You are on page 1of 67

‫تقريب وتهذيب‬

‫نقض المنطق‬
‫لشيخ اإلسالم ابن تيمية‬
‫رحمه هللا‬

‫عبد الباسط بن يوسف الغريب‬


‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫إن الحمد هلل‪ ,‬نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ,‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا‪ ,‬وسيئات أعمالنا‪ ,‬من يهده‬
‫اهلل فال مضل له‪ ,‬ومن يضلل اهلل فال هادي له‪ ,‬وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له؛ وأشهد‬
‫أن محمداً عبده ورسوله‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫ما اتفق عليه السابقون من علماء سلف هذه األمة من ذم المنطق والتحذير منه ‪ ,‬توصل إليه كثير‬
‫من الباحثين من أهل اإلسالم وغيرهم ‪ ,‬وخذ مثاال على ذلك بأحد الكتاب الغربين وهو" بيير دي‬
‫‪ " 3‬كل ما قاله‬‫‪ 3‬من أوائل من حمل على منطق أرسطو وكتب في ذلك كتابه المشهور‬ ‫الرامي " فهو‬
‫أرسطو فهو وهم " وكتب كذلك رسالته في األخطار الرستوطالية ‪ ,‬وهذا نذكره لندلل أن ذم‬
‫المنطق مما اتفق عليه العقالء ‪,‬وأن كثيرا من قواعده ومقدماته يرفضها العقل والفطرة ‪.‬‬
‫وممن تميز بنقد المنطق ونقضه من علماء هذه األمة شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه اهلل تعالى ؛‬
‫وقد شهد بهذا التميز كثير من الباحثين ‪.‬‬
‫وقد ذكر الشيخ سلطان العميري في كتابه " تميز ابن تيمية في نقد المنطق " (‪ )22‬األسباب ‪,‬‬
‫واألوصاف التي أوجبت تميز ابن تيمية في نقده للمنطق ‪ ,‬وقد أرجعها إلى أوجه ثمانية وهي ‪:‬‬

‫األول‪ :‬أنه تفطن ألصول المنطق الفلسفية التي بُني عليها‪ ،‬فإن كل منطق مرتبط بفلسفة معينة‬
‫يبنى على أصولها‪ ،‬ولهذا اختلفت أنواع المنطق تب ًعا الختالف أصول الفلسفات التي يمكن أن تأثر‬
‫‪ 3‬المنطق إال وتختلف النظرة‬‫فيه‪ ،‬وفي هذا يقول زكي نجيب‪ « :‬ما من موضوع من موضوعات‬
‫إليه باختالف المذهب الفلسفي األساسي الذي يتجه إليه الباحث" ‪.‬‬
‫‪ 3‬مبني على أصول مخالفة‬ ‫فابن تيمية تفطن لهذه القضية فبنى نقده على أن المنطق األرسطي‬
‫‪ 3‬في‬‫كثيرا مما ذكروه في أصولهم‬
‫‪ 3‬هذا يقول‪ « :‬تبين لي أن ً‬ ‫للشرع والعقل باطلة في نفسها‪ ،‬وفي‬
‫‪ 3‬المنطق هو من أصول الفساد في اإللهيات‪ ،‬مثل ما ذكروه من تركب الماهيات من‬ ‫اإللهيات وفي‬
‫الصفات التي سموها ذاتيات …‬
‫الثاني‪ :‬أنه استوعب مواطن الخلل في المنطق بالنقد‪ ،‬وتوسع فيه وتتبع تفاصيله‪ ،‬وهذا التوسع ال‬
‫يوجد عند غيره ممن سبقه‪ ،‬فإن من نقده منهم يكتفي باإلجمال أو التفاصيل في بعض المسائل‪،‬‬
‫ولم يستوعب المنطق في النقد‪ ،‬وهذا بخالف ابن تيمية ؛فإنه تتبع المنطق في تفاصيله فنقد المنطق‬
‫‪3‬‬
‫‪ 3‬والتصديق‪ ،‬ونقده في الدالالت وتفسيرها‪ ،‬وفي الكليات‪ ،‬وفي‬ ‫األرسطي في قسميه‪ :‬التصور‬
‫‪3‬‬
‫‪ 3‬طريقة القياس‪ ،‬وفي‬ ‫‪ 3‬تركب القياس‪ ،‬وفي‬‫‪ 3‬القضايا‪ ،‬وفي‬ ‫‪ 3‬الغرض من الحد‪ ،‬وفي‬ ‫طريقة الحد‪ ،‬وفي‬
‫‪ 3‬حتى في حقيقة المنطق‪،‬‬‫شروطه ومواده‪ ،‬بل وتكلم على الترجمة وعلى حال أرسطو ونازعهم‬
‫وأنه آلة تعصم مراعاته الذهن عن الخطأ‪ ،‬ومع هذا فابن تيمية لم ينقد كل المنطق‪ ،‬ألن المنطق‬
‫ليس كله باطلًا‪ ،‬وهذا الكالم يوضحه ما سيأتي بعده‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬تنوع الجهات التي ينقد ابن تيمية منها المنطق‪ ،‬فإنه في نقده للمنطق حاول أن يستوعب‬
‫الجهات التي يمكن نقد المنطق منها‪ ،‬فهو تارة ينقده لبطالنه‪ ،‬وتارة ينقده لعدم فائدته‪ ،‬وتارة ينقده‬
‫لطول مقدماته‪ ،‬وتارة ينقده الشتباه الحق فيه بالباطل‪ ،‬وتارة ينقده لعدم موافقته للغة العرب‪ ،‬وتارة‬
‫ينقده لعدم موافقته للغاية من العلم في الشريعة‪ ،‬وتارة ينقده لعدم موافقته للفطر ولتعامل الناس في‬
‫حياتهم ‪ ,‬وال تكاد توجد هذه الجهات مجموعة عند غير ابن تيمية‬
‫واجتماع هذه الجهات في نقد المنطق عند ابن تيمية أوجبت أمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬جعلته من أعدل الناس في نقده للمنطق فهو ينقد المنطق ال ألجل أنه منطق أو ألجل أنه‬
‫‪ 3‬فحسب ‪..‬‬ ‫علم دخيل‪ ،‬أو ألجل شخص أرسطو‬
‫‪ 3‬في البيان وهذا بخالف من نقد المنطق لكونه مدخ ً‬
‫ال للفلسفة‬ ‫والثاني‪ :‬قوة في الحجة ووضوح‬
‫‪ 3‬والسلف الصالح‪ ،‬أو ألجل‬ ‫ومدخل الشر شر‪ ،‬أو لكون المنطق لم يعرفه الصحابة والتابعون‬
‫حدوث مصطلحاته‪ ،‬فابن تيمية يبين حجته في نقده ويوضح قوله ال لمجرد هذه االعتبارات فقط‪.‬‬

‫الرابع‪ :‬ذكره آلثار المنطق والتنبيه عليها‪ ،‬فإنه لما ذكر خطأ المناطقة في الماهيات‪ ،‬وأنها إنما‬
‫‪ 3‬سابقة على وجودها‪ ،‬ذكر ما ترتب على هذا من أغالطهم كشبهة‬ ‫تتركب من الذاتيات وكونها‬
‫التركيب في نفي الصفات‪ ،‬ومسألة األلفاظ التي تطلق على الخالق وعلى العبد هل هي مقولة‬
‫‪ 3‬وغيرها من المسائل‪ ،‬ولما ذكر خطأهم في الكليات من جهة قولهم‬ ‫‪ 3‬أم باالشتراك؟‬
‫بالتواطؤ‬
‫‪ 3‬الخارجي ذكر ما ترتب على‬ ‫‪ 3‬الذهني والوجود‬ ‫‪ 3‬في الخارج‪ ،‬وكونهم لم يفرقوا بين الوجود‬ ‫بوجودها‬
‫‪ 3‬اهلل‪ ،‬وكون اإليمان ال يزيد وال ينقص‪،‬‬ ‫قولهم هذا من أغالط كمسألة األحوال ومسألة حقيقة وجود‬
‫وذكر أثره في بعض مسائل أصول الفقه‪ ،‬كمسألة الواجب المخير‪ ،‬ومسألة األمر بالشيء المطلق‬
‫هل هو أمر بكل جزئياته أم ال؟ وغيرها من المسائل‪ ،‬ولهذا فإنه لما ذكر القول الصحيح في وجود‬
‫‪ 3‬وجود ذهني قال‪ « :‬وهذا األصل ينفع في عامة العلوم‪ ،‬فلهذا يتعدد ذكره في‬ ‫الكليات وأن وجودها‬
‫كالمنا بحسب الحاجة إليه فيحتاج أن يفهم في كل موضع يحتاج إليه فيه‪ ،‬كما تقدم‪ ،‬وبسبب الغلط‬
‫كثيرا مما دخل‬
‫‪ 3‬الرب تعالى …… ومن علم هذا علم ً‬ ‫‪ 3‬من الناس‪ ،‬حتى في وجود‬ ‫فيه ضل طوائف‬
‫‪ ، … 3‬وما ذكروه من الفرق بين الذاتيات‬ ‫في المنطق من الخطأ في كالمهم في الكليات والجزئيات‬
‫‪ 3‬للماهية‪ ،‬وما ادعوه من تركيب األنواع من الذاتيات المشتركة المميزة التي يسمونها‬ ‫واللوازم‬
‫الجنس والفصل‪ ،‬وتسمية هذه الصفات أجزاء الماهية‪ ،‬ودعواهم أن هذه الصفات التي يسمونها‬
‫‪ 3‬في األعيان الموجودة في‬ ‫‪ 3‬جمي ًعا‪ ،‬وإثباتهم‬‫‪ 3‬الذهني والخارجي‬ ‫أجزاء تسبق الموصوف في الوجود‬
‫‪ 3‬التي تقود من‬‫الخارج حقيقة عقلية مغايرة للشيء المعين الموجود‪ ،‬وأمثال ذلك من أغاليطهم‬
‫اتبعها إلى الخطأ في اإللهيات ‪.‬‬
‫‪ 3‬عند ابن‬ ‫الخامس‪ :‬ذكره للبديل عن المنطق في الحد وفي القياس‪ ،‬وهو ما يسمى بالجانب اإلنشائي‬
‫تيمية‪ ،‬فإن ابن تيمية لم يكن نقده للمنطق نقدًا مجردًا‪ ،‬بل كان نقدًا و ِبنَا ًء في نفس الوقت‪ ،‬فقد‬
‫تكون‬
‫‪ِّ 3‬‬ ‫استطاع ابن تيمية أن ينثر في كتابه "الرد على المنطقيين" وغيره من كتبه قواعد وأصول‬
‫بمجموعها نظرية علمية في المنطق من الحدود واألقيسة واالستدالل وطرقه وأقسامه‪ ،‬وقواعد‬
‫في طبيعة المعرفة البشرية المطلوبة‪ ،‬وهذه الجهة في التميز أشاد بها علي سامي النشار‪ ،‬فإنه‬
‫يعتبر من أول من تنبه لها‪ ،‬ولهذا قسم نقد ابن تيمية للمنطق إلى جانب هدمي وإلى جانب إنشائي ‪.‬‬
‫‪ 3‬أو في‬ ‫السادس‪ :‬أن ابن تيمية سبق غيره ممن جاء بعده سواء في تقعيد بعض األفكار وإنشائها‬
‫تفعيل بعضها وتطويرها‪ ،‬ومن هذه األفكار‪:‬‬
‫‪ 3‬على ذكر الخواص‪ ،‬وهذه الفكرة لم يتفرد بها ابن تيمية‪ ،‬ولكنه تميز‬ ‫األولى‪ :‬قصر التعريف‬
‫أيضا‪ ،‬وهم قد سبقوا أصحاب المنطق‬ ‫بتفصيلها وتطويرها‪ ،‬وإال فإن المتكلمين قد قالوا بها ً‬
‫‪ 3‬بقصر االستقراء على الخواص‪.‬‬ ‫الحديث في قولهم‬

‫‪ 3‬في المعرفة‪ ،‬فليس هناك في الحقيقة من تكلم فيها قبل العصور‬ ‫والثانية‪ :‬تفعيله للمنهج التجريبي‬
‫الحديثة بما تكلم به ابن تيمية في هذا المنهج‪.‬‬
‫‪ 3‬المفرد ال يسمى‬‫‪ 3‬أن التصور‬ ‫والثالثة‪ :‬إنكاره لفكرة التصور المفرد الخالي عن كل قيد‪ ،‬وقرر‬
‫‪ 3‬وراءه حكم مكون من محمول وموضوع‪،‬‬ ‫عل ًما‪ ،‬وال يتعلق به اإلدراك‪ ،‬وهو يرى أن كل تصور‬
‫‪ 3‬الذين اكتشفوا األحكام الممكنة‬
‫‪ 3‬كوزان" ومدرسته من المناطقة السيكلوجيين‬ ‫وبهذا سبق "فيكتور‬
‫وعملها في تكوين التصورات‪.‬‬
‫‪ 3‬في الدليل وتفعيله لها‪ ،‬فإن الحقيقة المعتبرة في كل دليل عند ابن تيمية هي‬
‫والرابعة‪ :‬فكرة اللزوم‬
‫اللزوم‪ ،‬فكل ما استلزم شي ًئا ما فهو دليل عليه‪ ،‬وكل من عرف أن هذا الز ًما لهذا استدل بالملزوم‬
‫على الالزم‪ ،‬وبهذا أبطل أن يكون القياس األرسطي هو الصورة الوحيدة للبراهين‪ ،‬وهو بهذا قد‬
‫سبق المناطقة المحدثين في نقدهم للقياس األرسطي من هذه الجهة‪.‬‬

‫السابعة‪ :‬ومما يدل على تميّز ابن تيمية أنه ر ّكز في نقده على بيان خصوصية المنطق‬
‫منهجا يعمم على كل الناس‪ ،‬وهذا يبطل فكرة‬ ‫األرسطي‪ ،‬وأنه منهج خاص ال يصلح أن يكون ً‬
‫‪ 3‬للعلم عند كل الناس إال طريقه‪ ،‬وقد بين ابن تيمية‬ ‫أرسطو التي أرادها لمنطقه‪ ،‬وأنه ال طريق‬
‫‪ 3‬بثالثة طرق‪:‬‬ ‫خصوصية منطق أرسطو‬
‫‪ 3‬هو في حقيقته اصطالح خاص به بنى الحقائق على‬ ‫األول‪ :‬أن المنطق الذي جاء به أرسطو‬
‫مقتضاها‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬أن المنطق األرسطي يبنى على مقتضى اللغة اليونانية‪.‬‬
‫‪ 3‬فقط‪.‬‬
‫‪ 3‬ليخدم علومهم‬ ‫والثالث‪ :‬أنهم قالوا بالمنطق‬
‫أما بالنسبة لألمر األول وهو أن المنطق هو في الحقيقة اصطالح خاص بأرسطو بنى الحقائق‬
‫‪ 3‬ومتبعوه جعلوا الحقائق تابعة الصطالحهم‪ ،‬ففرقوا بين الحقائق‬ ‫العلمية على مقتضاها‪ ،‬فأرسطو‬
‫‪ 3‬الخاصة بهم‪ ،‬وحقيقة هذا الفعل هو أن الحقائق العلمية تكون تابعة‬ ‫العلمية الخارجية بمصطلحاتهم‬
‫لمصطلحات الناس‪ ،‬واالصطالحات تابعة للتصورات‪ ،‬فعلى هذا تكون الحقائق الخارجية تابعة‬
‫‪ 3‬عنها‪ ،‬ومن المعلوم بداهة أن الحقائق الخارجية المستغنية عنا ال تكون تابعة‬ ‫لتصوراتنا‬
‫‪3‬‬
‫‪ 3‬تابعة لها‪ ،‬ولهذا لما ذكر ابن تيمية بطالن تفريقهم بين الذاتي والعرضي‬ ‫‪ 3‬بل تصوراتنا‬ ‫لتصوراتنا‪،‬‬
‫‪ 3‬إال في مجرد االصطالح‪ ،‬قال‪ « :‬وهذا وضع مخالف لصريح‬ ‫المالزم وأنه في الحقيقة ال فرق‬
‫العقل‪ ،‬وهو أصل صناعة الحدود الحقيقية عندهم‪ ،‬فتكون صناعة باطلة؛ إذ الفرق بين الحقائق ال‬
‫يكون بمجرد أمر وضعي بل بما هي عليه الحقائق نفسها ‪.‬‬
‫‪ 3‬أنه كتب على مقتضى اللغة‬ ‫وأما األمر الثاني الذي يدل على خصوصية المنطق األرسطي‬
‫اليونانية‪ « :‬وال يقول أحد إن سائر العقالء يحتاجون إلى هذه اللغة » ‪ ,‬وال إلى شيء من قواعدها‬
‫‪ 3‬المنطق ال تجوز في اللغة العربية‪،‬‬ ‫خاصة وأنه قد اعترف الفارابي وابن سينا بأن بعض قضايا‬ ‫ّ‬
‫ومثل اعتراف الفارابي بأن من إشكاليات الترجمة عدم وجود ألفاظ في العربية ما عند اليونان ‪.‬‬
‫‪ 3‬وضع منطقه لتقاس به العلوم‬ ‫‪ 3‬التي تبين خصوصية منطق أرسطو‪ :‬أن أرسطو‬ ‫والثالث من األمور‬
‫التي يطلبونها وهي العلوم الكلية؛ ألنه ظن أنها منتهى العلوم وأكملها‪ ،‬وأما العلوم الشرعية فلم‬
‫‪ 3‬هذا يقول ابن تيمية‪ « :‬معلمهم وضع منطقهم ليزن به ما يقولونه من هذه‬ ‫يضع المنطق لها‪ ،‬وفي‬
‫األمور التي يخوضون فيها ‪...‬‬
‫فإما أن يوزن بهذه الصناعة ما ليس من علومهم وما هو فوق قدرهم‪ ،‬أو يوزن بها ما يوجب‬
‫‪ 3‬والنجاة من العذاب األليم‪ ،‬فهذا أمر ليس هو فيها ‪.‬‬ ‫السعادة والنعيم‬
‫الثامنة‪ :‬ومما يميّز ابن تيمية في نقده للمنطق أنه استغل تناقض حال المناطقة مع منطقهم‬
‫منهجا‬
‫ِأن يكون ً‬ ‫واعترافهم بصعوبته وعسره‪ ،‬فقد ركز على هذا في بيان عدم صالح المنطق ل ْ‬
‫‪ 3‬يصحح به طريقة التفكير (‪.)1‬‬ ‫ومعيارا‬
‫ً‬ ‫للعلم‬

‫‪ 3‬في نقد المنطق " (‪ )22‬بتصرف يسير ‪.‬‬


‫(?)" تميز ابن تيمية‬ ‫‪1‬‬
‫وقد لخص شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه اهلل كالمه في نقض المنطق فقال ‪ :‬فاعلم أنهم بنوا‬
‫المنطق على الكالم فى الحد ونوعه والقياس البرهانى ونوعه قالوا ألن العلم إما تصور وإما‬
‫تصديق ؛فالطريق الذى ينال به التصور هو الحد والطريق الذى ينال به التصديق هو القياس‪.‬‬
‫فنقول ‪:‬الكالم فى أربع مقامات مقامين سالبين ومقامين موجبين ‪.‬‬
‫‪ 3‬المطلوب ال ينال إال بالحد ‪.‬‬ ‫‪ 3‬أن التصور‬ ‫فاألوالن أحدهما‪ :‬فى قولهم‬
‫و الثانى‪ :‬أن التصديق المطلوب ال ينال إال بالقياس ‪.‬‬
‫‪ 3‬يفيد العلم‬
‫‪ 3‬وأن القياس أو البرهان الموصوف‬ ‫واآلخران فى أن الحد يفيد العلم بالتصورات‬
‫بالتصديقات (‪.)2‬‬
‫‪ , 3‬وما يتعلق‬ ‫وعلى ذلك قمت بمحاولة جمع وجوه النقد التي ذكرها على الحد والقياس البرهاني‬
‫بها من مسائل من المجلد التاسع من مجموع الفتاوى ‪ ,‬والذي خصصه الشيخ ابن القاسم رحمه اهلل‬
‫في الكالم على المنطق ‪ ,‬وكذلك من كتاب شيخ اإلسالم " الرد على المنطقيين " وقد قسمته إلى‬
‫ثالثة أقسام ‪:‬‬
‫الرد العام ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪.3‬‬ ‫الكالم على الحد وإفادته التصور‬ ‫‪-2‬‬
‫‪.3‬‬‫الكالم على القياس البرهاني وإفادته التصديق‬ ‫‪-3‬‬
‫وقد ذكرت قبل ذلك ملخصا سهال في خالصة علم المنطق ‪ ,‬تسهيال لفهم بعض مصطلحات‬
‫هذا الفن ‪.‬‬
‫وهذا العلم وإن كان كما ذكر شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه اهلل ال يحتاج إليه طالب العلم ابتداء ؛‬
‫لكن قد يحتاج إليه في رد شبهات من يستخدمه للتشكيك في عقيدة السلف وإلقاء الشبهات ‪.‬‬
‫وقد ذكر رحمه اهلل حال طالب العلم مع هؤالء فقال ‪ :‬وإما أن يمتنع عن موافقتهم في التكلم بهذه‬
‫‪.3‬‬‫األلفاظ نفيا وإثباتا ؛ فإن امتنع عن التكلم معهم فقد ينسبونه إلى العجز واالنقطاع‬
‫‪ 3‬الجهال‬ ‫وإن تكلم بها معهم نسبوه إلى أنه أطلق تلك األلفاظ التي تحتمل حقا وباطال ‪ ,‬وأوهموا‬
‫‪ 3‬أن إطالق تلك األلفاظ يتناول المعاني الباطلة التي ينزه اهلل عنها (‪.)3‬‬ ‫باصطالحهم‬
‫وقال أيضا ‪ :‬وبعض الناس يكون كلما كان الطريق أدق وأخفى وأكثر مقدمات وأطول كان أنفع‬
‫له لأن نفسه اعتادت النظر فى الأمور الدقيقة ؛فإذا كان الدليل قليل المقدمات أو كانت جلية لم‬
‫‪ 3‬لعادته ال‬‫تفرح نفسه به‪ ,‬ومثل هذا قد تستعمل معه الطرق الكالمية المنطقية وغيرها لمناسبتها‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ 3‬عليها مطلقا‪.‬‬
‫لكون العلم بالمطلوب متوقفا‬

‫(?)مجموع الفتاوى (‪)83|9‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?)"درء تعارض العقل والنقل" (‪)1/133‬‬ ‫‪3‬‬

‫(?)مجموع الفتاوى (‪)213|9‬‬ ‫‪4‬‬


‫(‪)5‬‬
‫مقدمة في علم المنطق‬

‫علم المنطق ‪ :‬هو علم يبحث عن القواعد العامة للتفكير الصحيح ‪.‬‬
‫العلم ‪ :‬هو انطباع صورة الشيء في الذهن ‪:‬‬
‫‪.3‬‬‫‪ 3‬والتصديق‬ ‫ينقسم العلم إلى قسمين هما ‪ :‬التص ّور‬

‫‪ -1‬التص ّور ‪:‬‬


‫هو إدراك الشيء ‪.‬أو إدراك بسيط لمعنى واحد مفرد كأن يتصور اإلنسان معنى ( شجرة )‬
‫(شمس) أو بعبارة أخرى ‪ :‬استثبات معنى شيء مفرد في الذهن ‪.‬‬

‫‪ -2‬التصديق ‪:‬‬
‫‪ 3‬أن (‬
‫‪ 3‬فيه شيئين أو معنيين بينهما عالقة ما ؛ كأن تتصور‬
‫هو االعتقاد بالشيء ‪ .‬أو إدراك تتصور‬
‫الشجرة خضراء ) أو أن ( الشمس مضيئة ) أو بعبارة أخرى ‪ :‬إدراك معقد فيه حكم شيء على‬
‫شيء ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ 3‬والنظري‬‫ينقسم كل من التصور والتصديق إلى قسمين هما ‪ :‬الضروري‬
‫‪ : 3‬وهو اإلدراك البديهي الذي ال يتطلب تفكيرًا ‪.‬‬
‫الضروري‬ ‫‪-1‬‬
‫النظري ‪ :‬هو اإلدراك غير البديهي والذي يتطلب تفكيرًا ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫أمثلة ‪:‬‬
‫‪.3‬‬ ‫التصور الضروري ‪ :‬كتصورنا معنى الشيء وتصورنا معنى الوجود‬ ‫‌أ‪-‬‬
‫‪ 3‬حقيقة الكهرباء ‪.‬‬‫‪ : 3‬كتصورنا‬
‫‌ب‪ -‬التصور النظري‬
‫‪ 3‬بأن الواحد نصف االثنين ‪.‬‬‫‌ج‪ -‬التصديق الضروري ‪ :‬كتصديقنا‬
‫‪3‬‬
‫‪ 3‬بأن زوايا المثلث تساوي‬
‫‪ : 3‬كتصديقنا بأن األرض متحركة وتصديقنا‬ ‫التصديق النظري‬ ‫‌د‪-‬‬
‫زاويتين قائمتين ‪.‬‬

‫الداللة‬
‫هي ما يوجب إدراك شيء بسبب إدراك شيء مالزم له ‪.‬‬

‫أقسامها ‪:‬‬
‫‪ 3‬التالية ‪:‬‬
‫تنقسم الداللة إلى األقسام‬
‫الداللة العقلية اللفظية – مثل ‪ :‬داللة سماع الصوت خارج الدار على وجود متكلم‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ 3‬نار ‪.‬‬
‫الداللة العقلية غير اللفظية – مثل ‪ :‬داللة رؤية الدخان على وجود‬ ‫‪-2‬‬
‫الداللة الطبيعية اللفظية – مثل ‪ :‬داللة لفظ (آخ) على التألم ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ 3‬الحمى ‪.‬‬‫الداللة الطبيعية غير اللفظية – مثل ‪ :‬داللة سرعة حركة النبض على وجود‬ ‫‪-4‬‬
‫الداللة الوضعية غير اللفظية – مثل ‪ :‬داللة إشارات السير الكهربائية على االتجاه ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫الداللة الوضعية اللفظية – مثل ‪ :‬داللة األلفاظ على معانيها ‪ ،‬كداللة لفظ قلم على معناه ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫‪)?( 5‬هذه المقدمة لخصت من كتاب "خالصة المنطق" لعبد الهادي الفضلي ‪ ,‬وكتاب " مدخل لدراسة المنطق‬
‫القديم " للدكتور أحمد الطيب ‪.‬‬
‫أقسام الداللة الوضعية اللفظية ‪:‬‬
‫‪ 3‬هي ‪:‬‬
‫تنقسم الداللة الوضعية اللفظية إلى ثالث أقسام‬
‫الداللة المطابقية ‪ :‬وهي داللة اللفظ على تمام المعنى الذي وضع له ‪ .‬كداللة لفظ (الدار)‬ ‫‪-1‬‬
‫على جميع مرافقها ‪.‬‬
‫الداللة التضمنية ‪ :‬وهي داللة اللفظ على جزء المعنى الذي وضع له ‪ .‬كداللة لفظ‬ ‫‪-2‬‬
‫(الصف) على الطالب فقط ‪.‬‬
‫الداللة االلتزامية ‪ :‬هي داللة اللفظ على معنى مالزم للمعنى الذي وضع له ‪ .‬كداللة لفظ‬ ‫‪-3‬‬
‫( حاتم ) على الكرم ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫فمثال ‪ :‬حينما يقال ( خالد حاتم ) ال يراد بكلمة حاتم هنا ( حاتم الطائي ) وإنما يراد وصف‬
‫‪ 3‬المالزم لحاتم الطائي ‪.‬‬‫خالد بالكرم‬
‫فكلمة حاتم هنا استعملت في المعنى لالزم ( وهو الكرم ) ‪.‬‬

‫أنواع اللفظ‬
‫‪ 3‬له أو المستعمل فيه إلى مختص ‪ ،‬ومشترك ‪ ،‬ومنقول ‪،‬‬ ‫ينقسم اللفظ باعتبار المعنى الموضوع‬
‫‪.3‬‬‫ومرتجل ‪ ،‬وحقيقة ‪ ،‬ومجاز‬
‫المختص ‪ :‬وهو اللفظ الذي له معنى واحد ‪ ،‬مثل ‪ :‬حديد ‪ ،‬حيوان ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫المشترك ‪ :‬وهو اللفظ الذي له عدة معاني ‪ ،‬مثل ‪ :‬عين ‪ ،‬فهي تطلق على ينبوع الماء‬ ‫‪-2‬‬
‫والذهب والعين الباصرة ‪.‬‬
‫المنقول ‪ :‬وهو اللفظ الذي وضع لمعنى ثم استعمل في معنى آخر لوجود مناسبة بين‬ ‫‪-3‬‬
‫المعنيين ‪ ،‬وهجر استعماله في المعنى األول الذي وضع له ‪ .‬مثل ‪ :‬صالة ‪ ،‬مذياع ‪.‬‬
‫المرتجل ‪ :‬وهو اللفظ الذي وضع لمعنى ثم استعمل في معنى آخر مع عدم المناسبة‬ ‫‪-4‬‬
‫بينهما ‪ .‬مثل ‪ :‬حارث ‪ ،‬أسد ‪ ( ،‬من أسماء األعالم ) ‪.‬‬
‫الحقيقة ‪ :‬وهي اللفظ المستعمل في معناه الذي وضع له ‪ .‬مثل ‪ :‬لفظ ( أسد ) حينما‬ ‫‪-5‬‬
‫يستعمل في الحيوان الخاص ‪.‬‬
‫المجاز ‪ :‬وهو اللفظ المستعمل في غير معناه الذي وضع له لوجود عالقة بين المعنيين ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫مثل ‪ :‬لفظ ( أسد ) حينما يستعمل في الرجل الشجاع ‪.‬‬

‫المفرد والمركب‬
‫وينقسم اللفظ باعتبار داللته على معناه إلى مفرد ومركب‬
‫‪ -1‬المفرد‬
‫وهو اللفظ الذي ال يدل جزؤه على جزء معناه ‪ .‬مثل ‪ :‬محمد ‪.‬‬

‫أقسامه ‪:‬‬
‫ينقسم المفرد إلى ما يلي ‪:‬‬
‫االسم – مثل ‪ :‬قلم ‪ ،‬مدرسة ‪ ،‬محمد ‪ ( ،‬وهو االسم في علم النحو ) ‪.‬‬ ‫أ‌‪-‬‬
‫ب‌‪ -‬الكلمة – مثل ‪ :‬ذهب ‪ ،‬يأكل ‪ ،‬اكتب ‪ ( ،‬وهي الفعل في علم النحو ) ‪.‬‬
‫ت‌‪ -‬األداة – مثل ‪ :‬هل ‪ ،‬لم ‪ ،‬في ‪ ( ،‬وهي الحرف في علم النحو ) ‪.‬‬

‫‪ -2‬المركب‬
‫وهو اللفظ الذي يدل جزؤه على جزء معناه مثل ‪ :‬محمد نبي ‪.‬‬
‫ينقسم المركب إلى ما يأتي ‪:‬‬
‫التأم ‪ :‬وهو الجملة التامة ‪ .‬مثل ‪ :‬محمد رسول اهلل ‪.‬‬ ‫أ‌‪-‬‬
‫ب‌‪ -‬الناقص ‪ :‬وهو الجملة الناقصة ‪ .‬مثل ‪ :‬إذا ذهبت إلى الجامعة ‪.‬‬

‫أقسام التام ‪:‬‬


‫وينقسم المركب التام إلى قسمين أيضا هما ‪:‬‬
‫الخبر ‪ :‬وهو الجملة التامة التي تحتمل الصدق والكذب مثل ‪ :‬خالد ناجح ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫اإلنشاء ‪ :‬وهو الجملة التامة التي ال تحتمل الصدق والكذب ‪ .‬مثل ‪ :‬ليت خالدًا ناجح‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫أنواع المعنى‬
‫‪.3‬‬
‫ينقسم المعنى باعتبار وجوده إلى قسمين هما ‪ :‬المفهوم والمصداق‬
‫المفهوم ‪ :‬وهو المعنى الموجود في الذهن ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ 3‬في الخارج ‪.‬‬‫المصداق ‪ :‬وهو المعنى الموجود‬ ‫‪-2‬‬

‫العالقة بين المفهوم والمصداق‬


‫ً‬
‫‪ 3‬هي عالقة انطباق المفهوم على مصداقه ‪ ،‬فمثال ‪:‬‬
‫إن العالقة بين المفهوم والمصداق‬
‫( اإلنسان ‪ :‬حيوان ناطق ) مفهوم ‪.‬‬
‫‪ 3‬على كل واحد منهم أنه حيوان‬
‫و ( محمد ‪ ،‬خالد ‪ ،‬زكي ‪ ،‬فاطمة ‪ ،‬سعاد ) – الذين ينطبق‬
‫ناطق – مصاديقه ‪.‬‬
‫‪0‬‬
‫أنواع المفهوم‬
‫وينقسم المفهوم إلى قسمين هما ‪ :‬الجزئي والكلي ‪.‬‬
‫‪ -1‬الجزئي‬
‫‪ 3‬واحد ‪ -‬مثل ‪ :‬جعفر ‪ ،‬موسى‪،‬‬ ‫تعريفه ‪ :‬هو المفهوم الذي يمتنع انطباقه على أكثر من مصداق‬
‫بغداد ‪.‬‬

‫أقسامه ‪:‬‬
‫ينقسم الجزئي إلى قسمين أيضا هما ‪ :‬الحقيقي واإلضافي ‪:‬‬
‫‪ 3‬المذكور في أعاله "‬
‫‪ 3‬عليه التعريف‬
‫‪ 3‬الحقيقي ‪ " :‬هو الجزئي المتقدم الذي ينطبق‬
‫أ‌‪.‬الجزئي‬
‫‪ : 3‬وهو المفهوم المندرج تحت مفهوم أوسع منه – مثل ‪ :‬قحطان ‪ ،‬إنسان ‪.‬‬ ‫ب‌‪.‬الجزئي اإلضافي‬

‫‪ -2‬الكلي‬
‫‪ 3‬واحد ‪ -‬مثل ‪ :‬إنسان ‪ ،‬كتاب ‪،‬‬
‫تعريفه ‪ :‬هو المفهوم الذي ال يمتنع انطباقه على أكثر من مصداق‬
‫مدرسة ‪.‬‬

‫تقسيمه ‪:‬‬
‫‪ 3‬والمشكك ‪:‬‬ ‫ينقسم الكلي إلى قسمين أيضا هما ‪ :‬المتواطئ‬
‫‪ 3‬مثل ‪ :‬اإلنسان ‪،‬فإن كل أفراده‬
‫‪ 3‬عليه مصاديقه بالتساوي‬
‫‪ : 3‬هو الكلي الذي ينطبق‬ ‫‪ -1‬المتواطئ‬
‫تشترك في معناه (اإلنسانية )‬
‫‪ 3‬على مصاديقه بالتفاوت مثل ‪ :‬الوجود ‪ ،‬البياض ؛‬‫‪ -2‬المشكك ‪ :‬وهو الكلي الذي ينطبق‬
‫فالبياض مثال هناك األشد بياضا ‪ ,‬فالقطن مثال أشد بياضا من العاج ‪ ,‬وإن كان كل منهما يقال له‬
‫أبيض ‪.‬‬
‫النسب األربع‬
‫‪ 3‬كل واحد منهما على مصاديق اآلخر‬‫ويراد بها النسبة بين الكليين في مجال انطباق‬
‫‪ 3‬على كل مصاديق الطائر ‪ ،‬والطائر ‪،‬‬‫مثال النسبة بين الطائر والحيوان ‪ ،‬هي ‪ :‬أن الحيوان ينطبق‬
‫‪ 3‬الطائر نفسه ) ‪.‬‬
‫‪ 3‬الحيوان ( وهي مصاديق‬‫ينطبق على بعض مصاديق‬

‫والنسب بين الكليين أربع هي ‪:‬‬


‫‪ 3‬كل واحد منهما على جميع‬ ‫التساوي ‪ :‬وتقع هذه النسبة بين كل كليين أو الذين ينطبق‬ ‫‪-1‬‬
‫‪.3‬‬‫مصاديق اآلخر ‪ .‬مثل ‪ :‬اإلنسان والناطق‬
‫‪ 3‬الناطق ‪ .‬وكذلك مفهوم الناطق ينطبق على كل‬ ‫فإن مفهوم اإلنسان ينطبق على كل مصاديق‬
‫مصاديق اإلنسان فيقال ‪ :‬كل إنسان ناطق ‪ ،‬وكل ناطق إنسان ‪.‬‬
‫‪ 3‬كل واحد منهما على شيء من‬ ‫التباين ‪ :‬وتقع هذه النسبة بني الكليين اللذين ال ينطبق‬ ‫‪-2‬‬
‫‪.3‬‬‫مصاديق اآلخر ‪ .‬مثل ‪ :‬الحيوان والجماد‬
‫‪3‬‬
‫فإن مفهوم الحيوان ال ينطبق على شيء من مصاديق الجماد وكذلك مفهوم الجماد ال ينطبق‬
‫‪ 3‬الحيوان فيقال ‪ :‬ال شيء من الحيوان بجماد ‪ ،‬وال شيء من الجماد‬ ‫على شيء من مصاديق‬
‫بحيوان ‪.‬‬
‫‪ 3‬أحدهما على جميع‬ ‫العموم والخصوص مطلقا ‪ :‬وتقع هذه النسبة بين الكليين اللذين ينطبق‬ ‫‪-3‬‬
‫‪.3‬‬‫‪ 3‬اآلخر على بعض مصاديقه ‪ .‬مثل ‪ :‬الحيوان والطائر‬ ‫مصاديق اآلخر ‪ ،‬وينطبق‬
‫‪ 3‬الطائر ال ينطبق إال على‬ ‫‪ 3‬الطائر ‪ ،‬ومفهوم‬‫فإن مفهوم الحيوان ينطبق على كل مصاديق‬
‫بعض مصاديق الحيوان ( وهي مصاديق الطائر نفسه ) فيقال ‪ :‬كل طائر حيوان ‪ ،‬وبعض‬
‫‪.3‬‬‫الحيوان طيور‬
‫العموم والخصوص من وجه ( أي من جانب ) ‪ :‬وتقع هذه النسبة بين الكليين اللذين‬ ‫‪-4‬‬
‫‪3‬‬‫‪ 3‬كل منهما في االنطباق على مصاديق‬ ‫ينطبق كل واحد منها على بعض مصاديق اآلخر ويفترق‬
‫أخرى ‪.‬‬
‫‪ 3‬األبيض ( وهي الحيوانات البيضاء ) ‪،‬‬ ‫فإن مفهوم الحيوان ينطبق على بعض مصاديق‬
‫ويفترق عن مفهوم األبيض في انطباقه على الحيوانات غير البيضاء ‪.‬‬
‫‪ 3‬عن‬‫‪ 3‬الحيوان ( وهي الحيوانات البيضاء ) ‪ ،‬ويفترق‬ ‫ومفهوم األبيض ينطبق على بعض مصاديق‬
‫مفهوم الحيوان في انطباقه على األشياء البيضاء غير الحيوان ‪ ،‬فنقطة االلتقاء بين مفهومي‬
‫األبيض والحيوان هي ‪ :‬الحيوانات البيضاء ‪.‬‬

‫الكليات الخمسة‬

‫تنقسم الكليات الخمسة إلى قسمين هما ‪ :‬الذاتي والعرضي ‪:‬‬


‫‪ -1‬الذاتي ‪:‬‬
‫تعريفه ‪:‬‬
‫الذاتي هو الكلي الذي يعد حقيقة مستقلة أو جزء حقيقة ‪.‬‬
‫مثل ( اإلنسان ) الذي يعد حقيقة مستقلة ‪ ،‬و ( الحيوان ) الذي يعد جزء حقيقة اإلنسان‬
‫‪ ) 3‬الذي يعد جزء حقيقة اإلنسان أيضا ‪.‬‬‫‪ . ) 3‬و ( الناطق‬
‫المؤلفة من ( الحيوان والناطق‬

‫تقسيمه ‪:‬‬
‫ينقسم الذاتي إلى ما يلي ‪:‬‬
‫‪ 3‬على جزئيات ذات حقيقة واحدة مثل " اإلنسان " المنطبق‬ ‫النوع ‪ :‬وهو الكلي المنطبق‬ ‫‌أ‪-‬‬
‫على ‪ :‬خالد وعلي وأحمد وما ماثلها من الجزئيات المتفقة في حقيقة اإلنسانية ‪.‬‬
‫‪ 3‬على ‪:‬‬‫‌ب‪ -‬الجنس ‪ :‬وهو الكلي المنطبق على أنواع مختلفة مثل ‪ " :‬الحيوان " المنطبق‬
‫‪ 3‬والسمك ‪.‬‬‫اإلنسان والطير‬
‫‌ج‪ -‬الفصل ‪ :‬وهو الكلي المميز للنوع عن األنواع المشاركة له في الجنس مثل "الناطق"‬
‫المميز لنوع ( اإلنسان ) عن األنواع المشاركة له في جنس " الحيوان " كنوع األسد ‪ ،‬ونوع‬
‫‪ 3‬السمك ‪.‬‬ ‫‪ 3‬الفيل ‪ ،‬ونوع‬
‫الطير ‪ ،‬ونوع‬

‫‪ -2‬العرضي‬
‫تعريفه ‪:‬‬
‫هو الكلي الذي يعد وصفا للحقيقة مثل ‪ ( :‬الضاحك ) الذي يعد وصفا لإلنسان ومثل‪:‬‬
‫( الماشي ) الذي يعد وصفا لإلنسان والفرس ‪.‬‬

‫تقسيمه ‪:‬‬
‫ينقسم إلى ما يلي ‪:‬‬
‫الخاصة ‪ :‬وهي الكلي المختص وصفا لنوع واحد مثل ( الضاحك ) المختص صفة‬ ‫‪-1‬‬
‫لإلنسان ‪.‬‬
‫العرض العام ‪ :‬وهو الكلي العام وصفا ألنواع مختلفة مثل ( الماشي ) العام صفة‬ ‫‪-2‬‬
‫لإلنسان والفرس واألسد والفيل ‪.‬‬

‫تقسيم الجنس‬
‫ينقسم الجنس إلى ما يلي ‪:‬‬
‫الجنس القريب ‪ :‬وهو أقرب جنس إلى نوعه ‪ :‬مثل " الحيوان " باإلضافة إلى اإلنسان ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫الجنس البعيد ‪ :‬وهو ما يقع بعد الجنس القريب مثل ‪ " :‬الجسم الحي " باإلضافة إلى‬ ‫‪-2‬‬
‫اإلنسان ‪ .‬فإنه يقع بعد الحيوان " إنسان – حيوان – جسم حي "‬

‫تقسيم الفصل‬
‫وينقسم الفصل إلى ما يلي ‪:‬‬
‫الفصل القريب ‪ :‬وهو أقرب فصل إلى نوعه مثل ‪ " :‬الناطق " باإلضافة إلى اإلنسان ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫الفصل البعيد ‪ :‬وهو ما يقع بعد الفصل القريب مثل ‪ ":‬الحساس المتحرك باإلرادة" ‪-‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الذي هو فصل لنوع الحيوان – باإلضافة إلى اإلنسان ‪.‬‬

