You are on page 1of 30

‫‪Université Cadi Ayyad‬‬ ‫جامعة القاضي‬

‫‪Faculté des Sciences‬‬ ‫عياض‬


‫‪Juridiques,‬‬ ‫كلية العلوم القانونية‬
‫‪Economiques et Sociales‬‬ ‫واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‬
‫‪Marrakech – Maroc‬‬
‫مراكش ‪-‬المغرب‬
‫أ‬
‫ماستر القانون العقاري والتوثيق‪ :‬الفوج الول‬
‫أ‬
‫المادة‪ :‬النظمة القانونية للتوثيق‬

‫التزام الموثق باسداء النصح‬

‫تحت إشراف الأستاذ‪:‬‬


‫الدكتور محمد الربيعي‬
‫من إعداد الطالبات‪:‬‬
‫سناء كتيم‬
‫إلهام لحجامي‬
‫إيمان العريسي الإدريسي‬

‫السنة الجامعية ‪2019-2020‬‬


‫تمهيد‬
‫لزالت المجتمعات المعاصرة تشهد تطورات عدة على جميع المستويات‪،‬‬
‫أ‬
‫الشيء الذي ادى بالضرورة الى تشابك العالقات الجتماعية والقتصادية وتعقدها‬
‫أ‬
‫وبالتالي تعدد المراكز القانونية‪ ،‬الشيء الذي يقتضي معه تحقيق نوع من المن‬
‫أ‬
‫القانوني والتعاقدي بشكل تصان به الحقوق من الضياع او الجحود والنكران‪،‬‬
‫ولما كان توثيق هذه الروابط هو المالذ الوحيد للحفاظ عليها وجعلها مطابقة‬
‫أ‬
‫للقوانين والنظمة الجاري بها العمل‪ ،‬حرص المشرع المغربي على غرار باقي‬
‫أ‬
‫التشريعات المقارنة على تنظيم هذه المؤسسة‪ ،‬ال وهي مؤسسة التوثيق وتبيان‬
‫أ‬
‫الحكام المرتبطة بها بشكل جلي وواضح‪.‬‬
‫أ‬
‫ويمكن القول ان النظام التوثيقي بالمغرب يعرف ازدواجية‪ ،‬اذ هناك من‬
‫جهة مؤسسة العدول المتجذرة في التاريخ السالمي والمغربي والمنظمة بمقتضى‬
‫قانون ‪ 16.03‬المتعلق بخطة العدالة‪ ،‬ومن جهة أاخرى مؤسسة التوثيق العصري‬
‫آ‬ ‫أ‬
‫والتي عرفت بدورها اشواط تاريخية مهمة قبل صيرورتها لما هي عليه الن‪ ،‬والتي‬
‫نظمها المشرع المغربي بمقتضى قانون ‪.32.09‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫وتعد مهنة التوثيق مهنة حرة حسب ما اوردته المادة الولى من القانون‬
‫أ‬
‫‪ ،32.09‬ونظرا للدور الهام الذي انيط بالموثق في حفظ حقوق المتعاقدين‬
‫وضمان استقرار معامالتهم واضفاء الصبغة الرسمية على العقود التي يحررها‪،‬‬
‫عمل المشرع على احاطة هذا الدور بمجموعة من ال لتزامات الملقاة على عاتقه‪.‬‬
‫أ‬
‫فتحقيق الموثق لهذه الهداف رهين بمدى احترامه للتزاماته المهنية القانونية‬
‫أ‬
‫والعقدية عند تحريره للعقود‪ ،‬منذ تلقيها واثناء تحريرها الى غاية ما بعد تحريرها‬
‫واعطائها الصبغة الرسمية‪.‬‬
‫أ‬
‫ولما كان موضوع بحثنا يتعلق اساسا بالتزام الموثق باسداء النصح لزبائنه‪،‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫سنعمل على تبيان اسس وابعاد هذا اللتزام من خالل الوقوف على ماهيته‬
‫وخصائصه‪ ،‬وتوضيح نطاقه وحدوده وجزاء الخالل به مع الشارة بين الحين‬
‫‪2‬‬
‫آ‬
‫والخر لما يقابل هذا اللتزام في القانون المنظم لخطة العدالة وبعض القوانين‬
‫المقارنة‪.‬‬
‫أ‬
‫اهمية الموضوع‪:‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫تتجلى اهمية الموضوع في كون ان تقديم الرشاد والنصح للزبون يعد التزاما‬
‫أ‬
‫قانونيا ملقى على عاتق الموثق‪ ،‬وانه اذا بذل الوسع في تنفيذ هذا الواجب قد‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫يحول في احيان عديدة دون الضرار بالغير‪ ،‬فوجود الموثق في المعامالت ايا كان‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫نوعها سيزيد من الضمانات حيث سيكون الطراف امام من يزودهم ويسهر على‬
‫سالمة عملياتهم سيما تلك العقارية من الناحية القانونية‪.‬‬
‫اشكالية البحث‪:‬‬
‫اذا كان الموثق ملزما وجوبا بالنصح تحت طائلة قيام مسؤوليته ومرد هذا‬
‫أ‬
‫اللتزام يرجع لمقتضى صريح في قانون التوثيق‪ ،‬فلعل ابرز اشكالية تعترضنا‬
‫ونحن بصدد دراسة هذا الموضوع هي حدود التزام الموثق بالنصح ونطاقه‪،‬‬
‫والجزاء المترتب عند الخالل به‪.‬‬
‫المنهج العلمي المتبع‪:‬‬
‫أ‬
‫اعتمدنا في معالجة هذا الموضوع مجموعة من المناهج العلمية‪ ،‬وتتمثل اساسا‬
‫في المنهج التاريخي والمنهج الوصفي التحليلي‪ ،‬ثم المنهج المقارن‪.‬‬
‫خطة البحث‪:‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫ارتاينا في اطار بحثنا هذا تقسيم الموضوع الى مطلبين اساسين‪.‬‬
‫أ‬
‫المطلب الول‪ :‬ماهية التزام الموثق بالنصح‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ضوابط التزام الموثق بالنصح وجزاء الخالل به‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫أ‬
‫المطلب الول‪ :‬ماهية التزام الموثق بالنصح‬
‫أ‬
‫ان الموثق ملزم قبل تحرير اتفاقات الطراف‪ ،‬احترام مجموعة من اللتزامات‬
‫التي يترتب عن الخالل بها التعرض للمساءلة من بين هذه اللتزامات تقديم كافة‬
‫أ‬
‫النصائح واﻹرشادات لالطراف بخصوص اتفاقاتهم‪.‬‬
‫أ‬
‫وبالنظر الى الهمية التي اصبح يحظى بها هذا اللتزام في الوقت الحالي‪ ،‬فقد‬
‫أ‬
‫حاول الفقه والقضاء تحديد مفهومه ونطاقه وكذا الساس الذي يقوم عليه‪ ،‬وعلى‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫هذا الساس سنحاول التطرق الى مفهوم التزام الموثق بالنصح (الفقرة الولى)‪،‬‬
‫على ان نتطرق الى نطاقه والساس الذي يقوم عليه (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫أ‬
‫الفقرة الولى‪ :‬مفهوم التزام الموثق بالنصح‪.‬‬
‫أ‬
‫عرف التزام الموثق بالنصح اول ظهور له في فرنسا‪ ،‬بحيث مر من مجموعة من‬
‫أ‬
‫المراحل الى ان اصبح من اهم اللتزامات الملقاة على عاتق الموثق في الوقت‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫الحالي‪ ،‬و عليه فسوف نتناول الصل التاريخي للتزام الموثق بالنصح (اول)‪،‬و‬
‫أ‬
‫تعريفه (ثانيا) ثم الوقوف على اهم الخصائص التي تميزه (ثالثا)‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫اول‪ :‬الصل التاريخي للتزام الموثق بالنصح‪.‬‬
‫أ‬
‫سنحاول في اطار هذا المحور العمل على تبيان اصل ظهور التزام الموثق‬
‫بالنصح في التشريع الفرنسي (‪ ،)1‬باعتباره المصدر التاريخي للتشريع المغربي‪،‬‬
‫أ‬
‫على ان نتطرق الى اصل هذا اللتزام في التشريع المغربي (‪.)2‬‬
‫‪ :1‬ظهور التزام الموثق بالنصح في فرنسا‪.‬‬
‫لقد كان اللتزام أالساسي و الوحيد الملقى على كاهل الموثق خالل بداية القرن‬
‫أ‬
‫‪ 18‬في فرنسا هو التزام الموثق باضفاء الصبغة الرسمية على اتفاقات الطراف‪،‬‬
‫أ‬
‫وهو ما اكده القرار الملكي الصادر في ‪ 29‬شتنبر ‪ 1722‬الذي اعتبر الموثق مجرد‬
‫محرر للعقود والتفاقات التي يتلقاها‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫أ‬
‫وبناء على هذا القرار لم يكن الموثق يتحمل اية مسؤولية ال في بعض الحالت‬
‫أ‬
‫الخاصة‪ ،‬كحالة ارتكابه خطا في شكل المحرر نتج عنه بطالنه وكذا في الحالة التي‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫يكون فيها خطا الموثق مقترن بتدليس او غش‪.1‬‬
‫وتجدر الشارة الى ان الوضع الذي رسمه القرار الملكي لسنة ‪ 1722‬استمر‬
‫أ‬
‫حتى مع مرحلة الثورة الفرنسية‪ ،‬حيث ان المهتمين بالشان القانوني لم يعيروا اي‬
‫اهتمام للوضع القانوني للموثقين‪ .‬واستمر الوضع على هذا النحو حتى مع صدور‬
‫قرار ‪29‬شتنبر ‪ 1791‬الذي قضى بتوحيد مهنة التوثيق بفرنسا‪ ،‬وذلك بالنظر الى‬
‫أ‬
‫الزدواجية التي كانت تعاني منها هذه الخيرة حيث كان هناك موثقي العائلة‬
‫الملكية والكنيسة من جهة‪ ،‬وموثقي الطبقة القطاعية من جهة اخرى‪.‬‬
‫أ‬
‫لكن بعد صدور قانون ‪25‬فانتوز لسنة ‪ 1803‬اصبح الموثقون يتعودون شيائ‬
‫فشيائ على نصح زبائنهم لكن دون ان يرقى الى مرتبة اللتزام القانوني‪ ،‬و ذلك‬
‫أ‬
‫بحكم ان قانون ‪ Ventôse‬لم يشر الى واجب الموثق بالنصح في اي نص خاص‬
‫باستثناء ما جاء في ديباجته‪ " :‬ان الموثق ليس مجرد محرر للعقود بل هو ناصح‬
‫أ‬
‫لالطراف ايضا‪.2‬‬
‫أ‬
‫وهو المر الذي اعتمد عليه القضاء الفرنسي في تكريس هذا اﻹلتزام‪ ،‬ويتضح‬
‫ذلك من خالل قرار محكمة النقض الفرنسية الصادر في ‪ 3‬غشت ‪ 1858‬حيث‬
‫أ‬
‫جاء فيه مايلي‪" :‬ان دور الموثق ل يقتصر على اضفاء الصفة الرسمية على‬
‫آ‬
‫التفاقات‪ ،‬بل ان روح قانون ‪ 25‬فانتوز‪ ،‬واسباب ظهوره تلزمه ايضا بدور اخر‬
‫أ‬
‫يتمثل في توجيه النصح الطراف‪.3‬‬

