You are on page 1of 3

‫* السداسي الثاني *‬ ‫* مدخل إلى علم اآلثار*‬ ‫*جامعة التموين المتواصل*‬

‫وزارة التعليم العالي و البحث العلمي‬


‫جامعة التكوين المتواصل‬
‫فرع‪:‬إعالم و إتصال‬

‫مناهج المسح األثري‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫تختلف المناهج فكل العلوم االجتماعية‪ ،‬اإلنسانية و علوم المادة حسب طبيعة موضوع الدراسة‪ .‬فعلم اآلثار‬
‫ال يستثني هذه القاعدة العملية من اجل الوصول إلى الحقيقة العلمية التي تسعى إليها كل األنشطة البحثية‪.‬‬
‫فالمناهج لعلم اآلثار المستخدمة في عملية المسح قد تختلف هي كذلك حسب طبيعة الموقع و أهداف‬
‫العملية‪ .‬نحاول من خالل هذا المقطع أن نتطرق إلى أهم هذه المناهج و طرق تطبيقها في الميدان‪.‬‬
‫منهج المسح األثري‪:‬‬
‫يختلف منهج المسح األثري حسب طبيعة كل منطقة‪ ،‬فالمسح في المناطق الحضرية ليس كالمسح في‬
‫المناطق الريفية أو الساحلية أو البحرية‪ ،‬فلكل منطقة خصوصياتها يجب أن تراعى‪ ،‬فالمسح في المناطق‬
‫الحضرية كالمدن والقرى والتجمعات السكنية أمر صعب ألسباب تقنية‪ .‬فأرضية المدينة مثال تغطي‬
‫المخلفات القديمة لها‪ ،‬ولن يبق الشيء الكثير من تلك المخلفات ظاهرة كما هو الحال في المناطق الريفية‪،‬‬
‫فيلزم علينا البحث من خالل المسح عن آثار مطمورة فوقها بنايات حديثة ومستغلة‪.‬‬
‫فالبحث في المصادر التاريخية والجغرافية حول المدينة مثال يصبح أكثر من الضروري للتعرف على‬
‫مختلف المراحل التي مرت بها المنطقة عبر الحقبات التاريخية‪ .‬في الكثير من عمليات الحفر لآلبار‪ ،‬في‬
‫المناطق العمرانية‪ ،‬يتم استخراج تربة ممزوجة بمخلفات أثرية يستعان بها في التعرف على طبيعة اآلثار‬
‫المدفونة من بقايا فخارية أو نقود أثرية‪ .‬كما يتوجب على أعضاء فرقة البحث التجول الدقيق عبر كامل‬
‫أجزاء المدين والسير في جميع دروبها‪ ،‬بهذه الطريقة يمكن التمييز بين المعالم األثرية والمباني الحديثة‪،‬‬
‫من جهة و بين المواد المستعملة في بناء القديم من حيث األصل و النوع‪ .‬فقد حدث في الكثير من الحاالت‬
‫أن اإلنسان استعمال مواد بناء جلبها من مكان آخر‪ ،‬وتوجد أمثلة عديدة عن هذه الحالة في الجامع األموي‬
‫بدمشق وجامع القيروان وجامع قرطبة‪ ،‬حيث استعملت فيهم أعمدة قديمة رومانية وبيزنطية‪.‬‬
‫وفي الجزائر أمثلة كثيرة لهذه الظاهرة منها جسر باب القنطرة الذي أعاد تشييده صالح باي بحجارة جلبها‬
‫من معالم أثرية قديمة‪.‬‬
‫وإذا كان المسح في المناطق الحضرية صعبا فانه في المناطق الريفية سهل إلى حدا ما‪ ،‬ذلك إن مواقع‬
‫أثرية كثيرة في مثل هذه المناطق تكون بارزة إلى العيان‪ ،‬وعادة ما تكثر شقف الفخار فوق سطحها‪ ،‬أو‬