‫التعريف‬
‫تعريفه ‪ :‬هو بيان حقيقة الشيء أو إيضاح معناه ‪.‬‬

‫أقسامه ‪:‬‬
‫ينقسم التعريف إلى اآلتي ‪:‬‬
‫الحد التام ‪ :‬وهو التعريف بالجنس والفصل القريبين مثل ‪ :‬اإلنسان ‪ :‬حيوان ناطق‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫الحد الناقص ‪ :‬وهو التعريف بالجنس البعيد والفصل القريب أو بالفصل وحده مثل‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪.3‬‬
‫اإلنسان ‪ :‬جسم حي ناطق ‪ ،‬أو اإلنسان ‪ :‬ناطق‬
‫‪ 3‬بالجنس والخاصة مثل ‪ :‬اإلنسان ‪ :‬حيوان ضاحك ‪.‬‬
‫الرسم التام ‪ :‬وهو التعريف‬ ‫‪-3‬‬

‫ومن الرسم التام ‪ :‬التعريف بالمثال‬


‫‪ 3‬الشيء المعرف ‪ .‬كقولنا اإلنسان ‪:‬‬
‫‪ 3‬بذكر مصداق من مصاديق‬
‫‪ 3‬بالمثال ‪ :‬هو التعريف‬‫والتعريف‬
‫مثل محمد وخالد وعبد اهلل ‪.‬‬

‫‪ 3‬بالخاصة وحدها ‪ .‬مثل ‪ :‬اإلنسان ‪ :‬ضاحك ‪.‬‬ ‫الرسم الناقص وهو التعريف‬ ‫‪-4‬‬
‫ومن الرسم الناقص ‪ :‬التعريف بالتشبيه ‪:‬‬
‫‪ 3‬بالتشبيه ‪ :‬هو التعريف بذكر ما يشبه الشيء المعرف مثل ‪ :‬الكليان المتباينان‬
‫والتعريف‬
‫كالخطين المتوازيين ‪.‬‬
‫ومن الرسم الناقص أيضا ‪ :‬التعريف بالقسمة‬
‫‪ 3‬بذكر أقسام الشيء ال ُمعرف مثل ‪ :‬الكلمة ‪ ،‬اسم وفعل‬
‫‪ 3‬بالقسمة ‪ :‬هو التعريف‬‫والتعريف‬
‫وحرف ‪.‬‬

‫شروط التعريف‬
‫‪ 3‬ما يلي ‪:‬‬
‫يشترط في التعريف‬
‫‪ 3‬على مصاديقه ‪.‬‬‫‪ 3‬للشيء المعرف في االنطباق‬‫أن يكون التعريف مساويا‬ ‫‪-1‬‬
‫ً‬
‫فمثال حينما نعرف اإلنسان بأنه ( حيوان ناطق ) يشترط في تعريفه هذا أن يصبح انطباقه‬
‫على كل مصاديق اإلنسان ‪ ،‬وعدم انطباقه على غيرها ‪ ،‬أو على بعضها فقط ‪.‬‬

‫‪ 3‬التعريف بما يأتي ‪:‬‬


‫وعلى ضوئه ‪ :‬ال يجوز‬
‫التعريف بما هو أعم من الشيء المعرف مثل ‪ ( :‬اإلنسان ‪ :‬حيوان يمشي على رجلين‬ ‫‌أ‪-‬‬
‫‪ 3‬ينطبق على اإلنسان وعلى غيره من الحيوانات التي تمشي على رجلين ‪.‬‬ ‫) ‪ .‬ألن هذا التعريف‬
‫‌ب‪ -‬التعريف بما هو أخص من الشيء المعرف مثل ‪ ( :‬اإلنسان ‪ :‬حيوان متعلم ) ‪.‬‬
‫‪ 3‬ال ينطبق على جميع مصاديق اإلنسان ‪ ،‬وإنما على بعضها فقط وهم الناس‬ ‫ألن هذا التعريف‬
‫المتعلمون ‪.‬‬
‫ث‌‪ -‬التعريف بما هو مباين للشيء المعرف مثل ‪ ( :‬اإلنسان ‪ :‬جماد ) ‪.‬‬
‫‪ 3‬كل واحد منهما على شيء‬ ‫‪ 3‬النسب األربع – ال ينطبق‬‫ألن المتباينين – كما تقدم في موضوع‬
‫من مصاديق األخر ‪.‬‬
‫أن يكون التعريف بما هو أوضح وأجلى من الشيء المعرف لدى المخاطب ‪ .‬وعلى‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ 3‬بما يأتي ‪:‬‬
‫ضوئه ‪ :‬ال يجوز التعريف‬

‫التعريف بما يساوي الشيء المعرف بالوضوح ‪ .‬مثل ‪ :‬تعريف األب بأنه والد االبن ‪،‬‬ ‫أ‌‪-‬‬
‫‪ 3‬االبن بأنه ولد األب ‪.‬‬
‫وتعريف‬
‫‪ 3‬في الوضوح ‪ ،‬وليس احدهما أوضح من اآلخر حتى يعرف به ‪.‬‬ ‫ألن االبن واألب متساويان‬
‫‪.)3‬‬ ‫‪ : 3‬قوة تشبه الوجود‬
‫ب‌‪ -‬التعريف بما هو أخفى من الشيء المعرف ‪ ،‬مثل ‪ ( :‬النور‬
‫‪ – 3‬هنا – وهو النور – أوضح من التعريف لدى المخاطب ‪ ،‬فال يتحقق‬ ‫ألن الشيء المعروف‬
‫المطلوب من التعريف وهو بيان الحقيقة أو إيضاح المعنى ‪.‬‬
‫أن يكون التعريف بألفاظ تغاير الشيء المعرف في مفهومه ‪ :‬مثل ( اإلنسان ‪ :‬حيوان‬ ‫‪-3‬‬
‫ناطق ) ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ 3‬ضوئه ‪ .‬ال يجوز التعريف‬ ‫فإن مفهومي الحيوان والناطق مغايران لمفهوم اإلنسان وفي‬
‫بألفاظ هي نفس الشيء المعرف في المفهوم مثل ‪ ( :‬اإلنسان ‪ :‬بشر ) ‪ .‬فإن مفهوم‬
‫‪ ( 3‬بشر ) شيء واحد ‪.‬‬‫( اإلنسان ) ومفهوم‬
‫‪ 3‬معرفته على معرفة نفس الشيء المعرف ‪ ،‬مثل ‪:‬‬ ‫أن يكون التعريف بما ال يتوقف‬ ‫‪-4‬‬
‫‪ ) 3‬ال تتوقفان على معرفة‬
‫( اإلنسان ‪ :‬حيوان ناطق ) ‪ .‬فإن معرفة ( الحيوان ) ومعرفة ( الناطق‬
‫‪ 3‬بما تتوقف معرفته على معرفة نفس الشيء المعرف ‪:‬‬ ‫‪ 3‬ضوئه ‪ :‬ال يجوز التعريف‬ ‫اإلنسان ‪ .‬وفي‬
‫مثل ‪ ( :‬الشمس ‪ :‬كوكب يرى في النهار ) ‪.‬‬
‫في حين أن معرفتنا للنهار تتوقف على معرفتنا للشمس ألن النهار هو زمان رؤية الشمس ‪.‬‬
‫‪ 3‬بألفاظ واضحة المعاني غير مبهمة أو غامضة ‪.‬‬ ‫أن يكون التعريف‬ ‫‪-4‬‬

‫التقسيم والتصنيف‬

‫التقسيم‬
‫تعريفه‬
‫التقسيم ( القسمة ) ‪ :‬هو تجزئة الشيء إلى أنواعه أو تحليله إلى عناصره ‪.‬‬
‫أنواعه ‪:‬‬
‫تتنوع القسمة إلى نوعين هما ‪ :‬القسمة الطبيعية والقسمة المنطقية ‪.‬‬
‫القسمة الطبيعية ‪ :‬هي تحليل الشيء إلى أجزائه التي يتألف ‪ .‬مثل ‪ :‬تقسيم الماء إلى‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ 3‬أوكسيد السلكون‬‫عنصري األوكسجين والهيدروجين ‪ .‬وقسمة الزجاج إلى عنصري الرمل وثاني‬
‫وهكذا ‪...‬‬
‫‪ 3‬عليها ‪ .‬مثل ‪ :‬تقسيم الكلمة‬
‫القسمة المنطقية ‪ :‬هي تحليل الشيء إلى أنواعه التي ينطبق‬ ‫‪-2‬‬
‫إلى االسم والفعل والحرف وقسمة الزاوية إلى الحادة والقائمة والمنفرجة ‪.‬‬

‫شروط القسمة المنطقية‬


‫يشترط في القسمة المنطقية ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬فرض أساس واحد للتقسيم ‪.‬‬
‫فال تسح قسمة الشيء الواحد على أكثر من أساس في آن واحد ‪.‬‬
‫‪ 3‬المقسم ‪.‬‬
‫‪ 3‬إلى مصاديق‬ ‫‪ -2‬مساواة مصاديق االقسام‬
‫‪ 3‬ينطبق عليه القسم ال بد وأن ينطبق عليه المقسم ‪.‬‬‫ويراد به أن كل مصداق‬
‫‪ -3‬عدم تداخل األنواع ‪.‬‬
‫فمثال ال يصح تقسيم الحيوان ذي العمود الفقري إلى ما له رئة وما له ثدي ‪ ،‬ألن الثدييات من‬
‫ذوات الرئة ‪.‬‬
‫‪ -4‬اتصال حلقات السلسلة ‪.‬‬

‫القضايا‬
‫تعريفها ‪:‬‬
‫القضية ‪ :‬هي الخبر ‪.‬‬

‫تقسيمها ‪:‬‬
‫تنقسم القضية إلى قسمين هما ‪ :‬الحملية والشرطية ‪.‬‬
‫‪ -1‬الحملية‬
‫تعريفها ‪:‬‬
‫الحملية ‪ :‬هي ما حكم فيها بثبوت شيء لشيء أو نفي شيء عن شيء ‪.‬‬
‫مثل ‪ :‬خالد حاضر ‪ ،‬طالب ليس بغائب ‪.‬‬
‫تتألف القضية الحملية من ثالثة أركان هي ‪:‬‬
‫‪.)3‬‬ ‫‪ ( 3‬الموضوع‬ ‫المحكوم عليه ‪ ،‬ويسمى‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ ( 3‬المحمول ) ‪.‬‬‫المحكوم به ‪ ،‬ويسمى‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ ( 3‬النسبة ) ‪.‬‬
‫الحكم ‪ :‬ويسمى‬ ‫‪-3‬‬
‫ففي المثالين المتقدمين ‪:‬‬
‫‪ : 3‬خالد ‪ ،‬طالب ‪.‬‬‫الموضوع‬
‫المحمول ‪ :‬حاضر ‪ ،‬ليس بغائب ‪.‬‬
‫النسبة ‪ :‬في المثال األول ‪ :‬ثبوت الحضور لخالد ‪ ,‬في المثال الثاني ‪ :‬نفي الغياب عن الطالب ‪.‬‬
‫‪ -2‬الشرطية‬
‫تعريفها ‪:‬‬
‫‪ 3‬نسبة بينهما ‪.‬‬
‫‪ 3‬أو عدم وجود‬
‫‪ 3‬نسبة بين قضية وأخرى‬ ‫الشرطية ‪ :‬هي ما حكم فيها بوجود‬
‫‪ 3‬موجود ‪.‬‬‫مثل ‪ :‬إذا أشرقت الشمس فالنهار‬
‫ليس كلما دق الجرس فقد حان وقت الدرس ‪.‬‬

‫تأليفها ‪:‬‬
‫تتألف القضية الشرطية من ثالثة أركان هي ‪:‬‬
‫‪ 3‬المثال الثاني ‪ :‬دق الجرس ‪.‬‬‫المقدم ‪ :‬وهو في المثال األول ‪ :‬أشرقت الشمس ‪ ،‬وفي‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ 3‬المثال الثاني ‪ :‬قد حان وقت‬ ‫‪ ، 3‬وفي‬‫التالي ‪ :‬وهو في المثال األول ‪ :‬النهار موجود‬ ‫‪-2‬‬
‫الدرس ‪.‬‬
‫الرابطة ‪ :‬وهي أدوات الربط ‪ :‬كإذا والفاء في المثال األول ‪ ،‬وكلما والفاء في المثال‬ ‫‪-3‬‬
‫الثاني ‪.‬‬

‫تقسيم القضية ‪:‬‬


‫وتنقسم القضية – حملية كانت أو شرطية – إلى قسمين هما الموجبة والسالبة ‪.‬‬
‫الموجبة ‪ :‬هي القضية المثبتة ‪ .‬مثل ‪ :‬المدرسة الكبيرة ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪.3‬‬‫إذا أشرقت الشمس فالنهار موجود‬
‫السالبة ‪ :‬هي القضية المنفية ‪ .‬مثل ‪ :‬خالد ليس بغائب ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ليس كلما دق الجرس فقد حان وقت الدرس ‪.‬‬

‫أقسام الحملية‬
‫وتنقسم القضية الحملية – موجبة كانت أو سالبة – باعتبار موضوعها إلى ‪:‬‬
‫شخصية وطبيعية ومهملة ومحصورة‬
‫الشخصية ‪ :‬وهي ما كان موضوعها جزئيا ‪ ،‬مثل ‪ :‬البصرة ميناء العراق ‪ ،‬محمود ليس‬ ‫‪-1‬‬
‫بمجتهد ‪.‬‬
‫‪ 3‬الحكم فيها عليه بصفته كليا ‪ ،‬مثل ‪:‬‬
‫الطبيعية ‪ :‬وهي ما كان موضوعها كليا ‪ ،‬ووجهنا‬ ‫‪-2‬‬
‫اإلنسان نوع ‪ ،‬الضاحك ليس بجنس ‪.‬‬
‫‪ 3‬الحكم فيها على مصاديقه مع إهمال بيان‬ ‫‪ 3‬كليا ووجهنا‬
‫المهملة ‪ :‬وهي ما كان موضوعها‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ 3‬عليها مثل ‪ :‬اإلنسان في خسر ‪ ،‬الطالب المجد ال يرسب ‪.‬‬‫كمية المصاديق المحكوم‬
‫المحصورة ‪ :‬وهي ما كان موضوعها كليا ووجهنا الحكم فيها على مصاديقه مع حصر‬ ‫‪-4‬‬
‫‪ 3‬عليها كال أو بعضا ‪ .‬مثل ‪ :‬كل نبي مبعوث من قبل اهلل ‪ ،‬بعض الطالب‬
‫كمية المصاديق المحكوم‬
‫فقراء ‪.‬‬
‫والقضية المحصورة هي المعتبرة في المنطق ‪ ,‬فالمنطق يهتم فقط بدراسة القضية المحصورة‬
‫‪.3‬‬
‫بأقسامها‬

‫تقسيم المحصورة ‪:‬‬


‫وتنقسم القضية المحصورة إلى قسمين هما الكلية والجزئية ‪:‬‬
‫‪ ، 3‬مثل ‪ :‬كل نفس ذائقة الموت ‪ .‬ال شيء‬
‫الكلية ‪ :‬وهي ما حكم فيها على جميع المصاديق‬ ‫‪-1‬‬
‫من الكسل بنافع ‪.‬‬
‫‪ ، 3‬مثل ‪ :‬بعض المدارس دينية ‪.‬‬ ‫الجزئية ‪ :‬وهي ما حكم فيها على بعض المصاديق‬ ‫‪-2‬‬
‫بعض الطالب ليسوا بمجتهدين ‪.‬‬

‫‪ 3‬هي ‪:‬‬ ‫‪ 3‬إلى ثالثة أقسام‬


‫وتنقسم الحملية الموجبة فقط على اعتبار مواقع وجود موضوعها‬
‫‪ 3‬الذهن مثل ‪ :‬شريك الخالق مستحيل ‪ .‬فإن مفهوم‬ ‫الذهنية ‪ :‬وهي ما كان موقع موضوعها‬ ‫‪-1‬‬
‫شريك الخالق ال موقع له إال الذهن ليس له مصداق في الواقع الخارجي‪.‬‬
‫الخارجية ‪ :‬وهي ما كان موضوعها الخارج ‪ ،‬ومعناه ‪ :‬أن الحكم فيها يوجه إلى‬ ‫‪-2‬‬
‫مصاديق الموضوع الموجودة في الخارج مثل ‪ :‬كل طالب يحضر درسه غدا ‪ ،‬فإن المقصود بكل‬
‫طالب – هنا – الطالب الموجودون حاليا ‪.‬‬
‫الحقيقية ‪ :‬وهي ما كان موقع موضوعها الخارج الحاضر والمستقبل ‪ .‬ومعناه ‪ :‬ان‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ 3‬في المستقبل ‪ ،‬مثل‬‫‪ 3‬الموجودة في الخارج والتي ستوجد‬ ‫‪ 3‬الموضوع‬ ‫الحكم فيها يوجه إلى مصاديق‬
‫‪ :‬كل من قال ‪ ( :‬ال إله إال اهلل محمد رسول اهلل فهو مسلم ) فإن المقصود بذلك كل من قال كلمة‬
‫الشهادة من الناس الموجودين في الخارج الحاضر والذين سيوجدون في المستقبل ‪.‬‬

‫أقسام الشرطية ‪:‬‬


‫تنقسم القضية الشرطية إلى متصلة ومنفصلة ‪:‬‬
‫‪ -1‬المتصلة ‪:‬‬
‫تعريفها ‪:‬‬
‫المتصلة ‪ :‬هي ما حكم فيها باالتصال بين قضيتين أو بنفي االتصال بينهما ‪.‬‬
‫مثالها ‪:‬‬
‫‪.3‬‬
‫إذا أشرقت الشمس فالنهار موجود‬
‫ليس كلما دق الجرس فقد حان وقت الدرس ‪.‬‬

‫تقسيمها ‪:‬‬
‫تنقسم المتصلة إلى ما يلي ‪:‬‬
‫اللزومية ‪ :‬وهي التي بين مقدمها وتاليها اتصال حقيقي مثل ‪ :‬إذا سخن الماء فإنه يتمدد ‪.‬‬ ‫أ‌‪-‬‬
‫‪ 3‬اتصال حقيقي مثل ‪ :‬كلما دق الجرس تأخر‬ ‫ب‌‪ -‬االتفاقية ‪ :‬وهي التي ليس بين مقدمها وتاليها‬
‫زكي قليال عن الدخول إلى الصف (إذا اتفق ذلك دائما)‬

‫‪ -2‬المنفصلة ‪:‬‬
‫تعريفها ‪:‬‬
‫المنفصلة ‪ :‬هي ما حكم فيها باالنفصال بين قضيتين أو بنفي االنفصال بينهما ‪.‬‬
‫مثالها ‪:‬‬
‫‪ ، 3‬ليس اإلنسان أما أن يكون كاتبا أو شاعرا ‪.‬‬
‫العدد أما أن يكون فردا أو زوجا‬

‫تقسيمها ‪:‬‬
‫تنقسم المنفصلة إلى ما يلي ‪:‬‬
‫‪ 3‬تناف وعناد حقيقي مثل ‪ :‬العدد الصحيح إما أن‬‫العنادية ‪ :‬وهي التي بين مقدمها وتاليها‬ ‫أ‌‪-‬‬
‫‪ 3‬أو مفردا ‪.‬‬
‫يكون زوجا‬
‫‪ 3‬تناف اتفاقي غير حقيقي مثل ‪ :‬إما أن يكون‬
‫ب‌‪ -‬االتفاقية ‪ :‬وهي التي بين مقدمها وتاليها‬
‫المدرس في الصف األول عليا أو أحمد ( إذا اتفق أن غيرهما من المدرسين ال يأتون إلى الصف‬
‫األول ) ‪.‬‬

‫أقسام الشرطية المنفصلة‬


‫‪, 3‬أي في حالة صدق أحد‬ ‫مانعة الجمع وهي التي يحكم فيها بالتنافي بين طرفيها صدقا‬ ‫(أ‌)‬
‫الطرفين فال بد أن ينتفي اآلخر ‪ ,‬فهما ال يجتمعان أبدا ‪.‬‬
‫مثاله ‪ :‬إما أن يكون هذا الشيء أبيض أو أسود ‪ ,‬فهذه قضية شرطية منفصلة وهي (مانعة جمع )‬
‫‪ 3‬ال يجتمعان معا في شيء واحد أبدا بينما يمكن أن يخلوا معنا عن الشيء فيكون‬ ‫ألن طرفيها‬
‫أصفر أو أخضر مثال ‪.‬‬
‫‪ 3‬كذبا فقط ‪ ,‬أي في حالة كذب أحد‬‫‪ 3‬بين طرفيها‬ ‫(ب‌) مانعة الخلو ‪ ,‬وهي التي يحكم فيها بالتنافي‬
‫الطرفين (أي ‪ :‬ارتفاعه ) فال بد أن يثبت اآلخر ‪.‬بعبارة أخرى ال يمكن أن يرتفعا معا وإن أمكن‬
‫أن يجتمعا‪.‬‬
‫مثاله ‪:‬هذا الشيء إما أن يكون غير أبيض أو غير أسود ‪ .‬فهذان الطرفان يمكن أن يجتمعا فيكون‬
‫الشيء أحمر مثال ألنه يقال فيه ‪ :‬إنه غير أبيض وغير أسود ‪ ,‬لكن ال يمكن لهذين الطرفين أن‬
‫يرتفعا معا (أي ‪ :‬يكذبا معا) ألن معنى ارتفاعهما معا ارتفاع جميع األلوان عن الشيء فال يكون‬
‫ذا لون وهذا أمر غير ممكن ‪.‬‬
‫‪ 3‬ال يجتمعان معا وال يرتفعان معا ‪.‬‬
‫(ج) مانعة جمع وخلو ‪ ,‬وتسمى المنفصلة الحقيقية ألن طرفيها‬
‫‪ 3‬وكذبا ‪.‬‬
‫وبعبارة أخرى ‪ :‬ما حكم فيها بالتنافي بين طرفيها صدقا‬
‫مثاله ‪:‬العدد إما زوج وإما فرد ‪ ,‬فالطرفان هنا ال يجتمعان معا (أي ‪:‬ال يصدقان ) وال يخلوان معا‬
‫‪ 3‬العقل عددا هو ال‬
‫(أي ‪ :‬ال يكذبان ) فال يتصور العقل عددا هو زوج وفرد معا ‪ ,‬وال يتصور‬
‫زوج وال فرد ‪.‬‬

‫االستدالل‬
‫تعريفه‬
‫االستدالل ‪ :‬إقامة الدليل إلثبات المطلوب ‪.‬‬

‫تقسيمه ‪:‬‬
‫ينقسم االستدالل إلى قسمين هما ‪:‬‬
‫‪ ، 3‬عكس‬
‫‪ 3‬هي ‪ :‬التناقض ‪ ،‬العكس المستوي‬ ‫االستدالل غير المباشر ‪ :‬وله ثالث طرائق‬ ‫‪-1‬‬
‫النقيض ‪.‬‬
‫‪ 3‬هي ‪ :‬القياس ‪ ،‬االستقراء ‪ ،‬التمثيل ‪.‬‬
‫االستدالل المباشر ‪ :‬وله ثالث طرائق‬ ‫‪-2‬‬
‫االستدالل غير المباشر‬
‫تعريفه ‪ :‬االستدالل غير المباشر ‪ :‬هو إقامة الدليل على الزمه المطلوب إلثباته ‪:‬‬
‫‪ 3‬عليها ‪.‬‬
‫يستعمل االستدالل غير المباشر في القضايا التي يصعب أو يمتنع االستدالل المباشر‬

‫التالزم بين القضيتين‬


‫‪ 3‬على أساس منها ‪ ،‬وهي ما‬ ‫إن أنواع التالزم بين القضيتين التي يقوم االستدالل غير المباشر‬
‫يلي ‪:‬‬
‫لزوم صدق القضية الثانية ( المطلوب ) لكذب القضية األولى ( المبرهن عليها ) ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫لزوم كذب القضية الثانية ( المطلوب ) لصدق القضية األولى ( المبرهن عليها ) ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫لزوم صدق القضية الثانية ( المطلوب ) لكذب القضية األولى ( المبرهن عليها ) ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫لزوم كذب القضية الثانية ( المطلوب ) لصدق القضية األولى ( المبرهن عليها ) ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫طرائق االستدالل غير المباشر‬


‫‪ 3‬هي ‪:‬‬
‫لالستدالل غير المباشر – كما تقدم – ثالث طرائق‬
‫التناقض ‪ ،‬العكس المستوي ‪ ،‬عكس النقيض ‪:‬‬

‫التناقض‬
‫التناقض ‪ :‬هو تالزم قضيتين يوجب صدق أحداهما وكذب األخرى ‪.‬‬
‫مجال استعماله ‪:‬‬
‫‪ 3‬من أنواع التالزم بين القضيتين وهما ‪:‬‬
‫يستعمل التناقض في القضايا من النوعين األول والثاني‬
‫لزوم صدق القضية الثانية ( المطلوب ) لكذب القضية األولى ( المبرهن عليها ) ‪.‬‬ ‫أ‌‪-‬‬
‫ب‌‪ -‬لزوم كذب القضية الثانية ( المطلوب ) لصدق القضية األولى ( المبرهن عليها ) ‪.‬‬
‫شروطه ‪:‬‬
‫يشترط في التناقض أن يكون بين القضيتين اتحاد في أمور واختالف في أخرى وهي ما يلي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬شروط االتحاد ‪ ،‬وتسمى ( الوحدات الثمان )‬
‫‪ 3‬مثل ‪ :‬علي تلميذ‬‫‪ . 3‬فلو اختلفت القضيتان في الموضوع لم تتناقضا‬ ‫االتحاد في الموضوع‬ ‫‪-1‬‬
‫– أحمد ليس بتلميذ ‪.‬‬
‫االتحاد في المحمول ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫االتحاد في الزمان ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫االتحاد في المكان ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫االتحاد في القول والفعل ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫االتحاد في الكل والجزء ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫االتحاد في الشرط ‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫االتحاد في اإلضافة ‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫ب‪ -‬شروط االختالف‬
‫االختالف بالكم ( الكلية والجزئية ) ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫االختالف في الكيف ( اإليجاب والسلب ) ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫نتائج االختالف ‪:‬‬


‫وفي ضوئه تكون نتائج االختالف كاآلتي ‪:‬‬
‫السالبة الجزئية‬ ‫نقيض‬ ‫الموجبة الكلية‬
‫السالبة الكلية‬ ‫نقيض‬ ‫الموجبة الجزئية‬

‫العكس المستوي‬
‫تعريفه ‪:‬‬
‫‪.3‬‬
‫‪ : 3‬هو تبديل طرفي القضية مع بقاء الكيف والصدق‬
‫العكس المستوي‬

‫‪:3‬‬‫شرح التعريف‬
‫‪ 3‬القضية ( المحكوم بصدقها ) إلى محمول ‪،‬‬ ‫المراد بالتبديل – هنا – هو ‪ :‬تحويل موضوع‬
‫‪ 3‬إلى موضوع أو تحويل المقدم تاليا والتالي مقدما مع ا لمحافظة على بقاء‬‫وتحويل محمولها‬
‫الصدق وبقاء الكيف ( اإليجاب والسلب ) ‪.‬‬
‫وتسمى القضية األولى بـ ( األصل )‬
‫‪)3‬‬‫وتسمى القضية الثانية بـ ( العكس المستوي‬

‫مجال استعماله ‪:‬‬


‫‪ 3‬في القضايا من النوع الثالث من أنواع التالزم بين القضيتين وهو ‪:‬‬
‫يستعمل العكس المستوي‬
‫‪ 3‬القضية األولى ( المبرهن عليها ) ‪.‬‬‫لزوم صدق القضية الثانية ( المطلوب ) لصدق‬

‫شروطه ‪:‬‬
‫يشترط في العكس المستوي ما يلي ‪:‬‬
‫تبديل الطر فين ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫بقاء الكيف ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫بقاء الصدق ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫نتائجه ‪:‬‬
‫‪ 3‬الشروط المتقدمة تكون نتائج العكس المستوي هي ما يلي ‪:‬‬ ‫ومع توفر‬
‫موجبة جزئية‬ ‫تنعكس‬ ‫‪ -1‬الموجبة الكلية‬
‫بعض السائل ماء‬ ‫يصدق‬ ‫كل ماء سائل‬
‫بعض الناطق إنسان‬ ‫يصدق‬ ‫كل إنسان ناطق‬
‫موجبة جزئية‬ ‫تنعكس‬ ‫‪ -2‬الموجبة الجزئية‬
‫بعض الماء سائل‬ ‫يصدق‬ ‫بعض السائل ماء‬
‫بعض السائل ماء‬ ‫يصدق‬ ‫بعض الماء سائل‬
‫بعض األبيض طير‬ ‫بعض الطير أبيض يصدق‬
‫بعض الناطق إنسان‬ ‫بعض اإلنسان ناطق يصدق‬
‫سالبة كلية‬ ‫تنعكس‬ ‫‪ -3‬السالبة الكلية‬
‫ال شيء من الحيوان بجماد يصدق ال شيء من الجماد بحيوان ‪.‬‬

‫‪ -4‬السالبة الجزئية ‪ :‬ال عكس لها ‪ ،‬وذلك لتخلف إنتاج االستدالل في بعض صورها وهي ‪ :‬فيما‬
‫إذا كان موضوع القضية السالبة الجزئية أعم من محمولها ( بعض الحيوان ليس بإنسان ) فإنه ال‬
‫يصح أن يقال ( ال شيء من اإلنسان بحيوان ) أو ( بعض اإلنسان ليس بحيوان ) ‪ ،‬ألنهما‬
‫‪ 3‬بقاء الصدق ‪.‬‬
‫‪ 3‬العكس المستوي‬‫كاذبتان ‪ ،‬وتقدم أن من شروط‬
‫عكس النقيض‬
‫تعريفه ‪:‬‬
‫‪ 3‬نقيض محمول القضية األولى ‪،‬‬
‫عكس النقيض ‪ :‬هو تحويل القضية إلى قضية أخرى موضوعها‬
‫‪.3‬‬
‫‪ 3‬القضية األولى ‪ ،‬مع بقاء الكيف والصدق‬
‫‪ 3‬نقيض موضوع‬ ‫ومحمولها‬
‫مثاله ‪:‬‬
‫كل كاتب إنسان ‪ .‬تنعكس ‪ :‬كل إنسان هو ال كاتب ‪.‬‬

‫مجال استعماله ‪:‬‬


‫‪ 3‬وهو النوع الثالث‬
‫يستعمل عكس النقيض في نفس المجال الذي يستعمل فيه العكس المستوي‬
‫من أنواع التالزم وهو ‪:‬‬
‫‪ 3‬القضية األولى ( المبرهن عليها ) ‪.‬‬
‫لزوم صدق القضية الثانية ( المطلوب ) لصدق‬

‫شروطه ‪:‬‬
‫يشترط في عكس النقيض ما يلي ‪:‬‬
‫‪ 3‬إلى نقيضه ‪ ،‬أي تحويل نقيض محمول القضية‬ ‫‪ 3‬القضية مع قلب الطرف‬ ‫تبديل طرفي‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ 3‬القضية األولى محموال للقضية الثانية ‪.‬‬ ‫األولى موضوعا للقضية الثانية ونقيض موضوع‬
‫بقاء الكيف ‪ :‬أي القضية الموجبة تبقى موجبة بعد التبديل ‪ ،‬والسالبة تبقى سالبة كذلك ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫بقاء الصدق ‪ :‬أي يراعى أن ال يكون تبديل الطرفين موجبا لكذب القضية الثانية‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫نتائجه ‪:‬‬
‫‪ 3‬المذكورة تكون نتائج عكس النقيض كما يلي ‪:‬‬‫مع توفر الشروط‬
‫سالبة جزئية‬ ‫تنعكس‬ ‫‪ -1‬السالبة الكلية‬
‫بعض الالجماد ليس بال إنسان ‪.‬‬ ‫يصدق‬ ‫ال شيء من اإلنسان بجماد‬
‫سالبة جزئية‬ ‫تنعكس‬ ‫‪ -2‬السالبة الجزئية‬
‫بعض الال حديد ليس بال معدن‬ ‫‪3‬‬
‫يصدق‬ ‫بعض المعادن ليس بحديد‬
‫موجبة كلية‬ ‫تنعكس‬ ‫‪ -3‬الموجبة الكلية‬
‫كل ال إنسان ال كاتب‬ ‫يصدق‬ ‫كل كاتب إنسان‬
‫‪ -4‬الموجبة الجزئية ‪ :‬ال تنعكس وذلك لتخلف إنتاج االستدالل فيها ‪ ،‬فمثال ‪ :‬قضية ( بعض الال‬
‫حديد معدن ) ال تنعكس إلى ( بعض الال معدن حديد ) وال إلى ( كل ال معدن حديد ) ألنهما‬
‫‪ 3‬عكس النقيض بقاء الصدق ‪.‬‬‫كاذبتان ‪ ،‬وتقدم أن من شروط‬

‫االستدالل المباشر‬

‫تعريفه ‪:‬‬
‫االستدالل المباشر ‪ :‬هو إقامة الدليل على المطلوب إلثباته ‪.‬‬

‫طرائقه ‪:‬‬
‫‪ 3‬وهي ‪:‬‬
‫لالستدالل المباشر ثالث طرائق‬
‫القياس ‪ ،‬االستقراء ‪ ،‬التمثيل‬
‫القياس‬
‫تعريفه ‪:‬‬
‫‪ 3‬لمعرفة حكم الجزئيات ‪.‬‬
‫‪ 3‬القاعدة الكلية على جزئياتها‬
‫القياس ‪ :‬هو تطبيق‬

‫مصطلحاته ‪:‬‬
‫للقياس مصطلحات خاصة به ‪ ،‬وهي ‪:‬‬
‫( صورة القياس ) وهي شكل تأليفه وتركيبه ‪ ،‬والقياس يتألف من مقدمتين – كما سيأتي‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ -‬مثل ‪ :‬الحديد معدن – كل معدن عنصر بسيط ‪.‬‬
‫‪ 3‬بهذا الوضع الخاص من الترتيب – والذي سيتضح فيما بعد – يسمى صورة‬ ‫فالمجموع‬
‫القياس ‪.‬‬
‫‪ ( 3‬مادة القياس ) أيضا ‪ : -‬وهي كل قضية يتألف منها صورة‬ ‫( المقدمة ) – وتسمى‬ ‫‪-2‬‬
‫القياس ‪.‬‬
‫فقضية ( الحديد معدن ) في المثال المتقدم مقدمة وكذلك قضية ( كل معدن عنصر بسيط )‬
‫‪ 3‬والكبرى ‪.‬‬‫مقدمة ‪ .‬وتنقسم المقدمة إلى قسمين هما ‪ :‬الصغرى‬
‫‪3‬‬
‫( الصغرى ) وهي المقدمة التي تشمل على الجزئي الذي يطلب معرفة حكمه عن طريق‬ ‫‪-3‬‬
‫االستدالل بالقياس وتقع المقدمة األولى للقياس ‪ ،‬كالمقدمة ( الحديد معدن ) في المثال ‪.‬‬
‫( الكبرى ) وهي المقدمة التي تؤلف القاعدة الكلية التي يعمد إلى تطبيقها على الجزئي‬ ‫‪-4‬‬
‫لمعرفة حكمه عن طريق االستدالل بالقياس وتقع المقدمة الثانية للقياس كالمقدمة ( وكل معدن‬
‫عنصر بسيط ) في المثال ‪.‬‬
‫‪ 3‬أو المقدم والتالي ‪ .‬مثل‪:‬‬
‫( الحدود ) وهي مفردات المقدمتين ‪ - :‬الموضوع والمحمول‬ ‫‪-5‬‬
‫( الحديد – معدن – معدن – عنصر بسيط ) في المثال ‪.‬‬
‫‪ . 3‬مثل‪:‬‬
‫( النتيجة ) ‪ :‬وهي القضية التي ينتهي إليها بعد تطبيق الكبرى على الصغرى‬ ‫‪-6‬‬
‫( الحديد عنصر بسيط ) في المثال ‪.‬‬
‫‪.3‬‬‫( المطلوب ) ‪ :‬وهي النتيجة قبل مزاولة تطبيق الكبرى على الصغرى‬ ‫‪-7‬‬

‫أقسامه ‪:‬‬
‫‪ 3‬واالقتراني‬
‫ينقسم القياس إلى قسمين هما ‪ :‬االستثنائي‬
‫‪ : 3‬وهو ما صرح في مقدمتيه بالنتيجة أو بنقيضها ( مثاله ) ‪:‬‬ ‫‪ -1‬القياس االستثنائي‬
‫أ‪ -‬إن كان هاشم عالما فواجب احترامه – لكنه عالم فهاشم واجب احترامه ‪.‬‬
‫ب‪ -‬ولو كان زيد عادال فهو ال يعصي اهلل – ولكنه قد عصى اهلل ‪ ،‬ما كان زيد عادال ‪.‬‬
‫‪ -2‬القياس االقتراني ‪ :‬وهو ما لم يصرح في مقدمته بالنتيجة وال بنقيضها ‪ ( .‬مثاله ) العالم‬
‫متغير – وكل متغير حادث فالعالم حادث ‪.‬‬

‫أقسام االقتراني ‪:‬‬


‫وينقسم القياس االقتراني إلى قسمين أيضا هما ‪ :‬الحملي والشرطي ‪.‬‬
‫‪ 3‬حملية فقط ‪ ( :‬مثاله ) ‪ :‬الحمامة طائر – وكل‬ ‫‪ 3‬الحملي ‪ :‬وهو مؤلف من قضايا‬ ‫االقتراني‬ ‫‪-1‬‬
‫طائر حيوان فالحمامة حيوان ‪.‬‬
‫‪ 3‬شرطية فقط أو قضايا حملية وشرطية‬ ‫االقتران الشرطي ‪ :‬وهو المؤلف من قضايا‬ ‫‪-2‬‬
‫(مثاله) ‪:‬‬
‫االسم كلمة – والكلمة إما مبنية أو معربة ‪ .‬فاالسم إما مبني أو معرب ‪.‬‬ ‫أ‌‪-‬‬
‫‪ – 3‬وكلما كان معتصما كان ال ينجس بمالقاة النجاسة ‪.‬‬ ‫ب‌‪ -‬كلما كان الماء جاريا كان معتصما‬
‫كلما كان الماء جاريا ‪ ,‬كان ال ينجس بمالقاة النجاسة ‪.‬‬

‫االقتراني الحملي‬
‫حدوده ‪:‬‬
‫‪ 3‬الحملي إلى ثالثة أقسام هي ‪:‬‬
‫تنقسم حدود االقتراني‬
‫األوسط ‪ :‬وهو الحد المتكرر في المقدمتين ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ 3‬فقط ‪.‬‬
‫األصغر ‪ :‬وهو الحد المذكور في الصغرى‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ 3‬في الكبرى فقط ‪.‬‬‫األكبر ‪ :‬وهو الحد المذكور‬ ‫‪-3‬‬

‫القواعد العامة‬
‫‪.3‬‬‫تكرر الحد االوسط‬ ‫‪-1‬‬
‫أال يتألف من سالبتين ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫يتألف من جزئيتين ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ 3‬جزئية ‪.‬‬
‫أال يتألف من صغرى سالبة وكبرى‬ ‫‪-4‬‬
‫أن تكون تابعة ألضعف المقدمتين ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫األشكال األربعة‬
‫‪ 3‬في مقدمتيه إلى أربعة أقسام تسمى بـ‬
‫‪ 3‬باعتبار كيفية وضع الحد األوسط‬
‫ينقسم االقتراني‬
‫(األشكال األربعة ) وهي ‪:‬‬

‫الشكل األول‬
‫تعريفه ‪:‬‬
‫‪ 3‬موضوعًا في الكبرى ‪.‬‬ ‫الشكل األول ‪ :‬هو ما كان األوسط فيه محموال في الصغرى‬
‫شروطه ‪:‬‬
‫‪ 3‬العامة المتقدمة ما يلي ‪:‬‬
‫‪ 3‬فيه اإلضافة إلى الشروط‬
‫ألجل أن يكون الشكل األول منتجًا يشترط‬
‫أن تكون صغراء موجبة ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أن تكون كبراه كلية ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫أقسامه ‪:‬‬
‫‪ 3‬الشكل األول على شروط اإلنتاج العامة والخاصة به تكون أقسامه المنتجة أربعة‬ ‫إذا توفر‬
‫وهي ‪:‬‬
‫‪ 3‬صغراه من موجبة كلية ‪ ،‬وكبراه من موجبة كلية أيضا ‪ ،‬وينتج موجبة كلية ‪.‬‬ ‫( األول ) وتتألف‬
‫( مثاله ) كل خمر مسكر – وكل مسكر حرام ‪ .‬كل خمر حرام‬
‫( الثاني ) وتتألف صغراه من موجبة كلية وكبراه من سالبة كلية ‪ ،‬وينتج سالبة كلية ‪.‬‬
‫(مثاله) كل خمر مسكر – وال شيء من المسكر بنافع ‪ ،‬ال شيء من الخمر بنافع ‪.‬‬
‫‪ 3‬صغراه من موجبة جزئية وكبراه من موجبة كلية ‪ ،‬وينتج موجبة جزئية ‪.‬‬ ‫( الثالث ) وتتألف‬
‫(مثاله) بعض المعدن جديد – وكل حديد يتمدد بالحرارة ‪ -‬بعض المعدن يتمدد بالحرارة ‪.‬‬
‫‪ 3‬صغراه من موجبة جزئية وكبراه من سالبة كلية وينتج سالبة جزئية ‪.‬‬ ‫( الرابع ) وتتألف‬
‫‪ 3‬ال يبيض ‪.‬‬ ‫‪ 3‬له أذنان – وال شيء مما له أذنان يبيض ‪ ،‬بعض الطيور‬ ‫( مثاله) بعض الطيور‬

‫قيمة الشكل األول‬


‫الشكل األول هو أكمل األشكال وأتمها وذلك لألسباب اآلتية ‪:‬‬
‫إنه الشكل الوحيد الذي ينتج القضايا الحملية األربع ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫إنه الشكل الوحيد الذي ينتج الكلية الموجبة ومن ثم فهو يستخدم في البرهنة واإلثبات ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ 3‬في المقدمتين ‪ ,‬ففي المقدمتين يأتي األصغر‬ ‫إن الحدود في النتيجة مرتبة حسب وضعها‬ ‫‪-3‬‬
‫أوال ثم يأتي بعده األكبر ‪ ,‬وكذلك األمر بالنسبة للنتيجة يأتي األصغر أوال ثم األكبر بعد ذلك ‪,‬‬
‫‪ 3‬أوال ثم تثبت له األكبر‬
‫لذلك كانت حركة العقل في هذا الشكل حركة طبيعية ‪ ,‬أي تالحظ األصغر‬
‫‪ 3‬في المقدمات ‪ ,‬وتأتي النتيجة فتثبت األكبر لألصغر بعد اختفاء األوسط ‪ ,‬ومن‬ ‫عن طريق األوسط‬
‫هنا كان الشكل على مقتضى الطبع وبين اإلنتاج بنفسه ‪ ,‬ال يحتاج إلى دليل وحجة ‪ ,‬بخالف‬
‫‪.3‬‬‫الباقي ‪ ,‬ولذا جعلوه أول األشكال ‪ ,‬وبه يستدل على باقيها‬

‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه اهلل ‪ :‬وهم معترفون بأن الشكل األول من الحمليات يغنى عن‬
‫‪ 3‬القياس وتصويره فطرى ال يحتاج إلى تعلمه منهم مع أن االستدالل ال يحتاج إلى‬
‫جميع صور‬
‫تصوره على الوجه الذي يزعمونه ‪ .‬مجموع الفتاوى (‪)159|9‬‬