‫‪ 1‬حمد بولغمان ‪"،‬المسؤولية المدنية للموثق"‪ ،‬مطبعة االمنية ‪-‬الرباط ‪ -‬طبعة ‪، 2019‬ص ‪.120:‬‬
‫‪ 2‬ديباجة قانون ‪6‬مارس ‪ 1803‬المنظم لمهنة التوثيق في فرنسا‪.‬‬
‫‪ 3‬قرار محكمة النقض الفرنسية ‪،‬صادر بتاريخ ‪ 3‬غشت ‪، 1858‬اورده االستاذ محمد الربيعي ‪"،‬واجب الموثق بالنصح بين النسبية و االطالقية‬
‫"‪،‬ندوة القانون المغربي في مطلع القرن الحادي و العشرين ‪،‬مطبعة والوراقة الوطنية ‪،‬مراكش ‪،‬الكبعة االولى ‪،2017،‬ص‪.201:‬‬
‫‪5‬‬
‫و منذ صدور هذا القرار عرف واجب الموثق بالنصج تحول من واجب اخالقي‬
‫ل يرتب اية مسؤولية الى التزام قانوني ينتج عن الخالل به مسؤولية الموثق‬
‫المدنية‪ ،‬اذا كان هناك ضرر قد لحق المتضرر من جراء هذا الخالل‪.‬‬
‫‪ :2‬ظهور التزام الموثق بالنصح في المغرب‪.‬‬
‫أ‬
‫يعتبر ظهير ‪ 4‬ماي ‪ 1925‬اول قانون تولى تنظيم مهنة التوثيق في المغرب ‪ ،‬و‬
‫أ‬
‫لقد نسخت جل مقتضياته من قانون ‪ 25‬فانتوز ‪ 1803‬و لهذا كان من المتوقع ال‬
‫آ‬
‫يشير هو الخر الى التزام الموثق بالنصح ‪،‬ال ان المشرع المغربي خالف مصدره‬
‫التاريخي ونص بشكل صريح على التزام الموثق بالنصح وذلك في الفقرة الثانية‬
‫أ‬
‫من المادة الولي التي جاء فيها مايلي ‪.... ":‬يجب على الموثقين ان ينصحوا‬
‫المتعاقدين و ان يكشفوا لهم ما قد ينوه فيما يرجع لموضوع عقودهم وان يفسروا‬
‫أ‬
‫لهم اهمية الرسوم المحررة بواسطتهم او باعانتهم و كذلك عواقبها و يجب عليهم‬
‫ايضا ان يعرضوا هذه الرسوم على التسجيل طبقا للمقتضيات القانونية الجاري‬
‫أ‬
‫العمل بها مالم يصدر امر اعفاؤهم من ذلك صراحة من طرف ذوي المصلحة و‬
‫ان يباشروا سائر الموجبات التي تجعلها نافذة كالنشر و العالم و تقييد الرهون‬
‫أ‬
‫العقارية او فكها او غير ذلك "‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫وهو المر الذي اعاد المشرع تاكيده في قانون ‪ 32.09‬وذلك في الفقرة الثانية‬
‫أ‬
‫من المادة ‪37‬التي جاء فيها ما يلي‪" :‬يجب على الموثق اسداء النصح لالطراف‪،‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫كما يجب عليه ان يبين لهم ما يعلمه بخصوص موضوع عقودهم وان يوضح لهم‬
‫آ‬ ‫أ‬
‫البعاد والثار التي قد تترتب عن العقود التي يتلقاها"‪.‬‬
‫كما ان المشرع حرص على ان يكون هذا اللتزام في صلب المهام الساسية‬
‫للموثق‪ ،‬ويتجلى ذلك من خالل الجزاء الذي رتبه المشرع على الخالل بهذا‬

‫‪6‬‬
‫اللتزام والمتمثل في البطالن و ذلك طبقا لمقتضيات المادة ‪49‬من قانون‬
‫‪.32.094‬‬
‫وعلى خالف الموثق‪ ،‬فان العدل لم يلزمه المشرع بتقديم النصح و الرشاد‬
‫أ‬
‫للزبون‪ ،‬باستثناء بعض المقتضيات التي تهدف بالدرجة الولى الى مكافحة التهرب‬
‫أ‬
‫الضريبي وفي هذا الطار فقد نصت المادة ‪ 28‬من مرسوم ‪ 28‬اك توبر ‪ 2008‬على‬
‫أ‬
‫مايلي‪" :‬يتعين على العدل اذا تعلق المر بشهادات تخضع لرسوم التسجيل‪:‬‬
‫أ‬
‫‪ -‬اشعار المتعاقدين بذلك‪ ،‬وحثهم على اداء الواجبات لدى الجهة المختصة‬
‫أ‬
‫داخل الجل القانوني‪.5‬‬
‫كما نصت المادة‪ 14‬من قانون ‪ 24‬دجنبر ‪ 1958‬المتعلق بالتسجيل و التنبر‬
‫على انه‪" :‬و يتعين على الموثقين و الموظفين الذين يزاولون مهام التوثيق و‬
‫العدول و الموثقين العبريين و كل شخص يساهم في تحرير عقد خاضع للتسجيل‬
‫أ‬
‫ان يطلعوا الطراف على المادة ‪ 15‬و الفقرة الثانية من المادة ‪21‬و المادة ‪25‬‬
‫بعده‪.6‬‬
‫فباستثناء هذين النصين؛ ل يوجد نص صريح في قانون ‪ 16.03‬المتعلق‬
‫بخطة العدالة يلزم العدل بتوجيه النصح لزبنائه‪.‬‬

