You are on page 1of 19

‫‪ -‬خطة البحث‪:‬‬

‫‪-‬مقدمة‬
‫الفصل االول‪ :‬مدخل الى المدرسة الماركسية التقليدية‬
‫المبحث االول‪- :‬نبذة حول حياة كارل ماركس‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تعريف المدرسة الماركسية التقليدية‬
‫المبحث الثالث‪ :‬عوامل ظهور المدرسة الماركسية التقليدية و تطورها‬
‫الفصل الثاني‪ :‬نظريات المدرسة الماركسية التقليدية‬
‫المبحث االول‪ :‬نظرية الصراع الطبقي‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المادية الجدلية‬
‫المبحث الثالث‪ :‬المادية التاريخية‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تقييم الماركسية التقليدية‬
‫المبحث االول‪ :‬انتقادات المدرسة الماركسية التقليدية‬
‫المبحث الثاني‪ :‬ازمة المدرسة الماركسية التقليدية‬
‫المبحث الثالث‪ :‬مبادئ المدرسة الماركسية التقليدية‬

‫‪-‬خاتمة‬
‫مقدمة‬

‫لقد ظهرت الماركسية كمذهب و تيار فكري في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في‬
‫شرق أوربا‪ ،‬و سميت ب‍‍المدرسة الماركسية بانها تيار فلسفي وسياسي يستند إلى أفكار الفيلسوف‬
‫األلماني كارل ماركس وزميله فريدريش إنجلز‪ ،‬وتركز على فهم الطبقات االجتماعية والصراع‬
‫الطبقي‪ ،‬وتقدم رؤية نقدية للرأسمالية وتؤكد على أهمية العمل واإلنتاج في تحقيق التقدم‬
‫االجتماعي‪ .‬حيث استوحى نظريته من التراث الفكري آنذاك والذي عاصر فيه الفلسفة‬
‫الكالسيكية األلمانية‪ ،‬االقتصاد السياسي الكالسيكي االنجليزي و االشتراكية الفرنسية‪ ،‬حيث‬
‫ظهرت المدرسة الماركسية نتيجة للظروف االقتصادية واالجتماعية في أوروبا خالل القرن‬
‫التاسع عشر‪ ،‬والتي شهدت تحوالت هائلة نتيجة للثورة الصناعية وتراكم الثروة في يد الطبقة‬
‫الرأسمالية‪ ،‬مما أدى إلى توتر اجتماعي وانتقادات للرأسمالية‪ ،‬وهذا دفع كارل ماركس‬
‫وفريدريش إنجلز إلى تطوير أفكارهما الفلسفية واالقتصادية التي أسست للمدرسة‬
‫الماركسية‪.‬كانت نظريته مادية بحتة بعيدة عن الميتافيزيقية و المثالية تدور حول ملكية األفراد‬
‫لوسائل اإلنتاج و التي تملكها الطبقة الرأسمالية و طبقة البروليتاريا الكادحة و تطور المجتمع‬
‫من طبقة إلى أخرى حيث ال يتم هذا التحول إال بوجود الصراع بين هذه الطبقات كما وضع‬
‫قوانين جدلية و تاريخية و اتخذها كمنهج لنظريته‪ ،‬حيث كان يطمح إلى قيام مجتمع شيوعي إال‬
‫أن هذا الطموح اصطدم بواقع الرأسمالية المتعصب و لم تضمحل الرأسمالية لتحل محلها‬
‫االشتراكية و من ثم الشيوعية‪ ،‬هذا ما أدى ببعض المفكرين لنقد نظريته و نعتها بالناقصة‪،‬‬
‫ليأتي من بعده تالمذته و مفكرين معجبين بنظريته اتبعوا خطاه و درسوا الواقع المعاش بتطبيق‬
‫النظرية الماركسية الكالسيكية عليه فوجدوها تحوي على نقائص‪ ،‬مما اضطرهم إلى تحديث‬
‫النظرية التقليدية و اكتشاف طبقة وسطى في المجتمع و إضافة بعض المفاهيم التي كانت غائبة‬
‫عن كارل ماركس مع حفاظهم على األساس و لب النظرية الكالسيكسة‬
‫و من خالل بحثنا هذا نتطرق الى االشكالية التالية ‪ :‬ماهي المدرسة الماركسية ؟ و تنبثق عن‬
‫هذه االشكالية عدة فرضيات ‪ :‬من هو مؤسس المدرسة الماركسية ؟ و ما هي العوامل و‬
‫الظروف التي ادت الى ظهور الماركسية ؟ و ماهي نظريات المتبعة فيها ؟‬
‫و في هذا البحث استخدمنا المنهج المسحي الوصفي ؟‬

