت�شاور لإعداده يعك�س الربنامج مكانة اجلماعة كفاعل حموري يف التنمية الرتابية‪.‬‬

‫ومادام الربنامج يحدد خارطة طريق عمل اجلماعة‪ ،‬ف�إنه يعد �آلية فعالية ميكن للجماعة من خالله‬
‫التدخل يف ال�ش�أن الرتبوي‪ ،‬عرب ما يتيحه من عمليات يف �إعداده وتنفيذه وتقييمه �أهمها‪:‬‬
‫• املقاربة الت�شاركية يف �إعداده ‪ :‬يتم �إعداد برنامج العمل وفق الآليات الت�شاركية للحوار‬
‫‪31‬‬

‫والت�شاور مع عموم املواطنني واملواطنات وهيئات املجتمع املدين‪ ،‬وتتيح هذه املقاربة �إ�رشاك‬
‫جمعيات �أمهات و�آباء و�أولياء التالميذ والتلميذات وجمعيات النجاح املدر�سي وجمعية‬
‫الريا�ضة املدر�سية وكذا الأندية الرتبوية بامل�ؤ�س�سات التعليمية‪ ،‬كما يتيح القانون لرئي�س‬
‫‪32‬‬

‫املجل�س �أن ي�ستدعي �أي �شخ�ص يرى فائدة يف ح�ضوره يف االجتماع املخ�ص�ص لقرار �إعداد‬
‫م�رشوع الربنامج‪ ،‬ومن ه�ؤالء الأ�شخا�ص مدراء امل�ؤ�س�سات التعليمية �أو املدير الإقليمي‬
‫للرتبية والتعليم‪.‬‬
‫• املقاربة التكاملية يف �إعداده ‪ :‬بغية حتقيق االتقائية بني الربامج‪� ،‬أثناء عملية الت�شخي�ص‪،‬‬
‫‪33‬‬

‫متد الإدارة واجلماعات الرتابية الأخرى وامل�ؤ�س�سات واملقاوالت العمومية اجلماعية‬


‫بالوثائق املتوفرة املتعلقة مب�شاريع التجهيز املراد �إجنازها برتاب اجلماعة‪ .‬ووفقا لهذه‬
‫العملية ميكن للجماعة التن�سيق مع امل�صالح الالممركزة لوزارة الرتبية والتكوين حول‬
‫امل�شاريع املربجمة او املتوقع برجمتها يف املجال الرتابي للجماعي‪ ،‬وعرب هذه العملية ميكن‬
‫حتديد الأدوار و�أ�شكال التدخل وجماالت ال�رشاكة بني اجلماعة وامل�صالح الالممركزة‬
‫للرتبية والتعليم‪.‬‬
‫• برجمة امل�شاريع‪ :‬يف عملية الربجمة يقت�ضي على اجلماعة الرتكيز على امل�شاريع والأن�شطة‬
‫ذات الأولوية ‪ ،‬ويف هذه العملية ميكن للجماعة �أن ت�ضع ق�ضايا ال�ش�أن التعليمي �ضمن‬
‫‪34‬‬

‫�أولوياتها التنموية يف براجمها‪ ،‬وبحث الإمكانات املادية التي ميكن تعبئتها والفر�ص‬
‫املتاحة لها يف ذلك‪ ،‬والرهان على جتاوز املعوقات املحتملة‪.‬‬
‫‪113‬‬
‫�سعيد ال�رشقاوي‬

‫يت�ضح مما �سبق ذكره‪� ،‬أن املقت�ضيات الد�ستورية والقانونية ومرجعيات الرتبية والتكوين تتجه‬
‫يف جمملها نحو تعزيز مكانة ال�ش�أن التعليمي �ضمن �أولويات اجلماعات الرتابية‪ ،‬وجعل اجلماعات‬
‫�رشيكا حموريا للدولة �إىل جانب باقي الفاعلني يف تعبئة الو�سائل والإمكانات ال�رضورية ل�ضمان‬
‫حق التعليم للجميع وجتويد خدماته‪ ،‬عرب تو�سيع اخت�صا�صاتها الرتبوية وجماالت و�آليات‬
‫تدخلها يف ال�ش�أن الرتبوي‪ .‬لكن �إىل �أي حد �شكلت هذه املقت�ضيات يف جمملها �إمكانات ومداخل‬
‫للتدبري الت�شاركي الرتابي للفعل الرتبوي‪ ،‬وبالتايل جتويده و�ضمان حكامته؟‬

‫املبحث الثاين‪ :‬حدود تدخل اجلماعات الرتابية يف تدبري الفعل الرتبوي‬


‫نعمل على جرد املعيقات التي تعمق الهوة بني تلك املدخالت الد�ستورية والقانونية‪ ،‬وخمرجاتها‬
‫التي ميكن مالم�ستها يف واقع املمار�سة العملية ونتائجها والتي تعك�س حمدودية التدبري الرتابي‬
‫للفعل الرتبوي‪ ،‬وهي معيقات ذات طبيعة �سيا�سية قانونية مرتبطة �أ�سا�سا بواقع الالمركزية‬
‫الرتابية والرتبوية املحدودتني (املطلب الأول)‪ .‬ومعيقات �أخرى ذات طبيعة �سو�سيو‪-‬ثقافية‬
‫مرتبطة بالنخب ال�سيا�سية الرتابية والرتبوية ومتثالتها للتدبري الت�شاركي للفعل الرتبوي (املطلب‬
‫الثاين)‪ .‬وهي معيقات نر�صدها انطالقا من درا�ستنا حلالة املجل�س اجلماعي للجماعة الرتابية‬
‫ملدينة �أوالد تامية‪.‬‬

‫املطلب الأول‪ :‬ت�أثري الالمركزية املحدودة على حمدودية التدبري الت�شاركي للفعل‬
‫الرتبوي‬
‫ت�أثر جتربة الالمركزية املحدودة التي ينهجها املغرب على التدبري احلر للجماعات الرتابية‬
‫‪35‬‬

‫لق�ضايا التنمية املحلية عامة‪ ،‬وق�ضايا ال�ش�أن الرتبوي باخل�صو�ص (الفقرة الأوىل)‪ ،‬كما تنعك�س‬
‫�سلبا على حمدودية �سلطة القرار داخل امل�ؤ�س�سات التعليمية (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة الأوىل‪ :‬حمدودية التدبري احلر للجماعات الرتابية للفعل الرتبوي‬

‫يخ�ص�ص الد�ستور يف الباب التا�سع الف�صول من ‪� 135‬إىل ‪ 146‬للتنظيم اجلهوي والرتابي‪ ،‬ومن‬
‫خاللها التن�صي�ص على املبادئ اجلديدة للتدبري الرتابي والتي �ستحدد من خاللها العالقة اجلديدة‬
‫‪114‬‬
‫تدبري احلق يف التعليم‪� :‬أي دور للمجال�س اجلماعية الرتابية؟‬

‫بني الدولة واجلماعات الرتابية‪ ،‬ومن �ضمنها مبد�أ التدبري احلر ك�أحد املرتكزات التي يقوم‬
‫عليها التنظيم الرتابي اجلديد‪ .‬وي�ستمد هذا املبد�أ �أ�س�سه من ال�شخ�صية املعنوية التي تتمتع بها‬
‫اجلماعات الرتابية‪ ،‬ومبقت�ضاها تتمتع هذه الأخرية باال�ستقالل املايل والإداري‪ ،‬وهي مبادئ تتيح‬
‫للجماعات الرتابية التدبري احلر للتنمية املحلية عامة وتنمية احلق يف التعليم على وجه اخل�صو�ص‪.‬‬

‫غري �أن جتربة التدبري اجلماعي ل�ش�ؤون التنمية الرتابية �أفرزت حمدودية التدبري احلر‬
‫وا�ستمرارية �أ�ساليب الت�سيري التقليدية نتيجة معيقات بنيوية‪ ،‬وقد ر�صد جزء منها تقرير �صادر‬
‫عن املجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‪ ،‬والذي ي�صف الواقع احلايل لالمركزية ب�أنها يف‬
‫تطور م�ستمر لكن بنجاعة دون امل�ستوى املن�شودة‪ ،‬كما ي�صف ال�شعور ال�سائد العام بخيبة الأمل‬
‫ب�صدد الالمركزية عموما‪ ،‬و�أداء اجلماعات على وجه اخل�صو�ص‪ ،‬ويعزى انت�شار هذا ال�شعور �إىل‬
‫عدة عوامل م�ؤ�س�ساتية‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫‪36‬‬

‫غياب �أغلبية م�ستقرة ومتجان�سة يف جمال�س اجلماعات املحلية‪ ،‬م َّثل عامال حا�سما �أدى �إىل‬
‫­­–   ُ‬
‫�ضعف حكامتها و�إىل احتداد ال�رصاعات احلزبية داخلها على ح�ساب امل�صلحة العامة‪.‬‬
‫­­–  حجم الو�صاية‪ ،‬الذي اعتربه البع�ض مفرطا‪ ،‬والطابع املركزي لإدارة مل ي�ساعدا يف تو�ضيح‬
‫امل�س�ؤوليات املُو َكلة �إىل امل�ست�شارين اجلماعيني الذين ا�ستفاد بع�ضهم من هذه الو�ضعية‪،‬‬
‫م�ستغال عدم التطبيق ال�صارم ملبد�أ ربط امل�س�ؤولية باملحا�سبة‪.‬‬
‫­­–  �ضعف اخلربة‪ ،‬والت�أطري غري الكايف لإدارة املحلية‪ ،‬وت�ضخم عدد املوظفني باجلماعات‬
‫املحلية‪ ،‬مع النجاعة غري الكافية‪� ،‬إ�ضافة �إىل عدم اعتماد �أدوات ومعايري التدبري احلديث‪.‬‬
‫­­–  التدبري املختل ملمتلكات اجلماعة وعدم �إيالء االهتمام الكايف مل�س�ألة التعامل مع الوعاء‬
‫ال�رضيبي وحت�صيل املداخيل‪� ،‬إىل جانب بع�ض التجاوزات يف جمال التعمري وتدبري‬
‫امليزانيات وال�صفقات‪.‬‬

‫ف�إن كان هذا التقرير ير�صد االختالالت ويف�رسها ب�أنها نابعة بالأ�سا�س من طبيعة �سلوكات‬
‫املنتخبني اجلماعيني ومن قدراتهم التدبريية املحدودة‪ ،‬ف�إن املقابالت التي �أجريناها مع عينة من‬
‫املنتخبني باملجل�س اجلماعي ب�أوالد تامية ك�شفت عن وجود معيقات �أخرى ميكن ر�صدها �إجماال‬
‫يف ما يلي‪:‬‬
‫‪115‬‬
‫�سعيد ال�رشقاوي‬

‫• معيقات مالية‪ :‬عرب املنتخبون من خالل �س�ؤالهم عن حتديات م�ساهمة اجلماعة يف حتقيق‬
‫�أهداف الرتبية والتعليم على �أن اجلماعات الرتابية تواجه باخل�صو�ص حتدي �إمكانات التمويل‪،‬‬
‫وهو نتيجة �إكراهني �أ�سا�سيني‪:‬‬
‫­­–  عدم كفاية املوارد املالية الذاتية للجماعة واملتفاوتة مقارنة مع املنتظر من اجلماعة من توفري‬
‫خدمات القرب وجتويد املرافق العمومية املحلية والرفع من القدرة التنموية واال�ستثمارية‬
‫وغري ها من االخت�صا�صات اجلديدة واملو�سعة‪ ،‬وقد عرب �أحد املنتخبني عن هذه الو�ضعية‬
‫ب�صيغة «ثراء يف االخت�صا�صات و�شح يف املوارد»‪.‬‬
‫­­–  ارتفاع نفقات الت�سيري مقارنة بنفقات اال�ستثمار‪ ،‬ال�شيء الذي ي�ؤذي اىل عجز دائم يف‬
‫ميزانية اجلماعة‪ ،‬لذلك فامل�شاريع املربجمة ح�سب ما عرب عنه امل�ستجوبون غالبا ما تعرتيها‬
‫اختالالت نتيجة هذا العجز‪ :‬بطء التنفيذ‪ ،‬التوقف‪ ،‬نق�ص املوارد الب�رشية امل�ؤهلة‪ ،‬وعدم‬
‫القدرة على املواكبة‪.‬‬

‫هذه الإكراهات املعرب عنها لدى املنتخبون‪ ،‬جتعل اجلماعات الرتابية يف و�ضعية عجز مايل‪ ،‬وبالتايل‬
‫تبعية دائمة غري مبا�رشة للدولة‪ ،‬عن طريق انتظار �إعانات الدولة �سواء من ال�رضيبة على القيمة‬
‫امل�ضافة �أو فر�ض جبايات حملية غري مرنة و�أ�سعارها ال�ضعيفة ال ي�ساعد على تطور املداخيل‬
‫اجلبائية‪� ،‬أو عن طريق حتويل االعتمادات مقايل نقل �أي اخت�صا�ص من طرف الدولة �إىل اجلماعات‬
‫الرتابية‪� ،‬أو رهن امل�شاريع بتمويل من املبادرة الوطنية للتنمية الب�رشية‪ .‬وهي و�ضعية جتعل‬
‫اجلماعات جتعل اجلماعات الرتابية عاجزة عن التمتع باال�ستقالل املايل‪ ،‬وبالتايل �إ�ضعاف قدرتها‬
‫على املبادرة والفعل امل�ستقل كمدخل لتعميم اخلدمات الرتبوية وجتويدها‪.‬‬

‫• معيقات تنظيمية قانونية‪ :‬وميكن مالم�ستها من خالل االخت�صا�صات الرتبوية للجماعات‬


‫املن�صو�ص عليها يف القانون التنظيمي رقم ‪ ،113.14‬حيث مل ين�ص القانون على اخت�صا�صات‬
‫وا�ضحة‪ ،‬مبا�رشة وحمددة يف ما يتعلق بال�ش�أن الرتبوي‪ ،‬بل وردت ب�صيغة غري مبا�رشة «تقدمي‬
‫خدمات القرب» (م‪ ،)77 .‬وعامة «امل�ساهمة يف �إجناز �أعمال و�إحداث بنيات (م‪ ،»)87 .‬نف�س‬
‫املالحظة تنطبق على مرجعيات الرتبية والتكوين يف تن�صي�صها عن تدخل اجلماعات يف التعليم‪،‬‬
‫�إذ �أن املقت�ضيات كلها وردت ب�صيغة «�ضمان م�شاركة ناجعة للجماعات (م‪ 92 .‬من الر�ؤية‬
‫اال�سرتاتيجية)»‪« ،‬التفعيل الناجح مل�شاركة اجلماعات (م ‪ 8‬من الر�ؤية اال�سرتاتيجية)»‪�« ،‬ضمان‬
‫تعاون وثيق مع‪...‬اجلماعات املحلية (م‪ 25 .‬من امليثاق)»‪ .‬فال�صيغ كلها عامة دون حتديد دقيق‬
‫‪116‬‬
‫تدبري احلق يف التعليم‪� :‬أي دور للمجال�س اجلماعية الرتابية؟‬

‫لأدوار واملهام‪ ،‬و�إن كانت الر�ؤية اال�سرتاتيجية �أكدت على �رضورة «التن�صي�ص على م�ساهمة‬
‫اجلماعات يف جمهود التعميم املن�صف يف القانون املنظم لها‪ ،‬مع تخ�صي�ص التمويل الالزم لذلك‬
‫م‪ ،»8 .‬دون �أن يتم التن�صي�ص على ذلك يف القانون التنظيمي اجلديد للجماعات‪ .‬وتطرح هذه‬
‫العمومية يف ال�صيغ القانونية �إ�شكالية تداخل االخت�صا�صات واملهام بني اجلماعات وقطاع الرتبية‬
‫والتكوين وعدم و�ضوح التزامات كل طرف‪ ،‬حيث �صعوبة حتديد ما للقطاع وما للجماعات‪.‬‬

‫يت�ضح مما �سبق‪� ،‬أن هناك عالقة �سببية بني االختالالت التي ر�صدها تقرير املجل�س االجتماعي‬
‫واالقت�صادي والبيئي بخ�صو�ص واقع تدبري اجلماعات الرتابية‪ ،‬وما عرب عنه املنتخبون من‬
‫املعيقات والإكراهات املرتبطة بها‪ ،‬حيث �أن طبيعة �سلوك املنتخبون ومواقفهم وقدراتهم التي‬
‫و�صفها التقرير بال�ضعف و�سيادة ال�رصاعات الإيديولوجية والتجاوزات القانونية‪ ،‬ما هي �إال‬
‫نتيجة للعجز املايل والإداري للجماعات الذي ي�ضعف قدراتها التنموية واال�ستثمارية والتي عرب‬
‫عنه املنتخبون‪ .‬ونتيجة لذلك ف�إن هذه املعيقات جمتمعة تفرمل حركة اجلماعات الرتابية يف ال�سري‬
‫قدما نحو التدبري احلر مل�شاكل التنمية عموما‪ ،‬ولق�ضايا الرتبية والتعليم على وجه اخل�صو�ص‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حمدودية �سلطة القرار داخل امل�ؤ�س�سات التعليمية‬

‫رغم تبني مرجعيات الرتبية والتكوين خليار الالمركزية والالمتركز يف تدبري �ش�ؤون القطاع ‪،‬‬
‫‪37‬‬

‫وا�ستهداف حتقيق حكامة ناجعة ملنظومة الرتبية والتكوين‪ ،‬عرب دعم ا�ستقاللية بنيات التدبري‬
‫الرتابي وت�أهيلها للقيام ب�أدوارها ‪ ،‬ورغم �إ�صدار ن�صو�ص ت�رشيعية وتنظيمية ذات ال�صلة‬
‫‪39‬‬ ‫‪38‬‬

‫ببنيات التدبري الرتبوي الرتابي من حيث �أدوارها وعالقتها بالبنيات املركزية‪ ،‬وهي �إجراءات يف‬
‫جمملها ت�ستهدف �إر�ساء قواعد الدميقراطية الت�شاركية يف تدبري القطاع‪.‬‬

‫رغم كل هذه التدابري‪ ،‬تبقى �إ�شكالية ا�ستقاللية تدبري امل�ؤ�س�سات التعليمية وطرق تدبريها اليوم‬
‫مطروحة وذات راهنية‪� ،‬إذ �أن واقع احلال بامل�ؤ�س�سات التعليمية يثبت عك�س الأهداف املن�شودة‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫هذا الواقع ميكن مالم�سته من خالل درا�سة ا�ستطالعية �أعدتها املفت�شية العامة لل�ش�ؤون الرتبوية‬
‫حول مو�ضوع «ثقافة الدميقراطية الت�شاركية بامل�ؤ�س�سات التعليمية»‪ ،‬و�أف�ضت اىل نتائج ذات‬
‫ال�صلة باملو�ضوع �أهمها‪:‬‬
‫­­–  �أكرث من ثلث امل�ؤ�س�سات التعليمية ما زالت غري قادرة على بناء م�شاريع تربوية عملية‬
‫‪41‬‬

‫قابلة للتطبيق ت�ستجيب لواقع امل�ؤ�س�سة وحاجياتها‪.‬‬


‫‪117‬‬
‫�سعيد ال�رشقاوي‬

‫­­–  عدم الرتجمة الفعلية ملطلب الإ�رشاك والتوافق والتداول يف اتخاذ القرارات و�سيادة منطق‬
‫الرتاتبية الإدارية يف اتخاذها‪� ،‬سواء تعلق الأمر بقرارات م�رشوع امل�ؤ�س�سة تخطيطا‬
‫وتنفيذا �أو مبجل�س امل�ؤ�س�سة‪.‬‬
‫­­–  االلتزام بتنفيذ قرارات جمال�س امل�ؤ�س�سة وتتبعها‪ ،‬وكذا التوا�صل حولها حمليا وجهويا‬
‫الزالت تعرت�ضه �صعوبات �أهمها �ضعف انخراط فرق القيادة يف امل�شاريع الرتبوية‪ ،‬وعدم‬
‫�إ�رشاك خمتلف الفاعلني الرتبويني يف بلورتها‪.‬‬

‫تر�صد نتائج هذه الدرا�سة مظاهر الق�صور التي تعرتي تدبري امل�ؤ�س�سات التعليمية حيث ا�ستمرارية‬
‫�آليات الت�سيري التقليدي‪ ،‬وهي مظاهر ت�ؤكدها املعاينة امليدانية لدورات انعقاد جمل�س تدبري‬
‫‪42‬‬

‫امل�ؤ�س�سة‪ ،‬وطريقة التداول فيها‪ ،‬وطبيعة وم�آالت قراراتها‪ ،‬حيث مت ت�سجيل املالحظات التالية‪:‬‬
‫­­–  عزوف الفاعلني الرتبويني عن دورات انعقاد املجل�س‪ ،‬وغياب �شبه مطلق لل�رشكاء الآخرين‬
‫مبا فيهم املنتخبون‪.‬‬
‫­­–  �سيادة منطق النمطية والتكرار على �أعمال املجل�س‪ ،‬حيث ارتهان الق�ضايا املطروحة يف‬
‫املجل�س ب�إعداد تقرير حولها‪ ،‬دون �أن تكون حمط نقا�ش وتداول حقيقي لأنها ال ت�ستدعي يف‬
‫النهاية �إال �إبداء الر�أي واالقرتاح‪.‬‬
‫­­–  عجز �أع�ضاء املجل�س وفريق القيادة املنبثق عنه‪ ،‬عن �إعداد م�رشوع م�ؤ�س�سة ي�ستجيب‬
‫لواقعها وتطلعاتها‪ ،‬الفتقادهم للأدوات التدبريية الالزمة لإعداده (ت�أطري‪ ،‬مدة زمنية كافية‪،‬‬
‫لقاءات ت�شاورية‪ ،‬جل�سات ا�ستماع‪ ،‬معطيات كافية‪ .)...‬لذلك ينظر �إليه كمهمة �إدارية يلتزم‬
‫مدير امل�ؤ�س�سة بتقدميه يف وقت قيا�سي حمدد للمديرية الإقليمية للرتبية والتكوين ق�صد‬
‫اال�ستفادة من الدعم‪.‬‬
‫­­–  جمال�س التدبري ال تتوفر على الو�سائل القانونية‪ ،‬الب�رشية واملالية التي متكنها من حتمل‬
‫امل�س�ؤولية البيداغوجية والإدارية‪ .‬ومن حل للم�شاكل املطروحة‪ ،‬و�إعطاء دينامية للمحيط‬
‫املدر�سي‪ ،‬وما يتطلبه ذلك من توفر هام�ش حقيقي للمبادرة والتدبري للمجل�س‪.‬‬

‫ت�شكل هذه املالحظات يف جمملها ظواهر وجتليات تعرب عن الأعطاب التي تعرتي بنيات التدبري‬
‫بامل�ؤ�س�سات التعليمية ووظائفها وطرق ا�شتغالها‪ ،‬وهي ظواهر تخفي وراءها �أ�سباب‪ ،‬ميكن‬
‫الإ�شارة اىل جزء منها‪:‬‬
‫‪118‬‬
‫تدبري احلق يف التعليم‪� :‬أي دور للمجال�س اجلماعية الرتابية؟‬

‫• الطبيعة القانونية ملجال�س تدبري امل�ؤ�س�سات‪ :‬و�إن �سميت قانونا جمال�س التدبري‪،‬‬
‫ف�إن �صالحياتها القانونية ال تتجاوز «االقرتاح»‪ ،‬و«�إبداء الر�أي»‪ ،‬و«تقييم»‪ ،‬مما يجعلها‬
‫جمال�س ذات طبيعة ا�ست�شارية فقط‪ ،‬وتفتقد لل�صفة التقريرية ول�سلطة اال�ستقاللية يف اتخاذ‬
‫القرار‪ ،‬وهذا ما يجعلها جمال�س ولدت ميتة‪ ،‬وبدون �صالحيات تدبريية حقيقية‪.‬‬
‫• �صورية املجال�س يف متثالت الفاعلون الرتبويون‪ :‬نظرا لتلك الطبيعة القانونية‪� ،‬ساد‬
‫متثل ذهني لدى الفاعلون الرتبويون‪ ،‬هو �أن هذه املجال�س �صورية ال دور لها وال �صالحيات‬
‫وقراراتها تبقى دون جدوى‪ ،‬وهذا ما يف�رس �سيادة موقف العزوف عن هذه املجال�س‬
‫والالمباالة بجدول �أعمالها حتى يف حالة احل�ضور‪ ،‬وبالتايل تدين الفعالية واحلافزية‬
‫لالنخراط يف �أ�شغالها‪.‬‬

‫تر�سم هذه الو�ضعية �صورة مغرتبة ملجال�س التدبري داخل امل�ؤ�س�سات التعليمية‪ ،‬وميكن و�صفها‬
‫ب�أنها جمال�س عقيمة وبدون جدوى وت�ساهم بذلك يف تعميق الهوة بني املدر�سة وحميطها‪ ،‬مما‬
‫يعيق التفاعل احلقيقي بني املدر�سة و�رشكائها مبا فيهم املجال�س اجلماعية املنتخبة‪ ،‬خ�صو�صا �أن‬
‫هذه املجال�س هي التي ميكن �أن تلعب �صلة و�صل بني الفاعل الرتبوي والفاعل ال�سيا�سي الرتابي‪.‬‬

‫يت�ضح من هذا التحليل‪ ،‬جملة من العوائق ذات الطبيعة ال�سيا�سية والقانونية والتي �أفرزت‬
‫جماعات ترابية وم�ؤ�س�سات تعليمية تفتقد ل�سلطة التدبري احلر‪ ،‬وهي عوائق منبثقة �أ�سا�سا من‬
‫واقع الالمركزية املحدودة‪ .‬و�شكلت �إكراها يحول دون حتول ال�ش�أن الرتبوي اىل تدبري ت�شاركي‬
‫جماعي ترابي‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬متثالت النخب ال�سيا�سية والرتبوية للتدبري الت�شاركي للفعل الرتبوي‬

‫�إن حمدودية تدخل اجلماعات الرتابية يف تدبري الفعل الرتبوي‪ ،‬غري مرتبط فقط مبعيقات �سيا�سية‬
‫قانونية‪ ،‬و�إمنا يحد من هذا التدخل �أي�ضا معيقات ذات طبيعة �سو�سيوثقافية‪ ،‬مرتبطة بالتمثالت‬
‫التي يحملها الفاعل ال�سيا�سي والرتبوي حول التدبري الت�شاركي للفعل الرتبوي‪� ،‬إذ �إن التمثل‬
‫الذهني اجتاه �شيء ما‪ ،‬ينتج عنه اجتاهات ومواقف (الرف�ض وال�رصاع ‪ /‬القبول وامل�صاحلة)‪،‬‬
‫وترتتب عنها �أفعال و�سلوكات اجتاهه (امل�شاركة ‪ /‬العزوف)‪ .‬وميكن التمييز بني متثالت املنتخبون‬
‫من جهة (الفقرة الأوىل)‪ ،‬ومتثالت مدراء امل�ؤ�س�سات التعليمية من جهة �أخرى (القفرة الثانية)‪.‬‬
‫‪119‬‬
‫�سعيد ال�رشقاوي‬

‫الفقرة الأوىل‪ :‬متثالت املنتخب اجلماعي لدور اجلماعة يف تدبري الفعل الرتبوي‬

‫�أ�صبح املنتخب اجلماعي اليوم يف قلب دائرة القرار الرتابي‪ ،‬حيث �أنه بفعل االخت�صا�صات‬
‫اجلديدة املوكولة لنخب املجال�س اجلماعية يف امل�ساهمة يف �إعداد برنامج عمل اجلماعة ومراقبة‬
‫‪43‬‬

‫ح�سن تنفيذه وتقييم �آثاره على التنمية ي�ؤهله للت�أثري يف القرارات العمومية املحلية �أكرث من غريه‪،‬‬
‫كما �أن دوره يف ظل هذه االخت�صا�صات مل يعد يقت�رص على اال�ست�شارة وامل�صادقة فقط‪ ،‬بل يتعداه‬
‫�إىل ممار�سة �أن�شطة التخطيط‪ ،‬االقرتاح‪ ،‬اتخاذ القرارات‪ ،‬الرقابة والتقييم‪.‬‬

‫�إن مركزية للمنتخب اجلماعي يف �إحداث �إقالع تنموي باجلماعات‪ ،‬ميكنه من الرتافع على‬
‫ق�ضايا الرتبية والتعليم‪ ،‬وتبويئها مكانة ال�صدارة �ضمن �أولويات اجلماعات وجماالت تدخلها‬
‫نظرا لل�صلة الوثيقة بني ق�ضايا التعليم والتنمية‪ ،‬غري �أن هذا املوقع القانوين للمنتخب ي�صطدم‬
‫بالتمثالت الذهنية التي يحملها املنتخبون اجتاه ال�ش�أن الرتبوي‪ ،‬وقد مكنتنا مقابلتنا مع عينة من‬
‫�أع�ضاء املجل�س اجلماعي من الك�شف عن جزء من هذه التمثالت‪ ،‬وميكن ب�سط البيانات املتو�صل‬
‫�إليها كما يلي ‪:‬‬

‫اجلدول ‪� :1‬س‪ :1 .‬ب�صفتك منتخبا جماعيا‪ ،‬هل هذه ال�صفة‪ ،‬يف نظرك‪ ،‬ت�ؤهلك للتدخل‬
‫يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي؟‬

‫املجموع‬ ‫ال‬ ‫نعم‬


‫‪18‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪5‬‬ ‫العدد‬
‫‪% 100‬‬ ‫‪% 72,22‬‬ ‫‪% 27,77‬‬ ‫الن�سبة‬

‫يت�ضح من معطيات اجلدول ‪� 1‬أن �أغلب �أفراد العينة ‪ % 72,22‬يرون �أن هناك متايزا بني �صفتهم‬
‫كم�ست�شارين جماعيني وبني اهتمامهم بال�ش�أن الرتبوي التعليمية‪� ،‬إذ �أن �صفتهم التمثيلية يف‬
‫املجل�س تقت�ضي الدفاع عن م�صالح املواطنني‪� ،‬أما ق�ضايا التعليم فهي من اخت�صا�ص الوزارة‬
‫الو�صية‪ ،‬ويت�ضح هذا التمايز �أكرث فيما عرب عنه بع�ض �أفراد العينة بقوله «�أنا ل�ست مديرا مل�ؤ�س�سة‬
‫تعليمية �أو رئي�سا جلمعية الآباء و�أولياء التالميذ ‪ ...‬فمهمتي هي متثيل ال�سكان والدفاع عن‬
‫م�صاحلهم»‪ ،‬ون�سبة قليلة جدا ‪ % 27,77‬ترى �أن ال�ش�أن الرتبوي هو من �صميم مهام امل�ست�شار‬
‫اجلماعي‪.‬‬
‫‪120‬‬
‫تدبري احلق يف التعليم‪� :‬أي دور للمجال�س اجلماعية الرتابية؟‬

‫�س‪ :2 .‬هل هناك ق�ضايا معينة تقت�ضي من املنتخب بال�ضرورة التدخل يف ال�ش�أن الرتبوي؟‬

‫�إن ف�صل املنتخب لل�ش�أن الرتبوي عن اخت�صا�صاته كم�ست�شار جماعي‪ ،‬جعله يتمثل ق�ضايا ال�ش�أن‬
‫التعليمي كق�ضايا ثانوية عر�ضية وهام�شية‪ ،‬وال يتدخل فيها بال�رضورة �إال حينما تثار ق�ضية من‬
‫طرف ال�سكان‪ ،‬وغالبية هذه الق�ضايا ترتبط ح�سب الفئة امل�ستجوبة مبا يلي‪:‬‬
‫– غياب الأطر الرتبوية‪.‬‬
‫– بعد امل�ؤ�س�سة التعليمية عن مقر �سكنى التالميذ‪.‬‬
‫– �إعادة متدر�س حاالت االنقطاع والف�صل عن الدرا�سة‪.‬‬

‫اجلدول ‪� :2‬س‪ :3 .‬ما الأ�ساليب التي يعتمدها املنتخبون عادة للتدخل ملعاجلة ق�ضايا‬
‫ال�ش�أن الرتبوي؟‬
‫الن�سبة‬ ‫العدد‬
‫‪% 55‬‬ ‫‪10‬‬ ‫�أ�سلوب املرا�سالت وال�شكايات‬
‫‪% 27,77‬‬ ‫‪5‬‬ ‫الإخبار بامل�شكل املطروح فقط‬
‫‪% 16,66‬‬ ‫‪3‬‬ ‫معاينة امل�شكل و�إدراجه �ضمن جدول �أعمال املجل�س للتداول‬
‫‪% 100‬‬ ‫‪18‬‬ ‫املجموع‬

‫يت�ضح من اجلدول ‪� 2‬أن الأ�ساليب التي يتبناها املنتخبون �أثناء تدخلهم يف الق�ضايا التي يطرحها‬
‫تدبري امل�ؤ�س�سات التعليمية يف غالبها ترتاوح بني �أ�سلوب املرا�سالت وال�شكايات (‪ )% 55‬و�أ�سلوب‬
‫الإخبار بامل�شكل املطروح فقط (‪ ،)% 27,77‬هذان الأ�سلوبان ي�ضعنا املنتخب يف موقع �سلبي يف‬
‫تعامله مع �إ�شكاالت التدبري الرتبوي‪ ،‬حيث يحمل امل�س�ؤولية كاملة للفاعلني الرتبويني (املدر�س‪،‬‬
‫مدير امل�ؤ�س�سة‪ ،‬املديرية االقليمية) دون �أن يكون طرفا يف البحث عن احللول املمكنة‪ ،‬واعتماده‬
‫هذه الأ�ساليب ينتج عنه �رصاع خفي بني املنتخب وباقي الفاعلني الرتبويني خ�صو�صا مدراء‬
‫امل�ؤ�س�سات التعليمية مما يحول دون بناء قاعدة للتعاون والت�شاور بينهما‪ .‬كما �أن تبني هذه‬
‫الأ�ساليب �أي�ضا يعيق حتول ال�ش�أن الرتبوي �إىل نقا�ش �سيا�سي عمومي حملي يف لقاءات املجل�س‬
‫اجلماعي ودوراته واللجان التابعة له (‪ ،)% 16,66‬فبالتايل احليلولة دون التدبري الت�شاركي‬
‫الدميقراطي للفعل الرتبوي‪.‬‬
‫‪121‬‬
‫�سعيد ال�رشقاوي‬

‫�س‪ :4 .‬هل اجلماعة كم�ؤ�س�سة �سيا�سية لتدبري �ش�ؤون التنمية املحلية يجعلها فاعال حموريا‬
‫يف تدبري ال�ش�أن التعليمي؟‬

‫كثريا ما ردد �أغلب افراد العينة امل�ستجوبة ب�صيغ خمتلفة عبارة‪« :‬التعليم �ش�أن قطاعي‪� ،‬أما‬
‫تدخل اجلماعة فهو عر�ضي»‪ ،‬وتلخ�ص هذه العبارة مبد�أ التمايز الذي تبناه املنتخبون بني‬
‫االهتمامات التنموية للجماعة وال�ش�أن التعليمي‪ ،‬فبالتايل كل ما ميكن �أن ت�سهم به اجلماعة يف‬
‫امل�شاريع ذات ال�صلة بق�ضايا التعليم ي�شكل عبئا �إ�ضافيا يبقى ثانويا باملقارنة مع اهتمامـات �أخرى‬
‫تت�صدر �أولويات م�شاريع اجلماعة (البنيات التحتية‪ ،‬النظافة‪ ،‬التعمري)‪ .‬وهذا التمـثل انعك�س عمليا‬
‫على �ض�آلـة امل�شاريع املربجمـة يف برنامـج عمل اجلماعـة ‪ 2016-2021‬واملتعلقـة بال�ش�أن التعليمي‪،‬‬
‫ويو�ضح اجلدول �أ�سفله عدد امل�شاريع املربجمة وتوزيعها ح�سب املحاور‪:‬‬

‫‪3‬‬ ‫اجلدول رقم‬

‫الن�سبة‬ ‫عدد امل�شاريع‬ ‫املحور‬


‫‪% 26,92‬‬ ‫‪21‬‬ ‫البنية التحتية والبيئة‬
‫‪% 43,57‬‬ ‫‪36‬‬ ‫التنمية االجتماعية‬
‫‪% 17,94‬‬ ‫‪15‬‬ ‫�إنعا�ش االقت�صاد املحلي وحركة التعمري‬
‫‪% 11,53‬‬ ‫‪9‬‬ ‫حت�سني �أداء االدارة وتعزيز �آليات احلكامة‬
‫‪% 100‬‬ ‫‪81‬‬ ‫املجموع‬
‫امل�صدر‪ :‬برنامج عمل جماعة �أوالد تامية ‪ ،2021-2016‬الق�سم الرابع‪ :‬م�صفوفة امل�شاريع والربجمة ال�شمولية‪،‬‬
‫�ص‪www.ouladtaima.ma.65 .‬‬

‫يت�ضح من اجلدول ‪ 3‬غلبة امل�شاريع ذات الطابع االجتماعي ومتثل ‪ 36‬م�رشوع من �أ�صل ‪ 81‬بن�سبة‬
‫‪ ،% 43,57‬وبقية امل�شاريع موزعة على جماالت البنيات التحتية ‪ % 26,92‬و�إنعا�ش االقت�صاد‬
‫‪ % 17,94‬و�أداء الإدارة ‪� .% 11,53‬أما م�شاريع ذات ال�صلة بالتعليم فهي مدرجة �ضمن م�شاريع‬
‫التنمية االجتماعية‪ ،‬وال متثل �إال �ستة (‪ )06‬م�شاريع �ضمنها �أي بن�سبة ‪ % 16,66‬من جمموع‬
‫امل�شاريع املربجمة‪ ،‬وت�شمل ما يلي‪:‬‬
‫(بناء مدر�سة واحدة‪ ،‬تو�سيع مدر�ستني‪� ،‬رشاء نقل مدر�سي‪ ،‬جتهيز مدر�ستني )‪.‬‬
‫‪44‬‬

‫‪122‬‬
‫تدبري احلق يف التعليم‪� :‬أي دور للمجال�س اجلماعية الرتابية؟‬

‫بناء عليه‪ ،‬يت�ضح انح�صار ح�ضور برامج ال�ش�أن التعليمي �ضمن برنامج عمل اجلماعة‪ ،‬مقابل‬
‫ات�ساع دائرة برامج املجاالت الأخرى‪ ،‬وهذا يدل على هام�شية ال�ش�أن الرتبوي وخروجه عن دائرة‬
‫�أولويات اجلماعة‪ ،‬وذلك راجع بالأ�سا�س �إىل متثل املنتخب لل�ش�أن الرتبوي باعتباره عبئ مايل‬
‫ا�ضايف ال يحقق رهاناته ال�سيا�سية‪ ،‬حيث حتقيق هذا الرهان يقت�ضي منه الدفع بامل�شاريع ذات‬
‫�صلة بالكتلة الناخبة والتي توجد خارج املدر�سة‪ ،‬بالتايل تبليط �أزقة الأحياء بالن�سبة للمنتخب‬
‫�سيحقق رهانه االنتخابي �أكرث من م�ساهمته يف ن�شاط تعليمي الذي يتمثله ذهنيا كفعل ثانوي‬
‫خارج اهتماماته‪.‬‬

‫اجلدول ‪� :4‬س‪ :5 .‬باعتبارك فاعال حموريا يف التنمية املحلية‪ ،‬ما املجاالت ذات الأولوية‬
‫التي ب�إمكانها �إحداث �إقالع تنموي برتاب اجلماعة؟‬
‫الن�سبة‬ ‫العدد‬
‫‪% 27,77‬‬ ‫‪5‬‬ ‫جمال البنيات التحتية والت�أهيل احل�رضي للمدينة‬
‫‪% 50‬‬ ‫‪9‬‬ ‫جمال اال�ستثمار و�إنعا�ش االقت�صاد املحلي‬
‫‪% 22‬‬ ‫‪4‬‬
‫جمال جتويد اخلدمات الإدارية واالجتماعية وتقريبها‬
‫للمواطن‬
‫‪% 100‬‬ ‫‪18‬‬ ‫املجموع‬

‫ن�صف العينة امل�ستجوبة (‪ )% 50‬ترى �أن املداخيل ذات الأولوية للتنمية هي اال�ستثمار و�إنعا�ش‬
‫االقت�صاد املحلي‪ ،‬ون�سبة �أقل منها ‪ % 27,77‬ترى �أن التنمية تقت�ضي �إيالء �أهمية ملجال البنيات‬
‫التحتية والت�أهيل احل�رضي للمدينة‪ ،‬بينما ن�سبة قليلة ‪ % 22‬تربط بني التنمية وجتويد اخلدمات‬
‫الإدارية واالجتماعية وتقريبها للمواطن‪ .‬وهذا ي�ؤكد من جديد �أن املجال اخلدماتي املرتبط‬
‫بالعن�رص الب�رشي يبقى يف ذهنية املنتخب ا�ستثمار غري مربح وال يجدي نفعا‪ ،‬و�أن مداخيل التنمية‬
‫بالأ�سا�س يف ت�صوره هي ا�ستثمار مادي اقت�صادي ولوج�ستيكي �أكرث مما هو ب�رشي‪ .‬وهذا‬
‫التناق�ض بني التنمية واال�ستثمار يف التعليم احلا�صل يف ذهنية املنتخب ينتج عنه ترتيب ق�ضايا‬
‫الرتبية والتعليم �ضمن �آخر �أولويات برامج اجلماعة للتنمية‪.‬‬

‫بناء عليه‪ ،‬يتبني �أن تغيري املواقع والقوانني وتو�سيع االخت�صا�صات مل يغري من العالقة املتباعدة‬
‫بني النخب ال�سيا�سية الرتابية وق�ضايا الرتبية والتعليم‪ ،‬نظرا ل�سيادة بنيات ذهنية متجذرة لدى‬
‫املنتخب املحلي تتمثل التعليم ك�ش�أن قطاعي بعيد عن اهتمامات اجلماعات‪ ،‬هذه املعتقدات الرا�سخة‬
‫‪123‬‬
‫�سعيد ال�رشقاوي‬

‫�أنتجت مواقف و�سلوكات راف�ضة جلعل التعليم يف مقدمة ان�شغاالت اجلماعات ومدخال للتنمية‬
‫التي تن�شدها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬متثالت مدراء امل�ؤ�س�سات التعليمة للتدبري الت�شاركي الفعل الرتبوي‬

‫يتوقف التدبري الت�شاركي للفعل الرتبوي على مركزية مدير امل�ؤ�س�سة التعليمية ومدى قناعته‬
‫وقدرته على �إعطاء دينامية ونف�س جديد لعالقة املدر�سة مبحيطها‪ ،‬وذلك عرب �إعداد م�شاريع لتنمية‬
‫وحت�سني جودة الرتبية والتعليم بامل�ؤ�س�سة وبرتاب اجلماعة التي تنتمي �إليها‪ ،‬والتوا�صل حوله‬
‫مع خمتلف الفاعلون املتدخلون يف التنمية املحلية ويف مقدمتهم اجلماعة الرتابية‪ ،‬ق�صد �إعطاء هذا‬
‫االنفتاح وهذه الدينامية بعدا تنمويا ي�ؤ�س�س لعالقات جديدة بني املدر�سة واملحيط‪ ،‬قائمة على مبد�أ‬
‫املنفعة امل�شرتكة واالنخراط الت�شاركي يف تنمية اجلماعة تربويا واقت�صاديا واجتماعيا‪ .‬غري �أن‬
‫هذه العملية تبقى حمدودة يف واقع تدبري امل�ؤ�س�سات التعليمية اليوم ب�سبب �ضعف �سلطة القرار‬
‫داخل املدر�سة العمومية من جهة ‪ ،‬ومن جهة �أخرى ب�سبب التمثالث الذهنية التي يحملها مدراء‬
‫‪45‬‬

‫امل�ؤ�س�سات التعليمية حول التدبري الت�شاركي والت�صورات التي ت�شكلت لديهم بخ�صو�ص طبيعة‬
‫‪46‬‬
‫تدخل اجلماعات الرتابية يف ال�ش�أن الرتبوي‪ ،‬وقد مكنتنا مقابلتنا مع عينة من مدراء (‪)12‬‬
‫امل�ؤ�س�سات التعليمية الكائنة برتاب اجلماعة احل�رضية �أوالد تامية من الك�شف عن جزء من هذه‬
‫التمثالت‪ ،‬وميكن ب�سط البيانات املح�صل عليها كما يلي ‪:‬‬

‫اجلدول ‪� :5‬س‪ :1 .‬ب�صفتك مديرا مل�ؤ�س�سة تعليمية‪ ،‬ماذا يعني لك التدبري الت�شاركي للفعل‬
‫الرتبوي؟‬

‫الن�سبة‬ ‫العدد‬
‫‪% 58,33‬‬ ‫‪7‬‬ ‫البحث عن م�صادر جديدة للتمويل‬
‫‪%25‬‬ ‫‪3‬‬ ‫مزيدا من حرية الت�رصف واملبادرة ملدير امل�ؤ�س�سة‬
‫‪%16,66‬‬ ‫‪2‬‬ ‫مزيدا من انفتاح املدر�سة على حميطها‬
‫‪% 100‬‬ ‫‪12‬‬ ‫املجموع‬

‫من معطيات اجلدول ‪ ،5‬يت�ضح �أن �أكرث من ن�صف العينة (‪ )% 58,33‬ترى �أن التدبري الت�شاركي‬
‫للفعل الرتبوي يعني البحث عن م�صادر جديدة للتمويل‪ ،‬هذا يعني �أن الباعث املحوري من‬
‫‪124‬‬
‫تدبري احلق يف التعليم‪� :‬أي دور للمجال�س اجلماعية الرتابية؟‬

‫االنفتاح على اجلماعات وغريها من الفاعلني هو م�ساهمتهم يف حتمل �أعباء التعليم‪ ،‬وهذا املبد�أ‬
‫ن�صت عليه جميع مرجعيات الرتبية والتكوين‪ ،‬وحتول �إىل متثل ذهني لدى الفاعلون الرتبويون‬
‫(املدراء باخل�صو�ص)‪� ،‬إذ �أن ال�رشاكة يف ذهن املدراء تعني التمويل‪ ،‬وقد عرب �أحد �أفراد العينة‬
‫عن ذلك مت�سائال « �إذا مل ت�ساهم اجلماعات وغريها من ال�رشكاء يف متويل م�شاريع التعليم فما‬
‫الغاية من انفتاح امل�ؤ�س�سة عليها؟»‪ ،‬وهذا الت�سا�ؤل ي�ستبطن متاهي انفتاح امل�ؤ�س�سة على املحيط‬
‫مع رهان التمويل يف ذهن الفاعل الرتبوي‪ .‬وهذا التمثل حال دون ربط التدبري الت�شاركي بالبعد‬
‫الدميقراطي الت�شاوري لدى �أغلب العينة امل�ستجوبة (‪� )% 16,66‬أي �إعاقة رهان حتويل التعليم‬
‫اىل �ش�أن �سيا�سي عمومي ي�ساهم يف التداول حوله واقرتاح احللول خمتلف الفاعلون يف حميط‬
‫املدر�سة‪� ،‬أما ثلث العينة (‪ )% 25‬فقد ربطت التدبري الت�شاركي ب�إعطاء هام�ش ًا حقيقي ًا ملبادرة‬
‫املدير وحريته يف الت�رصف‪ ،‬فهذا الت�صور يعك�س �سلطة القرار املحدودة التي يتوفر عليها مدير‬
‫امل�ؤ�س�سة ال�شيء الذي يعيق ممار�سته اخت�صا�صاته يف جمال ال�رشاكة واالنفتاح والتدبري احلر‪،‬‬
‫والتي �سبق تو�ضيحها‪.‬‬

‫ال�س�ؤال ‪ :2‬يف نظركم‪ ،‬ما املنتظر من اجلماعات الرتابية اجتاه ال�ش�أن التعليمي‬

‫مل يرتدد �أغلب �أفراد العينة من تكرار عبارة «مزيدا من متويل برامج التعليم يف تراب اجلماعة‪،‬‬
‫وجعلها يف مقدمة �أولويات اجلماعات»‪ ،‬وتعك�س هذه العبارة من جديد �سيطرة هاج�س التمويل‪،‬‬
‫وجعله رهانا حموريا يحكم العالقة املمكنة بني املدر�سة واجلماعة الرتابية‪ ،‬كما يعرب هذا االنتظار‬
‫عن هام�شية ال�ش�أن الرتبوي وخروجه عن دائرة �أولويات املنتخبون كما تبني ذلك �سابقا‪ ،‬وقد عرب‬
‫�أحد �أفراد العينة عن هذه الو�ضعية م�ستغربا «ال يعقل �أن يكون ال�ش�أن التعليمي خارج اهتمامات‬
‫املنتخبون»‪ ،‬وهذه العبارة تخفي نوعا من التباعد بني رهانات املنتخب و�أولوياته التي هي رهانات‬
‫انتخابية �سيا�سوية ورهانات مدير امل�ؤ�س�سة التي هي رهانات البحث عن التمويل والدعم‪ ،‬كما يزيد‬
‫من ات�ساع دائرة هذا التباعد تبني املنتخبون �أ�سلوب اثارة امل�شاكل التعليمية دون �أن يكونوا طرف‬
‫يف حلها‪ ،‬ويعرب �أحد امل�ستجوبني عن ذلك بقولة‪« :‬املنتخب ال يزور امل�ؤ�س�سة �إال حينما يثار م�شكل‬
‫ما»‪ .‬كما �أن رهن عالقة املدر�سة باجلماعة الرتابية لدى املدراء برهان التمويل‪ ،‬من بني الأ�سباب‬
‫التي تدفع املنتخبون �إىل العزوف عن جمال�س تدبري امل�ؤ�س�سات التعليمية خا�صة وعن االهتمام‬
‫بال�ش�أن التعليمي عموما‪.‬‬
‫‪125‬‬
‫�سعيد ال�رشقاوي‬

‫اجلدول ‪� :6‬س‪ :3 .‬طيلة ممار�ستك ملهمة التدبري‪ ،‬ما تقييمك لتجربة �إ�شراك املنتخبني‬
‫يف الهيئات التدبريية الرتبوية؟‬

‫الن�سبة‬ ‫العدد‬
‫‪% 41,66‬‬ ‫‪5‬‬ ‫التدخل يف االخت�صا�صات التدبريية والإدارية للمدير‬
‫‪% 33,33‬‬ ‫‪4‬‬ ‫�ضعف الدعم و امل�شاركة يف اقرتاح احللول‬
‫‪% 25‬‬ ‫‪3‬‬ ‫العزوف عن امل�شاركة يف املجال�س‬

‫من خالل معطيات اجلدول ‪ ،6‬يت�ضح �أن الفئة امل�ستجوبة تعرب عن عيوب جتربة �إ�رشاك املنتخبني‬
‫يف الهيئات التدبريية الرتبوية‪ ،‬وهي عيوب مرتبطة بتدخل املنتخبني يف االخت�صا�صات الإدارية‬
‫للمدراء ‪ ،% 41,66‬وعدم امل�شاركة يف اقرتاح احللول مل�شاكل التعليم ‪ ،% 33,33‬والعزوف عن‬
‫ح�ضور املجال�س التدبريية ‪ ،% 25‬ويعك�س هذا التقييم متثل املدراء لوظيفة املنتخبني يف املجال�س‬
‫التدبريية التي يعتربونها تطاول عن اخت�صا�صاتهم ومهامهم اليومية املتعلقة بالتدبري اليومي‬
‫ل�ش�ؤون امل�ؤ�س�سات التعليمية‪ ،‬وهو متثل ت�شكل لدى املدراء نتيجة التدخل العر�ضي للمنتخبني يف‬
‫�ش�ؤون التدبري اليومي للم�ؤ�س�سات التعليمية و�إثارة الإ�شكاالت التي يطرحها ذلك‪ ،‬دون انخراطهم‬
‫املبا�رش يف اقرتاح احللول‪.‬‬

‫اجلدول‪� :7‬س‪ :4 .‬ما املعيقات التي حتول دون االنفتاح املبا�شر للمدر�سة على اجلماعات‬
‫الرتابية ؟‬

‫الن�سبة‬ ‫العدد‬
‫‪% 25‬‬ ‫‪3‬‬ ‫اختالف التوجهات الإيديولوجية بني املنتخبون واملدراء‬
‫‪% 41,66‬‬ ‫‪5‬‬ ‫�إثقال كاهل مدير امل�ؤ�س�سة ب�أدوار �إدارية متزايدة‬
‫‪% 33,33‬‬ ‫‪4‬‬ ‫تهرب اجلماعات من االلتزام بدعم ومتويل م�شاريع امل�ؤ�س�سة‬
‫‪% 100‬‬ ‫‪12‬‬ ‫املجموع‬

‫من خالل معطيات اجلدول ‪ ،7‬يت�ضح �أن املعيقات التي حتول دون انفتاح امل�ؤ�س�سة على اجلماعات‬
‫الرتابية ويزيد من تعميق التباعد بينهما‪ ،‬ميكن التمييز فيها بني‪:‬‬
‫‪126‬‬
‫تدبري احلق يف التعليم‪� :‬أي دور للمجال�س اجلماعية الرتابية؟‬

‫• معيقات ذاتية �سيا�سية‪ :‬مرتبطة باختالف التوجهات الإيديولوجية لكل من املنتخبني‬


‫ومدراء امل�ؤ�س�سات التعليمية ‪ ،% 25‬ال�شيء الذي ينتج عنه مواقف واجتاهات ت�ؤثر يف طبيعة‬
‫العالقة بينهما‪� .‬إذ كلما كان هناك تقارب يف املواقف ال�سيا�سية بني املنتخب واملدير كان ذلك مدخال‬
‫ال�ستفادة امل�ؤ�س�سة التعليمية من دعم مل�رشوعها‪ ،‬وكلما كان هناك تباعد يف املواقف ال�سيا�سية‬
‫بينهما كان ذلك عائقا �أمام ا�ستفادة امل�ؤ�س�سة من دعم مل�شاريعها‪ ،‬وقد عرب �أحد �أفراد العينة عن‬
‫ذلك بقوله‪« :‬املتحزب القريب هو الذي يفوز بح�صة الأ�سد من الدعم»‪ ،‬ال�شيء الذي يك�شف عن علبة‬
‫الرهانات ال�سيا�سية احلزبية عن مبادئ الدميقراطية الت�شاورية‪.‬‬

‫• معيقات مو�ضوعية �إدارية‪ :‬وقد عرب �أفراد العينة عن هذا املعيق ب�إثقال كاهل مدراء امل�ؤ�س�سات‬
‫التعليمية مبزيد من الأدوار الإدارية ‪ % 41,66‬واملحددة يف الن�صو�ص الت�رشيعية املنظمة ملهام‬
‫الإدارة الرتبوية ‪ ،‬وهي ذات ال�صلة بالتدبري اليومي الروتيني لأعمال الإدارة‪ ،‬ورئا�سة �أكرث‬
‫‪47‬‬

‫من جمل�س (جمل�س التدبري – املجل�س الرتبوي) و�أكرث من جمعية مدر�سية (جمعية النجاح –‬

‫جمعية الريا�ضية املدر�سية)‪ ،‬وال�سهر على تنفيذ قرارات هذه املجال�س و�إعداد تقارير حول ال�سري‬
‫الرتبوي بامل�ؤ�س�سة‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل ال�سهر على تعبئة املعطيات املتعلقة بالأطر واملتعلمني ب�شكل‬
‫م�ستمر يف منظومة م�سار للتدبري املدر�سي ‪ ،‬وهي كلها مهام �إدارية تقنية جتعل املدير يف و�ضعية‬
‫‪48‬‬

‫انغالق عن ذاته‪ ،‬مما يعيق تقلده لأدوار جديدة لإدارة املدر�سة يف عالقتها بالفاعلني الرتبويني‬
‫وبانفتاحها على حميطها ال�سو�سيو‪-‬اقت�صادي‪ .‬هذا ما يجعل مدير امل�ؤ�س�سة ال يلج�أ اىل االنفتاح‬
‫على اجلماعات �إال يف حالة ال�رضورة املتمثلة �أ�سا�سا يف التمويل ال�شيء الذي ال تلتزم به اجلماعات‬
‫‪ % 33٫33‬لأ�سباب ذكرناها �سابقا‪.‬‬

‫املح�صلة من هذه املعطيات‪ ،‬هو �أن رهان التدبري الت�شاركي للفعل الرتبوي ظل حمدودا‪ ،‬لي�س بفعل‬
‫املعيقات ال�سيا�سية والقانونية فقط التي فر�ضها واقع احلد الأدنى من الالمركزية‪ ،‬بل �أي�ضا‬
‫بفعل معيقات �سو�سيو‪-‬ثقافية مرتبطة بالتمثالت الذهنية التي ت�شكلت لدى كل من الفاعل الرتبوي‬
‫والفاعل ال�سيا�سي‪ ،‬حيث ات�ضح �أن‪:‬‬

‫• الفاعل ال�سيا�سي الرتابي (املنتخب)‪ :‬يتمثل التعليم ك�ش�أن قطاعي بعيد عن اهتمامات‬
‫اجلماعات ومنف�صل عن ق�ضايا التنمية وتكلفته لي�ست �سوى عبئا ماليا غري منتج‪ ،‬هذه املعتقدات‬
‫الرا�سخة �أنتجت مواقف و�سلوكات راف�ضة جلعل التعليم يف مقدمة ان�شغاالت اجلماعات ومدخال‬
‫للتنمية التي تن�شدها‪.‬‬
‫‪127‬‬
‫�سعيد ال�رشقاوي‬

‫• الفاعل الرتبوي (مدير امل�ؤ�س�سة)‪ :‬يتمثل �أن التمويل هو رهان �أي �رشاكة �أو انفتاح على‬
‫الفاعل ال�سيا�سي الرتابي‪ ،‬حيث حتول اىل هاج�س يهيمن على كل املبادرات التي يتخذها املدراء‬
‫اجتاه �رشكاء املدر�سة‪ ،‬ال�شيء الذي �ساهم يف تعميق التباعد بني رهانات الفاعل الرتبوي ورهانات‬
‫الفاعل ال�سيا�سي التي ت�ضل مطبوعة بالهاج�س ال�سيا�سوي االنتخابي‪.‬‬

‫�أفرزت هذه التمثالت �رصاعا يف املرجعيات واملواقف بني الفاعل الرتبوي والفاعل ال�سيا�سي‬
‫الرتابي‪ ،‬حال دون التالقي فعليا بني برامج الرتبية والتكوين والأولويات التنموية للجماعات‪،‬‬
‫وبالتايل ابعاد واق�صاء ق�ضايا الرتبية والتعليم من ف�ضاءات النقا�ش ال�سيا�سي العمومي الرتابي‪.‬‬

‫خامتة‪ :‬نحو مدر�سة تربوية ترابية‬

‫انطالقا من معاجلتنا لدور املجال�س اجلماعية الرتابية يف التدخل يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي‪ ،‬يت�ضح‬
‫�أن هناك مقت�ضيات د�ستورية وقانونية تقر ب�صالحيات ملجال�س اجلماعات الرتابية يف تدبري‬
‫الفعل الرتبوي‪ ،‬وجعل اجلماعات فاعال حموريا و�رشيكا للدولة �إىل جانب باقي الفاعلني يف تعبئة‬
‫الو�سائل والإمكانات ال�رضورية ل�ضمان حق التعليم للجميع وجتويد خدماته‪ ،‬لكن عمليا يظل‬
‫تدبري املجال�س اجلماعية الرتابية للفعل الرتبوي حمدودا‪ ،‬نتيجة �إكراهات �سيا�سية وقانونية‬
‫فر�ضها واقع احلد الأدنى من الالمركزية‪ ،‬و�أخرى �سو�سيو‪-‬ثقافية مرتبطة بالتمثالت الذهنية‬
‫التي ت�شكلت لدى كل من الفاعل الرتبوي والفاعل ال�سيا�سي‪ .‬وهي كلها �إكراهات �شكلت معيقات‬
‫حال دون القطيعة مع التدبري الأحادي املركزي للنظام الرتبوي‪ ،‬بالتايل �إعاقة التحول نحو التدبري‬
‫الت�شاركي الرتابي للنظام الرتبوي باملغرب‪.‬‬

‫ومن هذا املنطلق‪ ،‬ف�إن املغرب‪ ،‬ورغم �إ�صالحات الالمركزية‪ ،‬مازال مت�شبثا بنهج منط التدبري‬
‫املركزي للنظام الرتبوي مت�أثرا مبوجة خيار احلد الأدنى من الالمركزية التي تنهجها العديد من‬
‫الدول خ�صو�صا فرن�سا ‪ ،‬بحيث تبقى القرارات اال�سرتاتيجية يف يد الإدارة املركزية هي القاعدة‬
‫‪49‬‬

‫اجلوهرية‪ ،‬وهو منط من التدبري �صار ا�ستثناء اليوم‪ ،‬بينما �أمناط التدبري امل�شرتك وامل�ستقل هو‬
‫الأكرث �شيوعا مع تعدد تطبيقاته يف التجارب الدولية ‪ ،‬وقد �أثبت هذا النمط من التدبري فعاليته �إن‬
‫‪50‬‬

‫على م�ستوى جودة التعلمات وجناعة التدبري بحكم �أن الأقرب �إىل و�ضعية ما هو الأكرث قدرة على‬
‫‪51‬‬

‫ت�شخي�صها واقرتاح حلول مالءمة ملعاجلتها‪ .‬ال�شيء الذي ي�ؤكد احلاجة امللحة �إىل �رضورة التحول‬
‫نحو مدر�سة تربوية ترابية باملغرب كرهان‪ ،‬ويزيد من �أهمية هذا الرهان هو واقع تدبري النظام‬
‫‪128‬‬
‫تدبري احلق يف التعليم‪� :‬أي دور للمجال�س اجلماعية الرتابية؟‬

‫الرتبوي الغربي وخمرجاته التي تظل غري مر�ضية كما و�صفتها التقارير الدولية والوطنية ‪.‬‬
‫‪52‬‬

‫ويقت�ضي هذا الرهان‪ ،‬بداية‪ ،‬امل�صاحلة بني الفاعل ال�سيا�سي الرتابي والفاعل الرتبوي حيث‬
‫�إعادة ت�أ�سي�س عالقة جديدة بني املدر�سة وحميطها ال�سيا�سي واالقت�صادي واالجتماعي‪ ،‬وتعترب‬
‫هذه امل�صاحلة مدخال لت�شكل الوعي لدى النخب الرتبوية وال�سيا�سية الرتابية باجلدل الدائم بني‬
‫التنمية الرتابية واحلق يف الرتبية والتعليم‪ ،‬ومن مقت�ضيات هذا التحول‪:‬‬
‫–  تفويت �صالحيات وم�س�ؤوليات الإ�رشاف على املدار�س االبتدائية باخل�صو�ص �إىل‬
‫اجلماعات الرتابية‪.‬‬
‫–  منح اجلماعات ال�سيا�سية التحتية هام�ش للمبادرة والفعل يف ابتكار حلول حملية لق�ضايا‬
‫التعليم‪ ،‬والعمل على تثمينها وتعميمها‪ ،‬وجعلها منطلقا لأي �إ�صالح �أو قرار مركزي‬
‫«التدبري من الأ�سفل نحو الأعلى»‪ .‬مع متكينها من �إمكانات مادية وب�رشية ت�ؤهلها ملمار�سة‬
‫اخت�صا�صاتها الوا�سعة يف جمال الرتبية والتعليم‪.‬‬
‫–  تقوية املجتمع املدين وال�سيا�سي الرتابي كف�ضاء عمومي لتغذية البناء الدميقراطي من‬
‫الأ�سفل‪ ،‬وهو مدخل لبناء م�ؤ�س�سات �سيا�سية ترابية م�ؤهلة لتدبري خدمات القرب عامة‬
‫واخلدمات الرتبوية على وجه اخل�صو�ص وجتويد‪.‬‬
‫–  �إعادة النظر يف التوزيع املحكم لالخت�صا�صات الرتبوية بني الدولة واملجال�س اجلماعية‬
‫الرتابية‪ ،‬حيث التحديد الدقيق ملا للدولة وما للجماعات‪.‬‬
‫–  ت�ضمني ن�صو�ص اجلماعات الرتابية مقت�ضيات حتدد اخت�صا�صاتها ب�شكل �رصيح يف تدبري‬
‫احلق يف التعليم على امل�ستوى الرتابي‪.‬‬
‫–  �إقرار توازن بني �صالحيات ال�سلطة الرتبوية املركزية وال�صالحيات املخولة للم�ستويات‬
‫الرتبوية الرتابية‪ ،‬مع اعتماد املقاربة الرتابية يف ت�شخي�ص امل�شاكل الرتبوية وابتكار‬
‫احللول لها‪.‬‬
‫–  تعزيز �سلطة القرار داخل املدر�سة العمومية‪ ،‬باعتبارها �إطار التدبري املنا�سب والأقرب‬
‫من امليدان‪ ،‬والأكرث جتاوب ًا مع حميط املدر�سة‪ ،‬وي�ستلزم ذلك دعم امل�ؤ�س�سات التعليمية‬
‫بالو�سائل الب�رشية والتنظيمية والبيداغوجية‪ .‬وحتويل �صالحيات تدبريية وا�سعة لرئي�س‬
‫امل�ؤ�س�سة‪ ،‬و�إىل جمال�س التدبري‪ ،‬وتزويدها بالو�سائل الب�رشية واملالية التي متكنها من‬
‫ممار�سة اخت�صا�صاتها‪.‬‬
‫‪129‬‬
‫�سعيد ال�رشقاوي‬

‫الهوام�ش‬
‫‪ 1‬التعليق العام رقم ‪ )1999( 13‬للجنة الأمم املتحدة املعنية باحلقوق االقت�صادية واالجتماعية والثقافية على‬
‫املادة ‪ 13‬املتعلقة باحلق يف التعليم من العهد الدويل اخلا�ص باحلقوق االقت�صادية واالجتماعية والثقافية‪.‬‬
‫‪ 2‬فكرة ارتباط الدميقراطية بالرتبية جندها حا�رضة بقوة لدى الفيل�سوف الأمريكي املعا�رص جون ديوي‬
‫(‪ ،)1952-1859‬حيث يعود �إليه الف�ضل يف نقد �أطروحة الدميقراطية التمثيلية باعتبارها منظورا �ضيقا‬
‫للدميقراطية‪ ،‬وعمل علي تو�سيع مفهومها باعتبارها لي�س �شكال للحكم فقط‪ ،‬و�إمنا هي يف �أ�سا�سها �أ�سلوب من‬
‫احلياة االجتماعية واخلربة امل�شرتكة املتبادلة‪� ،‬إذ يتعذر جناح احلكم القائم على الت�صويت‪ ،‬ما مل ينل الأفراد‬
‫الذين ينتخبونه ن�صيبا من الرتبية‪ ،‬ذلك �أن الرتبية �رضورية للفعل الدميقراطي‪ ،‬و�ضياع حق الأفراد يف الرتبية‬
‫والتعليم هو تهديد للدميقراطية نف�سها‪ .‬للمزيد الرجوع �إىل كتاب‪:‬‬
‫‪– J ohn Dewey, Démocratie et éducation: Suivi de Expérience et éducation, Paris, Armand‬‬
‫‪Colin, 2011‬‬

‫‪ 3‬قاد هذه احلركة فال�سفة العقد االجتماعي‪« :‬جون لوك»‪« ،‬جون جاك رو�سو» و«توما�س هوبز»‪ ،‬حيث الت�أكيد‬
‫على �أن العقد االجتماعي وما ينبثق عنه من قواعد قانونية وم�ؤ�س�سات و�ضعية �ضمانة �أ�سا�سية وحماية فعالية‬
‫حلريات الأفراد وحقوقهم اال�سا�سية التي �سبقت وجود الدولة والقوانني‪.‬‬
‫املنظومة الدولية للمج�سدة للحق يف التعليم‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫–الإعالن العاملي حلقوق الإن�سان الذي �أقرته اجلمعية العامة للأمم املتحدة ال�صادر بتاريخ ‪ 10‬دجنرب ‪،1948‬‬
‫(املادة ‪.)26‬‬
‫– العهد الدويل اخلا�ص باحلقوق االقت�صادية واالجتماعية والثقافية �سنة ‪( 1966‬املادتني ‪.)13-12‬‬
‫–االتفاقية اخلا�صة مبناه�ضة التمييز يف جمال التعليم ال�صادرة عن امل�ؤمتر العام للأمم املتحدة للرتبية والعلم‬
‫والثقافة يف دجنرب ‪.1960‬‬

‫–اتفاقية مناه�ضة التمييز �ضد املر�أة ال�صادرة مبوجب قرار اجلمعية العامة للأمم املتحدة بتاريخ ‪ 18‬دجنرب‬
‫‪( 1979‬املادتني ‪.)14-10‬‬
‫– اتفاقية حقوق الطفل ال�صادرة عن الأمم املتحدة �سنة ‪( 1989‬املادتان ‪ 28‬و‪.) 29‬‬
‫‪5 Rey Olivier (2013), Décentralisation et politiques éducatives. Dossier d’actualité, veille‬‬
‫‪et analyses, IFÉ, n° 83, avril, p. 14-15.‬‬

‫‪6 Gilles Massardier, Politiques et action publiques, édition Dalloz Armand Colin, Paris, 2003,‬‬
‫‪p. 91 à 126.‬‬

‫مرجعيات �إ�صالح منظومة الرتبية والتكوين‪:‬‬ ‫‪7‬‬

‫–اللجنة اخلا�صة للرتبية والتكوين‪ ،‬امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‪ ،‬الرباط‪ ،‬املطبعة الر�سمية‪ ،‬يناير ‪.2000‬‬
‫– وزارة الرتبية الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي‪ ،‬الربنامج اال�ستعجايل ‪.2012-2009‬‬
‫–املجل�س الأعلى للرتبية والتكوين والبحث العلمي‪ ،‬من �أجل مدر�سة الإن�صاف واجلودة واالرتقاء‪ :‬ر�ؤية‬
‫ا�سرتاتيجية للإ�صالح ‪.)2015( 2030-2015‬‬
‫‪ 8‬م�صدر هذه املعطيات‪ :‬برنامج عمل جماعة �أوالد تامية ‪� ،2021-2016‬ص‪.49 ،48 ،38 ،31 .‬‬
‫‪www.ouladtaima.ma‬‬

‫‪130‬‬
‫تدبري احلق يف التعليم‪� :‬أي دور للمجال�س اجلماعية الرتابية؟‬

‫‪ 9‬املقابلة املوجهة هي «جمموعة من الأ�سئلة املفتوحة واملقننة‪ ،‬واملطروحة وفق ترتيب معد م�سبقا على العينة‬
‫امل�ستجوبة»‪ .‬لال�ستزادة‪ :‬ابراهيم ابرا�ش‪ ،‬املنهج العلمي وتطبيقاته على العلوم االجتماعية‪ ،‬الطبيعة العربية‬
‫الأوىل ‪� ،2009‬ص‪.269 .‬‬
‫‪ 10‬اللجنة اخلا�صة للرتبية والتكوين‪ ،‬امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‪ ،‬الرباط‪ ،‬املطبعة الر�سمية‪ ،‬يناير ‪،2000‬‬
‫املادة ‪.15‬‬
‫‪ 11‬املجل�س الأعلى للرتبية والتكوين والبحث العلمي‪ ،‬من �أجل مدر�سة الإن�صاف واجلودة واالرتقاء‪ :‬ر�ؤية‬
‫ا�سرتاتيجية للإ�صالح ‪ ،)2015( 2030-2015‬املادة ‪.8‬‬
‫املادة ‪ 77‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 113-14‬التعلق باجلماعات (‪ 07‬يوليوز ‪.)2015‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪ 13‬د�ستور ‪ 2011‬الف�صل ‪« 136‬يرتكز التنظيم اجلهوي والرتابي على مبادئ التدبري احلر‪ ،‬وعلى التعاون والت�ضامن‪،‬‬
‫وي�ؤمن م�شاركة ال�سكان املعنيني يف تدبري �ش�ؤونهم‪ ،‬والرفع من م�ساهمتهم يف التنمية الب�رشية املندجمة‬
‫وامل�ستدامة»‪.‬‬
‫املادة ‪ 77‬من القانون التنظيمي رقم ‪.113-14‬‬ ‫‪14‬‬

‫املادة ‪ 85‬من القانون التنظيمي رقم ‪.113-14‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪.113-14‬‬ ‫املادة ‪ 87‬من القانون التنظيمي رقم‬ ‫‪16‬‬

‫‪ 17‬تقرير حول «مدر�سة العدالة االجتماعية‪ :‬م�ساهمة يف التفكري يف النموذج التنموي» �صادر عن املجل�س الأعلى‬
‫للرتبية والتكوين والبحث العلمي (‪� ،)2018‬ص‪.08 .‬‬
‫املادة ‪ 25‬من امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‪.‬‬ ‫‪18‬‬

‫املادة ‪ 08‬من الر�ؤية ا�سرتاتيجية للإ�صالح ‪.)2015( 2030-2015‬‬ ‫‪19‬‬

‫تقرير حول «مدر�سة العدالة االجتماعية‪ :‬م�ساهمة يف التفكري يف النموذج التنموي»‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.07 .‬‬ ‫‪20‬‬

‫الف�صل ‪ 154 ،136‬من د�ستور ‪.2011‬‬ ‫‪21‬‬

‫املادة ‪ 92‬من الر�ؤية اال�سرتاتيجية للإ�صالح ‪.)2015( 2030-2015‬‬ ‫‪22‬‬

‫‪23‬‬ ‫‪Rey Olivier (2013), Décentralisation et politiques éducatives, op. cit., p. 3.‬‬

‫املادة ‪ 94‬و‪ 95‬من الر�ؤية اال�سرتاتيجية للإ�صالح ‪.)2015( 2030-2015‬‬ ‫‪24‬‬

‫املادة ‪ 92‬الر�ؤية اال�سرتاتيجية للإ�صالح ‪.)2015( 2030-2015‬‬ ‫‪25‬‬

‫املادة ‪ 88‬من القانون التنظيمي رقم ‪.113-14‬‬ ‫‪26‬‬

‫املادة ‪ 145‬من امليثاق الوطني للرتبية والتكوين ‪.2000‬‬ ‫‪27‬‬

‫‪ 28‬املر�سوم رقم ‪ 2.02.376‬ال�صادر ‪ 17‬يوليوز ‪ 2002‬مبثابة النظام الأ�سا�سي اخلا�ص مب�ؤ�س�سات الرتبية والتعليم‬
‫العمومي‪.‬‬
‫املواد ‪ 78‬اىل ‪ 82‬من القانون التنظيمي رقم ‪.113.14‬‬ ‫‪29‬‬

‫‪131‬‬
‫�سعيد ال�رشقاوي‬

‫‪ 30‬املر�سوم رقم ‪ 2.16.301‬بتاريخ ‪ 23‬رم�ضان ‪ 29( 1437‬يونيو ‪ )2016‬بتحديد م�سطرة �إعداد برنامج عمل اجلماعة‬
‫‪1437‬‬ ‫وتتبعه وحتيينه وتقييمه و�آليات احلوار والت�شاور لإعداده‪ ،‬اجلريدة الر�سمية عدد ‪ 6482‬بتاريخ ‪� 9‬شوال‬
‫(‪ 14‬يوليو ‪.)2016‬‬
‫املادة ‪ 07‬من املر�سوم‪.‬‬ ‫‪31‬‬

‫املادة ‪ 04‬من املر�سوم‪.‬‬ ‫‪32‬‬

‫املادة ‪ 09‬من املر�سوم‪.‬‬ ‫‪33‬‬

‫املادة ‪ 06‬من املر�سوم‪.‬‬ ‫‪34‬‬

‫تقرير حول «مدر�سة العدالة االجتماعية‪ :‬م�ساهمة يف التفكري يف النموذج التنموي»‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.32 .‬‬ ‫‪35‬‬

‫‪ 36‬تقرير حول «متطلبات اجلهوية املتقدمة وحتديات �إدماج ال�سيا�سات القطاعية» �صادر عن املجل�س االقت�صادي‬
‫واالجتماعي والبيئي‪� ،‬إحالة ذاتية رقم ‪� ،2016/22‬ص‪.16 .‬‬
‫املادة ‪ 149‬من امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‪.‬‬ ‫‪37‬‬