‫الشكل الثاني‬
‫تعريفه ‪:‬‬
‫‪ 3‬فيه محموال في المقدمتين معا‬
‫الشكل الثاني ‪ :‬هو ما كان األوسط‬
‫شروطه ‪:‬‬
‫ألجل أن يكون الشكل الثاني منتجا يشترط فيه باإلضافة إلى الشروط العامة ما يلي ‪:‬‬
‫‪ 3‬سالبة ‪.‬‬
‫أن تختلف مقدمتاه بالكيف أي أن تكون أحداهما موجبة واألخرى‬ ‫‪-1‬‬
‫أن تكون كبراه كلية ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أقسامه ‪:‬‬
‫‪ 3‬اإلنتاج العامة والخاصة به تكون أقسامه المنتجة هي ما‬ ‫‪ 3‬الشكل الثاني على شروط‬ ‫إذا توفر‬
‫يلي ‪:‬‬
‫‪ 3‬صغراه من موجبة كلية ‪ ،‬وكبراه من سالبة كلية ‪ ،‬وينتج سالبة كلية ‪.‬‬ ‫( األول ) وتتألف‬
‫( مثاله ) كل ورد زهر – ال شيء من الجماد بزهر – ال شيء من الورد بجماد‬
‫( الثاني ) وتتألف صغراه من سالبة كلية وكبراه من موجبة كلية ‪ ،‬وينتج سالبة كلية ‪.‬‬
‫(مثاله) ال طالب من الكسالى بناجح – وكل مجد ناجح ‪ ،‬ال طالب من الكسالي بمجد ‪.‬‬
‫‪ 3‬صغراه من موجبة جزئية وكبراه من سالبة كلية ‪ ،‬وينتج سالبة جزئية ‪.‬‬ ‫( الثالث ) وتتألف‬
‫(مثاله) بعض المعدن ذهب – وال شيء من الفضة بذهب ‪ ،‬بعض المعدن ليس بفضة ‪.‬‬
‫‪ 3‬صغراه من سالبة جزئية وكبراه من موجبة كلية وينتج سالبة جزئية‬ ‫( الرابع ) وتتألف‬
‫( مثاله) بعض الحيوان ليس إنسانا – كل مفكر إنسان – بعض الحيوان ليس مفكر ‪.‬‬

‫الشكل الثالث‬
‫تعريفه ‪:‬‬
‫‪ 3‬فيه موضوعا في المقدمتين معا‬
‫الشكل الثالث ‪ :‬هو ما كان األوسط‬

‫شروطه ‪:‬‬
‫ألجل أن يكون الشكل الثاني منتجا يشترط فيه باإلضافة إلى الشروط العامة ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون صغراه موجبة ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تكون إحدى مقدمتيه كلية ‪.‬‬
‫أقسامه ‪:‬‬
‫‪ 3‬اإلنتاج العامة والخاصة به تكون أقسامه المنتجة هي ما‬ ‫‪ 3‬الشكل الثالث على شروط‬ ‫إذا توفر‬
‫يلي ‪:‬‬
‫‪ 3‬صغراه من موجبة كلية ‪ ،‬وكبراه من موجبة كلية أيضا ‪ ،‬وينتج موجبة جزئية ‪.‬‬ ‫( األول ) وتتألف‬
‫( مثاله ) كل ذهب معدن – وكل ذهب غالي الثمن ‪ ،‬بعض المعدن غالي الثمن ‪.‬‬
‫( الثاني ) وتتألف صغراه من موجبة كلية وكبراه من سالبة كلية ‪ ،‬وينتج سالبة جزئية ‪.‬‬
‫(مثاله) كل برتقالة فاكهة – ال شيء من الرتقال بعنب – بعض الفاكهة ليس عنبا ‪.‬‬
‫‪ 3‬صغراه من موجبة جزئية وكبراه من موجبة كلية ‪ ،‬وينتج موجبة جزئية ‪.‬‬ ‫( الثالث ) وتتألف‬
‫(مثاله) بعض الطائر أبيض – وكل طائر حيوان ‪ ،‬بعض األبيض حيوان ‪.‬‬
‫‪ 3‬صغراه من موجبة كلية وكبراه من موجبة جزئية وينتج موجبة جزئية ‪.‬‬ ‫( الرابع ) وتتألف‬
‫( مثاله) كل طائر حيوان – بعض الطائر أبيض – بعض الحيوان أبيض ‪.‬‬
‫(الخامس) تتألف صغراه من موجبة كلية وكبراه من سالبة جزئية وينتج سالبة جزئية‬
‫(مثاله) كل حيوان حساس – بعض الحيوان ليس إنسانا – بعض الحساس ليس إنسانا ‪.‬‬
‫(السادس) تتألف صغراه من موجبة جزئية وكبراه من سالبة كلية وينتج سالبة جزئية ‪.‬‬
‫(مثاله) بعض الذهب معدن – الشيء من الذهب بحديد – بعض المعدن ليس بحديد ‪.‬‬
‫الشكل الرابع‬
‫تعريفه ‪:‬‬
‫‪ 3‬في الصغرى ومحموال في الكبرى ‪.‬‬ ‫الشكل الرابع ‪ :‬هو ما كان األوسط فيه موضوعا‬
‫شروطه ‪:‬‬
‫‪ 3‬العامة ما يلي ‪:‬‬‫‪ 3‬فيه باإلضافة إلى الشروط‬‫ألجل أن يكون الشكل الرابع منتجا يشترط‬
‫‪ -1‬أن ال تكون إحدى مقدمتيه سالبة جزئية ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تكون صغراه كلية إذا كانت مقدمتاه موجبتين ‪.‬‬
‫أقسامه ‪:‬‬
‫‪ 3‬الشكل الرابع على شروط اإلنتاج العامة والخاصة به تكون أقسامه المنتجة هي ما‬ ‫إذا توفر‬
‫يلي ‪:‬‬
‫‪ 3‬صغراه من موجبة كلية ‪ ،‬وكبراه من موجبة كلية ‪ ،‬وينتج موجبة جزئية ‪.‬‬ ‫( األول ) وتتألف‬
‫( مثاله ) كل إنسان حيوان – وكل ناطق إنسان ‪ ،‬بعض الحيوان ناطق ‪.‬‬
‫( الثاني ) وتتألف صغراه من موجبة كلية وكبراه من موجبة جزئية ‪ ،‬وينتج موجبة جزئية ‪.‬‬
‫‪.3‬‬
‫‪ 3‬إنسان ‪ ،‬بعض الحيوان ولود‬ ‫(مثاله) كل إنسان حيوان – وبعض الولود‬
‫‪ 3‬صغراه من سالبة كلية وكبراه من موجبة كلية ‪ ،‬وينتج سالبة كلية ‪.‬‬ ‫( الثالث ) وتتألف‬
‫(مثاله) ال شيء من اإلنسان بجماد – وكل ناطق إنسان ‪ ،‬ال شيء من الجماد بناطق ‪.‬‬
‫‪ 3‬صغراه من موجبة كلية وكبراه من سالبة كلية وينتج سالبة جزئية ‪.‬‬ ‫( الرابع ) وتتألف‬
‫(مثاله) كل سائل يتبخر – وال شيء من الحديد بسائل بعض ما يتبخر ليس بحديد ‪.‬‬
‫(الخامس) تتألف صغراه من موجبة جزئية وكبراه من سالبة كلية وينتج سالبة جزئية ‪.‬‬
‫(مثاله) بعض المعدن ذهب – الشيء من الحيوان بمعدن – بعض الذهب ليس بحيوان ‪.‬‬

‫والخالصة ‪ :‬ينتج الشكل األول جميع القضايا المحصورة ومن ثم أطلق عليه الشكل األول ذلك أن‬
‫نتاجه بين بنفسه ‪ ,‬وقياساته كاملة وتتبين به جميع األشكال وألنه ينتج جميع المطالب األربعة‬
‫وينتج الكلي الموجب الذي هو أفضل المطالب ‪.‬‬
‫وينتج الشكل الثاني القضية السالبة فقط سواء كانت سالبة كلية أو سالبة جزئية ‪.‬‬
‫وينتج الشكل الثالث القضية الجزئية فقط سواء كانت جزئية موجبة أو جزئية سالبة ‪.‬‬
‫أما الشكل الرابع فإنه الينتج ما عدا الكلية الموجبة وهذا الشكل غير مقبول عند معظم الفالسفة‬
‫‪3‬‬
‫المسلمين ألن حركة الفكر فيه تجري بشكل معكوس فالنتيجة في هذا الشكل تحكم بموضوع‬
‫الكبرى على محمول الصغرى وهذا خالف ما يقتضيه الطبع ‪.‬‬

‫االستقراء‬
‫االستقراء ‪ :‬هو تتبع الجزئيات للحصول على حكم كلي ( قاعدة عامة ) ‪.‬‬
‫أقسامه ‪:‬‬
‫ينقسم االستقراء إلى قسمين هما ‪ :‬االستقراء التام ‪ ،‬واالستقراء الناقص ‪.‬‬
‫االستقراء التام ‪ :‬هو تتبع جميع جزئيات الكلي المطلوب معرفة حكمه ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫االستقراء الناقص ‪ :‬وهو تتبع بعض جزئيات الكلي المطلوب معرفة حكمه ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫أقسام االستقراء الناقص ‪:‬‬


‫وينقسم االستقراء الناقص إلى قسمين أيضا هما ‪ :‬االستقراء المعلل واالستقراء غير المعلل ‪.‬‬
‫‪ 3‬علة الحكم في‬
‫االستقراء المعلل ‪ :‬هو ما يعمم فيه الحكم على أساس من اإليمان بوجود‬ ‫‪-1‬‬
‫كل جزئياته ‪.‬‬
‫االستقراء غير المعلل ‪ :‬وهو الذي يعتمد في تعميم أحكامه على التعليل ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫كيفية االستدالل باالستقراء‬


‫‪ 3‬تسمى بـ‬
‫لالستقرار مراحل يمر بها المستقرئ عند قيامه بعملية االستدالل االستقرائي‬
‫(مراحل االستقراء ) وتتلخص فيما يلي ‪:‬‬
‫مرحلة المالحظة والتجربة ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫مرحلة الفرض ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫مرحلة القانون ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫أو ً‬
‫ال ‪ :‬مرحلة المالحظة والتجربة‬
‫وهي مرحلة توجيه المستقرئ فكرة نحو المطلوب لمعرفة حقيقته أو تبيان معناه ‪.‬‬
‫والمالحظة ‪ :‬هي مشاهدة المطلوب في الطبيعة على ما هو عليه ‪.‬‬
‫‪ 3‬يهيئها المستقرئ حسبما يريد ‪.‬‬
‫والتجربة ‪ :‬هي مشاهدة المطلوب في ظروف‬

‫التمثيل‬
‫تعريفه ‪:‬‬
‫التمثيل ‪ :‬هو إثبات حكم لجزئي لثبوته في جزئي آخر مشابه له ‪.‬‬
‫مثاله ‪:‬‬
‫‪.3‬‬ ‫كإثبات حكم حرمة الخمر للنبيذ ألنه يشبه الخمر في اإلسكار‬

‫أركانه ‪:‬‬
‫‪ 3‬وهي ‪:‬‬‫للتمثيل أركان ال يتم االستدالل به إال عند توفرها‬
‫‪.3‬‬‫األصل ‪ :‬وهو الجزئي المعلوم ثبوت الحكم له كالخمر في المثال المذكور‬ ‫‪-1‬‬
‫‪.3‬‬
‫الفرع ‪ :‬وهو الجزئي المطلوب إثبات الحكم له كالنبيذ في المثال المذكور‬ ‫‪-2‬‬
‫‪.3‬‬
‫‪ 3‬في المثال المذكور‬
‫الجامع ‪ :‬وهو جهة المشابهة بين األصل والفرع كاإلسكار‬ ‫‪-3‬‬
‫الحكم ‪ :‬وهو الحكم المعلوم ثبوته لألصل والذي يحاول إثباته للفرع كالحرمة في المثال‬ ‫‪-4‬‬
‫المذكور ‪.‬‬
‫الخالصة‬
‫والخطوات التي تتبع في االستدالل بالتمثيل هي ما يلي ‪:‬‬
‫تعيين المطلوب ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫تعيين األصل ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫محاولة حصر سبب الحكم في نقطة مشتركة بين األصل والفرع تصلح ألن تكون سببا‬ ‫‪-3‬‬
‫للحكم ‪.‬‬
‫النتيجة ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫تقريب وتهذيب نقض المنطق لشيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه اهلل‬

‫الرد العام‬
‫‪ 3‬وحديثا أنك التجد من يلزم نفسه أن ينظر‬ ‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه اهلل ‪ :‬بل الواقع قديما‬
‫‪ 3‬به ؛إال وهو فاسد النظر والمناظرة ؛ كثير العجز عن تحقيق علمه وبيانه‬ ‫في علومه بل ويناظر‬
‫‪...‬‬
‫ومن المعلوم أن القول بوجوبه قول غالته وجهال أصحابه ‪ ,‬ونفس الحذاق منهم ال يلتزمون‬
‫‪ 3‬بل يعرضون عنها إما لطولها‪ ,‬وإما لعدم فائدتها وإمالفسادها‪ ,‬وإما لعدم‬ ‫قوانينه فى كل علومهم‬
‫تميزها وما فيها من الإجمال واالشتباه ؛ فإن فيه مواضع كثيرة هي لحم جمل غث على رأس جبل‬
‫‪ 3‬والسمين فينتقل ‪.‬‬ ‫وعر؛ السهل فيرتقى‬
‫مجموع الفتاوى(‪)6|9‬‬
‫وقال ‪ :‬ولهذا مازال علماء المسلمين وأئمة الدين يذمون أهله وينهون عنه وعن أهله حتى رأيت‬
‫‪ 3‬من أئمة الشافعية والحنفية وغيرهم فيها‬ ‫للمتأخرين فتيا فيها خطوط جماعة من أعيان زمانهم‬
‫كالم عظيم فى تحريمه وعقوبة أهله حتى إن من الحكايات المشهورة التى بلغتنا أن الشيخ أبا‬
‫‪ 3‬مدرسة معروفة من أبى الحسن اآلمدي وقال‪ :‬أخذها منه أفضل‬ ‫عمرو بن الصالح أمر بانتزاع‬
‫من أخذ عكا ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)7|9‬‬
‫وقال ‪:‬وأيضا هم متفقون على أنه اليفيد إال أمورا كلية مقدرة فى الذهن ال يفيد العلم بشيء موجود‬
‫محقق في الخارج إال بتوسط شيء آخر غيره ‪ ,‬واألمور الكلية الذهنية ليست هي الحقائق‬
‫‪ 3‬عن غيره هو بها‬ ‫‪ 3‬حقيقة يتميزبها‬
‫الخارجية وال هي أيضا علما بالحقائق الخارجية إذ لكل موجود‬
‫‪ 3‬اليكون علما بها فال يكون فى القياس المنطقى علم‬ ‫هو وتلك ليست كلية ؛فالعلم باألمر المشترك‬
‫تحقيق شيء من األشياء وهو المطلوب ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)18|9‬‬
‫وقال ‪ :‬وأيضا التجد أحدا من أهل األرض حقق علما من العلوم وصار إماما فيه مستعينا‬
‫‪ 3‬يحققون ما‬ ‫بصناعة المنطق ال من العلوم الدينية وال غيرها؛ فاألطباء والحساب والكتاب ونحوهم‬
‫‪ 3‬بغير صناعة المنطق‪.‬‬ ‫‪ 3‬وصناعاتهم‬ ‫يحققون من علومهم‬
‫وقد صنف في الإسالم علوم النحو واللغة والعروض والفقه وأصوله والكالم غير ذلك وليس فى‬
‫أئمة هذة الفنون من كان يلتفت إلى المنطق بل عامتهم كانوا قبل أن يعرب هذا المنطق اليونانى‬
‫‪...‬‬
‫وإن كان فيهم من قد يحقق شيئا من العلم ؛فذلك لصحة المادة واألدلة التى ينظر فيها وصحة ذهنه‬
‫وإدراكه ال ألجل المنطق بل إدخال صناعة المنطق فى العلوم الصحيحة يطول العبارة ويبعد‬
‫الإشارة ويجعل القريب من العلم بعيدا واليسير منه عسيرا ‪ ,‬ولهذا تجد من أدخله فى الخالف‬
‫والكالم وأصول الفقه وغير ذلك لم يفد إال كثرة الكالم والتشقيق مع قلة العلم والتحقيق ‪ ,‬فعلم أنه‬
‫من أعظم حشو الكالم وأبعد األشياء عن طريقة ذوى األحالم ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)24|9‬‬
‫وقال ‪ :‬وعامة الحدود المنطقية هي من هذا الباب حشو لكالم كثير يبينون به األشياء وهي قبل‬
‫بيانهم أبين منها بعد بيانهم ؛فهي مع كثرة ما فيها من تضييع الزمان وإتعاب الفكر واللسان ال‬
‫توجب إال العمى والضالل ‪,‬وتفتح باب المرء والجدال إذ كل منهم يورد على حد اآلخر من‬
‫األسئلة ما يفسد به ويزعم سالمة حده منه ‪ ,‬وعند التحقيق تجدهم متكافئين أو متقاربين ليس‬
‫‪ 3‬من‬ ‫ألحدهم على اآلخر رجحان مبين ؛فإما أن يقبل الجميع أو يرد الجميع أو يقبل من وجه ويرد‬
‫وجه ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)66|9‬‬

‫‪ 3‬ال يحتاج إليه الذكي وال ينتفع به البليد ‪.‬‬


‫وقال ‪ :‬فأني كنت دائما أعلم أن المنطق اليوناني‬
‫مجموع الفتاوى (‪)82|9‬‬
‫وقال ‪:‬وكان مبدأ وضع المنطق من الهندسة وسموه حدودا ‪ ,‬لحدود تلك األشكال لينتقلوا من‬
‫‪ 3‬المعرفة عليهم إال بالطريق‬ ‫الشكل المحسوس إلى الشكل المعقول وهذا لضعف عقولهم وتعذر‬
‫البعيدة ‪ ,‬واهلل تعالى يسر للمسلمين من العلم والبيان والعمل الصالح والإيمان ما برزوا به على كل‬
‫نوع من أنواع جنس االنسان والحمد هلل رب العالمين ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)130|9‬‬
‫‪ 3‬وضعه رجل من اليونان‬ ‫وقال ‪ :‬ولهذا كان العقالء العارفون يصفون منطقهم بأنه أمر اصطالحى‬
‫‪ 3‬عليه كما ليس موقوفا على التعبير بلغاتهم‬ ‫ال يحتاج إليه العقالء ‪,‬وال طلب العقالء للعلم موقوفا‬
‫‪ 3‬وسوفسطيقا وأنولوطقيا وأثولوجيا وقاطيغورياس ونحو ذلك من لغاتهم التى‬ ‫مثل فيالسوفيا‬
‫‪3‬؛ فال يقول أحد أن سائر العقالء محتاجون إلى هذه اللغة ال سيما من‬ ‫يعبرون بها عن معانيهم‬
‫‪ 3‬لفظ‬
‫كرمه اهلل بأشرف اللغات الجامعه لأكمل مراتب البيان المبينة لما تتصوره الأذهان بأوجز‬
‫‪ 3‬فى مناظرته المشهورة لمتى الفيلسوف لما‬ ‫وأكمل تعريف ‪,‬وهذا مما احتج به أبو سعيد السيرافى‬
‫أخذ متى يمدح المنطق ويزعم احتياج العقالء إليه ورد عليه أبو سعيد بعدم الحاجة إليه ‪,‬وأن‬
‫الحاجة إنما تدعو إلى تعلم العربية لأن المعانى فطرية عقليه ال تحتاج إلى اصطالح خاص ؛‬
‫بخالف اللغة المتقدمة التى يحتاج إليها فى معرفة ما يجب معرفته من المعانى فإنه ال بد فيها من‬
‫التعلم ‪.‬‬
‫‪ 3‬على الكفاية بخالف المنطق‬ ‫ولهذا كان تعلم العربية التى يتوقف فهم القرآن والحديث عليها فرضا‬
‫‪ 3‬االجتهاد فإنه يدل‬ ‫‪,‬ومن قال من المتأخرين أن تعلم المنطق فرض على الكفاية أو أنه من شروط‬
‫‪ 3‬من دين الإسالم ؛‬ ‫‪ 3‬هذا القول معلوم باالضطرار‬ ‫على جهله بالشرع وجهله بفائدة المنطق وفساد‬
‫فإن أفضل هذه الأمة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين عرفوا ما يجب عليهم‬
‫‪ 3‬بالعلم إن لم يوزن‬ ‫‪ 3‬يقال أنه ال يوثق‬
‫ويكمل علمهم وإيمانهم قبل أن يعرف المنطق اليونانى فكيف‬
‫‪ 3‬بنى آدم فى الغالب لم تستقم إال به‪.‬‬‫به أو يقال إن فطر‬
‫مجموع الفتاوى (‪)172|9‬‬
‫‪ 3‬العلم‬
‫وقال ‪ :‬وإن قالوا إن العلم التصديقى أو التصورى أيضا ال ينال بدونه فهم ادعوا أن طرق‬
‫‪ 3‬من الحد وما ذكروه من القياس ‪,‬‬ ‫على عقالء بنى آدم مسدودة إال من الطريقتين اللتين ذكروهما‬
‫وادعوا أن ماذكروه من الطريقتين توصالن إلى العلوم التي ينالها بنو آدم بعقولهم ؛ بمعنى أن ما‬
‫‪ 3‬الذي ذكروه ال على غيره ‪ ,‬فما ذكروه آله قانونية بها توزن‬ ‫يوصل ال بد أن يكون على الطريق‬
‫‪ 3‬الصحيحة والفاسدة فمراعاة هذا القانون تعصم الذهن أن‬ ‫‪ 3‬بها بين الطريق‬ ‫الطرق العلمية ويميز‬
‫‪.3‬‬‫‪ 3‬أو تصديق‬ ‫يزل فى الفكر الذى ينال به تصور‬
‫هذا ملخص ما قالوه!‬
‫‪ 3‬غيرهم كلها باطل وال ما أثبتوه‬ ‫وكل هذه الدعاوى كذب فى النفى واإلثبات فال ما نفوه من طرق‬
‫‪3‬‬
‫‪ 3‬ما هو حق كما إن فى طرق‬ ‫‪ 3‬كلها حق على الوجه الذى ادعوا فيه ‪,‬وإن كان في طرقهم‬ ‫من طرقهم‬
‫‪ 3‬كالما إال والبد أن يتضمن ما هو‬ ‫غيرهم ما هو باطل فما من أحد منهم وال من غيرهم يصنف‬
‫حق‪.‬‬
‫فمع اليهود والنصارى من الحق بالنسبة إلى مجموع ما معهم أكثر مما مع هؤالء من الحق بل‬
‫‪ 3‬من الحق أكثر مما مع هؤالؤء بالنسبة إلى ما‬ ‫‪ 3‬من العرب ونحوهم‬ ‫‪,‬ومع المشركين عباد االصنام‬
‫‪ 3‬والمدائن ‪.‬‬
‫معهم فى مجموع فلسفتهم النظرية والعملية لألخالق والمنازل‬
‫مجموع الفتاوى (‪)175|9‬‬
‫‪ 3‬ما فيها من العى واللكنة‬‫وقال ‪ :‬وما زال نظار المسلمين يعيبون طريق أهل المنطق ويبينون‬
‫‪ 3‬أنها إلى إفساد المنطق العقلى واللسانى أقرب منها إلى‬ ‫وقصور العقل وعجز النطق ‪ ,‬ويبينون‬
‫‪3‬ه‬‫‪ 3‬ال مع من يوالونه وال مع من يعادون‬ ‫‪ 3‬فى نظرهم ومناظرتهم‬ ‫تقويم ذلك وال يرضون أن يسلكوها‬
‫‪.‬‬
‫‪ 3‬فى أول كتابة‬‫وإنما كثر استعمالها من زمن أبى حامد فإنه أدخل مقدمة من المنطق اليونانى‬
‫المستصفى وزعم أنه ال يثق بعلمه إال من عرف هذا المنطق ‪,‬وصنف فيه معيار العلم و ومحك‬
‫‪3‬‬
‫النظر وصنف كتابا سماه القسطاس المستقيم ذكر فيه خمس موازين ‪ :‬الثالث الحمليات والشرطي‬
‫‪ 3‬المنفصل وغير عباراتها إلى أمثلة أخذها من كالم المسلمين ‪,‬وذكر أنه خاطب‬ ‫المتصل والشرطى‬
‫‪ 3‬كتابا فى تهافتهم ‪,‬وبين كفرهم بسبب مسألة قدم العالم وإنكار العلم‬ ‫بذلك بعض أهل التعليم وصنف‬
‫‪3‬‬
‫‪, 3‬وإنكار المعاد ‪,‬وبين فى آخر كتبه أن طريقهم فاسدة ال توصل الى يقين وذمها‬ ‫العلم بالجزئيات‬
‫أكثر مما ذم طريقة المتكلمين وكان أوال يذكر فى كتبه كثيرا من كالمهم إما بعبارتهم ‪,‬وإما بعبارة‬
‫‪ 3‬متضمنة من الجهل والكفر ما يوجب ذمها‬ ‫أخرى ثم فى آخر أمره بالغ فى ذمهم وبين أن طريقهم‬
‫‪.3‬‬ ‫‪ 3‬المتكلمين ومات وهو مشتغل بالبخاري ومسلم‬ ‫‪ 3‬أعظم من طريق‬ ‫وفسادها‬
‫والمنطق الذى كان يقول فيه ما يقول ما حصل له مقصوده ‪,‬وال أزال عنه ما كان فيه من الشك‬
‫والحيرة ولم يغن عنه المنطق شيئا ‪.‬‬
‫ولكن بسبب ما وقع منه فى أثناء عمره وغير ذلك صار كثير من النظار يدخلون المنطق اليونانى‬
‫‪ 3‬إال هذا ‪,‬وأن ما‬‫‪ 3‬حتى صار من يسلك طريق هؤالء من المتأخرين يظن أنه ال طريق‬ ‫فى علومهم‬
‫ادعوه من الحد والبرهان هو أمر صحيح مسلم عند العقالء ‪,‬وال يعلم أنه ما زال العقالء‬
‫والفضالء من المسلمين وغيرهم يعيبون ذلك ويطعنون فيه ‪,‬وقد صنف نظار المسلمين فى ذلك‬
‫‪ 3‬المسلمين يعيبونه عيبا مجمال لما يرونه من آثاره ولوازمه الدالة على‬ ‫مصنفات متعددة وجمهور‬
‫‪ 3‬بهم الحال إلى أنواع من الجهل والكفر والضالل ‪.‬‬ ‫ما فى أهله مما يناقض العلم والإيمان ويفضى‬
‫مجموع الفتاوى (‪)185|9‬‬
‫‪ 3‬الإسالم فى وقته؛ أعني الفيلسوف الذى فى‬ ‫وقال ‪ :‬وكان يعقوب بن إسحق الكندى فيلسوف‬
‫الإسالم وإال فليس الفالسفة من المسلمين كما قالوا لبعض أعيان القضاة الذين كانوا فى زماننا ابن‬
‫سينا من فالسفة الإسالم فقال‪ :‬ليس للإسالم فالسفة ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)186|9‬‬
‫وقال ‪ :‬والكالم فى المنطق إنما وقع لما زعموا أنه آلة قانونية تعصم مراعاتها الذهن أن يزل فى‬
‫فكره ؛فاحتجنا أن ننظر فى هذه اآللة هل هى كما قالوا أو ليس األمر كذلك ومن شيوخهم من إذا‬
‫‪ 3‬أقوالهم ما يتبين به ضاللهم وعجز عن دفع ذلك يقول هذه علوم قد صقلتها‬ ‫بين له من فساد‬
‫‪ 3‬الفضالء فيقال له عن هذا أجوبة ‪:‬‬ ‫األذهان أكثر من الف سنة وقبلها‬
‫أحدها‪ :‬أنه ليس األمر كذلك فما زال العقالء الذين هم أفضل من هؤالء ينكرون عليهم ويبينون‬
‫‪ 3‬من ذلك‬ ‫‪ 3‬كتب أخبارهم ومقاالتهم‬ ‫‪ 3‬بينهم كثير معروف وفى‬ ‫خطأهم وضاللهم فأما القدماء فالنزاع‬
‫ما ليس هذا موضع ذكره ‪.‬‬
‫‪ 3‬المنطقية والإلهية‬ ‫‪ 3‬ما أفسدوه من أصولهم‬ ‫فأما أيام االسالم فإن كالم نظار المسلمين فى بيان فساد‬
‫بل والطبيعية والرياضية كثير ‪.‬‬
‫قد صنف فيه كل طائفة من طوائف نظار المسلمين حتى الرافضة ‪,‬وأما شهادة سائر طوائف أهل‬
‫الإيمان والعلماء بضالهم وكفرهم ؛فهذا البيان عام ال يدفعه إال معاند والمؤمنون شهداء اهلل فى‬
‫‪ 3‬وسائر أهل العلم والإيمان معلنين‬ ‫اآلرض فإذا كان أعيان األذكياء الفضالء من الطوائف‬
‫‪ 3‬إما جملة وإما تفضيال امتنع أن يكون العقالء قاطبة تلقوا كالمهم بالقبول ‪.‬‬ ‫‪ 3‬وتضليلهم‬‫بتخطئتهم‬
‫الوجه الثانى‪ :‬أن هذا ليس بحجة؛ فإن الفلسفة التى كانت قبل أرسطو وتلقاها من قبل بالقبول ؛‬
‫طعن أرسطو فى كثير منها وبين خطأهم ‪,‬وابن سينا وأتباعه خالفوا القدماء في طائفة من‬
‫‪ 3‬وبينوا خطأهم ورد الفالسفة بعضهم على بعض أكثر من رد كل طائفة بعضهم على‬ ‫أقاويلهم‬
‫بعض ‪ ,‬وأبو البركات وأمثاله قد ردوا على أرسطو ما شاء اهلل ألنهم يقولون إنما قصدنا الحق‬
‫ليس قصدنا التعصب لقائل معين وال لقول معين ‪.‬‬
‫‪ 3‬أعظم ممن دخل فى‬ ‫‪ 3‬دخل فيه من الطوائف‬ ‫‪ 3‬أقدم من فلسفتهم ‪,‬وقد‬‫و الثالث‪ :‬أن دين عباد األصنام‬
‫فلسفتهم ‪,‬وكذلك دين اليهود المبدل أقدم من فلسفة أرسطو ودين النصارى المبدل قريب من زمن‬
‫‪ 3‬بن فيلبس الذى‬ ‫أرسطو ؛فإن أرسطو كان قبل المسيح بنحو ثالثمائة ؛فإنه كان من زمن الإسكندر‬
‫يؤرخ به تاريخ الروم الذى يستعمله اليهود والنصارى ‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬أن يقال فهب أن الأمر كذلك فهذه العلوم عقلية محضة ليس فيها تقليد لقائل ‪,‬وإنما تعلم‬
‫‪ 3‬أن تصحح بالنقل بل وال يتكلم فيها إال بالمعقول المجرد ؛فإذا دل المعقول‬ ‫بمجرد العقل فال يجوز‬
‫الصريح على بطالن الباطل منها لم يجز رده فإن أهلها لم يدعوا أنها مأخوذه عن شيء يجب‬
‫تصديقه بل عن عقل محض فيجب التحاكم فيها الى موجب العقل الصريح ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)196|9‬‬
‫‪ 3‬ال يحتاج إليه أكثر الناس ‪,‬وإنما يحتاج إليه من لم يعرف غيره أو من‬ ‫وقال ‪ :‬وكثير من الطرق‬
‫‪ 3‬أدق وأخفى وأكثر مقدمات وأطول كان‬ ‫أعرض عن غيره ‪,‬وبعض الناس يكون كلما كان الطريق‬
‫أنفع له لأن نفسه اعتادت النظر فى الأمور الدقيقة ؛فإذا كان الدليل قليل المقدمات أو كانت جلية لم‬
‫‪ 3‬لعادته ال‬
‫تفرح نفسه به‪ ,‬ومثل هذا قد تستعمل معه الطرق الكالمية المنطقية وغيرها لمناسبتها‬
‫‪ 3‬عليها مطلقا ؛فإن من الناس من إذا عرف ما يعرفه جمهور الناس‬ ‫لكون العلم بالمطلوب متوقفا‬
‫وعمومهم أو ما يمكن غير الأذكياء معرفته لم يكن عند نفسه قد امتاز عنهم بعلم فيحب معرفة‬
‫الأمور الخفية الدقيقة الكثيرة المقدمات ‪,‬ولهذا يرغب كثير من علماء السنة فى النظر فى العلوم‬
‫‪ 3‬والدور وهو علم صحيح فى نفسه‬ ‫الصادقة الدقيقة كالجبر والمقابلة وعويص الفرائض والوصايا‬
‫‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)213|9‬‬
‫‪3‬‬
‫وقال ‪ :‬واذا اتسعت العقول وتصوراتها اتسعت عباراتها وإذا ضاقت العقول والعبارات‬
‫‪ 3‬تجدهم‬ ‫‪ 3‬كأنه محبوس العقل واللسان كما يصيب أهل المنطق اليونانى‬ ‫‪ 3‬بقى صاحبها‬ ‫والتصورات‬
‫‪ 3‬فى العلوم‬ ‫‪3‬ذا تصرف‬ ‫‪ 3‬ولهذا من كان ذكيا إ‬
‫‪ 3‬وأعجزهم تصورا وتعبيرا‬ ‫من أضيق الناس علما وبيانا‬
‫‪ 3‬وغايته بيان البين وإيضاح الواضح من‬ ‫‪ 3‬وتكلف وتعسف‬ ‫وسلك مسلك أهل المنطق‪ :‬طول وضيق‬
‫‪.3‬‬‫‪ 3‬يوقعه ذلك فى أنواع من السفسطة التى عافى منها من لم يسلك طريقهم‬ ‫العي وقد‬
‫مجموع الفتاوى (‪)158|9‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ 3‬الذى وضعه أرسطو وما يتبعه من الطبيعى‬ ‫وقال ‪ :‬ثم إن الفاللسفة أصحاب هذا المنطق البرهانى‬
‫‪ 3‬ماال يحصيه إال اهلل‪,‬‬ ‫والإلهى ليسوا أمة واحدة بل أصناف متفرقون‪ ,‬وبينهم من التفرق واالختالف‬
‫‪ 3‬مضاعفة فإن القوم كلما بعدوا عن أتباع‬ ‫أعظم مما بين الملة الواحدة كاليهود والنصارى أضعافا‬
‫‪. ...3‬‬
‫‪ 3‬واختالفهم‬
‫الرسل والكتب كان أعظم فى تفرقهم‬
‫مجموع الفتاوى (‪)229|9‬‬
‫‪ 3‬لعاقل أن يظن أن الميزان العقلى الذي أنزله اهلل هو منطق اليونان لوجوه‪:‬‬ ‫وقال ‪ :‬وال يجوز‬
‫أحدهما‪ :‬أن اهلل أنزل الموازين مع كتبه قبل أن يخلق اليونان من عهد نوح وإبراهيم وموسى‬
‫وغيرهم وهذا المنطق اليوناني وضعه أرسطو قبل المسيح بثالثمائة سنة فكيف كانت الأمم‬
‫المتقدمة تزن به ‪.‬‬
‫الثانى ‪ :‬أن أمتنا أهل الإسالم ما زالوا يزنون بالموازين العقلية ‪,‬ولم يسمع سلفا بذكر هذا المنطق‬
‫‪ 3‬منها ‪.‬‬ ‫اليونانى ‪,‬وإنما ظهر في الإسالم لما عربت الكتب الرومية فى عهد دولة المأمون أو قريبا‬
‫الثالث ‪ :‬أنه ما زال نظار المسلمين بعد أن عرب وعرفوه يعيبونه ويذمونه وال يلتفتون إليه وال‬
‫‪ 3‬العقلية والشرعية ‪,‬وال يقول القائل ليس فيه مما انفردوا به إال اصطالحات‬ ‫‪3‬لى أهله فى موازينهم‬‫إ‬
‫‪ 3‬العقلية مشتركة بين الأمم فإنه ليس األمر كذلك بل فيه معانى كثيرة فاسدة ‪.‬‬ ‫لفظية وإال فالمعانى‬
‫ثم هذا جعلوه ميزان الموازين العقلية التى هى األقيسة العقلية ‪,‬وزعموا أنه آلة قانونية تعصم‬
‫مراعاتها الذهن أن يزل في فكره وليس الأمر كذلك فإنه لو احتاج الميزان إلى ميزان لزم التسلسل‬
‫‪.‬‬
‫و أيضا فالفطرة إن كانت صحيحة وزنت بالميزان العقلي ‪,‬وإن كانت بليدة أو فاسدة لم يزدها‬
‫‪, 3‬ولهذا يوجد عامة من يزن به علومه البد أن يتخبط وال يأتى بالأدلة‬ ‫المنطق إال بالدة وفسادا‬
‫‪ 3‬ومتى أتى بها على الوجه المحمود أعرض عن اعتبارها بالمنطق لما‬ ‫العقلية على الوجه المحمود‬
‫‪ 3‬الطريق وجعل الواضحات خفيات وكثرة الغلط والتغليط فإنهم إذا‬ ‫فيه من العجز والتطويل وتبعيد‬
‫عدلوا عن المعرفة الفطرية العقلية للمعينات إلى أقيسة كلية وضعوا ألفاظها وصارت مجملة‬
‫تتناول حقا وباطال حصل بها من الضالل ما هو ضد المقصود من الموازين وصارت هذه‬
‫الموازين عائلة ال عادلة وكانوا فيها من المطففين {الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا‬
‫كالوهم أو وزنوهم يخسرون} وأين البخس فى الأموال من البخس في العقول واألديان مع أن‬
‫أكثرهم ال يقصدون البخس بل هم بمنزلة من ورث موازين من أبيه يزن بها تارة له وتارة عليه‬
‫وال يعرف أهي عادلة أم عائلة ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)243|9‬‬
‫‪ 3‬هنا أن ابن سينا أخبر عن نفسه أن أهل بيته وأباه وأخاه كانوا من هؤالء‬ ‫وقال ‪:‬والمقصود‬
‫المالحدة ‪,‬وأنه إنما اشتغل بالفلسفة بسبب ذلك ؛فإنه كان يسمعهم يذكرون العقل والنفس ‪.‬‬
‫وهؤالء المسلمون الذين ينتسب اليهم هم مع الإلحاد الظاهر والكفر الباطن أعلم باهلل من سلفه‬
‫‪ 3‬العرب ما‬ ‫الفالسفة كأرسطو واتباعه فإن أولئك ليس عندهم من العلم باهلل إال ما عند عباد مشركى‬
‫هو خير منه ‪...‬‬
‫وابن سينا لما عرف شيئا من دين المسلمين ‪,‬وكان قد تلقى ما تلقاه عن المالحدة وعمن هو خير‬
‫منهم من المعتزلة والرافضة أراد أن يجمع بين ما عرفه بعقله من هؤالء وبين ما أخذه من سلفه‬
‫ومما أحدثه مثل كالمه فى النبوات وأسرار اآليات والمنامات بل وكالمه فى بعض الطبيعيات‬
‫‪ 3‬ذلك وإال فأرسطو وأتباعه ليس فى كالمهم ذكر واجب الوجود‬ ‫وكالمه فى واجب الوجود ونحو‬
‫وال شىء من األحكام التى لواجب الوجود وإنما يذكرون العلة األولى ويثبتونه من حيث هو علة‬
‫غائية للحركة الفلكية يتحرك الفلك للتشبه به ‪.‬‬
‫فابن سينا أصلح تلك الفلسفة الفاسدة بعض إصالح حتى راجت على من يعرف دين الإسالم من‬
‫‪ 3‬كل منهم بحسب ما عنده ولكن‬ ‫الطلبة النظار ‪,‬وصار يظهر لهم بعض ما فيها من التناقض فيتكلم‬
‫‪ 3‬ما دخل فيها من الباطل‬ ‫سلموا لهم أصوال فاسدة فى المنطق والطبيعيات والإلهيات ولم يعرفوا‬
‫فصار ذلك سببا إلى ضاللهم فى مطالب عالية إيمانية ومقاصد سامية قرآنية خرجوا بها عن‬
‫حقيقة العلم والإيمان وصاروا بها فى كثير من ذلك ال يسمعون وال يعقلون بل يسفسطون فى‬
‫العقليات ويقرمطون فى السمعيات ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)136|9‬‬
‫وقال ‪ :‬وهو أن نقول هب أن صورة القياس المنطقي ومادته تفيد علوما كلية لكن من أين يعلم أن‬
‫العلم الكلي ال ينال حتى يقول هؤالء المتكلفون القافون ما ليس لهم به علم هم ومن قلدهم من أهل‬
‫‪ 3‬والتصديقات ال يعلم إال بالحد والقياس وعدم‬ ‫الملل وعلمائهم إن ما ليس ببديهي من التصورات‬
‫العلم ليس علما بالعدم ؛فالقائل لذلك لم يمتحن أحوال نفسه ولو امتحن أحوال نفسه لوجد له علوما‬
‫كلية بدون القياس المنطقي وتصورات كثيرة بدون الحد وإن علم ذلك من نفسه أو بني جنسه فمن‬
‫‪ 3‬ومواهب الحق لهم هم بمنزلته وأن اهلل ال‬ ‫أين له أن جميع بني آدم مع تفاوت فطرهم وعلومهم‬
‫يمنح أحدا علما إال بقياس منطقي ينعقد في نفسه حتى يزعم هؤالء أن األنبياء كانوا كذلك بل‬
‫صعدوا إلى رب العالمين وزعموا أن علمه بأمور خلقه إنما هو بواسطة القياس المنطقي وليس‬
‫‪ 3‬تكلموا بهذه‬‫معهم بهذا النفي الذي لم يحيطوا بعلمه من حجة إالعدم العلم فيدعون العلم ‪,‬وقد‬
‫القضية الكلية السالبة التي تعم ما ال يحصى عددها إال اهلل بال علم لهم بها أصال ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)79|9‬‬
‫وقال ‪ :‬إن الأنبياء والأولياء لهم من علم الوحي والإلهام ما هو خارج عن قياسهم الذي ذكروه بل‬
‫الفراسة أيضا وأمثالها ؛فإن أدخلوا ذلك فيما ذكروه من الحسيات والعقليات لم يمكنهم نفي ما لم‬
‫‪ 3‬التى هي مادة‬ ‫‪, 3‬وقد ذكر ابن سينا وأتباعه أن القضايا الواجب قبولها‬ ‫يذكروه ‪,‬ولم يبق لهم ضابط‬
‫‪3‬‬
‫‪ 3‬وربما ضموا إلى ذلك قضايا‬ ‫‪ 3‬والمتواترات‬ ‫البرهان الأوليات والحسيات والمجربات والحدسيات‬
‫‪ 3‬ولم يذكروا دليال على هذا الحصر ‪,‬ولهذا اعترف المنتصرون لهم أن هذا التقسيم‬ ‫معها حدودها‬
‫‪3‬‬
‫‪ 3‬يتعذر إقامة دليل عليه ‪,‬وإذا كان كذلك لم يلزم أن كل ما لم يدخل فى قياسهم‬ ‫منتشر غير منحصر‬
‫‪ 3‬فال يكون المنطق آلة قانونية تعصم مراعاتها من الخطأ ؛فإنه إذا ذكر له‬ ‫ال يكون معلوما وحينئذ‬
‫قضايا يمكن العلم بها بغير هذا الطريق لم يمكن وزنها بهذه الأدلة ‪.‬‬
‫وعامة هؤالء المنطقيين يكذبون بما لم يستدل عليه بقياسهم ‪,‬وهذا فى غاية الجهل السيما إن كان‬
‫الذي كذبوا به من أخبار الأنبياء ‪.‬‬
‫فإذا كان أشرف العلوم ال سبيل إلى معرفته بطريقهم لزم أمران‬
‫‪ 3‬دليل عليه‪.‬‬‫أحدهما‪ :‬أن ال حجة لهم على ما يكذبون به مما ليس فى قياسهم‬
‫‪ 3‬إذا علم أنه ال يفيد النجاة وال السعادة ‪.‬‬ ‫و الثانى‪ :‬أن ما علموه خسيس بالنسبة إلى ما جهلوه فكيف‬
‫مجموع الفتاوى (‪)247|9‬‬
‫وقال ‪ :‬إنهم يجعلون ما هو علم يجب تصديقه ليس علما‪,‬وما هو باطل وليس بعلم يجعلونه علما‬
‫‪ 3‬ال حقيقة له فى الواقع ‪,‬وأنهم إنما‬ ‫فزعموا ما جاءت به الأنبياء فى معرفة اهلل وصفاته والمعاد‬
‫‪ 3‬بما يتخيلونه فى ذلك لينتفعوا به فى إقامة مصلحة دنياهم ال يعرفوا بذلك الحق‬ ‫أخبروا الجمهور‬
‫‪,‬وأنه من جنس الكذب لمصلحة الناس ويقولون أن النبى حاذق بالشرائع العملية دون العلمية‬
‫‪ 3‬وال يوجبون‬ ‫‪,‬ومنهم من يفضل الفيلسوف على كل نبى وعلى نبينا عليه أفضل الصالة والسالم‬
‫‪ 3‬الدخول فى الإسالم قيل‬ ‫اتباع نبى بعينه ال محمد وال غيره ‪,‬ولهذا لما ظهرت التتار وأراد بعضهم‬
‫‪ 3‬أشار عليه بعض من كان معه من الفالسفة بأن ال يفعل قال ‪:‬ذاك لسانه عربي وال‬ ‫إن هوالكو‬
‫تحتاجون إلى شريعته ‪.‬‬
‫ومن تبع النبى منهم فى الشرائع العملية ال يتبعه فى أصول الدين واالعتقاد بل النبى عندهم‬
‫‪ 3‬مذهبا من المذاهب الأربعة‬ ‫بمنزلة أحد الإئمة الأربعة عند المتكلين ؛فإن أئمة الكالم إذا قلدوا‬
‫‪ 3‬التوحيد بل قد‬‫‪ 3‬في تقليده على القضايا الفقهية وال يلتزمون موافقته فى الأصول ومسائل‬ ‫اقتصروا‬
‫‪ 3‬المتكلمين أفضل منهم فى ذلك ‪.‬‬ ‫يجعلون شيوخهم‬
‫‪3‬‬
‫‪ 3‬والجنة والنار‬ ‫وقد أخبر النبى عن اهلل بأسمائه وصفاته المعينة وعن المالئكة والعرش والكرسي‬
‫‪, 3‬وليس شيء‬ ‫‪,‬وليس فى ذلك شيء من ذلك بقياسهم ‪,‬وكذا أخبر عن أمور معينة مما كان وسيكون‬
‫‪ 3‬ال تفيد إال أمورا كلية ‪,‬وهذه‬
‫‪ 3‬وال غيره ؛فإن أقيستهم‬ ‫من ذلك يمكن معرفته بقياسهم ال البرهاني‬
‫‪ 3‬أخبر بما يكون من الحوادث المعينة حتى أخبر عن التتر الذين جاءوا بعد‬ ‫أمور خاصة ‪,‬وقد‬
‫ستمائة سنة من إخباره وكذلك عن النار التى خرجت قبل مجيء التتر سنة خمس وخمسين‬
‫‪ 3‬يدل على آدمى معين أو أمة معينة فضال عن‬ ‫‪ 3‬وبرهانهم‬‫‪ 3‬أن قياسهم‬ ‫وستمائةهـ فهل يتصور‬
‫‪ 3‬بالصفات التى ذكرها ثم من بالياهم وكفرياتهم أنهم قالوا إن الباري تعالى ال يعلم‬ ‫موصوف‬
‫الجزئيات وال يعرف عين موسى وعيسى وال غيرهما وال شيئا من تفاصيل الحوادث والكالم‬
‫والرد عليهم فى ذلك مبسوط فى موضعه ‪.‬‬
‫والمقصود أن يعرف االنسان أنهم يقولون من الجهل والكفر ما هو فى غاية الضالل فرارا من‬
‫الزم ليس قط دليل على نفيه ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى(‪)249|9‬‬
‫نقض قولهم في الحد‬
‫فاعلم أنهم بنوا المنطق على الكالم فى الحد ونوعه والقياس البرهانى ونوعه قالوا لأن العلم إما‬
‫‪ 3‬؛فالطريق الذى ينال به التصور هو الحد والطريق الذى ينال به التصديق هو‬ ‫تصور وإما تصديق‬
‫القياس‪.‬‬
‫‪ 3‬أن‬‫فنقول ‪:‬الكالم فى أربع مقامات مقامين سالبين ومقامين موجبين فالأوالن‪ :‬أحدهما‪ :‬فى قولهم‬
‫التصور المطلوب ال ينال إال بالحد ‪.‬‬
‫و الثانى‪ :‬أن التصديق المطلوب ال ينال إال بالقياس ‪.‬‬
‫‪.3‬‬‫واآلخران فى أن الحد يفيد العلم بالتصورات‬
‫‪ 3‬يفيد العلم بالتصديقات ‪.‬‬‫وأن القياس أو البرهان الموصوف‬
‫مجموع الفتاوى (‪)83|9‬‬
‫القسم األول ‪ :‬الكالم على الحد‬
‫المسألة األولى ‪ :‬قولهم أن التصور ال ينال إال بالحد‬
‫‪ , 3‬وهاتان المسألتان متداخلتان‪.‬‬ ‫المسألة الثانية ‪ :‬إن الحد يفيد العلم بالتصورات‬
‫والكالم عليها من وجوه ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬ال ريب أن النافي عليه الدليل كالمثبت والقضية سواء أكانت سلبية أو إيجابية إذا لم تكن‬
‫‪ 3‬إال‬
‫‪" 3‬ال تحصل التصورات‬ ‫بديهية ال بد لها من دليل‪ ,‬وأما السلب بال علم فهو قول بال علم فقولهم‬
‫بالحد" قضية سالبة وليست بديهية فهم مطالبون بالدليل وإذا لم يقيموا دليال كان هذا قوال بال علم‬
‫‪ 3‬تجعل هذه القاعدة التي لم يقيموا عليها دليال أساسا لميزان العلم ‪ ,‬وهم‬ ‫‪,‬وهو أول ما أسسوه فكيف‬
‫يزعمون أن هذا العلم آله قانونية تعصم مراعاتها الذهن عن الزلل والخطأ ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪ )84|9‬والرد على المنطقيين (‪)7‬‬
‫الثاني ‪ :‬قولهم أن التصور الذى ليس ببديهى الينال إال بالحد باطل لأن الحد هو قول الحاد ‪.‬‬
‫‪.3‬‬
‫فالحد في تعريفهم ‪ :‬هو القول الدال على ماهيه المحدود‬
‫فال شك أن المعرفة بالحد ال تكون إال بعد الحد ؛فإن الحاد الذى ذكر الحد ؛إن كان عرف‬
‫المحدود بغير حد بطل قولهم ‪ -‬أنه ال يعرف إال بالحد ‪ -‬وإن كان عرفه بحد آخر فالقول فيه‬
‫كالقول فى األول؛ فإن كان هذا الحاد عرفه بعد الحد الأول لزم التسلسل أوالدور(‪. )6‬‬
‫‪ 3‬الفتاوى (‪)44|9‬‬
‫الرد على المنطقيين (‪)27‬ومجموع‬
‫‪ 3‬بالحد لحصل ذلك قبل العلم بصحة الحد‬ ‫الثالث‪ :‬لو حصل تصور المحدود‬
‫‪ 3‬المحدود لم يحصل ذلك إال بعد العلم بصحة الحد ؛فإنه دليل‬ ‫قال ‪ :‬لو كان الحد مفيدا لتصور‬
‫‪ 3‬قبل العلم بصحة المعرف‬ ‫التصور وطريقه وكاشفه ؛ فمن الممتنع أن يعلم المعرف المحدود‬
‫‪,‬والعلم بصحة الحد ال يحصل إال بعد العلم بالمحدود إذ الحد خبر عن مخبر هو المحدود ؛فمن‬
‫‪ 3‬المخبر عنه من غير تقليد للمخبر وقبول قوله‪.‬‬ ‫المتنع أن يعلم صحة الخبر وصدقه قبل تصور‬
‫مجموع الفتاوى (‪ )93|9‬والرد على المنطقيين (‪)38‬‬

