Professional Documents
Culture Documents
ملخص محاضرات مقياس ابيستمولوجيا العلوم الاجتماعيةأ. كريمة بودرواز -
ملخص محاضرات مقياس ابيستمولوجيا العلوم الاجتماعيةأ. كريمة بودرواز -
تعريف االبستمولوجيا:
يعد مفهوم االبستمولوجيا أحد أبرز المفاهيم الفكرية بشكل عام ،والفلسفية بشكل خاص،
وهو مصطلح استخدم ألول مرة من قبل الفيلسوف االسكتلندي جيمس فريدريك فيرير ،فما
هي االبستمولوجيا؟ وماهي أبرز المفاهيم المنبثقة عن هذا المفهوم؟
األصل اللغوي للمصطلح:
مصطلح اال بستمولوجيا تعود جذوره للغة اليونانية وهو مؤلف من مقطعين
)(epistemeوتعني العلم أو المعرفة ،و ) (logosوتعني دراسة أو نظرية .ومن هنا
تكون ترجمتها إلى العربية نظرية العلوم أو دراسة العلوم .وهناك مقاربات لغوية أخرى .
المقاربة االصطالحية:
مصطلح ابستمولوجيا يدور في محورين:
-المحور األول في االصطالح المعاصر ويعني الدراسة النقدية للعلوم والتي تهتم
بدراسة العلوم وموضوعاتها وفرضياتها وأهميتها ونتائجها ويمكن القول بأن
أن كانت تتعلق بالوجود كامالا.اإلبستمولوجيا أصبحت تهتم بدراسة العلوم بعد ّ
-والمحور الثاني هو اإلبستمولوجيا في سياق الفلسفة وهي دراسة المعرفة والفرق
بينها وبين العلم واإلدارك وطرق تحصيل المعرفة وهو قسم من أقسام الفلسفة الثالثة
التي تهتم بدراساتها فلسفة (اإلبستمولوجيا) ،كما تقدم التعريف بها ،و (األنطولوجيا)
وتعني تعلم الوجود والتي تهتم بدراسة ظاهرة الوجود وأصل الوجود والهدف منه،
و(األكسيولوجيا) وتعني علم المعايير أو علم األخالق وتهتم بدراسة المعايير كالحق
والخير والجمال ماهيتها وما األحكام المتعلقة بها.
وإذا كانت اإلجابات التي تقدمها نظرية المعرفة «اطالقية» وعامة وشاملة ،فإن
اإلبستيمولوجية تدرس المعرفة العلمية في وضع محدد تاريخياا ،من دون أن تنزع نحو
إجابات مطلقة.بل ترى اإلبستيمولوجية في التعميمات الفلسفية لنظرية المعرفة عائقا ا أمام
تطور المعرفة العلمية .ذلك أن التصورات الزائفة عن المعرفة تؤثر سلبيا ا في مجال
المعرفة العلمية ،وخاصة حين تضع حدودا ا للعلم .فاإلبستيمولوجية ليست استمرارا ا لنظرية
المعرفة في الفلسفة بل هي تغير كيفي في النظر إلى عالقة الفلسفة بالعلم ،وتجاوز للتناقض
بين نظرية المعرفة والعلم.
تعالج االبيستمولوجيا العلم فهو موضوعها ،وهناك إبستيمولوجية عامة موضوعها العلم
من دون تمييز العلوم الطبيعية عن العلوم اإلنسانية.
السنة األولى علم اجتماع مقياس ابيستمولوجيا العلوم االجتماعية
أ .كريمة بودرواز
واستنادا ا إلى ذلك ،فإن اإلبستيمولوجية مع كونه مبحثا ا حاز على استقالله النسبي في
السنوات األخيرة ،تظل مبحثا ا فلسفياا .خاصة ألنها تسعى إلى صوغ نظرية عامة في
المعرفة العلمية .وال أدل على ذلك من محاولة جون بياجيه إشادة نظرية في التكوين النفسي
للعلم.
ومما يؤكد انتماء اإلبستيمولوجية إلى الفلسفة ،تحولها إلى علم معياري ،هو معالجتها
مسائل العلم بطرح تساؤل حول ما يجب أن يكون عليه العلم و هي النظرة المعيارية.
وفي نفس الوقت ثمة مشكالت إبستيمولوجية لمجموعة من العلوم أو لعلم جزئي بعينه .ومن
ثم فإن هناك إبستيمولوجية خاصة وإبستيمولوجية جزئية ،إلى جانب اإلبستيمولوجية العامة.