‫‪01‬‬
‫الفصل االول‪ :‬مدخل الى المدرسة الماركسية التقليدية‬

‫المبحث االول‪- :‬نبذة حول حياة كارل ماركس‬

‫كارل ماركس‪ ،‬الفيلسوف واالقتصادي األلماني‪ ،‬وُ لد في ‪ 5‬مايو ‪ 1818‬في مدينة ترير‬
‫بألمانيا‪ .‬كان ينتمي إلى عائلة يهودية‪ ،‬لكنه في وقت الحق تحول إلى المسيحية البروتستانتية‪.‬‬
‫تلقى ماركس تعليمه في جامعات بون وبرلين‪ ،‬حيث تخصص في دراسة الفلسفة والحقوق‬
‫والتاريخ‪.‬‬

‫بدأ ماركس حياته المهنية كصحفي وكاتب‪ ،‬حيث كتب العديد من المقاالت السياسية والفلسفية‪.‬‬
‫تأثر بشكل كبير باألفكار الفلسفية لهيغل‪ ،‬ولكنه اختلف معه فيما بعد وطور نظريته الخاصة‪،‬‬
‫المعروفة باسم "المادية التاريخية"‪.‬‬

‫في عام ‪ ،1848‬ألف ماركس مع صديقه فريدريش إنجلز "المانيفستو الشيوعي"‪ ،‬الذي يعتبر‬
‫بيا ًنا تاريخيًا وسياسيًا هامًا لحركة الشيوعية‪ .‬تناول الكتاب الظروف االقتصادية واالجتماعية‬
‫في ذلك الوقت‪ ،‬ودعا إلى تحقيق التوازن االجتماعي وتحقيق المساواة بين الطبقات‪.‬‬

‫عاش ماركس حيا ًة مضطربة بسبب نشاطه السياسي‪ ،‬حيث تعرض للنفي والمنفى من عدة‬
‫بلدان أوروبية‪ .‬عاش في لندن لمعظم حياته‪ ،‬حيث كتب العديد من أعماله الفلسفية‪ ،‬بما في ذلك‬
‫"رأس المال"‪ ،‬الذي يعتبر واح ًدا من أهم األعمال في تاريخ االقتصاد‪.‬‬

‫رغم أن ماركس لم يشهد نجاحً ا كبيرً ا خالل حياته‪ ،‬إال أن أفكاره أثرت بشكل كبير في التاريخ‬
‫والفلسفة والسياسة‪ .‬تأثرت العديد من الحركات السياسية بأفكاره‪ ،‬وال سيما الشيوعية‬
‫واالشتراكية‪ ،‬وال تزال أفكاره تثير النقاش والتأمل حتى يومنا هذا‪)1(.‬‬

‫‪ .1‬صالح الدين شروخ‪:‬مدخل في علم االجتماع‪ ،‬دار العلوم للنشر و التوزيع‪,2008 ،‬مصر‪,‬ص ‪45‬‬

‫‪02‬‬
‫تأثر ماركس بكل من االقتصاد االنجليزي الذي ساد انجلترا بعد االنقالب الصناعي‪ ،‬والذي‬
‫أسسه ادم سميث و دافيد ريكاردو اللذان أثارا نظرية القيمة في العمل وتأثر ماركس كذلك‬
‫بالمذهب االشتراكي الفرنسي وقد كان ماركس فيلسوفا ومفكرا مادياً‪ ،‬وألف مع زميله فردريك‬
‫انلجز‪ ،‬مجموعة من الكتب شرحا فيها أفكارهما و يعدان أول المؤسسين للشيوعية الحديثة التي‬
‫بدأت من ألمانيا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر‪ ،‬ثم تابعها في نفس االتجاه لينين‬
‫وغيره من مفكري المادية أو الماركسية أو الشيوعية الحديثة في القرن العشرين‪ ،‬وهو صاحب‬
‫مقولة "الدين هو أفيون الشعوب" ألن الدين ال يشجع الفكر الحر الذي ينتج بل يبقيهم‬
‫كالمخدرين دون طموح للتقدم والتغيير‪ ,‬و من اهم مؤلفاته "بيان الحزب الشيوعي" و "راس‬
‫المال"(‪)1‬‬

