You are on page 1of 11

‫العلوم الطبيعية‬

‫تعريف العلوم الطبيعيّة‬


‫تعرف العلوم الطبيعيّة على أنها المعرفة المنهجيّة للطبيعة والعالم المادّي كالفيزياء وعلم الحيوان وعلم النباتات‪ ،‬ويمكن تعريفها أيضا ً‬ ‫ّ‬
‫ي وظواهره بما في ذلك الفيزياء والكيمياء واألحياء والجيولوجيا‪ ،‬والتي تستبعد العلوم‬ ‫على أنها العلوم التي تدرس العالم الماد ّ‬
‫االجتماعية والعلوم المجردة كالرياضيات والعلوم التطبيقية‪]٢[]١[.‬‬
‫ّ‬

‫فروع العلوم الطبيعيّة‬


‫ي تزداد أعدادها يوما ً بعد يوم وتتفرع إلى تخ ّ‬
‫صصات دقيقة‪ ،‬وبشكل عا ّم يمكن‬ ‫هناك عدة فروع للعلوم الطبيعيّة‪ ،‬ومع التقدم العلم ّ‬
‫إجمالها كما يلي‪]٣[:‬‬

‫الفيزياء‪ :‬تشمل المادّة‪ ،‬القوى والحركة‪ ،‬والطاقة‪ ،‬والكهرومغناطيسية‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫الكيمياء‪ :‬تشمل خواص المادة وتفاعالتها الكيميائيّة وأشكالها وخصائصها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫المعن‬ ‫الجيولوجيا‬ ‫علم‬ ‫ذلك‪:‬‬ ‫عن‬ ‫ويندرج‬ ‫الفلك؛‬ ‫علوم األرض والفضاء‪ :‬تشمل علم الجيولوجيا‪ ،‬والغالف الجوي‪ ،‬وعلم‬ ‫‪‬‬
‫بدراسة أصل األرض وطريقة تكونها وطبقاتها وتاريخها‪ ،‬وكذلك علم الفلك الذي يعنى بدراسة األجرام السماوية في‬
‫ي لألرض‪ ،‬كما تُعتبر دراسة علم الفلك من أقدم العلوم‪.‬‬‫الفضاء‪ ،‬والظواهر التي تنشأ خارج الغالف الجو ّ‬
‫ي بدراسة الحياة على األرض ودراسة الكائنات الحيّة من حيث أصنافها وأنواعها وتراكيبها‬ ‫علم األحياء‪ :‬هو العلم المعن ّ‬ ‫‪‬‬
‫وتطورها‪.‬‬
‫ّ‬
‫ونموها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وخصائصها‬ ‫النباتات‬ ‫أنواع‬ ‫يف‬‫بتصن‬ ‫يهتم‬ ‫علم‬ ‫هو‬ ‫النباتات‪:‬‬ ‫علم‬ ‫‪‬‬

‫الفرق بين العلوم الطبيعيّة والعلوم اإلنسانيّة‬


‫صها وطبيعتها‪ ،‬وكذلك الظواهر الطبيعيّة والتنبؤ‬ ‫العلوم الطبيعيّة تتعامل مع المادّة والعالم الطبيعي؛ والكائنات الحيّة وتشريحها وخوا ّ‬
‫فإن دارسي العلوم الطبيعيّة تطلق عليهم عدّة مسميات مثل‬‫ي ّ‬ ‫بها ودراستها باستخدام األدلّة التجريبية والمالحظة‪ ،‬وعلى مستوى مجتمع ّ‬
‫المهندس والطبيب وعالم الفلك وعالم األحياء والممرض‪ ،‬بينما العلوم االجتماعية فتهتم بدراسة المجتمع والعالقات القائمة بين أفراده‪،‬‬
‫ي‬‫وتضم عدّة فروع مثل االقتصاد وعلم االجتماع والجغرافيا والعلوم السياسيّة‪ ،‬ويُعرف دارسو علم االجتماع على المستوى المجتمع ّ‬
‫أن دارسي العلوم الطبيعية يتعاملون فقط مع‬‫بمسميات مثل المحامي والقاضي وعالم اآلثار والمؤرخ والمحاسب‪ ،‬ومن هنا نستنتج ّ‬
‫الظواهر الطبيعيّة ودراستها بينما دارسي العلوم االجتماعيّة يتعاملون مع التفاعالت البشريّة بين أفراد المجتمع وما يتعلق بها من‬
‫قوانين وتاريخ‪.‬‬
‫بعض فروع العلوم الطبيعيّة‬
‫الفيزياء‬
‫يزي َقا (باإلغريقية‪ ]3[]2[]1[،)φυσική :‬وبالعربيّة الطبيعيَّات أو علم الطبيعة[‪ ]5[]4‬هو العلم الذي يدرس المفاهيم األساسية‬
‫يز َياء أو ال ِف ِ‬
‫ال ِف ِ‬
‫مثل الطاقة‪ ،‬القوة‪[،‬معلومة ‪ ]1‬والزمان‪ ،‬وكل ما ينبع من هذا‪ ،‬مثل الكتلة المادة وحركتها‪ ]6[.‬وعلى نطاق أوسع‪ ،‬هو التحليل العام للطبيعة‪،‬‬
‫والذي يهدف إلى فهم كيف يعمل الكون‪.‬‬

‫وتحاول الفيزياء أن تفهم الظواهر الطبيعية والقوى والحركة المؤثرة في سيرها‪ ،‬وصياغة المعرفة في قوانين ال تفسر العمليات‬
‫السالفة فقط بل التنبؤ بمسيرة العمليات الطبيعية بنماذج تقترب رويدا رويدا من الواقع‪.‬‬

‫يعتبر علم الفيزياء من أحد أقدم التّخصصات األكاديمية‪ ،‬فهي قد بدأت بالبزوغ منذ العصور الوسطى وتميزت كعلم حديث في القرن‬
‫السابع عشر‪ ،‬وباعتبار أن أحد فروعها‪ ،‬وهو علم الفلك‪ ،‬يعد من أعرق العلوم الكونية على اإلطالق‪ ]7[.‬خالل معظم األلفي سنة‬
‫الماضية‪ ،‬كانت الفيزياء والكيمياء وعلم األحياء وبعض فروع الرياضيات‪ ،‬جز ًءا من الفلسفة الطبيعية‪ ،‬ولكن خالل الثورة العلمية‬
‫في القرن السابع عشر ظهرت هذه العلوم الطبيعية كمساعي بحثية فريدة في حد ذاتها‪ .‬تتقاطع الفيزياء مع العديد من مجاالت البحث‬
‫متعددة التخصصات‪ ،‬مثل الفيزياء الحيوية والكيمياء الكمومية‪ ،‬وحدود الفيزياء التي لم يتم تعريفها بشكل صارم‪ .‬غالبًا ما تشرح‬
‫األفكار الجديدة في الفيزياء اآلليات األساسية التي تدرسها علوم أخرى وتقترح طر ًقا جديدة للبحث في التخصصات األكاديمية‬
‫مثل الرياضيات والفلسفة‪.‬‬

