You are on page 1of 12

‫وزارة التربية‬

‫المركز الوطني لتكوين المكونين في التربية‬

‫التحليل التأملي للممارسة في خدمة المساعدة‬


‫البيداغوجية‬

‫إعداد‬
‫متفقد عام للتربية‬ ‫عمار اللموشي‬

‫‪1‬‬
‫اإلشكالية المطروحة‬

‫بعد زيارة المدرس بالفصل يحاوره المساعد البيداغي حول فعاليات‬

‫األنشطة المنجزة مستندا إلى ما سجله من مالحظات وما جمعه من‬

‫معلومات في شأن إعداده واستعداده وإنجازه لمختلف الوضعيات‬

‫التعليمية‪ .‬كيف تتم تلك المحاورة ؟ ما هي الشروط الالزمة لتأمين‬

‫ايجابية المحاورة ؟ كيف نجعل منها فرصة لالرتقاء بأداء المدرس وتطوير‬

‫ممارساته البيداغوجية؟ كيف نقحم المدرس عمليا في فعاليات النقاش‬

‫وذلك بإيالفه تدريجيا التبصر في ذاته البيداغوجية وتحليل سلوكاته‬

‫ومواقفه؟ تساؤالت عديدة تحيلنا على ضرورة تكوين المساعد‬

‫البيداغوجي في مجال التحليل التأملي للممارسة وتوظيف مجلوبات‬

‫هذا الموضوع لتمكين المدرس من تحسين أدائه وتجويد صناعته‬

‫البيداغوجية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الكفايات المهني ّة المستهدفة‬

‫الكفاية ‪1‬‬

‫أن يكون المساعد البيداغوجي متملكا آلليات التحليل التأملي للممارسة‬

‫أن يلم المساعد ببعض الجوانب النظرية لمسألة الممارسة التأملية‬

‫الكفاية ‪2‬‬

‫أن يكون المساعد البيداغوجي متملكا آلليات التحليل التأملي للممارسة ليوظفها أثناء‬
‫بهدف مساعدة المدرس على التقييم الذاتي والتبصر في آدائه البيداغوجي لالرتقاء‬
‫بصناعته نحو األفضل‪.‬‬

‫الكفاية ‪3‬‬

‫أن يتقن المساعد التمشي المعتمد للمحاورة ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫مق ّدمة‬

‫يرتبط مفهوم التّحليل التأمّلي للممارسة بمفهوم التّمهين الذي تعرّفه ‪ )6991( M.Altet‬على أنّه "امتالك‬
‫تخول له أن يوظّف مختلف معارفه ومهاراته ومواقفه إليجاد حلول ناجعة‬
‫المدرّس مجموعة من الكفايات المهنيّة التي ّ‬
‫‪2‬‬
‫للوضعيّات اإلشكاليّة التي يتعرّض إليها أثناء انجازه لمهامّه التّعليميّة"‪ .1‬ويقترح األدب التّربوي ‪)6991( Paquay‬‬
‫نماذج من المدرّسين‪ :‬المدرّس المثقّف‪ /‬المدرّس التّقني‪ /‬المدرّس الفاعل االجتماعي‪ /‬المدرّس الشّخص‪ /‬المدرّس‬
‫الحرفي‪ /‬المدرس المتبصّر وهو الذي يعتمد على تجاربه الميدانيّة ويبني معارفه بفضل قدرته على تحليل ممارسته‬
‫تخول له مواجهة الوضعيّات اإلشكاليّة‬
‫البيداغوجيّة وهو أيضا من يؤسّس عمله على مجموعة من الكفايات المهنيّة التي ّ‬
‫التي تعترضه وإيجاد الحلول المناسبة لها بالنّجاعة والسّرعة المطلوبتين ويعتبر البراديقم التّكويني الذي ينضوي تحته هذا‬
‫النموذج من المدرّسين األكثر انتشارا اليوم في البحوث التّربويّة‪.‬‬