‫‪ 4‬تنص المادة ‪49‬من قانون ‪32.09‬على مايلي ‪":‬يكون باطال كل عقد تم تلقيه وفقا للشكل الرسمي و انجز خالفا الحكام المواد ‪ 30‬و‪ 32‬و‪37‬و ‪39‬‬
‫و‪ 40‬من هذا القانون‪...".‬‬
‫‪ 5‬نص الماة ‪15‬على مايلي‪":‬يمكن ان تكون االثمان او التصريحات التقديرية المعبر عنها في العقود و االتفاقات ‪،‬موضوع تصحيح من طرف‬
‫مفتش الضرائب المكلف بالتسجيل ‪،‬اذا تبين انها ال تطابق القيمة التجارية لالمالك في تاريخ ابرام العقد او االتفاق‪".‬‬
‫تنص الفقرة الثانية من المادة ‪21‬على مايلي ‪":‬بعاقب بذعيرة تساوي ‪%10‬من مبلغ واجبات التسجيل المجرة المستحقة ‪،‬مع استيفاء مبلغ ادنى قدره‬
‫‪1000‬درهم ‪،‬دون اغفال الغرامة و الزيادة المنصوص عليها بالمادة ‪23‬بعده ‪،‬كل اخفاء في ثمن او تكاليف بيع عقار او اصل تجاري او بناء ‪،‬او‬
‫في مبالغ او تعويضات مقبوضة من طرف المتخلي عن حق في االيجار او عن االستفادة من وعد بايجار عقار او جزء منه ‪،‬او في مدرك ناتج عن‬
‫معاوضة او قسمة عقارية ‪ ،‬و كذا في مختلف التقديرات المثبتة في العقود او التصريحات ‪.‬‬
‫و تفرض نفس الذعيرة و الغرامة و الزيادة ‪،‬المشار اليها في الفقرة السابقة ‪،‬على كل اخفاء للطبيعة الحقيقية للعقود او االتفاقات او اغفال كلي او‬
‫جزئي فيهما يؤدي الى تصفية واجبات التسجيل بمبلغ يقل عن المبلغ الحقيقي الذي كان من الواجب اداؤه ‪".‬‬
‫‪-‬تنص المادة ‪25‬على مايلي ‪-1":‬حين تكون صلة القرابة بين الواهب و الموهوب لهم في عقد هبة بين االحياء ‪،‬المشار اليها في المادة ‪ 8‬مبنية‬
‫بكيفية غير صحيحة الزم االطراف باداء كل الواجبات المستحقة ‪،‬مضافة اليها ذعيرة بنسبة ‪%100‬من تلك الواجبات بصرف النظر عن الغرامة و‬
‫الزيادة المقررتين في المادة ‪ 23‬اعاله ‪،‬تحسب باصرام اجل الثالثين يوما ابتداءا من تاريخ عقد الهبة ‪.‬‬
‫‪-2‬كل شخص ثبت انه ساهم في اعمال تهدف الى التملص من دفع الضريبة ‪،‬او ساعدة االطراف ‪،‬او اشار عليهم بخصوص تنفيد االعمال‬
‫المذكورة ‪،‬يعاقب بصرف النظر عن العقوبة التاديبية اذا كان يمارس وظيفة عمومية باداء الغرامة المحددة في ‪%100‬المقررة في المادة ‪12‬‬
‫(البند‪. "... )2‬‬
‫‪ 6‬محمد الربيعي ‪"،‬االحكام الخاصة بالموثقين و المحررات الصادرة عنهم " ‪ ،‬دراسة في ضوء مستجدات قانون ‪ 16.03‬المتعلق بخطة العدالة ‪،‬و‬
‫قانون ‪ 32.09‬المتعلق بالتو ثيق ‪،‬مطبعة النجاح الجديدة ‪-‬الدار البيضاء ‪-‬الطبعة الثالثة ‪ 2017 ،‬ص‪.121:‬‬
‫‪7‬‬
‫أ‬
‫و على الرغم من ذلك فان هناك من ذهب الى ان سكوت المشرع حول واجب‬
‫أ‬
‫العدل بالنصح ل يجعل هذا الخير بمناى عن المسؤولية اذا لم يقدم النصائح‬
‫الكافية لزبنائه‪ ،‬لن هذا اللتزام و ان لم يرد به نص صريح في قانون ‪ ،16.03‬فهو‬
‫أ‬
‫واجب تفرضه طبيعة مهنة التوثيق و اعرافها‪.7‬‬
‫وعلى العموم‪ ،‬فان التزام الموثق بالنصح في القانون المغربي لم يعرف‬
‫أ‬
‫المراحل التي شهدها هذا ال لتزام في التشريع الفرنسي‪ ،‬فمنذ صياغة اول قانون‬
‫منظم لمهنة التوثيق في التشريع المغربي و التزام الموثق بالنصح التزام قانوني‬
‫أ‬
‫الى حدود اﻵن‪ ،‬بل ويعتبر من اهم اللتزامات الملقاة على عاتق هذا الخير ‪.8‬‬
‫ثانيا‪ :‬تعريف التزام الموثق بالنصح‪.‬‬
‫أ‬
‫لم يعرف المشرع المغربي التزام الموثق بالنصح سواء في المادة الولى من‬
‫ظهير ‪ 4‬ماي ‪ 1925‬الملغى او في المادة ‪ 37‬من قانون ‪ ، 32.09‬و حسنا فعل‬
‫أ‬
‫المشرع‪ ،‬و ذلك لن التعريفات بصفة عامة من اختصاص الفقه و القضاء‪.‬‬
‫أ‬
‫وفي هذا الطار يعرف بعض الفقه التزام الموثق بالنصح بانه التزام الموثق بان‬
‫آ‬ ‫أ‬
‫يبين لذوي الشان جميع المخاطر التي قد تحول دون انتاج التصرف لالثار التي‬
‫يرغبون تحقيقها‪.9‬‬
‫في حين يعرف جانب اخر من الفقه هذا اللتزام بانه‪" :‬التزام يفرض على‬
‫أ‬
‫الموثق احاطة الطراف علما بمضمون العقد المزمع ابرامه و كذا الثار المحتملة و‬
‫تحديد بدقة التزامات و حقوق كل واحد منهم‪.‬‬
‫والقضاء بدوره تصدى لتعريف التزام الموثق بالنصح في مجموعة من القرارات‬
‫من ذلك مثال قرار محكمة النقض الفرنسية الصادر بتاريخ ‪ 26‬يناير ‪ 1988‬والذي‬
‫جاء فيه ما يلي‪ ":‬ان المقصود بالتزام الموثق بالنصح‪ ،‬هو ان يقوم الموثق اثناء‬
‫‪ 7‬محمد بولغمان ‪،‬م س ‪ ،‬ص ‪123:‬‬
‫‪ 8‬كريم ايت عيسى ‪"،‬واجب الموثق باسداء النصح "مقال منشور بالمجلة المغربية في الفقه و القضاء ‪ ،‬العدد الرابع ‪،‬ص ‪87:‬‬
‫‪ 9‬رشيد صلحان ‪"،‬واجب الموثق بالنصح"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ‪،‬كلية العلوم القامونية و االقتصادية و االجتماعية ‪،‬‬
‫جامعة القاضي عياض ‪ ،‬مراكش ‪ .2102/2013‬ص ‪8:‬‬
‫‪8‬‬
‫عملية التعاقد باطالعهم على مضمون العقد واثاره‪ ،‬وان يبين لهم بوضوح‬
‫التزاماتهم وحقوقهم‪.10‬‬
‫أ‬
‫وعلى العموم‪ ،‬يمكن تعريف التزام الموثق بالنصح بانة التزام يفرض على‬
‫أ‬
‫الموثق ارشاد و تنوير الطراف بمضمون العقد المراد ابرامه و كذا ارشادهم‬
‫آ‬
‫بالجراءات و المساطر التي يتعين اتباعها و ذلك حتى يرتب التصرف الثار‬
‫المتوخاة منه سواء من الناحية القانونية او الواقعية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬خصائص التزام الموثق بالنصح‪.‬‬
‫يتسم التزام الموثق بالنصح بمجموعة من الخصائص التي سنحاول ابرازها فيما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪:1‬الطابع النسبي للتزام الموثق بالنصح‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫يقصد بالطابع النسبي للتزام الموثق بالنصح؛ ان نطاق هذا الخير يختلف من‬
‫حالة الى اخرى‪ ،‬و ذلك حسب الظروف المحيطة بكل حالة على حدة‪ ،‬من ذلك‬
‫أ‬
‫مثال تجربة الطراف المتعاقدة و مستواهم العلمي‪ ،‬و هكذا فان التزام الموثق‬
‫آ‬ ‫أ‬
‫النصح في مواجهة الشخص المي يتسع نسبيا مقارنة مع دائن اخر بهذا اللتزام‬
‫أ‬
‫ذو مستوى علمي و خبرة في مجال التعامل مع الموثقين‪ ،‬كما لو تعلق المر‬
‫يأ‬
‫بمنعش عقار او محامي‪ ...‬حيث يكون هنا التزام الموثق بالنصح نسبيا بالمقارنة‬
‫أ‬
‫مع التزامه في مواجهة الشخص المي‪.‬‬
‫‪ :2‬الطابع الشامل للتزام الموثق بالنصح‪.‬‬
‫يراد بالطابع الشامل للتزام الموثق بالنصح‪ ،‬ضرورة تقييم اداء اللتزام بالنصح‬
‫أ‬
‫من خالل العملية ككل اي النظر الى مجموع اليجابيات و السلبيات التي تترتب‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫عن العملية التي تلقاها الموثق‪ ،‬فهذا الخير ملزم بتوجيه الطراف المتعاقدة الى‬

‫قرار محكمة النقض الفرنسية صادر بتاريخ ‪ 26/1/1988‬اورده محمد الربيعي ‪،‬م س ‪ ،‬ص ‪52 :‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪9‬‬
‫تبني الطار القانوني الذي يوفر لهم اك ثر حماية من الناحية القانونية و ل يكلفهم‬
‫اك ثر من الناحية المادية مع احترام ارادتهم في الحدود الممكنة ‪.11‬‬
‫أ‬
‫و على العموم‪ ،‬فان النصح الشامل يقتضي احاطة الطراف بجميع الحلول‬
‫القادرة على تلبية حاجاتهم و متطلباتهم من الناحية القانونية والمالية ‪.‬‬
‫‪ :3‬التزام الموثق بالنصح و النظام العام ‪.‬‬
‫ان التساؤل الذي يطرح في هذا الطار هو ما مدى ارتباط التزام الموثق باسداء‬
‫النصح للزبون بالنظام العام؟‪.‬‬
‫لقد ذهب الفقه والقضاء في فرنسا الى اعتبار التزام الموثق بالنصح من النظام‬
‫أ‬ ‫أ أ‬
‫العام‪ ،‬شانه شان باقي اللتزامات الخرى للموثق والتي تجد مصدرها في طبيعة‬
‫المهنة‪.‬‬
‫وفي هذا الطار يستند الفقه والقضاء الفرنسي على مجموعة من المبررات التي‬
‫تؤكد ان التزام الموثق بالنصح من النظام العام‪ ،‬من بينها طبيعة المهنة التي يقوم‬
‫بها الموثق والتي تفرض عليه ضرورة التحلي بمجموعة من الصفات مثل الحياد و‬
‫آ‬
‫النزاهة و الشرف وكذلك اعتبار القانون المنظم لمهنة التوثيق جله قواعد امرة ل‬
‫أ‬
‫يمكن التفاق على مخالفتها‪ ،‬و هذا مادفع الى القول بان التزام الموثق بالنصح‬
‫من النظام العام‪.‬‬
‫أ‬
‫كما ان القضاء الفرنسي داب على اعتبار شرط اعفاء الموثق من التزامه بالنصح‬
‫باطال و عديم الجدوى لتعارضه مع مقتضيات الفصل ‪ 8‬من قانون ‪ 25‬فانتوز‬
‫‪ 1803‬الذي يمنع على الموثق الفرنسي ان يضمن العقد مقتضيات لصالحه‪.‬‬
‫أ‬
‫اما بخصوص الموثق المغربي فان المشرع الزمه بهذا اللتزام بمقتضى الفقرة‬
‫الثانية من المادة ‪37‬من قانون ‪32.09‬المتعلق بالتوثيق والمقتضيات التي جاءت‬