‫الرابع ‪:‬استغناء أهل العلوم عن الحد‬


‫إن األمم جميعهم من أهل العلوم والمقاالت وأهل األعمال والصناعات يعرفون الأمور التي‬
‫يحتاجون إلى معرفتها ‪,‬ويحققون من العلوم والأعمال من غير تكلم بحد ‪,‬وال نجد أحدا من أئمة‬
‫العلوم يتكلم بهذه الحدود ال أئمة الفقه وال النحو وال الطب وال الحساب وال أهل الصناعات مع‬
‫أنهم يتصورون مفردات علمهم؛ فعلم استغناء التصور عن هذه الحدود ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪ )85|9‬والرد على المنطقيين (‪)8‬‬
‫وقال أيضا ‪ :‬أن المتكلمين بالحدود طائفة قليلة فى بنى آدم ال سيما الصناعة المنطقية ؛فإن‬
‫واضعها هو أرسطو وسلك خلفه فيها طائفة من بنى آدم ‪.‬‬
‫‪ 3‬حاصلة بدون ذلك ؛فبطل قولهم إن المعرفة‬ ‫ومن المعلوم أن علوم بنى آدم عامتهم وخاصتهم‬
‫متوقفة عليها‪ ,‬أما الأنبياء فال ريب فى استغنائهم عنها ‪,‬وكذلك أتباع الأنبياء من العلماء والعامة ؛‬
‫فإن القرون الثالثة من هذه الأمة الذين كانوا أعلم بنى آدم علوما ومعارف لم يكن تكلف هذه‬
‫الحدود من عادتهم ؛فإنهم لم يبتدعوها ولم تكن الكتب االعجمية الرومية عربت لهم ‪,‬وإنما حدثت‬
‫بعدهم من مبتدعة المتكلمين والفالسفة ‪,‬ومن حين حدثت صار بينهم من االختالف والجهل ماال‬
‫يعلمه إال اهلل ‪.‬‬
‫وكذلك علم الطلب و الحساب وغير ذلك التجد أئمة هذه العلوم يتكلفون هذه الحدود المركبة من‬
‫الجنس والفصل إال من خلط ذلك بصنعتهم من أهل المنطق ‪.‬‬
‫وكذلك النحاة مثل سيبويه الذى ليس فى العالم مثل كتابه ‪,‬وفيه حكمة لسان العرب لم يتكلف فيه‬
‫‪ 3‬ذلك كما فعل غيره ‪.‬‬ ‫حد االسم والفاعل ونحو‬
‫‪ 3‬حدودا كثيرة كلها مطعون فيها عندهم ‪,‬وكذلك ما تكلف‬ ‫ولما تكلف النحاة حد االسم ذكروا‬
‫‪ 3‬نحو ذلك لم يدخل فيها عندهم من هو إمام فى الصناعة‬ ‫‪ 3‬من حد الفاعل والمبتدأ والخبر‬ ‫متأخروهم‬
‫وال حاذق فيها ‪.‬‬

‫‪ )?( 6‬التسلسل ‪ :‬مصطلح كالمي يراد به ( ترتيب أمور غير متناهية ) وإنما سمى تسلس ً‬
‫ال أخذًا من السلسلة‬
‫وهي قابلة لزيادة الحلقات إلى ما ال نهاية له فالمناسبة بينهما عدم التناهي بين طرفيها ففي السلسة مبتدؤها‬
‫ومنتهاها ‪,‬وأما في التسلسل فطرفاه هما الزمن الماضي والمستقبل ‪.‬عن كتاب رسائل الشيخ محمد الحمد ‪.‬‬
‫وأما الدور فهو توقف كل من األمرين على اآلخر ومثلوا لذلك بقول الشاعر‬
‫قضية الدور جرت *** بيني وبين من أحب‬
‫لوال مشيبي ما جفت*** لوال جفاها لم أشب‬
‫إرشاد الفحول (‪ )50‬تحقيق محمد صبحي حالق‬
‫وكذلك الحدود التى يتكلفها بعض الفقهاء للطهارة والنجاسة وغير ذلك من معانى الأسماء‬
‫‪ 3‬فى أصول الفقه لمثل الخبر والقياس والعلم‬
‫المتداولة بينهم ‪,‬وكذلك الحدود التى تكلفها الناظرون‬
‫‪,‬وغير ذلك لم يدخل فيها إال من ليس بإمام فى الفن ‪,‬وإلى الساعة لم يسلم لهم حد ‪,‬وكذلك حدود‬
‫أهل الكالم ؛ فإذا كان حذاق بنى آدم فى كل فن من العلم أحكموه بدون هذه الحدود المتكلفة بطل‬
‫‪ 3‬المعرفة عليها ‪.‬‬
‫دعوى توقف‬
‫مجموع الفتاوى(‪)47|9‬‬

‫‪ 3‬على معانيها المفردة‬ ‫الخامس ‪ :‬أن سامع الحد إن لم يكن عارفا قبل ذلك بمفردات ألفاظه وداللتها‬
‫لم يمكنه فهم الكالم والعلم بأن اللفظ دال على المعنى وموضوع له مسبوق بتصور المعنى وإن‬
‫‪ 3‬لمسمى اللفظ ومعناه قبل سماعه امتنع أن يقال إنما تصوره بسماعه(‪. )7‬‬ ‫كان متصورا‬
‫مجموع الفتاوى (‪ )86|9‬والرد على المنطقيين (‪)10‬‬
‫‪ 3‬غير فطري‬ ‫السادس ‪ :‬صناعة الحد وضع اصطالحي‬
‫‪ 3‬الحقيقة العلمية ‪,‬وهي مع ذلك مخالفة‬ ‫قال ‪ :‬هذه صناعة وضعية اصطالحية ليست من األمور‬
‫لصريح العقل ‪,‬ولما عليه الوجود في مواضع ؛فتكون باطلة ليست من األوضاع المجردة كوضع‬
‫‪3‬‬‫‪, 3‬وأما وضعهم فمخالف‬ ‫أسماء األعالم ؛فإن تلك فيها منفعة وهي ال تخالف عقال وال وجودا‬
‫‪ 3‬مجردا لم يكن ميزانا للعلوم والحقائق ؛فإن األمور‬ ‫لصريح العقل والوجود ‪,‬ولو كان وضعا‬
‫‪ 3‬كالمعرفة بصفات األشياء وحقائقها‬ ‫‪ 3‬واالصطالحات‬ ‫الحقيقية العلمية ال تختلف باختالف األوضاع‬
‫‪ 3‬أو مريد أو متحرك أو ساكن أو حساس أو غير حساس‬ ‫؛فالعلم بأن الشيء حي أو عالم أو قادر‬
‫‪ 3‬اهلل تعالى عباده‬‫‪ 3‬الحقيقية الفطرية التي فطر‬‫ليس هو من الصناعات الوضعية بل هو من األمور‬
‫‪ 3‬المستقيمة ‪.‬‬
‫عليها ؛كما فطرهم على أنواع االرادات الصحيحة والحركات‬
‫السيما وهؤالء يقولون إن المنطق ميزان العلوم العقلية ومراعاته تعصم الذهن عن أن يغلط في‬
‫‪ 3‬ميزان األلفاظ العربية المركبة‬ ‫‪ 3‬والتصريف‬ ‫فكره ؛ كما أن العروض ميزان الشعر والنحو‬
‫والمفردة وآالت المواقيت موازين لها‪.‬‬
‫ولكن ليس األمر كذلك؛ فإن العلوم العقلية تعلم بما فطر اهلل عليه بني آدم من أسباب االدراك ال‬
‫تقف على ميزان وضعي لشخص معين وال يقلد في العقليات أحد بخالف العربية فانها عادة لقوم‬
‫ال تعرف اال بالسماع وقوانينها ال تعرف إال باالستقراء بخالف ما به يعرف مقادير المكيالت‬
‫والمذونات والمزروعات والمعدودات فانها تفتقر إلى ذلك غالبا لكن تعيين ما به يكال ويوزن‬
‫بقدر مخصوص أمر عادي كعادة الناس في اللغات ‪.‬‬
‫الرد على المنطقيين (‪)27‬‬
‫السابع ‪ :‬إلى الساعة ال يعلم للناس حد مستقيم على أصلهم بل أظهر الأشياء الإنسان وحده‬
‫بالحيوان الناطق عليه االعتراضات المشهورة ‪ ,‬وكذا حد الشمس وأمثاله حتى إن النحاة لما دخل‬
‫‪ 3‬في الحدود ذكروا لالسم بضعة وعشرين حدا وكلها معترضة على أصلهم ‪,‬‬ ‫متأخروهم‬
‫‪ 3‬ذكروا للقياس بضعة وعشرين حدا وكلها أيضا معترضة ‪,‬وعامة الحدود المذكورة‬ ‫والأصوليون‬
‫في كتب الفالسفة والأطباء والنحاة وأهل األصول والكالم معترضة لم يسلم منها إال القليل فلو‬
‫‪ 3‬الناس شيئا من هذه الأمور‬ ‫كان تصور الأشياء موقوفا على الحدود ولم يكن إلى الساعة قد تصور‬

‫‪)?( 7‬قال شيخ اإلسالم ‪ :‬فمن لم يتصور مسمى الخبر والماء والسماء واألرض واألب واألم لم يعرف داللة‬
‫اللفظ عليه ‪,‬وإذا كان متصورا لمسمى اللفظ ومعناه قبل استماعه وإن لم يعرف داللة اللفظ عليه امتنع أن يقال إنه‬
‫إنما تصوره باستماع اللفظ ألن في ذلك دورا قبليا إذ يستلزم أن يقال لم يتصور المعنى حتى سمع اللفظ وفهمه ولم‬
‫يمكن أن يفهم المراد باللفظ حتى يكون قد تصور ذلك المعنى قبل ذلك ‪.‬الرد على المنطقيين (‪)10‬‬
‫‪ 3‬فال يكون عند بني آدم‬
‫‪ 3‬لم يحصل تصديق‬
‫‪ 3‬على التصور ؛فإذا لم يحصل تصور‬‫‪ 3‬موقوف‬‫والتصديق‬
‫علم من عامة علومهم وهذا من أعظم السفسطة ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى(‪ )85|9‬والرد على المنطقيين (‪)8‬‬

‫‪ 3‬الماهية – حقيقة الشيء ‪ -‬إنما يحصل عندهم بالحد الحقيقي المؤلف من‬ ‫الثامن ‪ :‬أن تصور‬
‫‪3‬‬
‫الذاتيات المشتركة والمميزة ‪,‬وهو المركب من الجنس والفصل وهذا الحد إما متعذر أو متعسر‬
‫‪3‬‬
‫‪ 3‬فال يكون قد تصور حقيقة من الحقائق دائما أو غالبا وقد تصورت‬‫‪ 3‬بذلك وحينئذ‬
‫كما قد أقروا‬
‫‪ 3‬عن الحد ‪.‬‬
‫الحقائق فعلم استغناء التصور‬
‫مجموع الفتاوى(‪ )86|9‬والرد على المنطقيين (‪)9‬‬

‫‪ 3‬بين بعض الصفات وبعض؛ إذ جعلوا التصور بما‬ ‫قال ‪ :‬ولما راموا ذلك لم يكن بد من أن يفرقوا‬
‫جعلوه ذاتيا فال بد أن يفرقوا بين ما هو ذاتي عندهم وما ليس كذلك ؛فأدى ذلك إلى التفريق بين‬
‫المتماثالت حيث جعلوا صفة ذاتية دون أخرى مع تساويهما أو تقاربهما وطلب الفرق بين‬
‫‪ 3‬؛فإن كان متعذرا بطل‬ ‫المتماثالت ممتنع وبين المتقاربات عسر ؛فالمطلوب إما متعذر أو متعسر‬
‫بالكلية وإن كان متعسرا فهو بعد حصوله‪ ,‬ليس فيه فائدة زائدة على ما كان يعرف قبل حصوله‬
‫‪ 3‬بين أن يمتنع عليهم ما شرطوه أوينالوه وال يحصل به ما قصدوه على التقديرين فليس ما‬ ‫فصاروا‬
‫‪ 3‬الحقائق في نفس من ال يتصورها بدون الحد ‪,‬وإن كان قد يفيد‬ ‫وضعوه من الحد طريقا لتصور‬
‫من تمييز المحدود ما تفيده األسماء ‪.‬‬
‫‪ 3‬ال تكون‬ ‫وقد تفطن الفخر الرازي لما عليه أئمة الكالم وقرر في محصله وغيره أن التصورات‬
‫‪ 3‬المحدود (‪.)8‬‬
‫‪ 3‬أن الحد ال يفيد تصور‬
‫مكتسبة وهذا هو حقيقة قولنا‬
‫مجموع الفتاوى(‪ )89|9‬والرد على المنطقيين (‪)31( )29‬‬
‫‪ 3‬صفات مشتركة ومختصة حق ؛لكن التمييز بين تلك الصفات بجعل‬ ‫وقال أيضا ‪:‬إن العلم بوجود‬
‫‪, 3‬وبعضها الزما لحقيقة المحدود تفريق باطل ؛بل جميع‬ ‫بعضها ذاتيا تتقوم منه حقيقة المحدود‬
‫الصفات المالزمة للمحدود طردا وعكسا هي جنس واحد فال فرق بين الفصل والخاصة وال بين‬
‫(‪)9‬‬

‫الجنس والعرض العام ‪.‬‬


‫وذلك أن الحقيقة المركبة من تلك الصفات إما أن يعني بها الخارجة أو الذهنية أو شيء ثالث ‪,‬فإن‬
‫‪ 3‬في الإنسان حقيقتان الزمتان يختصان به ‪,‬وإن عنى الحقيقة‬ ‫عنى بها الخارجة فالنطق والضحك‬
‫التي في الذهن ‪,‬فالذهن يعقل اختصاص هاتين الصفتين به دون غيره ‪.‬‬
‫وإن قيل بل إحدى الصفتين يتوقف عقل الحقيقة عليها ؛فال يعقل الإنسان في الذهن حتى يفهم‬
‫‪ 3‬الذاتي ما ال يتصور فهم الحقيقة‬ ‫النطق ‪,‬وأما الضحك فهو تابع لفهم االنسان ‪,‬وهذا معنى قولهم‬
‫‪ 3‬؛فإن‬‫بدون فهمه أو ما تقف الحقيقة في الذهن ‪,‬والخارج عليه قيل إدراك الذهن أمر نسبي إضافي‬
‫كون الذهن ال يفهم هذا إال بعد هذا أمر يتعلق بنفس إدراك الذهن ليس هو شيئا ثابتا للموصوف‬
‫‪ 3‬ثابت في نفس األمر سواء حصل‬ ‫في نفسه فال بد أن يكون الفرق بين الذاتي والعرضي بوصف‬
‫الإدراك له أو لم يحصل إن كان أحدهما جزءا للحقيقة دون اآلخر وإال فال ‪.‬‬

‫‪)?( 8‬وقد سطر الغزالي اعترافه باستعصاء الحد على طريقة المتكلمين في كتابه "معيار العلم " انظر الرد على‬
‫المنطقيين (‪)19‬‬

‫‪)?( 9‬الطرد هو التالزم في الثبوت وهنا حيث وجدت الصفات وجد المحدود ‪,‬وأما العكس فهو ضد الطرد وهنا‬
‫حيث انتفت انتفى المحدود‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)53|9‬‬
‫التاسع ‪ :‬أن يقال كون الذهن ال يعقل هذا إال بعد هذا إن كان إشارة إلى أذهان معينة وهي التي‬
‫(‪)10‬‬

‫تصورت هذا‪ :‬لم يكن هذا حجة ألنهم هم وضعوها هكذا ؛فيكون التقدير أن ما قدمناه في أذهاننا‬
‫‪ 3‬األمر إلى أنا تحكمنا بجعل بعض‬ ‫على الحقيقة فهو الذاتي ‪,‬وما أخرناه فهو العرضي ويعود‬
‫‪ 3‬عرضيا الزما وغير الزم ‪,‬وإن كان األمر كذلك كان هذا الفرقان مجرد‬ ‫الصفات ذاتيا وبعضها‬
‫‪ 3‬بين المتماثلين ‪.‬‬
‫(‪)11‬‬
‫‪ 3‬من هؤالء أن يجمعوا بين المفترقين ويفرقوا‬ ‫تحكم بال سلطان وال يستنكر‬
‫‪ 3‬ما‬‫‪ 3‬التي ضلوا بها وأضلوا ‪,‬وهو أول من أفسد دين المسلمين وابتدع‬ ‫فما أكثر هذا في مقاييسهم‬
‫غير به الصائبة مذاهب أهل الإيمان المهتدين ‪.‬‬
‫‪ 3‬نطقه ببالها‬ ‫وإن قالوا بل جميع أذهان بني آدم واألذهان الصحيحة ال تدرك الإنسان إال بعد خطور‬
‫دون ضحكه ‪.‬‬
‫قيل لهم ليس هذا بصحيح ‪,‬وال يكاد يوجد هذا الترتيب إال فيمن يقلد عنكم هذه الحدود من المقلدين‬
‫‪ 3‬آدم قد ال يخطر ألحدهم أحد الوصفين‬ ‫‪ 3‬ميزان المعقوالت ‪,‬وإال فبنو‬‫‪ 3‬التي جعلتموها‬‫لكم في األمور‬
‫‪,‬وقد يخطر له هذا دون هذا وبالعكس ‪,‬ولو خطر له الوصفان وعرف أن الإنسان حيوان ناطق‬
‫ضاحك لم يكن بمجرد معرفته هذه الصفات مدركا لحقيقة الإنسان أصال وكل هذا أمر محسوس‬
‫معقول ‪...‬‬
‫ومن هنا يقولون الحدود الذاتية عسرة ‪,‬وإدراك الصفات الذاتية صعب وغالب ما بأيدي الناس‬
‫‪ 3‬تفريقا بين شيئين بمجرد التحكم الذي هم أدخلوه ‪.)12(.‬‬‫حدود رسمية وذلك كله لأنهم وضعوا‬
‫مجموع الفتاوى(‪)54|9‬‬
‫‪ 3‬والفصل هو‬ ‫العاشر ‪ :‬قولهم الحقيقة مركبة من الجنس والفصل والجنس هو الجزء المشترك‬
‫الجزء المميز‪.‬‬
‫يقال لهم هذا التركيب إما أن يكون في الخارج أو في الذهن ؛فإن كان في الخارج فليس في‬
‫‪ 3‬بهذا الحد إال الأعيان المحسوسة والأعيان في كل عين صفة يكون‬ ‫الخارج نوع كلي يكون محدودا‬
‫نظيرها لسائر الحيوانات كالحس والحركة الإرادية‪ ,‬وصفة ليس مثلها لسائر الحيوان وهي النطق‬
‫‪ 3‬القائمة لأمور مركبة من‬ ‫‪,‬وفي كل عين يجتمع هذان الوصفان كما يجتمع سائر الصفات والجواهر‬
‫الصفات المجعولة لها ‪.‬‬
‫‪ 3‬ناطق بل‬ ‫وإن أردتم بالحيوانية والناطقية جوهرا فليس في الإنسان جوهران أحدهما حي واآلخر‬
‫هو جوهر واحد له صفتان ؛فإن كان الجوهر مركبا من عرضين لم يصح وإن كان من جوهر‬
‫عام وخاص فليس فيه ذلك فبطل كون الحقيقة الخارجة مركبة ‪.‬‬

‫(?)أي الصفات العرضية بعد الذاتية أو الذاتية بعد العرضية ‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪)?( 11‬ومعلوم أن الحقائق الخارجية المستغنية عنا ال تكون تابعة لتصوراتنا بل تصوراتنا تابعة لها ؛ فليس إذا‬
‫فرضنا هذا مقدما وهذا مؤخرا يكون هذا في الخارج كذلك ‪,‬وسائر بني آدم الذين لم يقلدوهم في هذا الوضع ال‬
‫يستحضرون هذا التقديم والتأخير ‪,‬ولو كان هذا فطريا لكانت الفطرة تدركه بدون التقليد المغير لها كما تدرك‬
‫سائر األمور الفطرية ‪ .‬الرد على المنطقيين (‪)71‬‬

‫‪)?( 12‬قال شيخ اإلسالم ‪:‬وأما جعل بعض الصفات داخلة في حقيقة الموصوف وبعضها خارجة فال يعود إلى‬
‫أمر حقيقي وإنما يعود ذلك إلى جعل الداخل ما دل عليه اللفظ بالتضمن والخارج الالزم ما دل عليه اللفظ باللزوم‬
‫فتعود الصفات الداخلة في الماهية إلى ما دخل في مراد المتكلم بلفظه والخارجة الالزمة للماهية إلى ما يلزم‬
‫مراده بلفظه وهذا أمر يتبع مراد المتكلم فال يعود إلى حقيقة ثابتة في نفس األمر للموصوف ‪ .‬الرد على المنطقيين‬
‫(‪)9‬‬
‫‪ 3‬في الأقانيم وهو من أعظم‬ ‫وإن جعلوها تارة جوهرا وتارة صفة كان ذلك بمنزلة قول النصارى‬
‫الأقوال تناقضا باتفاق العلماء ‪.‬‬
‫وإن قالوا المركب الحقيقة الذهنية المعقولة !‬
‫قيل أوال ‪ :‬تلك ليست هي المقصودة بالحدود إال أن تكون مطابقة للخارج ؛فإن لم يكن هناك‬
‫‪ 3‬الحي الناطق وهو جوهر‬ ‫تركيب لم يصح أن يكون في هذه تركيب وليس في الذهن إال تصور‬
‫واحد له صفتان كما قدمنا فال تركيب فيه بحال ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى(‪)56|9‬‬
‫وقال أيضا ‪ :‬إن في الصفات الذاتية المشتركة والمختصة كالحيوانية والناطقية إن أرادوا‬
‫باالشتراك أن نفس الصفة الموجودة في الخارج مشتركة؛ فهذا باطل إذ ال اشتراك في المعينات‬
‫‪ 3‬من وقوع الشركة فيها‪.‬‬ ‫التي يمنع تصورها‬
‫وإن أرادوا باالشتراك أن مثل تلك الصفة حاصلة للنوع اآلخر‪.‬‬
‫قيل لهم ال ريب أن بين حيوانية الإنسان وحيوانية الفرس قدرا مشتركا ‪,‬وكذلك بين صوتيهما‬
‫‪ 3‬قدرا مشتركا ؛فإن الإنسان له تمييز وللفرس تمييز ولهذا صوت هو النطق ولذاك‬ ‫وتمييزهما‬
‫صوت هو الصهيل ؛فقد خص كل صوت باسم يخصه ؛فإذا كان حقيقة أحد هذين يخالف اآلخر‬
‫ويختص بنوعه ؛فمن أين جعلتم حيوانية أحدهما مماثلة لحيوانية اآلخر في الحد والحقيقة ‪.‬‬
‫‪ 3‬ومميزا كما أن بين صوتيهما كذلك ‪,‬وذلك أن الحس‬ ‫وهال قيل أن بين حيوانيتهما قدرا مشتركا‬
‫‪ 3‬بالإرادة والنفس تحس‬ ‫والحركة الإرادية إما أن توجد للجسم أو للنفس ؛فإن الجسم يحس ويتحرك‬
‫وتتحرك بالإرادة ‪,‬وإن كان بين الوصفين من الفرق ما بين الحقيقتين وكذلك النطق هو للنفس‬
‫بالتمييز والمعرفة والكالم النفساني وهو للجسم أيضا بتمييز القلب ومعرفته والكالم اللساني ؛فكل‬
‫‪ 3‬بهذين الوصفين وليست حركة نفسه وإرادتها ومعرفتها ونطقها مثل ما‬ ‫من جسمه ونفسه يوصف‬
‫للفرس وإن كان بينهما قدر مشترك ‪,‬وكذلك ما يقوم بجسمه من الحس والحركة الإرادية ليس مثل‬
‫‪ 3‬؛فإن الذي يالئم جسمه من مطعم ومشرب وملبس ومنكح‬ ‫ما للفرس وإن كان بينهما قدر مشترك‬
‫‪ 3‬ومرئي ومسموع بحيث يحسه ويتحرك إليه حركة إرادية ليس هو مثل ما للفرس ‪.‬‬ ‫ومشموم‬
‫‪ 3‬الخاص ليس إال للإنسان‬ ‫فالحس والحركة الإرادية هي بالمعنى العام لجميع الحيوان وبالمعنى‬
‫‪,‬وكذلك التمييز سواء ‪,‬ولهذا قال النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪ :‬أحب األسماء إلى اهلل عبداهلل وعبد‬
‫‪ 3‬الأسماء حارث وهمام وأقبحها حرب ومرة ‪ .‬رواه مسلم‬ ‫الرحمن وأصدق‬
‫فالحارث هو العامل الكاسب المتحرك والهمام هو الدائم الهم الذي هو مقدم الإرادة ؛ فكل إنسان‬
‫حارث فاعل بإرادته ‪,‬وكذلك مسبوق بإحساسه ؛فحيوانية الإنسان ونطقه كل منهما فيه ما يشترك‬
‫مع الحيوان فيه ‪,‬وفيه ما يختص به عن سائر الحيوان وكذلك بناء بنيته فإن نموه واغتذاءه ‪,‬وإن‬
‫‪3‬‬
‫كان بينه وبين النبات فيه قدر مشترك فليس مثله هو ‪,‬إذ هذا يغتذى بما يلذ به ويسر نفسه وينمو‬
‫بنمو حسه وحركته وهمه وحرثه وليس النبات كذلك ‪.‬‬
‫‪ 3‬قلوبهم وبيان ألسنتهم أكمل من نطق غيرهم ؛‬ ‫‪ 3‬العرب بتمييز‬‫وكذلك أصناف النوع وأفراده فنطق‬
‫حتى ليكون في بني آدم من هو دون البهائم في النطق والتمييز ومنهم من ال يدرك نهايته ‪.‬‬
‫وهذا كله يبين اشتراك أفراد الصنف وأصناف النوع وأنواع الجنس واألجناس السافلة في مسمى‬
‫الجنس األعلى(‪ )13‬ال يقتضي أن يكون المعنى المشترك فيها بالسواء كما أنه ليس بين الحقائق‬
‫‪ 3‬نظيره في هذا ‪,‬وقد تبين أنه‬ ‫الخارجة شيء مشترك ولكن الذهن فهم معنى يوجد في هذا ويوجد‬

‫‪ )?( 13‬الجنس العالي هو الذي ال يقع تحت جنس ‪,‬وتقع تحته أجناس كثيرة ‪ ,‬والجنس القريب أو السافل هو‬
‫الذي ال تقع تحته أجناس بل تقع تحته أنواع ‪ ,‬ويمثل المناطقة لألول بالجوهر الذي يقال على أجناس كثيرة ‪,‬‬
‫وبالثاني الحيوان ألنه يقع تحته أنواع كاإلنسان ‪,‬فرس ‪,‬غزال ‪ .‬مدخل لدراسة المنطق (‪)46‬‬
‫‪ 3‬هو في‬‫ليس نظيرا له على وجه المماثلة لكن على وجه المشابهة وأن ذلك المعنى المشترك‬
‫أحدهما على حقيقة تخالف حقيقة ما في اآلخر ‪.‬‬
‫‪ 3‬الجامع دون الفارق المميز ‪.‬‬ ‫ومن هنا يغلط القياسيون الذين يلحظون المعنى المشترك‬
‫مجموع الفتاوى (‪)62|9‬‬
‫‪ 3‬محض‬ ‫الحادي عشر ‪ :‬اشتراط الصفات الذاتية المشتركة أمر وضعي‬
‫‪ 3‬أن يكون مؤلفا من الذاتي المميز‬ ‫‪ 3‬الحقيقة واشتراطهم‬
‫‪ 3‬إن الحد التام يفيد تصوير‬
‫أن يقال قولهم‬
‫‪ 3‬وهو الجنس ‪.‬‬ ‫والذاتي المشترك‬
‫يقال لهم هل تشترطون فيه أن تتصور جميع صفاته الذاتيه المشتركة بينه وبين غيره أم ال ؟فإن‬
‫‪ 3‬ذلك لزم أن تقولوا مثال جسم نام حساس متحرك بالإرادة فأما لفظ الحيوان فال يدل على‬ ‫اشترطتم‬
‫‪ 3‬بمجرد المميز كالناطق مثال ؛فإن‬ ‫‪ 3‬ذلك فاكتفوا‬
‫هذه الصفات بالمطابقة وال بفصلها وإن لم تشترطوا‬
‫الناطق يدل على الحيوان كما يدل الحيوان على النامى إذ النامى جنس قريب للحيوان يشترك فيه‬
‫الحيوان والنبات فإذا أردت حد الحيوان على وضعهم‪ ,‬قلت‪ :‬الجسم النامى الحساس المتحرك‬
‫بالإرادة ‪.‬‬
‫والمقصود أنهم إن اكتفوا في الداللة على الصفات المشتركة بما يدل بالتضمين أو بااللتزام ؛‬
‫فالفصل يدل على ذلك ‪,‬وإن أرادوا تفصيلها بداللة المطابقة ؛فلم يفعلوا ذلك وهذا يبين أن إيجابهم‬
‫في الحد التام الجنس القريب دون غيره تحكم محض ‪.‬‬
‫الرد على المنطقيين (‪)75‬‬
‫‪ 3‬غير ممكن وهو أن اشتراطهم‬ ‫‪ 3‬ذكر الفصول مع التفريق بين الذاتي والالزم‬ ‫الثاني عشر ‪ :‬اشتراط‬
‫‪ 3‬الالزم للماهية غير‬ ‫مثال ذكر الفصول التي هي الذاتيات المميزة مع تفريقهم بين الذاتي والعرضى‬
‫ممكن(‪ )14‬إذ ما من مميز هو من خواص المحدود المطابقة له في العموم والخصوص إال ويمكن‬
‫شخصا أن يجعله ذاتيا مميزا‪ ,‬ويمكن اآلخر أن يجعله عرضيا الزما للماهية ‪.‬‬
‫الرد على المنطقيين (‪)77‬‬
‫‪ 3‬الحقيقة عندهم هو الحد العام المؤلف من الذاتيات دون‬ ‫الثالث عشر ‪ :‬أن يقال المفيد لتصور‬
‫‪ 3‬هذا الكالم على الفرق بين الذاتي والعرضي وهم يقولون الذاتي ما كان داخل‬ ‫العرضيات ‪,‬ومبنى‬
‫‪ 3‬لوجودها‪.‬‬ ‫‪ 3‬ما كان خارجا عنها وقسموه إلى الزم للماهية والزم‬ ‫الماهية ‪,‬والعرضي‬
‫‪ 3‬ثم الفرق بين‬ ‫وهذا الكالم الذي ذكروه مبني على أصلين فاسدين الفرق بين الماهية ووجودها‬
‫‪ 3‬لها‪:‬‬
‫الذاتي لها والالزم‬
‫‪, 3‬وهذا شبيه بقول من‬ ‫فاألصل األول قولهم أن الماهية لها حقيقة ثابتة في الخارج غير وجودها‬
‫‪ 3‬شيء ‪,‬وهو من أفسد ما يكون ‪,‬وأصل ضاللهم أنهم رأوا الشيء قبل وجوده يعلم‬ ‫يقول المعدوم‬
‫‪ 3‬بين المقدور عليه والمعجوز عنه ونحو ذلك فقالوا ‪:‬لو لم يكن ثابتا لما كان كذلك‬ ‫ويراد ‪,‬ويميز‬
‫‪ 3‬في الخارج ؛فتخيل‬ ‫كما أنا نتكلم في حقائق الأشياء التي هي ماهياتها مع قطع النظر عن وجودها‬
‫الغالط أن هذه الحقائق والماهيات أمور ثابتة في الخارج ‪.‬‬
‫‪ 3‬في األعيان‬ ‫والتحقيق أن ذلك كله أمر ثابت في الذهن والمقدر في األذهان أوسع من الموجود‬
‫‪3‬‬
‫‪ 3‬وال ثابتا ؛فالتفريق بين الوجود‬ ‫‪,‬وهو موجود وثابت في الذهن وليس هو في نفس األمر ال موجودا‬
‫والثبوت ‪,‬وكذلك التفريق بين الوجود والماهية مع دعوى أن كليهما في الخارج غلط عظيم ‪.‬‬

