معنى املعجزة واملصطلحات ذات الصلة بها • املعجزة هي :أمر خارق للعادة يجريه هللا تعالى على يد مدعي النبوة لتكون دليال على صدقه وحجة على قومه. • ول33م يرد هذا املص33طلح ف33ي ن33ص م33ن نص33وص القرآ33ن الكري33م والحدي33ث النبوي ،إنم33ا جاءت فيهما ألفاظ :اآلية ،والدليل ،والبرهان ،والبينة ،ينظر على سبيل املثال اآليات التالية: ﱡﭐ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﱠ [القمر]٢ : ﱡﭐﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﱠ [القصص]٣٢ : ﱡﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺﱠ [النساء]١٧٤ : • وقال علي3ه الص3الة والس33المَ (( :م ا م َن اأْل َ ْنب َياء م ْن َنب ّي إاَّل َقد ُا ْعط َي م َن اآْل َيات َم ا م ْث ُلهُ َّ َ َ َّ ِ ُ ُ ِ ِ ْ ِ َ َِ ٍ ِ ُ َِ َ ِ َ ُ ِ َ ْ َ ُ ِ َ َ ْ َ ُِ َآم َن َع َل ْيه ْال َب َش ُرَ ،وإن َم ا كان الذي أوتيت َوح ًي ا أ ْوح ى هللا إل َّي ،فأ ْرج و أن أكون أكث َرهمْ ِ ِ ِ َ ً َ ْ َِ ْ َ َ ِ )(7 ت ِابعا يوم ال ِقيام ِة)) • ولم يستخدم كبار األئمة لهذا املعنى إال لفظ دالئل النبوة وآيات النبوة ،أما لفظ املعجزة فهي من صنيع املتكلمين ولها شروط خاصة ،فكل 3معجزة عندهم آية وبينة وبرهان وال عكس. شروط املعجزة • وللمعجزة شروط خمسة كلها متفق عليها ما عدا شرطا واحدا. • أما الشروط املتفق عليها هي :كونها خارقة للعادة ،وظاهرة عليى يد نبي ،مؤيدة لدعواه، وعجز البشر عن اإلتيان بمثلها. • وأما الشرط املختلف فيه هو اقتران املعجزة بالتحدي. • وزاد بعضهم شرط التواتر بالنسبة للقرآن ،ومنهم من خصص للقرآن شرطين فقط هما وجود التحدي ،وعجز البشر عن املعارضة باإلتيان بمثله مع وجود املقتضي وعدم املانع من املعارضة تقسيمات املعجزات • املعجزات بالنظر إلى خاصية من خواصها تقس3يمات شتى عند العلماء. • فمنه33م م33ن قس33مها إل33ى مشهورة منقرض33ة كمعجزات س33ائر األن33بياء عليه33م الص33الة والسالم ومتواترة باقية كالقرآن. • ومنه3م م3ن قس3مها إل3ى معنوي3ة – وال مثال له3ا س3وى القرآ3ن – وحس3ية ،والحس3ية منقس3مة أيض3ا إلى س33ماوية وذل33ك كانشقاق القم33ر ،وأرضي33ة ،واألرضي33ة منقس33مة أيض33ا إل33ى م33ا يتعل33ق باإلنسان كدعاء الن33بي ص33لى هللا 3علي33ه وس33لم لبع33ض الص33حابة بالشفاء والفق33ه ف33ي الدي33ن ،وم33ا يتعلق بالحيوانات كجمل جابر رضي هللا عنه ،وما يتعلق بالجمادات كتكثير الطعام واملياه ،واإلخبار بالغيبيات وسيأتي تفصيلها. • ومنه3م م3ن قس3مها إل3ى متحدى به3ا فعال كالقرآ3ن ومتحدى به3ا إمكان3ا وقوة كس3ائر معجزات الن3بي صلى هللا عليه وسلم الحسية. • ومنهم من قسمها إلى متواترة مكفرة وآحادية مفسقة. • ومنه33م م33ن قس33مها إل33ى جاري33ة عل33ى س33نن هللا 3الروحاني33ة كبع33ض معجزات عيسى علي33ه