‫من األسئلة المطروحة‬

‫‪ ‬لماذا علينا أن نجعل من التّكوين في التّحليل التّأمّلي للممارسة حجر الزاوية في تكوين المكوّنين والمدرّسين‬
‫على حدّ سواء؟‬
‫يطور االستقالليّة والمسؤوليّة المهنيّة لدى المدرّسين؟‬
‫‪ ‬كيف يمكن للتّحليل التّأمّلي للممارسة أن ّ‬
‫‪ ‬كيف يمكن تطوير القدرة على التّحليل التأمّلي للممارسة لدى المدرّسين وكيف يؤثّر ذلك في ممارساتهم وفي‬
‫نتائج المتعلمين؟‬
‫‪ ‬ما هي الوسائل واألدوات والتّقنيات الميسّرة للتّحليل التّأمّلي للممارسة؟‬

‫‪4‬‬
‫ال ّتحليل التأملي للممارسة‪ :‬مدخل مفهومي‬

‫أ‪ -‬الممارسة‪ :‬يعرّفها القاموس الفرنسي ‪ 0222 Larousse‬بكونها "تجربة أو عادة أو سلوك أو قدرة‬
‫نتجت بعد تدريب وتمرين" وتعرّفها ‪ )6991( M.Altet‬بأنّها تلك "التّجارب اليوميّة التي يعيشها المدرّس‬
‫والمرتبطة بسياقات معيّنة"‪ .3‬و الممارسة البيداغوجية هي مجموع األفعال واألقوال التي تنتج في سياق محدد‬
‫(مؤسّساتي‪/‬قاعة درس‪ /‬بالتّفاعل مع المتعلّمين‪ /‬في إطار معرفي معيّن) حيث ال تنبع هذه الممارسات من فراغ‬
‫ولكن من معتقد بيداغوجي يكون في الغالب وعلى حدّ رأي المختصّين غير واع ( )‪ (Piaget, 1974‬ويرى‬
‫)‪ (Perrenoud 2001‬أ ّن الممارسة البيداغوجيّة تتميّز بكونها‪:‬‬
‫‪ -‬تندرج في إطار شبكة تواصل وعالقات متبادلة وتنجز ضمن تفاعل اجتماعي مكثّف‪.‬‬
‫‪ -‬تن ّفذ في إطار مواجهة مع اآلخر‪.‬‬
‫‪ -‬تنتمي إلى المجال العملي الذي ال يحقّق أهدافه إال بتوفير التّعاون النّشيط من قبل اآلخر وبفضل رغبة تحدثها‬
‫فيه‪.‬‬
‫ب‪-‬تحليل الممارسة‪ :‬يعرف المعجم الحديث في التّربية )‪ (Legendre 1988‬التّحليل بكونه "تفكيك‬
‫محتوى إلى عناصره المكونة له والعمل على فحص عالقاتها ببعضها" ويعتقد )‪ (Perrenoud 1996‬أن‬
‫تحليل الممارسة ضامن لتعديلها وتقعيدها ومساعد على توفير الظّروف المالئمة لبروز التّفكير والتّأمّل ال ّذاتي‪.‬‬
‫ج‪ -‬التأ ّمل‪ :‬نقرأ في معجم )‪ (Larousse 2000‬ما يلي "تأمّل تأمّال األمر وفيه تدبّره وأعاد النّظر فيه‬
‫ليتحققه" ويرى ‪ )6991( Gauthier et al‬أن المدرّسين المتأمّلين في فعلهم وفي أجوبة تالميذهم يكونون‬
‫قادرين على تحديد عوامل النّجاح‪.‬‬
‫ووفق نظريّة الفعل المهني ‪ 4)6991( Schön‬يوجد مستويين للنّشاط التّأمّلي‪:‬‬
‫مستوى التّمشّي التّأمّلي أثناء العمل حيث يتم الت ُّ‬
‫َّفكر في العمل أثناء االنجاز‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مستوى التّمشّي التّأمّلي حول العمل حيث يتم التّأمّل في الممارسة بعد أخذ مسافة من الممارسة تتيح‬ ‫‪-‬‬
‫للمدرس التّساؤل حول وجاهة الطّرائق المعتمدة والمحتويات المق ّدمة والقرارات المتّخذة من أجل تجويدها و‬
‫البحث عن حلول أجدى للمشاكل التي تستوجب مزيد التّمحيص بشكل يساهم في تحسين ممارسته المهنيّة‬

