Professional Documents
Culture Documents
الفصل الثالث
الفصل الثالث
أزمة السكن
أزمة السكن الفصل الثالث :
مقدمة:
تعد مشكمة السكن من أىم المشكالت التي تواجو الدول و المجتمعـات اليوم و تكاد تكون عامة ال
تخمو منيا أي دولة ،و قد تفاقمت في السنوات األخيرة حيث إتسمت بالتعقيد و التشابك مــما زاد
القناعات بإحتمال فقدان السيطرة عمى ىاتو األزمة و إتجاىاتيا المستقبمية األمر الذي يحتم اإلىتمام
بإرادتيا بطريقة عممية ،و ىي من أىم المشكالت التي تعاني منيا المجتمعات المعاصـرة و الدول
لم تكن األزمة السكنية وليدة الحاضر فقط ،و إنما ىي مشكمة قديمة حديثة تختمف درجتيا و وحدتيا
من دولة إلى أخرى ،بمغت ذروة تفاقميا في الدول النامية عامة و العربية خاصة .و تعتبر الجزائر
أحد البمدان التي عانت من تداعيات مشكمة السـكن ،عمى الرغم من مجيودات الدولة في عمـمية
اإلنتاج ،إال أن المدينة الجزائرية تعـاني مـن مشكل السكن الذي أصـبح حســب الد ارسـات السوسيولوجية
الحديثة يشكل أزمة حادة تعرقل عممية التنمية ،لذلك أولـت الجزائر أىمـية بالغـة لقطاع السكن نتيجة
لزيادة الطمب عمى السكن خاصة في المدن ،و لذا تعتبر أزمة السكن الجماعي من أىم األزمات التي
أثرت عمى كافة أفراد المجتمع عالوة عمى ذلك فقد أصبحت تشوه المـنظر الحضري بظيور أنماط
مختمفة من المباني ال تمد بصمة إلى اليوية الحقيقة لممناطق و عممية توسع المدن فضال عن عدم
مراعاة الخصائص اإلجتماعية و الثقافية ألفراد المجتمع مـ ما جعل المواطن يعاني داخل المسكن و
خارجو.
33
أزمة السكن الفصل الثالث :
عالقـ ة ما إلى المرحمة التي تيدد بحدوث تحول جذري فـي طبيعة ىذه
-عبارة عن خمل مفاجئ نتيجة ألوضاع مضطربة تؤدي إلى تطورات غير متوقعة بسـبب عدم القدرة
عرفيا الكاتب سيد بو بكر في كتابو ":السكن في الجزائر" بكونيا ظاىرة معقدة فيي كما يقول معقدة
أوال في مظاىرىا التي تتجمى في ضعف الحظيرة العقارية الموجودة ،عدم كفاية العرض بالنسـبة
لمسكن ،و كذا ندرة في مواد البناء ،و زيادة عمى ذلك توجد مشكمة إزدحام تشغل المـسكن ذاتيا ،و
ظيور البيوت القصدرية التي تكون مجتمعة المظاىر األكثر حدة ليذه األزمة.
-1-2عالميا:
34
أزمة السكن الفصل الثالث :
بدأت في الظيور عقب الثورة الصناعية ألول مرة في العالم الغربي حـيث إزدحمت المـدن و
الحواضر بالمصانع و عماليا و بات من الضروري توفير سكن لمعمـال و الذي حدث بمدينـة
لورل بالواليات المتحدة األمريكية ,و عمة إثر الحرب العالمية األولى نشأ تقص كبير في المساكن
مما أدى بعض الدول إلنشاء قوانين تحض عمى السكنات الشعبية و منيا:
كما عمى اإلتحاد السوفياتي أزمة سكنية قبل ثورة 11أكتوبر فكان القسم األكبر من اليد العاممة يقطن
في أكواخ و غرف األقبية الرطبة و لم يكن لدى %05من السكان غرف سكنية خاصة و كانت المدن
أما الدول العربية فالنمو الحضري المتسارع الذي شاىدتو معظم الدول النامية خالل النصف الثاني من
القرن العشرين لمشكالت إقتصادية ,إجتماعية و ديموغرافية و غـيرىا مـن إفـ ارزات النمـو الحضري
حسب ما كشفتو دراسة لممعيد العربـي فالعـشوائيات لم تقتصـر عـمى الدول العـربية ذات المشاكل اإلقتصادية
تعود أزمة السكن لنياية سبعينات القرن الماضي .مع تفاوت في حدة األزمة في العقد األخير من خالليا
35
أزمة السكن الفصل الثالث :
عرفت الجزائر بعد اإلصالحات صيغ سكنية مختمفة و متعددة اليدف منيا المس بجميع فئات المجتمع من
ال يمكن إنكار ما قامـت بو الـجزائر طيمة عقود من اإلنجازات السكنية الضخمة ,إستفاد منيا الماليين من
المواطنيين ,لكن األزمة متواصمة كيف لمـختمف الصيغ المطروحة حاليا أن تعجز عن حل ىذه األزمة..
