You are on page 1of 48

‫أﺳﺎﺳﻴﺎت‬

‫اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‬
‫أﻧﺪرﻳﺎس أﻧﺪرﻳﻜﻮﺑﻮﻟﻮس‬

‫‪+‬‬
‫‪٪‬‬ ‫‪+‬‬
‫‪+‬‬
‫ﺗﺮﺟﻤﺔ‪:‬‬
‫ﺟﻤﻌﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‬
‫أساسيات‬
‫التمويل االجتماعي‬
‫أندرياس أندريكوبولوس‬

‫ترجمة‪:‬‬
‫جمعية االقتصاد االجتماعي‬
‫ح جمعية االقتصاد االجتماعي‪1445 ،‬هـ‬
‫فهرسة مكتبة امللك فهد الوطنية أثناء النشر‬
‫أندريكوبولوس ‪ ،‬أندرياس‬
‫أساسيات التمويل االجتماعي (نسخة ورقية)‪ / .‬أندرياس‬
‫أندريكوبولوس ؛ باسم بن عبدهلل الزغيبي ‪ -‬ط ‪ -. .١‬الرياض ‪،‬‬
‫‪ 1445‬ه ‪ 170‬صفحة ‪ 24× 17‬سم‬
‫ردمك‪978-603-04-6618-4 :‬‬
‫‪ -١‬التمويل أ‪.‬الزغيبي ‪ ،‬باسم بن عبدهللا(مترجم) ب‪.‬العنوان‬

‫‪1445/2275‬‬ ‫ديوي ‪323,678‬‬


‫ ‬

‫رقم اإليداع‪1445/2275 :‬‬


‫ردمك‪978-603-04-6618-4 :‬‬

‫نشراألصل اإلنجليزي من هذا الكتاب عام ‪ 2022‬بواسطة‬

‫(تتضمن الصفحة التالية كامل معلومات حقوق التأليف والنشركما وردت في النسخة‬
‫اإلنجليزية للكتاب)‬

‫ح حقوق النسخة العربية محفوظة لجمعية االقتصاد االجتماعي‬


‫ال يجوز إعادة طبع أي جزء من هذا الكتاب أو استنساخه أو استخدامه بأي شكل أو بأي‬
‫وسيلة سواء كانت إلكترونية أو ميكانيكية‪ ،‬أو أي وسيلة أخرى معروفة أو ستعرف ً‬
‫الحقا‪ ،‬بما‬
‫في ذلك النسخ أو التسجيل أو أي نظام تخزين للمعلومات أو استرجاعها‪ ،‬دون الحصول على‬
‫إذن كتابي من الناشرين‪.‬‬
‫ترجمة صفحة حقوق التأليف والنشركما وردت في النسخة اإلنجليزية للكتاب‬
‫ُ‬
‫ن ِشرللمرة األولى باللغة اإلنجليزية في عام ‪2022‬‬
‫من دارنشرروتليدچ‬
‫‪‎4 Park Square, Milton Park, Abingdon, Oxon OX14 4RN‬‬
‫ومن دارنشرروتليدچ‬
‫‪Third Avenue, New York, NY 10158 605‬‬
‫روتلي ــدچ ه ــي االس ــم التج ــاري ل ــدارنش ــرمجموع ــة تايلور وفرنس ــيس‪ ،‬وهي ش ــركة‬
‫متخصص ــة في مج ــال المعلومات‬
‫حق ــوق التألي ــف والنش ــر © ‪ 2022‬ألندري ــاس أندريكوبول ــوس ودار ‪Propobos‬‬
‫للنش ــر‬
‫ترجم بواسطة (من اليونانية إلى اإلنجليزية)‪ :‬آني تريانتافيلو‬
‫ُ‬
‫نش ــر الن ــص األصل ــي باللغ ــة اليوناني ــة تح ــت اس ــم "‪Κοινωνική‬‬
‫‪ "Χρηματοοικονομική‬م ــن دار ‪ Propobos‬للنش ــر‪.‬‬
‫ت ــم التأكي ــد عل ــى ح ــق أندري ــاس أندريكوبول ــوس ودار‪ Propobos‬للنش ــرف ــي تحديد‬
‫وفق ــا للمادتي ــن ‪ 77‬و‪ 78‬م ــن قان ــون حق ــوق النش ــر‬‫هويت ــه كمؤل ــف له ــذا العم ــل ً‬
‫والتصامي ــم وب ـراءات االخت ـراع لع ــام ‪.1988‬‬
‫جمي ــع الحق ــوق محفوظ ــة‪ .‬ال يج ــوز إع ــادة طب ــع أي ج ــزء م ــن ه ــذا الكت ــاب أو‬
‫استنس ــاخه أو اس ــتخدامه ب ــأي ش ــكل أو ب ــأي وس ــيلة ســواء كان ــت إلكتروني ــة أو‬
‫ميكانيكي ــة‪ ،‬أوأي وس ــيلة أخ ــرى معروف ــة أوس ــتعرف ً‬
‫الحق ــا‪ ،‬بم ــا ف ــي ذل ــك النس ــخ‬
‫أو التس ــجيل أو أي نظ ــام تخزي ــن للمعلوم ــات أو اس ــترجاعها‪ ،‬دون الحص ــول عل ــى‬
‫إذن كتاب ــي م ــن الناش ــرين‪.‬‬
‫مالحظة بش ــأن العالمة التجارية‪ :‬ربما يكون اس ــم المنتجات أوالش ــركات عالمات‬
‫تجارية أو عالمة تجارية مس ــجلة‪ ،‬وال ُتس ــتخدم س ــوى للتعريف والتفس ــير‪ ،‬بدون‬
‫قص ــد التعدي على حقوق الملكية‪.‬‬
‫بيانات المكتبة البريطانية للفهرسة أثناء النشر‬
‫يتوفرسجل فهرس لهذا الكتاب من المكتبة البريطانية‬
‫بيانات مكتبة الكونغرس للفهرسة أثناء النشر‬
‫األسماء‪ :‬أندريكوبولوس‪ ،‬أندرياس‪ ،‬المؤلف‪ │ .‬تريانتافيلو‪ ،‬آني‪ ،‬المترجمة‪.‬‬
‫عنوان الكتاب‪ :‬التمويل االجتماعي ‪ /‬أندرياس أندريكوبولوس‬
‫عناوين أخرى‪ .Koinōnikē chrēmatooikonomikē :‬اللغة اإلنجليزية‬
‫الوصف‪ Milton Park, Abingdon, Oxon ; New York, NY:‎:‬روتليدچ‪.2021 ،‬‬
‫│ يتضم ــن الكتاب مراج ــع ببليوغرافية وفهرس‪.‬‬
‫المعرف ــات‪( ‎LCCN 2021027726 :‬طباع ــة) │ ‪‎LCCN 2021027727‬‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫(الكت ــاب اإللكترون ــي) │ ‪( ‎ISBN 9781032136622‬الغ ــاف المق ــوى) │ ‪‎ISBN‬‬
‫‪( 9781032136608‬الغ ــاف الورق ــي) │ ‪( ‎ISBN 9781003230366‬الكت ــاب‬
‫اإللكترون ــي)‬
‫الموضوع ــات‪ :‬عناوي ــن موضوع ــات مكتب ــة الكونغ ــرس‪ :‬التمويل—الجوان ــب‬
‫االجتماعي ــة‪ │ .‬االس ــتثمارات—الجوانب االجتماعي ــة‪ │ .‬تنمي ــة المجتم ــع—‬
‫التمويل‪.‬‬
‫التصني ــف‪( ‎LCC HG101 .A5413 2021 :‬مطب ــوع) │ ‪( ‎LCC HG101‬الكت ــاب‬
‫اإللكترون ــي) │ ‪‎DDC 332—dc23‬‬
‫سجل مكتبة الكونغرس متوفرعلى‪https://lccn.loc.gov/2021027726‬‬
‫س ــجل الكت ــاب اإللكترون ــي بمكتب ــة الكونغ ــرس متوف ــر عل ــى ‪https://lccn.loc.‬‬
‫‪gov/2021027727‬‬
‫الرقم المعياري الدولي للكتاب‪( 2-13662-032-1-‎978 :‬الغالف المقوى)‬
‫الرقم المعياري الدولي للكتاب‪( 8-13660-032-1-‎978 :‬الغالف الورقي)‬
‫الرقم المعياري الدولي للكتاب‪( 6-23036-003-1-‎978 :‬الكتاب اإللكتروني)‬
‫معرف الكائن الرقمي‪9781003230366/‎10.4324 :‬‬
‫تنضيد بخط ‪Bembo‬‬
‫من شركة ‪( Apex CoVantage‬ذ‪.‬م‪.‬م)‬
‫للوصول إلى مواد الدعم (باللغة اإلنجليزية)‪:‬‬
‫‪www.routledge.com/9781032136608‬‬
‫كلمة‬
‫جمعية االقتصاد االجتماعي‬

‫الحمــد هلل رب العامليــن‪ ،‬والصــاة والســام علــى أشــرف األنبيــاء واملرســلين‪ ،‬نبينــا محمــد‬
‫وعلــى آلــه وصحبــه أجمعيــن‪ .‬أمــا بعــد‪:‬‬

‫فــإن جمعيــة االقتصــاد االجتماعــي تأسســت وهــي تحمــل علــى عاتقهــا خدمــة هــذا املجــال‬
‫املهــم‪ ،‬الــذي يســهم بشــكل فعــال فــي تحقيــق مســتهدفات رؤيــة اململكــة العربيــة الســعودية‪ ،‬ودفــع‬
‫عجلــة التنميــة املســتدامة فــي بلدنــا العزيــز‪.‬‬

‫ولتحقيــق هــذا الهــدف النبيــل اتخــذت الجمعيــة عــدة خطــوات عمليــة مــع شــركائها إلصــدار‬
‫الكتــب وترجمتهــا‪ ،‬ونشــراألبحــاث التطبيقيــة والدراســات املتخصصــة التــي تعنــى بتطويــرمكونــات‬
‫قطــاع االقتصــاد االجتماعــي‪ ،‬والتثقيــف ونشــرالوعــي بأبــرز التطــورات الحديثــة فــي هــذا املجــال‪،‬‬
‫وخاصــة املتعلقــة بالتمويــل االجتماعــي‪.‬‬

‫ومــن هــذا املنطلــق يســرالجمعيــة أن تقــدم كتــاب "أساســيات التمويــل االجتماعــي" والــذي‬
‫نأمــل أن يســهم بــإذن هللا فــي تأســيس منظومــة االســتثمار االجتماعــي فــي اململكــة‪ ،‬ونشــر الوعــي‬
‫بالفــرص التــي يتيحهــا التمويــل واالســتثمار االجتماعــي‪.‬‬

‫ونســأل هللا أن يرزقنــا اإلخــاص فــي القــول والعمــل‪ ،‬وأن يبــارك فــي هــذا اإلصــدار ليحقــق‬
‫األهــداف املنشــودة‪ ،‬وأن يجــزي بالخيــر كل مــن شــارك فــي إعــداده وأســهم فــي نشــره‪.‬‬

‫رئيس مجلس إدارة جمعية االقتصاد االجتماعي‬ ‫ ‬


‫د‪ .‬أحمد بن علي الغامدي‬ ‫ ‬
‫مقدمة الترجمة‬
‫الحمد هلل رب العاملين والصالة والسالم على أشرف األنبياء واملرسلين‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فيعــد التثقيــف ونشــر الوعــي باملاليــة االجتماعيــة مــن أبــرز أهــداف جمعيــة‬
‫االقتصــاد االجتماعــي‪ ،‬والــذي يتــم تحقيقــه مــن خــال التأليــف والترجمــة التــي تســهم‬
‫فــي تنظيــم املعرفــة املتخصصــة حــول هــذا املوضــوع املهــم‪.‬‬
‫وخــال بحــث الجمعيــة عــن كتــاب متخصــص فــي التمويــل االجتماعــي لتقديمــه‬
‫كمــادة أساســية فــي برامجهــا املتعلقــة باملاليــة االجتماعيــة‪ ،‬تــم اقت ـراح ترجمــة هــذا‬
‫الكتــاب‪ ،‬لحداثــة نشــره‪ ،‬والجهــد املبــذول فــي تأليفــه‪ .‬وقــد باركــت الجمعيــة هــذا‬
‫االختيــارلتميــزالكتــاب بجــودة العــرض وشــمول الطــرح‪ .‬وبنــاء عليــه تــم التواصــل مــع‬
‫الناشــر؛ لحصــول الجمعيــة علــى حــق ترجمــة الكتــاب ونشــره باللغــة العربيــة‪ ،‬وهــو مــا‬
‫ً‬
‫تــم بالفعــل مــع تقديــم الناشــرمشــكورا كل مــا يلــزم لتســهيل مهمــة الترجمــة‪.‬‬
‫وترجمــة هــذا الكتــاب أول مشــروع تنفــذه الجمعيــة فــي مجــال الترجمــة‪ .‬وقــد‬
‫ســعت الجمعيــة ألن تكــون الترجمــة بأفضــل جــودة ممكنــة‪ ،‬وأن تنقــل بأمانــة جميــع‬
‫مــا تضمنتــه النســخة اإلنجليزيــة مــن الكتــاب‪ .‬فكانــت املرحلــة األولــى فــي الترجمــة‪،‬‬
‫وتبعتهــا عــدة مراجعــات كان أهمهــا املراجعــة األولــى التــي خصصــت لضبــط جــودة‬
‫الترجمــة وتوحيــد املصطلحــات‪ .‬وقــد شــملت املراجعــات التاليــة الجوانــب العلميــة‪،‬‬
‫واللغويــة‪ ،‬واتســاق العبــارات وســهولة فهــم النــص مــن الق ـراء املســتهدفين‪.‬‬
‫ويتميــزالكتــاب كذلــك بكونــه مرجــع درا�ســي‪ ،‬حيــث يبــدأ كل فصــل مــن فصولــه‬
‫الثمانيــة ببيــان أهــداف الفصــل التعليميــة‪ ،‬ويختمــه بملخــص للفصــل‪ ،‬مــع مقتــرح‬
‫للقـراءة اإلضافيــة‪ ،‬وأســئلة للمراجعــة‪ .‬كمــا يتميــزالكتــاب بالشــمول حيــث اســتعرض‬
‫ً‬
‫تقريبــا جميــع املوضوعــات ذات العالقــة بالتمويــل االجتماعــي‪ ،‬فشــمل موضوعــات‬
‫الريــادة االجتماعيــة‪ ،‬والتمويــل متناهــي الصغــر‪ ،‬واالســتثمار الجــريء الخيــري‪،‬‬
‫وســندات األثــر االجتماعــي‪ ،‬والتمويــل الجماعــي‪ ،‬وقيــاس األثــر‪ .‬ويحســب لهــذا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الكتــاب أنــه خصــص فصــا مســتقال للتمويــل اإلســامي بصفتــه تمويــا اجتماعيــا‪،‬‬
‫ً‬
‫ســواء بجانبــه الربحــي أو غيــرالربحــي‪ .‬كمــا يتميــزالكتــاب بإمكانيــة اســتخدامه مرجعــا‬
‫ً‬
‫أساســيا لتدريــس مقــرر متخصــص فــي التمويــل االجتماعــي‪ ،‬أو برنامــج تأهيلــي فــي‬
‫املاليــة االجتماعيــة‪.‬‬
‫وفــي نهايــة هــذه املقدمــة يســرني التوجــه بالشــكرلجمعيــة االقتصــاد االجتماعــي‪،‬‬
‫ّ‬
‫وراعــي الكتــاب (بنــك الجزيــرة)‪ ،‬والتــي مكــن دعمهمــا العلمــي واملالــي مــن إنجــاز هــذا‬
‫املشــروع املهــم لنشــر العلــم فــي مجــال االقتصــاد االجتماعــي‪ .‬كمــا اتوجــه بالشــكر‬
‫الجزيــل لســعادة أ‪.‬د‪ .‬محمــد إبراهيــم الســحيباني‪ ،‬علــى الجهــد الكبيــرالــذي بذلــه فــي‬
‫مراجعــة ترجمــة الكتــاب‪.‬‬
‫وفــي الختــام‪ ،‬أدعــو هللا أن يســهم نشــرهــذا الكتــاب فــي توفيــرمــادة علميــة قيمــة‬
‫تحقــق إضافــة ملموســة ملجــال التمويــل واالســتثمار االجتماعــي‪ ،‬وأن يثــري املكتبــة‬
‫العربيــة التــي تحتــاج ملثــل هــذا النــوع مــن الكتــب املتميــزة‪.‬‬
‫ ‬
‫مديراملشروع‬ ‫ ‬
‫د‪ .‬باسم بن عبد هللا الزغي ـبـي‬ ‫ ‬
‫أستاذ التمويل املساعد‪ ،‬قسم التمويل واالستثمار‬ ‫ ‬
‫كلية االقتصاد والعلوم اإلدارية‪،‬جامعة اإلمام‬ ‫ ‬
‫محمد بن سعود اإلسالمية‬ ‫ ‬
‫(عضو جمعية االقتصاد االجتماعي)‬
‫أساسيات التمويل االجتماعي‬
‫ً‬
‫يقـ ِّـدم كتــاب أساســيات التمويــل االجتماعــي نظــرة عامــة مثيــرة لالهتمــام‬
‫وبصيغــة ُم َّ‬
‫يســرة لهــذا النظــام املتكامــل الرائــع‪ ،‬يمـ ِـزج فيهــا بيــن الــرؤى ذات الصلــة‬
‫ّ‬
‫بمجالــي التمويــل وريــادة األعمــال االجتماعيــة‪ .‬ويسـ ِـلط الضــوء علــى التحديــات‬
‫الرئيســية التــي تواجــه التمويــل االجتماعــي‪ ،‬ويعــرض فــي الوقــت نفســه ً‬
‫أيضــا فرصــه‬ ‫ِ‬
‫الواســعة‪.‬‬
‫تتضمن املوضوعات التي يغطيها الكتاب التمويل متناهي الصغر‪ ،‬واالستثمار‬ ‫َّ‬
‫الجــريء الخيــري‪ ،‬وســندات األثــر االجتماعــي‪ ،‬والتمويــل الجماعــي‪ ،‬وقيــاس األثــر‪.‬‬
‫وتزخــر فصــول الكتــاب بالكثيــر مــن دراســات الحالــة‪ ،‬وتضــم قــد ًرا متوازًنــا مــن‬
‫وجهــات النظــر األمريكيــة واألوروبيــة واآلســيوية واإلســامية‪ .‬ويحتــوي كل فصـ ٍـل‬
‫ً‬ ‫ُّ‬
‫علــى أهــداف للتعلــم‪ ،‬وأســئلة مطروحــة للنقــاش‪ ،‬فضــا عــن قائمــة باملصطلحــات‬
‫أيضــا يشـ َـرح املفاهيــم املاليــة الرئيســية ُ‬
‫للقـ ّـراء بــا خلفيــة‬ ‫الرئيســية‪ .‬ويوجــد ملحــق ً‬
‫عــن املجــال‪ ،‬إلــى جانــب ش ـرائح ‪ PowerPoint‬قابلــة للتنزيــل مرافقــة لــكل فصــل‪.‬‬
‫ســيكون هــذا الكتــاب ً‬
‫نصــا ّ‬
‫قي ًمــا للطــاب فــي تخصصــات التمويــل‪ ،‬واالســتثمار‪،‬‬
‫وريــادة األعمــال االجتماعيــة‪ ،‬واالبتــكار االجتماعــي‪ ،‬واملجــاالت ذات الصلــة‪ .‬كمــا‬
‫ســيكون مفيـ ًـدا للباحثيــن واملهنييــن وصانعــي السياســات املهتميــن بالتمويــل‬
‫االجتما عــي‪.‬‬

‫أندرياس أندريكوبولوس أستاذ مشا ِرك في مجال التمويل بجامعة إيجة في اليونان‪.‬‬
‫قائمة المحتويات‬

‫‪13‬‬ ‫الجزء األول ‪ :‬ريادة األعمال االجتماعية والتمويل االجتماعي‬

‫‪15‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬ريادة األعمال االجتماعية‬