‫صالح الدين شروخ‪,‬مرجع سابق‪,‬ص ‪46‬‬ ‫‪.1‬‬

‫‪02‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تعريف المدرسة الماركسية التقليدية‬

‫المدرسة الماركسية التقليدية تشير إلى االتجاه الفلسفي واالقتصادي والسياسي الذي‬
‫يستند إلى األفكار والمبادئ التي وضعها الفيلسوف األلماني كارل ماركس وزميله‬
‫فريدريش إنجلز‪ .‬يُعتبر هذا االتجاه جزءًا أساسيًا من التفكير الراديكالي في العلوم‬
‫االجتماعية والفلسفة السياسية‪.‬‬

‫تتمحور المدرسة الماركسية التقليدية حول استخدام النظريات االقتصادية‬


‫واالجتماعية التي طورها ماركس وإنجلز في تحليل الظواهر االجتماعية‬
‫واالقتصادية والتاريخية‪ .‬يتميز هذا االتجاه بتركيزه على فهم النظام الرأسمالي والنقد‬
‫الالذع له‪ ،‬ويسعى إلى إحداث تغييرات اجتماعية تسهم في إنشاء مجتمع أكثر عدالة‬
‫وتواز ًنا‪.‬‬
‫فهي قائمة علي الفكر االقتصادي االشتراكي‪ ،‬حيث صاحبت الثورة الصناعية الليبرالية تعاسة‬
‫كبيرة للطبقة العاملة وبؤس مدقع في أوساطها واستغالل كبير لألطفال والنساء الذين كانوا‬
‫يعملون في المناجم والمعامل وساعد المستوى المنخفض لألجور أصحاب األموال من تكديسها‬
‫أو استثمارها الشيء الذي أدى إلى تقدم اقتصادي كبير على حساب تضحيات اجتماعية وقد‬
‫عارض هذه األوضاع كثير من الذين ينزعون إلى التيار االشتراكي(‪.)1‬‬

‫‪ )2( .1‬ويكيبيديا الموسوعة الحرة‪:‬المدرسة الماركسية التقليدية‪12.58 ,3/7/2014,‬‬

‫‪03‬‬
‫تشمل مفاهيم المدرسة الماركسية التقليدية العديد من النقاط المهمة‪ ،‬بما في ذلك‬
‫المادية التاريخية‪ ،‬التي تفسر كيف تتطور المجتمعات عبر الزمن نتيجة للتغيرات في‬
‫العوامل االقتصادية‪ ،‬والصراع الطبقي‪ ،‬الذي يرى أنه ينبع من التنافس على الموارد‬
‫والسلطة بين الطبقات االجتماعية‪ ،‬والشيوعية‪ ،‬التي تتطلع إلى إنشاء مجتمع يكون‬
‫فيه الملكية مملوكة جماعيًا وتكون الثروة منتشرة بالتساوي بين األفراد‪.‬‬

‫تأثرت المدرسة الماركسية التقليدية بشكل كبير بأفكار كارل ماركس وإنجلز‪ ،‬وقد‬
‫أثرت في تطوير الفكر السياسي واالقتصادي واالجتماعي في العديد من البلدان‬
‫حول العالم‪ .‬ورغم تقديم العديد من النقاد لها انتقادات‪ ،‬فإنها ال تزال ُتعتبر إحدى‬
‫القوى الفكرية الهامة في العالم المعاصر‪.‬‬

‫‪04‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬عوامل ظهور المدرسة الماركسية التقليدية و تطورها‬

‫يمكننا القول بأن الظروف التي أعانت كارل ماركس على وضع نظريته كانت ظروفا ً‬
‫سياسية‪ ،‬واقتصادية‪ ،‬واجتماعية‪ ،‬وفكرية‪ ،‬سادت في عصره وعاشها في بداية حياته مثل‬
‫التناقضات التي جاء بها تطور النظام الرأسمالي في أوروبا خالل القرن التاسع عشر بين طبقة‬
‫المالك الرأسماليين وطبقة العمال الكادحين‪.‬‬