‫تهتم الفيزياء في نفس الوقت بدقة القياس وابتكار طرق جديدة للقياس تزيد من دقتها؛ فهذا هو أساس التوصل إلى التفسير السليم‬
‫للظواهر الطبيعية‪ .‬وتقدم الفيزياء ما توصلت إليه من طرق القياس لالستخدام في جميع العلوم الطبيعية والحيوية‬
‫األخرى كالكيمياء والطب والهندسة واألحياء وغيرها‪ .‬إن التقدم الحضاري والمدني يدين بشكل كبير للتقدم الباهر لعلم الفيزياء‪،‬‬
‫فجميع األجهزة التي تمأل حياتنا اليومية أساسها الفيزياء‪ ،‬مثل الرادار والالسلكي والراديو والتلفزيون والهاتف‬
‫المحمول والحاسوب وأجهزة التشخيص في الطب مثل أشعة إكس والتصوير بالرنين المغناطيسي والعالج باألشعة‪ ،‬والنظارات‪،‬‬
‫والتلسكوبات ومسبارات المريخ والفضاء‪ ،‬وأفران الميكروويف‪ ،‬والكهرباء والترانزيستور والميكروفون‪ ،‬وغيرها‪[.‬معلومة ‪ ]2‬باإلضافة‬
‫إلى مفاهيم أخرى كالفضاء والزمن‪ ،‬ويتعامل مع خصائص كونية محسوسة يمكن قياسها مثل القوة والطاقة والكتلة والشحنة‪ .‬وتعتمد‬
‫[‪]8‬‬ ‫الفيزياء المنهج التجريبي‪ ،‬أي أنها تحاول تفسير الظواهر الطبيعية والقوانين التي تحكم الكون عن طريق نظريات قابلة لالختبار‪.‬‬

‫وللفيزياء مكانة متميزة في الفكر اإلنساني‪ ،‬وكما تأثرت بأفرع المعرفة اإلنسانية األخرى؛ فقد كان لها أيضا األثر الحاسم في بعض‬
‫الحقول المعرفية والعلمية األخرى مثل الفلسفة والرياضيات وعلم األحياء‪ .‬ولقد تجسدت أغلب التّطورات التي أحدثتها بشكل عملي في‬
‫عدّة قطاعات من التقنية والطب‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬أدى التّقدم في فهم الكهرومغناطيسية إلى االنتشار الواسع في استخدام األجهزة‬
‫الكهربائية مثل التلفاز والحاسوب‪ ،‬وكذلك تطبيقات الديناميكا الحرارية إلى التطور المذهل في مجال المحركات ووسائل النقل‬
‫الحديثة‪ ،‬وميكانيكا الكم إلى اختراع معدات مثل المجهر اإللكتروني‪ ،‬كما كان لعصر الذرة ‪-‬بجانب آثاره المدمرة‪ -‬استعماالت هامة‬
‫[ ‪]9‬‬ ‫لتطويع اإلشعاع في عالج السرطان وتشخيص األمراض‪.‬‬

‫معظم الفيزيائيين اليوم هم عادة متخصصون في مجالين متكاملين وهما الفيزياء النظرية والفيزياء التجريبية‪ ،‬وتهتم األولى بصياغة‬
‫النظريات باعتماد نماذج رياضية‪ ،‬فيما تهتم الثانية بإجراء االختبارات على تلك النظريات‪ ،‬باإلضافة إلى اكتشاف ظواهر طبيعية‬
‫جديدة‪ .‬وبالرغم من الكم الهائل من االكتشافات المه ّمة التي حققتها الفيزياء في القرون األربعة الماضية‪ ،‬إال أن العديد من المسائل ال‬
‫طا وأبحاثًا مكثّفة‪.‬‬
‫تزال بدون جواب إلى حد اآلن‪ ،‬كما أن هناك مجاالت نظرية وتطبيقية تشهد نشا ً‬
‫أصل التسمية‬
‫كلمة فيزياء مأخودة من اللغة اإلغريقية "‪ φυσική‬فيزياء" وهي مكونة من كلمتين "‪ "ἐπιστήμη epistḗmē‬وتعني "معرفة‬
‫الطبيعة"‪ ]3[]2[]1[.‬في البداية تم تعريبها من اإلغريقية إلى فيزيقا [‪ ]10‬واستخدم عدد من العلماء العرب في فجر اإلسالم هذا االسم‪ ،‬كما‬
‫ظ فيزياء سجعًا مع لفظ كيمياء‪ .‬واآلن لفظ فيزيقا لم يعد يستعمل وبقي لفظ فيزياء هو المستخدم‪ ،‬وقد تم تعريبه أيضا ً‬‫استخدم بعضُهم لف َ‬
‫من علم الطبيعة إلى طبيعياء‪ ،‬سجعا ً مع لفظ فيزياء ولفظ كيمياء‪.‬‬

‫التاريخ‬
‫‪ :‬تاريخ الفيزياء‬ ‫‪‬‬
‫مخطوطة لكتاب عربي في علم الفلك يوضح منازل القمر حول كوكب األرض‪.‬‬

‫علم الفلك القديم‬

‫تاريخ علم الفلك‬ ‫‪‬‬

‫يتضح علم الفلك المصري القديم في آثار مثل سقف قبر سينيموت من األسرة الثامنة عشرة لمصر‪.‬‬

‫علم الفلك هو واحد من أقدم العلوم الطبيعية‪ .‬كانت الحضارات المبكرة التي يعود تاريخها إلى ما قبل ‪ 3000‬سنة قبل الميالد‪،‬‬
‫مثل السومريين والمصريين القدماء وحضارة وادي السند‪ ،‬لديهم معرفة تنبؤية وفهم أساسي لحركات الشمس والقمر والنجوم‪ .‬كانت‬
‫النجوم والكواكب تعبد في كثير من األحيان‪ ،‬ويعتقد أنها تمثل آلهة‪ .‬في حين أن التفسيرات للمواقف المرصودة للنجوم كانت في كثير‬
‫من األحيان غير علمية وتفتقر إلى األدلة‪ ،‬وضعت هذه المالحظات المبكرة األساس لعلم الفلك في وقت الحق‪ ،‬حيث تم العثور على‬
‫النجوم الجتياز دوائر كبيرة عبر السماء‪ ،‬والتي لم تفسر مدارات الكواكب‪.‬‬

‫وفقًا آلسغر آبو‪ ،‬يمكن العثور على أصول علم الفلك الغربي في بالد ما بين النهرين‪ ،‬وكل الجهود الغربية في العلوم الدقيقة تنحدر من‬
‫آثارا تُظهر معرفة األبراج وحركات األجرام السماوية‪ ]12[،‬في حين كتب‬
‫علم الفلك البابلي المتأخر‪ ]11[.‬ترك علماء الفلك المصريون ً‬
‫الشاعر اليوناني هوميروس العديد من األجرام السماوية في كتابه "اإللياذة" و"األوديسة"؛ في وقت الحق قدم علماء الفلك اليوناني‬
‫أسماء‪ ،‬والتي ال تزال تستخدم حتى اليوم‪ ،‬بالنسبة لمعظم األبراج المرئية من نصف الكرة الشمالي‪.‬‬
‫[‪]13‬‬
‫تاريخ الفيزياء الكالسيكية‬

‫الفيزياء الكالسيكية‬ ‫‪‬‬

‫إسحاق نيوتن (‪ ،)1643-1727‬الذي كانت قوانين الحركة والجاذبية العالمية من المعالم الرئيسية في الفيزياء الكالسيكية‪.‬‬