‫‪51‬‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬التمويل االجتماعي‬

‫‪91‬‬ ‫الجزء الثاني ‪ :‬مؤسسات التمويل االجتماعي‬

‫‪93‬‬ ‫الفصل الثالث ‪ :‬التمويل متناهي الصغر‬

‫‪123‬‬ ‫الفصل الرابع ‪ :‬االستثمار الجريء الخيري‬

‫‪147‬‬ ‫الفصل الخامس ‪ :‬سندات األثر االجتماعي‬

‫‪175‬‬ ‫الفصل السادس ‪ :‬التمويل الجماعي‬

‫‪199‬‬ ‫الفصل السابع ‪ :‬التمويل اإلسالمي‬

‫‪221‬‬ ‫ّ‬
‫الكمي لالستثمارات االجتماعية‬ ‫الفصل الثامن ‪ :‬التقييم‬

‫‪257‬‬ ‫الملحق‪ :‬االقتصاد المالي‪ :‬ثماني نقاط تمهيدية‬

‫‪229‬‬ ‫المصطلحات و المفاهيم األساسية‬


‫الجزء األول‪:‬‬
‫ريادة األعمال االجتماعية‬
‫والتمويل االجتماعي‬
‫ريادة األعمال االجتماعية‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬
‫ريادة األعمال االجتماعية‬
‫سيمكنك بعد قراءة هذا الفصل‪:‬‬
‫تحدد دور رائد األعمال االجتماعي في مؤسسة األعمال االجتماعية‬ ‫‪1 .‬أن ّ‬
‫ِ‬
‫تميزبين األنواع المختلفة لمؤسسات األعمال االجتماعية‬ ‫‪2 .‬أن ّ‬
‫ِ‬
‫المكونات المختلفة لخطة عمل مؤسسة األعمال االجتماعية‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫‪3 .‬أن تتعرف على‬
‫ِ‬
‫تقيــم إســهام االقتصــاد االجتماعــي وريــادة األعمــال االجتماعيــة فــي الرفــاه‬ ‫‪4 .‬أن ّ‬
‫ِ‬
‫االجتماعــي والنمــو االقتصــادي‬
‫توضح أهمية قياس األثرلريادة األعمال االجتماعية‬ ‫‪5 .‬أن ّ‬
‫ِ‬
‫مقدمة‬
‫ُ‬
‫تشــير ريــادة األعمــال إلــى تحمــل املخاطــر املرتبطــة باكتشــاف وإنشــاء وتدشــين‬
‫منتجــات وخدمــات مبتكــرة‪ .‬ويعنــي االبتــكار ‪-‬فــي ســياق ريــادة األعمــال ‪ -‬علــى أنــه‬
‫ميــزة تنافســية مســتدامة يمكــن أن تحقــق الربحيــة مــن خــال إدارة التغييــر‬
‫وتلبيــة احتياجــات العمــاء‪ ،‬بأســلوب يفــوق املؤسســات األخــرى‪ُ .‬‬
‫وتكمــن الركيــزة‬
‫األساســية لريــادة األعمــال فــي املؤسســة‪ ،‬التــي تعتبــرالوحــدة األساســية إلنتــاج الســلع‬
‫املحفــز‪ ،‬ويجمــع بيــن تنظيــم رأس املــال‬‫والخدمــات‪ ،‬مــع ائــد أعمــال يمــا س دور ّ‬
‫ِ‬ ‫ِر‬ ‫ر‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ويخطــط لعمليــة اإلنتــاج‪ ،‬ويضــع التوجــه االســتراتيجي لوحــدة اإلنتــاج‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫والعمالــة‪،‬‬
‫ّ‬
‫ال تنشــأ املؤسســة فــي ف ـراغ اقتصــادي أو اجتماعــي أو سيا�ســي‪ .‬فهــي تشـ ِـكل‬
‫مركـ ًـزا اللتقــاء عالقــات اإلنتــاج‪ ،‬ونقطـ ًـة َّ‬
‫مميــزة فــي املســار التاريخــي للمجتمــع الــذي‬
‫تعمــل فيــه‪ .‬وتنبــع أهميــة املؤسســة لالقتصــاد مــن ترابطهــا مــع مراكــزااللتقــاء األخــرى‬
‫ذات الصلــة باإلنتــاج‪ ،‬مثــل رائــد األعمــال‪ ،‬وموظفــي املؤسســة‪ ،‬واملســتثمرين الذيــن‬
‫ً‬ ‫يزودون املؤسســة برأس املال‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫ومورديها‪ ،‬وعمالئها‪ ،‬ومنافســيها‪ ،‬فضال عن الدولة‪.‬‬
‫ريــادة األعمــال االجتماعيــة جـ ٌ‬
‫ـزء مــن املجــال األوســع لريــادة األعمــال‪ .‬وعلــى‬
‫ّ‬
‫هذا النحو‪ ،‬ورغم احتفاظها ببعض سمات املجال األساسية‪ ،‬إاّل أن ريادة األعمال‬
‫‪2‬‬
‫تختلــف مــن حيــث التنظيــم والتشــغيل والغــرض‪.‬‬
‫االجتماعيــة ِ‬

‫‪15‬‬
‫أساسيات التمويل االجتماعي‬

‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬


‫وتشــير ريــادة األعمــال االجتماعيــة إلــى املخاطــرة‪ ،‬فضــا عــن خلــق الفــرص‬
‫ونشــرها بهــدف توليــد القيمــة االجتماعيــة‪.‬‬
‫تُشير ريــادة األعمال االجتماعية‬ ‫ُ‬
‫وتشــير القيمــة االجتماعيــة إلــى تعزيــز الرفــاه‬
‫ـا عــن خلق‬‫إل ــى الــمُ ــخــاطــرة‪ ،‬فــضـ ً‬
‫الـفـرص واســتــثــمــارهـا بــهــدف‬
‫االجتماعــي مــن خــال التوفيــر املبتكــر للســلع‬
‫تـولـيـد الـقـيـمـة االجتماعية‪.‬‬ ‫العامــة (الصنــدوق ‪ُ 1-1‬يحـ ِّـدد مفهــوم الســلع‬
‫‪3‬‬
‫العامة)‪.‬‬
‫ُ‬
‫وبينمــا تعــد الربحيــة واألثــر االجتماعــي هدفيــن متكامليــن ملؤسســة األعمــال‬
‫(غالبــا مــا ُيسـ ّـمى التراجــع عــن هــذه‬
‫االجتماعيــة‪ ،‬فــإن األثــر االجتماعــي لــه األولويــة ً‬
‫‪4‬‬
‫األولويــة باالنح ـراف عــن الرســالة للمؤسســات االجتماعيــة)‪.‬‬
‫الصندوق ‪ 1-1‬السلع العامة‬
‫عرف السلع أو السلع العامة في علم االقتصاد بأنها السلع التي تتسم بعدم التنافسية‬ ‫ُت َ‬
‫ً‬
‫وتحديدا‪:‬‬ ‫وعدم القابلية لالستبعاد‪.‬‬
‫ُي َ‬
‫قصــد بعــدم التنافســية تلــك الســلع أنــه يمكــن أن يســتهلكها كثيــر مــن املســتهلكين فــي‬
‫آن واحــد؛ أي أن اســتهالكهم ال يؤثــر فــي توافــر العــرض‪ 5.‬ومــن بيــن أمثلــة الســلع التــي تتســم‬
‫بعــدم التنافســية املكتبــات العامــة والطــرق الســريعة ودور األيتــام وضبــط األمــن فــي األماكــن‬
‫العامــة‪ ،‬ومــا شــابه ذلــك‪ .‬فاســتخدام الســائق للطريــق الســريع ال يحــرم غيــره مــن الســائقين‬
‫مــن اســتخدام الطريــق الســريع فــي الوقــت نفســه‪ .‬وباملثــل‪ ،‬تحمــي الشــرطة املحليــة املدنييــن‬
‫الذيــن يقيمــون فــي منطقــة معينــة‪ ،‬بجانــب حمايتهــا ألي شــخص ينتقــل إلــى تلــك املنطقــة‪.‬‬
‫قصــد بالســلع التــي تتســم بعــدم االســتبعاد تلــك الســلع املتوفــرة للجميــع؛ أي أنــه ال‬ ‫ُي ّ‬
‫يمكــن اســتبعاد أي شــخص مــن االســتفادة منهــا‪ .‬ومــن بيــن أمثلــة الســلع التــي تتســم بعــدم‬
‫االســتبعاد املــدارس الحكوميــة واملستشــفيات واملتنزهــات واملالعــب الرياضيــة‪ .‬علــى ســبيل‬
‫املثــال‪ ،‬التعليــم االبتدائــي إلزامــي لجميــع األطفــال الذيــن تزيــد أعمارهــم علــى ‪ 6‬ســنوات؛ كمــا‬
‫ـتبعد أي أحــد علــى أســاس‬ ‫أن املالعــب مفتوحــة لجميــع املدنييــن (علــى ســبيل املثــال‪ ،‬ال ُيسـ َ‬
‫َدخلــه)‪.‬‬
‫وفقا لتعريف السلع العامة‪ ،‬من املهم إبداء املالحظات التالية‪:‬‬ ‫ً‬
‫ـوما مباشــرة‪ ،‬ولكنهــا فــي‬‫تكبــد مســتخدمها رسـ ً‬ ‫‪1 .‬الســلع العامــة ليســت مجانيــة؛ فهــي قــد ال ّ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫ـتخدم مــوارد املجتمــع‪ .‬فعلــى ســبيل املثــال‪ ،‬ربمــا ال تفـ َـرض رســوم علــى ســكان‬ ‫الواقــع تسـ ِ‬
‫منطقــة معينــة الســتخدام امللعــب‪ ،‬لكــن بنــاء امللعــب يتضمــن تكاليــف (مثــل اســتخدام‬
‫ً‬
‫األرض‪ ،‬ومــواد البنــاء‪ ،‬وخدمــات املهندســين‪ ،‬واملقاوليــن مــن الباطــن‪ ،‬فضــا عــن أعضــاء‬
‫مجلــس املدينــة املحلــي)‪ .‬ويجــب كذلــك وضــع تكاليــف الصيانــة فــي االعتبــار‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫ريادة األعمال االجتماعية‬ ‫‪1‬‬

‫‪2 .‬ال توجــد منفعــة عامــة بالكامــل (أي تتســم بعــدم التنافســية وعــدم االســتبعاد)‪ .‬علــى ســبيل‬
‫املثــال‪ ،‬تقــل قــدرة مركــز الشــرطة املحليــة علــى توفيــر الحمايــة لســكان منطقــة معينــة مــع‬
‫زيــادة الســكان املحلييــن فــوق مســتوى معيــن‪ .‬وباملثــل‪ ،‬مــن املمكــن أن تكــون الحضانــة‬
‫العامــة فــي منطقــة معينــة غيــرقــادرة علــى خدمــة جميــع األطفــال املقيميــن فــي تلــك املنطقــة‪،‬‬
‫وهــذا ســيؤدي إلــى اســتبعاد بعــض األطفــال مــن الخدمــة علــى أســاس دخــل والديهــم‪.‬‬
‫ـوما نظيــر اســتخدام‬ ‫وتتضمــن األمثلــة األخــرى اســتبعاد الســائقين الذيــن ال يســددون رسـ ً‬
‫َّ‬
‫أج ـزاء مــن شــبكة الطــرق الســريعة الوطنيــة‪ ،‬أو تقييــد الوصــول إلــى وســط املدينــة‪ ،‬بنـ ًـاء‬
‫علــى الرقــم األخيــر مــن لوحــات أرقــام الســيارات‪.‬‬

‫تتســم معظــم الســلع والخدمــات ببعــض خصائــص الســلع العامــة؛ أي أنهــا‬


‫كبــد اســتحقاقات وتكاليــف لجهــات ال تشــارك مشــاركة مباشــرة فــي توفيــرهــذه‬ ‫قــد ُت ّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الســلع أو اســتهالكها أو كليهمــا‪ .‬علــى ســبيل املثــال‪ ،‬فــي بعــض األحيــان قــد تتــاح فرصــة‬
‫مشــاهدة فيلــم ُيعـ َـرض بإحــدى دور الســينما فــي الهــواء الطلــق لشــخص يعيــش فــي‬
‫ُ‬
‫زعــج‬‫مجمــع ســكني قريــب‪ ،‬ومــن شــرفته مــن دون مقابــل‪ .‬وعلــى النقيــض‪ ،‬ربمــا ي ِ‬
‫عــرض الفيلــم أحــد الجيـران ممــن ال تشــملهم املعاملــة بيــن الطــرف الــذي ينتــج الفيلــم‬
‫والطــرف اآلخــرالــذي يســدد ثمــن التذكــرة ملشــاهدته‪ .‬وباملثــل فــي منطقــة زراعيــة‪ ،‬ال‬
‫يؤثــر تنظيــف الفنــاء الخارجــي مــن األعشــاب الجافــة فــي األشــخاص الذيــن تشــملهم‬
‫ّ‬
‫ينظفهــا‪،‬‬ ‫هــذه املعاملــة فحســب‪ ،‬وخاصــة صاحــب الفنــاء الخارجــي والعامــل الــذي ِ‬
‫أيضــا فــي الجي ـران اآلخريــن؛ إذ تســهم فــي حمايتهــم ‪-‬مــن دون إســهامهم فــي‬ ‫بــل تؤثــر ً‬
‫التكاليــف ‪ -‬مــن خطــر الحرائــق أو الثعابيــن‪ .‬ومــن منطلــق ُ‬
‫الح َّجــة نفســها‪ ،‬فــإن‬
‫عمليــة شـراء الكتــاب ال تخــص الناشــرواملؤلــف والقــارئ فحســب‪ .‬بــل تؤثــرفــي ســكان‬
‫املنطقــة التــي يوجــد بهــا مصنــع الــورق‪ ،‬وقــد تؤثــر ً‬
‫أيضــا فــي املجتمــع بأكملــه‪ ،‬عــن‬
‫طريــق التأثيــر فــي حيــاة األشــخاص الذيــن ال ينشــرون الكتــب أو يقرؤونهــا‬

‫علــى ســبيل املثــال‪ Thistle Farms ،‬مؤسســة أعمــال اجتماعيــة أسســتها‬


‫َّ‬
‫بيــكا ســتيفنز فــي عــام ‪ ‎6.1997‬وتتمثــل مهمتهــا فــي حمايــة الســيدات الالئــي وقعــن‬
‫ضحيــة لالعتــداء الجن�ســي أو االتجــاربهــن أو هربــن مــن إدمــان املخــدرات وتمكينهــن‪.‬‬
‫ً‬ ‫ُ ّ‬
‫وفــرمؤسســة ‪ Thistle Farms‬لهــؤالء الســيدات الســكن والتدريــب والعمــل‪ ،‬فضــا‬ ‫ت ِ‬
‫َّ‬
‫يتمثــل تحديـ ًـدا فــي إنتــاج مزيــات العــرق‬ ‫عــن توفيــر األجــر مقابــل عملهــن‪ ،‬والــذي‬
‫ُ‬
‫ومســتحضرات التجميــل واملجوه ـرات‪ .‬وتحا ِفــظ املؤسســة علــى دورهــا االجتماعــي‪،‬‬
‫ّ‬
‫علــى الرغــم مــن إتاحــة منتجاتهــا فــي الســوق بأســعار ِ‬
‫توفــراالســتدامة املاليــة ألعمالهــا‪.‬‬
‫ّ‬
‫تمثــل مؤسســة ‪ Auticon‬حالــة أخــرى مــن حــاالت مؤسســات األعمــال االجتماعيــة‬ ‫ِ‬

‫‪17‬‬
‫أساسيات التمويل االجتماعي‬

‫وتأسســت املؤسســة علــى يــد ديــرك ميمــر ريمــوس فــي عــام ‪ 2011‬فــي برليــن‪ ،‬بعــد‬
‫ّ‬
‫وتوفــر املؤسســة خدمــات تطويــر‬ ‫أن ألهمــه تشــخيص ابنــه بمتالزمــة أســبرجر‪ِ .‬‬
‫البرمجيــات‪ ،‬وضمــان الجــودة‪ ،‬وتحليــل البيانــات لقطــاع كبيــرمــن الشــركات‪ .‬ويعانــي‬
‫جميــع مستشــاريها فــي مجــال تقنيــة املعلومــات مــن اضطرابــات طيــف التوحــد‪ .‬وفــي‬
‫توســعت املؤسســة فوصلــت إلــى اململكــة املتحــدة‪ ،‬وتنشــط اآلن ً‬
‫أيضــا‬ ‫عــام ‪َّ ،2016‬‬
‫فــي فرنســا وسويسـرا والواليــات املتحــدة األمريكيــة وإيطاليــا وكنــدا وأســتراليا‪ .‬ويضــم‬
‫مسـ�تثمروها صنـ�دو ق ‪ Ananda Social Venture Fund‬و‪ Virgin Group‬و�‪Es‬‬
‫‪ 7.mée Fairbairn Foundation‬وبينمــا تســعى مؤسســة ‪ Auticon‬إلــى تحقيــق الربــح‬
‫ّ‬
‫يمثــل اإلدمــاج االجتماعــي لألشــخاص الذيــن يعانــون مــن اضطرابــات طيــف‬ ‫والنمــو‪ِ ،‬‬
‫ً‬
‫مكونـ�ا أساسـ�يا فـ�ي هويتهـ�ا‪ .‬ويعـ ِ�رض الصنـ�دو ق ‪ 1-2‬حالــة مؤسســة �‪Lively‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫التوحـ�د ِ‬
‫‪ ،Hoods‬وهــي مؤسســة أعمــال اجتماعيــة نشــطة فــي كينيــا‪.‬‬
‫الصندوق ‪ 2-1‬مؤسسة ‪LivelyHoods‬‬
‫تعالــج مؤسســة ‪ LivelyHoods‬املشــكالت االجتماعيــة والبيئيــة فــي األحيــاء الفقيــرة فــي‬ ‫ِ‬
‫‪8‬‬
‫املــدن الكينيــة‪.‬‬
‫وتأسســت فــي عــام ‪ 2011‬علــى يــد تانيــا الدن‪ ،‬بوصفهــا منظمــة غيــرهادفــة للربــح ومقرهــا‬ ‫َّ‬
‫الواليــات املتحــدة‪ ،‬ومؤسســة أعمــال اجتماعيــة كينيــة‪ .‬ويعانــي مــا يقــرب مــن ‪ 70%‬مــن‬
‫الشــباب داخــل األحيــاء الفقيــرة الكينيــة مــن البطالــة‪ ،‬مــع زيــادة صعوبــة العمــل للم ـرأة‪.‬‬
‫باإلضافــة إلــى ذلــك‪ ،‬تحـ ِـرق معظــم األســر األخشــاب للطهــي؛ مــا يــؤدي إلــى انبعــاث أبخــرة‬
‫ســامة تــودي بحيــاة الكثيــرمــن الكينييــن‪ .‬وتصــل املشــكالت البيئيــة إلــى ذروتهــا بســبب إزالــة‬
‫ُ‬
‫الغابــات؛ إذ ق�ضــي علــى ‪ 83%‬مــن الغابــات فــي كينيــا علــى مــدارالســنوات الخمســين املاضيــة‪.‬‬
‫وتتمثــل اســتجابة مؤسســة ‪ LivelyHoods‬فــي توظيــف الشــباب الكينــي الذيــن يبيعــون‬ ‫َّ‬
‫منتجــات صديقــة للبيئــة فــي األحيــاء الفقيــرة وتدريبهــم‪ .‬ومــن ثــم؛ يجــد الشــباب الكينــي فــرص‬
‫وتتحســن ظروفهــم املعيشــية‬ ‫َّ‬ ‫العمــل والتدريــب واملبيعــات واألعمــال التجاريــة مــن ناحيــة‪،‬‬
‫بفضــل منتجــات الطاقــة الشمســية (املصابيــح فــي األســاس)‪ ،‬ومواقــد الطهــي التــي تعمــل‬
‫توفــر الطاقــة (والتكاليــف ً‬ ‫ّ‬
‫أيضــا) وتحمــي البيئــة‬ ‫بالطاقــة النظيفــة‪ ،‬واألجهــزة املنزليــة التــي ِ‬
‫ى ّ‬
‫وتمثــل اإلنــاث واحـ ًـدا وســتين فــي املئــة‬
‫والصحــة فــي األحيــاء الفقيــرة الكينيــة مــن ناحيــة أخــر ‪ِ .‬‬
‫َّ‬
‫مــن موظفــي مؤسســة ‪ ،LivelyHoods‬وقــد وفــرت املؤسســة منــذ عــام ‪ 2011‬مــا يقــرب مــن‬
‫ودربــت مــا يزيــد علــى ‪ 4000‬شــاب كينــي‪ ،‬وحققــت وفــورات فــي الطاقــة تزيــد‬ ‫‪ 2000‬وظيفــة‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫قيمتهــا علــى ‪ 22‬مليــون دوالر أمريكــي‪ ،‬وأنقــذت أكثــر مــن ‪ 700000‬شــجرة‪ .‬ولعــل اإلنجــاز‬
‫األكثــر أهميــة ‪ -‬فيمــا يخــص مكافحــة الفقــر والحفــاظ علــى التماســك االجتماعــي ‪ -‬كان فــي‬

‫‪18‬‬
‫ريادة األعمال االجتماعية‬ ‫‪1‬‬

‫إنشــاء ‪ 50%‬مــن فريــق املبيعــات مشــاريعهن التجاريــة الخاصــة‪ ،‬مــع هبــوط نســبة تعـ ُّـرض‬
‫ـدرب للفقــرإلــى ‪ً 90%‬‬
‫تقريبــا للعــام األول بعــد التدريــب‪ .‬وفــازت مؤسســة‬ ‫فريــق املبيعــات املـ َّ‬
‫‪ LivelyHoods‬بكثيــر مــن الجوائــز‪ ،‬ويتضمــن شــركاؤها فــي التمويــل منظمــات مثــل وكالــة‬
‫التنميــة الدوليــة التابعــة للواليــات املتحــدة‪ ،‬والصنــدوق االســتئماني لش ـراكة الطاقــة‬
‫والبيئــة (‪ ،)EEP Africa‬ومؤسســة ‪ ،Rockefeller Foundation‬والتحالــف العالمــي مــن‬
‫أجــل مواقــد طهــي نظيفــة‪ ،‬ومؤسســة‪.Osprey Foundation‬‬
‫ّ‬
‫تركــز ريــادة األعمــال االجتماعيــة علــى التصـ ّـدي ألوجــه انعــدام املســاواة‬ ‫ِ‬
‫االقتصاديــة واالجتماعيــة‪ ،‬مــن خــال توفيــر‬
‫تــركِّــز ري ــادة األعــمــال االجتماعية‬
‫الغــذاء والســكن والرعايــة الطبيــة والتعليــم‬
‫عــلــى الــتــص ـدّي ألوجــــــــه انــــــــعــــــــدام‬ ‫للمحتاجيــن‪ ،‬ومــن خــال حمايــة البيئــة‪،‬‬
‫الــــــــمــــــــســــــــاواة االقــــــــتــــــــصــــــــاديــــــــة‬ ‫وتقديــم املســاعدات الدوليــة فــي حــاالت‬
‫واالجتماعية‪ ،‬مـن خــالل تــوفــيــر‬ ‫‪9‬‬
‫الكــوارث الطبيعيــة أو األوبئــة أو الحــروب‪.‬‬
‫الــــــــغــــــــذاء والــــــــســــــــكــن والـــــرعـــــايــة‬ ‫ّ‬
‫تمثــل أحــد‬‫وبالنظــرإلــى أن مثــل هــذه األهــداف ِ‬
‫الـــــــــــطـــــــــــبـــــــــــيـــــــــــة والــــــــتــــــــعــــــــلــــــــيــــــــم‬
‫لـلـمـحـتـاجـيـن‪ ،‬ومــن خــال حماية‬
‫مجــاالت السياســة العامــة‪ ،‬فمــن املمكــن‬
‫الــبــيــئــة‪ ،‬وت ــق ــدي ــم الــمــســاعــدات‬ ‫القــول إن ريــادة األعمــال االجتماعيــة تحظــى‬
‫الـ ــدولـ ــيـ ــة فـ ــي حــــــاالت الـ ــكـ ــوارث‬ ‫بــدور مكمــل‪ -‬أو بديــل ‪ -‬للجهــود املماثلــة مــن‬
‫الطبيعية أو األوبئة أو الحروب‪.‬‬ ‫جانــب الدولــة‪ .‬علــى ســبيل املثــال‪َ ،‬‬
‫تعمــل‬
‫مؤسســة األعمــال االجتماعيــة التــي تتولــى‬
‫مكمــل أو‬ ‫ّ‬
‫مهمــة إعــادة تأهيــل األشــخاص املدمنيــن علــى املــواد املخــدرة فــي مجــال عمــل ِ‬
‫جزئيــا ملركــز إعــادة التأهيــل العــام‪ .‬إن املكانــة الفريــدة التــي تشــغلها مؤسســة‬ ‫بديــل ً‬
‫األعمال االجتماعية بين القطاعين الخاص والعام ‪ -‬والتي تماثل املكانة نفسها التي‬
‫ُ‬
‫يشــغلها املجتمــع املدنــي ‪ - 10‬تبـ ِـرز دور رائــد األعمــال االجتماعيــة‪ ،‬وهــو دور يجمــع بيــن‬
‫رائد األعمال التقليدي الذي يســعى لتحقيق األرباح‪ ،‬واملســؤول العام الذي ُيشــا ِرك‬
‫ً‬
‫فــي توفيــرالســلع العامــة نيابــة عــن الحكومــة (الشــكل ‪ .)1-1‬وألغ ـراض هــذا الكتــاب‪،‬‬
‫تعـ َّـرف املؤسســات التقليديــة بأنهــا شــركات هادفــة للربــح‪ ،‬وبــدون أي مســؤولية‬
‫اجتماعية‪.‬‬
‫مؤسسة‬
‫القطاع العام‬ ‫األعمال‬ ‫القطاع الخاص‬
‫االجتماعية‬