‫املادتني ‪ 91-90‬من الر�ؤية اال�سرتاتيجية‪.‬‬ ‫‪38‬‬

‫ن�صو�ص ت�رشيعية وتنظيمية ذات ال�صلة ‪:‬‬ ‫‪39‬‬

‫–املر�سوم رقم ‪ 2.02.376‬ال�صادر ‪ 17‬يوليوز ‪ 2002‬مبثابة النظام الأ�سا�سي اخلا�ص مب�ؤ�س�سات الرتبية والتعليم‬
‫العمومي‬
‫–القانون رقم ‪ 71.15‬بتغيري وتتمني القانون رقم ‪ 07.00‬القا�ضي ب�إحداث الأكادمييات اجلهوية للرتبية‬
‫والتكوين‪.‬‬
‫‪� 40‬شملت الدرا�سة جمموع الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين وتلثي النيابات وغطت عينة من امل�ؤ�س�سات‬
‫التعليمية ‪ 475‬م�ؤ�س�سة‪ ،‬وعينة من الأ�ساتذة بلغت ‪� 9389‬أ�ستاذا‪ .‬وهي من�شورة مبجلة املدر�سة املغربية التي‬
‫ي�صدرها املجل�س الأعلى للرتبية والتعليم‪ ،‬العدد مزدوج ‪ ،7-8‬نونرب ‪� ،2017‬ص‪.161-137 .‬‬
‫‪ 41‬م�رشوع امل�ؤ�س�سة‪� :‬آلية عملية لتنظيم وتفعيل خمتلف الإجراءات التدبريية والرتبوية الهادفة اىل حت�سني جودة‬
‫العملية التعليمية التعلمية‪ ،‬و�أجر�أة الإ�صالحات الرتبوية داخل كل م�ؤ�س�سة‪.‬‬
‫الع�ضوية يف جمل�س التدبري ملدة ‪� 8‬سنوات‪.‬‬ ‫‪42‬‬

‫املادة ‪ 92‬من القانون التنظيمي للجماعات الرتابية‪.‬‬ ‫‪43‬‬

‫برنامج عمل جماعة �أوالد تامية ‪� ،2016-2021‬ص‪ 71 .‬و‪.80‬‬ ‫‪44‬‬

‫الرجوع اىل الفقرة الثانية يف املطلب الأول من هذا املبحث‪.‬‬ ‫‪45‬‬

‫معطيات حول العينة يف املقدمة‪.‬‬ ‫‪46‬‬

‫‪ 47‬املر�سوم رقم ‪ 2-02-376‬ال�صادر بتاريخ ‪ 6‬جمادى الأوىل ‪ 17( 1423‬يوليوز ‪ )2002‬مبثابة النظام الأ�سا�سي‬
‫اخلا�ص مب�ؤ�س�سات الرتبية والتعليم العمومي‪.‬‬
‫من�صة معلوماتية تت�ضمن معلومات وخدمات متكن املدير من التدبري اليومي للم�ؤ�س�سة التعليمية‪.‬‬ ‫‪48‬‬

‫‪132‬‬
‫تدبري احلق يف التعليم‪� :‬أي دور للمجال�س اجلماعية الرتابية؟‬

‫‪ 49‬ميز ‪ Olivier Rey‬بني ثالث �أمناط من الأنظمة الرتبوية التي ت�شكلت نتيجة موجات الالمركزية يف نهاية القرن‬
‫الع�رشين‪ ،‬ومن �ضمنها منط احلد الأدنى من الالمركزية ‪( : la décentralisation minimal‬فرن�سا‪ ،‬الربتغال‪ ،‬كوريا‪،‬‬
‫اليابان)‪ ،‬حيث مركزية الدولة وحتكمها ورقابتها الوا�سعة للنظام الرتبوي �سواء يف املجال البيداغوجي �أو تدبري‬
‫املوارد املادية والب�رشية‪ .‬للمزيد الرجوع �إىل‪:‬‬
‫‪– Rey Olivier (2013), Décentralisation et politiques éducatives, op. cit. p. 14-15.‬‬

‫‪50‬‬ ‫‪Rey Olivier (2013), ibid., p. 15-16.‬‬

‫‪51‬‬ ‫‪Rey Olivier (2013), ibid., p. 15.‬‬

‫‪ 52‬من �ضمن هذه التقارير‪ ،‬التقرير الأخري الذي �أ�صدره املجل�س الأعلى للتعليم حول «مدر�سة العدالة االجتماعية‪:‬‬
‫م�ساهمة يف التفكري يف النموذج التنموي»‪ ،‬مرجع �سابق‪ .‬والذي ي�ؤكد �أنه «ورغم انخراط املغرب يف عملية‬
‫�إ�صالح حكامة منظومته الرتبوية‪ ...‬ف�إن الو�ضعية احلالية تظل غري مر�ضية نظرا ل�ض�آلة الإجنازات االجتماعية‬
‫املحققة»‪� .‬ص‪.32 .‬‬

‫املراجع‬
‫‪ .1‬باللغة العربية‬
‫• الوثائق الر�سمية‬
‫اللجنة اخلا�صة للرتبية والتكوين‪ ،‬امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‪ ،‬الرباط‪ ،‬املطبعة الر�سمية‪،‬‬
‫يناير ‪.2000‬‬
‫وزارة الرتبية الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي‪ ،‬الربنامج اال�ستعجايل‬
‫‪.2012-2009‬‬
‫املجل�س الأعلى للرتبية والتكوين والبحث العلمي‪ ،‬من �أجل مدر�سة االن�صاف واجلودة واالرتقاء‪:‬‬
‫ر�ؤية ا�سرتاتيجية للإ�صالح ‪.)2015( 2030-2015‬‬
‫تقرير حول «مدر�سة العدالة االجتماعية‪ :‬م�ساهمة يف التفكري يف النموذج التنموي» �صادر عن‬
‫املجل�س الأعلى للرتبية والتكوين والبحث العلمي‪.2018 ،‬‬
‫تقرير حول «متطلبات اجلهوية املتقدمة وحتديات �إدماج ال�سيا�سات القطاعية» �صادر عن املجل�س‬
‫االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‪� ،‬إحالة ذاتية رقم ‪.2016/22‬‬

‫• الن�صو�ص القانونية والتنظيمية‬


‫الد�ستور املغربي ‪.2011‬‬
‫‪133‬‬
‫�سعيد ال�رشقاوي‬

‫‪1.15.85‬‬ ‫القانون التنظيمي رقم ‪ 113-14‬التعلق باجلماعات‪ ،‬ال�صادر بتنفيذه ظهري �رشيف رقم‬
‫بتاريخ ‪ 20‬رم�ضان ‪ 7( 1436‬يوليو ‪ ،)2015‬املن�شور باجلريدة الر�سمية عدد ‪ 6380‬بتاريخ‬
‫‪� 06‬شوال ‪ 23( 1436‬يوليو ‪.)2015‬‬
‫القانون رقم ‪ 71.15‬بتغيري وتتميم القانون رقم ‪ 07.00‬القا�ضي ب�إحداث الأكادمييات اجلهوية‬
‫للرتبية والتكوين‪.‬‬
‫املر�سوم رقم ‪ 2.02.376‬ال�صادر يف ‪ 06‬جمادى الأوىل ‪ 17( 1423‬يوليوز ‪ )2002‬مبثابة النظام‬
‫الأ�سا�سي اخلا�ص مب�ؤ�س�سات الرتبية والتعليم العمومي كما وقع تغيريه وتتميمه‪ ،‬املن�شور‬
‫باجلريدة الر�سمية عدد ‪ 5024‬بتاريخ ‪ 25‬يوليوز ‪.2002‬‬
‫املر�سوم رقم ‪ 2.16.301‬بتاريخ ‪ 23‬رم�ضان ‪ 29( 1437‬يونيو ‪ )2016‬املتعلق بتحديد م�سطرة‬
‫�إعداد برنامج عمل اجلماعة وتتبعه وحتيينه وتقييمه و�آليات احلوار والت�شاور لإعداده؛‬
‫املن�شور باجلريدة الر�سمية عدد ‪ 6482‬بتاريخ ‪� 9‬شوال ‪ 14( 1437‬يوليو ‪.)2016‬‬
‫• املواقع الر�سمية‬
‫‪www.ouledteima.ma‬‬ ‫املوقع الر�سمي للمجل�س اجلماعي ملدينة �أوالد تامية �إقليم تارودانت‬

‫‪ .2‬باللغة الفرن�سية‬
‫‪John Dewey, Démocratie et éducation. Suivi d’Expérience et éducation,‬‬
‫‪Paris, Armand Colin, 2011.‬‬
‫‪Gilles Massardier, Politiques et action publiques, édition Dalloz Armand‬‬
‫‪Colin, Paris, 2003.‬‬
‫‪Rey Olivier, Décentralisation et politiques éducatives : Dossier d’actualité,‬‬
‫‪veille et analyses, IFÉ, n° 83, avril 2013.‬‬

‫‪134‬‬
‫حدود تدخل اجلماعات الرتابية يف ال�ش�أن الرتبوي ‪:‬‬
‫حالة جماعة �سال‬
‫قا�سم النعاميي وعبد اللطيف �شاو�ش‬

‫ملخ�ص‬
‫�أنيطت باجلماعات الرتابية اخت�صا�صات متعددة نحاول يف هذا املقال االهتمام مبوقع وحدود‬
‫اخت�صا�صات اجلماعات الرتابية يف جمال التعليم باخل�صو�ص وتقييم مدى مالم�سة برامج هذه‬
‫الهيئات جوانب �ضعف القطاع حماولة تنميته وذلك من خالل االطالع على املعطيات الرقمية التي‬
‫توفرها قواعد املعطيات الر�سمية ومقارنتها باالخت�صا�صات املوكول للمجال�س الرتابية وتقييم‬
‫م�ستوى الوعي بالإكراهات الواقعية وقد مت الرتكيز يف هذا املجال على جمال�س عمالة �سال من‬
‫‪� 2015‬إىل ‪.2018‬‬
‫من جهة حاولت املجال�س الرتابية بعمالة تنزيل وممار�سة جميع االخت�صا�صات وبرجمة تدخالت‬
‫تعك�س وعيا دقيقا مب�شاكل قطاع الرتبية‪� .‬إال �أن تفتيت اخت�صا�ص تدبري ال�ش�أن الرتبوي بني املجال�س‬
‫الرتابية ميكن �أن ي�ساهم يف عدم تطابق الأولويات وبالتايل �ضياع اجلدوى من بع�ض الإجراءات‪.‬‬

‫تقدمي‬

‫�أ�صبح اجلماعات الرتابية م�ؤ�س�سات تلعب دورا هاما يف التنمية املحلية وتدبري ال�ش�أن املحلي يف‬
‫خمتلف امليادين‪ ،‬وذلك نتيجة ملبد�أ التفريع و�سيا�سة الالمركزية التي تتبناها الدولة املغربية على‬
‫غرار الدول احلديثة‪ ،‬للتخفيف من �أعباء ال�سلطة املركزية بنقل عدد من االخت�صا�صات �إىل املجال�س‬
‫املحلية‪ ،‬بحيث �أ�صبح دور اجلماعات املحلية ي�أخذ �أبعادا كبرية مع التزايد الدميغرايف واحتياجات‬
‫املجتمع املتزايدة‪ .‬ومل يعد مفهوم التدبري املحلي حم�صورا يف جمرد متثيل ال�سكان وتقدمي خمتلف‬
‫اخلدمات التقليدية الإدارية بل �أ�صبحت اجلماعات الرتابية تلعب �أدوارا �أكرث �أهمية متتد �أبعد‬
‫لت�شمل املجاالت التنموية االقت�صادية واالجتماعية والثقافية‪.‬‬
‫قا�سم النعاميي وعبد اللطيف �شاو�ش‬

‫ويف هذا الإطار �أنيطت باجلماعات الرتابية اخت�صا�صات متعددة خل�صها الف�صل ‪ 140‬من‬
‫د�ستور ‪ 2011‬وحددتها القوانني التنظيمية رقم ‪ 112.14 ،113.14‬و‪ 111.14‬بو�ضوح وبتف�صيل‬
‫يف اخت�صا�صات ذاتية واخت�صا�صات م�شرتكة مع الدولة واخت�صا�صات منقولة اليها من هذه‬
‫االخرية مراعاة ملبادئ ثالثة هي التفريع‪ ،‬التدرج والتمايز بني اجلماعات وذلك بغية �ضمان‬
‫املزيد من احلكامة والنجاعة وحتقيق التكامل واالن�سجام وتفاديا لتداخل وتنازع االخت�صا�صات‬
‫وتبذير املزيد من املوارد املالية‪.‬‬

‫يف هذا ال�سياق يحاول هذا املقال االهتمام بقطاع التعليم باعتباره من القطاعات املهمة نظرا ل�صلته‬
‫الوثيقة بال�سكان وباعتباره ركيزة �أ�سا�سية لكل تنمية اقت�صادية واجتماعية وثقافية وذلك من‬
‫خالل الإجابة على الأ�سئلة التالية ‪:‬‬
‫– ما هي خ�صائ�ص التعليم مبدينة �سال و�إكراهاته‪.‬‬
‫–  ما موقع وحدود اخت�صا�صات اجلماعات الرتابية يف جمال التعليم؟ وهل ال م�ست برامج‬
‫العمل لهذه الإكراهات؟‬
‫– وكيف يتم تقييم هذه التدخالت ؟‬

‫‪ .1‬منهجية البحث وخ�صو�صيات منطقة الدرا�سة‬


‫اقت�ضى القيام بهذا البحث الرتكيز على ثالث حماور �أ�سا�سية ‪:‬‬
‫– املحور الأول ‪ :‬نعر�ض فيه نظرة �رسيعة عن موقع وخ�صائ�ص مدينة �سال‪ ،‬كمجال للدرا�سة‪.‬‬
‫–  املحور الثاين تناول بالدرا�سة والتحليل واقع التعليم مبدينة �سال وذلك عرب االطالع على‬
‫املعطيات الرقمية التي توفرها قواعد املعطيات الر�سمية والقيام ببحث ميداين لتوطني‬
‫امل�ؤ�س�سات وحتليل جمايل خرائطي وفقا ملعايري وم�ؤ�رشات تقي�س مدى توازن �أو اختالل‬
‫العر�ض و�ضمان العدالة املجالية‪.‬‬
‫–  املحور الثالث ن�ستخرج فيه حدود اخت�صا�صات اجلماعات الرتابية يف جمال التعليم من خالل‬
‫القوانني التنظيمية‪.‬‬
‫–  املحور الرابع ‪ :‬مت فيه االطالع على فحوى مقررات اجلماعات الرتابية ب�أ�صنافها يف حماولة‬
‫لتقييم م�ستوى الوعي بالإكراهات الواقعية للمنطقة يف جمال التعليم كما مت االطالع على الربامج‬
‫امل�ستقبلية املت�ضمنة يف برامج عمل كل من جمل�س اجلهة والعمالة واجلماعة‪.‬‬
‫‪136‬‬
‫حدود تدخل اجلماعات الرتابية يف ال�ش�أن الرتبوي‪ :‬حالة جماعة �سال‬

‫وبناء على املحاور ال�سابقة �ستتم مراكبة املعطيات ق�صد ا�ستخال�ص مدى ا�ضطالع اجلماعات‬
‫الرتابية مبهامها كما �أنيطت بها من جهة ومدى توفق امل�رشع يف منح االخت�صا�ص ال�ضامن ل�سري‬
‫املرفق وفق منهج تطبعه احلكامة‪.‬‬

‫‪ .2‬عمالة �سال ‪ :‬املوقع واخل�صائ�ص الب�شرية‬


‫موقع عمالة �سال وخ�صائ�صها الإدارية‬

‫تقع عمالة �سال داخل املجال الرتابي جلهة الرباط‪�-‬سال‪-‬القنيطرة‪ ،‬حتد غربا بال�ساحل الأطل�سي‬
‫ومن ال�شمال‪� ،‬إقليم القنيطرة‪ ،‬من اجلنوب نهر �أبي رقراق الذي يف�صلها عن عمالتي الرباط‬
‫وال�صخريات متارة ومن ال�رشق �إقليم اخلمي�سات عرب غابة املعمورة‪ .‬ومتتد على امل�ساحة‬
‫‪ 672‬كلم‪.²‬‬

‫�إداريا تنق�سم العمالة �إىل ‪ 4‬جماعات هي جماعة �سال تخ�ضع لنظام املقاطعات (باب املري�سة‪،‬‬
‫تابريكت‪ ،‬بطانة‪ ،‬اح�صني‪ ،‬العيايدة) وجماعة بوقنادل وجماعة عامر وجماعة ال�سهول‪.‬‬

‫عرفت العمالة تعمريا مبكرا تنامت خالله �أحياء غري مهيكلة �ساهمت يف ا�ضطراب و�سوء توزيع‬
‫املرافق و�إنتاج جمال تغيب فيه عدالة تقدمي اخلدمات‪.‬‬

‫• �ساكنة تعرف تزايد‬


‫تقطن برتاب عمالة �سال �ساكنة تقارب مليون ن�سمة (‪ 982.163‬ن�سمة)‪ ،‬تعرف ال�ساكنة تزايدا‬
‫مهما حيث يتوقع ح�سب �إ�سقاطات املندوبية ال�سامية للتخطيط �أن ي�صل عدد ال�سكان �سنة ‪2020‬‬

‫�إىل ‪ 1.093.602‬ن�سمة �أزيد من ‪ % 50‬منهم �إناث‪.‬‬

‫يبلغ حجم الأ�رسة يف املتو�سط ‪ 4,1‬ن�سمة‪� .‬أما معدل الأمية فريتفع يف �صفوف الإناث ‪ 29,7‬بينما‬
‫ت�سجل يف �صفوف الذكور ‪ .13,4‬وقد �سجل معدل متدر�س الأطفال (‪� 12-7‬سنة) ‪ .% 97,6‬كما‬
‫تقدر ن�سبة الأ�شخا�ص املعاقني بـ ‪ 4,5‬من جمموع �سكان العمالة‪.‬‬

‫• بنية عمرية فتية‬


‫تغلب على هذه ال�ساكنة البنية ال�شابة مع تطور عدد ال�شيوخ‪ ،‬كما يظهر من هرم الأعمار (ال�شكل ‪.)1‬‬
‫‪137‬‬
‫قا�سم النعاميي وعبد اللطيف �شاو�ش‬

‫ال�شكل ‪ :1‬هرم �أعمار �ساكنة جماعة �سال‬


‫الذكور‬ ‫‪� 74-70‬سنة‬ ‫الإناث‬
‫‪� 64-60‬سنة‬
‫‪� 54-50‬سنة‬
‫‪� 44-40‬سنة‬
‫‪� 34-30‬سنة‬
‫‪� 24-20‬سنة‬
‫‪� 14-10‬سنة‬
‫‪� 4-0‬سنة‬
‫‪-10‬‬ ‫‪-8‬‬ ‫‪-6‬‬ ‫‪-4‬‬ ‫‪-2‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪10‬‬

‫وتقدر ن�سبة الأطفال �أقل من ‪� 6‬سنوات بـ ‪ % 11٫2‬بينما ن�سبة ال�شباب �أقل من ‪� 15‬سنة تقدر عموما‬
‫بـ ‪.% 26‬‬

‫• تعرف �ساكنة �سال تركزا كبريا يف التوزيع‬


‫تتوزع �ساكنة العمالة ح�سب املقاطعات واجلماعات على ال�شكل التايل ‪:‬‬

‫معدل التزايد‬ ‫عدد الأ�سر‬ ‫عدد ال�سكان‬ ‫عدد ال�سكان‬ ‫اجلماعة‪/‬املقاطعة‬


‫‪2004-2014‬‬ ‫(‪)2014‬‬ ‫(‪)2014‬‬ ‫(‪)2004‬‬

‫‪2,2‬‬ ‫‪44.636‬‬ ‫‪174.934‬‬ ‫‪140.383‬‬ ‫باب املري�سة‬


‫‪0,7‬‬ ‫‪61.101‬‬ ‫‪252.277‬‬ ‫‪234.733‬‬ ‫تابريكت‬
‫‪- 0,8‬‬ ‫‪22.360‬‬ ‫‪95.291‬‬ ‫‪103.165‬‬ ‫بطانة‬
‫‪2,7‬‬ ‫‪51.858‬‬ ‫‪214.540‬‬ ‫‪163.672‬‬ ‫�أح�صني‬
‫‪2,6‬‬ ‫‪33.522‬‬ ‫‪153.361‬‬ ‫‪118.233‬‬ ‫العيايدة‬
‫‪10,5‬‬ ‫‪4.955‬‬ ‫‪25.255‬‬ ‫بوقنادل‬
‫‪43.593‬‬
‫‪3,1‬‬ ‫‪8.983‬‬ ‫‪46.590‬‬ ‫عامر‬
‫‪0,1‬‬ ‫‪3.925‬‬ ‫‪19.915‬‬ ‫‪19.706‬‬ ‫ال�سهول‬
‫امل�صدر‪ :‬املندوبية ال�سامية للتخطيط‪ ،‬الإح�صاء العام لل�سكان وال�سكنى ‪ 2004‬و‪.2014‬‬

‫من خالل حتليل اجلدول �أعاله‪ ،‬ن�ستخل�ص �أن ‪:‬‬


‫–  جماعة �سال مبقاطعاتها اخلم�س تعترب املجال الأكرث اكتظاظا بال�ساكنة‪ ،‬لذا ف�إن الطلب على‬
‫التعليم �سيكون مرتفعا ومركزا بهذا املجال‪.‬‬
‫‪138‬‬
‫حدود تدخل اجلماعات الرتابية يف ال�ش�أن الرتبوي‪ :‬حالة جماعة �سال‬

‫–  كل من مقاطعتي اح�صني والعيايدة وجماعتي عامر وبوقنادل ت�سجل تزايدا دميغرافيا يتطلب‬
‫اال�ستجابة للطلب على التعليم ب�إحداث وتو�سعة امل�ؤ�س�سات التعليمية‪.‬‬
‫–  تتميز جماعتي ال�سهول وعامر بال�سكن املتفرق مما �سيجعل اال�ستجابة للطلب على التعليم‬
‫كخدمة للقرب تتم يف �شكل فرعيات تغيب فيها ال�رشوط ال�رضورية كم�ؤ�س�سات للتعليم وتبعد‬
‫عن مقار �سكن التالميذ مما يتطلب االهتمام باملدار�س اجلماعاتية واالهتمام بالنقل املدر�سي‪.‬‬

‫‪ .3‬العر�ض الرتبوي مبدينة �سال و�إكراهاته‬


‫توزيع م�ؤ�س�سات التعليم العمومي (ال�شكل ‪)2‬‬

‫ت�ضم عمالة �سال عددا كبريا من امل�ؤ�س�سات الرتبوية (العمومية) تتوزع على الأ�سالك كالتايل ‪:‬‬

‫عدد م�ؤ�س�سات التعليم العمومي ح�سب الأ�سالك‬ ‫اجلماعات‬


‫‪/‬‬

‫املقاطعات‬
‫الثانوي الت�أهيلي‬ ‫مدار�س جماعاتية الثانوي الإعدادي‬ ‫الإبتدائي‬
‫‪7‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪17‬‬ ‫باب املري�سة‬
‫‪7‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪34‬‬ ‫تابريكت‬
‫‪5‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪11‬‬ ‫بطانة‬
‫‪11‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪26‬‬ ‫�أح�صني‬
‫‪6‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪16‬‬ ‫العيايدة‬
‫‪1‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪6‬‬ ‫بوقنادل‬
‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪02‬‬ ‫‪10‬‬ ‫عامر‬
‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪02‬‬ ‫‪9‬‬ ‫ال�سهول‬
‫‪38‬‬ ‫‪59‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪129‬‬ ‫املجموع‬

‫‪2018-2017‬‬ ‫• و�ضعية الدخول املدر�سي‬


‫وت�ضم هذه امل�ؤ�س�سات ‪ 3544‬حجرة قابلة لال�ستعمال ‪ 224‬حجرة منها عبارة عن بناء مفكك‬
‫يتوجب تعوي�ضه بالبناء ال�صلب ملا قد ي�سببه من خماطر و�أ�رضار �صحية‪.‬‬
‫‪139‬‬
‫قا�سم النعاميي وعبد اللطيف �شاو�ش‬

‫ال�شكل ‪ : 2‬توزيع امل�ؤ�س�سات التعليمية بعمالة �سال ح�سب التق�سيم الإداري والأ�سالك‬

‫‪140‬‬
‫حدود تدخل اجلماعات الرتابية يف ال�ش�أن الرتبوي‪ :‬حالة جماعة �سال‬

‫وللإ�شارة‪ ،‬ف�إن املعايري الر�سمية املعتمدة يف التهيئة والتعمري تقت�ضي برجمة امل�ؤ�س�سات التعليمية‬
‫ح�سب العتبات التالية ‪:‬‬

‫معيار التجمع امل�ساحة‬ ‫املعيار‬ ‫معيار امل�سافة‬


‫عدد الطوابق‬ ‫املرفق‬
‫‪²‬‬‫ال�سكاين الأدنى باملرت‬ ‫الزمني‬ ‫بالكلمرت ‪²‬‬

‫‪R+2‬‬ ‫‪4000‬‬ ‫‪8000‬‬ ‫‪ 20‬دقيقة‬ ‫‪1,5‬‬ ‫مدر�سة ابتدائية‬


‫‪R+2‬‬ ‫‪9000‬‬ ‫‪16000‬‬ ‫‪ 30‬دقيقة‬ ‫‪2,25‬‬ ‫ثانوية �إعدادية‬
‫‪R+2‬‬ ‫‪10000‬‬ ‫‪32000‬‬ ‫‪ 30‬دقيقة‬ ‫‪2,25‬‬ ‫ثانوية ت�أهيلية‬
‫وزارة �إعداد الرتاب الوطني والتعمري والإ�سكان و�سيا�سة املدينة‪ ،‬الوكالة احل�رضية للرباط‪�-‬سال ‪ :‬نظام تهيئة‬
‫غ�شت ‪.2017‬‬

‫مقارنة عدد امل�ؤ�س�سات بعدد ال�سكان (معيار التجمع ال�سكاين) يظهر ‪:‬‬
‫­–  على م�ستوى التعليم االبتدائي تتجاوز كل من بطانة واح�صني والعيايدة وباب املري�سة‬
‫عتبة م�ؤ�س�سة لكل ‪ 8000‬ن�سمة‪.‬‬
‫­–  على م�ستوى الثانوي الإعدادي تعترب كل من بطانة بوقنادل وال�سهول املجاالت التي حترتم‬
‫عتبة م�ؤ�س�سة �إعدادية لكل ‪ 16000‬ن�سمة‪.‬‬
‫­–  �أما على م�ستوى الت�أهيلي فتبقى املجال الوحيد الذي ال حترتم فيه معيار التجمع ال�سكاين‪.‬‬

‫• توزيع التالميذ املتمدر�سني‬


‫ت�ضم املقاطعات تابريكت واح�صني والعيايدة �أكرب ن�سبة من عدد املتمدر�سني بينما تعترب ال�سهول‬
‫وبوقنادل اجلماعات التي ت�ضم �أقل عدد منهم‪.‬‬
‫توزيع التالميذ املتمدر�سني م�ؤ�س�سات ح�سب الأ�سالك‬
‫اجلماعات‪/‬املقاطعات‬
‫املجموع‬ ‫الإبتدائي الثانوي الإعدادي الثانوي الت�أهيلي‬
‫‪21 117‬‬ ‫‪5 347‬‬ ‫‪6 398‬‬ ‫‪9 372‬‬ ‫باب املري�سة‬
‫‪36 033‬‬ ‫‪7 077‬‬ ‫‪11 331‬‬ ‫‪17 625‬‬ ‫تابريكت‬
‫‪12 311‬‬ ‫‪3 037‬‬ ‫‪4 217‬‬ ‫‪5 057‬‬ ‫بطانة‬
‫‪33 330‬‬ ‫‪7 990‬‬ ‫‪10 007‬‬ ‫‪15 333‬‬ ‫اح�صني‬
‫‪26 205‬‬ ‫‪5 013‬‬ ‫‪7 544‬‬ ‫‪13 648‬‬ ‫العيايدة‬

‫‪141‬‬
‫قا�سم النعاميي وعبد اللطيف �شاو�ش‬

‫توزيع التالميذ املتمدر�سني م�ؤ�س�سات ح�سب الأ�سالك‬


‫اجلماعات‪/‬املقاطعات‬
‫املجموع‬ ‫الإبتدائي الثانوي الإعدادي الثانوي الت�أهيلي‬
‫‪5 695‬‬ ‫‪741‬‬ ‫‪2 095‬‬ ‫‪2 859‬‬ ‫بوقنادل‬
‫‪7 860‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪675‬‬ ‫‪7 185‬‬ ‫عامر‬
‫‪3 676‬‬ ‫‪342‬‬ ‫‪858‬‬ ‫‪2 476‬‬ ‫ال�سهول‬
‫‪146 227‬‬ ‫‪29 547‬‬ ‫‪43 125‬‬ ‫‪73 555‬‬ ‫املجموع‬

‫بالإ�ضافة �إىل ذلك ت�شجع املديرية الإقليم للرتبية الوطنية ب�سال التعليم الأويل‪ ،‬فقد ا�ستطاعت‬
‫فتح ‪ 39‬ق�سم بـ ‪ 26‬م�ؤ�س�سة تعليمية ي�ستفيد منها ‪ 862‬طفل ن�صفهم �إناث‪ .‬كما ت�ضم املديرية‬
‫‪ 42‬ق�سم خا�ص للأطفال ذوي االحتياجات اخلا�صة يتابع فيه الدرا�سة ‪ 393‬تلميذ ما يقارب ‪% 40‬‬

‫منهم �إناث‪.‬‬

‫• توزيع املوارد الب�شرية‬

‫‪1696‬‬ ‫ت�ضم عمالة �سال ‪ 2216‬مدر�س بال�سلك االبتدائي و‪ 1549‬مدر�س بالتعليم الإعدادي و‬
‫بالتعليم الثانوي الت�أهيلي‪ .‬يتوزع هذا الكم من الأطر على مقاطعات وجماعات العمالة كالتايل ‪:‬‬

‫ال�شكل ‪ : 3‬توزيع املوارد الب�شرية من املدر�سني ح�سب التق�سيم الإداري والأ�سالك‬ ‫عدد املدر�سني‬

‫تابريكت باب املري�سة‬ ‫بطانة‬ ‫�أح�صني‬ ‫العيايدة‬ ‫بوقنادل‬ ‫عامر‬ ‫ال�سهول‬


‫االبتدائي‬ ‫الثانوي الإعدادي‬ ‫الثانوي الت�أهيلي‬

‫‪142‬‬
‫حدود تدخل اجلماعات الرتابية يف ال�ش�أن الرتبوي‪ :‬حالة جماعة �سال‬

‫باعتماد معدل عدد التالميذ لكل �أ�ستاذ ن�سجل ما يلي ‪:‬‬

‫‪12‬‬ ‫يف ال�سلك االبتدائي‪ ،‬متو�سط عدد التالميذ لكل �أ�ستاذ ال تتجاوز ‪ 37‬تلميذ لكل �أ�ستاذ وينزل �إىل‬
‫تلميذ لكل مدر�س بجماعة ال�سهول‪.‬‬

‫بينما يف ال�سلك الإعدادي ال يتجاوز هذا امل�ؤ�رش ‪ 32‬تلميذ لكل مدر�س وي�سجل هذا الرقم بالعيايدة‬
‫وعامر بينما ينزل �إىل ‪ 23‬تلميذ لكل مدر�س ببطانة‪.‬‬

‫وعلى م�ستوى الثانوي الت�أهيلي ال يتجاوز م�ؤ�رش متو�سط عدد التالميذ لكل �أ�ستاذ ‪ 20‬تلميذ ك�أعلى‬
‫معدل ي�سجل بالعيايدة بينما �أخف�ض متو�سط ي�صل ‪ 13‬تلميذ لكل مدر�س ي�سجل ببطانة‪.‬‬

‫كخال�صة لهذا الت�شخي�ص ن�ستنتج ‪:‬‬

‫• رغم كفاية العر�ض الرتبوي نظريا ف�إن امل�ؤ�س�سات التعليمية تعاين من �سوء التوزيع مما ي�ساهم‬
‫يف انت�شار ظاهرة االكتظاظ يف بع�ض امل�ؤ�س�سات فقد و�صل عدد الأق�سام التي يتجاوز فيها عدد‬
‫التالميذ ‪� 41‬إىل ‪ 267‬ق�سم باالبتدائي و‪ 32‬ق�سم بالإعدادي‪ .‬وعدد الأق�سام التي يفوق عدد‬
‫التالميذ فيها ‪ 45‬و�صل �إىل ‪ 23‬ق�سم‪ .‬بينما ت�ستفيد م�ؤ�س�سات �أخرى من �أق�سام خمففة فقد بلغ‬
‫عدد الأق�سام التي يقل عدد التالميذ فيها عن ‪ 24‬تلميذ ‪ 99‬ق�سم باالبتدائي و‪ 80‬ق�سم بالثانوي‬
‫الت�أهيلي‪.‬‬
‫عدم اعتماد التفويج يف املواد التي يفرت�ض فيها ذلك مما ي�ؤثر على جودة التعليم‪.‬‬ ‫•‬

‫• انت�شار الأق�سام امل�شرتكة يف التعليم االبتدائي والذي قد ي�صل �إىل �ضم ‪ 4‬م�ستويات يف ف�صل‬
‫واحد ويبلغ عدد الأق�سام امل�شرتكة بعمالة �سال ‪ 41‬ق�سم ترتكز بالعامل القروي‪.‬‬
‫• نظرا النت�شار ال�سكن املتفرق بالعامل القروي‪ ،‬ف�إن بعد امل�ؤ�س�سات التعليمية وعدم توفر‬
‫التجهيزات واملرافق مبعظمها وغياب النقل ي�ساهم يف انت�شار الت�رسب الدرا�سي وعدم االلتحاق‬
‫يف �صفوف الإناث‪.‬‬
‫• عدد من امل�ؤ�س�سات التعليمية االبتدائية مر�شحة حاليا للإغالق بكل من املري�سة وتابريكت ب�سبب‬
‫�ضعف الطلب يف حني يزداد الطلب يف م�ؤ�س�سات �أخرى مما يدل على �أن التخطيط ال�سابق لتوطني‬
‫وبرجمة الإحداثات مل يكن يخ�ضع لت�شخي�ص دقيق والتوقعات امل�ستقبلية املتو�سطة املدى‪.‬‬
‫‪143‬‬
‫قا�سم النعاميي وعبد اللطيف �شاو�ش‬

‫‪ .4‬حدود اخت�صا�صات اجلماعات الرتابية يف جمال التعليم‬


‫يق�صد باجلماعات الرتابية كل من اجلهات‪ ،‬العماالت والأقاليم واجلماعات‪ ،‬وهي وحدات ترابية‬
‫داخلة يف حكم القانون العام تتمتع بال�شخ�صية املعنوية واال�ستقالل املايل‪.‬‬

‫وقد �أوكل الف�صل ‪ 31‬من الد�ستور للجماعات الرتابية والدولة وامل�ؤ�س�سات العمومية م�س�ؤولية‬
‫تعبئة كل الو�سائل املتاحة لتي�سري �أ�سباب ا�ستفادة املواطنات واملواطنني على قدم امل�ساواة من‬
‫احلق يف احل�صول على تعليم ع�رصي مي�رس الولوج وذوي جودة‪.‬‬

‫واقت�ضى تنزيل هذا التوجه الد�ستوري تبني مبد�أ اجلهوية املتقدمة التي اعتربها الد�ستور الزِمة‬
‫�إجرائية للتجديد‪ ،‬و�رشطا �رضوريا يف نهج تنمية م�ستدامة‪.‬‬

‫وتكر�س هذا التوجيه يف القوانني التنظيمية اجلماعات الرتابية لتمكني خمتلف بقاع اململكة‬
‫ا�ستدراك الت�أخر احلا�صل الوقوف على االختالالت املجالية واقرتاح التدابري والإجراءات الكفيلة‬
‫بتحقيق تنمية جمالية متوازنة‪.‬‬

‫فعلى م�ستوى اجلهات اعتربت املجال�س حكومات القرب و�ألزمت ب�إعداد برامج التنمية‬
‫اجلهوية والت�صاميم اجلهوية لإعداد الرتاب وتنفيذها وتتبعها بهدف حتقيق التنمية املندجمة‬
‫وامل�ستدامة يف جماالت اخت�صا�صاتها الذاتية امل�شرتكة واملنقولة والتي من �ضمنها جند قطاع‬
‫التعليم‪ .‬كما يلزم القانون التنظيمي اجلهات بناء وحت�سني و�صيانة الطرق غري امل�صنفة و�إعداد‬
‫ت�صميم النقل داخل الدائرة الرتابية للجهة‪ .‬من جهة �أخرى متار�س اجلهات اخت�صا�صات م�شرتكة‬
‫مع الدولة تتمثل �أ�سا�سا يف ت�شجيع البحث العلمي التطبيقي‪.‬‬

‫وعلى م�ستوى جمال�س العماالت والأقاليم �أنيطت باملجال�س مهام توفري التجهيزات‬
‫واخلدمات الأ�سا�سية خا�صة يف الو�سط القروي؛ و�إجناز امل�شاريع �أو الأن�شطة التي تتعلق‬
‫�أ�سا�سا بالتنمية االجتماعية؛ وحماربة الإق�صاء واله�شا�شة يف خمتلف القطاعات االجتماعية‪ .‬ومن‬
‫�ضمن االخت�صا�صات الذاتية التي �ألزمت العمالة �أو الإقليم على ممار�ستها جند النقل املدر�سي‬
‫يف املجال القروي؛ و�إجناز و�صيانة امل�سالك القروية؛ وو�ضع وتنفيذ برامج للحد من الفقر‬
‫واله�شا�شة؛ وت�شخي�ص احلاجيات يف جماالت ال�صحة وال�سكن والتعليم‪ .‬كما �أنيطت مبجال�س‬
‫العماالت والأقاليم اخت�صا�صات م�شرتكة مع الدولة تتمثل يف ت�أهيل العامل القروي يف ميادين‬
‫‪144‬‬
‫حدود تدخل اجلماعات الرتابية يف ال�ش�أن الرتبوي‪ :‬حالة جماعة �سال‬

‫ال�صحة والتكوين والبنيات التحتية والتجهيزات؛ وبرامج فك العزلة عن الو�سط القروي‪ .‬يف حني‬
‫تتلخ�ص االخت�صا�صات املنقولة اىل ملجال�س العماالت والأقاليم يف �إحداث التجهيزات والبنيات‬
‫التحتية ذات البعد اجلهوي ومنها تلك املتخ�ص�صة بالتعليم ؛‬

‫وعلى م�ستوى جمال�س اجلماعات تركزت مهام يف تقدمي خدمات القرب و�ضمنها جمال‬
‫التعليم‪:‬‬
‫• يف �إطار االخت�صا�صات الذاتية تخت�ص اجلماعة مبدار�سة وتنفيذ مقت�ضيات ت�صميم التهيئة‬
‫وخمطط التنمية القروية وتقوم ب�إحداث وتدبري املرافق والتجهيزات العمومية الالزمة‬
‫لتقدمي خدمات القرب يف ميادين النقل العمومي احل�رضي؛‬
‫• ويف �إطار االخت�صا�صات امل�شرتكة مع الدولة متار�س اجلماعات �إحداث املكتبات اجلماعية؛‬
‫و�صيانة مدار�س التعليم الأ�سا�سي؛‬

‫كما ميكن للجماعة �إبرام اتفاقيات مع فاعلني من خارج اململكة يف �إطار التعاون الدويل وكذا‬
‫احل�صول على متويالت يف نف�س الإطار بعد موافقة ال�سلطات العمومية طبقا للقوانني والأنظمة‬
‫اجلاري بها العمل‪.‬‬

‫‪ .5‬تدخالت اجلماعات الرتابية لعمالة �سال يف جمال التعليم‬


‫الغر�ض من هذا املحور �إبراز مدى ا�ضطالع اجلماعات ب�أدوارها وممار�سة اخت�صا�صاتها من جهة‬
‫ومن جهة �أخرى‪ .‬مالحظات وخروقات واختالالت خارج املقت�ضيات القانونية ‪:‬‬

‫• على م�ستوى اجلهة‬


‫التزم جمل�س جهة الرباط‪�-‬سال‪-‬القنيطرة بـ ‪:‬‬
‫–  تخ�صي�ص ‪ 80‬مليون درهم يف برنامج التنمية ليونيو ‪ 2017‬لإحداث ‪ 15‬وحدة مدر�سية‬
‫وتوفري ‪ 30‬حافلة للنقل املدر�سي و�إحداث داخليات و�سكنيات للمدر�سني؛‬
‫–  اعتماد ‪ 115‬مليون درهم لالهتمام باملدار�س اجلماعاتية (ال�سكن املدر�سني ‪ ،‬النقل و�إيواء‬
‫التالميذ؛‬
‫‪145‬‬
‫قا�سم النعاميي وعبد اللطيف �شاو�ش‬

‫– تخ�صي�ص منحة التميز لـ ‪ 250‬تلميذ ينحدر من الأو�ساط املتوا�ضعة؛‬


‫– دعم منتدى �سنوي للإعالم والتوجيه بكل �إقليم باعتماد مايل يقدر بـ ‪ 7‬مليون درهم؛‬
‫– جتهيز ‪ 100‬ق�سم خم�ص�ص للتعليم الأويل وجتهيز �أق�سام للفر�صة الثانية؛‬
‫– كما مت االهتمام بالأق�سام التفاعلية النموذجية والدورات الدرا�سية املفتوحة‪.‬‬

‫• على م�ستوى جمل�س العمالة‬

‫تظهر مقررات جمل�س عمالة �سال اهتماما كبريا بقطاع التعليم فقد عمل املجل�س على ‪:‬‬
‫– توقيع ‪ 15‬اتفاقية حول التعليم الأويل و‪ 8‬اتفاقيات حول ت�أهيل امل�ؤ�س�سات‪.‬‬
‫–  �إحداث ‪ 4‬مدار�س جماعاتية باعتبارها مركبات تربوية توفر خدمات مندجمة (الإطعام‪،‬‬
‫الإيواء‪ ،‬والتعلم) وهي خيار ا�سرتاتيجي للحد من ن�سب الهدر املدر�سي والق�ضاء على‬
‫البناء املفكك وحذف الأق�سام امل�شرتكة وحماربة االكتظاظ كما ت�ساهم يف تطوير جاذبية‬
‫امل�ؤ�س�سات التعليمية وت�شجيع تعلم الفتاة تطوير م�ستوى الت�أطري وتر�شيد ا�ستعمال‬
‫املوارد الب�رشية‪.‬‬
‫–  دعم النقل و�إحداث خطوط للنقل احل�رضي خا�ص باملتمدر�سني حيث تدخل جمل�س‪ .‬العمالة‬
‫عن طريق كراء حافالت خا�صة ت�ساهم يف نقل التالميذ بكل من مقاطعتي العيايدة واح�صني‬
‫وجماعات ال�سهول‪ ،‬عامر‪ ،‬وبوقنادل‪.‬‬
‫–  االهتمام بالبنية الطرقية عرب فتح وتعبيد طرق جديدة وتهيئة الطرق وامل�سالك بالعامل‬
‫القروي‪.‬‬
‫–  ت�أهيل بع�ض امل�ؤ�س�سات وبناء باملرافق ال�صحية مب�ؤ�س�سات العامل القروي وقد �شملت هذه‬
‫العملية ‪ 10‬م�ؤ�س�سات تعليمية‪.‬‬

‫• على م�ستوى جمال�س اجلماعات واملقاطعات‬

‫عملت اجلماعات بعمالة �سال يف جمال التعليم على ‪:‬‬


‫• ت�شجيع وتوقيع �رشاكات مع جمعيات املجتمع املدين يف جماالت التعليم الأوىل والإدماج‬
‫وتهيئة املالعب الريا�ضية املدر�سية وتطوير اللغات الأجنبية وت�أهيل امل�ؤ�س�سات التعليمية‪.‬‬
‫‪146‬‬
‫حدود تدخل اجلماعات الرتابية يف ال�ش�أن الرتبوي‪ :‬حالة جماعة �سال‬

‫‪73.557‬‬ ‫• امل�ساهمة يف عملية مليون حمفظة حيث بلغ عدد امل�ستفيدين باالبتدائي‬
‫وبالإعدادي ‪ 1.533‬خالل املو�سم الدرا�سي ‪.2018-2017‬‬
‫• تزويد اخلزانة بالكتب املدر�سية حيث تت�ضمن �أبواب �رصف املخ�ص�ص الإجمايل للمقاطعات‬
‫بنود خا�صة باقتناء لوازم مدر�سية خا�صة بال�سلكني االبتدائي والثانوي و�رشاء كتب‬
‫للمكتبات تخ�ص�ص لها اعتمادات مهمة‪.‬‬
‫• االهتمام بف�ضاء امل�ؤ�س�سات التعليمية خ�صو�صا التبليط وال�صباغة والت�شجري خارج‬
‫امل�ؤ�س�سة‪ .‬يف حني اعترب التدخل داخل امل�ؤ�س�سة حمط مالحظة من طرف املجل�س اجلهوي‬
‫للح�سابات‪.‬‬
‫• برجمة بناء املكتبات واخلزانات وجتهيزها (‪ 13‬م�رشوع بربنامج عمل اجلماعة �سال)‪.‬‬
‫• برجمة ت�أهيل البنية التعليمية عرب �إحداث �أو تو�سيع امل�ؤ�س�سات (‪ 13‬م�رشوع تو�سيع‬
‫وبرجمة ثالث �إحداثات جديدة وكذا برجمة م�شاريع للق�ضاء على البناء املفكك)‪.‬‬
‫• االحتفال ال�سنوي بالتالميذ املتفوقني وتقدمي جوائز قيمة لهم‪.‬‬

‫خال�صـة‬

‫تتميز عمالة �سال بظاهرتني متناق�ضتني‪ :‬جتمع كثيف لل�سكان وال�سكنى و�ضعف الر�صيد العقاري‬
‫االحتياطي بال�رشيط ال�ساحلي من جهة و�ضعف كثافة ال�سكان وتفرق ال�سكن باملجال القروي كما‬
‫�شهد املجال الرتابي للعمالة تعمريا م�ضطربا وع�شوائيا متيز ب�سوء توطني امل�ؤ�س�سات التعليمية‪،‬‬
‫مما يطرح م�شاكل متنوعة يف هذا املجال ويقت�ضي تدخالت متنوعة ل�ضمان العدالة املجالية وتكاف�ؤ‬
‫الفر�ص يف اال�ستفادة من هذا القطاع العمومي‪.‬‬

‫وبناء على االخت�صا�صات املر�صودة للجماعات الرتابية حتاول هذه الأخرية �ضمان �سري مرفق‬
‫التعليم وفق حلدود التدخل القانونية علما �أن �أي م�ساهمة خارج االخت�صا�ص تعترب من طرف‬
‫املجل�س الأعلى للح�سابات اختالال ت�ساءل عليه اجلماعات الرتابية‪ .‬وجتدر الإ�شارة �إىل �أن‬
‫اخت�صا�ص تدبري ال�ش�أن الرتبوي خ�ضع لتفتيت املجال�س مما ي�شكل ارتباطات قد تعرقل بع�ضها‬
‫البع�ض خ�صو�صا حينما تتعار�ض الأولويات بني املجال�س‪ .‬كاخت�صا�ص ت�شخي�ص احلاجيات‬
‫‪147‬‬
‫قا�سم النعاميي وعبد اللطيف �شاو�ش‬

‫معزول قد ي�شكل �إجراءا جمانيا يف حالة عدم اتباعه بقرارات تنزيل االخت�صا�ص امل�شرتك مع‬
‫الدولة‪ .‬كما �أن الت�شخي�ص يعترب مترينا �رضوريا يف �أي جمال وقبل برجمة �أي تدخل بينما امل�رشع‬
‫اعتربه اخت�صا�صا قائما ومنحه ملجال�س العماالت والأقاليم‪.‬‬

‫من جهة حاولت املجال�س الرتابية بعمالة تنزيل وممار�سة جميع االخت�صا�صات وبرجمة تدخالت‬
‫تعك�س وعيا دقيقا مب�شاكل قطاع الرتبية‪.‬‬

‫املراجــــع‬
‫‪ .1‬وثائق ر�سمية‬
‫من�شورات املجلة املغربية للإدارة املحلية والتنمية‪ ،‬الد�ستور اجلديد للمملكة املغربية‪� ،‬سل�سلة‬
‫ن�صو�ص ووثائق‪ ،‬دار الن�رش املغربية‪ ،‬الدار البي�ضاء‪.2011 ،‬‬

‫املديرية العامة للجماعات املحلية (‪: )2016‬‬


‫– القانون التنظيمي رقم ‪ 111/14‬املتعلق باجلهات‪.‬‬
‫– القانون التنظيمي رقم ‪ 112/14‬املتعلق بالعماالت والأقاليم‪.‬‬
‫– القانون التنظيمي رقم ‪ 113/14‬املتعلق باجلماعات‪.‬‬
‫‪ .2‬حما�ضر وتقارير‬
‫جمل�س جهة الرباط �سال القنيطرة‪ ،‬موجز برنامج التنمية اجلهوية‪.2017 ،‬‬
‫املديرية الإقليمية للرتبية والتكوين ب�سال‪ ،‬خمرجات اخلريطة الرتبوية التوقعية ‪،2019-2018‬‬
‫م�صلحة التخطيط‪.2018 ،‬‬
‫جمل�س عمالة �سال‪ ،‬تقارير الدورات لفرتة ‪.2018-2015‬‬
‫جمال�س جماعات �سال بوقنادل عامر وال�سهول‪ ،‬تقارير الدورات ‪.2018-2015 ،‬‬

‫‪� .3‬أطاريـــح‬
‫�آ�سية لواحدي و�آخرون‪ ،‬مدى متكن املبادرة امللكية مليون حمفظة من التخفيف من نزيف الهدر‬
‫املدر�سي‪-‬عمالة �سال منوذجا‪ .‬بحث لنيل دبلوم م�ست�شار يف التخطيط الرتبوي‪.2018 ،‬‬

‫‪148‬‬
‫التدبري الالمركزي لقطاع التعليم العايل ‪:‬‬
‫الواقع والآفاق‬
‫نادية جامع‬

‫ملخ�ص‬
‫عرف النظام التعليمي عدة تغريات يف نهج الالمركزية على م�ستوى تدبري املنظومة التعليمية ككل‬
‫وعلى قطاع التعليم العايل خا�صة‪ .‬ورغم اللجوء �إىل �شكل خمفف للمركزية الإدارية بنهج �سيا�سة‬
‫الالمتركز والالمركزية الإدارية لتخفيف الأعباء عن الإدارة وتقريب م�ستويات اتخاذ القرار من‬
‫املرتفقني واتخاذ عدة تدابري و�إجراءات مل�صاحبة جتربة اجلهوية للتعليم العايل و�إر�ساء هياكلها‬
‫وو�ضع هند�سة جديدة‪ ،‬تت�سم مبنح اجلامعات املغربية نوعا من اال�ستقاللية يف الت�سيري وخلق‬
‫�آليات جديدة على امل�ستوى اجلهوي‪ ،‬ال�شيء الذي كان له الأثر البالغ على م�سار الإجنازات‪ ،‬لكنها‬
‫ما انفكت مطبوعة باملفارقات احلا�صلة بني اخلطاب الر�سمي امل�س�ؤول عن التعليم وما ينجز على‬
‫�أر�ض الواقع‪.‬‬

‫تقدمي‬
‫تعترب الالمركزية �أكرب هاج�س �ضمن ال�سيا�سة التعليمية نظرا لطبيعة العملية الرتبوية التي‬
‫تقت�ضي التواجد الفعلي والقرب من البنيات اجلهوية واملحلية‪ .‬كما يرجع هذا النهج بالأ�سا�س‬
‫�إىل خا�صية وطبيعة هذا القطاع‪ ،‬باعتباره قطاعا اجتماعيا ي�ستلزم �أن تكون فيه العملية التعليمية‬
‫مندجمة بق�ضايا وم�شكالت املجتمع اليومية لتح�سني التفاعل الإيجابي بني املجتمع وامل�ؤ�س�سة‬
‫الرتبوية‪.‬‬

‫ويف هذا ال�سياق ال يتوقف جناح التعليم العايل يف �أداء ر�سالته نحو حتقيق التنمية االقت�صادية‬
‫‪1‬‬

‫واالجتماعية على وفرة الإمكانات والأموال املتاحة له فقط‪ ،‬بل �أي�ضا على ح�سن اختيار امل�سار‬
‫الالمركزي يف تدبري القطاع بعد تخويل اجلامعات ا�ستقاللية يف الت�سيري وتدبري املوارد املالية‬
‫نادية جامع‬

‫والب�رشية املر�صودة لها‪ ،‬كل ذلك بهدف التقلي�ص من حدة الفوارق االقت�صادية واالجتماعية‬
‫بتحريك دينامية جهوية تخطيطية هادفة ومعقلنة‪ ،‬تدعو يف نف�س الوقت �إىل التكامل والتكافل مع‬
‫باقي اجلهات‪.‬‬

‫فاملهمة الرتبوية امللقاة على عاتق اجلامعات لي�ست �سوى جانب واحد من العملية برمتها‪،‬‬
‫�أما اجلانب الآخر والأ�سا�سي فيها فهو القدرة على التدبري واالنخراط بعزم يف جهود التنمية‬
‫اجلهوية املو�سعة‪ ،‬حيث �ستغذو وظائفها يف امل�ستقبل �أداة ا�سرتاتيجية ال غنى عنها يف خمططات‬
‫التنمية اجلهوية‪� .‬إال �أن ذلك يتطلب القيام ب�إجراءات �أولية وعلى ر�أ�سها جتميع الإدارات امل�رشفة‬
‫على م�ؤ�س�سات التعليم والبحث العلمي وب�إحداث �آليات فاعلة للتن�سيق بني خمتلف امل�ستويات‬
‫والأ�صناف التعليمية ويف نف�س الوقت يجب �إدماج الن�سق الرتبوي يف �إطار اال�ستقاللية وتطبيق‬
‫�أدوات التقومي الناجعة‪ ،‬مما �سي�سمح لهذه املكونات من فعالية جديدة كليا من حيث امل�صداقية‬
‫والقدرة على التحكم يف م�صريها‪ .‬ومن هذا املنطلق �سنحاول �أن نتعمق يف درا�ستنا من خالل‬
‫الإجابة عن الإ�شكالية املحورية التالية ‪ :‬ما هي الآليات الناجعة التي من �ش�أنها �أن تفعل الالمركزية‬
‫اجليدة يف تدبري قطاع التعليم اجلامعي؟‬

‫للإجابة عن هذا ال�س�ؤال يفر�ض علينا الأمر �ضبط التطور الذي عرفه القطاع على م�ستوى هذا‬
‫التدبري الالمركزي للمجال‪ ،‬هذا ال يعني الإ�سهاب يف ذكر جميع املحطات‪ ،‬بل �سنكتفي بالأهم‬
‫منها والتي �أترث على تدبري القطاع‪ .‬لهذا كان البد من تتبع �سريورة �إقرار هذا النهج وامتداداته‬
‫الإيجابية يف قطاع التعليم العايل وكل هذا �سنحاول التعرف عليه يف (املبحث الأول)‪ .‬ثم بعد‬
‫ذلك �سنعمل بفتح النقا�ش عن �آليات حتقيق التدبري اجلهوي على م�ستوى قطاع التعليم العايل‬
‫(املبحث الثاين)‪.‬‬

‫املبحث الأول‪ :‬واقع التدبري الالمتمركز للتعليم العايل‬

‫�إذا نظرنا �إىل امل�شهد التنظيمي الرتبوي ككل‪ ،‬جنده عرف عدة تغريات يف نهج املركزية منذ فجر‬
‫اال�ستقالل‪ ،‬هذا النهج الذي �أدى �إىل تفاقم اختالالت وا�سعة انعك�ست على م�ستوى ت�سيري املنظومة‬
‫التعليمية‪ .‬ورغم اللجوء �إىل �شكل خمفف للمركزية الإدارية بنهج �سيا�سة الالمتركز الإداري‬
‫لتخفيف الأعباء عن الإدارة املركزية وتقريب م�ستويات اتخاذ القرار من املرتفقني �إال �أن هذه‬
‫ال�سيا�سة مل تعط ما كان منتظرا منها ب�سبب تظافر عدة عوامل‪ ،‬ال�شيء الذي جعل ال�سلطات‬
‫‪150‬‬
‫التدبري الالمركزي لقطاع التعليم العايل‪ :‬الواقع والآفاق‬

‫الو�صية على القطاع تنهج �سيا�سة متنح هام�ش من املبادرة واال�ستقاللية و�إمكانية تفاعل املنظومة‬
‫الرتبوية مع حميطها االقت�صادي واالجتماعي والثقايف وهذا ما ن�ص عليه امليثاق الوطني للرتبية‬
‫والتكوين حيث خ�ص�ص ‪ % 30‬للربامج اجلهوية‪.‬‬

‫وال�س�ؤال الذي يطرح نف�سه‪ ،‬هو‪ :‬على �أي �أ�سا�س تنبني املرجعيات التي تدعو �إىل الالمركزية يف‬
‫تدبري ال�ش�أن التعليمي ؟ وللإجابة عن هذا ال�س�ؤال يفر�ض علينا الأمر �ضبط التطور الذي عرفه‬
‫القطاع على م�ستوى هذا املجال‪ ،‬هذا ال يعني الإ�سهاب يف ذكر جميع املحطات‪ ،‬بل �سنكتفي بالأهم‬
‫منها والتي �أترث على تدبري القطاع‪ .‬لهذا كان البد من عر�ض دواعي �إقرار هذا النهج وامتداداته‬
‫يف قطاع التعليم العايل‪.‬‬

‫املطلب الأول‪ :‬دواعي نهج التدبري الالمركزي يف ال�ش�أن التعليمي‬

‫�أثبتت التجارب التنموية �أن اجلانب الإداري من �أهم اجلوانب التي يجب �أخذها بعني االعتبار عند‬
‫التفكري يف تنفيذ خطط التنمية لأي قطاع من قطاعات التنمية‪ ،‬فالنظرة �إىل الر�أ�س املال كمحور‬
‫للتنمية نظرة تقليدية تال�شت من الأذهان‪ ،‬حيث �أ�صبحت النظرة املعا�رصة تتمثل يف ‪ :‬العن�رص‬
‫الب�رشي والإدارة امل�ؤهلة والتوجيه ال�سيا�سي امل�ساعد على حتقيق التنمية‪ .‬فنحن �إذا نظرنا �إىل‬
‫التقدم والتخلف وهما الوجهان املتناق�ضان للحياة يف ع�رصنا هذا‪ ،‬لوجدنا الفرق بينهما الإدارة ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫وعندما ننظر �إىل واقع الإدارة التعليمية يف املغرب ف�إننا جند �أنها بال �شك قد �ساهمت م�ساهمة‬
‫‪3‬‬

‫فعالة يف ف�شل �إدارة وتوجيه وتطوير �سيا�سة التعليم‪ ،‬لنجدها تواجه عدد من ال�صعوبات حتد‬
‫من فعاليتها‪ .‬وفيما يلي نفتح النقا�ش عن �أهم امل�شكالت التي تعاين منها الإدارة التعليمية والتي‬
‫ت�ستدعي مواجهتها لإجناح عملية التدبري الالمركزي القطاع‪.‬‬

‫الفرع الأول‪ :‬مظاهر التخلف الإداري املت�صل بن�شاط الإدارة‬


‫‪ .1‬عدم اال�ستقرار التنظيمي‬
‫عند النظر يف التنظيم الإداري للقطاع عرب �سنوات م�ضت‪ ،‬جنده متيز بعدم اال�ستقرار منذ‬
‫اال�ستقالل �إىل يومنا هذا‪ ،‬فهي خا�صية من تعاقبوا على ر�أ�س وزارة التعليم ب�شكل دوري ومثري‬
‫بني �سنتي ‪ 1955‬و‪ 2018‬حيث بلغ عددهم ‪ 34‬وزيرا و‪ 4‬كتاب الدولة �أو نائب كاتب الدولة‪،‬‬
‫‪151‬‬
‫نادية جامع‬

‫�إ�ضافة �إىل عدم ا�ستقرار هيكلة القطاعات احلكومية املكلفة بق�ضايا الرتبية والتكوين التي عرفت‬
‫با�ستمرار حتوالت كابحة ومعطلة مركزيا وجهويا و�إقليميا‪ ،‬مع ما يرافق الأمر من تنازع حول‬
‫االخت�صا�صات و�إرباك عدد من الإ�صالحات القطاعية وعدم و�ضوح امل�س�ؤولية الإدارية املتناثرة‬
‫بني املتدخلني هم دوما يف و�ضعية انتقالية‪ .‬ولهذا كان هذا املرفق ي�سند تارة �إىل وزارة واحدة‬
‫�أو يتم تق�سيمه ح�سب الأطوار الدرا�سية �إىل وزارتني �أو ثالثة �أو �أربعة‪� ،‬إ�ضافة �إىل �إ�سناد بع�ض‬
‫االخت�صا�صات امل�شابهة واملكملة �إىل وزارات �أخرى‪.‬‬

‫و�إذا نظرنا �إىل الهيكلة التي مت اعتمادها عقب اال�ستقالل جند �أن بعد ت�شكل �أول حكومة مغربية‪،‬‬
‫مت �أول �إ�صالح للإدارة التعليمية ما بعد اال�ستقالل بتحويل مديرية التعليم التي �أن�ش�أتها احلماية‬
‫�إىل وزارة للتعليم العمومي والفنون اجلميلة‪ ،‬ومت االحتفاظ بامل�صالح الإدارية القدمية‪ ،‬وعرفت‬
‫الوزارة �أول هيكلة تنظيمية ر�سمية خالل �سنة ‪ 19594‬حيث تعر�ض هذا التنظيم النتقادات حادة‬
‫من طرف جلنة الرتبية للمخطط اخلما�سي ‪.1964-1960‬‬

‫�أما الإدارة الإقليمية للتعليم فتكونت من ع�رشة مفو�ضيات �إقليمية كما مت �إحداث مفت�شيات جهوية‬
‫ممركزة باملدن الكربى للمملكة مبوجب القرار الوزاري ال�صادر يف ‪ 04‬يونيو ‪ ،1959‬وقد عرب‬
‫هذا الإ�صالح عن تطور نحو النزعة التوجيهية واملركزية يف القرار وهيمنة العالقات العمودية‬
‫بني امل�صالح‪ ،‬مما نتج عنه بطء يف العمل وهذا ما مهد لإ�صالح ‪ 1964‬الذي مل يخلو بدوره من‬
‫تركيز ل�سلطة القرار بيد الوزارة الو�صية على القطاع بغاية ت�سهيل عملية اتخاذ وتنفيذ القرارات‪،‬‬
‫ومتثل هذا الرتكيز يف �إحداث ثالث هيئات جديدة هي نيابة كتابة الدولة يف التعليم الثانوي والتقني‬
‫والتكوين املهني وتكوين الأطر ونيابة كتابة الدولة يف التعليم االبتدائي ومفت�شية �إدارية عامة‪.‬‬
‫وعرفت �سنة ‪� 1965‬إ�صالحا متثل يف �إ�ضافة مهام تدبري �ش�ؤون ال�شباب والريا�ضة والفنون‬
‫اجلميلة �إىل وزارة الرتبية الوطنية مما حوله �إىل �أ�ضخم جهاز يف احلكومة‪ ،‬لكن ما لبثت هذه املهام‬
‫�أن توزعت على �إثر املناه�ضة ال�شعبية التي قادها حزب اال�ستقالل �ضد ما �سمي باملذهب التعليمي‬
‫لوزير الرتبية الوطنية �آنذاك �إدري�س بنهيمة‪� ،‬إذ عرف املغرب على �إثر ذلك تعديلني وزاريني حيث‬
‫‪5‬‬

‫انتزعت الوزارة من ال�سيد بنهيمة و�سلمت لل�سيد عبد الهادي بوطالب‪� ،‬أما التق�سيم الثاين الذي‬
‫كان نتيجة ت�ضخم م�شاكل القطاع فقد متيز بتق�سيم وزارة الرتبية الوطنية �إىل �أربع وزارات يف‬
‫يوليوز ‪ 1968‬ثم �إىل ثالث وزارات يف غ�شت ‪ 1969‬وهي وزارة التعليم االبتدائي ووزارة التعليم‬
‫الثانوي والتقني والعايل وتكوين الأطر ووزارة التعليم الأ�صيل وال�ش�ؤون الثقافية ‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫‪152‬‬
‫التدبري الالمركزي لقطاع التعليم العايل‪ :‬الواقع والآفاق‬

‫وقد برر امللك ح�سن الثاين رحمه اهلل يف خطاب العر�ش  ب�أن ‪« :‬وزارة الرتبية الوطنية كانت وزارة‬
‫‪7‬‬

‫�شا�سعة الأطراف م�رصوفة النظر �إىل التعليم ب�أكمله ويف خمتلف مراحله وم�ستوياته وجتابه‬
‫العقبات التي يقيمها التعليم العايل يف الطريق فكانت �أعباء الوزارة ثقيلة وم�شاكل التعليم متعددة‬
‫وم�س�ؤولية وزير وحده م�س�ؤولية ج�سيمة فق�صدنا بتق�سيم الوزارة �أن ي�ضطلع كل وزير بجزء من‬
‫مهام التعليم‪ ،‬ويف�ض الن�صيب اخلا�ص به من امل�شاكل ويوجه عنايته كلها �إىل الفرع الذي �أ�سند‬
‫�إليه بيد �أن تعيني وزراء ثالثة ال يعني عدوال عن الأهداف التي نتوخها من تعليمنا وال ان�رصاف‬
‫عن املبادئ التي يرتكز عليها»‪.‬‬

‫غري �أن هذه الهيكلة مل ت�ستقر �أي�ضا حيث مت تق�سيم الإدارة �إىل �إدارتني الأوىل للتعليم االبتدائي‬
‫والثانوي والثانية للتعليم العايل وهكذا توالت التق�سيمات والإ�صالحات �إىل �أن قامت بتطبيق نظام‬
‫جديد ابتداء من �سنة ‪ ،1998‬حيث متثل يف �إقرار بنية وفق الأ�سلوب العمودي الذي ي�ساير الأ�سالك‬ ‫‪8‬‬

‫التعليمية م�شكلة من ثالث جمموعات �إدارية متكاملة تعمل مببادئ التب�سيط وال�شفافية‪ .‬فقد �أنيط‬
‫املر�سوم املتعلق باخت�صا�صات قطاع الرتبية والوطنية مهام‪� :‬إعداد وتنفيذ �سيا�سة احلكومة يف‬
‫‪9‬‬

‫جمال التعليم الأويل واالبتدائي والثانوي وتكوين الأطر التعليمية والأق�سام التح�ضريية لولوج‬
‫املدار�س العليا و�أق�سام حت�ضري �شهادة التقني العايل كما ت�سهر على االرتقاء بالتعليم املدر�سي‬
‫اخل�صو�صي و�إعداد �سيا�سة احلكومة يف جمال الرتبية للجميع لفائدة الأطفال غري املمدر�سني‬
‫واملنقطعني عن الدرا�سة وت�شتمل الإدارة املركزية للقطاع بالإ�ضافة �إىل كتابة عامة ومفت�شية عامة‬
‫للرتبية والتكوين وعلى ت�سع مديريات ومركز لتجديد الرتبية‪ ،‬و�أما قطاع التعليم العايل فقد �أنيط‬
‫به مهمة‪� :‬إعداد وتنفيذ ال�سيا�سة احلكومية يف ميدان التعليم العايل اجلامعي وتكوين الأطر والبحث‬
‫العلمي ‪ .‬وعقب تن�صيب حكومة جطو �سنة ‪ 2003‬توحد التعليم يف وزير الرتبية الوطنية والتعليم‬ ‫‪10‬‬

‫العايل والبحث العلمي ي�رشف على كافة �أ�صناف ال�ش�أن التعليمي‪ .‬وقد احتفظت حكومة عبا�س‬
‫الفا�سي بتوحيد القطاع بوزير للرتبية الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي‬
‫وكاتبة للدولة مكلفة بالتعليم املدر�سي‪ .‬ويف عهد حكومة بنكريان مت �إعادة تق�سيم قطاع التعليم‬
‫�إىل وزارتني‪ :‬وزارة الرتبية الوطنية ووزارة التعليم العايل والبحث العلمي وتكوين الأطر ‪� .‬أما‬
‫‪11‬‬

‫يف حكومة العثماين فقد مت توحيده مرة �أخرى بوزير للرتبية الوطنية والتكوين املهني والتعليم‬
‫العايل والبحث العلمي وكاتب للدولة مكلف بالتعليم العايل والبحث العلمي‪.‬‬
‫‪153‬‬
‫نادية جامع‬

‫‪ .2‬هيمنة التمركز والتحكم‬

‫ن�شري ب�أن النظام الرتبوي املغربي يعترب من الأنظمة الأكرث متركزا ‪ ،‬هاته املركزية التي تتمثل يف‬
‫‪12‬‬

‫الت�سيري الأفقي للوزارة وتداخل االخت�صا�صات بني خمتلف امل�صالح‪ ،‬مما ي�ؤدي �إىل جتزئة ال�سلطة‬
‫ويجعالن من ال�صعب تنفيذ كثري من العمليات‪ ،‬كما �أن الت�سيري العام للوزارة يطغى عليه اجلانب‬
‫الإداري‪ ،‬وعلى م�ستوى الأقاليم فتنح�رص مهمة امل�صالح املختلفة يف دور التنفيذ وهذا ناجت عن‬
‫املركزية التي تطبع التنظيم الإداري للتعليم ‪ .‬حيث الهيكلة الإدارية تعتمد على الكم على ح�ساب‬
‫‪13‬‬

‫الكيف وهو ما يف�رس العدد الكبري للمديريات والأق�سام وامل�صالح التابعة‪ ،‬ال�شيء الذي ت�سبب يف‬
‫تداخل االخت�صا�صات واملهام‪ ،‬وغياب التن�سيق بينها من جهة وبينها وبني امل�صالح اخلارجية من‬
‫جهة �أخرى‪ ،‬وبني هذه الأخرية وامل�ؤ�س�سات التعليمية من جهة �أخرى‪ .‬وعلى م�ستوى امل�ؤ�س�سات‬
‫التعليمية جند �أن دور الإدارة مبختلف جمال�سها يبقى ا�ست�شاريا دون ا�ستقاللها ‪.‬‬
‫‪14‬‬

‫ليبقى دور الوزير يتمثل يف تنفيذ ال�سيا�سة التعليمية �إ�ضافة �إىل الت�سيري العام للوزارة‪ ،‬ويالحظ‬
‫�أن بع�ض العمليات املهمة حمليا ما زالت يف يد الوزارة كالتخطيط والتدبري ‪ ،‬فالتخطيط مازال‬
‫‪15‬‬

‫يتم بطريقة عمودية‪ ،‬وبلغة الأرقام يتمظهر منطق مركزة تدبري االعتمادات يف الن�سب ال�ضعيفة‬
‫ل�رصفها والتي ال تتعدى �أحيانا ‪ % 50‬بحيث تكر�ست يف ظل تزايد التحديات و�أوجه الإنفاق‬
‫العمومي مفارقة غريبة تتمثل يف عدم ا�ستهالك الكامل لالعتمادات على امل�ستوى الكمي للأهداف‬
‫املر�سومة (يف �إطار الربنامج اال�ستعجايل ظلت ن�سب تنفيذ االعتمادات املمنوحة لها متوا�ضعة‬
‫حيث �سجلت ن�سبة التزام حتى نهاية ‪ % 39 ،2011‬من ميزانية الت�سيري‪ ،‬و‪ % 83‬من ميزانية‬
‫اال�ستثمار )‪ ،‬وبالتايل عدم تلبية متطلبات تطوير التعليم‪ ،‬وهو ما يف�ضي �إىل �رصف امليزانية‬
‫‪16‬‬

‫ب�صفة غري م�ستهدفة ال �سيما يف ال�شهور الأخرية بهدف تربير ح�صة االعتمادات املح�صل عليها‪.‬‬

‫وعلى م�ستوى نهج املركزية وانعكا�سها على قطاع التعليم فيمكن القول �أن ثقل املركزية قد‬
‫حال دون حتقيق الأهداف املر�سومة للرتبية والتكوين‪� ،‬إذ الحظ كثري من الباحثني �أن البنية‬
‫التي ركزت ال�سلطة يف يد الوزير لتخول له �صالحية اتخاذ القرار �شكلت عائقا يف وجه التن�سيق‬
‫ودينامية الت�سيري ‪ .‬كما �أن م�س�ألة �أن ر�ؤ�ساء اجلامعات ور�ؤ�ساء امل�ؤ�س�سات اجلامعية وكذلك‬
‫‪17‬‬

‫مدراء الأكادمييات والنواب الإقليمني يعينون يف منا�صبهم وال يتم انتخابهم فهم ميثلون الوزارة‬
‫الو�صية‪ ،‬وبالتايل ف�إن عملهم يف الت�سيري يبقى امتدادا لعمل الإدارة املركزية ‪ .‬كما �أن الوزارة‬
‫‪18‬‬

‫الزالت حتتكر م�سطرة ت�شغيل الأ�ساتذة والأطر يف الوقت الذي كان من الأجدى �أن تكون هذه‬
‫العملية بيد امل�ؤ�س�سات التعليمية‪ .‬ويرتتب عن هذا �أن بع�ض امل�ؤ�س�سات تنتظر ل�شهور عدة قدوم‬
‫‪154‬‬
‫التدبري الالمركزي لقطاع التعليم العايل‪ :‬الواقع والآفاق‬

‫الأ�ساتذة ب�إر�سال املوافقة على التعيني من الوزارة‪ .‬هذا الو�ضع جعل النهج املركزي ينعك�س على‬
‫�أ�سلوب تدبري امللفات من حيث ال�رسعة يف تنفيذ القرارات حيث ي�صف اجلميع الإدارة التعليمية‬
‫ب�إدارة ثقيلة وبطيئة وب�ضخامة جهازها‪ .‬وقد ظل يتجلى هذا التو�سع الإداري يف ت�ضخم عدد‬
‫العاملني يف الإدارة التعليمية وت�ضخم هياكلها‪� ،‬إذ تبلغ ن�سبة املوظفني واملوظفات بالإدارة املركزية‬
‫حوايل ‪ %20‬من جمموع العاملني بالإدارة‪ ،‬هذا علما �أنها ت�ستوعب ‪ %73‬من ن�سبة ال�ساكنة‬
‫الن�شيطة ‪.‬‬
‫‪19‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬مظاهر التخلف اجلهاز الإداري املت�صلة بالأفراد‬

‫التطور احلا�صل يف وظائف واخت�صا�صات القطاع مل يواكبه تطور يف البنيات الإدارية‪ ،‬ويف‬
‫ت�أهيل املوارد الب�رشية لالخت�صا�صات اجلديدة مما نتج عنه عدم قدرة الإدارة التعليمية على‬
‫حتمل الأعباء الإدارية املتزايدة خا�صة مع ازدياد عدد املوظفني‪ ،‬مما انعك�س �سلبا على اجلودة‬
‫واملردودية‪ ،‬الأمر الذي يتطلب �إعادة النظر يف �رضورة ت�أهيل املوارد الب�رشية لتواكب وتدمج يف‬
‫الإ�صالحات التعليمية ويف التدبري اجليد للموارد املالية‪ ،‬فهي الوحيدة القادرة على ف�شل �أو جناح‬
‫العملية املالية يف �أي جمال من جماالت القطاع‪ .‬كما تعمل املركزية على تقلي�ص الإمكانيات الدائمة‬
‫الذاتية واملبادرات ال�شخ�صية للعاملني يف الفروع مما ينتج عنه جتميد املحاوالت االبتكارية‪ .‬لكون‬
‫املركزية هي امل�ستبدة بالتعليمات والتوجيهات ‪.‬‬
‫‪20‬‬