‫هذا و تجدر االشارة الى ان التطور الكبير الذي قطعه علم الطبيعة خالل القرن التاسع عشر‬
‫يتمثل في الكف عن دراسة األشياء والوقائع منفصلة عن بعضها البعض‪ ،‬والتحول إلى علم‬
‫نظري يسعى إلى تفسير هذه الوقائع‪ ،‬وإيضاح الصلة بينها على أساس ديالكتيكي ‪ ،‬وقد ساعدت‬
‫النظريات واالكتشافات الكبرى في علم الطبيعة إبان القرن التاسع عشر على تشكيل النظرية‬
‫المادية الجدلية إلى الطبيعية‪ ،‬كاكتشاف بقاء الطاقة وتحولها‪ ،‬ونظرية تركيب الكائنات الحية‬
‫من خاليا‪ ،‬ونظرية داروين التطورية ‪ .‬اضافة الى الفقر المذقع و االوضاع المزرية التي كان‬
‫يعيشها عامة الناس ماعدا قلة منهم و كذا االضطهاد الكنسي الذي كان يمارس شتى الضغوط‬
‫على المجتمع االوروبي (‪)1‬‬

‫‪ .1‬عدناني رزيقة‪ :‬الكافي في الفلسفة‪ ،‬دار الريحانة للكتب‪ ،‬ط ‪, 2010 ،3‬الجزائر‪,‬ص ‪33‬‬

‫‪05‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬نظريات المدرسة الماركسية التقليدية‬

‫المبحث االول‪ :‬نظرية الصراع الطبقي‬

‫نظرية الصراع الطبقي هي إحدى المفاهيم الرئيسية في الفكر الماركسي والمدرسة االشتراكية‪،‬‬
‫وتعتبر واحدة من أهم النظريات في علم االجتماع‪ .‬تقوم هذه النظرية على فكرة أساسية‪ ،‬وهي‬
‫أن المجتمع يتكون من طبقات اجتماعية متعارضة تتصارع من أجل الموارد والسلطة‪.‬‬

‫تقوم نظرية الصراع الطبقي على االفتراض بأن المجتمع مركب من طبقات اجتماعية متعددة‪،‬‬
‫تتميز كل طبقة بموقعها االجتماعي واالقتصادي الفريد‪ .‬تنشأ هذه الطبقات نتيجة التفاوت في‬
‫التوزيع العادل وغير العادل للموارد والفرص في المجتمع‪ .‬وتصبح هذه الطبقات في حالة‬
‫صراع دائم للحصول على الموارد والسلطة‪ ،‬حيث يسعى كل طبقة إلى تحقيق مصالحها‬
‫وتحقيق تحسين وضعها االجتماعي واالقتصادي‪.‬‬

‫تشير نظرية الصراع الطبقي إلى وجود طبقة حاكمة (الطبقة الحاكمة)‪ ،‬التي تمتلك السلطة‬
‫والموارد االقتصادية‪ ،‬وتستخدم هذه السلطة للحفاظ على مكانتها ومصالحها‪ .‬وتواجه هذه‬
‫الطبقة الحاكمة صراعًا مع الطبقات الدنيا‪ ،‬والتي تشمل الطبقة العاملة والطبقة الفقيرة‪ ،‬والتي‬
‫تعاني من قلة الموارد والفقر وقلة الفرص‪)1(.‬‬

‫‪ .1‬احمد زايد‪:‬علم االجتماع‪/‬النظريات الكالسيكية و النقدية‪,‬نهضة مصر للطباعة و النشر و التوزيع ‪, 2007,‬مصر‪,‬‬
‫ص ‪315‬‬

‫‪06‬‬
‫تقدم نظرية الصراع الطبقي تفسيرً ا للتغيرات االجتماعية والسياسية واالقتصادية في المجتمع‪،‬‬
‫حيث تركز على الصراع بين الطبقات المختلفة ودوره في تشكيل الهويات والقيم والممارسات‬
‫االجتماعية‪ .‬وتسعى هذه النظرية إلى فهم كيفية تغيير الطبقات االجتماعية وتحوالتها عبر‬
‫الزمن‪ ،‬وكيفية تأثير هذه التغييرات على التوزيع العادل للثروة والسلطة في المجتمع‪.‬‬

‫بشكل عام‪ ،‬فإن نظرية الصراع الطبقي توفر إطارً ا نظريًا لفهم الصراعات االجتماعية‬
‫واالقتصادية في المجتمع‪ ،‬وتسلط الضوء على التفاوتات الهيكلية والتباينات في القوى‬
‫االجتماعية‪ ،‬مما يساهم في تحليل التغيرات في الهويات والعالقات االجتماعية والسياسية‪.‬‬