‫الشكل ‪ 1-1‬مؤسسة األعمال االجتماعية والقطاع الخاص والقطاع العام‬

‫‪19‬‬
‫أساسيات التمويل االجتماعي‬

‫نظرا ملشاركتهم‬ ‫ويقع رواد األعمال االجتماعية بين القطاعين الخاص والعام؛ ً‬
‫أيضــا التحــدي الرئي�ســي الــذي يواجهونــه‪،‬‬ ‫فــي توفيــرالســلع العامــة‪ .‬ويحـ ّـدد مركزهــم ً‬
‫ِ‬
‫وتحديـ ًـدا توفيــر الســلع العامــة مــن ناحيــة‪ ،‬والســعي إلــى تحقيــق الجــدوى املاليــة‬
‫وتعتمــد جــدوى عمليــة اإلنتــاج مــن املنشــأة الفرديــة علــى تقلبــات‬ ‫ِ‬ ‫مــن ناحيــة أخــرى‪.‬‬
‫ً‬
‫الطلب على املنتجات التي تنتجها‪ ،‬فضال عن تقلبات املعروض من العمالة‪ ،‬ورأس‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫تناقضــا‬ ‫املــال‪ ،‬وغيــر ذلــك مــن املــوارد الضروريــة لعمليــة اإلنتــاج‪ .‬وهــذا يتناقــض‬
‫ُ‬
‫حـ ًـادا مــع حالــة توفيــر الســلع العامــة مــن الدولــة‪ ،‬والتــي تعـ ّـد أكثــر اســتقرا ًرا بكثيــر‬
‫(وإن كانــت مــا ت ـزال تخضــع لقواعــد االســتدامة املاليــة)‪ .‬علــى ســبيل املثــال‪ ،‬يجــب‬
‫عمــال يعانــون مــن‬ ‫علــى مؤسســة األعمــال االجتماعيــة التــي تبيــع حلويــات يصنعهــا ّ‬
‫ً‬
‫تحديــات اجتماعيــة ونفســية فــي املؤسســة أن تراعــي اعتبــارات الربحيــة‪ ،‬فضــا عــن‬
‫َّ‬
‫الوفــاء بالتزاماتهــا املاليــة تجــاه دائنيهــا وموظفيهــا وشــركائها‪ ،‬فــي الوقــت الــذي تتمكــن‬
‫فيــه مــن خدمــة عمالئهــا بطريقــة ُم َ‬
‫رضيــة‪.‬‬
‫ّ‬
‫تغطــي ريــادة األعمــال االجتماعيــة مجموعــة واســعة مــن املبــادرات والتدخــات‬
‫االجتماعية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬تكمن السمة املشتركة الرئيسية لجميع مؤسسات األعمال‬
‫االجتماعية في أن غرضها يتجاوز السعي لتحقيق الربح‪ 11.‬ولتؤهل الشركات أنفسها‬
‫لتصبــح مؤسســات اجتماعيــة‪ ،‬مــن الضــروري أن تهــدف إلــى إحــداث أثــر اجتماعــي‬
‫إيجابــي‪ ،‬بأســلوب ال يختلــف عــن ربحيتهــا فحســب‪ ،‬بــل وفــي بعــض األحيــان ضدهــا‬
‫(الشــكل ‪ .)1-2‬ورغــم ذلــك‪ ،‬فــإن كل ســعي إلحــداث أثــراجتماعــي ال ُيعتـ ّـد بــه كمثــال‬
‫لريــادة األعمــال االجتماعيــة (علــى ســبيل املثــال‪ ،‬اإلج ـراء الــذي تتخــذه شــركة التبــغ‬
‫إلبــاغ الشــباب باألثــر الضــار للتدخيــن ال يجعلهــا مؤسســة أعمــال اجتماعيــة)‪.‬‬
‫أيضــا باالبتــكار االجتماعــي‪ .‬ويظهــر االبتــكار‬ ‫ترتبــط ريــادة األعمــال االجتماعيــة ً‬
‫غالبــا فــي صــورة ش ـراكة بيــن القطــاع العــام والقطــاع الخــاص واملجتمــع‬ ‫االجتماعــي ً‬
‫وغالبــا مــا يتجــاوز دور ريــادة األعمــال االجتماعيــة املعتــاد إلــى معالجــة‬ ‫ً‬ ‫املدنــي‪،12‬‬
‫َّ‬
‫املشــكالت االجتماعيــة بهيــاكل جديــدة فعالــة ومســتدامة‪ .‬علــى ســبيل املثــال‪ ،‬شــكل‬
‫التعــاون بيــن البنــوك والقطــاع العــام واملتطوعيــن واملنظمــات الخاصــة التــي تقـ ِّـدم‬
‫الخدمــات االجتماعيــة ابتــكا ًرا فــي حالــة إعــادة دمــج الســجناء الســابقين فــي املجتمــع‬
‫َّ‬
‫بمدينــة بيتربــورو فــي اململكــة املتحــدة‪ .‬لــذا؛ تمثــل االبتــكاراالجتماعــي فــي هــذه الحالــة‬
‫فــي التغييــر فــي سياســة مكافحــة الجريمــة فــي حــد ذاتهــا‪ ،‬والتــي تجــاوزت حــدود عمــل‬
‫ـكل الجهــات املشــاركة‪.‬‬ ‫ريــادة األعمــال االجتماعيــة لـ ٍ‬

‫‪20‬‬
‫ريادة األعمال االجتماعية‬ ‫‪1‬‬

‫ترتبــط ريــادة األعمــال االجتماعيــة بأنشــطة غيــر نمطيــة فــي التاريــخ االقتصــادي‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫الحديــث‪ .‬وتشـ ِـكل الحركــة التعاونيــة لروبــرت أويــن فــي القــرن التاســع عشــر مثــاال علــى‬
‫ذلــك فــي املســار الحديــث لالقتصــاد االجتماعــي‪ .‬كمــا أن األعمــال املصرفيــة التعاونيــة‬
‫وريــادة األعمــال التــي نشــأت علــى مــدار القــرون الثالثــة املاضيــة‪ ،‬إلــى جانــب أشــكال‬
‫املؤسســات التعاونيــة التــي ظهــرت فــي أعقــاب مبــادرات جــان بابتيســت أندريــه غوديــن‬
‫فــي فرنســا فــي القــرن التاســع عشــر‪ ،‬مؤهلــة لريــادة األعمــال االجتماعيــة‪ .‬وفــي اآلونــة‬
‫َّ‬
‫األخيــرة‪ ،‬ســلط التمويــل متناهــي الصغــرفــي االقتصــادات الناشــئة الضــوء علــى الطــرق‬
‫تجمــع بيــن الربــح والدعــم املالــي للمعدميــن‪،‬‬‫التــي يمكــن بهــا لألنشــطة املصرفيــة أن َ‬
‫الذيــن لــوال ذلــك الســتبعدوا مــن األســواق النقديــة التقليديــة وأســواق رأس املــال‪ ،‬مــع‬
‫إدراج األولويــات والهيــاكل املحــددة للمجتمعــات املحليــة‪ .‬كمــا ُيلقــي منــح جائــزة نوبــل‬
‫للســام إلــى محمــد يونــس‪ ،‬تقديـ ًـرا لعملــه الرائــد مــع مصــرف «غراميــن» فــي بنغالديــش‪،‬‬
‫الضــوء علــى األهميــة االقتصاديــة والثقــل السيا�ســي َّ‬
‫املميــزلريــادة األعمــال االجتماعيــة‬
‫والتمويــل االجتماعــي (انظــر الفصــل الخامــس ملناقشــة الخصائــص املميــزة للتمويــل‬
‫متناهــي الصغــر)‪.‬‬
‫مؤسسة‬
‫األعمال‬
‫االجتماعية‬

‫األثر االجتماعي‬ ‫الربحية‬

‫الشكل ‪ 2-1‬أهداف مؤسسة األعمال االجتماعية‬

‫االقتصاد االجتماعي ومؤسسة األعمال االجتماعية‬


‫ُيشــير مصطلــح االقتصــاد االجتماعــي بوجـ ٍـه عــام إلــى اقت ـران القطــاع الخــاص‬
‫َّ‬
‫بالقطــاع العــام فــي عمليــات اإلنتــاج‪ .‬ومــن ثــم؛ يتعلــق االقتصــاد االجتماعــي بمشــاركة‬
‫َّ‬
‫الكيانــات الخاصــة‪ ،‬التــي تتمثــل مهمتهــا فــي تعزيــز الرفــاه االجتماعــي أو الحفــاظ علــى‬
‫البيئــة‪ ،‬فــي توفيــرالســلع العامــة (التخفيــف مــن اإلقصــاء االجتماعــي والفقــراملدقــع‬
‫ّ‬
‫مــن بيــن األمثلــة املميــزة ألهــداف االقتصــاد االجتماعــي)‪ .‬وفــي الحــاالت التــي قــد يتعــذر‬
‫فيهــا علــى القطــاع العــام االســتجابة لهــذه التحديــات بطريقــة فعالــة مــن خــال‬
‫ّ‬
‫يوفــر هــذه األنشــطة بطريقــة‬ ‫السياســة االجتماعيــة‪ ،‬فيمكــن للقطــاع الخــاص أن ِ‬
‫‪21‬‬
‫أساسيات التمويل االجتماعي‬

‫َ‬
‫وغالبــا مــا ُيطلــق علــى االقتصــاد االجتماعــي‬
‫ً‬ ‫نموذجيــة تســعى إلــى تحقيــق الربــح‪.‬‬
‫القطــاع الثالــث أو القطــاع االجتماعــي لالقتصــاد‪ ،‬ويتجــاوز حــدود مؤسســات‬
‫األعمــال االجتماعيــة‪ ،‬ليشـ َـمل مجموعــة واســعة مــن منظمــات املجتمــع املدنــي التــي‬
‫َّ‬
‫لتتجنــب بذلــك اإلطــار اإلداري‬ ‫تحظــى باملزايــا املرتبطــة بمرونــة القطــاع الخــاص‪،‬‬
‫الصــارم (فــي بعــض األحيــان) للخدمــات الحكوميــة‪ ،‬وتســد الفجــوة فــي السياســات‬
‫االجتماعيــة والتعليميــة والثقافيــة والبيئيــة للحكومــة‪ُ .‬ويعــد االقتصــاد االجتماعــي‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ويوظــف مــا يقــرب مــن ‪ 6%‬مــن القــوة العاملــة‪ ،‬ويشــكل مــا‬ ‫ِ‬ ‫قطاعــا ســريع النمــو‪،‬‬
‫ّ‬
‫نســبته ‪ 10%‬مــن جميــع الشــركات فــي االتحــاد األوروبــي‪ 13.‬ومــن ثــم؛ يشـ ِـكل تحليــل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫االقتصــاد االجتماعــي وريــادة األعمــال االجتماعيــة مجــاال مســتجدا فــي النظريــة‬
‫االقتصادية للمنشأة‪ ،‬ودراسة األسواق‪ ،‬والتنمية االقتصادية‪.‬‬
‫يعتمــد مصطلــح االقتصــاد االجتماعــي‬ ‫ِ‬
‫يــــــــصــــــــعــــــــب الــــــــتــــــــمــــــــيــــــــيــــــــز بــيــن‬ ‫علــى التمييــز بيــن القطاعيــن العــام والخــاص‬
‫األنــشـطـة اإلنــتــاجـيـة لـلـقـطـاعـيـن‬
‫لالقتصــاد‪ .‬ورغــم ذلــك‪ ،‬فــإن التمييــز بيــن‬
‫الــعــام وال ــخ ــاص؛ ألن الـمعايير‬
‫الـمـخـتـلـفـة الـمـصـمـمـة لـلــتــمــيـيـز‬
‫األنشــطة اإلنتاجيــة للقطاعيــن العــام‬
‫صمــم‬‫ُ ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بـيـنـهـمـا قـد تـضـع حـدودًا مختلفة‬ ‫والخــاص ليــس واضحــا دائمــا؛ فقــد ت ِ‬
‫بين القطاعين‪.‬‬ ‫ـدودا مختلفــة بيــن‬ ‫املعاييــر املختلفــة حـ ً‬
‫القطاعيــن‪ .‬فعلــى ســبيل املثــال‪ ،‬قــد تتشــابه‬
‫ّ‬
‫الخدمــات التــي توفرهــا املستشــفيات الخاصــة والعامــة فــي طبيعتهــا‪ ،‬لكنهــا تختلــف‬
‫تمامــا مــن حيــث مصــادرالتمويــل ومجموعــات املر�ضــى الذيــن يدخلــون املستشــفى أو‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫يوفــرأحــد املرافــق الترفيهيــة البلديــة خدمــات‬ ‫ِ‬ ‫ُيعالجــون فيهــا أو كليهمــا‪ .‬وباملثــل‪ ،‬ربمــا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يوفرهــا أحــد املرافــق الخاصــة ذات الصلــة‪ ،‬إاّل أنــه أ) ال يســعى إلــى‬ ‫خاصــة مثــل التــي ِ‬
‫تحقيق الربحية كهدف على حســاب مصلحة املجتمع املحلي‪ ،‬ب) وإذا كان تشــغيله‬
‫ماليــا‪ .‬ومــن نفــس املنطلــق‪،‬‬ ‫ماليــا‪ ،‬فقــد تضمــن الحكومــة املحليــة إنقاذهــا ً‬ ‫غيــر ُمجـ ٍـد ً‬
‫يمكــن للمتحــف الــذي تــم تشــييده بتبـ ُّـرع خــاص‪ ،‬ويحتــاج إلــى رســوم دخــول مــن‬
‫الــزوار‪ ،‬أن يقـ ِّـدم خدمــة مماثلــة للمتحــف العــام الــذي شــيدته وزارة الثقافــة (علــى‬
‫قدمــة فــي هــذه الحالــة تحديـ ًـدا فــي التاريــخ‬ ‫تتمثــل املنفعــة العامــة املُ َّ‬‫َّ‬
‫ســبيل املثــال‪ ،‬قــد‬
‫الوطني)‪ .‬ومن ثم؛ تختلف املنظمتان في املقام األول في طرق تمويل بنيتهما التحتية‬
‫وعملياتهمــا‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ريادة األعمال االجتماعية‬ ‫‪1‬‬

‫مؤسسات األعمال االجتماعية‪ :‬التصنيف وتوضيح‬


‫المعالم‬
‫تختلــف أنــواع مؤسســات األعمــال االجتماعيــة بنـ ًـاء علــى موقفهــا مــن األربــاح‪،‬‬
‫وشــكلها القانونــي‪ ،‬وعالقتهــا ُبرعاتهــا والدولــة وموظفيهــا واملجتمعــات التــي تحــاول‬
‫لتوجــه تلــك املؤسســات للربــح‪ ،‬يمكــن تمييــز‬ ‫تلــك املؤسســات دعمهــا‪ً 16،15،14.‬‬
‫ووفقــا ُّ‬
‫مؤسســات األعمــال االجتماعيــة علــى النحــو التالــي‪:‬‬
‫مجانــا‪ ،‬وتحظــى بدعــم‬‫تمامــا‪ ،‬تقـ ّـدم خدماتهــا ً‬ ‫‪1 .‬منظمــات غيــر هادفــة للربــح ً‬
‫ِ‬
‫العمــل التطوعــي والتبرعــات إلــى حــد كبيــر‪.‬‬
‫ّ‬
‫وتوفــرالســلع والخدمــات بمنظــور‬ ‫تكتســب عوامــل اإلنتــاج‪ِ ،‬‬ ‫‪2 .‬مؤسســات ربحيــة ِ‬
‫الســوق‪ ،‬وإن كانــت تحافــظ علــى التركيــزعلــى القضايــا االجتماعيــة والبيئيــة‪.‬‬
‫تجمــع بيــن خصائــص الســوق والتضامــن والعمــل الخيــري‪،‬‬ ‫‪3 .‬منظمــات هجينــة َ‬
‫وتقـ ِّـدم خدماتهــا بأســعارأقــل مــن الســوق‪ ،‬ومــن ثــم تدفــع مبالــغ أقــل لعوامــل‬
‫اإلنتــاج التــي تســتخدمها (علــى ســبيل المثــال‪ ،‬ربمــا ال يكــون موظفوهــا مــن‬
‫لكنهــم يتقاضــون أجـ ً‬
‫ـورا أقــل مــن الســعر الحالــي للســوق)‪.‬‬ ‫المتطوعيــن‪ّ ،‬‬
‫َّ‬
‫ويوجــد تصنيــف آخــر ملؤسســات األعمــال االجتماعيــة يتعلــق بوضعهــا بيــن‬
‫عامــل مؤسســات األعمــال‬ ‫محــوري القطاعيــن العــام والخــاص‪ .‬ففــي هــذا التحليــل‪ُ ،‬ت َ‬
‫ً‬
‫االجتماعيــة بوصفهــا رابطــا بيــن أســاليب اإلنتــاج املختلفــة‪ .‬فعلــى ســبيل املثــال‪ ،‬قــد‬
‫ّ‬
‫يتــم توفيــرالســلع العامــة بمشــاركة القطــاع الخــاص‪ ،‬الــذي يشـ ِـكل أســاس مؤسســة‬
‫األعمــال االجتماعيــة‪ ،‬مــن تعــاون القطــاع الخــاص مــع الحكومــة‪ ،‬وتعــاون املؤسســة‬
‫ً‬
‫الخاصــة مــع املنظمــات الخيريــة‪ ،‬فضــا عــن تعــاون املنظمــات الخيريــة مــع الحكومــة‬
‫مكــن فــي بعــض األحيــان الجمــع بيــن جميــع أنــواع املنظمــات‬ ‫ُ‬
‫بطبيعــة الحــال‪ .‬لــذا؛ ي ِ‬
‫الثــاث‪ .‬وتضـ ِـرب ســندات األثــر االجتماعــي إلعــادة دمــج الســجناء الســابقين فــي‬
‫ً‬
‫املجتمــع بواليــة ماساتشوســتس مثــاال علــى ذلــك (انظــر الفصــل الخامــس)‪.‬‬
‫ـددا كبيـ ًـرا مــن املنظمــات واألف ـراد قــد يســعون إلــى‬ ‫وعلــى الرغــم مــن أن عـ ً‬
‫ّ‬
‫تحمــل طبيعــة الســلع العامــة‪ ،‬إاّل أن ريــادة األعمــال االجتماعيــة‬ ‫توفيــر منتجــات ِ‬
‫ّ‬
‫تتمتــع بخصائــص خاصــة تميزهــا عــن األشــكال األخــرى مــن التدخــات االجتماعيــة‪.‬‬
‫وتتضمــن هــذه الخصائــص التركيــزعلــى االبتــكاروالجــدوى املاليــة للمؤسســة‪ ،‬واألهــم‬
‫مــن ذلــك‪ ،‬التركيــز علــى توفيــر الســلع العامــة‪ .‬وعلــى الرغــم مــن أن بعــض أنشــطة‬

‫‪23‬‬
‫أساسيات التمويل االجتماعي‬

‫ّ‬ ‫َّ‬
‫االقتصــاد العــام والخــاص تتعلــق بريــادة األعمــال االجتماعيــة‪ ،‬إاّل أنهــا تختلــف‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫واضحــا‪ .‬علــى ســبيل املثــال‪ ،‬فــإن اإلج ـراءات التــي تتخذهــا الشــركة‬ ‫عنهــا اختالفــا‬
‫خــارج أنشــطتها اإلنتاجيــة األساســية‪ ،‬فــي إطــار اســتراتيجيتها لالتصــال التســويقي‬
‫علــى ســبيل املثــال‪ ،‬ال تعتبــر مؤهلــة لريــادة األعمــال االجتماعيــة‪ .‬وعلــى الرغــم مــن‬
‫ـزءا‬‫تخصيــص املــوارد للعمــل االجتماعــي‪ ،‬فــإن املســؤولية االجتماعيــة ال تشـ ِّـكل جـ ً‬
‫ومهمــا بمــا يكفــي لألنشــطة األساســية للمنظمــة‪ .‬فعلــى ســبيل املثــال‪ ،‬تظــل‬ ‫كبيـ ًـرا ً‬
‫شــركة االتصــاالت التــي ترعــى مدرســة شــركة لالتصــاالت‪ ،‬ولــن تصبــح مؤسســة‬
‫ّ‬
‫يركــزاالبتــكاروريــادة األعمــال املبتكــرة ‪ -‬فــي هــذه الحــاالت‬‫تعليميــة‪ .‬عــاوة علــى ذلــك‪ِ ،‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬علــى توفيــر الســلع والخدمــات الخاصــة املتعلقــة باألنشــطة األساســية للشــركة‪،‬‬
‫ـدال مــن توفيــرالســلع العامــة‪ .‬فعلــى ســبيل املثــال‪ ،‬قــد ّ‬ ‫ً‬
‫تخصــص شــركة االتصــاالت‬ ‫ِ‬ ‫بـ‬
‫مــواردا لالبتــكار عــن طريــق توفيــر خدمــات جديــدة لحزمــة االشــتراكات‪ .‬وفــي الوقــت‬ ‫ً‬
‫نفســه‪ ،‬قــد ترعــى الشــركة وجبــات للمشــردين ً‬
‫أيضــا‪ .‬ومــع ذلــك‪ ،‬فــإن رعايــة الشــركة‬
‫لوجبــات املشــردين ال يمكــن أن تتمتــع بالخصائــص املبتكــرة ملؤسســة التمويــن التــي‬
‫ُ‬
‫مــن شــأنها أن تشــا ِرك فــي عمــل مماثــل ألعمالهــا األساســية‪.‬‬