‫ومن املالحظ �أي�ضا �أن هناك ق�صورا يف جمال الدرا�سات اخلا�صة بتطوير الهياكل والدرا�سات‬
‫الرتبوية التي يحتاجها �صانع القرار‪ ،‬حتى يتمكن من �إحداث التغريات الإدارية الالزمة لإدارة‬
‫النظام التعليمي بفعالية‪ ،‬لأن التطور يف الهياكل وال�سيا�سات التنظيمية الإدارية الرتبوية لي�س‬
‫عملية ع�شوائية‪� ،‬إمنا تنبع يف الأ�صل من الدرا�سات والأبحاث العلمية‪.‬‬

‫�إن امل�شاكل الآنفة الذكر لي�ست هي امل�شاكل الوحيدة التي تواجه الإدارة التعليمية‪� ،‬إذ يوجد الكثري‬
‫منها والتي يت�صل بع�ضها باملعيقات التي تعرفها الإدارة املغربية ككل‪ ،‬واملتعلقة خا�صة بانت�شار‬
‫الف�ساد الأخالقي بني �أفراد الإدارة من ر�شوة وا�ستغالل النفوذ والتغيب عن العمل وغريها‪،‬‬
‫من هنا ف�إن حل هذه امل�شاكل يبقى مرتبط بحل م�شاكل التنظيم الإداري املغربي على العموم‪،‬‬
‫والإ�رساع يف تنفيذ التدبري اجلهوي املو�سع على اخل�صو�ص‪.‬‬
‫‪155‬‬
‫نادية جامع‬

‫املطلب الثاين‪ :‬نهج التدبري الالمتمركز يف ال�ش�أن التعليمي‬

‫�إن واقع الإدارة التعليمية باملغرب‪ ،‬كما �سبق �أن ر�أينا‪ ،‬يت�سم باختالالت ظلت تعرتي اجلهاز على‬
‫خمتلف امل�ستويات‪ ،‬يف مقابل ذلك هناك مواطن قوة توفر للإدارة �إمكانية وا�سعة لالنخراط يف‬
‫م�سل�سل الإ�صالح املن�شود حيث امل�شهد ال�سيا�سي �أ�صبح ي�ؤكد عمليا االختيار اجلهوي كنهج‬
‫ال حميد عنه‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل اال�ستعداد ملواجهة حتوالت وتطورات هامة يف تاريخ املغرب‪.‬‬

‫الفرع الأول‪ :‬مرحلة عدم التمركز يف قطاع التعليم العايل‬

‫عرف التعليم اجلامعي مع بداية اال�ستقالل حت ّول جمموعة من امل�ؤ�س�سات اجلامعية التي �أن�شئت‬
‫يف عهد احلماية �إىل كليات ومعاهد علمية‪ ،‬كما ّمت �إحداث م� ّؤ�س�سات �أخرى‪� ،‬إال �أن الذي لوحظ‬
‫متركز �أغلب هذه امل�ؤ�س�سات بالعا�صمة الرباط؛ حيث احت�ضنت هذه الأخرية منذ �سنة ‪1957‬‬ ‫‪21‬‬

‫جمموعة من الك ّليات واملعاهد‪ .‬ويف �سنة ‪ 1970‬عقد حوار �إفران الوطني الأول (�أو ما عرف‬
‫مبناظرة يفرن الأوىل) خ�ص�ص لدرا�سة ق�ضايا التعليم‪ ،‬ومتخ�ض عن هذا احلوار �إ�صالحات هامة‬
‫وتقرر لأول مرة فتح م�ؤ�س�سات خارج الرباط‪.‬‬

‫وهكذا مت ر�سميا التخلي عن املركزية اجلامعية بالالمركزية يف امل�ؤ�س�سات كمرحلة يفر�ضها منطق‬
‫التطور‪ ،‬ف�صدر ظهري ‪� 10‬شوال ‪� 10( 1395‬أكتوبر ‪ )1975‬الذي ين�ص على �إحداث �ست جامعات‬
‫وهي‪ :‬جامعة حممد اخلام�س بالرباط وجامعة احل�سن الثاين بالدار البي�ضاء وجامعة �سيدي‬
‫حممد بن عبد اهلل بفا�س وجامعة قا�ضي عيا�ض مبراك�ش وجامعة حممد الأول بوجدة والقرويني‬
‫بفا�س كما حددت امل�ؤ�س�سات التي �ستكون تابعة لها‪ .‬وبعد �صدور ظهري ‪ 25‬فرباير ‪ 1975‬الذي‬
‫‪22‬‬

‫�شكل �أول �إ�صالح �شامل للتعليم العايل‪ ،‬بعد احل�صول على اال�ستقالل‪ ،‬حيث مل ت�سبقه �إال بع�ض‬
‫الن�صو�ص اجلزئية املنظمة للدرا�سة ببع�ض امل�ؤ�س�سات اجلامعية املحدثة يف فرتة احلماية �أو بع�ض‬
‫الكليات واملعاهد التي �أحدثت بعد نهاية اال�ستعمار كانت تخ�ضع لت�سيري مركزي من طرف الإدارة‬
‫املكلفة بالتعليم العايل‪.‬‬

‫وبالفعل ف�إن الإرث التاريخي املتعلق بتمركز الإدارة كان له �أثر �سلبي وذلك برتكيز ال�سلط يف‬
‫املركز و�إق�صاء الأطراف امل�شاركة يف �صناعة القرارات يف امل�ستويات املحلية واجلهوية ‪ .‬فالقطاع‬
‫‪23‬‬

‫عانى ول�سنوات عديدة من مركزة القرار وثقل الدواليب الإدارية‪ ،‬مما �ساهم يف عرقلة حتقيق‬
‫الأهداف امل�سطرة وبالتايل تدهور ن�سبة كبرية من النفقات املر�صودة‪ ،‬يف حني �أن من متطلبات‬
‫‪156‬‬
‫التدبري الالمركزي لقطاع التعليم العايل‪ :‬الواقع والآفاق‬

‫التغيري‪ ،‬يفر�ض �رضورة فك انغالق الإدارة ‪ ،‬وهذا ما حاول امليثاق الوطني التن�صي�ص عليه‪،‬‬
‫‪24‬‬

‫فهل جنح يف حتقيق مبتغاه؟‬

‫الفرع الثاين ‪ :‬جتربة اجلهوية يف قطاع التعليم العايل‬

‫�سعيا للق�ضاء على االختالالت عملت الوزارة على اتخاذ العديد من الإجراءات بغية الرفع من‬
‫جناعة الت�سيري الإداري للمنظومة الرتبوية ملا له من عالقة وطيدة مبردودية النظام الرتبوي ب�شكل‬
‫عام‪ .‬وذلك عن طريق �إ�صدار امليثاق الوطني للرتبية والتكوين الذي هدف �إىل �إعادة ن�رش املوظفني‬
‫وتزويد امل�صالح الإدارية والرتبوية بو�سائل العمل احلديثة وتوثيق التوا�صل بينها بو�ضع‬
‫�شبكة للتوا�صل ولتبادل املعلومات‪� .‬إذن عرف هذا النهج اجلهوي تطورا نوعيا بعد تبني امليثاق‬
‫الوطني للرتبية والتكوين الذي دعا �إىل خلق وحدات جهوية للرتبية والتكوين يناط بها تدبري‬
‫املنظومة الرتبوية على امل�ستويني اجلهوي واملحلي‪ ،‬ومما نتج عنه منح اجلامعات املغربية نوع من‬
‫اال�ستقاللية يف الت�سيري وخلق �آليات جديدة على امل�ستوى اجلهوي‪.‬‬

‫من هنا جاء «امليثاق الوطني للرتبية والتكوين» حماوال الإجابة عن ال�س�ؤال اجلوهري‪ :‬ما ال�سبيل‬
‫لتكري�س اجلهوية يف قطاع التعليم العايل ؟‬

‫لقد اعترب «امليثاق الوطني للرتبية والتكوين» يف حينه من طرف العديد من اخلرباء والباحثني‬
‫م�رشوعا تغيرييا يف فك التمركز الذي يعرفه‪ ،‬ومرجعية موجهة وم�ؤطرة لإ�صالح النظام الرتبوي‬
‫على امتداد ع�رش �سنوات‪.‬‬

‫وتعترب الالمركزية �إحدى التو�صيات الأ�سا�سية للميثاق الوطني للرتبية والتكوين‪ ،‬الذي ن�ص‬
‫على التقلي�ص من االخت�صا�صات الت�سيريية والتدبريية للإدارة املركزية‪ ،‬والدعوة �إىل االرتقاء‬
‫باجلامعة �إىل م�ستوى م�ؤ�س�سة مندجمة املكونات‪ ،‬ذات ا�ستقالل مايل فعلي و�شخ�صية علمية‬
‫وتربوية متميزة‪ ،‬وتنظم على �صعيد اجلامعة اجلذوع امل�شرتكة واجل�سور‪ ،‬وم�شاريع البحث‬
‫املتعددة التخ�ص�ص التي متكن من جلب موارد �إ�ضافية‪ ،‬وت�ستعمل هذه املوارد على الوجه الأمثل‬
‫ويتم ح�سن توزيعها على جميع امل�ؤ�س�سات التابعة للجامعة �أو املرتبطة بها‪� ،‬أو الفاعلة معها يف �إطار‬
‫ال�رشاكة‪ .‬وت�ستفيد اجلامعة من ميزانية متنحها لها الدولة حتدد ح�سب معايري وا�ضحة وعلنية‪،‬‬
‫وتدبر مواردها الب�رشية يف جميع مكوناتها‪ .‬كما �أكد امليثاق على مراعاة يف �إحداث اجلامعات‬
‫‪157‬‬
‫نادية جامع‬

‫اجلديدة �أو �أية م�ؤ�س�سة للتعليم العايل ا�ستجابتها ملعايري تلبية احلاجات الدقيقة للتعليم العايل‬
‫على امل�ستوى اجلهوي ‪.‬‬
‫‪25‬‬

‫�سعيا وراء االرتقاء بجودة اخلدمات الرتبوية والإدارية التي تقدمها الوحدات الإدارية‬
‫الالممركزة‪ ،‬مت حتقيق جمموعة من املكت�سبات على م�ستوى التعليم العايل‪ ،‬من �أهمها ‪:‬‬
‫‪26‬‬

‫–  مراجعة منهجية �إعداد م�رشوع امليزانية لت�ستجيب �أكرث لتوجه الالمركزية والالمتركز‪ ،‬وكذا‬
‫لعاملي التدبري املندمج ووحدة الإ�رشاف‪ ،‬كنتيجة حتمية لتقدم الوزارة يف قيادة الإ�صالح‬
‫ال�شمويل للمنظومة الرتبوية؛‬
‫–  مراقبة الوزارة الو�صية على املن�ش�آت والبنايات والتجهيزات التعليمية والإقامات والعمل على‬
‫ح�سن ا�ستغاللها وا�ستثمارها؛‬
‫–  اعتماد ميزانية م�ستقلة بالن�سبة للمكتب الوطني للأعمال اجلامعية االجتماعية والثقافية منذ‬
‫�سنة ‪ ،2004‬بعد حذف الأحياء اجلامعية من القانون املايل ب�صفتها م�صالح الدولة امل�سرية‬
‫بطريقة م�ستقلة ‪SEGMA‬؛‬
‫–  نقل دور الإدارة املركزية من الإعداد الكامل مل�رشوع امليزانية �إىل الإ�رشاف على �إعداد ميزانيات‬
‫امل�صالح اخلارجية وال�رشوع يف اعتماد مقاربة التعاقد يف و�ضع بنود امليزانية ك�صيغة للتدبري‬
‫العقالين والت�شاركي‪.‬‬
‫–  ن�ص القانون املنظم للتعليم العايل ‪ 01.00‬الذي يعترب د�ستور للتعليم العايل بكل مكوناتها‬
‫‪27‬‬

‫القواعد الأ�سا�سية لتطوير اجلامعة املغربية يف جميع اجلوانب العلمية والبيداغوجية واملالية‬
‫والإدارية حلياتها‪ .‬ومدها بالو�سائل املادية والب�رشية والقانونية الالزمة النفتاحها على‬
‫حميطها ال�سو�سيو اقت�صادي‪ .‬مع خ�ضوعها لو�صاية الدولة‪ ،‬و�أنها تهدف �إىل �ضمان تقيد‬
‫الأجهزة املخت�صة يف هذه اجلامعات ب�أحكام هذا القانون خ�صو�صا ما يتعلق باملهام امل�سندة‬
‫�إليها وال�سهر فيما يخ�صها بوجه عام على تطبيق الن�صو�ص الت�رشيعية والتنظيمية املتعلقة‬
‫بامل�ؤ�س�سات العمومية ‪.‬‬
‫‪28‬‬

‫–  تفعيال ملقت�ضيات القانون املنظمة للتعليم العايل‪ ،‬مت ال�رشوع ابتداء من ال�سنة املالية ‪ ،2003‬يف‬
‫اعتماد ميزانية الت�سيري لكل جامعة‪ ،‬عو�ض ميزانية لكل م�ؤ�س�سة جامعية كما كان عليه الأمر يف‬
‫ال�سابق‪ .‬وقد توىل فعال ر�ؤ�ساء اجلامعات مهمة الآمرين بال�رصف يف كل ما يتعلق باعتمادات‬
‫‪158‬‬
‫التدبري الالمركزي لقطاع التعليم العايل‪ :‬الواقع والآفاق‬

‫الت�سيري واعتمادات اال�ستثمار للجامعات‪ .‬و�إحداث بنذ خا�ص بالقانون املايل «�إعانة رئا�سة‬
‫اجلامعة» ميكن ر�ؤ�ساء اجلامعات من تنفيذ امل�شاريع واملخططات اخلا�صة بكل جامعة ف�ضال عن‬
‫�إبرام اتفاقيات مع الفاعلني من �أجل الإ�رشاف على �إجناز بع�ض امل�شاريع اجلامعية ‪.‬‬
‫‪29‬‬

‫بعد ذلك جاء الربنامج اال�ستعجايل الذي مت من خالله متكني اجلامعات من رفع التحديات‬
‫‪30‬‬

‫الكربى التي تواجهها‪ ،‬خا�صة من �أجل رفع طاقتها اال�ستيعابية‪ ،‬وحت�سني جودة التكوينات‬
‫ملواكبة الأورا�ش الكربى التي �أطلقتها الدولة‪ ،‬وعليه مت الرفع يف امليزانية اخلا�صة باجلامعات‬
‫منذ فرتة ‪ 2012-2009‬حيث مت تخ�صي�ص ميزانية �إجمالية تقدر بـ ‪ 12,6‬مليار درهم خالل‬
‫فرتة الربنامج (‪ )2012-2009‬موزعة كالتايل‪ 8,2 :‬مليار درهم كميزانية الت�سيري دون الأجور؛‬
‫‪ 4,4‬مليار درهم كميزانية اال�ستثمار؛ مع �إحداث ‪ 2400‬من�صب مايل لال�ستجابة حلاجيات الت�أطري‬
‫مقابل ذلك التزمت اجلامعة ب�إجناز خمططها التنموي‪ ،‬من �أجل حتقيق الأهداف املرقمة للربنامج‬
‫اال�ستعجايل ‪.‬‬
‫‪31‬‬

‫ولتكري�س املجهودات املبذولة مت و�ضع �إ�سرتاتيجية متعددة ال�سنوات ‪ 2030-2015‬على‬


‫م�ستوى قطاع التعليم العايل‪ ،‬ت�سعى من خالله �إعداد وتفعيل خريطة جامعية وطنية توقعية‬
‫متعددة ال�سنوات تتمثل يف تقييم الو�ضعية احلالية لعر�ض التعليم العايل على م�ستوى اجلامعات‬
‫واجلهات وذلك من خالل و�ضع معايري تهم البعد اجلهوي وحاجيات املحيط والتغطية املجالية‪،‬‬
‫وفتح م�شاورات مو�سعة مع خمتلف ال�رشكاء والفاعلني وطنا وجهويا و�إعادة ت�سكني م�ؤ�س�سات‬
‫التعليم العايل باجلامعات وفق الهند�سة اجلهوية‪ ،‬و�إحداث �شبابيك موحدة للإعالم وامل�ساعدة على‬
‫التوجيه على ال�صعيد اجلهوي‪.‬‬

‫ب�صفة عامة‪ ،‬عرب تتبع م�سار الالمتركز يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي‪ ،‬وذلك من خالل الثنائية التي‬
‫حتكمت يف ت�رصيف خمرجاتها واملتمثلة يف تعرث فعالية التدبري الالمركزي من جهة والإ�صالحات‬
‫املواكبة لها من جهة �أخرى‪ ،‬تبدو وا�ضحا �أن حمطات �سريورة هذا التدبري قد �شهد تعطفات‬
‫وانك�سارات تبعا ملا متليه الهيكلة الإدارية املرافقة لها‪ ،‬ال�شيء الذي كان له الأثر البالغ على م�سار‬
‫الإجنازات الذي ما انفك مطبوعا باملفارقات احلا�صلة بني اخلطاب الر�سمي امل�س�ؤول عن التعليم‬
‫وما ينجز على �أر�ض الواقع‪.‬‬
‫‪159‬‬
‫نادية جامع‬

‫املبحث الثاين‪� :‬آليات حتقيق اجلهوية الناجعة يف تدبري القطاع‬


‫�شكلت الدعوة لتبني خيار اجلهوية املو�سعة يف املغرب منذ اخلطاب امللكي الذي �ألقي مبنا�سبة‬
‫الذكرى للم�سرية اخل�رضاء ‪ ،‬والذي �أعلن فيه عن �إطالق م�سار جهوية متقدمة ت�شمل كل‬
‫‪32‬‬ ‫‪33‬‬

‫مناطق اململكة‪ ،‬منا�سبة ال ميكن تفويتها ب�أن يكون قطاع التعليم �إال يف �صلب هذه الفل�سفة اجلديدة‬
‫التي �ست�ضع دون �شك حتديات كبرية على عاتق كل امل�شتغلني بهذا القطاع‪ ،‬ما دامت امل�ؤ�س�سات‬
‫التعليمية رهان جمتمعي تظل يف حاجة دائمة لإعادة النظر يف فل�سفة تدبريها من جهة ومن جهة‬
‫ثانية على القطاع الذي ي�رشف عليها‪ ،‬خا�صة على م�ستوى توزيع االخت�صا�صات بينها وبني‬
‫امل�ؤ�س�سات اجلهوية التي �سيناط لها الإ�رشاف على تدبري هذا القطاع جهويا وحمليا‪� ،‬سواء مت‬
‫الإبقاء على جتربة اجلهوية التعليمية يف �صيغتها احلالية والتي �ستجلب دون �شك نقا�شا حول‬
‫جدواها يف ظل تطبيق اجلهوية املو�سعة‪ ،‬خ�صو�صا يف �شكلها احلايل‪� ،‬أو ما مت و�ضع �صيغة جديدة‬
‫يتم فيها �إ�رشاك اجلماعات املحلية بفعالية حقيقية وباخت�صا�صات وا�ضحة‪.‬‬

‫ومن هذا املنطلق نت�ساءل عن متطلبات حتقيق اجلهوية الناجعة يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي؟ والإجابة‬
‫على ذلك يتطلب الأمر منا اتخاذ جمموعة من الإجراءات اال�ستباقية جنملها يف �رضورة التنمية‬
‫الإدارية لل�ش�أن التعليمي يف الدرجة الأوىل (املطلب الأول)‪ ،‬وبعدها يتم حتديد الآليات لإدخال البعد‬
‫اجلهوي يف تدبري قطاع التعليم العايل (املطلب الثاين)‪.‬‬

‫املطلب الأول‪� :‬ضرورة التنمية الإدارية لل�ش�أن التعليمي‬

‫يعترب اجلهاز الإداري الرتبوي من �أهم مواطن الأزمة يف النظام التعليمي‪ ،‬ذلك �أن م�س�ؤولية هذا‬
‫اجلهاز تت�ضاعف حينما يتعلق الأمر باالنخراط يف الإ�صالح الرتبوي والنهو�ض بتطبيق دعاماته‬
‫والتدبري املايل اجليد للموارد املر�صودة للقطاع‪� ،‬إذ يتطلب منه الو�ضع �أن يكون قطب الرت�شيد‬
‫وعقلنة املوارد املالية واملادية ال معيقا لها‪ ،‬مما يثري ال�شك حول وجود �إرادة �سيا�سية وتربوية‬
‫حقيقية للتنمية الإدارية من �أجل �إ�صالح التعليم �أوال وبالتايل تالئم االعتمادات املوجهة له مع‬
‫النتائج املرغوب حتقيقها ‪.‬‬
‫‪33‬‬

‫وعلية يجب �أن تنبني التنمية الإدارية‪ ،‬على اختيار التدبري اجلهوي الذي ينطلق من �أن احللول‬
‫املالئمة توجد يف عني املكان‪ ،‬و�أن �أية ا�سرتاتيجية جامدة ومنمطة ال تكفي‪ ،‬فتعقد امل�شاكل يف الإدارة‬
‫‪160‬‬
‫التدبري الالمركزي لقطاع التعليم العايل‪ :‬الواقع والآفاق‬

‫اليوم وخا�صة يف جمال التعليم جعل الدولة ال ت�ستطيع مواجهتها لوحدها بالنجاعة ال�رضورية‪.‬‬
‫وت�سعى اجلهوية‪ ،‬كم�رشوع مغربي طموح يف عمقها �إىل تر�سيخ قيم ومبادئ احلكامة؛ وعندما‬
‫تطرح اجلهوية للنقا�ش والت�صور والأجر�أة‪ ،‬ف�إن ع�صا رحاها‪ ،‬تتمثل بالأ�سا�س يف منظومة الرتبية‬
‫والتكوين‪ ،‬باعتبارها القلب الناب�ض للمجتمع والقاعدة الأ�سا�س للتنمية املن�شودة يف هذا الع�رص‪.‬‬
‫و�إذا كنا نقر منذ البداية ب�أن املدخالت احلقيقية لإ�صالح �إ�شكالية متويل قطاع التعليم تتباين‬
‫وتتعدد‪ ،‬بل وتتعمق كلما ت�أخرت املبادرات الإ�صالحية احلقيقية واجلادة؛ ف�إننا نعتقد �أن �أهم‬
‫حمركات هذا الإ�صالح يف الفرتة الراهنة وامل�ستقبلية و�أكرثها فاعلية وحيوية‪ ،‬تلك التي ميكن �أن‬
‫تتمخ�ض عن تطبيق اجلهوية املو�سعة يف املغرب ‪.‬‬
‫‪34‬‬

‫يف �سياق احلديث عن التنمية الإدارية يف قطاع التعليم يقت�ضي الأمر الوقوف عند اجلانب التنظيمي‬
‫وخا�صة ما يتعلق باجلهاز التنفيذي على امل�ستوى املركزي واجلهوي‪ ،‬وهذا من خالل معرفة‬
‫عنا�رص و�آليات اتخاذ القرار املايل يف قطاع التعليم‪ ،‬حيث يرتبط ن�سق ال�سيا�سات العمومية‪،‬‬
‫ع�ضويا‪ ،‬بعملية اتخاذ القرارات‪ ،‬فال�سيا�سة تظل هي �صياغة القرارات من لدن املركز‪ ،‬وتنفيذ‬
‫�أداتي ونتاج على امليدان وامللحقات‪� ،‬إنها �شكل من �أ�شكال حتويل الأهداف �إىل و�سائل و�أدوات ‪.‬‬
‫‪35‬‬

‫وم�س�ألة عقلنة �آليات اتخاذ القرار من الأمور التي دفعت الباحث دال ‪� Dalle‬إىل الت�أكيد على �أن‬
‫‪36‬‬

‫«الإ�صالح التعليمي يف املغرب ال ميكن �أن نقت�رص فيه على جانبه التقني ولكن الإ�صالح قبل كل‬
‫�شيء هو �إ�صالح �سيا�سي يفر�ض اختيارات �شجاعة من طرف امل�س�ؤولني وهاته االختيارات تبقى‬
‫�صعبة»‪.‬‬

‫الفرع الأول‪ :‬التنظيم الإداري مدخل رئي�سي يف التنمية الإدارية‬

‫قد �أدت �إعادة هيكلة الإدارة على �أ�سا�س الالمركزية والالتركيز‪� ،‬إىل نقل تدريجي لالخت�صا�صات‬
‫من املركز �إىل امل�صالح اخلارجية (اجلامعات وامل�ؤ�س�سات اجلامعية)‪ ،‬لكن �إذا كان هذا املنهج‬
‫�سريفع الإدارة الرتبوية لتكت�سب �صفات العقالنية واحلداثة ‪ ،‬ف�إنه من الالزم الوقوف على‬
‫‪37‬‬

‫ال�رشوط التي مبوجبها ميكن �إجناح �آليات التدبري الإداري املعتمد على الالمركزية والالتركيز‪،‬‬
‫و�أن يحدث التغيريات النوعية املن�شودة‪ .‬والتي جند من �أهمها التنظيم الهيكلي اجليد القائم على‬
‫التن�سيق والتكامل بني مكوناته الإدارية‪.‬‬
‫‪161‬‬
‫نادية جامع‬

‫يعترب التنظيم الإداري و�سيلة جمتمعية لتدبري ال�ش�ؤون ال�سيا�سية وم�صالح اجلماعة وحاجيات‬
‫املجتمع وهو يرتكز على مبادئ تتنوع من بلد لآخر‪ ،‬حتت ت�أثري التاريخ والثقافة وال�رضوريات‬
‫واحلاجيات االقت�صادية واالجتماعية اخلا�صة   ‪ .‬ومن الوا�ضح �أن التنظيم الهيكلي للقطاع‬
‫‪38‬‬

‫مل يكن دائما مواكبا للحظة الإ�صالح‪ ،‬بل �شكل دوما �إحدى الإ�شكاالت املعيقة‪ ،‬وميكن الآن �أن‬
‫نعترب �أن التنظيم الهيكلي القائم على تق�سيم التعليم‪ ،‬ب�أنه �إهدار كبري للإمكانيات املالية والب�رشية‬
‫والتجهيز‪ ،‬هذا ف�ضال عن االحتكاك بني الإدارات وبني حدود الوزارات ‪ .‬يف حني كان البد يف من‬
‫‪39‬‬

‫يتقلد م�س�ؤولية الإ�رشاف على التعليم �أن يكون ملما بتاريخ التعليم وجميع جوانبه من االبتدائي‬
‫�إىل العايل حتى يتجنب التجارب الفا�شلة‪� ،‬إن �أي �إ�صالح يف تدبري التعليم ال ميكن �أن يتحقق �إال يف‬
‫�إطار نوع من اال�ستمرارية‪ ،‬فامل�س�ألة تتعلق ب�أجيال تق�ضي �سنوات يف �إطار معني ‪.‬‬
‫‪40‬‬

‫وهناك دعوة �إىل عدم التفريق بني التعليم املدر�سي والعايل لأن م�شاكل التعليم مرتابطة‪ ،‬فم�شكل‬
‫التعليم هي يف جزء منها ا�ستمرار مل�شاكل االبتدائي والإعدادي‪ ،‬كما �أن م�شاكل العايل ا�ستمرار‬
‫مل�شاكل الثانوي‪ ،‬والتفريق بينهم ي�ؤدي �إىل عدم �صدور نظرة موحدة يف و�ضع اخلطط والت�صاميم‬
‫وحر�ص كل طرف على احل�صول على �أكرب قدر من امليزانية ‪ ،‬ويكفي �أن جند م�ؤ�س�سات التعليم‬
‫‪41‬‬

‫العايل تابعة �إىل ‪ 14‬قطاعا وزاريا للإ�رشاف‪ ،‬وحني نذكر بهذا الأمر فمن �أجل �أن نقول �إن لهاته‬
‫امل�ؤ�س�سات ميزانيات للت�سيري والتجهيز والبحث العلمي لأعداد الطلبة والأ�ساتذة واملوظفني‬
‫حمددة‪ ،‬مما ي�شكل هدر وت�شتيت يف املوارد املالية والب�رشية واملادية يف جمال التدري�س والبحث‬
‫العلمي‪ ،‬يف حني يجب جتميع هاته امل�ؤ�س�سات وعددها ‪ 56‬م�ؤ�س�سة حتت �إ�رشاف قطاع التعليم‬
‫العايل ‪.‬‬
‫‪42‬‬

‫�إذن ال بد من �إرادة �سيا�سية قوية لتقييم مكونات الإدارات املركزية يف جميع املراحل الدرا�سية‬
‫و�إعادة هيكلتها‪ ،‬وجتميع مكوناتها لت�ستجيب خلدمة التعليم مبجمله‪ .‬لهذا فاالختيار اال�سرتاتيجي‬
‫الذي ميكن اعتماده يف جمال الرتبية والتكوين‪ ،‬من خالل الالمركزية والالمتركز‪ ،‬ي�ستدعي �أوال‬
‫مراجعة الهيكلة الإدارية احلالية‪ ،‬ومهام واخت�صا�صات الإدارة املركزية لقطاع التعليم لت�ضطلع‬
‫بالدور القيادي يف ر�سم املخططات اال�سرتاتيجية وحتديد االختيارات والتوجهات العامة واتخاذ‬
‫التدابري الالزمة لتحقيق التوازن وتكاف�ؤ الفر�ص بني اجلهات وتتبع ومراقبة تدبري ال�ش�أن العام‬
‫يف هذا القطاع االجتماعي‪.‬‬
‫‪162‬‬
‫التدبري الالمركزي لقطاع التعليم العايل‪ :‬الواقع والآفاق‬

‫ليبقى التنظيم الهيكلي هو �أ�سا�س كل تغيري وقد �أخط�أ الكثريون مدة طويلة يف التقليل من قيمة‬
‫هذا العن�رص داخل امل�ؤ�س�سات التي يجري �إ�صالحها‪ ،‬لكل م�ؤ�س�سة �أو تنظيم هيكلي ثقافة خا�صة‬
‫تت�صف بطابع نوعي‪ ،‬والنجاح على هذا امل�ستوى يفرت�ض وجود نظرة جديدة مو�ضوعية �إىل‬
‫امل�ؤ�س�سة الرتبوية وقدرة كبرية على الإقناع‪ ،‬و�إ�رشاك اجلميع يف عملية التغيري و�إر�ساء ثقافة‬
‫حداثية داخل الأجهزة الإدارية والرتبوية‪.‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬التدبري املتميز رهان احلكامة اجليدة‬

‫نود يف البداية حتديد التدبري باملفهوم الأنكلو�ساك�سوين الذي يختلف عن مفهوم الت�سيري باملفهوم‬
‫الفرن�سي‪ ،‬وهو يحيل على فن وطريقة قيادة امل�ؤ�س�سة �أو الهي�أة ل�ش�ؤون �إدارتها‪ ،‬والتخطيط‬
‫لتنفيذها ومراقبتها يف كل املنظمات �أو املقاوالت �أو امل�ؤ�س�سات التي ت�سعى لتحقيق هدف معني‬
‫وم�سطر من قبل‪� ،‬سواء تعلق الأمر مب�ؤ�س�سة تنتمي للقطاع اخلا�ص �أو القطاع العمومي ‪.‬‬
‫‪43‬‬

‫كما يعرف التدبري بكونه اختيار لو�سائل العمل وتوظيف لها يف االجتاه الأف�ضل يف �أفق حتقيق‬
‫الأهداف امل�سطرة ‪.‬‬
‫‪44‬‬

‫�أما عن التدبري وتطوراته‪ ،‬فيمكن باخت�صار ت�صنيفه �إىل اخلم�س التالية ‪:‬‬
‫‪45‬‬

‫ التدبري بامل�شاريع ‪ : Management par projet‬يقوم الفاعل العمومي يف �إطاره بتحديد‬ ‫•‬

‫الأولويات وحماور التنمية وامل�شاريع الكربى‪ ،‬وتكون جمموع هذه العنا�رص اال�سرتاتيجية‬
‫التدبريية ؛‬
‫ التدبري بالأهداف ‪ :Management par Objectifs‬يتم يف �إطاره حتديد الأهداف ح�سب‬ ‫•‬

‫�أولويتها من الناحية الزمنية‪ ،‬ومن حيث الإمكانات املر�صودة‪ ،‬وبناءا على ذلك‪ ،‬تتم درا�سة‬
‫الإمكانات املادية والب�رشية الواجب ر�صدها للإجناز و�أح�سن ال�رشوط لبلوغ الهدف الرئي�سي‪،‬‬
‫�أي اجلودة؛‬
‫ التدبري الت�شاركي ‪ : Management participatif‬يقوم على قاعدة امل�شاركة من طرف‬ ‫•‬

‫جميع امل�ستويات املكونة للمنظمة من �أطر و�أعوان كل يف جمال ا�شتغاله‪ ،‬انطالقا من مبد�أ �أنه‬
‫�إذا كان العمال را�ضون ومت �إ�رشاكهم‪ ،‬ف�إن ذلك ينعك�س على مردوديتهم وبالتايل على جودة‬
‫اخلدمات؛‬
‫‪ : Management‬يعترب من التوجهات احلديثة‬ ‫‪stratégique‬‬ ‫ التدبري اال�سرتاتيجي‬ ‫•‬

‫‪163‬‬
‫نادية جامع‬

‫واملعا�رصة‪ ،‬الهادف �إىل قيادة و�ضعية م�ؤ�س�سة �أو هي�أة معينة داخل حميطها امل�ستقبلي‪ ،‬وذلك‬
‫بغية تر�شيد العملية التدبريية ومكافحة كل �أ�شكال الهدر والف�ساد؛‬
‫ التدبري بالنتائج ‪ : Management par résultats‬يعتمد ب�أنه مقاربات مبينة على نتائج‬ ‫•‬

‫ملمو�سة‪ ،‬يعتمد تتبعا م�ستمرا ت�شاركيا وت�شاوريا‪ ،‬مركزا على املعطيات وامل�ؤ�رشات الأ�سا�سية‬
‫للتقدم نحو حتقيق الأهداف امل�سطرة للم�رشوع؛ تتبع ال ي�ستهلك الوقت وال املوارد‪ ،‬وي�ضمن‬
‫انخراط كافة الفاعلني‪ .‬كما يعتمد التقييم الت�شاركي املتفق فيه‪ ،‬على منهجية العمل وعلى‬
‫املو�ضوعات وامل�ؤ�رشات واملعنيني وامل�شاركني فيه؛ �إ�ضافة �إىل مقايي�س التقييم ومعايري �إ�صدار‬
‫الأحكام‪.‬‬

‫خال�صة القول ميكن عن طريق هذه الأ�ساليب يف التدبري املتميز‪ ،‬باعتبارها �أداة لت�صور الربامج‬
‫وامل�شاريع و�صياغتها وت�سيريها املعقلن‪ ،‬من ا�ستباق الأخطاء واملخاطر وتتبع الفر�ضيات‬
‫وتدبريها ‪ ،‬مبا ي�ضمن �إمكانية التفعيل والإجناز واال�ستمرارية يف �إطار قدرات امل�ؤ�س�سة الب�رشية‬
‫‪46‬‬

‫واملادية‪ ،‬الأمر الذي �سي�ساهم يف احلفاظ على الأموال التي تنفق على القطاع‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪� :‬أهمية اال�ستقالل الفعلي و�أدوات التقومي لإجناح اجلهوية‬


‫الفرع الأول‪ :‬منح ا�ستقاللية حقيقية‬

‫يتحقق مبد�أ ا�ستقاللية امل�ؤ�س�سات عندما تناط برئي�س م�ؤ�س�سة تعليمية وجمال�سها مهمة جديدة‬
‫تتمثل يف تدبري املوارد املالية والب�رشية‪ .‬فرئي�س امل�ؤ�س�سة وبتعاون مع املجل�س املنتخب ي�رشف‬
‫على عمليات التخطيط والتنظيم واملكاف�أة كما ي�سهر على انفتاح امل�ؤ�س�سة على حميطها االجتماعي‬
‫واالقت�صادي والثقايف ‪ .‬وبذلك ينتقل رئي�س امل�ؤ�س�سة من رجل الإدارة �إىل رجل التدبري ب�أن‬
‫‪47‬‬

‫يحظى بكامل ال�صالحيات يف تدبري و�سائل التكوين و�رصف االعتمادات املخ�ص�صة ل�سد النق�ص‬
‫احلا�صل يف �أحد جماالت التكوين‪ ،‬ثم يبحث عن التمويل الالزم لتحقيق م�رشوع امل�ؤ�س�سة‪ ،‬من‬
‫خالل ال�رشاكات التي يربمها مع خمتلف الفرقاء‪.‬‬

‫من هنا ي�ستدعي الأمر ا�ستكمال ال متركز االخت�صا�صات لفائدة ال�سلطات الرتبوية اجلهوية‪،‬‬
‫وحتققه الفعلي على م�ستوى قمة املنظومة وعلى �صعيد قاعدتها‪ ،‬فمن جهة ينبغي �أن تثبت‬
‫املنظومة جناعتها على ال�صعيد املركزي يف �أداء وظيفتها اال�سرتاتيجية والوظائف الأخرى املتمثلة‬
‫‪164‬‬
‫التدبري الالمركزي لقطاع التعليم العايل‪ :‬الواقع والآفاق‬

‫يف توفري الإمكانيات والتن�شيط والتقومي واملراقبة‪ ،‬ومن جهة �أخرى ينبغي �أن ت�ستفيد امل�ؤ�س�سات‬
‫من هام�ش �أكرب للتحرك‪ ،‬ومن و�سائل �أكرث لتعزيز ا�ستقالليتها الإدارية والرتبوية على �أ�سا�س �أن‬
‫يكون ذلك موجها نحو التح�سني املطرد للنتائج الدرا�سية‪.‬‬

‫وهناك دعوة من خمتلف الفاعلني يف القطاع �إىل �إخ�ضاع هذه الإدارات للتقييم والتدقيق و�إعادة‬
‫الهيكلة‪ ،‬من �أجل ك�رس احلواجز املفتعلة وحذف الهياكل الزائدة‪ ،‬وهذا النداء من �ش�أنه توحيد‬
‫ال�سيا�سات العمومية يف هذا امليدان‪ ،‬ومن هنا ت�أتي �رضورة منح اال�ستقاللية احلقيقية الالزمة‬
‫لذلك الرائد العلمي والرتبوي للن�سق برمته واملتمثل يف اجلامعات‪ ،‬لكي تنه�ض بكل قواها وتنه�ض‬
‫بكامل دورها‪ .‬وهذا يفرت�ض الت�سليم ب�أن رهانات الثقافة والعلم والرتبية يف املغرب يظل مرتبط‬
‫مبدى تقلي�ص من هيمنة الإدارة املركزية واقت�صارها على دور التقييم والتقومي و�أي�ضا دورها‬
‫للتتبع واملراقبة وو�ضع ال�سيا�سة التعليمية للبالد‪.‬‬

‫يف هذا املجال يجب الإ�شارة �إىل �أهمية تفعيل ا�ستقاللية امل�ؤ�س�سات اجلامعية فيما يتعلق بالتدبري‬
‫املايل وتو�سيع هوام�شه‪ .‬ولفتح النقا�ش عن �سبل حتقيق ذلك �سنتناول متطلبات اال�ستقاللية‬
‫من خالل درا�ستها على م�ستوى التعليم العايل‪ ،‬حيث يالحظ انفراد هذا الأخري بجميع ال�سلط‪،‬‬
‫فر�ؤ�ساء اجلامعات يتدخلون يف ميزانيات امل�ؤ�س�سات‪ ،‬وهذا ما يعني �أن اال�ستقاللية �أفرغت من‬
‫معناها احلقيقي �أي �أن االعتمادات املخ�ص�صة للم�ؤ�س�سات التابعة لها �أ�صبحت بيد �إدارة �أخرى‬
‫عو�ض �إدارة املجل�س يف الوقت الذي كان من الأفيد االعتماد على ميزانيات امل�ؤ�س�سات لتكوين‬
‫ميزانية اجلامعة ‪� .‬أي �أن هناك تدبريا عموديا‪ ،‬ثم يقع يف غالبية امل�ؤ�س�سات اجلامعية �أن تقوم‬
‫‪48‬‬

‫الإدارة بو�ضع القانون الداخلي للم�ؤ�س�سات عو�ض �أن يقوم بذلك جمل�س كل م�ؤ�س�سة على حدة‪،‬‬
‫وي�ضاف �إىل ذلك غياب التدبري ال�شفاف للموارد الب�رشية واملالية ‪.‬‬
‫  ‪49‬‬

‫�أما على م�ستوى جمال�س امل�ؤ�س�سات (املجال�س الداخلية) ف�سريها رهني بقرارات ر�ؤ�ساء اجلامعة‬
‫‪50‬‬

‫�إذ �أن �أغلب املطالب النابعة من ممثلي امل�ؤ�س�سة تبقى مقرتحات ت�سجل يف �أكرث من تقرير لأن �صفة‬
‫املجل�س نف�سه ا�ست�شارية �أكرث منها تقريرية‪ ،‬ونف�س الأمر ي�رسي على جمل�س اجلامعة ‪.‬‬
‫‪51‬‬

‫وينح�رص اال�ستقالل املايل للجامعات على م�ستوى �إعداد امليزانية يف و�ضع التقديرات املالية‬
‫وعر�ضها على ر�أي جمل�س اجلامعة‪ ،‬وجتدر الإ�شارة �إىل �أن ميزانية اجلامعة ت�شتمل على ق�سم‬
‫يتعلق بامل�صالح امل�شرتكة التابعة للرئا�سة وعلى عدد من الأق�سام ي�ساوي عدد امل�ؤ�س�سات اجلامعية‪،‬‬
‫‪165‬‬
‫نادية جامع‬

‫فبالن�سبة للق�سم الذي يهم امل�صالح امل�شرتكة لرئا�سة اجلامعة‪ ،‬ف�إن رئي�س اجلامعة هو امل�س�ؤول عن‬
‫و�ضع مقدرات امليزانية حيث يعهد بذلك عمليا �إىل م�صلحة ال�ش�ؤون االقت�صادية‪.‬‬

‫وعند النظر مل�صادر متويل اجلامعة يف القانون املنظم للتعليم العايل ‪ 01.00‬جنده مل ي�ؤل امل�رشع‬
‫اهتماما كبريا‪ ،‬حيث مل ين�ص على تنويعها با�ستثناء بع�ض الإ�شارات العابرة‪ ،‬فامل�صدر الأول‬
‫لتمويل اجلامعة يبقى هو امليزانية العامة �أما ما يرتبط بالهبات والو�صايا وا�ستخال�ص الواجبات‬
‫املطابقة للخدمات وواجبات الت�سجيل فقد ت�ضمنتها بع�ض فقرات الظهري لكن دون �أن يكون لها‬
‫�أثر ملمو�س يف الواقع‪.‬‬

‫وميكن االعتبار‪ ،‬ح�سب الن�ص ب�أن اال�ستقالل املايل مك�سب وتطور كبري يف التعليم العايل‪� ،‬إال �أنه‬
‫هناك �ضيق على م�ستوى الن�ص القانوين‪ ،‬الذي يعزى �إىل مفهوم امل�ؤ�س�سة العمومية يف القانون‬
‫الإداري املغربي‪ .‬التي تتميز بكونها ذات طابع جتاري و�صناعي والتي يخ�ضع ت�سيريها للقواعد‬
‫والأعراف التجارية‪ ،‬كما تتميز اجلامعة املغربية ح�سب القانون الإداري كم�ؤ�س�سة عمومية ذات‬
‫ن�شاط خمتلط‪ .‬ومن هنا يتعني عليها القيام ب�إعداد امليزانية ويتم التمييز فيها بني الآمر بال�رصف‬
‫واملحا�سب و�إنها م�ؤ�س�سة عمومية �إدارية‪ ،‬حيث ت�أتيها املوارد من �صناديق عمومية وبالتايل فهي‬
‫ملزمة بتطبيق قواعد املحا�سبة العمومية‪ ،‬لذلك فهي ملزمة باحرتام النظام القانوين الذي يحكم‬
‫الت�سيري املايل للدولة �أي القواعد املطبقة على حما�سبة امل�ؤ�س�سات العمومية‪ ،‬هذه املحا�سبة التي‬
‫تخ�ضع للرقابة املالية والتي ت�ؤدي �إىل حمدودية ا�ستقالل امل�ؤ�س�سات العمومية‪.‬‬

‫من هنا ميكن القول ب�أن حتقيق ا�ستقاللية اجلامعات ال زال ي�شكو من عدة عوائق منها‪:‬‬
‫– عدم ا�ستيعاب كل الأطراف احلكومية‪ ،‬وخ�صو�صا منها تلك املكلفة باملالية واملراقبة املالية‬
‫لروح امليثاق الوطني والقانون ‪ 01.00‬يف ما يتعلق مبفهوم اجلامعة كم�ؤ�س�سة عمومية‪ .‬وبهذا‬
‫يتم التعامل مع اجلامعة كم�ؤ�س�سة عمومية �إدارية ولي�س كم�ؤ�س�سة عمومية علمية وثقافية ذات‬
‫ا�ستقالل �إداري ومايل وبيداغوجي وعلمي وثقايف (املادتني ‪ 4‬و‪ 5‬من القانون ‪)01.00‬؛‬
‫–  عدم التمكن �إىل حد الآن من تطبيق الف�صل ‪ 17‬من القانون ‪ 01.00‬املنظم للتعليم العايل‬
‫والقا�ضي بو�ضع قانون �أ�سا�سي مل�ستخدمي اجلامعات‪ ،‬ال�شيء الذي �سيعيق حتقيق ا�ستقاللية‬
‫اجلامعات ‪.‬‬
‫‪52‬‬

‫‪166‬‬
‫التدبري الالمركزي لقطاع التعليم العايل‪ :‬الواقع والآفاق‬

‫�إن عدم التنا�سق احلا�صل بني �أمناط التكوين ومتطلبات االقت�صاد الوطني‪ ،‬والذي من نتائجه‬
‫امللمو�سة البطالة املتزايدة حلملة ال�شهادات العليا‪ .‬يعد من �أخطر العواقب املرتتبة عن عدم‬
‫ا�ستقالل اجلامعة �إداريا‪ ،‬لي�سمح للجامعة ب�إ�صدار قرارات جامعية متكنها من �أن تلعب دورا كامال‬
‫يف خلق عوامل النهو�ض بالتكوين املالئم للحاجات و�أي�ضا التكوينات التي تتطلبها اجلهة التي تقع‬
‫فيها‪ .‬كما �أن اال�ستقاللية تتطلب العمل على �إيجاد �أ�شكال م�سطرية مالية ت�سمح للجامعة بالتعامل‬
‫مع حميطها الإنتاجي بطريقة قانونية انطالقا من املراقبة البعدية ‪.‬‬
‫‪53‬‬

‫ب�صفة �أمثل‪ ،‬ف�إن اجلامعة امل�ستقلة‪ ،‬باملعنى الوا�سع هي تلك اجلامعة التي تكون‪ ،‬على الأقل‪،‬‬
‫�سيدة �إمكانياتها املالية‪ ،‬وت�ضع براجمها التكوينية وتطرح منتوجاتها اخلا�صة بها (الطالب‪،‬‬
‫البيداغوجيا‪ ،‬البحث) يف �إطار �سوق منفتح‪ ،‬كما ت�ضع بنف�سها �رشوط ولوج الطالب �إليها و�رشوط‬
‫توظيف �أ�ساتذتها ‪.‬‬
‫‪54‬‬

‫على العموم‪ ،‬لقد مت �إجناز خطوات غري م�سبوقة بخ�صو�ص اال�ستقاللية يف قطاع التعليم العايل‪،‬‬
‫لكن هذه اخلطوات تظل يف حاجة �إىل م�صاحبة من لدن القطاعات العمومية الأخرى‪ ،‬ف�ضال عن‬
‫تعزيز قدرات الهياكل اجلهوية املحدثة على ال�صعيد التدبريي والتقني‪ ،‬حتى تتمكن من حتقيق‬
‫اال�ستقاللية القوية لدى امل�ؤ�س�سات التعليمية‪.‬‬

‫�أوال‪� :‬أهمية امل�ؤ�س�سة اجلامعية‬

‫تعترب امل�ؤ�س�سة التعليمية(�سواء جامعية �أو معاهد) ف�ضاء تتم فيه بلورة ال�سيا�سة التعليمية‬
‫املن�شودة‪ ،‬واحللقة الأ�سا�سية لدعم رهان اجلودة واالنخراط يف م�سل�سل التجديد وحت�سني تدبري‬
‫امل�ؤ�س�سة من الأمور اجلوهرية التي ينبغي �أن يحر�ص عليها كل من جمال�سها الإدارية وفريق‬
‫العمل بامل�ؤ�س�سة‪ ،‬وذلك بتطوير �أ�ساليب الت�سيري والتدبري مبا يوافق مع امل�ؤ�س�سة الر�شيدة‬
‫واملعقلنة يف تدبري مواردها املالية واملادية والب�رشية ‪.‬‬
‫‪55‬‬

‫لكن يالحظ على اجلانب امل�ؤ�س�ساتي‪� ،‬أنه عند �إر�ساء الهياكل املركزية مل ي�ستح�رض كل الوظائف‬
‫والأدوار الأ�سا�سية املوكولة للم�صالح املركزية؛ �إ�ضافة �إىل ذلك وجود نوع من التداخل والتباين‬
‫بني الوحدات املكونة للم�صالح املركزية على م�ستوى الرتكيبة واالخت�صا�صات وت�شعبها وتعددها‬
‫‪167‬‬
‫نادية جامع‬

‫على �صعيد بع�ض البنيات املركزية‪ ،‬كما جند �ضعف يف �أداء املجال�س الإدارية للم�ؤ�س�سات التعليمية‬
‫ك�أجهزة �إدارية تقريرية‪.‬‬

‫ومن هذا املنطلق وجب ‪:‬‬


‫‪56‬‬

‫• تقوية التن�سيق مع الإدارة الرتابية واجلهوية؛‬


‫• ا�ستلزام �إحداث وحدات م�ستقلة (تدبري املباريات واالمتحانات‪ ،‬التكوين‪ ،‬برامج التعاون‬
‫الدويل)؛‬
‫• توفري الإمكانيات املادية والب�رشية للم�ؤ�س�سات التعليمية‪ ،‬لتمكينها من جت�سيد �سيا�سة‬
‫القرب؛‬
‫• امتداد الربامج اجلهوية والإقليمية الحتواء امل�ؤ�س�سة التعليمية و�إدماجها داخل نف�س‬
‫الدينامية؛‬
‫• ت�أطري امل�ؤ�س�سة التعليمية بغية بلورة م�شاريعها وانخراط جميع تركيبتها يف الإ�صالح‬
‫الإداري والرتبوي؛‬
‫• تفعيل الآليات اجلديدة للم�ؤ�س�سة و�إعادة النظر يف تركيبتها‪ ،‬بغية حتقيق االن�سجام بني‬
‫مكوناتها وزرع ثقافة العمل اجلماعي‪.‬‬

‫ثانيا‪� :‬آليات تقوية جمال�س امل�ؤ�س�سة التعليمية‬

‫متيزت املنظومة التعليمية مبجموعة من الدعائم امل�ؤ�س�ساتية لإجناح الإ�صالح املن�شود‪ ،‬ونذكر‬
‫�أهمها على م�ستوى امل�ؤ�س�سات التعليمية من خالل‪:‬‬
‫• �إحداث جمال�س التدبري على م�ستوى امل�ؤ�س�سات التعليمية مل�ؤازرة هي�أة الإدارة الرتبوية‬
‫باعتبارها الأداة املج�سدة لالمركزية والالمتركز‪.‬‬
‫• �إحداث املجال�س امل�سرية للجامعات وم�ؤ�س�سات التعليم العايل ‪.‬‬
‫‪57‬‬

‫وعلى الرغم‪ ،‬من كل اجلهود املبذولة‪ ،‬الزالت هذه املجال�س تعرف جمموعة من التعرثات‬
‫وال�صعوبات املرتبطة برتكيبتها وطبيعة املهام املنوطة بها‪ ،‬وبعدم انتظام دوراتها و�ضعف‬
‫‪168‬‬
‫التدبري الالمركزي لقطاع التعليم العايل‪ :‬الواقع والآفاق‬

‫م�شاركة �أع�ضائها من جهة‪ ،‬كما تواجه م�شاكل يف املجال املايل واملادي ‪ .‬كما نر�صد عدم التوازن‬
‫‪58‬‬

‫يف ت�شكيلة جمل�س امل�ؤ�س�سة حيث يختل ل�صالح ال�سلطة احلكومية من خالل الأع�ضاء املعينني �أو‬
‫بحكم القانون‪ ،‬على ح�ساب عدد الأع�ضاء املنتخبني‪ ،‬الأمر الذي ي�ضعف قدرتهم على فر�ض �آرائهم‬
‫وتكون لهم �صفة ا�ست�شارية فقط‪ ،‬هذا �إىل جانب كرثة تغيب �أع�ضاء املجل�س‪ ،‬مما ي�ؤثر يف القرارات‬
‫التي يتخذها املجل�س‪.‬‬

‫ومن �ش�أن ت�أهيل هذه املجال�س‪ ،‬متكني امل�س�ؤولني من املمار�سة الكاملة لالخت�صا�صات املالية‬
‫املخولة لهم ومن تو�سيع دائرة اال�ست�شارة بني الفاعلني فيها‪ ،‬مع تفعيل دور املجال�س الداخلية يف‬
‫امل�ؤ�س�سات التعليمية‪ ،‬لدعم اتخاذ القرارات وت�أطريها و�إلزامها بالنتيجة واملردودية املبنية على‬
‫الإح�سا�س بامل�س�ؤولية وبناء م�ؤ�س�سة تعليمية قادرة على اخلروج تدريجيا من ثقافة تنفيذ امل�ساطر‬
‫والتعليمات �إىل امل�ساهمة الفعلية يف تخطيط الفعل الرتبوي‪� .‬إن هذه الإجراءات �إن طبقت على �أكمل‬
‫وجه‪ ،‬من �ش�أنها رفع التحديات التمويلية املطروحة على املنظومة الرتبوية ‪.‬‬
‫‪59‬‬

‫ولكن نظرا للدور الهام ملجال�س امل�ؤ�س�سات التعليمية باعتبارها �أداة لتدعيم م�سار الالمركزية‬
‫والالمتركز‪ ،‬يقرتح ملواءمة الأهداف ما يلي ‪:‬‬
‫‪60‬‬

‫• تدعيم املجال�س بفرقاء اقت�صاديني واجتماعيني من حميط امل�ؤ�س�سة؛‬


‫• تفوي�ض االعتمادات للم�ؤ�س�سات التعليمية و�إ�رشاك جمال�سها يف �رصفها؛‬
‫• �إيجاد �صيغة قانونية لكيفية �رصف امليزانية املخ�ص�صة لها وحتديد �آليات التتبع واملراقبة؛‬
‫• توفري االعتمادات الالزمة لتغطية م�صاريف دورات تكوينية تنظر لفائدة �أع�ضاء املجل�س؛‬
‫• خلق �آلية لتتبع وا�ستثمار قرارات املجال�س‪.‬‬

‫الفرع الثاين ‪� :‬أدوات التقومي‬

‫�أ�صبح تقومي ال�سيا�سات التعليمية �رضورة ملحة‪ ،‬ل�سبب بديهي يتمثل يف كون الرتبية هي من بني‬
‫جماالت اال�ستثمار الكربى التي ت�ضطلع بها الدولة‪ .‬فالنقا�ش العام حول تكلفة هذا القطاع و�سري‬
‫عمله‪ ،‬وكذا حول تنظيم ونتائج امل�ؤ�س�سة التعليمية‪ ،‬يدل على �أن املجتمعات املعا�رصة اليوم‪ ،‬مل‬
‫تعد تقبل بالغمو�ض الذي يكتنف امل�ؤ�س�سات العمومية اليوم حول هذا املو�ضوع‪ ،‬فالر�أي العام يف‬
‫‪169‬‬
‫نادية جامع‬

‫حاجة �إىل �ضمان �شفافية �سري هذا القطاع ومعرفة كيفية تدبري الو�سائل والإمكانات املو�ضوعة‬
‫رهن �إ�شارته ‪.‬‬
‫‪61‬‬

‫�إن وظيفة التقومي هي‪ ،‬يف نف�س الآن‪ ،‬معرفية وتهدف �إىل �أجر�أة وتفعيل العمل وتنظيمه‪ ،‬و�أداة‬
‫لتحليل �سري امل�ؤ�س�سات‪ .‬وتبدو هذه الوظيفة بديهية يف �سياق الدرا�سات حول تر�شيد وعقلنة‬
‫اخليارات املرتبطة بامليزانيات‪ ،‬ال�سيما‪ ،‬عندما يتعلق الأمر بتحديد امل�شاكل والقيام بجرد‬
‫للتحديات‪ ،‬و�إمكانية العمل املحاط باملخاطر املحدقة‪ .‬وينتظر من هذا الإجراء �أن يتم تطبيق‬
‫القرارات التي من �ش�أنها �أن ت�ؤدي �إىل م�شاريع جديدة و�إىل القيام مببادرة جديدة وتغريات �أو‬
‫حتوالت ‪ .‬ولأن التقومي هو تقومي ذاتي‪ ،‬ف�إنه �أي�ضا بحث جلعل العمل يرتبط باتخاذ القرار‪،‬‬
‫‪62‬‬

‫فهو عبارة عن عملية ا�سرتاتيجية للتنمية‪ .‬والهدف هو �أن ندرك �أن اال�ستثمارات يف جمال التعليم‬
‫وانتظامها هي يف الواقع عملية مربحة ‪.‬‬
‫‪63‬‬

‫لهذا نقول ب�أن عملية التقومي يف املنظومة التعليمية يف املغرب هي �رضورة تفر�ض نف�سها على‬
‫القائمني بهذا القطاع‪ ،‬لكي تواجه املنظومة �سلبياتها وتق�ضي عليها‪ ،‬كما �أن عملية التقومي ت�ساهم‬
‫يف حتليل وقيا�س جلهود الإ�صالح والنتائج املح�صل عليها‪ ،‬يف هذا الباب‪ ،‬وتتم على م�ستوى �إنتاج‬
‫و�إعادة التنظيم الهيكلي للمنظومة التعليمية‪ ،‬وعلى م�ستوى الن�صو�ص الت�رشيعية والتنظيمية‬
‫وخلق مبادرات على م�ستوى ت�أثري و�إ�سقاطات ومفعول املبادرات التوا�صلية ‪.‬‬
‫‪64‬‬

‫ويف هذا الإطار‪ ،‬البد من و�ضع ا�سرتاتيجية للتقومي مبعناه ال�شامل للنظام الرتبوي ولكل مكوناته‬
‫من مناهج وبرامج و�أهداف وحمتويات و�أ�ساليب التقومي مبا يف ذلك الإدارة الرتبوية والف�ضاء‬
‫امل�ؤ�س�سي والفاعلون الرتبويون ومكت�سباتهم‪ ،‬و�أن يكون هذا التقومي منتظما بال�شكل الذي ميكن‬
‫من التدخل الآين ملعاجلة االختالالت املالحظة يف كل جانب من جوانب النظام قبل تفاقم االختالل‬
‫وامتداده لي�شمل اجلوانب الأخرى ‪.‬‬
‫‪65‬‬

‫خال�صة القول لقد تبني بو�ضوح كم هي معقدة م�س�ألة اال�ستقاللية‪ ،‬و�صعبة يف ت�صورها وبلورتها‬
‫من الناحية النظرية‪ ،‬و�أكرث �صعوبة عندما يتعلق الأمر بتطبيقها ‪ ،‬و�أي�ضا ال�صعوبة تظهر عندما‬
‫‪66‬‬

‫يتعلق الأمر بالقيام بتقومي الإجنازات‪ ،‬دون �إحداث قطيعة بني خمتلف م�ستويات التدبري‪ :‬الإدارة‬
‫املركزية‪ ،‬اجلامعات‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات التعليمية‪.‬‬
‫‪170‬‬
‫التدبري الالمركزي لقطاع التعليم العايل‪ :‬الواقع والآفاق‬

‫يف اخلتام‪ ،‬ن�ؤكد ب�أنه ل�ضمان �إجناح الالمركزية‪ ،‬ينبغي التحكم يف كيفية �رصف ما يحول من‬
‫اعتمادات وقرارات �إدارية من املركز �إىل اجلهة باعتماد �أ�سلوب احلكامة �أ�سلوبا ممنهجا يف‬
‫ممار�سة التدبري احلديث املعقلن يف �سبيل عقلنة القرارات لدمقرطة املنظومة الرتبوية‪ .‬بناء على‬
‫التن�سيق والتكامل بني اجلامعات واجلهة من جهة‪ ،‬وبني ال�ش�أن اجلهوي والإقليمي واملحلي من‬
‫جهة ثانية‪.‬‬

‫ون�شري‪ ،‬ب�أنه يجب على ال�سيا�سة التعليمية عند تطبيقها للجهوية �أن تنطلق دائما من الفل�سفة‬
‫التعليمية التي ي�أخذ بها البلد ومن ورائها الفل�سفة االجتماعية العامة التي يتبناها‪ ،‬و�أن �أهم ما‬
‫ت�سعى �إليه هذه ال�سيا�سة تتمثل يف‪:‬‬
‫– الت�أكد من كون الأهداف الرتبوية املحددة تتما�شى مع الأهداف الأخرى العامة للدولة؛‬
‫– ا�ستخراج الأهداف الرتبوية من التوجهات العامة ل�سيا�سة البالد؛‬
‫– حتقيق نوع من التكامل واالن�سجام بني الأهداف املحددة يف القطاعات الأخرى‪.‬‬

‫كما يجب النظر �إىل التعليم العايل ب�أنه �رضوري لإجناح اهداف اجلهوية املتقدمة التي ي�سعى املغرب‬
‫بلوغها فهو يقوم بتطوير القدرات الأكرث �أ�سا�سية للتنمية الب�رشية وي�ساهم يف خلق �أفراد ميتلكون‬
‫مهارات عالية تعود بالنفع العام‪ ،‬دون �أن نن�سى ب�أن البحث العلمي هو �أوك�سجني للتعليم العايل‬
‫والتنمية لهذا يجب و�ضع �صورة كاملة عند و�ضع املخططات وعدم التنازل عن �أية واحدة‪.‬‬

‫الهوام�ش‬
‫‪ 1‬ميكن تعريف التعليم العايل بكونه التعليم الذي ي�ستهدف الطالب الناجحني يف امتحانات الباكالوريا والذي‬
‫يلقن مب�ؤ�س�سات تعليمية ذات طابع نظامي وتخ�ضع للتبعية القانونية والإدارية‪� ،‬إما لل�سلطة احلكومية املكلفة‬
‫بالتعليم العايل �أو لأجهزة ر�سمية �أخرى �أو تكون تابعة للقطاع اخلا�ص‪ .‬واجلامعة تتكون من امل�صالح امل�شرتكة‬
‫لرئا�ستها وامل�ؤ�س�سات اجلامعية التابعة لها‪ ،‬والف�ضاء اجلامعي يتكون من الأحياء اجلامعية والإقامات‬
‫اجلامعية‪.‬‬
‫‪ 2‬ت�أليف جماعي‪ :‬م�صطفى حممد متويل‪ ،‬حممد �شحات اخلطيب‪ ،‬عبد العزيز بن عبد اهلل ال�سنبل‪ ،‬نظام التعليم يف‬
‫اململكة العربية ال�سعودية‪ ،‬كلية الرتبية جامعة امللك �سعود‪ ،‬النا�رش دار اخلريجني للن�رش والتوزيع‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة‪� ،1997 ،‬ص‪.88 .‬‬

‫‪171‬‬
‫نادية جامع‬

‫‪ 3‬يق�صد بالإدارة التعليمية تلك التي حتقق الأغرا�ض الرتبوية والتي تعنى باملمار�سة والطريقة التي تو�ضع بها‬
‫هذه الأغرا�ض مو�ضع التنفيذ وتعنى �أي�ضا بالعنا�رص الب�رشية واملادية �أما العنا�رص الب�رشية فت�ضم املعلمني‬
‫والتالميذ والطلبة والآباء وي�شمل اجلانب املادي الأبنية والتجهيزات والأدوات والأموال‪.‬‬
‫‪ 4‬التنظيم بر�سم الظهري رقم ‪ 1.59.006‬بتاريخ ‪ 09‬فرباير ‪ 1959‬من�شور باجلريدة الر�سمية عدد ‪ ،2421‬بتاريخ‬
‫‪ 20‬مار�س ‪.1959‬‬

‫مت هذا التعديل بتاريخ ‪ 12‬ماي ‪.1967‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ 6‬قطاع الثقافة كان دائما تابعا لوزارة الرتبية الوطنية كم�صلحة �أو ق�سم �إىل �أن متت ف�صله يف هذه الهيكلة‬
‫اجلديدة ومع نهاية الت�سعينات مت ربطه بقطاع التعليم العايل‪.‬‬
‫احل�سن الثاين يف خطاب العر�ش بتاريخ ‪ 03‬مار�س ‪ ،1969‬انبعاث �أمة‪ ،‬اجلزء ‪� ،15‬ص‪.108 .‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪ 8‬املر�سوم رقم ‪ 2.96.956‬بتاريخ ‪ 04‬فرباير ‪ ،1998‬ج‪.‬ر ‪ .‬عدد ‪ ،4562‬ب�ش�أن اخت�صا�صات وزارة الرتبية الوطنية‬
‫(قطاع الرتبية والوطنية) وتق�سيم الإدارة‪.‬‬
‫‪ 9‬املر�سوم رقم ‪ 2.91.683‬بتاريخ ‪ 1998/02/15‬ب�ش�أن اخت�صا�صات وزارة الرتبية الوطنية (قطاع التعليم العايل)‬
‫و تق�سيم الإدارة ال�صادر يف اجلريدة الر�سمية‪ ،‬عدد ‪.4207‬‬
‫‪ 10‬مبوجب املر�سوم رقم ‪ 2-02-382‬بتاريخ ‪ 17‬يوليو ‪ 2002‬ب�ش�أن اخت�صا�صات وتنظيم وزارة الرتبية الوطنية‪ ،‬حيث‬
‫مت تقلي�ص البنيات املركزية‪ ،‬حيث انخف�ض عدد املديريات املركزية من ‪� 18‬إىل ‪ 10‬مديريات وعدد الأق�سام من‬
‫‪� 72‬إىل ‪ 33‬ق�سما وعدد امل�صالح من ‪� 238‬إىل ‪ 71‬م�صلحة‪.‬‬
‫‪ 11‬ميكن القول ب�أن هذا التق�سيم جاء لتلبية الأحزاب يف احل�صول على حقائب وزارية مما ا�ستدعى تق�سيم القطاع‬
‫بني وزارتني‪.‬‬
‫‪ 12‬حممد فاوبار‪ ،‬امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‪ :‬قراءة حتليلية‪ ،‬من�شورات عامل الرتبية‪ ،‬الدار البي�ضاء‪،2006 ،‬‬
‫�ص‪.66 .‬‬

‫‪� 13‬سعيد الرا�شدي‪ ،‬النظام الرتبوي املغربي‪ ،‬الطبعة الأوىل‪ ،‬دار القلم للطباعة والن�رش والتوزيع‪ ،‬الرباط‪،2008 ،‬‬
‫�ص‪.8 .‬‬

‫املرجع ال�سابق‪.‬‬ ‫‪14‬‬

‫‪.95‬‬ ‫حممد ال�سوايل‪« ،‬التعليم التقني واملهني باملغرب»‪ ،‬جملة عامل الرتبية‪ ،‬العدد ‪ ،3‬ال�سنة الثانية‪� ،‬ص‪.‬‬ ‫‪15‬‬

‫اململكة املغربية‪ ،‬وزارة التعليم العايل والبحث العلمي‪ ،‬خال�صة احل�صيلة املرحلية ل�سنة ‪.2011‬‬ ‫‪16‬‬

‫‪.95‬‬ ‫حممد ال�سوايل‪« ،‬التعليم التقني واملهني باملغرب»‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪� 18‬أ�صبح التعيني يف منا�صب امل�س�ؤولية للجامعات والأكادمييات وعمداء ومدراء امل�ؤ�س�سات التعليمية يتوقف على‬
‫تقدمي م�شاريع لتطويرها �أمام جلن لالنتقاء تعني لهذا الغر�ض‪ ،‬وهذه اللجنة تتحكم فيها ال�سلطة الرئا�سية مما‬
‫ي�ؤثر على ا�ستقالليتها‪.‬‬
‫املنتدى الوطني للإ�صالح‪ :‬املكت�سبات والأفق‪ ،‬الوثائق الكاملة وخال�صة الأ�شغال‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪،‬‬ ‫‪19‬‬

‫الدار البي�ضاء يوليوز ‪� ،2005‬ص‪.12 .‬‬

‫‪.95‬‬ ‫حممد ال�سوايل‪« ،‬التعليم التقني واملهني باملغرب»‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.‬‬ ‫‪20‬‬

‫‪172‬‬
‫التدبري الالمركزي لقطاع التعليم العايل‪ :‬الواقع والآفاق‬

‫‪ 21‬كان لهذا ال ّتمركز انعكا�سان وا�ضحان‪ ،‬الأول يرتبط باجلانب املايل‪� ،‬إذ � ّأن هذه امل� ّؤ�س�سات جعلت الطّ لبة‬
‫يتوافدون على العا�صمة من جمموع �أقاليم اململكة‪ ،‬الأمر الذي تطلّب �إحداث �أحياء جامعية ومطاعم ال�ستقبالهم‬
‫جمع الهائل للطّ الب بالعا�صمة جعلها‬ ‫وتقدمي املنح ال ّدرا�سية لهم‪ّ � .‬أما االنعكا�س الثّاين فيتمثّل يف كون ذلك ال ّت ّ‬
‫تعي�ش على �إيقاع �إ�رضابات ومظاهرات ب�سبب امل�شاكل املتع ّددة ال ّتي كانت تعرفها اجلامعة �آنذاك‪ ،‬وقد زاد من‬
‫ح ّدة تلك القالقل احلظر القانوين للمنظمة الطالبية‪ ،‬االحتاد الوطني لطلبة املغرب‪� ،‬سنة ‪ .1973‬كما �أ ّنه يف كثري‬
‫من الأحيان كانت تلك االحتجاجات الطّ البية تتجاوز �أ�سوار اجلامعة‪ .‬ولأجل تفادي «االنعكا�سات ال�سلبية»‬
‫املهتمة بالأمن يف‬
‫ّ‬ ‫لتجمع الطّ لبة بالعا�صمة فكرت ال�سلطة احلكومية املكلفة بال ّتعليم العايل‪ ،‬وكذلك ال�سلطات‬ ‫ّ‬
‫خا�صة الإفريقية‬‫�رضورة «ت�شتيت» الطلبة تبعا لت�ش ّتت امل� ّؤ�س�سات اجلامعية وجدير بالذكر � ّأن كثريا من ال ّدول ّ‬
‫جتمع الطلبة بالعا�صمة فقامت ب�إن�شاء جامعات يف خمتلف الأقاليم‪ ،‬بل منها الّتي مل حتدث � ّأية‬ ‫�أدركت خطورة ّ‬
‫ال�سيا�سية كدولة مايل مثال‪.‬‬ ‫جامعة بالعا�صمة ّ‬
‫‪ 22‬ظهري �رشيف مبثابة قانون رقم ‪ 1-75-102‬بتاريخ ‪ 25‬فرباير ‪ 1975‬يتعلق بتنظيم اجلامعات‪ ،‬اجلريدة الر�سمية‬
‫عدد ‪ ،3252‬بتاريخ ‪ 26‬فرباير ‪.1975‬‬

‫‪ 23‬حممد فاوبار‪« ،‬الإ�صالح الرتبوي والتدبري الإداري‪ :‬امليثاق الوطني للرتبية والتكوين من التوجهات �إىل �إجراءات‬
‫التفعيل»‪ ،‬جملة عامل الرتبية‪ ،‬العدد ‪� ،2002/12‬ص‪.95 .‬‬

‫‪24 Mohamed El Yalaoui, Financement et mise en œuvre des plans d’éducation au Maroc :‬‬
‫‪mettre en œuvre et financer l’éducation pour tous, UNESCO, Paris, 2005, p. 47.‬‬

‫‪� 25‬أنظر امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‪.‬‬


‫‪.30‬‬ ‫املنتدى الوطني للإ�صالح‪ :‬املكت�سبات والأفق‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.‬‬ ‫‪26‬‬

‫‪ 27‬املادة ‪ 04‬من القانون املنظم للجامعات ‪ 01.00‬ال�صادر بتاريخ ‪ 19‬ماي ‪ ،2000‬املن�شور باجلريدة الر�سمية‬
‫عدد ‪ 4798‬بتاريخ ‪ 25‬ماي ‪� ،2000‬ص‪.1194 .‬‬

‫‪ 28‬طبقا للمر�سوم رقم ‪� 2.90.554‬صادر يف ‪ 2‬رجب ‪ 18( 1411‬يناير ‪ )1991‬املتعلق بامل�ؤ�س�سات اجلامعية والأحياء‬
‫اجلامعية كما مت تتميمه‪،‬ت�شتمل كل جامعة بالإ�ضافة �إىل امل�صالح امل�شرتكة للرئا�سة على م�ؤ�س�سات جامعية‬
‫(�إما ذات ولوج مفتوح �أو ذات ولوج حمدود) �أي كليات ومدار�س ومعاهد خمت�صة ت�ستجيب حلاجات البحث‬
‫موزعة على جهات اململكة‪.‬‬
‫‪ 29‬قرار وزير التعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي رقم ‪� 905.02‬صادر يف ‪ 28‬ربيع الأول ‪ 10( 1423‬يونيو‬
‫‪ )2002‬بتعني �آمر م�ساعد بال�رصف‪ ،‬املن�شور باجلريدة الر�سمية عدد ‪ 5023‬بتاريخ ‪ 22‬يوليو ‪� ،2002‬ص‪.2087 .‬‬
‫يف هذا ال�سياق قامت اجلامعات‪ ،‬واملركز الوطني للبحث العلمي والتقني‪ ،‬واملكتب الوطني للأعمال اجلامعية‬ ‫‪30‬‬

‫االجتماعية والثقافية ببلورة م�شاريع تتما�شى ومبادئ وغايات و�أهداف وتدابري الربنامج اال�ستعجايل‪ .‬وقد‬
‫توجت هذه العملية بتوقيع ‪ 17‬عقدا للتنمية ما بني الدولة من جهة و‪ 15‬جامعة واملركز الوطني للبحث العلمي‬
‫والتقني واملكتب الوطني للأعمال اجلامعية االجتماعية والثقافية من جهة �أخرى ب�أكادير يوم ‪� 6‬أكتوبر ‪.2009‬‬
‫‪ 31‬اململكة املغربية ‪ :‬وزارة التعليم العايل والبحث العلمي وتكوين الأطر‪ ،‬التقرير الرتكيبي للربنامج اال�ستعجايل‬
‫‪.2012-2009‬‬
‫اخلطاب امللكي يوم اخلمي�س ‪ 6‬نونرب ‪ 2008‬مبنا�سبة امل�سرية اخل�رضاء‪.‬‬ ‫‪32‬‬

‫‪.65‬‬ ‫حممد فاوبار‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.‬‬ ‫‪33‬‬

‫‪173‬‬
‫نادية جامع‬

‫‪ 34‬عبد اللطيف فرحي‪�« ،‬آفاق اجلهوية يف قطاع الرتبية والتعليم على �ضوء التجربة الإ�سبانية»‪ ،‬جملة عامل الرتبية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،20‬من�شورات عامل الرتبية‪� ،2011 ،‬ص‪.212 .‬‬

‫‪.44‬‬ ‫حممد ال�سوايل‪ ،‬ال�سيا�سات الرتبوية‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.‬‬ ‫‪35‬‬

‫‪36‬‬ ‫‪I. Dalle, l’Espérance brisée, édition Tarik Maisonneuve et Larose, Paris, 2001, p. 72.‬‬