‫‪)?( 14‬قال ‪ :‬وهذا وضع مخالف لصريح العقل وهو أصل صناعة الحدود الحقيقية عندهم فتكون صناعة باطلة‬
‫إذ الفرق بين الحقائق ال يكون بمجرد أمر وضعي بل بما هي عليه الحقائق في نفسها وليس بين ما سموه ذاتيا وما‬
‫سموه الزما للماهية في الوجود والذهن فرق حقيقي في الخارج وإنما هي فروق اعتبارية تتبع الوضع واختيار‬
‫الواضع وما يفرضه في ذهنه ‪ .‬الرد على المنطقيين (‪)24‬‬
‫وهؤالء ظنوا أن الحقائق النوعية كحقيقة الإنسان والفرس وأمثال ذلك ثابتة في الخارج غير‬
‫األعيان الموجودة في الخارج ‪,‬وأنها أزلية ال تقبل االستحالة وهذه التي تسمى المثل األفالطونية‬
‫‪ 3‬مادة مجردة عن‬ ‫‪,‬ولم يقتصروا على ذلك بل أثبتوا أيضا ذلك في المادة والماهية والمكان فأثبتوا‬
‫‪3‬‬
‫الصور ثابتة في الخارج وهي الهيولى األولية التي بنوا عليها قدم العالم ‪,‬وغلطهم فيها جمهور‬
‫العقالء‪.‬‬
‫‪ 3‬هنا التنبيه‬
‫‪ 3‬في غير هذا الموضع ‪,‬والمقصود‬ ‫‪ 3‬والماهية مبسوط‬ ‫والكالم على من فرق بين الوجود‬
‫على أن ما ذكروه في المنطق من الفرق بين الماهية ووجودها في الخارج هو مبنى على هذا‬
‫‪ 3‬في النفس من الشيء ‪,‬والوجود ما‬ ‫األصل الفاسد ‪,‬وحقيقة الفرق الصحيح أن الماهية هي ما يرتسم‬
‫يكون في الخارج منه وهذا فرق صحيح ؛فإن الفرق بين ما في النفس وما في الخارج ثابت معلوم‬
‫‪ 3‬فهو باطل ‪.‬‬ ‫ال ريب فيه ‪,‬وأما تقدير حقيقة ال تكون ثابتة في العلم وال في الوجود‬
‫‪ 3‬ال حقيقة له ؛فإنه إن جعلت الماهية التي‬ ‫و األصل الثاني وهو الفرق بين الالزم للماهية والذاتي‬
‫في الخارج مجردة عن الصفات الالزمة ‪,‬وأمكن أن يجعل الوجود الذي في الخارج مجردا عن‬
‫هذه الصفات الالزمة ‪,‬وإن جعل هذا هو نفس الماهية بلوازمها كان هذا بمنزلة أن يقال هذا‬
‫‪ 3‬للإنسان‬‫الوجود بلوازمه وهما باطالن ؛فإن الزوجية والفردية للعدد مثال مثل الحيوانية والنطق‬
‫‪ 3‬مع الصفة لم يمكن تقدير الموصوف دون الصفة ‪,‬وما‬ ‫‪,‬وكالهما إذا خطر بالبال منه الموصوف‬
‫ذكروه من أن ما جعلوه هو الذاتي يتقدم بصورة في الذهن فباطل من وجهين ‪:‬‬
‫أحدهما ‪ :‬أن هذا خبر عن وضعهم إذ هم يقدمون هذا في أذهانهم ‪,‬ويؤخرون هذا وهذا حكم‬
‫محض ‪,‬وكل من قدم هذا دون ذا فإنما قلدهم في ذلك ‪.‬‬
‫‪ 3‬هذا مقدما‬ ‫‪ 3‬فليس إذا فرضنا‬ ‫ومعلوم أن الحقائق الخارجية المستغنية عنا ال تكون تابعة لتصوراتنا‬
‫‪ 3‬في هذا الموضع ال‬ ‫وهذا مؤخرا يكون هذا في الخارج كذلك ‪ ,‬وسائر بني آدم الذين يقلدونهم‬
‫‪ 3‬كانت الفطرة تدركه بدون التقليد كما تدرك‬ ‫يستحضرون هذا التقديم والتأخير‪ ,‬ولو كان هذا فطريا‬
‫‪, 3‬وقد يخطر بالبال‬ ‫‪ 3‬للموصوف‬ ‫‪ 3‬كلها لوازم‬
‫سائر األمور الفطرية والذي في الفطرة أن هذه اللوازم‬
‫‪,‬وقد ال يخطر أما أن يكون هذا خارجا عن الذات وهذا داخال في الذات فهذا تحكم محض ليس له‬
‫شاهد ال في الخارج وال في الفطرة ‪.‬‬
‫و الثاني‪ :‬أن كون الوصف ذاتيا للموصوف هو أمر تابع لحقيقته التي هو بها سواء تصورته‬
‫أذهاننا أو لم تتصوره ؛فال بد إذا كان أحد الوصفين ذاتيا دون اآلخر أن يكون الفرق بينهما أمرا‬
‫يعود إلى حقيقتهما الخارجة الثابتة بدون الذهن وأما أن يكون بين الحقائق الخارجة ما ال حقيقة له‬
‫‪ 3‬في الذهن ؛فهذا ال يكون إال أن تكون الحقيقة والماهية هي ما يقدر في‬ ‫إال مجرد التقدم والتأخر‬
‫‪ 3‬فيعود حاصل هذا‬ ‫الذهن ال ما يوجد في الخارج ‪,‬وذلك أمر يتبع تقدير صاحب الذهن ‪,‬وحينئذ‬
‫الكالم إلى أمور مقدرة في األذهان ال حقيقة لها في الخارج وهي التخيالت والتوهمات الباطلة‬
‫وهذا كثير في أصولهم ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى(‪)100|9‬والرد على المنطقيين (‪)62‬‬
‫الرابع عشر ‪ :‬أن يقال لهم هل تشترطون في الحد التام وكونه يفيد تصور الحقيقة أن تتصور‬
‫‪ 3‬لزم استيعاب جميع الصفات وإن‬ ‫جميع صفاته الذاتية المشتركة بينه وبين غيره أم ال ؟فإن شرطوا‬
‫لم يشترطوا واكتفوا بالجنس القريب دون غيره فهو تحكم محض وإذا عارضهم من يوجب ذكر‬
‫جميع األجناس أو يحذف جميع األجناس لم يكن لهم جواب إال أن هذا وضعهم واصطالحهم‬
‫‪ 3‬؛ فقد تبين أن ما ذكروه هو من باب‬ ‫‪,‬ومعلوم أن العلوم الحقيقية ال تختلف باختالف األوضاع‬
‫‪ 3‬وهذا عين الضالل والإضالل‬ ‫الوضع واالصطالح الذي جعلوه من باب الحقائق الذاتية والمعارف‬
‫كمن يجيء إلى شخصين متماثلين فيجعل هذا مؤمنا وهذا كافرا وهذا عالما وهذا جاهال وهذا‬
‫‪ 3‬بين ذاتيهما بل بمجرد وضعه واصطالحه ؛فهم مع دعواهم‬ ‫سعيدا وهذا شقيا من غير افتراق‬
‫القياس العقلي يفرقون بين المتماثالت ويسوون بين المختلفات ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى(‪)101|9‬‬
‫الخامس عشر ‪ :‬أن فيما قولوه دورا فال يصح وذلك أنهم يقولون أن المحدود ال يتصور إال بذكر‬
‫صفاته الذاتية ثم يقولون الذاتي هو ما ال يمكن تصور الماهية بدون تصوره ‪,‬فإذا كان المتعلم ال‬
‫‪ 3‬صفاته الذاتية ‪,‬وال يعرف أن الصفة ذاتية حتى يتصور الموصوف‬ ‫‪ 3‬المحدود حتى يتصور‬ ‫يتصور‬
‫‪ 3‬حتى يتصور الصفات الذاتية ويميز بينها وبين غيرها‬ ‫‪ 3‬الموصوف‬ ‫الذي هو المحدود ‪,‬وال يتصور‬
‫‪ 3‬معرفة الذات على معرفة الذاتيات ‪ ,‬ويتوقف معرفة الذاتيات على معرفة الذات فال‬ ‫؛فتتوقف‬
‫يعرف هو وال تعرف الذاتيات ‪,‬وهذا كالم متين يجتاح أصل كالمهم ‪,‬ويبين أنهم متحكمون فيما‬
‫وضعوه لم يبنوه على أصل علمي تابع للحقائق لكن قالوا هذا ذاتي وهذا غير ذاتي بمجرد التحكم‬
‫‪ 3‬إال بالحد والحد‬
‫ولم يعتمدوا على أمر يمكن الفرق به بين الذاتي وغيره فإذا لم يعرف المحدود‬
‫غير ممكن لم يعرف وذلك باطل ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى(‪ )102|9‬والرد على المنطقيين (‪)77‬‬

‫السادس عشر ‪ :‬أنه يحصل بينهم في هذا الباب نزاع ال يمكن فصله على هذا األصل وما استلزم‬
‫تكافؤ األدلة فهو باطل ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى(‪)102|9‬‬

‫‪ 3‬الذاتية والعرضية ويسمونها أجزاء‬ ‫السابع عشر ‪ :‬أنهم يحدون المحدود بالصفات التي يسمونها‬
‫الحد وأجزاء الماهية والمقومة لها والداخلة فيها ونحو ذلك من العبارات ؛فإن لم يعلم المستمع إن‬
‫المحدود موصوف بتلك الصفات امتنع تصوره وإن علم أنه موصوف بها كان قد تصوره بدون‬
‫الحد فثبت أنه على التقديرين ال يكون قد تصوره بالحد وهذا بين ‪.‬‬
‫فإنه إذا قيل االنسان هو الحيوان الناطق وال يعلم أنه الإنسان احتاج إلى العلم بهذه النسبة ‪,‬وإن لم‬
‫‪ 3‬المسمى الحيوان الناطق احتاج إلى شيئين تصور ذلك والعلم بالنسبة المذكورة ‪,‬وإن‬ ‫يكن متصور‬
‫عرف ذلك كان قد تصور الإنسان بدون الحد ‪.‬‬
‫‪ 3‬كما ينبه االسم ؛فإن الذهن قد يكون غافال عن الشيء ؛فإذا‬ ‫نعم الحد قد ينبه على تصور المحدود‬
‫سمع اسمه وحده أقبل بذهنه إلى الشيء الذي أشير إليه باالسم أو الحد فيتصوره فتكون فائدة الحد‬
‫‪ 3‬لألعيان بالجهات كما إذا قيل حد‬ ‫من جنس فائدة االسم ‪,‬وتكون الحدود لألنواع بالصفات كالحدود‬
‫‪ 3‬كذا ‪ ,‬ميزت األرض باسمها وحدها ‪,‬وحد‬ ‫األرض من الجانب القبلي كذا ‪ ,‬ومن الجانب الشرقي‬
‫األرض يحتاج إليه اذا خيف من الزيادة في المسمى أو النقص منه فيفيد إدخال المحدود جميعه‬
‫وإخراج ما ليس منه كما يفيد االسم ‪,‬وكذلك حد النوع وهذا يحصل بالحدود اللفظية تارة‬
‫‪ 3‬المحدود عن غيره‬ ‫وبالوضعية أخرى وحقيقة الحد في الموضعين بيان مسمى االسم فقط وتمييز‬
‫‪.3‬‬‫ال تصور المحدود‬
‫مجموع الفتاوى(‪)94|9‬والرد على المنطقيين (‪)39‬‬

‫الثامن عشر ‪ :‬أن هذه الصفات الذاتية قد تعلم وال يتصور بها كنه المحدود ؛ فعلم أن ذلك ليس‬
‫بموجب لفهم الحقيقة ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى(‪)57|9‬‬
‫‪3‬؛‬‫التاسع عشر ‪ :‬أن الحدود عندهم إنما تكون للحقائق المركبة وهي الأنواع التي لها جنس وفصل‬
‫فأما ما ال تركيب فيه وهو ما ال يدخل مع غيره تحت جنس كما مثله بعضهم بالعقل فليس له حد‬
‫‪,‬وقد عرفوه وهو من التصورات المطلوبة عندهم فعلم استغناء التصور عن الحد ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى(‪ )86|9‬والرد على المنطقيين (‪)9‬‬
‫‪ 3‬التام الذي يحصل بالحد الحقيقي بل يكفي‬ ‫‪ 3‬ال يقف على التصور‬ ‫وقال ‪ :‬وهم يقولون إن التصديق‬
‫فيه أدنى تصور ؛ولو بالخاصة وتصور العقول من هذا الباب ‪ ,‬وهذا اعتراف منهم بأن جنس‬
‫‪ 3‬التام‬
‫‪ 3‬عليه هو تصور الحقيقة أو التصور‬ ‫التصور ال يقف على الحد الحقيقي لكن يقولون الموقوف‬
‫‪ 3‬لصفات‬ ‫‪ 3‬أتم منه ‪..‬وأنه كلما كان التصور‬
‫‪ 3‬إال وفوقه تصور‬ ‫وسنبين إن شاء اهلل أنه ما من تصور‬
‫‪ 3‬أكثر كان التصور أتم ‪.‬‬
‫المتصور‬
‫‪ 3‬خارجة فال يعود إلى أمر حقيقي‬ ‫وأما جعل بعض الصفات داخلة في حقيقة الموصوف وبعضها‬
‫وإنما يعود ذلك إلى جعل الداخل ما دل عليه اللفظ بالتضمن والخارج الالزم ما دل عليه اللفظ‬
‫‪ 3‬الصفات الداخلة في الماهية إلى ما دخل في مراد المتكلم بلفظه والخارجة الالزمة‬ ‫باللزوم فتعود‬
‫للماهية إلى ما يلزم مراده بلفظه وهذا أمر يتبع مراد المتكلم فال يعود إلى حقيقة ثابتة في نفس‬
‫‪.3‬‬‫األمر للموصوف‬
‫والرد على المنطقيين (‪)9‬‬

‫‪ 3‬بدون حد‬ ‫العشرون ‪ :‬من الموجودات ما يتصور‬


‫‪ 3‬المتصورة إما أن يتصورها الإنسان بحواسه الظاهرة كالطعم واللون والريح‬ ‫قال ‪:‬إن الموجودات‬
‫والأجسام التي تحمل هذه الصفات أو الباطنة كالجوع والحب والبغض والفرح والحزن واللذة‬
‫والألم والإرادة والكراهة وأمثال ذلك وكلها غنية من الحد ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى(‪ )87|9‬والرد على المنطقيين (‪)11‬‬
‫وقد أوضح ذلك رحمه اهلل فقال ‪ :‬إن اهلل جعل البن آدم من الحس الظاهر والباطن ما يحس به‬
‫‪ 3‬أيضا بما‬ ‫‪ 3‬بسمعه وبصره وشمه وذوقة ولمسه الظاهر ما يعرف ويعرف‬ ‫الأشياء ويعرفها فيعرف‬
‫يشهده ويحسه بنفسه وقلبه ما هو أعظم من ذلك؛ فهذه هى الطرق التى تعرف بها االشياء ‪,‬فأما‬
‫‪ 3‬أن يعرف بمجرده مفردات الأشياء إال بقياس تمثيل أو تركيب ألفاظ وليس شىء‬ ‫الكالم فال يتصور‬
‫من ذلك يفيد تصور الحقيقة ‪.‬‬
‫‪ 3‬أن الحقيقه إن تصورها بباطنه أو ظاهره استغنى عن الحد القولى وإن لم يتصورها‬ ‫فالمقصود‬
‫بذلك امتنع أن يتصور حقيقتها بالحد القولى ‪,‬وهذا أمر محسوس يجده الإنسان من نفسه ؛فإن من‬
‫‪ 3‬ومن لم يذق ذلك كمن أخبر عن‬ ‫‪ 3‬المذوقة مثال كالعسل لم يفده الحد تصورها‬ ‫عرف المحسوسات‬
‫‪ 3‬حقيقته بالكالم والحد بل يمثل له ويقرب إليه ويقال له‬‫السكر ‪,‬وهو لم يذقه لم يمكن أن يتصور‬
‫طعمه يشبه كذا أو يشبه كذا وكذا وهذا التشبيه والتمثيل ليس هو الحد الذى يدعونه ‪.‬‬
‫وكذلك المحسوسات الباطنة مثل الغضب والفرح والحزن والعلم والغم والعلم ونحو ذلك من‬
‫‪ 3‬األكمه األلوان‬ ‫‪ 3‬بالحد ولهذا ال يتصور‬
‫وجدها فقد تصورها ‪,‬ومن لم يجد ها لم يمكن إن يتصورها‬
‫‪ 3‬بالحد فإذن القائل بأن الحدود هى التى تفيد تصور الحقائق قائل للباطل‬ ‫بالحد وال العنين الوقاع‬
‫المعلوم بالحس الباطن والظاهر ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)48|9‬‬
‫‪3‬‬‫‪ 3‬ما يكون بديهيا ال يحتاج إلى حد وحينئذ‬‫الحادي والعشرون ‪ :‬أنهم معترفون بأن من التصورات‬
‫‪ 3‬عند رجل بديهيا‬ ‫فيقال كون العلم بديهيا أو نظرها من الأمور النسبية الإضافية فقد يكون النظري‬
‫‪ 3‬أو قرائن والناس يتفاوتون في الإدراك تفاوتا‬ ‫عند غيره لوصوله إليه بأسبابه من مشاهدة أو تواتر‬
‫ال ينضبط فقد يصير البديهي عند هذا دون ذاك بديهيا كذلك أيضا بمثل االسباب التي حصلت لهذا‬
‫وال يحتاج إلى حد ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪ )87|9‬والرد على المنطقيين (‪)13‬‬

‫الثاني والعشرون ‪ :‬أنهم يقولون للمعترض أن يطعن على الحد بالنقض في الطرد أو في المنع‬
‫وبالمعارضة بحد آخر ؛فإذا كان المستمع للحد يبطله بالنقض تارة وبالمعارضة أخرى ومعلوم أن‬
‫‪ 3‬بدون الحد وهو المطلوب‬‫‪ 3‬المحدود علم أنه يمكن تصور المحدود‬
‫كليهما ال يمكن إال بعد تصور‬
‫(‪.)15‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪ )87|9‬والرد على المنطقيين (‪)11‬‬

‫الثالث والعشرون ‪ :‬أنهم يقولون الحد ال يمنع وال يقام عليه دليل وإنما يمكن إبطاله بالنقض‬
‫‪3‬‬
‫والمعارضة فيقال إذا لم يكن الحاد قد أقام دليال على صحة الحد امتنع أن يعرف المستمع المحدود‬
‫به إذا جوز عليه الخطأ ؛فإنه إذا لم يعرف صحة الحد بقوله ‪,‬وقوله محتمل الصدق والكذب امتنع‬
‫أن يعرفه بقوله ‪.‬‬
‫‪ 3‬عقلية يقينية ويجعلون العلم بالمفرد أصل العلم‬ ‫ومن العجب أن هؤالء يزعمون أن هذه طرق‬
‫بالمركب‪ ,‬ويجعلون العمدة في ذلك على الحد الذي هو قول الحاد بال دليل وهو خبر واحد عن‬
‫‪ 3‬والصدق الكذب ثم يعيبون على من يعتمد على‬ ‫أمر عقلي ال حسي يحتمل الصواب والخطا‬
‫األمور السمعية على نقل الواحد الذي معه من القرائن ما يفيد المستمع العالم بها العلم اليقيني‬
‫‪ 3‬في الحد ؛‬ ‫‪ 3‬الواحد وإن لم يفد العلم لكن هذا بعينه قولهم‬‫زاعمين أن خبر الواحد ال يفيد العلم ‪,‬وخبر‬
‫فإنه خبر واحد ال دليل على صدقه بل ‪ ,‬وال يمكن عندهم إقامة الدليل على صدقه فلم يكن الحد‬
‫‪ 3‬المحدود قبل هذا أو تصوره معه أو بعده‬ ‫‪ 3‬المحدود ولكن إن كان المستمع قد تصور‬ ‫مفيدا لتصور‬
‫‪ 3‬وهذا بين ‪.‬‬ ‫‪ 3‬فال يكون الحد أفاد التصور‬ ‫بدون الحد وعلم أن ذلك حده علم صدقه في حده وحينئذ‬
‫‪ 3‬قوله ال يعلم‬
‫‪ 3‬قول الحاد وصدق‬ ‫‪ 3‬المحدود بالحد ال يمكن بدون العلم بصدق‬ ‫وتلخيصه أن تصور‬
‫بمجرد الخبر فال يعلم المحدود بالحد ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪ )92|9‬والرد على المنطقيين (‪)37‬‬

‫الرابع والعشرون ‪ :‬المعاني الكلية وجودها في الذهن وما هو خارج الذهن ال يتعين وال يعرف‬
‫بمجرد الحد ‪.‬‬
‫قال رحمه اهلل ‪:‬إن الحدود إنما هي أقوال كلية كقولنا حيوان ناطق و لفظ يدل على معنى ونحو‬
‫‪ 3‬الشركة فيها ‪,‬وإن كانت الشركة ممتنعة لسبب آخر فهى‬ ‫‪ 3‬معناها ال يمنع من وقوع‬
‫ذلك ؛فتصور‬
‫‪ 3‬فى‬
‫‪, 3‬وإنما تدل على معنى كلى والمعانى الكلية وجودها‬
‫إذن ال تدل على حقيقة معينه بخصوصها‬
‫الذهن ال فى الخارج ؛فما فى الخارج ال يتعين وال يعرف بمجرد الحد وما فى الذهن ليس هو‬
‫‪ 3‬حقيقة أصال ‪.‬‬‫حقائق األشياء فالحد ال يفيد تصور‬
‫‪)?( 15‬النقض إما في الطرد وإما في العكس أما الطرد فهو أنه حيث وجد الحد وجد المحدود فيكون الحد مانعا‬
‫فإذا بين وجود الحد وال محدود لم يكن مطردا وال مانعا بل دخل فيه غيره كما لو قال في حد اإلنسان إنه الحيوان‬
‫وأما العكس وهو أن يكون حيث انتفى الحد انتفى المحدود لكون الحد جامعا وإذا لم يكن جامعا انتفى الحد مع بقاء‬
‫بعض المحدود كما لو قال في حد اإلنسان إنه العربي فال يكون الحد منعكسا ‪..‬والمقصود أنه ال بد من اتفاق الحد‬
‫والمحدود في العموم والخصوص فال بد أن يكون مطابقا للمحدود ال يدخل فيه ما ليس من المحدود وال يخرج منه‬
‫ما هو من المحدود فمتى كان أحدهما أعم كان باطال باالتفاق وسمى ذلك نقضا ‪ .‬الرد على المنطقيين (‪)12‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)48|9‬‬

‫‪ 3‬حقيقة‬
‫الخامس والعشرون ‪:‬حقيقة الحد هو الفصل والتمييز ال تصور‬
‫‪ 3‬بين المحدود وغيره ؛ يفيد ما تفيده الأسماء من التمييز والفصل بين‬
‫إن الحد هو الفصل والتمييز‬
‫المسمى وبين غيره ؛فهذا ال ريب فى أنه يفيد التمييز ‪,‬فأما تصور حقيقة فال لكنها قد تفصل ما دل‬
‫‪ 3‬فى ذلك أن تكون الصفات‬ ‫عليه االسم بالإجمال ‪,‬وليس ذلك من إدراك الحقيقة فى شىء والشرط‬
‫‪ 3‬ذلك ‪.‬‬
‫ذاتية بل هو بمنزلة التقسيم والتحديد للكل كالتقسيم لجزئياته ويظهر‬
‫مجموع الفتاوى (‪)49|9‬‬

‫وقال رحمه اهلل ‪ :‬المحققون من النظار على أن الحد فائدته التمييز بين المحدود وغيره كاالسم‬
‫‪ 3‬المحدود وتعريف حقيقته ‪,‬وإنما يدعى هذا أهل المنطق اليونانيون أتباع‬
‫ليس فائدته تصوير‬
‫أرسطو ومن سلك سبيلهم تقليدا لهم من الإسالميين وغيرهم ؛فأما جماهير أهل النظر والكالم من‬
‫المسلمين وغيرهم فعلى خالف هذا وإنما أدخل هذا من تكلم في أصول الدين والفقه بعد أبي حامد‬
‫في أواخر المائة الخامسة وهم الذين تكلموا في الحدود بطريقة أهل المنطق اليوناني ‪,‬وأما سائر‬
‫‪ 3‬إنما يفيد الحد‬
‫‪ 3‬األشعرية والمعتزلة والكرامية والشيعة وغيرهم فعندهم‬
‫النظار من جميع الطوائف‬
‫‪ 3‬والقاضي أبي بكر وأبي‬ ‫‪ 3‬في كتب أبي الحسن األشعري‬ ‫التمييز بين المحدود وغيره وذلك مشهور‬
‫‪ 3‬والقاضي أبي يعلى وابن عقيل وإمام الحرمين والنسفى وأبي علي وأبي هاشم‬ ‫إسحق وابن فورك‬
‫‪ 3‬بن الهيصم وغيرهم ‪.‬‬‫وعبد الجبار والطوسي ومحمد‬
‫‪ 3‬وقد كانت األمم قبلهم‬‫ثم إن ما ذكره أهل المنطق من صناعة الحد ال ريب أنهم وضعوها وضعا‬
‫تعرف حقائق األشياء بدون هذا الوضع وعامة األمم بعدهم تعرف حقائق األشياء بدون وضعهم‬
‫‪ 3‬وجدوا أنفسهم يعملون حقائق األشياء بدون هذه الصناعة الوضعية ‪.‬‬‫وهم إذا تدبروا‬
‫مجموع الفتاوى (‪ )89|9‬والرد على المنطقيين (‪)14‬‬

‫‪ 3‬المحدود ‪.‬‬‫السادس والعشرون ‪ :‬ليس من وظائف الحد معرفة عموم وخصوص‬


‫وهو أن الحس الباطن والظاهر يفيد تصور الحقيقة تصورا مطلقا أماعمومها وخصوصها فهو من‬
‫حكم العقل ؛فإن القلب يعقل معنى من هذا المعين ‪,‬ومعنى يماثله من هذا المعين ؛فيصير فى القلب‬
‫معنى عاما مشتركا وذلك هوعقله أى عقله للمعاني الكليه ؛فإذا عقل معنى الحيوانية الذى يكون‬
‫‪ 3‬الناطق الذى يكون فى هذا الإنسان ‪,‬وهذا الإنسان‬‫فى هذا الحيوان وهذا الحيوان ومعنى‬
‫وهومختص به عقل أن فى نوع الإنسان معنى يكون نظيره فى الحيوان ومعنى ليس له نظير فى‬
‫الحيوان‬
‫فالأول هو الذي يقال له الجنس والثانى الذى يقال له الفصل وهما موجودان فى النوع ‪.‬‬
‫فهذا حق ولكن لم يستفد من اللفظ ما لم يكن يعرفه بعقله من أن هذا المعنى عام للإنسان ولغيره‬
‫من الحيوان بمعنى أن ما فى هذا نظير ما فى هذا ليس فى الأعيان الخارجة عموم ‪,‬وهذا المعنى‬
‫‪ 3‬الإنسان هو الحيوان الناطق إال‬ ‫يختص بالإنسان فال فرق بين قولك الإنسان حيوان ناطق وقولك‬
‫‪ 3‬هو‬‫‪ 3‬حقيقته باللفظ والإحاطة ‪ ,‬والحصر‬ ‫‪ 3‬فى الثانى ال من جهة تصوير‬‫من جهة الإحاطة والحصر‬
‫‪ 3‬؛فإن هذا االسم إذا فهم مسماه أفاد من‬
‫التمييز الحاصل بمجرد االسم وهو قولك إنسان وبشر‬
‫التمييز ما أفاده الحيوان الناطق فى سالمته عن المطاعن ‪.‬‬
‫وأما تصور أن فيه معنى عاما ومعنى خاصا فليس هذا من خصائص الحد كما تقدم والذى يختص‬
‫بالحد ليس إال مجرد التمييز الحاصل باألسماء وهذا بين لمن تأمله ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)51|9‬‬
‫‪ 3‬؛فإن‬ ‫السابع والعشرون‪ :‬أن الحد إذا كان له جزءان فال بد لجزءيه من تصور كالحيوان والناطق‬
‫احتاج كل جزء إلى حد لزم التسلسل أو الدور‬
‫‪ 3‬الحيوان أو الحساس أو المتحرك بالإرادة‬ ‫فإن كانت األجزاء متصورة بنفسها بال حد وهو تصور‬
‫أو النامي أو الجسم فمن المعلوم أن هذه أعم وإذا كانت أعم لكون إدراك الحس ألفرادها أكثر ؛‬
‫‪ 3‬فالحس قد أدرك أفراد النوع وإن لم يكن كافيا في‬ ‫فإن كان إدراك الحس لأفرادها كافيا في التصور‬
‫ذلك لم تكن األجزاء معروفة فيحتاج المعرف إلى معرف وأجزاء الحد إلى حد ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى(‪)57|9‬‬
‫الثامن والعشرون ‪ :‬إن التصورات المفردة يمتنع أن تكون مطلوبة فيمتنع أن يعلم بالحد ألن الذهن‬
‫أن كان شاعرا بها امتنع الطلب ألن تحصيل الحاصل ممتنع وإن لم يكن شاعرا بها امتنع من‬
‫‪.3‬‬‫‪ 3‬بالشعور‬
‫النفس طلب ما ال تشعر به فإن الطلب والقصد مسبوق‬
‫‪ 3‬الملك والجن والروح وأشياء كثيرة ؛وهو ال يشعر بها قيل قد سمع‬ ‫فإن قيل فالإنسان يطلب تصور‬
‫هذه الأسماء فهو يطلب تصور مسماها كما يطلب من سمع ألفاظا ال يفهم معانيها تصور معانيها‬
‫‪ 3‬حقيقة ولم‬‫‪ 3‬مسمى هذه الأسماء ؛فال بد أن يعلم أنها مسماة بهذا االسم إذ لو تصور‬
‫‪,‬وهو إذا تصور‬
‫يكن ذلك االسم فيها لم يكن تصور مطلوبه فهنا المتصور ذات وأنها مسماة بكذا وهذا ليس‬
‫‪ 3‬ولكن ال يوجب أن‬ ‫تصورا بالمعنى فقط بل للمعنى و السمه ‪ ,‬وهذا ال ريب أنه يكون مطلوبا‬
‫يكون المعنى المفرد مطلوبا ‪,‬و أيضا فإن المطلوب هنا ال يحصل بمجرد الحد بل ال بد من‬
‫‪ 3‬باالشارة إليه أو غير ذلك مما ال يكتفي فيه بمجرد اللفظ وإذا ثبت امتناع الطلب‬
‫تعريف المحدود‬
‫للتصورات المفردة ؛فإما أن تكون حاصلة للإنسان فال تحصل بالحد فال يفيد الحد التصور واما أن‬
‫‪ 3‬المسميات لمن ال يعرفها ومتى كان له شعور بها لم‬ ‫تكون حاصلة فمجرد الحد ال يوجب تصور‬
‫‪ 3‬إال من جنس ما يحتاج إلى االسم والمقصود هوالتسوية بين فائدة‬ ‫يحتج إلى الحد في ذلك الشعور‬
‫الحد وفائدة االسم ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى(‪ )96|9‬والرد على المنطقيين (‪)61‬‬

‫التاسع والعشرون ‪:‬تصور الحد ال يكون إال بتصور المعنى المراد حده‬
‫‪ 3‬مفردات‬‫قال ‪ :‬ألن الحد من باب الألفاظ واللفظ ال يدل المستمع على معناه إن لم يكن قد تصور‬
‫اللفظ بغير اللفظ لأن اللفظ المفرد ال يدل المستمع على معناه إن لم يعلم أن اللفظ موضوع للمعنى‬
‫‪ 3‬المعانى المفردة يجب أن يكون سابقا على فهم المراد‬ ‫وال يعرف ذلك حتى يعرف المعنى ؛فتصور‬
‫بالألفاظ فلو استفيد تصورها من الألفاظ لزم الدور ‪,‬وهذا أمر محسوس ؛فإن المتكلم باللفظ المفرد‬
‫‪ 3‬إدراكه له بقول مؤلف من‬ ‫إن لم يبين للمستمع معناه حتى يدركه بحسه أو بنظره وإال لم يتصور‬
‫‪.3‬‬
‫جنس وفصل‬
‫مجموع الفتاوى(‪)49|9‬‬

‫‪ 3‬المعاني ال يفتقر إلى األلفاظ‬


‫الثالثون ‪ :‬تصور‬
‫‪3‬‬
‫‪ 3‬المعاني ال يفتقر إلى األلفاظ ؛فإن المتكلم قد يصور‬
‫‪ 3‬أن تصور‬ ‫إذا كان الحد قول الحاد فمعلوم‬
‫معنى ما بقوله بدون لفظ والمستمع يمكنه ذلك من غير مخاطب بالكلية فكيف يقال ال تتصور‬
‫المفردات إال بالحد ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى(‪ )87|9‬والرد على المنطقيين (‪)11‬‬
‫‪3‬‬
‫الحادي والثالثون ‪:‬تصور المعاني فطري‬
‫إن اهلل سبحانه علم آدم االسماء كلها وقد ميز كل مسمى باسم يدل على ما يفصله من الجنس‬
‫‪ 3‬معناه في النفس ومعرفة حدود الأسماء واجبة‬ ‫المشترك ويخصه بدون ما سواه ويبين به ما يرسم‬
‫ألنه بها تقوم مصلحة نبي آدم في النطق الذي جعله اهلل رحمة لهم ال سيما حدود ما أنزل اهلل في‬
‫‪.3‬‬ ‫كتبه من الأسماء كالخمر والربا‬
‫فهذه الحدود هي الفاصلة المميزة بين ما يدخل في المسمى ويتناوله ذلك االسم وما دل عليه من‬
‫الصفات وبين ما ليس كذلك ولهذا ذم اهلل من سمى الأشياء بأسماء ما أنزل اهلل بها من سلطان فإنه‬
‫اثبت للشيء صفة باطلة كألهية الأوثان ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ 3‬المعاني ففطري يحصل بالحس الباطن والظاهر‬ ‫فالأسماء النطقية سمعية وأما نفس تصور‬
‫وبادراك الحس وشهوده ببصر االنسان بباطنه وبظاهره وبسمعه يعلم أسماءها وبفؤاده بعقل‬
‫الصفات المشتركة والمختصة ‪.‬‬
‫‪ 3‬والإفئدة‬
‫واهلل أخرجنا من بطون أمهاتنا ال نعلم شيئا وجعل لنا السمع واالبصار‬
‫فأما الحدود المتكلفة فليس فيها فائدة ال في العقل وال في الحس وال في السمع اال ما هو كالأسماء‬
‫‪ 3‬كسائر الصفات ‪.‬‬ ‫مع التطويل أو ما هو كالتمييز‬
‫ولهذا لما رأوا ذلك جعلوا الحد نوعين نوعا بحسب االسم وهو بيان ما يدخل فيه ونوعا بحسب‬
‫الصفة أو الحقيقة أو المسمى وزعموا كشف الحقيقة وتصويرها والحقيقة المذكورة أن ذكرت‬
‫بلفظ دخلت في القسم األول وإن لم تذكر بلفظ فال تدرك بلفظ وال تحد بمقال إال كما تقدم ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى(‪)60|9‬‬

‫‪ 3‬إنما هو حد لألسماء‬
‫الثاني والثالثون ‪ :‬الحد باألقوال‬
‫فكل ما كان من حد بالقول فإنما هو حد لالسم بمنزلة الترجمة والبيان ؛فتارة يكون لفظا محضا إن‬
‫كان المخاطب يعرف المحدود ‪,‬وتارة يحتاج إلى ترجمة المعنى وبيانه إذا كان المخاطب لم‬
‫يعرف المسمى وذلك يكون بضرب المثل أو تركيب صفات ‪,‬وذلك ال يفيد تصوير الحقيقة لمن لم‬
‫‪ 3‬بغير الكالم فليعلم ذلك ‪.‬‬
‫يتصورها‬
‫وأما ما يذكرونه من حد الشيء أو الحد بحسب الحقيقة أو حد الحقائق فليس فيه من التمييز إال‬
‫ذكر بعض الصفات التي للمحدود كما تقدم وفيه من التخليط ما قد نبهنا على بعضه (‪.)16‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)67|9‬‬
‫الثالث والثالثون‪:‬األسماء تعطي ما يعطيه الحد‬
‫ليس فى الحد إال ما يوجد فى الأسماء أو فى الصفات التى تذكر للمسمى وهذان نوعان معروفان‬
‫الأول‪ :‬معنى الأسماء المفردة ‪.‬‬
‫والثانى ‪:‬معرفة الجمل المركبة الإسمية والفعليه التى يخبر بها عن الأشياء وتوصف بها الأشياء‬
‫وكال هذين النوعين ال يفتقر إلى الحد المتكلف فثبت أن الحد ليس فيه فائدة إال وهى موجودة فى‬
‫الأسماء والكالم بال تكلف فسقطت فائدة خصوصية الحد(‪. )17‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)51|9‬‬

‫‪)?( 16‬قال شيخ اإلسالم ‪:‬وإذا لم يكن المقصود من الأسماء تصوير معانيها المفردة وداللة الحد كداللة االسم لم‬
‫يكن المقصود من الحد تصوير معناه المفرد وإذا كان داللة االسم على مسماه مسبوقا بتصور مسماه وجب أن‬
‫تكون داللة الحد على المحدود مسبوقا بتصور المحدود وإذا كان كل من المحدود والمسمى متصورا بدون االسم‬
‫والحد وكان تصور المسمى والمحدود مشتركا في داللة الحد واالسم على معناه امتنع أن تتصور المحدودات‬
‫‪ 3‬تصور المسميات بمجرد الأسماء وهذا هو المطلوب ‪ .‬الرد على المنطقيين (‪)34‬‬ ‫بمجرد الحدود كما يمتنع‬
‫وقال أيضا ‪ :‬إذا كان فائدة الحد بيان مسمى االسم ‪,‬والتسمية أمر لغوي وضعي رجع في ذلك إلى‬
‫‪ 3‬ومنها ما يعرف‬ ‫قصد ذلك المسمى ولغته ‪,‬ولهذا يقول الفقهاء من الأسماء ما يعرف حده بالشرع‬
‫حده بالعرف ‪.‬‬
‫ومن هذا تفسير الكالم وشرحه إذا أريد به تبيين مراد المتكلم ؛فهذا يبنى على معرفة حدود كالمه‬
‫وإذا أريد به تبيين صحته وتقريره ؛فإنه يحتاج إلى معرفة دليل بصحته ‪.‬‬
‫‪ 3‬مسميات الأسماء بالترجمة تارة لمن‬ ‫‪ 3‬كالمه لتصوير‬ ‫فاألول فيه بيان تصوير كالمه أو تصوير‬
‫‪ 3‬المسمى فيشار إلى‬ ‫‪ 3‬المسمى ولم يعرف أن ذلك اسمه وتارة لمن لم يكن قد تصور‬ ‫يكون قد تصور‬
‫المسمى بحسب الإمكان إما إلى عينه وإما إلى نظيره ولهذا يقال الحد تارة يكون لالسم وتارة‬
‫يكون للمسمى ‪.‬‬
‫وأئمة المصنفين في صناعة الحدود على طريقة المنطقيين يعترفون عند التحقيق بهذا كما ذكره‬
‫‪3‬‬
‫الغزالي في كتاب المعيار الذي صنفه في المنطق ‪,‬وكذا يوجد في كالم ابن سينا والرازي‬
‫‪ 3‬من جنس فائدة الأسماء وأن ذلك من جنس الترجمة‬ ‫‪ 3‬وفي غيرهم أن الحدود فائدتها‬ ‫والسهروردي‬
‫بلفظ عن لفظ ومن هذا الباب ذكر غريب القرآن والحديث وغيرهما بل تفسير القرآن وغيره من‬
‫أنواع الكالم هو في أول درجاته من هذا الباب ؛فإن المقصود ذكر مراد المتكلم بتلك الأسماء‬
‫وبذلك الكالم‬
‫وهذا الحد هم متفقون على أنه من الحدود اللفظية مع أن هو الذي يحتاج إليه في إقراء العلوم‬
‫المصنفة بل في قراءة جميع الكتب بل في جميع أنواع المخاطبات ؛فإن من قرأ كتب النحو أو‬
‫‪ 3‬بتلك األسماء ويعرف مرادهم بالكالم المؤلف‬ ‫الطب أو غيرهما ال بد أن يعرف مراد أصحابها‬
‫وكذلك من قرأ كتب الفقه والكالم والفلسفة وغير ذلك وهذه الحدود معرفتها من الدين في كل لفظ‬
‫‪ 3‬فرض عين وقد تكون فرض كفاية‬ ‫هو في كتاب اهلل تعالى وسنة رسوله ثم قد تكون معرفتها‬
‫‪ 3‬وأجدر أن ال يعلموا‬ ‫‪,‬ولهذا ذم اهلل تعالى من لم يعرف هذه الحدود بقوله {الأعراب أشد كفرا ونفاقا‬
‫حدود ما أنزل اهلل على رسوله } والذي أنزله على رسوله فيه ما قد يكون االسم غريبا بالنسبة إلى‬
‫‪ 3‬لكن ال يعلم‬
‫‪ 3‬يكون مشهورا‬ ‫المستمع كلفظ‪( :‬ضيزى) و (قسورة) و (عسعس) وأمثال ذلك ‪,‬وقد‬
‫‪ 3‬والحج ؛فتبين أن تعريف‬ ‫حده بل يعلم معناه على سبيل الإجمال كاسم الصالة والزكاة والصيام‬
‫‪ 3‬عينه أو ما يشبهه ؛فمن عرف عين الشيء ال يفتقر في معرفته إلى حد‬ ‫الشيء إنما هو بتعريف‬
‫ومن لم يعرفه فإنما يعرف به إذا عرف ما يشبهه ولو من بعض الوجوه فيؤلف له من الصفات‬
‫‪ 3‬هذا وجد حقيقته وعلم معرفة‬ ‫المشتبهة المشتركة بينه وبين غيره ما يخص المعرف ومن تدقق‬
‫‪ 3‬من أنواع النعيم‬ ‫الخلق بما أخبروا به من الغيب من المالئكة واليوم اآلخر وما في الجنة والنار‬
‫والعذاب وبطل قولهم في الحد ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)96|9‬‬
‫الرابع والثالثون ‪:‬قولهم الحد ال يحصل بالمثال‬
‫وكذلك قولهم فى الحد إنه ال يحصل بالمثال إنما ذلك فى المثال الذي يحصل به التميز بين‬
‫‪ 3‬المحدود طردا وعكسا بحيث يوجد حيث وجد وينتفى‬ ‫المحدود وغيره بحيث يعرف به مايالزم‬
‫‪ 3‬طردا وعكسا ؛فكلما‬ ‫‪ 3‬هو ما به يعرف المالزم المطابق‬ ‫حيث انتفى ؛فإن الحد المميز للمحدود‬
‫‪ 3‬من غيره وهذا هو الحد عند جماهير النظار وال يسوغون إدخال‬ ‫حصل هذا فقد ميز المحدود‬
‫الجنس العام فى الحد ؛فإذا كان المقصود الحد بحسب االسم فيسأل بعض العجم عن مسمى الخبر‬
‫‪)?( 17‬بل ذكر شيخ اإلسالم ‪ :‬أن فائدة الحدود قد تكون أضعف من فائدة الأسماء ألنها تفيد معرفة الشئ‬
‫بنظيره واالسم يكتفى به من عرفه بنفسه ‪ .‬الرد على المنطقيين (‪)42‬‬
‫فأرى رغيفا وقيل له هذا ؛فقد يفهم أن هذا لفظ يوجد فيه كل ما هو خبز سواء كان على صورة‬
‫الرغيف أو غير صورته ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)122|9‬‬