عرف قطاع السكن في الجزائر خالل العشرية المنصرمة مشاكل كبيرة زادت من األزمة تعقيدا و جعمت
المواطن الجزائري يتخبط فييا ,فعمى الرغم من جيود الدولة خاصة بعد قياميا بإصالحات عمى مخـتمف
قطاعاتيا منذ التسعينات ,و باألخص في قطاع السكن الذي عرف إتجاىات أخرى أختمفت عن سابقتيا في
مرحمة المخططات التنموية و ىذا بظيور صيغ سكنية جديدة و فتح المجال أمـام الترقية العقارية و دعم
المواطن بإعانات مالية لمحصول عمى ممكية سكن و غيرىا .إال أن الوضع الزال يعاني منو المجتمع ،حيث
36
أزمة السكن الفصل الثالث :
إختالل بنية قطاع البناء :إن األوضاع اإلقتصـادية التي عرفتيا الجزائر مط ــمع تسعينات القرن
الماضي جعمت العديد من المؤسسات التي تنشط في قطاع البناء تعرف مســار ﺁخـر إختمف عن
سابقو ,حيث أفرزت إعادة ىيكمة المؤسسات العمومية كثي ار من التنظيمات ,فمن بين 055مؤسسة
تم ىيكمتيا لم تستند ألي دراسة مسبقة لممردودية و ال حتى في كثير من األحيان لرأس مال
معتبر ,و ىو ما نتج عنو سوء تسيير نتيجة لتسرب العديد من اإلطارات العميا التي إكتسبت
تجربة في ىذا القطاع ,و ىذا إنعكس سمبا عمى مردودية قطاع البناء مما جعمو يعرف ظاىرة
إنخـفاض اإلنتاجية عمى مدار عدة سـنوات و نقـص تمويمو بمـواد البناء لصـالح إنجاز السكنات
نقص الموارد المالية :إن إنجـاز السكنات في األجال و باألعداد و الحصـص المـقدرة في جم ــيع
البرامج كان دائما يصطدم بنقص في الموارد المالية المخصصة لمبناء سواء تعمق األمر بالمـقاول
إرتفاع اإلعتمادات المالية يقابمه عجز في اإلنجاز :رغم دعم الدولة لقطاع السـكن بقروض مـالية
متفاوتة القيم عمى مختمف السنوات ,إال أن مختمف البرامج السكنية عرفت مشاكل في التمويل
عدم وجود مراقبة فعمية عمى عممية إنجاز السكنات :و ىذا ما تؤكده العديد من المشاريـع
السكنية التي تنطمق بدون أي مصـادقة أو رأي من المصـالح المعنية ,كمــا نالحظ نفس النقائص
في مراقبة مخططـات العمـران حيث تشيد أحيـاء كاممـة عدم إحترام قواعـد التعمير األساسية مما
37
أزمة السكن الفصل الثالث :
يشوه الجوانب العمرانية و الجوانب المرتبطة بمحيط المعيشة ،و ينتج عنيا في األخير وجود
عدم تماشي القدرة الشرائية لممواطن مع تكمفة شراء السكن :لعـل من بين األسباب التي زادت
من حدة أزمة السكن ,ىو مراعاة الدولة لتكمفة السكنات بما يتماشى مع قدرة المواطن ,فبغض
النظر عن السكن اإلجتماعي الذي تخصصـو الدولة إلى المواطـنيين ذوي الدخـل الضعيف أو
المنعدم بدون أي مقابل أو بتكمفة رمزية غير أن نسبة توزيع ىذه السكنات تبقى ضعيفة و بسبب
التالعبات اإلدارية من جية و ظاىرة الرشوة و المحسوبية إضافة إلى عجز الدولة عن تحقيق
العرض الكافي نظ ار لمشكل تمويل ىذه السكنات و مشكل نقص األراضي و توقف المشاريع