‫‪.66‬‬ ‫حممد فاوبار‪ ،‬امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‪ :‬قراءة حتليلية‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.‬‬ ‫‪37‬‬

‫‪38‬‬ ‫‪J. Fournier, la Politique de l’éducation, édition du Seuil, Paris, 1971, p. 22.‬‬

‫‪.23‬‬ ‫حممد عابد اجلابري ‪ :‬يف حوار �أجرته معه جملة الثانوية‪ ،‬العدد الأول‪ ،‬فرباير ‪� ،2000‬ص‪.‬‬ ‫‪39‬‬

‫‪.24‬‬ ‫املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.‬‬ ‫‪40‬‬

‫‪.23‬‬ ‫املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.‬‬ ‫‪41‬‬

‫‪ 42‬حممد الدروي�ش‪ ،‬الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العايل يف حوار �أجرته جريدة االحتاد اال�شرتاكي بتاريخ‬
‫‪� 28‬شتنرب ‪ ،2012‬العدد ‪� ،10206‬ص‪.5 .‬‬

‫‪ 43‬حممد ولد دادة‪« ،‬اعتماد حكامة جديدة يف جمال تدبري املوارد الب�رشية املدخل احلقيقي للإ�صالح منظومة‬
‫الرتبية والتكوين»‪ ،‬جملة عامل الرتبية‪ ،‬العدد ‪ ،20‬من�شورات عامل الرتبية‪� ،2011 ،‬ص‪.39 .‬‬

‫‪ 44‬عزيز التيجي‪ ،‬التدبري الالمركزي والالمتمركز‪ :‬جمال الرتبية والتكوين منوذجا‪ ،‬من�شورات �صدى الت�ضامن‪،‬‬
‫الدار البي�ضاء‪� ،‬أبريل ‪� ،2008‬ص‪.11 .‬‬

‫املرجع ال�سابق‪.‬‬ ‫‪45‬‬

‫‪ 46‬حممد فاحتي‪« ،‬نحو �سيا�سة متينة للحكامة املحلية يف الرتبية والتعليم»‪ ،‬جملة عامل الرتبية‪ ،‬العدد ‪،20‬‬
‫من�شورات عامل الرتبية‪� ،2011 ،‬ص‪.57 .‬‬

‫‪� 47‬أ�صبح ب�إمكان اجلامعات مثال �إحداث �شهادات خا�صة بها‪ ،‬غري تلك املحدثة من طرف الدولة واملتوجة للأ�سالك‬
‫اجلديدة للتعليم العايل وتلك ال�شهادات اخلا�صة قد تهم برامج تعليمية غري نظامية ممثلة يف التكوين امل�ستمر �أو‬
‫بيداغوجيا الكبار �أو اللغات وغري ذلك‪.‬‬
‫‪ 48‬طبقا للمادة ‪ 12‬من القانون ‪ 01.00‬يتكلف جمل�س اجلامعة بدرا�سة الأمور املالية للجامعة املتعلقة خا�صة‬
‫باملهام التالية‪:‬‬
‫– املوافقة على م�رشوع ميزانية اجلامعة ؛‬
‫–  توزيع االعتمادات املالية على خمتلف امل�ؤ�س�سات اجلامعية وم�صالح اجلامعة وامل�صالح امل�شرتكة‬
‫باجلامعة ؛‬
‫– حتديد �أنظمة التعوي�ضات التكميلية امل�شار �إليها يف الفقرة الثالثة من املادة ‪ 17‬بعده؛‬
‫– قبول الهبات والو�صايا ؛‬
‫– انتداب رئي�س اجلامعة القتناء عنا�رص من املمتلكات العقارية للجامعة �أو تفويتها‪.‬‬
‫‪� 49‬إدري�س طهطاوي‪« ،‬احلكامة يف تدبري اجلامعة املغربية وفق الربنامج اال�ستعجايل»‪ ،‬جملة م�سارات‪ ،‬مطبعة‬
‫النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البي�ضاء‪� ،2010 ،‬ص‪.12 .‬‬

‫‪174‬‬
‫التدبري الالمركزي لقطاع التعليم العايل‪ :‬الواقع والآفاق‬

‫انظر‪:‬‬ ‫‪50‬‬

‫–  املر�سوم رقم ‪� 2.01.2362‬صادر يف ‪ 22‬ربيع الأول ‪ 04( 1423‬يونيو ‪ )2002‬املتعلق بتحديد كيفيات تعيني‬
‫وانتخاب �أع�ضاء جمال�س اجلامعات املن�شور باجلريدة الر�سمية عدد ‪ 5012‬بتاريخ ‪ 27‬يونيو ‪.2002‬‬
‫–  املر�سوم رقم ‪� 2.01.2327‬صادر يف ‪ 22‬ربيع الأول ‪ 04( 1423‬يونيو ‪ )2002‬املتعلق بتحديد كيفيات تعيني‬
‫�أع�ضاء جمل�س تدبري اجلامعة املن�شور باجلريدة الر�سمية عدد ‪ 5016‬بتاريخ ‪ 27‬يونيو ‪.2002‬‬
‫عالل بن العزمية‪« ،‬احلكامة يف الرتبية»‪ ،‬جملة عامل الرتبية‪ ،‬العدد ‪ ،20‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.207 .‬‬ ‫‪51‬‬

‫‪.12‬‬ ‫‪� 52‬إدري�س طهطاوي‪ ،‬احلكامة يف تدبري اجلامعة املغربية وفق الربنامج اال�ستعجايل‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.‬‬
‫‪ 53‬اململكة املغربية‪ :‬اللجنة اخلا�صة للرتبية والتكوين ‪ :‬اال�ستماعات للفاعلني الرتبويني‪ ،‬عر�ض النقابة الوطنية‬
‫للتعليم العايل‪ ،‬غ�شت ‪� ،2000‬ص‪.89 .‬‬

‫‪.179‬‬ ‫حممد ال�سوايل‪ ،‬ال�سيا�سة الرتبوية‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.‬‬ ‫‪54‬‬

‫‪ 55‬يف املادتان ‪ 20-19‬من القانون املنظم للتعليم العايل ‪ :00.01‬حتدث امل�ؤ�س�سات اجلامعية يف �شكل كليات �أو‬
‫مدار�س �أو معاهد‪ ،‬وت�شكل هياكل للتعليم العايل والبحث باجلامعة‪ .‬وت�ضم �شعبا مطابقة للتخ�ص�صات وملجاالت‬
‫الدرا�سة والبحث كما ت�ضم م�صالح خا�صة بها‪ .‬ويجوز لها كذلك �أن حتدث بعد موافقة جمل�س اجلامعة مراكز‬
‫للتعليم والتكوين والدرا�سة �أو للبحث �أو هما معا‪ .‬حتدث امل�ؤ�س�سات اجلامعية مبر�سوم ويدير �ش�ؤونها جمل�س‬
‫للم�ؤ�س�سة‪.‬‬
‫‪.60‬‬ ‫حممد فاحتي‪ ،‬نحو �سيا�سة متينة للحكامة املحلية يف الرتبية والتعليم‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.‬‬ ‫‪56‬‬

‫‪ 57‬ح�سب املادة ‪ 11‬من القانون املنظم للتعليم العايل ‪ :00.01‬يتمتع جمل�س اجلامعة بجميع ال�سلطات وال�صالحيات‬
‫الالزمة لإدارة اجلامعة‪ .‬ويجتمع بدعوة من رئي�سه مببادرة منه �أو بطلب مكتوب من ثلث �أع�ضاء املجل�س على‬
‫الأقل كلما ا�ستلزمت ذلك حاجة اجلامعة ومرتني على الأقل يف كل �سنة حما�سبية ‪� :‬إحداهما حل�رص القوائم‬
‫الرتكيبية لل�سنة املحا�سبية املنتهية‪ ،‬والأخرى لدرا�سة وح�رص ميزانية ال�سنة املوالية وبرنامج عملها‪ .‬يتداول‬
‫جمل�س اجلامعة ب�صفة قانونية بح�ضور ن�صف �أع�ضائه على الأقل‪ .‬وت�شري املادة ‪ 22‬من نف�س القانون ‪ :‬يت�ألف‬
‫جمل�س امل�ؤ�س�سة من �أع�ضاء بحكم القانون ومن ممثلني منتخبني عن الأ�ساتذة وامل�ستخدمني الإداريني والتقنيني‬
‫وممثلني منتخبني عن الطلبة وكذا من �أع�ضاء معينني من بني �شخ�صيات من خارج امل�ؤ�س�سة‪ .‬ويحدد ت�أليف‬
‫جمال�س امل�ؤ�س�سات وكيفية تعيني �أع�ضائها �أو انتخابهم وكذا طريقة �سريها بن�ص تنظيمي‪.‬‬
‫‪ 58‬املجل�س الأعلى‪ :‬درا�سات حول جمال�س تدبري امل�ؤ�س�سات التعليمية يف عالقتها بالإدارة الرتبوية واملجال�س‬
‫الأخرى مل�ؤ�س�سات الرتبية والتكوين‪ ،‬غ�شت ‪� ،2007‬ص‪.16 .‬‬
‫‪.60‬‬ ‫حممد فاحتي‪ ،‬نحو �سيا�سة متينة للحكامة املحلية يف الرتبية والتعليم‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.‬‬ ‫‪59‬‬

‫‪.20-19‬‬ ‫املجل�س الأعلى‪ ،‬درا�سات حول جمال�س تدبري امل�ؤ�س�سات التعليمية‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.‬‬ ‫‪60‬‬

‫‪.219‬‬ ‫حممد ال�سوايل‪ ،‬ال�سيا�سات الرتبوية‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.‬‬ ‫‪61‬‬

‫‪.222‬‬ ‫املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.‬‬ ‫‪62‬‬

‫‪63‬‬ ‫‪ emailly Lise (éd.), Evaluer les politiques éducatives, Édition Boeck, Université Bruxelles,‬‬
‫‪D‬‬
‫‪2001, p. 111.‬‬

‫‪175‬‬
‫نادية جامع‬

‫‪.228‬‬ ‫حممد ال�سوايل‪ ،‬ال�سيا�سات الرتبوية‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.‬‬ ‫‪64‬‬

‫‪ 65‬اململكة املغربية‪ ،‬اللجنة اخلا�صة للرتبية والتكوين ‪ :‬اال�ستماعات للفاعلني الرتبويني‪ ،‬عر�ض اجلمعية املغربية‬
‫ملفت�شي امل�صالح االقت�صادية لوزارة الرتبية‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.290 .‬‬

‫‪ 66‬عبد اهلل �ساعف‪« ،‬الالتركيز الالمركزية وا�ستقاللية امل�ؤ�س�سات الدرا�سية»‪ ،‬جملة الثانوية‪ ،‬العدد الأول‪،‬‬
‫فرباير ‪� ،2000‬ص‪.3 .‬‬

‫املراجع‬
‫• الكتب‬
‫�إدري�س طهطاوي‪ ،‬احلكامة يف تدبري اجلامعة املغربية وفق الربنامج اال�ستعجايل‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫اجلديدة‪ ،‬الدار البي�ضاء‪.2010 ،‬‬
‫حممد فاوبار‪ ،‬امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‪ :‬قراءة حتليلية‪ ،‬من�شورات عامل الرتبية‪،‬‬
‫الدار البي�ضاء‪.2006 ،‬‬
‫م�ؤلف جماعي‪ ،‬م�صطفى حممد متويل‪ ،‬حممد �شحات اخلطيب‪ ،‬عبد العزيز بن عبد اهلل ال�سنبل‪ ،‬نظام‬
‫التعليم يف اململكة العربية ال�سعودية‪ ،‬كلية الرتبية‪ ،‬جامعة امللك �سعود‪ ،‬النا�رش دار اخلريجني‬
‫للن�رش والتوزيع‪ ،‬الطبعة الثالثة‪.1997 ،‬‬
‫�سعيد الرا�شدي ‪ ،‬النظام الرتبوي املغربي‪ ،‬الطبعة الأوىل‪ ،‬دار القلم للطباعة والن�رش والتوزيع‪،‬‬
‫الرباط‪.2008 ،‬‬
‫عزيز التيجي‪ ،‬التدبري الالمركزي والالمتمركز جمال الرتبية والتكوين منوذجا‪ ،‬من�شورات‬
‫�صدى الت�ضامن‪ ،‬الدار البي�ضاء‪� ،‬أبريل ‪.2008‬‬

‫• مقاالت‬
‫حممد فاوبار‪« ،‬الإ�صالح الرتبوي والتدبري الإداري‪ :‬امليثاق الوطني للرتبية والتكوين من‬
‫التوجهات �إىل �إجراءات التفعيل»‪ ،‬جملة عامل الرتبية‪ ،2002 ،‬العدد ‪.12‬‬
‫حممد ال�سوايل‪« ،‬التعليم التقني واملهني باملغرب»‪ ،‬جملة عامل الرتبية‪ ،‬العدد ‪ ،3‬ال�سنة الثانية‪،‬‬
‫�ص‪.95 .‬‬

‫عبد اللطيف فرحي‪� ،‬آفاق اجلهوية يف قطاع الرتبية والتعليم على �ضوء التجربة الإ�سبانية‪ ،‬جملة‬
‫عامل الرتبية‪ ،‬العدد ‪ ،20‬من�شورات عامل الرتبية‪� ،2011 ،‬ص‪.212 .‬‬
‫‪176‬‬
‫التدبري الالمركزي لقطاع التعليم العايل‪ :‬الواقع والآفاق‬

‫‪.23‬‬ ‫حممد عابد اجلابري ‪ ،‬يف حوار �أجرته معه جملة الثانوية‪ ،‬العدد الأول‪ ،‬فرباير ‪� ،2000‬ص‪.‬‬
‫حممد الدروي�ش‪ ،‬الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العايل يف حوار �أجرته جريدة االحتاد‬
‫اال�شرتاكي بتاريخ ‪� 28‬شتنرب ‪ ،2012‬العدد ‪� ،10206‬ص‪.5 .‬‬
‫حممد ولد دادة‪« ،‬اعتماد حكامة جديدة يف جمال تدبري املوارد الب�رشية املدخل احلقيقي لإ�صالح‬
‫منظومة الرتبية والتكوين»‪ ،‬جملة عامل الرتبية‪ ،‬العدد ‪ ،20‬من�شورات عامل الرتبية‪،2011 ،‬‬
‫�ص‪.39 .‬‬

‫حممد فاحتي‪« ،‬نحو �سيا�سة متينة للحكامة املحلية يف الرتبية والتعليم»‪ ،‬جملة عامل الرتبية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،20‬من�شورات عامل الرتبية ‪� ،2011‬ص‪.57 .‬‬

‫عبد اهلل �ساعف‪« ،‬الالتركيز الالمركزية وا�ستقاللية امل�ؤ�س�سات الدرا�سية»‪ ،‬جملة الثانوية‪،‬‬
‫العدد الأول‪ ،‬فرباير ‪� ،2000‬ص‪.3 .‬‬

‫• وثائق ر�سمية‬
‫اململكة املغربية‪ ،‬وزارة التعليم العايل والبحث العلمي وتكوين الأطر‪ ،‬التقرير الرتكيبي للربنامج‬
‫اال�ستعجايل ‪.2012-2009‬‬
‫اململكة املغربية‪ ،‬وزارة التعليم العايل والبحث العلمي‪ ،‬خال�صة احل�صيلة املرحلية ل�سنة ‪.2011‬‬
‫اململكة املغربية‪ ،‬املنتدى الوطني للإ�صالح املكت�سبات والأفق‪ ،‬الوثائق الكاملة وخال�صة الأ�شغال‪،‬‬
‫مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البي�ضاء‪ ،‬يوليوز ‪.2005‬‬
‫اململكة املغربية‪ ،‬اللجنة اخلا�صة للرتبية والتكوين‪ ،‬اال�ستماعات للفاعلني الرتبويني‪ ،‬عر�ض النقابة‬
‫الوطنية للتعليم العايل‪ ،‬غ�شت ‪.2000‬‬
‫املجل�س الأعلى‪ ،‬درا�سات حول جمال�س تدبري امل�ؤ�س�سات التعليمية يف عالقتها بالإدارة الرتبوية‬
‫واملجال�س الأخرى مل�ؤ�س�سات الرتبية والتكوين‪ ،‬غ�شت ‪.2007‬‬

‫• الن�صو�ص القانونية‬
‫القانون املنظم للجامعات ‪ 01.00‬ال�صادر بتاريخ ‪ 19‬ماي ‪ 2000‬املن�شور باجلريدة الر�سمية‬
‫عدد ‪ ،4798‬بتاريخ ‪ 25‬ماي ‪� ،2000‬ص‪.1194 .‬‬
‫الظهري رقم ‪ 1.59.006‬بتاريخ ‪ 09‬فرباير ‪ 1959‬من�شور باجلريدة الر�سمية عدد ‪ ،2421‬بتاريخ‬
‫‪ 20‬مار�س ‪ 1959‬املتعلق ب�أول هيكلة تنظيمية‪.‬‬
‫‪177‬‬
‫نادية جامع‬

‫ظهري �رشيف مبثابة قانون رقم ‪ 1-75-102‬بتاريخ ‪ 25‬فرباير ‪ 1975‬يتعلق بتنظيم اجلامعات‬
‫اجلريدة الر�سمية عدد ‪ ،3252‬بتاريخ ‪ 26‬فرباير ‪.1975‬‬

‫املر�سوم رقم ‪� 2.01.2362‬صادر يف ‪ 22‬ربيع الأول ‪ 04( 1423‬يونيو ‪ )2002‬املتعلق بتحديد‬


‫كيفيات تعيني وانتخاب �أع�ضاء جمال�س اجلامعات املن�شور باجلريدة الر�سمية عدد ‪5012‬‬

‫بتاريخ ‪ 27‬يونيو ‪.2002‬‬


‫املر�سوم رقم ‪� 2.01.2327‬صادر يف ‪ 22‬ربيع الأول ‪ 04( 1423‬يونيو ‪ )2002‬املتعلق بتحديد‬
‫كيفيات تعيني �أع�ضاء جمل�س تدبري اجلامعة املن�شور باجلريدة الر�سمية عدد ‪ 5016‬بتاريخ‬
‫‪ 27‬يونيو ‪.2002‬‬

‫املر�سوم رقم ‪ 2.96.956‬بتاريخ ‪ 04‬فرباير ‪ 1998‬ب�ش�أن اخت�صا�صات وزارة الرتبية الوطنية‬


‫(قطاع الرتبية والوطنية) وتق�سيم الإدارة املن�شور باجلريدة الر�سمية عدد ‪.4562‬‬

‫املر�سوم رقم ‪ 2.91.683‬بتاريخ ‪ 15‬فرباير ‪ 1998‬ب�ش�أن اخت�صا�صات وزارة الرتبية الوطنية‬


‫(قطاع التعليم العايل) وتق�سيم الإدارة ال�صادر يف اجلريدة الر�سمية عدد ‪.4207‬‬
‫املر�سوم رقم ‪ 2.02.382‬بتاريخ ‪ 17‬يوليو ‪ 2002‬ب�ش�أن اخت�صا�صات وتنظيم وزارة الرتبية‬
‫الوطنية‪ ،‬حيث مت تقلي�ص البنيات املركزية‪ ،‬حيث انخف�ض عدد املديريات املركزية من ‪� 18‬إىل‬
‫‪ 10‬مديريات وعدد الأق�سام من ‪� 72‬إىل ‪ 33‬ق�سما وعدد امل�صالح من ‪� 238‬إىل ‪ 71‬م�صلحة‪.‬‬
‫مر�سوم رقم ‪� 2.90.554‬صادر يف ‪ 2‬رجب ‪ 18( 1411‬يناير ‪ )1991‬املتعلق بامل�ؤ�س�سات اجلامعية‬
‫والأحياء اجلامعية كما مت تتميمه‪.‬‬
‫قرار وزير التعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي رقم ‪� 905.02‬صادر يف ‪ 28‬ربيع الأول‬
‫‪ 10( 1423‬يونيو ‪ )2002‬بتعيني �آمر م�ساعد بال�رصف‪ .‬املن�شور باجلريدة الر�سمية‬
‫عدد ‪ 5023‬بتاريخ ‪ 22‬يوليو ‪� ،2002‬ص‪.2087 .‬‬

‫• مراجع باللغة الفرن�سية‬


‫‪Dalle (I.), l’Espérence brisée, Edition Tarik Maisonneuvre et Larose, Paris,‬‬
‫‪2001.‬‬
‫‪Fournier (J.), la Politique de l’éducation, édition du Seuil, Paris, 1971.‬‬
‫‪Demailly Lise (éd.), Evaluer les politiques éducatives, Édition Bœck,‬‬
‫‪Université Bruxelles, 2001.‬‬
‫‪Mohamed El Yalaoui, Financement et mise en œuvre des plans d’éducation‬‬
‫‪au Maroc : mettre en œuvre et financer l’Education pour tous, UNESCO,‬‬
‫‪Paris, 2005.‬‬

‫‪178‬‬
‫�إ�شكالية اال�ستقالل املايل للم�ؤ�س�سات الرتبوية‬
‫على �ضوء التدبري الالمركزي ‪ :‬اجلامعة املغربية منوذجا‬
‫ع�صام القرين‬

‫ملخ�ص‬
‫يخ�ضع تدبري اجلامعات باملغرب لأ�سلوب امل�ؤ�س�سة العمومية الذي يروم منح اجلامعة ا�ستقالال‬
‫�إداريا وماليا‪ ،‬الهدف منه االرتقاء بجودة خمرجات التعليم العايل‪� ،‬إال �أن واقع املمار�سة املالية‬
‫للجامعات يك�شف �أن هذا اال�ستقالل حمدود للغاية‪ ،‬نتيجة لندرة املوارد الذاتية وامل�ستدامة‪،‬‬
‫وارتهان ميزانية اجلامعات لتحويالت امليزانية العامة‪ ،‬ورتابة الو�صاية املمار�سة من قبل وزارة‬
‫التعليم العايل‪ ،‬وتعدد �أوجه الرقابة املمار�سة على الن�شاط املايل للجامعة‪.‬‬
‫ومن �أجل تعزيز اال�ستقالل املايل للجامعة املغربية‪ ،‬من املهم تنويع وتعبئة مواردها املالية‪ ،‬ثم‬
‫تو�سيع هام�ش �صالحياتها على م�ستوى التدبري املايل‪� ،‬إ�ضافة �إىل جتويد �إدارتها املالية وت�أهيل‬
‫مواردها الب�رشية‪ ،‬موازاة مع احلر�ص على �ضمان تفادي املخاطر الناجمة عن م�سل�سل تو�سيع‬
‫ا�ستقاللية اجلامعة‪.‬‬

‫مقدمة‬
‫يت�أ�س�س النظام الالمركزي كمفهوم وك�أ�سلوب تدبريي يهدف �إىل تفادي تركيز ال�سلطة يف‬
‫م�ستوى �إداري واحد على ركيزتني �أ�سا�سيتني‪� ،‬أوالهما اال�ستقالل الإداري للهيئات الالمركزية‬
‫وثانيهما اال�ستقالل املايل لهذه الهيئات؛ وبالتايل ف�ضعف �إحدى هاتني الركيزتني ي�ؤدي بالنتيجة‬
‫�إىل حمدودية النتائج املتوخاة من اعتماد �آلية التدبري الالمركزي‪ .‬و�إذا كان حتقيق اال�ستقالل‬
‫الإداري ي�ستلزم فقط توافر الإرادة ال�سيا�سية ونقل ال�سلط واالخت�صا�صات واملهام والوظائف‬
‫من امل�ستوى املركزي نحو امل�ستويات الالمركزية‪ ،‬ف�إن بلوغ اال�ستقالل املايل للبنيات الالمركزية‬
‫ع�صام القرين‬

‫يعد من الأمور امل�ستع�صية جدا‪ ،‬وهو ما يبدو جليا يف حمدودية اال�ستقالل املايل للجماعات الرتابية‬
‫رغم كل اجلهود املبذولة لتعزيز النظام الإداري الالمركزي على امتداد عقود عدة‪.‬‬

‫و�إذا كان الأمر على هذا النحو بالن�سبة لإحدى البنيات الإدارية الالمركزية التقليدية‪ ،‬ف�إن هذا الواقع‬
‫يزداد تعقيدا بامل�ؤ�س�سات التعليمية والرتبوية احلديثة العهد بالتنظيم الالمركزي‪ ،‬خا�صة و�أنها‬
‫م�ؤ�س�سات عمومية المركزية لها من اخل�صو�صيات ما يجعلها تتفرد عن باقي امل�ؤ�س�سات العمومية‪،‬‬
‫�سواء فيما يتعلق با�ستقاللها الإداري واملايل �أو من حيث طبيعة عالقتها باجلهة الو�صية التي‬
‫تختلف كثريا عن عالقة الو�صاية امل�ألوفة بامل�ؤ�س�سات العمومية الأخرى‪.‬‬

‫احلديث عن اال�ستقالل املايل للم�ؤ�س�سات الرتبوية‪ ،‬يتطلب جمموعة من ال�رشوط‪� ،‬أولها التوفر على‬
‫حد �أدنى من املوارد املالية الذاتية القارة‪ ،‬وثانيها التمتع ب�صالحيات تدبريية وا�سعة يف حتديد‬
‫�أوجه �رصف النفقات وكيفيات تنفيذ العمليات املالية‪ ،‬موازاة مع التوفر على الكفاءات والقدرات‬
‫الالزمة للتدبري الإداري واملايل واملحا�سبي على نحو م�ستقل‪ ،‬وثالثها احلد من هام�ش الو�صاية‬
‫املفرو�ضة على امل�ؤ�س�سات الرتبوية من طرف القطاع الو�صي‪ ،‬خا�صة املراقبة القبلية ورقابة‬
‫املالءمة‪.‬‬

‫غري �أن اجتماع هذه ال�رشوط يف امل�ؤ�س�سات الرتبوية والتعليمية‪ ،‬هي م�س�ألة غري ممكنة بالنظر‬
‫�إىل طبيعة املهام والوظائف امللقاة على هذه امل�ؤ�س�سات‪ ،‬فالرتبية والتعليم والتكوين تعد من‬
‫املرافق االجتماعية الرئي�سية التي حتتاج �إىل موارد مالية �ضخمة‪ ،‬ال ميكن ب�أي �شكل من الأ�شكال‬
‫�أن تتح�صل عليها امل�ؤ�س�سات الالمركزية للرتبية والتعليم‪ ،‬والتي تبقى مواردها الذاتية جمرد‬
‫مداخيل ا�ستثنائية وهزيلة جدا �إذا ما قورنت باالعتمادات املالية التي تخ�ص�صها الدولة لفائدة‬
‫هذه امل�ؤ�س�سات انطالقا من امليزانية العامة‪.‬‬

‫وبالتايل‪ ،‬ف�إنه على عك�س باقي امل�ؤ�س�سات العمومية التي غالبا ما تغطي احتياجاتها املالية عن‬
‫طريق االقتطاعات �أو الر�سوم �أو املقابل املادي املبا�رش الذي تتح�صل عليه مقابل اخلدمات ذات‬
‫الطبيعة الإدارية �أو التجارية �أو االجتماعية التي تقدمها للمواطنني‪ ،‬ف�إن اخلدمات املقدمة يف‬
‫مرافق الرتبية والتعليم والتكوين ب�شكل عام هي خدمات جمانية يف غالبيتها؛ وبالرغم من �أن‬
‫امل�رشع �أوجد بع�ض الآليات التي ميكن من خاللها للم�ؤ�س�سات الرتبوية والتعليمية ا�ستيفاء‬
‫بع�ض املوارد املالية الذاتية‪ ،‬مثل فر�ض ر�سوم الت�سجيل ور�سوم اال�ستفادة من التكوينات وعقد‬
‫‪180‬‬
‫�إ�شكالية اال�ستقالل املايل للم�ؤ�س�سات الرتبوية على �ضوء التدبري الالمركزي‬

‫ال�رشاكات ذات امل�ضمون التمويلي‪� ،‬إال �أن مثل هذه الآليات يبقى دورها حلدود الآن‪ ،‬هام�شي يف‬
‫تغطية نفقات الت�سيري واال�ستثمار املرتفعة بهذا القطاع‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬ف�إن اال�ستقالل املايل للم�ؤ�س�سات الرتبوية‪ ،‬يتمظهر ب�شكل �أ�سا�سي يف تو�سيع هام�ش‬
‫التدبري املايل احلر لدى هذه امل�ؤ�س�سات‪ ،‬خا�صة و�أن عددا من الن�صو�ص اجلديدة‪ ،‬ويف مقدمتها‬
‫امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‪ ،‬ت�ؤكد على �رضورة تعزيز النظام الالمركزي ملنظومة الرتبية‬
‫والتكوين والتعليم‪ ،‬من خالل موا�صلة نقل ال�صالحيات من امل�ستوى املركزي �إىل امل�ستويات‬
‫اجلهوية واملحلية‪ ،‬موازاة مع �ضمان ا�ستقاللية ت�رصف املجال�س الإدارية لكافة هذه امل�ؤ�س�سات‬
‫يف ميزانياتها اخلا�صة‪ ،‬وفق احلاجيات الواقعية لكل م�ؤ�س�سة‪ ،‬انطالقا من خ�صو�صيات حميطها‬
‫اجلهوي‪.‬‬

‫ونظرا ل�صعوبة الإحاطة بكل جتليات اال�ستقالل املايل ومظاهر ق�صوره يف كافة املكونات‬
‫امل�ؤ�س�ساتية ملنظومة الرتبية والتكوين �ضمن هذه امل�ساهمة‪ ،‬ف�إننا �سنقت�رص على درا�سة اجلامعة‬
‫املغربية كنموذج لهذه الدرا�سة‪.‬‬

‫ت�أ�سي�سا على ما �سبق‪ ،‬نحاول من خالل هذه امل�ساهمة مقاربة �إ�شكالية رئي�سية تتمثل يف‬
‫مدى اال�ستقالل املايل للجامعة املغربية؛ فلماذا �إذن حتتاج هذه امل�ؤ�س�سات للتمتع با�ستقاللها املايل؟‬
‫وكيف ميكن قراءة واقع هذا اال�ستقالل ببالدنا؟ وما هي �أبرز الإكراهات التي حتول دون حتقيقه؟‬
‫ثم هل من خماطر متوقعة ملنح هذا اال�ستقالل؟ وما هي ال�ضمانات الالزمة لتجنب الآثار ال�سلبية‬
‫لذلك؟ و�أخريا ما هي �أبرز املتطلبات التي يحتاجها توفري اال�ستقالل املايل للجامعة؟‬

‫ملعاجلة هذه الإ�شكالية نقرتح املحاور الرئي�سية التالية ‪:‬‬

‫�أوال ‪ :‬دواعي التوجه نحو اال�ستقالل املايل للجامعة؛‬


‫ثانيا ‪ :‬طبيعة اال�ستقالل املايل للجامعة؛‬
‫ثالثا ‪ :‬متطلبات اال�ستقالل املايل للجامعة و�ضمانات جناعته‪.‬‬
‫‪181‬‬
‫ع�صام القرين‬

‫�أوال ‪ :‬دواعي التوجه نحو اال�ستقالل املايل للجامعة‬

‫�ش�أنها يف ذلك �ش�أن خمتلف املرافق العامة املدبرة ب�أ�سلوب امل�ؤ�س�سة العمومية‪ ،‬تتمتع اجلامعات‬
‫بال�شخ�صية املعنوية العامة امل�ستقلة عن القطاع احلكومي املكلف بالرتبية والتعليم؛ ويرتتب عن‬
‫منح هذه ال�شخ�صية االعتبارية متتيع هذه امل�ؤ�س�سات بقدر من اال�ستقالل‪ ،‬خا�صة يف املجالني‬
‫الإداري واملايل‪ ،‬مع الإبقاء على نظامي املراقبة والو�صاية املمار�سني من طرف القطاع الوزاري‬
‫الو�صي وعدد من الأجهزة الرقابية الأخرى؛ وهو �أ�سلوب يندرج يف جمال الالمركزية املرفقية‬
‫الهادفة �إىل االرتقاء مب�ستوى تدبري وجودة مردودية املرافق العمومية‪ ،‬عن طريق حترير الهيئات‬
‫اخلا�ضعة لهذا الأ�سلوب من الروتني احلكومي والإجراءات املعقدة التي متيز التنظيم الإداري‬
‫املركزي وحتد من فعاليته‪� ،‬إ�ضافة �إىل متكني هذه الهيئات من ا�ستقطاب الكفاءات واخلربات‬
‫امل�ؤهلة لإدارة املرفق العمومي بقدر كبري من احلرية واملرونة واال�ستقالل ؛ وبالتايل ف�إن متتيع‬
‫‪1‬‬

‫امل�ؤ�س�سات اجلامعية بهذا الأ�سلوب التدبريي الوا�سع االنت�شار‪ ،‬يجد مربره‪ ،‬مبدئيا‪ ،‬يف توفري‬
‫الآليات التدبريية احلديثة التي يتيحها هذا الأ�سلوب الإداري املتميز‪ ،‬بغاية الرفع من خمرجات‬
‫التعليم العايل واالرتقاء بجودة اخلدمات التي يقدمها هذا املرفق احليوي واال�سرتاتيجي‪.‬‬

‫وباملوازاة مع املنظور القانوين والإداري‪ ،‬فاجلامعات بو�صفها مراكزا للعلم والفكر وم�صدرا‬
‫لإ�شعاع املجتمع كما �أنها منظمات تعليمية متميزة تقع عليها م�س�ؤولية التعليم والبحث وخدمة‬
‫املجتمع والإن�سانية مت�أثرة يف ذلك بكافة التغريات الثقافية والتكنولوجية واالقت�صادية‬
‫واالجتماعية ‪ ،‬يفرت�ض فيها �أن تكون م�ستقلة عن امل�ؤ�س�سات ال�سيا�سية والدينية الر�سمية وغريها‬
‫‪2‬‬

‫من امل�ؤ�س�سات الأخرى التي ميكن �أن تعيق �أو تقيد حرية الطالب وحتد ا�ستقالل اجلامعة ؛‬
‫‪3‬‬

‫وال �شك يف �أن اال�ستقالل املايل يعد �أحد ال�رشوط الالزمة لتوفري هذا النوع من اال�ستقالل‪ ،‬لأنه‪،‬‬
‫وكما هو ال�ش�أن بالن�سبة للجامعات اخلا�صة‪� ،‬صاحب املال ميكنه �أن يتحكم يف القرار الأكادميي‪ ،‬بل‬
‫قد ي�صبح واحلالة هاته هو متخذ القرار الأكادميي‪ ،‬و�أن تكون الإدارة اجلامعية هي فقط �صورة‬
‫لتحقيق املتطلبات الالزمة من الهيئات الناظمة ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫ويرتبط املفهوم العام لال�ستقاللية اجلامعية مبفهوم احلرية الأكادميية‪ ،‬التي تعد حاجة تربوية‬
‫ملحة يف اجلامعات‪ ،‬ت�ضمن حرية التفكري والتعبري واالعتقاد‪ ،‬وت�ساعد على منو الفكر و�إطالق‬
‫الإبداع وحتقيق ر�سالة اجلامعة وتكوين الإن�سان احلر ومن خالله املجتمع احلر؛ وهي عمليا حاجة‬
‫‪182‬‬
‫�إ�شكالية اال�ستقالل املايل للم�ؤ�س�سات الرتبوية على �ضوء التدبري الالمركزي‬

‫�رضورية للأ�ستاذ اجلامعي من �أجل القيام ب�أدواره ووظائفه يف جماالت التدري�س والبحث العلمي‬
‫وخدمة املجتمع‪ ،‬كما �أنها متكن الطالب من تو�سيع مداركه وتنمية خرباته وبناء �شخ�صيته ‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫ومن املهم الإ�شارة �إىل �إ�صدار عدد من الإعالنات الدولية املتعلقة با�ستقاللية اجلامعات والتعليم العايل‬
‫واحلرية الأكادميية ؛ من �أبرزها �إعالن ليما ب�ش�أن احلرية االكادميية وا�ستقالل م�ؤ�س�سات التعليم‬
‫‪6‬‬

‫العايل‪ ،‬والذي ع ّرف هذا اال�ستقالل ب�أنه «ا�ستقالل م�ؤ�س�سات التعليم العايل عن الدولة وغريها من‬
‫قوى املجتمع‪ ،‬و�صنع القرارات املتعلقة ب�سري العمل الداخلي فيها ومباليتها و�إدارتها‪ ،‬و�إقرار‬
‫�سيا�ساتها للتعليم والبحث والإر�شاد وغريها من الأن�شطة ذات ال�صلة» ؛ وح�سب هذا الإعالن‬
‫‪7‬‬

‫فا�ستقالل م�ؤ�س�سات التعليم العايل ميار�س بالو�سائل الدميقراطية للحكم الذاتي التي ت�شتمل على‬
‫امل�شاركة الفعالة من جانب جميع �أع�ضاء املجتمعات الأكادميية؛ ويجب �أن يتمتع جميع �أع�ضاء‬
‫املجتمع الأكادميي باحلق وت�ساوي الفر�ص ق�صد اال�شرتاك يف مبا�رشة ال�ش�ؤون الأكادميية‬
‫واالدارية دون متييز من �أي نوع؛ ويتم اختيار جميع الهيئات االدارية مل�ؤ�س�سات التعليم العايل‪،‬‬
‫والتي تتكون من �أع�ضاء من خمتلف قطاعات املجتمع الأكادميي‪ ،‬باالنتخاب احلر؛ ويجب �أن ي�شمل‬
‫اال�ستقالل القرارات املتعلقة بالإدارة وحتديد �سيا�سات التعليم والبحث والإر�شاد‪ ،‬وتخ�صي�ص‬
‫املوارد وغري ذلك من الأن�شطة ذات ال�صلة ‪.‬‬
‫‪8‬‬

‫وملا كان من الأدوار الرئي�سية للجامعة هو �إنتاج مواطنني م�ؤهلني مهنيا و�أكادمييا و�صناعة �أفراد‬
‫قادرين على موا�صلة احلياة واخللق والإبداع والعمل والإنتاج عرب �إمدادهم بالعلم واملعرفة احلرة‬
‫غري اخلا�ضعة ب�أي �شكل من الأ�شكال ل�سلطة �أي جهة �أو فرد‪ ،‬ف�إن اال�ستقالل مبختلف جتلياته‬
‫ومظاهره ي�صبح �رضورة بالن�سبة لهذه اجلامعات حتى تكون م�ؤهلة للقيام بهذا الدور دون‬
‫انحراف يف �أي اجتاه كان‪.‬‬

‫واليوم‪� ،‬أكرث من �أي وقت م�ضى‪� ،‬أ�ضحى التوجه نحو تعزيز ا�ستقاللية اجلامعة املغربية مطلب‬
‫يفر�ضه ال�سياق العام‪ ،‬خا�صة على م�ستوى توجه الدولة نحو تعزيز دعائم النظام الالمركزي عرب‬
‫�إر�ساء دعائم اجلهوية املتقدمة‪ ،‬موازاة مع تطوير �آليات الالتركيز الإداري حتى يكون قادرا على‬
‫مواكبة هذا الور�ش الإداري اال�سرتاتيجي‪.‬‬

‫وبالتايل �أ�صبح من الالزم ربط اجلامعة املغربية مبحيطها‪ ،‬لي�س االقت�صادي فقط‪ ،‬بل كذلك‬
‫مبحيطها الب�رشي والثقايف واالجتماعي والتاريخي‪ ،‬و�أن تن�صب امل�شاريع البحثية والعلمية على‬
‫‪183‬‬
‫ع�صام القرين‬

‫متابعة املوا�ضيع التي ت�شغل الرتاب الذي يحت�ضن اجلامعة‪ ،‬والظواهر التي �أ�صبحت ت�ؤثر فيه‪،‬‬
‫وا�سرتجاع �أنفا�سها من �أجل حتليل وفهم الإ�شكاالت اجلهوية واملحلية؛ ومن �ش�أن هذا االهتمام‬
‫واملتابعة العلمية �أن ي�سهم يف تقدمي مقرتحات حلول ترفع من مكانة وت�أثري اجلامعة يف حميطها‬
‫املحلي والرتابي‪ ،‬ليتم االنتقال من جامعات وطنية �إىل جامعات جهوية على �أ�سا�س تق�سيم ترابي‬
‫للمملكة ُيفعل �إطار اجلهوية املتقدمة ‪.‬‬
‫‪9‬‬

‫وتبعا لذلك‪ ،‬ميكن �أن ن�ست�رشف م�شاريع �إ�صالح جامعي ترابي تنبني على دور اجلامعة يف الرفع‬
‫من تناف�سية اجلهة على امل�ستويني الوطني والإقليمي‪ ،‬على �أن ت�شكل اجلهة وعاء للتفاو�ض‬
‫وامل�شاركة اجلماعية الحتواء ال�شباب العاطلني عن ال�شغل؛ وذلك بخلق مدارات علمية وجامعات‬
‫جهوية‪ ،‬الغر�ض منها �إبداع مبادرات حملية يتم ت�أطريها م�ؤ�س�ساتيا وقانونيا بح�سب ال�سياق‬
‫املحلي والوطني يف خ�ضم االنتقال التنموي‪ ،‬ال�سيما مع بروز وجتدر مقولة ما يعرف بدولة التخلي‬
‫�أو دولة احلد الأدنى‪ .‬كما يظل مقرتح جامعة جهوية تعتمد تدبريا يرتكز على منح ا�ستقاللية مالية‬
‫وم�س�ؤولية مبا�رشة ملجموع الفاعلني املحليني وتكفلهم بالعملية التنموية يف جميع جوانبها كبديل‬
‫ترابي للدولة يف تدبري ال�ش�أن املحلي رهني �رشط تقلي�ص الفوارق املجالية واالجتماعية و�إنعا�ش‬
‫الطبقة الو�سطى ووقف �سريورة الإق�صاء والتفقري وتوزيع عادل للرثوة ومنع مراكمتها من لدن‬
‫فئة ترابية بعينها دون غريها ‪.‬‬
‫‪10‬‬

‫ت�أ�سي�سا على ما �سبق‪ ،‬فاال�ستقالل املايل للجامعة املغربية الذي �أقره النظام القانوين منذ �سنوات‬
‫عدة على غرار �أغلب الأنظمة اجلامعية املقارنة‪ ،‬يجد تربيره يف �شقني حموريني‪ ،‬الأول هو �أنه ي�شكل‬
‫�رشطا واقفا لتحديد اال�ستقالل واحلرية املفرت�ضة يف امل�ؤ�س�سات اجلامعية‪ ،‬والثاين بو�صفه ميثل‬
‫�آلية تدبريية �أثبتت جناعتها �إذا ما اقرتنت بعدد من ال�رشوط الأخرى؛ وميكن �أن ي�ضاف �إىل هذين‬
‫املربرين‪ ،‬كون اجلامعة ميكنها �أن ت�شكل قيمة م�ضافة للدفع بور�ش اجلهوية املتقدمة وامل�ساعدة‬
‫على �إجناحه‪.‬‬

‫و�إذا كان منح اال�ستقالل املايل للجامعة املغربية له من املربرات والدواعي ما يجعل من هذا املطلب‬
‫�رشطا �أ�سا�سيا لنجاح اجلامعة يف القيام ب�أدوارها‪ ،‬فكيف ميكن قراءة طبيعة وواقع ومدى هذا‬
‫اال�ستقالل ببالدنا؟‬
‫‪184‬‬
‫�إ�شكالية اال�ستقالل املايل للم�ؤ�س�سات الرتبوية على �ضوء التدبري الالمركزي‬

‫ثانيا ‪ :‬طبيعة اال�ستقالل املايل للجامعة‬

‫بالرجوع �إىل مقت�ضيات القانون رقم ‪ 01.00‬املتعلق بتنظيم التعليم العايل ال�صادر �سنة ‪ ،2001‬جند‬
‫�أنه ين�ص يف مادته الرابعة على �أن اجلامعات‪ ،‬التي حتدث بقانون طبقا للف�صل ‪ 46‬من الد�ستور‬
‫(الف�صل ‪ 71‬من الد�ستور احلايل)‪ ،‬هي م�ؤ�س�سات عمومية تتمتع بال�شخ�صية املعنوية واال�ستقالل‬
‫الإداري واملايل‪ ،‬مقابل اخل�ضوع لو�صاية الدولة الهادفة �إىل �ضمان التزام الأجهزة التدبريية‬
‫للجامعات مبقت�ضيات الن�صو�ص الت�رشيعية والتنظيمية املتعلقة بامل�ؤ�س�سات العمومية وذلك عند‬
‫ممار�ستها الخت�صا�صاتها ‪.‬‬
‫‪11‬‬

‫وت�أكيدا للعالقة املتالزمة بني اال�ستقالل الإداري‪/‬املايل واال�ستقالل العام للم�ؤ�س�سات اجلامعية‪،‬‬
‫ن�ص نف�س القانون يف املادة املوالية على �أن اجلامعات تتمتع باال�ستقالل البيداغوجي والعلمي‬
‫والثقايف �أثناء مزاولة الوظائف املنوطة بها؛ مع �إمكانية �إبرامها لعقود مع الدولة بخ�صو�ص بع�ض‬
‫�أن�شطة التكوين والبحث ‪.‬‬
‫‪12‬‬

‫عمليا‪ ،‬يتمظهر اال�ستقالل املايل للجامعة من خالل متتيعها وامل�ؤ�س�سات اجلامعية التابعة لها بعدد‬
‫من ال�صالحيات املالية والتدبريية‪ ،‬حيث ت�سهر عدد من الأجهزة والهياكل التقريرية والتنفيذية‬
‫على ممار�سة هذه الوظائف وفق الن�صو�ص الت�رشيعية والتنظيمية املحددة ملجال تدخلها‪.‬‬

‫ويف مقدمة هذه الأجهزة جمل�س اجلامعة املكلف ب�إدارة اجلامعة‪ ،‬ير�أ�سه رئي�س اجلامعة ويتكون‬
‫من عدد من الأع�ضاء املعينني واملنتخبني ؛ يتداول يف جميع امل�سائل املتعلقة مبهام اجلامعة‬
‫‪13‬‬

‫وح�سن �سريها‪ ،‬ويجتمع كلما دعت احلاجة �إىل ذلك ومرتني على الأقل يف ال�سنة‪� ،‬إحداها يخ�ص�ص‬
‫حل�رص القوائم الرتكيبية لل�سنة املحا�سبية املنتهية‪ ،‬والثانية لدرا�سة وح�رص ميزانية ال�سنة‬
‫املوالية وبرنامج عملها ‪.‬‬
‫‪14‬‬

‫ويتمتع جمل�س اجلامعة مبجموعة من االخت�صا�صات املالية املهمة التي متكنه من الت�رصف يف‬
‫ال�ش�ؤون املالية للجامعة بقدر معترب من اال�ستقاللية‪ ،‬و�أهم هذه ال�صالحيات ‪:‬‬
‫‪15‬‬

‫– املوافقة على م�رشوع ميزانية اجلامعة؛‬


‫–  توزيع االعتمادات املالية على خمتلف امل�ؤ�س�سات اجلامعية وم�صالح اجلامعة وامل�صالح‬
‫امل�شرتكة باجلامعة؛‬
‫‪185‬‬
‫ع�صام القرين‬

‫– حتديد �أنظمة التعوي�ضات التكميلية للم�ستخدمني؛‬


‫– امل�صادقة على االتفاقيات؛‬
‫– قبول الهبات والو�صايا‪.‬‬

‫وينبثق عن جمل�س اجلامعة جمل�س تدبري‪ ،‬يتكون من عدد من �أع�ضاء جمل�س اجلامعة موزعني‬
‫بالت�ساوي بني املعينني واملنتخبني‪ ،‬ت�سند له ممار�سة ال�صالحيات الإدارية واملالية؛ كما يحدث‬
‫جمل�س اجلامعة �أي�ضا جلانا دائمة وجلانا خا�صة �إن اقت�ضى احلال‪.‬‬

‫باملوازاة مع �أجهزة اجلامعة (جمل�س اجلامعة وجمل�س التدبري)‪� ،‬أحدث امل�رشع جمال�س‬
‫للم�ؤ�س�سات مكلفة ب�إدارة �ش�ؤون امل�ؤ�س�سات اجلامعية (الكليات واملعاهد واملدار�س)؛ وميكن‬
‫ت�شبيه العالقة الإدارية بني �أجهزة اجلامعة و�أجهزة امل�ؤ�س�سات بتلك املوجودة بني امل�صالح‬
‫املركزية للإدارات وم�صاحلها اخلارجية يف �إطار الالمتركز الإداري‪ ،‬وكذلك عالقة جمال�س‬
‫املقاطعات مبجل�س اجلماعة بالن�سبة للجماعات ذات نظام املقاطعات‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬ف�إذا كان االخت�صا�ص املايل لكل من جمل�سي اجلامعة والتدبري ي�شمالن كل مكونات‬
‫اجلامعة‪ ،‬ف�إن ال�صالحيات املالية ملجل�س امل�ؤ�س�سة ال يتعدى ال�ش�ؤون املالية للم�ؤ�س�سة التابع لها؛‬
‫وقد كان امل�رشع املغربي حري�صا على �ضمان عدم تداخل الأدوار بني املجال�س املختلفة‪ ،‬فلم مينح‬
‫ملجال�س امل�ؤ�س�سة اجلامعية �صالحيات تقريرية مطلقة ‪.‬‬
‫‪16‬‬

‫ومن �أهم �صالحياته املالية‪� ،‬إعداد املقرتحات املتعلقة مبيزانية امل�ؤ�س�سة‪� ،‬إىل جانب توزيع الو�سائل‬
‫املالية على هياكل امل�ؤ�س�سة املت�ألفة من ال�شعب وامل�صالح ثم مراكز التعليم والتكوين والبحث �إن‬
‫وجدت ؛ ومن �أجل القيام بهذه الأدوار‪ُ ،‬يحدث املجل�س جلانا دائمة من بينها جلنة تتبع امليزانية‬
‫‪17‬‬

‫التي تعنى بتدبري كافة ال�ش�ؤون املالية التي تدخل يف اخت�صا�ص جمل�س امل�ؤ�س�سة‪.‬‬

‫�أما على م�ستوى الأجهزة ذات الطابع التنفيذي‪ ،‬فنجد يف قمة هرم الهيكل الإداري التدبريي‬
‫للجامعة جهاز رئي�س اجلامعة‪ ،‬الذي يعني ملدة �أربع �سنوات بعد تقدمي تر�شيحه وفقا للم�سطرة‬
‫اخلا�صة بالتعيني يف املنا�صب العليا‪ ،‬وميكنه الرت�شح لوالية ثانية لهذا املن�صب؛ يتمتع بهام�ش‬
‫وا�سع من ال�صالحيات متكنه من التدخل والتدبري واتخاذ القرار يف خمتلف الق�ضايا التي تهم‬
‫اجلامعة وم�ؤ�س�ساتها‪ ،‬فهو الذي يرت�أ�س جمل�س اجلامعة ويعمل على حت�ضري م�شاريع قرارات‬
‫‪186‬‬
‫�إ�شكالية اال�ستقالل املايل للم�ؤ�س�سات الرتبوية على �ضوء التدبري الالمركزي‬

‫املجل�س وتنفيذها ويتلقى اقرتاحاته و�آراءه ويحدد جدول �أعماله و�إىل غري ذلك من االخت�صا�صات‬
‫الهامة ‪.‬‬
‫‪18‬‬

‫وفيما يخ�ص امليدان املايل‪ ،‬فهو الآمر ب�رصف نفقات اجلامعة وقب�ض مداخيلها‪ ،‬وهو امل�ؤهل لإبرام‬
‫االتفاقات واالتفاقيات بعد موافقة جمل�س اجلامعة‪ ،‬كما يقوم بجميع الإجراءات التحفظية ؛‬
‫‪19‬‬

‫وبالتايل فهو ميار�س اخت�صا�صا �أ�صليا ب�ش�أن كافة مكونات ميزانية اجلامعة‪� ،‬إذ يتلقى االعتمادات‬
‫مبا�رشة من ال�سلطة الو�صية وال ميكن للم�ؤ�س�سات اجلامعية تلقي هذه االعتمادات ب�شكل‬
‫مبا�رش من الوزارة‪ ،‬وبالتايل فاجلامعة ومن خالل رئي�سها وجمل�سها هي امل�ؤهلة ل�ضبط وتوزيع‬
‫االعتمادات على امل�ؤ�س�سات اجلامعية وتخ�صي�صها ملختلف الأغرا�ض ‪.‬‬
‫‪20‬‬

‫�إال �أن هذه االخت�صا�صات املالية ال ينفرد مبمار�ستها رئي�س اجلامعة لوحده‪ ،‬بل يفو�ض جمموع‬
‫�أو بع�ض من �سلطه ك�آمر بال�رصف �إىل ر�ؤ�ساء امل�ؤ�س�سات اجلامعية (العمداء �أو املدراء) فيما‬
‫يتعلق مبجاالت اخت�صا�صاتهم وال�سيما تلك املت�صلة مبيزانية الت�سيري والتجهيز ؛ لكن املمار�سة‬
‫‪21‬‬

‫�أثبتت‪ ،‬يف �إطار تكري�س مفهوم وحدة اجلامعة وميزانيتها‪� ،‬أنه غالبا ما حتتفظ رئا�سات اجلامعات‬
‫بتدبري م�شاريع اال�ستثمار ملا متتلكه من موارد ب�رشية ت�ستطيع �إدارة امل�شاريع الكربى وهو ما‬
‫تفتقر له امل�ؤ�س�سات اجلامعية؛ وبالرغم من ذلك فرئي�س امل�ؤ�س�سة اجلامعية ي�ضطلع بدور هام يف‬
‫التدبري املايل للجامعة �سواء من حيث �أهمية ال�صالحيات املفو�ضة �إليه �أو بالنظر �إىل حجم املبالغ‬
‫املالية املفو�ضة له واملو�ضوعة رهن �إ�شارته‪� ،‬إ�ضافة �إىل كون تفوي�ض اعتمادات التجهيز تبقى �أمرا‬
‫واردا مادام القانون ين�ص وي�سمح بذلك ‪.‬‬
‫‪22‬‬

‫وجدير بالذكر �أن اجلامعة وم�ؤ�س�ساتها تتوفر على م�صالح مالية مكلفة بتدبري �ش�ؤون امليزانية‬
‫واملحا�سبة وال�صفقات العمومية وغريها من املهام ذات الطابع املايل واالقت�صادي‪ ،‬ومل يحدد‬
‫القانون رقم ‪ 01.00‬تنظيميا هيكليا حمددا للجامعات‪ ،‬بل ترك الباب مفتوحا للوزارة من �أجل‬
‫و�ضع منوذج موحد لهذا الهيكل الإداري الذي ي�ضم م�صاحلا مالية‪ ،‬وحلد الآن مل يتم �إقرار تنظيم‬
‫هيكلي موحد بني اجلامعات‪� ،‬إذ مازال الأمر قيد الدرا�سة مع باقي املتدخلني والقطاعات املعنية‬
‫من �أجل امل�صادقة عليه ؛ ومهما اختلف هذا الهيكل من جامعة لأخرى ومهما اختلفت ت�سميات‬
‫‪23‬‬

‫امل�صالح‪ ،‬فالأكيد هو �أن امل�صالح املالية للجامعة تلعب �أدوارا كبرية يف �إعداد وتنفيذ وتتبع كافة‬
‫القرارات املالية املتخذة من قبل ال�سلطات التداولية والتقريرية للجامعة‪.‬‬
‫‪187‬‬
‫ع�صام القرين‬

‫وعليه‪ ،‬يبدو �أن امل�سطرة اجلديدة للتدبري املايل �أ�صبحت ترتكز على وحدة امليزانية وح�ساب موحد‬
‫(‪ ،)compte unique‬وت َدخُّ ل كل من رئي�س اجلامعة ب�صفته �آمرا ب�رصف جمموع مداخيل ونفقات‬
‫اجلامعة ور�ؤ�ساء امل�ؤ�س�سات اجلامعية بو�صفهم يف الغالب �آمرين بال�رصف م�ساعدين‪� ،‬إىل جانب‬
‫‪24‬‬
‫جمل�س اجلامعة الذي يعتمد امليزانية‪ ،‬وهي كلها �أمور ت�صب يف اجتاه تعزيز مطلب ال�شفافية‬
‫و�إر�ساء مقومات اال�ستقاللية املالية‪.‬‬

‫وميكن تو�ضيح م�سل�سل �إعداد و�إقرار م�رشوع ميزانية اجلامعة يف عدد من املراحل وفق اخلطاطة‬
‫التالية ‪:‬‬ ‫‪25‬‬

‫‪13‬‬
‫‪Département‬‬ ‫‪Ministère‬‬
‫‪ES-FC-RS‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪des Finances‬‬
‫‪12‬‬ ‫‪15‬‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪Conseil‬‬ ‫‪Présidence‬‬ ‫‪Conseil‬‬
‫‪10‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪de gestion‬‬ ‫‪de l’Université‬‬ ‫‪d’Université‬‬

‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪9‬‬ ‫‪9‬‬
‫‪5‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪Conseil‬‬ ‫‪Décanat‬‬ ‫‪Décanat‬‬ ‫‪Conseil‬‬
‫‪8‬‬ ‫‪8‬‬
‫‪Etablissement 1‬‬ ‫‪Etablissement 1‬‬ ‫‪Etablissement N‬‬ ‫‪Etablissement N‬‬

‫‪7‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪7‬‬


‫‪6‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Département 1‬‬ ‫‪Département N‬‬ ‫‪Département 1‬‬ ‫‪Département N‬‬

‫‪� .1‬إ�شعار القطاع الو�صي رئا�سة اجلامعة ب�ش�أن �إعداد م�رشوع امليزانية؛‬
‫‪ .2‬اقرتاح جمل�س التدبري توزيع االعتمادات بني امل�ؤ�س�سات اجلامعية وامل�صالح امل�شرتكة؛‬
‫‪� .3‬إقرار املقرتحات من قبل جمل�س اجلامعة؛‬
‫‪� .4‬إخبار رئي�س اجلامعة امل�ؤ�س�سات مب�رشوع توزيع االعتمادات؛‬
‫‪ .5‬اقرتاح جمل�س امل�ؤ�س�سة توزيع االعتمادات على ال�شعب؛‬
‫‪�.6‬إخبار رئي�س امل�ؤ�س�سة ال�شعب ب�ش�أن م�رشوع ميزانيتها بناء على مقرتحات جمل�س‬
‫امل�ؤ�س�سة؛‬
‫‪188‬‬
‫�إ�شكالية اال�ستقالل املايل للم�ؤ�س�سات الرتبوية على �ضوء التدبري الالمركزي‬

‫‪ .7‬اقرتاح ال�شعب توزيع اعتماداتها داخل هياكلها؛‬


‫‪ .8‬م�صادقة جمل�س امل�ؤ�س�سة على م�رشوع ميزانية امل�ؤ�س�سة؛‬
‫‪� .9‬إخبار رئي�س امل�ؤ�س�سة رئي�س اجلامعة ب�ش�أن م�رشوع ميزانية امل�ؤ�س�سة؛‬
‫‪ .10‬تقييم جمل�س التدبري م�شاريع ميزانيات امل�ؤ�س�سات؛‬
‫‪ .11‬م�صادقة جمل�س اجلامعة على م�شاريع ميزانيات امل�ؤ�س�سات؛‬
‫‪� .12‬إحالة رئي�س اجلامعة ميزانية اجلامعة على الوزارة الو�صية ق�صد امل�صادقة؛‬
‫‪� .13‬إحالة الوزارة الو�صية م�رشوع ميزانية اجلامعة على وزارة املالية ق�صد الت�أ�شري عليها؛‬
‫‪ .14‬ت�أ�شري وزارة املالية على م�رشوع ميزانية اجلامعة و�إرجاعها للوزارة الو�صية؛‬
‫‪� .15‬إحالة الوزارة الو�صية على اجلامعة امليزانية م�ؤ�رش وم�صادق عليها ق�صد التنفيذ‪.‬‬

‫وجدير بالذكر �أن رئي�س اجلامعة يلعب دورا حموريا يف تفعيل هذا امل�سل�سل وال�سهر على �إجنازه‬
‫وفق املطلوب‪ ،‬خا�صة يف عالقته مبجل�س اجلامعة وجمل�س التدبري ور�ؤ�ساء امل�ؤ�س�سات اجلامعية‪.‬‬

‫على م�ستوى موارد ميزانية اجلامعات‪ ،‬فقط ن�ص القانون املنظم للتعليم العايل على تعدد موارد‬
‫اجلامعة‪ ،‬فبالإ�ضافة �إىل الإعانات التي تقدمها الدولة‪ ،‬هناك الر�سوم املت�أتية من التكوين امل�ستمر‪،‬‬
‫واملحا�صيل والأرباح املت�أتية من القيام بالأبحاث ومن تقدمي اخلدمات و�أي�ضا من العمليات التي‬
‫تقوم بها اجلامعة ومن ممتلكاتها‪� ،‬إ�ضافة �إىل عوائد القرو�ض املربمة مع الهيئات املالية والدولية‬
‫وت�سبيقات اخلزينة والإعانات املالية غري تلك التي تقدمها الدولة والهبات والو�صايا‪ ،‬وغريها من‬
‫املوارد املتنوعة ‪.‬‬
‫‪26‬‬

‫وبالرغم من هذا التعدد الذي ميكن �أن ي�شكل �أ�سا�سا لتنمية وتنويع املوارد املالية للجامعات‪،‬‬
‫خا�صة الذاتية‪ ،‬وبالتايل حتقيق �أحد ال�رشوط الأ�سا�سية لال�ستقاللية املالية‪ ،‬فاملالحظ �أن املوارد‬
‫املت�أتية من دعم الدولة تبقى هي املهيمنة على باقي املوارد املالية الأخرى‪ ،‬فاجلامعات وبالرغم‬
‫من املجهودات التي بذلها البع�ض منها‪ ،‬تبقى مواردها الذاتية دون م�ستوى حتقيق ا�ستقالل مايل‬
‫ذاتي �صلب‪ ،‬ميكن �أن ي�سهم يف الدفع نحو تقلي�ص �سلطات الو�صاية والرقابة املمار�ستني من قبل‬
‫الدولة‪ ،‬مادامت اجلامعات قادرة على توفري ق�سط مهم من مواردها املالية‪ ،‬خا�صة �إذا ما اقرتنت‬
‫‪189‬‬
‫ع�صام القرين‬

‫كفاية املوارد الذاتية مع تعزيز حكامة التدبري املايل اجلامعي وحتديث �آلياته ب�شكل ي�ستجيب‬
‫ملتطلبات النجاعة املالية وهو الأمر الذي مازال مفقودا حلد الآن‪.‬‬

‫ونظرا ملحورية الدعم املايل للدولة �ضمن موارد اجلامعات‪ ،‬فقد مت و�ضع نظام جديد لتوزيع‬
‫االعتمادات بني اجلامعات‪ ،‬وذلك ابتداء من تطبيق الربنامج اال�ستعجايل ‪2012-2009‬؛ ينبني هذا‬
‫النظام على احلاجيات احلقيقية املعرب عنها من طرف اجلامعات واملدرجة يف �إطار تعاقدي‪ ،‬متنح‬
‫الدولة من خالله الدعم املايل للم�شاريع اال�ستثمارية املختلفة وكذا اعتمادات الت�سيري بناء على‬
‫عدد الطلبة امل�سجلني وعدد وطبيعة امل�ؤ�س�سات التابعة للجامعة‪ ،‬حيث حدد لكل م�ؤ�س�سة جامعية‬
‫معامل خا�ص ي�سمح بتحديد املبلغ الإجمايل لالعتمادات املخولة لكل جامعة عن طريق جمع املبالغ‬
‫املحددة لكل م�ؤ�س�سة؛ وهذه املعايري هي نف�سها املعتمدة لتوزيع االعتمادات بني خمتلف امل�ؤ�س�سات‬
‫اجلامعية (معيار عدد الطلبة ومعيار معامل امل�ؤ�س�سة) ‪.‬‬
‫‪27‬‬

‫وعليه فاال�ستقالل املايل للجامعة لي�س مطلقا بل حمدود جدا‪ ،‬فبالإ�ضافة �إىل �ضعف املوارد املالية‬
‫الذاتية‪ ،‬تخ�ضع اجلامعة املغربية للو�صاية من طرف القطاع الو�صي �إىل جانب مراقبة وزارة‬
‫املالية وباقي الأجهزة الرقابية القبلية واملوازية والبعدية‪.‬‬

‫فميزانية اجلامعة ال ت�صبح قابلة للتنفيذ �إال بعد م�صادقة وزارة التعليم العايل وت�أ�شري وزارة‬
‫االقت�صاد واملالية عليها؛ وهناك بع�ض مداوالت اجلامعة ذات الطابع املايل‪ ،‬ال ت�صبح نافذة �إال بعد‬
‫امل�صادقة عليها يف �أجل ‪ 30‬يوما‪ ،‬ويتعلق الأمر باملداوالت املتعلقة باالقتناءات والتفويتات العقارية‬
‫واالقرتا�ضات وامل�ساهمات يف املقاوالت العمومية �أو اخلا�صة وب�إحداث ال�رشكات التابعة ‪.‬‬
‫‪28‬‬

‫وقد �أثبتت املمار�سة �أن و�صاية القطاع الو�صي على مالية اجلامعات‪ ،‬عادة ما تقف عائقا �أمام‬
‫املرونة وال�رسعة التي يحتاجها التدبري املايل‪ ،‬فعلى �سبيل املثال‪ ،‬يالحظ �أنه زيادة على ت�أخر‬
‫�إعداد امليزانية يف الوقت املحدد لها‪ ،‬حيث مل يتم حتديد �آجال كل مرحلة من مراحل م�سل�سل �إعداد‬
‫م�رشوع امليزانية‪ ،‬ال تتم امل�صادقة على م�رشوع ميزانية اجلامعة �إال بعد مرور عدة �أ�شهر من‬
‫ال�سنة املالية لتنفيذها (�أنظر اجلدول �أ�سفله) ‪ ،‬وهو ما يعطل تنفيذ امليزانية وي�ؤثر �سلبا على‬
‫‪29‬‬

‫�إجناز الربامج وامل�شاريع؛ والأمر نف�سه بالن�سبة مل�صادقة الوزارة على القرارات املتعلقة مب�سطرة‬
‫تنفيذ املنا�صب املالية التي قد حتتاج �أ�شهرا كثرية‪.‬‬
‫‪190‬‬
‫�إ�شكالية اال�ستقالل املايل للم�ؤ�س�سات الرتبوية على �ضوء التدبري الالمركزي‬

‫تاريخ امل�صادقة والت�أ�شري على امليزانيات‬

‫تاريخ الت�أ�شري‬ ‫تاريخ امل�صادقة‬ ‫اجلامعات‬


‫‪2014/10/01‬‬ ‫‪2014/07/31‬‬ ‫جامعة موالي ا�سماعيل مبكنا�س‬
‫‪2014/08/06‬‬ ‫‪2014/08/01‬‬ ‫جامعة حممد الأول بوجدة‬
‫‪2014/07/18‬‬ ‫‪2014/07/14‬‬ ‫جامعة عبد املالك ال�سعدي بتطوان‬
‫‪2014/08/08‬‬ ‫‪2014/06/17‬‬ ‫جامعة �سيدي حممد بن عبد اهلل بفا�س‬
‫‪2014/08/13‬‬ ‫‪2014/08/07‬‬ ‫جامعة احل�سن الثاين بالدار البي�ضاء‬
‫‪2014/08/07‬‬ ‫‪2014/07/21‬‬ ‫جامعة ابن زهر ب�أكادير‬

‫و�أمام تعدد �أنواع الرقابة املالية املمار�سة على التدبري املايل للجامعة‪ ،‬تبقى الرقابة الأكرث �أهمية‬
‫هي تلك التي تفر�ضها وزارة املالية عن طريق مديرية املن�ش�آت العامة واخلو�ص�صة يف �إطار القانون‬
‫رقم ‪ 69.00‬املتعلق باملراقبة املالية للدولة على املن�ش�آت العامة وهيئات �أخرى‪ ،‬وهيئة مراقبي‬
‫الدولة واخلزنة املكلفني بالأداء ومعاونيهم‪� ،‬إ�ضافة �إىل الرقابة املمار�سة من طرف املجل�س الأعلى‬
‫للح�سابات ‪.‬‬
‫‪30‬‬

‫وبالرغم من كون هذه الرقابة ت�شكل قيودا حلرية التدبري املايل يف اجلامعة‪ ،‬فالأكيد �أن دورها‬
‫�رضوري خا�صة الرقابة البعدية التي ت�ستند على تقييم احل�صيلة والنتائج �أكرث من تركيزها على‬
‫طريقة توظيف الو�سائل؛ خا�صة و�أن التدبري املايل اجلامعي كان حمل العديد من االختالالت‬
‫واخلروقات و�سوء التدبري الذي �أثر ب�شكل مبا�رش على ح�صيلة اجلامعة املغربية‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬متطلبات اال�ستقالل املايل للجامعة و�ضمانات جناعته‬

‫هناك جمموعة من املداخل القانونية والتدبريية املمكن اتباعها لتحقيق ا�ستقاللية اجلامعة املغربية‪،‬‬
‫لكن قبل التطرق لبع�ض منها‪ ،‬ال بد من الت�أكيد على �أن اال�ستقالل املايل للجامعة لي�س غاية يف حد‬
‫ذاته بل هو و�سيلة لالرتقاء ب�أداء وجودة التعليم العايل؛ ومن مت فتطوير ا�ستقاللية اجلامعة البد‬
‫�أن يتم ب�شكل موازي مع �إيجاد ال�ضمانات الكافية للحيلولة دون ال�سقوط يف املخاطر التي ميكن �أن‬
‫تنجم عن منح ا�ستقاللية مو�سعة للجامعة؛ ففي بع�ض الأحيان‪ ،‬وكما هو ال�ش�أن بالن�سبة للجماعات‬
‫الرتابية‪ ،‬كان لتخفيف الو�صاية والرقابة املمار�سة على املجال�س املنتخبة نتائجا عك�سية على‬
‫‪191‬‬
‫ع�صام القرين‬

‫�أدائها‪ ،‬خا�صة يف ال�سنوات الأوىل للمرحلة االنتقالية‪ ،‬وقد ات�ضح ذلك يف تعدد حاالت �سوء التدبري‬
‫و�رسقة املال العام �أحيانا �إ�ضافة �إىل تعطل �إجناز امل�شاريع وطغيان احل�سابات ال�سيا�سية على‬
‫التدبري الرتابي؛ وبالطبع هذه كلها خماطر‪ ،‬اجلامعة لي�ست مبن�أى عنها ما مل يتم �إقرار �ضمانات‬
‫و�رشوط كافية لتفاديها‪.‬‬

‫قبل احلديث هذه ال�ضمانات‪ ،‬يبدو �أن �أول مدخل لتحقيق اال�ستقالل املايل للجامعة هو توفري‬
‫املوارد املالية ومعها الب�رشية الكافية للقيام بدورها على النحو املطلوب‪:‬‬

‫ويف هذا الإطار‪ ،‬ونظرا لكون مرفق التعليم يعد �أحد �أهم املرافق العمومية الأ�سا�سية التي تتحمل‬
‫الدولة م�س�ؤولية تدبريه بالأ�سلوب الأكرث جناعة‪ ،‬فالدولة‪ ،‬وكما جاء يف امليثاق الوطني للرتبية‬
‫والتكوين ل�سنة ‪ ،1999‬ملزمة بتحمل الق�سط الأكرب من تكلفة الرتبية والتكوين ب�شكل عام ‪،‬‬
‫‪31‬‬

‫وهو الأمر الذي كر�سته الر�ؤية اال�سرتاتيجية للإ�صالح ‪ ،2030-2015‬حينما ن�صت على �أنه‬
‫يتعني م�ضاعفة اجلهود لتوا�صل اجلامعة وخمتلف م�ؤ�س�سات التعليم العايل �سريها يف التوجه‬
‫اال�سرتاتيجي الذي �أو�صى به امليثاق‪ ،‬وذلك برت�سيخ و�ضعها بو�صفها م�ؤ�س�سات ذات ا�ستقاللية‬
‫فعلية �إدارية ومالية و�أكادميية‪ ،‬تربطها عالقة تعاقد مع القطاع احلكومي الو�صي ؛ كما �أكدت‬
‫‪32‬‬

‫الر�ؤية اال�سرتاتيجية �رضورة الرفع التدريجي من ن�سبة الناجت الداخلي اخلام املخ�ص�صة لتمويل‬
‫البحث العلمي‪ ،‬لكي ترقى �إىل ن�سبة ‪ % 1‬يف املدى القريب‪ ،‬و‪ % 1,5‬يف ‪ 2025‬و‪� % 2‬سنة ‪ 2030‬؛‬
‫‪33‬‬

‫ويف نف�س االجتاه �أكد م�رشوع قانون الإطار املتعلق مبنظومة الرتبية والتعليم والتكوين والبحث‬
‫العلمي على �أن توا�صل الدولة جمهودها يف تعبئة املوارد وتوفري الو�سائل الالزمة لتمويل منظومة‬
‫الرتبية والتكوين والبحث العلمي‪ ،‬وتنويع م�صادره ‪.‬‬
‫‪34‬‬

‫وبناء على ذلك‪ ،‬على الدولة �أن تنظر يف �إ�شكالية توفري االعتمادات املالية الالزمة لهذا القطاع‪،‬‬
‫والتي ينبغي �أن تتعدى احلجم املحدود ليحقق التعليم غاياته الكلية‪ ،‬فالكثري من الأهداف ميكن‬
‫الو�صول �إليها �إذا ما توفرت الأموال الالزمة للتعليم النوعي اجليد‪ ،‬غري �إن عدم و�ضوح امل�ؤ�رشات‬
‫الرقمية واملعايري االقت�صادية اخلارجية يف قطاع التعليم ي�ؤدي يف كثري من الأحيان �إىل تعرث‬
‫خطط وبرامج الإ�صالح والتطوير على مدى ال�سنوات املتعاقبة‪ ،‬فتكون احلقيقة يف هذه احلالة‬
‫غري وا�ضحة مما يدفع �أ�صحاب القرار �إىل �إعادة النظر يف املخططات‪� ،‬سواء من حيث التمويل �أو‬
‫الت�رشيع �أو الإدارة ‪.‬‬
‫‪35‬‬

‫‪192‬‬
‫�إ�شكالية اال�ستقالل املايل للم�ؤ�س�سات الرتبوية على �ضوء التدبري الالمركزي‬

‫ويف هذا ال�سياق‪� ،‬سجل املجل�س الأعلى للح�سابات �أن جمموع مبالغ الإعانات املقدمة للجامعات‬
‫غري منتظمة؛ �إذ عرفت ارتفاعا بن�سبة ‪ %10‬بالن�سبة ل�سنة ‪ 2012‬مقارنة ب�سنة ‪ 2011‬وانخف�ضت‬
‫�سنة ‪ 2013‬بن�سبة ‪ %17‬لرتتفع بن�سبة ‪� %6‬سنة ‪. 2014‬‬
‫‪36‬‬

‫وباملوازاة مع متويل الدولة الذي يعد �رضوريا ويجب �أن ينمو وي�ستمر‪ ،‬ال بد من تفعيل باقي‬
‫الآليات الكفيلة بتنويع م�صادر متويل اجلامعة؛ وقد �أ�صبحت هذه الإمكانية متاحة بفعل الن�صو�ص‬
‫القانونية التي �أوجدت عدة �صيغ للتمويل الذاتي للجامعات‪ ،‬و�أهم هذه الن�صو�ص القانون‬
‫رقم ‪ 01.00‬املتعلق بتنظيم التعليم العايل الذي حدد‪ ،‬كما �أ�رشنا �سابقا ‪ ،‬جمموعة من املوارد ذات‬
‫‪37‬‬

‫الطبيعة الذاتية والتي ميكن للجامعات تطويرها ق�صد الرفع من املداخيل املت�أتية منها؛ وقد �أثبتت‬
‫املمار�سة بالفعل �أن العديد من اجلامعات ارتفعت مداخيلها املت�أتية من املوارد الذاتية مبا�رشة بعد‬
‫دخول هذا القانون حيز التنفيذ‪ ،‬وهو ما يو�ضحه النموذجني التاليني ‪:‬‬