‫‪5‬‬
‫في تعريف التحليل التأملي‬

‫يرى بيرينو أن مفهوم التحليل التأملي يحيلنا على إيواليتين ذهنيتين في عالقة بالممارسة البيداغوجية ‪ :‬التأمل في‬
‫الممارسة أثناء إنجازها وبعد إنجازها ‪ .‬ويفيدنا بأنه أثناء اإلنجاز وفي خضم الفعل البيداغوجي يعوزنا الوقت للتأمل‬
‫المتبصر في أدائنا حيث يركز المدرس أساسا على اآلني والفوري والفجائي وغير المتوقع ويكون تبعا لذلك التفكير في‬
‫الفعل سريعا يهدف إلى اتخاذ قرار حيني دون الرجوع إلى رأي خارجي ‪ ,‬قرار ال يقبل التأجيل وال يحتمل التأخير‪.‬يمكن‬
‫القول إذن بأن التفكير أثناء الفعل يتطلب درجة من المهنية تجعل من المدرس رجل الموقف على حد قول بيرينو‪.‬إال أن‬
‫التأمل في الفعل التربوي خالل إنجازه يمثل نقطة االنطالق للتأمل فيه بعد إنجازه ‪ .‬بعيدا عن ضغوطات الفصل وتأثير‬
‫األولياء والمحيط المدرسي يتبصر المدرس فيما أنجزه ‪ ,‬في ما قام به من أنشطة وما أتاه من ممارسات ‪ .‬يتأمل في نتائج‬
‫عمله ليقيمه معدال طرائقه ومضامينه بهدف مزيد االستجابة النتظارات منظوريه ‪.‬يتطلب التأمل في الممارسة بعد إنجازها‬
‫من قبل المدرس نوعا من التباعد النقدي تجاهها ليتقن ما سيقوم به الحقا على ضوء مساءلة أدائه والتبصر فيه للوقوف‬
‫على يتضمنه من نقاط قوة وأخرى تستدعي التعديل‪.‬‬
‫هكذا يوفر التأمل في الممارسة إنماء كفايات عملية في عالقة بتطوير أداء المدرس بالفصل وأخرى نوعية ذات صلة‬
‫بقدرة المدرس على مساءلة أدائه والوعي بالدوافع والمرجعيات المبررة لممارساته وسلوكاته وتوجهاته المهنية‪.‬يؤكد بيرينو‬
‫في هذا االتجاه على أن تحليل الممارسة يتطلب بالضرورة اإللمام ببعض القضايا النظرية التي تساعد على التقعيد‬
‫واالرتقاء بالممارسة إلى مستوى أفضل ‪.‬‬
‫يمكن القول إ ذن بان تحليل الممارسة هو أداة منهجية للتأمل قي الفعل البيداغوجي وفق تدرج معين وإجراءات قي‬
‫عالقة بالفعل البيداغوجي المنجز وبالتحديد قي مستوى إشكالية عملية مرصودة بالفصل‪ .‬ينجز التحليل بالرجوع لمختلف‬
‫النظريات السيكولوجية والبيداغوجية والتعليمية‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫التحليل التأملي للممارسة ‪ :‬كيف؟‬

‫إن األمر ال يتمثل في وضع أنفسنا مكان المدرس حتى نفهم عوضه ولكن في حمله على إعادة بناء تصوره لمارسته‬
‫بكيفية تساعده على تعديلها في االتجاه المناسب ‪.‬‬
‫ينجز التحليل التأملي وفق تدرج مرحلي يتضمن المحطات الرئسية التالية‪:‬‬
‫‪ -‬دعوة المدرس لوصف ممارسته وذلك بتحيين لفضي لما قام به من مناشط وأنشطة وما أتاه من سلوكات‬
‫وتدخالت مع الحرص على حسن اإلنصات وعدم التدخل واالكتفاء برصد المقاطع الدالة في خطاب المدرس‬
‫بهدف استثمارها الحقا‪ (.‬الصعوبات المثارة‪ -‬مواطن القوة‪ -‬مواطن التذمر‪-‬السلبيات – التساؤالت‪ -‬الحيرة‪-‬‬
‫القلق‪ -‬العزو‪)...‬‬