‫ وتماشـ ًـيا مــع هــذا املنطــق‪ ،‬ال تكمــن جميــع مبــادرات الح ـراك املجتمعــي فــي‬
‫ّ‬
‫تنظــم إحــدى املجموعــات التــي تهتــم بالبيئــة‬ ‫مجــال ريــادة األعمــال االجتماعيــة‪ .‬فقــد ِ‬
‫احتجاجــا ضــد تلــوث الهــواء‪ ،‬أو أي حــدث آخــريهــدف إلــى زيــادة الوعــي العــام بشــأن‬ ‫ً‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫ـاطا ر ً‬
‫ياديا؛ إذ ال يشـ ِـكل مؤسســة يتمثل‬ ‫هذا املوضوع‪ .‬بيد أن هذا النشــاط ليس نشـ‬
‫تعتمــد علــى االبتــكاروالجــدوى املاليــة‬
‫نشــاطها األسا�ســي فــي تنظيــم مشــروعات بيئيــة ِ‬
‫للعمليــات‪ .‬وباملثــل‪ ،‬فــإن التبــرع الخــاص ملســاعدة املجتمــع علــى التعامــل مــع الشــدائد‬
‫فــي أعقــاب الكــوارث الطبيعيــة ال يجعــل املتبــرع رائـ ًـدا لألعمــال االجتماعيــة‪ .‬وســيصبح‬
‫املتبــرع رائـ ًـدا لألعمــال االجتماعيــة إذا أنشــأ آليــة إنتاجيــة ســيتم توجيههــا اســتر ً‬
‫اتيجيا‬
‫املبتكــرللمشــكالت الناجمــة عــن الكــوارث الطبيعيــة بطريقــة مجديــة ً‬ ‫َ‬
‫ماليــا‬ ‫فــي الحــل‬
‫(الشــكل ‪ .)1-3‬وبالرغــم مــن أن هــذه الحــاالت ال تضـ ِـرب أمثلــة علــى ريــادة األعمــال‬
‫االجتماعيــة‪ ،‬فإنهــا تحــدث فــي إطــاراالقتصــاد االجتماعــي؛ ألن االقتصــاد االجتماعــي‬
‫أوســع يشـ َـمل مؤسســة األعمــال االجتماعيــة وغيرهــا‪ .‬علــى ســبيل‬ ‫مفهومــا َ‬
‫ً‬ ‫يحمــل‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫البيــان‪ ،‬تعــد كثيــرا مــن أنشــطة املجموعــات الخيريــة واملنظمــات ذات االهتمــام‬
‫االجتماعي والسيا�سي جزء من االقتصاد االجتماعي‪ ،‬على الرغم من أنها ال تتضمن‬
‫أي نــوع مــن ريــادة األعمــال‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫ريادة األعمال االجتماعية‬ ‫‪1‬‬

‫المسؤولية‬
‫االجتماعية‬
‫للشركات‬

‫ريادة‬
‫األعمال االجتماعية‬
‫≠‬ ‫النشاط‬
‫االجتماعي‬

‫المنح‬
‫الخيرية‬

‫الشكل ‪ 3-1‬توضيح معالم ريادة األعمال االجتماعية‬

‫رائد األعمال االجتماعية وظهور مؤسسة األعمال‬


‫االجتماعية‬
‫المخاطرة الريادية لمؤسسة األعمال االجتماعية‬ ‫•‬
‫ً‬
‫ُي َعـ ّـد رائــد األعمــال االجتماعــي عامــا محفـ ًـزا فــي اكتشــاف الفــرص املتاحــة إلنشــاء‬
‫مؤسســة أعمــال اجتماعيــة؛ بمــا فــي ذلــك اختيــارتوجههــا االســتراتيجي‪ ،‬وتحديــد عوامــل‬
‫اإلنتــاج الالزمــة لتحقيــق األثــر االجتماعــي وتنظيمهــا واســتغاللها‪ ،‬فضـ ًـا عــن ّ‬
‫تحمــل‬
‫يميــز رائــد األعمــال االجتماعــي عــن رائــد‬ ‫املخاطــر الرياديــة واملاليــة وإدارتهــا‪ .‬ويكمــن مــا ّ‬
‫ِ‬
‫األعمــال التقليــدي فــي التركيــز الــذي يضعــه رائــد األعمــال االجتماعــي علــى مجابهــة‬
‫املشــكالت االجتماعيــة وخلــق القيمــة‬
‫ما يميِّز رائــد األعمال االجتماعي‬ ‫االجتماعية‪ .‬وعلى مســتوى االقتصاد الجزئي‪،‬‬
‫عــــن رائـــــــد األع ـ ــم ـ ــال الــتــقــلــيــدي‬ ‫ينطــوي خلــق القيمــة علــى النتائــج االقتصاديــة‬
‫هـــو الــتــركــيــز الـــــذي يــضــعــه رائـــد‬
‫التــي تعــزز الرفــاه االجتماعــي للســكان‪ 17.‬وتكمــن‬
‫األعمال االجتماعي على مجابهة‬
‫الــمــشــكــات االجــتــمــاعــيــة وخـلـق‬
‫العقبة التي تحول دون تحديد خصائص رائد‬
‫الـقـيـمـة االجـتـمـاعـيـة‪.‬‬ ‫األعمال االجتماعي في صعوبة توضيح املشكلة‬
‫االجتماعيــة‪ .‬ففــي بعــض فــروع مــدارس‬
‫ّ‬
‫تمثــل عــدم املســاواة فــي الدخــل مشــكلة؛‬ ‫الليبراليــة االقتصاديــة‪ ،‬علــى ســبيل املثــال‪ ،‬ال ِ‬
‫إذ تعتبرنتيجة لالختيارالفردي وسمة حتمية القتصاد السوق‪ 18.‬وباملثل‪ ،‬فإن املثلية‬
‫قبــل التحديــات التــي يواجههــا‬ ‫الجنســية محظــورة فــي بعــض األطــرالدينيــة؛ ومــن ثــم ال ُت َ‬
‫املثليون الجنسيون على نطاق واسع كمشكالت اجتماعية في هذه املجتمعات‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫أساسيات التمويل االجتماعي‬

‫تبــدأ مؤسســة األعمــال االجتماعيــة بتحديــد مشــكلة اجتماعيــة تهــم املجتمــع‪،‬‬


‫تتعرض للتجاهل بصورة منهجية من الدولة ومؤسسات األعمال االجتماعية‬ ‫ولكنها َّ‬
‫ً‬
‫األخــرى‪ .‬ويرتبــط إنشــاء مؤسســة األعمــال االجتماعيــة ارتباطــا مباشـ ًـرا بحافــز رائــد‬
‫فغالبا ما اكتسب رواد األعمال االجتماعيين‬ ‫األعمال االجتماعي لإلسهام في املجتمع‪ً .‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫الخبــرة مــن خــال اإلســهامات االجتماعيــة األخــرى التــي ّ‬
‫قدموهــا ‪ -‬طواعيــة عــادة ‪-‬‬
‫ً‬
‫اجتماعيــا‬ ‫مــع تحويــل املشــاركة االجتماعيــة إلــى عمــل بــدوام كامــل تتضمــن ً‬
‫عرضــا‬ ‫ٍ‬
‫ً‬
‫أصليــا‪ .‬وفــي الحــاالت التــي يحصــل فيهــا رائــد األعمــال علــى أجــر‪ ،‬فــإن مؤسســة األعمال‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫االجتماعيــة تشـ ِـكل بذلــك فرصــة وظيفيــة‪ .‬فقــد يتحـ َّـرك رواد األعمــال االجتماعييــن‬
‫ّ‬
‫‪ -‬فــي بدايــة املشــروع ‪ّ -‬إمــا بطريقــة منهجيــة مــع خطــة منظمــة ملواجهــة الصعوبــات‪،‬‬
‫وإمــا بطريقــة بديهيــة‪ ،‬بنـ ًـاء علــى طمــوح املشــروع إلنشــاء مؤسســة أعمــال اجتماعيــة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ومواجهــة املشــكلة االجتماعيــة املحــددة‪ .‬علــى ســبيل املثــال‪ ،‬فــي حالــة تأســيس منظمــة‬
‫ملحة لتطبيق شــروط الوصية‬ ‫وصية‪ ،‬فإن هناك ضرورة ّ‬ ‫غيرهادفة للربح بموجب ّ‬
‫وسـ ّـد الفجــوة فــي السياســة االجتماعيــة ذات الصلــة‪ ،‬إلــى جانــب وجــود خطــة منظمــة‬
‫حول الخطوات األولى للمؤسسة‪ ،‬بما في ذلك األهداف والشكل القانوني واالستثمار‬
‫املطلوب‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويحتــاج رائــد األعمــال الناجــح إلــى التحلــي بصفــات القائــد الفعــال‪ ،‬الذي يحظى‬
‫بتوجه اســتراتيجي واضح املعالم‪ ،‬وقدرة على إلهام شــركائه وتهيئة مؤسســة األعمال‬ ‫ّ‬
‫االجتماعيــة للتغي ـرات الحيويــة فــي بيئــة األعمــال‪ 19.‬كمــا أن طمــوح رائــد األعمــال‬
‫االجتماعــي لإلســهام علــى نحـ ٍـو ّبنــاء فــي مواجهــة املشــكالت االجتماعيــة والبيئيــة‬
‫ـرط ضــروري إلنشــاء مؤسســة األعمــال االجتماعيــة‪ ،‬وإن لــم يكــن ذلــك ً‬ ‫ٌ‬
‫كافيــا‬ ‫شـ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫املتقلبــة ملؤسســة األعمــال االجتماعيــة‪ .‬لــذا؛‬ ‫دائمــا للتكيــف الناجــح مــع بيئــة األع َّمــال ِ‬
‫باتــت مهــارات رائــد األعمــال فيمــا يتعلــق بتنظيــم العمليــة اإلنتاجيــة‪ ،‬واإلدارة املالئمــة‬
‫املمولــة‪ ،‬فضـ ًـا عــن ّ‬ ‫ّ‬
‫التكيــف مــع الظــروف‬ ‫للمــوارد البشــرية وللعالقــات مــع الجهــات ِ‬
‫االجتماعيــة واالقتصاديــة والسياســية فــي الوقــت املناســب‪ ،‬أمـ ًـرا فــي غايــة األهميــة‬
‫ملؤسســة األعمــال االجتماعيــة‪ .‬عــاوة علــى ذلــك‪ ،‬فــإن مهــارات ريــادة األعمــال تتجــاوز‬
‫ونيــة العطــاء مــن جانــب رائــد األعمــال االجتماعــي أو كــرم الجهــة‬ ‫حمــاس البدايــات ّ‬
‫الفعــال مــع املجتمــع الــذي تهــدف مؤسســة‬ ‫املانحــة؛ لتشــمل تحديــد أنمــاط التواصــل ّ‬
‫األعمــال االجتماعيــة إلــى دعمــه‪.‬‬
‫وعلى غراررواد األعمال التقليديين‪ ،‬يجب أن يكون رواد األعمال االجتماعيين‬
‫تحمــل املخاطــر وتعريــض أنفســهم لفت ـرات مــن عــدم اليقيــن‪ُ .‬ويشــير‬
‫قادريــن علــى ّ‬

‫‪26‬‬
‫ريادة األعمال االجتماعية‬ ‫‪1‬‬

‫مصطلــح عــدم اليقيــن إلــى األســباب الهيكليــة التــي ال يســتطيع رائــد األعمــال االجتماعــي‬
‫توقعهــا‪ ،‬وتؤثــر فــي تحديــد جــدوى مؤسســة األعمــال االجتماعيــة‪ ،‬والقــدرة علــى‬
‫ويكشــف عــدم اليقيــن الفــرص‬ ‫معالجــة املشــكالت االجتماعيــة والبيئيــة َّبنجــاح‪ِ .‬‬
‫والتهديــدات للمؤسســات االجتماعيــة‪ ،‬ويتعلــق بالعوامــل الداخليــة والخارجيــة علــى‬
‫َّ‬
‫حـ ٍـد ســواء‪ .‬فالعوامــل الداخليــة لعــدم اليقيــن تتعلــق بكفايــة املــوارد لتنظيميــة‪،‬‬
‫ً‬
‫والحفــاظ علــى بيئــة عمــل إيجابيــة للموظفيــن‪ ،‬فضــا عــن املرونــة لضبــط املنظمــة‬
‫وعملياتهــا مــع ظهــور تحديــات جديــدة (مثــل الصراعــات املحتملــة الناشــئة عــن تغييــر‬
‫فــي تكويــن مجلــس اإلدارة)‪ّ .‬أمــا عــن العوامــل‬
‫َّ‬
‫يُـشـيـر مـصـطـلـح عـدم الـيـقـيـن‬ ‫الخارجية لعدم اليقين‪ ،‬فهي تتعلق بالتقلبات‬
‫إل ـــ ــى األسـ ــبـ ــاب الــهــيــكــلــيــة الــتــي‬ ‫ً‬
‫علــى املســتوى االقتصــادي‪ ،‬فضــا عــن‬
‫ال يــســتــطــيــع رائـــــــــد األع ـــ ــم ـــ ــال‬
‫التغيي ـرات فــي التقنيــة واللوائــح والتحديــات‬
‫االجـتـمـاعـيـة تـوقـعـها‪ ،‬وتـؤثـر‬
‫فـــــي تـــــحـــــديـــــد ج ـــ ــدوى مـؤسـسـة‬
‫التــي تعتـ ِـزم مؤسســة األعمــال االجتماعيــة‬
‫األعـمـال االجـتـمـاعـيـة‪ ،‬وقـدرتـها‬ ‫التخفيــف منهــا واملتعلقــة بتأثيــر مؤسســة‬
‫عـلـى مــعــالــجــة الــمــشــكــالت‬ ‫األعمــال االجتماعيــة علــى املجتمــع والبيئــة‬
‫االجــتــمــاعــيــة والبيئية بنجاح‪.‬‬ ‫(فقــد يــؤدي انــدالع حــرب‪ ،‬علــى ســبيل املثــال‪،‬‬
‫إلــى تدفــق الالجئيــن)‪ .‬كمــا تتضمــن العوامــل‬
‫أيضــا أوجــه الغمــوض فــي العالقــة بيــن مؤسســة األعمــال‬ ‫الخارجيــة لعــدم اليقيــن ً‬
‫االجتماعيــة والجهــات الفاعلــة فــي مجــال األعمــال االجتماعيــة‪ ،‬ال ســيما الدولــة‬
‫يمولــون‬ ‫(التغيي ـرات فــي السياســات واللوائــح)‪ ،‬وكذلــك العالقــة مــع أولئــك الذيــن ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫واملورديــن‪ ،‬وغيرهــم مــن املهنييــن ذوي الصلــة‪ ،‬فضــا‬ ‫عمليــات املؤسســة‪ ،‬واملنافســين ِ‬
‫أيضــا أن مؤسســة‬ ‫ويوضــح هيــكل شــبكة ريــادة األعمــال االجتماعيــة ً‬ ‫ّ‬
‫عــن املجتمــع‪ِ .‬‬
‫األعمــال االجتماعيــة ليســت نتــاج رائــد اعمــال اجتماعــي واحــد فقــط‪ ،‬بــل نتــاج تفاعــل‬
‫‪20‬‬
‫كثير من الكيانات املتنوعة‪.‬‬ ‫مستمرمع ٍ‬
‫َّ‬
‫تتطلب مواجهة عدم اليقين تحديد أكبرعدد ممكن من مصادرعدم اليقين‪،‬‬
‫ً‬
‫وبــذل مجهــود لتحليــل مثــل هــذه األســباب الهيكليــة‪ ،‬فضــا عــن خطــة لالســتجابة‬
‫ً‬
‫ـدال مــن ّ‬
‫تبنــي نهــج ســلبي تجــاه املســتقبل الــذي ال يمكــن التنبــؤ‬ ‫لــكل نتيجــة محتملــة‪ .‬وبـ‬
‫بــه‪ ،‬ينبغــي توجيــه الجهــود نحــو تحليــل البيئــة السياســية واالقتصاديــة واالجتماعيــة‬
‫ً‬
‫ملؤسســة األعمــال االجتماعيــة‪ ،‬فضــا عــن إطارهــا الداخلــي‪ ،‬بحيــث يمكــن التنبــؤ‬
‫يتعين على رائد األعمال االجتماعية إدارتها‪ .‬فعلى ســبيل‬ ‫بالتغيرات والتحديات التي َّ‬
‫املثــال‪ ،‬قــد تواجــه مؤسســة األعمــال االجتماعيــة التــي تقـ ِّـدم الرعايــة الطبيــة لالجئيــن‬

‫‪27‬‬
‫أساسيات التمويل االجتماعي‬

‫َّ‬
‫حالــة مــن عــدم اليقيــن فيمــا يتعلــق بتدفقــات هــؤالء الالجئيــن‪ ،‬والــذي يمكــن توقعــه‬
‫عــن طريــق تحليــل التطــورات السياســية واالقتصاديــة فــي البلــدان التــي يغادرهــا‬
‫الالجئــون والبلــدان التــي يتوجهــون إليهــا‪ .‬وباملثــل‪ ،‬إذا كان تدفــق األمــوال إلــى مؤسســة‬
‫َّ‬
‫األعمــال االجتماعيــة للعــام القــادم غيــر مؤكــد‪ ،‬فينبغــي أن تكــون مؤسســة األعمــال‬
‫التوصــل إلــى تقديــرللموقــف مــن خــال دراســة الوضــع املالــي‬ ‫ُّ‬ ‫االجتماعيــة قــادرة علــى‬
‫ملؤيديهــا الرئيســيين‪ .‬وقــد يــؤدي الركــود االقتصــادي املحتمــل إلــى تقليــل التمويــل عبــر‬
‫التبرعــات التــي يقدمهــا النــاس‪ ،‬ومــع ذلــك قــد ُيســهمون بعملهــم الشــخ�صي‪ .‬وباملثــل‪،‬‬
‫يمكــن الكشــف عــن احتماليــة التمويــل مــن املؤسســات الدوليــة الحكوميــة‪ ،‬مثــل‬
‫املفوضيــة األوروبيــة‪ ،‬عــن طريــق تحليــل الســياق االقتصــادي والسيا�ســي لقيادتهــا‪.‬‬
‫َّ‬
‫ويجب أال تتشــتت اســتجابة مؤسســة األعمال االجتماعية للســيناريوهات املختلفة؛‬
‫بتوجــه اســتراتيجي يســاعدها علــى الحفــاظ علــى تماســكها‪ .‬ويعنــي‬ ‫إذ يجــب أن تحظــى ّ‬
‫عــدم اليقيــن فــي إطــارريــادة األعمــال االجتماعيــة التعـ ُّـرض إلــى التغييــر‪ ،‬كمــا أن إدارة‬
‫ٌ‬ ‫عــدم اليقيــن تعــادل إدارة التغييــر‪ .‬ومــن الواضــح أن اإلدارة ّ‬
‫الفعالــة للتغييــر شــرط‬ ‫ِ‬
‫‪21‬‬
‫للبقــاء ولتحقيــق األهــداف االســتراتيجية ملؤسســة األعمــال االجتماعيــة‪.‬‬
‫ّ‬
‫وكما هو الحال في املؤسســات التقليدية‪ ،‬يجب أن تتحلى االســتجابة الناجحة‬
‫لبيئــة األعمــال غيــراملســتقرة باالبتــكار‪ .‬وبالنســبة ملؤسســة األعمــال االجتماعيــة‪ ،‬ال‬
‫ـرة أو ابتــكا ًرا جديـ ًـدا فحســب‪ ،‬بــل يشـ َـمل ً‬ ‫ً‬
‫أيضــا تلبيــة االحتياجــات‬ ‫يشـ َـمل االبتــكارفكـ‬
‫االجتماعيــة والبيئيــة بطريقــة تضمــن دعــم جميــع األطـراف املعنيــة‪ ،‬بمــا فــي ذلــك مــن‬
‫يمولهــا‪ ،‬واملؤسســات األخــرى‪ ،‬والدولــة‪ ،‬واملجتمــع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يعملــون‬
‫لصالــح املؤسســة‪ ،‬ومــن ِ‬
‫ومــن ثــم‪ُ ،‬يشــير االبتــكار إلــى التغيي ـرات فــي األســاليب واألهــداف املرتبطــة بإنتــاج‬
‫مؤسســة األعمــال االجتماعيــة‪ ،‬والتــي تــؤدي إلــى تحقيــق رســالتها باســتمرار‪ ،‬وإســهامها‬
‫اإليجابــي فــي الرعايــة االجتماعيــة بانتظــام‪ .‬كمــا أن تفضيــات املجتمــع الــذي يســتفيد‬
‫من ريادة األعمال االجتماعية‪ ،‬واإلطاراالجتماعي الذي تعمل فيه مؤسسة األعمال‬
‫االجتماعيــة‪ ،‬ال ُتحــدد محتــوى االبتــكار فحســب‪ ،‬بــل ُتحــدد اســتدامته ً‬
‫أيضــا‪ .‬علــى‬
‫ســبيل املثــال‪ ،‬إذا كانــت مؤسســة األعمــال االجتماعيــة تدعــم األفـراد املدمنيــن سـ ً‬
‫ـابقا‬
‫يصنعونهــا‪ ،‬فــإن توجههــا ونجاحهــا يتحــددان مــن خــال‬ ‫الذيــن يبيعــون املالبــس التــي ّ‬
‫ِ ُ‬
‫اســتجابتها الحتياجــات األف ـراد الــذي أعيــد تأهيلهــم‪ ،‬والذيــن يســعون جاهديــن إلــى‬
‫الحصــول علــى عمــل واالندمــاج فــي املجتمــع‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫ريادة األعمال االجتماعية‬ ‫‪1‬‬