‫‪ 11‬محمد بولغمان ‪،‬م س ص‪126 :‬‬


‫‪10‬‬
‫في هذه الفقرة من النظام العام ل يجوز مخالفتها وذلك بالنظر الى الصيغة‬
‫ال لزامية التي جاءت عليها "يجب "‪.12‬‬
‫بل اك ثر من ذلك فان طابع النظام العام للتزام الموثق بالنصح يجد اساسه‬
‫في قانون حماية المستهلك خصوصا المقتضيات المتعلقة بالعالم‪ ،‬و التي تلزم‬
‫الطرف المهني باعالم المستهلك على اعتبار ان عالقة الموثق بالزبون هي عالقة‬
‫مهني بمستهلك‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اساس التزام الموثق بالنصح و نطاقه‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫سوف نتناول في اطار هذه الفقرة اساس التزام الموثق بالنصح (اول) في‬
‫أ أ‬
‫القانون الفرنسي (ا) ثم اساس هذا للتزام في القانون المغربي (ب)‪ .‬ثم سننتقل‬
‫أ‬
‫لتبيان نطاقه (ثانيا) من حيث الزبناء (ا) ومن حيث المعلومات (ب)‪.‬‬
‫أ‬
‫(اول)‪ :‬اساس التزام الموثق بالنصح ‪.‬‬
‫أ أ‬
‫ا‪ :‬اساس التزام الموثق بالنصح في القانون الفرنسي‪.‬‬
‫نظرا لعدم وجود نص خاص ينظم التزام الموثق بالنصح في المقتضيات‬
‫القانونية المنظمة لمهنة التوثيق بفرنسا‪ ،‬فقد حاول كل من الفقه والقضاء‬
‫أ‬
‫الفرنسي التاسيس لهذا اللتزام‪.‬‬
‫أ‬
‫و هكذا فقد ذهب جانب من الفقه الى ان اساس الموثق بالنصح يتمثل في‬
‫أ‬
‫طبيعة الوظيفة التي يقوم بها هذا الخير و التي تفرض عليه نصح و ارشاد الطراف‬
‫الى جانب اضفاء الصبغة الرسمية على اتفاقاتهم‪.‬‬
‫آ‬
‫في حين ذهب جانب اخر الى ان التزام الموثق بالنصح يجد اساسه في‬
‫الصفات التي ينبغي ان يتحلى بها الموثق‪ ،‬كالحياد والنزاهة و الثقة‪ ،‬و ذلك على‬
‫اعتبار ان هذه الصفات هي التي تدفع الموثق لتقديم النصح لزبائنه و ارشادهم‪.13‬‬
‫‪ 12‬محمد بولغمان ‪،‬م س ص‪126 :‬‬
‫‪ 13‬تنص المادة الثانية من قانون ‪ 32.09‬على مايلي ‪":‬يتقيد الموثق في سلوكه المهني بمبادئ االمانة و النزاهة و التجرد و الشرف و ما تقتضيه‬
‫االخالق الحميدة و اعراف وتقاليد المهنة‪".‬‬
‫‪11‬‬
‫أ‬
‫غير ان هذه النظريات قد تم انتقادها‪ ،‬وذلك بعلة ان هذه السس هي التي يقوم‬
‫عليها واجب الموثق بالنصح اخالقية و ليس بوصفه التزام قانوني‪ ،‬على اعتبار ان‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫هذا الخير يجد اساسه في الجتهاد القضائي الذي حول هذا اللتزام من واجب‬
‫اخالقي الى التزام قانوني يترتب عن خرقه اثارة مسؤولية الموثق‪".‬‬
‫أ‬ ‫آ‬
‫في خضم الراء السابقة فان الراي الراجح في الوقت الحالي يذهب الى ان‬
‫اساس التزام الموثق بالنصح‪ ،‬يتمثل في المقتضيات القانونية المتعلقة بحماية‬
‫المستهلك خاصة المقتضيات المتعلقة بالعالم "‪.14‬‬
‫أ‬
‫ب‪ :‬اساس التزام الموثق بالنصح في القانون المغربي‪.‬‬
‫أ‬
‫ان تحديد اساس التزام الموثق بالنصح في التشريع المغربي ل يطرح اي اشكال‬
‫أ‬
‫وذلك لن قانون ‪4‬ماي ‪ 1925‬نص بصريح العبارة في الفقرة الثانية من المادة‬
‫أ‬
‫الولى على هذا اللتزام‪ ،‬وهو المر الذي اعاد المشرع التنصيص عليه في الفقرة‬
‫الثانية من المادة‪ 37‬من قانون ‪ 32.09‬والتي جاء فيها مايلي ‪":‬يجب على الموثق‬
‫أ‬
‫اسداء النصح لالطراف‪ ،‬كما يجب عليه ان يبين لهم ما يعلمه بخصوص موضوع‬
‫عقودهم‪ ،‬وان يوضح لهم البعاد و الثار التي قد تترتب عن العقود التي يتلقاها "‬
‫ثانيا‪ :‬نطاق التزام الموثق بالنصح‪.‬‬
‫هدف المشرع المغربي من وراء ادخال قانون ‪ 32.09‬المنظم لمهنة التوثيق‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫حيز التنفيذ‪ ،‬تحقيق مجموعة من الهداف‪ ،‬التي تاتي في مقدمتها حفظ حقوق‬
‫أ‬
‫المتعاقدين‪ ،‬وتحقيق امن توثيقي ‪15‬تعاقدي للمتعاقدين‪ ،‬يوقي من حدوث‬
‫أ‬
‫نزاعات حول حقوقهم حاضرا ومستقبال امام العدالة‪ ،‬ول يخفى علينا جميعا‬
‫أ‬
‫الضمانات التي تنطوي عليها الوراق الرسمية‪ ،‬وما توفره من ضمانات في تنمية‬
‫أ أ‬
‫المعامالت وتنمية الستثمارات وطنية كانت ام اجنبية‪ ،‬فبغية تحقيق هده‬

‫‪14‬‬
‫‪Paul-Yavan Marquis ,"La Responsabilité Civile Du Notaire Officier Public ", tome I causer principale s ,Ed :‬‬
‫‪1977,p: 334 .‬‬
‫‪ 15‬عبد الحق الناجي‪ :‬باحث بسلك الدكتوراه كلية الحقوق بفاس‪ ،‬مقال تجث عنوان تكييف التزامات الموثق على ضوء قانون ‪ 32.09‬ودورها في‬
‫حناية حقوق الزبناء المتعاقدين مجلة القانون واالعمال ;‪ WWW.droittetntrpprise.oge.‬جامعة الحسن األول‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫أ‬
‫الغايات كلف المشرع المغربي الموثق بمجموعة من اللتزامات التي تاتي في‬
‫مقدمتها التزامه بنصح الزبون‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫فالموثق ملزم اثناء عملية التعاقد باطالع الطراف المتعاقدة على مضمون‬
‫أ‬ ‫آ أ‬
‫العقد واثاره وان يبين لهم وبوضوح التزاماتهم وحقوقهم‪ ،‬ال انه يالحظ في صياغة‬
‫أ‬
‫المادة ‪ 37‬استعمال المشرع لعبارة‪...( ،‬كما يجب عليه ان يبين لهم ما يعلمه‪)...‬‬
‫فقد يتخذ الموثق من خالل العبارة منفذا للتهرب والتملص من المسؤولية بدعوى‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫انه لم يكن على دراية وعلم بالموضوع المتعاقد بشانه‪.‬‬
‫ل يعتبر المغرب التشريع الوحيد الذي نص على هذا اللتزام بل هنالك‬
‫أ‬
‫مجموعة من التشريعات المقارنة كما هو الشان بالنسبة للتشريع الجزائري‪ 16‬الذي‬
‫أ‬ ‫أ أ‬
‫نص في مادته ‪( :12‬يجب على الموثق ان يتاكد من صحة العقود الموثقة وان‬
‫أ‬
‫يقدم نصائحه الى الطراف قصد انسجام اتفاقاتهم مع القوانين التي تسري عليها‬
‫أ‬
‫او تضمن تنفيذها)‪.‬‬
‫ونص القانون العربي المصري في الفصل ‪ 10‬من قانون التوثيق‪ ( :‬يجب على‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫الموثق قبل توقيع ذوي الشان على المحرر المراد توقيعه ان يتلوا عليهم الصيغة‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫الكاملة للمحرر ومرفقاته وان يبين لهم الثر المترتب عليه دون ان يوثر في‬
‫ر‬ ‫أ‬
‫اراداتهم ويوقع هو وذوي الشان المحر ومرفقاته)‪.‬‬
‫أ‬
‫كما وجب على الموثق بمناسبة قيامه بواجب النصح ان يلتزم بالحياد التام‪،‬‬
‫آ أ‬ ‫أ‬
‫بمعنى ال تكون نصائحه مرجحة لمصلحة طرف دون اخر او لطرف ضد المتعاقد‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫الثاني‪ ،‬بل وجب عليه ان يعمل على تقريب وجهات نظرهم‪ 17‬وان يطلعهم على‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫خطورة بعض الشروط التي يريدون ادراجها في عقوده‪ ،‬وان يطلعهم ايضا على‬
‫أ‬
‫خطورة الحلول الصادرة عن القضاء في المسالة محل الخالف‪ ،‬وبمناسبة قيامه‬

‫‪ 16‬عبد الخالق الناجي‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ 17‬االستاد محمد الربيعي أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق مراكش‪ :‬االحكام الخاصة بالموثقين وبالمحررات الصادرة عنهم‪ :‬دراسة في ضوء‬
‫مستجدات قانون ‪ 16.03‬المتعلق بحطة العدالة وقانون ‪ 32.09‬المتعلق بمهنة التوثيق‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ 2017‬الصفحة ‪.52‬‬
‫‪13‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫بهذا الواجب الخالقي والقانوني ينبغي ان يلتزم بالشفافية والصدق اتجاه‬
‫أ أ‬ ‫أ‬
‫الطراف وعدم اخفاء الحقائق التي من شانها ان تؤثر‪ 18‬على العملية الموكلة اليه‪.‬‬
‫وفي حالة وجود اختالف في اللغات فيتعين على الموثق اللجوء الى ترجمان‬
‫آ‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫مقبول للترافع لدى المحاكم او الستعانة باي شخص اخر يراه الموثق اهال للقيام‬
‫أ‬
‫بذلك شريطة الموافقة عليه من قبل الطراف المتعاقدة‪ ،‬تطبيقا لمقتضيات‬
‫المادة من قانون ‪ 32.09‬التي تنص‪( :‬يستعين الموثق بترجمان مقبول لدى‬
‫المحاكم عند وجود صعوبة في التلقي‪ .‬وفي حال تعذر وجود ترجمان‪ ،‬يمكن‬
‫آ‬
‫الستعانة بكل شخص يراه الموثق اهال بهده المهمة شريطة قبوله من طرف‬
‫المعني بالترجمة‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫يشترط في الترجمان او الشخص المستعان به ان ل يكون شاهدا او له مصلحة في‬
‫العقد)‪.‬‬
‫أ‬
‫ان ما يميز التزام الموثق بالنصح انه التزام عام ومطلق سواء من حيث الزبناء‬
‫ومن حيث المعلومات‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫(ا)‪ :‬من حيث الطراف‪.‬‬
‫أ‬
‫يوجب التزام الموثق بالنصح والرشاد اتجاه زبنائه‪ ،‬الذي يقصد بهم اطراف‬
‫أ‬ ‫‪19‬‬ ‫أ‬
‫العقد دون غيرهم ال يميز بين الزبناء الدائمين والذين يتعامل معهم لول مرة‪،‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫بغض النظر لما يمكن ان يدفعوه من اتعاب‪ ،‬فواجب النصح التزام مطلق يمنح‬
‫أ‬
‫لجميع الزبناء دون النظر الى خبرتهم او ثقافتهم‪ ،‬فال يسوغ للموثق دفع‬
‫أ أ‬ ‫أ‬
‫المسؤولية بدعوى ان الزبون يفترض فيه معرفة المعلومة‪ ،‬او ان يدرج بند في‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫العقد يفيد ان التفاق تم بين الطراف دون تدخل الموثق او مشارك ته‪ ،‬فمثل هذه‬

‫عبد الخالق الناجي مرجع سابق‬ ‫‪18‬‬

‫المجلة المغربية في الفقه والقضاء العدد الرابع االستاد كريم آيت عيسى باحث بسلك الدكتوراه الصفحة ‪.88.89‬‬ ‫‪19‬‬