‫‪ -‬تخير بعض المالمح اإليجابية والدالة في ما وصفه المدرس ودعوته لتبريرها وتعليلها بالرجوع إلى سندات نظرية‬
‫مع السعي دوما إلى مساعدته بواسطة أسئلة توجيهية في الغرض ‪.‬‬

‫‪ -‬توخي نفس التمشي بتخير بعض النقاط السلبية الدالة وحمل المدرس تدريجيا على التفطن إلى سبل تعديلها بعد‬
‫االهتداء إلى األسباب التي كانت وراء ذلك‪ .‬محطة هامة تهدف أساسا إلى إيقاظ وعي المدرس لثغراته وإيالفه‬
‫تدريجيا التبصر في ممارساته في إطار تقييم ذاتي يتجه تدريجيا إلى الموضوعية المأمولة‪.‬‬

‫‪ -‬حوصلة التحليل ومحاولة إعادة بناء الوضعيات وفقا للتعديالت المقترحة والمبلورة طوال المحادثة ‪ .‬تحليل أرقى‬
‫ينم على وعي المدرس بثغراته وسعيه إلى تبريرها موضوعيا بتحيين بعض المجلوبات النظرية والعملية في عالقة‬
‫بالممارسة البيداغوجية و الفعل التربوي‪ ( .‬التنظير والتقعيد )‬

‫‪ -‬توظ يف ما اتفق في شأنه ضمن وضعيات جديدة من أجل ممارسة أرقى ‪ .‬تجريب نشط للتأكد من انتقال أثر‬
‫التكوين والوقوف عمليا على تطور كفايات المدرس بحكم وعيه بممارساته وانخراطه الفعلي في ضرورة تعديلها‬
‫نحو األفضل‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫ممي ّزات الممارسة ال ّتأ ّ‬
‫ملي ّة‬

‫إن السند النظري لتحليل الممارسة يتجاوز النظرية التحليلية بكل مفارقاتها وتعقيداتها لتتوسل بمجلوبات العلوم اإلنسانية‬
‫بمختلف تفريعاتها وتستنير بخبرة المكون وتجربته وتصوره لفعل التعلم وطبيعته وما يتطلبه من قدرة على الترميق واالرتجال‬
‫والتفاوض والتخطيط وما يحف به من ممارسات وردود فعل واعية وغير واعية ‪ .‬فتوظيف هذه األبعاد وأخذها بعين‬
‫االعتبار يمثل في حد ذاته مراشح تحليل تساعد على تحليل الممارسة البيداغوجية وتؤمن وجاهة التمشي المعتمد من قبل‬
‫المكون وصدقية التأويالت واالستنتاجات المبلورة ‪.‬‬
‫ورغم أن المقارنة بين تحليل الممارسات البيداغوجية والتحليل النفسي لها حدود ال أنها تساعد على إدراك ما لتحليل‬
‫الممارسات من قدرة على سبر أغوار الوضعية التربوية بكل مكوناتها وبكل مفارقاتها ‪ .‬كما يكشف لنا على ازدواجية‬
‫نفسية المستهدفين بالتحليل باعتبار رغبتهم في تحسين ممارساتهم من ناحية ومقاوتهم لغير المألوف من ناحية أخرى‬
‫سيما إذا ما تعلقت فعاليات التحليل ببعض المناطق المحظورة والخفية في شخصية المدرس أو إذا المست ما هو‬
‫مسكوت عنه في مهنته‪.‬‬
‫فالممارسة التأملية إذن ‪:‬‬
‫ليست تفكيرا سطحيّا‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مقاربة منهجيّة مباشرة للواقع وللفصل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تستوجب تفكيرا منطقيّا وقدرة على المالحظة والفكر‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫متنوعة‪.‬‬
‫ترتكز على معارف ّ‬ ‫‪-‬‬
‫صورات األوليّة والحدوسات إلى بيانات أكثر تحليال‪.‬‬
‫تستهدف تحويل التّ ّ‬ ‫‪-‬‬
‫صورات إلى مالحظات دقيقة‪.‬‬
‫تستهدف تحويل التّ ّ‬ ‫‪-‬‬
‫صورات إلى تجارب معبّر عنها شفويّا أو كتابيّا‪.‬‬
‫تستهدف تحويل التّ ّ‬ ‫‪-‬‬
‫تستوجب استنفار معارف الفرد‬ ‫‪-‬‬