‫‪07‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المادية الجدلية‬

‫نظرية المادية الجدلية هي مفهوم أساسي في الفلسفة الماركسية‪ ،‬وهي تركيبة فكرية تجمع‬
‫بين الموادية والجدلية‪ ،‬وتهدف إلى فهم تطور العالم والتغيرات فيه‪ .‬تشكل هذه النظرية‬
‫جوهر فلسفة ماركس وإنجلز‪ ،‬وتعتبر أساسًا لنظريتهما االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫تركز المادية الجدلية على فكرة التطور التاريخي للمجتمعات والثقافات‪ ،‬وتعتبر القوى‬
‫المادية واالقتصادية محورً ا رئيسيًا لهذا التطور‪ .‬بموجب هذه النظرية‪ ،‬يتغير المجتمع‬
‫عبر الزمن نتيجة للصراعات االجتماعية واالقتصادية التي تنشأ بين الطبقات المختلفة‪.‬‬

‫بشكل عام‪ ،‬تقوم المادية الجدلية على مبادئ رئيسية‪:‬‬


‫‪ .1‬الموادية‪ :‬تشير إلى أن القوى المادية واالقتصادية هي المحرك الرئيسي للتغيير‬
‫االجتماعي والتاريخي‪ .‬وتتأثر هذه القوى بالتكنولوجيا ووسائل اإلنتاج والعالقات‬
‫االقتصادية‪.‬‬
‫‪ .2‬الجدلية‪ :‬تشير إلى وجود تناقضات وصراعات داخل المجتمع بين الطبقات المختلفة‪،‬‬
‫وهذه التناقضات تدفع إلى التغيير والتطور‪ .‬وتظهر هذه التناقضات في الصراعات‬
‫االقتصادية واالجتماعية بين الطبقات الحاكمة والمستضعفة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬تقوم المادية الجدلية على مفهوم التاريخية التاريخية‪ ،‬الذي يشير إلى‬
‫أن التطور التاريخي للمجتمعات يتم بواسطة التغيير التدريجي واالصطدامات الثقافية‬
‫واالقتصادية‪ .‬وهذا يعني أن التاريخ ينتج عن تفاعالت معقدة بين القوى الموادية والثقافية‬
‫واالجتماعية‪)1(.‬‬

‫‪ .1‬ماركس‪ ،‬كارل‪ ،‬وفريدريش إنجلز‪ .)1845( .‬األيديولوجية األلمانية‪ .‬لورنس ووشارت‪.‬ص‪55‬‬

‫‪08‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬المادية التاريخية‬

‫نظرية المادية التاريخية هي إحدى المفاهيم الرئيسية في الفلسفة الماركسية‪ ،‬وتمثل إطارً ا‬
‫نظريًا يهدف إلى فهم التطور التاريخي للمجتمعات البشرية وتغيراتها عبر الزمن‪ .‬يعتبر كارل‬
‫ماركس وفريدريش إنجلز المؤسسين الرئيسيين لهذه النظرية‪ ،‬والتي وضعوها في النص‬
‫الكالسيكي "المانيفستو الشيوعي" واألعمال الفلسفية األخرى‪.‬‬

‫تتمحور المادية التاريخية حول الفكرة األساسية بأن التطور التاريخي للمجتمعات يحكمها‬
‫التغيرات في العالقة بين اإلنسان ووسائل اإلنتاج‪ ،‬وف ًقا لمفهوم المادية التاريخية‪ ،‬يقوم البشر‬
‫بإنتاج الحاجات األساسية للحياة باستخدام وسائل اإلنتاج المتاحة لديهم‪ .‬وينشأ عن هذه العالقة‬
‫بين اإلنسان ووسائل اإلنتاج البنية االقتصادية للمجتمع‪ ،‬التي تتألف من العالقات االجتماعية‬
‫التي ينظم بها اإلنتاج وتوزيع السلع‪.‬‬

‫وتؤثر هذه البنية االقتصادية على باقي جوانب الحياة االجتماعية‪ ،‬مثل السياسة والثقافة والفلسفة‬
‫والدين‪ ،‬وتحدد شكل المؤسسات االجتماعية والقيم والمعتقدات في المجتمع‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬يتم‬
‫تقسيم التاريخ إلى فترات تاريخية مختلفة‪ ،‬وف ًقا لطبيعة البنية االقتصادية والصراعات‬
‫االجتماعية التي تميزها‪.‬‬