‫‪38‬‬
‫تطور املداخيل الذاتية بجامعة حممد اخلام�س ال�سوي�سي‪-‬الرباط‬

‫‪2006‬‬ ‫‪2002‬‬

‫‪1.800.000‬‬ ‫‪149.500‬‬ ‫عقود التكوين مع الدولة‬


‫‪13.700.000‬‬ ‫‪914.600‬‬ ‫التكوين امل�ستمر‬

‫‪39‬‬
‫تطور املداخيل الذاتية بجامعة عبد املالك ال�سعدي‪-‬طنجة‬

‫‪2006‬‬ ‫‪2002‬‬

‫‪3.600.000‬‬ ‫‪00‬‬ ‫عقود التكوين مع الدولة‬


‫‪1.820.000‬‬ ‫‪00‬‬ ‫التكوين امل�ستمر‬

‫ويالحظ �أن خمتلف الوثائق والتوجهات احلديثة املتعلقة ب�إ�صالح منظومة التعليم العايل‪� ،‬أ�ضحت‬
‫تعطي اهتماما خا�صا لهذا النوع من املوارد‪ ،‬كما �أ�صبح �صناع القرار العمومي باملغرب يعولون‬
‫عليها يف الرفع من القدرات املالية للجامعة من جهة وتخفيف العبء املايل على امليزانية العامة‬
‫من جهة ثانية؛ ويبدو هذا التوجه بارزا يف م�رشوع قانون الإطار رقم ‪ 51.17‬املتعلق مبنظومة‬
‫‪193‬‬
‫ع�صام القرين‬

‫الرتبية والتعليم والتكوين والبحث العلمي‪ ،‬والذي ن�ص على �إقرار الدولة مبد�أ امل�ساهمة يف متويل‬
‫التعليم العايل ب�صفة تدريجية عن طريق �إقرار ر�سوم مب�ؤ�س�سات التعليم العايل ‪ ،‬و�أي�ضا تفعيل‬
‫‪40‬‬

‫الت�ضامن الوطني والقطاعي من خالل م�ساهمة جميع الأطراف وال�رشكاء املعنيني‪ ،‬خ�صو�صا‬
‫الأ�رس املي�سورة واجلماعات الرتابية وامل�ؤ�س�سات واملقاوالت العمومية والقطاع اخلا�ص ‪،‬‬
‫‪41‬‬

‫موازاة مع تطوير برامج للتعاون وال�رشاكة يف �إطار التعاون الدويل �إ�ضافة �إىل ت�شجيع �سيا�سة‬
‫‪42‬‬

‫ال�رشاكة والتعاقد يف �إجناز برامج وم�شاريع البحث العلمي بني م�ؤ�س�سات التعليم العايل والبحث‬
‫العلمي وهيئات وم�ؤ�س�سات القطاع اخلا�ص‪ ،‬خا�صة املقاوالت الوطنية ‪.‬‬
‫‪43‬‬

‫ومما ال �شك فيه �أن �آليات ال�رشاكة والتعاون �أ�صبحت متثل جماال واعدا لتمويل جمموعة من‬
‫الأن�شطة الأكادميية والعلمية الهامة‪ ،‬وميكن �أن تتم مع خمتلف الفاعلني العموميني واخلوا�ص‬
‫واملحليني واملجتمعيني و�أي�ضا مع امل�ؤ�س�سات واملنظمات الدولية التي ميكنها �أن توفر متويالت‬
‫هامة يف هذا املجال‪.‬‬

‫�إ�ضافة �إىل ذلك‪ ،‬ب�إمكان امل�ؤ�س�سات اجلامعية تطوير مداخيلها الذاتية عن طريق تنمية املحا�صيل‬
‫والأرباح املت�أتية من القيام بالأبحاث وتقدمي اخلدمات‪ ،‬ال�سيما �أعمال اخلربة‪ ،‬وهي �إمكانية يتيحها‬
‫القانون املنظم للتعليم العايل‪ ،‬وال �شك �أن تنمية هذه املوارد الذاتية كيفما كان م�صدرها �ست�سهم يف‬
‫تعزيز اال�ستقالل املايل للجامعة‪.‬‬

‫بيد �أن وفرة املوارد كيفما كان م�صدرها لي�ست كافية لتحقيق اال�ستقالل املايل للجامعة وتقوية‬
‫جناعتها املالية‪ ،‬فقد �أثبتت املمار�سة �أن توفري املوارد املالية لوحده غري كايف لتحقيق الأهداف‬
‫امل�سطرة يف غياب مقاربة �شاملة للفعالية والنجاعة املالية؛ وهو ما ينطبق �إال حد كبري على الربنامج‬
‫اال�ستعجايل الذي ر�صدت له �أموال كثرية فكانت النتائج دون امل�ستوى املطلوب‪ ،‬حيث �إن بلوغ‬
‫الأهداف املحددة يف هذا الربنامج تعرث ب�سبب حمدودية قدرة اجلامعات على ا�ستهالك االعتمادات‬
‫املفتوحة التي خ�ص�صت للربنامج؛ فقد لوحظ ب�شكل عام �أن االلتزام بالنفقات ظل منخف�ضا‬
‫بالن�سبة لكل من نفقات الت�سيري واال�ستثمار‪ ،‬وفيما يتعلق بالأداءات مقارنة مع االعتمادات‬
‫املفتوحة‪ ،‬ف�إن اجلامعات �سجلت معدالت منخف�ضة‪ ،‬وال�سيما بالن�سبة مليزانية اال�ستثمار؛ وبالطبع‬
‫ف�إن هذا التعرث �ساهم ب�شكل كبري �ضعف مردودية اجلامعة �سواء على م�ستوى التح�صيل اجلامعي‬
‫�أو على م�ستوى �إدماج اخلريجني يف �سوق ال�شغل ‪.‬‬
‫‪44‬‬

‫‪194‬‬
‫�إ�شكالية اال�ستقالل املايل للم�ؤ�س�سات الرتبوية على �ضوء التدبري الالمركزي‬

‫�إذن‪ ،‬فتوفري املوارد املالية الالزمة يجب �أن يكون مقرونا بالرفع من القدرات املالية التدبريية‬
‫للإدارة اجلامعية‪ ،‬و�إال فلن تكون هذه املوارد ذات جدوى؛ واملنطق �أي�ضا ي�شرتط لتخفيف‬
‫الو�صاية والرقابة املالية‪ ،‬توفر اجلامعة على �إدارة مالية متكاملة فعالة قادرة على �ضبط حكامة‬
‫تدبريها املايل وتفادي �إهدار املال العام‪.‬‬

‫ويف هذا الإطار‪ ،‬يجب �أن تتوفر على موارد ب�رشية م�ؤهلة ومكونة يف ميادين االقت�صاد والتدبري‬
‫واملالية‪ ،‬قادرة على رفع الرهانات املعقودة على اجلامعة كم�ؤ�س�سة عمومية‪.‬‬

‫كما يجب على اجلامعة �أن تنفتح على �آليات التدبري املايل احلديث‪ ،‬ومن بني �أهمها اعتماد نظام‬
‫مراقبة الت�سيري الذي من �ش�أنه �أن ي�ساهم يف عقلنة الن�شاط اجلامعي يف جماالت متعددة‪ ،‬من بينها‬
‫توزيع االعتمادات على امل�ؤ�س�سات اجلامعية بناء على �أ�ساليب عملية عو�ض اللجوء �أحيانا �إىل‬
‫التوافقات ال�سيا�سية �أو حماكاة نف�س املعايري التي تعتمدها الدولة يف توزيع االعتمادات على‬
‫اجلامعات؛ وكذلك تر�شيد الإنفاق اجلامعي وتفادي التبذير‪ ،‬ثم اتخاذ القرارات ذات الفائدة يف‬
‫عالقة اجلامعة مبحيطها االقت�صادي‪ ،‬و�أي�ضا يف تدبري الأن�شطة التجارية للجامعة والتي تتطلب‬
‫قيا�س الكلفة وحتديد هام�ش الربح وكذا الواجبات ال�رضيبية‪ ،‬وخ�صو�صا امل�ساعدة على تدعيم‬
‫جودة اخليارات والتوجهات العامة للقيادة اجلامعية وتقييم مردودية القرارات املتخذة ‪.‬‬
‫‪45‬‬

‫�إىل جانب مراقبة الت�سيري‪ ،‬اجلامعات مدعوة �إىل اعتماد �أنظمة املراقبة الداخلية زيادة على‬
‫االفتحا�ص‪/‬التدقيق الداخلي بو�صفهما ي�شكالن �آليات تدبريية حديثة تدخل يف �إطار الرقابة‬
‫الذاتية للم�ؤ�س�سات‪ ،‬الهدف منهما تقييم و�سائل الرقابة وتنميتها والوقاية من املخاطر املحتملة‬
‫والرفع من �إنتاجية امل�ؤ�س�سة ومعاجلة اختالالتها التدبريية وتعزيز حكامتها املالية والإدارية‪.‬‬

‫وت�أ�سي�سا على ذلك‪ ،‬فمدى ا�ستقاللية اجلامعات يف عالقتها مع الو�صاية والرقابة املمار�سة عليها‬
‫من قبل الدولة (وزارة التعليم العايل ووزارة املالية)‪ ،‬يجب �أن يت�سع هام�شها �أو يتقل�ص تبعا ملدى‬
‫توفر كل جامعة على �أنظمة الرقابة الذاتية و�إثبات كفاءتها على م�ستوى التدبري املايل والإداري؛‬
‫وهذه هي الفل�سفة التي ارتكز عليها املر�سوم املتعلق مبراقبة نفقات الدولة فيما يخ�ص م�سطرة‬
‫‪46‬‬

‫«املراقبة الرتاتبية»‪ ،‬وهي �آلية م�ستحدثة يتم مبوجبها تخفيف املراقبة املطبقة على نفقات امل�صالح‬
‫الآمرة بال�رصف يف مرحلتي االلتزام والأمر بال�رصف‪ ،‬وذلك �إذا ما توفرت هذه امل�صالح على نظام‬
‫‪195‬‬
‫ع�صام القرين‬

‫مراقبة داخلية ميكنها من الت�أكد من بع�ض العمليات املحددة ؛ وتُوفر هذه الآلية القانونية �أي�ضا‬
‫‪47‬‬

‫تخفيفا �إ�ضافيا يف حالة توفر امل�صالح املذكورة على نظام افتحا�ص ومراقبة داخلية ‪.‬‬
‫‪48‬‬

‫�أما على م�ستوى القانون رقم ‪ 69.00‬املتعلق باملراقبة املالية للدولة على املن�ش�آت العامة وهيئات‬
‫�أخرى ‪ ،‬فقد �سار يف هذا االجتاه ولكن بكيفية معاك�سة‪ ،‬حيث �ضيق ال�صالحيات التقريرية‬ ‫‪49‬‬

‫للم�ؤ�س�سات العمومية ومن �ضمنها اجلامعة يف حالة �إثبات �ضعف على م�ستوى التدبري‪ ،‬وذلك‬
‫حينما ن�ص على �أنه يف حالة معاينة جمل�س الإدارة �أو اجلهاز التداويل �أو مراقب الدولة �أو جلنة‬
‫التدقيق �أو �أي جهاز مراقبة خمت�ص ق�صورا ملحوظا يف ت�سيري الهيئة اخلا�ضعة للمراقبة‪� ،‬أمكن‬
‫للوزير املكلف باملالية �أن يخول مراقب الدولة مبقرر حق ممار�سة ت�أ�شري م�سبق على بع�ض‬
‫القرارات‪ ،‬ملدة حمددة قابلة للتجديد �إىل �أن يتم تقومي الو�ضعية ‪.‬‬
‫‪50‬‬

‫وبالإ�ضافة �إىل كل ما �سبق‪ ،‬ال بد �أن تخ�ضع اختيارات وح�صيلة اجلامعة يف عموميتها للتقييم ب�شكل‬
‫م�ستمر‪ ،‬وال بد لهذا التقييم الذي تُفرت�ض فيه املو�ضوعية �أن ميكن من حتديد م�ستوى حتقيق‬
‫الأهداف امل�سطرة وقيا�س املردودية والنتائج املنجزة‪ ،‬كما يجب �أن ي�شكل �أ�سا�سا ال�ستمرارية �أو‬
‫تعديل �أو �إلغاء املخططات والربامج والتوجهات اجلامعية‪ ،‬ومن ال�رضوري �أي�ضا �أن ترتتب عنه‬
‫م�س�ؤولية �صانعي القرار اجلامعي و�إخ�ضاعهم للمحا�سبة �إن ا�ستدعى الأمر ذلك‪.‬‬

‫هوام�ش‬
‫‪ 1‬كوا�شي عتيقة‪« ،‬الالمركزية الإدارية يف الدول املغاربية ‪ :‬درا�سة حتليلية مقارنة»‪ ،‬مذكرة لنيل �شهادة املاج�ستري‬
‫يف العلوم ال�سيا�سية‪ ،‬تخ�ص�ص ‪� :‬إدارة اجلماعات املحلية والإقليمية‪ ،‬كلية احلقوق والعلوم ال�سيا�سية‪ ،‬جامعة‬
‫قا�صدي مرباح‪-‬ورقلة‪� ،2011/2010 ،‬ص‪.49 .‬‬
‫‪ 2‬عادل عبد الفتاح �سالمة‪« ،‬واقع �إدارة م�ؤ�س�سات التعليم العايل يف الوطن العربي»‪ ،‬امل�ؤمتر الثالث ع�رش للوزراء‬
‫امل�س�ؤولني عن التعليم العايل والبحث العلمي يف الوطن العربي‪ ،‬تطوير �إدارة التعليم العايل يف الوطن العربي‪،‬‬
‫وثائق امل�ؤمتر‪� ،‬أبو ظبي‪ 8-7 ،‬دي�سمرب ‪ ،2011‬املنظمة العربية للرتبية والثقافة والعلوم‪� ،‬ص‪.5 .‬‬
‫‪ 3‬خلود �صابر‪ ،‬ا�ستقالل اجلامعة‪ ،‬من�شورات مركز القاهرة لدرا�سات حقوق الإن�سان‪� ،‬سل�سلة تعليم حقوق الإن�سان‪،‬‬
‫العدد ‪ ،13‬القاهرة‪� ،2007 ،‬ص‪.13 .‬‬
‫‪ 4‬حوار مع الدكتور الأردين وليد املعاين ملجلة ذوات‪« ،‬واقع التعليم العايل يف العامل العربي»‪ ،‬جملة ذوات‪ ،‬جملة‬
‫ثقافية �إلكرتونية ن�صف �شهرية ت�صدر عن م�ؤ�س�سة م�ؤمنون بال حدود للدرا�سات والأبحاث‪ ،‬عدد ‪،2015/12‬‬
‫�ص‪.60 .‬‬
‫‪ 5‬عادل عبد الفتاح �سالمة‪« ،‬واقع �إدارة م�ؤ�س�سات التعليم العايل يف الوطن العربي»‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪ 16 .‬و‪.17‬‬

‫‪196‬‬
‫�إ�شكالية اال�ستقالل املايل للم�ؤ�س�سات الرتبوية على �ضوء التدبري الالمركزي‬

‫‪6 UNESCO, « Etude sur l’opportunité d’élaborer un instrument international sur la Liberté‬‬
‫‪académique », Conférence générale, vingt-septième session, Paris, 1993, p. 3.‬‬
‫‪7 « La Déclaration de Lima sur la liber té universitaire et l’autonomie des institutions‬‬
‫‪d’enseignement supérieur » adoptée par l’Entraide universitaire mondiale (EUM) en 1988.‬‬
‫‪8‬‬ ‫‪Ibid.‬‬

‫‪� 9‬سعيد بني�س‪« ،‬االنتقال اجلامعي باملغرب‪ ..‬من اجلامعة الوطنية �إىل اجلامعة اجلهوية»‪ ،‬مقال من�شور باملوقع‬
‫الإلكرتوين (‪ )www.pjd.ma‬بتاريخ ‪� 6‬شتنرب ‪ ،2018‬متت زيارة املوقع يوم ‪� 10‬شتنرب ‪.2018‬‬
‫نف�س املرجع‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪1.00.199‬‬ ‫‪ 11‬املادة ‪ 4‬من القانون رقم ‪ 01.00‬املتعلق بتنظيم التعليم العايل‪� ،‬صادر الأمر بتنفيذه يف الظهري رقم‬
‫بتاريخ ‪ 19‬ماي ‪2000‬؛ ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪ 4798‬بتاريخ ‪ 25‬ماي ‪.2000‬‬
‫املادة ‪ 5‬من نف�س القانون‪.‬‬ ‫‪12‬‬

‫للتعرف على تركيبة هذا املجل�س‪� ،‬أنظر املادة ‪ 9‬من نف�س القانون‪.‬‬ ‫‪13‬‬

‫املادة ‪ 11‬من نف�س القانون‪.‬‬ ‫‪14‬‬

‫املادة ‪ 12‬من نف�س القانون‪.‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪� 16‬إدري�س طاهري‪« ،‬التدبري املايل للجامعة باملغرب»‪� ،‬أطروحة لنيل �شهادة الدكتوراه يف القانون العام‪ ،‬مركز‬
‫درا�سات الدكتوراه العلوم القانونية وال�سيا�سية‪ ،‬كلية احلقوق بفا�س‪� ،2014/2013 ،‬ص‪.21 .‬‬
‫املادة ‪ 22‬من القانون رقم ‪ 01.00‬ال�سابق الإ�شارة �إليه‪.‬‬ ‫‪17‬‬

‫حول هذه االخت�صا�صات‪� ،‬أنظر املادة ‪ 16‬من نف�س القانون‪.‬‬ ‫‪18‬‬

‫املادة نف�سها‪.‬‬ ‫‪19‬‬

‫‪� 20‬إدري�س طاهري‪« ،‬التدبري املايل للجامعة باملغرب»‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.25 .‬‬
‫‪� 21‬أنظر املادة ‪ 16‬من القانون رقم ‪ 01.00‬ال�سابق الإ�شارة �إليه‪.‬‬
‫‪� 22‬إدري�س طاهري‪« ،‬التدبري املايل للجامعة باملغرب»‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪ 35 .‬و‪.36‬‬
‫‪ 23‬املجل�س الأعلى للح�سابات‪ ،‬التقرير ال�سنوي للمجل�س الأعلى للح�سابات بر�سم �سنتي ‪ ،2017/2016‬مرجع‬
‫�سابق‪� ،‬ص‪.435 .‬‬
‫‪24 Mina Kleiche-Dray et Saïd Belcadi, « L’université marocaine en processus d’autonomisation »,‬‬
‫‪étude réalisée dans le cadre des travaux de préparation du premier rapport du Conseil sur‬‬
‫‪l’état et les perspectives du système national d’éducation-formation pour l’année 2008, Conseil‬‬
‫‪Supérieur de l’Enseignement, p. 53.‬‬
‫‪25‬‬ ‫‪Ibid., p. 56.‬‬

‫املادة ‪ 18‬من القانون رقم ‪ 01.00‬ال�سابق الإ�شارة �إليه‪.‬‬ ‫‪26‬‬

‫‪� 27‬إدري�س طاهري‪« ،‬التدبري املايل للجامعة باملغرب»‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.124 .‬‬
‫املادة ‪ 12‬من القانون رقم ‪ 01.00‬ال�سابق الإ�شارة �إليه‪.‬‬ ‫‪28‬‬

‫‪197‬‬
‫ع�صام القرين‬

‫‪ 29‬املجل�س الأعلى للح�سابات‪ ،‬التقرير ال�سنوي للمجل�س الأعلى للح�سابات بر�سم �سنتي ‪ ،2017/2016‬اجلزء الأول‪،‬‬
‫�ص‪.424 .‬‬
‫‪� 30‬إدري�س طاهري‪« ،‬التدبري املايل للجامعة باملغرب»‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.273 .‬‬
‫الدعامة التا�سعة ع�رش من امليثاق الوطني للرتبية والتكوين ال�صادر يف �أكتوبر ‪.1999‬‬ ‫‪31‬‬

‫الرافعة اخلام�سة من الر�ؤية اال�سرتاتيجية للإ�صالح ‪ 2030-2015‬من �أجل مدر�سة الإن�صاف واجلودة واالرتقاء‪.‬‬ ‫‪32‬‬

‫الرافعة الرابعة ع�رش من نف�س الر�ؤية اال�سرتاتيجية‪.‬‬ ‫‪33‬‬

‫املادة ‪ 42‬من م�رشوع قانون الإطار رقم ‪ 51.17‬املتعلق مبنظومة الرتبية والتعليم والتكوين والبحث العلمي‪.‬‬ ‫‪34‬‬

‫‪� 35‬إبراهيم بدران‪« ،‬حول اقت�صاديات التعليم العايل ودور اجلامعات اخلا�صة‪ :‬الأردن منوذجا»‪« ،‬واقع التعليم‬
‫العايل يف العامل العربي»‪ ،‬جملة ذوات‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.51 .‬‬
‫‪ 36‬املجل�س الأعلى للح�سابات‪ ،‬التقرير ال�سنوي للمجل�س الأعلى للح�سابات بر�سم �سنتي ‪ ،2017/2016‬مرجع‬
‫�سابق‪� ،‬ص‪.424 .‬‬
‫‪� 37‬أنظر املحور ال�سابق‪.‬‬
‫‪38‬‬ ‫‪Mina Kleiche-Dray et Saïd Belcadi, op. cit., p. 54.‬‬
‫‪39‬‬ ‫‪Ibid., p. 55.‬‬

‫املادة ‪ 45‬من م�رشوع قانون الإطار رقم ‪ 51.17‬املتعلق مبنظومة الرتبية والتعليم والتكوين والبحث العلمي‪.‬‬ ‫‪40‬‬

‫املادة ‪ 42‬من نف�س امل�رشوع‪.‬‬ ‫‪41‬‬

‫املادة ‪ 46‬من نف�س امل�رشوع‪.‬‬ ‫‪42‬‬

‫املادة ‪ 49‬من نف�س امل�رشوع‪.‬‬ ‫‪43‬‬

‫‪ 44‬املجل�س الأعلى للح�سابات‪ ،‬التقرير ال�سنوي للمجل�س الأعلى للح�سابات بر�سم �سنتي ‪ ،2017/2016‬مرجع‬
‫�سابق‪� ،‬ص‪.417 .‬‬
‫‪� 45‬إدري�س طاهري‪« ،‬التدبري املايل للجامعة باملغرب»‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.212 .‬‬
‫‪ 46‬املر�سوم رقم ‪ 2.07.1235‬ال�صادر يف ‪ 4‬نونرب ‪ ،2008‬واملتعلق مبراقبة نفقات الدولة‪ ،‬من�شور باجلريدة الر�سمية‬
‫عدد ‪ 5682‬بتاريخ ‪ 13‬نونرب ‪.2008‬‬
‫املادة ‪ 12‬من نف�س املر�سوم‪.‬‬ ‫‪47‬‬

‫املادة ‪ 15‬من نف�س املر�سوم‪.‬‬ ‫‪48‬‬

‫‪ 49‬القانون رقم ‪ 69.00‬املتعلق باملراقبة املالية للدولة على املن�ش�آت العامة وهيئات �أخرى‪� ،‬صادر الأمر بتنفيذه‬
‫الظهري رقم ‪ 1.03.195‬بتاريخ ‪ 11‬نوفمرب ‪ ،2003‬اجلريدة الر�سمية عدد ‪ 5170‬بتاريخ ‪ 18‬دي�سمرب ‪.2003‬‬
‫املادة ‪ 12‬من نف�س القانون‪.‬‬ ‫‪50‬‬

‫‪198‬‬
‫�إ�شكالية اال�ستقالل املايل للم�ؤ�س�سات الرتبوية على �ضوء التدبري الالمركزي‬

‫املراجع‬
‫‪ .1‬املراجع باللغة العربية‬

‫• الأطروحات واملذكرات‬
‫�إدري�س طاهري‪« ،‬التدبري املايل للجامعة باملغرب»‪� ،‬أطروحة لنيل �شهادة الدكتوراه يف القانون العام‪،‬‬
‫مركز درا�سات الدكتوراه العلوم القانونية وال�سيا�سية‪ ،‬كلية احلقوق بفا�س‪.2014/2013 ،‬‬
‫كوا�شي عتيقة‪« ،‬الالمركزية الإدارية يف الدول املغاربية ‪ :‬درا�سة حتليلية مقارنة»‪ ،‬مذكرة لنيل‬
‫�شهادة املاج�ستري يف العلوم ال�سيا�سية‪ ،‬تخ�ص�ص ‪� :‬إدارة اجلماعات املحلية والإقليمية‪ ،‬كلية‬
‫احلقوق والعلوم ال�سيا�سية‪ ،‬جامعة قا�صدي مرباح‪-‬ورقلة‪.2011/2010 ،‬‬

‫• املجالت العلمية‬
‫حوار مع الدكتور الأردين وليد املعاين ملجلة ذوات‪« ،‬واقع التعليم العايل يف العامل العربي»‪ ،‬جملة‬
‫ذوات‪ ،‬جملة ثقافية �إلكرتونية ن�صف �شهرية ت�صدر عن م�ؤ�س�سة م�ؤمنون بال حدود للدرا�سات‬
‫والأبحاث‪ ،‬عدد ‪.2015/12‬‬
‫خلود �صابر‪ ،‬ا�ستقالل اجلامعة‪ ،‬من�شورات مركز القاهرة لدرا�سات حقوق الإن�سان‪� ،‬سل�سلة‬
‫تعليم حقوق الإن�سان‪ ،‬العدد ‪ ،13‬القاهرة‪.2007 ،‬‬

‫• امل�ؤمترات‬
‫عادل عبد الفتاح �سالمة‪« ،‬واقع �إدارة م�ؤ�س�سات التعليم العايل يف الوطن العربي»‪ ،‬امل�ؤمتر الثالث‬
‫ع�رش للوزراء امل�س�ؤولني عن التعليم العايل والبحث العلمي يف الوطن العربي‪ ،‬تطوير �إدارة‬
‫التعليم العايل يف الوطن العربي‪ ،‬وثائق امل�ؤمتر‪� ،‬أبو ظبي‪ 8-7 ،‬دي�سمرب ‪ ،2011‬املنظمة‬
‫العربية للرتبية والثقافة والعلوم‪.‬‬

‫• التقارير والدرا�سات‬
‫الر�ؤية اال�سرتاتيجية للإ�صالح ‪ 2030-2015‬من �أجل مدر�سة الإن�صاف واجلودة واالرتقاء‪.‬‬
‫املجل�س الأعلى للح�سابات‪ ،‬التقرير ال�سنوي للمجل�س الأعلى للح�سابات بر�سم �سنتي‬
‫‪ ،2017/2016‬اجلزء الأول‪.‬‬
‫‪199‬‬
‫ع�صام القرين‬

‫• الن�صو�ص القانونية والتنظيمية‬


‫امليثاق الوطني للرتبية والتكوين ال�صادر يف �أكتوبر ‪.1999‬‬
‫القانون رقم ‪ 01.00‬املتعلق بتنظيم التعليم العايل‪� ،‬صادر الأمر بتنفيذه يف الظهري رقم ‪1.00.199‬‬

‫بتاريخ ‪ 19‬ماي ‪ ،2000‬اجلريدة الر�سمية عدد ‪ 4798‬بتاريخ ‪ 25‬ماي ‪.2000‬‬


‫القانون رقم ‪ 69.00‬املتعلق باملراقبة املالية للدولة على املن�ش�آت العامة وهيئات �أخرى‪� ،‬صادر‬
‫الأمر بتنفيذه الظهري رقم ‪ 1.03.195‬بتاريخ ‪ 11‬نوفمرب ‪ ،2003‬اجلريدة الر�سمية عدد ‪5170‬‬

‫بتاريخ ‪ 18‬دي�سمرب ‪.2003‬‬


‫املر�سوم رقم ‪ 2.07.1235‬ال�صادر يف ‪ 4‬نونرب ‪ ،2008‬واملتعلق مبراقبة نفقات الدولة‪ ،‬من�شور‬
‫باجلريدة الر�سمية عدد ‪ 5682‬بتاريخ ‪ 13‬نونرب ‪.2008‬‬
‫م�رشوع قانون الإطار رقم ‪ 51.17‬املتعلق مبنظومة الرتبية والتعليم والتكوين والبحث العلمي‪.‬‬

‫• املواقع الإلكرتونية الر�سمية‬


‫�سعيد بني�س‪« ،‬االنتقال اجلامعي باملغرب‪ ..‬من اجلامعة الوطنية �إىل اجلامعة اجلهوية»‪ ،‬مقال‬
‫من�شور باملوقع الإلكرتوين (‪ )www.pjd.ma‬بتاريخ ‪� 6‬شتنرب ‪ ،2018‬متت زيارة املوقع‬
‫يوم ‪� 10‬شتنرب ‪.2018‬‬

‫‪ .2‬املراجع باللغة الفرن�سية‬


‫‪• Etudes‬‬

‫‪Mina Kleiche-Dray et Saïd Belcadi, « L’université marocaine en processus‬‬


‫‪d’autonomisation », étude réalisée dans le c adre des travaux de‬‬
‫‪préparation du premier rapport du Conseil sur l’état et les perspectives‬‬
‫‪du système national d’éducation-formation pour l’année 2008, Conseil‬‬
‫‪Supérieur de l’Enseignement.‬‬
‫‪UNESCO, « Etude sur l’opportunité d’élaborer un instrument international sur‬‬
‫‪la liberté académique », Conférence générale, Vingt-septième session,‬‬
‫‪Paris, 1993.‬‬

‫‪• Textes juridiques‬‬


‫‪« La Déclaration de Lima sur la liberté universitaire et l’autonomie des‬‬
‫‪institutions d’enseignement supérieur » adoptée par l’Entraide universitaire‬‬
‫‪mondiale (EUM) en 1988.‬‬

‫‪200‬‬
‫دور �آليات ال�شراكة الدولية والتعاون‬
‫يف تطوير اجلامعة املغربية‪ :‬على �ضوء جتارب مقارنة‬
‫فاطمة ملحرحر‬

‫ملخ�ص‬
‫تزايدت الدعوات املطالبة للجامعات ب�رضورة �إعادة النظر يف طبيعة عالقاتها باملجتمع‪ ،‬والبحث عن‬
‫�أدوار ووظائف جديدة ت�ستطيع من خاللها تقدمي خدماتها ملختلف مكوناته‪ ،‬بحيث ت�صبح اجلامعة‬
‫�رشيكا فعاال مع خمتلف الفاعلني‪ ،‬وهو ما �أدى �إىل �رضورة تعزيز ال�رشاكة بني اجلامعات وخمتلف‬
‫امل�ؤ�س�سات لتطوير قدراتها التناف�سية حتى تتمكن من مواكبة التطور العلمي‪.‬‬
‫وبالتايل ت�ستطيع امل�ؤ�س�سات اجلامعية املغربية‪ ،‬عن طريق ال�رشاكة الدولية تطوير النظم‬
‫التعليمية والعمل على حتالف اجلهود من �أجل حتقيق �أهداف عامة وم�شرتكة‪ ،‬وحتديد �شبكات‬
‫عمل م�ستمرة‪ ،‬وتطوير حلول �شاملة ت�ساعد اجلامعات املغربية على حتقيق �أهدافها االقت�صادية‬
‫والتعليمية واالجتماعية‪.‬‬

‫مقدمة‬

‫حتتل اجلامعة مكانة مرموقة يف املنظومة التعليمية فهي ترتبع على قمة الهرم التعليمي‪ ،‬وبحكم‬
‫هذه املكانة‪ ،‬ف�إنها لي�ست م�س�ؤولة عن تطوير ذاتها وجتديد قواها فقط‪ ،‬بل تتحمل م�س�ؤولية تطوير‬
‫منظومة التعليم وجتديدها‪ ،‬كما تدعم م�ؤ�س�سات املجتمع الأخرى باحتياجاته من املوارد الب�رشية‬
‫�إعدادا وتدريبا ناهيك عن م�س�ؤوليتها بالإ�سهام يف تطوير املجتمع خلدمته وحل ق�ضاياه وم�شكالته‪.‬‬

‫وال ميكن لأي بلد نام �أن يحقق تقدما ذا �ش�أن يف التعليم وحتقيق �أهداف التنمية يف الألفية الثالثة‬
‫دون �أن يحظى بنظام تعليم عال قوي‪ ،‬فهو داعم للنظام التعليمي برمته �سواء يف و�ضع املناهج‪� ،‬أو‬
‫فاطمة ملحرحر‬

‫يف البحوث الرتبوية‪� ،‬أو يف و�ضع معايري القبول التي ت�ؤثر على م�ضمون التعليم من خالل ما يحمل‬
‫يف م�ضامينه من �سمو يف الفكر وعمق يف املعاجلة وارتقاء يف التطلعات نحو �آفاق جديدة‪.‬‬

‫وت�شري التوجهات العاملية املعا�رصة �إىل تنامي اال�ستثمار املعريف يف املوارد الب�رشية وفقا للمنظور‬
‫الدويل‪ ،‬وي�ؤكد ذلك تعددية التحديات التي تواجهها امل�ؤ�س�سات اجلامعية‪ ،‬متمثلة يف العوملة‬
‫االقت�صادية‪ ،‬واملرتكزة على جت�سري الفجوة بني املهارات وامل�ؤهالت وطنيا وعامليا‪ ،‬والأهمية‬
‫املتزايدة للمعرفة‪.‬‬

‫والتي يعزز منها تقليدية الأدوار الإدارية للقيادات اجلامعية‪ ،‬مدعوما مبحدودية ال�رشكات الدولية‬
‫والعاملية‪.‬‬

‫ويربهن عليها تزايد االهتمام باملرجعيات الدولية وم�ؤ�رشاتها الأكادميية وامل�ؤ�س�سية يف تقييم �أبعاد‬
‫املنظومة اجلامعية‪ ،‬مما �أوجب على �إدارة اجلامعات �أن ت�أخذ ق�صب ال�سبق يف التحول �إىل جمتمع‬
‫اقت�صادي معريف من خالل الآليات الإدارية امل�ستدامة كتفعيل �إدارة ال�رشاكات الدولية والتي‬
‫من �ش�أنها حت�سني م�ستويات ت�صنيفاتها العاملية حتت مظلة م�شهد دويل تت�صارع فيه التحوالت‬
‫الوطنية والدولية‪� ،‬إذ �أ�ضحت الت�صنيفات العاملية للجامعات من �أهم الدالئل على ت�صنيفها �إحدى‬
‫جامعات النخبة العاملية‪.‬‬

‫والتي ت�ستوجب تكامل عدة عنا�رص منها املوهبة الأكادميية للهيئات التدري�سية والطالبية والدعم‬
‫احلكومي ماديا لإجراء البحوث املتميزة‪ ،‬م�شفوعا مبا متتلكه اجلامعات من قيادات جامعية‪ ،‬ذات‬
‫ذهنيات وعقليات متفتحة ت�سعى �إىل التو�أمة بني التوجهات الوطنية وامل�ؤ�س�سية والدولية‪.‬‬

‫وت�أ�سي�سا على ما �سبق‪ ،‬فامل�ؤ�س�سات التعليمية عامة تواجه زخما من التحديات املحلية والإقليمية‬
‫والعاملية‪ ،‬مهددة ا�ستقرارها تارة ومعيقة �أداء ر�سالتها تارة �أخرى‪ ،‬مما جعل تطوير تلك امل�ؤ�س�سات‬
‫�أمرا حتميا‪ ،‬و�رضورة م�ستمرة ومتجددة بتجدد الظروف‪ ،‬مع تزايد حدة تلك التحديات‪.‬‬

‫كما �أن م�ؤ�س�سات التعليم العايل يف املغرب لي�ست مبن�أى عن تلك التحديات العاملية واملحلية مبختلف‬
‫�أبعادها يف ظل �سعيها لتحقيق جمتمع املعرفة وجمتمع التعلم‪ ،‬ويف ظل الأزمة التي تعي�شها اجلامعة‬
‫املغربية ب�سبب تعرث برامج الإ�صالح‪.‬‬
‫‪202‬‬
‫دور �آليات ال�رشاكة الدولية والتعاون يف تطوير اجلامعة املغربية‬

‫ناهيك عن‪ ،‬م�شاكل االكتظاظ الذي عانت والزالت تعاين منه بع�ض اجلامعات املغربية خ�صو�صا‬
‫امل�ؤ�س�سات ذات اال�ستقطاب املفتوح كما تعاين اجلامعات املغربية من غياب اال�ستقالل الكامل يف‬
‫الت�سيري و�ضعف امليزانيات املر�صودة‪ ،‬وندرة ال�رشاكات الإ�سرتاتيجية مع جامعات �أو منظمات‬
‫دولية التي ميكنها �أن ت�ساهم يف االرتقاء مب�ستوى البحث العلمي وزيادة املوارد املالية للجامعات‬
‫املغربية‪.‬‬

‫كما �أن‪ ،‬التطور التكنولوجي الهائل ف�ضال عن التغريات العاملية وحتديات العوملة التي �ألقت‬
‫تبعات كبرية على التعليم العايل ومراكز البحث العلمي‪ ،‬مما جعل دور اجلامعات يتجاوز ال�ش�أن‬
‫الأكادميي �إىل الدرا�سات التخ�ص�صية والبحثية بهدف ت�أهيل اخلرجني للم�شاركة يف حل امل�شكالت‬
‫التي تواجه م�ؤ�س�سات الدولة‪.‬‬

‫وهو‪ ،‬ما كان دافعا قويا لإجراء هذه الدرا�سة لتناول دور �آليات التعاون وال�رشاكة يف تطوير‬
‫اجلامعة املغربية‪ ،‬و�سبل تفعيلها على �ضوء بع�ض التجارب واخلربات املقارنة للنهو�ض بالبحث‬
‫العلمي وتطوير وزيادة قدرته التناف�سية يف �شتى املجاالت من خالل املحاور التالية‪:‬‬
‫• املحور الأول‪ :‬واقع �آليات ال�رشاكة والتعاون داخل اجلامعات املغربية‬
‫• املحور الثاين‪ :‬بع�ض التجارب الناجحة يف جمال ال�رشاكة‬
‫• املحور الثالث‪ :‬م�ستقبل ال�رشاكة الدولية يف جمال البحث العلمي ودورها يف تطوير اجلامعة‬
‫املغربية‬

‫املحور الأول‪ :‬واقع �آليات ال�شراكة الدولية والتعاون داخل اجلامعات املغربية‬

‫ال �شك �أن امل�ؤ�س�سة اجلامعية‪ ،‬ومن خالل البحث العلمي يف العامل اليوم باتت تلعب �أدوارا مهمة يف‬
‫العملية التنموية‪ ،‬حيث ي�شهد عامل اليوم حركية وتطورات هائلة يف �شتى املجاالت‪ ،‬بف�ضل التقدم‬
‫العلمي واملعلوماتي ال�رسيع‪.‬‬

‫حيث �أ�صبح �أداة حا�سمة لدى الدول لتحقيق رقيها و�إزهارها‪ ،‬وبلوغها مرحلة االقت�صاد املعريف‬
‫القائم على تقنية املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬ف�ضال على �أن الدول يف الوقت احلايل �أ�صبحت تركز �أكرث‬
‫ف�أكرث على الر�أ�سمال الب�رشي لتحقيق التنمية االقت�صادية ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫‪203‬‬
‫فاطمة ملحرحر‬

‫فالعامل يعي�ش منذ مطلع الألفية الثالثة موجة من التغيريات والتحوالت ال�شاملة واملتالحقة التي‬
‫تركت ت�أثرياتها وب�صماتها وا�ضحة على التعليم عامة والتعليم اجلامعي خا�صة يف كافة الدول‬
‫املتقدمة والنامية على حد �سواء‪.‬‬

‫ولعل �أبرز هذه التغريات التقدم التكنولوجي‪ ،‬وثورة املعرفة وهيمنة النظام العاملي اجلديد‪،‬‬
‫والتغريات االقت�صادية والتحول نحو اقت�صاد املعرفة‪ ،‬الأمر الذي �أدى �إل تزايد الدعوات املطالبة‬
‫للجامعات ب�رضورة �إعادة النظر يف طبيعة عالقاتها مبجتمعاتها والبحث عن �أدوار ووظائف‬
‫جديدة ت�ستطيع من خاللها تقدمي خدماتها ملختلف م�ؤ�س�ساته وفئاته‪ ،‬بحيث ت�صبح اجلامعة‬
‫�رشيكا فعاال مع خمتلف القطاعات‪.‬‬

‫مما �أدى �إىل احلاجة �إىل تعزيز ال�رشاكة بني اجلامعات وخمتلف امل�ؤ�س�سات لتطوير قدراتها‬
‫التناف�سية حتى تتمكن من مواكبة التطور العلمي‪.‬‬

‫لعل املراقب مل�شهد التعليم العايل‪ ،‬يلم�س حتديات ومعيقات كثرية تواجه هذا القطاع حتول دون �أن‬
‫يكون فاعال كما يجب يف العملية التنموية واملعرفية‬

‫كلما طرح مو�ضوع التعليم العايل متت امل�سارعة �إىل احلديث عن التخطيط وتغيري الربامج املت�سمة‬
‫عادة بنظام �إرثي ال يتغري‪ ،‬و�إن بدا ظاهريا �أنه يتغري ويتجدد‪ ،‬ولذلك ف�إن �أي تعليم عال ال ي�ساير‬
‫التوجهات الدولية يف حالتها التحيينية مبتغرياتها املت�سارعة‪ ،‬من �ش�أنه �أن يبقى حبي�س ت�صورات‬
‫ذات بعد ت�شخي�صي عالجي‪ ،‬تن�سج وعيا بامل�شكل وال تن�سج ت�صورات حللول ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫لقد حظي مو�ضوع ال�رشاكة الدولية باهتمام كبري من قبل احلكومات واملجتمعات واملراكز البحثية‬
‫باجلامعات يف خمتلف �أنحاء العامل بعد �أن ات�ضح �أن عملية التنمية االقت�صادية واالجتماعية تعتمد‬
‫على ح�شد وجمع كافة امكانات املجتمع مبا فيها من طاقات وموارد وخربات لت�شارك يف تنظيمات‬
‫م�ؤ�س�سية تتوىل �إن�شاء وت�شغيل امل�شاريع مبختلف �أنواعها‪ ،‬وتعد ال�رشاكة �آلية عمل تهدف �إىل حل‬
‫امل�شكالت املعقدة‪.‬‬

‫بالإ�ضافة �إىل �أن ال�رشاكة يجب �أن تنطلق من قناعة ال�رشكاء للعمل معا بر�ؤية م�شرتكة من خالل‬
‫عالقة قانونية منظمة وب�أ�ساليب وا�ضحة‪ ،‬كما �أن م�س�ألة ال�رشاكة بني اجلامعات وجامعات �أخرى‬
‫‪204‬‬
‫دور �آليات ال�رشاكة الدولية والتعاون يف تطوير اجلامعة املغربية‬

‫�أو منظمات دولية برزت ب�شكل تدريجي يف �إطار توجهات الدول واحلكومات نحو �إ�صالح نظم‬
‫التعليم العايل كا�سرتاتيجية لتح�سني عملية التدري�س والأن�شطة البحثية وربط اجلامعات بعمليات‬
‫التنمية والتطور يف املجتمع‪ ،‬وذلك لأن املوارد العامة للتعليم العايل قد انخف�ضت خالل ال�سنوات‬
‫الأخرية ب�سبب حركة التو�سع يف التعليم العايل‪ ،‬وحدوث الأزمات االقت�صادية وتغري الأولويات‬
‫االجتماعية بني القطاعات وداخل قطاع التعليم ذاته ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫ويف �إطار دعم جهود اجلامعات املغربية‪ ،‬فقد مت و�ضع خطة ا�سرتاتيجية م�ستقبلية للإ�صالح‬
‫(‪ ،)2030-2015‬ت�ضمنت مفهوما جديد للجامعة املغربية قوامه اال�ستئنا�س باملمار�سات‬
‫اجليدة‪ ،‬والتجارب الدولية الناجحة واالجتاهات احلديثة يف جمال تنويع �أمناط التكوين والبحث‬
‫واخلدمات املرافقة لهما‪ ،‬وال�سيما املنظومات املتكاملة للتكوين والبحث‪ ،‬التي ت�أخذ يف االعتبار‬
‫حاجات املجتمع من املعارف والقيم‪ ،‬وحاجات ال�سوق واملقاولة من الكفاءات والأهيالت املالئمة‪.‬‬

‫وهو ما ي�ستدعي تدبريا ت�شاركيا للتكوين والبحث وفق �آليات تعاقدية ملختلف �أنواع امل�ساهمة‬
‫املتبادلة بني اجلامعة واملقاولة‪ ،‬وهو منوذج جديد جلامعة متفاعلة مع التحوالت املجتمعية على‬
‫كل الأ�صعدة ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫كما �أ�شارت هذه اخلطة �إىل �رضورة انفتاح اجلامعة على ال�رشكات الدولية يف جمال البحث العلمي‬
‫�سواء اجلامعات النظراء �أو مع املنظمات الدولية احلكومية وغري احلكومية يف �سبيل تطوير �آليات‬
‫البحث العلمي وت�أهيل اخلريجني‪ ،‬وا�ستدامة فر�ص التمويل اخلا�صة باجلامعات‪.‬‬

‫وانطالقا من موقعه اجلغرايف‪ ،‬وانتمائه لالحتاد الإفريقي وجامعة الدول العربية‪ ،‬ومتتعه بو�ضع‬
‫متقدم لدى الإحتاد الأوروبي‪ ،‬يقيم املغرب عالقات تبادل و�رشاكة مع العديد من الدول الأوربية‬
‫والعربية والإفريقية يف �إطار رابطة اجلامعات العربية ورابطة اجلامعات الإفريقية ‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫ويف هذا الإطار‪ ،‬نالحظ �أن اجلامعة املغربية بد�أت تنفتح على عدة‪� ،‬أنواع من ال�رشاكة الدولية‪،‬‬
‫حيث جند مثال جمموعة من املنظمات الدولية التي تقوم بتمويل جمموعة من الأن�شطة العلمية‬
‫لعدد من امل�ؤ�س�سات اجلامعية‪ ،‬وكما تعقد بع�ض اجلامعات �رشاكات مع �سفارات ومراكز لأبحاث‬
‫يف دول �أخرى من �أجل تنظيم �أن�شطة علمية و�أكادميية م�شرتكة‪.‬‬
‫‪205‬‬
‫فاطمة ملحرحر‬

‫ويف نف�س ال�سياق‪ ،‬تعقد اجلامعات املغربية عالقات �رشاكة وتعاون مع جامعات النظراء من �أجل‬
‫تقا�سم اخلربات والتجارب وتنظيم بعثاث علمية و�ضمان ا�ستفادة الطلبة من منح للدرا�سة بهذه‬
‫اجلامعات ونذكر على �سبيل املثال‪ ،‬عقود ال�رشاكة التي مت توقيعها مع عدة جامعات تابعة لدول‬
‫الإحتاد الأوروبي يف �إطار منحة ‪ ، Erasmus Mundus‬التي ت�سمح للطلبة الباحثني والأ�ساتذة‬
‫واملوظفني التابعني للجامعة باال�ستفادة من منح لفرتات زمنية خمتلفة تكون بني �ستة ا�شهر اىل‬
‫�سنتني من �أجل الإنتقال �إىل اجلامعات امل�ستقبلة خا�صة يف الربتغال‪� ،‬إ�سبانيا‪ ،‬فرن�سا‪ ،‬بلجيكا‪،‬‬
‫اللوك�سمربج‪ ،‬هولندا‪� ،‬إيطاليا‪� ،‬أملانيا‪ ،‬وبع�ض دول �أوروبا ال�رشقية لال�ستفادة من القيام ببحوث‬
‫�أكادميية وح�ضور حما�رضات تكون حتت �إ�رشاف �أ�ساتذة اجلامعة امل�ستقبلة‪.‬‬

‫وتنق�سم منح ‪� Erasmus Mundus‬إىل ثالثة فئات حتمل كل منها �إ�سما خا�صا مثل منحة‬
‫الإدري�سي ‪ 1‬والإدري�سي ‪ ،2‬ثم منحة ابن بطوطة ومنحة فاطمة الفهرية‪ ،‬وت�شمل هذه املنح عدة‬
‫تخ�ص�صات منها‪ ،‬العلوم ال�سيا�سية‪ ،‬التاريخ‪ ،‬العالقات الدولية والقانون الدويل‪ ،‬علم االجتماع‪،‬‬
‫علم النف�س‪ ،‬اللغات‪ ،‬العلوم‪ ،‬الطب‪ ،‬الهند�سة‪ ،‬تاريخ الفن‪� ،‬إلخ‪.‬‬

‫كما جند برنامج ‪ Tempus‬وهو برنامج للتعاون الدويل لغر�ض تعزيز وتطوير التعليم العايل‬
‫والبحث العلمي مع جميع �رشكاء الإحتاد الأوروبي‪ ،‬واملغرب من الدول امل�ستفيدة من هذا‬
‫الربنامج يف �إطار ال�رشاكة الدولية ويرتكز هذا الربنامج على متويل امل�شاريع امل�شرتكة وتقدمي‬
‫منح التنقل للباحثني‪.‬‬

‫‪ Erasmus‬الذي يقدم منح للطلبة يف‬ ‫‪Mundus‬‬ ‫ويعمل برنامج ‪ Tempus‬بتن�سيق مع برنامج‬
‫املا�سرت والدكتوراه ملتابعة �أبحاثهم على �أعلى م�ستوى‪.‬‬

‫ويف نف�س ال�سياق‪ ،‬تعمل اجلامعات املغربية على عقد �رشاكات دولية وتعزيز عالقاتها مع نظرياتها‬
‫يف عدد من الدول‪ ،‬حيث عملت جامعة �سيدي حممد بن عبد اهلل على عقد �رشاكات متميزة من �أجل‬
‫بناء ج�سور التعاون بينها وبني نظرياتها‪ ،‬خا�صة مع اجلامعات الأ�سيوية والأوربية والأمريكية‪.‬‬

‫ومت توقيع اتفاقية تعاون بني كلية الآداب والعلوم الإن�سانية ظهر املهراز �إىل جانب نظريتها‬
‫يف مدينة الرباط وجامعة ال�صداقة الرو�سية‪ ،‬حيث يتم تدري�س اللغة الرو�سية اختياريا بالكلية‬
‫وا�ستقبال طلبة و�إر�سال طلبة مغاربة �إىل رو�سيا وتبادل الأ�ساتذة‪ ،‬وتطمح هذه ال�رشاكة �إىل خلق‬
‫‪206‬‬
‫دور �آليات ال�رشاكة الدولية والتعاون يف تطوير اجلامعة املغربية‬

‫�شعبة للغة والأدب الرو�سيني وخلق مركز للغات حتظى فيه اللغة الرو�سية باملكانة التي ت�ستحقها‬
‫مما يخدم العالقات بني البلدين‪.‬‬

‫كما ن�شري �إىل �أن‪ ،‬جامعة حممد اخلام�س بالرباط بدورها عملت على توقيع جمموعة من اتفاقيات‬
‫ال�رشاكة والتعاون مع عدة جامعات يف جنوب �رشق �آ�سيا منها اتفاقية بينها وبني كلية ال�صفا‬
‫الإ�سالمية مباليزيا‪ ،‬واجلامعة الوطنية يف فيتنام‪ ،‬بهدف تعزيز ال�رشاكة وتن�سيق الأ�شغال والبحث‬
‫العلمي ‪ ،‬واالبتكار الثقايف‪.‬‬

‫ووقعت نف�س اجلامعة م�ؤخرا ‪ 23‬اتفاقية �رشاكة مع جامعات عربية و�أوروبية‪ ،‬تهم دعم التعاون‬
‫الأكادميي وت�أ�سي�س �رشاكة جامعية‪ ،‬وكذا تروم هذه االتفاقيات التعاون يف جمال ن�رش املقاالت‬
‫والكتب‪ ،‬وو�ضع برامج التبادل والزيارات بالن�سبة للطلبة والأ�ساتذة والباحثني‪.‬‬

‫بالإ�ضافة �إىل مبادرات م�شرتكة تهم باخل�صو�ص تنظيم ندوات وم�ؤمترات م�شرتكة‪ .‬ومن هذه‬
‫اجلامعات جند اتفاقية �رشاكة مع جامعة العني الإماراتية واجلامعة املفتوحة بغزة‪ ،‬واجلامعة‬
‫اللبنانية الفرن�سية‪ ،‬وجامعة الزيتونة وجامعة دميرتي كانتمريي بجمهورية رومانيا‪ ،‬بالإ�ضافة‬
‫�إىل جامعات �أخرى‪.‬‬

‫كما قامت جامعة احل�سن الأول ب�سطات بتوقيع اتفاقيات �رشاكة مع �ست جامعات �إفريقية تدخل‬
‫يف امل�رشوع البني افريقي‪ ،‬من �أجل حت�سني جودة التعليم العايل عرب االرتقاء بالتدويل ودعم‬
‫الربامج واملناهج يف امل�ؤ�س�سات اجلامعية وكما �ستمكن ال�رشاكات الطلبة والأ�ساتذة واملوظفني‬
‫من اال�ستفادة من جوانب مهمة وثقافية واكت�ساب جتارب وخربات‪ ،‬وت�ضم هذه اجلامعات كل من‬
‫جامعة قرطاج بتون�س وجامعة ياوندي كامريون‪ ،‬وجامعة عنابة اجلزائر‪� ،‬إلخ ‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫�إال �أن ما نالحظه على هذه ال�رشاكات �أنها ت�شمل تخ�ص�صات دون �أخرى‪ ،‬كما �أن ن�سبة ا�ستفادة‬
‫الطلبة والباحثني منها تبقى �ضئيلة‪ ،‬حيث �أن عددا كبريا من الباحثني ي�شتكون من عدم معرفتهم‬
‫بوجود هذه ال�رشاكات وكيف ميكنهم اال�ستفادة منها‪.‬‬

‫بالإ�ضافة �إىل ذلك‪ ،‬فتنفيذ هذه ال�رشاكات يف الغالب ال يعرف اال�ستمرارية ب�سبب م�شاكل يف التمويل‬
‫ب�سبب الأزمات االقت�صادية التي قد تعرفها اجلامعات ال�رشيكة �أو التعقيدات القانونية‪.‬‬
‫‪207‬‬
‫فاطمة ملحرحر‬

‫املحور الثاين‪ :‬بع�ض التجارب الناجحة يف جمال ال�شراكة‬

‫�إن م�شاريع التنمية االقت�صادية واالجتماعية ت�شهد حتوال كبريا يف درجة التطور والتنويع‬
‫االقت�صادي والنمو املطرد لر�ؤو�س �أموال ب�رشية تقود عمليات التنمية‪ ،‬وذلك لأن التقدم‬
‫االقت�صادي ال ميكن �أن يتحقق بدون توفري القوى العاملة امل�ؤهلة واملتخ�ص�صة‪ ،‬والتي ت�ستطيع‬
‫القيام بعمليات التخطيط والتنفيذ لربامج التنمية االقت�صادية‪.‬‬

‫فهذه الأخرية حتتاج �إىل التقنيني والفنيني الذين ميلكون القدرة الالزمة واملطلوبة من التعليم‬
‫والتدريب واخلربة يف خمتلف جماالت التنمية‪ ،‬حيث تقا�س ح�ضارة الأمم مبدى تقدم م�ستوى‬
‫التعليم والبحث العلمي والذي ينعك�س على زيادة درجة رفاهية الدول ككل‪ ،‬لذا ينبغي تطوير‬
‫البحث العلمي باعتباره املدخل احلقيقي للتقدم االقت�صادي للدول النامية ‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫�إن البحث العلمي يعد ركنا �أ�سا�سيا من �أركان املعرفة الإن�سانية يف ميادينها كافة كما يعد �أي�ضا‬
‫ال�سمة البارزة للع�رص احلديث‪ ،‬ف�أهمية البحث العلمي ترجع �إىل �أن الأمم �أدركت �أن عظمتها‬
‫وتفوقها يرجعان �إىل قدرات �أبنائها العلمية والفكرية وال�سلوكيات وقد �أ�س�ست امل�ؤ�س�سات البحثية‬
‫يف الع�رص احلديث للأهداف ومهام مميزة‪.‬‬

‫وعند �إن�شائها عام ‪ 1913‬حدد م�ؤ�س�سة (روكفلر) الأمريكية ر�سالتها ب�أنها م�ؤ�س�سة عاملية قاعدتها‬
‫املعرفة وتعتمد اعتمادا كليا يف براجمها على املعرفة‪ .‬ويف عام ‪� 1970‬أن�ش�أ الكنديون مركز بحوث‬
‫‪8‬‬
‫التنمية الدولية بهدف التمكني من خالل املعرفة ‪.‬‬

‫ولأهمية البحث العلمي‪ ،‬ف�إن العامل ينفق حوايل (‪ )% 2,1‬من جممل دخله الوطني على جمالت‬
‫البحث العلمي‪� ،‬أي ما ي�ساوي حوايل ‪ 536‬بليون دوالر يف الوقت الراهن ‪.‬‬
‫‪9‬‬

‫ويعمل يف م�ؤ�س�سات البحث العلمي يف العامل ما يقارب (‪ )3,4‬مليون باحث وقد قدر �إنفاق الواليات‬
‫املتحدة الأمريكية واليابان واالحتاد الأوروبي مبا يقارب ‪ 417‬بليون دوالر هو ما يتجاوز ثالثة‬
‫�أرباع �إجمايل الإنفاق العاملي‪ ،‬وقد ت�صدرت الدول الإ�سكندنافية قائمة الدول الأوروبية الداعمة‬
‫للبحث واالبتكارات ‪.‬‬
‫‪10‬‬

‫‪208‬‬
‫دور �آليات ال�رشاكة الدولية والتعاون يف تطوير اجلامعة املغربية‬

‫ويعترب التبادل املعريف مفهوما حديثا ن�سبيا حيث ر�أى النور مع بداية �سبعينات القرن املا�ضي‬
‫يف بع�ض الدول الأوروبية؛ وهو مفهوم يت�سع لعدد من الأن�شطة ابتداء من «مقاي�ضة» معلومات‬
‫ومهارات ب�سيطة بني �أفراد املجتمع يف �إطار �شبكات روابط ذات طابع جمعوي‪ ،‬مربرا بانفتاح‬
‫م�ؤ�س�سات التعليم العايل على بع�ضها البع�ض من جهة وعلى حميطها من �أجل التعرف على حاجات‬
‫املجتمع ومتطلباته وامل�ساهمة يف تطويرها وتغريها نحو الأف�ضل من جهة �أخرى‪ ،‬و�صوال �إىل‬
‫ال�رشاكة بني مراكز البحث العلمي واجلامعات وال�رشكات ال�صناعية ‪.‬‬
‫‪11‬‬

‫كما �أن نتائج البحث العلمي �شملت جميع مرافق احلياة وترتبط مب�ستقبلها �إىل حد بعيد مما جعل‬
‫من امل�ستحيل على �أي جمتمع �أن ال يهتم باعتماده‪ ،‬وتطوير قواعده‪.‬‬

‫وبرز االهتمام يف حتديد العالقة التكاملية بني البحث العلمي والتعليم عموما‪ ،‬ويف �أهمية النهو�ض‬
‫بهما يف �إطار ا�سرتاتيجية طويلة املدى ت�ؤكد على دور البحث العلمي والتكنولوجي يف التنمية‬
‫امل�ستدامة‪ ،‬وعلى �رضورة تطوير التعاون وال�رشاكة ل�ضمان عمليات تبادل املعرفة ونتائج البحث‬
‫العلمي وا�ستمرار دورها يف حتقيق االرتقاء مب�ستوى احلياة الإن�سانية يف كل �أبعادها ‪.‬‬
‫‪12‬‬

‫لذا‪ ،‬نالحظ �أن �إدارة ال�رشاكات الدولية ذات التوجهات متعددة الأبعاد اجلامعية‪ ،‬تعد املرتكز‬
‫الأ�سا�س لالرتقاء ب�آليات التناف�سية وحت�سني م�ستويات اجلامعات‪� ،‬إذ �أنها ترتبط مببادئ �أ�سا�سية‬
‫مثل التعاون‪ ،‬التبادل املعريف‪.‬‬

‫وت�أكيدا على �أهمية ال�رشاكات الدولية و�آليات �إدارتها بفعالية‪ ،‬فقد و�ضعت جامعة ماكواري �سيدين‬
‫ب�أ�سرتاليا يف �سنة ‪ 2014‬عددا من التدابري الكفيلة بتحقيق �أف�ضل النتائج من خالل �رشاكاتها‬
‫اال�سرتاتيجية مع اجلامعات النظراء واملنظمات الدولية‪ ،‬حيث �شكلت جلانا فنية متخ�ص�صة لإمتام‬
‫اتفاقية ال�رشاكات على م�ستوى الأق�سام الأكادميية والكليات ‪.‬‬
‫‪13‬‬

‫ومت �إ�رشاك بع�ضا من املجتمع املحلي من ذوي اخلربات واالهتمامات التعليمية الدولية‪ ،‬بجانب‬
‫ممثلي الهيئات الطالبية والقيادية والتدري�سية‪ ،‬من �أجل �إجراء م�سح �شامل للجامعات والهيئات‬
‫الدولية قيد ال�رشاكة الدولية معها‪ ،‬مبا يت�سق وامل�ضامني اال�سرتاتيجية ل�سيا�ساتها وتوجهاتها‬
‫امل�ستقبلية‪ ،‬ويحقق لها تعزيزا �إيجابيا ل�سمعة اجلامعة من خالل تلك ال�رشاكات الدولية ‪.‬‬
‫‪14‬‬

‫‪209‬‬
‫فاطمة ملحرحر‬

‫كما ا�شتملت �سيا�سات ال�رشاكة الدولية بجامعة لندن على العديد من املبادئ لكافة الفعاليات‬
‫امل�ؤ�س�سية‪ ،‬منها ال�سمعة الأكادميية واملعايري واجلوائز الأكادميية‪ ،‬و�آليات �ضمان اجلودة‪،‬‬
‫وا�ستدامة التمويل‪ ،‬والتنا�سق بني اخلطة اال�سرتاتيجية واال�سرتاتيجية الدولية‪.‬‬

‫و�أكدت جامعة فنلندا ال�رشقية على �أهمية ال�رشاكات الدولية الداعمة للجودة امل�ؤ�س�سية‪ ،‬واملرتكزة‬
‫على املعيارية العاملية يف جمال البحث العلمي و�إدارة امل�ؤ�س�سات اجلامعية مبا يحقق ا�ستيفاء‬
‫مقت�ضيات ت�سويق الإنتاجيات اجلامعية وطنيا ودوليا‪ ،‬ولن يت�أتى ذلك �إال من خالل تنمية قدرات‬
‫القيادات اجلامعية جتاه �آليات �إر�ساء ثقافة ال�رشاكة الدولية مب�ؤ�س�ساتها اجلامعية‪.‬‬

‫مع ت�أكيد جامعة فنلندا على عدد من التدابري والإجراءات التنفيذية خا�صة �رضورة ت�شكيل الفرق‬
‫امل�شرتكة ذات اخلربات الدولية للإدارة ال�رشاكات الدولية‪ ،‬واالهتمام بالر�ؤى التطبيقية للأف�ضل‬
‫املمار�سات الأكادميية والإدارية لها‪ ،‬وامل�سح املنهجي لأف�ضل اجلامعات العاملية ثم حتديد اللجنة‬
‫املنظمة املنوط بها عقد االتفاقيات‪ ،‬و�إعداد مقرتح ر�سمي مكتوب يت�ضمن معلومات �أ�سا�سية عن‬
‫اجلامعات وجماالت وم�سارات ال�رشاكة‪.‬‬

‫والت�صنيف الدويل للجامعة‪ ،‬مع حتديد كليات اجلامعة ومن�سوبيها املنوط بهم امل�شاركة االحرتافية‬
‫يف تنفيذ االتفاقيات وحتديد امليزانيات املطلوبة‪ ،‬واملواقيت الزمنية لكافة �أن�شطة ال�رشاكة الدولية ‪.‬‬
‫‪15‬‬

‫يف املا�ضي كانت الأبحاث اجلامعية تهتم بفتح �آفاق جديدة للمعرفة‪ ،‬وكانت اجلامعات هي البوتقة‬
‫الفكرية التي تن�صهر فيها الأفكار لتنتج النظريات العلمية والنتائج التجريبية والإح�صائية التي‬
‫تقوم ال�رشكات وامل�ؤ�س�سات بنقلها �إىل تقنيات عملية ت�ستخدم يف �إنتاج ال�سلع التجارية واملعدات‬
‫ال�صناعية‪.‬‬

‫كما كان دور اجلامعات هو تخريج طاقم من املتعلمني والباحثني املدربني على املع�ضالت ومعاجلة‬
‫امل�شاكل وتناول الق�ضايا املختلفة مبا اكت�سبوه من علم وخربة يف التحليل العلمي مبا تعلموه من‬
‫علوم �أ�سا�سية‪.‬‬

‫ويف هذا الإطار‪ ،‬قامت الواليات املتحدة الأمريكية ب�إن�شاء معاهد تقنية لها لتخرج حرفيني‬
‫متخ�ص�صني وم�ؤهلني للعمل بها‪ ،‬مثل معهد جرنال موتورز واملعاهد العديدة لتدريب الفنيني‪،‬‬
‫وبرنامج فورد للتدريب الفني ‪.‬‬
‫‪16‬‬

‫‪210‬‬
‫دور �آليات ال�رشاكة الدولية والتعاون يف تطوير اجلامعة املغربية‬

‫وعلى غرار تلك املعاهد والكليات �أن�شئ املعهد العايل ال�سعودي الياباين لل�سيارات الذي مينح دبلوما‬
‫يف ال�سيارات‪ ،‬و�إن�شاء مركز تويوتا للتدريب ب�رشاكة يابانية‪�-‬سعودية‪ ،‬ومع تدهور ميزانيات‬
‫البحوث اجلامعية وقلة املوارد احلكومية لدعمها �إىل جانب عزوف الأمريكيني املتزايد عن الدرا�سة‬
‫اجلامعية وخا�صة الدرا�سات العليا‪ ،‬تزايد االهتمام يف كافة اجلامعات الأمريكية بالتو�سع يف �آفاق‬
‫ال�رشاكة يف املجاالت التقنية ‪.‬‬
‫‪17‬‬

‫يف جمال متابعة العالقات مع اجلامعات وامل�ؤ�س�سات العلمية والبحثية يف اخلارج ميكن التوقف‬
‫على بع�ض التجارب العربية يف جمال ال�رشاكة الدولية منها ا�سرتاتيجية التطور واالنفتاح على‬
‫اخلارج يف اجلامعة اللبنانية منها �إر�ساء معاهدات واتفاقيات مع جامعات عربية و�أوربية وكندية‪،‬‬
‫لتبادل اخلربات العلمية والأكادميية وتطوير برامج التعليم‪.‬‬

‫وقد احتلت اجلامعات الفرن�سية احليز الأكرب منها‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل امل�شاركة يف �إعداد واقرتاح‬
‫م�شاريع ‪� Tempus‬ضمن برنامج ‪ Tempus 5‬بهدف تطوير هيكلية اجلامعة وم�ساعدتها على‬
‫مواكبة التحوالت احلديثة وقد مت ذلك بالتعاون مع جامعات لبنانية‪ ،‬وجامعات يف اخلارج معنية‬
‫بهذه امل�شاريع ‪ .‬وامل�شاركة يف م�ؤمترات وندوات �إقليمية ودولية بالتعاون مع مكاتب الوكالة‬
‫‪18‬‬

‫اجلامعية للفرنكوفونية‪ ،‬ثم جامعة بنها م�رص حيث مت توقيع اتفاقية تعاون و�رشاكة بني هذه‬
‫الأخرية وجامعة جيفو اليابانية‪ ،‬كما مت عقد اتفاقية تعاون �أكادميي بني جامعة بنها واجلامعة‬
‫اللبنانية‪.‬‬

‫ومن ثم اجلامعات ال�سعودية حيث خطت هذه الأخرية خطوة كبرية يف جمال التعليم والبحث‬
‫العلمي‪� ،‬ساندها يف ذلك اتفاقيات ال�رشاكة والتو�أمة التي عقدتها مع جامعات عاملية مرموقة مثل‬
‫جامعتي (‪ )MIT‬و(‪ )ALE‬الأمريكيتني‪ ،‬وتنوعت هذه االتفاقيات لت�شمل عددا من التخ�ص�صات‬
‫املهمة‪ ،‬والتي تعزز من خمرجات اجلامعات مع �سوق العمل‪ ،‬وعلى الرغم من حداثة التجربة‪� ،‬إال‬
‫�أن اجلامعات ال�سعودية ا�ستطاعت �أن تعر�ض نف�سها ك�رشيك مهم لعدد من اجلامعات العاملية ‪.‬‬
‫‪19‬‬

‫وقد ات�ضح من امل�سح الأدبي �أن املنظمات املعا�رصة تتجه نحو الرتكيز على التعليم امل�ستمر‪ ،‬ونحو‬
‫امل�شاركة يف الأداء من خالل فرق العمل التي ت�ساعد على تبادل املعرفة وتناقلها بني املنظمات‪،‬‬
‫�إ�ضافة �إىل �أنها ت�سعى نحو دعم تبادل املعرفة من خالل عقد �رشاكات مع اجلامعات‪ ،‬والتدريب‬
‫اجلماعي‪� ،‬إذ تعد هذه جميعا من �أهم �آليات تبادل املعرفة‪.‬‬
‫‪211‬‬
‫فاطمة ملحرحر‬

‫غري �أن توفري البيئة املنا�سبة للتبادل املعريف �أمرا لي�س بالي�سري حيث توجد معوقات عدة ثقافية‬
‫واجتماعية وذلك ح�سب البيئة املحيطة‪ .‬وت�شكل الأمم املتحدة بوكالتها املتعددة منها منظمة الأمم‬
‫املتحدة للرتبية والعلوم والثقافة (اليون�سكو) بعقد اتفاقية تعاون و�رشاكة مع عدة جامعات عرب‬
‫العامل لتبادل اخلربات‪.‬‬

‫املحور الثالث‪ :‬م�ستقبل ال�شراكة الدولية يف جمال البحث العلمي‬

‫حاول الأقدمون منذ �أفالطون �إعطاء تعريف حمدد للمعرفة‪ ،‬وتق�سيمها �إىل �أنواع لخُ �صت يف‬
‫املعرفة احل�سية واملعرفة التقنية‪ ،‬واملعرفة اال�ستداللية كما حاولوا �أي�ضا تعريف العلم‪ ،‬مع تبيان‬
‫الفرق بينه وبني املعرفة‪ ،‬و�شغل بامل�ؤرخني كيف يطورون تبادل نتائج الأعمال املعرفية مبا فيها‬
‫نتائج البحوث العلمية و�إيجاد طرق و�أ�ساليب ح�سب الظرفية الزمنية‪.‬‬

‫وها نحن اليوم نبحث عن كيف نطور‪ ،‬ونعزز يف ظل التجربة الدولية وال�رشاكة من �أجل �ضمان‬
‫عمليات التبادل املعريف يف جمال البحث العلمي ‪.‬‬
‫‪20‬‬

‫وهنا يجدر التذكري‪ ،‬ب�أن التبادل وال�رشاكة يتمان يف ع�رصنا حتت عنوان التعاون‪ ،‬وهو �إطار غالبا‬
‫ما جند فيه طرفا يفيد �أكرث مقابل طرف �آخر م�ستفيد قد تفر�ض عليه �رشوط هذا التعاون تنازالت‬
‫يف جماالت يعمد كل البعد عن الثقافة والعلوم‪.‬‬

‫ومما ال�شك فيه �أن لتطور امل�ؤ�س�سات اجلامعية �أثر مبا�رش على التنمية االجتماعية واالقت�صادية‪،‬‬
‫لهذا متثل عالقة ال�رشاكة التي تعقدها هذه امل�ؤ�س�سات وغريها من امل�ؤ�س�سات اجلامعية واملنظمات‬
‫الأخرى يف بلدان �أخرى ف�إنها يف غاية الأهمية؛ �إذ تعترب هذه العالقة من املقومات الرئي�سية لتطوير‬
‫البحث العلمي‪ ،‬وقد مكنت هذه ال�رشاكة من التو�صل �إىل ابتكارات هائلة كانت الأ�سا�س يف التطور‬
‫املهم احلادث يف االقت�صاديات املتقدمة ‪.‬‬
‫‪21‬‬

‫ومن خاللها‪ ،‬ت�ستطيع امل�ؤ�س�سات اجلامعية عن طريق ال�رشاكة الدولية على تطوير النظم التعليمية‬
‫والعمل على حتالف اجلهود من �أجل حتقيق �أهداف عامة وم�شرتكة‪ ،‬وحتديد �شبكات عمل م�ستمرة‬
‫وتطوير حلول �شاملة ت�ساعد املجتمعات على حتقيق �أهدافها االقت�صادية والتعليمية واالجتماعية‪.‬‬
‫‪212‬‬
‫دور �آليات ال�رشاكة الدولية والتعاون يف تطوير اجلامعة املغربية‬

‫وت�شري الأدبيات املعا�رصة �إىل �أهمية ال�رشاكة بني �أجهزة التعليم وامل�ؤ�س�سات الأخرى‪ ،‬حيث‬
‫�أ�صبح العمل يعتمد على قواعد املعرفة والتكنولوجيا وال �سبيل لنقل املعرفة �إال من خالل مراكز‬
‫البحث العلمي‪ ،‬كما �أن تكلفة التعليم العايل ب�أنواعه الأكادميية والتكنولوجيا والتوجيهية يف ارتفاع‬
‫م�ستمر وحتتاج هذه امل�ؤ�س�سات �إىل دعم متوا�صل و�إىل م�صادر متويل غري تقليدية‪.‬‬

‫وانطالقا مما تقدم ذكره‪ ،‬ف�إن تفعيل ال�رشاكة والتبادل املعريف بني امل�ؤ�س�سات الأكادميية والبحثية‬
‫والقطاعات املجتمعية مرهون بالوعي ب�أهمية البحث العلمي‪ ،‬وتبادل نتائجه وب�إدارة �سيا�سية‬
‫قادرة على خلق بيئة مالئمة عن طريق مراجعة اجلوانب القانونية والتنظيمية للم�ؤ�س�سات‬
‫الأكادميية والبحثية على امل�ستوى الإقليمي مثل (االحتاد املغاربي‪ ،‬واحتاد التعاون اخلليجي)‪،‬‬
‫وعلى م�ستوى دول اجلامعة العربية‪ ،‬وذلك بغية توحيدها وت�سهيل التبادل املعريف ودمج �أن�شطة‬
‫البحث العلمي‪ ،‬وتبادل الزيارات واخلربات والتجارب‪.‬‬

‫و�إن�شاء وتعزيز م�ؤ�س�سات خمت�صة يف ال�رشاكة والتبادل بغية الرفع من نتائج البحوث واخلربات‪.‬‬
‫والعمل على خلق �صندوق لدعم البحث العلمي ت�شارك يف متويله كل الدول الكربى ويكون �إطارا‬
‫م�شرتكا لطلب امل�ساعدات من الدول والهيئات املانحة‪.‬‬

‫ونظرا للتغيري ال�رسيع الذي تعي�شه املجتمعات املختلفة‪ ،‬ونتيجة انت�شار الو�سائل التقنية يف‬
‫التعليم‪ ،‬فقد �أ�صبح من املهم �أن تعي�ش اجلامعات حالة من التحول �إىل ما يعرف بالإتقان والت�أكيد‬
‫على اجلودة ال�شاملة يف براجمها وم�ستويات خمرجاتها‪.‬‬

‫ويف �إطار الإ�صالحات الد�ستورية وال�سيا�سية التي عرفها املغرب يف ظل د�ستور ‪ 2011‬وخيار‬
‫اجلهوية املتقدمة الذي �أ�صبح رهانا يعول عليه للنهو�ض بالأو�ضاع االقت�صادية واالجتماعية‪ ،‬ف�إن‬
‫رهانا بهذا احلجم ال ميكن �أن يحقق دون �إ�صالح حقيقي لقطاع التعليم العايل والبحث العلمي‪،‬‬
‫ودعم ا�ستقاللية اجلامعات يف �إطار تعاقدي بينها وبني الدولة‪ ،‬مبني على ربط امل�س�ؤولية باملحا�سبة‬
‫والتدبري بالأهداف والنتائج‪ ،‬بغية تفعيل �سيا�سة الالمركزية والالمتركز‪.‬‬