‫‪8‬‬
‫من سمات الممارسة البيداغوجية‬
‫• تتنزل ضمن شبكة تواصلية وعالئقية معقدة وتتم في إطار تفاعالت اجتماعية وبين شخصية مكثفة‪.‬‬
‫• تضعنا دائما في مواجهة اآلخر بكل ما لديه من مقاومة وردود فعل غير متوقعة‪.‬‬
‫• ال تحقق أهدافها إال باالنخراط الفعلي للطرف المقابل وتحريك سواكنه ( التلميذ)‪.‬‬
‫• تتصل بمهنة التدريس وهي مهنة عسيرة حتى ال نقول مستحيلة‪ .‬مهنة بقدر ما تصبو إلى تحقيق النجاحات‬
‫المأمولة يمكن أن تصاب بخيبة أمل وأن تعرف إخفاقات متتالية‪.‬‬
‫• تتم في فصول تتالقى فيها ثقافات متباينة ( طبقات اجتماعية مختلفة – شرائح عمرية وأجناس متعددة ‪ )...‬وهي‬
‫ثقافات مفروضة على الدارسين تؤثر في سلوكهم وردود فعلهم‪ (.‬عدم تجانس المتعلمين وعدم تقارب انتماءاتهم‬
‫العائلية والثقافية )‬
‫• تستنفر كل المشاعر االنسانية ( الحب – التآزر‪ -‬الوحدة‪ -‬الشجاعة‪ -‬الخوف‪ -‬النرجسية – اإليثار‪ -‬الغيرة‪-‬‬
‫حب السلطة‪ -‬التشفي ‪)...‬‬
‫• تستند في جزء كبير منها إلى اإلغواء واالنجذاب والعنف الرمزي لبلوغ مراميها‪.‬‬
‫• محملة بعالقة بالمعرفة تم بناؤها من قبل المربي منذ طفولته وبداية من تجاربه المدرسية المدرسية األولى(‬
‫المعتقد البداغوجي للمدرس) مما يؤثر حتما في كيفية تعامله مع الفعل التربوي‪.‬‬
‫• تسعى دوما أن تجد لنفسها مسلكا في خضم مجموعة متشابكة من التبريرات المغالطية للسلطة التعسفية على‬
‫األطفال بتعلة البحث عن مصلحتهم‪.‬‬
‫• تساعد أكثر من أية ممارسة مهنية أخرى على تفجير ما بداخل كل من المربي والتلميذ من أفكار وأحاسيس‬
‫واعتقادات ‪.‬‬
‫• متأثرة بتصور األولياء وانتظاراتهم من المدرس والمدرسة ‪.‬‬
‫• تنجز وفق سجالت ومرجعيات متداخلة ‪.‬‬
‫• تستوجب بالضرورة التعاون مع عديد األطراف األخرى ( األولياء – محترفي العمل االجتماعي‪ -‬أخصائيين في‬
‫التحليل النفسي – أطباء‪)...‬‬
‫• مرتبطة في قسط كبير منها بنوع من الرتابة والملل المتاتيان عن اجترار أنماط سلوكية وعادات يومية جعلت أحد‬
‫المدرسين المستجوبين من قبل ‪ Huberman‬يقول " هل كتب علي أن أموت واقفا أمام السبورة‬
‫والطبشورة بيدي " ‪Vais-je mourir debout ,une craie à la main , au tableau‬‬
‫? ‪noir‬‬
‫مدعوة باستمرار إلى تقييم كفايات المتعلمين ومستوياتهم وبالتالي إلى صنع سلم امتياز ينصف البعض ويضطهد اآلخرين‬