‫القسم الثاني‬
‫‪ 3‬عليه فى مقامين‬ ‫قال رحمه اهلل ‪ :‬وأما مسألة القياس فالكالم‬
‫أحدهما‪ :‬فى القياس المطلق الذى جعلوه ميزان العلوم وحرروه فى المنطق ‪.‬‬
‫و الثانى‪ :‬فى جنس األقيسة التى يستعملونها فى العلوم ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)67|9‬‬
‫‪ 3‬عليه دليال فمادة‬‫األول ‪ :‬قولهم أنه ال يعلم شيء من التصديقات إال بالقياس وهذا مما لم يذكروا‬
‫‪ 3‬مدعين ما‬ ‫‪ 3‬عليها دليال أصال وصاروا‬ ‫هذا القياس قضية سلبية ليست معلومة بالبديهة ‪,‬ولم يذكروا‬
‫لم يثبتوه قائلين بغير علم‪.‬‬
‫إذ العلم بهذا السلب متعذر على أصلهم ؛فمن أين لهم أنه ال يمكن أحدا من بني آدم أن يعلم شيئا‬
‫من التصديقات التي ليست بديهة عندهم إال بواسطة القياس المنطقي الشمولي الذي وصفوا مادته‬
‫وصورته ثم هم معترفون بما ال بد منه من أن التصديقات منها بديهي ومنها نظري ‪ ,‬وأنه يمتنع‬
‫‪ 3‬ما تقدم في التصورات من أن‬ ‫أن تكون كلها نظرية الفتقار النظري إلى البديهي ‪,‬وحينئذ فيأتي‬
‫‪3‬‬
‫الفرق بينهما إنما هو بالنسبة والإضافة فقد يكون النظري عند شخص بديهيا عند غيره والبديهي‬
‫من التصديقات ما يكفي تصور طرفيه‪ -‬موضوعه ومحموله ‪-‬في حصول تصديقه فال يتوقف‬
‫على وسط يكون بينهما وهو الدليل الذي هو الحد األوسط سواء كان تصورالطرفين بديهيا أم ال‬
‫‪ 3‬في قوى األبدان ‪.‬‬ ‫‪ 3‬األذهان أعظم من تفاوتهم‬ ‫‪,‬ومعلوم أن الناس يتفاوتون في قوى‬
‫‪ 3‬وجودته في غاية يباين بها غيره مباينة كثيرة ‪,‬وحينئذ‬ ‫فمن الناس من يكون في سرعة التصور‬
‫‪ 3‬تاما بحيث يتبين بذلك التصور التام اللوزم التي ال تتبين لمن لم‬ ‫فيتصور الطرفين تصورا‬
‫‪ 3‬الذي هو الدليل قد يفتقر إليه في بعض القضايا بعض الناس دون بعض‬ ‫يتصوره ‪,‬وكون الوسط‬
‫أمر بين ؛فإن كثيرا من الناس تكون عنده القضية حسية أو مجربة أو برهانية أو متواترة ‪,‬وغيره‬
‫‪ 3‬إلى‬
‫‪ 3‬واالستدال ولهذا كثير من الناس ال يحتاج في ثبوت المحمول للموضوع‬ ‫إنما عرفها بالنظر‬
‫دليل لنفسه بل لغيره ‪,‬ويبين ذلك لغيره بأدلة هو غنى عنها حتى يضرب له أمثاال ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)103|9‬والرد على المنطقيين (‪)68‬‬

‫وقال أيضا ‪ :‬قولهم إن شيئا من التصديقات المطلوبة التنال إال بما ذكروه من القياس ؛فإن هذا‬
‫النفي العام أمر ال سبيل إلى العلم به وال يقوم عليه دليل أصال مع أنه معلوم البطالن بما يحصل‬
‫‪ 3‬مطلوبة بدون ما‬ ‫من التصديقات المطلوبة بدون ما ذكروه من القياس كما تحصل تصورات‬
‫يذكرونه من الحد بخالف هذا المقام الرابع ؛ فإن كون القياس المؤلف من المقدمتين يفيد النتيجة‬
‫هو أمر صحيح فى نفسه ‪.‬‬
‫‪ 3‬أن ما‬‫‪ 3‬المنسوب إلى أرسطو‬ ‫لكن الذى بينه نظار السلمين فى كالمهم على هذا المنطق اليونانى‬
‫ذكروه من صور القياس ومواده مع كثرة التعب العظيم ليس فيه فائدة علمية بل كل ما يمكن علمه‬
‫‪ 3‬الذى ال يعلم‬
‫بقياسهم يمكن علمه بدون قياسهم ؛فلم يكن فى قياسهم ما يحصل العلم بالمجهول‬
‫‪ 3‬عديم التأثير فى العلم وجودا وعدما وفيه تطويل‬ ‫بدونه ‪,‬وال حاجة إلى ما يمكن العلم بدونه ؛فصار‬
‫كثير متعب فهو مع أنه ال ينفع فى العلم فيه إتعاب األذهان وتضييع الزمان وكثرة الهذيان والمطل‬
‫من الأدلة والبراهين بيان العلم وبيان الطرق المؤدية الى العلم ‪.‬‬
‫‪ 3‬عند موت إمام المنطقيين فى زمانه الخونجي أنه قال عند موته أموت‬ ‫ولهذا حكي من كان حاضرا‬
‫‪ 3‬سلبى أموت وما‬ ‫والأعلم شيئا إال علمي بأن الممكن يفتقر إلى الواجب ثم قال االفتقار وصف‬
‫علمت شيئا ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫فهذا حالهم إذا كان منتهي أحدهم الجهل البسيط ‪,‬وأما من كان منتهاه الجهل المركب فكثير‬
‫‪ 3‬يده على رأسه ومدها إلى أذنه بكلفة‬ ‫والواصل منهم إلى علم يشبهونه بمن قيل له أين أذنك فأدار‬
‫وقد كان يمكنه أن يوصلها إلى أذنه من تحت رأسه وهو أقرب وأسهل ‪.‬‬
‫‪ 3‬الفطرية متى جعل لها طرق غير الفطرية كان تعذيبا للنفوس بال منفعة لها كما لو قيل‬ ‫واألمور‬
‫الرجل اقسم هذه الدراهم بين هؤالء النفر بالسوية ؛فإن هذا ممكن بال كلفة ؛ فلو قال له قائل اصبر‬
‫‪ 3‬بينها وبين الضرب ؛فإن القسمة عكس الضرب‬ ‫فإنه ال يمكنك القسمة حتى تعرف حدها وتميز‬
‫فإن الضرب هو تضعيف آحاد أحد العدد بآحاد العدد اآلخر ‪,‬ولهذا إذا ضرب الخارج بالقسمة فى‬
‫‪3‬‬
‫المقسوم عليه عاد المقسوم وإذا قسم المرتفع بالضرب على أحد المضروبين خرج المضروب‬
‫اآلخر ثم يقال ما ذكرته فى حد الضرب ال يصح ؛فإنه إنما يتناول ضرب العدد الصحيح دون‬
‫المكسور بل الحد الجامع لهما أن يقال الضرب طلب جملة تكون نسبتها إلى أحد المضروبين‬
‫كنسبة الواحد إلى المضروب اآلخر ؛فإذا قيل اضرب النصف فى الربع فالخارج هو الثمن‬
‫ونسبته إلى الربع كنسبة النصف إلى الواحد ؛فهذا وإن كان كالما صحيحا لمن من المعلوم أن معه‬
‫‪ 3‬بالسوية إذا ألزمه نفسه أن ال يقسمه حتى يتصور هذا كله‬ ‫مال يريد أن يقسمه بين عدد يعرفهم‬
‫كان هذا تعذيبا له بال فائدة وقد ال يفهم هذا الكالم وقد تعرض له فيه إشكاالت ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)209|9‬‬
‫‪ 3‬القياس ما تكون فطرية‬‫الثاني ‪:‬من صور‬
‫قال ‪:‬ال نزاع أن المقدمتين إذا كانتا معلومتين وألفتا على الوجه المعتدل أنه يفيد العلم بالنتيجة‬
‫‪,‬وقد جاء فى صحيح مسلم مرفوعا ‪ :‬كل مسكر خمر وكل خمر حرام ‪ .‬لكن هذا لم يذكره النبى‬
‫صلى اله عليه وسلم ليستدل به على منازع ينازعه بل التركيب فى هذا كما قال أيضا فى‬
‫الصحيح‪ :‬كل مسكر خمر وكل خمر حرام‪.‬‬
‫أراد ان يبين لهم أن جميع المسكرات داخلة فى مسمى الخمر الذى حرمه اهلل فهو بيان لمعنى‬
‫‪ 3‬يسألونه عن أشربة من عصير العنب كما فى‬ ‫الخمر ‪,‬وهم قد علموا أن اهلل حرم الخمر ‪,‬وكانوا‬
‫‪ 3‬أنه سئل عن شراب يصنع من الذرة يسمى المزر وشراب يصنع من‬ ‫الصحيحين عن أبى موسى‬
‫العسل يسمى البتع ‪,‬وكان قد أوتى جوامع الكلم فقال ‪ :‬كل مسكر حرام ‪.‬‬
‫فأراد أن يبين لهم بالكلمة الجامعة وهى القضية الكلية أن كل مسكر خمر ثم جاء بما كانوا‬
‫‪ 3‬كما صرح به فى قوله ‪ :‬كل‬ ‫يعلمونه من أن كل خمر حرام حتى يثبت تحريم المسكر فى قلوبهم‬
‫مسكر حرام ‪.‬‬
‫ولو اقتصر على قوله كل مسكر حرام لتأوله متأول على أنه أراد القدح الأخير كما تأوله‬
‫بعضهم‪.‬‬
‫والغرض هنا أن صورة القياس المذكورة فطرية ال تحتاج إلى تعلم بل هى عند الناس بمنزلة‬
‫‪.3‬‬‫الحساب ولكن هؤالء يطولون العبارات ويغربونها‬
‫مجموع الفتاوى (‪)68|9‬‬

‫‪ 3‬إلى القياس‬
‫الثالث ‪ :‬من قواعدهم ما اليستند‬
‫‪ 3‬والإضافة‬
‫‪ 3‬إلى الجواهر والأعراض التسعة التى هى الكم والكيف‬ ‫قال ‪ :‬والكالم فى انقسام الوجود‬
‫‪ 3‬فيها‪:‬‬
‫‪ 3‬والمللك وأن يفعل وأن ينفعل كما أنشد بعضهم‬‫والأين ومتى والوضع‬
‫زيد الطويل الأسود بن مالك فى داره بالأمس كان يتكي‬
‫فهذه عشر مقوالت سواء‬ ‫فى يده سيف نضاه فانتضى‬
‫‪ 3‬قياس منطقى بل غالبها مجرد استقراء قد نوزع صاحبه فى كثير منه‬ ‫ليس عليها وال على أقسامها‬
‫‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫فإذا كانت صناعتهم بين علوم ال يحتاج فيها إلى القياس المنطقى وبين ماال يمكنهم أن يستعملوا‬
‫فيه القياس المنطقى كان عديم الفائدة فى علومهم بل كان فيه من شغل القلب عن العلوم والأعمال‬
‫‪ 3‬العلم وأوقعهم فى أودية الضالل‬ ‫النافعه ما ضر كثيرا من الناس كما سد على كثير منهم طريق‬
‫‪ 3‬من العلوم التى ال تحد لألولين واآلخرين ‪.‬‬
‫والجهل فما الظن بغير علومهم‬
‫مجموع الفتاوى(‪)22|9‬‬
‫‪ 3‬القضية الكلية‬
‫الرابع ‪:‬العلم بنتيجة القياس المنطقي ممكن بدون توسط‬
‫قال ‪ :‬ما من قضية من هذه القضايا الكلية تجعل مقدمة في البرهان إال والعلم بالنتيجة ممكن بدون‬
‫توسط ذلك البرهان بل هو الواقع كثيرا ؛فإذا علم أن كل واحد فهو نصف كل اثنين وأن كل اثنين‬
‫نصفهم واحد ؛فإنه يعلم أن هذا الواحد نصف هذين االثنين وهلم جرا في سائر القضايا األخر من‬
‫غير استدالل على ذلك بالقضية الكلية ‪ ,‬وكذلك كل جزء يعلم أن هذا الكل أعظم من جزئه بدون‬
‫توسط القضية الكلية‪ ,‬وكذلك هذان النقيضان من تصورهما نقيضين؛ فإنه يعلم أنهما ال يجتمعان‬
‫‪ 3‬كما يعلم المعين اآلخر ‪,‬وال يحتاج ذلك إلى‬ ‫وكل أحد يعلم أن هذا العين ال يكون موجودا معدوما‬
‫‪ 3‬معا ‪,‬وكذلك الضدان فإن الإنسان يعلم أن‬ ‫أن يستدل عليه بأن كل شيء ال يكون موجودا معدوما‬
‫‪ 3‬ساكنا كما يعلم أن اآلخر كذلك وال يحتاج في‬ ‫هذا الشيء ال يكون أسود أبيض وال يكون متحركا‬
‫العلم بذلك إلى قضية كلية بأن كل شيء ال يكون أسود أبيض وال يكون متحركا ساكنا ‪.‬‬
‫مثال ذلك ‪ ...‬إذا قيل أن هذا ممكن وكل ممكن فال بد له من مرجح لوجوده على عدمه على أصح‬
‫القولين أو ألحد طرفيه على قول طائفة من الناس ‪.‬‬
‫‪ 3‬كل محدث ال‬ ‫أو قيل هذا محدث وكل محدث فال بد له من محدث ؛فتلك القضية الكلية وهي قولنا‬
‫بد له من محدث وكل ممكن ال بد له من مرجح يمكن العلم بأفرادها المطلوبة بالقياس البرهاني‬
‫عندهم بدون العلم بالقضية الكلية التي ال يتم البرهان عندهم إال بها ؛فيعلم أن هذا المحدث ال بد له‬
‫‪ 3‬أن يحدث هو بال محدث أحدثه‬ ‫من محدث وهذا الممكن ال بد له من مرجح ؛فإن شك عقله وجوز‬
‫‪ -3‬بدون مرجح يرجح وجوده جوز ذلك في غيره من‬ ‫أو أن يكون وهو ممكن ‪-‬يقبل الوجود والعدم‬
‫المحدثات والممكنات بطريق األولى ‪,‬وإن جزم بذلك في نفسه لم يحتج علمه بالنتيجة المعينة وهو‬
‫‪.3‬‬
‫قولنا وهذا محدث فله محدث أو هذا ممكن فله مرجح إلى القياس البرهاني‬
‫‪ 3‬ويستدل عليه بقياس‬ ‫ومما يوضح هذا أنك ال تجد أحدا من بني آدم يريد أن يعلم مطلوبا بالنظر‬
‫برهاني يعلم صحته إال ويمكنه العلم به بدون ذلك القياس البرهاني المنطقي ‪,‬ولهذا ال تجد أحدا‬
‫من سائر أصناف العقالء غير هؤالء ينظم دليله من المقدمتين كما ينظمه هؤالء بل يذكرون‬
‫‪ 3‬يكون ثالث‬ ‫‪ 3‬للمدلول ثم الدليل قد يكون مقدمة واحدة وقد يكون مقدمتين وقد‬ ‫الدليل المستلزم‬
‫مقدمات بحسب حاجة الناظر المستدل ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)109|9‬‬

‫الخامس ‪ :‬زعمهم أن البديهية والفطرة قد تحكم بما يتبين لها بالقياس فساده غلط قال ‪ :‬ألن‬
‫القياس ال بد له من مقدمات بديهية فطرية ؛فإن جوز أن تكون المقدمات الفطرية البديهية غلطا‬
‫‪ 3‬المقدمات الفطرية بنفسها ‪,‬ومقتضى القياس‬ ‫من غير تبيين غلطها إال بالقياس لكان قد تعارضت‬
‫الذي مقدماته فطرية فليس رد هذه المقدمات الفطرية ألجل تلك بأولى من العكس بل الغلط فيما‬
‫تقل مقدماته أولى فما يعلم بالقياس وبمقدمات فطرية أقرب إلى الغلط مما يعلم بمجرد الفطرة ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)13|9‬‬
‫‪ 3‬أمر نسبي محض‬ ‫السادس ‪:‬الفرق بين البديهي والنظري‬
‫‪, 3‬وأنه‬‫قال رحمه اهلل ‪ :‬هم معترفون بما ال بد منه من أن التصديقات منها بديهي ومنها نظري‬
‫‪ 3‬إلى البديهي‬‫يمتنع أن تكون كلها نظرية الفتقار النظري‬
‫‪ 3‬إنما هو بالنسبة والإضافة فقد يبده هذا من العلم‬ ‫‪ 3‬بين البديهي والنظري‬ ‫وإذا كان كذلك فالفرق‬
‫‪ 3‬أو طويل بل قد يكون‬ ‫ويبتدى في نفسه ما يكون بديهيا له ‪,‬وإن كان غيره ال يناله إال بنظر قصير‬
‫‪ 3‬عليه حصوله بالنظر‪.‬‬ ‫غيره يتعسر‬
‫‪ 3‬لكن نزيده هنا دليال يختص هذا فنقول‬ ‫وقد تقدم التنبيه على هذا في التصورات‬
‫‪ 3‬طرفيه موضوعه ومحموله في حصول تصديقه فال‬ ‫البديهي من التصديقات هو ما يكفى تصور‬
‫‪ 3‬على وسط يكون بينهما ‪,‬وهو الدليل الذي هو الحد الأوسط سواء كان تصور الطرفين‬ ‫يتوقف‬
‫بديهيا أو لم يكن ‪.‬‬
‫‪ 3‬في قوى الأبدان فمن الناس من‬ ‫‪ 3‬الأذهان أعظم من تفاوتهم‬ ‫ومعلوم أن الناس يتفاوتون في قوى‬
‫‪ 3‬الطرفين‬ ‫‪ 3‬وجودته في غاية يباين بها غيره مباينة كبيرة ‪,‬وحينئذ فيتصور‬ ‫يكون في سرعة التصور‬
‫‪ 3‬التي ال تتبين لغيره الذي لم يتصور الطرفين‬ ‫‪ 3‬التام اللوازم‬
‫تصورا تاما بحيث تتبين بذلك التصور‬
‫التصور التام ‪.‬‬
‫‪ 3‬الطرفين إال ببعض صفاتهما المميزة فيكون من‬ ‫وذلك أن من الناس من يكون لم يتصور‬
‫‪ 3‬ببعض صفاتهما المشتركة مع ذلك سواء سميت ذاتية أو لم تسم عالما بثبوت تلك‬ ‫تصورهما‬
‫‪ 3‬إال الصفات المميزة ‪.‬‬ ‫الصفات لهما وثبوت كثير مما يكون الزما لهما بخالف من لم يتصور‬
‫الرد على المنطقيين (‪)89‬‬
‫السابع ‪:‬اختالف أحوال الناس في احتياجهم وعدم احتياجهم إلى الدليل‬
‫‪ )18(3‬الذي هو الدليل قد يفتقر إليه في بعض القضايا بعض الناس دون بعض‬ ‫قال ‪:‬وأما كون الوسط‬
‫فهذا أمر بين ؛فإن كثيرا من الناس تكون القضية عنده حسية أو مجربة أو برهانية أو متواترة‬
‫‪ 3‬واالستدالل ‪.‬‬
‫‪,‬وغيره إنما عرفه بالنظر‬
‫ولهذا كثير من الناس ال يحتاج في ثبوت المحمول للموضوع إلى دليل لنفسه بل لغيره ويبين‬
‫ذلك لغيره بأدلة هو غنى عنها حتى يضرب له أمثاال ويقول له أليس كذا أليس كذا ويحتج عليه‬
‫من الأدلة العقلية والسمعية بما يكون حدا أوسط عند المخاطب مما ال يحتاج إليه المستدل بل قد‬
‫‪ 3‬على ثبوته لغيره بالدليل ‪.‬‬‫يعلم الشئ بالحس ويستدل‬
‫وهذا أكبر من أن يحتاج الى تمثيل ؛فما أكثر من يرى الكواكب ويرى الهالل وغيره فيقول قد‬
‫‪ 3‬فيها أو مظنونة أو خبرية‬ ‫طلع الهالل وتكون هذه القضية له حسية ‪,‬وقد تكون عند غيره مشكوكا‬
‫بل قد يظنها كذبا إذا صدق المنجم الخارص القائل إنه ال يرى ‪.‬‬
‫الرد على المنطقيين (‪)91‬‬
‫الثامن ‪ :‬قال ‪ :‬إذا كان البرهان ال يفيد إال العلم بالكليات والكليات إنما تتحقق فى الأذهان ال فى‬
‫‪ 3‬معين لم يعلم بالبرهان شىء من المعينات فال يعلم به‬ ‫األعيان وليس فى الخارج إال موجود‬
‫موجود أصال بل انما يعلم به أمور مقدرة فى الأذهان ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪ )124|9‬والرد على المنطقيين (‪)125‬‬

‫(?)الوسط أو األوسط هو الحد المتكرر في المقدمتين ‪.‬‬ ‫‪18‬‬


‫التاسع ‪:‬قالوا ‪ :‬القياس ال بد له من قضية كلية ‪,‬ومباديء القياس عندهم هي العلوم اليقينية وهي‬
‫‪ 3‬والمجربات ‪,‬وعند التحقيق ليس‬ ‫‪ 3‬والمتواترات‬‫الحسيات الباطنة والظاهرة والعقليات والبديهيات‬
‫فيما ذكروه من هذه المواد قضايا كلية – بيان ذلك ‪-‬‬
‫قال رحمه اهلل ‪ :‬إن القياس المذكور ال يفيد علما إال بواسط قضية كلية موجبة فالبد من كلية‬
‫جامعة ثابتة فى كل قياس ‪,‬وهذا متفق عليه معلوم أيضا ‪,‬ولهذا قالوا ال قياس عن سالبتين وال عن‬
‫جزئيتين ‪,‬وإذا كان كذلك وجب أن تكون العلوم الكلية الكلمات الجامعة هى أصول األقيسة واألدلة‬
‫وقواعدها التى تبنى عليها وتحتاج إليها‪.‬‬
‫‪ 3‬هى العلوم اليقنبية التى هى الحسيات الباطنة والظاهرة‬ ‫ثم قالوا ‪ :‬إن مبادىء القياس البرهانى‬
‫‪ 3‬الحدسيات وليس فى شىء من‬ ‫‪ 3‬والمجربات وزاد بعضهم‬ ‫‪ 3‬والمتواترات‬
‫والعقليات والبديهيات‬
‫الحسيات الباطنية والظاهرة قضايا كلية‬
‫إذ الحس الباطن والظاهر ال يدرك إال أمورا معينة ال تكون إال إذا كان المخبر أدرك ما أخبر به‬
‫بالحس فهى تبع للحسيات ‪.‬‬
‫وكذلك التجربة إنما تقع على أمور معينة محسوسة وإنما يحكم العقل على النظائر بالتشبيه وهو‬
‫قياس التمثيل ‪.‬‬
‫والحدسيات عند من يثبتها منهم من جنس التجريبات‬
‫لكن الفرق أن التجربة تتعلق بفعل المجرب كالأطعمة والأشربه والأدوية ‪,‬والحدس يتعلق بغير‬
‫فعل كاختالف اشكال القمر عند اختالف مقابلته للشمس وهو فى الحقيقة تجربة علمية بال عمل ؛‬
‫‪ 3‬عامة إال بواسطة قياس التمثيل ‪.‬‬ ‫فالمستفاد به أيضا أمورا معينة جزئية ال تصير‬
‫وأما البديهيات وهى العلوم الأولية التى يجعلها اهلل فى النفوس ابتداء بال واسطة مثل الحساب‬
‫‪,‬وهى كالعلم بأن الواحد نصف االثنين ؛فإنها ال تفيد العلم بشىء معين موجود فى الخارج مثل‬
‫الحكم على العدد المطلق والمقدار المطلق وكالعلم بأن األشياء المساوية لشىء واحد هى متساوية‬
‫فى أنفسها ؛فإنك إذا حكمت على موجود فى الخارج لم يكن إال بواسطة الحس مثل العقل ؛فإن‬
‫العقل إنما هو عقل ما علمته بالإحساس الباطن أو الظاهر بعقل المعانى العامة أو الخاصة ‪.‬‬
‫فأما أن العقل الذى هو عقل األمور العامة التى أفرادها موجوده فى الخارج يحصل بغير حس‬
‫‪ 3‬عن الحس الباطن‬ ‫‪, 3‬وإذا رجع االنسان إلى نفسه وجد أنه ال يعقل ذلك مستغنيا‬ ‫فهذا ال يتصور‬
‫والظاهر لكليات مقدرة فى نفسه مثل الواحد‬
‫‪ 3‬ذلك مما يفرضه‬ ‫‪ 3‬والواجب والممكن والممتنع ونحو‬ ‫‪ 3‬والمثلث والمربع‬‫واالثنين والمستقيم والمنحنى‬
‫‪ 3‬فى الخارج والعلم بالحقائق الخارجية فالبد‬ ‫هو ويقدره ؛فأما العلم بمطابقة ذلك المقدر للموجود‬
‫فيه من الحس الباطن أو الظاهر ؛فإذا اجتمع الحس والعقل كاجتماع البصر والعقل أمكن أن يدرك‬
‫الحقائق الموجودة المعينة ويعقل حكمها العام الذى يندرج فيه أمثالها ال أضداها ويعلم الجمع‬
‫والفرق وهذا هو اعتبار العقل وقياسه ‪.‬‬
‫‪ 3‬المعين ‪,‬وإذا انفرد المعقول المجرد‬‫وإذا انفرد الإحساس الباطن أو الظاهر أدرك وجود الموجود‬
‫علم الكليات المقدرة فيه التى قد يكون لها وجود فى الخارج ‪,‬وقد ال يكون ‪,‬وال يعلم وجود أعيانها‬
‫‪ 3‬أعيانها إال بإحساس باطن أو ظاهر ‪.‬‬ ‫وعدم وجود‬
‫مثال ذلك ‪:‬‬
‫‪ 3‬أن المائة عشر الألف لم تحكم على شىء فى الخارج بل لو لم يكن فى‬
‫(‪)19‬‬
‫أنك إذا قلت‪ :‬موجود‬
‫العالم ما يعد بالمائة والألف لكنت عالما بأن المائة المقدرة فى عقلك عشرالألف ‪,‬ولكن إذا أحسست‬
‫بالرجال والدواب والذهب والفضة ‪,‬وأحسست بحسك أو بخبر من أحس أن هناك مائة رجل‬

‫(?)يعني خارج الذهن ‪.‬‬ ‫‪19‬‬


‫أودرهم وهناك ألف ونحو ذلك حكمت على أحد المعدودين بأنه عشر اآلخر ؛فأما المعدوات فال‬
‫‪ 3‬جميعا‬ ‫تدرك إال بالحس والعدد المجرد يعقل بالقلب ويعقل القلب والحس يعلم العدد والمعدود‬
‫‪ 3‬الأولية البديهية العقلية المحضة ليست إال فى‬ ‫وكذلك المقادير الهندسية هى من هذا الباب فالعلوم‬
‫‪3‬ة ‪.‬‬
‫‪ 3‬الخارجية الموجود‬ ‫المقدرات الذهنية كالعدد والمقدار ال فى األمور‬
‫‪ 3‬ال يدرك بعامتها إال أمور معينة ليست كلية وهى الحس الباطن‬ ‫فإذا كانت مواد القياس البرهانى‬
‫والظاهر والتواتر والتجربة والحدس والذى يدرك الكليات البديهية األولية إنما يدرك أمورا مقدرة‬
‫ذهنية لم يكن فى مبادىء البرهان ومقدماته المذكورة ما يعلم به قضية كلية عامة لألمور‬
‫الموجودة فى الخارج ‪,‬والقياس ال يفيد العلم إال بواسطة قضية كلية ؛فامتنع حينئذ أن يكون فيما‬
‫ذكروه من صورة القياس ومادته حصول علم يقينى ‪,‬وهذا بين لمن تأمله وبتحريره وجودة‬
‫تصوره تنفتح علوم عظيمة ومعارف ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)73|9‬‬
‫‪ 3‬المعروفة عندهم‬ ‫وقال أيضا ‪ :‬إن المواد اليقينية قد حصروها فى الأصناف‬
‫أحدها‪ :‬الحسيات ومعلوم أن الحس ال يدرك أمرا كليا عاما أصال ؛فليس فى الحسيات المجردة‬
‫قضية كلية عامة تصلح أن تكون مقدمة فى البرهان اليقينى ‪,‬وإذا مثلوا ذلك بأن النار تحرق ونحو‬
‫‪ 3‬هذه القضية وإنما معهم التجربة والعادة التى هي من جنس قياس‬ ‫ذلك لم يكن لهم علم بعموم‬
‫التمثيل ‪,‬وإن علم ذلك بواسطة اشتمال النار على قوة محرقة ؛فالعلم بأن كل نار ال بد فيها من هذه‬
‫القوة هو أيضا حكم كلي ‪,‬وإن قيل أن الصورة النارية ال بد أن تشتمل على هذه القوة وإن ما ال‬
‫قوة فيه ليس بنار فهذا الكالم إن صح ال يفيد الجزم بأن كل ما فيه هذه القوة يحرق ما ال قاه ‪,‬وإن‬
‫‪ 3‬والعادة واالستقراء الناقص إذا سلم‬ ‫‪ 3‬فيه قياس التمثيل والشمول‬ ‫كان هذا هو الغالب ؛فهذا يشترك‬
‫‪ 3‬علم أنها ال تحرق السمندل والياقوت والأجسام المطلية بأمور مصنوعة ‪,‬وال‬ ‫لهم ذلك ‪ ,‬كيف وقد‬
‫أعلم فى القضايا الحسية كلية ال يمكن نقضها مع أن القضية الكلية ليست حسية ‪.‬‬
‫‪ 3‬هذه المعينات مستعدة ألن تفيض عليها قضية‬ ‫وأما الحكم العقلي فيقولون إن النفس عند رؤيتها‬
‫‪ 3‬بعمومه إن لم يعلم ان الحكم العام‬ ‫‪ 3‬أن هذا من جنس قياس التمثيل وال يوثق‬ ‫كلية بالعموم ‪,‬ومعلوم‬
‫‪ 3‬وهذا إذا علم علم فى جميع المعينات فلم يكن العلم بالمعينات موقوفا على هذا‬ ‫الزم للقدر المشترك‬
‫مع أنه ليس من القضايا العاديات قضية كلية ال يمكن نقضها باتفاق العقالء ‪.‬‬
‫الثاني الوجدانيات الباطينية كإدراك كل أحد جوعه وألمه ولذته ‪,‬وهذه كلها جزئيات بل هذه ال‬
‫يشترك الناس فى إدراك كل جزئي منها كما قد يشتركون فى إدراك بعض الحسيات المنفصلة‬
‫‪ 3‬ما ليس في الحسيات المنفصلة ‪,‬وإن‬ ‫كالشمس والقمر ؛ففيها من الخصوص فى المدرك والمدرك‬
‫اشتركوا فى نوعها فهي تشبه العاديات ولم يقيموا حجة على وجوب تساوى النفوس في هذه‬
‫الأحوال بل وال على النفس الناطقة أنها مستوية الأفراد ‪.‬‬
‫الثالث المجربات وهي كلها جزئية ؛فإن التجربة إنما تقع على أمور معينة ‪.‬‬
‫‪ 3‬قول معين‬ ‫‪3‬نما هو ما علم بالحس من مسموع أو مرئى فالمسموع‬ ‫‪3‬إ‬‫وكذلك المتواترات فإن المتواتر‬
‫والمرئى جسم معين أو لون معين أو عمل معين أو أمرمعين وأما الحدسيات إن جعلت يقينية فهي‬
‫نظير المجربات ‪.‬‬
‫‪ 3‬مطلقة فى‬ ‫فلم يبق معهم إال األوليات التى هى البديهيات العقلية والأوليات الكلية إنما هي قضايا‬
‫‪ 3‬ونحوها مثل قولهم الواحد نصف االثنين واألشياء المساوية لشيء واحد‬ ‫األعداد والمقادير‬
‫متساوية ونحو ذلك وهذه مقدرات في الذهن ليست فى الخارج كلية‪.‬‬
‫‪ 3‬ال‬
‫فقد تبين أن القضايا الكلية البرهانية التى يجب القطع بكليتها التى يستعملونها في قياسهم‬
‫‪ 3‬الموجودة ‪,‬وإنما تستعمل في مقدرات ذهنية فإذن ال يمكنهم معرفة‬ ‫تستعمل في شيء من األمور‬
‫‪3‬‬
‫األمور الموجودة بالقياس البرهاني ‪,‬وهذا هو المطلوب ولهذا لم يكن لهم علم بحصر أقسام‬
‫‪ 3‬لما حصر أجناس الموجودات فى المقوالت العشر الجوهر والكم والكيف‬ ‫الموجود بل أرسطو‬
‫‪ 3‬وأن يفعل وأن ينفعل والملك والإضافة؛ اتفقوا على أنه ال سبيل الى معرفة‬
‫والأين ومتى والوضع‬
‫صحة هذا الحصر ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)221|9‬‬

‫‪ 3‬والتجربة والحواس يختص بها‬ ‫العاشر ‪ :‬قال ‪ :‬قد ذكر المناطقة أن القضايا المعلومه بالتواتر‬
‫من علمها وال تكون حجة على غيره بخالف غيرها ؛فإنها مشتركة يحتج بها على المنازع ‪,‬وهذا‬
‫‪ 3‬من‬‫تفريق فاسد ‪,‬وهو أصل من أصول الإلحاد والكفر ؛فإن المنقول عن األنبياء بالتواتر‬
‫المعجزات وغيرها‪.‬‬
‫يقول أحد هؤالء بناء على هذا الفرق هذا لم يتواتر عندي فال تقوم به الحجة علي وليس ذلك‬
‫بشرط ‪,‬ومن هذا الباب إنكار كثير من أهل البدع والكالم والفلسفة لما يعلمه أهل الحديث من‬
‫اآلثار النبوية ؛فإن هؤالء يقولون أنها غير معلومة لنا كما يقول من يقول من الكفار أن معجزات‬
‫‪ 3‬لم يعلموا السبب الموجب للعلم بذلك والحجة قائمة عليهم‬ ‫األنبياء غير معلومة له ‪,‬وهذا لكونهم‬
‫تواتر عندهم أم ال ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)104|9‬‬
‫الحادي عشر ‪:‬قال ‪ :‬و أيضا إذا قالوا إن العلوم ال تحصل إال بالبرهان الذي هو عندهم قياس‬
‫شمولي ‪,‬وعندهم ال بد فيه من قضية كلية موجبة ‪,‬ولهذا قالوا إنه ال نتاج عن قضيتين سالبتين وال‬
‫‪ 3‬المتصل والمنفصل‬ ‫جزئيتين في شيء من أنواع القياس ال بحسب صورته كالحملى والشرطي‬
‫‪ 3‬وال الجدلي بل وال الشعري ؛فيقال إذا كان ال بد في‬ ‫‪ 3‬وال الخطابي‬
‫‪,‬وال بحسب مادته ال البرهاني‬
‫كل ما يسمونه برهانا من قضية كلية ؛فال بد من العلم بتلك القضية الكلية أي من العلم بكونها‬
‫كلية وإال فمتى جوز عليها أن ال تكون كلية بل جزئية لم يحصل العلم بموجبها والمهملة‬
‫والمطلقة التي يحتمل لفظها أن تكون كلية وجزئية في قوة الجزئية ‪,‬وإذا كان ال بد في العلم‬
‫الحاصل بالقياس الذي يخصونه باسم البرهان من العلم بقضية كلية موجبة ‪.‬فيقال العلم بتلك‬
‫‪3‬‬
‫‪ 3‬بديهيا بطريق األولى ‪,‬وإن كان نظريا‬ ‫القضية إن كان بديهيا أمكن أن يكون كل واحد من أفرادها‬
‫احتاج إلى علم بديهي فيفضى إلى الدور المعي أو التسلسل في المتواترات وكالهما باطل ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)106|9‬‬

‫‪ 3‬هو واجب الوجود ووجوده معين ال كلي ؛فإن‬ ‫الثاني عشر ‪ :‬قال ‪ :‬أن يقال أشرف الموجودات‬
‫‪ 3‬الشركة فيه‬‫‪ 3‬يمنع تصوره من وقوع‬ ‫الكلي ال يمنع تصوره من قوع الشركة فيه ‪,‬وواجب الوجود‬
‫‪ 3‬بينه وبين‬
‫‪,‬وإن لم يعلم منه ما يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه بل إنما علم أمر كلي مشترك‬
‫‪ . 3‬وكذلك الجواهر العقلية عندهم وهى العقول العشرة أو أكثر‬ ‫غيره لم يكن قد علم واجب الوجود‬
‫من ذلك عند من يجعلها أكثر من ذلك عندهم كالسهروردى المقتول وأبى البركات وغيرهما كلها‬
‫جواهر معينة ال أمور كلية ؛فإذا لم نعلم إال بالكليات لم نعلم شيئا منها ‪,‬وكذلك األفالك التى يقولون‬
‫‪ 3‬وال العقول وال شيئا‬
‫أنها أزلية أبدبة فإذا لم نعلم إال الكليات لم تكن معلومة فال نعلم واجب الوجود‬
‫‪ 3‬وال المولدات وهذه جملة الموجودات عندهم فأى علم هنا‬ ‫من النفوس وال األفالك وال العناصر‬
‫تكمل به النفس ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)125|9‬والرد على المنطقيين (‪)125‬‬
‫‪ 3‬الرياضى‬ ‫‪ )20(3‬والرياضي والإلهي وجعلهم‬ ‫الثالث عشر ‪:‬قال إن تقسيمهم العلوم إلى الطبيعي‬
‫‪ 3‬هو مما قبلوا به الحقائق ؛فإن العلم الطبيعى‬ ‫أشرف من الطبيعى ‪,‬والإلهى أشرف من الرياضى‬
‫‪ 3‬من حال الى حال وما فيها‬ ‫‪ 3‬وتحوالتها‬ ‫‪ 3‬الموجودة فى الخارج ومبدأ حركاتها‬ ‫وهو العلم باألجسام‬
‫من الطبائع أشرف من مجرد تصور مقادير مجردة وأعداد مجرده ؛فإن كون االنسان ال يتصور‬
‫‪ 3‬إال أعدادا مجردة‬ ‫‪ 3‬كل ما فى إقليدس أوال يتصور‬ ‫‪ 3‬أو مثلثا أو مربعا ‪,‬ولو تصور‬ ‫إال شكال مدورا‬
‫‪ 3‬فى الخارج وليس ذلك كمال النفس ‪,‬‬ ‫ليس فيه علم بموجود‬
‫ولوال أن ذلك طلب فيه معرفة المعدودات والمقدرات الخارجية التى هى أجسام وأعراض لما‬
‫جعل علما‪...‬‬
‫فإن علم الحساب الذى هو علم بالكم المنفصل و الهندسة التى هى علم بالكم المتصل ؛علم يقينى ال‬
‫‪ 3‬ونسبه بعضهاإلى بعض ؛فإنك إذا جمعت‬ ‫‪ 3‬وضربها‬ ‫يحتمل النقيض ألبته مثل جمع األعداد وقسمتها‬
‫‪ 3‬على عشرة كان لكل واحد عشرة ‪,‬وإذا ضربتها‬ ‫مائة إلى مائةعلمت أنهما مائتان ؛فإذا قسمتهما‬
‫‪ 3‬مقابل للقسمة ؛فإن ضرب الأعداد الصحيحة تضعيف آحاد‬ ‫فى عشرة كان المرتفع مائة والضرب‬
‫أحد العددين بآحاد العدد اآلخر ؛فإذا قسم المرتفع بالضرب على أحد العددين خرج المضروب‬
‫اآلخر ‪,‬وإذا ضرب الخارج بالقسمة فى المقسوم عليه خرج المقسوم فالمقسوم نظير المرتفع‬
‫بالضرب ؛فكل واحد من المضروبين نظير المقسوم والمقسوم عليه ‪,‬والنسبة تجمع هذه كلها ؛‬
‫‪ 3‬اآلخر‪ ,‬ونسبه المرتفع إلى أحد‬ ‫فنسبة أحد المضروبين إلى المرتفع كنسبة الواحد إلى المضروب‬
‫‪ 3‬مما يتكلم فيه الحساب أمر معقول مما‬ ‫المضروبين نسبة اآلخر إلى الواحد؛ فهذه األمور وأمثالها‬
‫‪ 3‬فى العلم‬
‫‪ 3‬العقول ‪,‬وما من أحد من الناس إال يعرف منه شيئا ؛فإنه ضرورى‬ ‫يشترك فيه ذووا‬
‫‪,‬ولهذا يمثلون به فى قولهم الواحد نصف االثنين وال ريب أن قضاياه كلية واجبة القبول ال تنتقض‬
‫ألبته ‪.‬‬
‫‪ )3‬وكانوا يسمون أصحابه أصحاب العدد ‪,‬وكانوا‬ ‫‪( 3‬فيثاغورس‬ ‫‪ 3‬التى وضعها‬ ‫وهذا كان مبدأ فلسفتهم‬
‫‪ 3‬وأصحابه غلط ذلك‬ ‫يظنون أن األعداد المجردة موجودة خارجة عن الذهن ثم تبين ألفالطون‬
‫‪ 3‬خارج الذهن ‪,‬وأنها أزلية أبدية‬ ‫‪,‬وظنوا أن الماهيات المجردة كالإنسان والفرس المطلق موجودات‬
‫ثم تبين ألرسطو وأصحابه غلط ذلك ؛فقالوا بل هذه الماهيات المطلقة موجودة فى الخارج مقارنة‬
‫لوجود األشخاص ومشى من مشى من أتباع أرسطو من المتأخرين على هذا ‪,‬وهو أيضا غلط ؛‬
‫فإن ما فى الخارج ليس بكلي أصال ‪,‬وليس فى الخارج إال ما هو معين مخصوص ‪ ,‬وإذا قيل‬
‫‪ 3‬فى الخارج ؛ فمعناه إنما هو كلي فى الذهن يوجد فى الخارج لكن إذا وجد فى‬ ‫الكلى الطبيعي‬
‫الخارج ال يكون إال معينا ال يكون كليا فكونه كليا مشروط بكونه فى الذهن ‪ ,‬ومن أثبت ماهية ال‬
‫‪ 3‬تاما يكفى فى العلم بفساد قوله‪.‬‬
‫‪ 3‬قوله تصورا‬ ‫فى الذهن وال فى الخارج فتصور‬
‫مجموع الفتاوى (‪)128|9‬والرد على المنطقيين (‪)133‬‬
‫الرابع عشر‪ :‬ليس العلم االلهي عندهم علما بالخالق وال بالمخلوق‬
‫قال رحمه اهلل ‪ :‬أن يقال العلم الأعلى عندهم الذي هو الفلسفة االولى والحكمة العليا علم ما بعد‬
‫الطبيعة باعتبار االستدالل وما هو قبلها باعتبار الوجود ‪,‬وهو الذي يسميه طائفة منهم العلم الإلهي‬
‫‪3‬‬
‫‪,‬وموضوع هذا العلم هو الوجود المطلق الكلى المنقسم الى واجب وممكن وقديم ومحدث وجوهر‬
‫وعرض ‪....‬‬

‫‪)?( 20‬ولهذا كانت العلوم عندهم ثالثة ‪ :‬إما علم ال يتجرد عن المادة ال في الذهن وال في الخارج وهو الطبيعي‬
‫وموضوعه الجسم ‪ ,‬وإما علم مجرد عن المادة في الذهن ال في الخارج وهو الرياضي كالكالم في المقدورات‬
‫‪ 3‬والمقدار والعدد ‪ ,‬وإما ما يتجرد عن المادة فيهما وهو الإلهى وموضوعه الوجود المطلق بلواحقه التي‬‫المعدودة‬
‫تلحقه من حيث هو وجود كانقسامه الى واجب وممكن وجوهر وعرض ‪ .‬مجموع الفتاوى (‪)123|9‬‬
‫وهذا الوجود الكلي إنما يكون كليا في الذهن ال في الخارج ؛فإذا كان هذا هو العلم الأعلى عندهم‬
‫‪ 3‬في الخارج ؛بل علما بأمر مشترك بين جميع‬ ‫لم يكن الأعلى عندهم علما بشيء موجود‬
‫‪, 3‬وذلك كمسمى الشيء والذات والحقيقة والنفس والعين والماهية‬ ‫الموجودات ‪,‬وهو مسمى الوجود‬
‫ونحو ذلك من المعاني العامة ‪,‬ومعلوم أن العلم بهذا ليس هو علما بموجود في الخارج ال بالخالق‬
‫‪ 3‬فيه الموجودات ال يوجد إال في الذهن ‪.‬‬‫‪ 3‬كلي يشترك‬ ‫‪, 3‬وإنما هو علم بأمر مشترك‬‫وال بالمخلوق‬
‫وهذا بخالف العلم الأعلى عند المسلمين فإنه العلم باهلل الذي هو في نفسه أعلى من غيره من كل‬
‫وجه ‪,‬والعلم به أعلى العلوم من كل وجه ‪,‬والعلم به أصل لكل علم وهم يسلمون أن العلم به إذا‬
‫‪.3‬‬‫حصل على الوجه التام يستلزم العلم بكل موجود‬
‫‪3‬‬
‫‪ 3‬؛فإن هذا ال حقيقة له في الخارج وال العلم بالقدر المشترك‬
‫وهذا بخالف العلم بمسمى الوجود‬
‫‪ 3‬ال تصور‬ ‫يستلزم العلم بأجناسه وأنواعه ‪,‬وما يتميز به كل شئ بل ليس فيه إال علم بقدر مشترك‬
‫‪.3‬‬
‫له في الخارج ‪,‬وإنما هو علم بهذه المشتركات‬
‫الرد على المنطقيين (‪)131‬‬