ومن القضايا االبيستمولوجية في العلوم الطبيعية نجد ما طبيعة القانون في هذه العلوم؟ ما
دور مقوالت الحتمية والمصادفة واالحتمال والغائية؟ كما أن هناك مشكالت خاصة بالعلوم
اإلنسانية :كالموضوعية والفهم والتفسير والجانب األيديولوجي ألحكامها .والعالقة بين
المنطقي والتاريخي في المعرفة اإلنسانية ،وإمكانية قيام نظرية اجتماعية ،وهل هناك
مالمح قانونية عامة في السيرورة االجتماعية أم أن الواقعة االجتماعية واقعة فريدة من
نوعها؟ إن هذه المشكالت وغيرها هي موضع اإلبستيمولوجية الخاصة بالعلوم اإلنسانية.
لكن العلوم الجزئية تواجه هي األخرى مشكالت خاصة بها ،بسبب استقاللها
النسبي.فإبستيمولوجية العلوم الحيوية تطرح جملة من المسائل منها :هل هناك غائية في
التطور الحي؟ وما العالقة بين مفهوم الطفرة والتطور التدريجي في العالم الحي؟ وما الدور
الذي يقوم به ،منهجياا ،مفهوم البيئة في تفسير الظواهر الحية؟ .كما نجد مشكالت
إبستيمولوجية خاصة بعلم التاريخ كتحديد معنى الواقعة التاريخية الموضوعية في علم
التاريخ ،وهل التاريخ قابل للتفسير أو للفهم .هل هناك حتمية تاريخية؟ وغيرها.
أسس االبستمولوجيا:
تقوم االبستمولوجيا على المرتكزات و األسس التالية :
1التحليل االبستمولوجي للمعرفة العلمية :ينطلق التحليل االبيستمولوجي للمعرفة العلمية
بعد مرحلة الـتأمل العقلي حيث يركز على تحليل أهم عناصرها و بنيتها وبعدها تتبعها
مرحلة النقد .
2النقد االبستمولوجي للمعرفة العلمية :يقصد به اخضاع المعرفة العلمية للفحص من
خالل كشف عيوبها من جهة ونقاط قوتها من جهة أخرى حيث يقوم االبيستمولوجي
بالتعمق في تلك المعرفة التي توصل اليها العلم و يعمل على استنباط عيوبها في اطار نقد
بناء غايته تطوير المعرفة.
السنة األولى علم اجتماع مقياس ابيستمولوجيا العلوم االجتماعية
أ .كريمة بودرواز
ي في هذا ا
وفضال عن ذلك فإن ال ُمض َّ البحث عنها شجاعة ،إذ ينطوي على مخاطرات،
البحث يقتضي نزاهةا هي ألزم لوازم روح النقد.
ولكن ينبغي أن يكمل الخيال الروح العلمية ،إذ ليس ثمة علم ال تتد َّخل فيه فروضنا
وتفسيراتنا لما يقع تحت المالحظة ،غير أن هذا الخيال يختلف في نوعه عن خيال الفنان،
عا لدى العا ِلم منه لدى الفنان .وإذن فبعض الصفات التي ت ُ َعد قوا اما وإن لم يكن أق َّل اتسا ا
للروح العملية «خارجة عن المجال العقلي» وهي تنتمي إلى مجال األخالق بوج ٍه خاص.
ومع ذلك فمن الخطأ أن نعتقد أن العا ِلم ال يعدو أن يكون إنسا انا أمي انا يتميَّز بقدْر كبير من
الدقة .فالعلم ينطوي على تحصي ٍل غير قليل ،يكت ِسبه العا ِلم عن طريق الثقافة العلمية؛ بل
ضا .
عن طريق الثقافة الفلسفية والجمالية أي ا
وفضال عن ذلك ،فالروح العلمية تفترض التسليم بمعتقدات خاصة تُعبر عنها بعض ا
المبادئ ،مثل مبدأ الحتمية ) (déterminismeالذي يستبعد فكرة الجبر المحض
fatalismeويستبعد ،على نح ٍو ما ،القول بالصدفة (Hasardإذ إن حساب االحتماالت
ليس حساباا للصدفة؛ بل هو حساب لما تتض َّمنه الصدفة الظاهرية من حتمية معروفة).
وللعلم مبدأ آخَر هو مبدأ النسبية ،الذي أدى إلى كشوفٍ هامة والذي أصبحت له أهميةٌ
خاصة وسط التطور الذي يعرفه العلم.
أنواع المعارف :
وإلى جانب مسألة تاريخ العلم تبحث اإلبستيمولوجية في مسألة تصنيف العلوم .وهي مسألة
عالجتها الفلسفة من قبل ،غير أن اإلبستيمولوجية رفضت التصنيف السكوني للعلوم الذي
يقوم على أساس تصنيف الملكات الذي يعود إلى أرسطو .إذ ص ّنفت العلوم وفقا ا للملكات
عل النحو اآلتي:
1-ملكة العقـل :وتشمل الرياضيات والفيزياء والفلسفة.