‫‪9‬‬
‫التحليل ال ّتأ ّ‬
‫ملي‪ :‬لماذا؟‬

‫تمثل المقابلة التوضيحية األداة التقنية المجسدة للممارسة التحليلية ‪ .‬وهي عملية لفظنة التجربة الشخصية للمدرس‬
‫بهدف إعادة وضع المدرس في السياق الذي كان فيه للكشف عن األسباب التي دفعته للقيام بذلك وتعرف المعارف‬
‫العملية التي يكتسبها ‪ .‬فالمعارف العلمية تكون عادة محاطة بأخرى يلتجئ إليها المدرس أثناء المقابلة التوضيحية وتسمى‬
‫معارف محيطة ( ‪ )satellites‬وهي ليست في عالقة بالسياق‪ .‬فالمقابلة التوضيحية تساعد على خرق تلك المعارف‬
‫المحيطة للوصول تدريجيا إلى المعارف العلمية التي وراء الممارسة البيداغوجية‪.‬‬
‫تقوم الممارسة التّأمّليّة على جدليّة التّعديل بين النّظري والتّطبيقي عن طريق النشاط الميتاعرفاني لتنمية القدرة على‬
‫تحليل الوضعيّات التّعليميّة بهدف تكوين المعلّم المتبصّر حيث يكون االنطالق من الممارسة نحو التنظير ثمّ إلى‬
‫الممارسة من جديد‪.‬‬

‫مزايا التحليل التأملي للممارسة‬

‫‪ -‬تطوبر الكفايات المهنية للمدرس‬


‫‪ -‬تأمين فهم أعمق لحقيقة العالقة بين التعليم والتعلم‬
‫‪ -‬إعادة النظر باستمرار في المبادئ والقيم المرجعية للممارسة البيداغوجية‬
‫‪ -‬مجابهة التعقيد المتنامي لمهنة التدريس‬
‫‪ -‬التنبؤ باستتباعات الممارسة البيداغوجية وتأثيرها في الطرف المقابل‬
‫‪ -‬فهم استراتيجيات التعلم الموظفة من قبل المتعلمين وأخذها بعين االعتبار في التعامل مع الفعل التربوي‬
‫‪ -‬اكتساب القدرة على التقييم الذاتي آلدائه لتعديله مستقبال‬
‫‪ -‬االهتداء إلى مخارج تجديدية لما يعترضه من اشكاالت‬
‫‪ -‬إضفاء معنى على ممارساته وأدائه بما يساعده على تطوير ذاته كمدرس وكإنسان‬
‫‪ -‬القدرة على تطوير عالقاته مع اآلخرين‬
‫‪ -‬إنماء الثقة في النفس واإلقبال على المهنة برغبة واضحة وإخالص( حب المهنة)‬

‫‪11‬‬
‫من بديهيات التحليل التأملي للممارسة‬

‫‪ ‬كيف نحمل المدرس على إعادة النظر في تصوره لممارساته واالنطالق منها لتعديلها وتطويرها نحو األفضل؟‬

‫‪ ‬كفايات المؤطر تكون في عالقة بقدرته على اإلصغاء وإعادة الهيكلة وسوس العالقة وتجاوز الذات وعدم‬
‫إصدار أحكام أي القدرة على التفاوض والمناورة الوظفية‪.‬‬

‫‪ ‬بحكم حرصه الدؤوب على إبراز الحقيقة البيداغوجية للممارسة يجابه تحليلها بمزيج بين الرغبة في التغيير‬
‫والمقاومة المتأتية من الخوف من التعري والدخول في مغامرة مجهولة العواقب ‪.‬‬