‫حيث �أن‪ ،‬التفكري يف م�ستقبل اجلامعات املغربية يفر�ض علينا التعامل مع معادلة ثالثية الأطراف‬
‫وهي جودة التعليم‪ ،‬والتقدم العلمي والتكنولوجي والزمن‪ ،‬وذلك على نحو يفر�ض عليها �رضورة‬
‫‪213‬‬
‫فاطمة ملحرحر‬

‫وجود حالة من التغري والتطور والتحديث امل�ستمرة لأمناطها و�أ�ساليبها‪� ،‬إذ ال ت�ستطيع اجلامعة‬
‫�أن تكون منف�صلة على التغريات العاملية‪ ،‬وغري م�شاركة ومواكبة لها‪.‬‬

‫وعليه البد من و�ضع خطط ا�سرتاتيجية و�سيا�سات تعليمية متوافقة ومتطلبات متغريات الع�صـر‪.‬‬

‫هوام�ش‬
‫‪� 1‬أ�سامة بن �صادق طيب‪ ،‬ال�رشاكة بني القطاع اخلا�ص واجلامعات يف الأبحاث‪ ،‬جامعة امللك عبد العزيز‪ ،‬وكالة‬
‫اجلامعات للدرا�سات العليا والبحث العلمي‪ ،‬ال�سعودية‪1426 ،‬هـ‪� ،.‬ص‪.1 .‬‬
‫‪ 2‬جمال بوطيب‪« ،‬التعليم العايل يف العامل العربي ا�سرتاتيجيات الإ�صالح اجلامعي‪ ،‬التجربة املغربية �أمنوذجا»‪،‬‬
‫جملة ذوات‪ ،‬العدد ‪ ،2015 ،12‬م�ؤ�س�سة م�ؤمنون بال حدود‪� ،‬ص‪.27 .‬‬
‫‪� 3‬سامي مراد‪�« ،‬سبل تفعيل ال�رشاكة بني اجلامعات والقطاع اخلا�ص ودورها يف التنمية الإدارية باململكة‬
‫ال�سعودية»‪ ،‬ورقة مقدمة �إىل م�ؤمتر التنمية الإدارية يف ظل التحديات االقت�صادية‪ 23-22 ،‬نوفمرب ‪� ،2016‬ص‪.4 .‬‬
‫‪« 4‬ر�ؤية ا�سرتاتيجية لإ�صالح ‪ ،2030-2015‬من �أجل مدر�سة الإن�صاف وجودة االرتقاء»‪ ،‬املجل�س الأعلى للرتبية‬
‫والتكوين والبحث العلمي‪� ،‬ص‪.18 .‬‬
‫‪� 5‬أبو بكر �أحمد املختار‪« ،‬ال�رشاكة من �أجل التبادل املعريف يف جمال البحث العلمي‪ :‬كيف نعززها ونطورها‬
‫يف بلداننا العربية يف ظل التجربة الدولية ورقة مقدمة ملنتدى ال�رشاكة املجتمعية يف جمال البحث العلمي‬
‫والتبادل املعريف‪� 23-22 ،‬أبريل ‪ 1434‬هـ‪ ،‬ال�سعودية �ص‪.14 .‬‬
‫‪ 6‬موقع وزارة الرتبية الوطنية والتكوين املهني والتعليم العايل والبحث العلمي قطاع التعليم العايل والبحث‬
‫العلمي‪www.enssup.gov.ma ،‬‬

‫‪ 7‬خوا�شي عثمان عبد اللطيف‪« ،‬واقع البحث العلمي يف الدول النامية مقارنة بالدول املتقدمة يف توظيف‬
‫التكنولوجيا (ال�صني‪ ،‬ماليزيا‪ ،‬اليابان) �أمنوذجا»‪ ،‬جملة كلية الرتبية الإ�سالمية للعلوم الرتبوية والإ�سالمية‪،‬‬
‫جامعة بابل‪ ،‬العدد ‪ ،30‬كانون الأول ‪� ،2016‬ص‪.200 .‬‬
‫املرجع نف�سه‪� ،‬ص‪.202 .‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪9 Jo Johnson MP, « The allocation of science and research funding », Department for business‬‬
‫‪innovation and skills, March 2016, p. 5-7.‬‬

‫‪10‬‬ ‫‪Idem.‬‬

‫‪ 11‬حممد املختار �سيد حممد الناه‪« ،‬مفهوم التبادل املعريف ودوره يف تطوير م�ؤ�س�سات التعليم العايل والبحث‬
‫يف الدول النامية»‪ ،‬ورقة مقدمة ملنتدى ال�رشاكة املجتمعية يف جمال البحث العلمي والتبادل املعريف‪،‬‬
‫‪� 23-22‬أبريل ‪ 1434‬هـ‪ ،‬ال�سعودية‪� ،‬ص‪.123 .‬‬
‫‪� 12‬أبو بكر �أحمد املختار‪« ،‬ال�رشاكة من �أجل التبادل املعريف يف جمال البحث العلمي‪ :‬كيف نعززها ونطورها يف‬
‫بلداننا العربية يف ظل التجربة» ‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.10 .‬‬

‫‪214‬‬
‫دور �آليات ال�رشاكة الدولية والتعاون يف تطوير اجلامعة املغربية‬

‫�أحمد جنم الدين عبدورا�س‪� ،‬آليات �إدارة ال�رشاكة الدولية ودورها يف حت�سني م�ستويات الت�صنيفات العاملية‬ ‫‪13‬‬

‫بجامعتي القاهرة وامللك �سعود‪ ،‬كلية الرتبية‪ ،‬جامعة بنها‪ ،‬م�رص‪ ،‬بدون �سنة‪� ،‬ص‪.2 .‬‬
‫املرجع نف�سه‪.‬‬ ‫‪14‬‬

‫املرجع نف�سه‪� ،‬ص‪.3 .‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪� 16‬أ�سامة بن �صادق طيب‪« ،‬ال�رشاكة بني القطاع اخلا�ص واجلامعات يف الأبحاث‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.3 .‬‬
‫املرجع نف�سه‪� ،‬ص‪.4 .‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪� 18‬إميان بنت ابراهيم عبد الرحمن‪« ،‬البحث العلمي والتبادل املعريف بني الواقع وامل�أمول ‪ :‬درا�سة منوذج من‬
‫التجارب الرائدة مع �إلقاء ال�ضوء على جتربة جامعة طيبة»‪ ،‬ورقة مقدمة ملنتدى ال�رشاكة املجتمعية يف جمال‬
‫البحث العلمي والتبادل املعريف‪� 23-22 ،‬أبريل ‪ 1434‬هـ‪ ،‬ال�سعودية‪� ،‬ص‪.60 .‬‬
‫املرجع نف�سه‪� ،‬ص‪.61 .‬‬ ‫‪19‬‬

‫‪� 20‬أبو بكر �أحمد املختار ‪«،‬ال�رشاكة من �أجل التبادل املعريف يف جمال البحث العلمي‪ :‬كيف نعززها ونطورها يف‬
‫بلداننا العربية يف ظل التجربة الدولية»‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.10 .‬‬
‫ال�سيد جمعة‪« ،‬ال�رشاكة بني اجلامعة وم�ؤ�س�سات املجتمع كاجتاه لتطوير التعليم اجلامعي»‪ ،‬جملة كلية الرتبية‬ ‫‪21‬‬

‫ال�سوي�س‪ ،‬املجلد اخلام�س‪ ،‬العدد ال�ساد�س‪� ،‬أكتوبر ‪� ،2012‬ص‪.10 .‬‬

‫املراجع‬
‫• الكتب باللغة والعربية والإجنليزية‬
‫�أ�سامة بن �صادق طيب‪ ،‬ال�رشاكة بني القطاع اخلا�ص واجلامعات يف الأبحاث‪ ،‬جامعة امللك‬
‫عبد العزيز‪ ،‬وكالة اجلامعات للدرا�سات العليا والبحث العلمي‪ ،‬ال�سعودية‪1426 ،‬هـ‪.‬‬
‫�أحمد جنم الدين عبدورا�س‪� ،‬آليات �إدارة ال�رشاكة الدولية ودورها يف حت�سني م�ستويات الت�صنيفات‬
‫العاملية بجامعتي القاهرة وامللك �سعود‪ ،‬كلية الرتبية‪ ،‬جامعة بنها‪ ،‬م�رص‪ ،‬بدون �سنة‪.‬‬
‫‪Jo Johnson MP, « The allocation of science and research funding », Department‬‬
‫‪for business innovation and skills, March 2016.‬‬

‫• املجالت العلمية‬
‫ال�سيد جمعة‪« ،‬ال�رشاكة بني اجلامعة وم�ؤ�س�سات املجتمع كاجتاه لتطوير التعليم اجلامعي»‪ ،‬جملة‬
‫كلية الرتبية ال�سوي�س‪ ،‬املجلد اخلام�س‪ ،‬العدد ال�ساد�س‪� ،‬أكتوبر ‪.2012‬‬
‫‪215‬‬
‫فاطمة ملحرحر‬

‫خوا�شي عثمان عبد اللطيف‪« ،‬واقع البحث العلمي يف الدول النامية مقارنة بالدول املتقدمة يف‬
‫توظيف التكنولوجيا (ال�صني‪ ،‬ماليزيا‪ ،‬اليابان) �أمنوذجا»‪ ،‬جملة كلية الرتبية الإ�سالمية‬
‫للعلوم الرتبوية والإ�سالمية‪ ،‬جامعة بابل‪ ،‬العدد ‪ ،30‬كانون الأول ‪.2016‬‬
‫جمال بوطيب‪« ،‬التعليم العايل يف العامل العربي ا�سرتاتيجيات الإ�صالح اجلامعي‪ ،‬التجربة املغربية‬
‫�أمنوذجا»‪ ،‬جملة ذوات‪ ،‬العدد ‪ ،2015 ،12‬م�ؤ�س�سة م�ؤمنون بال حدود‪.‬‬

‫• امل�ؤمترات‬
‫�إميان بنت ابراهيم عبد الرحمن‪« ،‬البحث العلمي والتبادل املعريف بني الواقع وامل�أمول‪ :‬درا�سة منوذج‬
‫من التجارب الرائدة مع �إلقاء ال�ضوء على جتربة جامعة طيبة»‪ ،‬ورقة مقدمة ملنتدى ال�رشاكة‬
‫املجتمعية يف جمال البحث العلمي والتبادل املعريف‪� 23-22 ،‬أبريل ‪ 1434‬هـ‪ ،‬ال�سعودية‪.‬‬
‫حممد املختار �سيد حممد الناه‪« ،‬مفهوم التبادل املعريف ودوره يف تطوير م�ؤ�س�سات التعليم العايل‬
‫والبحث يف الدول النامية»‪ ،‬ورقة مقدمة ملنتدى ال�رشاكة املجتمعية يف جمال البحث العلمي‬
‫والتبادل املعريف‪� 23-22 ،‬أبريل ‪ 1434‬هـ‪ ،‬ال�سعودية‪.‬‬
‫�أبو بكر �أحمد املختار ‪«،‬ال�رشاكة من �أجل التبادل املعريف يف جمال البحث العلمي‪ :‬كيف نعززها‬
‫ونطورها يف بلداننا العربية يف ظل التجربة الدولية»‪ ،‬ورقة مقدمة ملنتدى ال�رشاكة املجتمعية يف‬
‫جمال البحث العلمي والتبادل املعريف‪� 23-22 ،‬أبريل ‪ 1434‬هـ‪ ،‬ال�سعودية‪.‬‬
‫�سامي مراد‪�« ،‬سبل تفعيل ال�رشاكة بني اجلامعات والقطاع اخلا�ص ودورها يف التنمية الإدارية‬
‫باململكة ال�سعودية»‪ ،‬ورقة مقدمة �إىل م�ؤمتر التنمية الإدارية يف ظل التحديات االقت�صادية‪،‬‬
‫‪ 23-22‬نوفمرب ‪.2016‬‬

‫• الدرا�سات‬
‫الر�ؤية اال�سرتاتيجية للإ�صالح ‪ 2030-2015‬من �أجل مدر�سة الإن�صاف واجلودة واالرتقاء‪.‬‬

‫• املواقع الإلكرتونية الر�سمية‬


‫موقع وزارة الرتبية الوطنية والتكوين املهني والتعليم العايل والبحث العلمي قطاع التعليم العايل‬
‫والبحث العلمي ‪www.enssup.gov.ma‬‬

‫‪216‬‬
‫حكامة منظومة الرتبية والتكوين من خالل الر�ؤية‬
‫اال�سرتاتيجية للإ�صالح ‪ :2030-2015‬نحو جتاوز‬
‫�إكراهات تنزيل امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‬

‫عبد العايل حور‬

‫ملخ�ص‬

‫لقد ظل رهان احلكامة حا�رضا عرب خمتلف حمطات الإ�صالح التي عرفتها منظومة الرتبية‬
‫والتكوين‪ ،‬فمنذ امليثاق الوطني للرتبية والتكوين الذي و�ضع الأ�س�س والركائز الأوىل لنهج‬
‫احلكامة‪ ،‬ف�إن واقع منظومة التعليم باملغرب ظل يعاين من خلل على م�ستوى حكامته‪ ،‬ومع الر�ؤية‬
‫الإ�سرتاجتية للإ�صالح يتم الت�سا�ؤل �إىل �أي حد �ستتمكن مقت�ضياتها من جتاوز الإ�شكاالت التي‬
‫حتول دون حتقيق حكامة جيدة للمنظومة؟ حيث �ست�سعى هذه الورقة �إىل الإجابة عنه من خالل‬
‫ا�ستقراء �أ�س�س احلكامة التي �أر�ستها وثائق الإ�صالح و�إبراز امل�ستجدات التي جاءت بها الر�ؤية‬
‫الإ�سرتاجتية للإ�صالح لتجاوز هذه الإخفاقات على اخل�صو�ص‪.‬‬

‫مقدمة‬

‫�إن القناعة التامة ب�رضورة القطع مع الطرق التقليدية يف الت�سيري والتدبري‪ ،‬جعلت اجلميع يعي‬
‫�أهمية احلاجة �إىل نهج حكامة جديدة ميكن عربها �ضبط وتوجيه وتف�سري التوجهات الإ�سرتاجتية‬
‫الكربى التي تطال اجلوانب االقت�صادية وامل�ؤ�س�ساتية وخمتلف البنى االجتماعية والثقافية‬
‫والفكرية وغريها‪ ،‬والغاية والق�صد من وراء ذلك هو مواكبة التطورات والتحوالت التي تطال‬
‫م�ؤ�س�سات الدولة وامل�ؤ�س�سات الأهلية واملجتمع يف عمومه‪ ،‬والعمل على �إقرار �أ�ساليب جديدة‬
‫يف التدبري ت�ساعد على تذويب احلدود وكافة �أ�شكال التقاطع واالختالف ال�سلبي بني خمتلف‬
‫املتدخلني وامل�ستفيدين من الن�شاط الإداري‪.‬‬
‫عبد العايل حور‬

‫وقد تبلور مفهوم احلكامة اجليدة منذ عدة عقود‪ ،‬حيث ورد يف تقارير بع�ض امل�ؤ�س�سات الدولية‬
‫وال�سيما البنك الدويل وبرنامج الأمم املتحدة الإمنائي‪ ،‬ثم �صار على �أجندة خمتلف املنظمات‬
‫الدولية والوطنية وال�رشكات‪ ،‬لي�ستقر �أخريا يف د�ساتري الدول‪ ،‬وي�صبح من الأهداف الرئي�سة‬
‫ل�سيا�ساتها العمومية‪ .‬وهو املنحى الذي �سار عليه امل�رشع الد�ستوري املغربي حيث مت تكر�س هذا‬
‫املفهوم ب�شكل قوي يف د�ستور يوليوز ‪ ،2011‬الذي �أفرد له الباب ‪ 12‬حتت عنوان احلكامة اجليدة‪،‬‬
‫حدد فيه املبادئ العامة التي يتعني مراعاتها من لدن املرافق العمومية‪ ،‬كما حدد م�ؤ�س�سات‬
‫وهيئات حماية احلقوق واحلريات واحلكامة اجليدة والتنمية الب�رشية وامل�ستدامة والدميقراطية‬
‫الت�شاركية‪.‬‬

‫هذا االهتمام الد�ستوري �أعطى للمفهوم �أهمية ق�صوى‪ ،‬حيث �أ�صبح ل�صيق بال�سيا�سات العمومية‬
‫والقطاعية كغاية وهدف وكخيط ناظم لها‪ .‬فقد كانت احلكامة �ضمن �أوليات الربامج احلكومية‬
‫اخلا�ص بقطاع الرتبية والتكوين منذ �سنوات من خالل الرتكيز على مبادئ التخطيط والربجمة‬
‫والأهداف وجدولة الإجنازات‪ ،‬ووجوب تعميق ثقافة التقييم وو�ضع �آليات التتبع والقيادة ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫كما كانت احلكامة �ضمن �أولويات الر�ؤية اال�سرتاتيجية ‪ 2030-2015‬املعتمدة من قبل املجل�س‬
‫الأعلى للرتبية والتكوين والبحث العلمي‪ ،‬حيث خ�صتها بالرافعة اخلام�سة ع�رشة‪ ،‬والتي ترمي‬
‫�إىل ا�ستهداف حكامة ناجعة ملنظومة الرتبية والتكوين يف �أبعادها املختلفة‪ ،‬املتعلقة بنجاعة التدبري‪،‬‬
‫وامل�شاركة‪ ،‬وال�شفافية‪ ،‬وربط امل�س�ؤولية بالتقييم واملحا�سبة‪ .‬وهي �أمور �سبق �أن و�ضع �أ�س�سها‬
‫و�سطر غاياتها امليثاق الوطني للرتبية والتكوين الذي مت و�ضعه �سنة ‪.1999‬‬

‫وبناء على ذلك �ست�سعى هذه الورقة �إىل االجابة عن ال�س�ؤال املحوري التايل‪ :‬اىل �أي حد �ستتمكن‬
‫مقت�ضيات الر�ؤية الإ�سرتاجتية لإ�صالح من جتاوز الإ�شكاالت التي حتول دون حتقيق حكامة‬
‫جيدة للمنظومة؟ واال�سئلة الفرعية املرتبطة به من قبيل ؛ما هي الفر�ص املتاحة للنجاح واملحاذير‬
‫التي يتعني تفاديها للخروج من الدائرة املفرغة التي تدور فيها حكامة املنظومة؟ و�أين تتجلى �أهم‬
‫االختالالت التي �شابت التجارب ال�سابقة؟ وهل ميكن �أن ت�شكل مقت�ضيات الر�ؤية الإ�سرتاجتية‬
‫للإ�صالح خطوة لتجاوزها؟‪.‬‬

‫ويف ظل قلة الدر�سات الأكادميية التي تناولت حكامة منظومة الرتبية والتكوين وتقييم التجارب‬
‫ال�سابقة يف هذا املجال على اخل�صو�ص‪� ،‬سنعتمد بالأ�سا�س على الدرا�سات والتقارير التي �أعدتها‬
‫وزارة الرتبية الوطنية والتكوين املهني والتعليم العايل والبحث العلمي‪ ،‬واملجل�س الأعلى للرتبية‬
‫‪218‬‬
‫‪2030-2015‬‬ ‫حكامة منظومة الرتبية والتكوين من خالل الر�ؤية اال�سرتاتيجية للإ�صالح‬

‫والتكوين والبحث العلمي‪ ،‬وذلك يف مطلبني اثنني‪ ،‬يتناول الأول امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‬
‫باعتباره امل�ؤ�س�سة حلكامة املنظومة‪� ،‬أما املطلب الثاين فيخ�ص�ص مل�ستجدات الر�ؤية اال�سرتاتيجية‬
‫للإ�صالح ‪ 2030-2015‬التي تناولت حكامة منظومة الرتبية والتكوين‪.‬‬

‫املطلب الأول‪ :‬ت�أ�سي�س امليثاق الوطني للرتبية والتكوين حلكامة املنظومة‬

‫اقرتح امليثاق الوطني للرتبية والتكوين �إر�ساء جهاز حلكامة منظومة الرتبية والتكوين قادر على‬
‫تنفيذ �سيا�سة الدولة يف هذا القطاع على الوجه الأكمل‪ ،‬وذلك من خالل هياكل تنظيمية ال مركزية‪،‬‬
‫ومرنة‪ ،‬ومالئمة للتلميذ باعتباره العن�رص املركزي للنظام‪ .‬ويتعني على هذا اجلهاز‪� ،‬أن يكون‬
‫قادرا على تعبئة الفاعلني من �أجل �إحراز نتائج بيداغوجية حقيقية‪ .‬وتقوم هند�سة هذا النظام على‬
‫ال مركزية وال متركز هياكل الوزارة‪ ،‬واخلدمات املقدمة من قبل مكوناته الداخلية ‪ ،‬وقد وردت‬
‫‪2‬‬

‫املقت�ضيات املتعلقة بذلك يف املجال اخلام�س من امليثاق الوطني للرتبية والتكوين ويف دعامتي‬
‫‪3‬‬

‫التغيري ‪ 15‬و‪ .16‬والتي تناولت �أبعاد احلكامة (الفقرة الثانية) التي ينبغي �إر�سا�ؤها‪ ،‬للحد من‬
‫�إكراهات وعراقيل جودة تدبري املنظومة (الفقرة الثالثة) والتي قد حتد من ا�ستيعاب الفاعلني يف‬
‫ال�ش�أن الرتبوي لهذا املفهوم ومقت�ضياته(الفقرة الأوىل)‪.‬‬

‫الفقرة الأوىل‪ :‬مفهوم احلكامة اجليدة‬

‫يكت�سي مفهوم احلكامة �أهمية خا�صة يف �سياق الإ�صالحات التي تعرفها املنظومة الرتبوية‬
‫املغربية‪ ،‬والتي ترمي �أ�سا�سا �إىل حتديث وع�رصنة جهازها الإداري الذي تعرتيه علل عدة؛ منها‬
‫ما هو موروث عن عهود �سابقة و�أخرى م�ستحدثة عاقت بلوغ حتقيق غايات خمططات الإ�صالح‬
‫يف الرفع من جودة املنظومة‪ .‬وقد عرف م�صطلح احلكامة يف ال�سنوات الأخرية تداوال وا�سعا‪،‬‬
‫وانت�شارا لي�س له مثيل من طرف املنظمات الدولية‪ ،‬وكذا يف جمال العلوم االجتماعية واالقت�صادية‬
‫وال�سيا�سات العامة‪ ،‬ك�إحدى الو�سائل احلديثة لبلوغ الدميقراطية واال�ستقرار االجتماعي وذلك‬
‫يف �أفق حتقيق التنمية امل�ستدامة‪ .‬وهي مفهوم متعدد املعاين والداللة ما يجعله يت�سم بال�ضبابية‪،‬‬
‫وي�صعب حتديد تعريف دقيق وموحد له ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫‪219‬‬
‫عبد العايل حور‬

‫وبالرغم من �إ�شكالية التعريف وتدقيق املفهوم وتعدد زواياه واملقاربات املعتمدة ميكن القول على‬
‫�أنها �أ�سلوب جديد يف احلكم تعتمده الدولة من خالل م�ؤ�س�ساتها املختلفة لتح�سني نوعية حياة‬
‫املواطنني وحتقيق رفاهيتهم‪ ،‬وذلك يف تناغم تام مع القطاع اخلا�ص واملجتمع املدين‪� ،‬إنها بعبارة‬
‫�أخرى قدرة الدولة على التدبري اجليد للموارد والتزامها ب�ضمان حقوق النا�س‪.‬‬

‫وتفرت�ض احلكامة اجليدة �إقامة طرق جديدة ل�صياغة وتنفيذ ال�سيا�سات العامة ترتكز على‬
‫مفاو�ضات بني خمتلف الفاعلني االقت�صاديني واالجتماعيني وال�سيا�سني م�ؤ�س�سة على مبد�أ‬
‫«ن�سبية ال�سلطة على خمتلف امل�ستويات‪ ،‬املحلية والوطنية والدولية» وقد عرفها برنامج الأمم‬
‫‪5‬‬

‫املتحدة الإمنائي بال�سلطة ال�سيا�سية واالقت�صادية والإدارية لإدارة �ش�ؤون املجموعة ‪ .‬فهي‬
‫‪6‬‬

‫تعود �إىل فكرة الت�سيري وال�رشاكة وتعدد الفاعلني وانت�شار مراكز ال�سلطة‪ ،‬هذه الفكرة للتعاون‬
‫بني خمتلف الفاعلني يف املجتمع تعزز جتاوز و�ضعية ال�سلطة املركزة وت�ؤ�س�س لو�ضع �شبكة من‬
‫الفاعلني املختلفني يتحاورون ويتفاعلون فيما بينهم‪.‬‬

‫واحلكامة كمفهوم ومدلول ي�ستوعب يف الواقع كل العنا�رص واملعطيات املتعلقة بالتدبري اجليد‬
‫والتخطيط املتوازن واملن�سجم بني خمتلف مكونات التدبري والت�سيري الإداري واملايل بغية‬
‫‪7‬‬

‫الو�صول �إىل نتائج تتطابق مع الأهداف امل�سطرة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪� :‬أبعاد احلكامة يف امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‬

‫مل يتم تداول احلكامة كمفهوم �ضمن مقت�ضيات امليثاق الوطني للرتبية والتكوين يف �صيغته‬
‫العربية و�إن كان قد ا�ستعمل م�صطلح «‪ »gouvernance‬يف ال�صيغة الفرن�سية ‪ ،‬لكنها عموما‬
‫‪9‬‬ ‫‪8‬‬

‫كانت حا�رضة يف ثنياه بكل �أبعادها‪ .‬فله يعود قدم ال�سبق فيما يتعلق باعتماد نهج الالمركزية يف‬
‫املنظومة الرتبوية �إىل جانب الالتركيز الإداري‪ ،‬والذي يتوخى حل امل�شكالت العملية التي تعرت�ض‬
‫هذه املنظومة ب�أقرب ما ميكن من امل�ؤ�س�سات التعليمية والتكوينية والتلميذ واملدر�س على ال�سواء‪،‬‬
‫وكذا مالءمتها للحاجات والظروف اجلهوية واملحلية‪� ،‬إىل جانب تب�سيط م�ساطر تدبري العدد‬
‫املتزايد من التجهيزات‪ ،‬ومن املتعلمني وامل�ؤطرين‪ ،‬ف�ضال عن تي�سري ال�رشاكة والتعاون امليداين‬
‫مع خمتلف الفعاليات املحلية واجلهوية املهتمة باملجال بغية حتقيق �أهداف الإ�صالح‪.‬‬
‫‪220‬‬
‫‪2030-2015‬‬ ‫حكامة منظومة الرتبية والتكوين من خالل الر�ؤية اال�سرتاتيجية للإ�صالح‬

‫‪ .1‬بعد دعم الالمركزية والالمتركز يف الت�سيري والتدبري‬

‫لقد �أقر امليثاق الوطني للرتبية والتكوين يف دعامته اخلام�سة ع�رش‪ ،‬نهج �سيا�سة الالمركزية‬
‫والالتركيز يف قطاع الرتبية والتكوين كاختيار ا�سرتاتيجي وحا�سم يف عملية الإ�صالح‪.‬‬
‫حيث ن�ص‪ ‬على �أنه «اعتبارا ل�رضورة مالءمة الرتبية والتكوين للحاجات والظروف اجلهوية‬
‫واملحلية‪ ،‬ومن �أجل الت�سهيل والرت�شيد ال�رسيع مل�ساطر تدبري العدد املتزايد من التجهيزات‬
‫الأ�سا�سية‪ ،‬والعدد املتعاظم للمتعلمني وامل�ؤطرين يف قطاع الرتبية والتكوين» ‪ .‬حيث �أن �إعادة‬
‫‪10‬‬

‫هيكلة الإدارة على �أ�سا�س الالمركزية والالمتركز �سوف ي�ساهم يف النقل التدريجي لل�سلط‬
‫واالخت�صا�صات من املركز �إىل الأكادمييات اجلهوية والنيابات (املديريات حاليا) الإقليمية و�شبكات‬
‫الرتبية والتكوين وكذا على �صعيد كل م�ؤ�س�سة‪ ،‬مما �سي�ساهم يف اتخاذ القرارات والبث بالفعالية‬
‫وال�رسعة املطلوبتني يف العديد من الق�ضايا ذات البعد الإ�صالحي‪ ،‬كما �أنه �سي�ساهم يف «�إطالق‬
‫املبادرات البناءة‪ ،‬و�ضبط امل�س�ؤوليات يف جميع �أرجاء البالد حلل امل�شكـالت العمليـة للقطـاع يف عني‬
‫املكـان‪ ،‬ب�أقرب ما ميكن من امل�ؤ�س�سات التعليمية والتكوينية» ‪.‬‬
‫‪11‬‬

‫فعلى �صعيد اجلهة‪ ،‬متت �إعادة هيكلة نظام الأكادمييات لت�صبح �سلطة جهوية للرتبية والتكوين‬
‫ال مركزية (‪)autorités régionales d’éducation et de formation, décentralisées‬‬
‫ومزودة باملوارد الب�رشية واملادية الالزمة للقيام ب�أدوارها وممار�سة اخت�صا�صاتها‪ .‬وعلى �صعيد‬
‫الإقليم‪ ،‬فقد �أ�صبحت امل�صالح الإقليمية للرتبية والتكوين تعمل حتت �إ�رشاف هيئة �إقليمية للرتبية‬
‫والتكوين ال متمركزة ‪ déconcentrée‬ت�شكل عل غرار الهيئة اجلديدة للأكادمييات اجلهوية‪.‬‬

‫ون�ص امليثاق على ال�صعيد املحلي على �إن�شاء �شبكات حملية للرتبية والتكوين ي�رشف عليها‬
‫مكتب للت�سيري مكلف من مديري املدار�س وامل�ؤ�س�سات املرتبطة �ضمن نف�س ال�شبكة‪ ،‬وممثلني عن‬
‫املدر�سني و�آباء التالميذ وعن الهيئات املهنية املحلية‪ .‬و�ستقوم هذه ال�شبكات بتدبري القطاع جزئيا‬
‫على ال�صعيد املحلي كالإ�رشاف على �إعداد الربامج الدرا�سية وتنفيذها‪ ،‬وتن�سيق انتقاالت التالميذ‬
‫واملدر�سني بني امل�ؤ�س�سات املن�ضوية حتت نف�س ال�شبكة‪� .‬إال �أنه بعد مرور حوايل عقدين على‬
‫�صدور امليثاق مل يتم احداث هذه ال�شبكات التي كان من �ش�أنها تعزيز خيار الالمركزية والالمتركز‬
‫يف تدبري منظومة الرتبية والتكوين على ال�صعيد املحلي‪.‬‬
‫‪221‬‬
‫عبد العايل حور‬

‫‪ .2‬بعد ح�سن التدبري‬

‫يتجلى بعد ح�سن التدبري الذي دعى اليه امليثاق يف �إقرار الالمتركز والالتركيز الإداري يف تدبري‬
‫املنظومة الرتبوية وو�ضع مقاربة جديدة يف تدبري املوارد الب�رشية (التكوين الأ�سا�س والتكوين‬
‫امل�ستمر جلل الأطر الإدارية والرتبوية) عالوة على اعتماد التقنيات احلديثة للت�سيري والتدبري‬
‫وتعميمها واحلث على ا�ستعمالها‪ .‬فقد انخرطت الوزارة والأكادمييات اجلهوية واجلامعات منذ‬
‫عدة �سنوات يف ا�ستعمال الربامج املعلوماتية يف التدبري والت�سيري توجت على م�ستوى قطاع التعليم‬
‫املدر�سي مبنظومة معلوماتية مندجمة و�شاملة هي منظومة التدبري املدر�سي ‪( MASSAR‬تدبري‬
‫االمتحانات ‪ / + SAGE‬منظومة التدبري املدر�سي ‪ /ESISE‬املوارد الب�رشية ‪ /MASIRH‬التقييم‬
‫والتتبع) والتي ت�شكل جزء من ال�سيا�سة احلكومة الرامية �إىل تطوير وتنمية احلكومة الإلكرتونية‬
‫‪� E-Gouvernement‬إذ يعترب م�رشوعا ا�سرتاتيجيا وذي �أولوية ق�صوى بالن�سبة للوزارة يف جمال‬
‫تطوير خدمات �إلكرتونية للتالميذ و�أولياء التالميذ‪ .‬وهو ما من �ش�أنه �أن ي�ساهم يف تكري�س قيم‬
‫ال�شفافية يف التدبري وتفعيل �آليات املراقبة والتقييم والتتبع وكذا املحا�سبة وجتاوز املمار�سات‬
‫التي ت�سيء �إىل حكامة املنظومة‪.‬‬

‫‪ .3‬بعد الإ�شراك والت�شاور‬

‫لقد ن�ص امليثاق الوطني للرتبية والتكوين على �رضورة �إ�رشاك كافة القطاعات احلكومية املعنية‬
‫بق�ضايا منظومة الرتبية والتكوين على امل�ستوى املحلي واجلهوي يف اتخاذ القرارات التي تهم‬
‫االرتقاء مبنظومة الرتبية والتكوين على جميع امل�ستويات �سواء على م�ستوى املجال�س الإدارية‬
‫للأكادمييات �أو جمال�س تدبري امل�ؤ�س�سات التعليمية املدر�سية واجلامعية‪.‬‬

‫فعلى �صعيد املجال�س الإدارية للأكادمييات مثال ي�شارك لزوما ممثلون عن كل الفاعلني يف القطاعني‬
‫العام (القطاعات احلكومية التي لها عالقة بالرتبية والتكوين وممثلي ال�سلطات املحلية املعينة‬
‫واملنتخبة) واخلا�ص (ممثلي �أرباب مدار�س التعليم اخل�صو�صي) وممثلي م�ؤ�س�سات التعليم‬
‫الأويل وجمعيات �آباء و�أولياء التالميذ وممثلي الهيئات النقابية‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل ممثلي الأطر‬
‫الرتبوية الإدارية والتقنية العاملة بالنفوذ الرتابي للأكادميية مثال ‪.‬‬
‫‪12‬‬

‫‪222‬‬
‫‪2030-2015‬‬ ‫حكامة منظومة الرتبية والتكوين من خالل الر�ؤية اال�سرتاتيجية للإ�صالح‬

‫�أما على �صعيد امل�ؤ�س�سات الرتبوية‪ ،‬ف�إن امليثاق الوطني �أوكل ت�سيري كل م�ؤ�س�سة للرتبية والتكوين‬
‫�إىل مدير وجمل�س للتدبري ميثل فيه املدر�سون و�آباء و�أولياء التالميذ و�رشكاء املدر�سة يف جماالت‬
‫الدعم املادي �أو التقني �أو الثقايف وخا�صة ممثلي املجل�س اجلماعي ‪.‬‬
‫‪13‬‬

‫�إن من �ش�أن هذا النهج �أن ي�ساعد على �إر�ساء النمط الدميقراطية الت�شاركي للإدارة الرتبوية‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل تو�سيع دائرة امل�شاركة واتخاذ القرار‪ ،‬وتكري�س البعد الرتابي املحلي لإ�صالح ال�ش�أن‬
‫التعليمي وجعل ق�ضايا التعليم هما جماعيا‪ ،‬مما �سي�ساهم دون �شك يف تقلي�ص هام�ش اخلط�أ‪،‬‬
‫ويرفع من الأداء واملردودية‪ ،‬وي�سهل املراقبة واملتابعة‪ .‬وجتاوز الإكراهات والعراقيل وحتقيق‬
‫جناعة املرفق العام‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪� :‬إكراهات حكامة منظومة الرتبية والتكوين‬

‫رغم ما مت حتقيقه من مكت�سبات يف �سبيل تر�سيخ نهج احلكامة اجليدة يف تدبري ال�ش�أن الرتبوي‪،‬‬
‫�إال �أن هناك جمموعة من الإكراهات حتد من فعالية هذا االختيار وت�ؤثر على النتائج املرجوة من‬
‫ورائه‪ .‬فتعدد وتنوع تركيبة املجال�س الإدارية للأكادمييات على �سبيل املثال؛ �ساهم يف الت�أثري على‬
‫التجان�س املفرت�ض داخل هذه الأجهزة التقريرية‪ ،‬ال�سيما مع حمدودية انخراط بع�ض �أع�ضاء‬
‫املجل�س‪ ،‬خا�صة ممثلي اجلماعات الرتابية التي تعترب طرفا رئي�سيا يف ق�ضايا الرتبية والتكوين‪.‬‬

‫كما �أن الغمو�ض الذي ظل ي�سود العالقة البنيوية والوظيفية بني الأكادمييات وم�صاحلها‬
‫الإقليمية (املديريات الإقليمية) يف ظل ازدواجية النظام امل�ؤ�س�ساتي لهذه الأخرية‪ ،‬باعتبارها يف‬
‫�آن واحد م�صلحة الممركزة يف عالقتها بالإدارة املركزية وم�صلحة خارجية داخل البنية اجلهوية‬
‫للأكادمييات �ساهم يف تعرث و�ضعف تن�سيق العمل بني هذه امل�ستويات للحكامة‪ .‬فامليثاق الوطني‬
‫للرتبية والتكوين قد اعتربها م�صالح ال ممركزة‪ .‬ف�إن القانون القا�ضي ب�إحداث الأكادمييات‬
‫اجلهوية للرتبية والتكوين ون�صو�صه التطبيقية قد اعتربتها م�صالح �إقليمية للأكادمييات‪ ،‬كما‬
‫�أن الإدارة املركزية ظلت مت�سك بها باعتبارها م�صلحة خارجية للوزارة �ضدا على ما ين�ص عليه‬
‫القانون‪ ،‬وتعترب النائب الإقليمي (املدير الإقليمي حاليا) ممثال للوزير يف النفوذ الرتابي للنيابة‬
‫التي يتوىل ت�سيريها‪.‬‬
‫‪223‬‬
‫عبد العايل حور‬

‫وقد جت�سد الالمتركز الفعلي «للنيابات» يف تفوي�ض «النواب الإقليميني» جمموعة من االخت�صا�صات‬
‫�سواء من طرف مدير الأكادميية اجلهوية للرتبية والتكوين �أو من طرف الوزير‪ ،‬ال�سيما يف جمال‬
‫تدبري املوارد الب�رشية و�إعداد امليزانية ومبا�رشة الق�ضايا الإدارية ذات الطابع املحلي‪ .‬بذلك كانت‬
‫«النيابات الإقليمية» تعترب يف �أن واحد م�صالح الممركزة للوزارة وم�صالح خارجية للأكادميية‪،‬‬
‫وتعترب م�ؤ�رشا على عدم رغبة املركز يف التخلي عن �سلطته واخت�صا�صاته ‪.‬‬
‫‪14‬‬

‫�أما على م�ستوى االخت�صا�صات واملهام فقد احتفظت امل�صالح املركزية للوزارة الو�صية مبهامها‬
‫التقليدية رغم امل�ستجدات القانونية والتنظيمية التي همت منظومة الرتبية والتكوين‪ .‬فمنذ‬
‫الإحداث مل يتم تغيري القانون املحدث للأكادمييات لتو�سيع اخت�صا�صاتها‪ ،‬وظل الأمر رهني‬
‫تفوي�ض بع�ض االخت�صا�صات وتفوي�ض الإم�ضاءات‪ ،‬والتي يتم �سحبها �أحيانا‪ .‬علما �أن تفوي�ض‬
‫االخت�صا�ص يت�ضمن فقط العمليات ال�صغرى من قبيل ال�شواهد والرتاخي�ص‪ ،‬يف حني �أن تفوي�ض‬
‫الإم�ضاء ي�شمل العمليات الكربى �أو ذات الوزن الثقيل من حيث حجم امل�س�ؤولية والتداعيات‪،‬‬
‫كالتعيني والإعفاء والرتقية واالنقطاع عن العمل وغريها‪ ،‬وهو ما يعني �أن الوزارة الو�صية تريد‬
‫�أن حتافظ على مكانتها و�إ�رشافها ورقابتها املبا�رشة على �أغلب االخت�صا�صات املهمة‪ ،‬الأمر‬
‫الذي حد من تطور التجربة ومن امتالك الهياكل اجلهوية للقدرة والتجربة والكفاءة الالزمة‬
‫لتحمل م�س�ؤولية تدبري ق�ضايا الرتبية والتكوين جهويا‪ .‬ونف�س ال�شيء ينطبق على جتربة تدبري‬
‫اجلامعات وامل�ؤ�س�سات التابعة لها ‪.‬‬
‫‪15‬‬

‫وتعاين جتربة المركزية منظومة الرتبية والتكوين من ا�ستمرار ثقافة �إدارية تقليدية قائمة على‬
‫انتظار املذكرات والقرارات والتعليمات من املركز وعدم القدرة على التجديد واالبتكار واملبادرة‬
‫وفق ما تتيحه طبيعة الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين واجلامعات كم�ؤ�س�سات عمومية ذات‬
‫ا�ستقالل مايل‪ .‬وهو نف�س الأمر الذي ينطبق على الهياكل الإقليمية‪ ،‬خا�صة يف عالقتها بامل�ؤ�س�سات‬
‫التعليمية التي ت�رشف عليها فاملر�سوم رقم ‪ 2.02.376‬مبثابة النظام الأ�سا�سي اخلا�ص مب�ؤ�س�سات‬
‫الرتبية والتعليم العمومي‪ ،‬ي�ضع امل�ؤ�س�سات التعليمية حتت و�صاية الأكادميية اجلهوية للرتبية‬
‫والتكوين ‪ ،‬مما يجعل دور املديريات الإقليمية دورا و�سيطا �أو ناقال ملطالب �سلطات الرتبية‬
‫‪16‬‬

‫والتكوين املركزية �أو اجلهوية‪.‬‬


‫‪224‬‬
‫‪2030-2015‬‬ ‫حكامة منظومة الرتبية والتكوين من خالل الر�ؤية اال�سرتاتيجية للإ�صالح‬

‫كما �أن حكامة املنظومة على ال�صعيد اجلهوي مل يتم ا�ستكمال �أركانها وهياكلها كما هو ال�ش�أن‬
‫بالن�سبة لإر�ساء �شبكات الرتبية والتكوين امل�شار �إليها �أعاله‪ ،‬ومنح الثانويات الت�أهيلية نظام‬
‫�سيكما ‪ SEGMA‬ك�آلية لتعزيز ا�ستقالليتها وح�سن تدبريها‪.‬‬

‫وت�شري الدرا�سات التي �أجنزها املجل�س الأعلى للتعليم والبحث العلمي �إىل �أن املجال�س الإدارية‬
‫للأكادمييات تعاين من ت�ضخم عدد �أع�ضائها‪ ،‬وبعدم التوازن بني القطاعات والفاعلني املمثلني‬
‫فيها‪ ،‬و�ضعف دور املديرين وقدراتهم على الت�رصف كقادة للتغري‪ ،‬وخفوت ح�ضور الأع�ضاء‬
‫املمثلني لل�سلطات املحلية واجلماعات الرتابية‪ ،‬والأع�ضاء املمثلني للعامل ال�سو�سيو اقت�صادي ‪.‬‬
‫‪17‬‬

‫كما تطغى عليها متثيلية الأطر الرتبوية مما يجعل اجتماعاتها التي يرت�أ�سها الوزير فر�صة بالن�سبة‬
‫للهيئات املهنية بوزارة الرتبية الوطنية �أو بالن�سبة ملمثلي التعليم اخل�صو�صي �أو ممثلي جمعيات‬
‫�آباء و�أولياء التالميذ للإعالن عن مطالبهم الفئوية‪ ،‬عو�ض التعبري عن منظورهم ملخطط التنمية‬
‫اجلهوية مل�ؤ�س�سات الرتبية والتكوين‪ ،‬وتتحول تلك االجتماعات ب�رسعة �إىل جمال ملناق�شة م�شكالت‬
‫ومطالب اجلمعيات املهنية عو�ض البحث عن �سبل لتنمية م�شاريع الرتبية والتكوين املحلية‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬م�ستجدات الر�ؤية اال�سرتاتيجية للإ�صالح يف جمال احلكامة‬

‫تعترب �إ�شكالية حكامة منظومة الرتبية والتكوين من بني الإ�شكاليات العر�ضانية التي تواجهها‬
‫املدر�سة منذ عقود‪ ،‬على م�ستوى خمتلف �أبعادها �سواء البعد املتعلق بنجاعة التدبري ‪� ،‬أو على‬
‫‪18‬‬

‫م�ستوى الأبعاد الأخرى ذات ال�صلة بامل�شاركة‪ ،‬وال�شفافية‪ ،‬وربط امل�س�ؤولية بالتقييم واملحا�سبة‪.‬‬
‫حيث �أن التحوالت التي عرفها املجتمع املغربي‪ ،‬وما �أفرزته من توجهات عامة ت�ضع احلكامة‬
‫الناجعة يف �صلب تطوير الن�سق املجتمعي برمته ‪ .‬ونظرا ملا يعقد على املدر�سة املغربية من‬
‫‪19‬‬

‫رهانات و�آمال يف تنمية وت�أهيل الر�أ�سمال الب�رشي‪ ،‬ف�إنها مطالبة �أكرث باالنخراط يف هذه التحوالت‪،‬‬
‫وا�ستدماج م�ستلزمات هذه احلكامة‪ ،‬بغاية حتقيق النجاعة والفعالية يف حتقيق �أهداف الإ�صالحات‬
‫احلالية واملرتقبة للمدر�سة وجتويد خمرجاتها‪ ،‬لذلك ظل هاج�س احلكامة حا�رض يف ثنايا الر�ؤية‬
‫الإ�سرتاجتية للإ�صالح (الفقرة الأوىل) من خالل �إعادة الت�أكيد على جممل املقت�ضيات التي ن�ص‬
‫عليها امليثاق الوطني للرتبية والتكوين مع بع�ض التحيني والتدقيق‪� .‬إال �أن جناحها يظل رهني‬
‫بالقدرة على جتاوز املثالب التي و�صمت جتربة تنزيل امليثاق الوطني للرتبية والتكوين (الفقرة‬
‫الثانية)‪.‬‬
‫‪225‬‬
‫عبد العايل حور‬

‫الفقرة الأوىل‪ :‬الر�ؤية اال�سرتاتيجية للإ�صالح وجتديد الرهان على احلكامة‬

‫لقد وردت احلكامة كرافعة �ضمن رافعات الف�صل الثاين من الر�ؤية اال�سرتاتيجية اخلا�ص مبدر�سة‬
‫اجلودة للجميع‪ ،‬كما كانت حمور الف�صل الرابع‪ :‬من �أجل ريادة ناجعة وتدبري جديد للتغيري‪.‬‬

‫فبخ�صو�ص الرافعة اخلام�سة ع�رشة ب�ش�أن ا�ستهداف حكامة ناجعة ملنظومة الرتبية والتكوين‪،‬‬
‫فقد حددت التحديات التي يتعني رفعها يف جمال احلكامة يف عدة م�ستويات تتعلق �أ�سا�سا مب�ستوى‬
‫حتقيق التقائية ال�سيا�سات والربامج العمومية‪ ،‬وم�ستوى �إر�ساء نظام للحكامة الرتابية للمنظومة‬
‫يف �أفق اجلهوية املتقدمة من خالل حتديد وا�ضح لل�سلط والأدوار واملهام و�إر�ساء ا�ستقاللية‬
‫امل�ؤ�س�سة ونهج الالمركزية وتعزيز تفعيلها يف ان�سجام مع روح وتوجهات اجلهوية املتقدمة‪ ،‬ثم‬
‫يف م�ستوى �إر�ساء مقومات ال�رشاكة‪ ،‬وكذا يف م�ستوى �إر�ساء نظام معلوماتي م�ؤ�س�ساتي لقيادة‬
‫املنظومة الرتبوية وتقييمها‪ ،‬و�أخريا م�ستوى متويل منظومة الرتبية والتكوين والبحث العلمي‪.‬‬

‫�أما بخ�صو�ص الف�صل الرابع املعنون بـ «من �أجل ريادة ناجعة وتدبري جديد للتغيري»‪ ،‬فقد مت‬
‫الرتكيز من خالله على الأهمية البالغة للتعبئة املجتمعية امل�ستدامة �إىل جانب ريادة وقدرات‬
‫تدبريية ناجعة يف خمتلف م�ستويات املدر�سة‪ .‬وهكذا تروم التعبئة املجتمعية امل�ستدامة جعل جتديد‬
‫املدر�سة املغربية وحت�سني جودتها ومردوديتها �أ�سبقية وطنية لدى الدولة واجلماعات الرتابية‪،‬‬
‫وم�ؤ�س�سات الرتبية والتكوين والبحث‪ ،‬واملنظمات النقابية‪ ،‬والقطاع اخلا�ص والأ�رس واملجتمع‬
‫املدين‪ ،‬واملثقفني والفعاليات الفنية والإعالم‪ ،‬يف حني تتوخى الرافعة ‪ 2023‬يف �ش�أن الريادة‬
‫والقدرات التدبريية متكني نظام الرتبية والتكوين‪ ،‬من جهة‪ ،‬من مقومات ريادة ترتكز على حكامة‬
‫تزاوج بني امل�س�ؤولية واملحا�سبة ومتملكة لروح التغيري و�إرادة التجديد يف الأ�ساليب ومنهجية‬
‫الفعل والتدبري‪ ،‬وت�ستند �إىل كفاءات ب�رشية مب�ؤهالت عالية‪ ،‬وت�شتغل مبنطق القيادة والفريق‪،‬‬
‫وتقدم احل�ساب‪ ،‬وتتفاعل فيما بينها ومع حميطها‪ ،‬كما ت�ستند �إىل عدة قانونية متكن من ت�رسيع‬
‫تفعيل الإ�صالح وقيادته‪ ،‬وذلك يف ظل توطيد لالمركزية والالمتركز وللتدبري بالنتائج واملردودية‪،‬‬
‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬من مقومات التدبري الأمثل املتمثلة �أ�سا�سا يف اعتبار قيادة التغيري نظاما متكامال‬
‫ي�شمل جمموع املوارد‪ ،‬واملقاربات‪ ،‬واملناهج الداعمة للفاعلني يف جمال الرتبية والتكوين والبحث‬
‫العلمي‪ ،‬يف �سريورة �إر�ساء التغيري ‪ ،‬بالإ�ضافة اىل التن�صي�ص على �إر�ساء م�رشوع امل�ؤ�س�سة ك�آلية‬
‫‪21‬‬

‫لقيادة التغري والتعاقد بني مع املدر�سة و�رشكائها‪.‬‬


‫‪226‬‬
‫‪2030-2015‬‬ ‫حكامة منظومة الرتبية والتكوين من خالل الر�ؤية اال�سرتاتيجية للإ�صالح‬

‫الفقرة الثانية‪� :‬ضرورة جتاوز �إخفاقات امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‬

‫يت�ضح من خالل املحور ال�سابق �أن �أبعاد احلكامة التي جاءت بها الر�ؤية اال�سرتاتيجية لإ�صالح‬
‫منظومة الرتبية والتكوين كانت يف جمملها �ضمن بنك الأهداف التي �سطرها امليثاق‪ ،‬مع بع�ض‬
‫التدقيق والتمحي�ص واملواءمة مع امل�ستجدات‪ ،‬من قبيل ربط امل�س�ؤولية باملحا�سبة‪ ،‬واال�شتغال‬
‫مبنطق القيادة والفريق‪ ،‬واعتبار قيادة التغيري نظاما متكامال ي�شمل املوارد واملقاربات واملناهج‪.‬‬
‫لذا يبقى ال�س�ؤال ب�ش�أن م�آل هذه التو�صيات والأهداف مطروحا‪ :‬هل ت�ستطيع املنظومة جعل هذه‬
‫الأهداف والغايات واقعا معا�شا ميكن من حتقيق قطيعة مع ما �سبقه؟‪ ،‬وبالتايل يكفل ملنظومة‬
‫الرتبية والتكوين االنتقال من �شبه الدائرة املفرغة التي تت�سم بها املرحلة احلالية �إىل م�ستوى �أعلى‬
‫ينعك�س �إيجابا على �أجيال امل�ستقبل‪ ،‬وميكن البالد من ك�سب رهان تنمية ب�رشية يكون لها وقعها‬
‫على جميع املجالت االقت�صادية واالجتماعية والثقافية؟‬

‫من الإجحاف القول �إن �شيئا مل يتحقق يف املراحل ال�سابقة للإ�صالح‪ ،‬بل الواقع ي�ؤكد �أن �أ�شياء‬
‫كثرية قد حتققت‪ ،‬لكن ما ي�ؤاخذ عليها �أنها مل ت�صل �إىل درجة رفع التحديات التي تواجه املنظومة‬
‫الرتبوية املغربية‪ ،‬وحتقيق نتائج ملمو�سة وحقيقية على التالميذ وعلى املنظومة وعلى الوطن‪.‬‬
‫فمن الإجنازات الأ�سا�سية التي مت حتقيقها يف جمال احلكامة هناك مبد�أ القرب من املرتفقني من‬
‫خالل �إحداث الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين كم�ؤ�س�سات عمومية متمتعة باال�ستقالل‬
‫املايل‪ ،‬وتكليفها‪ ،‬بحكم القانون‪ ،‬بعدة مهام �أ�سا�سية ترتبط مبجاالت التخطيط والبناء وترميم‬
‫و�إ�صالح امل�ؤ�س�سات التعليمية‪ ،‬والإ�رشاف عليها وعلى م�ؤ�س�سات التكوين‪ ،‬ف�ضال عن الإ�رشاف‬
‫على البحث الرتبوي وال�رشاكة و�إعداد �سيا�سة للتكوين امل�ستمر لفائدة املوظفني‪� ،‬إىل جانب‬
‫الإ�رشاف على التعليم اخلا�ص والأويل وت�سليم الرخ�ص املتعلقة بهما ‪ .‬بالإ�ضافة اىل تعزيز‬
‫‪22‬‬

‫ا�ستقاللية اجلامعات ومنحها حرية الإبداع الأكادميي والبيداغوجي وحماولة ربطها مبحيطها‬
‫االقت�صادي واالجتماعي والثقايف‪ .‬غري �أنه بالرغم من هذه الإجنازات املهمة فالواقع ي�ؤكد‪� ‬أن هذه‬
‫امل�ؤ�س�سات مل ت�صل بعد �إىل مرحلة رفع التحديات التي ينتظرها منها املجتمع‪ ،‬وال �أدل على ذلك‬
‫ا�ستمرارية حمدودية ا�ستقالليتها يف ثالث م�ستويات �أ�سا�سية على الأقل؛ امل�ستوى امليزانياتي؛‬
‫حيث تظل هذه امل�ؤ�س�سات رهينة املنحة ال�سنوية للدولة‪ ،‬مما يقل�ص من �إمكانية تنفيذ خمططاتها يف‬
‫املجاالت املنوطة بها‪ .‬ثم امل�ستوى الرتبوي؛ يف ظل انح�صار الربامج اجلهوية واملبادرات الرامية‬
‫�إىل مالءمة �آليات وبرامج الرتبية والتكوين مع حاجيات اجلهة وخ�صو�صياتها (الإ�شكال اللغوي‬
‫والثقافة املحلية وعالقتهما بالربامج واملناهج‪ ،‬تدبري الزمن املدر�سي ومالءمته مع خ�صو�صيات‬
‫‪227‬‬
‫عبد العايل حور‬

‫املناطق واجلهات حرارة برودة‪ )...‬و�أخريا م�ستوى تدبري املوارد الب�رشية؛ حيث �أن حمدودية‬
‫التفوي�ضات يف هذا املجال وال�سيما يف جمال التوظيف‪ ،‬يجعل تدبري اخلريطة املدر�سية واجلامعية‬
‫يعاين الكثري من التخبط من قبيل اخل�صا�ص واالكتظاظ و�ضعف ن�سبة الت�أطري البيداغوجي‬
‫وغريها من الإ�شكاالت‪ .‬فالالمركزية ركزت ب�شكل خا�ص على تعديل البنيات ومل تتناول املمار�سات‬
‫البيداغوجية وطرق التدري�س التي ت�ؤثر ب�شكل فعلي يف التعلمات‪ ،‬حيث �أن املناهج اجلهوية‬
‫والإقليمية ومواءمة الزمن املدر�سي للبيئة ال�سو�سيواقت�صادية للمدر�سة التي ن�ص عليها امليثاق‬
‫مل تدخل حيز التنفيذ‪ ،‬عالوة على �أن م�سل�سل الالمتركز مل ي�صل اىل امل�ؤ�س�سات التعليمية وفق ما‬
‫ن�ص عليه امليثاق الوطني للرتبية والتكوين ‪.‬‬
‫‪23‬‬

‫�أمام هذا الو�ضع‪ ،‬وحتى تتمكن املوجة اجلديدة من الإ�صالح من حتقيق نتائجها‪ ،‬يتعني جتاوز‬
‫العديد من الإ�شكاالت التي ظلت عالقة‪ ،‬ومنها العديد من التو�صيات التي وردت يف امليثاق وبقيت‬
‫حربا على ورق‪� ،‬إ�ضافة �إىل جمموعة من النقائ�ص التي �أفرزتها املمار�سة طيلة ال�سنوات املا�ضية‬
‫والتي �أبرزتها التقارير التي تناولت تقييم نتائج تطبيق امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‪ ،‬ف�ضال‬
‫عن اال�ستفادة من الرتاكمات اجلديدة التي طبعت امل�ستوى ال�سيا�سي والرتبوي املغربي حيث‬
‫ينبغي االنتباه اىل عدم تكرارها مع تنزيل الر�ؤية اال�سرتاتيجية للإ�صالح وم�رشوع القانون الإطار‪.‬‬

‫فبخ�صو�ص بع�ض نتائج التقييمات لتطبيق امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‪ ،‬ميكن �إثارة االنتباه‬
‫فيما يتعلق بالأكادمييات �إىل املالحظات التالية ‪:‬‬
‫‪24‬‬

‫–  ا�ستمرار �سل�سلة اتخاذ القرار التي تربط الإدارة املركزية بامل�ستويات الالممركزة يف اال�شتغال‬
‫كما كانت من قبل؛‬
‫–  التغريات املتكررة على ر�أ�س هرم القطاعات الوزارية املعنية والتي �أ�رضت باال�ستمرارية‬
‫ال�رضورية ملراكمة املكت�سبات التنظيمية والإدارية والبيداغوجية؛‬
‫–  غياب التناغم بني مراجعة الن�صو�ص القانونية وت�رصيف بنود الإ�صالح‪ ،‬بحيث يت�أخر �إ�صدار‬
‫بع�ض الن�صو�ص التطبيقية �أو يف حاالت �أخرى يتم تطبيق م�شاريع الإ�صالح بن�صو�ص قانونية‬
‫�أقل درجة‪ ،‬مذكرات على �سبيل املثال؛ وقد يتعمق الإ�شكال �أكرث مع �صدور القانون الإطار الذي‬
‫يحدد رزنامة �سنوية لبع�ض العمليات والرهانات ويرتك �أخرى مفتوحة‪....‬‬
‫‪228‬‬
‫‪2030-2015‬‬ ‫حكامة منظومة الرتبية والتكوين من خالل الر�ؤية اال�سرتاتيجية للإ�صالح‬

‫–  عدم التح�ضري اجليد النخراط الفاعلني يف ور�ش الإ�صالح‪ ،‬مما قل�ص من م�ساهماتهم الفاعلة‬
‫وال�سيما يف خمتلف املجال�س املحدثة‪ ،‬ف�ضال عن ذلك هيمنت على عمل هذه املجال�س لغة املطالب‬
‫على ح�ساب التوجهات اال�سرتاتيجية والقرارات الهادفة �إىل حت�سني �أ�ساليب و�أدوات العمل؛‬
‫– عدم ت�أهيل الفاعلني املعنيني بتنزيل الإ�صالح؛‬
‫–  هيمنة تدبري الإكراهات اليومية على ح�ساب التدبري اال�سرتاتيجي والتجديد البيداغوجي الذي‬
‫يندرج يف �صلب جتديد املدر�سة؛‬
‫–  تكاثر امل�س�ؤوليات على بع�ض امل�ستويات التدبريية‪ ،‬خا�صة مديري م�ؤ�س�سات التعليم االبتدائي‪،‬‬
‫مما حال دون �أدائهم للمهام املنوطة بهم على الوجه املطلوب؛‬
‫–  انح�صار دور جمال�س التدبري وعدم توفرها على ميزانية‪ ،‬ف�ضال عن �صعوبات تتعلق بالعالقات‬
‫بني مكوناته وبال�صالحيات املخولة لكل منها‪ ،‬هذا �إىل جانب وجود م�ؤ�س�سات موازية من قبيل‬
‫جمعية مدر�سة النجاح‪ ،‬مما يخلق �إرباكا على م�ستوى تدبري امل�ؤ�س�سات التعليمية؛‬
‫–  عدم خ�ضوع نظام الرتبية والتكوين للتقومي املنتظم من حيث مردوديته الداخلية واخلارجية‬
‫على الرغم من تن�صي�ص امليثاق على ذلك؛‬
‫– �ضعف التوا�صل بني وزارة الرتبية الوطنية واجلماعات الرتابية ‪.‬‬
‫‪25‬‬

‫�أما فيما يتعلق بالفر�ص التي يتعني ا�ستثمارها‪ ،‬فيمكن ا�ستح�ضار الرتاكمات اجلديدة التي طبعت‬
‫امل�ستوى ال�سيا�سي والرتبوي املغربي‪ ،‬ال �سيما د�ستور ‪ 2011‬وور�ش اجلهوية املتقدمة وما تتيحه‬
‫هذه املحطات من �إمكانيات للنهو�ض باملنظومة الرتبوية ويف نف�س الوقت تفر�ض رفع حتديات‬
‫�ضمان انخراطها يف الأورا�ش التنموية الكربى التي اعتمدها املغرب يف املجاالت الطاقية والفالحية‬
‫وال�صناعية وال�سياحية وغريها من املجاالت مبختلف اجلهات بحيث ي�شكل حتدي حتقيق التقائية‬
‫ال�سيا�سات العمومية‪ ،‬و�إجناز خمططات جهوية للرتبية والتكوين‪ ،‬مندجمة ومدجمة �أحد الركائز‬
‫الأ�سا�سية للإ�صالح املرتقب‪ ،‬مع �رضورة حتقيق ال�رشوط التالية‪:‬‬

‫–  التفعيل الأمثل للتو�صيات والأهداف التي جاءت بها الر�ؤية الإ�سرتاتيجية‪ ،‬بتحديد وتتبع‬
‫م�ؤ�رشات �إجناز هذه الأهداف؛ و�إعادة النظر يف ممنهجية اال�شتغال التي تقت�ضي منح امل�ستويات‬
‫الدنيا حرية �أكرب‪.‬‬
‫‪229‬‬
‫عبد العايل حور‬

‫–  تفادي الوقوع يف بع�ض الأخطاء ال�سابقة‪ ،‬من قبيل ال�ضبابية يف توزيع االخت�صا�صات بني‬
‫املركز والأكادمييات من جهة‪ ،‬وبني هذه الأخرية وم�ستوياتها الإقليمية واملحلية من جهة‬
‫�أخرى؛ و�أي�ضا من قبيل عدم توفري �رشوط الالزمة ال�ستقاللية الأكادمييات وعلى ر�أ�سها‬
‫امليزانية والتتبع والتقييم واملراقبة؛ كذلك من قبيل عدم ت�أهيل الأطر الإدارية والرتبوية التي‬
‫يعهد لها قيادة الإ�صالح؛ وكذا من قبيل تعدد املتدخلني وعدم فاعلية املجال�س املحدثة؛‬
‫–  اال�ستفادة من ال�سياق الوطني املت�سم بد�ستور يعلي من قيم ال�شفافية واحلكامة واملحا�سبة‬
‫ويعزز من �أدوار اجلماعات الرتابية‪ ،‬و�أي�ضا بتوجه وطني نحو تفعيل اجلهوية املتقدمة‬
‫وما يقت�ضيه ذلك من �أدوار للجهات يف عدة جماالت ومنها جمال التعليم الذي �أ�صبح من‬
‫االخت�صا�صات املنقولة من الدولة للجهات‪.‬‬

‫لقد بد�أت وزارة الرتبية الوطنية والتكوين املهني يف �أجر�أة وتفعيل التدابري التي جاءت بها‬
‫الر�ؤية اال�سرتاتيجية للإ�صالح‪ ،‬ويف اجلانب املتعلق باحلكامة على ال�صعيد اجلهوي وت�ساوقا مع‬
‫التق�سيم اجلهوي اجلديد فقد عمدت الوزارة اىل �إعادة تنظيم الأكادمييات لتتما�شى مع عدد‬
‫‪26‬‬

‫اجلهة باملغرب كما عملت على �إعادة تنظيم م�صاحلها الداخلية واخلارجية‪ ،‬و�إذا كان الهدف من‬
‫هذه العملية هو تدعيم حكامة تدبري املنظومة‪ ،‬ف�إن املالحظ هو �أنه يف الوقت الذي ت�سعى فيه‬
‫الر�ؤية اال�سرتاتيجية اىل �أن تتحمل امل�ؤ�س�سة التعليمة مزيدا من امل�س�ؤولية يف التدبري والت�سيري مبا‬
‫يعنيه من تخفيف العبء على امل�صالح اجلهوية والإقليمية وذلك تعزيزا وتكري�سا لنهج احلكامة‪،‬‬
‫فامل�ؤ�س�سة التعليمية هي املعني املبا�رش بالعملية وهي املكان الذي يتواجد به التلميذ واملدر�س‪�،‬إال‬
‫�أن وزارة الرتبية الوطنية عملت من خالل عملية �إعادة التنظيم هذه على خلق جهاز �إداري �ضخم‬
‫حيث ي�ضم عددا هائال من امل�صالح والأق�سام‪ ،‬مبا يناق�ض جوهريا م�ساعي احلكامة وح�سن التدبري‬
‫والرت�شيد وحتميل امل�ستويات الدنيا للم�س�ؤولية‪ ،‬حيث متت زيادة عدد الأق�سام بـ ‪ 54‬يف املائة‬
‫وعدد امل�صالح بـ ‪ 73‬يف املائة بالن�سبة للأكادمييات اجلهوية و‪ 66‬يف املائة من عدد امل�صالح بالن�سبة‬
‫للمديريات الإقليمية‪.‬‬

‫خال�صة‬
‫بعد مرور ازيد من عقد ون�صف على �إر�ساء نظام الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين ك�سلطة‬
‫جهوية يف �شكل م�ؤ�س�سات عمومية ال مركزية تتوىل تدبري �ش�ؤون الرتبية التكوين على م�ستوى‬
‫اجلهة‪ ،‬ف�إنه ال ميكن نكران املكت�سبات التي مت حتقيقها على هذا ال�صعيد كما �أ�رشنا اىل بع�ضها‪.‬‬
‫‪230‬‬
‫‪2030-2015‬‬ ‫حكامة منظومة الرتبية والتكوين من خالل الر�ؤية اال�سرتاتيجية للإ�صالح‬

‫�إال �أن حكامة هذا النموذج الزالت مرتنحة‪ ،‬ومل ت�صل بعد اىل درجة الن�ضج الذي يجعلها فعال‬
‫�سلطات جهوية قادرة على حتمل م�س�ؤوليتها كاملة‪ ،‬حيث يجب ا�ستثمار الرتاكمات اجلديدة التي‬
‫طبعت امل�ستوى ال�سيا�سي والرتبوي املغربي‪ ،‬ال �سيما د�ستور ‪ 2011‬وور�ش اجلهوية املتقدمة‬
‫وكذا الر�ؤية اال�سرتاتيجية للإ�صالح وما تتيحه هذه املحطات من �إمكانيات للنهو�ض باملنظومة‬
‫الرتبوية وربط امل�س�ؤولية باملحا�سبة‪ ،‬مع �إيالء عناية �أكرب للعن�رص الب�رشي تكوينا وت�أطريا‬
‫ومواكبة وخا�صة على م�ستوى امل�ؤ�س�سات التعليمية‪ ،‬باعتباره القادر على �إجناح نهج احلكامة يف‬
‫هذا القطاع احليوي واالهتمام مب�رشوع امل�ؤ�س�سة‪.‬‬

‫هوام�ش‬
‫‪ 1‬انظر على �سبيل املثال‪ :‬اململكة املغربية‪ ،‬رئي�س احلكومة‪« ،‬الربنامج احلكومي»‪ ،‬يناير ‪� ،2012‬ص‪ 65 .‬على الرابط‬
‫‪http://www.men.gov.ma/Documents/ProgrammeGouvernement2012_arabe.pdf‬‬

‫‪ 2‬تقرير اخلربة «حكامة منظومة الرتبية والتكوين باملغرب‪ :‬تقييم تطبيق تو�صيات امليثاق الوطني للرتبية‬
‫والتكوين ‪ ،»2013-2000‬املجل�س الأعلى للرتبية والتكوين والبحث العلمي‪ ،‬الهيئة الوطنية لتقييم منظومة‬
‫الرتبية والتكوين البحث العلمي‪ ،‬مار�س ‪� ،2015‬ص‪24 .‬‬

‫‪ 3‬تن�ص الدعامة ‪ 15‬على �إقرار الالمركزية والالمتركز يف قطاع الرتبية والتكوين‪ .‬وتو�صي الدعامة ‪ 16‬بتح�سني‬
‫التدبري العام لنظام الرتبية والتكوين وتقوميه امل�ستمر‪.‬‬
‫‪4 Yahya El Yahyaoui, « De la crise d’un mode de gouvernance », in Gouvernance et‬‬
‫‪nouvelle gestion publique au Maroc, Publication de la Revue Marocaine d’Audit et de‬‬
‫‪Développement, série “Management stratégique”, n° 6, 2005, p. 27.‬‬

‫‪5 Jean-Pierre Gaudin, Pourquoi la gouvernance, Paris, Presse de la FNSP, coll. la Bibliothèque‬‬
‫‪du citoyen, 2002, p. 37.‬‬

‫‪ 6‬برنامج الأمم املتحدة الإمنائي ‪�« ،PNUD‬إدارة احلكم خلدمة التنمية الب�رشية امل�ستدامة» وثيقة لل�سيا�سات العامة‬
‫لربنامج الأمم املتحدة‪ ،‬يناير ‪� ،1997‬ص‪.8 .‬‬

‫‪7 J.P. Gilly, « Développement local et coopération décentralisée, entre gouvernance locale‬‬
‫‪et régulation globale », GDRI, EMMA, Université de Sfax-Tunis, septembre 2002, p. 135.‬‬

‫‪ 8‬ال�صيغة العربية عنونت الدعامة رقم ‪ 16‬بـ «​حت�سني التدبري العام لنظام الرتبية والتكوين وتقوميه امل�ستمر» يف‬
‫حني عنونته ال�صيغة الفرن�سية بـ‪:‬‬
‫‪« Améliorer la gouvernance et l’évaluation continue du système éducation-formation ».‬‬

‫انظر الن�ص الفرن�سي لوثيقة امليثاق الوطني للرتبية والتكوين على الرابط‪:‬‬ ‫‪9‬‬
‫‪http://www.men.gov.ma/Fr/Pages/CNEF_espace5.aspx‬‬

‫املادة ‪ 144‬من امليثاق الوطني للرتبية والتكوين‪ ،‬ميكن االطالع على ن�ص امليثاق على الرابط‪:‬‬ ‫‪10‬‬
‫‪http://www.men.gov.ma/Ar/Pages/charteEF.aspx‬‬

‫نف�س املرجع ال�سابق‪.‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪231‬‬
‫عبد العايل حور‬

‫‪ 12‬انظر املادة رقم ‪ 4‬من الظهري ال�رشيف رقم ‪ 1.00.203‬ال�صادر يف ‪ 15‬من �صفر ‪ 19( 1421‬ماي ‪ )2000‬بتنفيذ‬
‫القانون رقم ‪ 07.00‬القا�ضي ب�إحداث الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين كما مت تغيريه وتتميمه‪،‬‬
‫اجلريدة الر�سمية عدد ‪ 4798‬بتاريخ ‪ 25‬ماي ‪.2000‬‬
‫‪ 13‬انظر املادة ‪ 19‬من املر�سوم رقم ‪ 2.02.376‬ال�صادر يف ‪ 6‬جمادى الأوىل ‪ 17( 1423‬يوليو ‪ )2002‬مبثابة النظام‬
‫الأ�سا�سي اخلا�ص مب�ؤ�س�سات الرتبية والتعليم العمومي‪ ،‬كما وقع تغيريه وتتميمه‪.‬‬
‫‪« 14‬الالمركزية والالتركيز يف قطاع الرتبية الوطنية ‪ :‬جتربة الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين»‪ ،‬درا�سات‬
‫املجل�س الأعلى للتعليم‪ ،‬يوليوز ‪� ،2007‬ص‪.12 .‬‬

‫‪ 15‬انظر ‪ :‬تقرير اخلربة «حكامة منظومة الرتبية والتكوين باملغرب‪ :‬تقييم تطبيق تو�صيات امليثاق الوطني للرتبية‬
‫والتكوين ‪ ،»2013-2000‬املجل�س الأعلى للرتبية والتكوين والبحث العلمي‪ ،‬الهيئة الوطنية لتقييم منظومة‬
‫الرتبية والتكوين البحث العلمي‪ ،‬مار�س ‪� ،2015‬ص‪.40-24 .‬‬

‫‪ 16‬تن�ص املادة ‪ 1‬على «تو�ضع م�ؤ�س�سات الرتبية والتعليم العمومي حتت �سلطة الأكادمييات اجلهوية للرتبية‬
‫والتكوين يف حدود دائرة نفوذها الرتابي‪ ،‬وتقدم خدمات الرتبية والتعليم يف �سائر مراحل التعليم الأويل‬
‫واالبتدائي والثانوي‪».‬‬
‫‪.40‬‬ ‫«حكامة منظومة الرتبية والتكوين باملغرب‪ ،»...‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪ 18‬ي�ستعمل م�صطلح «النجاعة» كمرادف للكلمة الفرن�سية والإجنليزية «‪ »performance‬والتي ترتجم مب�صطلح‬
‫�إجناز‪� ،‬أداء‪ ،‬فعالية‪ ،‬وهي الطريقة التي يتم بها الفعل‪ ،‬ومقدرة ال�شخ�ص العام على الت�أثري‪ ،‬وتعني النجاعة يف‬
‫الت�سيري «العمل امل�ؤدي اىل النتيجة املطلوبة» مما يجعله مفهوما يتمحور حول فكرة حتقيق الأهداف التنظيمية‪،‬‬
‫�أي من خالل �آليات لتقييم النتائج املحققة مبقارنتها بالأهداف امل�سطرة م�سبقا‪ .‬انظر بورا�س زهرة وبو�شارب‬
‫�أحمد‪« ،‬مدى جناعة العمل الإداري يف اجلزائر باعتماد نظام احلكومة الإلكرتونية»‪ ،‬املجلة اجلزائرية للعوملة‬
‫وال�سيا�سات االقت�صادية‪ ،‬العدد ‪� ،5‬سنة ‪� ،2014‬ص‪.13 .‬‬

‫‪.2030-2015‬‬ ‫انظر الرافعة اخلام�سة ع�رش من الر�ؤية اال�سرتاتيجية للإ�صالح‬ ‫‪19‬‬

‫‪ 20‬املجل�س الأعلى للرتبية والتكوين والبحث العلمي‪ ،‬من �أجل مدر�سة الإن�صاف واجلودة واالرتقاء‪ :‬ر�ؤية ا�سرتاتيجية‬
‫للإ�صالح ‪� ،2030-2015‬ص‪.67 .‬‬
‫نف�س املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.71 .‬‬ ‫‪21‬‬