‫الخامس عشر ‪ :‬أن يقال هب أن النفس تكمل بالكليات المجردة كما يزعمون ؛فما يذكرونه فى‬
‫‪ 3‬فقط أمر‬ ‫العلم األعلى عندهم الناظر فى الوجود ولواحقه ليس كذلك؛ فإن تصور معنى الوجود‬
‫‪ 3‬عن الحد عندهم لظهوره ؛ فليس هو المطلوب وإنما المطلوب أقسامه ‪,‬ونفس‬ ‫ظاهر حتى يستغنى‬
‫‪ 3‬وحادث هو أخص من مسمى‬ ‫‪ 3‬وقديم‬
‫أقسامه إلى واجب وممكن وجوهر وعرض وعلة ومعلول‬
‫‪ 3‬ما يقتضى‬ ‫‪ 3‬بدون معرفة الأقسام‬‫الوجود ‪,‬وليس فى مجرد انقسام الأمر العام فى الذهن إلى أقسام‬
‫‪.3‬‬‫علما كليا عظيما عالياعلى تصور الوجود‬
‫‪3‬صال‬ ‫‪ 3‬ال يقبل التغيير واالستحالة وليس معهم دليل أ‬ ‫‪ 3‬فليس ما هو علم بمعلوم‬‫فإذا عرفت الأقسام‬
‫يدلهم أن العالم لم يزل وال يزال هكذا وجميع ما يحتجون به على دوام الفاعل والفاعلية والزمان‬
‫‪ 3‬شىء معين وال دوام شىء معين‬ ‫والحركة وتوابع ذلك ؛فإنما يدل على قدم نوع ذلك ودوامه القدم‬
‫‪ 3‬أن مدلول تلك الأدلة هو هذا العالم أو شىء منه جهل محض ال مستند له إال عدم العلم‬ ‫؛فالجزم‬
‫‪ 3‬غير هذا العالم وعدم العلم ليس علما بالعدم ‪.‬‬
‫بموجود‬
‫ولهذا لم يكن عند القوم إيمان بالغيب الذى أخبرت به الأنبياء فهم ال يؤمنون ال باهلل وال بمالئكته‬
‫وال البعث كتبه وال رسله وال البعث بعد الموت ‪,‬وإذا قالوا نحن نثبت العالم العقلي أو المعقول‬
‫الخارج عن المحسوس وذلك هو الغيب ؛فإن هذا وإن كان قد ذكره طائفة من المتكلمة والمتفلسفة‬
‫خطأ وضالل ؛فإن ما يثبتونه من المعقوالت إنما يعود عند التحقيق إلى أمور مقدرة فى الأذهان ال‬
‫موجودة فى الأعيان ‪.‬‬
‫‪ 3‬مما نشهده فى الدنيا ؛فأين‬‫والرسل أخبرت عما هو موجود فى الخارج وهو أكمل وأعظم وجودا‬
‫‪3‬‬
‫هذا من هذا وهم لما كانوا مكذبين بما أخبرت به الرسل‪ ,‬قالوا إن الرسل قصدوا إخبار الجمهور‬
‫بما يتخيل إليهم لينتفعوا بذلك فى العدل الذى أقاموه لهم ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى(‪)132|9‬والرد على المنطقيين (‪)138‬‬
‫السادس عشر ‪ :‬البرهان ال يفيد أمورا كلية واجبة البقاء في الممكنات‬
‫‪ 3‬الممكنة فتلك ليس فيها ما هو واجب‬ ‫قال ‪ :‬إذا كان المطلوب بقياسهم البرهانى معرفة الموجودات‬
‫البقاء على حال واحدة أزال وأبدا بل هى قابلة للتغير واالستحالة ‪,‬وما قدر أنه من الالزم‬
‫‪ 3‬ليس واجب البقاء فال يكون العلم به علما بموجود واجب الوجود‬ ‫لموصوفه فنفس الموصوف‬
‫‪,‬وليس لهم على أزلية شىء من العالم دليل صحيح كما بسط فى موضعه ‪,‬وإنما غاية أدلتهم‬
‫‪ 3‬عين بعد عين من ذلك النوع‬ ‫‪ 3‬المادة والمدة ‪,‬وذلك ممكن بوجود‬ ‫تستلزم دوام نوع الفاعلية ونوع‬
‫‪ 3‬بالعدم كما هو مقتضى العقل الصريح والنقل‬ ‫أبدا مع القول بأن كل مفعول محدث مسبوق‬
‫الصحيح ؛فإن القول بأن المفعول المعين مقارن لفاعله أزال وأبدا مما يقضى صريح العقل‬
‫بامتناعه ‪.‬أى شىء قدر فاعله ال سيما إذا كان فاعال باختياره كما دلت عليه الدالئل اليقينية ليست‬
‫‪ 3‬وأمثاله كما بسط فى موضعه ‪...‬‬ ‫التى يذكرهاالمقصرون فى معرفة أصول العلم والدين كالرازي‬
‫وكذلك أساطين الفالسفة يمتنع عندهم قديم يقبل العدم ويمتنع أن يكون الممكن لم يزل واجبا سواء‬
‫قيل أنه واجب بنفسه أو بغيره ‪,‬ولكن ما ذكره ابن سينا وأمثاله فى أن الممكن قد يكون واجبا بغيره‬
‫أزليا أبديا كما يقولونه فى الفلك هو الذى فتح عليهم فى الإمكان من الأسئلة القادحة فى قولهم ما ال‬
‫يمكنهم أن يجيبوا عنه كما بسط فى موضعه ؛فإن هذا ليس موضع تقرير هذا و‪,‬لكن نبهنا به على‬
‫‪ 3‬القياسى اليفيدوا أمورا كليه واجبة البقاء فى الممكنات ‪.‬‬‫أن برهانهم‬
‫‪ 3‬تبارك وتعالى ؛فالقياس ال يدل على ما يختص به ‪ ,‬وإنما يدل على أمر‬ ‫وأما واجب الوجود‬
‫مشترك كلى بينه وبين غيره‪.‬‬
‫‪ 3‬عندهم ليس إال أمورا كلية مشتركة وتلك ال تختص بواجب‬ ‫إذ كان مدلول القياس الشمولى‬
‫‪ 3‬ال‬
‫‪ 3‬التى يجب دوامها‬ ‫‪ 3‬ببرهانهم شيئا من األمور‬
‫‪ -3‬فلم يعرفوا‬‫الوجود ‪-‬رب العالمين سبحانه وتعالى‬
‫من الواجب وال من الممكنات ‪.‬‬
‫‪ 3‬ببرهانهم ما تكمل به النفس‬ ‫وإذا كانت النفس إنما تكمل بالعلم الذى يبقى ببقاء معلومه لم يستفيدوا‬
‫‪, 3‬ولهذا كانت‬ ‫من العلم فضال عن أن يقال أن ما تكمل به النفس من العلم ال يحصل إال ببرهانهم‬
‫طريقة األنبياء صلوات اهلل عليهم وسالمه االستدالل على الرب تعالى بذكر آياته ‪.‬‬
‫‪ 3‬أفراده وال‬
‫وإن استعملوا فى ذلك القياس استعملوا قياس األولى لم يستعملوا قياس شمول تستوى‬
‫‪ 3‬أفراده بل‬‫قياس تمثيل محض ؛فإن الرب تعالى ال مثيل له وال يجتمع هو وغيره تحت كلي تستوي‬
‫‪ 3‬األولى ‪,‬وما تنزه غيره عنه من النقائص‬ ‫ما ثبت لغيره من كمال ال نقص فيه فثبوته له بطريق‬
‫‪ 3‬األولى ‪,‬ولهذا كانت األقيسة العقلية البرهانية المذكورة فى القرآن من هذا‬ ‫فتنزهه عنه بطريق‬
‫الباب كما يذكره فى دالئل ربوبيته وإلهيته ووحدانيته وعلمه وقدرته وإمكان المعاد وغير ذلك من‬
‫‪ 3‬الإلهية التى هى أشرف العلوم ‪,‬وأعظم ما تكمل به النفوس من‬ ‫المطالب العالية السنية والمعالم‬
‫المعارف ‪,‬وإن كان كمالها البد فيه من كمال علمها و قصدها جميعا فال بد من عبادة اهلل وحده‬
‫المتضمنة لمعرفته ومحبته والذل له ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪ )142|9‬والرد على المنطقيين (‪)147‬‬

‫السابع عشر ‪ :‬أن يقال إذا كان ال بد فى كل قياس من قضية كلية فتلك القضية الكلية ال بد أن‬
‫‪ 3‬كلية‬
‫‪ 3‬؛فإذا كان ال بد أن تكون لهم قضايا‬‫تنتهى إلى أن تعلم بغير قياس ؛وإال لزم الدور والتسلسل‬
‫معلومة بغير قياس ‪.‬‬
‫‪ 3‬ما تعلم له الفطرة قضية كلية بغير قياس إال وعلمها بالمفردات المعينة‬ ‫فنقول ليس فى الموجودات‬
‫‪ 3‬من علمها بتلك القضية الكلية مثل قولنا الواحد نصف االثنين ‪,‬والجسم‬ ‫من تلك القضية الكلية أقوى‬
‫ال يكون فى مكانين والضدان ال يجتمعان ؛فإن العلم بأن هذا الواحد نصف االثنين فى الفطرة‬
‫أقوى من العلم بأن كل احد نصف كل اثنين وهكذا كل ما يفرض من اآلحاد ‪.‬‬
‫‪ 3‬أو العلم بالمقدرات‬
‫فيقال المقصود بهذه القضايا الكلية إما أن يكون العلم بالموجود الخارجي‬
‫‪ 3‬معين إال وحكمه بعلم تعينه أظهر أقوى‬ ‫الذهنية أما الثانى ففائدته قليلة ‪,‬وأما األول فما من موجود‬
‫من العلم به عن قياس كلي يتناوله فال يتحصل بالقياس كثير فائدة بل يكون ذلك تطويال ‪,‬وإنما‬
‫‪ 3‬الكلية ردا لغلطه‬
‫‪ 3‬فيضرب له المثل وتذكر‬ ‫استعمل القياس في مثل ذلك ألجل الغالط والمعاند‬
‫وعناده بخالف من كان سليم الفطرة ‪.‬‬
‫وكذلك قولهم الضدان ال يجتمعان فأى شيئين علم تضادهما ؛فإنه يعلم أنهما ال يجتمعان قبل‬
‫‪ 3‬قضية كلية بأن كل ضدين اليجتمعان ‪,‬وما من جسم معين إال يعلم أنه ال يكون فى‬ ‫استحضار‬
‫مكانين قبل العلم بأن كل جسم ال يكون فى مكانين وأمثال ذلك كثير ‪.‬‬
‫فما من معين مطلوب علمه بهذه القضايا الكلية إال وهو يعلم قبل أن تعلم هذه القضية ‪,‬وال يحتاج‬
‫فى العلم به إليها ‪,‬وإنما يعلم بها ما يقدر فى الذهن من أمثال ذلك مما لم يوجد فى الخارج ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)222|9‬والرد على المنطقيين (‪)316‬‬
‫الثامن عشر‪ :‬قال ‪:‬وهو أن يقال ال ريب أن المقدمة الكبرى أعم من الصغرى أو مثلها ال يكون‬
‫‪ 3‬أو مساوية لها كالحدود‬ ‫أخص منها ‪,‬والنتيجة أخص من الكبرى أومساوية لها وأعم من الصغرى‬
‫الثالثة فإن الأكبر أعم من الأصغر أو مثله والأوسط مثل الأصغر أو أعم ومثل الأكبر أو أخص‬
‫وال ريب أن الحس يدرك المعينات أوال ثم ينتقل منها إلى القضايا العامة؛ فإن الإنسان يرى هذا‬
‫‪ 3‬أن هذا حساس متحرك بالإرادة ناطق ‪,‬وهذا كذا وهذا‬ ‫الإنسان وهذا الإنسان وهذا الإنسان ‪,‬ويرى‬
‫كذا ؛فيقضى قضاء عاما أن كل إنسان حساس متحرك بالإرادة ناطق‪.‬‬
‫‪ 3‬قياس؛ فإن كان ال بد من‬ ‫‪ 3‬قياس أو بغير توسط‬‫فنقول العلم بالقضية العامة إما أن يكون بتوسط‬
‫توسط قياس ‪,‬والقياس ال بد فيه من قضية عامة لزم أن ال يعلم العام إال بالعام ‪,‬وذلك يستلزم الدور‬
‫أو التسلسل ؛فال بد أن ينتهى الأمر إلى قضية كلية عامة معلومة بالبديهة وهم يسلمون ذلك ‪.‬‬
‫وإن أمكن علم القضية العامة بغير توسط قياس؛ أمكن علم الأخرى ؛فإن كون القضية بديهية أو‬
‫‪ 3‬بحسب حال‬ ‫نظرية ليس وصفا الزما لها يجب استواء جميع الناس فيه ؛بل هو أمر نسبى إضافي‬
‫علم الناس بها ؛فمن علمها بال دليل كانت بديهية له ‪,‬ومن احتاج إلى نظر واستدالل بدليل كانت‬
‫نظرية له ‪.‬‬
‫‪ 3‬أو الحس ليس هو أمرا‬ ‫وكذلك كونها معلومة بالعقل أو الخبر المتواتر أو خبر النبي الصادق‬
‫‪ 3‬يعلم ذلك من‬‫الزما لها بل كذب مسيلمة الكذاب مثال قد يعلم بقول النبي الصادق إنه كذاب ‪,‬وقد‬
‫باشره ورآه يكذب ‪,‬ويعلم ذلك من غاب عنه بالتواتر ويعلم ذلك باالستدالل ؛فإنه ادعى النبوة وأتى‬
‫يناقض النبوة ؛فيعلم باالستدالل‪ .‬وكذلك الهالل قد يعلم طلوعه بالرؤية فتكون القضية حسية‬
‫‪,‬ويعلم ذلك من لم يره بالأخبار المتواترة فتكون القضية عنده من المواترات ‪,‬ويعلم ذلك من علم‬
‫‪ 3‬الواحد يعلمه هذا‬‫‪, 3‬ومثل هذا كثير ؛فالمعلوم‬‫أن تلك الليلة إحدى وثالثون بالحساب واالستدالل‬
‫‪ 3‬العلم لبني آدم ‪,‬وهكذا القضايا الكلية إذا كان منها ما‬
‫‪, 3‬وهذه طرق‬‫بالحس وهذا بالخبر وهذا بالنظر‬
‫يعلم بال قياس وال دليل ‪,‬وليس لذلك حد في نفس القضايا بل ذلك بحسب احوال بنى آدم لم يمكن‬
‫أن يقال فيما علمه زيد بالقياس إنه ال يمكن غيره ان يعلمه بال قياس بل هذا نفى كاذب ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪ )237|9‬والرد على المنطقيين (‪)364‬‬

‫‪ 3‬الذهن وال حقيقة له في الخارج‬


‫التاسع عشر ‪:‬كالمهم اليتعدى‬
‫قال ‪:‬وإذا تأمل الخبير بالحقائق كالمهم فى أنواع علومهم لم يجد عندهم علما بمعلومات موجودة‬
‫‪ 3‬المجرد فى‬ ‫‪ 3‬وما يتبعه من الرياضي ‪,‬وأما الرياضي‬ ‫فى الخارج إال القسم الذي يسمونه الطبيعي‬
‫‪ 3‬لها فى الخارج والذى سموه علم ما بعد الطبيعة ؛إذا تدبر‬
‫الذهن فهو الحكم بمقادير ذهنية ال وجود‬
‫‪ 3‬أمورا مقدرة فى أذهانهم ال حقيقة لها‬‫‪ 3‬موجود في الخارج وإنما تصوروا‬ ‫لم يوجد فيه علم بمعلوم‬
‫‪3‬‬
‫‪ 3‬المطلق الكلى والمشروط‬ ‫‪ 3‬هو الوجود‬
‫‪ 3‬وآخر فلسفتهم وحكمهم‬‫فى الخارج ‪,‬ولهذا منتهى نظرهم‬
‫بسلب جميع األمور الوجودية ‪.‬‬
‫والمقصود أنهم كثيرا ما يدعون فى المطالب البرهانية واألمور العقلية ما يكونون قدروه فى‬
‫أذهانهم ويقولون نحن نتكلم فى الأمور الكلية والعقليات المحضة ‪,‬وإذا ذكر لهم شىء قالوا نتكلم‬
‫فيما هو أعلم من ذلك ‪,‬وفى الحقيقة من حيث هي هي ونحو هذه العبارات فيطلبون بتحقيق ما‬
‫ذكروه فى الخارج ‪,‬ويقال بينوا هذا أي شيء هو فهنالك يظهر جهلهم وأن ما يقولونه هو أمر‬
‫‪ 3‬مثال ذلك ‪,‬والمثال أمر جزئى‬ ‫مقدر فى الأذهان ال حقيقة له فى األعيان مثل أن يقال لهم اذكروا‬
‫فإذا عجزوا عن التمثيل قالوا نحن نتكلم فى الأمور الكلية ؛فاعلم أنهم يتكلمون بال علم وفيما ال‬
‫يعلمون أن له معلوما فى الخارج بل ليس له معلوم فى الخارج وفيما يمتنع أن يكون له معلوم فى‬
‫الخارج وإال فالعلم بالأمور الموجودة إذا كان كليا كانت معلوماته ثابتة فى الخارج ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)229|9‬‬
‫وقال أيضا ‪:‬‬
‫إن القضايا الكلية العامة ال توجد في الخارج كلية عامة ‪,‬وإنما تكون كلية في الأذهان ال فى‬
‫‪ 3‬له حقيقة تخصه يتميز بها عما‬ ‫‪ 3‬فى الخارج فهي أمور معينة كل موجود‬ ‫الأعيان وأما الموجودات‬
‫سواه ال يشركه فيها غيره ؛فحينئذ ال يمكن االستدالل بالقياس على خصوص وجود معين وهم‬
‫معترفون بذلك وقائلون أن القياس ال يدل على أمر معين ‪,‬وقد يعبرون عن ذلك بأنه ال يدل على‬
‫‪ 3‬فإنما هو‬
‫‪ 3‬بعينه وكل موجود‬ ‫جزئي وإنما يدل على كلي فإذن القياس ال يفيد معرفة أمر موجود‬
‫‪ 3‬وإنما يفيد أمورا كلية مطلقة مقدرة فى‬‫موجود بعينه فال يفيد معرفة شىء من حقائق الموجودات‬
‫الأذهان ال محققة فى الأعيان ‪.‬‬
‫فما يذكره النظار من الأدلة القياسية التى يسمونها براهين على إثبات الصانع سبحانه ال يدل شىء‬
‫‪ 3‬الشركة فيه ؛فإذا قال هذا‬
‫منها على عينه ‪,‬وإنما يدل على أمر مطلق ال يمنع تصوره من وقوع‬
‫محدث وكل محدث فال بد له من محدث إنما يدل هذا على محدث مطلق كلي ال يمنع تصوره من‬
‫وقوع الشركة فيه ‪,‬وإنما تعلم عينه بعلم آخر يجعله اهلل فى القلوب وهم معترفون بهذا لأن النتيجة‬
‫ال تكون أبلغ من المقدمات والمقدمات فيها قضية كلية ال بد من ذلك والكلى ال يدل على معين‬
‫‪,‬وهذا بخالف ما يذكره اهلل فى كتابه من اآليات كقوله تعالى{ إن فى خلق لسموات والأرض }‬
‫اآلية إلى غير ذلك يدل على المعين كالشمس التى هي آية النهار والدليل أعم من القياس ؛فإن‬
‫الدليل قد يكون على معين كما يستدل بالنجم وغيره من الكواكب على الكعبة فاآليات تدل على‬
‫‪ 3‬بينه وبين غيره فإن كل ما سواه مفتقر اليه نفسه فيلزم‬ ‫نفس الخالق سبحانه ال على قدر مشترك‬
‫من وجوده وجود عين الخالق نفسه ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)234|9‬‬

‫العشرون ‪:‬أنهم قسموا جنس الدليل إلى القياس واالستقراء والتمثيل‬


‫قالوا ألن االستدالل إما أن يكون بالكلى على الجزئى أو بالجزئى على الكلى أو بأحد الجزئيين‬
‫‪ 3‬عبروا عن ذلك بالخاص والعام فقالوا إما أن يستدل بالعام على الخاص أو‬ ‫على الآخر ‪,‬وربما‬
‫‪ 3‬الذي وضعوه في‬ ‫بالخاص على العام أو بأحد الخاصين على الآخر‪...‬ثم ذكر رحمه اهلل ترتيبهم‬
‫القياس ثم عقب فقال ‪:‬‬
‫‪ 3‬على المستدل فال‬‫أ‪ -‬فنقول هذا الذى قالوه إما أن يكون باطال وإما أن يكون تطويال يبعد الطريق‬
‫يخلو عن خطأ يصد عن الحق أو طريق طويل يتعب صاحبه حتى يصل إلى الحق مع إمكان‬
‫‪ 3‬يده رفعا شديدا‬
‫وصوله بطريق قريب كما كان يمثله بعض سلفنا بمنزلة من قيل له أين أذنك فرفع‬
‫‪ 3‬من طريق مستقيم وما‬ ‫‪ 3‬كان يمكنه الإشارة إلى اليمنى أو اليسرى‬ ‫ثم أدارها إلى أذنه اليسرى وقد‬
‫‪ 3‬الطريق إلى‬‫‪ } 3‬فأقوم‬‫‪ 3‬اهلل به كتابه بقوله{ إن هذا القرآن يهدى للتى هو أقوم‬
‫أحسن ما وصف‬
‫‪ 3‬هؤالء فهى مع ضاللهم فى البعض‬ ‫أشرف المطالب ما بعث اهلل به رسوله ‪ ,‬وأما طريق‬
‫وإعوجاج طريقهم وطولها فى البعض اآلخر إنما توصلهم إلى أمر ال ينجى من عذاب اهلل فضال‬
‫عن أن يوجب لهم السعادة فضال عن حصول الكمال لألنفس البشرية بطريقهم ‪.‬‬
‫ب‪ -‬بيان ذلك أن ما ذكروه من حصر الدليل فى القياس واالستقراء والتمثيل حصر ال دليل عليه‬
‫بل هو باطل فقولهم أيضا أن العلم المطلوب ال يحصل إال بمقدمتين ال يزيد وال ينقص قول ال‬
‫‪ 3‬على الحصر بقولهم إما أن يستدل بالكلى على الجزئى أو‬ ‫دليل عليه بل هو باطل ‪,‬واستداللهم‬
‫‪ 3‬هو االستقراء والثالث‬ ‫بالجزئى على الكلي أو بأحد الجزئين على اآلخر والأول هو القياس والثانى‬
‫‪3‬‬
‫‪ 3‬االستدالل فى الثالثة ؛فإنكم إذا عنيتم باالستدالل‬‫هو التمثيل ‪,‬فيقال لم تقيموا دليال على انحصار‬
‫‪ 3‬بقى االستدالل بالكلى على‬ ‫بجزئى على جزئى قياس التمثيل لم يكن ما ذكرتموه حاصرا ‪,‬وقد‬
‫‪ 3‬على‬‫الكلي المالزم له وهو المطابق له فى العموم والخصوص ‪,‬وكذلك االستدالل بالجزئى‬
‫‪ 3‬اآلخر ‪,‬ومن عدمه عدمه ؛فإن هذا ليس‬ ‫الجزئى المالزم له بحيث يلزم من وجود أحدهما وجود‬
‫‪ 3‬وال استقراء وال تمثيال وهذه هى اآليات ‪.‬‬‫مما سميتموه قياسا‬
‫‪ 3‬الشمس على النهار وبالنهار على طلوع الشمس فليس هذا استدالال بكلى‬ ‫وهذا كاالستدالل بطلوع‬
‫‪ 3‬على جزئى وبجنس‬ ‫على جزئى بل االستدالل بطلوع معين على نهار معين استدالل بجزئى‬
‫النهار على جنس الطلوع استدالل بكلي على كلي وكذلك االستدالل بالكواكب على جهة الكعبة‬
‫‪ 3‬القريب من‬ ‫‪ 3‬بالجدي وبنات نعش والكواكب الصغير‬ ‫استدالل بجزئى على جزئى كاالستدالل‬
‫‪ 3‬نظيره فى العرض‬ ‫‪ 3‬كوكب على ظهور‬ ‫القطب الذى يسميه بعض الناس القطب ‪,‬وكذلك بظهور‬
‫واالستدالل بطلوعه على غروب آخر وتوسط آخر ونحو ذلك من األدلة التى اتفق عليها الناس‬
‫‪ 3‬على المواقيت واألمكنة بالأمكنة أمر اتفق عليه‬ ‫قال تعالى { وبالنجم هم يهتدون } واالستدالل‬
‫‪ 3‬ما قرب منها مشرقا‬ ‫العرب والعجم وأهل الملل والفالسفة ؛فإذا استدل بظهور الثريا على ظهور‬
‫‪ 3‬وشماال من الكواكب كان استدالال بجزئى على جزئى لتالزمها ‪,‬وليس ذلك من‬ ‫ومغربا ويمينا‬
‫‪ 3‬به قضاء كليا كان استدالال بكلى على كلى وليس استدالال بكلى على‬ ‫قياس التمثيل فإن قضى‬
‫جزئى بل بأحد الكليين المتالزمين على الآخر ‪,‬ومن عرف مقدار أبعاد الكواكب بعضها عن‬
‫بعض وعلم ما يقارن منها طلوع الفجر استدل بما رآه منها على ما مضى من الليل ‪.‬وما بقى منه‬
‫وهو استدالل بأحد المتالزمين على اآلخر ‪,‬ومن علم الجبال والأنهار والرياح استدل بها على ما‬
‫يالزمها من الأمكنة ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪ )155|9‬والرد على المنطقيين (‪)159‬‬
‫الحادي والعشرون ‪:‬يمكن الحصول على اليقين بالقياس التمثيلي خالفا لقولهم‬
‫(‪)21‬‬

‫أ‪ -‬قال ‪ :‬ومما يبين أن حصول العلوم اليقينية الكلية والجزئية ال يفتقر إلى برهانهم من قضية‬
‫كلية أن العلم بتلك القضية الكلية ال بد له من سبب ؛فإن عرفوها باعتبار الغائب بالشاهد ‪,‬وأن حكم‬
‫‪ 3‬الغائبة محرقة ألنها مثلها وحكم الشيء‬ ‫الشيء حكم مثله كما إذا عرفنا أن هذه النار محرقة فالنار‬
‫حكم مثله ؛فيقال هذا استدالل بالقياس التمثيلي وهم يزعمون أنه ال يفيد اليقين بل الظن ؛فإذا كانوا‬
‫إنما عملوا القضية الكلية بقياس التمثيل رجعوا في اليقين إلى ما يقولون إنه ال يفيد إال الظن ‪,‬وإن‬
‫‪ 3‬يحصل في النفس علم كلي من واهب العقل أو تستعد النفس عند‬ ‫قالوا بل عند الإحساس بالجزئيات‬
‫‪ 3‬ألن يفيض عليها الكلي من واهب العقل أو قالوا من العقل الفعال –عندهم‪-‬‬ ‫الإحساس بالجزئيات‬
‫أو نحو ذلك قيل لهم كالم فيها به يعلم أن الحكم الكلي الذي في النفس علم ال ظن وال جهل ؛فإن‬
‫قالوا هذا العلم بالبديهة أو الضرورة كان هذا قوال بأن هذه القضايا الكلية المعلومة بالبديهة‬
‫والضرورة وأن النفس مضطرة إلى هذا العلم ‪,‬وهذا إن كان حقا فالعلم باألعيان العينة وبأنواع‬
‫الكليات يحصل أيضا في النفس بالبديهة والضرورة كما هو الواقع ؛فإن جزم العقالء بالشخصيات‬
‫‪)?( 21‬قياس الشمول هو انتقال الذهن من المعين إلى المعنى العام المشترك الكلي المتناول له ولغيره وقياس‬
‫التمثيل فهو انتقال الذهن من حكم معين إلى حكم معين الشتراكهما فى ذلك المعنى المشترك الكلي ‪ .‬مجموع‬
‫الفتاوى(‪)121|9‬‬
‫‪ 3‬بكلية األنواع أعظم من جزمهم بكلية األجناس‬ ‫من الحسيات أعظم من جزمهم بالكليات وجزمهم‬
‫‪ 3‬العقل اتسعت الكليات‬ ‫‪,‬والعلم بالجزئيات أسبق إلى الفطرة فجزم الفطرة بها أقوى ثم كلما قوى‬
‫‪ 3‬واألجناس ‪,‬وال أن‬ ‫‪ 3‬على العلم باألنواع‬‫‪,‬وحينئذ فال يجوز أن يقال أن العلم باألشخاص موقوف‬
‫‪ 3‬على العلم باألجناس بل قد يعلم الإنسان أنه حساس متحرك بالإرادة قبل أن‬ ‫‪ 3‬موقوف‬ ‫العلم باألنواع‬
‫يعلم أن كل إنسان كذلك ‪,‬ويعلم أن الإنسان كذلك قبل أن يعلم أن كل حيوان كذلك فلم يبق علمه بأن‬
‫غيره من الحيوان حساس متحرك بالإرادة موقوفا على البرهان ‪,‬وإذا علم حكم سائر الناس وسائر‬
‫الحيوان فالنفس تحكم بذلك بواسطة علمها أن ذلك الغائب مثل هذا الشاهد أو أنه يساويه في‬
‫‪ 3‬ذلك من قياس التمثيل والتعليل الذي يحتج به‬ ‫‪ 3‬بالإرادة ونحو‬
‫السبب الموجب لكونه حساسا متحركا‬
‫الفقهاء في اثبات األحكام الشرعية ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)115|9‬‬
‫‪ 3‬هو الذى يفيد اليقين وقد بينا‬ ‫وقال أيضا ‪:‬وهؤالء يزعمون أن ذلك القياس إنما يفيد الظن وقياسهم‬
‫‪ 3‬الشمول سواء‬ ‫فى غير هذا الموضع أن قولهم هذا من أفسد األقوال ‪,‬وأن قياس التمثيل وقياس‬
‫وإنما يختلفان بالمادة المعينة ؛فإن كانت يقينية فى أحدهما كانت يقينية فى اآلخر ‪,‬وإن كانت ظنية‬
‫‪3‬‬
‫فى أحدهما كانت ظنية فى اآلخر ‪,‬وذلك أن قياس الشمول مؤلف من الحدود الثالثة األصغر‬
‫‪ 3‬وجامعا ‪.‬‬ ‫‪ 3‬فيه هو الذى يسمى فى قياس التمثيل علة ومناطا‬ ‫‪ 3‬واألكبر ‪,‬والحد األوسط‬‫واألوسط‬
‫فإذا قال فى مسألة النبيذ كل نبيذ مسكر وكل مسكر حرام ؛ فال بد له من إثبات المقدمة الكبرى‬
‫‪ 3‬على خمر العنب‬ ‫‪ 3‬فيمكنه أن يقول النبيذ مسكر فيكون حراما قياسا‬ ‫وحينئذ يتم البرهان وحينئذ‬
‫‪ 3‬فى‬ ‫‪ 3‬فى األصل وهو موجود‬ ‫وبجامع ما يشتركان فيه من الإسكار ؛فإن الإسكار هو مناط التحريم‬
‫‪ 3‬بطريق األولى بل‬ ‫الفرع فبما به يقرر أن كل مسكر حرام به يقرر أن السكر مناط التحريم‬
‫التفريق فى قياس التمثيل أسهل عليه لشهادة األصل له بالتحريم ؛فيكون الحكم قد علم ثبوته فى‬
‫بعض الجزئيات ‪,‬وال يكفى فى قياس التمثيل إثباته فى أحد الجزئين لثبوته فى الجزء اآلخر‬
‫‪ 3‬فى أمر لم يقم دليل على استلزامه للحكم كما يظنه بعض الغالطين بل البد أن يعلم أن‬ ‫الشتراكهما‬
‫‪.3‬‬
‫‪ 3‬للحكم والمشترك بينهما هو الحد األوسط‬ ‫المشترك بينهما مستلزم‬
‫مجموع الفتاوى (‪)116|9‬‬
‫‪ 3‬ال يفيد إال‬‫وقال أيضا ‪ :‬تفريقهم بين قياس الشمول وقياس التمثيل بأن الأول قد يفيد اليقين والثانى‬
‫الظن فرق باطل بل حيث أفاد أحدهما اليقين أفاد اآلخر اليقين وحيث ال يفيد أحدهما إال الظن ال‬
‫يفيد اآلخر إال الظن ؛فإن إفادة الدليل لليقين أو الظن ليس لكونه على صورة أحدهما دون اآلحر‬
‫بل باعتبار تضمن أحدهما لما يفيد اليقين ؛فإن كان أحدهما اشتمل على أمر مستلزم للحكم يقينا‬
‫حصل به اليقين وإن لم يشتمل إال على ما يفيد الحكم ظنا لم يفد إال الظن ‪,‬والذى يسمى في أحدهما‬
‫‪ 3‬والقضية الكبرى المتضمنة لزوم الحد الأكبر لألوسط‬ ‫‪: 3‬هو فى اآلخر الوصف المشترك‬ ‫حدا أوسط‬
‫‪ 3‬المشترك بين الأصل والفرع فما به يتبين صدق القضية الكبرى به يتبين‬ ‫هو بيان تأثير الوصف‬
‫‪ 3‬الأكبر لألوسط هو لزوم الحكم للمشترك ‪.‬‬ ‫‪ 3‬للحكم ؛فلزوم‬
‫أن الجامع المشترك مستلزم‬
‫‪3‬‬
‫‪ 3‬على الخمر ألن الخمر إنما حرمت لكونه مسكرة وهذا الوصف موجود‬ ‫فإذا قلت النبيذ حرام قياسا‬
‫فى النبيذ كان بمنزلة قولك كل نبيذ مسكر وكل مسكر حرام فالنتيجة قولك النبيذ حرام والنبيذ هو‬
‫‪ 3‬بين‬‫‪ 3‬هو المتوسط‬ ‫موضوعها وهو الحد الأصغر والحرام محمولها وهو الحد الأكبر ‪,‬والمسكر‬
‫‪ 3‬والمحمول وهو الحد الأوسط المحمول فى الصغرى الموضوع فى الكبرى ‪.‬‬ ‫الموضوع‬
‫‪ 3‬فى‬ ‫فإذا قلت النبيذ حرام قياس على خمر العنب لأن العلة فى الأصل هو الإسكار ‪,‬وهو موجود‬
‫‪ 3‬النبيذ بالسكر وهو الحد الأوسط لكن‬ ‫‪ 3‬علته ؛فإنما استدللت على تحريم‬‫الفرع فثبت التحريم لوجود‬
‫‪ 3‬الفرع‬‫زدت فى قياس التمثيل ذكر الأصل الذى يثبت به الفرع ‪,‬وهذا لأن شعور النفس بنظير‬
‫‪ 3‬المشترك‬ ‫أقوى في المعرفة من مجرد دخوله فى الجامع الكلى ‪,‬وإذا قام الدليل على تأثير الوصف‬
‫لم يكن ذكر الأصل محتاجا إليه ‪....‬‬
‫والمقصود هنا الكالم المنطق وما ذكر من البرهان وأنهم يعظمون قياس الشمول ويستخفون‬
‫بقياس التمثيل ويزعمون أنه إنما يفيد الظن ‪,‬وأن العلم ال يحصل اال بذاك ‪,‬وليس الأمر كذلك بل‬
‫‪ 3‬التمثيل الصحيح أولى بإفادة المطلوب علما كان أو ظنا من‬ ‫هما فى الحقيقة من جنس واحد وقياس‬
‫مجرد قياس الشمول ‪,‬ولهذا كان سائر العقالء يستدلون بقياس التمثيل أكثر مما يستدلون بقياس‬
‫الشمول بل ال يصح قياس الشمول فى األمر العام إال بتوسط قياس التمثيل ‪,‬وكل ما يحتج به على‬
‫صحة قياس الشمول فى بعض الصور فإنه يحتج على صحة قياس التمثيل فى تلك الصورة‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)205|9‬‬
‫‪ 3‬المكرر فى قياس الشمول وهو الخمر من قولك كل مسكر‬ ‫ب‪ -‬وقال أيضا‪ :‬إن الحد الأوسط‬
‫‪ 3‬الجامع بين الأصل‬ ‫خمر وكل خمر حرام هو مناط الحكم فى قياس التمثيل ‪,‬وهو القدر المشترك‬
‫والفرع ؛فالقياسان متالزمان كل ما علم بهذا القياس يمكن علمه بهذا القياس ثم إن كان الدليل‬
‫‪ 3‬فيهما‪.‬‬
‫‪ 3‬فى القياسين أو ظنيا فظنى‬‫قطعيا فهو قطعي‬
‫وأما دعوى من يدعى من المنطقيين وأتباعهم أن اليقين إنما يحصل بقياس الشمول دون قياس‬
‫‪ 3‬يعلم بنص أن كل‬ ‫‪ 3‬حقيقة القياسين ‪,‬وقد‬‫التمثيل فهو قول فى غاية الفساد وهو قول من لم يتصور‬
‫مسكر حرام كما ثبت فى الحديث الصحيح ‪,‬وإذا كان كذلك لم يتعين قياس الشمول لإفادة الحكم بل‬
‫‪ 3‬ال علم تصديقى إال بالقياس المنطقي كما‬ ‫وال قياس من الأقيسة؛ فإنه قد يعلم بال قياس فبطل قولهم‬
‫تقدم ‪.‬‬
‫والمقصود هنا بيان قلة منفعته أو عدمها ؛فإن المطلوب إن كان ثم قضية علمت من جهة الرسول‬
‫تفيد العموم وهو أن كل مسكر حرام حصل مدعاه فالقضايا الكلية المتلقاة عن الرسول تفيد العلم‬
‫فى المطالب الإلهية ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)235|9‬‬
‫(‪)22‬‬
‫ج‪ -‬قياس الشمول يمكن جعله قياس تمثيل وبالعكس‬
‫فإن قيل من أين تعلم بأن الجامع يستلزم الحكم‬
‫قيل من حيث تعلم القضية الكبرى فى قياس الشمول‬
‫فإذا قال القائل هذا فاعل محكم لفعله وكل محكم لفعله فهو عالم فأي شىء ذكر فى علة هذه‬
‫القضية الكلية فهو موجود فى قياس التمثيل وزيادة أن هناك أصال يمثل به قد وجد فيه الحكم مع‬
‫‪ 3‬ان ذكر الكلي‬‫‪ 3‬الشمول لم يذكر شىء من االفراد التى ثبت الحكم فيها ومعلوم‬ ‫المشترك وفي‬
‫المشترك مع بعض افراده أثبت فى العقل من ذكره مجردا عن جميع االفراد باتفاق العقالء‬
‫‪ 3‬كلي‬ ‫ولهذا قالوا ان العقل تابع للحس فإذا أدرك الحس الجزئيات أدرك العقل منها قدرا مشتركا‬
‫فالكليات تقع في النفس بعد معرفة الجزئيات المعينة فمعرفة الجزيئات المعينة من أعظم االسباب‬
‫‪ 3‬يكون ذكرها مضعفا للقياس وعدم ذكرها موجبا لقوته وهذه خاصة‬ ‫فى معرفة الكليات فكيف‬
‫‪ 3‬معرفة الجزيئات فمن أنكرها انكر خاصة عقل االنسان ومن جعل‬ ‫العقل معرفة الكليات بتوسط‬
‫‪ 3‬المعينة كان مكابرا ‪.‬‬ ‫ذكرها بدون شيء من محالها المعينة اقوى من ذكرها مع التمثيل بمواضعها‬