‫من المهم فهم أن المادية التاريخية ال تقتصر على التفسير االقتصادي للتاريخ فقط‪ ،‬بل تشمل‬
‫أيضًا الفهم الشامل لتطور المجتمعات البشرية والصراعات التي نشأت عنها‪ .‬وعلى الرغم من‬
‫أن النظرية تلقت العديد من االنتقادات والتعديالت من قبل النقاد‪ ،‬فإنها ال تزال تعتبر إطارً ا مفي ًدا‬
‫لفهم التغيرات التاريخية واالجتماعية في العالم‪)1(.‬‬

‫‪ )1( .1‬عبد هللا محمد عبد الرحمان‪ :‬النظرية في علم االجتماع (الكالسيكية)‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪،2003 ،‬‬
‫االسكندرية‪,‬ص‪51‬‬

‫‪09‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تقييم الماركسية التقليدية‬

‫المبحث االول‪ :‬انتقادات المدرسة الماركسية التقليدية‬

‫تتعرض المدرسة الماركسية التقليدية لعدة انتقادات من قبل النقاد‪ ،‬والتي تشمل عدم قابليتها‬
‫للتطبيق العملي بشكل كامل‪ ،‬وتبسيطها للواقع االجتماعي‪ ،‬وتجاهلها لبعض الجوانب الثقافية‬
‫والسياسية في تحليلها‪.‬‬

‫أحد أبرز االنتقادات يتعلق بصعوبة تطبيق األفكار الماركسية في الممارسة العملية‪ ،‬حيث يقول‬
‫النقاد إن بعض مبادئ الماركسية ال تنطبق بالضرورة على جميع الثقافات والمجتمعات‪ ،‬وأن‬
‫العوامل الثقافية والتاريخية المحددة لكل مجتمع يجب أن تؤخذ في االعتبار‪.‬‬

‫وتعتبر النقدية األخرى أن المدرسة الماركسية قد أسهمت في تبسيط الواقع االجتماعي وتقديم‬
‫نموذج ثنائي للتفسير‪ ،‬حيث تركز بشكل رئيسي على الصراع الطبقي دون أن تأخذ في االعتبار‬
‫العوامل الثقافية والسياسية األخرى التي قد تكون مؤثرة أيضًا‪)1(.‬‬

‫عالوة على ذلك‪ ،‬يتهم النقاد المدرسة الماركسية بتجاهل بعض الجوانب الثقافية والسياسية في‬
‫تحليلها‪ ،‬مما يقلل من قدرتها على فهم التغيرات في المجتمعات المعاصرة بشكل كامل‪.‬‬

‫‪ .1‬ويليامز‪ ،‬رايموند‪ .)1977( .‬ماركسية وأدب‪ .‬قاهرة‪ :‬منشورات الجمل‪.‬ص‪123‬‬

‫‪10‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬ازمة المدرسة الماركسية التقليدية‬

‫ازمة المدرسة الماركسية التقليدية تشير إلى تحديات وصراعات داخلية تواجهها المدرسة‬
‫الماركسية الكالسيكية أو التقليدية‪ ،‬والتي تستند إلى أفكار كارل ماركس وفريدريش إنجلز‪.‬‬
‫تظهر هذه األزمة نتيجة لتطورات مجتمعية واقتصادية وسياسية جديدة‪ ،‬وتشكل تحديات لتطبيق‬
‫وتفسير النظريات الكالسيكية في سياقات جديدة‪.‬‬
‫‪ .1‬تحوالت اقتصادية وتكنولوجية‪:‬‬

‫تعيش المجتمعات اليوم في ظروف اقتصادية مختلفة تمامًا عن تلك التي عاش فيها ماركس‬
‫وإنجلز‪ .‬تطورت الصناعة والتكنولوجيا بشكل كبير‪ ،‬مما أدى إلى تغيرات جذرية في هيكل‬
‫االقتصاد وطرق اإلنتاج‪ .‬هذه التحوالت تطرح تحديات جديدة لفهم العالقة بين الطبقات‬
‫االجتماعية وتوزيع الثروة‪.‬‬

‫‪ .2‬التنوع الثقافي والسياسي‪:‬‬

‫تزايد التنوع الثقافي والسياسي في المجتمعات المعاصرة يعني أن النظريات الكالسيكية قد ال‬
‫تكون قادرة على تفسير تلك التنوعات بشكل كافٍ‪ .‬فالمجتمعات اليوم تشهد تنوعًا هائاًل في القيم‬
‫والمعتقدات والهويات‪ ،‬مما يجعل من الصعب تطبيق النظريات الكالسيكية دون تعديالت شاملة‪.‬‬