‫‪ 22‬القانون رقم ‪ 07.00‬القا�ضي ب�إحداث الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين ال�صادر بتنفيذه الظهري ال�رشيف‬
‫رقم ‪ 1.00.203‬ال�صادر يف ‪ 19‬ماي ‪.2000‬‬
‫‪23 Conseil supérieur de l’enseignement, « Diagnostic stratégique du partenariat institutionnel‬‬
‫‪pour l’Ecole marocaine », Études du Conseil supérieur de l’enseignement, mars 2009,‬‬
‫‪p. 19-20.‬‬

‫‪ 24‬انظر التقرير التحليلي ال�صادر عن املجل�س الأعلى للرتبية والتكوين والبحث العلمي‪«،‬تطبيق امليثاق الوطني‬
‫للرتبية والتكوين ‪ :2013-2000‬املكت�سبات واملعيقات والتحديات»‪ ،‬دجنرب ‪ ،2014‬من �ص‪� 48 .‬إىل �ص‪.57 .‬‬

‫‪25 Conseil supérieur de l’enseignement, idem, p. 40.‬‬

‫القرار الوزاري رقم ‪ 04-16‬ال�صادر بتاريخ ‪ 8‬فرباير ‪ 2016‬املحدد الخت�صا�صات الأكادمييات‪.‬‬ ‫‪26‬‬

‫‪232‬‬
‫‪2030-2015‬‬ ‫حكامة منظومة الرتبية والتكوين من خالل الر�ؤية اال�سرتاتيجية للإ�صالح‬

‫املراجع‬
‫• وثائق ر�سمية‬
‫اململكة املغربية‪ ،‬املجل�س الأعلى للرتبية والتكوين والبحث العلمي‪« ،‬من �أجل مدر�سة الإن�صاف‬
‫واجلودة واالرتقاء‪ :‬ر�ؤية ا�سرتاتيجية للإ�صالح ‪.»2030-2015‬‬
‫‪http://www.men.gov. 2012‬‬ ‫»‬ ‫اململكة املغربية‪ ،‬رئي�س احلكومة «الربنامج احلكومي يناير‬
‫‪ma/Documents/Programme Gouvernement 2012_arabe.pdf‬‬

‫اململكة املغربية‪ ،‬اللجنة اخلا�صة بالرتبية والتكوين‪« ،‬امليثاق الوطني للرتبية والتكوين»‪.1999 ،‬‬

‫• الن�صو�ص القانونية والتنظيمية‬


‫الظهري ال�رشيف رقم ‪ 1.00.203‬ال�صادر يف ‪ 15‬من �صفر ‪ 19(1421‬ماي ‪ )2000‬بتنفيذ القانون‬
‫رقم ‪ 07.00‬القا�ضي ب�إحداث الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين‪ ،‬اجلريدة الر�سمية‪،‬‬
‫عدد ‪ 4798‬بتاريخ ‪ 25‬ماي ‪ 2000‬كما مت تغيريه وتتميمه‪.‬‬
‫ظهري �رشيف رقم ‪� 1.15.83‬صادر يف ‪ 20‬من رمان ‪ 7( 1436‬يوليوز ‪ )2015‬بتنفيذ القانون التنظيمي‬
‫رقم ‪ 111.14‬املتعلق باجلهات‪ ،‬اجلريدة الر�سمية عدد ‪ 6380‬بتاريخ ‪ 23‬يوليوز ‪.2015‬‬
‫ظهري �رشيف رقم ‪� 1.15.84‬صادر يف ‪ 20‬من رمان ‪ 7( 1436‬يوليوز ‪ )2015‬بتنفيذ القانون التنظيمي‬
‫رقم ‪ 112.14‬املتعلق باجلهات‪ ،‬اجلريدة الر�سمية عدد ‪ 6380‬بتاريخ ‪ 23‬يوليوز ‪.2015‬‬
‫ظهري �رشيف رقم ‪� 1.15.85‬صادر يف ‪ 20‬من رمان ‪ 7( 1436‬يوليوز ‪ )2015‬بتنفيذ القانون التنظيمي‬
‫رقم ‪ 113.14‬املتعلق باجلهات‪ ،‬اجلريدة الر�سمية عدد ‪ 6380‬بتاريخ ‪ 23‬يوليوز ‪.2015‬‬
‫املر�سوم رقم ‪ 2.02.376‬ال�صادر يف ‪ 6‬جمادى الأوىل ‪ 17( 1423‬يوليو ‪ )2002‬مبثابة النظام‬
‫الأ�سا�سي اخلا�ص مب�ؤ�س�سات الرتبية والتعليم العمومي‪ ،‬كما وقع تغيريه وتتميمه‪.‬‬
‫القرار الوزاري رقم ‪ 04-16‬ال�صادر بتاريخ ‪ 8‬فرباير ‪ 2016‬املحدد الخت�صا�صات الأكادمييات‬
‫اجلهوية للرتبية والتكوين‪.‬‬

‫• تقارير ودرا�سات‬
‫اململكة املغربية‪ ،‬املجل�س الأعلى للتعليم‪« ،‬الالمركزية والالتركيز يف قطاع الرتبية الوطنية ‪ :‬جتربة‬
‫الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين»‪ ،‬درا�سات املجل�س الأعلى للتعليم‪ ،‬يوليوز ‪.2007‬‬
‫‪233‬‬
‫عبد العايل حور‬

‫املجل�س الأعلى للرتبية والتكوين والبحث العلمي‪ ،‬الهيئة الوطنية لتقييم منظومة الرتبية والتكوين‬
‫والبحث العلمي «حكامة منظومة الرتبية والتكوين باملغرب‪ :‬تقييم تطبيق تو�صيات امليثاق‬
‫الوطني للرتبية والتكوين ‪ ،»2013-2000‬تقرير اخلربة‪ ،‬مار�س ‪.2015‬‬

‫‪234‬‬
‫م�ؤ�س�سات التعليم العايل‬
‫العربية وامل�س�ؤولية املجتمعية ‪ :‬جامعة قطر منوذجا‬
‫حافظ �إ�سماعيلي علوي‬

‫ملخ�ص‬
‫لقد �أ�ضحى من ال�رضوري‪ ،‬يف ظل التغريات العاملية والعربية املت�سارعة التي يعرفها ع�رصنا‬
‫احلايل‪� ،‬أن تقوم امل�ؤ�س�سات كافة �سواء �أكانت تعليمية �أم اقت�صادية �أو �صحية‪ ،...‬بالأدوار املنوطة‬
‫بها يف جمال امل�س�ؤولية املجتمعية‪ ،‬حر�صا على توفري �آليات فاعلة ت�ساعد على الت�صدي للتحديات‬
‫القائمة‪ ،‬و�إيجاد حلول للم�شكالت التي تقف حجر عرثة يف وجه النمو االقت�صادي ورفاه املجتمع‪.‬‬
‫و�صمدا �إىل هذه الغاية املرجوة ال بد �أن ت�سهم م�ؤ�س�سات التعليم العايل �إ�سهاما فاعال يتوافق‬
‫والغر�ض الرئي�س لأن�شطة هذه امل�ؤ�س�سات يف حتقيق التنمية ال�شاملة للمجتمع‪.‬‬
‫�إن بلوغ هذا امل�سعى يحتم و�ضع �سيا�سات وا�ضحة حتدد �أدوارا وا�ضحة وفاعلة للجامعات تراعي‬
‫م�ستجدات ع�رص العوملة وما يطرحه من �إكراهات وما يتيحه يف الوقت نف�سه من �إمكانات‪.‬‬
‫فامل�س�ؤولية املجتمعية للجامعات تفر�ض خلق حوار تفاعلي مع املجتمع بهدف خلق تنمية �إن�سانية‬
‫م�ستدامة‪ ،‬وميكن �أن ت�شمل الت�أثريات اجلامعية يف عالقتها املبا�رشة باملجتمع وامل�س�ؤولية نحوه‬
‫�أربعة جوانب �أ�سا�سية متكاملة‪:‬‬
‫• �أوال‪ :‬اجلانب التعليمي الرتبوي؛ الذي يهتم ب�إعداد الطلبة للمواطنة امل�س�ؤولة بهدف خلق تنمية‬
‫م�ستدامة‪،‬‬
‫• ثانيا‪ :‬اجلانب املعريف؛ الذي يعنى مبعرفة امل�س�ؤولية املجتمعية للن�شاطات العلمية والتثقيفية‪،‬‬
‫• ثالثا‪ :‬اجلانب التنظيمي والبيئي‪ ،‬الذي يقوم على تنظيم حياة جامعية م�س�ؤولة عن املجتمع‬
‫والبيئة‪،‬‬
‫• رابعا‪ :‬اجلانب املجتمعي‪ ،‬الذي يتحقق من خالل امل�شاركة يف جتمعات التعلم املتبادل من‪� ‬أجل‬
‫التطوير‪.‬‬
‫حافظ �إ�سماعيلي علوي‬

‫�إن مراعاة هذه اجلوانب من �ش�أنه �أن ي�سهم يف قيام اجلامعة مب�س�ؤولياتها املجتمعية وتعميق الفكر‬
‫الإبداعي ومنجزاته يف املجتمع وتر�سيخه‪ ،‬كما ي�ؤهل اجلامعة للقيام ب�أدوار ريادية ومتميزة يف‬
‫تقدم املجتمع وتطوره‪.‬‬
‫وميكن اخت�صار الق�ضية الإ�شكالية التي �سيحاول البحث �أن يجيب عنها فيما يلي‪:‬‬
‫• كيف ميكن �أن ت�سهم م�ؤ�س�سات التعليم العايل يف خدمة امل�س�ؤولية املجتمعية وتطوير املفاهيم‬
‫املت�صلة بها وتر�سيخها لدى الأفراد واملجموعات؟ و�إىل �أي حد جنحت يف ذلك؟‬
‫تلكم �أهم اجلوانب التي �سرنكز عليها يف ورقتنا من خالل عر�ض جتارب بع�ض اجلامعات؛ للوقوف‬
‫ب�شكل ملمو�س على الإجراءات وال�سيا�سات املتبعة التي تلخ�ص ر�سالة اجلامعة ودورها يف تطوير‬
‫املجتمع واال�ستثمار يف التعليم باعتباره م�س�ؤولية جمتمعية‪.‬‬

‫توطئة‬

‫حتظى امل�س�ؤولية املجتمعية يف وقتنا الراهن باهتمام متزايد و�أهمية خا�صة يف املجتمعات الب�رشية‬
‫عموما؛ نتيجة تنامي الإح�سا�س ب�أهميتها ب�سبب �إكراهات الع�رص احلديث التي ت�ستدعي ت�ضافر‬
‫اجلهود بغية حتقيق حياة كرمية للمواطنني‪.‬‬

‫فما امل�س�ؤولية املجتمعية؟‬

‫اختلفت تعريفات امل�س�ؤولية املجتمعية وتعددت؛ فقد عرفها البنك الدويل ب�أنها «تعني م�ساهمة‬
‫قطاع الأعمال يف حتقيق الأهداف التنموية‪ .‬وهي ت�شري �إىل الأخذ بعني االعتبار االن�شغاالت‬
‫االقت�صادية واالجتماعية والبيئية من قبل منظمات الأعمال‪ .‬بطريقة يتم من خاللها تعظيم العوائد‬
‫وتخفي�ض الأ�رضار‪ ،‬وحتمل امل�س�ؤولية االجتماعية الطابع التطوعي‪ ،‬كما ميثل االلتزام القانوين‬
‫احلد الأدنى لهذه امل�س�ؤولية االجتماعية» ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وهي بح�سب م�ؤ�س�سة العمل الدولية تلك «املبادرات الطوعية‪ ،‬التي تقوم بها امل�ؤ�س�سات‪ ،‬عالوة‬
‫على ما عليها من التزامات قانونية‪ .‬وهي طريقة ت�ستطيع �أن تنظر بها �أية م�ؤ�س�سة يف ت�أثريها على‬
‫‪236‬‬
‫م�ؤ�س�سات التعليم العايل العربية وامل�س�ؤولية املجتمعية ‪ :‬جامعة قطر منوذجا‬

‫جميع �أ�صحاب امل�صلحة املعنيني‪ ،‬وتعد امل�س�ؤولية املجتمعية للم�ؤ�س�سات تكملة للوائح احلكومية‪،‬‬
‫�أو ال�سيا�سة املجتمعية‪ ،‬ولي�ست بدي ًال عنهما» ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫وترى منظمة الأيزو ‪� 26000‬أنها ترجمة لقراراتها ون�شاطاتها جتاه املجتمع والبيئة من خالل‬
‫تبني �سلوك �شفاف و�أخالقي ي�سهم يف حتقيق التنمية امل�ستدامة مبا يف ذلك ال�صحة والرفاه يف‬
‫املجتمع‪ ،‬وي�أخذ بعني االعتبار توقعات �أ�صحاب امل�صالح‪ ،‬ويحرتم القوانني ال�سارية‪ ،‬ويتوافق مع‬
‫املعايري الدولية‪ ،‬ويدمج يف املنظمة ككل ويتم ممار�سته وتطبيقه يف م�ستوياتها الإدارية املختلفة ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫وتعرفها املفو�ضية الأوروبية ب�أنها «التطوع الذاتي للمنظمات يف امل�ساهمة يف خلق جمتمع وبيئة‬
‫�أف�ضل‪ ،‬فهي م�س�ؤولية املنظمة �أمام ت�أثريات ن�شاطها على املجتمع‪ ،‬وللقيام بهذه الوظيفة ينبغي‬
‫على املنظمة احرتام القوانني‪ ،‬والقواعد التنظيمية واملعاهدات التي �أبرمتها مع خمتلف الأطراف‪،‬‬
‫وحتى ت�ؤدي امل�ؤ�س�سة هذه الوظيفة ب�شكل جيد يفرت�ض �أن تدخل يف �رشاكات حمدودة مع خمتلف‬
‫الأطراف وحتديد امل�سار املوجه نحو �إدراج اهتمامات املنظمة للم�سائل االجتماعية والبيئية‬
‫والأخالقيات واحرتام حقوق االن�سان وامل�ستهلك �سواء يف �أن�شطتها الت�شغيلية �أو يف و�ضعها‬
‫ال�سرتاتيجيتها» ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫و�أما املعهد العاملي للفكر الإ�سالمي فعرفها ب�أنها عبارة عن التزام املنظمة بامل�شاركة يف عمل‬
‫ال�صاحلات عند ممار�سة �أن�شطتها جتاه خمتلف الأطراف التي لها عالقة بها نتيجة التكليف الذي‬
‫ارت�ضته يف �ضوء مبادئ ال�رشيعة الإ�سالمية بهدف النهو�ض باملجتمع الإ�سالمي مبراعاة عنا�رص‬
‫املرونة واال�ستطاعة وال�شمول والعدالة ‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫ويظهر من خالل هذه التعريفات على اختالفها وتعددها �أن امل�س�ؤولية املجتمعية ت�شمل خمتلف‬
‫الأن�شطة التي تقدمها امل�ؤ�س�سات احلكومية �أو الأهلية خلدمة املجتمع‪.‬‬

‫وقد ظهرت البوادر الأوىل ملفهوم امل�س�ؤولية املجتمعية يف املجتمعات العربية يف نهاية القرن‬
‫الع�رشين (‪2000‬م)‪ ،‬وذلك نتيجة تعاظم دور املجتمع املدين‪ ،‬وزيادة االقتناع بالأدوار التي ميكن‬
‫�أن يلعبها القطاع اخلا�ص يف تعزيز اجلهود احلكومية ودعمها وم�ساندتها‪.‬‬
‫‪237‬‬
‫حافظ �إ�سماعيلي علوي‬

‫فقد بني مفهوم امل�س�ؤولية املجتمعية على نظرية �أخالقية تركز على �أن لكل كيان يف املجتمع دو ًرا‬
‫يجب �أن يقدم خلدمة هذا املجتمع‪ ،‬والكيان قد يكون جهة حكومية �أو غري حكومية‪ ،‬ربحية �أو غري‬
‫ربحية‪ ،‬وحتى �أفراد املجتمع �أنف�سهم من خالل مواطنتهم ال�صاحلة ‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫ونتيجة للجهود املبذولة خالل ال�سنوات الأخرية �أ�ضحت امل�س�ؤولية املجتمعية حديث املواطنني‬
‫و�أجهزة الإعالم‪ ،‬وب�شكل خا�ص القطاع اخلا�ص باعتباره �أحد القطاعات التي تناط بها امل�س�ؤولية‬
‫املجتمعية‪.‬‬

‫امل�س�ؤولية املجتمعية مل�ؤ�س�سات التعليم العايل‬

‫يتبو�أ التعليم العايل �أعلى درجات الهرم يف نظام الرتبية والتكوين؛ �إذ هو �آخر مرحلة من مراحل‬
‫التعليم تتم داخل كليات �أو معاهد جامعية بعد احل�صول على ال�شهادة الثانوية‪ ،‬وتختلف مدة‬
‫الدرا�سة يف هذه امل�ؤ�س�سات من �سنتني �إىل �أربع �سنوات‪ ،‬يكت�سب الفرد خاللها م�ؤهالت ومهارات‬
‫عالية‪ ،‬متكنه من االنخراط يف املجتمع والفاعلية فيه ‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫وبذلك تكون م�ؤ�س�سات التعليم العايل م�ؤ�س�سات للتعليم والتن�شئة يف املجتمع؛ فهي م�ؤ�س�سات‬
‫�إنتاجية تعمل على �إثراء املعارف وتطوير التقنيات وتهيئة الكفاءات مما يك�سب اخلريج معارف‬
‫ومهارات وقدرات تخدمه وتخدم املجتمع ككل‪.‬‬

‫ت�شكل اجلامعات �إذن‪ ،‬منربا للح�ضارة يف املجتمعات كافة‪ ،‬لذلك ت�سعى �إىل جعل الإح�سا�س‬
‫بامل�س�ؤولية املجتمعية �سلوكا ميار�س‪ ،‬وهما تنمويا ت�شاركيا يطال ت�أثريه خمتلف مناحي احلياة‪،‬‬
‫بتج�سيد امل�شاركة‪ ،‬واملبادرة احلميدة‪ ،‬وا�ستثمار تبادل امل�صالح ب�أق�صى قدر ممكن‪.‬‬

‫فاجلامعة م�ؤ�س�سة تعليم عال يتمثل دورها الرئي�س يف ر�سالتها العلمية املعرفية‪ ،‬لكن عالوة على‬
‫التزامها بنوعية التعليم وحداثته‪ ،‬والبحث العلمي الذي يع ّد الو�سيلة الأ�سا�س لقيادة املجتمع‪،‬‬
‫ف�إنه من املفرو�ض �أن تتطلع �أي�ضا لأن تكون �رشي ًكا كامال يف النهو�ض باملجتمع وتطويره‪ ،‬وهي‬
‫غاية ي�ساعد على بلوغها �إبرام �رشاكات مع املجتمع‪ ،‬وو�ضع برامج دائمة ومتطورة با�ستمرار‪،‬‬
‫وتوفري �آليات ناجعة يف الت�صدي للتحديات القائمة‪ ،‬و�إيجاد حلول للم�شكالت التي تعيق النمو‬
‫االقت�صادي ورفاه املجتمع على املدى الطويل من خالل و�ضع خطط ا�سرتاتيجية وا�ضحة‪.‬‬
‫‪238‬‬
‫م�ؤ�س�سات التعليم العايل العربية وامل�س�ؤولية املجتمعية ‪ :‬جامعة قطر منوذجا‬

‫ولي�س مو�ضوع امل�س�ؤولية املجتمعية للجامعات بالأمر اجلديد يف م�ضمونه‪ ،‬لكن م�ستجدات هذا‬
‫الع�رص وحتوالته فر�ضت م�أ�س�سته ب�شكل وا�ضج يف اخلطط اال�سرتاتيجية للجامعات ومناهجها‬
‫وخمرجاتها‪� ،‬ش�أنها يف ذلك �ش�أن كافة م�ؤ�س�سات املجتمع الأخرى‪ ،‬حتى ت�ضطلع اجلامعات بدور‬
‫رئي�س يف الت�أ�سي�س لفكر ا�سرتاتيجي تناف�سي يخدم املجتمع وق�ضاياه‪ ،‬من خالل تناول امل�شكالت‬
‫والتحديات التي تواجه املجتمع و�إيجاد احللول لها باتباع املنهج العلمي و�إجراء الدرا�سات‬
‫والبحوث املتخ�ص�صة ‪.‬‬
‫‪8‬‬

‫فالتعليم العايل يرفد املجتمع �سنويا ب�أفواج من اخلريجني يحملون قي ًما ومهارات ومعارف‬
‫ت�ستخدم يف القيام ب�أدوارهم املجتمعية املختلفة‪ ،‬وهذا ي�ستدعي الت�أكد من طبيعة �إ�سهام م�ؤ�س�سات‬
‫التعليم العايل ونوعيتها يف ثقافة الأجيال وقيمهم ومعارفهم‪ ،‬خا�صة املتعلقة باملواطنة والت�سامح‬
‫واحلوار وتقبل الآخر والفكر الإبداعي والأخالق‪... ،‬‬

‫على هذا الأ�سا�س تعد امل�س�ؤولية االجتماعية من �أوكد الواجبات الواقعة على عاتق اجلامعات‬
‫وم�ؤ�س�سات التعليم العايل‪ ،‬فهي التزام م�ستمر من هذه امل�ؤ�س�سات يف تطوير امل�ستوى التعليمي‬
‫والثقايف واالقت�صادي واالجتماعي لأفراد املجتمع وحت�سينه من خالل توافر اخلدمات املتنوعة‬
‫التي ت�سهم يف تعزيز عالقة هذه امل�ؤ�س�سة باملجتمع‪ ،‬وال تقت�رص امل�س�ؤولية االجتماعية للجامعات‬
‫على امل�شاركة يف الأعمال اخلريية وعمل حمالت تطوعية‪ ،‬بل البد من االلتزام بالأنظمة والقوانني‬
‫املتبعة‪ ،‬وامل�ساهمة يف تطوير املجتمع املدين ‪.‬‬
‫‪9‬‬

‫�إن امل�س�ؤولية املجتمعية نهج �أخالقي عقالين لإدارة اجلامعة ي�شمل الآثار التي يرتكها هذا النهج‬
‫على ال�سياق االجتماعي والإن�ساين واالقت�صادي والبيئي والثقايف‪ ،‬وعلى دوره الفاعل يف تعزيز‬
‫تطور �إن�ساين م�ستدام للب�رشية‪ ،‬وهي ا�سرتاتيجية ت�سعى من خاللها اجلامعات القيام بدورها‬
‫الفاعل يف حتملها مل�س�ؤولياتها املجتمعية من خالل براجمها اخلدمية والأكادميية‪ ،‬ووحداتها‬
‫و�أ�ساتذتها وطلبتها مبا يلبي احتياجات املجتمع ويحقق رفاهيته ‪.‬‬
‫‪10‬‬

‫وي�ستدعي هذا من كافة م�ؤ�س�سات التعليم‪ ،‬ومنها اجلامعات‪� ،‬أن ت�ضع امل�س�ؤولية املجتمعية يف‬
‫�صلب ا�سرتاتيجياتها �أ�سوة بكافة م�ؤ�س�سات املجتمع الأخرى‪ ،‬حتى يكون للجامعات دور رئي�س‬
‫يف الت�أ�سي�س لفكر ا�سرتاتيجي تناف�سي يخدم املجتمع وق�ضاياه‪ ،‬من خالل تناول امل�شكالت‬
‫والتحديات التي تواجه املجتمع و�إيجاد احللول لها باتباع املنهج العلمي و�إجراء الدرا�سات‬
‫والأبحاث املتخ�ص�صة ‪.‬‬
‫‪11‬‬

‫‪239‬‬
‫حافظ �إ�سماعيلي علوي‬

‫ويف هذا ال�سياق �أكدت تو�صيات امل�ؤمتر الدويل للتعليم العايل �أن «للجامعات ثالث م�س�ؤوليات‬
‫رئي�سة‪ ،‬هي التدري�س والبحث العلمي وخدمة املجتمع»‪ .‬ويف الغالب ف�إن م�س�ؤولية خدمة املجتمع‬
‫يق ّل االهتمام بها‪ ،‬وغالب ًا ما يتم اخللط بني مفهوم امل�س�ؤولية املجتمعية وخدمة املجتمع‪ ،‬التي تقع‬
‫�ضمن مهام الوظيفة الثالثة للجامعات‪ ،‬ولكن امل�س�ؤولية املجتمعية مفهوم �أو�سع و�أعمق بكثري‪،‬‬
‫وميكن تعريف امل�س�ؤولية االجتماعية للجامعة ب�أنها التزام بت�رشب وممار�سة جمموعة من املبادئ‬
‫والقيم من خالل وظائفها الرئي�سة املتمثلة يف التدري�س والبحث العلمي وال�رشاكة املجتمعية‬
‫والإدارة امل�ؤ�س�سية‪ .‬وجوهر هذا الدور االجتماعي للجامعات هو االلتزام بالعدالة وامل�صداقية‬
‫والتميز وتعزيز امل�ساواة االجتماعية والتنمية امل�ستدامة‪ ،‬واالعرتاف بالكرامة واحلرية للفرد‪،‬‬
‫وتقدير التنوع والتعدد الثقايف وتعزيز حقوق الإن�سان وامل�س�ؤولية املدنية‪ .‬ف�أما البحث العلمي فهو‬
‫�رضوري يف �إنتاج املعرفة خلدمة املجتمع وحت�سني نوعية وجودة احلياة‪ .‬وبد�أت بع�ض اجلامعات‬
‫�سعيا منها لتح�سني مركزها يف الت�صنيف العاملي للجامعات يف �إغالق بع�ض الأق�سام التي يكون لها‬
‫ناجت بحثي متوا�ضع‪ ،‬وا�ستقطاب باحثني ذوي مهارات عالية من البلدان املتقدمة ‪.‬‬
‫‪12‬‬

‫وميكن للجامعات �أن متار�س هذا الدور عرب م�ستويات متدرجة ميكن عر�ضها على النحو الآتي‪:‬‬
‫– �أن تت�ضمن ر�ؤية اجلامعة التزامها بخدمة املجتمع يف �أدائها؛‬
‫– �أن ت�صوغ اجلامعة براجمها الأكادميية التي تطرحها وفق احتياجات املجتمع؛‬
‫–  �أن تتجه نحو البحث العلمي التطبيقي الذي يعالج م�شكالت املجتمع‪ ،‬ويعمل على �أن ت�صب‬
‫نتائج هذه الأبحاث يف احتياجات املجتمع؛‬
‫– �أن تع ّد التطوع يف خدمة املجتمع قيمة �أ�سا�سية من القيم التي تُنمى لدى الطلبة؛‬
‫– �أن تربط براجمها بفل�سفة التنمية الإن�سانية امل�ستدام؛‬
‫– �أن ت�شارك مع م�ؤ�س�سات املجتمع املحلية التي تعمل فيها يف برامج وم�رشوعات خدماتية؛‬
‫–  �أن تطرح برامج اجتماعية مبا�رشة عرب مبادراتها الذاتية تقوم على خدمة املجتمعات‬
‫املحلية بطريقة مهنية؛‬
‫–  �أن تطرح برامج اجتماعية مبا�رشة يف خدمة املجتمعات املحلية مبنية على حقوق‬
‫الإن�سان ‪.‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪240‬‬
‫م�ؤ�س�سات التعليم العايل العربية وامل�س�ؤولية املجتمعية ‪ :‬جامعة قطر منوذجا‬

‫‪14‬‬
‫م�ؤ�س�سات التعليم العايل وامل�س�ؤولية املجتمعية‪ :‬جامعة قطر مثاال ‬

‫تفر�ض خ�صو�صيات الع�رص و�إكراهاته �أن ت�ضع اجلامعات امل�س�ؤولية املجتمعية �ضمن �أوىل‬
‫�أولوياتها و�صلب ا�سرتاتيجياتها؛ �إذ �إن هذه امل�س�ؤولية هي يف املقام الأول ر�سالة �صدق وخدمة‬
‫�إن�سانية تهدف �إىل حت�سني حياة املجتمع من خالل تناول م�شكالت معينة يف بيئة معينة و�إيجاد‬
‫حلول عملية لها؛ �إذ ميكن ع ّد اجلامعات مبثابة الهيئة الوظيفية للم�س�ؤولية املجتمعية‪ ،‬وعليها �أن‬
‫ت�ضع ا�سرتاتيجيات �شاملة بنا ًء على درا�سات وبحوث تتناول جميع �رشائح املجتمع وقطاعاته كل‬
‫على حدة ‪ ،‬وجتعل لكل جامعة ر�سالتها التي هي من �صنع املجتمع من ناحية‪.‬‬ ‫‪15‬‬

‫ويف هذا ال�سياق حتر�ص جامعة قطر على تعزيز بيئة حميطة ت�شجع �أع�ضاء هيئة التدري�س والطالب‬
‫على امل�شاركة يف الأن�شطة املجتمعية؛ �إذ متثل اجلامعة مك ّون ًا رئي�س ًا يف املجتمع القطري‪ ،‬وبالتايل‬
‫ت�شجع �أع�ضاء هيئة التدري�س فيها والطالب على ا�ستثمار طاقاتهم ومواهبهم‬ ‫فمن املنا�سب �أن ّ‬
‫لتعزيز مقومات املجتمع‪ .‬ف�أع�ضاء هيئة التدري�س هم �أي�ض ًا �أع�ضاء يف املجتمعات املهنية الدولية‪،‬‬
‫وينبغي ت�شجيع هذه الروابط ودعمها ‪.‬‬
‫‪16‬‬

‫و�صمدا �إىل هذه الغاية و�ضعت جامعة قطر ا�سرتاتيجيات وا�ضحة تتلخ�ص يف الآتي‪:‬‬
‫• ت�شجيع مبادرات التوعية التي تربط جامعة قطر باملجتمع ودعمها‪ ،‬من خالل الأ�رسة‬
‫واملدر�سة واملنظمات (مثل مبادرات غازنا‪ ،‬واحلياة الهند�سة‪ ،‬والبريق‪� ،‬إلخ)‪.‬‬
‫• زيادة م�شاركة هيئة التدري�س والطالب يف الأن�شطة املجتمعية واجلمعيات املهنية واللجان‪،‬‬
‫وت�شجيعها‪.‬‬
‫• اال�شرتاك يف تنظيم الأحداث داخل احلرم اجلامعي وخارجه مع املجتمع املدين واملنظمات‬
‫احلكومية‪ ،‬لدعم املبادرات الوطنية واملجتمعية‪ ،‬وتوفري فر�ص امل�شاركة لأع�ضاء اجلامعة‪.‬‬
‫• الرعاية وامل�شاركة يف فعاليات املجتمع املدين واحلكومي خارج احلرم اجلامعي‪.‬‬
‫• تعظيم منا�سبات ظهور جامعة قطر‪ ،‬من خالل �إ�رشاك �أع�ضاء هيئة التدري�س والطالب يف‬
‫�أن�شطة و�سائل الإعالم‪ ،‬لن�رش معارفهم وخرباتهم يف املجتمع حول ق�ضايا ال�ساعة‪.‬‬
‫• ت�شجيع �أع�ضاء هيئة التدري�س على تدري�س مقررات التعليم امل�ستمر التي تهم املجتمع ‪.‬‬
‫‪17‬‬

‫‪241‬‬
‫حافظ �إ�سماعيلي علوي‬

‫وقد �أتاحت عدة عوامل الفر�صة للجامعة لتبد�أ يف م�رشوع التح ّول اال�سرتاتيجي بهدف حتقيق‬
‫قفزة نوعية متيزّها يف التعليم والبحث وامل�شاركة املجتمعية ؛ �إذ تهدف اجلامعة �إىل تعزيز التم ّيز‬
‫‪18‬‬

‫النوعي يف جماالت �أدائها الرئي�سية التالية‪:‬‬


‫• التعليم (التع ّلم والتعليم‪ ،‬مبا فيه التجربة الطالبية)؛‬
‫• البحث العلمي؛‬
‫• املنظومة امل�ؤ�س�سية؛‬
‫• امل�شاركة املجتمعية‪.‬‬

‫وقد ركزت اخلطة اال�سرتاتيجية احلالية للجامعة على �ست قيم جوهرية لتحقيق الغايات الأ�سا�س‬
‫للجامعة‪ ،‬وهي قيم منبثقة من مبادئها التوجيهية ومتما�شية مع ر�سالتها‪ ،‬ومن تلك القيم امل�س�ؤولية‬
‫املجتمعية التي تقوم على تعزيز جامعة قطر امل�شاركة املجتمعية الإيجابية واملبادرة بالإ�سهام‬
‫الفاعل يف تطوير املجتمع با�ست�شعار احتياجاته وتطلعاته ب�شكل جذري ملواكبة املتغريات الع�رصية‬
‫ولتلبية متطلبات املجتمع وال�سوق القطري‪ .‬وي�ست�شف من ذلك �أن ا�سرتاتيجية امل�شاركة املجتمعية‬
‫هي واحدة من �أهم اال�سرتاتيجيات الأ�سا�سية للجامعة ‪.‬‬
‫‪19‬‬

‫وقد حدد الق�سم الثالث من اال�سرتاتيجية اجلديدة غايات اال�سرتاتيجية والأهداف التي ر�سمتها‪،‬‬
‫وهي غايات �ست‪:‬‬
‫• الغاية ‪ :1‬التح ّول يف التعليم العايل‬
‫• الغاية ‪ :2‬التم ّيز يف التعليم‬
‫• الغاية ‪ :3‬مت ّيز اخلريجني‬
‫• الغاية ‪ :4‬التم ّيز يف البحث العلمي‬
‫• الغاية ‪ :5‬التم ّيز امل�ؤ�س�سي‬
‫• الغاية ‪ :6‬التم ّيز يف امل�شاركة املجتمعية‬

‫ولكل غاية من هذه الغايات �أهداف ا�سرتاتيجية‪ .‬ويهمنا يف هذا ال�سياق حتديدا الغاية ال�ساد�سة‬
‫املتعلقة بالتم ّيز يف امل�شاركة املجتمعية؛ فقد حددتها اال�سرتاتيجية على النحو الآتي‪« :‬تعقد اجلامعة‬
‫‪242‬‬
‫م�ؤ�س�سات التعليم العايل العربية وامل�س�ؤولية املجتمعية ‪ :‬جامعة قطر منوذجا‬

‫�رشاكات ف ّعالة مع �أ�صحاب امل�صلحة املحليني والدوليني‪ ،‬لإثراء التعليم‪ ،‬ودعم البحث العلمي‪،‬‬
‫وحتفيز التنمية االجتماعية واالقت�صادية‪ ،‬وتعزيز �سمعة اجلامعة و�صورتها» ‪.‬‬
‫‪20‬‬

‫�إن ما ي�ؤهل جامعة قطر للعب دور فاعل فيما يتعلق بامل�شاركة املجتمعية وحتقيق املنفعة امل�شرتكة‬
‫للجميع هو كونها �أكرب موفّر لربامج التعليم العايل يف الدولة وجتتذب عدد ًا من منح متويل البحث‬
‫العلمي‪ ،‬وقد عرفت �ضمن املجتمع القطري لفرتة طويلة‪ ،‬ور�سخت مكانتها ‪.‬‬
‫‪21‬‬

‫وال �شك �أن ما تقدمه احلكومة والقطاعات ال�صناعية من دعم �سي�سهم يف �إثراء مناهج اجلامعة‬
‫وقطاع البحث العلمي‪ ،‬وباملقابل �ستوفر اجلامعة اخلربات التقنية يف تلك املجاالت الهامة التي‬
‫�أثبتت فيها الكفاءة والتميز‪ .‬و�سوف ترتبط خربات و�أبحاث وابتكارات وتعليم اجلامعة بتلبية‬
‫االحتياجات االقت�صادية واالجتماعية على م�ستوى الدولة‪ .‬و�ست�ضمن جامعة قطر ب�أن تكون‬
‫امل�شاركة املجتمعية الركيزة الثالثة يف منظومتها القائمة على التعليم – البحث – امل�شاركة‬
‫املجتمعية‪ ،‬بحيث ت�سهم يف متكني التعليم واالكت�شاف ليكونا عن�رصين �أ�سا�سيني يف املجتمع‪.‬‬

‫و�أما الأهداف اال�سرتاتيجية من هذه الغاية‪ ،‬فتتحدد على النحو الآتي‪:‬‬


‫• الهدف ‪ :1‬بناء دور جامعة قطر وتعزيزه باعتباره بيتا للخربة يلبي االحتياجات الوطنية‪.‬‬
‫• الهدف ‪ :2‬تعزيز ال�رشاكات املحلية والإقليمية والدولية الف ّعالة يف املجاالت اال�سرتاتيجية‪،‬‬
‫لتكون اجلامعة حافز ًا للتنمية االجتماعية واالقت�صادية امل�ستدامة يف دولة قطر‪.‬‬
‫• الهدف ‪ :3‬تنمية ال�شعور باالنتماء والوالء وامل�شاركة بني موظفي اجلامعة والطالب‬
‫واخلريجني يف مبادرات اجلامعة‪،‬‬
‫• الهدف ‪ :4‬تعزيز دور جامعة قطر كدافع رئي�سي لعجلة تطوير النظام الرقمي الوطني‪ ،‬ويف‬
‫موقع قيادي على ال�صعيد الدويل يف جمال التح ّول واالبتكار الرقمي‪.‬‬
‫• الهدف ‪ :5‬تعزيز منظومة ريادة الأعمال واالبتكار يف قطر بالتعاون مع احلكومة وال�صناعة‬
‫والقطاع اخلا�ص واجلهات امل ّمولة يف الدولة ‪.‬‬
‫‪22‬‬

‫�إن الت�شديد على �أهمية امل�شاركة املجتمعية يف اال�سرتاتيجية اجلديدة ال يعني �أنها كانت غائبة يف‬
‫اال�سرتاتيجيات القدمية؛ فقد كان هذا اجلانب حا�رضا بقوة يف اال�سرتاتيجيات ال�سابقة �أي�ضا‪،‬‬
‫‪243‬‬
‫حافظ �إ�سماعيلي علوي‬

‫وهذا ما يظهر وا�ضحا يف مذكرات التفاهم واتفاقيات ال�رشاكة والتعاون التي �سعت وت�سعى‬
‫جامعة قطر جاهدة �إىل حتقيقها بهدف متكني الطلبة من الإ�سهام بفاعلية يف الأن�شطة الأكادميية‬
‫والثقافية والبحثية‪ ،‬و�إعدادهم �إعدا ًدا جي ًدا ل�سوق العمل‪ .‬كما يظهر وا�ضحا يف االتفاقيات التي‬
‫�أبرمتها جامعة قطر‪ ،‬والتي مت من خاللها �إطالق العديد من كرا�سي الأ�ستاذية فيما يتعلق بق�ضايا‬
‫وطنية و�إقليمية ودولية‪ ،‬ككر�سي �أ�ستاذية يف التنمية امل�ستدامة (�رشكة �شل)‪ ،‬والعمارة (م�شريب)‪،‬‬
‫والهند�سة البيئية (مري�سك للبرتول)‪ ،‬والبوليمريات (قابكو)‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل كر�سي �أ�ستاذية يجمع‬
‫بني اجلامعة ووزارة االت�صاالت وتكنولوجيا املعلومات (‪ ICT‬قطر)؛ �إذ يعمل الأ�ساتذة الذين‬
‫ي�شغلون منا�صب كر�سي الأ�ستاذية على توجيه الطلبة وم�ساعدتهم يف �إجناز م�شاريع تخرجهم‬
‫وم�شاريعهم البحثية‪ ،‬وتوفري فر�ص تدريب وتكوين ي�ؤهلهم لالنخراط يف �سوق العمل‪.‬‬

‫وعالوة على ذلك‪ ،‬تُ�سهم مبادرات التعاون بني جامعة قطر وامل�ؤ�س�سات يف القطاعني العام واخلا�ص‬
‫على تنظيم فعاليات و�أن�شطة هادفة جتعل الطالب ينخرطون يف �أن�شطة ت�ستجيب الهتماماتهم‬
‫الأكادميية والبحثية والال�صفية‪ ،‬كما ت�سهم يف تعريفهم باخليارات الدرا�سية امل�ستقبلية املتاحة‬
‫واحتياجات �سوق العمل وفر�ص العمل املنا�سبة ‪.‬‬
‫‪23‬‬

‫وميكن �أن منثل مل�ؤ�س�سات املجتمع املدين التي ترتبط ب�رشاكات مع جامعة قطر مب�ؤ�س�سة قابكو‬
‫(�رشكة قطر للبرتوكيمياويات) التي ت�ؤمن مبهارات اخلريجني يف دعم اقت�صاد �سليم‪ ،‬كما يظهر‬
‫من �سيا�سة ال�رشكة يف دعم التعليم‪« :‬ميثل اخلريجون ذوي املهارات العالية يف جماالت العلوم‬
‫والتكنولوجيا والهند�سة والريا�ضيات عوامل دقيقة الأهمية يف دعم اقت�صاد �سليم ديناميكي‬
‫مزدهر‪ .‬وتعد املهارات يف جمال العلوم والهند�سة عوامل من الأمور احلا�سمة لنجاح �أعمال �رشكة‬
‫قطر للبرتوكيمياويات (قابكو) وحتقيق طموحات قطر وم�ستقبلها يف �صناعة البرتوكيماويات‬
‫و�صناعة النفط والغاز بالت�أكيد» ‪.‬‬
‫‪24‬‬

‫ومن هنا جند اعتقادا را�سخا لدى ال�رشكة «يف �رضورة تطوير اجليل املقبل من اخلريجني‬
‫امل�ؤهلني ت�أهيال عالي ًا‪ ،‬و�أن التعليم يف جماالت العلوم والتكنولوجيا والهند�سة والريا�ضيات هو‬
‫�أحد العنا�رص الأ�سا�سية يف امل�س�ؤولية االجتماعية وبرنامج امل�شاركة ب�رشكة قابكو وا�سرتاتيجية‬
‫اال�ستدامة لدينا» ‪.‬‬
‫‪25‬‬

‫‪244‬‬
‫م�ؤ�س�سات التعليم العايل العربية وامل�س�ؤولية املجتمعية ‪ :‬جامعة قطر منوذجا‬

‫ولذلك د�أبت ال�رشكة على توفري الدعم للمهارات والتعليم الفني والعلم‪ .‬ومن الأن�شطة الداعمة التي‬
‫قامت بها يف �إطار التعاون مع جامعة قطر برنامج كلية الهند�سة بجامعة قطر‪ ،‬مثل احلياة هند�سة‪،‬‬
‫و�أ�سبوع الهند�سة وم�سابقة احلو�سبة بكلية الهند�سة للحو�سبة‪ ،‬وم�سابقة الت�صميمات الكربى‬
‫واجل�رس اخل�شبي‪ ،‬وم�سابقة غازنا‪ ،‬واملكعب الرقمي‪ ،‬ويوم الت�صميمات امليكانيكية‪ ،‬والدورات‬
‫التدريبية ال�سنوية التي يقيمها مركز معاجلة الغاز‪.‬‬

‫كما قامت ال�رشكة يف �إطار دعمها امل�ستمر جلامعة قطر‪ ،‬بتنظيم ور�شة عمل لكتابة ال�سري الذاتية‬
‫ومهارات املقابالت للطالب من كلية الهند�سة بهدف م�ساعدتهم على االنتقال بنجاح �إىل العمل‬
‫بعد تخرجهم ‪.‬‬
‫‪26‬‬

‫ووقعت جامعة قطر وامل�ؤ�س�سة القطرية للعمل االجتماعي �ستة عقود لتنفيذ بحوث تخدم املراكز‬
‫التابعة للم�ؤ�س�سة بهدف ت�شخي�ص واقع الفئات امل�ستهدفة وتقدمي التو�صيات الالزمة لتطوير‬
‫اخلدمات املقدمة �إليهم‪.‬‬

‫وهي �رشاكة الهدف منها تنمية القدرات يف جمال العلوم والبحوث االجتماعية والإن�سانية‪،‬‬
‫وتعزيز ال�رشاكات مع اجلهات املعنية والفاعلة بدولة قطر وامل�ساهمة يف النهو�ض مبنظومة العمل‬
‫االجتماعي ملنظمات املجتمع املدين‪ ،‬وت�سليط ال�ضوء على التحديات التي تواجه الفئات امل�ستهدفة‬
‫لدى املراكز التابعة للم�ؤ�س�سة القطرية للعمل االجتماعي و�إيجاد احللول املنا�سبة لها مبا ي�ضمن‬
‫متكينها وتفعيل دورها يف تنمية املجتمع‪ .‬كما تهدف �إىل م�ساعدة جيل جديد من الباحثني على توليد‬
‫�أفكار بحثية مبتكرة تقدم املعرفة وتخلق حالة من النه�ضة الفكرية يف املنطقة وجتد احللول العملية‬
‫للق�ضايا املجتمعية املعا�رصة‪.‬‬

‫يتبدى من خالل هذه االتفاقيات مدى �أهمية الدور التنموي الذي متار�سه اجلامعة بت�سخري البحث‬
‫العلمي لتلبية االحتياجات الوطنية وتطوير قدرات املجتمع وتنميته‪ ،‬وبلورة جهود اجلامعة التي‬
‫تعمل على دعم جهود منظمات املجتمع املدين وتعزيزها‪ ،‬والنهو�ض بها وتطوير دورها يف املجتمع‬
‫وتفعيله‪ .‬كما تعك�س هذه ال�رشاكة العالقة املتينة بني اجلامعة كم�ؤ�س�سة تعليمية بحثية وطنية‬
‫وم�ؤ�س�سات املجتمع املختلفة ‪.‬‬
‫‪27‬‬

‫‪245‬‬
‫حافظ �إ�سماعيلي علوي‬

‫هوام�ش‬
‫‪1 The World Bank, Beyond Corporate Social Responsibilit y: The Scope for Corporate‬‬
‫‪Investment in Community Driven Development, Report N° 37379-GLB, March 2007, p. 1.‬‬

‫ (نقـال عن مقـدم وهيبة‪ ،‬تقييم مدى ا�ستجابة منظمات الأعمال يف اجلـزائر للم�س�ؤولية االجتماعيـة‪� ،‬ص‪.)72 .‬‬
‫‪� 2‬أجمد قا�سم‪ ،‬امل�س�ؤولية املجتمعية ودورها يف التقدم والنهو�ض‪.‬‬
‫‪3 Site AFNOR, La norme ISO 26000 en quelques mots, http://www.afnor.org/profils/‬‬
‫‪centre-d-interet/rse-iso-26000/la-norme-iso-26000-en-quelques-mots.‬‬

‫‪4 Lemercier, la Responsabilité sociale des entreprises, Association membre de l’Union‬‬


‫‪sociale pour l’habitat, 2006, p. 2.‬‬

‫(نقال عن �أزهري الطيب الفكي �أحمد‪ ،‬ال�رشاكة وامل�س�ؤولية املجتمعية للم�ؤ�س�سات املالية املاهية واملجاالت‬
‫والتطور التاريخى)‪.‬‬
‫‪� 5‬أجمد قا�سم‪ ،‬امل�س�ؤولية املجتمعية ودورها يف التقدم والنهو�ض‪...‬‬
‫حممد �أحمد �شاهني‪ ،‬امل�س�ؤولية املجتمعية يف اجلامعات العربية‪ ،‬جامعة القد�س املفتوحة منوذجا‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫املو�سوعة العربية العاملية‪ ،6333 ،‬اجلزء ‪� ،7‬ص‪.08 .‬‬ ‫‪7‬‬

‫زرزار العيا�شي‪ ،‬امل�س�ؤولية املجتمعية للجامعات العربية‪ :‬الواقع والتحديات‪� ،‬ص‪.45-44 .‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪ 9‬خالد عوا�ض عبد اهلل الثبيتي‪ ،‬دور �أق�سام الإدارة الرتبوية باجلامعات ال�سعودية يف حتقيق امل�س�ؤولية‬
‫االجتماعية‪� ،‬ص‪.51 .‬‬
‫املرجع نف�سه‪� ،‬ص‪.12 .‬‬ ‫‪10‬‬

‫حممد �أحمد �شاهني‪ ،‬امل�س�ؤولية املجتمعية يف اجلامعات العربية‪� ،‬ص‪.4 .‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪ 12‬خالد عوا�ض عبد اهلل الثبيتي‪ ،‬دور �أق�سام الإدارة الرتبوية باجلامعات ال�سعودية يف حتقيق امل�س�ؤولية‬
‫االجتماعية‪� ،‬ص‪.51 .‬‬
‫‪� 13‬سامي الكيالين‪« ،‬اخلدمة املجتمعية املبنية على حقوق الإن�سان‪ :‬جتربة جامعة النجاح الوطنية يف امل�س�ؤولية‬
‫املجتمعية»‪ ،‬ورقة عمل مقدمة مل�ؤمتر امل�س�ؤولية املجتمعية للجامعات الفل�سطينية‪ ،‬نابل�س‪2011 ،‬م‪ .‬وانظر‬
‫�أي�ضا‪ :‬خالد عوا�ض عبد اهلل الثبيتي‪ ،‬دور �أق�سام الإدارة الرتبوية باجلامعات ال�سعودية يف حتقيق امل�س�ؤولية‬
‫االجتماعية‪� ،‬ص‪.51 .‬‬
‫‪ 14‬اخرتنا جامعة قطر مثاال ل�سببني على الأقل‪� :‬أوال‪ .‬نظرا �إىل عملنا يف هذه اجلامعة ل�سنوات ووقوفنا على عالقة‬
‫اجلامعة مبحيطها‪ ،‬وثانيا‪ .‬نظرا �إىل ترتيبها امل�رشف بني اجلامعات العربية والعاملية‪.‬‬
‫حتمل اجلامعات الأردنية اخلا�صة للم�س�ؤولية املجتمعية من وجهة نظر‪� ،‬ص‪.9 .‬‬
‫درجة ّ‬ ‫‪15‬‬

‫اخلطة اال�سرتاتيجية جلامعة قطر‪� ،2016-2013 ،‬ص‪.25 .‬‬ ‫‪16‬‬

‫املرجع نف�سه‪� ،‬ص‪.25 .‬‬ ‫‪17‬‬

‫املرجع نف�سه‪� ،‬ص‪.9 .‬‬ ‫‪18‬‬

‫اخلطة اال�سرتاتيجية‪� ،2022-2018 ،‬ص‪.11 .‬‬ ‫‪19‬‬

‫‪246‬‬
‫م�ؤ�س�سات التعليم العايل العربية وامل�س�ؤولية املجتمعية ‪ :‬جامعة قطر منوذجا‬

‫املرجع نف�سه‪� ،‬ص‪.14 .‬‬ ‫‪20‬‬

‫املرجع نف�سه‪� ،‬ص‪.14 .‬‬ ‫‪21‬‬

‫املرجع نف�سه‪ ،‬ال�صفحة نف�سها‪.‬‬ ‫‪22‬‬

‫‪23‬‬ ‫‪http://www.qu.edu.qa/newsroom/Qatar-University/‬‬

‫‪24‬‬ ‫‪http://qapco.com/ar/sustainability/community/education/‬‬

‫‪25‬‬ ‫‪http://qapco.com/ar/sustainability/community/education/‬‬

‫‪26‬‬ ‫‪Ibid.‬‬

‫‪27‬‬ ‫‪http://www.al-watan.com/‬‬

‫املراجع‬
‫�أزهري الطيب الفكي �أحمد‪ ،‬ال�رشاكة وامل�س�ؤولية املجتمعية للم�ؤ�س�سات املالية‪ :‬املاهية واملجاالت‬
‫والتطور التاريخى‪ ،‬امل�ؤمتر العاملي لل�رشاكة وامل�س�ؤولية املجتمعية للم�ؤ�س�سات وامل�صارف‬
‫الإ�سالمية‪ ،‬قطر‪2018 ،‬م‪.‬‬
‫خالد عوا�ض عبد اهلل الثبيتي‪« ،‬دور �أق�سام الإدارة الرتبوية باجلامعات ال�سعودية يف حتقيق‬
‫امل�س�ؤولية االجتماعية»‪ ،‬جملة جامعة طيبة للعلوم الرتبوية‪ ،‬املجلد ‪ ،10‬العدد ‪� ،1‬ص‪.215 .‬‬
‫اخلطة اال�سرتاتيجية جلامعة قطر‪.2016-2013 ،‬‬
‫اخلطة اال�سرتاتيجية جلامعة قطر‪.2022-2018 ،‬‬
‫زرزار العيا�شي‪ ،‬امل�س�ؤولية املجتمعية للجامعات العربية‪ :‬الواقع والتحديات‪ ،‬جامعة‪ ،‬املجلد ‪،19‬‬
‫العدد ‪� ،2015 ،2‬ص‪.52-27 .‬‬
‫�سامي الكيالين‪« ،‬اخلدمة املجتمعية املبنية على حقوق الإن�سان‪ :‬جتربة جامعة النجاح الوطنية يف‬
‫امل�س�ؤولية املجتمعية»‪ ،‬ورقة عمل مقدمة مل�ؤمتر امل�س�ؤولية املجتمعية للجامعات الفل�سطينية‪،‬‬
‫نابل�س‪.2011 ،‬‬
‫مقدم وهيبة‪ ،‬تقييم مدى ا�ستجابة منظمات الأعمال يف اجلزائر للم�س�ؤولية االجتماعية‪ ،‬ر�سالة‬
‫مقدمة لنيل �شهادة الدكتوراه يف علوم الت�سيري‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬كلية العلوم االقت�صادية‬
‫والتجارية وعلوم الت�سيري‪.2014-2013 ،‬‬
‫املو�سوعة العربية العاملية‪ ،6333 ،‬اجلزء ‪� ،7‬ص‪.08 .‬‬
‫‪247‬‬
‫حافظ �إ�سماعيلي علوي‬

Lemercier, la Responsabilité sociale des entreprises, Association membre


de l’Union sociale pour l’Habitat, 2006.
The World Bank, Beyond Corporate Social Responsibility: The Scope for
Corporate Investment in Community Driven Development, Repor t
N° 37379-GLB, March 2007, p. 1.

‫• مواقع �إلكرتونية‬
2015 ‫ دي�سمرب‬10 ‫ ن�رش بتاريخ‬،‫ امل�س�ؤولية املجتمعية ودورها يف التقدم والنهو�ض‬،‫�أجمد قا�سم‬
http://al3loom.com/?p=15825 :‫على موقع‬

‫ جامعة القد�س املفتوحة‬،‫ امل�س�ؤولية املجتمعية يف اجلامعات العربية‬،‫حممد �أحمد �شاهني‬


:‫ على املوقع‬،2012 ،‫منوذجا‬
http://www.yacoubnasereddin.com/site_media/media_downloads/18.pdf

‫ «درجة حتمل اجلامعات الأردنية‬،)2013( ‫ احليلة حممد‬،‫ �شقوارة �سناء‬،‫نا�رص الدين يعقوب‬
‫ تاريخ حتميل الدرا�سة‬،»‫اخلا�صة للم�س�ؤولية املجتمعية من وجهة نظر قادة املجتمع املحلي‬
:‫ على الرابط‬2016/12/14
http://www.yacoubnasereddin.com/site_media/media_downloads/18.pdf
http://qapco.com/ar/sustainability/community/education/
http://qapco.com/ar/sustainability/community/education/
http://www.al-watan.com/
http://www.qou.edu/arabic/conferences
http://www.qu.edu.qa/newsroom/Qatar-University/
Site AFNOR, La norme ISO 26000 en quelques mots, http://www.afnor.org/profils/
centre-d-interet/rse-iso-26000/la-norme-iso-26000-en-quelques-mots.

248
‫م�ؤ�شرات تقييم �أداء م�ؤ�س�سات التعليم العايل‬
‫ومتطلبات الإ�صالح‪ :‬قراءة يف واقع الدول العربية‬
‫�ضمن ت�صنيف ‪ARWU‬‬

‫بوبكر بدا�ش واحممد بوقرة‬

‫امللخ�ص‬
‫تعترب م�س�ألة تقييم �أداء م�ؤ�س�سات التعليم العايل من امل�سائل ال�صعبة والتي تتميز بح�سا�سية عالية‬
‫نظرا الرتباطها املبا�رش مب�س�ألة التنمية الب�رشية ومب�س�ألة تكوين املورد الب�رشي الذي يت�أثر ب�شدة‬
‫بالعديد من العوامل واملتغريات ال �سيما بال�سيا�سات واال�سرتاتيجيات التي تتبناها احلكومات‬
‫واجلهات الو�صية‪.‬‬
‫ويعترب ا�ستقرار هذه ال�سيا�سات وما ينتج عنها من �أهداف طويلة املدى من العوامل التي ت�ؤدي �إىل‬
‫حت�سني الأداء يف م�ؤ�س�سات التعليم العايل واحل�صول على مكانة متقدمة �ضمن خمتلف الت�صنيفات‬
‫العاملية‪ ،‬ذلك �أن حت�سني الأداء يتوقف ب�شكل �أ�سا�سي على �رضورة تفعيل دور البحث العلمي يف‬
‫اجلامعات والعمل على ترقية الأداء العلمي والبيداغوجي للأ�ستاذ اجلامعي‪.‬‬
‫ومما تقدم‪ ،‬قمنا من خالل هذه الورقة البحثية بعر�ض واقع الدول العربية �ضمن امل�ؤ�رشات‬
‫الأ�سا�سية للتنمية الب�رشية وم�ؤ�رشات قيا�س الأداء يف م�ؤ�س�سات التعليم العايل حتى يت�سنى لنا‬
‫البحث يف مدى اال�ستجابة �إىل متطلبات �إ�صالح منظومة التعليم العايل من خالل الك�شف على‬
‫م�ستويات النوعية واجلودة التي تتميز بهما اجلامعات العربية ومقارنتها بتلك امل�سجلة يف‬
‫م�ؤ�س�سات التعليم العايل للدول املتقدمة‪.‬‬
‫« ‪Academic Ranking of World‬‬ ‫ومت االعتماد لهذا الغر�ض على ت�صنيف ‪ ARWU‬للجامعات‬
‫‪ »Universities‬العتبار �أنه من املعايري املعتمدة ب�شدة نظرا الرتكازه على م�ستويات �أداء البحث‬
‫العلمي ونتائجه وعلى م�ستويات التعليم ونظرا العتماده على منهجية اعتربها اخلرباء �أنها ذات‬
‫م�صداقية عالية حيث ت�أ�س�ست على جمموعة من املعايري ذات الأوزان املختلفة‪ ،‬ومع اختالف هذه‬
‫الأوزان يظهر التباين يف الأهمية ودرجة الت�أثري على ترتيب اجلامعات‪.‬‬
‫بوبكر بدا�ش واحممد بوقرة‬

‫وانطالقا مما �سبق‪ ،‬ركزت الورقة البحثية على حماور �أ�سا�سية وهي‪:‬‬
‫• عر�ض واقع التنمية الب�رشية يف الدول العربية من خالل م�ؤ�رشات التعليم العايل؛‬
‫• عر�ض وحتليل املكونات الأ�سا�سية لقيا�س م�ؤ�رشات تقييم �أداء م�ؤ�س�سات التعليم العايل؛‬
‫• تقييم �أداء م�ؤ�س�سات التعليم العايل يف الدول العربية بالرجوع �إىل معايري «‪.»ARWU‬‬

‫مقدمة‬

‫ي�ساهم التعليم العايل ب�شكل ملفت يف حتقيق التنمية االقت�صادية واالجتماعية من خالل م�ساهمته يف‬
‫تعليم وتكوين املورد الب�رشي الذي ترتكز عليه العملية الإنتاجية‪ ،‬حيث يظهر هذا الدور من خالل‬
‫العالقة الرتابطية الكبرية بني م�ؤ�رشات التعليم وم�ؤ�رشات التنمية الب�رشية‪.‬‬

‫وقد �شكلت م�س�ألة التعليم وحت�سني �أداء م�ؤ�س�ساته‪ ،‬خا�صة يف امل�ستوى العايل‪ ،‬حمورا للعديد‬
‫من الدرا�سات التي ا�ستهدفت �سبل وكيفيات �ضمان اجلودة وتطوير الأداء وذلك من خالل حث‬
‫القائمني على الإدارة والت�سيري على �إيجاد وو�ضع الآليات الالزمة يف �سبيل متكني م�ؤ�س�سات‬
‫التعليم العايل يف الدول العربية من حت�سني الأداء واحل�صول على االعتماد الأكادميي العاملي‪ ،‬وهو‬
‫�أمر ال ي�ستبعد �رضورة الإ�صالح الذي ينطلق بداية من التقييم والك�شف عن مواطن اخللل الذي‬
‫جعلها تقبع يف م�ؤخرة الرتتيب لكل ت�صنيف �أكادميي عاملي‪.‬‬

‫وباحلديث عن الت�صنيف الأكادميي العاملي مل�ؤ�س�سات التعليم العايل‪ ،‬تُ�شكل �إ�صداراته حالة من‬
‫الرتقب بهدف التعرف على نتائج الإ�صالح واملدى الذي بلغته جودة التعليم باملقارنة مع �أعرق‬
‫اجلامعات يف العامل‪� ،‬إال �أنه وعلى الرغم من جهود الإ�صالح التي بذلت يف ال�سابق‪ ،‬ال يزال نظام‬
‫التعليم يف الدول العربية يرتنح حتت وط�أة العديد من امل�شكالت وعلى ر�أ�سها عدم التج�سيد العملي‬
‫لكل ما قيل عن �إ�صالح منظومة التعليم ل�سبب عدم وجود ا�سرتاتيجية وا�ضحة املعامل تعطي‬
‫الأولوية جلودة التعليم ونوعيته قبل الكم‪.‬‬

‫انطالقا مما �سبق‪ ،‬ركزت �إ�شكالية الورقة على البحث يف مدى م�ساهمة عملية تقييم الأداء يف‬
‫م�ؤ�س�سات التعليم العايل يف �ضمان وحت�سني جودة التعليم وحتقيق التميز‪ ،‬ودور و�أهمية الت�صنيف‬
‫الأكادميي يف الوقوف على متطلبات الإ�صالح يف نظام التعليم العايل يف الدول العربية‪.‬‬
‫‪250‬‬
‫م�ؤ�رشات تقييم �أداء م�ؤ�س�سات التعليم العايل ومتطلبات الإ�صالح‬

‫وبغر�ض درا�سة وحتليل هذه الإ�شكالية مت االعتماد على حماور �أ�سا�سية �أمكنتنا من التنقل بني‬
‫�أجزاء املو�ضوع ب�شكل مت�سل�سل وتدريجي وذلك كما يلي‪:‬‬
‫• �سيتم التطرق من خالل املحور الأول �إىل متابعة و�ضع الدول العربية يف دليل التنمية‬
‫الب�رشية من خالل عر�ض م�ؤ�رش التعليم وم�ستوياته باعتباره مكونا رئي�سيا يف عملية‬
‫القيا�س والتقييم‪.‬‬
‫• �أما املحور الثاين ف�سيت�ضمن حتليل و�ضع الدول العربية يف م�ؤ�رشات التعليم والوقوف على‬
‫واقع م�ستويات التعليم بها باملقارنة مع املتو�سط العاملي واملجموعات االقت�صادية الأخرى‪.‬‬
‫• و�سيتم من خالل املحور الثالث عر�ض �أهم امل�ؤ�رشات التي ت�ستند �إليها عملية تقييم �أداء‬
‫م�ؤ�س�سات التعليم العايل باعتبارها الهيئة التي ت�رشف على التكوين والتعليم والعوامل‬
‫املحيطة ب�رضورة التقييم والإمكانات املتاحة والتي ت�ستهدف �إ�صالح نظام التعليم‬
‫وحت�سني وتطوير جودة الأداء وجودة التعليم والتكوين‪.‬‬
‫• و�أما بالن�سبة للمحور الرابع ف�سي�أتي فيه عر�ض وحتليل لدليل الت�صنيف الأكادميي‬
‫مل�ؤ�س�سات التعليم العايل «‪ »ARWU‬املعروف يف الأو�ساط اجلامعية والإعالمية مب�صداقيته‬
‫و�صدق نتائجه حيث �سيتم الرتكيز على و�ضع م�ؤ�س�سات التعليم العربية يف الرتتيب العاملي‬
‫للتدقيق يف واقع �إ�صالحات وجودة نظام التعليم العايل‪.‬‬

‫وقد مت االعتماد على جمموعة من الأدوات للتطرق �إىل كل املحاور ال�سابقة ودرا�سة املو�ضوع‪،‬‬
‫وتتمثل �أ�سا�سا يف تقارير الأمم املتحدة حول التنمية الب�رشية وواقع التعليم يف العامل ويف الدول‬
‫العربية حتديدا للوقوف على م�ستويات التعليم والقيام بعملية املقارنة‪ ،‬كما مت االعتماد على‬
‫التقارير ال�صادرة عن بع�ض الهيئات املتخ�ص�صة يف متابعة واقع التعليم وجودته خا�صة يف الدول‬
‫العربية‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل ذلك‪ ،‬الإ�صدارات احلديثة للت�صنيف الأكادميي العاملي مل�ؤ�س�سات التعليم‬
‫العايل الذي �سيمكننا من مطابقة جهود الإ�صالح مع واقع نظام التعليم العايل يف الدول العربية‪.‬‬

‫بالإ�ضافة �إىل ما �سبق توجد جمموعة هامة من الدرا�سات ال�سابقة التي تناولت بتحليل هذا‬
‫املو�ضوع �أو �أجزاء منه حيث نخ�ص بالذكر الدرا�سات التالية‪:‬‬
‫‪251‬‬
‫بوبكر بدا�ش واحممد بوقرة‬

‫�أوال‪ :‬درا�سة هالة عبد القادر �صربي والتي حتمل عنوان‪« :‬جودة التعليم العايل ومعايري االعتماد‬
‫الأكادميي»‪ ،‬وهي عبارة عن مقال مت ن�رشه يف املجلة العربية ل�ضمان جودة التعليم اجلامعي‪،‬‬
‫العدد ‪ ،4‬ال�صادر �سنة ‪.2009‬‬

‫ثانيا‪ :‬الدرا�سة ال�صادرة عن املركز الإقليمي للجودة والتميز يف التعليم املنبثق عن منظمة الأمم‬
‫املتحدة للرتبية والعلم والثقافة حتت عنوان‪« :‬اخلطة الإ�سرتاتيجية العامة للمركز الإقليمي‬
‫للجودة والتميز للفرتة ‪ ،2015-2020‬والتي جاء فيها م�ؤ�رشات قيا�س الأداء يف قطاع التعليم‬
‫ونظم الإدارة التعليمية وال�سيا�سات املتبعة لدعم التميز‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الدرا�سة ال�صادرة عن رئا�سة جامعة حممد اخلام�س باململكة املغربية والتي حتمل عنوان‪:‬‬
‫«دليل م�ؤ�رشات تقييم اجلودة»‪ ،‬ال�صادرة يف �أكتوبر �سنة ‪.2009‬‬
‫‪Royaume du Maroc, Université Mohamed V (la Présidence), « Guide des‬‬
‫‪indicateurs de performance », octobre 2009.‬‬

‫وهي درا�سة قيمة ت�ضمنت بالتف�صيل جملة من املعايري ذات ال�صلة بالتقييم الذاتي للأداء يف‬
‫امل�ؤ�س�سة اجلامعية‪.‬‬

‫�أوال‪ :‬و�ضع الدول العربية يف دليل التنمية الب�شرية‬

‫يتم تقييم وقيا�س درجة تقدم �أي دولة �أو منطقة �إىل �رضورة معرفة م�ؤ�رشات التنمية الب�رشية‪،‬‬
‫وحيث حتتاج هذه الأخرية �إىل �رضورة درا�سة وتتبع �أداء مكوناتها الفرعية‪ ،‬ال�صحة والتعليم‬
‫والدخل‪ ،‬ف�إن م�س�ألة قيا�س م�ؤ�رشات التعليم العايل تعترب م�س�ألة بالغة الأهمية على اعتبار �أن ذلك‬
‫�سيمكننا من الوقوف على م�ستويات التعلم والثقافة لل�سكان ب�شكل عام‪ ،‬وم�ستوى املورد الب�رشي‬
‫ب�شكل خا�ص من حيث الكفاءة وامل�ؤهالت والقدرات العلمية والعملية واملهنية‪.‬‬

‫‪ .1‬قراءة يف التوجهات العامة مل�ؤ�شر التنمية الب�شرية‬


‫ترتكز عملية قيا�س �أو تقييم م�ؤ�رشات التنمية الب�رشية على �رضورة درا�سة وحتليل وتتبع‬
‫العنا�رص الأ�سا�سية التي يجمعها ال�شكل التايل‪:‬‬
‫‪252‬‬
‫م�ؤ�رشات تقييم �أداء م�ؤ�س�سات التعليم العايل ومتطلبات الإ�صالح‬

‫ال�شكل رقم ‪ : 1‬املكونات الأ�سا�سية لقيا�س م�ؤ�شر التنمية الب�شرية‬

‫متو�سط الدخل‬ ‫•‬

‫متو�سط �سنوات الدرا�سة‬ ‫•‬

‫متو�سط العمر املتوقع منذ الوالدة‬ ‫•‬


‫م�ؤ�رشات التنمية‬
‫الب�رشية‬

‫ امل�صدر‪ :‬من جتميع الباحث بناء على م�ضامني تقارير الأمم املتحدة للتنمية الب�رشية ال�صادرة منذ �سنة ‪.2012‬‬

‫و�أمكنت نتائج قيا�س م�ؤ�رش التنمية الب�رشية يف �سنة ‪ 2016‬من �إعداد ترتيب وت�صنيف للدول‬
‫ح�سب قوة �أو �ضعف درجة التنمية وفق �أربعة جمموعات متفاوتة من حيث قيمة امل�ؤ�رش وذلك‬
‫كما يلي‪:‬‬

‫‪2016‬‬ ‫ال�شكل رقم ‪ : 2‬ت�صنيف م�ستويات التنمية الب�شرية ل�سنة‬

‫‪2016‬‬ ‫قيمة امل�ؤ�رش يف �سنة‬ ‫م�ستويات التنمية الب�رشية‬ ‫•‬

‫‪ 0,80‬ف�أكرث‬ ‫• تنمية ب�رشية مرتفعة جدا‬


‫‪0,80-0,70‬‬ ‫تنمية ب�رشية مرتفعة‬ ‫•‬

‫‪0,70-0,55‬‬ ‫تنمية ب�رشية متو�سطة‬ ‫•‬

‫‪0,55-0,35‬‬ ‫تنمية ب�رشية منخف�ضة‬ ‫•‬

‫امل�صدر‪ :‬من جتميع الباحث بناء على‪ :‬منظمة الأمم املتحدة‪ ،‬تقرير التنمية الب�رشية ل�سنة ‪� ،2016‬ص‪.34 .‬‬

‫وبالرجوع �إىل تقرير الأمم املتحدة للتنمية الب�رشية ل�سنة ‪ 2016‬متت مالحظة �أن عدد الدول ارتفع‬
‫يف �أعلى م�ستوى يف الت�صنيف امل�شار �إليه �سابقا‪ ،‬كما �أن عدد الدول انخف�ض يف �أ�سفله وذلك عند‬
‫�إجراء مقارنة بني م�ؤ�رشات التنمية الب�رشية ل�سنة ‪ 1990‬وم�ؤ�رشات �سنة ‪ 2013‬وكذا ل�سنة ‪2016‬‬

‫وهو ما يظهره ال�شكل التايل‪:‬‬


‫‪253‬‬
‫بوبكر بدا�ش واحممد بوقرة‬

‫‪2016-1990‬‬ ‫ال�شكل رقم ‪ : 3‬تطور عدد الدول يف م�ؤ�شرات التنمية الب�شرية خالل الفرتة‬

‫عدد الدول‬

‫تنمية ب�رشية مرتفعة جدا‬


‫تنمية ب�رشية مرتفعة‬
‫تنمية ب�رشية متو�سطة‬
‫تنمية ب�رشية منخف�ضة‬

‫امل�صدر‪ :‬جتميع الباحث بناء على تقرير التنمية الب�رشية ل�سنوات ‪.2016 ،2014 ،2012‬‬

‫ويف نف�س ال�سياق دائما‪ ،‬وبالرجوع �إىل املتو�سط العاملي مل�ؤ�رش التنمية الب�رشية‪ ،‬يظهر ال�شكل‬
‫التايل التح�سن امل�ستمر الذي مت ت�سجيله يف امل�ؤ�رش حيث انتقل من ‪ 0,59‬نقطة �إىل ‪ 0,71‬نقطة وذلك‬
‫خالل الفرتة املمتدة من �سنة ‪ 1990‬حتى �سنة ‪.2015‬‬

‫‪2016-1990‬‬ ‫ال�شكل رقم ‪ : 4‬تطور املتو�سط العاملي مل�ؤ�شر التنمية الب�شرية خالل الفرتة‬

‫املتو�سط العاملي‬
‫امل�صدر‪ :‬من جتميع الباحث تقرير التنمية الب�رشية ل�سنوات ‪.2016 ،2014 ،2012‬‬

‫ويعزى التح�سن امل�سجل يف م�ؤ�رشات التنمية الب�رشية للعامل ب�شكل عام وللدول العربية ب�شكل‬
‫خا�ص‪� ،‬إىل حت�سن الأو�ضاع ال�صحية لل�سكان مما �أدى �إىل حت�سن متو�سط العمر املتوقع‪ ،‬وارتفاع‬
‫م�ستويات التعليم‪ ،‬مع عدم جتاهل التح�سن امل�سجل يف م�ستويات الدخل كما يظهره‪.‬‬
‫‪254‬‬
‫م�ؤ�رشات تقييم �أداء م�ؤ�س�سات التعليم العايل ومتطلبات الإ�صالح‬

‫‪ .2‬و�ضع الدول العربية يف م�ؤ�شرات التنمية الب�شرية‬

‫�سعت الدول العربية مثل باقي الدول �إىل اعتماد ا�سرتاتيجيات تنموية ت�ستهدف النهو�ض مبختلف‬
‫القطاعات االقت�صادية واالجتماعية‪ ،‬ال �سيما القطاعات ذات ال�صلة املبا�رشة بالتنمية الب�رشية‬
‫كال�صحة والتعليم وتعزيز القدرة ال�رشائية للمواطن‪ .‬وقد �أظهرت البيانات ال�صادرة عن الأمم‬
‫املتحدة �أن �أداء الدول العربية يف م�ؤ�رش التنمية الب�رشية حت�سن ب�شكل ملفت خالل الفرتة املمتدة‬
‫من �سنة ‪ 1990‬حتى �سنة ‪ ،2015‬حيث انتقل من ‪� 0,49‬إىل ‪ 0,68‬نقطة وهو �أمر يدل على حجم‬
‫الإ�صالح الذي قامت به الدول العربية والتطور امل�سجل يف �أداء القطاعات الفرعية التي تدخل يف‬
‫قيا�س امل�ؤ�رش‪.‬‬

‫وعلى الرغم من كل هذه اجلهود‪ ،‬وعلى الرغم من كل هذا التح�سن امل�سجل �إال �أن م�ؤ�رش الدول‬
‫العربية يبقى مت�أخرا قليال باملقارنة مع املتو�سط العاملي وهو ما يو�ضحه ال�شكل التايل‪:‬‬

‫ال�شكل رقم ‪ : 5‬تطور م�ؤ�شر التنمية الب�شرية يف الدول العربية مقارنة باملتو�سط العاملي‬
‫خالل الفرتة ‪2016-1990‬‬

‫املتو�سط العاملي‬
‫الدول العربية‬

‫امل�صدر‪ :‬جتميع الباحث بناء على‪ :‬منظمة الأمم املتحدة‪ ،‬تقرير التنمية الب�رشية ل�سنوات ‪.2016 ،2014 ،2012‬‬

‫وبالرجوع �إىل م�ستويات التنمية الب�رشية‪� ،‬أظهرت هذه البيانات �أنه ميكن ت�صنيف الدول‬
‫العربية يف م�ستوى الدول ذات التنمية املتو�سطة حيث ينتمي امل�ؤ�رش �إىل املجال [‪]0,70-0,55‬‬