الس33الم ،وغير جارية على سنن هللا الكونية كاآليات التسع ملوسى عليه السالم. • واملعجزة م3ع كونه3ا آي3ة لص3دق الرس3ول فه3ي عام3ل لزيادة اإليمان ،وآي3ة م3ن رحم3ة هللا 3بأم3ة محم3د صلى هللا 3علي33ه وس33لم وتكريم33ا له33م ويشم33ل هذا الخي33ر كال النوعي33ن م33ن املعجزات :املعنوي33ة والحس33ية ،ففي القرآن يقول جل وعال: • ﱡﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨﱠ [األنفال.]٢ : • وحوادث كتكثي3ر الطعام واملياه ف3ي الغزوات وغيره3ا املروي3ة ف3ي األحادي3ث الص3حيحة م3ا ه3ي إال دلي3ل رحمة وتكريم من هللا ألمة الرسول صلى هللا عليه وسلم. اإلعجاز الغيبي في السنة النبوية • سبق أن قلنا أن من العلماء من قسم املعجزات إلى سماوية وأرضية ،وأن املعجزات األرضية منقسمة إلى أنواع وذ3لك بالنظر إلى تعلقاتها ومن هذه األنواع ما يسمى باملعجزة الغيبية أو اإلعجاز الغيبي، • واملراد به إخباره صلى هللا عليه وسلم بأمر في األرض يعد من الغيبيات، • وقد يكون حادثا في الزمن املاضي كإخباره عن اإلمم السابقة. • أو في زمانه عليه الصالة والسالم ولكنه لم يقع وقت إخباره أو وقع ولكنه في منطقة بعيدة منه كإخباره بهزيمة الفرس على يد الروم ووصفه عن بيت املقدس عند سؤال قومه عنه. • أو يكون ما أخبر به حوادث ستحدث في املستقبل كأخبار الفتن وعالمات القيامة الكبرى. اإلعجاز العلمي • ه3و إخبار القرآ3ن الكري3م أ3و الس3نة النبوي3ة بحقيق3ة أثبته3ا العل3م التجري3بي وثب3ت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشرية في زمن الرسول صلى هللا عليه وسلم. • وه33و غي33ر التفس33ير العلم33ي أل33ن التفس33ير العلم33ي ه33و الكش33ف ع33ن معان33ي اآلي33ة أ33و الحدي33ث في ضوء ما ترجحت صحته من نظريات العلوم الكونية. أهم القواعد املتعلقة بأبحاث اإلعجاز العلمي في السنة النبوية ألبحاث اإلعجاز العلمي قواعد وضوابط كثيرة ومن أهمها ما يلي: • القاعدة األولى :ثبوت الحدي3ث وداللت3ه وفق3ا للقواع3د املتب3ع عن3د املحدثي3ن ف3ي الحك3م على الحدي 33ث بالص 33حة أ 33و الضع 33ف ،والقواع 33د املتب 33ع عن 33د األص 33وليين ف 33ي اس 33تنباط الحكم واالستدالل من النص. • القاعدة الثانية :ثبوت الحقيق33ة العلمي33ة وذل33ك م33ن خالل التجرب33ة العلمي33ة الت33ي قام بها علماء متخصصون في املجال العلمي. • القاعدة الثالثة :وجود التواف3ق بي3ن دالل3ة الحدي3ث النبوي املس3تنبطة بالقواع3د الصحيحة والحقيقة العلمية املثبتة بالتجربة الصحيحة بدون أي تكلف في الجانب اللغوي. النموذج األول :عجب الذنب • ع3ن أ3بي هريرة ضي هللا عن3ه أ3ن س3ول هللا ص3لى هللا علي3ه وس3لم قالُ « :ك ُّل ْابن َآد َم َي ْأ ُك ُلهُ ِ َّ ُر َ َّ اَّل ر ُّ ُ َ ُ َ َ ُ ْ َ ْ َ ُ َ الترابِ ،إ عجب الذن ِب ِمنه خ ِلق و ِف ِيه يركب » • وعج3ب