‫ألبرت أينشتاين (‪ ،)1879-1955‬الذي أدى عمله في التأثير الكهروضوئي ونظرية النسبية إلى ثورة في فيزياء القرن العشرين‪.‬‬
‫إسحاق نيوتن وإلبرت إينشتاين أبوا الفيزياء الكالسيكية والحديثة‬

‫أصبحت الفيزياء عل ًما منفصالً عندما استخدم األوروبيون الحديثون األوائل األساليب التجريبية والكمية الكتشاف ما يُعتبر اآلن قوانين‬
‫الفيزياء‪.‬‬

‫تشمل التطورات الرئيسية في هذه الفترة االستعاضة عن نموذج مركز األرض للنظام الشمسي بنموذج كوبرنيكوس الشمسي‪،‬‬
‫والقوانين التي تحكم حركة الهيئات الكوكبية التي حددها يوهانس كيبلر بين عامي ‪ 1609‬و‪ ،1619‬والعمل الرائد في مجال‬
‫التلسكوبات وعلم الفلك الرصدي بواسطة غاليليو غاليلي في القرنين السادس عشر والسابع عشر‪ ،‬واكتشاف إسحاق نيوتن وتوحيد‬
‫قوانين الحركة والجاذبية العالمية التي ستحمل اسمه‪ ]22[.‬طور نيوتن أيضا حساب التفاضل والتكامل‪ ،‬الدراسة الرياضية للتغيير‪ ،‬والتي‬
‫[‪]23‬‬ ‫قدمت أساليب رياضية جديدة لحل المسائل الفيزيائية‪.‬‬

‫نتج اكتشاف قوانين جديدة في الديناميكا الحرارية والكيمياء والكهرومغناطيسية عن جهود بحثية أكبر خالل الثورة الصناعية مع زيادة‬
‫احتياجات الطاقة‪ ]24[.‬تظل القوانين التي تضم الفيزياء الكالسيكية مستخدمة على نطاق واسع جدًا للكائنات ذات المقاييس اليومية التي‬
‫نظرا ألنها توفر تقريبًا وثي ًقا للغاية في مثل هذه الحاالت‪ ،‬كما أن النظريات مثل ميكانيكا الكم ونظرية‬
‫تنتقل بسرعات غير نسبية‪ً ،‬‬
‫النسبية تبسط إلى نظير اتها الكالسيكية عند هذا الحد‪ .‬النطاقات‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬أدت عدم الدقة في الميكانيكا الكالسيكية لألجسام الصغيرة‬
‫جدًا والسرعات العالية جدًا إلى تطور الفيزياء الحديثة في القرن العشرين‪.‬‬

‫تاريخ الفيزياء الحديثة‬

‫الفيزياء الحديثة‬ ‫‪‬‬


‫بدأت الفيزياء الحديثة في أوائل القرن العشرين بعمل ماكس بالنك في نظرية الكم ونظرية النسبية أللبرت أينشتاين‪ .‬كل من هذه‬
‫النظريات جاءت بسبب عدم الدقة في الميكانيكا الكالسيكية في بعض الحاالت‪ .‬تنبأت الميكانيكا الكالسيكية بسرعة متفاوتة من‬
‫الضوء‪ ،‬والتي ال يمكن حلها بالسرعة الثابتة التي تتنبأ بها معادالت ماكسويل الكهرومغناطيسية؛ تم تصحيح هذا التناقض من‬
‫خالل نظرية النسبية الخاصة آلينشتاين‪ ،‬والتي حلت محل الميكانيكا الكالسيكية لألجسام سريعة الحركة والسماح لسرعة ثابتة من‬
‫قدمت إشعاعات الجسم األسود مشكلة أخرى للفيزياء الكالسيكية‪ ،‬والتي تم تصحيحها عندما اقترح بالنك أن إثارة مذبذبات‬ ‫[‪]25‬‬ ‫الضوء‪.‬‬
‫المواد غير ممكن إال في خطوات منفصلة تتناسب مع ترددها؛ هذا‪ ،‬إلى جانب التأثير الكهروضوئي ونظرية كاملة تتنبأ بمستويات‬
‫الطاقة المنفصلة للمدارات اإللكترونية‪ ،‬أدى إلى نظرية ميكانيكا الكم التي تولت من الفيزياء الكالسيكية بمقاييس صغيرة‬
‫للغاية‪ ]26[.‬سيأتي دور ميكانيكا الكم بواسطة فيرنر هايزنبرغ‪ ،‬إرفين شرودنغر وبول ديراك‪ ]26[.‬من هذا العمل المبكر‪ ،‬والعمل في‬
‫المجاالت ذات الصلة‪ ،‬تم اشتقاق النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات‪ ]27[.‬بعد اكتشاف جسيم له خصائص تتوافق مع بوزون‬
‫هيجز في سيرن في عام ‪ ]28[،2012‬يبدو أن جميع الجزيئات األساسية التي تنبأ بها النموذج القياسي‪ ،‬وليس غيرها‪ ،‬موجودة؛ ومع‬
‫ذلك‪ ،‬فإن الفيزياء خارج النموذج القياسي‪ ،‬مع نظريات مثل التناظر الفائق‪ ،‬هي مجال نشط للبحث‪ ]29[.‬مجاالت الرياضيات بشكل عام‬
‫مهمة في هذا المجال‪ ،‬مثل دراسة االحتماالت والمجموعات‪.‬‬

‫كيمياء‬

‫ِع ْلم ال ِكيِ ْميَاء هو العلم الذي يدرس المادة والتغيُّرات التي تطرأ عليها‪ ]1[،‬تحديدًا بدراسة خواصها‪ ،‬بنيتها‪ ،‬تركيبها‪ ،‬سلوكها‪ ،‬تفاعالتها وتداخالتها‬
‫التي تحدثها‪]6[]5[]4[]3[]2[.‬‬

‫ِع ْلم ال ِكيِ ْميَاء هو العلم الذي يدرس المادة والتغيُّرات التي تطرأ عليها‪ ]7[،‬تحديدًا بدراسة خواصها‪ ،‬بنيتها‪ ،‬تركيبها‪،‬‬
‫سلوكها‪ ،‬تفاعالتها وما تحدثه من خاللها‪ ]11[]10[]9[]8[]4[.‬ويدرس علم الكيمياء الذرات والروابط التي تحدث بينها مكونةً الجزيئات‪ ،‬وكيف‬
‫تترابط هذه الجزيئات فيما بعدها لت ُ ّ‬
‫كون المادة‪ ]12[.‬ويدرس أيضًا التفاعالت التي تحدث بينها‪ ]14[]13[.‬وللكيمياء أهمية كبيرة في حياتنا‬
‫كالصناعات الغذائية‪ ،‬صناعة المواد التنظيفية‪ ،‬الدهانات‪،‬‬
‫ّ‬ ‫دورا مه ًما في الصناعات بمختلف أنواعها‪،‬‬
‫وتدخل في مجاالت كثيرة وتلعب ً‬
‫األصبغة‪ ،‬صناعة األدوية والعقاقير‪ ،‬النسيج والمالبس واألسلحة وغيرها‪ .‬ولها تطبيقات أخرى في الطب والعلوم‬
‫األخرى‪ ]16[]15[.‬ويطلق على الكيمياء تسمية «الع ْل ُم ال َم ْركَزي»‪ ]17[،‬وذلك لدوره الجوهري في ربط العلوم الطبيعية ببعضها‪.‬‬