‫‪14‬‬
‫آ‬
‫البنود تعد باطلة كونها تخالف قاعة امرة ‪ 20‬ل يجوز التفاق على مخالفتها‪ ،‬متعلقة‬
‫بالنظام العام‪ ،‬مما يجعل فرضية دفع الموثق لمسؤوليته ضئيلة‪.21‬‬
‫(ب) من حيث المعلومات‪.‬‬
‫تنقسم المعلومات‪22‬الواجب الدلء بها من لدن الموثق‪ ،‬الى معلومات‬
‫قانونية ومعلومات لها صلة بالواقع‪.‬‬
‫المعلومات القانونية‪:‬‬
‫أ‬
‫يفترض في الموثق ان يكون عالما بجميع المعلومات القانونية التي ترتبط‬
‫بالمعاملة‪ ،‬حتى يضعها بين يدي الزبون‪23‬وهذه المعلومات ك ثيرة ل يمكن‬
‫حصرها‪ ،‬منها ما يرتبط بالعقد المراد انشاؤه‪ ،‬فالموثق بمثل هده الحالة ملزم‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫بتقديم جميع المعلومات لالطراف المتعاقدة‪ ،‬كما هو الشان بالنسبة للهبات‬
‫أ‬
‫كاخبارهم عناصر العقد وامكانية ممارسة حق العتصار والحكام المرتبطة به‪،‬‬
‫أ‬
‫كما يقع على عاتقه تنبيه الطراف الى بعض البنود الخطيرة المدرجة في العقد‪،‬‬
‫أ أ‬ ‫أ‬
‫كما يتعين عليه ان يوجه النصائح الكافية في المجال الضريبي‪ ،‬بان يقرا عليهم‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫المقتضيات القانونية المتعلقة بالك تمان واخفاء الصول وان يبين لهم الغرامات‬
‫أ‬
‫المطبقة على كل تملص من اداء الواجبات‪ 24‬المفروضة عليهم‪.‬‬
‫المقتضيات المتعلقة بالمجال الضريبي‪ :‬تنص الفقرة السادسة من المادة ‪14‬‬
‫من قانون ‪ 24‬دجنبر ‪ 1924‬المتعلق بالتسجيل والتنبر على ما يلي‪ :‬ويتعين على‬
‫الموثقين والموظفين الذين يزاولون مهام التوثيق والعدول والموثقين العبرين‪،‬‬

‫‪ 20‬االستاد محمد الربيعي‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ 21‬قبل سنة ‪ 1996‬كان التزام الموثق بالنصح التزاما نسبيا إد كان بإمكان الموثق دفع مسؤوليته أو إنقاصها تبعا لخبرة الزبون أو وجود ناصح ثان‬
‫إلى جانب الموثق كما كانت مسؤولية الموثق تتحدد حسب درجة تدخل الموثق في العمليات السابقة للعقد‪.‬‬
‫‪ 22‬المجلة المغربية في الفقه والقضاء مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 23‬المجلة المغربية في الفقه والقضاء‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 24‬االستاد محمد الربيعي مرجع سابق‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫وكل شخص ساهم في تحرير عقد خاضع للتسجيل ان يطلعوا الطراف على المادة‬
‫‪ 2515‬والفقرة الثانية من المادة ‪21‬والمادة ‪ 25‬من مدونة التسجيل والتنبر‪.‬‬
‫أ‬
‫المعلومات المتعلقة بالواقع‪ :‬يفرض واجب النصح على الموثق مد الطراف‬
‫بجميع العناصر الضرورية التي تحقق غاياتهم‪ ،‬وهذه العناصر قد تتحد شكل‬
‫أ‬
‫معلومات قانونية كما راينا سلفا‪26‬كما قد تتخذ شكل معلومات خاصة ترتبط‬
‫بالمعاملة موضوع التوثيق‪ ،‬وحتى يتمكن الموثق من معرفة هده المعلومات يلزم‬
‫آ‬
‫بانجاز تحقيق حول كل العناصر التي تحول دون ترتيب التصرف لالثار التي‬
‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬
‫ييتغيها الطراف‪ ،‬كان يتاكد من خلو المحل من اعباء قد يفاجئ بها الزبون فيما‬
‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫بعد‪ ،‬والتاكد من وضعية محل التصرف سواء كان عقارا او منقول او اصال تجاريا‬
‫أ أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫او شركة‪ ،‬وفي هذا المنوال نشير الى احد القضايا التي عرضت امام انظار المجلس‬
‫ر‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫أ‬
‫العلى سابقا سنة ‪ ،2005‬حيث قر المجلس مسؤ لية الموثقة عن الضر الذي‬
‫لحق زبونها بسبب عدم قيام الموثقة بواجب النصح‪ ،‬وجاء في تعليل‬
‫أ‬
‫المجلس‪(27:‬المشتكى بها تكون قد اخلت باللتزام المفروض عليها بنص الفصل‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫الول من ظهير ‪4‬ماي ‪ 1925‬لما لم تخبر اطراف العقد بالرهن على السهم‬
‫أ‬
‫المبيعة ولم تبصرهم بمدى نتائج التعاقد بالشكل الذي عليه السهم وكذلك بنص‬
‫ر‬ ‫أ‬
‫الفقرة ‪12‬و‪ 30‬من الظهير التي تفرض عليها ال تحر العقد ال بعد فك الرهن‪).‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ضوابط التزام الموثق بالنصح وجزاء الخالل به‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫يلزم الموثق بارشاد الطراف المتعاقدة في جميع الحوال دون النظر الى‬
‫أ‬
‫معرفتهم او خبرتهم‪ ،‬فهو التزام مطلق يفرض على الموثق‪ ،‬بغض النظر عن خبرة‬
‫أ‬
‫زبنائه او معرفتهم بالجوانب القانونية الخاصة بالمعاملة‪ ،‬ومنه ل يسوغ للموثق‬

‫‪ 25‬تنص المادة ‪ 15‬على ما يلي‪ :‬يمكن أن تكون اإلثمان ةالتصربحات التقديرية العبر عنها في العقود واالتفاقات‪ :‬موضوع تصحيح من طرف‬
‫مفتش الضرائب المكلف بالتسجيل‪ ،‬إ ذا تبين أنها ال تطابق القيمة التجارية لألمالك في تاريخ إبرام العقد أو االتفاق‪.‬‬

‫‪ 26‬المجلة المغربية في الفقه والقضاء الصفحة ‪ 92 ،91‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ 27‬قرار عدد ‪ 587‬الصادر عن الغرفتين اإلدارية والمدنية بتاريخ ‪ 23‬فبراير ‪ 2005‬الملف المدني عدد ‪ 2002.7.1.2482‬منشور في مجموعة‬
‫من قرارات المجلس األعلى بغرفتين أو جميع الغرف إعداد إدريس محجوب الجزء الرابع الطبعة األولى ص ‪85‬‬

‫‪16‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫دفع مسؤوليته بدعوى ان الزبون عالما للمعلومة ‪28‬او كان يفرض فيه العلم بها‪،‬‬
‫فالموثق من خال ل المادة ‪ 37‬ل يقتصر دوره فقط على التلقي والتحرير‪ ،‬بل يمتد‬
‫أ‬
‫ليكون اك ثر ايجابية‪ ،‬ليبين لهم البعاد القانونية للتصرف المقبلين على توقيعه‪،‬‬
‫أ‬
‫مع تبيان مختلف ايجابياته وسلبياته‪ ،‬وتجدر الشارة الى ان هناك مجموعة من‬
‫و‬ ‫أ‬
‫القوانين التي اقرت ضر رة النصح من بينها قانون ‪ 28.08‬المنظم لمهنة المحاماة‬
‫بالمغرب حيث تنص المادة ‪ 43‬منه على‪:‬‬
‫أ‬
‫يحث المحامي موكله‪ ،‬على فض النزاع‪ ،‬بالطرق البديلة الخرى‪ ،‬قبل اللجوء الى‬
‫القضاء‬
‫يقوم بجميع الوسائل الممكنة باجبار موكله بمراحل سير الدعوى‪ ،‬وما يتم فيها‬
‫من اجراءات الى غاية التبليغ والتنفيذ كما يخطر موكله حال‪ ،‬بما يصدر فيها من‬
‫أ‬
‫احكام‬
‫يقدم لموكله النصح‪ ،‬والرشاد‪ ،‬فيما يتعلق بطرق الطعن الممكنة‪ ،‬مع لفت نظره‬
‫آ‬
‫الى اجالها‪.‬‬
‫أ‬
‫ومن بين القوانين التي نصت هي الخرى على واجب النصح والعالم نجد‬
‫أ‬
‫قانون ‪ 31.08‬المتعلق بحماية المستهلك‪ ،‬حيث جاء هدا الخير بمجموعة من‬
‫المزايا‪ ،‬فيما يتعلق باستفادة المستهلك من حقه في العالم من لدن المورد‪،‬‬
‫آ‬ ‫وحقه في ممارسة التر ّ‬
‫اجع داخل الجال المحددة قانونا‪ ،‬تنص المادة ‪ 3‬من قانون‬
‫‪ 31.08‬التي جاء مضمونها على النحو التالي‪:‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫كل مورد وجب عليه ان يمكن المستهلك من معرفة المميزات الساسية للمنتوج‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫او السلعة او الخدمة وكدلك مصدر النتاج وتاريخ الصالحية ومدة الضمان ودرجة‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫ومدى المسؤولية التعاقدية‪ .‬ويستفاد من خالل المادة اعاله‪ ،‬ان اللتزام بالتبصر‬
‫والعالم من الحقوق الجوهرية للمستهلك في ظل التشريعات الحديثة‪ ،‬فكلما كان‬