الذن3ب عظ3م لطي3ف ف3ي أس3فل الص3لب عن3د العج3ز وه3و العس3يب عن3د الدواب ،وهو رأس العصعص ،ومكان رأس الذنب من ذوات األربع. • وظاهر الحديث يدل على أن عجب الذنب ال يبلى. • وم3ن العلماء م3ن يرى أ3ن عج3ب الذن3ب يبل3ى أيض3ا واملراد م3ن الحدي3ث أن3ه يبق3ى طويال بعد فناء سائر الجس3د ثم يفنى ،وهذا املعنى الثاني وإن كان خالف الظاهر ،إال أنه قد دل عليه عموم قوله تعالى: ﱡﭐ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱠ [الرحمن.]٢٧ – ٢٦ : • ويوج3ه الحدي3ث عن3د م3ن ذه3ب إلى املعن3ى الثاني أ3ن ((إال)) ف3ي الحديث ال تفيد االس3تثناء بل تفيد العطف مثل الواو ،ويكون معنى الحديث :يفنى من اإلنسان كل شيء وعجب الذنب. • ولك3ن يرد هذا التوجي3ه م3ا ف3ي رواي3ة همام عن3د مس3لم م3ن التص3ريح بأ3ن األرض ال تأكل3ه أي عج33ب الذن33ب ،وكذل33ك مفهوم رواي33ة األعرج عن33د الشيخي33ن بأن33ه يبق33ى حي33ث يرك33ب منه املخلوق يوم القيامة بعد فنائه. • وظاه3ر الحدي3ث أيض3ا يدل عل3ى أ3ن جس3د اإلنس3ان يبل3ى ،ويرى بع3ض العلماء أ3ن هذا النص عام مخصوص بأجساد األنبياء والشهداء واملؤذن املحتسب ،فإنها ال تبلى أيضا. • ويأت33ي الحدي33ث ع33ن عج33ب الذن33ب ف33ي س33ياق الكالم ع33ن النف33خ ف33ي الص33ور ،والبعث ،وفناء اإلنس33ان ،ويظه33ر هذا األم33ر جلي33ا بالنظ33ر إل33ى ص33نيع األئم33ة عندم33ا ترجموا لهذا الحدي33ث في كتبه3م ،فق3د أخرج3ه البخاري ف3ي تفس3ير اآلي3ة الثامن3ة عشرة م3ن س3ورة النباء ،ومس3لم في كتاب الفتن وأشراط الساعة ،وأبو داود في البعث والصور ،وابن ماجه في ذكر القبر والبلي.، • ويفه3م م3ن هذا أ33ن بقاء عج3ب الذن33ب إنم33ا يدل عليه33ا ظاه33ر الن3ص الذي يحتم33ل أيض3ا معنى آخ3ر كم3ا تقدم ،بينم3ا الحدي3ث ذات3ه ن3ص ف3ي النفختي3ن والبع3ث بع3د املوت ،وه3و أمر ال خالف ْ فيه ،فالنص إذن في استدالله على بقاء عجب الذنب ظني ثبوتا وداللة. • وف33ي مجال عل33م األجن33ة اكتش33ف م33ا يس33مى بمح33ث الجنيني33ة ( )Embryonic inductionوهو عبارة ع33ن شري33ط أول33ي ال يبل33ى ويرك33ب من33ه الجني33ن ،وق33د نال مكتشف33ه د .هان33س سبيمان ( )Hans Spemannعل33ى جائزة نوب33ل عام 1935ميالدية .والكثي33ر م33ن باحث33ي اإلعجاز العلمي يصرح بأن هذا يشبه تماما بعجب الذنب الوارد في الحديث السابق ،وهللا أعلم. النموذج الثاني :وقوع الذباب في اإلناء ُ َ َ ْ َ َ َّ َ َ َ َ َ ُّ الذ َبابُ َ َ ُ َ ْ َ َ َ َ َّ ُ َ ْ ُ َ ُ ُ َ َ َّ ُّ َ َّ ض ْي الله عن ُه ،ي ْقول :ق َال الن ِبي صلى هللا علي ِه وسل ُم«ِ :إذا وقعِ ر ةر ي ر َ ه ي ب أ عن • ً َ َ ْ َ ََ َْ َ ً َ ْ َّ ُ ْ َ َّ ُ ْ َ ُ ْ َ َ ْ َ َ اب أح ِدكم فليغ ِمسه ثم ِلين ِزعه ،ف ِإن ِفي ِإحدى جناحي ِه داء واألخرى ِشفاء» ِفي شر ِ • قول33ه( :الذباب) نوع