‫وعلم الكيمياء هو أحد العلوم الطبيعية‪ ،‬والتي تشمل ا‬


‫كال من الفيزياء وعلوم األرض وعلم الفلك وعلم األحياء‪ ]9[]8[.‬ويُع ُّد تاريخ صناعة‬
‫أثرا بالغًا في مجال الكيمياء بشكل عام‪ .‬تدرس الفيزياء المادة أيضًا‪ ،‬ولكنها تدرس كميَّات الفضاء‪ ،‬والمادة‪ ،‬والقوانين التي‬
‫الكيمياء ذا ً‬
‫[‪]18‬‬ ‫تحكمها‪ ،‬والكيمياء فرع من العلوم الفيزيائية ولكنّها ال تتفرع عن الفيزياء‪.‬‬

‫يُع ُّد جابر بن حيان الملقّب بـ «أبي الكيمياء»‪ ]19[،‬المؤسّس الحقيقي لمفهوم علم الكيمياء‪ ،‬المبني على مفهوم التجريبية‪ ]20[،‬إذ يقول‪:‬‬
‫«إن واجب المشتغل في الكيمياء هو العمل وإجراء التجربة‪ ،‬وإن المعرفة ال تحصل إال َّ بها»‪ ]21[.‬حتى أن العرب س َّموا‬
‫الكيمياء عامةً بـ « َ‬
‫ص ْن َعة َجابر»‪ ]23[]22[.‬وكلمة كيمياء ذات أصل عربي‪ ،‬وتشتق الكلمة من المصدر كمي بمعنى أستر‬
‫وأخفى‪ ]25[]24[،‬ووجهة ذلك تعتمد على الكتمان وتحريم إذاعتها وإفضاء أسرارها لغير أهلها لكون هدفها تحويل المعادن البخسة‬
‫تتفرع منها أقسام أخرى‪ ،‬أهمها‪ :‬الكيمياء العامة والتي تدرس المبادئ األساسية في‬
‫إلى ذهب وفضة‪ ]26[.‬تنقسم الكيمياء إلى فروع عدة ّ‬
‫الكيمياء‪ ،‬والكيمياء العضوية وتهتم بدراسة المواد العضوية‪ ،‬أي التي تحتوي على عنصر الكربون‪ ،‬والكيمياء غير العضوية والكيمياء‬
‫[‪]27‬‬ ‫الفيزيائية والكيمياء الحيوية والكيمياء التحليلية‪.‬‬

‫أصل التسمية‬
‫أصح وأرجح األقوال بأن أصل كلمة «كيمياء» من اللغة العربية؛[‪ ]28‬وذلك ألن صناعة الكيمياء في العصور الوسطى كانت تعتمد‬
‫على الكتمان وتحريم إذاعتها وإفضاء أسرارها لغير أهلها لكون هدفها تحويل المعادن البخسة إلى ذهب وفضة‪ ،‬واكتشاف اإلكسير‬
‫الذي يعيد الصحة والشباب إلى اإلنسان‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك فقد كانت الكيمياء من المعارف المغلفة بالغموض والكتمان‪ ،‬فقد أورد‬
‫حاجي خليفة صيغة وصية كيميائي لتلميذه يحذره فيها بكتمان سر هذه الصنعة وعدم إذاعتها‪ ]29[،‬ألن في إذاعتها خرابًا للعالم‪ ،‬ويذكر‬
‫مرارا في رسائله وكتبه‪ ،‬ولهذا نجد أن ابن خلدون يهاجم أهل هذه الصنعة وكتاباتهم المليئة باأللغاز‬
‫ً‬ ‫هذا المعنى جابر بن حيان‬
‫والطلسمات التي يتعذر فهمها‪ ]31[]30[.‬وقد ذكر محمد بن أحمد في مفاتيح العلوم في القرن الرابع للهجرة‪ ]32[،‬أن كلمة كيمياء مشتقة من‬
‫الناس إ ْذ ت ُ ُك ُّموا إنه من‬
‫َ‬ ‫ست ََره؛ وقد تَأ َ َّول بعضهم قوله‪ :‬بَ ْل لو شَه ْدتَ‬
‫المصدر كمى ومعناها خفى وأستر‪ ]33[]28[]28[،‬وكَمى الشي َء وت َ َك َّماه‪َ :‬‬
‫الناس ما أَنا ُمضْم ٌر‪ ،‬مخَافَةَ أَن يَثْ َرى بذلك‬‫َ‬ ‫تَ َك َّميت الشيء‪ .‬و َك َمى الشهادة يَ ْكميها َك ْميًا وأَ ْكماها‪َ :‬كت َ َمها وقَ َم َعها؛ قال كثيّر‪ :‬وإني أل َ ْكمي‬
‫كاش ُح يَثْرى‪ :‬يَ ْف َرح‪ .‬وا ْنــ َك َمى أَي ا ْست َْخفى‪ .‬وت َ َك َّمتْهم الفتنُ إذا غَشيَتْهم‪ .‬وت َــ َك َّمى ق ْرنَه‪ :‬قَ َ‬
‫صده‪ ،‬وقيل‪ :‬ك ُّل َم ْقصود ُم ْعت َ َمد ُمتَــ َك ّم ً‬
‫ى‪.‬‬
‫متداوال بين طائفة من الناس دون‬ ‫ً‬ ‫طى به‪ ]34[]28[]28[.‬وسمي العلم كيميا ًء ألن هذا العلم كان‬ ‫طى‪ .‬وتَــ َك َّمى في سالحه‪ :‬تَغَ َّ‬ ‫وت َــ َك َّمى‪ :‬تَغَ َّ‬
‫غيرها‪ ،‬بسبب االعتقاد الذي سيطر على عقول الناس طيلة العصور الوسطى‪ ،‬وهو إمكانية تحويل المعادن البخسة إلى ذهب وفضة‪،‬‬
‫وتحضير إكسير الحياة‪ ،‬ذلك السائل السحري الذي يعيد الصحة والشباب لإلنسان‪ ،‬ومن ثم فقد حرص الكيميائيون القدامى على كتمان‬
‫سر صنعتهم‪ ،‬وكتب بعض الكيميائيين العرب المتأخرىن نسبيًا ال سيما بعد القرن السادس هجري معلومات في الكيمياء‬
‫وتحويل المعادن إلى ذهب وفضة برموز وألغاز وتعمدوا الغموض واإلرباك‪ .‬والكيمياء في اللغة الحيلَة والح ْذق‪ ،‬وكان يراد بها ع ْند‬
‫القدماء‪ :‬تحويل المعادن الخسيسة إلى أخرى أسمى وأعلى قيمة‪ ]36[]35[.‬وهناك أقوال أن أصل كلمة كيمياء مصري وهي كيم أو كمت‬
‫ومعناها األرض السوداء وهي تربة وادي النيل‪ ،‬وينسب ذلك أن الكيمياء فن مصري قديم‪ ،‬وكانت تعرف آنذاك بسر الكهنة أو‬
‫الصناعة التحتوية (نسبة إلى تحوت أو تحوتي أو جحوتي)‪ ]37[.‬وهناك من يقول كلمة كيمياء مشتقة من الكلمة اإلغريقية خيما‬
‫‪ Chyma‬بمعنى التحليل والتفريق‪ ،‬ويرى غيرهم أن لفظة كيمياء قد حورت عن اللفظة العبرية (شامان) وتعني السر أو الغموض‪.‬‬
‫ً‬
‫اشتقاقََ ا من المصدر كمى‪ ]38[.‬وتكتب كلمة كيمياء في اللغات‬ ‫ً‬
‫وفعال‪،‬‬ ‫وهناك مدلوالت كثيرة على أن أصل الكلمة عربية اس ًم‬
‫األوروبية ‪( Alchimica‬معرفةً بأل)‪ ]39[،‬وكل كلمة التينية معرفة بأل تكون من أصل عربي كالجبر والكحول؛[‪ ]40‬أما كلمة كيمياء لم‬
‫[‪]40‬‬ ‫يرد ذكرها في أي حضارة أو لغة قبل العرب‪ ،‬وكان أول من عرف علم الكيمياء هم العرب‪.‬‬