‫موقع إلكتروني ‪elmouhami.com.‬‬ ‫‪28‬‬

‫‪17‬‬
‫هدا اللتزام قبل التعاقد ال وكان المستهلك على علم وبينة مما سيقبل عليه من‬
‫التزامات تعاقدية مستقبال‪.‬‬
‫أ‬
‫الفقرة الولى‪ :‬طبيعة التزام بالنصح‪:‬‬
‫أ‬
‫اذا كان المشرع المغربي اخد جل القوانين‪ 29‬المنظمة للتوثيق من قانون ‪25‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫فانتوز المنظم لمهنة التوثيق الفرنسي‪ ،‬نجد هدا الخير لم يتطرق ل بنص عام او‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫خاص لهذا اللتزام‪ ،‬اذ ان الموثقين الفرنسين ل يخشون من اي التزام ملقى على‬
‫أ‬
‫عاتقهم‪ ،‬سوى اللتزام المتعلق بالنصح‪ ،‬حيث يعتبرونه من بين اخطر اللتزامات‬
‫أ‬
‫التي تفرضها مهنة التوثيق‪ ،‬ال ان القضاء الفرنسي لم يتردد يوما باستصدار‬
‫عقوبات صارمة في حالة لم يقدم الموثق النصح والرشاد لزبنائه‪.‬‬
‫أ‬
‫ا‪ :‬حدود التزام الموثق بالنصح‪:‬‬
‫أ‬
‫بالقيام بواجب النصح بنص‬ ‫العصري‬ ‫واذا كان المشرع المغربي الزم الموثق‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫صريح‪ ،‬فقد اختلف الفقهاء بشان حدود هذا الخير‪ ،‬حيث ذهب البعض الى‬
‫اعتبار واجب النصح له ارتباطا وثيقا‪30‬بمدى خبرة الزبون بغض النظر عن مستواه‬
‫أ‬
‫الثقافي‪ ،‬فقد يتوفر الطراف على مستوى ثقافي كبير ولكن ل خبرة لهم في مجال‬
‫المعامالت المالية‪ ،‬في حين نجد فئة ل ثقافة لها‪ ،‬وتتوفر على خبرة واسعة‪ ،‬ال‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ان القضاء الفرنسي يتشدد في هدا اللتزام عندما يتعلق المر ببعض الشخاص‬
‫أ أ‬ ‫أ‬
‫الميين الذين يجهلون القراءة والك تابة او باشخاص مسنين‪ ،‬وفي مقابل هذا‬
‫أ‬
‫التشدد اصبح بعض الموثقون يلتجوئن الى طرق للتملص من التزاماتهم‪ ،‬وذلك‬
‫أ‬
‫بادراج بنود في العقد المحرر من لدنهم‪ ،‬ال ان القضاء الفرنسي يعتبر مثل هذه‬
‫البنود باطلة كونها تتعارض ومقتضيات الفص الثامن من قانون ‪ 25‬فانتوز والذي‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫يمنع بموجبه المشرع الفرنسي ان يضمن الموثق اي شرط لمصلحته‪.‬‬
‫ب‪ :‬حالة تعارض التزام الموثق بالنصح مع التزامه بك تمان السر المهني‪:‬‬

‫االستاد محمد الربيعي مرجع سابق الصفحة ‪50 ،49‬‬ ‫‪29‬‬

‫االستاد محمد الربيعي مرجع سابق الصفحة ‪54‬‬ ‫‪30‬‬

‫‪18‬‬
‫أ‬
‫تشمل السرار التي يتعين على الموثق ك تمانها‪ ،‬كل ما يتلقاه ‪31‬من زبونه‪ ،‬فال‬
‫يتعلق المر بالتصريحات الشفوية فقط‪ ،‬بل يشمل كذلك مختلف الوثائق التي‬
‫أ‬
‫تتعلق بالمعاملة سواء التي يتسلمها الموثق قبل او بعد انشاء المحرر‪ ،‬فيمنع على‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫الموثق تسليم اي نسخة او وثيقة لحد الغيار‪ ،‬تطبيقا لمقتضيات المادة ‪ 50‬من‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫قانون ‪ 32.09‬التي تنص على انه‪ ( :‬يجب على الموثق ان يحفظ تحث طائلة‬
‫أ‬
‫مسؤوليته اصول العقود والوثائق الملحقة بها‪ ،‬وصور الوثائق التي تثبت هوية‬
‫‪32‬‬ ‫أ‬
‫الطراف‪ .‬ويترتب عن افشاء السرار الخاصة بزبنائه قيام مسؤوليته الجنائية‬
‫‪33‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫والمدنية كما قد يواجه الموثق باحد العقوبات التاديبية التي تحددها المادة ‪72‬‬
‫من قانون ‪.)32.09‬‬
‫اذا كان التزام الموثق بك تمان السر المهني يجد سنده القانوني في المادة ‪24‬‬
‫أ‬
‫من قانون ‪ 32.09‬التي تنص على انه‪ ( :‬يلزم الموثق بالمحافظة على السر المهني‪،‬‬
‫ماعدا اذا نص القانون على خالف دلك‪ ،‬ويقع نفس اللزام على المتمرنين لديه‬
‫أ‬
‫واجرائه)‪.‬‬
‫أ أ‬
‫لكن السؤال الذي يثار في هده النقطة في حالة ادا ما ادلى احد المتعاقدين‬
‫أ‬
‫بمعلومات للموثق فهل يلزم هدا الخير بك تمان السر المهني او تقديم واجب‬
‫النصح؟‬
‫أ‬
‫في مثل هده الحالة نميز بين‪ 34‬امرين‪:‬‬
‫أ‬
‫الحالة الولى‪ :‬عندما يكون المر يتعلق بابرام عقد به مساس بحقوق المتعاقد‬
‫أ‬
‫الخر كونه ينطوي على غش او احتيال‪ ،‬فوجب على الموثق المتناع عن ابرام هذا‬
‫‪ 31‬مجلة الفقه والقضاء العدد الرابع االستاد كريم عيسى الصفحة ‪94 93‬‬
‫‪ 32‬الفصل ‪ 446‬من مجموعة القانون الجنائي المؤرخ في ‪ 27‬نونبر ‪ 1962‬الدي ينص‪ :‬االكباء والجراحون ومالحظو الصحة‪ ،‬وكدلك الصيادلة‬
‫والمولدات وكل شخص يعتبر من األمناء على االسرار‪ ،‬بحكم مهنتهم أو وظيفته الدائمة أو المؤقتة‪ ،‬إدا أفشى سرا أودع لديه‪ ،‬ودلك في غير‬
‫األحوال التي يجيز له فيها القانون أو يوجب عليه فيها التبليغ عنه‪ ،‬يعاقب بالحبس من شهر الى ستة أشهر وغرامة مالية من مائتين إلى ألف درهم‪.‬‬
‫‪ 33‬تنص المادة ‪ :72‬يتعرض المتمرن كلما أخ بواجباته التدريبية وارتكب فعال مخل بشرف المهنة إلحدى العقوبات التأديبية االتية‬