م33ن الحشرات ،ولف33ظ ذباب مفرد 3جمع33ه أذبة وذبان ،ويقال مفرده ذباب33ة ،وس33مي ذباب33ا لكثرة حركت33ه واضطراب33ه ،وقول33ه( :شراب أحدكم) ويدخ33ل ف33ي معنى الشراب جمي 33ع املائعات ،وف 33ي رواي 33ة إس 33ماعيل ب 33ن جعف 33ر عن 33د البخاري (إناء أحدكم) فيدخ3ل في3ه أيض3ا م3ا يوض3ع ف3ي اإلناء م3ن الطعام ،وهذا املفهوم ق3د جاء ص3ريحا ف3ي حديث أبي سعيد الخدر3ي رضي هللا عنه كما عند اإلمام أحمد ( ،17/284رقم )11189 :عن النبي ص3لى هللا 3علي3ه وس3لم (( :إذا وقع الذباب في طعام أحدكم فامقلوه )) وإس3ناده صحيح ، قول33ه( :فليغمسه) األم33ر في33ه إرشادي حي33ث قوب33ل في33ه الداء بالدواء ،وف33ي رواي33ة إسماعيل ب33ن جعف33ر زيادة لف33ظ (كله) بع33د قول33ه فليغمس33ه وه33ي تفي33د رف33ع توه33م املجاز في االكتفاء بغمس بعضه فقط. • وظاهر الحديث يدل على عدم تضرر املاء والطعام بوقوع الذباب فيه إذا تم غمسه كليا وثم طرحه بعده. • وعلة ذلك كما ذكر في الحديث حمل الذباب في إحدى جناحية من الشفاء. • واستنبط الفقهاء من مفهوم الحديث أحكاما منها عدم إباحة أكل الذباب ألن الرسول صلى هللا عليه وسلم أمر بطرحه بعد غمسه في املاء) ،(29وأن قليل 3املاء ال ينجس بوقوع ما ليس له نفس سائلة كالذباب. • ومن العلماء من يقول بأن ما يعم وقوعه في املاء كالذباب والبعوض ال ينجس3ه بخالف ما ال يعم وقوعه في املاء كالعقارب. • واستشكل ابن دقيق العيد إلحاق غير الذباب به في الحكم ألن علة الحكم في نظره قاصرة في الذباب فقط وهي عموم البلوى به وأن في إحدى جناحيه داء وفي األخرى شفاء).(30 • ويظهر مما سبق أن معظم األحكام الفقهية املستنبطة من الحديث إنما تستنبط من مفهومه ،وأن عدم تضرر الشراب أو الطعام بوقوع الذباب فيهما – وهو يتضمن فائدة طبية – يؤخذ من ظاهر الحديث، • فلذلك قال أبو الطيب الطبري :لم يقصد النبي صلى هللا عليه وسلم بهذا الحديث بيان النجاسة والطهارة وإنما قصد بيان التداوي من ضرر الذباب ،وتعقبه الحافظ ابن حجر بقوله :وهو كالم صحيح إال أنه ال يمنع أن يستنبط منه حكم آخر. • قال الباحث :فمما سبق يفهم سر إخراج اإلمام البخاري للحديث في موضعين من صحيحه األول في بدء الخلق ،والثاني في الطب ،ويبدو لي أن الحديث سيق في بيان املخرج مما يعم به البلوى من الحشرات الضارة وهو مثل حالة الطوارئ عند حدوث شيء متكرر يشق التجنب منه ،وأنه ال حاجة إلراقة الشراب أو إلقاء الطعام في مرمى القمامات فيؤدي ذلك إلى إتالف األموال والتبذير املمقوت إذا سقط فيه هذا النوع من الحشرات وخاصة في بيئة يعز فيها الحصول على الطعام واملاء ،وترتفع نسبة الفقراء املساكين فتنكسر قلوبهم برؤية األطعمة امللقاة في املزبالت وهم في أمس حاجة إليها. • أما معنى الداء والشفاء في جناحي الذباب ففيه اتجاهان عند العلماء، • األول