‫التاريخ‬
‫في العصور القديمة‬

‫عرف اإلنسان الكيمياء منذ القدم‪ ،‬وقد اصطلح على تسمية الكيمياء القديمة بـ الخيمياء[‪ ]41‬التي تعد مزي ًجا من ممارسة علوم الكيمياء‬
‫والفيزياء والفلك والفلسفة؛[‪ ]42‬والتي كانت تمارس بشكل غير علمي‪ ،‬وال تخلو من الشعوذة والسيمياء؛[‪ ]43‬والتي عرفها ابن‬
‫خلدون الخيمياء بأنها‪« :‬علم ينظر في المادة التي يتم بها تكوين الذهب والفضة بالصناعة»‪ ]39[.‬وقد ارتبط هذا الفن منذ‬
‫الحضارات القديمة بالمعادن والتعدين وصناعة األلوان والدواء وبعض الصناعات الفنية كدبغ الجلود وصبغ القماش وصناعة الزجاج‪،‬‬
‫وحتى طبخ الطعام قد يصاحبه تغيرات كيميائية معينة مثل نبات البفرة الذي زرعه األميرنديون في فنزويال منذ آالف السنين قبل‬
‫الميالد‪ ،‬وتحتوي جذور هذا النبات على حمض الهيدروسيانيك القاتل‪ ،‬وقد عرف الهنود الحمر القدامى هذه المادة السامة وقاموا‬
‫بالتخلص منها بالتسخين الذي يحول هذا الحمض إلى مواد غير سامة‪ .‬واستخدم اإلنسان منذ أكثر من ثالثة آالف سنة قبل الميالد‬
‫محلول الشب وبعض الصبغات المحضرة من العفص ولحاء بعض ثمار األشجار وأوراق نبات السماق في تلوين الجلود‬
‫[‪]46[]45[]44‬‬ ‫والقماش‪.‬‬

‫الحضارات اإلنسانيَّة األولى كالحضارة كالصينية والمصريَّة والبابليَّة والهنديَّة نجحت في جمع معرفة عمليَّة بخصوص التعدين‬
‫وصنع الفخار واألصبغة‪ ،‬غير أنَّها لم ت ُ ّ‬
‫طور معرفة نظريَّة منظمة يُمكن اعتبارها عل ًما‪ .‬وكما ظهرت فرضيات الكيميائيَّة في بالد‬
‫يتكون من أربعة عناصر أساسيَّة‪ ،‬ي ّ‬
‫ُشكل تمازجها كل جسم معروف‬ ‫اإلغريق عندما ساد االعتقاد عند بعض فالسفة اإلغريق َّ‬
‫أن العالم َّ‬
‫أن هذه العناصر هي النار والهواء واألرض‬ ‫في الكون‪ ،‬و ُ‬
‫طرحت هذه الفرضيَّة بصورتها النهائيَّة علي يد أرسطو‪ ،‬الذي افترض َّ‬
‫والماء‪ ]47[.‬وفي بالد اإلغريق أيضًا ظهرت الفلسفة الذريَّة‪ ،‬وترجع إلى القرن الخامس قبل الميالد‪ ،‬حيث افترض الفيلسوف اإلغريقي‬
‫ديموقريطس أن جميع المواد تتكون من دقائق متانهية في الصغر غير قابلة للتجزئة تسمى الذرات‪ ]49[]48[.‬وعلى عكس النظريَّة الذريَّة‬
‫[‪]51[]50‬‬ ‫الذرة عند اإلغريق كان فلسفيًا تما ًما ولم يستند على المالحظة والتجريب العلمي‪.‬‬ ‫في العلوم الحديثة َّ‬
‫فإن مفهوم َّ‬

‫في العصور الوسطى‬

‫في العصر الهيلينستي ازدهرت الخيمياء‪ ،‬وقد تداخلت الخيمياء مع السحر والشعوذة عند دراسة طبيعة المواد‪ ،‬بهدف اكتشاف طريقة‬
‫واستمر ازدهار الخيمياء‬
‫َّ‬ ‫لتحويل المواد إلى ذهب أو صنع إكسير الحياة الذي يمنح الخلود‪ ،‬واكتُشفت في هذه الفترة عمليَّة التقطير‪.‬‬
‫في اإلمبراطوريَّة البيزنطيَّة‪ ،‬ومن أبرز الخيميائيين في هذه الفترة زوسيموس من بانوبوليس‪ .‬وبعد سقوط اإلمبراطورية الرومانية‪،‬‬
‫انتقل وتركز التطوير الكيميائي في الحضارة اإلسالمية عند العرب والمسلمين‪ ،‬وكانوا أول من اشتغل بالكيمياء كعلم له قواعده‬
‫كبيرا‪ ،‬حيث تحول الكيمياء من‬
‫ازدهارا ً‬
‫ً‬ ‫وقوانينه‪ ،‬وذلك من القرن األول للهجرة‪ .‬وكان لهم دور كبير في تطور الكيمياء وازدهاره‬
‫مجرد صنعة أو حرفة يختص بها المشعوذين وتبحث عن أشياء خرافية مثل إكسير الحياة وتحويل المعادن الرخيصة إلى ثمينة‪ ،‬إلى‬
‫علم متكامل قائم بذاته يقوم على التجربة العملية والمنهج العلمي‪ ]52[.‬وقد أسس المسلمون مفهوم تجريبية علم الكيمياء‪ ،‬فقال جابر بن‬
‫[‪]54[]53‬‬ ‫حيان‪:‬‬

‫إن واجب المشتغل في الكيمياء هو العمل وإجراء التجربة‪ ،‬وإن المعرفة ال تحصل إالَّ بها‬

‫علماء العرب أول من أسس مفهوم التجريبية في الكيمياء؛ وعرفوا العمليات الكيميائية داخل المختبرات‪ ،‬وطوروا وصنعوا له أدواته الخاصة‪،‬‬
‫وهي نفسها التي نستعملها اليوم‪.‬‬