‫إنشاء مؤسسة األعمال االجتماعية وتحليل األعمال‬


‫يتضمــن إنشــاء مؤسســة األعمــال‬
‫يـــتـــضـــمــن إنـــشـــاء الـمـؤسـسـة‬
‫االجتماعيــة ‪ -‬علــى غـراراملؤسســات التقليديــة‬
‫االجـــتـــمـــاعـــيـــة تـــحـــديـــد الـــغــــرض‪،‬‬
‫والــحــجــم‪ ،‬والــشــكــل الــقــانــونــي‪،‬‬
‫‪ -‬تحديــد الغــرض‪ ،‬والحجــم‪ ،‬والشــكل‬
‫ً‬
‫ً‬
‫فـضال عن‬ ‫والــمــوقــع‪ ،‬والــتــمــويــل‪،‬‬ ‫القانونــي‪ ،‬واملوقــع‪ ،‬والتمويــل‪ ،‬فضــا عــن‬
‫تنظيم اإلجراءات والوصف الدقيق‬ ‫تنظيــم اإلجـراءات والوصــف الدقيــق لشــبكة‬
‫َّ‬
‫لشبكة العالقات‪.‬‬ ‫العالقــات‪ .‬وتت ِســم االســتجابات لهــذه األمــور‬
‫بالتداخــل فــي معظمهــا‪ .‬فالوصــف الدقيــق‬
‫ُ ّ‬ ‫ٌ‬
‫لشــبكة العالقــات مرتبــط بالتمويــل؛ إذ تشـ ِـكل جهــات الدعــم املالــي مركــزالتقــاء لهــذه‬
‫الشــبكة‪ ،‬بفضــل تدفــق التمويــل الــذي يشــير إلــى حــدود تلــك العالقــة‪.‬‬
‫أيضــا بحجــم املؤسســة؛ فمقــدار رأس املــال الــذي يعمــل‬ ‫ويرتبــط التمويــل ً‬
‫ُ‬
‫للحســاب الخــاص مــن بيــن العوامــل التــي تحـ ِّـدد حجــم مؤسســة األعمــال االجتماعيــة‪.‬‬
‫كمــا يرتبــط اختيــاراملوقــع باختيــارالشــكل القانونــي‪ ،‬بقــدرمــا يجــب علــى املؤسســة أن‬
‫تدعــم اإلطــاراملؤس�ســي املحلــي للمنطقــة التــي تقيــم فيهــا‪ .‬عــاوة علــى ذلــك‪ ،‬قــد يكــون‬
‫ً‬
‫اختيــارموقــع املؤسســة مرتبطــا بهدفهــا؛ فعلــى ســبيل املثــال‪ ،‬قــد تختــاراملؤسســة أن‬
‫تكــون قريبــة مــن املنطقــة التــي نشــأت فيهــا املشــكلة االجتماعيــة املحــددة التــي تهــدف‬
‫ً‬
‫إلى حلها‪ .‬ويرتبط تنظيم اإلجراءات ارتباطا مباشـ ًـرا بأهداف املؤسســة وعالقاتها مع‬
‫مراكــزااللتقــاء األخــرى فــي شــبكتها‪ ،‬إلــى جانــب شــكلها القانونــي‪ ،‬الــذي يضــع حـ ً‬
‫ـدودا‬
‫حدد‬‫لتحقيق األهداف والتمويل والعمليات‪ .‬ففي حالة اليونان على سبيل املثال‪ُ ،‬ي ّ‬
‫ِ‬
‫القانــون رقــم ‪ 4430/2016‬األهــداف الرئيســية للمؤسســات التعاونيــة االجتماعيــة‪،‬‬
‫ً‬
‫وإدارتهــا‪ ،‬فضــا عــن طريقــة توزيــع أرباحهــا (انظــرالصنــدوق ‪ 1-3‬ملعرفــة اإلطارالتنظيمي‬
‫لالقتصــاد االجتماعــي وريــادة األعمــال االجتماعيــة فــي اليونــان)‪.‬‬
‫الصنــدوق ‪ 3-1‬اإلطــار التنظيمــي لريــادة األعمــال االجتماعيــة‬
‫— حالــة اليونــان‬
‫فــي اليونــان‪ُ ،‬يحـ ِّـدد القانــون رقــم ‪ 2016/4430‬األنــواع الرئيســية للمؤسســات االجتماعيــة‪،‬‬
‫ً‬
‫واإلطــارالــذي تعمــل فيــه‪ ،‬فضــا عــن محتــوى االقتصــاد االجتماعــي والتضامنــي (القانــون رقــم‬
‫َ‬
‫‪ 2016/4430‬حـ ّـل محـ ّـل القانــون رقــم ‪ 2011/4018‬الــذي أدخــل االقتصــاد االجتماعــي فــي‬
‫‪ّ 22‬‬
‫وتمثــل املؤسســة التعاونيــة االجتماعيــة‪ 23‬الشــكل الرئي�ســي ملنظمــات األعمــال فــي‬ ‫ِ‬ ‫اليونــان)‪.‬‬
‫االقتصــاد االجتماعــي فــي اليونــان‪ ،‬إذ تتمتــع املؤسســة بواليــة اجتماعيــة‪ ،‬وتشـ ِـارك فــي الوقــت‬

‫‪29‬‬
‫أساسيات التمويل االجتماعي‬

‫ُ‬
‫نفســه في األنشــطة التجارية‪ 24.‬وتسـ َّـجل املؤسســات التعاونية االجتماعية بوصفها «مؤسســات‬
‫متكاملــة» تابعــة للجمعيــات التعاونيــة االجتماعيــة أو «مؤسســات للمنافــع الجماعيــة‬
‫صنــف علــى أنهــا مؤسســات‬ ‫واالجتماعيــة» تابعــة للجمعيــات التعاونيــة االجتماعيــة‪ .‬فاألولــى ُت َّ‬
‫متكاملة تابعة للجمعيات التعاونية االجتماعية للفئات الخاصة‪ ،‬أو مؤسسات متكاملة تابعة‬
‫للجمعيــات التعاونيــة االجتماعيــة للفئــات الضعيفــة‪ ،‬أو جمعيــات تعاونيــة اجتماعيــة ذات‬
‫َ‬
‫مســؤولية محــدودة‪ .‬وبموجــب القانــون اليونانــي‪ ،‬تنشــط تلــك املؤسســات فــي األنشــطة املتعلقــة‬
‫ُ‬
‫بالتنميــة املســتدامة‪ ،‬أو تقـ ِّـدم الخدمــات االجتماعيــة ذات املصلحــة العامــة‪ .‬وتعـ َّـرف الخدمــات‬
‫االجتماعيــة ذات املصلحــة العامــة بأنهــا الخدمــات التــي يمكــن للمجتمــع بأكملــه أن ينتفــع بهــا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والتي ّ‬
‫والرضع واألطفال واملعاقين‬ ‫وتوفرالحماية االجتماعية لكبارالسن‬ ‫تحسن جودة الحياة‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫واملصابيــن بأمـراض مزمنــة‪ .‬وتشــمل تلــك الخدمــات التعليــم‪ ،‬والصحــة‪ ،‬واإلســكان االجتماعــي‪،‬‬
‫والوجبــات االجتماعيــة‪ ،‬ورعايــة األطفــال‪ ،‬والرعايــة طويلــة األجــل‪ ،‬والعمــل االجتماعــي‪ .‬وهــي‬
‫مكملــة لاللت ـزام العــام للحكومــة بممارســة السياســة االجتماعيــة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫وعضويــة املؤسســة التعاونيــة االجتماعيــة مفتوحــة للكيانــات القانونيــة واألفـراد‪ .‬رغــم ذلك‪،‬‬
‫تقتصــرمشــاركة الكيانــات القانونيــة علــى ثلــث العــدد اإلجمالــي لألعضــاء‪ّ .‬أمــا عــن الحــد األدنــى‬
‫لعــدد األعضــاء الــازم إلنشــاء «مؤسســة متكاملــة» تابعــة للجمعيــة التعاونيــة االجتماعيــة‪ ،‬فهــو‬
‫ســبعة أعضــاء‪ .‬ويشـ ِـترط إلنشــاء مؤسســة للمنافــع الجماعيــة واالجتماعيــة تابعــة للجمعيــة‬
‫ـهما واحـ ًـدا‬
‫التعاونيــة االجتماعيــة فــي اليونــان خمســة أعضــاء علــى األقــل‪ .‬ويمتلــك كل عضــو سـ ً‬
‫علــى األقــل فــي الجمعيــة التعاونيــة‪ .‬وال يمكــن تقــل قيمــة الســهم عــن ‪ 100‬يــورو‪ .‬ويتــم الحصــول‬
‫علــى األســهم علــى أســاس الحــد األدنــى مــن اإلســهام النقــدي‪ ،‬والــذي ُيحـ َّـدد فــي اللوائــح الداخليــة‬
‫ـوت واحــد‪،‬‬ ‫لــكل مؤسســة أعمــال اجتماعيــة‪ .‬ويشـ ِـارك جميــع األعضــاء فــي الجمعيــة العامــة بصـ ٍ‬
‫بصــرف النظــر عــن عــدد األســهم اململوكــة‪ .‬وفــي الوقــت الــذي قــد ُيسـ َـمح ملؤسســات األعمــال‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫االجتماعيــة بجنــي األربــاح‪ ،‬إاّل أنــه ال ُيسـ َـمح لهــا بتوزيــع أربــاح علــى أعضائهــا‪ .‬وبــدال مــن ذلــك‪،‬‬
‫ُيطلــب منهــا الحفــاظ علــى ‪ 5%‬مــن أرباحهــا فــي شــكل احتياطيــات‪ .‬أمــا عــن النســبة املتبقيــة ‪ -‬وهــي‬
‫‪ 95%‬من األرباح ‪ُ -‬فيعاد اســتثمارها لتوســيع األنشــطة والعمليات التجارية‪ ،‬وتحســين إنتاجية‬
‫املوظفيــن‪ ،‬وزيــادة فــرص العمــل‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫وتشـ ِـكل الجمعيــات التعاونيــة ذات املســؤولية املحــدودة حالــة خاصــة مــن‬
‫املؤسســات التعاونيــة االجتماعيــة‪ 25.‬ومــن أمثلتهــا الجمعيــة التعاونيــة االجتماعيــة‬
‫ذات املســؤولية املحــدودة التابعــة ملركــزالصحــة النفســية فــي مقاطعــة دوديكانيســيا‬
‫ُ‬
‫التــي أنشــئت علــى جزيــرة ليــروس فــي اليونــان فــي عــام ‪ .2002‬ويكمــن الغــرض مــن‬
‫املؤسســة فــي إدمــاج األشــخاص الذيــن يعانــون مــن حــاالت نفســية فــي الحيــاة‬
‫االقتصاديــة واالجتماعيــة‪ ،‬وفــق االمكانيــات التــي يمكــن تحقيقهــا مــن خــال الطابــع‬
‫‪30‬‬
‫ريادة األعمال االجتماعية‬ ‫‪1‬‬

‫وتتبــع املؤسســة مركــزالصحــة النفســية‬ ‫التجــاري للمؤسســة ونشــاطها االقتصــادي‪َ .‬‬


‫باملستشــفى العــام فــي ليــروس ‪ -‬وتقـ ِّـدم املســاعدة لألشــخاص الذيــن يعانــون مــن‬
‫وتتضمــن األنشــطة التجاريــة للجمعيــة التعاونيــة‬ ‫َّ‬ ‫مشــكالت اجتماعيــة ونفســية‪.‬‬
‫ً‬
‫تربيــة النحــل‪ ،‬وإنتــاج الحلويــات وبيعهــا‪ ،‬فضــا عــن خدمــات سلســلة التوريد‪ .‬وتضم‬
‫أعضاؤهــا املهنييــن فــي مجــال الطــب النف�ســي (بحــد أق�صــى ‪ 45%‬مــن إجمالــي عــدد‬
‫عامــا ويعانــون مــن مشــكالت طبيــة‬ ‫األعضــاء)‪ ،‬واألفـراد الذيــن تزيــد أعمارهــم علــى ‪ً 15‬‬
‫نفســية (بنســبة ‪ 35%‬علــى األقــل مــن إجمالــي عــدد األعضــاء)‪.‬‬
‫ً‬
‫عــادة مــا تبــدأ أبحــاث الســوق التــي تســبق إنشــاء إحــدى املؤسســات بتحديــد‬
‫ويبيــن نــوع الفرصــة املرتبطــة‬ ‫فــرص العمــل الريــادي الناجــح والصالــح تجارًيــا‪ّ 26.‬‬
‫ِ‬
‫بإطــاق مؤسســة أعمــال اجتماعيــة الفــرق الجوهــري بيــن ريــادة األعمــال التقليديــة‬
‫تمثل ً‬ ‫ّ‬
‫سببا لبدء مؤسسة‬ ‫واالجتماعية؛ فاحتمالية انخفاض الربحية أو انعدامها ال ِ‬
‫تقليديــة‪ .‬ويمــارس تحديــد الفــرص دو ًرا محفـ ًـزا فــي نشــأة الفكــرة الرياديــة‪ ،‬بنـ ًـاء علــى‬
‫التحليــل الشــامل للخصائــص التقنيــة والديموغرافيــة والسياســية واالقتصاديــة‬
‫َّ‬
‫لواضعــي الفكــرة الرياديــة‪ .‬وفــي حالــة مؤسســة األعمــال االجتماعيــة‪ ،‬قــد تتمثــل‬
‫الفرصــة فــي إطــار مؤس�ســي جديــد‪ ،‬يف�ضــي إلــى نــوع معيــن مــن املؤسســات‪ .‬عــاوة‬
‫َّ‬
‫علــى ذلــك‪ ،‬مــن املمكــن أن يتعلــق تحديــد الفرصــة بمشــكلة اجتماعيــة أو بيئيــة‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫مهمــة‪ ،‬ال يمكــن أن تحلهــا الدولــة أو مؤسســات األعمــال االجتماعيــة األخــرى حــا‬
‫ّ ً‬
‫فعــاال‪ .‬وبطبيعــة الحــال‪ ،‬فــإن التعـ ُّـرف علــى الفــرص ال يتطلــب ســوى تحديــد مشــكلة‬
‫ـبقا تقديـرات ملــدى املشــكلة وحيويتهــا‪ ،‬وربمــا األهــم مــن‬ ‫اجتماعيــة‪ .‬كمــا يفتــرض مسـ ً‬
‫وتعتمــد االســتفادة مــن الفــرص علــى‬ ‫تقييمــا لفعاليــة الحلــول املتاحــة ً‬
‫حاليــا‪.‬‬ ‫ذلــك‪ً ،‬‬
‫ِ‬
‫نقــاط قــوة املشــروع االجتماعــي وعلــى رواد األعمــال االجتماعيــة أنفســهم‪ ،‬مثــل وعــي‬
‫شريحة كبيرة من السكان بضرورة دعم الغرض االجتماعي للمؤسسة الجديدة‪ ،‬أو‬
‫تعزيــزالعمــل التطوعــي كموقــف سيا�ســي وأســلوب حيــاة‪ .‬علــى ســبيل املثــال‪ ،‬فــي حالــة‬
‫مؤسســة األعمــال االجتماعيــة التــي تقـ ِّـدم خدمــات قانونيــة للمدنييــن املســتبعدين‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫اجتماعيــا‪ ،‬مــن املمكــن أن تشـ ِـكل الخلفيــة القانونيــة للمؤسســين أو شــبكتهم املهنيــة‬
‫ّ‬
‫املوثقيــن والقضــاة مكانــة املؤسســة‪ .‬عــاوة علــى ذلــك‪ ،‬يتطلــب بــدء مشــروع مــن‬ ‫مــن ِ‬
‫ً‬
‫هــذا النــوع إدارة لتحديــات مثــل عــدم توفــرالتمويــل أو نقــص فــي املوظفيــن املد َّربيــن‪.‬‬
‫أيضــا ‪ -‬مــع بــدء مؤسســة األعمــال االجتماعيــة ‪-‬‬ ‫ويجــب علــى رائــد األعمــال ً‬
‫َ‬
‫مواجهــة األمــور املتعلقــة باملنافســة‪ .‬فمؤسســات األعمــال االجتماعيــة ال تتنافــس‬
‫تفعــل املؤسســات التقليديــة عــن طريــق محاولــة زيــادة الربحيــة‬ ‫مــع بعضهــا‪ ،‬كمــا َ‬

‫‪31‬‬
‫أساسيات التمويل االجتماعي‬

‫فــي شــريحة معينــة مــن الســوق‪ .‬ومــع ذلــك‪ ،‬تحــاول مؤسســات األعمــال االجتماعيــة‬
‫توفــرلعمالئهــا ً‬ ‫ّ‬
‫مزيجــا مــن الســعروالجــودة للمنتجــات‬ ‫البقــاء فــي بيئــة تنافســية‪ ،‬وأن ِ‬
‫التــي تنتجهــا‪ ،‬والتــي تتــم مقارنتهــا باســتمرار ملعرفــة أوجــه التشــابه واالختــاف مــع‬
‫منتجــات املنافســين‪ .‬علــى ســبيل املثــال‪ ،‬مــا ت ـزال املؤسســة التعاونيــة االجتماعيــة‬
‫يصنعــه أشــخاص يعانــون مــن مشــكالت نفســية واجتماعيــة‬ ‫التــي تنتــج العســل الــذي ّ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫وتبيعــه َمدعـ َّـوة إلــى طـ ْـرح منتــج نهائــي فــي الســوق يتفــوق علــى منتــج الجهــات األخــرى‬
‫َّ‬
‫ُ‬
‫املن ِتجــة‪.‬‬
‫علــى أي حــال‪ ،‬ونظـ ًـرا ألن غــرض مؤسســة األعمــال االجتماعيــة هــو مواجهــة‬
‫مشــكلة اجتماعية معينة‪ ،‬فإن اإلجراءات املماثلة التي يتخذها عدد من مؤسســات‬
‫األعمــال االجتماعيــة إيجابيــة؛ إذ يمكــن أن تسـ َـمح لــكل مؤسســة بتوجيــه املــوارد‬
‫والتركيــزعلــى التحديــات االجتماعيــة والبيئيــة املختلفــة‪ .‬ومــع ذلــك‪ ،‬فــإن مؤسســات‬
‫تمامــا؛ وتواجــه موار ًدا‬
‫األعمــال االجتماعيــة آليــات إنتــاج‪ ،‬مثــل املؤسســات التقليديــة ً‬
‫محــدودة لتحقيــق أهدافهــا اإلنتاجيــة‪ .‬ومــن ثــم؛ يبــدو أن مفهــوم املنافســة لــه أوجــه‬
‫املقرضــون‪،‬‬ ‫ّ‬
‫عــدة‪ ،‬بمــا فــي ذلــك الوصــول إلــى التمويــل الرأســمالي (الجهــات املانحــة‪ِ ،‬‬
‫التمويــل الحكومــي وفــوق الحكومــي)‪ ،‬والعمالــة (ال ســيما العمــل املتخصــص أو‬
‫التطوعــي)‪ ،‬وقنــوات االتصــال مــع الســكان الذيــن يســتفيدون مــن مؤسســة األعمــال‬
‫ً‬
‫‪28،27‬‬
‫االجتماعيــة‪ ،‬فضــا عــن تطويــراالتصــال والتعــاون مــع جميــع األطــراف املعنيــة‪.‬‬
‫َ‬
‫علــى ســبيل املثــال‪ ،‬تحـ ّـد سياســة الحكومــة املوجهــة لحــل مشــكلة اجتماعيــة معينــة‬
‫ـابقا فــي مدينــة بيتربــورو باململكــة املتحــدة) مــن مالءمــة‬‫(إعــادة دمــج املُدانيــن سـ ً‬
‫التدخــل االجتماعــي مــن القطــاع الثالــث (أوقفــت الحكومــة بعــض اإلج ـراءات التــي‬
‫دعمــت هــذا االبتــكار االجتماعــي املحــدد)‪ .‬وتنبــع القــدرة علــى تمييــز مؤسســة أعمــال‬
‫ّ‬
‫توفــر ســلع‬‫اجتماعيــة جديــدة عــن مؤسســات القطاعيــن الخــاص والعــام‪ ،‬التــي ِ‬
‫ً‬
‫عامــة مماثلــة‪ ،‬فضــا عــن تحديــد إمكانيــة االبتــكاروآفاقــه‪ ،‬مــن تحليــل بيئــة األعمــال‬
‫ملؤسســات القطاعيــن الخــاص والعــام التــي تدعــم توفيــر الســلع العامــة‪ .‬عــاوة علــى‬
‫ذلــك‪ ،‬تتحـ َّـدد مالمــح مالءمــة إنشــاء مؤسســة أعمــال اجتماعيــة مــن خــال تحليــل‬
‫البيئــة التــي تعمــل فيهــا املؤسســة‪ .‬فقــد يختــار رواد األعمــال االجتماعيــة تحقيــق‬
‫غرضهــم االجتماعــي‪ّ ،‬إمــا عــن طريــق تحســين مؤسســة قائمــة بالفعــل (مثــل توفيــر‬
‫األمــوال أو العمــل التطوعــي) أو مــن خــال إنشــاء مؤسســة جديــدة‪.‬‬
‫تنــدرج التحديــات املهمــة ً‬
‫أيضــا أمــام املــوارد البشــرية التــي ً‬
‫غالبــا مــا تكــون مــن‬
‫املتطوعيــن املتحمســين‪ .‬كمــا أن املهــارات التنظيميــة وغيرهــا مــن الصفــات مطلوبــة‬
‫‪32‬‬
‫ريادة األعمال االجتماعية‬ ‫‪1‬‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫أيضــا إذا كان املتطوعــون سيشــكلون عامــا لإلنتــاج يمكــن لرائــد األعمــال أن يعتمــد‬
‫تماســك مؤسســة األعمــال االجتماعيــة‬ ‫عليــه علــى املــدى الطويــل‪ .‬وبوجـ ٍـه عــام‪ ،‬فــإن ُ‬
‫كل مــن‬‫ومرونتهــا يشـ َـمل مواجهــة مجموعــة غيــر متجانســة مــن املوظفيــن‪ .‬ويبــدأ ٌ‬
‫املتطوعيــن واملوظفيــن بأجــر الذيــن يســاهمون فــي حــل مشــكلة اجتماعيــة أو بيئيــة‬
‫ّ‬
‫ـاس مختلــف‪ .‬فيميــل املتطوعــون إلــى التحلــي بالتعليــم واالنفتــاح‬ ‫معينــة مــن أسـ ٍ‬
‫االجتماعــي واملنهــي‪ ،‬ويكمــن حافزهــم الرئي�ســي فــي اإلســهام االجتماعــي وتحســين‬
‫أيضــا مــن حيــث التزامهــم بالغــرض‬‫الشــخصية مــن حيــن ألخــر‪ .‬ويختلــف املتطوعــون ً‬
‫مــن الرفــاه االجتماعــي‪ ،‬بنـ ًـاء علــى النــوع والعمــر‪ :‬فنســبة العمــل التطوعــي للرجــال‬
‫أعلــى مــن الســيدات‪ ،‬وأعلــى للمراهقيــن مــن األشــخاص الذيــن تزيــد أعمارهــم علــى‬
‫عامــا‪ 29.‬وتشــبه الصعوبــة التــي تواجههــا مؤسســة األعمــال االجتماعيــة فيمــا‬ ‫‪ً 55‬‬
‫َّ‬
‫يتعلــق بــإدارة املتطوعيــن التحديــات التــي تواجههــا بشــأن قيادتهــا‪ .‬إن نيــة اإلســهام‬
‫االجتماعــي والشــغف بالعمــل ال يحـ ّـان ً‬
‫دائمــا محــل االفتقــار إلــى التدريــب واملهــارات‬
‫الالزمــة لســامة تشــغيل املؤسســة‪ ،‬واألهــم مــن ذلــك‪ ،‬لتوفيــرالســلع العامــة بطريقــة‬
‫ّ‬ ‫مبتكــرة وفعالــة ومجديــة ً‬
‫ماليــا‪ .‬عــاوة علــى ذلــك‪ ،‬ال يشـ ِـكل االفتقــار املحتمــل‬
‫ـكلة للمتطوعيــن فحســب‪ً .‬‬ ‫ً‬
‫فغالبــا مــا يهتــم غيرهــم مــن املوظفيــن بذلــك‬ ‫للمهــارات مشـ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫أيضــا؛ فعــدد قليــل منهــم مــدرب علــى األمــور املتعلقــة باالقتصــاد االجتماعــي‬‫األمــر ً‬
‫َّ‬
‫وإدارة مؤسســات األعمــال االجتماعيــة‪ 30‬ويتمثــل أحــد التحديــات األخــرى التــي‬
‫تواجــه إدارة املوظفيــن داخــل مؤسســة األعمــال االجتماعيــة فــي دمــج أســاليب إدارة‬
‫املــوارد البشــرية‪ ،‬مــع الحفــاظ علــى إمكانيــة تحقيــق الكفــاءة اإلنتاجيــة مــن ناحيــة‪،‬‬
‫واملســاهمة فــي تحقيــق املصلحــة االجتماعيــة مــن ناحيــة أخــرى‪.‬‬