‫التوبيخ‬
‫وضع حد للتمرين‬
‫تطبق بالنسبة للمتمرن مقتضيات ‪ 84 83 82‬وبعده‪.‬‬
‫‪ 34‬االستاد محمد الربيعي مرجع سابق الصفحة‪68‬‬
‫‪19‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫العقد لن واجب النصح والرشاد اولى بالتطبيق من واجب الك تمان والمحافظة‬
‫على السرار‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬اذا كانت المعلومات المقدمة له ل يسعى صاحبها من ورائها الى‬
‫أ‬
‫ارتكاب شيء مخالف للقانون‪ ،‬فواجب الك تمان والمحافظة على السرار اولى‬
‫بالتطبيق في مثل هذه الحالة‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التزام الموثق بالنصح بين الطالقية والتقييد‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫امام تشابك المصالح المختلفة وتعدد التصرفات القانونية‪ ،‬اناط المشرع مهمة‬
‫تحريرها واضفاء الصبغة الرسمية عليها للموثق باعتباره المؤهل قانونا وتكوينا‪،‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫غير انه في ضل التوجهات الحديثة للمسؤولية جنائية كانت ام مدنية تم فرض‬
‫أ‬
‫جملة من اللتزامات الرامية لتحقيق نوع من المن التعاقدي وتكريس الطابع‬
‫الحمائي للزبون ومصالحه‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫فالتزام الموثق باسداء النصح والرشاد ياتي في مقدمة الواجبات الخالقية التي‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫تربط الموثق باطراف العالقة التعاقدية او الزبائن بصفة عامة‪ ،‬بهدف مساعدتهم‬
‫على تفادي الوقوع في المحظور وعما يترتب من مسؤولية الموثق عند اخالله بهذا‬
‫أ‬
‫اللتزام‪ ،‬المر الذي يجعله ملزم بضمان فعالية العقد وبالتبعية ملزم بتقديم‬
‫النصح تفاديا لتحرير عقد ل جدوى منه ول فعالية له‪.‬‬
‫وسنحاول من خالل هذه الفقرة تبيان حدود هذا اللتزام على ضوءالجتهاد‬
‫أ‬
‫القضائي سيما بفرنسا‪ ،‬ومدى امكانية تضمين شرط يعفي الموثق اما جزئيا او كليا‬
‫من مسؤوليته في تقديم النصح‪ ،‬ثم سنعرض للجزاء المترتب جراء اخالل الموثق‬
‫بواجب النصح‪.‬‬
‫أ‬
‫اول‪ :‬اللتزام بالنصح بين النسبية والطالقية‪.‬‬
‫اذا كانت بعض الدول قد نصت قوانينها المتعلقة بالتوثيق على هذا الواجب‬
‫أ‬
‫كما هو الشان بالنسبة لمشرعنا المغربي‪ ،‬فان قانون التوثيق الفرنسي لم ينص‬
‫‪20‬‬
‫أ‬
‫عليه لحد الساعة‪ ،‬غير ان القضاء الفرنسي كرسه من خالل مجموعة من القرارات‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫سيما وان ديباجة قانون فانتوز المؤرخ في ‪ 1805‬نصت على ان الموثق هو ناصح‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫لالطراف‪ ،‬وقد جاء في احد القرارات الصادرة عن محكمة النقض الفرنسية ان "‬
‫ان دور الموثق ل يقتصر فقط على اضفاء الصفة الرسمية على التفاقات‪ ،‬بل ان‬
‫أ‬ ‫ز أ‬
‫روح قانون‪ 25‬فانتو واسباب ظهو ه تلزمه ايضا بدو اخر يتمثل في توجيه النصح‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫‪35‬‬ ‫أ‬
‫لالطراف"‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫واذا كان قانون التوثيق المغربي واضحا بشان التنصيص على هذا المبدا‬
‫أ‬
‫كالتزام قانوني وان كانت مسالة حدود هذا اللتزام لزالت تثير بعض اللبس‪ ،‬غير‬
‫أ‬
‫ان موقف القضاء الفرنسي من هذا اللتزام كان متضاربا نوعا ما‪.‬‬
‫أ‬
‫لهذا سنحاول من خالل رصدنا لمجموعة من الحكام والقرارات الصادرة عن‬
‫القضاء الفرنسي بالوقوف على التجاه الذي سار فيه بخصوص حدود واجب‬
‫الموثق بالنصح‪.‬‬
‫أ‬
‫ا‪ -‬نسبية واجب الموثق بالنصح‪.‬‬
‫تتجلى هذه النسبية في مجموعة من القرارات التي تعود لما قبل سنة ‪،1995‬‬
‫حيث كان القضاء الفرنسي يعفي الموثق من واجب النصح لمجموعة من‬
‫ر‬ ‫‪36‬‬ ‫أ‬
‫السباب ‪ ،‬سنو د بعضها‪:‬‬
‫أ‬
‫‪ ‬السبب الول‪ :‬خبرة الزبون‪.‬‬
‫وهنا سنشير لبعض القضايا التي تعكس توجه القضاء الفرنسي‬
‫أ‬
‫‪ -‬القضية الولى‪:‬‬
‫أ‬
‫تتعلق هذه القضية بزبون مهندس وقد رفع هذا الخير دعوى ضد موثق‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫يدعي فيها ان الموثق قد اخل بواجب النصح في المجال المتعلق بالتعمير‬
‫‪35‬‬
‫‪Cour de cassation.civ-03/8/1858-s.59-2-p550‬‬
‫‪ 36‬واجب الموثق بالنصح بين النسبية واإلطالقية‪ :‬مقال للدكتور محمد الربيعي خالل الندوة التي نظمتها شعبة القانون الخاص بكلية الحقوق مراكش‬
‫يومي ‪ 21‬و‪ 22‬ابريل ‪2017‬‬
‫‪21‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫غير ان القضاء لم يستجب اليه على اعتبار ان المدعي هو مهندس وبالتالي‬
‫أ‬
‫ل يمكنه ان يطلب من الموثق معلومات وارشادات حول المبادئ الولية‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫لقانون التعمير‪ ،‬وقد اعتبرت المحكمة ان الموثق ليس ملزم بان يخبر‬
‫أ‬
‫الزبون في هذه الحالة بما يعلمه او كان يتوجب عليه العلم به‪.37‬‬
‫‪ -‬القضية الثانية‪.‬‬
‫وتتعلق بمسؤول في شركة متخصصة في المعامالت العقارية قام بشراء‬
‫أ‬
‫عقار وتم تحرير هذه المعاملة من قبل موثق‪ ،‬غير ان العقد لم يتضمن ما‬
‫أ‬
‫يفيد ان المشتري سيستعمل العقار لغرض السكنى لمدة ‪ 3‬سنوات حتى‬
‫يتمكن من الستفادة من التخفيض المتعلق برسوم التسجيل والشهار‪،‬‬
‫أ‬
‫ولما رفع المسؤول دعواه على الموثق بادعائه ان هذا الخير لم يقدم له‬
‫النصح في هذا المجال‪ ،‬سار القضاء الفرنسي في نفس التجاه وقضى بعدم‬
‫مسؤولية الموثق مادام هذا الزبون هو مسؤول متخصص في مجال‬
‫المعامالت العقارية ويفترض فيه العلم بذلك‪.38‬‬
‫آ‬
‫‪ ‬السبب الثاني‪ :‬تعاقد الزبون برفقة شخص اخر‪.‬‬
‫ونورد هنا قضية تتجلى في حضور شخص الى مك تب موثق بمعية مستشاره‬
‫أ‬
‫القانوني‪ ،‬فتم ابرام العقد دون ان يقوم الموثق بتوجيه النصح لهذا الزبون‬
‫أ‬
‫ولما تضرر هذا الخير من العقد المبرم‪ ،‬رفع دعوى ضد الموثق يحمله‬
‫المسؤولية عن الخالل بواجبه المهني المتمثل في تقديم النصح لهذا‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫الزبون‪ ،‬غير ان القضاء الفرنسي قضى هنا ايضا بعدم مسؤولية الموثق لن‬
‫الزبون كان برفقة مستشاره القانوني‪.39‬‬
‫‪ ‬السبب الثالث‪ :‬سبقية تقديم النصح في قضية مماثلة‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫‪Cour de cassation. Civ 1ére-2 mars 1964- bull.civ 1- 1964 n 122‬‬
‫‪38‬‬
‫‪Cour de cassation. Civ 1ére 2 juillet 1991- répertoire- defrénois 1991- art 35142- p 1272‬‬
‫‪39‬‬
‫‪Cass- civ- 4 octobre 1972 buil.civ1- n 194‬‬
‫‪22‬‬
‫أ‬
‫اذا كان الزبون قد تعاقد امام الموثق بعد ان قدم له هذا الخير النصح‪ ،‬ثم عاد‬
‫آ‬
‫بعد فترة ليبرم تصرفا اخر شبيها بالمعاملة السابقة‪ ،‬فهنا الموثق ليكون ملزما‬
‫أ‬
‫بتقديم النصح له من جديد وهذا ما سار عليه القضاء الفرنسي في احد قرارته‪.40‬‬
‫‪ ‬السبب الرابع‪ :‬شرط العفاء من واجب النصح‪.‬‬
‫نظرا لما يترتب عن التزام الموثق بالنصح من مسؤولية جسيمة‪ ،‬اذ يتحمل تبعات‬
‫أ‬
‫كل امتناع او تقصير منه في هذا الشان‪ ،‬حاول الموثقون في فرنسا التهرب من هذا‬
‫أ‬
‫الواجب بادراج بيان في العقود تعفيهم من المسؤولية‪ ،‬تفيد ان التفاق بين‬
‫المتعاقدين واقتصر دور الموثق باضفاء الصفة الرسمية على هذا التفاق‪.41‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫وقد عرضت في هذا الشان قضية على انظار القضاء الفرنسي حيث اخدت‬
‫المحكمة بهذا البيان‪ ،‬وقد استمر موقف القضاء على هذا النحو فترة من الزمان‪.‬‬
‫أ‬
‫من خالل كل ما تم ذكره يتضح جليا ان القضاء الفرنسي سار في اتجاه ضيق‬
‫من نطاق مسؤولية الموثق بخصوص واجب النصح‪ ،‬اذ جعله نسبيا مما ل تتحقق‬
‫معه الحماية الالزمة للزبون‪ ،‬ولعل هذا ما انتقده الفقه الفرنسي بشدة داعيا‬
‫القضاء الى اعادة النظر في مواقفه الداعمة لتحلل الموثق من واجبه في اسداء‬
‫النصح‪.‬‬
‫ب‪ :‬اطالقية واجب الموثق بالنصح‪.‬‬
‫على اثر النتقادات التي وجهت للقضاء الفرنسي بخصوص موقفه المتساهل‬
‫تجاه الموثقين‪ ،‬بشكل يحرم الزبناء من التعويض عن عدم قيام الموثق بواجب‬
‫النصح‪ ،‬اضطر القضاء للتراجع عن موقفه السابق وتبنى توجها جديدا في هذا‬
‫أ‬
‫الطار يتضح من خالل ثلة من الحكام والقرارات التي صدرت ابتداء من سنة‬
‫‪ .1995‬ويمكن الشارة لبعضها‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫‪Strasbourg 3 ch.cv- 22 avril 1983-j.c.p 85 ed g-2 20349‬‬
‫‪41‬‬
‫‪Civ 1ére 06 avril 1965- dalloz 1965- p 448‬‬
‫‪23‬‬
‫‪ ‬خبرة الزبون‪.‬‬
‫أ‬
‫صدر عن القضاء الفرنسي مجموعة من الحكام والقرارات بخصوص الحالة‬
‫أ‬
‫التي يكون فيها الزبون متوفرا على خبرة بالمسائل القانونية مفادها ان‬
‫الموثق ل يستطيع التحلل من المسؤولية الناتجة عن اخالله بواجب‬
‫النصح ولو كان للزبون خبرة في الشؤون القانونية‪.42‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫فلو كان الزبون محاميا‪ ،‬فان تعاقده امام الموثق ل يعفي هذا الخير من‬
‫تقديم النصح له بخصوص المعاملة المراد القيام بها‪ ،‬ولقد حملت المحكمة‬
‫‪43‬‬
‫في العديد من قرارتها الموثقين المسؤولية عن هذا الخالل بالواجب‪.‬‬
‫أ‬
‫كما ل يمن للموثق ان يتحلل من التزامه هذا متى كان الزبون موثقا‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫بدوره هو الخر‪ ،‬اذ ينبغي عليه ان يقدم له النصح ما دام قد قدم الى مك تبه‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫كمتعاقد‪ ،‬مما يتبين معه ان القضاء الفرنسي اضفى على هذا اللتزام صفة‬
‫الطالقية‪.44‬‬
‫كما صدرت مجموعة من القرارات‪ 45‬عن القضاء الفرنسي تؤكد تراجعه‬
‫عن موقفه السابق بخصوص الحالة التي يتعاقد فيها الزبون برفقة شخص‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫آ‬
‫اخر سواء كان مستشاره القانوني‪ ،46‬او موثق اخر‪ ،47‬او محام‪ 48‬او مهندس‬
‫أ‬
‫معماري‪ ،...49‬اذ يجب على الموثق ان يقوم بواجبه المتمثل في اسداء‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫النصح للزبناء ول يمكنه باي حال من الحوال ان يتحلل منه‪.‬‬
‫ثانيا مسؤولية الموثق وجزاء الخالل بواجب النصح‬