‫وعلم الكيمياء علم عربي األساس والمنهج‪ ،‬حيث وضع العلماء العرب المسلمين نظرية كيميائية ناضجة ومنه ًجا علميًا قوي ًما‪ .‬ولقد‬
‫وطوروا المختبر الكيميائي وصنعوا له أدواته الخاصة؛ وال يزال بعضها بشكل أو بآخر مستخدما ً إلى اليوم‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تعمقوا في فهم هذا العلم‪،‬‬
‫وعرفوا العمليات الكيميائية داخل المختبرات والعناصر األساسية للمواد‪ ،‬واجتهدوا في التطبيق‪ .‬وكان أول من عمل واشتغل بالكيمياء‬
‫َّ‬
‫من العرب والمسلمين خالد بن يزيد‪ ]56[]55[،‬وهو شقيق الخليفة األموي معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان‪ ،‬أما حاجي خليفة‬
‫صاحب كتاب «كشف الظنون»‪ ،‬فيقول عن خالد‪« :‬إنه أول من تكلم في علم الكيمياء‪ ،‬ووضع فيها الكتب‪ ...‬ونظر في‬
‫كتب الفالسفة من أهل اإلسالم»‪ ]58[]57[.‬ولقد انصرف خالد بن يزيد انصرافًا تا اما إلى دراسة العلوم بعامة‪ ،‬وعلم الصنعة أو‬
‫الكيمياء بخاصة‪ ،‬وذلك بعد أن اختزلت الخالفةُ دونه‪ ،‬فلم يجد منها عوضًا إال أن يبلغ آخر هذه الصناعة‪ ]59[.‬وله في الكيمياء رسائل‪،‬‬
‫وله فيها شعر كثير كذلك‪ ،‬وإذا لم يحقق خالد بن يزيد شي ًءا في مجال الكيمياء‪ ،‬فإنه وضع اللبنة األولى على طريق البحث وعمل‬
‫التجربة‪ ]60[.‬وم َّما يروى من شعره في الكيمياء‪ ،‬وما ينبغي على الباحث أن يبذلَه من جهد في فك رموزها وتحصيل ثمراتها قولُه‪:‬‬

‫راجيَا‬ ‫أخانا‪ ،‬فقد نلتَ الذي كنتَ ِ‬ ‫الرموز مدانيًا‬ ‫ِ‬ ‫إذا كنتَ في ح ِِّل‬
‫ْ‬
‫امتألت للرائدينَ أفا ِعيَا‬ ‫قد‬ ‫ترتع بها ف ْهي جنَّة‬ ‫ْ‬ ‫واإل فال‬
‫واصيَا‬‫موز أسوار تشيب النَّ ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫من ُّ‬ ‫المضروب من دون نَ ْي ِلها‬ ‫ُ‬ ‫صنعةُ‬ ‫هي ال َّ‬
‫المرء من حبل الوري ِد تدا ِن َيا‬ ‫ِ‬ ‫إلى‬ ‫ولكنَّها أدنى إذا كان عا ِل ًما‬
‫أجرام الجسوم كما ِه َيا‬ ‫َ‬ ‫على البُ ْعد‬ ‫فالظن كالعين ال ت َرى‬ ‫ُّ‬ ‫أ ِع ْد ً‬
‫نظرا‪،‬‬
‫فوس التَّراقِيَا‬
‫بلغت فيه النُّ ُ‬‫ْ‬ ‫وقد‬ ‫سرنا‬
‫ُدرك ُّ‬ ‫خمين ي َ‬
‫ِ‬ ‫أبالظن والت َّ‬
‫ِِّ‬

‫الماء الملكي‪ ،‬أول من عزله جابر بن حيان‪.‬‬

‫وقد كان من تالميذ خالد بن يزيد الكيميائي جابر بن حيان الذي يسمى بـ «أبو الكيمياء»‪ ]58[،‬وينسب له وضع أسس الكيمياء الحديثة‪،‬‬
‫وقد وضع تصانيف كثيرة ً في الكيمياء‪ ،‬قيل‪ :‬عددها ‪ 232‬كتابا‪ ،‬وقيل‪ :‬بلغت خمسمائة‪ ]61[.‬وضاع أكثرها‪ ،‬وتُرجم بعض ما بقي منها‬
‫إلى الالتينية‪ ]62[.‬وقد صنع جابر بن حيان أهم الحموض المعدنية‪ ،‬مثل حمض النتريك‪ ،‬وحمض الكبريت وحمض‬
‫هيدروكلوريك‪ ]63[.‬وبقيت من أهم المركبات في الصناعة الكيميائية ألكثر من ألف عام‪ .‬وهو أول من حضّر حمض الكبريتيك وسماه‬
‫زيت الزاج‪ ،‬وأول من استحضر ماء الذهب‪ ،‬وينسب إليه تحضير بعض المركبات الكيميائية األخرى‪ .‬وقد درس خصائص مركبات‬
‫الزئبق واستحضرها‪ ]65[]64[.‬وهو أول من وصف أعمال التقطير والتبلور والتذويب والتحويل إلخ‪ ]69[]68[]67[]66[]54[.‬وقد قام جابر بن‬
‫[‪]71[]70‬‬ ‫حيان أيضًا باختراع اإلنبيق‪ ،‬كما قام باختراع المقطرة والمعوجة كجزء من اإلنبيق‪.‬‬

‫في العصور الحديثة‬


‫[‪]72‬‬ ‫نموذج طومسون‪ ،‬الشحنة الموجبة موزعة بالتساوي على كل الحجم المشغول باإللكترونات‪.‬‬

‫تفاعل احتراق الميثان؛ حيث توجد ‪ 4‬ذرات هيدروجين و‪ 4‬ذرات أكسجين و‪ 1‬ذرة كربون قبل التفاعل وبعده‪ .‬الكتلة الكلية بعد التفاعل هي نفسها‬
‫التي كانت قبل التفاعل‪.‬‬

‫في العصور الحديثة استمر تطور علم الكيمياء بعد إسهامات المسلمين فيه؛ وفي القرن السابع عشر الميالدي‪ ]73[،‬عندما قام بويل‬
‫بأبحاث‪ ،‬وقسم األجسام إلى مواد أولية وهي‪ :‬العناصر والمركبات والمخاليط؛ وصاغ قانون الذي يعرف باسمه‪ ،‬وضف فيه العالقة‬
‫بين ضغط الغاز وحجمه‪ ]74[.‬وتلته بعددها أبحاث بالك والفوازييه عن االحتراق والتأكسد‪ ،‬وقانون حفظ الكتلة‪ ]77[]76[]75[،‬الذي أشار من‬
‫قبل العالم المسلم األندلسي أبو القاسم مسلمة بن أحمد المجريطي‪ ،‬وذلك في كتابه «رتبة الحكيم»‪ ]78[.‬ومن ثم برستلي الذي اكتشف‬
‫األكسجين في الهواء‪ ]79[،‬ثم كافنديش الذي اكتشف تكوين الماء‪ ]80[،‬ومن ثم اقترح دالتون مقتر ًحا بالنظرية الذرية عن تكون‬
‫المادة؛[‪ ]81‬بأنها تتكون من ذرات غير قابلة لالنقسام‪ ،‬تتشابه الذرات المكونة للعنصر في الحجم والكتلة والخواص الكيميائية وتختلف‬
‫ً‬
‫جدوال دوريًا للعناصر في الستينيات من القرن التاسع عشر‬ ‫ذرات العنصر عن ذرات العناصر األخرى‪ ]82[.‬تم تطويره بعد ذلك ليصبح‬
‫عندما ابتكر العالم ديمتري منديلييف الجدول الدوري‪ ،‬وقام مندليف بترتيب العناصر طبقًا لكتلتها الذرية‪ .‬وفي نهاية القرن التاسع عشر‬
‫وتعرف‬
‫َّ‬ ‫اكتشف وليام ر امزي الغازات النبيلة‪ ،‬بالتعاون مع اللورد رايلي‪ ،‬وبالتالي ملء الهيكل األساسي للجدول الدوري‪]84[]83[.‬‬