‫خطة العمل‬
‫تمــا ِرس خطــة العمــل دو ًرا حاسـ ًـما فــي نشــأة مؤسســة األعمــال االجتماعيــة‬
‫وقابليتهــا لالســتمرار‪ ،‬كمــا هــو الحــال مــع املؤسســة التقليديــة‪ .‬وهــي أمـ ٌـر ضــروري فــي‬
‫مقدمــي رأس‬ ‫ي ملؤسســة األعمــال االجتماعيــة؛ أي فــي قبــول ّ‬
‫االســتعداد االســتثمار‬
‫املــال لهــا‪ .‬ويعتمــد التخطيــط علــى رؤيــة اســتراتيجية رواد األعمــال االجتماعييــن عــن‬
‫ً‬
‫املشــكلة االجتماعيــة التــي يعتزمــون مواجهتهــا‪ ،‬فضــا عــن الطريقــة التــي يفهمــون بهــا‬
‫الرفــاه االجتماعــي‪ .‬وتعكــس خطــة العمــل الســيناريوهات الرئيســية لتطـ ُّـور البيئــة‬
‫الداخليــة والخارجيــة للمؤسســة‪ ،‬فضـ ًـا عــن االســتجابات ًّ‬
‫للتغيـرات فــي بيئــة أعمالهــا‪.‬‬
‫باإلضافــة إلــى ذلــك‪ ،‬تسـ َـمح خطــة العمــل ملؤسســة األعمــال االجتماعيــة بتشــكيل‬
‫نظــرة أكثــر منهجيــة عــن مســتقبلها‪ ،‬ودمــج أنشــطتها‪ ،‬وتحديــد املــوارد املطلوبــة التــي‬
‫‪33‬‬
‫أساسيات التمويل االجتماعي‬

‫َّ‬
‫تحتــاج إليهــا‪ .‬وفيمــا يتعلــق باملــوارد تحديـ ًـدا‪ ،‬فــإن خطــة العمــل مفيــدة للغايــة فــي جمــع‬
‫األمــوال (علــى ســبيل املثــال‪ ،‬فــي العــرض التقديمــي للجهــات الدائنــة وللمســتثمرين)؛‬
‫يعكــس التوقعــات بشــأن املســتقبل‪ ،‬ويحــد مــن الشــعور بعــدم اليقيــن‪ ،‬ويعـ ِّـدل فــي‬ ‫مــا ِ‬
‫املقابــل املــوارد التــي يرغــب رائــد األعمــال فــي اســتثمارها فــي املشــروع االجتماعــي‪.‬‬
‫عــاوة علــى ذلــك‪ ،‬قــد تكــون خطــة العمــل بمثابــة نقطــة مرجعيــة لقيــاس فعاليــة‬
‫َّ‬
‫مؤسســة األعمــال االجتماعيــة فيمــا يتعلــق باســتخدام املــوارد وتحقيــق أهدافهــا‪.‬‬
‫تتضمــن خطــة العمــل ملؤسســة األعمــال االجتماعيــة العناصر‬‫َّ‬ ‫وبوجـ ٍـه عــام‪ ،‬يجــب أن‬
‫الــواردة فــي الشــكل ‪.1-4‬‬
‫•أهــداف مؤسســة األعمــال االجتماعيــة‪ ،‬إلــى جانــب رؤيــة مؤسســيها وأهدافهــم‪.‬‬
‫ويجــب أن تكــون األهــداف واقعيــة ومتوافقــة مــع رؤيــة رائــد األعمــال‬
‫يجعــل اســتخدام‬‫والكميــة؛ مــا َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫النوعيــة‬ ‫االجتماعــي‪ُ ،‬ومحـ َّـددة مــن الناحيتيــن‬
‫المــوارد والجهــد المبــذول لتحقيــق األهــداف أكثــر فعاليــة‪.‬‬
‫•الشــكل القانونــي للمؤسســة‪ ،‬وهــو أمـ ٌـر فــي غايــة األهميــة لقابليتهــا علــى‬
‫‪31‬‬
‫االســتمرار والنجــاح‪.‬‬
‫•االنشطة التي يجب متابعتها لتحقيق األهداف‪.‬‬
‫•الهيكل التنظيمي والعمليات األساسية‪.‬‬
‫•وصــف البيئــة الداخليــة والخارجيــة‪ .‬وتشـ َـمل البيئــة الداخليــة المــوارد‬
‫المؤسسية‪ ،‬مثل الثقافة المؤسسية‪ ،‬والمعلومات‪ ،‬واإلدارة‪ ،‬ورأس المال‪،‬‬
‫واألف ـراد‪ّ .‬أمــا البيئــة الخارجيــة‪ ،‬فتشـ َـمل المنافســة (لجمــع األمــوال بهــدف‬
‫مواجهــة المشــكالت االجتماعيــة والبيئيــة المماثلــة)‪ ،‬واإلطــار التنظيمــي ذي‬
‫الصلــة‪ ،‬والهيــاكل علــى نطــاق االقتصــاد‪ ،‬وخصائــص ســوق رأس المــال‪،‬‬
‫تعمل مؤسســة األعمال االجتماعية‪.‬‬ ‫وســوق المنتجات‪ ،‬وســوق العمل حيث َ‬
‫أيضــا البيئــة السياســية واالجتماعيــة‪ ،‬والتقنيــة المتاحــة لتوفيــر‬ ‫وتشـ َـمل ً‬
‫الســلع العامــة‪ ،‬وســمات األط ـراف المعنيــة الرئيســية التــي تتواصــل معهــا‬
‫ُ‬
‫المؤسســة‪ ،‬والبيئــة الطبيعيــة التــي تعـ ّ ِـرف التحديــات البيئيــة لتوفيــر الســلع‬
‫‪32‬‬
‫العامــة‪.‬‬
‫ُّ‬
‫بوجه عام‪ ،‬مثل العمل‬ ‫•توقع التدفقات النقدية وتدفقات الموارد المطلوبة ٍ‬
‫َّ‬
‫التطوعــي والتبرعــات العينيــة‪ .‬وتتعلــق التوقعــات بتخصيــص المــوارد لعمليــة‬

‫‪34‬‬
‫ريادة األعمال االجتماعية‬ ‫‪1‬‬

‫ً‬
‫اإلنتــاج‪ ،‬واإلي ـرادات القادمــة مــن بيــع الســلع العامــة‪ ،‬فضــا عــن التمويــل‪.‬‬
‫ُ‬
‫وهــذه التوقعــات مهمــة؛ إذ تحـ ِّـدد قــدرة مؤسســة األعمــال االجتماعيــة علــى‬
‫ً‬
‫تغطيــة التكاليــف الثابتــة والتشــغيلية‪ ،‬فضــا عــن قــدرة المؤسســة علــى‬
‫االســتمرار‪ ،‬فــي إطــار ســيناريوهات مختلفــة للتغي ـرات فــي بيئــة االقتصــاد‬
‫ُ‬
‫االجتماعــي‪ .‬وتعـ ّـد محاســبة التكاليــف فــي غايــة األهميــة لعمليــة التخطيــط ‪ -‬ال‬
‫ســيما في حالة مؤسســات األعمال االجتماعية التي تبيع الســلع العامة بســعر‬
‫(منخفــض عــادة) ‪ -‬حتــى تظــل المؤسســة قــادرة علــى االســتمرار‪ ،‬مــع ُّ‬
‫تجنــب‬
‫التكاليــف الزائــدة (فتحقيــق الهــدف االجتماعــي أكثــر أهميــة مــن الربحيــة)‪.‬‬
‫أيضــا للعالقــة بيــن الســعر‬ ‫كمــا أن محاســبة التكاليــف أمـ ٌـر بالــغ األهميــة ً‬
‫ً‬
‫وجــودة الســلع المعروضــة‪ ،‬مقارنــة بالســلع المماثلــة التــي ينتجهــا القطاعــان‬
‫الخــاص والعــام‪ُ .‬ويشــير تقييــم الجــودة‪ ،‬فــي هــذا التحليــل‪ ،‬إلــى الطريقــة التــي‬
‫يتــم بهــا تقييــم الســلعة أو الخدمــة المحــددة مــن قبــل المســتهلك الــذي يدفــع‬
‫ثمنهــا‪ .‬علــى ســبيل المثــال‪ ،‬إذا كانــت شــركة أحذيــة تعــرض ً‬
‫زوجــا مــن األحذيــة‬ ‫ِ‬
‫زوج تبيعهمــا‪ ،‬فيجــب علــى سياســة تســعيرها أن‬ ‫علــى الفق ـراء مقابــل كل ٍ‬
‫ُ َ‬ ‫ً‬
‫تضــع أســعارالشــركات المنافســة فــي اعتبارهــا‪ ،‬فضــا عــن الفائــدة المنتظــر‬
‫تحقيقها على يد المستهلكين من تلبية الحاجة االجتماعية وتلبية احتياجهم‬
‫ُ‬
‫الخــاص للحصــول علــى زوج مــن األحذيــة‪ .‬وتحـ ِّـدد العالقــة بيــن الســعر(الــذي‬
‫يدركــه العمــاء والمواطنــون) والجــودة قــدرة مؤسســة األعمــال االجتماعيــة‬
‫علــى االســتمرارمــن الناحيــة الماليــة‪ ،‬وتحقيــق غرضهــا االجتماعــي‪ .‬عــاوة علــى‬
‫ذلــك‪ ،‬يجــب علــى خطــة العمــل ‪ -‬عنــد تحليــل بيئــة األعمــال ‪ -‬أن تــدرس اإلجـراءات‬
‫ُ‬
‫االجتماعيــة األخــرى التــي ت َّتخــذ للتعامــل مــع مســألة توفيــراألحذيــة للفقـراء‪ ،‬بهــدف‬
‫تقديــر إي ـرادات المبيعــات التــي ســتضمن قــدرة المؤسســة علــى االســتمرار‪.‬‬
‫األنشطة الرامية‬
‫الهيكل التنظيمي‬
‫إلى تحقيق األهداف‬

‫توقعات التدفقات‬
‫الشكل القانوني‬ ‫خطة العمل‬
‫النقدية‬

‫هدف مؤسسة‬ ‫وصف البيئة‬


‫األعمال االجتماعية‬ ‫الداخلية والخارجية‬

‫‪35‬‬
‫أساسيات التمويل االجتماعي‬

‫الشكل‪ 1-4‬خطة العمل لمؤسسة األعمال االجتماعية‬

‫إن الوصــف الدقيــق ملؤسســة األعمــال االجتماعيــة كشــبكة ُيحـ ِّـدد انطــاق املؤسســة‬
‫ُ‬
‫ينعكــس تطـ ُّـور املؤسســة فــي التأثيــر الواضــح الــذي تحدثــه علــى‬‫وآفاقهــا‪ ،‬فــي الوقــت الــذي ِ‬
‫الرفــاه االجتماعــي‪ ،‬وإســهامها فــي حــل املشــكالت االجتماعيــة والبيئيــة‪ .‬وتؤثــر فعاليــة شــبكة‬
‫َّ‬
‫التمويــل‪ ،‬أو املؤسســات الخاصــة والعامــة ذات الصلــة (فيمــا يتعلــق بامليزانيــة‪ ،‬أو حجــم‬
‫املوظفيــن‪ ،‬أو حجــم القضايــا االجتماعيــة التــي يتــم التعامــل معهــا) فــي النهايــة علــى قــدرة‬
‫ً‬
‫املؤسســة علــى تحقيــق رســالتها‪ .‬ويأتــي فشــل مؤسســة األعمــال االجتماعيــة وإغالقهــا نتيجــة‬
‫دججــة باملشــكالت‪ ،‬وصعوبــة ُّ‬
‫التكيــف واملرونــة بهــدف االســتجابة‬ ‫لتشــغيل هــذه الشــبكة املُ َّ‬
‫للتغي ـرات فــي البيئــة الداخليــة والخارجيــة (علــى ســبيل املثــال‪ ،‬عــدم كفايــة فــرص الحصــول‬
‫علــى رأس املــال أو العمــل التطوعــي)‪.‬‬
‫ُويحـ ِّـدد كل عنصــر مــن عناصــر بيئــة األعمــال إمكانيــة إنشــاء مؤسســة األعمــال‬
‫االجتماعيــة وقدرتهــا علــى البقــاء والتطــور‪ .‬ففــي البدايــة‪ ،‬يتســم بــدء العمليــات علــى‬
‫َّ‬
‫أســاس التبرعــات ورأس املــال األولــي إلقامــة األنشــطة بأفــق زمنــي محــدود‪ ،‬فيمــا يتعلــق‬
‫َ‬
‫بالجــدوى املاليــة؛ إذ ُيســتنفد رأس املــال فــي مرحلــة مــا‪ ،‬وال تكــون إغ ـراءات التبرعــات‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫الجديــدة واضحـ ًـة ً‬
‫دائمــا أو ُمجديــة أو أيهمــا‪ .‬وتتطلــب مواجهــة هــذا التحــدي فــي كثيــرمــن‬
‫األحيــان تأميــن مصــادرتمويــل بديلــة مــن مؤسســات الدولــة واملؤسســات فــوق الوطنيــة‬
‫(برامــج االتحــاد األوروبــي‪ ،‬ومــوارد الســلطات املحليــة‪ ،‬وبرامــج االســتثمار الحكوميــة‪،‬‬
‫ً‬
‫ومــا شــابهها)‪ ،‬فضــا عــن فــرص الوصــول إلــى األمــوال مــن أســواق رأس املــال املنظمــة‬
‫لتأميــن القــروض املصرفيــة علــى ســبيل املثــال‪ .‬وتعنــي الجــدوى املاليــة ‪ -‬ال ســيما فــي حالــة‬
‫ً‬
‫التمويــل عــن طريــق البنــوك أو املســتثمرين مــن القطــاع الخــاص (بــدال مــن التبرعــات) ‪-‬‬
‫أن مؤسســة األعمــال االجتماعيــة تحتــاج إلــى إيـرادات مــن األنشــطة اإلنتاجيــة لضمــان‬
‫جدواهــا املاليــة‪ ،‬دون املســاس بطابعهــا االجتماعــي مــن أجــل الربحيــة‪.‬‬

‫ريادة األعمال االجتماعية‪ :‬قياس األثر‬


‫(أيضــا) التأقلــم الناجــح مــع التحديــات التــي يجــب أن تســتجيب لهــا‬ ‫‪-‬قــد يبــدأ ً‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫مؤسســة األعمــال االجتماعيــة مــن قيــاس الفعاليــة‪ ،‬وهــذا يشـ ِـكل أداة مفيــدة للتخطيــط‬
‫يمثــل تســجيل األثــر ً‬ ‫ّ‬
‫تحديــا‬ ‫واملراقبــة املعنيــة بتوفيــرالســلع العامــة‪ .‬وفــي الوقــت نفســه‪ِ ،‬‬
‫ً‬
‫وعمليــا‬ ‫ً‬
‫واضحــا‬ ‫كبيـ ًـرا فــي مجــال االقتصــاد االجتماعــي؛ إذ يجــب أن يكــون قيــاس األثــر‬
‫ً‬
‫‪33‬‬
‫ألغ ـراض اتخــاذ الق ـرار‪ُ ،‬ومعـ َّـدال لخصوصيــات الهــدف االجتماعــي لــكل مؤسســة‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫ريادة األعمال االجتماعية‬ ‫‪1‬‬

‫تحديد اإلطار‬
‫الزمني للتقييم‬

‫الجمع بين أنشطة‬


‫الرفاه االجتماعي‬ ‫تقييم الفعالية‬ ‫تعريف األثر‬
‫وتحقيق األرباح‬

‫ربط التغيير‬
‫االجتماعي‬
‫بالمشروع‬

‫الشكل ‪ 1-5‬تقييم أثر ريادة األعمال االجتماعية‪ :‬التحديات الرئيسية‬

‫وينطوي القياس على العديد من التحديات كما يبين (الشكل ‪:)1-5‬‬


‫‪1 .‬مــن الصعــب أن نحــدد أثــر ريــادة األعمــال االجتماعيــة‪ .‬فعلــى ســبيل المثــال‪،‬‬
‫وفــي إطــار الجهــود المبذولــة لدمــج األشــخاص المصابيــن بأم ـراض عقليــة‬
‫فــي الحيــاة االجتماعيــة واالقتصاديــة‪ ،‬يمكــن قيــاس األثــر بنـ ًـاء علــى عــدد‬
‫األشــخاص الذيــن يجــدون وظيفــة‪ ،‬أو يكســبون لقمــة العيــش بــدون اللجــوء‬
‫إلــى دعـ ٍـم مــن الدولــة‪ ،‬أو يجتــازون الفحوصــات الطبيــة النفســية بنجــاح‪،‬‬
‫ّ‬
‫يؤثــرالدمــج المســتمرلألشــخاص المصابيــن‬ ‫ومــا إلــى ذلــك‪ .‬عــاوة علــى ذلــك‪ِ ،‬‬
‫بأم ـراض عقليــة فــي كل جانــب مــن جوانــب الحيــاة االجتماعيــة واالقتصاديــة‬
‫يصعــب التركيــز علــى بعــض الجوانــب باعتبارهــا مؤشـ ًـرا ألثــر‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫تقريبــا؛ مــا‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫وتسلط الطرق المختلفة للقياس الضوء على مختلف‬ ‫االستثماراالجتماعي‪ِ .‬‬
‫جوانــب ريــادة األعمــال االجتماعيــة‪ ،‬وتــؤدي إلــى اســتنتاجات مختلفــة حــول‬
‫فعاليــة مؤسســة األعمــال االجتماعيــة‪.‬‬
‫غالبــا الربــط بيــن التغييــر فــي مشــكلة اجتماعيــة وعمــل محــدد مــن‬ ‫‪2 .‬يصعــب ً‬
‫مؤسســة األعمــال االجتماعيــة‪ 34.‬فعلــى ســبيل المثــال‪ ،‬وفــي حالــة األشــخاص‬
‫ننســب ضعــف‬ ‫الذيــن يعانــون مــن أم ـراض عقليــة‪ ،‬ســيكون مــن الصعــب أن ِ‬
‫مســتوى دمــج األشــخاص فــي ســوق العمالــة إلــى فشــل مؤسســة األعمــال‬
‫االجتماعيــة أو التدهــور العــام فــي األوضــاع االقتصاديــة فــي منطقــة معينــة‬
‫بســبب الركــود‪.‬‬
‫‪3 .‬يجــب تقييــم فعاليــة مؤسســة األعمــال االجتماعيــة مــن خــال إطــار زمنــي‬
‫‪37‬‬
‫أساسيات التمويل االجتماعي‬