كما تجاوزت اإلبستيمولوجية تصنيف العلوم على أساس االنتقال من أكثر العلوم عمومية
وبساطة إلى أكثرها خصوصية وتعقيداا ،وهو تصنيف يعود إلى أوغست كونت.مع ذلك
يتفق اإلبستيمولوجيون على تصنيف موحد للعلوم فهناك التصنيف الجدلي للعلوم الذي قدمه
اإلبستيمولوجي السوفييتي ب .كيدروف الذي يرى أن العلوم ثالثة أنواع:
العلوم الطبيعية ،والعلوم االجتماعية ،والعلوم الفلسفية ،متأثرا بأنغلز .ولكنه رأى أن هناك
علوما ا متوسطة بين العلوم السابقة ،فالعلوم التطبيقية :كالزراعة والطب ،تقع بين العلوم
الطبيعية والعلوم االجتماعية .والرياضيات تقع بين العلوم الطبيعية والعلوم الفلسفية .ويرتبط
السنة األولى علم اجتماع مقياس ابيستمولوجيا العلوم االجتماعية
أ .كريمة بودرواز
علم النفس بجميع العلوم األخرى إذ يرتبط بالعلوم الطبيعية من طريق نظرية النشاط
العصبي ويرتبط بالعلوم االجتماعية عن طريق علم اللغة ويرتبط بالعلوم الفلسفية عن
طريق المنطق ونظرية المعرفة .أما الفلسفة فإنها تنفذ إلى جميع العلوم ألنها تمدها بالمنهج
العام.
أما جان بياجيه ف قد قسم العلوم إلى مجموعات أربع :العلوم المنطقية الرياضية والعلوم
الفيزيائية والعلوم البيولوجية والعلوم النفسية – االجتماعية ومنها األلسنية وعلم االقتصاد.
وبين هذه العلوم عالقة متبادلة.
بينما قدم ميشال فوكوتصنيفا ا آخر للعلوم مؤسسا ا على مجال المعرفة العام ذي األبعاد
الثالثة و يتمثل في:
البعد األول :هو العلوم الرياضية والفيزيائية ،وهي العلوم التي يقوم نظامها على تسلسل
استنباطي للحقائق البدهية أو التي يتم التدليل عليها بالبرهان.
والبعد الثاني :هو علوم الحياة واالقتصاد واللغة .وهي علوم تدرس ظواهر مستقلة لكنها
ترتبط بروابط كليّة ،وما يربط بين البعد األول والثاني هو استخدام الرياضيات.
البعد الثالث :الفلسفة ،يرتبط هذا البعد بالبعد الثاني بتشابه الموضوعات« .الحياة واإلنسان
والرموز» كما يرتبط بالبعد األول بإضفاء صفة الصورية على الفكر.
أما العلوم اإلنسانية فالمكان لها في تصنيف كهذا وهذا اليعني أنه ال وجود لها ،بل هي
موجودة على تخوم العلوم السابقة .فعلم النفس يعتمد على النموذج البيولوجي .ذلك ألنه
يدرس كل ما هو امتداد للوظائف البيولوجية ،وما يؤدي إلى قيام تمثل لدى اإلنسان.ويعتمد
علم االجتماع على علم االقتصاد ،ألن موضوعه اإلنسان الذي ينتج ويستهلك ويقيم عالقات
مع المجتمع الذي يعيش فيه.وعلم اآلداب واألساطير يجد نموذجه في علم اللغة.
ومهما يكن من اختالف في تصنيف العلوم ،فإن هذا التصنيف يهدف إلى تحديد العالقة
المتبادلة بين العلوم ،من حيث موضوعاتها ومناهجها .وتحديد أوجه التشابه واالختالف بين
أشكال المعرفة العلمية ومن الصعب تقديم تصنيف تام للعلوم ذلك ألن هناك علوما ا جديدة
دائما ا وانقساما ا مستمرا ا للعلوم القديمة .واكتشافا ا لترابطات تنشئ علوما ا متوسطة كالكيمياء
الحيوية والفيزياء الحيوية والكيمياء الجيولوجية وغيرها.