‫‪ .3‬تغيرات سياسية واجتماعية‪:‬‬

‫شهد العالم تغيرات سياسية واجتماعية هامة في القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين‪،‬‬
‫مثل انتشار الديمقراطية وحقوق اإلنسان والتحوالت االقتصادية‪ .‬هذه التحوالت تطرح تساؤالت‬
‫جديدة حول دور الطبقات االجتماعية والصراع الطبقي في المجتمعات الحديثة‪.‬‬

‫‪ .1‬نيشر‪ ،‬روبن‪ .)2009( .‬النظرية االجتماعية الكالسيكية‪ :‬المفاهيم الرئيسية والنقاد‪ .‬دار الفاروق للنش‪,‬رص‪.50‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ .4‬النقد الداخلي والتطورات النظرية‪:‬‬

‫تتعرض المدرسة الماركسية التقليدية للنقد الداخلي من قبل بعض العلماء والنقاد‪ ،‬الذين يرى‬
‫بعضهم أن النظريات الكالسيكية ال تعكس الواقع بشكل كافٍ‪ ،‬وبأنها تحتاج إلى تطويرات‬
‫وتحديثات لتكون قادرة على تفسير التحوالت الحديثة في المجتمعات‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬مبادئ المدرسة الماركسية التقليدية‬

‫مبادئ المدرسة الماركسية التقليدية تشمل مجموعة من األفكار الرئيسية التي وضعها كارل‬
‫ماركس وفريدريش إنجلز‪ ،‬وتشكل أساس فهمهم للتاريخ واالقتصاد والسياسة والثقافة‪ .‬تتمحور‬
‫هذه المبادئ حول الفهم النقدي للنظام الرأسمالي والسعي نحو إحداث التغيير االجتماعي من‬
‫خالل الثورة الشيوعية‪.‬‬

‫أحد أهم مبادئ المدرسة الماركسية التقليدية هي المادية التاريخية‪ ،‬والتي تقول إن تطور‬
‫المجتمعات البشرية يندرج تحت قوانين تحكمها العالقة بين اإلنسان ووسائل اإلنتاج‪ .‬تؤكد هذه‬
‫المبدأية على دور البنية االقتصادية في تحديد بقية جوانب الحياة االجتماعية والثقافية والسياسية‪.‬‬

‫ثانياً‪ ،‬يبرز مبدأ الصراع الطبقي‪ ،‬الذي يشير إلى وجود صراع دائم بين الطبقات االجتماعية في‬
‫المجتمع‪ ،‬حيث تسعى الطبقة العاملة نحو تحقيق مصالحها المعاشية وتحسين ظروفها‪ ،‬بينما‬
‫تحاول الطبقة الحاكمة الحفاظ على سيطرتها ومكانتها‪.‬‬

‫ثالثاً‪ ،‬تشدد المدرسة الماركسية التقليدية على دور الثورة الشيوعية كوسيلة لتحقيق التغيير‬
‫االجتماعي‪ ،‬حيث يعتبرون أن الثورة تمثل نقطة التحول التي تقود إلى إنشاء مجتمع شيوعي‬
‫يتمتع بالعدالة االجتماعية وتوزيع الموارد بالتساوي‪.‬‬

‫‪ .1‬مصطفى خلف عبد الجواد‪:‬مرجع سابق‪,‬ص‪.‬ص‪178-177,‬‬

‫‪13‬‬
‫كما انها تقومعلى عدة مبادئ أهمها‪* :‬أنها تعبير عن صراع طبقي ومصالح مادية‬
‫● المهم ليس فهم العالم بل العمل على تغييره‬
‫● المادة توجه العالم وتفسر التاريخ‬
‫● التاريخ عند الماركسية عبارة عن صراع بين الطبقات نتيجة عوامل اقتصادية‬
‫● االقتصاد وعالقات اإلنتاج هما أساس كل ظاهرة اجتماعية‬
‫● الدعوة لتغير العالم لصالح الكادحين (البروليتاريا)‬
‫● تفسير األحداث والتاريخ بناءا على نظام الملكية‬
‫● محاربة األديان واعتبارها وسيلة لتخدير الشعوب‪ ،‬وخادما ً للرأسمالية واإلمبريالية‬
‫● اإليمان بأزلية المادة وأن العوامل االقتصادية هي المحرك األول لألفراد والجماعات‬
‫● األخالق نسبية وهي انعكاس آللة اإلنتاج‬
‫● القضاء على االستغالل الفردي وسحق الفرد‪)1(.‬‬