‫معيــن (ال يمكــن حــدوث األثــر مــرة واحــدة‪ ،‬وال يمكــن توقعــه إلــى األبــد)‪ .‬ومــع‬
‫ذلــك‪ ،‬يســتمر التغيــر االجتماعــي لفتــرة طويلــة بعــد تخصيــص المــوارد ذات‬
‫الصلــة وتنفيــذ االســتثمارات االجتماعيــة؛ مــا يجعــل ربــط تغييــر اجتماعــي‬
‫معيــن باســتثمارمعيــن أكثــرصعوبــة‪ .‬فعلــى ســبيل المثــال‪ ،‬قــد يــؤدي مشــروع‬
‫ماليــا إلــى تغييــراجتماعــي كبيــرلســنوات‬‫اإللمــام باألمــور الماليــة للمســتبعدين ً‬
‫عديــدة بعــد تنفيــذ المشــروع‪ ،‬ويمتــد إلــى إطــارزمنــي ُي َ‬
‫نســب فيــه األثــر ً‬
‫حتمــا إلــى‬
‫أســباب هيكليــة متعــددة ومتداخلــة‪ ،‬بخــاف مشــروع اإللمــام باألمــور الماليــة‪.‬‬
‫يتضمــن قيــاس فعاليــة مؤسســة األعمــال االجتماعيــة جانبيــن قــد‬ ‫َّ‬ ‫‪4 .‬يجــب أن‬
‫ّ‬
‫يكونــا متعارضيــن فــي بعــض األحيــان‪ :‬غرضهــا التجــاري مقابــل مهمتهــا المتعلقــة‬
‫‪35‬‬
‫بالرفــاه االجتماعــي‪.‬‬
‫يختلــف تطويــرطــرق قيــاس األثــراالجتماعــي بنـ ًـاء علــى خصائــص كل منظمــة‪،‬‬
‫َ‬
‫حســب‬ ‫والتــي يتــم تقييمهــا بنـ ًـاء علــى إدارة مواردهــا وأثرهــا‪ .‬فعلــى ســبيل املثــال‪ ،‬ي ِ‬
‫نمــوذج‪ Grassroot Fund‬معــدل العائــد االقتصــادي ملــدة عشــر ســنوات (القيمــة‬
‫ـتخدم)‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫املتولــدة عــن أس املــال املُسـ َ‬
‫وتطبــق منظمــة ‪ Acumen‬نهــج‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫االقتصاديــة ِ‬
‫ويعتمــد نمــوذج مؤسســة‬ ‫ِ‬ ‫«البيانــات الخــام» مــع مقاييــس األثــر الخــاص باملشــروع‪،‬‬
‫‪ Robin Hood Foundation‬علــى تحليــل نســبة التكلفــة إلــى الفائــدة‪ ،‬كمــا يســت ِند‬
‫نمــوذج االبتــكارات ملكافحــة الفقــر مــن معمــل عبــد اللطيــف جميــل ملكافحــة‬
‫الفقــر إلــى التجــارب العشــوائية املنضبطــة‪ 36.‬ويكمــن االختــاف الرئي�ســي بيــن هــذه‬
‫القياســات‪ ،‬عــن الطــرق البديلــة للقياســات للمؤسســات التقليديــة‪ ،‬فــي أن املقاييــس‬
‫ً‬
‫املعنيــة بمؤسســات األعمــال االجتماعيــة يجــب أن تصـ ّ ِـور الكفــاءة املاليــة‪ ،‬فضــا‬
‫َ‬
‫ً‬
‫واجتماعيــا‬ ‫ً‬
‫اقتصاديــا‬ ‫عــن األثــراملجتمعــي‪ ،‬وهــذا مــا ُيطلــق عليــه القيمــة املمزوجــة‪،‬‬
‫ُ(تعــرف القيمــة املمزوجــة ً‬
‫أيضــا بالقيمــة املشــتركة)‪ 37.‬وال تتأثــرنتائــج التقييــم بتقييــم‬
‫املســتثمرين واملوظفيــن والدولــة فحســب‪ ،‬بــل بتقييــم املجتمــع نفســه ً‬
‫أيضــا‪ .‬ونظـ ًـرا‬
‫خصصــة ملعالجــة القضايــا االجتماعيــة والبيئيــة مــن خــال‬ ‫ألن مــوارد املجتمــع ُم َّ‬
‫القطــاع الثالــث لالقتصــاد‪ ،‬فــإن تركيــز املجتمــع وتوقعاتــه علــى املحــك‪.‬‬
‫فــي الوقــت الــذي يقــدم تحليــل األداء التنظيمــي ملحــة عامــة عــن املؤسســة‬
‫ً‬ ‫والظــروف الخاصــة التــي ُتحـ ِّـدد تطورهــا ً‬
‫حتمــا‪ ،‬فضــا عــن املشــكلة االجتماعيــة‬
‫َ‬
‫الك ّ‬
‫ميــة يجعــل‬ ‫أو البيئيــة التــي تحــاول معالجتهــا‪ ،‬فــإن التنـ ُّـوع الكبيــر فــي األســاليب‬
‫تنقل اليد العاملة ورأس‬ ‫صعبا‪ .‬وباملثل‪ ،‬فإن ُّ‬ ‫أمرا ً‬‫املقارنات بين املنظمات املختلفة ً‬

‫‪38‬‬
‫ريادة األعمال االجتماعية‬ ‫‪1‬‬

‫ّ‬
‫املــال بيــن األغ ـراض االجتماعيــة ومؤسســات األعمــال االجتماعيــة املختلفــة يشـ ِـكل‬
‫تتجاهــل املعاييــراملحاســبية املشــتركة لتســجيل أداء املؤسســة مســألة‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫تحديــا‪ .‬وربمــا‬
‫التنـ ُّـوع عبــر املؤسســات‪ّ ،‬‬
‫لكنهــا تسـ َـمح بإج ـراء مقارنــات عبــر فت ـرات زمنيــة وفيمــا بيــن‬
‫القطاعــات وعلــى الصعيــد الدولــي‪ 38.‬وبطريقــة مماثلــة‪ ،‬فــإن إيجــاد طريقــة مشــتركة‬
‫سيسـ ِـهم في زيادة فعالية إدارة مواردها‪،‬‬ ‫لوصف أثرمؤسســات األعمال االجتماعية ُ‬
‫سيسـ ِّـهل عمليــة صنــع الق ـرارمــن قبــل املســتثمرين‬ ‫ـيعزز مــن مســاءلتها‪ .‬كمــا أنــه ُ‬
‫ّ‬
‫وسـ ِ‬
‫االجتماعييــن‪ ،‬وموظفــي االقتصــاد االجتماعــي‪ ،‬والحكومــة التــي تحتــاج إلــى مواجهــة‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫املشــكالت االجتماعيــة نفســها‪ ،‬فضــا عــن النــاس املســتهدفين (انظــرالفصــل الثامــن‬
‫مفصــل عــن أهميــة نظــم قيــاس فعاليــة ريــادة األعمــال‬ ‫لالطــاع علــى عــرض تقديمــي َّ‬
‫االجتماعيــة ومزاياهــا ونقــاط ضعفهــا)‪.‬‬

‫خاتمة‬
‫القــوى املحركــة لريــادة األعمــال االجتماعيــة هــي ِنتــاج تطــورات ُمحـ َّـددة فــي‬
‫دور الدولــة ومؤسســة األعمــال االجتماعيــة فــي توفيــر الســلع العامــة‪ ،‬ودورهــم فــي‬
‫ً‬
‫التحديــات البيئيــة‪ ،‬والتنميــة املســتدامة؛ فضــا عــن القــوى املحركــة للرأســمالية‬
‫العامليــة؛ وفــي النهايــة‪ُّ ،‬‬
‫التغي ـرات فــي املفاهيــم وطريقــة مشـ َـاركة املجتمــع فــي حــل‬
‫املشــكالت االجتماعيــة والبيئيــة‪.‬‬
‫فمــن ناحيــة‪ ،‬أظهـ َـرت األزمــة املاليــة فــي عــام ‪ 2008‬اآلثــار الســلبية آلليــة‬
‫الســوق (ال ســيما األســواق النقديــة وأســواق رأس املــال)‪ ،‬وتســببت فــي العديــد‬
‫ّ‬
‫مــن املشــكالت االجتماعيــة؛ مــا ُيسـ ِـلط الضــوء علــى الحاجــة إلــى سياســة حكوميــة‬
‫للرفــاه االجتماعــي‪ 39.‬ومــن ناحيــة أخــرى‪ ،‬كان لألزمــة االقتصاديــة أثــر ســلبي علــى‬
‫املجــال املالــي؛ إذ عانــت معظــم الحكومــات مــن قيــود الســيولة التــي عولجــت مــن‬
‫‪40‬‬
‫خــال تخفيــض اإلنفــاق الحكومــي والحــد مــن سياســات الرعايــة االجتماعيــة‪.‬‬
‫ُ‬
‫ومــن ثــم؛ تأتــي املبــادرة الخاصــة ملــلء الف ـراغ‪ ،‬وتسـ ِـهم فــي التخفيــف مــن املشــكالت‬
‫االجتماعيــة‪ ،‬عــن طريــق توســيع نطــاق األنشــطة الخاصــة التــي تتجــاوز دور األعمــال‬
‫الخيريــة واملنظمــات غيــر الحكوميــة ذات الطابــع االجتماعــي أو البيئــي‪ .‬عــاوة علــى‬
‫ّ‬
‫ذلــك‪ ،‬قــد يســت ِند نشــاط القطــاع الخــاص إلــى التعــاون الخــاق مــع القطــاع العــام؛‬
‫يجهــزالقطــاع العــام البنيــة التحتيــة الال مــة لتوفيــرالســلع العامــة‪ّ ،‬‬
‫ويتبنــى مبــادئ‬ ‫إذ ّ‬
‫ز‬ ‫ِ‬
‫التنظيــم واإلدارة الفعالــة إلنتــاج الســلع والخدمــات مــن أجــل الرفــاه االجتماعــي‪ ،‬مثل‬
‫املؤسســة الخاصــة ً‬
‫تمامــا‪ 41.‬باإلضافــة إلــى ذلــك‪ ،‬تجــدراإلشــارة إلــى أن تراجــع القطــاع‬

‫‪39‬‬
‫أساسيات التمويل االجتماعي‬

‫العــام وظهــور مؤسســات األعمــال االجتماعيــة فــي آن واحــد ليــس مــن ســمات فت ـرات‬
‫األزمــات فقــط‪ .‬وكان عنصـ ًـرا أساسـ ًـيا ً‬
‫أيضــا فــي املقترحــات السياســية التــي تــم طرحهــا‬
‫علــى مــدار الســنوات األربعيــن املاضيــة‪ ،‬والتــي تهــدف إلــى تقليــل دور القطــاع العــام‪،‬‬
‫‪42‬‬
‫واالســتعاضة عنــه بالقطــاع الخــاص‪.‬‬
‫ويرتبــط الجمــع بيــن القطاعيــن الخــاص والعــام‪ ،‬وإش ـراك األف ـراد العادييــن فــي‬
‫توفيــرالســلع العامــة ‪ -‬مــع تــرك اعتبــارات الربــح ً‬
‫جانبــا فــي كثيــرمــن األحيــان ‪ -‬بمجموعة‬
‫واســعة مــن التشــكيالت التنظيميــة وأنشــطة الرفــاه االجتماعــي التــي تت ـراوح بيــن‬
‫تضامــن املنظمــات التعاونيــة والتعــاون بيــن أفـراد املجتمــع ذوي األولويــات املشــتركة‪،‬‬ ‫ُ‬
‫وشــريحة ريــادة األعمــال فــي األعمــال الخيريــة باإلضافــة إلــى املســتثمرين االجتماعييــن‪.‬‬
‫ً‬
‫وينشــأ هــذا التنــوع مــن خــال أطــراجتماعيــة واقتصاديــة وأخالقيــة مختلفــة‪ ،‬فضــا‬
‫ّ‬
‫يولــد ردود أفعــال مختلفــة ‪ -‬علــى املســتوى الفــردي‬ ‫عــن املســارات الشــخصية؛ مــا ِ‬
‫والجماعــي ‪ -‬وينطــوي علــى تقديــر كبيــر للقيمــة‪ .‬وكثيـ ًـرا مــا تــؤدي مشــاركة القطــاع‬
‫ً‬
‫الخــاص إلــى تحســين الكفــاءة فــي توفيــرالســلع العامــة‪ ،‬مقارنــة بتوفيــرالســلع العامــة‬
‫ّ‬
‫تحقــق وفــرة فــي املــوارد النادرة‬
‫مــن القطــاع العــام‪ ،‬عــن طريــق تطبيــق أســاليب مبتكــرة ِ‬
‫وكفــاءة فــي عمليــة اإلنتــاج‪.‬‬
‫عــاوة علــى ذلــك‪ ،‬فــإن مشــاركة القطــاع الخــاص فــي توفيــرالســلع العامــة تزيــد‬
‫مــن أهميــة الجــدوى املاليــة كمعيــارملعالجــة أي مشــكلة اجتماعيــة أو بيئيــة‪ .‬ومــن ثــم؛‬
‫ُ َ‬
‫عالــج املشــكلة إذا لــم َّ‬
‫يتوصــل الفــرد إلــى املــوارد املطلوبــة‪ .‬وبعبــارة أخــرى‪ ،‬يجــب‬ ‫قــد ال ت‬
‫التفكيــر فــي جــدوى االعتمــاد علــى القطــاع الخــاص ملعالجــة املشــكالت االجتماعيــة؛‬
‫ألن االســتجابات تســتند فــي كثيــر مــن األحيــان علــى معاييــر الجــدوى املاليــة وحدهــا‪.‬‬
‫فهــل يمكننــا املخاطــرة بالعمــل مــن دون منفعــة عامــة بســبب عــدم الجــدوى املاليــة‬
‫ملنظمــة غيــرحكوميــة أو ملؤسســة أعمــال اجتماعيــة؟ بطبيعــة الحــال‪ُ ،‬يعـ ّـد التفكيــر‬
‫ّ‬ ‫ً ً‬
‫فــي الجــدوى املاليــة أمـ ًـرا ضروريــا أيضــا مــن جانــب الحكومــة التــي ِ‬
‫توفــرالســلع العامــة‪،‬‬
‫وإن كان ذلــك مــن زاويــة مختلفــة‪ .‬فعلــى ســبيل املثــال‪ ،‬سيســتمر تشــغيل أحــد‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫مكــن أن تملــى إذا أدارأفـراد‬ ‫املستشــفيات العامــة إلــى أبعــد بكثيــرمــن الحــدود التــي ي ِ‬
‫‪43‬‬
‫تميــزوا بــإرادة قويــة لتقديــم مســاهمة اجتماعيــة‪.‬‬ ‫عاديــون املستشــفى‪ ،‬حتــى لــو َّ‬

‫باإلضافــة إلــى ذلــك‪ ،‬فــإن توفيــرالســلع العامــة علــى يــد أفـراد عادييــن يربــط هــذه‬
‫ّ‬
‫املوفــرة لهــا‪ .‬فعلــى ســبيل املثــال‪ ،‬ال يحـ ّـل تنظيــم‬
‫الســلع بالتطلعــات السياســية للجهــة ِ‬
‫الوجبــات للفق ـراء مــن «املواطنيــن فقــط» محـ ّـل السياســة االجتماعيــة التــي كان‬

‫‪40‬‬
‫ريادة األعمال االجتماعية‬ ‫‪1‬‬

‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬


‫املوفــرة‬
‫ينبغــي للحكومــة أن تجريهــا فحســب‪ ،‬بــل يبــرز األيديولوجيــة املحــددة للجهــة ِ‬
‫للمنفعــة العامــة (الحــد مــن الفقــر ‪ -‬توفيــر الغــذاء للمواطنيــن الذيــن يعانــون مــن‬
‫َّ‬
‫الفقــر املدقــع)‪ .‬وباملثــل‪ ،‬مــن املتوقــع أن يــؤدي توفيــر املالبــس للمشــردين علــى يــد‬
‫منظمــة دينيــة إلــى إب ـراز القيــم الدينيــة لتلــك املنظمــة‪ .‬وفــي حالــة توفيــر املؤسســات‬
‫الحكوميــة للســلع العامــة‪ ،‬فــإن الطمــوح السيا�ســي الــذي يتــم غرســه هــو أن تحصــل‬
‫الحكومــة علــى تصويــت بالثقــة مــن أعضــاء البرملــان املنتخبيــن (ومــع ذلــك‪ ،‬يمكــن‬
‫ضمــان اســتمرارية تقديــم الدولــة للخدمــة العامــة‪ ،‬بصــرف النظــر عــن التطلعــات‬
‫ً‬
‫مفتوحــا حــول مــا إذا كانــت‬ ‫السياســية لحكومــة معينــة فــي منصبهــا)‪ .‬ومــا يـزال الســؤال‬
‫مــوارد القطــاع الخــاص أكثــر كفــاءة مــن الضرائــب املدفوعــة للدولــة فــي ممارســة‬
‫السياســة االجتماعيــة والبيئيــة‪ ،‬وممــا يتيحــه القطــاع الخــاص مباشــرة لتوفيــرالســلع‬
‫َّ‬
‫العامــة التــي يختارهــا‪ ،‬وبخاصــة فيمــا يتعلــق باالســتخدام الفعــال ملــوارد القطــاع‬
‫الخــاص ألغ ـراض معالجــة املشــكالت االجتماعيــة والبيئيــة‪.‬‬
‫وقــد تعمــل ريــادة األعمــال االجتماعيــة كركيــزة للرفــاه االجتماعــي والتنميــة‬
‫َّ‬
‫االقتصاديــة املســتدامة‪ .‬ومــع ذلــك‪ ،‬فإنهــا تواجــه فــي الوقــت نفســه تحديــات تتعلــق‬
‫ً‬
‫بــاإلدارة الفعالــة لعالقــة غيــرمتجانســة تقيــد مؤسســة األعمــال االجتماعيــة‪ ،‬فضــا‬
‫عن القيود الحاسمة آللية السوق (التي ينتمي إليها رائد األعمال االجتماعي) لتوريد‬
‫الســلع العامــة‪ .‬وتقــف مؤسســة األعمــال االجتماعيــة علــى خــط رفيــع للغايــة‪ّ ،‬‬
‫يميــز‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫بيــن وجتهــي نظــر مختلفتيــن تمامــا تجــاه النظــام الرأســمالي‪ .‬فهــي تسـ ِـهم مــن ناحيــة‬
‫‪44‬‬

‫ّ‬
‫يوفــر‬‫فــي كفــاءة املؤسســة الرأســمالية فــي املعركــة ضــد املشــكالت االجتماعيــة؛ مــا ِ‬
‫تعمــل كنظــام‬ ‫اإلنفــاق الحكومــي علــى مثــل هــذه القضايــا‪ 45.‬ومــن ناحيــة أخــرى‪ ،‬قــد َ‬
‫للتضامــن االجتماعــي يقــف ضــد مبــادئ اقتصــاد الســوق‪ .‬ومــن ثــم؛ تتحـ َّـدد مالمــح‬
‫شــكل مؤسســة األعمــال االجتماعيــة وأثرهــا االجتماعــي مــن خــال تكويــن أيديولوجــي‬
‫ّ‬
‫وسيا�ســي واقتصــادي‪ُ ،‬يحـ ِّـدد طبيعــة املشــكالت االجتماعيــة وخياراتنــا لحلهــا‪.‬‬

‫مواد مطروحة للنقاش‬

‫ملاذا يتولى رواد األعمال االجتماعية زمام املبادرة؟‬


‫‪Rodriguez, K., 2015. Why social entrepreneurs are taking the lead.‬‬
‫‪:Economist, December 15. Available at‬‬
‫‪https://execed.economist.com/career-advice/industry-trends/‬‬
‫‪41‬‬
‫أساسيات التمويل االجتماعي‬

‫‪.why-social-entrepreneurs-are-taking-lead‬‬

‫أسئلة المراجعة‬
‫‪1‬ما المقصود بمؤسسة األعمال االجتماعية؟‬ ‫‪.‬‬
‫‪2‬ما المقصود باالقتصاد االجتماعي؟‬ ‫‪.‬‬
‫‪3‬ما دور رائد األعمال االجتماعية؟‬ ‫‪.‬‬
‫‪4‬ما مدى أهمية خطة العمل لنشرمؤسسة أعمال اجتماعية؟‬ ‫‪.‬‬
‫‪5‬ما الفرق بين مؤسسة األعمال االجتماعية والشركة التقليدية؟‬ ‫‪.‬‬
‫‪6‬ما أهمية قياس األثرفي ريادة األعمال االجتماعية؟‬ ‫‪.‬‬

‫مالحظات‬
‫تجــدر اإلشــارة فــي البدايــة إلــى أن هــذا التعريــف ال يشـ َـمل جميــع ســمات ريــادة األعمــال‬
‫ُ‬
‫التــي تؤثــر فــي النشــاط االقتصــادي وتحـ ِّـدد مســاره فــي التطــور‪ .‬فريــادة األعمــال ظاهــرة متعــددة‬
‫الجوانــب‪ ،‬وهــي فــي غايــة األهميــة إلعــادة إنتــاج االقتصــاد الرأســمالي وتحويلــه‪ ،‬انظــر )‪(1921‬‬
‫‪ Knight‬و ‪ .(1942) Schumpeter‬ولالطــاع علــى مقدمــة عــن ريــادة األعمــال‪ ،‬انظــر ‪ Barringer‬و‬
‫‪ ،(2018) Ireland‬و ‪ Zacharakis‬و آخريــن (‪ ،)2020‬و‪ Hisrich‬وآخريــن (‪.)2020‬‬
‫‪1‬حــول االختالفــات بيــن املؤسســات التقليديــة ومؤسســات األعمــال االجتماعيــة فيمــا‬ ‫‪.‬‬
‫َّ‬
‫يتعلــق باملــوارد والرســالة وتقييــم أداء ريــادة األعمــال‪ ،‬انظــر ‪ Certo‬و ‪)Miller (2008‬‬
‫علــى ســبيل املثــال‪.‬‬
‫‪2‬االبتــكار مبــدأ رئي�ســي لـ ٍ‬
‫ـكل مــن ريــادة األعمــال االجتماعيــة والتقليديــة‪ .‬انظــر ‪Drayton‬‬ ‫‪.‬‬
‫‪ )(2002‬علــى ســبيل املثــال‪.‬‬
‫‪ Ebrahim3‬وآخــرون (‪ ، )2014‬و ‪ .)Osorio-Vega (2019‬تتضمــن العوائــق التــي تحــول‬ ‫‪.‬‬
‫ـودا خاصــة علــى اكتســاب صفــة العضويــة فــي مؤسســة‬ ‫دون االنح ـراف عــن الرســالة قيـ ً‬
‫َّ‬ ‫األعمــال االجتماعيــة أو فقدانهــا‪ ،‬وقيـ ً‬
‫ـودا تتعلــق باســتخدام املــوارد‪.‬‬
‫‪4‬على سبيل البيان‪ ،‬انظر‪ Pindyck‬و ‪.)Rubinfield (2018‬‬ ‫‪.‬‬
‫‪5‬املوقع اإللكتروني‪.https://thistlefarms.org :‬‬ ‫‪.‬‬
‫‪6‬املوقع اإللكتروني‪./https://auticon.co.uk :‬‬ ‫‪.‬‬
‫‪7‬املوقع اإللكتروني‪.https://livelyhoods.org :‬‬ ‫‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫ريادة األعمال االجتماعية‬ ‫‪1‬‬