‫الكيمياء الحديثة بأنها‪ :‬العلم الذي يدرس المادة والتغيرات التي تطرأ عليها‪ ]7[،‬وتحديدًا تتم دراسة خواصها‪ ،‬وبنيتها‪ ،‬وتركيبها‪،‬‬
‫[‪]11[]10[]4‬‬ ‫وسلوكها‪ ،‬وتفاعالتها‪ ،‬وتداخالتها التي تحدثها‪.‬‬

‫وفي مطلع القرن العشرين‪ ،‬اكتمل فهم األسس النظرية للكيمياء بسبب سلسلة من االكتشافات التي نجحت في استكشاف واكتشاف‬
‫طبيعة البنية الداخلية للذرات‪ .‬ففي عام ‪ 1897‬اكتشف العالم طومسون اإللكترونات في الذرة‪ ]85[،‬وفي عام ‪ 1911‬وفي محاولة من‬
‫العالم رذرفورد إلثبات صحة نظرية العالم طومسون بأن الذرة تتكون من إلكترونات سالبة الشحنة تتوسطها شحنة موجبة موزعةً‬
‫بالتساوي قام العالم رذرفورد بتجربة تعرف باسم «تجربة رقاقة الذهب»‪ ]86[،‬اكتشف من خاللها الهيكل الداخلي للذرة وتنبأ‬
‫بوجود البروتونات في الذرة‪ ]87[]86[،‬وشرح أنواع مختلفة من النشاط اإلشعاعي ونجح بتحويل طبيعة العنصر األول بقذف‬
‫النيتروجين بجسيمات ألفا‪ .‬وفيما بعد عام ‪ 1926‬م أظهرت أبحاث العالمين شرودينجر ودوبروكلي أن اإللكترونات تدور‬
‫[‪]89[]88‬‬ ‫حول النواة بمدارات غير ثابتة تسمى «السحابة اإللكترونية»‪.‬‬

‫األحياء‬
‫علم األحياء هو علم طبيعي يُعنى بدراسة الحياة والكائنات الحية‪ ،‬بما في ذلك هياكلها ووظائفها ونموها وتطورها وتوزيعها‬
‫ٌ‬
‫ميدان واس ٌع يتألف من العديد من الفروع والتخصصات الفرعيَّة‪ ،‬لكنها تتضمن بعض المفاهيم العا ّمة‬ ‫وتصنيفها‪ ]1[.‬األحياء الحديثة هي‬
‫الموحدة التي تربط بين فروعها ال ُمختلفة وتسير عليها جميع الدراسات والبحوث‪ .‬يُنظر إلى الخلية في علم األحياء عموما ً باعتبارها‬
‫حرك الذي يولد األنواع الجديدة‪ .‬ومن المفهوم‬
‫وحدة الحياة األساسية‪ ،‬والجين باعتباره وحدة التوريث األساسية‪ ،‬والتطور باعتباره ال ُم ّ‬
‫أن جميع الكائنات الحيّة تبقى على قيد الحياة عن طريق استهالك وتحويل الطاقة‪ ،‬ومن‬ ‫أيضا ً في علم األحياء في الوقت الحاضر ّ‬
‫خالل تنظيم البيئة الداخلية للحفاظ على حالة ُمستقرة وحيويّة‪.‬‬

‫ينقسم علم األحياء إلى فروع حسب نطاق الكائنات الحيَّة التي تدرسها‪ ،‬وأنواع الكائنات الحيَّة المدروسة‪ ،‬واألساليب ال ُمستخدمة في‬
‫دراستها‪ .‬فتدرس الكيمياء الحيوية العمليات الكيميائية ال ُمتعلقة بالكائنات الحيَّة‪ ،‬ويدرس علم األحياء الجزيئي التفاعالت ال ُمعقدة التي‬
‫تحصل بين ال ُجزيئات البيولوجية‪ ،‬ويُعنى علم النبات بدراسة حياة النباتات ال ُمختلفة‪ ،‬ويدرس علم األحياء الخلوي الخلية التي تُع ّد‬
‫الوحدة البنائية األساسية للحياة‪ ،‬ويدرس علم وظائف األعضاء الوظائف الفيزيائية والكيميائية ألنسجة وأعضاء وأجهزة الكائن الحي‪،‬‬
‫تنوع الحياة‪ ،‬ويُعنى علم البيئة بالبحث في كيفيّة تفاعل الكائنات الحيَّة مع‬
‫بينما يدرس علم األحياء التطوري العمليات التي أدّت إلى ّ‬
‫[ ‪]2‬‬ ‫بيئتها‪.‬‬

‫التسمية‬
‫يُشتق ُمصطلح علم األحياء الالتيني (‪ )Biologia‬من اليونانية (‪ bios‬تعني حياة و ‪ logia‬تعني دراسة أو علم)‪ ]4[]3[.‬ظهر هذا‬
‫ال ُمصطلح للمرة األولى عام ‪ 1736‬عندما استخدمه كارلوس لينيوس في أحد كتبه‪ ،‬وتبع ذلك ترجمته لأللمانية (‪ )Biologie‬عام‬
‫‪ 1771‬في ترجمة لعمل لينيوس‪ .‬دخل هذا ال ُمصطلح حيّز االستخدام الحديث في أطروحة من ستة ُمجلدات من تأليف‬
‫العالم األلماني غوتفريد راينولد تريفيرانوس‪ ،‬الذي قال‪" ]5[:‬سيكون موضوع أبحاثنا هو أشكال الحياة ومظاهرها ال ُمختلفة‪ ،‬والظروف‬
‫والقوانين التي تحدث بموجبها هذه الظواهر‪ ،‬واألمور واألسباب التي أثرت فيها‪ .‬وسنُشير إلى العلم الذي يهتم بهذه األمور باسم علم‬
‫األحياء (‪ )biologie‬أو مبدأ الحياة (‪.")Lebenslehre‬‬

‫التاريخ‬
‫على الرغم من ظهور علم األحياء بشكله الحالي حديثا ً نسبيّاً‪ ،‬إال أن العلوم التي تتضمنها األحياء أو تتعلق فيها كانت تُدرس منذ‬
‫العصور القديمة‪ .‬فقد كانت الفلسفة الطبيعية تُدرس في بالد الرافدين ومصر وشبه القارة الهندية والصين‪ .‬بَيْد ّ‬
‫أن أصول علوم األحياء‬
‫الحديثة ومنهجها في دراسة الطبيعة تعود إلى اليونان القديمة‪ ]6[.‬فكان أبقراط بمثابة مؤسس علم الطب‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫ُمساهمة أرسطو الكبيرة في تطوير علم األحياء‪ ،‬حيث كان لكتبه التي أظهر فيها ميوله للطبيعة أهميةٌ خاصةٌ مثل كتاب "تاريخ‬
‫الحيوانات"‪ ،‬تبع ذلك أعما ٌل أكثر تجريبية ر ّكزت على السببية البيولوجية وتنوع الحياة‪ .‬كتب ثيوفراستوس بعد ذلك سلسلة من الكتب‬
‫في علم النبات اعتُبرت األهم من نوعها في هذا العلم في العصور القديمة حتى العصور الوسطى‪]7[.‬‬