السكنية لعـدة سنوات نتيجة التمـاطل في منح اإلعانة و تعقيد العممية عمـى األفراد من حيث طمب
عدة وثائق و طول مدة الحصول عمييا من مختمف الجيات و إحتكارىا لكل عممية منح األراضي
أو اإلستفادة من أي مسـاعدة و عدم توفر معمومـات دقيقة من عدد المساكن الحالية سواء من
غياب الشفافية في توزيع السكنات :حيث تتم عمـمية التوزيع األولى بطريقة سرية و ىذا ما أدى
ثقة المواطن في مختمف اإلدارات العمومية المعنية ,و مــن ثمة المجوء إلى إلى فقدان
اإلحتجاجات و قد قدمت المقررة األممية "راكيل رولنك" « ،الحق في السكن الالئق» وصفة
لعالج األزمة و لو جزئيا ,تخص إرساء سجل وطني موحد لطمبات السكن ,يقوم عمى التنقيط
لطالبي السكن ,عمى أن يتم نشر قوائم المستفدين أمـام المواطنيين عـبر المواقع اإللكترونية
38
أزمة السكن الفصل الثالث :
لمبمديات و الواليات و الدوائر في شبكة اإلنترنت ,مقترحة عمى الحكومة إنشاء مرصد مستقل
– 2.3األسباب اإلجتماعية:
النزوح الريفي :إن األزمة األمنية التي عاشـ تيا الجزائر خالل تسعينات القرن الماضي أدت
إلى فرار و نزوح أالف العائالت من القرى و األرياف بإتجاه الـمدن والتجمع ـات الحضرية
بطريقة غير قانونية ,و أقامت بنايات فوضوية غير الئقة ,ىذه الحركة كانت ليا عدة
إنعكاسات سمبية سريعة و مؤثرة في كيفية توسع مجاالت و حدود المـدن ,و بالرغم من
مساىمة الدولة باإلستثمارات الكبيرة في مجال الترقية و التسيير العقاري ,إال أنيا لم تستطع
تحقيق األىداف المنتظرة بسبب النزوح الريفي ,الذي يرى فيو أصـحاب القرى و األرياف أنو
النمو الديمغرافي :يعتبر النمو الديمغرافي الذي عرفتو الجزائر خـالل فترة الستينات و
السبعينات من بين عوامـل ظيور أزمة السكن في الـجزائر فعدد السكان تضاعف ثالث مرات
تقريبا حيث إنتقل عدد السكان حوالي 35مميون نسمة في سنة 1991بينما كان في
السـنوات الماضية مـن الستينات و السبعينات حوالي 11مميون نسمة ,بينما تضـاعفت حظيرة
سنة .1991
39
أزمة السكن الفصل الثالث :
عدم قدرة المواطن عمى التمويل :ذلك أن معظم التركيبة اإلجتماعيـة غـير قادرة عمى
اإلعتماد عمى مصادرىا الخاصة في تمويل السـكن إذ أثبتت دراسـة المجمس الوطنـي
%15 -فقط من المجتمع قادر عمى بناء مسكنيم بإمكانياتيم الخاصة .
%35 -ال تممك أدنى إمكانية لشراء أو بناء مسكن تتطمب التكفل التام.
نستخمص أنو ال يمكن حصر األسباب التي أدت إلى تفاقم أزمة السكن في الجزائر عمى ضوء ما
ذكرناه فقط ,بل ىناك العديد من األسباب التي أعاقت مسار السياسة السكنية و نذكر مـنيا:
لمسكـنات اإلجتماعية مشكل التالعبات اإلدارية في تحديد قوائم المستفدين خاصـة بالنسبـة
التساىمية و حتى الريفية ,باإلضافة إلى أخذ سياسـة توزيع السكنات بعـد سياسي فكثي ار ما تقترن
ىذه العممية بحممة إنتخابية دون مراعـاة ظروف المواطـن ووضعيتو و غيرىـا من األسباب
األخرى.