‫‪)?( 22‬وقد تنازع الناس في مسمى القياس فقالت طائفة من أهل االصول هو حقيقة في قياس التمثيل مجاز في‬
‫قياس الشمول كأبي حامد الغزالي وأبي محمد المقدسي وغيرهما وقالت طائفة بل هو بالعكس حقيقة في الشمول‬
‫مجاز في التمثيل كابن حزم وغيره ‪,‬وقال جمهور العلماء بل هو حقيقة فيهما والقياس العقلي يتناولهما جميعا وهذا‬
‫قول اكثر من تكلم في أصول الدين وأصول الفقه وأنواع العلوم العقلية وهو الصواب وهو قول الجمهور من أتباع‬
‫االئمة االربعة وغيرهم ‪ .‬الرد على المنطقيين (‪)119‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)238|9‬‬
‫د‪ :-‬الموجودات في الخارج تعرف بغير القياس المنطقي‬
‫‪ 3‬الخارجية فتعلم بدون هذا القياس ‪,‬وإذا قيل إن من الناس من يعلم بعض‬ ‫قال ‪:‬أما الموجودات‬
‫الأعيان الخارجية بهذا القياس فيكون مبناه على قياس التمثيل الذى ينكرون أنه يقينى فهم بين‬
‫‪ 3‬بطل تفريقهم‬ ‫أمرين ‪:‬إن اعترفوا بأن قياس التمثيل من جنس قياس الشمول ينقسم إلى يقينى وظني‬
‫‪,‬وإن ادعوا الفرق بينهما وأن قياس الشمول يكون يقينيا دون التمثيل منعوا ذلك ‪,‬وبين لهم أن‬
‫‪ 3‬إال أن يحصل بالتمثيل فيكون العلم بما لم يعلم من المفردات‬ ‫اليقين ال يحصل فى هذه األمور‬
‫‪ 3‬على ما علم منها ‪,‬وهذا حق ال ينازع فيه عاقل بل هذا من أخص‬ ‫الموجودة فى الخارج قياسا‬
‫صفات العقل التى فارق بها الحس‪ ,‬إذ الحس ال يعلم إال معينا والعقل يدركه كليا مطلقا لكن‬
‫بواسطة التمثيل ثم العقل يدركها كلها مع عزوب الأمثلة المعينة عنه‪.‬‬
‫لكن هي في الأصل إنما صارت فى ذهنه كلية عامة بعد تصوره لأمثال معينة من أفرادها ‪,‬وإذا‬
‫بعد عهد الذهن بالمفردات المعنية فقد يغلط كثيرا ؛بأن يجعل الحكم إما أعم وإما أخص ‪,‬وهذا‬
‫يعرض للناس كثيرا حيث يظن أن ما عنده من القضايا الكلية صحيح ويكون عند التحقيق ليس‬
‫كذلك ‪.‬‬
‫‪ 3‬عليه ويظنون أنهم‬ ‫وهم يتصورون الشىء بعقولهم ويكون ما تصوروه معقوال بالعقل فيتكلمون‬
‫تكلموا فى ماهية مجردة بنفسها من حيث هي هى ‪,‬من غير أن تكون ثابتة فى الخارج وال فى‬
‫‪ 3‬من حيث هو هو ونحو‬ ‫الذهن فيقولون الإنسان من حيث هو هو والوجود من حيث هو هو والسواد‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫‪ 3‬عن جميع القيود السلبية والثبوتية محققة فى الخارج على‬ ‫ويظنون أن هذه الماهية التى جردوها‬
‫هذا التجريد ‪,‬وذلك غلط كغلط أوليهم فيما جردوه من العدد والمثل الأفالطونية وغيرها بل هذه‬
‫المجردات ال تكون إال مقدرة في الذهن ‪,‬وليس كل ما فرضه الذهن أمكن وجوده فى الخارج وهذا‬
‫الذى يسمى الإمكان الذهني‪.‬‬
‫فإن الإمكان على وجهين ذهني وهو أن يعرض الشىء على الذهن فال يعلم امتناعه بل يقول يمكن‬
‫هذا ال لعلمه بإمكانه بل لعدم علمه بامتناعه مع أن ذلك الشىء قد يكون ممتنعا في الخارج‪.‬‬
‫‪ 3‬وهو أن يعلم إمكان الشىء فى الخارج ‪,‬وهذا يكون بأن يعلم وجوده فى الخارج أو‬ ‫و خارجي‬
‫‪ 3‬موجودا‬ ‫وجود نظيره أو وجوده ما هو أبعد عن الوجود منه ؛فإذا كان الأبعد عن قبول الوجود‬
‫‪ 3‬منه أولى ‪.‬‬‫ممكن الوجود فاألقرب إلى الوجود‬
‫مجموع الفتاوى(‪)224|9‬‬
‫‪ 3‬اليقين في الصورة القياسية حصروه فى المادة التى ذكروها‬ ‫الثاني والعشرون‪ :‬أنهم كما حصروا‬
‫‪ 3‬أن ال دليل على نفي‬ ‫‪ 3‬والحدسيات ومعلوم‬ ‫من القضايا الحسيات والأوليات والمتواترات والمجربات‬
‫‪ 3‬فى الحسيات والعقليات وغيرها ما جرت العادة‬ ‫ما سوى هذه القضايا ثم مع ذلك إنما اعتبروا‬
‫‪ 3‬في ذلك فإن بني آدم إنما يشتركون كلهم فى بعض المرئيات‬ ‫باشتراك بنى آدم فيه ‪,‬وتناقضوا‬
‫وبعض المسموعات؛ فإنهم كلهم يرون عين الشمس والقمر والكواكب ويرون جنس السحاب‬
‫والبرق ‪,‬وإن لم يكن ما يراه هؤالء عين ما يراه هؤالء عين ‪,‬وكذلك يشتركون في سماع صوت‬
‫‪3‬‬
‫الرعد ‪,‬وأما ما سمعه بعضهم من كالم بعض وصوته فهذا ال يشترك بنو آدم فى عينه بل كل قوم‬
‫يسمعون ما لم يسمع غيرهم وكذا أكثر المرئيات‬
‫‪ 3‬جميع الناس فى شيء معين فيه ؛بل الذي يشمه هؤالء‬ ‫‪ 3‬واللمس فهذا ال يشترك‬ ‫وأما الشم والذوق‬
‫ويذوقونه ويلمسونه ليس هو الذي يشمه ويذوقه ويلمسه هؤالء ‪.‬‬
‫‪ 3‬عند‬‫لكن قد يتفقان فى الجنس ال فى العين وكذلك ما يعلم بالتواتر والتجربة والحدس فإنه قد يتواتر‬
‫هؤالء ويجرب هؤالء ما لم يتواتر عند غيرهم ويجربوه ‪,‬ولكن قد يتفقان فى الجنس كما يجرب‬
‫قوم بعض الأدوية ويجرب آخرون جنس تلك األدوية فيتفق فى معرفة الجنس ال في معرفة عين‬
‫المجرب ‪...‬‬
‫‪ 3‬وهو ما‬ ‫وعامة ما عندهم من العلوم الكلية بأحوال الموجودات هي من العلم بعادة ذلك الموجود‬
‫يسمونه الحدسيات وعامة ما عندهم من العلوم العقلية الطبيعية والعلوم الفلكية كعلم الهيئة فهو من‬
‫قسم المجربات ‪,‬وهذه ال يقوم فيها برهان ؛فإن كون هذه الأجسام الطبيعية جربت وكون الحركات‬
‫جربت ال يعرفه أكثر الناس إال بالنقل ‪ ,‬والتواتر في هذا قليل ‪.‬‬
‫وغاية الأمر أن تنقل التجربة في ذلك عن بعض الأطباء أو بعض أهل الحساب وغاية ما يوجد أن‬
‫‪ 3‬هذا مما رصده فالن وأن يقول جالينوس هذا مما جربته أو ذكر لي فالن أنه‬ ‫يقول بطليموس‬
‫جربه وليس فى هذا شيء من المتواتر ‪,‬وإن قدر أن غيره جربه أيضا فذاك خبر واحد وأكثر‬
‫الناس لم يجربوا جميع ما جربوه وال علموا بالأرصاد ما ادعوا أنهم علموه ‪,‬وإن ذكروا جماعة‬
‫‪ 3‬الخاص الذي تنقله طائفة ‪.‬‬ ‫رصدوا فغايته أنه من المتواتر‬
‫‪3‬نه ال يقوم عليه برهان بما تواتر عن الأنبياء كيف يمكنه أن يقيم على غيره برهانا بمثل‬ ‫فمن زعم أ‬
‫‪ 3‬ويعظم علم الهيئة والفلسفة ويدعي أنه علم عقلي معلوم بالبرهان ‪,‬وهذا أعظم ما يقوم‬ ‫هذا التواتر‬
‫عليه البرهان العقلي عندهم هذا حاله فما الظن بالإلهيات التى إذا نظر فيها كالم معلمهم الأول‬
‫أرسطو وتدبره الفاضل العاقل لم يفده إال العلم بأنهم كانوا من أجهل الخلق برب العالمين ‪,‬وأن‬
‫كفار اليهود والنصارى أعلم منهم بهذه الأمور ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)246|9‬‬
‫الثالث والعشرون ‪:‬إن الأنبياء والأولياء لهم من علم الوحي والإلهام ما هو خارج عن قياسهم الذي‬
‫ذكروه بل الفراسة أيضا ومثالها فإن ادخلوا ذلك فيما ذكروه من الحسيات والعقليات ‪,‬لم يمكنهم‬
‫‪ 3‬ذكر ابن سينا وأتباعه أن القضايا الواجب قبولها التى‬ ‫نفي ما لم يذكروه ‪,‬ولم يبق لهم ضابط ‪,‬وقد‬
‫‪ 3‬ضموا إلى ذلك‬ ‫‪ 3‬والحدسيات والمتواترات وربما‬ ‫هي مادة البرهان الأوليات والحسيات والمجربات‬
‫‪ 3‬دليال على هذا الحصر ‪,‬ولهذا اعترف المنتصرون لهم أن هذا‬ ‫قضايا معها حدودها ‪,‬ولم يذكروا‬
‫‪ 3‬يتعذر إقامة دليل عليه ‪,‬وإذا كان كذلك لم يلزم ان كل ما لم يدخل فى‬ ‫التقسيم منتشر غير منحصر‬
‫قياسهم ال يكون معلوما وحينئذ فال يكون المنطق آلة قانونية تعصم مراعاتها من الخطأ ‪.‬‬
‫فإنه وعامة هؤالء المنطقيين يكذبون بما لم يستدل عليه بقياسهم ‪,‬وهذا فى غاية الجهل السيما إن‬
‫كان الذي كذبوا به من أخبار الأنبياء‬
‫فإذا كان أشرف العلوم ال سبيل الى معرفته بطريقهم لزم أمران ‪:‬‬
‫أحدهما ‪:‬إن ال حجة لهم على ما يكذبون به مما ليس فى قياسهم دليل عليه ‪.‬‬
‫‪ 3‬اذا علم انه ال يفيد النجاة وال السعادة ‪.‬‬
‫و الثانى ‪:‬إن ما علموه خسيس بالنسبة الى ما جهلوه فكيف‬
‫مجموع الفتاوى (‪)247|9‬‬

‫الرابع والعشرون ‪:‬أنهم يجعلون ما هو علم يجب تصديقه ليس علما وما هو باطل وليس بعلم‬
‫يجعلونه علما‬
‫قال ‪ :‬فزعموا ما جاءت به الأنبياء فى معرفة اهلل وصفاته والمعاد ال حقيقة له فى الواقع وأنهم إنما‬
‫‪ 3‬بما يتخيلونه فى ذلك لينتفعوا به فى إقامة مصلحة دنياهم ال يعرفوا بذلك الحق‬ ‫أخبروا الجمهور‬
‫‪3‬نه من جنس الكذب لمصلحة الناس ويقولون أن النبى حاذق بالشرائع العملية دون العلمية‬ ‫‪,‬وأ‬
‫‪, 3‬وال يوجبون‬ ‫‪,‬ومنهم من يفضل الفيلسوف على كل نبى وعلى نبينا عليه أفضل الصالة والسالم‬
‫‪ 3‬أخبر النبى عن اهلل بأسمائه وصفاته المعينة وعن المالئكة‬‫اتباع نبى بعينه ال محمد ‪ ..‬وقد‬
‫‪, 3‬وليس فى ذلك شيء من ذلك بقياسهم وكذا أخبر عن أمور‬ ‫‪ 3‬والجنة والنار‬‫والعرش والكرسي‬
‫‪ 3‬وال غيره ؛فإن‬
‫‪ 3‬وليس شيء من ذلك يمكن معرفته بقياسهم ال البرهاني‬ ‫معينة مما كان وسيكون‬
‫‪ 3‬أن يعرف الإنسان أنهم يقولون من‬ ‫أقيستهم ال تفيد إال أمورا كلية وهذه أمور خاصة ‪ ..‬والمقصود‬
‫‪ 3‬من الزم ليس قط دليل على نفيه ‪.‬‬ ‫الجهل والكفر ما هو فى غاية الضالل فرارا‬
‫مجموع الفتاوى (‪)249|9‬‬
‫‪ 3‬إليها بيان لألمور أوضح وأجلى من قياسهم‬ ‫‪ 3‬التي استندوا‬
‫الخامس والعشرون ‪:‬أن في غير الطرق‬
‫المنطقي‬
‫قال رحمه اهلل ‪ :‬أما األمور الموجودة المحققة فتعلم بالحس الباطن والظاهر وتعلم بالقياس‬
‫التمثيلى وتعلم بالقياس الذى ليس فيه قضية كلية وال شمول وال عموم بل تكون الحدود الثالثة فيه‬
‫‪ 3‬جزئية ‪,‬وعلم هذه األمور‬ ‫‪ 3‬أعيانا جزئية والمقدمات والنتيجة قضايا‬
‫األصغر واألوسط واألكبر‬
‫المعينة بهذه الطرق أصح وأوضح وأكمل ؛فإن من رأى بعينه زيدا فى مكان ‪,‬وعمرا فى مكان‬
‫آخر استغنى عن أن يستدل على ذلك بكون الجسم الواحد ال يكون فى مكانين ‪,‬وكذلك من وزن‬
‫دراهم كل منها ألف درهم استغنى عن أن يستدل على ألف درهم منها بأنها مساوية للصنجة‪,‬وهى‬
‫شيء واحد ‪,‬والأشياء المساوية لشىء واحد متساوية وأمثال ذلك كثير ‪ ,‬ولهذا يسمى هؤالء أهل‬
‫‪, 3‬وإنما أتوا بزيادة كالم قد اليفيد وهو ما ضربوه من القياس‬‫كالم أى لم يفيدوا علما لم يكن معروفا‬
‫لإيضاح ماعلم بالحس ‪,‬وإن كان هذا وهو ما ضربوه من القياس لإيضاح ما علم بالحس ‪,‬وإن كان‬
‫هذا القياس وأمثاله ينتفع به فى موضع آخر‪...‬‬
‫‪3‬‬
‫وكذلك إذا علم الإنسان أن هذا الدينار مثل هذا وهذا الدرهم مثل هذا ‪,‬وأن هذه الحنطة والشعير‬
‫مثل هذا ثم علم شيئا من صفات أحدهما وأحكامه الطبيعية مثل االغتذاء واالنتفاع أو العادية مثل‬
‫‪ 3‬أو الشرعية مثل الحل والحرمة علم أن حكم اآلخر مثله ؛فأقيسة التمثيل تفيد اليقين‬ ‫القيمة والسعر‬
‫بال ريب أعظم من أقيسة الشمول وال يحتاج مع العلم بالتماثل إلى أن يضرب لهما قياس شمول‬
‫‪ 3‬عرفت القضايا الجزئية بقياس التمثيل ‪....‬‬‫بل يكون من زيادة الفضول وبهذا الطريق‬
‫مجموع الفتاوى (‪)76|9‬‬

‫السادس والعشرون ‪ :‬أنهم معترفون بالحسيات الظاهرة والباطنة كالجوع واأللم واللذة ونفوا‬
‫وجود ما يمكن أن يختص برؤيته بعض الناس كالمالئكة والجن ‪,‬وما تراه النفس عند الموت ‪.‬‬
‫‪ 3‬هذه الأمور موضع آخر وإنما المقصود أن ما تلقوه من‬ ‫والكتاب والسنة ناطقان بإثبات ذلك ولبسط‬
‫القواعد الفاسدة المنطقية من نفي ما لم يعلم نفيه أوجب لهم من الجهل والكفر ما صار حاجبا‬
‫‪,‬وأنهم به أسوأ حاال من كفار اليهود والنصارى ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)249|9‬‬
‫‪3‬‬
‫السابع والعشرون ‪ :‬أن يقال كون القضية برهانية معناه عندهم أنها معلومة للمستدل بها ‪,‬وكونها‬
‫جدلية معناه كونها مسلمة ‪,‬وكونها خطابية معناه كونها مشهورة أو مقبولة أو مظنونة ‪,‬وجميع هذه‬
‫الفروق هي نسب وإضافات عارضة للقضية ليس فيها ما هو صفة مالزمة لها فضال عن أن‬
‫تكون ذاتية لها على أصلهم بل ليس فيها ما هو صفة لها فى نفسها بل هذه صفات نسبية باعتبار‬
‫‪ 3‬أن القضية قد تكون حقا والإنسان ال يشعر بها فضال عن أن يظنها أو‬ ‫‪ 3‬بها ‪,‬ومعلوم‬
‫شعورالشاعر‬
‫يعلمها ‪,‬وكذلك قد تكون خطابية أو جدلية وهي حق فى نفسها بل تكون برهانية أيضا كما قد‬
‫‪ 3‬بالقضايا التى هي حق فى نفسها ال‬ ‫سلموا ذلك ‪,‬وإذا كان كذلك فالرسل صلوات اهلل عليهم أخبروا‬
‫‪3‬‬
‫‪ 3‬من الطرق العلمية التى يعرف بها صدق القضايا ما هو مشترك‬ ‫تكون كذبا باطال قط ‪,‬وبينوا‬
‫فينتفع به جنس بني آدم وهذا هو العلم النافع للناس ‪.‬‬
‫وأما هؤالء المتفلسفة فلم يسلكوا هذا المسلك بل سلكوا في القضايا األمر النسبى فجعلوا‬
‫البرهانيات ما علمه المستدل وغير ذلك لم يجعلوه برهانيا ‪,‬وإن علمه مستدل آخر ‪,‬وعلى هذا‬
‫فيكون من البرهانيات عند إنسان وطائفة ما ليس من البرهانيات عند آخرين ؛فال يمكن أن تحد‬
‫القضايا العلمية بحد جامع بل تختلف باختالف أحوال من علمها ومن لم يعلمها حتى أن أهل‬
‫الصناعات عند أهل كل صناعة من القضايا التى يعلمونها ماال يعلمها غيرهم‪ ,‬وحينئذ فيمتنع أن‬
‫‪ 3‬من الكذب باعتبار ما هو األمر عليه فى نفسه‬ ‫‪ 3‬مميزة للحق من الباطل والصدق‬ ‫تكون طريقتهم‬
‫عند أهل كل صناعة من الحق والباطل ومن الصدق والكذب ‪,‬ويمتنع أن تكون منفعتها مشتركة‬
‫بين اآلدميين بخالف طريقة الأنبياء ؛فإنهم أخبروا بالقضايا الصادقة التى تفرق بين الحق والباطل‬
‫والصدق والكذب ؛فكل ما ناقض الصدق فهو كاذب وكل ما ناقض الحق فهو باطل ؛فلهذا جعل‬
‫اهلل ما أنزله من الكتاب حاكما بين الناس فيما اختلفوا فيه وأنزل أيضا الميزان وما يوزن به‬
‫ويعرف به الحق من الباطل ولكل حق ميزان يوزن به بخالف ما فعله الفالسفة المنطقيون فإنه ال‬
‫يمكن أن يكون هاديا للحق وال مفرقا بين الحق والباطل وال هو ميزان يعرف به الحق من الباطل‬
‫‪.‬‬
‫وأما المتكلمون فما كان في كالمهم موافقا لما جاءت به الأنبياء فهو منه وما خالفه فهو من البدع‬
‫الباطلة شرعا وعقال ‪.‬‬
‫فإن قيل نحن نجعل البرهانيات إضافية فكل ما علمه الإنسان بمقدماته فهو برهاني عنده وإن لم‬
‫يكن برهانيا عند غيره ‪.‬‬
‫قيل‪ :‬لم يفعلوا ذلك فإن من سلك هذا السبيل لم يجد مواد البرهان فى أشياء معينة مع إمكان علم‬
‫كثير من الناس لأمور أخرى بغير تلك المواد المعينة التى عيونها وإذا قالوا نحن ال نعين المواد‬
‫فقد بطل أحد أجزاء المنطق وهو المطلوب ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)251|9‬‬
‫الثامن والعشرون ‪ :‬أنهم لما ظنوا أن طريقهم كلية محيطة بطرق العلم الحاصل لبني آدم مع أن‬
‫الأمر ليس كذلك وقد علم الناس إما بالحس وإما بالعقل وإما باألخبار الصادقة معلومات كثيرة‬
‫‪ 3‬ذكروها ‪,‬ومن ذلك ما علمه الأنبياء صلوات اهلل عليهم من العلوم أرادوا إجراء ذلك‬ ‫تعلم بطريقهم‬
‫‪ 3‬الفاسد فقالوا النبى له قوة أقوى من قوة غيره ‪,‬وهو أن يكون بحيث ينال الحد االوسط‬ ‫على قانونهم‬
‫من غير تعليم فإذا تصور أدرك بتلك القوة الحد الذي قد يتعسر أو يتعذر على غيره إدراكه بال‬
‫‪ 3‬الأنفس فى الإدراك غير محدودة ؛فجعلوا ما يخبر به الأنبياء من أنباء الغيب إنما‬ ‫تعليم لأن قوى‬
‫بواسطة القياس المنطقى ‪,‬وهذا فى غاية الفساد فإن القياس المنطقي إنما تعرف به أمورا كلية كما‬
‫تقدم ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)252|9‬‬
‫التاسع والعشرون ‪ :‬قول بعضهم ليس في العقليات قياس باطل‬
‫‪ 3‬وأبي محمد المقدسي‬ ‫ومن قال من متأخري أهل الكالم والرأي كأبي المعالي وأبي حامد والرازي‬
‫وغيرهم من أن العقليات ليس فيها قياس ‪,‬وإنما القياس فى الشرعيات ولكن االعتماد فى العقليات‬
‫‪ 3‬العقالء ؛فإن‬
‫‪ 3‬مخالف لقول نظار المسلمين بل وسائر‬ ‫على الدليل الدال على ذلك مطلقا فقولهم‬
‫‪ 3‬المشترك‬‫القياس يستدل به فى العقليات كما يستدل به فى الشرعيات ؛فإنه إذا ثبت أن الوصف‬
‫مستلزم للحكم كان هذا دليال فى جميع العلوم ‪,‬وكذلك إذا ثبت أنه ليس بين الفرع واألصل فرق‬
‫‪3‬‬
‫مؤثر كان هذا دليال فى جميع العلوم وحيث ال يستدل بالقياس التمثيلي ال يستدل بالقياس الشمولي‬
‫‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪ )118|9‬والرد على المنطقيين (‪)118‬‬
‫(‪)23‬‬
‫‪ 3‬االستدالل البد فيه من مقدمتين بال زيادة وال نقصان‬
‫الثالثون ‪ :‬قولهم‬

‫‪)?( 23‬ولهذا ال تجد أحدا من سائر اصناف العقالء غير هؤالء ينظم دليله من المقدمتين كما ينظمه هؤالء بل‬
‫‪ 3‬وقد يكون مقدمات بحسب‬ ‫يذكرون الدليل المستلزم للمدلول ثم الدليل قد يكون مقدمة واحدة وقد يكون مقدمتين‬
‫حاجة الناظر المستدل إذ حاجة الناس تختلف ‪,‬وقد بسطنا ذلك في الكالم على المحصل وبينا تخطئة جمهور‬
‫أ‪ -‬وأما قولهم االستدالل البد فيه من مقدمتين بال زيادة وال نقصان فهذا قول باطل طردا وعكسا‬
‫‪,‬وذلك أن احتياج المستدل إلى المقدمات مما يختلف فيه حال الناس فمن الناس من ال يحتاج إال‬
‫إلى مقدمة واحدة لعلمه بما سوى ذلك كما أن منهم من ال يحتاج فى علمه بذلك إلى استدالل بل قد‬
‫‪ 3‬من يحتاج الى ثالث ‪,‬ومنهم من يحتاج الى‬ ‫‪ 3‬من يحتاج الى مقدمتين ‪,‬ومنهم‬ ‫يعلمه بالضرورة ومنهم‬
‫أربع وأكثر فمن أراد أن يعرف أن هذا المسكر المعين محرم ؛فإن كان يعرف أن كل مسكر‬
‫محرم ولكن ال يعرف هل هذا المسكر المعين يسكر أم ال لم يحتج إال إلى مقدمة واحدة وهو أن‬
‫يعلم أن هذا مسكر فإذا قيل له هذا حرام فقال ما الدليل عليه فقال المستدل الدليل على ذلك أنه‬
‫مسكر تم المطلوب ‪.‬‬
‫وكذلك لو تنازع اثنان فى بعض أنواع الأشربة هل هو مسكر أم ال كما يسأل الناس كثيرا عن‬
‫بعض الأشربة وال يكون السائل ممن يعلم أنها تسكر أو ال تسكر ولكن قد علم أن كل مسكر حرام‬
‫؛فإذا ثبت عنده بخبر من يصدقه أو بغير ذلك من الأدلة أنه مسكر علم تحريمه ‪,‬وكذلك سائر ما‬
‫‪3‬‬
‫يقع الشك فى اندراجه تحت قضية كلية من الأنواع والأعيان مع العلم بحكم تلك القضية كتنازع‬
‫‪ 3‬فيه هل هو من‬ ‫الناس فى النرد والشطرنج هل هما من الميسر أم ال ‪,‬وتنازعهم فى النبيذ المتنازع‬
‫‪ 3‬والعتاق هل هو داخل فى قوله {قد فرض اهلل‬ ‫‪ 3‬فى الحلف بالنذر والطالق‬ ‫الخمر أم ال ‪,‬وتنازعهم‬
‫‪ 3‬فى قوله {أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح} هل هو الزوج أو‬ ‫لكم تحلة أيمانكم} أم ال وتنازعهم‬
‫الولى المستقل وأمثال ذلك ‪.‬‬
‫‪ 3‬فيه محرم ولم يعلم أن‬ ‫وقد يحتاج االستدالل إلى مقدمتين لمن لم يعلم أن النبيذ المسكر المتنازع‬
‫‪ 3‬يعلم‬‫هذا المعين مسكر فهو ال يعلم أنه محرم حتى يعلم أنه مسكر ‪,‬ويعلم أن كل مسكر حرام ‪,‬وقد‬
‫أن هذا مسكر ويعلم أن كل مسكر خمر لكن لم يعلم أن النبى صلى اهلل عليه وسلم حرم الخمر‬
‫لقرب عهده بالإسالم أو لنشأته بين جهال أو زنادقة يشكون فى ذلك أو يعلم أن النبى صلى اهلل‬
‫عليه وسلم قال ‪:‬كل مسكر حرام أو يعلم أن هذا خمر وأن النبى حرم الخمر لكن لم يعلم أن محمدا‬
‫رسول اهلل أو لم يعلم أنه حرمها على جميع المؤمنين بل ظن أنه أباحها لبعض الناس ؛فظن أنه‬
‫‪ 3‬هذا النبيذ‬
‫‪ 3‬للتداوى أو غير ذلك ؛فهذا ال يكفيه فى العلم بتحريم‬
‫منهم كمن ظن أنه أباح شربها‬
‫المسكر تحريما عاما إال أن يعلم أنه مسكر وأنه خمر وأن النبى صلى اهلل عليه وسلم حرم كل‬
‫‪ 3‬أو للتلذذ‬ ‫‪ 3‬عاما لم يبحه للتداوى‬ ‫مسكر ‪,‬وأنه رسول اهلل حقا فما حرمه حرمه اهلل وأنه حرمه تحريما‬
‫‪...‬‬
‫والمقصود أن قولكم أن الدليل الذى هو القياس ال يكون إال جزئين فقط إن أردتم لفظين فقط وإن‬
‫ما زاد على لفظين فهو أدلة ال دليل واحد لأن ذلك اللفظ الموصوف بصفات تحتاج كل صفة إلى‬
‫دليل ‪.‬‬
‫قيل لكم وكذلك يمكن أن يقال فى اللفظين هما دليالن ال دليل واحد ؛فإن كل مقدمة تحتاج إلى دليل‬
‫‪ 3‬العدد باثنين دون ما زاد تحكم ال معنى له؛ فإنه إذا كان المقصود قد يحصل‬ ‫‪,‬وحينئذ فتخصيص‬
‫‪ 3‬ال يحصل إال بثالثة أو بأربعة وأكثر فجعل الجاعل‬ ‫بلفظ مفرد وقد ال يحصل إال بلفظين وقد‬
‫اللفظين هما الأصل الواجب دون ما زاد وما نقص ‪,‬وأن الزائد إن كان فى المطلوب جعل مطالب‬
‫متعددة‪ ,‬وإن كان فى الدليل تذكر مقدمات جعل ذلك فى تقدير أقيسة متعددة تحكم محض ليس هو‬
‫أولى من أن يقال بل الأصل فى المطلوب أن يكون واحدا ودليله جزاء واحدا فإذا زاد المطلوب‬
‫على ذلك جعل مطلوبين أو ثالثة أو أربعة بحسب داللته ‪,‬وهذا إذا قيل فهو أحسن من قولهم لأن‬
‫اسم الدليل مفرد فيجعل معناه مفردا والقياس هو الدليل ‪.‬‬
‫العقالء لمن قال إنه ال بد في كل علم نظري من مقدمتين ال يستغنى عنهما وال يحتاج الى أكثر منهما كما يقوله من‬
‫يقوله من المنطقيين ‪ .‬الرد على المنطقيين (‪)110‬‬
‫‪ 3‬يحصل بواحد وإذا قدر باثنين‬ ‫ولفظ القياس يقتضى التقدير كما يقال قست هذا بهذا ‪,‬والتقدير‬
‫‪3‬‬
‫وثالثة يكون تقديرين وثالثة ال تقديرا واحدا ؛فتكون تلك التقديرات أقيسة ال قياسا واحدا فجعلهم‬
‫ما زاد على االثنين من المقدمات فى معنى أقيسة متعددة وما نقص عن االثنين نصف قياس تام؛‬
‫اصطالح محض ال يرجع الى معنى معقول كما فرقوا بين الصفات الذاتية والعرضية الالزمة‬
‫‪ 3‬بمثل هذا التحكم ‪.‬‬‫للماهية والوجود‬
‫‪ 3‬إلى حقيقة موجودة وال أمر معقول بل‬ ‫وحينئذ فيعلم أن القوم لم يرجعوا فيما سموه حدا وبرهانا‬
‫إلى اصطالح ‪...‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪ )170|9‬والرد على المنطقيين (‪)167‬‬
‫ب‪ -‬ثم إنهم لما علموا أن الدليل قد يحتاج إلى مقدمات وتكفي فيه مقدمة واحدة قالوا ربما أدرج‬
‫‪ 3‬أو صحيح كبيان المقدمتين‬ ‫في القياس قول زائد أى مقدمة ثالثة على مقدمتين لغرض فاسد‬
‫ويسمونه المركب قالوا ومضمونه أقيسة متعددة سيقت لبيان أكثر من مطلوب واحد إال أن‬
‫المطلوب منها بالذات ليس إال واحدا قالوا وربما حذفت إحدى المقدمات أما للعلم بها أو لغرض‬
‫‪.3‬‬ ‫فاسد وقسموا المركب مفصول وموصول‬
‫فيقال هذا اعتراف منكم بأن من المطالب ما يحتاج إلى مقدمات ‪,‬وما يكفى فيه مقدمة واحدة ثم‬
‫قلتم إن ذلك الذى يحتاج إلى مقدمات هو فى معنى أقيسة متعددة فيقال لكم‪ :‬إذا ادعيتم أن الذى‬
‫البد منه إنما هو قياس واحد مشتمل على مقدمتين وأن ما زاد على ذلك هو فى معنى أقيسة ‪.‬‬
‫‪ 3‬إن الذى ال بد منه هو مقدمة واحدة وأن ما زاد على‬ ‫كل قياس لبيان مقدمة من المقدمات فقولوا‬
‫تلك المقدمة من المقدمات ؛فإنما هو لبيان تلك المقدمة ‪,‬وهذا أقرب إلى معقول ؛فإنه إذا لم يعلم‬
‫‪ 3‬عليه وهو ثبوت الخبر للمبتدأ أو المحمول‬ ‫ثبوت الصفة للموصوف وهو ثبوت الحكم للمحكوم‬
‫‪ 3‬ال بد منه هو مقدمة واحدة وما زاد على ذلك فقد‬ ‫‪ 3‬إال بوسط بينهما هو الدليل فالذى‬ ‫للموضوع‬
‫يحتاج إليه وقد ال يحتاج إليه ‪.‬‬
‫وأما دعوى الحاجة إلى القياس الذي هو المقدمتان لالحتياج إلى ذلك فى بعض المطالب فهو‬
‫كدعوى االحتياج فى بعضها إلى ثالث مقدمات وأربع وخمس لالحتياج إلى ذلك فى بعض‬
‫المطالب ‪,‬وليس تقدير عدد بأولى من عدد‪.‬‬
‫وما يذكرونه من حذف إحدى المقدمتين لوضوحها أو لتغليط يوجد مثله فى حذف الثالثة والرابعة‬
‫ومن احتج على مسألة بمقدمة ال تكفى وحدها لبيان المطلوب أو مقدمتين أو ثالثة ال تكفى طولب‬
‫بالتمام الذى تحصل به كفاية ‪...‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)178|9‬‬
‫‪ 3‬الحكم‬‫ج‪ -‬وما بين لك أن المقدمة الواحدة قد تكفى فى حصول المطلوب أن الدليل هو ما يستلزم‬
‫‪ 3‬للأوسط واألوسط للثالث ثبت أن الأول‬ ‫المدلول عليه كما تقدم بيانه ‪,‬ولما كان الحد الأول مستلزما‬
‫‪ 3‬الدليل‬‫‪ 3‬الالزم الزم ؛فإن الحكم الزم من لوازم‬ ‫‪ 3‬ملزوم والزم‬ ‫مستلزم للثالث ؛فإن ملزوم الملزوم‬
‫‪,‬لكن لم يعرف لزومه إياه إال بوسط بينهما فالوسط ما يقرن بقولك ألنه ‪.‬وهذا مما ذكره المنطقيون‬
‫‪ 3‬وردوا بذلك‬ ‫‪ 3‬وأن منها ما يكون بين اللزوم‬ ‫وابن سينا وغيره؛ ذكروا الصفات الالزمة للموصوف‬
‫‪ 3‬بخالف‬ ‫‪ 3‬بين الذاتى والالزم للماهية بأن الالزم ما افتقر إلى وسط‬ ‫على من فرق من أصحابهم‬
‫‪ 3‬عند‬‫‪ 3‬والوسط‬ ‫الذاتى فقالوا له كثير من الصفات الالزمة ال تفتقر إلى وسط وهى البينة اللزوم‬
‫هؤالء هو الدليل ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪ )179|9‬والرد على المنطقيين (‪)189‬‬
‫‪3‬‬
‫الحادي والثالثون ‪:‬الدليل والبرهان هو اللزوم‬
‫‪ 3‬الدليل للمدلول وما ذكروه فى‬ ‫وما تقسيمهم إلى األنواع الثالثة فكلها تعود إلى ما ذكر فى استلزام‬
‫‪3‬‬
‫‪, 3‬وكذلك االستثنائى يمكن تصويره بصورة االقترانى‬ ‫‪ 3‬يمكن تصويره بصورة االستثنائى‬ ‫االقترانى‬
‫‪ 3‬األمر الى معنى واحد وهو مادة الدليل والمادة ال تعلم من صورة القياس الذى ذكروه بل‬ ‫؛فيعود‬
‫‪ 3‬لهذا علم الداللة سواء صورت بصورة قياس أو لن‬ ‫من عرف المادة بحيث يعلم أن هذا مستلزم‬
‫تصور ‪,‬وسواء عبر عنها بعباراتهما و بغيرها بل العبارات التى صقلتها عقول المسلمين وألسنتهم‬
‫خير من عباراتهم بكثير كثير ‪.‬‬
‫‪ 3‬هذا لهذا وهذا لهذا ؛كما ذكر وهذا بعينه هو االستثنائى المؤلف من‬ ‫و االقترانى كله يعود إلى لزوم‬
‫المتصل والمنفصل ‪.‬‬
‫‪ 3‬الذى هو المقدم وهو الشرط على ثبوت‬ ‫‪ 3‬المتصل استدالل باللزوم بثبوت اللزوم‬ ‫فإن الشرطى‬
‫الالزم الذى هو التالى وهو الجزاء أو بانتفاء الالزم وهو التالي الذى هو الجزاء على انتفاء‬
‫الملزوم الذى هو المقدم وهو الشرط ‪.‬‬
‫‪, 3‬وقد يسميه أيضا الجدليون‬ ‫وأما الشرطي المنفصل وهو الذى يسميه الأصوليون السبر والتقسيم‬
‫‪ 3‬؛فمضمونه االستدالل بثبوت أحد النقيضين على انتفاء اآلخر وبانتفائه على ثبوته‬ ‫التقسيم والترديد‬
‫‪,‬و أقسامه أربعة ولهذا كان فى مانعة الجمع والخلو االستثناءات الأربعة وهو أنه إن ثبت هذا‬
‫انتفى نقيضه وكذا اآلخر ‪,‬وإن انتفى هذا ثبت نقيضه وكذا الآخر ‪,‬ومانعة الجمع االستدالل يثبوت‬
‫أحد الضدين على انتفاء اآلخر والأمران متنافيان ومانعة الخلو فيها تناقض لزوم والنقيضان ال‬
‫‪ 3‬الشيء وعدمه‬ ‫يرتفعان فمنعت الخلو منهما ‪,‬ولكن جزاءها وجود شيء وعدم آخر ليس هو وجود‬
‫‪ 3‬شيء وعدم آخر قد يكون أحدهما الزما لآلخر وإن كانا ال يرتفعان لأن ارتفاعهما يقتضى‬ ‫ووجود‬
‫‪ 3‬شيء وعدمه معا ‪.‬‬ ‫ارتفاع وجود‬
‫وبالجملة ما من شيء إال وله الزم ال يوجد بدونه وله مناف مضاد لوجوده فيستدل عليه بثبوت‬
‫‪ 3‬على انتفائه بوجود منافيه ويستدل بانتفاء منافيه على‬ ‫ملزومه وعلى انتفائه بانتفاء الزمه ‪,‬ويستدل‬
‫‪ 3‬جميعا ‪,‬وهذا‬‫‪ 3‬الأمر فيهما ؛فلم يمكن عدمهما جميعا كما لم يمكن وجودها‬ ‫وجوده إذا انحصر‬
‫‪ 3‬والزمها ‪,‬وإذا تصورته الفطرة عبرت عنه‬ ‫االستدالل يحصل من العلم بأحوال الشيء وملزومها‬
‫‪ 3‬الأدلة ال يختص شيء من ذلك بالصورة التى‬ ‫بأنواع من العبارات وصورته فى أنواع صور‬
‫ذكروها فى القياس فضال عما سموه البرهان؛ فإن البرهان شرطوا له مادة معينة وهى القضايا‬
‫‪ 3‬من الأوليات ما سموه وهميات وما سموه مشهورات وحكم الفطرة بهما ال‬ ‫‪ 3‬وأخرجوا‬ ‫التى ذكروها‬
‫سيما بما سموه وهميات أعظم من حكمها بكثير من اليقينيات التي جعلوها مواد البرهان ‪.‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪)193|9‬‬
‫‪ 3‬إلى المقصود وكلما كان‬ ‫‪ 3‬إلى المطلوب والموصل‬ ‫وقال ‪ :‬فكذلك الدليل والبرهان هوالمرشد‬
‫مستلزما لغيره ؛فإنه يمكن أن يستدل به عليه ‪,‬ولهذا قيل الدليل ما يكون النظر الصحيح فيه‬
‫موصال إلى علم أو ظن ‪.‬‬
‫‪ 3‬أن كل ما كان مستلزم لغيره بحيث يكون ملزوما له؛ فإنه يكون دليال عليه وبرهانا له‬ ‫فالمقصود‬
‫‪ 3‬عدميا فأبدا الدليل ملزوم للمدلول عليه‬‫سواء كانا وجوديين أو عدميين أو أحدهما وجوديا واآلخر‬
‫والمدلول الزم للدليل ‪...‬‬
‫والمقصود هنا أن المطلوب هو العلم والطريق إليه هو الدليل ؛فمن عرف دليل مطلوبه عرف‬
‫‪ 3‬يعرف‬ ‫مطلوبه سواء نظمه بقياسهم أم ال ‪,‬ومن لم يعرف دليله لم ينفعه قياسهم وال يقال أن قياسهم‬
‫‪ 3‬؛فإن حقيقة قياسهم‬‫‪ 3‬؛فإن هذا إنما يقوله جاهل ال يعرف حقيقة قياسهم‬ ‫صحيح األدلة من فاسدها‬
‫ليس فيه إال شكل الدليل وصورته‬
‫‪ 3‬ما يتعرض له بنفي وال إثبات ‪,‬وإنما هذا‬ ‫‪ 3‬لمدلوله فهذا ليس فى قياسهم‬ ‫وأما كون المعين مستلزما‬
‫‪ 3‬بيان صحة شىء من المقدمات‬ ‫بحسب علمه بالمقدمات التى اشتمل عليها الدليل وليس فى قياسهم‬
‫‪ 3‬وإنما يتكلمون فى هذا إذا تكلموا فى مواد القياس وهو الكالم فى المقدمات من جهة ما‬ ‫وال فسادها‬
‫يصدق بها وكالمهم فى هذا فيه خطأ كثير كما نبه عليه فى موضع آخر ‪.‬‬
‫والمقصود هنا أن الحقيقة المعتبرة فى كل برهان ودليل فى العالم هو اللزوم فمن عرف أن هذا‬
‫‪ 3‬معنى هذا اللفظ بل من‬ ‫‪ 3‬وال تصور‬ ‫‪ 3‬على الالزم وإن لم يذكر لفظ اللزوم‬ ‫الزم لهذا استدل بالملزوم‬
‫عرف أن كذا البد له من كذا أو أنه إذا كان كذا كان كذا وأمثال هذا ؛فقد علم اللزوم كما يعرف أن‬
‫‪ 3‬آية هلل فإنه مفتقر إليه محتاج إليه البد له من محدث كما قال تعالى{ أم خلقوا من‬ ‫كل ما فى الوجود‬
‫غير شىء أم هم الخالقون} قال جبير بن مطعم‪ :‬لما سمعت هذه االية أحسست بفؤادى قد‬
‫انصدع ‪.‬‬
‫‪ 3‬يقول أخلقوا من غير خالق خلقهم فهذا ممتنع فى بدائه العقول أم خلقوا‬ ‫فإن هذا تقسيم حاصر‬
‫أنفسهم فهذا أشد امتناعا فعلم أن لهم خالقا خلقهم‪.‬‬
‫وهو سبحانه ذكر الدليل بصيغة استفهام الإنكار ليبن أن هذه القضية التى استدل بها فطرية بديهية‬
‫‪ 3‬حادث بدون‬ ‫مستقرة فى النفوس ال يمكن لأحد إنكارها فال يمكن صحيح الفطرة أن يدعى وجود‬
‫محدث أحدثه وال يمكنه أن يقول هذا أحدث نفسه ‪,‬وكثير من النظار يسلك طريقا فى االستدالل‬
‫على المطلوب ويقول ال يوصل إلى مطلوب إال بهذا الطريق وال يكون الأمر كما قاله فى النفى‬
‫‪ 3‬؛فإن المطلوب كلما كان الناس إلى معرفته أحوج يسر اهلل‬ ‫وإن كان مصيبا فى صحة ذلك الطريق‬
‫على عقول الناس معرفة أدلته ؛فأدلة إثبات الصانع وتوحيده وأعالم النبوة وأدلتها كثيرة جدا‬
‫‪ 3‬الناس فى معرفتها كثيرة ‪.‬‬ ‫وطرق‬
‫مجموع الفتاوى (‪ )213|9‬والرد على المنطقيين (‪)252‬‬
‫‪ 3‬على كلي‬ ‫‪ 3‬وليس من باب االستدالل بجزئي‬ ‫االستقراء من باب اللزوم‬
‫‪ 3‬فتكون قد حكمت على القدر‬ ‫قال ‪ :‬وأما االستقراء فإنما يكون يقينيا إذا كان استقراء تاما وحينئذ‬
‫المشترك بما وجدته في جميع الأفراد وهذا ليس استدالال يجزئى على كلى وال بخاص على عام‬
‫بل استدالل بأحد المتالزمين على الآخر ؛فإن وجود ذلك الحكم في كل فرد من أفراد الكلى العام‬
‫يوجب أن يكون الزما لذلك الكلى العام ‪.‬‬
‫‪ 3‬ذلك والدليل ال بد أن يكون‬ ‫فقولهم إن هذا استدالل بخاص جزئي على عام كلي ليس بحق وكيف‬
‫‪ 3‬الدليل مع عدم المدلول عليه ولم يكن المدلول الزما له لم يكن‬ ‫ملزوما للمدلول ؛فإنه لو جاز وجود‬
‫إذا علمنا ثبوت ذلك الدليل نعلم ثبوت المدلول معه إذا علمنا أنه تارة يكون معه وتارة ال يكون‬
‫معه فإنا إذا علمنا ذلك ثم قلنا إنه معه دائما كنا قد جمعنا بين النقيضين ‪,‬وهذا اللزوم الذي نذكره‬
‫‪ 3‬كانت‬
‫‪ 3‬أقوى وأتم وأظهر‬ ‫هنا يحصل به االستدالل بأي وجه حصل اللزوم ‪,‬وكلما كان اللزوم‬
‫‪.3‬‬‫الداللة أقوى وأتم وأظهر‬
‫الرد على المنطقيين (‪)202‬‬
‫تم بحمد اهلل‬

You might also like