حمله على الظاهر، • والثاني يؤول الداء إلى معنى آخر وهو ما يحدث في نفس اآلكل من التفرز والتقدر للطعام إذا وقع فيه الذباب ،والدواء رفع التفرز والتكبر بغمسه كله في الطعام وقلة املباالة بوقعه فيه ،ورد بعضهم هذا التأويل ووصفه بالتكلف في تحميل النص ما ال تحمله. • أثبت الدراسات العلمية بأن الذباب وخاصة الذباب املنزلي ناقل للعديد من الجراثيم املرضية مثل البكتريا والفطريات والطفيالت والفايروسات بين اإلنس3ان والحيوان ،وكتب في ذلك أبحاث كثيرة. • وبجانب ذلك كتب العديد من الباحثين املسلمين في فوائد الذباب طبيا ،ويقال أن في الذباب فيروس يسمى بـ البكتريوفاج ( )bacteriophageوهذا الفيروس قاتل لجراثيم معينة مسببة لبعض األمراض ،وأنه قد استخدم الذباب في مرحلة معينة من الزمن لغرض العالج من القرحات املزمنة. • وأيا كانت النتائج الحاصلة من الدراسات واألبحاث العلمية الحديثة ،فإنها قد أكدت وجود السم وضده في الذباب وهو ما صرح به الحديث النبوي قبل أربعة عشر قرنا، وهناك أمور يجب التنبه بها وهي أن الحديث السابق لم يدع أحدا إلى صيد الذباب ووضعه في عنوة في اإلناء ،ولم يشجع على ترك اآلنية مكش3وفة ،ولم يشجع على اإلهمال في نظافة البيوت والشوارع وفي حماية املنازل من دخول الذباب إليها ،وال يجبر أحدا اشمأزت نفسه عن تناول ما في إنائه بعد وقوع الذباب فيه على تناوله ،وال يمنع مقاومة الذباب وإبادته ألجل صحة الشعب ،وال يتبادر إلى ذهن أحد من علماء الدين أن الحديث يدعو إلى إقامة مزارع للذباب التهاون في محاربته. النموذج الثالث :املدة اكتمال الجنين ُ ْ َ َ ْ ُّ َ ْ مْل َ ّ ّ َ َّ َ َ ْ َ َ َ َ َ َّ َ ُ َ َّ ُ َ َ َ ْ َ َ ْ َ • ود – اًلرضي هللا س َع َ ٍ م ن ب هللا ِ د ب ع ع م ِ س ه ن أ ه ث د ح ُ ، ةل ث ِ ا و ن ب ر امِ ع ن أ ، ي ِ ك ِ ا ر ِ ي ب الز ي ب ِ أ ن ع ظ ب َغ ْيرهَ ،فأتى َر ُج منْ َ ُ ُ َّ ُّ َ ْ َ َ َ ْ ّ َ َّ ُ َ ْ ُ َ ع و ن م يد ع الس و ه م أ ن ط ب ي ف ي ق ش ن م ي ق الش : َعنه – يقول ِ ْ َ ِ ِ ِ َ ُ ِ ِ ُ َ َ ْ َ َ َّ َ ُ َ ُ َ ُ ُ َ ْ َ ُ ِ ِ ِ ِ ِ َ َّ ِ َ هللا ضي ر – ُّ ي ار ف غ ال يد س أ ن بْ ة ف ي ذ ح : ه ل ال ق ي م ل س و ه ي ل ع هللا ى ل ص هللا ل و سُ رَ اب ح ص أ ْ ِ ِ َ َ ْ َ ِ ٍ ِ ِ ِ ال َلهُ َ َ َ الَ :وك ْيف َيشقى َر ُج ٌل بغ ْير َع َمل؟ فق َ ود فق ََ َ عنه – ِ َف َح َّد َثه بذلك م ْن ق ْول ْابن َم ْسعُ َ َ َ ُ ٍ ِ ِ ِ ِ َ َِ َ ِّ ِ ُ ٍ َ ُ هللا َعل ْي ِه َو َسل َمَ ،يقو ُل (( :إذا َمرَّ َّ َ صلى ُ َّ الر ُج ُلَ :أ َت ْع َج ُب م ْن ذلك؟ فإني َسم ْعت َر ُسو َل هللا َ َّ ص َر َها ِ َوج ْل َدهاَ َ َ ِ َ َ ِ َِ َ ِ َ َ َ ً ِ ِ ص َّو َرها َوخلق َس ْم َع َها َو َب َ َ َ َ ً هللا إل ْي َها َملكا ،ف َ الن ْط َفة ث ْن َتان َوأ ْرب ُعون ل ْيلة ،ب َعث ُ َ َ ُّ ب ُّ َ َ َ َ َ َ ْ ُ ُ مْل َ َ ُ ُ َِّ ْ َ َ ْ ُ ِ َ َ َ َ َ ُ ِ َ ِ ِ َ ِ ال :يا َر ِب أذك ٌر أم أنثى؟ ف مْلي َق ِضي ُ َربك ما شاء ،ويكت ُب ا َ لك ،ثم َ ْ ّ َ َ ولحم َها و ِعظام َها ،ث َّم ق َ َ َ ْ َ َ ُ ُل َ َ ّ َ َ ُ ُ َ َ ُ ُل َ ُّ َ َ َ َ َ َ ْ ُ ُ َ ُ َّ َ ُ ُل َ َ ّ ْز ُ َ ْ ضي ب ِر َ َقه َ ،ف ُيق َ ِ َ اَل َي ُّق َو َ :يا َ ر َِب أ َ َج ْل ُه ُ ،فيمْل َق َو ُ رُب َّك َ ْما ُ ُش مْلاء َ َُ ،ويكتب َّ ا ل َك ،ثم َ يقو َ:اَل يا َ ر ُِ ربك ما شاء ،ويكتب ا لك ،ثم يخرج ا لك ِبالص ِحيف ِة ِفي ي ِد ِه ،ف ي ِزيد على ما أ ِمر و ُ َُْ ينقص )). • قوله( :النطفة) قال ابن فارس :النون والطاء والفاء أصالن أحدهما جنس من الحلي اَل نطوف: وليلة الصافي، املاء النطفة: وقال: فيه.. ويتوسع يستعار ثم وبلل، ندوة واآلخر وقال ُابن األثير تحت مادة ((نطف)) ْ :فيه اَل« َ ،... قحتى الصباحُ ،والنطاف :العر مطرت ْ َ ْ ُ َ َّ َ َ َّ ُ َ ْ َ ُّ َ َ ََْ ُ َ ُ اَل ْ َ َ ُ إْل الشرك وأهله ،حتى ي ِسير الر ِاكب بين النطفتي ِن ي ْزال ا ِ َس م ي ِزيد وأهله ،وينقص ِ َيخشى جورا » أراد بالنطفتين بحر املشرق وبحر املغرب ،يقال للماء الكثير والقليل :نطفة، وهو بالقليل أخص ،وفسرها بعض العلماء السابقين باملني ،وهي في العلم الحديث عبارة عن خلية التكاثر ( )gameteسواء كانت مؤنثة ( )ovumأو مذكرة (.)sperm • هذا الحديث حدث به الصحابي الجليل حذيفة بن أسيد الغفاري رضي هللا عنه من أجل قضية استشكلت على صحابي آخر وهو أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي رضي هللا عنه, • وهذه القضية هي كتابة شقاء اإلنسان قبل تمكنه من القيام بأي عمل ،ومن ذلك يفهم سياق الحديث. • ويمكن القول بأن الحديث في أصله نص في بيان أمر من أمور اإليمان بالقضاء والقدر، فلذلك وضعه اإلمام مسلم في كتاب القدر ،وفي أثنائه حديث عن مراحل خلق اإلنسان، فلذلك اختلفت أنظار العلماء في توجيه معناه ،فمنهم من أجراه على ظاهره ،ومنهم من أول معناه ،وذلك لتناقضه ظاهريا مع حديث عبد هللا بن مسعود املخرج في الصحيحين فالحديث ْ إذن في االستدالل به في بيان مراحل خلق اإلنسان ظني ثبوتا وداللة. • وظاهره يدل على أن تصوير الجنين وخلق سمعه وبصره وجلده ولحمه وعظامه يكون في مدة األربعين الثانية من عمر الجنين. • وقد أثبت العلم الحديث من خالل دراسات األجنة البشرية بأن مالمح اإلنسان تبدو على الجنين في اليوم الثاني واألربعين من عمره ،وأنها تكتمل بين األيام األربعين إلى الخامس واألربعين من عمر الجنين بتكون األعضاء ،ويتم طور إنش3اء الهيكل العظمي بين اليومين الثالث واألربعين والتاسع واألربعين ،ويتم طور كساء الهيكل العظمي باللحم بين اليومين الخمسين والسادس والخمسين ،ويتمايز خالل هذه الفترة