السنة األولى علم اجتماع مقياس ابيستمولوجيا العلوم االجتماعية
أ .كريمة بودرواز
أما االتجاه الثاني الذي يقول بالالاستمرارية وأهم ممثليه غاستون باشالر ،وتوماس
كوهن Th. Cohnلوي ألتوسير Louis Althusserوميشيل فوكو Foucaultفإنه
ينطلق – على العكس من االتجاه السابق – من أن تاريخ العلم تاريخ ْ
قط ٍع بين المعارف
العلمية البالية والمعارف الباقية والذي يفصل بين هذين النمطين من المعرفة العلمية هو
مفهوم القطيعة اإلبستيمولوجية .ليست المعرفة العلمية امتدادا ا للمعرفة العامية ،بل هي
انتقال من التجربة إلى العقلنة rationalizationومن المالحظة المضطربة إلى المعرفة
الموضوعية.
ولو صح أن المعرفة العلمية هي استمرار للمعرفة العامية لصح أن يكون اختراع
المصباح الكهربائي استمرارا ا للمصباح العادي.ولكن األمر ليس على هذا النحو ،فاختراع
المصباح الكهربائي ثمرة معرفة علمية بالعالقات بين الظواهر ،ودراسة وصلت مرحلة
التعبير عن هذه العالقات بصيغ رياضية.
السنة األولى علم اجتماع مقياس ابيستمولوجيا العلوم االجتماعية
أ .كريمة بودرواز
كما أن المنهج العلمي ذاته اليقوم على االستمرارية ،فكتاب ديكارت «مقال في المنهج» ال
ينطوي اليوم على أي فائدة تذكر في البحث العلمي ،كما أن منهج بيكون االستقرائي لم يعد
صالحا ا في تحصيل المعرفة العلمية.
ولغة العلم – هي األخرى – تختلف اختالفا ا كليا ا عن اللغة العادية ،فاللغة التي تستخدمها
الفيزياء ذات داللة مختلفة عن اللغة العادية .حتى لو استعارت الفيزياء لغتها من هذه
ذرة في اللغة العادية.ولغة العلم
ذرة في الفيزياء معنى مختلف عن كلمة ّ األخيرة فلكلمة ّ
ومناهجه معياران أساسيان في حدوث القطيعة اإلبستيمولوجية.
فلغة العلم لغة متجددة دائما ا والعلم صوغ مستمر للمفاهيم والمصطلحات ،إلى حد تغدو معه
لغة العلم الجديدة مختلفة عن لغة العلم القديمة.فلغة المنطق الرمزية الجديدةعند بارتراند
َرا ِس ْل مختلفة كليا ا عن لغة منطق أرسطو القديمة ،ألن لغة المنطق الرمزية ال تحتمل أكثر
من معنى واحد.
وقد توصل مؤسسو علم الفيزياء الحديث إلى أن المنهج االستقرائي أصبح عاجزا ا عن
قراءة كتاب الطبيعة ،ولهذا عولوا على المنهج االستنباطي الرياضي .ولقد توصل نيوتن
إلى نظريته في الميكانيك وقانون الجاذبية عن طريق المنهج االستنباطي وليس عن طريق
االستقراء .وهذا ما يبين ان المعارف العلمية تنتج عن القطيعة االبيستمولوجية و القفزات.
الذاتية ببساطة تتعرف على البشر على انهم كائنات حكيمة تدرك وجودها وذاتيتها ،وترى
عاقال وواعياا ومدر اكا لذاته كفرد وقادر على التصرف كشخص حر، ا الذاتية بان الفرد كائ انا
والذاتية تؤخذ على انها تتعلق بموضوع ما ،او وجهة نظر او نظرة الشخص الفردية إلى
العالم وهي عكس الموضوعية فما كان ذاتيا هو فقد لصبغة الموضوعية اذ أن الضرورة
المنطقية تفرض ضبط مصطلح الموضوعية من خالل فهم مصطلح الذاتية .تستخدم الذاتية
اليوم على نطاق واسع واصبح لديها الكثير من المعاني ،التعريف االدق للذاتية هو االفكار
والمعتقدات والرغبات التي تشكل هوية الشخص الذاتية.
مع ذلك ،يتم في البحث العلمي تقديم الذاتية على انها عكس الموضوعية ،وينظر إلى
الموضوعية على انها غياب التحيز في البحث العلمي ،بينما الذاتية ضمنياا تعادل التحيز،
في نماذج البحث التقليدية التي نشأت من العلوم الطبيعية ،ينظر إلى الموضوعية على انها
عنصر اساسي في اجراء البحث االكاديمي وإعادة توجيه الفهم العام لمجال ما ،وعلى نحو
ذلك ،يجب ان تكون الذاتية محدودة ألقصى حد في هذا البحث كي يتم تعميمه فيما يتعلق
بالنتائج.
تبقى االبيستمولوجيا دراسة نقدية خاصة بالمعرفة العلمية عامة وبالعلوم كفروع خاصة
غايتها المساهمة في تطوير النظريات والنتائج العلمية بمنهج التحليل النقدي البناء .