بحث نمو اإلقتصادي ،و لعل النظر إلى ىذه التجـارب يولي لنا
40
أزمة السكن الفصل الثالث :
نموذج يمـكن أن تسمكو السمطات الجزائرية لمـحد من األزمة خاصـة إذا أخذت بعـين اإلعتبار تجارب
الدول السائرة في طريق النمو أين يمكن أن يكـون فييا مجال المقارنة ممكنا ،و في ىذا السـياق
سنقوم بعرض تجارب دول نامية عمى الرغم من محدودية إمكانياتيا إستطاعت أن تطوق أزمـة
-1.5تجربة الشيمي
تعتبر الشيمي مـن الدول التي أحرزت تقدمـا كبي ار في مجـال السكن ،وذلك بتنظيم الســكن اإلجتماعي
و كذا وضع نظام محكم لتمويل السكن بصـفة عامة .ففي عشـرة سنوات ( )1991-1911تمكنت
من إنتاج ألف وحدة سكنية ،ىذا الرقم تعدى اإلحتياج السـنوي الذي قدر بمميون وحدة سكنية ،ىذا
الرقم تعدى اإلحتياج السنوي الذي قدر بمميون سكنية مع نياية التسـعينات و تجدر اإلشارة ىنا إلى
النظام المالي الشيمي المكون من 31مصرف تجاري خاص و مصـرف واحد عمومي و حوالي 31
-1.5تجربة ماليزيا:
تعتبر ىذه األخرى من الدول التي نجحت في حل مشكل السكن( ،)1995-1915يتكون النظـام
الماليزي من بنوك تجارية بنسبة 15بالمائة و مؤسسات مالية بنسبة 52بالمائة و مؤسسات مالية
يمكن لممقترضين الحصول عمى %05من قيمة السكن الـمراد إمتالكو ،و ذلك في حدود إمكانية
الدفع الشيرية المتعمقة بإستراد المبمغ المقترض المحدد بـ %11من الدخل اإلجمالي ،تراوحـت أسعار
41
أزمة السكن الفصل الثالث :
الفائدة في المدة األخيرة ما بين 0.0 -0.9سنويا و لنجاح عممية السكن ف ماليزيا أتبعت
و بذلك أصبحت ىذه المؤسسات تمول أكثر من %51من إحتياجـات المؤسسة المـالية المتعمقة
بالقروض السكنية ،كذلك تدخل البنك المركزي في تنظيم القروض السكنية و ذلك بتحديد حصص
لكل بنك فيما يخضع قروض سكنية ،باإلضافة إلى تحديد نسبة الفائدة و ىامش الربح بالنسبة لكل
متعامل في مجال الرىن العقاري و قد تبين أن مجمل الحصص المفروضة كانت تقدر بـ 355
سكن كحصة المحفظة العقارية لمبنوك بينما الذي حصل ىو أنو تجاوز إلى 51ألـف سـكن في
السنة.
42
أزمة السكن الفصل الثالث :
عموما تعتبر أزمة السكن من أصعب المشكالت التي تعاني منيا الدولة الجزائرية في ظل األسباب التالية:
إرتفاع معدل النمو السكاني و زيادة طمب األفراد و العائالت عمى السكن ،و في ظل الواقع المزري يتطمب
إيجاد حل لمشكمة السكن من كافة المسؤولين في الجزائر خاصة بعد رحيل الحكومة السابقة بفعل الحراك ،و
بذل الجيود الكبيرة و العمل أكثر بإستمرار من أجل تطوير القوانين و التشريعات التي تدعم قدرتيم في توفير
العقار و إنجاز البرتامج السكنية بأدنى التكاليف ،و من خالل تحقيق معـالجة إلتزام البنوك لتـمويل بناء السكن
بأسعار فائدة معدومة و تشجيع المستثمر الوطني و األجنبي عمى مضاعفة نشاطيم اإلقتصـادي في قطاع
السكن لمقضاء عمى السموكيات ال غير صحية إقتصاديا كالمضاربة التي يقوم بيا أشخاص محتالون في سوق
العقار و كذلك في سوق مواد البناء ،و إن نجاح المسئولين في الجزائر في تجسـيد ما سبق ذكره سوف يسيل
بالتأكيد عمى المواطن في المدينة الجزائرية شراء سكن جاىز ،و إقتناء قطـعة أرض معـدة لمبناء تم تشييدىا
43