‫‪42‬‬
‫‪Civ 1ére 12/12/1995 bull civ- n.459‬‬
‫‪Civ 1ére 07/07/1998 bull. n 238‬‬
‫‪43‬‬
‫‪Civ 1ére 19/01//1999 D 1999 p-303‬‬
‫‪44‬‬
‫‪Civ 3ére 23/09/2009 bull civ. 1 n 201‬‬
‫‪45‬‬
‫‪46‬‬
‫‪Cass. Civ 1ére 12/13/2005 R L D C mars 2006‬‬
‫‪47‬‬
‫‪Civ 1er 13/11/1997 bull civ. 1n 308‬‬
‫‪48‬‬
‫‪Civ 1ére 10/07/1995 bull civ 1. N 312‬‬
‫‪49‬‬
‫‪Civ 1ére 10/07/1995 bull civ 1. 260‬‬
‫‪24‬‬
‫ان اللتزام باسداء النصح والرشاد من طرف الموثق والعدل هو من بين‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫الضمانات الساسية التي منحها المشرع للمتعاقدين اثناء العملية‪ ،‬فهو التزام يقع‬
‫أ‬
‫على كل مهني في اطار عالقته بزبونه سواء نص عليه القانون او لم ينص عليه فهو‬
‫أ‬
‫قبل ان يكون التزام قانوني نراه التزام اخالقي‪.‬‬
‫أ أ‬
‫فهذا اللتزام شانه شان اللتزام بك تمان السر المهني يترتب عن خرقه‬
‫التاديبية‪ ،‬مسؤولية مدنية يطالب من خاللها المتضرر‬ ‫أ‬
‫بالضافة الى المسؤولية‬
‫أ‬
‫بالتعويض عن ما اصابه من ضرر جراء عدم تقديم النصح والرشاد له من طرف‬
‫أ‬
‫الموثق وبالرجوع الى قانون ‪ ، 32.09‬يمكن القول بان المشرع الزم الموثق‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫العصري بان يقدم لالطراف كل النصائح والرشادات الضرورية‪ ،‬وان يطلعهم على‬
‫محتوى ونتائج العقود المراد تحريرها‪ ،‬وهذا ل يعني ان العدل غير معني بهذا‪ ،‬بل‬
‫أ‬
‫على العكس من ذلك فهو يعتبر عالما بامور التوثيق وملما بضوابطه‪ ،‬وبالتالي فان‬
‫أ‬
‫اسداء النصح للمتعاقدين اثناء العملية التعاقدية يعتبر في حقه فرضا وواجبا‬
‫أ‬
‫تفرضه اخالقيات المهنة قبل القانون‪.‬‬
‫لكن التساؤل الذي يطرح نفسه بشدة هو ما اذا كانت مسؤولية الموثق المدنية‬
‫أ‬
‫والمترتبة عن اخالله بالقيام بواجب النصح‪ ،‬عقدية او تقصيرية؟‬
‫أ‬
‫ا‪ :‬طبيعة مسؤولية الموثق‪.‬‬
‫أ‬
‫اذا كان هناك اجماع بشان تحميل الموثق مسؤولية مدنية جراء اخالله‬
‫أ‬
‫بواجب النصح‪ ،‬فان مسالة طبيعة هذه المسؤولية ل زال قائمة‪.‬‬
‫‪ -1‬مسؤولية الموثق عن اخالله بواجب النصح هي مسؤولية عقدية‪.‬‬
‫أ‬
‫ان مسؤولية الموثق حسب هذا التوجه الفقهي هي عقدية اساسها الخالل‬
‫أ‬
‫بالتزام عقدي‪ ،‬اذ ان توجه الزبون للموثق يدخل في اطار اليحاب والقبول ومن‬
‫ثمة فهنالك عقد ضمني يجمع كال من الموثق والزبون‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫فعندما يفتح موثق ما مك تبا ويضع لوحة اشهارية خارج المك تب وداخله‪ ،‬فذلك‬
‫آ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫يعد ايجابا من طرف الموثق او عرضا للجمهور‪ ،‬وعندما يلجا الطرف الخر الى هذا‬
‫أ‬
‫الموثق على هذا الساس فذلك يعد قبول‪.‬‬
‫أ أ‬
‫لكن وان اجتمع بعض الفقهاء حول هذه النظرية اي ان مسؤولية الموثق هي‬
‫أ‬
‫عقدية‪ ،‬ال انهم اختلفوا حول طبيعة هذه العالقة التعاقدية‪ .‬بين من يرجعها الى‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫انها عبارة عن عقد وكالة‪ ،‬وهناك من يعتبرها عقد مقاولة‪ ،‬كما ان هناك من يكيفها‬
‫أ‬
‫على انها عبارة عن عقد عمل‪.50‬‬
‫‪ 2‬اخالل الموثق بواجب النصح تترتب عنه مسؤولية تقصيرية‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫اما التجاه الثاني فانه يقضي بان مسؤولية الموثق هي تقصيرية‪ ،‬اساسها‬
‫الخالل بالتزام قانوني خارج عن نطاق الروابط التعاقدية‪ ،‬ويجد هذا التوجه‬
‫سنده القانوني في الفصل ‪ 37‬والفصل ‪ 29‬من قانون ‪ ،32.09‬ومن بين الحجج‬
‫التي استدلو بها نجد‪:‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫‪-‬ان الموثق ل يملك حرية في التعاقد مع الزبون‪ ،‬على اعتبار ان الموثق وهو يقوم‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫بواجباته انما يقوم بمهام اناطه بها القانون وبالتالي هذا الخير هو الذي يحدد‬
‫العالقة التي تربط الموثق بالطرف المتعاقد‬
‫و‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫‪-‬الموثق ل يسال عن اخطائه الشخصية فحسب بل تمتد مسؤ ليته لتشمل‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫اخطاء مساعديه ايضا من موثقين متمرنين واجراء‪ ،‬وبالتالي الموثق يسال خارج‬
‫دائرة التعاقد‪.‬‬
‫‪-‬معظم التزاماته حددها القانون وليس العقد التوثيقي‪.‬‬
‫أ‬
‫‪-‬الموثق ليس حرا في تحديد اتعابه‪ ،‬بل القانون هو الذي يتولى هذه المهمة‪ ،‬واذا‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ما حاول هذا الموثق ان يتقاضى اك ثر من اتعابه ومما اداه عن الطراف‪ ،‬وذلك ما‬
‫أ‬
‫اكده الفصل ‪ 16‬من قانون ‪.32.09‬‬

‫بلخو نسيم الطبيعة القانونية لمسؤولية الموثق المدنية‪ :‬مقال منشور بمجلة الفكر العدد ‪ 11‬ص ‪ 334‬وما يليها‬ ‫‪50‬‬

‫‪26‬‬
‫ب‪ :‬دعوى المسؤولية المدنية للموثق والتعويض‪.‬‬
‫أ‬
‫تلتقي المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيرية من حيث المبدا القاضي‬
‫أ‬
‫بالزام كل من ارتكب خطا ترتب عنه ضرر للغير بالتعويض‪ ،‬كما تقومان على نفس‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫الركان والمتمثلة في الخطا والضرر والعالقة السببية‪.‬‬
‫أ‬
‫ويترتب عن هذه المسؤولية سواء كانت عقدية او تقصيرية الزام الموثق‬
‫أ‬
‫بتعويض المتضرر عما لحقه من ضرر وفي حالة المتناع عن اداء التعويض يكون‬
‫أ‬
‫من حق المتضرر رفع دعوى المسؤولية المدنية في مواجهة الموثق امام المحكمة‬
‫أ‬
‫المختصة قصد الحصول على حكم نهائي يقضي بتعويض هذا الخير‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫ويعتبر التعويض من اهم الحلول التي اوردها المشرع لجب الضرر سواء كان‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫هذا الخير ماديا او معنويا‪ ،‬غير ان مسالة تقديره تبقى موكولة للسلطة القضائية‬
‫التي تقدره حسب ظروف ومالبسات كل قضية على حدة‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫وحري بنا ان نشير ان المشرع المغربي الزم الموثق بالتامين عن مسؤوليته‬
‫المدنية ومسؤولية التابعين له‪ ،‬وذلك حماية لحقوق الزبناء في حالة ثبوت‬
‫‪51‬‬
‫مسؤوليته‪.‬‬
‫وزيادة في الضمان‪ ،‬احتفظ المشرع بصندوق الموثقين الذي كان منظما‬
‫أ‬
‫بمقتضى المادة ‪ 39‬من ظهير ‪ 1925‬الملغى‪ ،‬حيث افرد له القسم السادس من‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫القانون ‪ 32.09‬والذي يتجلى دوره في اداء المبالغ المحكوم بها لفائدة الطراف‬
‫أ أ‬
‫المتضررة في حالة عجز الموثق عن الداء او في حالة عدم ك فاية المبالغ التي‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫يجب ان تؤديها شركة التامين محل الموثق‪.‬‬
‫وجدير بالذكر أان الموثق ل يمكنه دفع هذه المسؤولية ال اذا أاثبت أان الضرر‬
‫و‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫يرجع لقوة قاهرة او لحادث فجائي او لخطا المضر ر نفسه‪.‬‬

‫‪ 51‬راجع المادة ‪ 16‬من قانون ‪32.09‬‬


‫‪27‬‬
‫خاتمة‬
‫أ‬
‫ان اساس قيام مهنة التوثيق هو الئتمان على حقوق الناس ومصالحهم‬
‫وضمانها‪ ،‬ذلك ما جعل المشرع يرفع سقف الضمانات القانونية الممنوحة‬
‫للمتعاملين مع هذا المرفق‪ ،‬مكرسا في مواد قانون ‪ 32.09‬مجموعة من‬
‫اللتزامات الملقاة على عاتق الموثق ومن بينها التزامه بالنصح واطالع‬
‫آ أ‬ ‫أ‬
‫الطراف على مضمون العقد واثاره وابعاد القانونية‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ومسالة العالم والتبصرة واسداء النصح حمالة اوجه‪ ،‬لنها تعتبر‬
‫التزامات واقعة على الموثق تترتب عنها مسؤوليته حالة الخالل بها‪ ،‬وغذا‬
‫أ‬
‫نظرنا لها من جهة الطراف المتعاملة مع مرفق التوثيق نجدها ضمانة‬
‫ممنوحة لهم‪.‬‬
‫ورغبة من المشرع في جعل هذا اللتزام على ارض الواقع‪ ،‬فقد حاول‬
‫أ‬
‫تدعيمه من الناحية العملية‪ ،‬حيث لم يترك هذه المسالة لرغبة الموثق ان‬
‫أ‬
‫شاء نصح واعلم وان شاء ك تم وامتنع‪ ،‬وانما الزمه به تحت طائلة المسائلة‬
‫أ‬
‫القانونية والتاديبية‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫الفهرس‬
‫المقدمة‪2..............................................................................:‬‬
‫أ‬
‫المطلب الول‪ :‬ماهية التزام الموثق بالنصح‪4............................‬‬
‫أ‬
‫الفقرة الولى‪ :‬مفهوم التزام الموثق بالنصح‪4..............................‬‬
‫أ‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اساس التزام الموثق بالنصح ونطاقه‪11..................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ضوابط واجب الموثق بالنصح‪16........................‬‬
‫أ‬
‫الفقرة الول ى‪ :‬طبيعة التزام الموثق بالنصح‪18.............................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬واجب الموثق بالنصح بين الطالقية والنسبية‪20....‬‬
‫خاتمة‪28................................................................................:‬‬
‫فهرس‪29.................................................................................:‬‬

‫‪29‬‬
30

You might also like