كل أعضاء وأجهزة الجسم ما عدا غدد التكاثر التي يتم تكوينها من بداية األسبوع التاسع إلى آخر فترة الحمل. • واملالحظ مما سبق أن تصوير الجنين ،وخلق سمعه ،وبصره ،وجلده ،وعظامه ،ولحمه، وتحديد جنسه ،كل ذ3لك تبدأ بعد مرور األربعين األولى من عمر الجنين ،وهو موافق تماما لظاهر حديث حذيفة بن أسيد رضي هللا عنه. • وقد أول بعض العلماء حديث حذيفة بن أسيد رضي هللا عنه بتأويالت • منها :أن امللك يقسم النطفة إذا صارت علقة إلى أجزاء ،فيجعل بعضها للجلد ،بعضها للحم، وبعضها للعظام ،فيقدر ذلك كله قبل وجوده، • ومنها :يكون خلق ذلك بتصويره وتقسيمه قبل وجود اللحم والعظام، • ومنها :يكون ذلك في بعض األجنة دون بعض، • ومنها :أن بعث امللك املذكور إنما هو في األربعين الرابعة أي بعد مضي مائة وعشرين يوما من عمر الجنين، • كل هذه التأويالت كما يبدو ملن يتأملها إما بعيدة أو رجم بالغيب ال يساندها أي نص من نصوص الوحي ،وهي في الحقيقة محاولة للتوفيق بين الحديثين املتعارضين ظاهريا، • وجدير بالذكر أن كال الحديثين ليس قطعيا داللة في بيان مراحل خلق اإلنسان ،وكل منهما قابل للتأويل وحامل ألكثر من معنى ،والنقاش في ذلك تطول وتستغرق صفحات ،وهو خارج عن نطاق البحث. • ومما يالحظ في حديث حذيفة بن أسيد رضي هللا عنه أنه لم يتعرض لقضية نفخ الروح وهو ما ال سبيل إلى معرفته إال بالوحي، • وحديث ابن مسعود وإن كان فيه ذكر لنفخ الروح إال أن النص ليس صريحا في ذلك ويحتمل أكثر من معنى ,واألحاديث التي تبين وقت نفخ الروح في أسانيدها نظر. • واستنبط القاضي عياض من حديث ابن مسعود أن نفخ الروح في تمام أربعة أشهر ودخوله في الخامس ،وقال :وهذا قد جرب باملشاهدة ،وعليه يعول فيما يحتاج إليه من األحكام في االستلحاق عند التنازع ،وفي وجوب النفقات على حمل املطلقات ،وذ3لك لتيقنه بحركة الجنين في الجوف. • قال الباحث :مجرد الحركة املشاهدة ببصر إنسان عادي ال يمكن دفع ما أثبت اآلليات املعاصرة التي استطاعت مالحظة أمر أدق من مجرد حركة الجنين كنبض القلب ،وعدد السالمي وغير ذلك. • ومن العلماء من قال بأن النفخ يكون إذا تم عمر الجنين أربعة عشرة شهرا وعشر أيام، وعليه إذا سقط الجنين في مثل هذا العمر غسل وكفن ودفن وصلي عليه على خالف في ذلك بين العلماء، • وجنح بعض الفقهاء إلى ضابط آخر وهو تبين الخلقه • ومنهم من قال بمضي واحد وثمانين يوما من عمر الجنين استدنادا إلى رواية ضعيفة، وعليه حكموا بانقضاء العدة ،وعتق أم الولد إذا سقطت منها جنين تبينت خلقته أو مضى عليها من العمر واحد وثمانون يوما. • قال الباحث :فإذا كانت خلقة اإلنسان ظاهرة في الجنين قبل مرور ثمانين يوما من عمره كما أثبته الطب الحديث وعلم األجنة من خالل اآلليات املعاصرة املتقدمة فال بد من إعادة النظر في األحكام املتعلقة بهذا األمر ،وهللا أعلم.