‫‪1‬‬
‫* السداسي الثاني *‬ ‫* مدخل إلى علم اآلثار*‬ ‫*جامعة التموين المتواصل*‬

‫تظهر منها بعض الجزاء كاألسوار أو األعمدة‪ ،‬وغالبا ما تتوضع آثار المدن في شكل تلل يكبر حجمها‬
‫ويصغر حسب كبر المدينة أو صغره‪.‬‬
‫أما إذا كانت المعالم األثرية غير واضحة فيمكن أن تكون مدفونة على عمق كبير نتيجة لتراكم كميات‬
‫كبيرة من الرواسب‪ ،‬وفي هذه الحالة يجب علينا أن نستعين بالجيوفيزياء والكيمياء وغيرها‪.‬‬
‫وفي المناطق الساحلية أو المائية تزداد عملية المسح صعوبة وتعقيدا‪ ،‬وهي تتطلب االستعانة بخبراء في‬
‫هذا المجال‪ ،‬كعلماء البحر وغواصين مع استعمال أجهزة و وسائل التصوير الفوتوغرافي والماجنتومتر‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫اإلجراءات الميدانية في عملية المسح األثري‪:‬‬
‫الدراسة التحضيرية‪:‬‬
‫ا ‪-‬تحديد المنطقة‪ :‬و هو تحديد المكان المعني بعملية المسح األثري فيه‪ ،‬و تخضع هذه العملية الى عدة‬
‫اعتبارات‪ ،‬منها التعرف على تاريخ منطقة ما أو وضع برامج تنموية لحماية المواقع والمعالم األثرية‬
‫وترقيتها‪ ،‬وقد تختار أماكن معينة لسباب مختلفة كمشاريع كبرى كشق الطرق أو بناء سدود ‪ ،‬فتضطر‬
‫الدولة إلى برمجة عملية مسح إنقاذي فيها قبل البدء في األشغال‪.‬‬
‫ب ‪-‬جمع المعلومات‪:‬تجمع المعلومات حول المنطقة المعنية بالمسح من المصادر التاريخية والجغرافية‬
‫التي تعرضت لتاريخها أو وصفها عبر مختلف الفترات والعصور‪ ،‬والدراسات الحديثة التي أقيمت حولها‪،‬‬
‫والحفريات التي أجريت فيها‪ ،‬ويفيدنا البحث البيبليوغرافي في جمع معلومات جد هامة تاريخية وأثرية‬
‫ومعرفة أسماء المدن واألماكن القديمة والحديثة‪ .‬في الجزائر‪ ،‬توجد أسماء بعض األماكن تشير إلى أن‬
‫المنطقة أثرية مثل كلمة " خربة "وهي مستعملة كثيرا‪،‬مثال " خربة أولد بوزيان بسيدي الحسني" والية‬
‫"تيارت" فهذه المنطقة تحوي خرائب رومانية الزالت بقاياها ماثلة إلى اليوم‪.‬‬
‫ولمعرفة الجانب الجغرافي و الجيولوجي للمنطقة يمكن االستعانة بالخرائط ا لجيولوجية والطبوغرافية و‬
‫الصور الجوية‪ ،‬ولهذه األخيرة فائدة كبيرة في الكشف عن المواقع األثرية المطمورة وتحديد حيزها‬
‫ومخططها‪.‬‬
‫كما تعتبر معلومات أهل المنطقة من أهم المصادر التي ال يمكننا االستغناء عنها‪ ،‬ويحدث كثيرا أن يكتشف‬
‫أهل المنطقة اثأرا أثناء قيامهم بأشغال الحفر المختلفة‪ ،‬ويعثرون على تحف ينقلونها من مواقعها األصلية‬
‫إلى مقر سكناهم أو بيعها‪ ،‬وقد تكون لديهم معلومات حول مواقع كانت و واضحة معالمها وظاهرة ثم بعد‬
‫مدة ولعوامل طبيعية أو بشرية اختفت‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫* السداسي الثاني *‬ ‫* مدخل إلى علم اآلثار*‬ ‫*جامعة التموين المتواصل*‬

‫‪-2‬الدراسة الميدانية‪:‬‬
‫ا ‪-‬تخطيط المنطقة‪ :‬بعد تحديد حيز المسح وانطلقا من الخرائط الطبوغرافية والصور الجوية تقسم المنطقة‬
‫إلى مربعات‪ ،‬وتسهل عملية التخطيط في المناطق السهلية أكثر من غيرها لبساطها ووضوح الرؤية فيها‪،‬‬
‫وقد تقسم هذه المساحة بدورها إلى شبكة من المربعات تتراوح أطوالها بين ‪ 30‬و ‪ 50‬متر مربع‪ ،‬ولما يتم‬
‫العثور على موقع اثري كبير كآثار مدينة واسعة يمكن تقسيمها إلى مربعات اصغر‪ ،‬لما تتطلبه من رسم‬
‫ورفع معماري ومسح اثري مكثف‪ ،‬ويتحكم في تحديد مقاسات المربعات عدة عوامل‪ ،‬منها طبيعة‬
‫المنطقة‪ ،‬وعدد أفراد البعثة وإمكانياتها‪ ،‬وكثافة المواقع األثرية‪ ،‬فكلما كانت هذه األخيرة كثيرة كلما توجب‬
‫تصغير المربعات‪ ،‬لما تتطلبه العملية من تدقيق وتركيز‪.‬‬
‫ب ‪-‬المعاينة الميدانية‪ :‬وتتم عملية المعاينة بتوزيع أفراد البعثة على مربع أو أكثر حسب عددهم‪،‬‬
‫ويصطفون متجولين في استقامة واحدة على طول المستطيل‪ ،‬في المرتفعات والمنخفضات‪ ،‬من أعماق‬
‫الوديان إلى أعالي الجبال‪ ،‬مع التدقيق في مالحظة البقايا والمخلفات األثرية المتواجدة على سطح األرض‪.‬‬

‫‪3‬‬

You might also like