‫‪8‬لالطــاع علــى مقدمــة عــن ريــادة األعمــال االجتماعيــة‪ ،‬انظــر‪ )Brooks (2008‬و ‪Chahine‬‬ ‫‪.‬‬
‫‪ )(2016‬و ‪ Kikcul‬و‪ ،)Lyons (2020‬على ســبيل املثال‪.‬‬
‫‪9‬ربمــا ُيعـ َّـرف املجتمــع املدنــي بأنــه مجموعــة مــن األعمــال الجماعيــة وغيــر الحكوميــة‬ ‫‪.‬‬
‫للمواطنيــن‪ّ ،‬‬
‫تعبــر عــن اهتماماتهــم وتطلعاتهــم‪ .‬ويضــم املجتمــع املدنــي املنظمــات غيــر‬‫ِ‬
‫الحكوميــة والجمعيــات املهنيــة والنقابــات واملنظمــات الخيريــة واملنظمــات الدينيــة ومــا‬
‫شــابهها‪.‬‬
‫ ‪10.‬حــول دوافــع رواد األعمــال االجتماعييــن‪ ،‬انظــر ‪ Christopoulos‬و ‪ )Vogl (2015‬و‬
‫‪ Roundy‬وآخريــن (‪.)2017‬‬
‫ ‪ Vickers11.‬وآخرون (‪.)2017‬‬
‫ ‪12.‬املوقع اإللكتروني‪.https://ec.europa.eu/growth/sectors/social-economy_en :‬‬
‫ ‪13.‬حــول األنــواع املختلفــة لــرواد األعمــال االجتماعيــة‪ ،‬مــن حيــث الحجــم واألهــداف وعمــق‬
‫محــاوالت التدخــل االجتماعــي‪ ،‬انظــر ‪ Zahra‬وآخريــن (‪.)2009‬‬
‫َّ‬
‫ ‪14.‬حــول تنـ ُّـوع مؤسســات األعمــال االجتماعيــة فيمــا يتعلــق بالبيئــة االجتماعيــة‪ ،‬انظــر‬
‫‪ Defourny‬و‪ ،)Nyssens (2010‬و‪ Liu‬وآخريــن (‪.)2013‬‬
‫ ‪15.‬لتوضيــح معالــم ريــادة األعمــال االجتماعيــة ومراجعــة التعريفــات‪ ،‬انظــر‪ Alegre‬وآخريــن‬
‫وتحمــل مجموعــة التعريفــات والتصنيفــات الخاصــة‬ ‫(‪ )2017‬و‪ Saebi‬وآخريــن (‪ِ .)2019‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫بمؤسســة األعمــال االجتماعيــة داللــة أيديولوجيــة‪ .‬وهــي تشـ ِـكل أيضــا تصورنــا عــن نطــاق‬
‫االقتصــاد االجتماعــي ونشــاطه – ‪ Teasdale‬وآخــرون (‪.)2013‬‬
‫ ‪16.‬على سبيل املثال‪.)Santos (2012 ،‬‬
‫ ‪.)Hayek (197617.‬‬
‫ ‪18.‬تختلــف أســاليب القيــادة عبــر مختلــف البيئــات الثقافيــة التــي تعمــل بهــا مؤسســات‬
‫األعمــال االجتماعيــة (‪ Lee‬و‪ Kelly‬عــام ‪.)2019‬‬
‫ ‪19.‬حــول طبيعــة شــبكة املؤسســات االجتماعيــة‪ ،‬انظــر ‪ Guo‬و ‪ )Bielefeld (2014‬علــى‬
‫ســبيل املثــال‪.‬‬
‫ ‪20.‬انظر‪ Eti-Tofinga‬وآخرين (‪ ،)2018‬و‪ Akingbola‬وآخرين (‪ ،)2019‬على سبيل املثال‪.‬‬
‫ ‪21.‬حــول االقتصــاد التضامنــي‪ ،‬انظــر ‪ Nikolopoulos‬و‪ )Kapogiannis (2013‬و‪Utting‬‬
‫‪ ،)(2015‬علــى ســبيل املثــال‪.‬‬
‫ً‬
‫ ‪22.‬حــول فعاليــة الجمعيــات التعاونيــة بوصفهــا أشــكاال قانونيــة للمؤسســات االجتماعيــة‪،‬‬

‫‪43‬‬
‫أساسيات التمويل االجتماعي‬

‫انظــر ‪ Mancino‬و‪ )Thomas (2005‬لالطــاع علــى حالــة إيطاليــا‪.‬‬


‫ ‪23.‬إللقــاء نظــرة عامــة علــى االقتصــاد االجتماعــي فــي اليونــان‪ ،‬انظــر ‪ Varvarousis‬وآخريــن‬
‫(‪.)2018‬‬
‫صنــف الجمعيــات التعاونيــة االجتماعيــة ذات‬ ‫وفقــا للقانــون رقــم ‪ُ ،2016/4430‬ت َّ‬ ‫ ‪ً 24.‬‬
‫املســؤولية املحــدودة باعتبارهــا مؤسســة اجتماعيــة تعاونيــة بهــدف الدمــج‪.‬‬
‫ ‪25.‬لالطــاع علــى حالــة مؤسســة ‪ ،Trade Aid‬التــي تســت ِند جدواهــا إلــى نشــر فرصــة ريــادة‬
‫األعمــال‪ ،‬والتحـ ُّـول الكافــي لرســالتها‪ ،‬انظــر ‪ Doyle Corner‬و‪.)Ho (2010‬‬
‫ ‪26.‬انظــر ‪ Engelke‬وآخريــن (‪ ،)2015‬مــن بيــن أمــور أخــرى‪ ،‬لالطــاع علــى أهميــة املنافســة‬
‫بيــن مؤسســات األعمــال االجتماعيــة لجــذب املوظفيــن املتخصصيــن‪ ،‬فــي إطــار ريــادة‬
‫األعمــال االجتماعيــة فــي أملانيــا‪.‬‬
‫ ‪27.‬حــول أهميــة األطـراف املهتمــة بتحديــد بتوصيــف مؤسســة األعمــال االجتماعيــة‪ ،‬انظــر‬
‫‪ Neck‬وآخريــن (‪ )2009‬علــى ســبيل البيــان‪.‬‬
‫ ‪28.‬انظر‪ Kyriakidou‬و‪ )Salavou (2014‬على سبيل املثال‪.‬‬
‫ ‪29.‬بطبيعــة الحــال‪ ،‬وفــي ظــل ظــروف معينــة فــي حالــة املؤسســات االجتماعيــة‪ُ ،‬يعــد تفانــي‬
‫ً‬
‫املوظفيــن للغــرض االجتماعــي ميــزة أكثــر أهميــة مــن التدريــب املتخصــص (‪ Besley‬و‬
‫‪ Ghatak‬عــام ‪.)2017‬‬
‫ ‪30.‬ملعرفــة أهميــة اختيــار الشــكل القانونــي للمؤسســات االجتماعيــة‪ ،‬انظــر ‪ Katz‬و ‪Page‬‬
‫‪ )(2010‬و ‪ ،)Stecker (2016‬علــى ســبيل البيــان‪.‬‬
‫ ‪31.‬حــول أثــرالبيئــة السياســية والثقافيــة واالجتماعيــة علــى تكويــن النظــام البيئــي ملؤسســة‬
‫األعمــال االجتماعيــة‪ ،‬انظــر‪ Hazenberg‬وآخريــن (‪ ،)2016‬علــى ســبيل البيــان‪.‬‬
‫ ‪ Stevens32.‬وآخرون (‪.)2015‬‬
‫ ‪ Ebrahim33.‬و‪.)Kasturi (2014‬‬
‫ ‪34.‬يمتــد هــذا الص ـراع ليتجــاوز حــدود مجــال القيــاس؛ مــا يخلــق صراعــات بيــن األط ـراف‬
‫املعنيــة حــول اإلجـراءات واملــوارد وثقافــة مؤسســة األعمــال االجتماعيــة (‪ Smith‬وآخــرون‬
‫‪.)2013‬‬
‫ ‪www.gbfund.org/our-approach/, https://acumen.org/lean-data/, www.35.‬‬
‫‪robinhood.org/what-we-do/metrics/index.html, www.povertyactionlab.‬‬
‫‪.org/resource/introduction-randomized-evaluations‬‬

‫‪44‬‬
‫ريادة األعمال االجتماعية‬ ‫‪1‬‬

‫ ‪36.‬حــول القيمــة املشــتركة فــي إطــار ريــادة األعمــال االجتماعيــة‪ ،‬انظــر ‪ Porter‬و‪Kramer‬‬
‫‪.)(2011‬‬
‫ ‪37.‬انظــر ‪ )Nicholls (2018‬حــول االختالفــات بيــن املحاســبة املاليــة ومحاســبة األثــر‬
‫االجتما عــي‪.‬‬
‫ ‪.)Mohseni-Cheraghlou (201638.‬‬
‫ ‪.)Ronchi (201839.‬‬
‫ ‪40.‬حــول تنفيــذ مبــادئ اإلدارة فــي إدارة املؤسســات العامــة‪ ،‬انظــر‪ Flynn‬و‪)Asquer (2016‬‬
‫علــى ســبيل املثــال‪.‬‬
‫ ‪ Hayllar41.‬و‪.)Wettenhall (2013‬‬
‫ ‪42.‬يتنبــأ ‪ )Dart (2004‬بــأن معاييــر الجــدوى املاليــة لجهــة اإلنتــاج مــن األف ـراد ســتحوز علــى‬
‫أرضيــة مقابــل معاييــر األثــر االجتماعــي فــي مجــال ريــادة األعمــال االجتماعيــة‪ ،‬إلــى الحــد‬
‫الــذي تعــزز فيــه الهيئــات االقتصاديــة ل ـ «اقتصــاد الســوق» إضفــاء الشــرعية علــى معاييــر‬
‫الجــدوى املاليــة فــي املجتمــع‪.‬‬
‫ ‪ Roy43.‬و‪.)Hackett (2017‬‬
‫ ‪44.‬علــى ســبيل املثــال‪ ،‬فــي حالــة الســكان األصلييــن فــي أســتراليا‪ ،‬كان تخفيــض دعــم الدخــل‬
‫ً‬
‫مصحوبــا بجهــد لدعــم ريــادة األعمــال بيــن هــؤالء النــاس‪ ،‬كآليــة للتنميــة‬ ‫الحكومــي‬
‫َّ‬
‫االقتصاديــة – ‪ .)Halouva (2015‬وتوصلــت ‪ )Gerrard (2017‬إلــى اســتنتاجات مماثلــة‬
‫َّ‬
‫تتعلــق بريــادة األعمــال االجتماعيــة والرعايــة االجتماعيــة للمشـ َّـردين فــي أســتراليا‪.‬‬

‫المراجع‬
‫‪Akingbola, K., Rogers, S.E., and Baluch, A., 2019. Social enterprise as change. In:‬‬
‫‪K. Akingbola, S.E. Rogers, and A. Baluch, eds. Change management in nonprofit‬‬
‫‪organizations: Theory and practice. Palgrave Macmillan, 171–186. https://doi.‬‬
‫‪org/10.1007/978-3-030-14774-7.‬‬
‫‪Alegre, I., Kislenko, S., and Berbegal-Mirabent, J., 2017. Organized chaos: Mapping‬‬
‫‪the defini-tions of social entrepreneurship. Journal of Social Entrepreneurship,‬‬
‫‪8(2), 248–264. https://doi.org/10.1080/19420676.2017.1371631.‬‬
‫‪Barringer, B.R., and Ireland, R.D., 2018. Entrepreneurship: Successfully launching‬‬
‫‪new ven-tures. 6th Edition. Upper Saddle River, NJ: Pearson.‬‬

‫‪45‬‬
‫أساسيات التمويل االجتماعي‬

Besley, T., and Ghatak, M., 2017. Profit with purpose? A theory of social
enterprise. American Economic Journal: Economic Policy, 9(3), 19–58. https://
doi.org/10.1257/pol.20150495.
Brooks, A.C., 2008. Social entrepreneurship: A modern approach to social value
creation. Upper Saddle River, NJ: Pearson Prentice Hall.
Certo, S.T., and Miller, T., 2008. Social entrepreneurship: Key issues and
concepts. Business Horizons, 51(4), 267–271. https://doi.org/10.1016/j.
bushor.2008.02.009.
Chahine, T., 2016. Introduction to social entrepreneurship. CRC Press. https://doi.
org/10.1201/b19475.
Christopoulos, D., and Vogl, S., 2015. The motivation of social entrepreneurs:
The roles, agen-das and relations of altruistic economic actors. Journal of Social
Entrepreneurship, 6(1), 1–30. https://doi.org/10.1080/19420676.2014.954254.
Dart, R., 2004. The legitimacy of social enterprise. Nonprofit Management &
Leadership, 14(4), 411–424. https://doi.org/10.1002/nml.43.
Defourny, J., and Nyssens, M., 2010. Social enterprise in Europe: At the crossroads
of market, public policies and third sector. Policy and Society, 29(3), 231–242.
https://doi.org/10.1016/j.polsoc.2010.07.002.
Doyle Corner, P., and Ho, M., 2010. How opportunities develop in social
entrepreneurship. En-trepreneurship Theory and Practice, 34(4), 635–659.
https://doi.org/10.1111%2Fj.1540-6520.2010.00382.x.
Drayton, W., 2002. The citizen sector: Becoming as entrepreneurial and competitive
as busi-ness. California Management Review, 44(3), 120–132.
Ebrahim, A., Battilana, J., and Mair, J., 2014. The governance of social
enterprises: Mission drift and accountability challenges in hybrid organizations.
Research in Organizational Behavior, 34, 81–100. https://doi.org/10.1016/j.
riob.2014.09.001.
Ebrahim, A., and Kasturi, V., 2014. What impact? A framework for measuring the
scale and scope of social performance. California Management Review, 56(3),
118–141. https://doi.org/10.1525%2Fcmr.2014.56.3.118.
Engelke, H., Mauksch, S., Darkow, I.-L., and Von der Gracht, H.A., 2015.
Opportunities of social enterprise in Germany – Evidence from an expert survey.
Technological Forecasting and So-cial Change, 90(Part B), 635–646. https://doi.

46
‫ريادة األعمال االجتماعية‬ 1

org/10.1016/j.techfore.2014.01.004.
Eti-Tofinga, B., Singh, G., and Douglas, H., 2018. Facilitating cultural change in
social enterpris-es. Journal of Organizational Change Management, 31(3), 619–
636. https://doi.org/10.1108/JOCM-12-2016-0296.
Flynn, N., and Asquer, A., 2016. Public sector management. 7th Edition. London:
Sage.
Gerrard, J., 2017. Welfare rights, self-help and social enterprise: Unpicking
neoliberalism’s mess. Journal of Sociology, 53(1), 47–62. https://doi.
org/10.1177%2F1440783315607388.
Guo, C., and Bielefeld, W., 2014. Social entrepreneurship: An evidence-based
approach to creat-ing social value. San Francisco: Jossey-Bass.
Halouva, M., 2015. From self-determination to self-appreciation: Neoliberalism
and social en-terprise in indigenous Australia. In: S. Paunksnis, ed. Dislocating
globality: Deterritorializa-tion, difference and resistance. Leiden: Brill, 231–259.
Hayek, F.A., 1976. Law, legislation and liberty: A new statement of the liberal
principles and political economy. Volume II: The mirage of social justice. London:
Routledge.
Hayllar, M.R., and Wettenhall, R., 2013. As public goes private, social emerges: The
rise of social enterprise. Public Organization Review, 13(2), 207–217. https://doi.
org/10.1007/s11115-013-0234-y.
Hazenberg, R., Bajwa-Patel, M., Roy, M.J., Mazzei, M., and Baglioni, S., 2016. A
comparative overview of social enterprise “ecosystems” in Scotland and England:
An evolutionary perspec-tive. International Review of Sociology, 26(2), 205–222.
https://doi.org/10.1080/03906701.2016.1181395.
Hisrich, R.D., Peters, M.D., and Shepherd, D.A., 2020. Entrepreneurship. New
York, NY: McGraw-Hill Education.
Katz, R.A., and Page, A., 2010. The role of social enterprise. Vermont Law Review,
35(1), 59–103.
Kikcul, J., and Lyons, T.S., 2020. Understanding social entrepreneurship: The
relentless pursuit of mission in an ever changing world. 3rd Edition. New York,
NY: Routledge. https://doi.org/10.4324/9780429270406.
Knight, F., 1921. Risk, uncertainty and profit. Boston and New York: Houghton
Mifflin Com-pany.

47
‫أساسيات التمويل االجتماعي‬

Kyriakidou, O., and Salavou, E., 2014. Social entrepreneurship. Athens: Rosili. In
Greek.
Lee, B., and Kelly, L., 2019. Cultural leadership ideals and social entrepreneurship:
An interna-tional study. Journal of Social Entrepreneurship, 10(1), 108–128.
https://doi.org/10.1080/19420676.2018.1541005.
Liu, G., Eng, T.-Y., and Takeda, S., 2013. An investigation of marketing capabilities
and social enterprise performance in the UK and Japan. Entrepreneurship Theory
and Practice, 39(2), 267–298. https://doi.org/10.1111%2Fetap.12041.
Mancino, A., and Thomas, A., 2005. An Italian pattern of social enterprise: The
social coopera-tive. Nonprofit Management and Leadership, 15(3), 357–369.
https://doi.org/10.1002/nml.73.
Mohseni-Cheraghlou, A., 2016. The aftermath of financial crises: A look on human
and social wellbeing. World Development, 87, 88–106. https://doi.org/10.1016/j.
worlddev.2016.06.001.
Neck, H., Brush, C., and Allen, E., 2009. The landscape of social entrepreneurship.
Business Ho-rizons, 52(1), 13–19. https://doi.org/10.1016/j.bushor.2008.09.002.
Nicholls, A., 2018. A general theory of social impact accounting: Materiality,
uncertainty and empowerment. Journal of Social Entrepreneurship, 9(2), 132–
153. https://doi.org/10.1080/19420676.2018.1452785.
Nikolopoulos, T., and Kapogiannis, D., 2013. Introduction to social and solidarity
economy. Athens: I ekdosis ton synadelfon. In Greek.
Osorio-Vega, P., 2019. The ethics of entrepreneurial shared value. Journal of
Business Ethics, 157, 981–995. https://doi.org/10.1007/s10551-018-3957-4.
Pindyck, R., and Rubinfield, D.L., 2018. Microeconomics. 9th Edition. Upper
Saddle River, NJ: Pearson.
Porter, M., and Kramer, M., 2011. Creating shared value. Harvard Business Review,
Janu-ary/February1–17.
Ronchi, S., 2018. Which roads (if any) to social investment? The recalibration of
EU welfare states at the crisis crossroads (2000–2014). Journal of Social Policy,
47(3), 459–478. https://doi.org/10.1017/S0047279417000782.
Roundy, P.T., Holzhauer, H., and Dai, Y., 2017. Finance or philanthropy? Exploring
the motiva-tions and criteria of impact investors. Social Responsibility Journal,
13(3), 491–512. https://doi.org/10.1108/SRJ-08-2016-0135.

48
‫ريادة األعمال االجتماعية‬ 1

Roy, M.J., and Hackett, M.T., 2017. Polanyi’s “substantive approach” to the
economy in action? Conceptualising as a public health “intervention”. Review of
Social Economy, 75(2), 89–111. https://doi.org/10.1080/09581596.2016.1249
826.
Saebi, T., Foss, N.J., and Linder, S., 2019. Social entrepreneurship research: Past
achievements and future promises. Journal of Management, 45(1), 70–95.
https://doi.org/10.1177%2F0149206318793196.
Santos, F.M., 2012. A positive theory of social entrepreneurship. Journal of
Business Ethics, 111(3), 335–351. https://doi.org/10.1007/s10551-012-1413-4.
Schumpeter, J., 1942. Capitalism, socialism and democracy. New York: Harper and
Brothers.
Smith, W.K., Gonin, M., and Besharov, M.L., 2013. Measuring social business
tensions: A re-view of research agenda. Business Ethics Quarterly, 23(3), 407–
442. https://doi.org/10.5840/beq201323327.
Stecker, M.J., 2016. Awash in a sea of confusion: Benefit corporations, social
enterprise and the fear of “greenwashing”. Journal of Economic Issues, 50(2),
373–381. https://doi.org/10.1080/00213624.2016.1176481.
Stevens, R., Moray, N., and Bruneel, J., 2015. The social and economic mission
of social enter-prises: Dimensions, measurement, validation, and relation.
Entrepreneurship Theory and Practice, 39(5), 1051–1082. https://doi.
org/10.1111%2Fetap.12091.
Teasdale, S., Lyon, F., and Badlock, R., 2013. Playing with numbers: A methodological
critique of the social enterprise growth myth. Journal of Social Entrepreneurship,
4(2),113–131.https://doi.org/10.1080/19420676.2012.762800.
Utting, P., 2015. Social and solidarity economy: Beyond the fringe. London: Zed
Books.
Varvarousis, A., Galanos, C., Tsitsirigos, G., Bekridaki, G., and Temple, N., 2018.
Report on the social and solidarity economy in Greece. Athens: British Council.
In Greek.
Vickers, I., Lyon, F., Sepulveda, L., and McMullin, C., 2017. Public service
innovation and multi-ple institutional logics: The case of hybrid social enterprise
providers of health and wellbeing. Research Policy, 46(10), 1755–1768. https://
doi.org/10.1016/j.respol.2017.08.003.

49
‫أساسيات التمويل االجتماعي‬

Zacharakis, A., Corbett, A.C., and Bygrave, W.D., 2020. Entrepreneurship. 5th
Edition. Hoboken, NJ: John Wiley & Sons.
Zahra, S.A., Gedajlovic, E., Neubaum, D.O., and Shulman, J.M., 2009. Motives,
search processes and ethical challenges. Journal of Business Venturing, 24(5),
519–532. https://doi.org/10.1016/j.jbusvent.2008.04.007.

50
‫يمكنكم الحصول على النسخة الورقية‬
‫من الكتاب‬
‫عبر موقع مكتبة جرير‬

‫‪https://www.jarir.com/arabic-books-630686.html‬‬

You might also like