‫‪ ‬ال تكمن أهمية تحليل الممارسة في تغيير مواقف المدرس وتعديل سلوكاته فحسب وإنما في تخليه على عادات‬
‫وممارسات ألفها فأمنت له نوعا من األريحية وأكسبته هوية تماهى معها إلى حد الرضى عن الذات وتوازن مهني‬
‫يمثل مصدر سكينته وتصوره اإليجابي لنفسه‪.‬‬

‫‪ ‬انخراط المدرس في لعبة التحليل التأملي يتطلب منه قبل كل شيء مصارعة النفس من أجل البحث على هوية‬
‫جديدة وتصور للذات يؤمنان له االنخراط الفعلي والوظيفي في الحياة المهنية‬

‫‪ ‬يعسر على المدرس أن يغير من نفسه ومن ممارساته بمفرده‪.‬وهي مفارقة تؤكد لنا أن تحليل الممارسة يوفر فضاء‬
‫للتفاعل وفرصا للتعبير عن الضغوطات وإخراجها من حيز الكمون إلى حيز الفعل ليقلص من حدتها ويبدد ما قد‬
‫تحدثه في الفرد من تشنج وانكماش وعزلة ‪.‬‬

‫‪ ‬يتجاوز تأثير التخليل التأملي الفرد لتسليط الضوء على كيفية اشتغال المؤسسة بكل مكوناتها وتفاعالتها في‬
‫اتجاه تحكم أفضل في الموارد البشرية وإدارة مرشدة لمختلف الصراعات والمفارقات‪.‬‬

‫‪ ‬أثناء التحليل التأملي تتعدد الطرائق وتتنوع الكيفيات مما يدل على أنه يمثل تقنية مرنة و نشطة ومتحركة دوما‬
‫في اتجاه تغيير ما بالمدرس في مستوى ممارساته ومعتقده البيداغوجي‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫صعوبات اللجوء الى التحليل التاملي‬

‫‪ -‬عدم توفر الوقت الكافي للمدرس بحكم تعدد المواد وفرقعة المناشط المؤمنة يوميا من قبله في الفصل‪.‬‬
‫‪ -‬فردانية مهنة التدريس وإحساس المدرس بالعزلة والوحدة وعدم رغبته في التفاعل مع اآلخر‪.‬‬
‫‪ -‬الرتابة المتأتية على اعتماد نفس النماذج وتوخي نفس الطرائق وتوظيف نفس المناهج‪.‬‬
‫‪ -‬تقلص فرص التكوين المستمر والعزوف الواضح على المطالعة والتكون الذاتي واالطالع على مستجدات علوم‬
‫التربية‬
‫‪ -‬تفضيل التعامل مع المألوف والجوف من المغامرة‪.‬‬
‫تعقد الفعل التربوي ( مفارقات الممارسة البيداغوجية )‬ ‫‪-‬‬

‫خاتمة‬

‫إذا ما سلمنا بأن تحليل الممارسة يهدف أساسا إلى جعل المدرس يعترف علنا بمحدودية أدائه ‪ ,‬فال بد أن نذكر بأن‬
‫التحليل متى أنجز بكيفية سوية يتنزه على البحث عن كبش فداء ويتجاوز تحميل المسؤولية ألي طرف كان ( تالميذ ‪,‬‬
‫مؤسسة‪ ,‬أولياء ‪)...‬إلى تمكين المدرس من التبصر في ذاته البيداغوجية وفي ممارساته الصفية ليؤمن تعديلها بنفسه بعد‬
‫اقتناعه بثغراته ونقائصه‪.‬فنجاح التحليل التأملي للممارسة البيداغوجية يتطلب بالتأكيد مصارعة النفس للحد من المقاومة‬
‫أال معقولة وتبديدها تدريجيا في البحث عن هوية بيداغوجية جديدة تتسم بالمهنية وتثمين الذات والطوق دوما إلى‬
‫االحتراف ‪.‬‬

‫‪12‬‬

You might also like