‫(�أنظر ال�شكل رقم ‪.)02‬‬


‫‪255‬‬
‫بوبكر بدا�ش واحممد بوقرة‬

‫�أما باملقارنة مع باقي املجموعات الأخرى يف �سنة ‪ ،2016‬ف�إن امل�ؤ�رش يعك�س الو�ضعية املت�أخرة‬
‫ملجموعة الدول العربية حيث حتتل املرتبة اخلام�سة �ضمن �سبعة جمموعات اقت�صادية (‪ ،)7/5‬يف‬
‫الوقت الذي تتقدم الرتتيب جمموعة دول منظمة التعاون االقت�صادي والتنمية مب�ؤ�رش قوي و�صل‬
‫حدود ‪ 0,887‬نقطة مما يجعل م�ستوى التنمية فيها ي�صنف كتنمية ب�رشية مرتفعة جدا‪ ،‬وحيث‬
‫تت�أخر جمموعة دول جنوب ال�صحراء الإفريقية مب�ؤ�رش قدره ‪ 0,523‬نقطة مما يجعلها ت�صنف‬
‫�ضمن م�ستوى التنمية الب�رشية املنخف�ضة‪.‬‬

‫وتت�صدر دولة الرنويج الرتتيب العاملي بواقع ‪ 0,949‬نقطة وتليها كل من �أ�سرتاليا و�سوي�رسا‪،‬‬
‫وجاءت الواليات املتحدة الأمريكية يف الرتتيب العا�رش مب�ؤ�رش قدره ‪ 0,920‬نقطة‪.‬‬

‫�أما بالن�سبة للدول العربية‪ ،‬ف�إن �أح�سنها ترتيبا هي دولة قطر حيث جاءت يف املرتبة ‪ 33‬عامليا‬
‫ومب�ؤ�رش و�صل �إىل ‪ 0,856‬نقطة وتليها كل من اململكة العربية ال�سعودية فدولة الإمارات املتحدة‬
‫والبحرين وكلها دول مت ت�صنيفها �ضمن م�ستوى التنمية الب�رشية املرتفعة جدا‪ .‬وفيما يلي �شكل‬
‫يظهر مقارنة بني م�ؤ�رش التنمية الب�رشية يف الدول العربية وباقي املجموعات االقت�صادية الأخرى‪.‬‬

‫ال�شكل رقم ‪ : 6‬تطور م�ؤ�شر التنمية الب�شرية يف الدول العربية مقارنة مع املجموعات‬
‫االقت�صادية الأخرى �سنة ‪2016‬‬

‫املتو�سط العاملي‬
‫�إفريقيا جنوب ال�صحراء‬
‫جنوب �آ�سيا‬
‫الدول العربية‬
‫�رشق �آ�سيا واملحيط الهادي‬
‫�أمريكا الالتينية والبحر الكاريبي‬
‫�أوروبا و�آ�سيا الو�سطى‬
‫منظمة التعاون االقت�صادي والتنمية‬

‫امل�صدر‪ :‬جتميع الباحث بناء على منظمة الأمم املتحدة‪ ،‬تقرير التنمية الب�رشية ‪.2016‬‬

‫‪256‬‬
‫م�ؤ�رشات تقييم �أداء م�ؤ�س�سات التعليم العايل ومتطلبات الإ�صالح‬

‫وبالن�سبة للدول العربية دائما‪� ،‬أظهرت بيانات التقرير �أنه ميكن تق�سيمها �إىل ثالثة جمموعات‬
‫اقت�صادية‪ :‬جمموعة دول اخلليج العربي‪ ،‬جمموعة دول املغرب العربي وجمموعة دول امل�رشق‬
‫العربي‪ ،‬وهي خمتلفة ومتباينة فيما يتعلق مب�ؤ�رشات التنمية الب�رشية‪ ،‬حيث �أظهرت دول اخلليج‬
‫جناحا ملفتا من حيث متكنها من ت�سجيل م�ؤ�رشات عالية جدا جتاوزت املتو�سط العاملي بواقع‬
‫‪ 0,79‬نقطة‪ ،‬بينما �سجلت باقي املجموعات م�ؤ�رشات �أقل (�أنظر ال�شكل التايل)‪.‬‬

‫‪2016‬‬ ‫ال�شكل رقم ‪ :7‬م�ؤ�شر التنمية الب�شرية ح�سب املجموعات العربية �سنة‬

‫جمموعة دول‬ ‫جمموعة دول‬ ‫جمموعة دول‬ ‫املتو�سط العاملي‬


‫امل�رشق العربي‬ ‫املغرب العربي‬ ‫اخلليج العربي‬
‫امل�صدر‪ :‬جتميع الباحث بناء على منظمة الأمم املتحدة‪ ،‬تقرير التنمية الب�رشية ‪.2016‬‬

‫ثانيا‪ :‬و�ضع الدول العربية يف م�ؤ�شرات التعليم‬

‫لقد متت الإ�شارة �سابقا �إىل �أن طريقة قيا�س م�ؤ�رش التنمية الب�رشية هي عبارة عن عملية مركبة‬
‫بني عدة م�ؤ�رشات فرعية �أخرى‪ ،‬حيث يحظى التعليم فيها ب�أهمية بالغة وت�أثري كبري على توجيه‬
‫م�ستوى التنمية الب�رشية (راجع اجلدول التايل)‪.‬‬

‫‪257‬‬
‫بوبكر بدا�ش واحممد بوقرة‬

‫‪2016‬‬ ‫اجلدول رقم ‪ : 1‬املتو�سط العاملي مل�ؤ�شر للتنمية الب�شرية ومكوناته الرئي�سية يف �سنة‬
‫متو�سط‬ ‫العدد املتوقع‬
‫ن�صيب الفرد‬ ‫دليل التنمية العمر املتوقع‬
‫�سنوات‬ ‫ل�سنوات‬
‫من الدخل القومي‬ ‫عند الوالدة‬ ‫الب�شرية‬
‫الدرا�سة‬ ‫الدرا�سة‬
‫‪14,447‬‬ ‫‪8,3‬‬ ‫‪12,3‬‬ ‫‪71,6‬‬ ‫‪0,717‬‬ ‫القيمة‬
‫مبا يعادل‬ ‫�سنة‬ ‫�سنة‬ ‫�سنة‬ ‫نقطة‬ ‫الوحدة‬
‫القوة ال�رشائية لـ ‪$‬‬
‫�سنة ‪2011‬‬

‫تنمية متو�سطة تنمية مرتفعة تنمية مرتفعة تنمية مرتفعة‬ ‫امل�ستوى‬


‫امل�صدر‪ :‬جتميع الباحث من خالل االعتماد على تقرير التنمية الب�رشية ل�سنة ‪� ،2016‬ص‪.203 .‬‬

‫ويتم قيا�س م�ؤ�رش التعليم بناء على �أ�سا�س العدد املتوقع ل�سنوات الدرا�سة وكذا متو�سط �سنوات‬
‫الدرا�سة‪ ،‬فكلما كانا �أكرب كلما كان م�ؤ�رش التنمية �أف�ضل كما يظهره اجلدول التايل‪:‬‬

‫‪2016‬‬ ‫ال�شكل رقم ‪ : 8‬ت�صنيف م�ستويات التنمية يف جمال التعليم �سنة‬

‫العدد املتوقع‬
‫متو�سط �سنوات الدرا�سة‬ ‫م�ستويات التنمية‬
‫ل�سنوات الدرا�سة‬
‫‪ 12,2‬ف�أكرث‬ ‫‪ 16,4‬ف�أكرث‬ ‫تنمية مرتفعة جدا‬
‫[‪]8,1-12,2‬‬ ‫[‪]13,8-16,4‬‬ ‫تنمية مرتفعة‬
‫[‪]6,6-8,1‬‬ ‫[‪]11,5-13,8‬‬ ‫تنمية متو�سطة‬
‫[‪]4,6-6,6‬‬ ‫[‪]9,3-11,5‬‬ ‫تنمية منخف�ضة‬
‫‪4,6‬‬ ‫�أقل من‬ ‫‪9,3‬‬ ‫�أقل من‬ ‫تنمية غري م�صنفة (كالت�شاد والنيجر مثال)‬
‫امل�صدر‪ :‬منظمة الأمم املتحدة‪ ،‬تقرير التنمية الب�رشية‪.2016 ،‬‬

‫وبالرجوع �إىل نتائج قيا�س متو�سط امل�ؤ�رش العاملي‪ ،‬ف�إن م�ستويات التعليم يتم ت�صنيفها بني‬
‫املتو�سطة واملرتفعة مما يعك�س تزايد االهتمام العاملي بالتمدر�س وبتح�سني امل�ستوى وفتح جمال‬
‫الدرا�سة �أمام �أكرث ال�رشائح ال�سكانية ومبختلف ال�صيغ‪.‬‬
‫‪258‬‬
‫م�ؤ�رشات تقييم �أداء م�ؤ�س�سات التعليم العايل ومتطلبات الإ�صالح‬

‫�أما بالن�سبة للدول العربية وبالنظر �إىل متو�سط �سنوات الدرا�سة‪ ،‬ف�إن م�ستوى التنمية يف جماالت‬
‫التعليم ت�صنف متو�سطة‪ ،‬وهو ما يطرح عدة ت�سا�ؤالت بخ�صو�ص جهود الإ�صالح وثمار �سنوات‬
‫طويلة من اال�سرتاتيجيات التنموية والتخطيط يف جماالت تطوير برامج التعليم والتدري�س‪.‬‬

‫وفيما يلي �شكل يعر�ض لنا مقارنة بني م�ؤ�رشات التعليم يف الدول العربية وباقي املجموعات‬
‫الأخرى‪.‬‬

‫ال�شكل رقم ‪ : 9‬و�ضع الدول العربية يف م�ؤ�شرات التعليم باملقارنة مع املجموعات الأخرى‬
‫�سنة ‪2016‬‬

‫العدد املوقع ل�سنوات الدرا�سة‬ ‫متو�سط �سنوات الدرا�سة‬

‫املتو�سط العاملي‬
‫�إفريقيا جنوب ال�صحراء‬
‫جنوب �آ�سيا‬
‫الدول العربية‬
‫�رشق �آ�سيا واملحيط الهادي‬
‫�أمريكا الالتينية والبحر الكاريبي‬
‫�أوروبا و�آ�سيا الو�سطى‬
‫منظمة التعاون االقت�صادي والتنمية‬
‫‪0‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪15‬‬

‫امل�صدر‪ :‬جتميع الباحث بناء على‪ :‬منظمة الأمم املتحدة‪ ،‬تقرير التنمية الب�رشية‪.2016 ،‬‬

‫وت�شري بيانات ال�شكل ال�سابق �إىل �أن م�ؤ�رشات التعليم للدول العربية باملقارنة مع املجموعات‬
‫الأخرى تعترب متوا�ضعة �سواء تعلق الأمر ب�سنوات الدرا�سة املتوقعة �أو تعلق باملتو�سط‪ ،‬حيث‬
‫احتلت �أي�ضا الرتتيب اخلام�س �ضمن �سبعة جمموعات اقت�صادية (‪ ،)5/7‬فهي مت�أخرة جدا عن‬
‫الدول املتقدمة ولي�ست �أف�ضل �إال من جمموعة دول �إفريقيا جنوب ال�صحراء وجمموعة دول جنوب‬
‫�آ�سيا‪.‬‬

‫‪259‬‬
‫بوبكر بدا�ش واحممد بوقرة‬

‫ثالثا‪ :‬حتليل املكونات الأ�سا�سية لقيا�س م�ؤ�شرات تقييم �أداء م�ؤ�س�سات‬


‫التعليم العايل‬
‫بالنظر �إىل �أن العامل ي�شهد من فرتة �إىل �أخرى تغريات عديدة وتطورا م�ستمرا يف منط اال�ستهالك‪،‬‬
‫لل�سلع كما للخدمات‪ .‬وباعتبار �أن خدمات التعليم تعترب من املتطلبات الأ�سا�سية للحياة الع�رصية‬
‫ويتنامى الطلب عليها با�ستمرار‪ ،‬ف�إن م�س�ألة �إعداد تقييم دوري لأداء م�ؤ�س�سات التعليم العايل‬
‫من امل�سائل الهامة واحل�سا�سة يف نف�س الوقت باعتبار �أنها على �صلة مبا�رشة بتكوين املورد‬
‫الب�رشي (راجع‪ :‬املركز الإقليمي للجودة والتميز يف التعليم (‪ )RCQE‬اخلطة الإ�سرتاتيجية العامة‬
‫‪.)2020-2015‬‬
‫ويعترب التزايد ال�سكاين مع ما يحمله من حتديات – حتى ال نقول من م�شكالت – وكذا التطور والتغري‬
‫يف متطلبات و�رشوط �سوق العمل‪ ،‬من امل�سائل التي ت�ؤخذ مبحمل اجلد ملا لذلك من �أثر مبا�رش على‬
‫�أداء م�ؤ�س�سات التعليم العايل املطالبة ب�رضورة مراجعة �رشوط و�سيا�سات االنتماء �إليها مع كل تزايد‬
‫يف الفئة التي تتوفر فيها ال�رشوط التي ت�سمح لها بااللتحاق بطور التعليم العايل‪.‬‬
‫لقد �أ�شارت العديد من الأبحاث والدرا�سات �إىل جمموعة من املعايري التي ميكنها �أن تعطينا �صورة‬
‫وا�ضحة عن �أداء م�ؤ�س�سات التعليم العايل ق�صد الوقوف على قدرات و�إمكانات تطويرها يف ظل‬
‫التغريات والتحديات التي يعرفها هذا القطاع‪ ،‬حيث كان الت�سا�ؤل دائما يحوم حول الكيفية التي‬
‫من خاللها ميكن مل�ؤ�س�سات التعليم العايل �أن حتافظ على م�ستوى الأداء وكيفية تطويره يف ظل‬
‫اال�ستجابة لتزايد الطلب على مقاعد الدرا�سة نتيجة للتزايد ال�سكاين من جهة‪ ،‬ونتيجة ملتطلبات‬
‫�سوق العمل من جهة �أخرى‪ ،‬حيث �أن حتقيق جودة التعليم العايل يتطلب �رضورة الوقوف على‬
‫جمموعة من العنا�رص املتداخلة وهي‪ :‬الهيئة الأكادميية‪ ،‬املباين واملرافق‪ ،‬الإدارة اجلامعية‪،‬‬
‫الربامج الأكادميية وت�أثري كل ذلك على م�ستويات الطلبة (هالة عبد القادر �صربي‪ ،‬املجلة العربية‬
‫ل�ضمان جودة التعليم اجلامعي‪� ،2009 ،‬ص‪.)154 .‬‬
‫وفيما يلي �شكل يت�ضمن بيانات عن واقع جودة التعليم االبتدائي والعايل يف الدول العربية‬
‫وترتيبها عامليا وعربيا‪ ،‬حيث ميكن الإ�شارة من باب الإن�صاف �إىل �أن جمموعة دول اخلليج ومن‬
‫بني املجموعات العربية الأخرى‪ ،‬مت ت�صنيفها �سابقا وحاليا �ضمن م�ستوى التنمية املرتفعة جدا‬
‫نظري ما حققته من �إ�صالحات و�إجنازات بخ�صو�ص منظومة وجودة التعليم االبتدائي والتعليم‬
‫العايل‪ ،‬وح�سب بيانات ال�شكل التايل‪ ،‬تتقدم دولة قطر ترتيب الدول العربية بخ�صو�ص جودة‬
‫التعليم كما جاء ترتيبها متقدما عامليا حيث حت�صلت على املرتبة الرابعة وهي �أف�ضل حتى من‬
‫‪260‬‬
‫م�ؤ�رشات تقييم �أداء م�ؤ�س�سات التعليم العايل ومتطلبات الإ�صالح‬

‫بع�ض الدول املتقدمة كفرن�سا و�أملانيا وتليها الإمارات املتحدة يف املرتبة الثانية عربيا واملرتبة‬
‫العا�رشة عامليا ثم لبنان ثالثا عربيا ويف املرتبة اخلام�سة والع�رشين عامليا (تقرير جودة التعليم‬
‫عامليا وعربيا يف‪.)www.aljazeera.net :‬‬

‫ال�شكل رقم ‪ : 10‬جودة التعليم عامليا وعربيا‬

‫‪www.aljazeera.net‬‬ ‫امل�صدر‪ :‬جودة التعليم عامليا وعربيا يف‪:‬‬

‫‪261‬‬
‫بوبكر بدا�ش واحممد بوقرة‬

‫وقد ا�شرتكت العديد من الأبحاث والدرا�سات يف �أن تقييم وتطوير الأداء يف م�ؤ�س�سات التعليم‬
‫العايل من خالل تركيزها على �أربعة عنا�رص �أ�سا�سية وهي خمت�رصة يف ال�شكل التايل‪:‬‬
‫ال�شكل رقم ‪ : 11‬املعايري الأ�سا�سية لتقييم الأداء يف م�ؤ�س�سات التعليم العايل‬

‫م�ؤ�شر التكوين‬

‫م�ؤ�شر االنفتاح‬ ‫م�ؤ�شر البحث والإبداع‬

‫م�ؤ�شر احلوكمة والت�سيري‬

‫‪Royaume du Maroc, Université Mohamed V (la Présidence),‬‬ ‫امل�صدر‪ :‬من جتميع الباحث اعتمادا على‬
‫‪« Guide des indicateurs de performance », octobre 2009‬‬

‫فبالن�سبة للتكوين فهو يعترب من الوظائف والأهداف الرئي�سية التي وجدت من �أجلها م�ؤ�س�سات‬
‫التعليم العايل‪ ،‬فالتكوين �إذا‪ ،‬هو مبثابة املحور الرئي�س الذي ترتكز حوله كل الوظائف الأخرى‪،‬‬
‫وعليه ف�إن الهدف من خالل درا�سة وحتليل هذا امل�ؤ�رش هو حتديد طبيعة املدخالت (الطلبة اجلدد)‬
‫وتـحـديد م�ستوى وطبيـعة املخــرجات (الطلبة املتخرجني) ف�ضال عن حتديد �رشوط االلتحاق‬
‫و�إمكانية االلتحاق ب�أطوار ما بعد التدرج يف ظل �رشوط التفوق‪ ،‬دون ا�ستبعاد �أي�ضا معطيات‬
‫ومتطلبات احلياة االجتماعية للطلبة كظروف الإيواء مثال‪.‬‬
‫�أما بالن�سبة للإبداع والتطوير‪ ،‬فيمكن القول �أن تطور امل�ؤ�س�سة اجلامعية يرتبط ب�شكل وثيق‬
‫بالبحث والتطوير‪ ،‬حتى �أنه ال ميكن بناء ت�صور مل�ؤ�س�سة التعليم العايل دون وجود بحث علمي‬
‫وابداع‪ ،‬ويف كل املجاالت‪ ،‬يف العلوم الدقيقة كما يف العلوم االن�سانية واالجتماعية‪ ،‬ذلك �أن هذه‬
‫امل�ؤ�س�سات هي التي ت�صقل وت�صنع العلماء واملفكرين واملبدعني‪.‬‬
‫وانطالقا من هاتني الثنائيتني‪ ،‬الإبداع والتطوير‪ ،‬التعليم والبحث العلمي‪� ،‬أولت م�ؤ�س�سات التعليم‬
‫العايل مكانة هامة لن�شاطات البحث العلمي ال تقل �أهمية عن اهتمامها بن�شاطات التعليم والتكوين‪،‬‬
‫والغر�ض من ذلك مواكبة التغريات وامل�ستجدات يف �شتى العلوم ويف عامل يتغري ويتطور ب�رسعة‪.‬‬
‫و�أما بالن�سبة للت�سيري الر�شيد واحلكامة يف الت�سيري‪ ،‬فهي متطلبات �أ�سا�سية لنجاح �أي م�ؤ�س�سة‪،‬‬
‫ناهيك عن م�ؤ�س�سات التعليم العايل‪ ،‬ف�إذا كانت امل�سائل املرتبطة بالت�سيري الفعال يف م�ؤ�س�سات‬
‫‪262‬‬
‫م�ؤ�رشات تقييم �أداء م�ؤ�س�سات التعليم العايل ومتطلبات الإ�صالح‬

‫الإنتاج املادي تت�سم بالتعقيد‪ ،‬ف�إن الأمر �أكرث تعقيدا بالن�سبة للم�ؤ�س�سات اجلامعية‪ ،‬ذلك �أن الأمر‬
‫ال يتعلق ب�إنتاج �سلع مادية بغر�ض الت�سويق‪� ،‬إمنا الأمر يتعلق بتكوين �أجيال قادرة على �إحداث‬
‫التغيري الإيجابي يف جميع متطلبات احلياة‪ ،‬االجتماعية واالقت�صادية وال�سيا�سية ‪ ،‬و�أجيال قادرة‬
‫على م�سايرة كل التطورات يف عامل التكنولوجيا واملعرفة‪.‬‬
‫و�أما بالن�سبة النفتاح م�ؤ�س�سات التعليم العايل‪ ،‬فمن البديهي �أن تبحث امل�ؤ�س�سة اجلامعية على‬
‫�رشكاء ومتعاونني حمليني ودوليني لتحقيق جمموعة من الأهداف‪ ،‬كتبادل اخلربات واملعارف‬
‫وحت�سني ظروف العمل والتدري�س والت�أطري وتطوير طرق الت�سيري ومناهج التعليم‪ ،‬ناهيك عن‬
‫فتح الأبواب �إىل �سوق العمل بالن�سبة للطلبة املتخرجني وغري ذلك من الأهداف‪ .‬وعليه‪ ،‬ف�إن عملية‬
‫تقييم �أداء م�ؤ�س�سة التعليم العايل ت�ستند �أي�ضا �إىل حجم ونوعية اتفاقيات التعاون يف �إطار العالقات‬
‫اخلارجية وهو الذي يرتجم مدى تقبل فكرة االنفتاح‪.‬‬
‫ويخت�رص لنا ال�شكل التايل بع�ض املكونات الفرعية للم�ؤ�رشات الأ�سا�سية يف عملية تقييم �أداء‬
‫م�ؤ�س�سات التعليم العايل وذلك كما يلي‪:‬‬

‫ال�شكل رقم ‪ : 12‬امل�ؤ�شرات الأ�سا�سية لتقييم �أداء م�ؤ�س�سات التعليم العايل‬

‫االنفتاح‬ ‫احلوكمة والت�سيري‬ ‫البحث والإبداع‬ ‫التكوين‬

‫• م�ؤ�رش التعاون املحلي‬ ‫• م�ؤ�رش قدرات الت�أطري‬ ‫• م�ؤ�رش قدرات‬ ‫• نوعية الطلبة امللتحقني‬
‫كاالنفتاح مثال على‬ ‫• م�ؤ�رش املوارد املتاحة‬ ‫البحث كنظام البحث‬ ‫• م�ؤ�رش النجاح ونوعية‬
‫الو�سط االقت�صادي‬ ‫• م�ؤ�رش �سيا�سة التقييم‬ ‫والهياكل امل�سخرة‬ ‫التكوين‬
‫واالجتماعي ملعرفة‬ ‫• م�ؤ�رش ال�سيا�سة املالية‬ ‫والفئة املعنية بالبحث‬ ‫• م�ؤ�رش �سيا�سة عرو�ض‬
‫م�ستويات ال�رشاكة‬ ‫• م�ؤ�رش ت�سيري املوارد‬ ‫• م�ؤ�رش قدرات الإنتاج‬ ‫التكوين‬
‫القائمة مع ال�سلطات‬
‫الب�رشية‬ ‫العلمي‬ ‫• م�ؤ�رش املوارد املتاحة‬
‫املحلية وال�رشكات‬
‫• م�ؤ�رش التعاون الدويل‬ ‫• م�ؤ�رش الت�سيري‬ ‫• م�ؤ�رش القدرة‬ ‫للتكوين‬
‫كالتنقل واحلركية‬ ‫العقاري‬ ‫على الإبداع ونقل‬ ‫• م�ؤ�رش احلياة الطالبية‬
‫لقيا�س حجم ونوعية‬ ‫التكنولوجيا‬ ‫كالهياكل امل�سخرة‬
‫تنقل الأ�ساتذة‬ ‫حلياة الطلبة‬
‫والطلبة �إىل اجلامعات‬
‫الأجنبية حمل ال�رشاكة‬
‫والتعاون‬

‫امل�صدر‪ :‬من جتميع الباحث بناء على املفاهيم ال�سابقة‪.‬‬

‫‪263‬‬
‫بوبكر بدا�ش واحممد بوقرة‬

‫رابعا‪ :‬قراءة يف واقع م�ؤ�س�سات التعليم العايل يف الدول العربية بالرجوع‬


‫�إىل ت�صنيف ‪ARWU‬‬

‫يعترب الت�صنيف الأكادميي الذي يتم �إ�صداره دوريا من طرف العديد من الهيئات من �أكرث ما يجتذب‬
‫اهتمام القائمني منظومة التعليم ب�شكل عام والقائمني على م�ؤ�س�سات التعليم العايل ب�شكل خا�ص‪،‬‬
‫نظرا ملا ي�شكله من �صورة عن و�ضع التعليم وجودته وم�ستوياته بحيث ميكننا وبغ�ض النظر عن‬
‫جهة الإ�صدار من ت�سليط ال�ضوء على الو�ضعية العامة للتنمية الب�رشية‪ ،‬حيث يعترب التعليم من‬
‫ركائزها الأ�سا�سية وميكننا �أي�ضا من �إعداد �صورة وا�ضحة عن مدى جت�سيد اال�سرتاتيجيات التي‬
‫ت�ستهدف تطوير املورد الب�رشي وحت�سني �أدائه‪ ،‬وعليه‪ ،‬ف�إن الت�صنيف الأكادميي ي�شكل مرجعية‬
‫وقاعدة تعرفنا على م�ستوى خمرجات م�ؤ�س�سات التعليم العايل‪.‬‬
‫ولهذا ال�سبب متنح العديد من الدول من خالل م�ؤ�س�ساتها التعليمية �أولوية واهتماما بالغني ملختلف‬
‫الت�صنيفات الأكادميية ال�صادرة يف هذا ال�ش�أن‪ ،‬وذلك عن طريق تتبع النتائج وحماولة الإ�صالح‬
‫واتخاذ التدابري التي ت�ستهدف ت�صحيح وحت�سني الو�ضع القائم بالن�سبة ملنظومة التعليم العايل‬
‫من خالل الرتكيز على املتطلبات الأ�سا�سية والفرعية للت�صنيف والتي تتخذ من جودة التعليم‬
‫والبحث العلمي مرجعا لها‪ ،‬حيث يتم اال�ستجابة �إىل جمموعة من العوامل التي يت�أثر بها الأداء يف‬
‫م�ؤ�س�سات التعليم والتي ميكن اخت�صارها يف ال�شكل التايل‪:‬‬

‫ال�شكل رقم ‪ : 13‬العوامل املحيطة ب�ضرورة �ضمان جودة التعليم‬


‫احلاجة �إىل‬
‫احلوكمة التي ت�ستند �إىل ال�شفافية‬
‫واعتماد النظم املرتبطة بامل�س�ؤولية‬
‫وامل�ساءلة‬
‫التطور‬
‫امل�ستمر يف‬ ‫احلاجة لقيا�س اجلودة‬
‫نظم التعليم العايل‬ ‫العوامل املحيطة‬ ‫وحت�سينها‬
‫ب�رضورة �ضمان جودة‬
‫التعليم‬
‫احتماالت تراجع الإ�رشاف‬ ‫ت�أثريات العوملة وتدويل‬
‫التعليم العايل وما يرتتب عنه من‬
‫املبا�رش للحكومات على ت�سيري‬
‫تنقل الأ�ساتذة الباحثني والطلبة املتميزين‬
‫ومتويل اجلامعات ومنحها اال�ستقاللية‬
‫يف ظل تنامي اتفاقيات التبادل‬
‫الإدارية واملالية‬ ‫والتعاون‬
‫خماطر االنخفا�ض‬
‫يف موارد التمويل للم�ؤ�س�سات‬
‫اجلامعية‬

‫‪Abdelali Kaaouachi, Evaluation de la qualité des institutions de l’enseignement supérieur : Cas‬‬ ‫امل�صدر‪:‬‬
‫‪de l’Université Mohammed Premier, Université Mohammed Premier, Oujda-Maroc.‬‬

‫‪264‬‬
‫م�ؤ�رشات تقييم �أداء م�ؤ�س�سات التعليم العايل ومتطلبات الإ�صالح‬

‫وتعني اجلودة الأكادميية �إيجاد الطرق املنا�سبة لإقناع احلكومات وامل�ستثمرين ب�أن م�ؤ�س�سات‬
‫التعليم العايل ت�ؤدي عمال جيدا وتبذل اجلهد ل�ضمان جودة التعليم‪( .‬هالة عبد القادر �صربي‪،‬‬
‫‪� ،2009‬ص‪.)152 .‬‬
‫كما يعني �ضمان جودة التعليم التدابري التي يتم توجيهها بهدف �إجناح �أي برنامج �أو نظام �أو‬
‫مقرر درا�سي‪ ،‬وهذا ما يتطلب اندماج الآليات املعتمدة مع جميع ن�شاطات امل�ؤ�س�سة التعليمية‬
‫(عماد ال�سامرائي‪� ،2012 ،‬ص‪.)990 .‬‬
‫ويعترب ت�صنيف «‪ »ARWU‬من بني الت�صنيفات التي حتظى باالهتمام الوا�سع نظرا مل�صداقيته‬
‫‪2‬‬

‫واعتماده على جمموعة من املعايري ذات ال�صلة املبا�رشة بالر�سالة والأهداف التي ت�أ�س�ست عليها‬
‫منظومة التعليم العايل خا�صة ما يتعلق بتثمني جهود البحث العلمي يف حتقيق عن التعليم العايل‬
‫ن�رش يف جملة ‪� The Economist‬سنة ‪ 2005‬مت التعليق عن «‪ »ARWU‬على �أنه الرتتيب ال�سنوي‬
‫الأكرث ا�ستعماال يف العامل‪ .‬كما �أن ال�صحفي «‪ »Burton Bollag‬املنت�سب �إىل «‪Chronicle of‬‬
‫‪ »Higher Education‬كتب �أن ‪ ARWU‬يعترب الرتتيب العاملي الأكرث م�صداقية وت�أثريا (راجع �إذا‬
‫�شئت ‪.)www.shanghairanking.com/fr/aboutarwu.html‬‬
‫وي�ستمد هذا الت�صنيف �أهميته من خالل اعتماده على منهجية يف الت�صنيف والرتتيب والتي‬
‫ت�أ�س�ست على جمموعة من املعايري ذات الأوزان املختلفة‪ ،‬ومع اختالف هذه الأوزان يظهر التباين‬
‫يف الأهمية ودرجة الت�أثري على الرتتيب وذلك كما يلي‪:‬‬
‫اجلدول رقم ‪ : 2‬منهجية �إعداد ترتيب م�ؤ�س�سات التعليم العايل ح�سب «‪»ARWU‬‬
‫(‪)%100‬‬ ‫الأوزان‬ ‫(‪)6‬‬‫امل�ؤ�شرات‬ ‫الأبعاد (‪)4‬‬

‫عدد احلا�صلني على جوائز ‪ Nobel‬وميداليات ‪Fields‬‬


‫‪%10‬‬ ‫نوعية التكوين‬
‫�ضمن الطلبة القدماء‬
‫‪%20‬‬ ‫عدد احلا�صلني على جوائز ‪ Nobel‬وميداليات ‪� Fields‬ضمن الباحثني‬
‫نوعية الأ�ساتذة‬
‫‪%20‬‬
‫عدد الباحثني الأكرث ذكرا يف ‪ 21‬تخ�ص�ص (علوم الطبيعة‪ ،‬الطب‪،‬‬ ‫الباحثني‬
‫علوم الفيزياء‪ ،‬الهند�سة والعلوم االجتماعية)‬
‫‪%20‬‬ ‫عدد الأبحاث املن�شورة يف «‪»Nature et Sciences‬‬
‫عدد الأبحاث املفهر�سة يف (‪SCI (Science Citation Index‬‬ ‫نتائج البحث‬
‫‪%20‬‬ ‫)‪SSCI (Social Science Citation Index‬‬
‫)‪AHCI (Arts and Humanities Citation Index‬‬
‫‪%10‬‬ ‫حجم امل�ؤ�س�سة الأداء الأكادميي مقارنة مع حجم امل�ؤ�س�سة‬
‫‪www.shanghairanking.com/fr/aboutarwu.html‬‬ ‫امل�صدر‪ :‬من جتميع الباحث ا�ستنادا �إىل‪:‬‬

‫‪265‬‬
‫بوبكر بدا�ش واحممد بوقرة‬

‫وبتتبع �سل�سلة الإ�صدارات الدورية لهذا الت�صنيف منذ بدايته‪ ،‬متت مالحظة الهيمنة املطلقة على‬
‫املراتب الأوىل من قبل م�ؤ�س�سات التعليم العايل يف الدول املتقدمة كالواليات املتحدة الأمريكية‬
‫وبريطانيا‪ ،‬كما مت ت�سجيل غياب كبري للدول العربية عن املراتب املتقدمة �إال بع�ض امل�ؤ�س�سات‬
‫التعليمية اخلليجية كجامعة امللك عبد العزيز وجامعة امللك �سعود يف اململكة العربية ال�سعودية‪ ،‬وهو‬
‫�أمر جعل الكثري من احلكومات وامل�ؤ�س�سات العربية تتخذ جمموعة من الإجراءات الإ�صالحية على‬
‫�أنظمة التعليم بق�صد حت�سني م�ستويات الأداء وبالتايل حت�سني ترتيب م�ؤ�س�ساتها التعليمية ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫و�أظهرت بيانات الت�صنيف وحتديدا توزيع �أح�سن ‪ 800‬م�ؤ�س�سة تعليم عايل ح�سب املناطق‪� ،‬أن‬
‫منطقة �أمريكا احتلت املرتبة الأوىل وتليها منطقة �أوروبا ف�آ�سيا و�أخري �إفريقيا التي ال يزيد عدد‬
‫م�ؤ�س�ساتها التعليمية التي دخلت الت�صنيف عن ‪ 14‬م�ؤ�س�سة (�أنظر اجلدول التايل)‪:‬‬

‫اجلدول رقم ‪ : 3‬توزيع �أح�سن ‪ 800‬م�ؤ�س�سة تعليم عايل ح�سب املناطق‬


‫وح�سب ت�صنيف ‪� ARWU‬سنة ‪2017‬‬

‫‪501-800‬‬ ‫‪Top 500‬‬ ‫‪Top 400‬‬ ‫‪Top 300‬‬ ‫‪Top 200‬‬ ‫‪Top 100‬‬ ‫‪Top 20‬‬ ‫املناطق‬
‫‪76‬‬ ‫‪164‬‬ ‫‪142‬‬ ‫‪113‬‬ ‫‪79‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪16‬‬ ‫�أمريكا‬
‫‪97‬‬ ‫‪198‬‬ ‫‪157‬‬ ‫‪122‬‬ ‫‪82‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪4‬‬ ‫�أوروبا‬
‫‪122‬‬ ‫‪132‬‬ ‫‪99‬‬ ‫‪64‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪13‬‬ ‫—‬ ‫�آ�سيا‪�/‬أوقيانو�سيا‬
‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫—‬ ‫—‬ ‫—‬ ‫�إفريقيا‬
‫‪300‬‬ ‫‪500‬‬ ‫‪400‬‬ ‫‪300‬‬ ‫‪200‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪20‬‬ ‫املجموع‬
‫‪www.shanghairanking.com/ARWU-Statistics-2017‬‬ ‫امل�صدر ‪ :‬الباحث بناء على‪:‬‬

‫وتت�صدر الواليات املتحدة الأمريكية الت�صنيف العاملي الأكادميي من حيث عدد م�ؤ�س�سات التعليم‬
‫العايل امل�صنفة �ضمن امل�ؤ�رش �إجماال‪ ،‬لي�س هذا فح�سب‪ ،‬بل وتت�صدر الرتتيب حتى �ضمن قائمة‬
‫تراكم �أف�ضل ‪ 300‬م�ؤ�س�سة‪ ،‬حيث ا�ستحوذت على ح�صة بلغ تعدادها ‪ 233‬م�ؤ�س�سة وتت�صدر‬
‫الرتتيب يف املجال ‪� 300-20‬أف�ضل م�ؤ�س�سة‪ ،‬كما حت�صلت اململكة املتحدة على املرتبة الثانية وتليها‬
‫مبا�رشة �سوي�رسا‪.‬‬
‫�أما بالن�سبة للدول العربية و�ضمن الرتتيب الرتاكمي لأف�ضل ‪ 800‬م�ؤ�س�سة تعليمية‪ ،‬تعترب اململكة‬
‫العربية ال�سعودية الأف�ضل بعدد تراكمي بلغ ‪ 12‬م�ؤ�س�سة تعليمية وتليها جمهورية م�رص بواقع‬
‫‪ 3‬م�ؤ�س�سات تعليمية (انظر اجلدول التايل)‪:‬‬
‫‪266‬‬
267
1. Rank 2. Country 3. Top 20 4. Top 100 5. Top 200 6. Top 300 7. Top 400 8. Top 500 9. 501-800
Top 800

10. 01 11. United States 12. 16 13. 48 14. 70 15. 99 16. 119 17. 135 18. 55

19. 02 20. United Kingdom 21. 3 22. 9 23. 20 24. 28 25. 34 26. 38 27. 12

28. 03 29. Switzerland 30. 1 31. 5 32. 7 33. 7 34. 7 35. 8 36. 2

37. 04 38. Australia 39. — 40. 6 41. 10 42. 14 43. 21 44. 23 45. 4

46. 05 47. Germany 48. — 49. 4 50. 15 51. 22 52. 26 53. 37 54. 9

55. 06 56. Netherlands 57. — 58. 4 59. 9 60. 10 61. 12 62. 12 63. 1
‫م�ؤ�رشات تقييم �أداء م�ؤ�س�سات التعليم العايل ومتطلبات الإ�صالح‬

64. 07 65. Canada 66. — 67. 4 68. 8 69. 11 70. 17 71. 19 72. 7

73. 08 74. France 75. — 76. 3 77. 9 78. 14 79. 17 80. 20 81. 10

www.shanghairanking.com/ARWU-Statistics-2017.html
82. 09 83. Japan 84. — 85. 3 86. 7 87. 9 88. 13 89. 17 90. 19
2017 ‫ �سنة‬ARWU ‫ح�سب دليل‬

91. 10 92. Sweden 93. — 94. 3 95. 5 96. 9 97. 10 98. 11 99. —

100. 11 101. China 102. — 103. 2 104. 13 105. 25 106. 44 107. 57 108. 55

109. 21 110. Saudi Arabia 111. — 112. — 113. 2 114. 3 115. 3 116. 4 117. —

‫ جتميع الباحث بناء على‬:‫امل�صدر‬


118. 41 119. Egypt 120. — 121. — 122. — 123. — 124. — 125. 1 126. 2
‫ ترتيب الدول الأ�صل مل�ؤ�س�سات التعليم العايل �ضمن قائمة‬: 4 ‫اجلدول رقم‬
‫بوبكر بدا�ش واحممد بوقرة‬

‫وبالرجوع �إىل معطيات اجلدول ال�سابق وانطالقا من �أف�ضل مائة م�ؤ�س�سة تعليمية‪ ،‬يظهر ال�شكل‬
‫التايل �أن م�ؤ�س�سات الواليات املتحدة الأمريكية تهيمن على ‪ % 40‬من امل�ؤ�س�سات امل�صنفة مناف�سة‬
‫مع ‪ 10‬دول �أخرى معروفة بعراقتها و�أ�صالتها العلمية والبحثية ومعروفة مب�ستويات التعليم‬
‫الراقية التي تقدمها كربيطانيا وفرن�سا و�أملانيا وهولندا وغريها من الدول القوية يف هذا ال�ش�أن‪.‬‬

‫ال�شكل رقم ‪ : 14‬توزيع �أف�ضل م�ؤ�س�سات التعليم العايل ح�سب الدول �ضمن قائمة �أف�ضل‬
‫‪ Top 100‬ح�سب دليل ‪ ARWU‬ل�سنة ‪2017‬‬

‫‪3‬‬ ‫ال�سويد‬
‫‪ 3‬اليابان‬
‫ال�صني ‪2‬‬
‫‪ 3‬فرن�سا‬
‫‪ 4‬كندا‬

‫‪ 4‬هولندا‬
‫‪� 4‬أملانيا‬
‫‪� 6‬أ�سرتاليا‬ ‫‪48‬‬ ‫الواليات املتحدة الأمريكية‬
‫‪� 5‬سوي�رسا‬
‫‪ 9‬اململكة املتحدة‬

‫امل�صدر‪ :‬جتميع الباحث بناء على معطيات اجلدول رقم ‪.04‬‬

‫‪Harvard‬‬ ‫�أما على �صعيد م�ؤ�س�سات التعليم العايل نف�سها‪ ،‬فتعترب جامعة هارفارد الأمريكية (‬
‫‪ )University‬الرائدة يف هذا الت�صنيف ل�سنة ‪ 2017‬وتليها جامعة �ستانفورد الأمريكية �أي�ضا‬
‫(‪ )Stanford University‬فجامعة كامربيدج الربيطانية (‪ ،)University of Cambridge‬وهي‬
‫كلها جامعات عريقة �أمكنها تفعيلها لدور البحث العلمي وترقيتها مل�ستوى التعليم من �أن تت�صدر‬
‫الت�صنيف دائما‪.‬‬

‫و�أما بالن�سبة للدول العربية‪ ،‬فكما جاء �سابقا‪ ،‬ت�ؤكد بيانات اجلدول التايل �أن �أح�سن م�ؤ�س�سات‬
‫التعليم العايل العربية هي م�ؤ�س�سات اململكة العربية ال�سعودية التي دخلت �ضمن �أف�ضل مائتي‬
‫جامعة �سنة ‪.2017‬‬
‫‪268‬‬
‫م�ؤ�رشات تقييم �أداء م�ؤ�س�سات التعليم العايل ومتطلبات الإ�صالح‬

‫‪ARWU‬‬ ‫اجلدول رقم ‪ : 5‬ترتيب �أف�ضل م�ؤ�س�سات التعليم العايل عامليا ح�سب دليل‬
‫�سنة ‪2017‬‬

‫‪World‬‬ ‫‪National/‬‬ ‫‪Total‬‬


‫‪Institution‬‬ ‫‪Nationality‬‬
‫‪Rank‬‬ ‫‪Regional Rank‬‬ ‫‪Score‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪Harvard University‬‬ ‫‪U.S.A‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪100‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪Stanford University‬‬ ‫‪U.S.A‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪76,5‬‬

‫‪3‬‬ ‫‪University of Cambridge‬‬ ‫‪U.K‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪70,9‬‬

‫‪Massachusetts Institute‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪U.S.A‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪70,4‬‬
‫)‪of Technology (MIT‬‬
‫‪University of California,‬‬
‫‪5‬‬ ‫‪U.S.A‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪69,1‬‬
‫‪Berkeley‬‬

‫‪6‬‬ ‫‪Princeton University‬‬ ‫‪U.S.A‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪61,1‬‬

‫‪7‬‬ ‫‪University of Oxford‬‬ ‫‪U.K‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪60,1‬‬

‫‪8‬‬ ‫‪Columbia University‬‬ ‫‪U.S.A‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪58,8‬‬

‫‪California Institute of‬‬


‫‪9‬‬ ‫‪U.S.A‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪57,3‬‬
‫‪Technology‬‬

‫‪10‬‬ ‫‪University of Chicago‬‬ ‫‪U.S.A‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪53,9‬‬

‫‪101-150‬‬ ‫‪King Abdulaziz University‬‬ ‫‪S. Arabia‬‬ ‫‪1-2‬‬ ‫–‬

‫‪101-150‬‬ ‫‪King Saud University‬‬ ‫‪S. Arabia‬‬ ‫‪1-2‬‬ ‫–‬

‫‪www.shanghairanking.com/ARWU-Statistics-2017.html‬‬ ‫امل�صدر‪ :‬جتميع الباحث بناء على‬

‫وتفيدنا هذه املعطيات �أن الدول املتقدمة ا�ستمدت قوتها و�أ�سبقيتها يف �شتى املجاالت ب�سبب �أنها‬
‫�أعطت الأولوية والأف�ضلية يف تنمية وتكوين املورد الب�رشي من خالل االهتمام بتطوير وحت�سني‬
‫م�ستويات وجودة و�أداء م�ؤ�س�سات التعليم خا�صة يف امل�ستوى العايل ومن خالل بناء ا�سرتاتيجيات‬
‫حقيقية تعتمد �أ�سا�سا على تفعيل �أف�ضل لدور البحث العلمي‪.‬‬

‫نتائج ومقرتحات‬

‫لقد مت التطرق من خالل هذه الورقة �إىل �أهمية م�ؤ�س�سات التعليم العايل يف تكوين املورد الب�رشي‬
‫وحتقيق التنمية الب�رشية امل�ستهدفة �ضمن �أية ا�سرتاتيجية تنموية اقت�صادية واجتماعية وذلك‬
‫من خالل املتابعة امل�ستمرة لتقييم الأداء بناء على درا�سة وحتليل جمموعة من امل�ؤ�رشات حيث مت‬
‫التو�صل �إىل نتائج نوجزها كما يلي‪:‬‬
‫‪269‬‬
‫بوبكر بدا�ش واحممد بوقرة‬

‫فبناء على املعطيات والبيانات الكمية والنوعية التي مت ا�ستعرا�ضها وجدنا �أن م�ستويات التنمية‬
‫الب�رشية ترتكز ب�شكل �أ�سا�سي على م�ستويات التعليم نظرا للعالقة الرتابطية ال�شديدة بينهما‪.‬‬

‫وبالرجوع �إىل نف�س البيانات واملعطيات‪ ،‬وجدنا �أي�ضا �أن م�ستوى التنمية الب�رشية على نف�س‬
‫الدرجة مع م�ستوى التعليم يف الدول العربية مما جعل الأداء فيها �إجماال يكون �أقل من املتو�سط‬
‫العاملي و�أنها لي�ست �أف�ضل �إال من جمموعة دول جنوب �آ�سيا وجمموعة دول �إفريقيا جنوب‬
‫ال�صحراء حيث جاء ترتيبها خام�سا �ضمن �سبعة جمموعات اقت�صادية‪.‬‬

‫�أما باحلديث عن م�ستويات جودة التعليم‪ ،‬فقد مت التطرق �إىل �أهمية التقييم امل�ستمر ملجموعة املعايري‬
‫الأ�سا�سية التي تقوم عليها ر�سالة م�ؤ�س�سات التعليم العايل والتي تتمثل �أ�سا�سا يف التكوين‪ ،‬البحث‬
‫والإبداع‪ ،‬احلوكمة والت�سيري واالنفتاح ومن خالل االهتمام بدرا�سة درجة و�شدة ت�أثري العوامل‬
‫املحيطة ب�رضورة �ضمان جودة التعليم كالعوملة واملوارد املالية واحلوكمة واحتماالت تراجع‬
‫احلكومات يف الإ�رشاف على جزء من املنظومة التعليمية‪.‬‬

‫وبالعودة �إىل �أهمية الت�صنيف الأكادميي مل�ؤ�س�سات التعليم العايل وتتبع �سل�سلة �إ�صداراته من‬
‫طرف خمتلف الهيئات‪ ،‬وجدنا �أن ذلك �أمر �رضوري لتقييم م�ستويات الأداء والوقوف على نقاط‬
‫القوة وال�ضعف ومكامن اخللل‪.‬‬

‫�أما بالن�سبة لت�صنيف «‪ »ARWU‬الذي مت االعتماد عليه كنموذج لتقييم �أداء م�ستويات التعليم‬
‫العايل يف الدول العربية‪ ،‬ف�إنه متت �إثارة العديد من الت�سا�ؤالت بخ�صو�ص الأ�سباب التي جعلت‬
‫امل�ؤ�س�سات التعليمية للدول العربية تقبع يف املراتب املت�أخرة ‪ ،‬حيث يعك�س ذلك �صورة جلية ومعامل‬
‫وا�ضحة عن م�ستوى الأداء وجودة التعليم وغياب املبادرة العلمية والبحثية ويعك�س �أي�ضا توا�ضع‬
‫اجلهود املبذولة يف �إ�صالح نظام التعليم عموما والعايل خ�صو�صا‪.‬‬

‫وقد تعود �أ�سباب هذا الرتاجع والتخلف للم�ؤ�س�سات التعليمية العربية �إىل طبيعة اال�سرتاتيجيات‬
‫املتبناة يف هذا اخل�صو�ص والتي تعطي الأولوية والأف�ضلية للجوانب الكمية على ح�ساب اجلوانب‬
‫النوعية‪ ،‬حيث �أ�صبح الكم (عدد الطلبة املنت�سبني واملتخرجني مبختلف ال�صيغ) �أهدافا �أ�سا�سية‬
‫امتدت حتى و�صلت �إىل الأجندة ال�سيا�سية و�أ�ضحت �شعارات يتغنى بها �صناع القرار لتربير‬
‫ا�ستنزاف امليزانيات ال�ضخمة املوجهة لتهيئة وتوفري الهياكل البيداغوجية والبحثية وكل‬
‫‪270‬‬
‫م�ؤ�رشات تقييم �أداء م�ؤ�س�سات التعليم العايل ومتطلبات الإ�صالح‬

‫اجلوانب اللوجي�ستيكية كالنقل والإيواء والإطعام وجتهيز املكتبات وغري ذلك من دون تتبع جودة‬
‫التكوين والتعليم والتفعيل احلقيقي لدور البحث العلمي وحتفيزه‪ ،‬وحيث يعترب هذا الأخري من‬
‫املتطلبات الأ�سا�سية يف منهجية �إعداد الت�صنيف الأكادميي مل�ؤ�س�سات التعليم العايل‪.‬‬

‫وبناء على ما تقدم من نتائج مت التو�صل �إىل جملة من املقرتحات والتي جاء عر�ضها كما يلي‪:‬‬
‫• �رضورة االهتمام �أكرث بتح�سني م�ستويات التعليم ملا له من �أثر مبا�رش على م�ستويات التنمية‬
‫الب�رشية عن طريق مراجعة �سيا�سات و�أنظمة التعليم يف الدول العربية ومراعاة م�ستويات‬
‫الدخل و�إعادة النظر يف توزيع �شبكة امل�ؤ�س�سات التعليمية لت�شمل �أكرث املناطق املحرومة‪.‬‬
‫• التقييم امل�ستمر مل�ؤ�رشات الأداء يف م�ؤ�س�سات التعليم العايل ملا لذلك من �أثر مبا�رش على‬
‫�ضمان وحت�سني جودة التعليم وملا لذلك من �إ�سهام يف �إيجاد الآليات وال�صيغ التي متكن من‬
‫حت�سني وتطوير الأداء واحل�صول على خمرجات عالية امل�ستوى‪.‬‬
‫• الإ�صدار املنتظم للتقارير البحثية والعلمية ودعم برامج ذات �صلة بتطوير اجلودة والتميز‬
‫يف التعليم كا�ستجابة ل�رشوط ومتطلبات احل�صول على االعتماد الأكادميي العاملي ال �سيما‬
‫بالن�سبة مل�ؤ�س�سات التعليم اخلا�صة‪.‬‬
‫• التعاون مع وكاالت االعتماد املرموقة من �أجل �إعداد الإطارات وبناء القدرات للقيام ب�أعمال‬
‫االعتماد وتطبيق معايري اجلودة‪.‬‬
‫• �إعادة النظر يف خم�ص�صات ميزانيات البحث العلمي واالهتمام �أكرث بتحفيز الأ�ستاذ‬
‫الباحث وتثمني جهوده وحثه �أكرث على البحث والإبداع والن�رش يف املجالت العلمية امل�صنفة‬
‫عامليا ملا لذلك من �أثر مبا�رش على حت�سني ترتيب م�ؤ�س�سات التعليم العايل للدول العربية يف‬
‫الت�صنيف الأكادميي‪.‬‬
‫• االنفتاح �أكرث على م�ستجدات نظم التعليم والتكوين خا�صة يف الدول املتقدمة عن طريق‬
‫تعزيز �سبل التعاون وربط املزيد من عالقات التبادل والتعاون بني م�ؤ�س�سات التعليم‬
‫العربية واجلامعات العريقة التي تتقدم الت�صنيف الأكادميي ملا لذلك من �أثر مبا�رش وكبري‬
‫على حت�سني برامج التكوين والت�أطري والبحث العلمي‪.‬‬
‫• الت�أ�سي�س لقواعد ومبادئ احلكامة يف ت�سيري م�ؤ�س�سات التعليم العايل يف الدول العربية‬
‫واالهتمام ب�شيء من الإن�صاف بني ر�سالتي اجلامعة‪ ،‬ر�سالة البحث العلمي كما ر�سالة‬
‫التعليم والتكوين‪.‬‬
‫‪271‬‬
‫بوبكر بدا�ش واحممد بوقرة‬

‫هوام�ش‬
‫ومن هذه الدرا�سات‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪– R‬‬
‫‪ oyaume du Maroc, Université Mohamed V (la Présidence), « Guide des indicateurs de‬‬
‫‪performance », octobre 2009.‬‬
‫‪– C ommission nationale pour l’implémentation de l’assurance qualité dans l’enseignement‬‬
‫‪supérieur (CIAQES), Baghdad Benstaali et Youcef Berkane, « Evaluation de la qualité des‬‬
‫‪programmes universitaires ».‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪ARWU : Academic Ranking of World Universities.‬‬

‫‪ 3‬فمن غري املعقول مثال �أن دولة كاجلزائر ومع ما متلكه من م�ؤهالت مالية وب�رشية ترتب �أف�ضل جامعاتها بعد‬
‫الألفني‪.‬‬

‫املراجع‬

‫• �أوال باللغة العربية‬


‫عدنان الأمني‪« ،‬التقرير الإقليمي حول �إجنازات التعليم العايل يف البلدان العربية وحتدياته يف‪:‬‬
‫امل�ؤمتر الإقليمي العربي حول التعليم العايل»‪ ،‬القاهرة‪.2009 ،‬‬
‫عماد ال�سامرائي‪�« ،‬أهمية تطبيق معايري �ضمان جودة التعليم العايل لبناء ودعم ثقافة الإبداع‬
‫والتميز والريادة يف اجلامعات اخلا�صة» يف‪ :‬امل�ؤمتر العربي الدويل ل�ضمان جودة التعليم‬
‫العايل‪ ،‬جامعة ال�سودان للعلوم والتكنولوجيا‪.2012 ،‬‬
‫هالة عبد القادر �صربي‪« ،‬جودة التعليم العايل ومعايري االعتماد الأكادميي»‪ ،‬املجلة العربية‬
‫ل�ضمان جودة التعليم اجلامعي‪ ،‬العدد ‪ ،4‬ال�صادر �سنة ‪� ،2009‬ص‪.154 .‬‬
‫املركز الإقليمي للجودة والتميز يف التعليم (‪ ،)RCQE‬اخلطة الإ�سرتاتيجية العامة ‪.2015-2020‬‬
‫منظمة الأمم املتحدة‪ ،‬تقرير التنمية الب�رشية ل�سنة ‪.2012‬‬
‫منظمة الأمم املتحدة‪ ،‬تقرير التنمية الب�رشية ل�سنة ‪.2013‬‬
‫منظمة الأمم املتحدة‪ ،‬تقرير التنمية الب�رشية ل�سنة ‪.2014‬‬
‫منظمة الأمم املتحدة‪ ،‬تقرير التنمية الب�رشية ل�سنة ‪.2016‬‬

‫• ثانيا‪ :‬باللغة الأجنبية‬


‫‪Royaume du Maroc, Université Mohamed V (la Présidence), « Guide des‬‬
‫‪indicateurs de performance », octobre 2009.‬‬

‫‪272‬‬
‫م�ؤ�رشات تقييم �أداء م�ؤ�س�سات التعليم العايل ومتطلبات الإ�صالح‬

Commission nationale pour l’implémentation de l’assurance qualité dans


l’enseignement supérieur (CIAQES), Baghdad Benstaali et Youcef
Berkane, « Evaluation de la qualité des programmes universitaires ».
Isabelle Bouchardy, Management de la qualité dans l’enseignement supérieur
public français : débat sur la mesure, Université Paul Sabatier, Toulouse,
France, p. 32-34.

‫ الأنرتنيت‬:‫• ثالثا‬
:‫تقرير جودة التعليم عربيا وعامليا يف‬
– www.aljazeera.net
– www.rcqe.org
– www.openknowledge.worldbank.org
– www.shanghairanking.com/ARWU-Statistics-2017.html

273
‫امل�ؤلفون‬

‫الدكتور احل�سني الرامي حا�صل على �شهادة الدكتوراه يف القانون العام من جامعة القا�ضي‬
‫عيا�ض‪ ،‬مراك�ش وعلى دبلوم ال�سلك العايل يف التدبري الإداري من املدر�سة الوطنية للإدارة بالرباط‬
‫وهو �أ�ستاذ التعليم العايل م�ؤهل بكلية العلوم القانونية واالقت�صادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة ابن‬
‫زهر ب�أكادير‪ ،‬وع�ضو فريق البحث يف القانون العام واحلكامة «‪ »ERDG‬ومن�سق ما�سرت حكامة‬
‫اجلماعات الرتابية والتنمية امل�ستدامة بنف�س الكلية‪ .‬وهو كذلك ع�ضو م�ؤ�س�س ورئي�س املركز‬
‫املغربي للدرا�سات وحتليل ال�سيا�سات « ‪.» CEMAP‬‬
‫هو �أ�ستاذ متخ�ص�ص يف القانون الإداري والعلوم الإدارية ويهتم باحلقل املعريف اخلا�ص باجلماعات‬
‫الرتابية والتنمية امل�ستدامة وجمعيات املجتمع املدين واجلامعات‪.‬‬
‫نظم العديد من الندوات الوطنية والدولية والأيام الدرا�سية و�شارك يف تظاهرات علمية على‬
‫ال�صعيدين الوطني والدويل وله عدة مقاالت علمية من�شورة و�أخرى قيد الن�رش‪.‬‬

‫الدكتور ر�ضا الفالح حاليا �أ�ستاذ التعليم العايل م�ؤهل يف كلية العلوم القانونية واالقت�صادية‬
‫واالجتماعية بجامعة ابن زهر ب�أكادير‪ ،‬ومدير فريق البحث يف القانون العام واحلكامة « ‪» ERDG‬‬
‫بنف�س الكلية‪ .‬وهو كذلك ع�ضو م�ؤ�س�س وكاتب عام للمركز املغربي للدرا�سات وحتليل ال�سيا�سات‬
‫« ‪.» CEMAP‬‬
‫ح�صل ر�ضا الفالح على درجة الدكتوراه يف القانون العام �سنة ‪ 2006‬من جامعة ني�س �صوفيا‪-‬‬

‫�أنتيبولي�س بفرن�سا‪.‬‬
‫ي�شارك ر�ضا الفالح ب�أعماله الأكادميية يف عدة ندوات وطنية ودولية وله عدة مقاالت علمية من�شورة‬
‫و�أخرى قيد الن�رش يف جماالت متعلقة بالقانون الدويل والعالقات الدولية واحلكامة الدولية والأمن‬
‫الإن�ساين بثالث لغات هي العربية والإجنليزية والفرن�سية‪.‬‬
‫ر�ضا الفالح �أ�ستاذ متخ�ص�ص يف العالقات الدولية والدرا�سات الإ�سرتاتيجية وله �إ�سهامات‬
‫�أكادميية يف جمال القانون الدويل االقت�صادي‪ .‬كما �أنه حائز على �شهادة مدرب يف القانون الدويل‬
‫الإن�ساين من قبل اللجنة الدولية لل�صليب الأحمر‪.‬‬
‫امل�ؤلفون‬

‫ي�شارك ر�ضا الفالح بانتظام يف الأن�شطة العلمية وامل�ؤمترات يف املغرب وخارج املغرب يف موا�ضيع‬
‫تتمحور حول العالقات الدولية‪ ،‬وال�سيا�سة اخلارجية املغربية‪ ،‬و�إدارة املخاطر العاملية والق�ضايا‬
‫املتعلقة بالأمن الإن�ساين‪.‬‬
‫كما ي�شارك ر�ضا الفالح ب�شكل ن�شيط يف الندوات املن�صبة حول ق�ضية ال�صحراء املغربية‪ ،‬وي�ساهم‬
‫مبقاالت حول هذا املو�ضوع من منظور القانون الدويل‪.‬‬

‫الدكتور عمر التاور �أ�ستاذ باحث ومن�سق �شعبة علم االجتماع بكلية الآداب والعلوم الإن�سانية‪،‬‬
‫جامعة ابن زهر‪� ،‬أكادير؛ حا�صل على �شهادة الدكتوراه يف الفل�سفة من جامعة حممد اخلام�س‬
‫�أكدال‪-‬الرباط‪ ،‬وعلى �شهادة التربيز يف الفل�سفة‪ ،‬وهو حا�صل �أي�ضا على جمموعة من اجلوائز‬
‫الفكرية منها‪ :‬جائزة �إدوارد �سعيد الدولية يف نقد اخلطاب اال�ست�رشاقي‪ ،‬وجائزة يا�سني احلافظ‬
‫يف الفكر ال�سيا�سي‪ ،‬وجائزة دبي الثقافية للإبداع‪ ،‬واجلائزة الأوىل مل�ؤ�س�سة عالل الفا�سي‪ .‬تتمركز‬
‫�أبحاثه يف جمال الفل�سفة ال�سيا�سية‪ ،‬كما تركز على مو�ضوعات املعرفة وال�سلطة والدميقراطية‬
‫والقيم واحلوار؛ ومن �أعماله املن�شورة كتاب املعرفة وال�سلطة‪ :‬يف االقرتاب من عوامل مي�شيل‬
‫فوكو (‪ ،)2018‬وكتاب الدميقراطية يف املغرب املعا�صر‪ :‬من وعي املفهوم �إىل واقع املمار�سة‬
‫(‪ ،)2014‬وجمموعة من الأبحاث والدرا�سات املن�شورة يف جمالت عربية من قبيل‪ :‬كتابات فل�سفية‪،‬‬
‫تبي‪ ،‬فكر ونقد‪ ،‬مقاربات‪ ،‬عالمات‪ ،‬الرافد‪ ،‬اجل�رسة‪ ،‬الكلمة‪� ،‬أقوا�س‪.‬‬

‫الدكتور حمماد البداوي حا�صل على �شهادة الدكتوراه يف القانون العام‪ ،‬تخ�ص�ص القانون‬
‫والعلوم الإدارية‪ ،‬يف مو�ضوع ‪� :‬إدارة اجلودة ال�شاملة بالقطاع العمومي يف املغرب ‪ :‬قطاع التعليم‬
‫العايل منوذجا‪.‬‬
‫هو �أ�ستاذ زائر‪ ،‬باحث يف القانون الإداري والعلوم الإدارية بكلية العلوم القانونية واالقت�صادية‬
‫واالجتماعية عني ال�شق‪ ،‬الدار البي�ضاء‪.‬‬
‫ن�رش عدة مقاالت بحثية يف جمالت وطنية يف جمال القانون الإداري والعلوم الإدارية‪ ،‬من �ضمنها‬
‫القرار الإداري الإلكرتوين‪ ،‬العقد الإداري الإلكرتوين‪� ،‬إدارة الكفاءات يف الإدارة العمومية‪...‬‬
‫�ساهم مبداخالت عملية يف عدة ندوات دولية ووطنية‪ ،‬و�أ�رشف على العديد من الدورات والور�شات‬
‫التكوينية يف جمال بناء قدرات الن�سيج التعاوين باملغرب (التعاونيات الفالحية)‪.‬‬

‫الدكتور حميد ابكرمي‪� ،‬أ�ستاذ التعليم العايل م�ؤهل باملركز اجلهوي ملهن الرتبية والتكوين بالرباط‪،‬‬
‫حا�صل على �شهادة الت�أهيل اجلامعي‪ ،‬وعلى �شهادة الدكتوراه تخ�ص�ص القانون الد�ستوري وعلم‬
‫ال�سيا�سة‪ ،‬وعلى �إجازة يف علم ال�سيا�سة‪ ،‬وعلى دبلوم املدر�سة الوطنية للإدارة بالرباط‪ .‬ن�رشت له‬
‫‪276‬‬
‫امل�ؤلفون‬

‫عدة �أبحاث يف جمالت علمية و�شارك يف عدة ندوات وطنية ودولية داخل املغرب وخارجه‪� .‬ساهم‬
‫كذلك مع جمموعة من الباحثني يف ت�أ�سي�س مراكز للبحث خ�صو�صا مركز «يقظة» الذي يت�رشف‬
‫ب�إدارته التنفيذية‪ ،‬وع�ضو م�ؤ�س�س لفريق البحث حول التجديد يف جمال الرتبية والتكوين باملركز‬
‫اجلهوي ملهن الرتبية والتكوين بالرباط؛ وع�ضو م�شارك يف �إعداد دالئل تربوية لفائدة �أطفال يف‬
‫و�ضعية �إعاقة التوحد يف �إطار م�رشوع «حقوق الأ�شخا�ص ذوي التوحد يف الرتبية والتعليم‪ ،‬من‬
‫االعرتاف �إىل الإعمال‪ ،‬له كتاب يف طور الن�رش بدعم من وزارة الثقافة بر�سم �سنة ‪ 2018‬بعنوان ‪:‬‬
‫�إ�ضاءات ت�رشيعية حول مهنة التدري�س وتدبري م�ؤ�س�سة التعليم العمومي‪.‬‬

‫�سعيد ال�شرقاوي �أ�ستاذ مادة الفل�سفة ب�سلك التعليم الثانوي الت�أهيلي منذ �سنة ‪2010‬؛ طالب ب�سلك‬
‫املا�سرت يف القانون الد�ستوري وعلم ال�سيا�سة بكلية العلوم القانونية واالقت�صادية واالجتماعية‬
‫جامعة ابن زهر �أكادير؛ حا�صل دبلوم الدرا�سات اجلامعية العامة املهنية يف تخ�ص�ص «الو�ساطة‬
‫االجتماعية والتن�شيط ال�سو�سيوثقايف» بكلية علوم الرتبية جامعة حممد اخلام�س ال�سوي�سي‬
‫بالرباط؛ حا�صل على �شهادة الإجازة يف علم النف�س بجامعة حممد اخلام�س �أكدال بالرباط‪.‬‬

‫الدكتور قا�سم النعاميي �أ�ستاذ باحث مبركز التوجيه والتخطيط الرتبوي بالرباط‪ ،‬ع�ضو‬
‫�سابق بكر�سي اليون�سكو‪ -‬تدبري البيئة والتنمية امل�ستدامة‪ ،‬بعد تقدمي �أطروحة لنيل الدكتوراه يف‬
‫اجلغرافية الطبيعية وقواعد التهيئة املجالية (‪� ،)2004‬ساهم يف �إعداد خمططات التنمية اجلماعية‬
‫للجماعات التابعة لإقليم �إفران‪� .‬ألف مقاالت متعددة (فردية وجماعية) تهتم مبوا�ضيع متنوعة‬
‫منها ‪ :‬التخطيط وتهيئة املجاالت – اجلماعات الرتابية – التعمري – املقاربة الت�شاركية يف تدبري‬
‫املجال�س اجلماعية – دور التكنولوجيات احلديثة يف دعم اتخاذ القرار وتقييم العدالة املجالية يف‬
‫توزيع اخلدمات‪.‬‬

‫الدكتورة نادية جامع �أ�ستاذة م�ؤهلة بكلية العلوم القانونية واالقت�صادية واالجتماعية بجامعة‬
‫ابن طفيل‪-‬القنيطرة‪� .‬إطار �سابق مب�صلحة امل�شاريع وامللتم�سات «مديرية التقومي وامل�ستقبلية»‬
‫التابعة لوزارة التعليم العايل والبحث العلمي وتكوين الأطر‪ .‬حا�صلة على الدكتوراه يف القانون‬
‫العام تخ�ص�ص علم ال�سيا�سة والقانون الد�ستوري بكلية العلوم القانونية واالقت�صادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬جامعة حممد اخلام�س �أكدال‪ ،‬ن�رش للأ�ستاذة يف جمال تخ�ص�صها عدة مقاالت علمية‬
‫و�ساهمت يف ت�أليف كتب جماعية يف خمتلف امليادين و�شاركت يف العديد من الندوات وامل�ؤمترات‬
‫‪277‬‬
‫امل�ؤلفون‬

‫العلمية الوطنية والدولية‪ .‬كما ن�رش لها جمموعة من املقاالت الورقية يف بع�ض ال�صحف الوطنية‬
‫واملواقع الكرتونية وهي متخ�ص�صة يف �سيا�سة التعليم العمومي يف املغرب‪.‬‬

‫الدكتور ع�صام القرين باحث متخ�ص�ص يف املالية العمومية وال�سيا�سية اجلبائية‪� ،‬أ�ستاذ زائر‬
‫بكلية احلقوق بفا�س حاليا وبكلية احلقوق ب�سال �سابقا؛ ي�شغل مهمة رئي�س حترير جملة العمق‬
‫للدرا�سات وم�ستجدات القانون واالقت�صاد؛ �شارك يف العديد من الأن�شطة العلمية الوطنية‬
‫والدولية‪ ،‬كما عمل على �إعداد جمموعة من املقاالت العملية املن�شورة‪� ،‬أغلبها يندرج يف جمال‬
‫تخ�ص�صه الأكادميي‪ ،‬و�ساهم يف حت�ضري تقرير «املغرب يف �سنة ‪ »2016‬يف عدد من ن�سخه ال�سنوية‪،‬‬
‫ال�صادر عن املركز املغربي للأبحاث وحتليل ال�سيا�سات؛ �سبق له �أن ن�رش جمموعة من املقاالت‬
‫ال�صحفية ومقاالت ر�أي متعلقة ب�إ�شكاالت تدبري ال�ش�أن العام ب�صفة منتظمة بعدد من اجلرائد‬
‫الوطنية الورقية والإلكرتونية‪.‬‬

‫الدكتورة فاطمة ملحرحر‪ ،‬باحثة يف الدرا�سات ال�سيا�سية والعالقات الدولية املعا�رصة‪ ،‬ع�ضو‬
‫ن�شيط يف العديد من اجلمعيات واملراكز البحثية‪ ،‬مهتمة بالدرا�سات الأكادميية حول العالقات‬
‫الدولية واال�سرتاتيجية‪ ،‬وحقوق االن�سان‪ ،‬والتنمية والهجرة‪� .‬صدر لها عدة مقاالت ودرا�سات‬
‫مبجموعة من املجالت واجلرائد ومواقع مغربية ودولية‪.‬‬

‫الدكتور عبد العايل حور �أ�ستاذ م�ؤهل يف القانون العام مبركز التوجيه والتخطيط الرتبوي‬
‫بالرباط‪ ،‬حا�صل على الدكتوراه يف احلقوق تخ�ص�ص القانون العام من جامعة حممد اخلام�س‬
‫ال�سوي�سي بالرباط �سنة ‪� ،2011‬صدرت له عدة مقاالت علمية يف عدد من الدوريات الوطنية‬
‫والدولية‪ ،‬و�شارك يف عدد من الندوات العملية بعدد من اجلامعات املغربية‪ ،‬نائب رئي�س املركز‬
‫املغربي للتقييم والبحث الرتبوي‪ ،‬ع�ضو بعدد من مراكز الأبحاث والدرا�سات‪ .‬مهتم بق�ضايا‬
‫اجلماعات الرتابية والتنمية‪ ،‬وتقييم ال�سيا�سات العمومية يف جمال الرتبية‪.‬‬

‫الدكتور حافظ �إ�سماعيلي علوي �أ�ستاذ الل�سانيات وحتليل اخلطاب بكلية الآداب والعلوم‬
‫الإن�سانية ب�أكادير وع�ضو فريق البحث يف القانون العام واحلكامة‪ .‬من م�ؤلفاته‪:‬الل�سانيات يف‬
‫الثقافة العربية املعا�رصة‪ ،‬دار الكتاب اجلديد املتحدة‪ ،‬لبنان‪2009 ،‬م؛ ق�ضايا �إب�ستمولوجية يف‬
‫الل�سانيات‪ ،‬الدار العربية للعلوم‪ ،‬ومن�شورات االختالف‪ ،‬بريوت‪2009 ،‬م؛ ق�ضايا اللغة العربية‬
‫يف اجتاهات البحث الل�ساين احلديث‪ ،‬كر�سي املانع‪ ،‬جامعة امللك �سعود‪ ،‬الريا�ض (‪2013‬م)‪.‬‬
‫‪278‬‬
‫امل�ؤلفون‬

‫�أ�رشف على جمموعة من الكتب وقدم لها‪ ،‬منها �أ�سئلة اللغة �أ�سئلة الل�سانيات يف الثقافة العربية‬
‫والتداوليات‪ :‬علم ا�ستعمال اللغة والتداوليات وحتليل اخلطاب واحلجاج‪ :‬مفهومه وجماالته‬
‫درا�سات نظرية وتطبيقية حمكمة يف البالغة اجلديدة‪.‬‬
‫�شارك يف العديد من امل�ؤمترات العلمية داخل املغرب وخارجه ون�رش عددا من البحوث والدرا�سات‬
‫يف جمالت حمكمة‪.‬‬
‫ح�صل على جائزة ابن زهر للبحث العلمي يف دورتها الثامنة (‪2011‬م)‪.‬‬
‫ح�صل على منحة دولية يف �أملانيا من معهد الدرا�سات عرب الإقليمية برلني (‪2012-2011‬م)‪.‬‬
‫حا�صل على جائزة م�ؤ�س�سة عبد احلميد �شومان للباحثني ال�شباب يف العلوم الإن�سانية (‪2012‬م)‪.‬‬

‫الدكتور بوبكر بدا�ش �أ�ستاذ حما�رض بكلية العلوم االقت�صادية‪ ،‬التجارية وعلوم الت�سيري بجامعة‬
‫�أحممد بوقرة‪ ،‬بومردا�س وحا�صل على �شهادة الدكتوراه تخ�ص�ص حتليل اقت�صادي‪ ،‬جامعة‬
‫اجلزائر ‪ .2011‬مار�س مهام التدري�س يف العديد من اجلامعات اجلزائرية (منها جامعة اجلزائر‪،‬‬
‫جامعة تيزي وزو‪ ،‬جامعة التكوين املتوا�صل)‪.‬‬
‫�شارك ب�أوراق علمية يف العديد من امللتقيات الدولية والوطنية‪ :‬اجلزائر‪ ،‬الأردن‪ ،‬املغرب‪ ،‬تركيا‪،‬‬
‫لبنان‪.‬‬
‫هو ع�ضو �أ�سبق ثم مدير �أ�سبق لهيئة حترير جملة �أبعاد اقت�صادية ال�صادرة عن كلية االقت�صاد‬
‫بجامعة بومردا�س‪.‬‬
‫هو رئي�س فرقة بحث معتمدة من طرف وزارة التعليم العايل اجلزائرية حتت عنوان‪« :‬مدى فعالية‬
‫الأنظمة القانونية‪ ،‬اجلمركية والبنكية ال�ستيعاب وترقية عمليات التجارة اخلارجية اجلزائرية»‪.‬‬
‫هو رئي�س �أ�سبق لق�سم العلوم التجارية بكلية العلوم االقت�صادية‪ ،‬التجارية وعلوم الت�سيري بجامعة‬
‫بومردا�س‪.‬‬
‫هو نائب العميد �سابقا مكلف مبا بعد التدرج والبحث العلمي والعالقات اخلارجية بكلية العلوم‬
‫االقت�صادية‪ ،‬التجارية وعلوم الت�سيري بجامعة بومردا�س‪.‬‬

‫الدكتور حممد بنجياليل‪� ،‬أ�ستاذ ملادة االقت�صاد مبركز التوجيه والتخطيط الرتبوي بالرباط‪.‬‬
‫حا�صل على الدكتوراه يف االقت�صاد‪ ،‬تخ�ص�ص املالية والنقوذ يف �سنة ‪ 2008‬بكلية العلوم القانونية‪،‬‬
‫االقت�صادية واالجتماعية بوجدة‪� .‬إطار �سابق مب�ؤ�س�سة الكرامة للقرو�ض ال�صغرى و�إطار �سابق‬
‫بوزارة الرتبية الوطنية‪.‬‬
‫‪279‬‬

You might also like