‫أسهم العلماء المسلمون كذلك إسهامات ُمه ّمة في علم األحياء‪ ،‬مثل الجاحظ‪ ،‬وأبو حنيفة الدينوري الذي كتب في علوم النباتات‪ ]8[،‬وأبو‬
‫بكر الرازي الذي كتب في علم التشريح وعلم وظائف األعضاء‪ .‬كما أولى المسلمون الطب اهتماما ً خاصاً‪ ،‬فترجموا علوم اليونانيين‬
‫وأضافوا إليها الكثير‪ .‬أ ّما إسهاماتهم في التاريخ الطبيعي فكانت ُمعتمدة ً بشكل كبير على الفكر األرسطي‪.‬‬

‫قفز علم األحياء قفزةً كبيرة ً عندما قام أنطوني فان ليفينهوك بتطوير المجهر‪ ،‬حيث أدى ذلك إلى اكتشاف الحيوانات‬
‫المنوية والبكتيريا و ُمختلف الكائنات المجهرية‪ .‬كما لعب العالم الهولندي جان سوامردام دورا ً محوريا ً في تطوير علم‬
‫ٌ‬
‫عميق في‬ ‫أثر‬
‫الحشرات وساعد في إرساء التقنيات األساسية في الترشيح والتلوين المجهري‪ ]9[.‬كما كان للتقدم في الدراسات المهاجرية ٌ‬
‫تفكير األحيائيين‪ ،‬فأشار عد ٌد من علماء األحياء إلى األهمية المركزية للخلية منذ مطلع القرن التاسع عشر‪ .‬وفي عام ‪ 1838‬بدأ‬
‫وأن الخاليا ُمنفردةً تملك خصائص الحياة‪،‬‬
‫أن الوحدة األساسية في الكائنات الحيَّة هي الخليَّة‪ّ ،‬‬
‫العالمان شوان وشاليدن في تعزيز فكرة ّ‬
‫لكنهما عارضا فكرة ّ‬
‫أن جميع الخاليا تنتج من انقسام خاليا أخرى‪ .‬لكن بفضل أعمال روبرت ريماك ورودولف فيرشو اتجه العلماء‬
‫إلى قبول المبادئ الثالثة السابقة بحلول عقد الستينيّات من القرن التاسع عشر‪ ،‬وهو ما عُرف فيما بعد بنظرية الخلية‪.‬‬
‫[‪]11[]10‬‬

‫شجرة الحياة إلرنست هيكل (‪)1879‬‬

‫وفي الوقت ذاته كانت أهمية علم التصنيف في تزايد ُمستمر وباتت موضع تركيز المؤرخين الطبيعيين‪ .‬نشر لينيوس عام ‪1735‬‬
‫منهاجا ً في مبادئ التصنيف للعالم الطبيعي‪ ،‬وما زالت بعض المبادئ التي جاء بها قيد االستخدام ُمنذ ذلك الحين‪ .‬ثم أطلق لينيوس في‬
‫ُمنتصف القرن الثامن عشر أسما ًء علميَّةً على جميع األنواع‪ ]12[.‬وفي القرن ذاته ظهر العالم الفرنسي جورج دي بوفون الذي أشار إلى‬
‫إمكانيّة وجود سلف مشترك‪ ،‬وبالرغم من أنّه كان ُمعارضا ً لنظرية التطور‪ ،‬إال أنه في الحقيقة كان شخصيةً محوريةً في تاريخ الفكر‬
‫[‪]13‬‬ ‫التطوري‪ ،‬حيث أثرت أعماله على النظريات التطورية التي جاء بها ُك ٌل من جان باتيست المارك وتشارلز داروين‪.‬‬

‫كانت بداية األخذ بنظرية التطور على محمل الجد بعد صدور أعمال المارك‪ ،‬الذي كان أول من قدّم نظريةً ُمتماسكةً في‬
‫أن التطور كان نتيجةً للضغوط البيئية على خصائص الحيوانات‪ ،‬أي أنه كلما ازداد استخدام العضو‬
‫التطور‪ ]14[.‬افترض المارك ّ‬
‫أن هذه الصفات‬‫واالعتماد عليه بات هذا العضو أكثر كفاءة ً وتعقيداً‪ ،‬وبذلك يتم ّكن الحيوان من التكيف مع بيئته‪ .‬اعتقد المارك ّ‬
‫ال ُمكتسبة يُمكن أن تنتقل عبر النَّسل‪ ،‬وبالتالي تتطور وتُصبح أكثر كماالً‪ ]15[.‬ظهر بعد ذلك العالم البريطاني تشارلز داروين الذي جمع‬
‫بين النهج البيوجغرافي أللكسندر فون هومبولت‪ ،‬والنهج الجيولوجي ال ُمنتظم الذي اتبعه تشارلز اليل‪ ،‬ونهج كتابات توماس‬
‫مالتوس حول النمو السكاني‪ ،‬باإلضافة إلى خبرته الخاصة و ُمالحظاته للطبيعة‪ ،‬ليؤسس بذلك نظرية تطوريَّةً أكثر نجاحا ً تستند‬
‫إلى االنتقاء الطبيعي‪ ،‬وهي النتيجة نفسها التي توصل إليها ألفرد راسل واالس بشكل ُمستقل بعد اتباعه ذات المنطق‬
‫أن هذا النظرية ما زالت موضعا ً للجدل حتى الوقت الحاضر‪ ،‬إال أنها سرعان ما انتشرت في األوساط‬
‫واألدلة‪ ]17[]16[.‬وعلى الرغم من ّ‬
‫العلمية وباتت جزءاً ُمه ّما ً من علم األحياء الحديث‪.‬‬

‫كو ٌن من كروموسومات تحمل الوحدات الحاملة‬ ‫أشارت التجارب التي أجريت في ُمنتصف القرن العشرين إلى كون الدي إن إيه ُم ّ‬
‫للسمات‪ ،‬والتي عُرفت فيما بعد باسم الجينات‪ .‬مثّل تركيز العلماء على إيجاد أنواع جديدة من الكائنات الحيَّة الدقيقة‬
‫مثل الفيروسات والبكتيريا‪ ،‬وكذلك اكتشاف الهيكل الحلزوني ال ُمزدوج للمادة الوراثية عام ‪ ،1953‬مثّل المرحلة االنتقالية لعصر علم‬
‫الوراثة الجزيئي‪ .‬وبات علم األحياء ُممتدا ً في المجال ال ُجزيئي بشكل واسع ُمنذ الخمسينيّات وحتى الوقت الحاضر‪ .‬تبع ذلك‬
‫إطالق مشروع الجينوم البشري عام ‪ 1990‬بهدف معرفة الجينوم البشري بشكل كامل‪ .‬اكتمل هذا المشروع مبدئيّا ً عام‬
‫‪ ]18[،2003‬وما زالت تُنشر التحاليل ال ُمتعلقة به حتى الوقت الحاضر‪ .‬ش ّكل مشروع الجينوم البشري الخطوة األولى في عولمة ودمج‬
‫المعارف البشرية ال ُمتراكمة في علم األحياء للتوصل إلى تعريف وظيفي ُجزيئي للجسم البشري وأجسام الكائنات الحيَّة األخرى‪.‬‬

You might also like