‫رغم أن المدرسة الماركسية التقليدية قد تعرضت للنقد والتطور على مر العقود‪ ،‬فإنها ما زالت‬
‫تعتبر إطارً ا نظريًا هامًا لفهم التحوالت االجتماعية واالقتصادية والسياسية في العالم المعاصر‪.‬‬

‫‪ .1‬صالح الدين شروخ‪:‬مرجع سابق‪,‬ص ‪62‬‬

‫‪14‬‬
‫خاتمــــــــــــــــــــــــــة‪:‬‬

‫على الرغم من االنتشار الواسع للرأسمالية أو ما يسمى اليوم باإلمبريالية في العالم و‬


‫سيطرتها على دول العالم الثالث‪ ،‬و الذي تولدت عليه األزمة المالية الحديثة و ما خلفته من‬
‫مشاكل‪ ،‬حيث وقفت الرأسمالية حاجزا أمام تطور المجتمعات‪ ،‬عن طريق االستغالل‬
‫االجتماعي و السياسي و االقتصادي للعمال ‪ ،‬و على الرغم من انهيار اإلتحاد السوفياتي سابقا‬
‫إال أن النظرية الماركسية سواء الكالسيكية أو المحدثة استطاعت أن تترك بصمتها و تراثها ال‬
‫يزال يتجدد و ال سيما في أكبر دولة في العالم و هي الصين‪ ،‬حيث تركت إسهامات كارل‬
‫ماركس و أنصاره أثرا كبيرا في الفكر اإلنساني و دراسته للمشاكل الواقعية في العصر‬
‫الحديث و كذا المساهمة في تطور النظرية السوسيولوجية عامة‪.‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‪:‬‬

‫‪ -1‬احمد زايد‪:‬علم االجتماع‪/‬النظريات الكالسيكية و النقدية‪,‬نهضة مصر للطباعة والنشر و‬


‫التوزيع‪,2007,‬مصر‬
‫‪ -2‬صالح الدين شروخ‪:‬مدخل في علم االجتماع‪ ،‬دار العلوم للنشر و التوزيع‪,2008 ،‬مصر‬
‫‪ -3‬عبد هللا محمد عبد الرحمان‪ :‬النظرية في علم االجتماع (الكالسيكية)‪ ،‬دار المعرفة‬
‫الجامعية‪ ،2003 ،‬االسكندرية‬
‫‪ -4‬عدناني رزيقة‪ :‬الكافي في الفلسفة‪ ،‬دار الريحانة للكتب‪ ،‬ط ‪, 2010 ،3‬الجزائر‬
‫‪ -5‬مصطفى خلف عبد الجواد‪:‬نظرية علم االجتماع المعاصر‪,‬دار المسيرة للنشر و التوزيع و‬
‫الطباعة‪ ’2009 ,‬ط‪ ,1‬عمان‬
‫‪ -6‬ماركس‪ ،‬كارل‪ ،‬وفريدريش إنجلز‪ .)1845( .‬األيديولوجية األلمانية‪ .‬لورنس ووشارت‪.‬‬
‫‪ -7‬ويليامز‪ ،‬رايموند‪ .)1977( .‬ماركسية وأدب‪ .‬قاهرة‪ :‬منشورات الجمل‪.‬‬
‫‪ -8‬نيشر‪ ،‬روبن‪ .)2009( .‬النظرية االجتماعية الكالسيكية‪ :‬المفاهيم الرئيسية والنقاد‪ .‬دار‬
‫الفاروق للنشر‬
‫جامعة معسكر‬
‫كلية قسم علوم إنسانية و االجتماعية‬
‫قسم علوم إنسانية‬

‫البحث‪ :‬المدرسة الماركسية‬

‫االستاذة المشرفة‪:‬‬ ‫من إعداد الطلبة‪:‬‬


‫استاذة ‪.‬خالفي‬ ‫‪-‬‬ ‫بن شعبان عائشة‬ ‫‪-‬‬

‫فوج‪2 :‬‬
‫مدارس و مناهج‬ ‫تخصص‪:‬‬

‫السنة الدراسية‪2024-2023 :‬‬

You might also like